الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 15 يونيو 2023

الطعن رقم 42222 لسنة 85 ق جلسة 25 / 2 / 2018

باسم الشعب
محكمة النقض
الدائرة الجنائية
دائرة الأحد (ب)
المؤلفة برئاسة السيد القاضي/ محمد عبد العال نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ صلاح محمد أحمد وتوفيق سليم شعبان محمود نواب رئيس المحكمة ومحمد ثابت

وحضور رئيس النيابة العامة لدى محكمة النقض السيد/ أحمد الشناوي.

وأمين السر السيد/ رجب علي.

في الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالي بمدينة القاهرة.
في يوم الأحد 9 من جمادى الآخر سنة 1439هـ الموافق 25 من فبراير سنة 2018م.
أصدرت الحكم الآتي:
في الطعن المقيد بجدول المحكمة برقم 42222 لسنة 85 القضائية.

المرفوع من
..... " الطاعنين "
ضد
النيابـة العامة " المطعون ضدها "

--------------

" الوقائع "
اتهمت النيابة العامة الطاعنين في قضية الجناية رقم 6924 لسنة 2013 كفر الدوار (والمقيدة برقم 1359 لسنة 2013 كلي شمال دمنهور) بأنهما في يوم 25 من يونيه سنة 2013 بدائرة مركز كفر الدوار - محافظة البحيرة.
قتلا المجني عليه/ ..... عمدا من غير سبق إصرار ولا ترصد بأن طعناه بسلاحين أبيضين" مطواتين" كان بحوزتهما طعنات عدة استقرت بصدره وعنقه وكتفه الأيسر قاصدين قتله فأحدثا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية المرفق بالأوراق والتي أودت بحياته وقد ارتبط بهذه الجناية الجنحة التالية وهي أن المتهمان في ذات الزمان والمكان:
أحدثا عمدا إصابة/ ...... والثابتة بتقرير مصلحة الطب الشرعي المرفق بالأوراق بأنه كال له المتهم الثاني ضربة باستخدام سلاحا أبيض "مطواة" استقرت بعينه اليمنى مما أعجزه عن أشغاله الشخصية مدة تزيد عن عشرين يوم حال تواجد المتهم الأول على مسرح الجريمة للشد من أزره الأمر المنطبق عليه المادة 241/1، 2 من قانون العقوبات وكان القصد من ارتكاب جناية القتل العمد هو تسهيل ارتكاب جريمة الإصابة آنفة البيان.
أحرز كل منهما سلاحا أبيض "مطواة" بدون ترخيص.
وأحالتهما إلى محكمة جنايات دمنهور لمحاكمتهما طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
وادعى وكيل عن والدة المجني عليه/ ..... مدنيا قبل المتهمين بمبلغ خمسة آلاف وواحد جنيه تعويضا مدنيا مؤقتا.
والمحكمة المذكورة قضت حضوريا في 31 من يناير سنة 2015 عملا بالمادتين 234/1، 241/1، 2 من قانون العقوبات، والمادتين 1/1، 25 مكررا/1 من القانون 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين 26 لسنة 1978، 165 لسنة 1981 والبند رقم (5) من الجدول رقم (1) الملحق بالقانون الأول المعدل بقرار وزير الداخلية رقم 1756 لسنة 2007، مع إعمال نص المادة 32/2 من قانون العقوبات.
أولاً: بمعاقبة المتهم/ ............ بالسجن المشدد المدة خمس عشرة سنة عما أسند إليه وألزمته المصاريف الجنائية مع إلزامه بأن يؤدي للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ عشرة آلاف وواحد جنيه على سبيل التعويض المدني المؤقت. ثانياً: بمعاقبة ............. بالحبس لمدة ثلاثة أشهر عما أسند إليه. وذلك بعد أن وقرت الواقعة في يقين المحكمة على النحو الآتي:
المتهم الأول:
قتل المجني عليه/ ..... عمدا من غير سبق إصرار ولا ترصد بأن طعنه بسلاح أبيض "مطواة" طعنتين نافذتين لتجويف الصدر والبطن قاصدا من ذلك إزهاق روحه فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته.
أحرز سلاحا أبيضا "مطواة" بغير ترخيص.
المتهم الثاني:
1- ضرب المجني عليه/ ...... فأحدث به الإصابة المبينة بتقرير الطبي الشرعي مما تقرر لعلاجها مدة تزيد على عشرين يوما.
2- ضرب المجني عليه/ .... بأداة "مطواة" فأحدث به إصابة سطحية بالكتف الأيسر المبينة بتقرير الصفة التشريحية.
3- أحرز سلاحا أبيض "مطواة" بغير ترخيص.
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض في 24 من فبراير، 28 من مارس سنة 2015.
وأودعت ثلاث مذكرات بأسباب الطعن بالنقض في 25، 24، 28 من مارس سنة 2015 موقع على الأولى من الأستاذ/.... المحامي، وموقع على الثانية من الأستاذ/ ..... المحامي، وموقع على الثالثة من الأستاذ/.... المحامي.
وبجلسة المحاكمة سمعت المرافعة على ما هو مبين بمحضر الجلسة.
----------------

" المحكمة "

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر وبعد سماع المرافعة والمداولة قانونا.
من حيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر في القانون.
وحيث إن ما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دان الأول بجريمة القتل العمد ودان الثاني بجريمة الضرب البسيط ودانهما معا كل بجريمة إحراز سلاح أبيض دون مقتضى فقد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وران عليه البطلان والإخلال بحق الدفاع والتناقض، ذلك بأن أسبابه جاءت غامضة مبهمة في بيان وقائع الدعوى وأدلتها وملتفتا عن وقائع في الأوراق - عدداها بأسباب طعنهما - رغم دلالتها في نفي الاتهام عنهما ولم يورد نصوص القانون التي دانهما بها، كما خلا من بيان رابطة السببية بين فعل الطاعن الأول ووفاة المجني عليه، ودانهما رغم خلو الأوراق من شاهد آخر وملتفتا عن إنكارهما الاتهام وأقوال شهود النفي واطرح بما لا يسوغ دفاع الأول بتوافر حالة الدفاع الشرعي ودون أن يعرض لإصاباته وانتفاء نية القتل، وتساند الحكم في إدانتهما إلى أقوال ضابط التحريات رغم عدم صدقها - سيما في خصوص القصد من الاعتداء - بدلالة عدم وقوفها على دور كل منهما وعدم توصلها لسبب الخلاف بين الطرفين وتناقضها فيما بينها فضلا عن مخالفتها للثابت بالأوراق، وتمسكا في دفاعهما بانتفاء ظرفي سبق الإصرار والترصد واتفاقهما على القتل وعدم توافر الارتباط بين جريمتي القتل والضرب البسيط، وأن الواقعة كانت مشادة كلامية، بيد أن الحكم التفت عنها جميعا - رغم جوهريتها - ودون أن تجرى المحكمة تحقيقا في خصوصها، ولم تجبهما المحكمة لطلب سماع الشاهد الأخير - ضابط التحريات - ومناقشة الطبيب الشرعي رغم التمسك بسماعهما وتأجيل الدعوى لحضورهما، وأخيرا فرقت المحكمة بينهما في العقوبة رغم وحدة الأدلة التي استندت إليها، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى في قوله: "أن مشادة كلامية نشبت بين المجني عليه .... وبين المتهم الثاني ....... بتاريخ سابق على 24/6/2013 بحوالي عشرة أيام تقريبا وفي المساء تصادف سير المجني عليه سالف الذكر وصديقه المدعو ...... والمجني عليه القتيل ...... بمنطقة التمليك التابعة لدائرة قسم كفر الدوار فتقابلوا مع المتهم سالف الذكر وشقيقه المتهم الأول ....... فانتحى المجني عليه الأول بالمتهم الثاني جانبا لمعاتبته على ما دار بينهما في المشادة الكلامية السابقة واحتدم النقاش بينهما وتعدى عليه المتهم الثاني بالسب وأستل مطواته وضربه بالجزء الكال منها على عينه اليمنى فتدخل مرافقيه لإبعاد المتهم الثاني ومنعه من موالاة الاعتداء فاستل المتهم الأول مطواته متوجها ناحية المجني عليه ........ قاصدا قتله مرددا عبارة والله لأقتلك وضربه بالمطواة عدة مرات أدت إلى إصابته بطعنتين نافذتين إحداها بوسط مقدم الصدر والثانية بيسار مقدم الصدر عند الخط المنتصف للترقوة فسقط المجني عليه أرضا فتوجه إليه المتهم الثاني وضربه بالمطواة فأحدث به جرح سطحي بكتفه الأيسر فحاول مرافقي القتيل إسعافه بنقله إلى مستشفى كفر الدوار إلا أنه كان في النزع الأخير وفشلت محاولات إسعافه وبعد ساعات من الواقعة سلم المتهم الأول نفسه إلى ديوان القسم وأقر لرئيس المباحث بارتكابه الواقعة وتخلصه من المطواة المستخدمة في الاعتداء، وقد أسفرت تحريات سالف الذكر السرية عن صحة الواقعة وانتواء المتهم قتل المجني عليه إثر المشادة الوقتية سالفة البيان". وقد استدل الحكم على ثبوت الواقعة وصحة إسنادها للطاعنين من أقوال الشاهدين ..... و..... و......، ومما ثبت من تقرير الصفة التشريحية للمجني عليه الأول والتقرير الطبي الصادر من مستشفى كفر الدوار العام للمجني عليه الثاني. لما كان ذلك، وكان يبين مما سطره الحكم أنه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعنين بها وأورد على ثبوتها في حقهما أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو كاف، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلا أو نمطا يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافيا في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة - كما هو الحال في الدعوى الماثلة - فإن ذلك يكون محققا لحكم القانون، ومن ثم فإن منعي الطاعنان على الحكم بالغموض والإجمال والتجهيل لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعات الدعوى وأورد مؤدي أقوال الشهود خلص إلى ثبوت الجريمة قبل الطاعنين وعاقبهما بالمواد 234/1، 241 من قانون العقوبات، 1/1، 25 مكررا/1 من القانون 394 لسنة 1954 المعدل وطبق عليهما نص المادة 32/2 من القانون الأول وهو ما يكفي لبيان مواد القانون التي عاقبهما بموجبها، ومن ثم يكون نعيهما على الحكم في هذا الخصوص لا محل له. لما كان ذلك، وكان من المقرر في أصول الاستدلال أن المحكمة غير ملزمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها، وفي إغفالها لبعض الوقائع ما يفيد ضمنا اطراحها لها واطمئنانها إلى ما أثبتته من الوقائع والأدلة التي اعتمدت عليها في حكمها، ومن ثم فلا محل لما ينعاه الطاعن الأول على الحكم لإغفاله الوقائع التي أشارا إليها بأسباب طعنه، وهي من بعد وقائع ثانوية يريد الطاعن لها معنى لم تسايره فيه المحكمة فاطرحتها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن علاقة السببية مسألة موضوعية ينفرد قاضي الموضوع بتقديرها ومتى فصل فيها إثبات ونفيا فلا رقابة لمحكمة النقض عليه ما دام قد أقام قضاءه في ذلك على أسباب تؤدي إليه، وكان الواضح من مدونات الحكم أنه استظهر قيام علاقة السببية بين إصابات القتيل التي أورد تفصيلها عن تقرير الصفة التشريحية وبين وفاته فأورد من واقع ذلك التقرير أن وفاة المجني عليه نتيجة إصاباتيه الطعنيتين وما أدتا إليه من تهتكات بالقلب والرئة اليمني والأحشاء البطنية ونزيف دموي غزير وصدمة نزفيه انتهت بالوفاة، ومن ثم تهتكات بالقلب والرئة اليمني والأحشاء البطنية ونزيف دموي غزير وصدمة نزفيه انتهت بالوفاة، ومن ثم يكون النعي على الحكم في هذا الصدد في غير محله. لما كان ذلك، وكان الشارع لم يقيد القاضي الجنائي في المحاكمات الجنائية بنصاب معين في الشهادة وإنما ترك له حرية تكوين عقيدته من أي دليل يطمئن إليه طالما أن له مأخذه الصحيح في الأوراق، فإن تعويل الحكم المطعون فيه على شهادة المجني عليه الثاني ومرافقه- فضلا عن ضابط التحريات - ليس فيه مخالفة للقانون وينحل نعي الطاعنان في هذا الصدد إلى جدل في تقدير الدليل مما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعنان في اطراح الحكم لإنكارهما الاتهام المسند إليهما مردودا بأن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل ردا طالما كان الرد عليها مستفادا من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم، وإذ كان الحكم قد أقام قضاءه على ما استقر في عقيدة المحكمة من ارتكاب كل منهما للجريمة المسندة إليه تأسيسا على أدلة سائغة لها أصلها في الأوراق وتتفق والاقتضاء العقلي، فإن نعيهما في هذا الشأن يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان لمحكمة الموضوع أن تعرض عن قالة شهود النفي ما دامت لا تثق بما شهدوا به، وهي غير ملزمة بالإشارة إلى أقوالهم ما دامت لم تستند إليها، وفي قضائها بالإدانة لأدلة الثبوت التي أوردتها دلالة على أنها لم تطمئن إلى أقوال هؤلاء الشهود فاطرحتها، فإن منعي الطاعنان في هذا الخصوص يكون غير مقبول. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لما أثاره الطاعن الأول من قيام حالة الدفاع الشرعي عن النفس ورد عليه في قوله: "..... ولما كان ما تقدم، وكان الثابت من أقوال شاهدي الرؤية الأول والثاني أن المجني عليه القتيل لم تبدر منه أي محاولة للاعتداء على أيا من المتهمين الأول والثاني وكل ما أتاه القتيل والشاهد الثاني هو منع المتهم الثاني من موالاة التعدي على الشاهد الأول وإبعاده عنه والمحكمة ترى أن المتهم الأول لم يكن في موقف المدافع المضطر المرغم عن نفسه إزاء خطر محدق بل إنه هو من استل مطواته وسعى إلى المجني عليه القتيل مرددا عبارة والله لأقتلك وطعنه في صدره قاصدا إلحاق الأذى به لا دفع اعتداء وقع عليه أو وقع على شقيقه وهو ما لا ترى معه أنه كان في حالة دفاع شرعي عن النفس بل كان معتديا الأمر الذي تلتفت معه المحكمة عن هذا القول المرسل الذي لا يتفق مع الواقعة". وكان من المقرر أن تقدير الوقائع التي يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها متعلق بموضوع الدعوى للمحكمة الفصل فيها بغير معقب متى كانت الوقائع مؤدية للنتيجة التي رتبت عليها، كما أن حق الدفاع الشرعي لم يشرع لمعاقبة معتد على اعتدائه وإنما شرع لرد العدوان وإذ كان ما أورده الحكم فيما تقدم أن المتهم لم يكن في حالة دفاع شرعي عن النفس بل كان معتديا قاصدا إلحاق الأذى بالمجني عليه لا دفع اعتداء وقع عليه أو على غيره، فإن ما يثيره الطاعن الأول في هذا الشأن ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير المحكمة للدليل مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض، وكان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن أو المدافع عنه لم يثر شيئا بخصوص إصاباته، فإن ما يثيره في هذا الخصوص لا يكون مقبولا. لما كان ذلك، وكان لا يقدح في سلامة الحكم إغفاله بيان إصابات الطاعن - بفرض صحة حصولها - لما هو مقرر من أن المحكمة غير ملزمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها ولا عليها إن هي التفتت عن أي دليل آخر، لأن في عدم إيرادها له ما يفيد اطراحه وعدم التعويل عليه، ومن ثم فإن نعي الطاعن الأول على الحكم إغفاله إصاباته لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد استظهر نية القتل واستدل على قيامها لدى الطاعن الأول بأدلة مقبولة في قوله: ".... ولما كان ما تقدم، وكان الثابت من واقع الحال الذي اقتنعت به المحكمة من خلال القرائن القاطعة وأدلة الثبوت في الدعوى السالف الإشارة إليها التي اطمأنت إليها المحكمة التي تومئ في مجموعها إلى توافر تلك النية لدى المتهم الأول إثر المشادة الوقتية التي نشبت بين شقيقة المتهم الثاني والشاهد الأول واستخدام شقيقه للجزء الكال من مطواته وضرب الشاهد الأول على عينه اليمنى مما حدا بالشاهد الثاني والمجني عليه ..... إلى التدخل ومحاولة منع الثاني من موالاة التعدي إذ أنه فضلا عن ترديده عبارة والله لأقتلك قبل تعديه على المجني عليه وضربه بالمطواة، فإن الثابت من تقرير الصفة التشريحية قيامه بطعن المجني عليه القتيل طعنتين نافذتين الأولى بوسط مقدم الصدر ليمين عظمة القص مباشرة بالمسافة الضلعية الخامسة اليمني نفذت إلى التجويف الصدري محدثة في مسارها تهتكات حيوية بالقلب وغشاء التامور المغلف له وبالرئة اليمنى ونزيف دموي غزير بالتجويف الصدري على الناحيتين أكثر توضحا بالناحية اليمني والثانية بيسار مقدم الصدر عند الخط المنصف للترقوة وبالمسافة الضلعية الثانية اليسرى نفذت محدثة تهتكات حيوية بالحجاب الحاجز والطحال والمعدة والأمعاء الغليظة ونزيف دموي بالتجويف البروتيني وأدت إلى خروج محتويات المعدة من عصارة هضمية إلى التجويف البروتيني وهو الأمر الذي يقطع بما لا يدع مجالا للشك أن المتهم لم يكن يقصد من التعدي على المجني عليه بتلك الصورة من القوة في استخدام أداة الجريمة ومن مواضع الإصابات في مكان قاتل بالصدر ومن تعدد الضربات وموالاتها سوى قتل المجني عليه وإزهاق روحه وهو الأمر الذي تحقق للمتهم وليس هناك ما يحول دون أن تنشأ هذه النية لدى الجاني إثر مشادة كلامية أو مشاجرة، ومن ثم تطمئن المحكمة إلى توافر نية قتل المجني عليه في حق المتهم الأول دون المتهم الثاني رغم قيام الأخير بضرب المجني عليه القتيل بالمطواة وإحداث إصابة سطحية في كتفه الأيسر عندما سقط أرضا وذلك لسطحية الإصابة وخلو الأوراق مما يفيد اتفاق المتهمين السابق على ضرب القتيل وأن الواقعة كانت وليدة اللحظة، ومن ثم يسأل كل شخص عن فعله". لما كان ذلك، وكان من المقرر أن استخلاص نية القتل - وهي أمر خفي - لا يدرك بالحس الظاهر موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية، وكان البين مما تقدم أن الحكم المطعون فيه قد دلل على قيام نية القتل لدى الطاعن الأول تدليلا سائغا، فإن ما يثيره الطاعن بهذا الصدد لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة، وكان وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب ومتى أخذت بأقوال الشاهد دل ذلك على اطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وكان الطاعن الأول لم يبين في وجه طعنه أوجه التناقض التي رمي بها التحريات ووجه مخالفتها للثابت بالأوراق، فإن ما ينعاه في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها، وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكانت المحكمة لم تطبق في حق الطاعنين أية ظروف مشددة فلا جدوى ما يثيره الأول بأسباب طعنه في خصوص سبق الإصرار والترصد أو الارتباط بين جناية القتل والضرب البسيط وكذا في شأن الاتفاق. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغا مستندا إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وكان الحكم قد كشف عن اطمئنانه إلى أقوال شهود الإثبات واقتناعه بوقوع الحادث على الصورة التي شهدوا بها والتي تأيدت بالتقرير الطبي الشرعي، فإن ما يثيره الطاعنان من منازعة حول تصوير المحكمة للواقعة ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض.
لما كان ذلك، وكان البين من مراجعة محضر جلسة المحاكمة أن الدفاع عن الطاعنين لم يطلب إلى المحكمة تحقيقا لأوجه دفاعهما تلك - ولم ترى هي حاجة لذلك - فإن دعوى القصور والإخلال بحق الدفاع لا أساس لها. لما كان ذلك، وكان يبين من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أن الدفاع عن الطاعنين طلب التأجيل لسماع شاهد الإثبات الرابع - ضابط التحريات ومناقشة الطبيب الشرعي - وتأجلت الدعوى لحضورهما وبجلسة المحاكمة الأخيرة والتي اختتمت بصدور الحكم المطعون فيه اكتفت النيابة العامة والدفاع بتلاوة أقوال الشهود وتليت، وترافع المدافع عن الطاعنين دون أن يصر - ضمن طلباته الأخرى - بصدر مرافعته أو بختامها على سماع هذا الشاهد أو مناقشة الطبيب الشرعي، مما مفاده أنه عدل عنه، وكان من المقرر أن الطلب الذي تلتزم محكمة الموضوع بإجابته أو الرد عليه هو الطلب الجازم الذي يصر عليه مقدمه، ولا ينفك عن التمسك به، والإصرار عليه في طلباته الختامية، وكانت المادة 289 من قانون الإجراءات الجنائية - بعد تعديلها بالقانون رقم 113 لسنة 1957 - قد خولت المحكمة الاستغناء عن سماع الشهود إذا قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك يستوي في ذلك أن يكون هذا القبول صريحا أو ضمنيا بتصرف المتهم أو المدافع عنه بما يدل عليه، فإن ما يثيره الطاعن الأول في هذا الشأن لا يكون سديدا. لما كان ذلك، وكان لا وجه لما يثيره الطاعنان بخصوص تناقض الحكم عندما فرق بينهما في العقوبة والذي لا وجود له ما دام الثابت في الحكم المطعون فيه أن المحكمة آخذت الطاعن الأول بالمادة 234/1 من قانون العقوبات على أساس أنه قتل المجني عليه ...... عمدا من غير سبق إصرار أو ترصد أما الطاعن الثاني فقد عوقب بمقتضى المادة 241/1، 2 من قانون العقوبات، لأن ما أحدثه بالمجني عليهما من إصابات كان ضربا يحتاج لعلاجه أكثر من عشرين يوما للمجني عليه الثاني فإذا فرق الحكم في العقوبة بين الحالتين فيكون قد برئ من التناقض أو الخطأ في تطبيق القانون بل هو قد راعى نصوص القانون من حيث تغليظ العقوبة في الحالة الأولى عنها في الحالة الثانية، على أن تقدير العقوبة من المسائل الموضوعية التي تدخل في سلطة محكمة الموضوع بلا معقب عليها من محكمة النقض في ذلك ما دامت العقوبة الواقعة تدخل في نطاق ما نص عليه القانون.
لما كان ذلك، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن الادعاء المدني من والدة المجني عليه .... كان بمبلغ خمسة آلاف وواحد جنيه وهو ما قضت به المحكمة حسبما اثبت برول القاضي المرفق صورته الرسمية، ومن ثم فإن ما أثبت بمحضر الجلسة ومنطوق الحكم خلافا لذلك لا يعدو أن يكون خطأ مادي وذلة قلم لا تخفي على القارئ، ويكون الطعن برمته على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة: بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع برفضه

الطعن 15511 لسنة 53 ق جلسة 16 / 11 / 2013 إدارية عليا مكتب فني 59 ج 1 ق 9 ص 117

جلسة 16 من نوفمبر سنة 2013
(الدائرة الأولى)
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ د. عبد الفتاح صبري أبو الليل نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ فوزي عبد الراضي سليمان أحمد، ومحمد ياسين لطيف شاهين، وأحمد محمد أحمد الإبياري، وعبد الجيد مسعد عبد الجليل حميدة. نواب رئيس مجلس الدولة
-----------------
(9)
الطعن رقم 15511 لسنة 53 القضائية (عليا)(1)
(أ) شخص اعتباري
– وجوده- الشخصية الاعتبارية لا تتقرر ولا تكتسب ولا تثبت إلا صراحةً، وبالأداة التشريعية المقررة، ولا يمكن افتراضها على أيِّ وجهٍ.
(ب) كنائس
– الطائفة الإنجيلية (2)– اعتبر المشرِّعُ الطائفة الإنجيلية بجميع شُعَبِهَا وكنائسها طائفةً واحدة، وجعل اعترافَ الدولة مُنصَبًّا عليها كطائفةٍ يمثلها المجلس العمومي لها، دون أن يُسبِغَ الشخصية المعنوية على أيٍّ من كنائسها أو الهيئات أو المذاهب المتفرعة عنها، رغم تعددها- استثنى المشرِّعُ في مجال تحديد المقصود بالكنيسة الإنجيلية الهيئاتِ الدينيةَ المكوِّنةَ لطوائفَ مسيحيةٍ معروفةٍ رسميًّا في مصر، وهذه الرسمية لا تتوفر إلا إذا اكتسبت الطائفة الشخصية الاعتبارية على وفق أحكام القانون- اختلاف المذاهب الدينية لا يعد سببًا لاستقلال الطائفة واكتسابها شخصية اعتبارية مستقلة- لا تثبت الشخصية الاعتبارية للهيئات والطوائف الدينية إلا إذا اعترفت بها الدولة اعترافًا خاصًّا- يتجسَّدُ هذا الاعتراف في الأداة التشريعية التي تصدر عن جهة الاختصاص بإنشاء الطائفة، وهي على وفق أحكام الخط الهمايوني: رئيس الجمهورية(3)– مجرد الاختلاف في السلوك والعبادة لطائفةٍ مسيحية معينة، أو مجرد الترخيص لها في بناء كنيسة، أو وجودها في تاريخٍ سابق على طائفة معترف بها، لا يعني بحالٍ تمتعَها بالشخصية الاعتبارية واستقلالها عنها، مادام لم يثبت اعترافُ الدولة بها صراحةً من خلال الأداة التشريعية المقررة.
– المادة (الأولى) من الأمر العالي بشأن الإنجيلين الوطنيين، الصادر في 1/3/1902.
– المادتان (52) و(53) من القانون المدني.
------------------
الإجراءات
بتاريخ 10/6/2007 أودع وكيل الطاعن (المطران/ منير حنا أنيس، بصفته ممثل الكنيسة الأسقفية بمصر وشمال إفريقيا) قلمَ كُتَّابِ المحكمةِ الإدارية العليا تقريرًا بالطعن في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري (الدائرة الأولى) بجلسة 15/5/2007 في الدعوى رقم 9122 لسنة 58ق، الذي قضى في منطوقه بقبول الدعوى شكلا، وفي الموضوع برفضها، مع إلزام رافعها المصروفات، وطلب الطاعن بصفته -للأسباب المبينة تفصيلا في تقرير الطعن- الحكم بقبول الطعن شكلا، وبوقف تنفيذ ثم إلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء بإلغاء قرار الجهة الإدارية الصادر بتاريخ 22/11/2003 برفض الاعتراف بالشخصية الاعتبارية للطائفة الإنجيليكانية (الأسقفية)، مع ما يترتب على ذلك من آثار، أخصها استمرار الشخصية الاعتبارية لها، وبقاء ذمتها المالية مستقلة عن الطائفة الإنجيلية، مع إلزام المطعون ضدهم المصروفات.
وقد أعلن تقرير الطعن على النحو الثابت بالأوراق. وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا بالرأي القانوني، ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا، ورفضه موضوعًا، وإلزام الطاعن المصروفات.
وقد نظرت دائرة فحص الطعون بالمحكمة الطعن على النحو الثابت بمحاضر جلساتها، وبجلسة 1/4/2013 قررت إحالته إلى هذه المحكمة لنظره بجلسة 20/4/2013، وفيها قررت التأجيل لجلسة 11/5/2013 للاطلاع والتعقيب وتقديم مستندات، وبتلك الجلسة أقر الحاضر عن الطاعن بمحضر الجلسة بأن طلباته تنحصر في طلب إلغاء قرار وزير الداخلية الصادر في 22/11/2003 برفض الاعتراف بالشخصية الاعتبارية للطائفة الأسقفية، وبالجلسة نفسها قررت المحكمة إصدار الحكم في الطعن بجلسة 15/6/2013، وصرحت بتقديم مذكرات لِمَنْ يشاءُ خلال أسبوع مناصفة بين الطرفين تبدأ بالطاعن، وخلال الأجل المضروب قدم كل من الطاعن بصفته والمطعون ضده الثالث مذكرة بدفاعه، وبتلك الجلسة تقرر إعادة الطعن للمرافعة بجلسة 5/10/2013 لتغير تشكيل المحكمة، وفيها تقرر إصدار الحكم بجلسة اليوم حيث صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
---------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانونًا.
وحيث إن الحكم المطعون فيه صدر بجلسة 15/5/2007، وأقيم الطعن الماثل طعنًا عليه بتاريخ 10/6/2007، فمن ثمَّ يكون قد أقيم خلال الميعاد المقرر قانونًا.
وإذ استوفى الطعن جميع أوضاعه الشكلية الأخرى، فيكون مقبولا شكلا.
وحيث إن واقعات النزاع تخلص -حسبما هو ثابت من الأوراق- في أن الطاعن بصفته كان قد أقام الدعوى رقم 9122 لسنة 58ق أمام محكمة القضاء الإداري بالقاهرة، طالبًا الحكم بوقف تنفيذ ثم إلغاء القرار الصادر بعدم الاعتداد بقرار المجلس التنفيذي للكنيسة الأسقفية الصادر في سبتمبر عام 2001 بالانفصال عن رئاسة الطائفة الإنجيلية، مع ما يترتب على ذلك من آثار، أهمها الاعتراف بالطائفة الإنجيليكانية (الأسقفية) كطائفةٍ مستقلة، مع إلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وذكر شرحًا للدعوى أن أبرشية الكنيسة الأسقفية (الإنجيليكانية) بمصر، وهي إحدى إبروشيات طائفة الإنجيليكان، بدأت نشاطها في مصر ككنيسةٍ مستقلة منذ عام 1839، ومنحها محمد على باشا قطعة أرض بميدان المنشية بالإسكندرية لإقامة الكنيسة الأسقفية عليها، وهي تسبق طائفة الإنجيليين التي تكونت بموجب الفرمان الهمايوني الصادر في ديسمبر 1850، ويوجد العديد من الفروق العقائدية بين الطائفتين، على نحوٍ لا يجوز معه إخضاع الأولى للثانية، لاسيما أن الأمر العالي الصادر في عام 1902 بالاعتراف بطائفة الإنجيليين لم يشمل طائفة الإنجيليكان.
وأضاف المدعي (بصفته) أنه في عام 1982 حدث خطأ من أحد الأشخاص التابعين للطائفة الأسقفية، بأن حصل على شهادة من رئاسة الطائفة الإنجيلية، تفيد أن الكنيسة الأسقفية هي إحدى الكنائس التابعة للطائفة الإنجيلية، وهو ما دفع المجلس التنفيذي للكنيسة الأسقفية إلى إصدار قراره في 4/9/2001 بإعادة الوضع المستقل للطائفة الأسقفية، ومطالبة رئيس الجمهورية بإصدار قرار باعتماد تلك الطائفة كطائفة مصرية مستقلة، إلا أن وزارة الداخلية رفضت الاعتراف بالطائفة الأسقفية كطائفةٍ مستقلة عن الطائفة الإنجيلية، وعن المجلس الملي الإنجيلي العام، وهو ما يشكِّل مخالفةً للدستور والقانون.
………………..
وبجلستها المنعقدة في 15/5/2007 أصدرت محكمة القضاء الإداري حكمها المشار إليه سالفًا، وشيَّدته على أن المشرع منح المجلس الملي للإنجيليين الهيمنة على جميع الشئون الدينية لأصحاب هذه الطائفة الإنجيلية على اختلاف مذاهبها وما يتبعها من كنائس، فجعل اعتماد الكنائس الإنجيلية بالمفهوم العقائدي المذهبي والكنائس المحلية منوطًا بالمجلس الملي المذكور، فأصبح هو صاحب الولاية في قبول أو رفض الكنائس التي تطلب الانضمام إلى الطائفة؛ حفاظًا على الطائفة باعتبارها طائفةً قائمة بذاتها، ومتى كان ذلك وكان الثابت أن المجلس التنفيذي للكنيسة الأسقفية حينما قرر في شهر سبتمبر 2001 الانفصال عن الطائفة الإنجيلية، كانت الكنيسة المذكورة هي إحدى كنائس الطائفة الإنجيلية منذ عام 1982، واستقر مركزها القانوني بحسبانها كذلك، وأصبح لها منذ ذلك التاريخ مُمَثِّلٌ عنها في المجلس الملي الإنجيلي العام، ومن ثم يضحى القرار المطعون فيه برفض قرار المجلس التنفيذي للكنيسة الأسقفية الصادر في عام 2001 بالانفصال عن الطائفة الإنجيلية متفقًا وصحيح حكم القانون؛ لعدم موافقة المجلس الملي الإنجيلي العام على هذا الانفصال.
………..
وإذ لم يرتضِ الطاعن (بصفته) هذا القضاء، أقام الطعن الماثل ناعيًا على الحكم المطعون فيه مخالفة الثابت من الأوراق؛ بحسبان أن الطائفة الإنجيليكانية (الأسقفية) بدأت في مصر عام 1839، وهي تسبق في وجودها الطائفة الإنجيلية، التي صدر بها فرمان عام 1850، وتوجد فروق كثيرة بين الطائفتين في الأسرار المقدسة والسلوك والعبادات والسلطات الدينية داخل الكنائس التابعة لكلٍّ منهما، ويؤكِّد استقلالية الطائفة الإنجيليكانية عن الإنجيلية اختلاف الشكل القانوني لكلٍّ منهما؛ إذ إن الأمر العالي الصادر في الأول من مارس 1902 بشأن الإنجيليين الوطنيين ينص على استبعاد الكنائس المكوِّنة لطوائف مسيحية معروفة رسميًّا، ومنها الطائفة الأسقفية (الإنجيليكانية)، ومِمَّا يؤكِّد استقلالية هذه الطائفة صدور القانون رقم 44 لسنة 1928 ببيع قطعة أرض لها لبناء كنيسة كاتدرائية وملحقاتها عليها، وصدور العديد من الأوامر الملكية بالترخيص في إنشاء كنائس أسقفية، كما يؤكِّد هذه الاستقلالية: استقلالها بإدارة أموالها وتمتعها بالأهلية الكاملة، وإصدار جوازات سفر خاصة لمطرانها، وصدور العديد من الأحكام القضائية التي تؤكِّد صفة الطاعن في تمثيله لها، وما أكده مجلس كنائس الشرق الأوسط في 28/11/2003 من أن الكنيسة الأسقفية لا تتبع أيا من الكنائس المكوِّنة للطائفة الإنجيلية، وأنها بحسب دستورها ونظامها الأساسي تُعَدُّ مستقلة.
وأضاف الطاعن (بصفته) أنه مِمَّا يؤكِّد مخالفة الحكم المطعون فيه للثابت من الأوراق أنه تضمن أن المشرِّعَ منح المجلس الملي للإنجيليين الهيمنة على الشئون الدينية لأصحاب الطائفة الإنجيلية على اختلاف مناهجها، في حين أن اللائحة الداخلية للمجلس الملي الإنجيلي العام لا تطبق على الطائفة الأسقفية؛ لكونها أسبق في الوجود من الطائفة الإنجيلية، ولتعارض ذلك مع الأمر العالي الصادر في مارس 1902، الذي استبعد الكنائس المكوِّنة لطوائف مسيحية معروفة رسميًّا، ومنها طائفة الإنجيليكان.
ونفى الطاعن (بصفته) أن تكون طائفة الإنجيليكان الأسقفية قد تقدمت بطلب عام 1982 للانضمام للطائفة الإنجيلية، وعلى نحوٍ يؤدي إلى فقدها شخصيتها الاعتبارية، أو زوال أهليتها وذمتها المالية، مُستنِدًا في ذلك إلى عدم وجود دليل يؤكِّد هذا الانضمام، كما أنه -وعلى فرض صحته- لا يؤثر في بقاء الشخصية الاعتبارية للطائفة، فضلا عن أنه على وفق أحكام دستور الطائفة ولائحتها التنفيذية يتعين أن يصدر قرار الانضمام عَمَّنْ يملك سلطة إصداره في الطائفة، وهو ما لم يتوفر في أي وقت من الأوقات. وأنهى الطاعن (بصفته) تقرير الطعن بطلب الحكم له بطلباته المشار إليها سالفًا.
…………..
– وحيث إنه عن الوجه الأول من أوجه النعي على الحكم المطعون فيه، المتمثل في مخالفة الحكم المطعون فيه للثابت من الأوراق، بمقولة إن طائفة الإنجيليكان (الأسقفية) قد بدأت عام 1839، في حين أن طائفة الإنجيليين قد بدأت عام 1850، أي إن الأولى أسبق في وجودها على الثانية، وإذ لم يقدم الطاعن (بصفته) أي مستندات تثبت وجود طائفة الإنجيليكان (الأسقفية) وتمتعها بالشخصية الاعتبارية على وفق أحكام القانون، فمن ثمَّ يكون هذا النعي غيرَ قائمٍ على سندٍ من القانون، ويؤكِّد ذلك أنه بالرجوع إلى الأمر العالي الصادر في الأول من مارس 1902 بشأن الإنجيليين الوطنيين، تبين أنه ينص في مادته (الأولى) على أن: “تعتبر بصفة كنيسة إنجيلية كلُّ هيئةٍ دينية مسيحية ذات نظامٍ في القطر المصري، ماعدا الهيئات المكوِّنة لطوائف مسيحية معروفة رسميًّا لها سلطات ذات اختصاص بمواد الأحوال الشخصية، وماعدا الهيئات التي تكون تابعة لهيئةٍ دينية أكبر منها لها نظام في هذا القطر”، ومفاد ذلك أن المشرِّعَ اعتبر الطائفة الإنجيلية بجميع شُعَبِهَا وكنائسها طائفةً واحدة، وتعمَّدَ لظروف خاصة أن يجعل اعتراف الدولة مُنصَبًّا عليها كطائفةٍ، دون أن يُسبِغَ الشخصية المعنوية على أيٍّ من كنائسها رغم تعددها، وبذلك يكون المشرِّعُ في مجال تحديد المقصود بالكنيسة الإنجيلية قد استثنى الهيئات الدينية المكوِّنة لطوائف مسيحية معروفة رسميًّا في مصر، وهذه الرسمية لا تتوفر إلا إذا اكتسبت الطائفة الشخصية الاعتبارية على وفق أحكام القانون، وهو ما يتطلب صدور أداة بذلك تصدر عَمَّنْ يملك هذه الصلاحية على وفق أحكام القانون المدني، وهو ما لا يتوفر في الحالة المعروضة.
– وحيث إنه عن الوجه الثاني من أوجه النعي على الحكم المطعون فيه، والمتمثل في صدور العديد من الأدوات التشريعية بالترخيص بإنشاء كنائس أسقفية في مصر، مثل القانون رقم 44 لسنة 1928 ببيع قطعة أرض لبناء كنيسة عليها، ومثل العديد من الأوامر الملكية وقرارات رئيس الجمهورية الصادرة بالموافقة على إنشاء كنائس أسقفية في مصر، ومحاولة الطاعن (بصفته) الاستدلال بهذه الأدوات للقول بقيام طائفة الإنجيليكان وتمتعها بالشخصية الاعتبارية استقلالا عن الطائفة الإنجيلية، ولما كانت الشخصية الاعتبارية على وفق نص المادة (52) من القانون المدني لا تثبت للهيئات والطوائف الدينية إلا إذا اعترفت بها الدولة، ويتجسَّدُ هذا الاعتراف في الأداة التشريعية التي تصدر عن جهة الاختصاص بإنشاء الطائفة، وهي على وفق أحكام الخط الهمايوني: رئيس الجمهورية، وكان الثابت صدور الأمر العالي في أول مارس 1902 بشأن الطائفة الإنجيلية، ولم يقدم الطاعن (بصفته) أيَّ دليلٍ على صدور أداة تشريعية مماثلة بشأن طائفة الإنجيليكان (الأسقفية)؛ فإن القول بقيام الطائفة الأخيرة وتمتعها بالشخصية الاعتبارية يكون غيرَ قائمٍ على سندٍ من القانون.
ولا يغير من ذلك الأدوات التشريعية الصادرة بالترخيص في إنشاء بعض الكنائس الأسقفية في مصر؛ بحسبان أن تلك الأدوات وإن كانت تُصَرح بإنشاء دور العبادة، إلا أنها لا شأنَ لها بالشخصية الاعتبارية للطائفة، فضلا عن أن الطائفة باعتبارها إحدى مكونات طائفة الإنجيليين ليس هناك ما يمنع قانونًا من الترخيص لها في إنشاء دور عبادة تمارس فيها شعائرها الدينية، وقد تواتر القضاءُ المصري بشقيه الإداري والعادي على أن مفاد نصي المادتين (52) و(53) من القانون المدني أن الشخصية الاعتبارية للهيئات والطوائف الدينية لا تثبت إلا باعتراف الدولة اعترافًا خاصًّا بها، بمعنى أنه يلزم صدور ترخيصٍ أو إذنٍ خاص بقيام هذه الشخصية لكلِّ هيئةٍ أو طائفة دينية حتى تكون موجودة قانونًا؛ تحرزًا من أن يجمع كلُّ داعيةٍ حوله أتباعًا، ويتخذ لهم نظامًا ويُنصب نفسَه قائدًا لهم، وهو اعترافٌ فرديّ على خلافِ الاعتراف العام (حكم محكمة النقض في الطعن رقم 416 لسنة 58 ق. جلسة 3/4/1997)، كما تواترت أحكام القضاء على أن اعتراف الدولة بطائفة الإنجيليين الوطنيين هو اعترافٌ بالطائفة جميعها بجميع شُعَبِهَا وكنائسها، باعتبارها طائفة واحدة يمثلها المجلس العمومي لها، وأن المشرع لم يمنح الشخصية الاعتبارية لأيٍّ من كنائسها أو الهيئات أو المذاهب المتفرعة عنها أو الممتدة إليها، ولم يجعل لأيٍّ منها ذمةً مالية مستقلة. (حكم محكمة النقض في الطعن رقم 3171 لسنة 60 ق. بجلسة 22/1/1995).
ومتى كان ما سبق، وإذ لم يقُم دليلٌ بالأوراق على اعتراف الدولة بطائفة الإنجيليكان (الأسقفية) من خلال إصدار أداة تشريعية تتضمن منحها الشخصية الاعتبارية، فإن ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه يكون متفقًا وصحيح حكم القانون، ويكون الطعنُ عليه غيرَ مستندٍ إلى أساسٍ من القانون.
ولا يغير من ذلك ما استند إليه الطاعن (بصفته) من وجود فروق كثيرة بين كل من الطائفة الإنجيلية وطائفة الإنجيليكان (الأسقفية) في الأسرار المقدسة والسلوك والعبادات والسلطات الدينية؛ بحسبان أن هذه الفروق في حدِّ ذاتها لا تكفي لاكتساب الطائفة الشخصية الاعتبارية، بل يجب أن تصدر أداةٌ بذلك عن الدولة، وهو ما لم يتوفر بشأن تلك الطائفة، فضلا أنه على وفق أحكام اللائحة الداخلية لطائفة الإنجيليين، ليس هناك ما يمنع من وجود مثل هذه الاختلافات بين الكنائس التابعة للطائفة؛ حيث ورد في المادة الأولى من اللائحة الداخلية للمجلس الإنجيلي العام الصادرة بقرار وزير الداخلية رقم 5677 لسنة 1991 النصُّ على اختصاص المجلس الملي الإنجيلي العام بالنظر في المذاهب الإنجيلية على اختلافها، وما يتبعها من كنائس محلية معتمدة طبقًا للفرمان الهمايوني الصادر في ديسمبر 1850 والأمر العالي الصادر في مارس 1902، ومؤدى اختلافُ المذاهبِ: الاختلافُ في السلوك والعبادات، ومن ثم فإن الاختلاف في السلوك والعبادة لا يصلح بذاته سببًا للقول باستقلال الطائفة وتمتعها بالشخصية الاعتبارية، والقولُ بغير ذلك معناه أن كلَّ كنيسةٍ إنجيلية تزعم تمتعها بالشخصية الاعتبارية لتفرُّدِهَا في السلوك والعبادات عن الكنائس الأخرى، فالشخصية الاعتبارية لا تتقرر ولا تكتسب ولا تثبت إلا صراحةً، وبالأداة التشريعية المقررة، ولا يمكن افتراضها على أيِّ وجهٍ من الوجوه، ومجرد الترخيص لطائفةٍ معينة في بناء كنيسة، أو وجودها في تاريخٍ سابق على الطائفة الإنجيلية، لا يعني بحالٍ تمتعها بالشخصية الاعتبارية؛ إذ لا يعدو الأمر أن يكون إقرارًا بوجود تجمع أو طائفة يسمح لها بممارسة شعائرها الدينية على النحو الذي ينظمه الدستور والقانون.
وحيث إنه متى كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد صدر متفقًا وصحيح حكم القانون، ويكون الطعنُ عليه غيرَ قائمٍ على سندٍ من القانون، حريًا بالرفض.
وحيث إن من يخسر الطعن يلزم المصروفات إعمالا لحكم المادتين (184) و(240) من قانون المرافعات المدنية والتجارية.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، ورفضه موضوعًا، وألزمت الطاعن بصفته المصروفات.
---------------------
(1) أقيمت دعوى بطلان في هذا الحكم، قيدت برقم 17889 لسنة 60 القضائية (عليا)، وقضت المحكمة بجلسة 25/6/2016 بقبولها شكلا، ورفضها موضوعا.
(2) يراجع حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 14275 لسنة 51ق.ع بجلسة 17/1/2009، (منشور بمجموعة المبادئ التي قررتها المحكمة في السنة 54 مكتب فني، المبدأ رقم 24، ص214) بشأن اعتبار أن الكنائس الإنجيلية المعترف بها من بين أشخاص القانون العام المنوط بها إدارة مرفق عام من مرافق الدولة.
(3) صدر لاحقا القانون رقم 80 لسنة 2016 بإصدار قانون بشأن تنظيم بناء وترميم الكنائس.

الطعن 57332 لسنة 66 ق إدارية عليا جلسة 22 / 5 / 2021

باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإداريـة العليا
الدائرة الأولى
بالجلسة المنعقدة علنًا برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد محمود حسام الديـن رئيس مجلس الدولة ورئيـس المحكمـة وعضوية السيد الأستاذ المستشـار / سعيـد حامـد شربيني قـلامي نائب رئيس مجلس الدولـة وعضوية السيد الأستاذ المستشـار / محمد محمد السعـيد محمد نائب رئيس مجلس الدولـة وعضوية السيد الأستاذ المستشـار / سامح جمال وهبـة نصر نائب رئيس مجلس الدولـة وعضوية السيد الأستاذ المستشار الدكتور / أحمـد السيد محمد محمـود عطية نائب رئيس مجلس الدولـة

وحضور السـيد الأستاذ المستشـار / أشـرف سيـد إبراهيـم نائب رئيس مجلس الدولـة مفوض الدولة

وسكرتارية السيد / وائـل محمـود مصطفى أمين سـر المحكمـة

أصدرت الحكم الآتي
في الطعن رقم 57332 لسنة 66 ق . ع
طعنًا على الحكم الصادر عن الدائرة الأولى موضوع بالمحكمة الإدارية العليا
في الطعن رقم 83502 لسنة 63 ق. عليا بجلسة 16/5/2020

المقام من
…………
ضـد
1) وزير الداخلية ـ بصفته ـ
2) القس/ …. بصفته رئيس الطائفة الإنجيلية ورئيس المجلس الإنجيلي العام

-------------------
" الإجـراءات "
في يوم السبت الموافق 8/8/2020 أودع الأستاذ/ .. بشخصه، وبصفته محامياً مقبولاً أمام المحكمة الإدارية العليا قلم كتاب هذه المحكمة تقرير طعن بدعوى بطلان أصلية قيد بجدولها بالرقم عاليه، طعناً بالبطلان على الحكم الصادر عن الدائرة الأولى موضوع بالمحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 83502 لسنة 63 بجلسة 16/5/2020 والذي قضى بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعاً، وإلزام الطاعن المصروفات.
وطلب الطاعن للأسباب الواردة بتقرير الطعن بدعوى البطلان الأصلية، الحكم بقبولها شكلاً، وفي الموضوع ببطلان الحكم الصادر في الطعن رقم 83502 لسنة 6ق.عليا بجلسة 16/5/2020 والقضاء مجدداً في موضوع النزاع بإلغاء حكم محكمة القضاء الإداري في الدعوى رقم 13758 لسنة 71ق الصادر بجلسة 23/5/2017 ، والقضاء له مجدداً بالطلبات الواردة بأصل صحيفة الدعوى.
وجرى إعلان تقرير الطعن بدعوى البطلان الأصلية إلى المطعون ضدهما، وأعدت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً بالرأي القانوني فيها ارتأت فيه الحكم بقبولها شكلاً، ورفضها موضوعاً وإلزام الطاعن المصروفات، نظرت المحكمة دعوى البطلان الأصلية الماثلة بجلسة 20/3/2021 ، وتدوول نظرها على النحو المبين بمحاضر الجلسات، وبجلسة 3/4/2021 قدم الحاضر عن الدولة مذكرة بالدفاع طلب في ختامها الحكم برفض دعوى البطلان الأصلية، وبالجلسة ذاتها قررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم، مع التصريح بالاطلاع، وبتقديم مستندات ومذكرات في أسبوعين، وانقضى الأجل المحدد دون أن يقم أي من الخصوم شيئاً، فصدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.

---------------------
" المحكمة "
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطاعن يطلب الحكم بطلباته السالف ذكرها، وإذ استوفى الطعن الماثل بدعوى البطلان الأصلية جميع أوضاعه الشكلية، فمن ثم يكون مقبولًا شكلاً.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل- حسبما يبين من الأوراق- في أن الطاعن في دعوى البطلان الأصلية الماثلة سبق له أن أقام الطعن رقم 83502 لسنة 63 ق. عليا بشخصه وعن نفسه بموجب تقرير طعن ـ موقع منه بصفته محاميًا مقبولًا أمام المحكمة الإدارية العليا ـ أودع قلم كتاب هذه المحكمة بتاريخ 5/7/2017 ، وذلك طعناً على الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بالقاهرة ـ الدائرة الأولى ـ في الدعوى رقم 13758 لسنة 71ق بجلسة 23/5/2017 ، والتي كان قد أقامها بموجب صحيفة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بتاريخ 30/11/2016 طالباً في ختامها الحكم بقبولها شكلاً، وفي الموضوع أولاً: بوقف تنفيذ وإلغاء القرار الصادر عن الإدارة العامة للشئون الإدارية التابعة لوزارة الداخلية، والمتضمن عدم جواز فصل الكنيسة الأسقفية عن الطائفة الإنجيلية، ثانياً: بعدم الاعتداد بالحكم الصادر في الدعوى رقم 9122 لسنة 58 ق الصادر بجلسة 15/5/2007 والمؤيد بالحكم الصادر في الطعن رقم 15511 لسنة 53 ق. عليا في جميع ما تضمنه واشتمل عليه في مواجهته، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وبجلسة 23/5/2017 أصدرت محكمة القضاء الإداري حكمها في الدعوى بعدم قبولها، وإلزام المدعي المصروفات، مما حدا الطاعن ـ المدعي أصلاً ـ للطعن عليه أمام المحكمة الإدارية العليا بالطعن رقم 83502 لسنة 63ق.عليا، والتي أصدرت حكمها بجلسة 16/5/2020 برفض الطعن، وشيدت المحكمة الإدارية العليا قضاءها على أساس أنه فيما يتعلق بالطلب الأول للطاعن بإلغاء الحكم المطعون فيه بعدم قبول طلب إلغاء القرار المطعون فيه لإقامة الدعوى بالنسبة إليه بعد الميعاد المقرر لقبول دعوى الإلغاء، فإن الثابت من الأوراق أن القرار المطعون فيه الصادر عن وزارة الداخلية برفض الاعتراف بالشخصية الاعتبارية للطائفة الأسقفية وعدم جواز فصلها عن الكنيسة الإنجيلية كان قد صدر بتاريخ 22/11/2003 ، وكان الطاعن في الطعن الماثل ـ الأستاذ/ ….. المحامي ـ بصفته وكيلاً عن السيد/ .. بصفته مطران الكنيسة الأسقفية بمصر وشمال أفريقيا والقرن الأفريقي قد أقام الدعوى رقم 9122 لسنة 58 ق بموجب صحيفة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بالقاهرة بتاريخ 20/1/2004 بغية إلغاء القرار المذكور ـ المطعون فيه ـ وقضت المحكمة في تلك الدعوى بجلسة 15/5/2007 برفضها، ومن ثم يكون قد توفر العلم اليقيني للطاعن في الطعن الماثل بالقرار المطعون فيه من تاريخ إقامته الدعوى المشار إليها بصفته وكيلًا عن رافعها، وإذ أقام الطاعن بشخصه الدعوى المطعون على الحكم الصادر فيها رقم 13758 لسنة 71 بموجب صحيفة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بتاريخ 30/11/2016 بعد ما يقرب من اثني عشر عاماً من علمه اليقيني بالقرار المطعون فيه طالباً فيها إلغاءه، ومن ثم تكون دعواه بالنسبة إلى هذا الطلب قد أقيمت بعد الميعاد المقرر قانوناً لدعوى الإلغاء، مما يتعين معه القضاء بعدم قبولها لرفعها بعد الميعاد بالنسبة إلى طلب إلغاء القرار المطعون فيه.
وأضافت المحكمة ، أنه ولا ينال مما تقدم أو يغيره مما آثاره الطاعن في تقرير طعنه من أن القرار المطعون فيه صادر بناء على غش وتدليس مما يكون معه قراراً منعدماً، ولا يتقيد الطعن عليه بالميعاد المقرر قانوناً، فهذا القول مردود عليه بأن الأوراق قد خلت مما يفيد صدور القرار المطعون فيه بناء على غش أو تدليس أو بناء على غصب السلطة في إصداره، ومن ثم يكون ما آثاره الطاعن في هذا الخصوص مجرد أقوال مرسلة لا يظاهرها أي دليل من الأوراق، مما يتعين معه الالتفات عن هذه الأقوال لورودها على غير محل.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد أخذ بهذا النظر بالنسبة إلى هذا الطلب، فإنه يكون سليماً ومتفقاً وحكم القانون، ويغدو الطعن عليه بخصوصه فاقداً سنده جديراً بالرفض.
واستطردت المحكمة أنه فيما يتعلق بالطلب الثاني للطاعن بعدم الاعتداد بالحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري في الدعوى رقم ۹۱۲۲ لسنة 58 ق بجلسة 15/5/2007 فيما قضى به من عدم الاعتداد بالطائفة الأنجليكانية ( الأسقفية ) كطائفة مستقلة عن الطائفة الإنجيلية ، والذي تم تأييده بالحكم الصادر عن المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 15511 لسنة 53 ق. عليا بجلسة 16/11/2013 في مواجهته ، فإن الثابت من الأوراق أن الطاعن في الطعن الماثل لم يكن خصمًا في الدعوى رقم 9122 لسنة 58 ق الصادر فيها الحكم بجلسة 15/5/2007، ولم يكن قد أدخل أو تدخل فيها ، وأن الحكم المذكور يعدَّ حجة عليه - استنادا إلى الطبيعة العينية للحكم الصادر في دعوى الإلغاء والذي يكون حجة على الجميع في خصوص ما انتهى إليه - ومن ثم كان يتعين عليه أن يسلك الطريق الذي رسمه القانون عن طريق الطعن على الحكم المذكور بطريق التماس إعادة النظر طبقا لما يقضي به البند الثامن من المادة (241) من قانون المرافعات أمام المحكمة ذاتها التي أصدرت الحكم - محكمة القضاء الإداري - أما وأنه طلب عدم الاعتداد بالحكم السالف الذكر في مواجهته دون أن يسلك الطريق المقرر قانونا، فإن طلبه الماثل يكون غير مقبول مما يتعين معه القضاء بعدم قبوله.
واستطردت المحكمة أن الحكم المطعون فيه، وقد أخذ بهذا النظر بالنسبة إلى هذا الطلب، فإنه يكون سليما ومتفقا وحكم القانون ، ويغدو الطعن عليه بخصوصه فاقدا سنده جديرا بالرفض .
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بدعوى البطلان الأصلية لم يلق قبولا لدى الطاعن، فأقام طعنه الماثل - بدعوى البطلان الأصلية على سند من بطلان الحكم المطعون فيه للخطأ في صفة الطاعن في الطعن رقم ۸۳5۰۲ لسنة 63 ق. عليا - الصادر فيه الحكم المطعون فيه بدعوى البطلان الأصلية - إذ ورد بمدونات الحكم المطعون فيه أن الطاعن أودع تقرير الطعن عن نفسه وبصفته قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا، وهو ما يخالف الواقع؛ لأن الطاعن أودع تقرير الطعن بشخصه مما يشكل خطأ جسيما في فهم عناصر النزاع ، فضلا عن أن المحكمة عند نظرها الطعن رقم 83502 لسنة 63 ق. عليا أغفلت بعض المستندات ذات الصلة بموضوع النزاع، وبناء عليه اختتم الطاعن تقرير طعنه بدعوى البطلان الأصلية الماثلة بطلباته السالف ذكرها.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة جرى على أن الحكم القضائي متى صدر صحيحًا يظل منتجا آثاره ، ويمتنع بحث أسباب العوار التي قد تلحق به إلا عن طريق الطعن عليه بطرق الطعن المتاحة قانونا ، فإذا أستنفد ذوو الشأن حقهم في ولوجها أو استغلقت عليهم بفوات المواعيد ، وأصبح الحكم باتا، فلا سبيل للطعن عليه إلا بطريق دعوى مبتدأة، وهي دعوى البطلان الأصلية ، إلا أن هذا الطريق الاستثنائي يجد حده الطبيعي في الحالات التي يتجرد فيها الحكم من أركانه الأساسية بحيث يشوبه عيب جوهري جسيم يفقده كيانه ، ويزعزع أركانه ، ويحول دون اعتباره قائما ويهبط به إلى درك الانعدام ، وليس من ريب أن المحكمة الإدارية العليا هي خاتمة المطاف وتستوي على قمة القضاء الإداري ، وهي القوامة على إنزال حكم القانون وإرساء مبادئه وقواعده، وأنه لا يجوز قانونا أن يعقب على أحكامها ، ولا تقبل الأحكام الصادرة عنها الطعن بأي طريق من طرق الطعن ، ولا سبيل للطعن في تلك الأحكام بصفة استثنائية إلا بدعوى البطلان الأصلية ، وهذا الاستثناء لا يتأتى إلا عند تجرد الحكم من أركانه الأساسية ، وفقدانه صفته كحكم ، فإذا كان الطاعن يهدف بدعوى البطلان الأصلية إلى إعادة مناقشة ما قام عليه قضاء الحكم المطعون فيه ، تأسيسا على مسائل موضوعية تندرج كلها تحت احتمالات الخطأ والصواب في تفسير القانون وتأويله، فإن هذه الأسباب لا تمثل إهداراً للعدالة يفقد معها الحكم وظيفية، وبالتالي لا تصمه بأي عيب ينحدر به إلى درك الانعدام الذي هو مناط قبول دعوى البطلان الأصلية.
{الحكم الصادر في الطعن رقم 2700 لسنة 54 ق عليا بجلسة 22/2/2009 ، والحكم الصادر في الطعن رقم 886 لسنة 65 ق عليا بجلسة 26/5/2019}
ومن حيث إنه وبتطبيق ما تقدم، ولما كان الثابت من الأوراق ، وخاصة مسودة الحكم المطعون فيه، ومحاضر الجلسات ، أن الخصومة انعقدت سليمة في الطعن ، وأن الحكم المطعون فيه لم يصدر إلا بعد أن فحصت المحكمة جميع المستندات المقدمة فيه ، متناولا وقائع النزاع وأسباب ودفوع ودفاع طرفي الخصومة والتي تدخل جميعها في صحيح عمل المحكمة التي أصدرت الحكم ، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه بدعوى البطلان الأصلية الماثلة يكون قد استكمل أركانه الأساسية وحقق جميع الضمانات التي تفرضها العدالة لبلوغ الحقيقة واستقام على قمة الأحكام القضائية حكما باتا مما لا يسوغ المنازعة فيه بأي طريق من طرق الطعن الأصلية أو الاستثنائية.
ولا ينال مما تقدم أو يغيره ما أثاره الطاعن - في تقرير طعنه بدعوى البطلان الأصلية الماثلة - من أن الحكم المطعون فيه الصادر في الطعن رقم ۸۳۰۰۲ لسنة 63 ق. عليا قد أخطأ في صفة الطاعن بالمخالفة للقانون؛ لأن الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه بدعوى البطلان الأصلية أنه أثبت صفة الطاعن بالفعل وذكر في إجراءات الطعن المشار إليه أنه مقام من الطاعن - فؤاد رشدي ميخائيل - عن نفسه ، وبصفته محاميا مقبولا أمام المحكمة الإدارية العليا ، حيث إن الطاعن هو من قام بتوقيع تقرير الطعن في الحكم المطعون عليه بدعوی البطلان الأصلية وأودعه قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا - بصفته المشار إليها - وهو ما جاء بالحكم المطعون فيه بالفعل ، ومن ثم يكون ما أثاره الطاعن في تقرير طعنه بدعوى البطلان الأصلية الماثلة في هذا الخصوص فاقدا سنده.
ولا ينال مما تقدم أيضا ما أثاره الطاعن من أن المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه بدعوى البطلان الأصلية أغفلت بعض المستندات ذات الصلة بموضوع النزاع؛ لأن الثابت أن الحكم المطعون فيه بدعوی البطلان الأصلية لم يصدر إلا بعد أن فحصت المحكمة التي أصدرته جميع المستندات المقدمة في الطعن، ومن ثم فإن ما أثاره الطاعن في هذا الشأن ما هو إلا مجرد محاولات تستهدف إعادة طرح موضوع الطعن على القضاء مرة أخرى، بعد الفصل فيه بحكم قضائي بات ونافذ وهو ما لا يسوغ قانونا.
وترتيبا على ما تقدم، ولما كانت جميع أسباب الطعن التي ساقها الطاعن بدعوى البطلان الأصلية الماثلة ليس من شأنها أن تكشف عن أي عوار أو بطلان لحق به، على النحو المشار إليه سالفا، ومن ثم تكون الدعوى - دعوى البطلان الأصلية - قد انهارت أركانها، وتغدو غير قائمة على سند يبررها، مما يتعين معه على المحكمة أن تقضي برفضها.
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم بمصروفاته، عملاً بحكم المادة (184) من قانون المرافعات.
فلهـذه الأسباب
حكمت المحكمة: بقبول الطعن بدعوى البطلان الأصلية شكلاً، ورفضه موضوعًا، وألزمت الطاعن المصروفات.
صدر هذا الحكم وتُلي علنًا بالجلسة المنعقدة يوم السبت 10 من شوال سنة1442هجرية، الموافق 22 من مايو سنة2021 ميلادية بالهيئة المبينة بصدره.

الأربعاء، 14 يونيو 2023

الطعنان 47 ، 193 لسنة 44 ق جلسة 4 / 4 / 1999 إدارية عليا مكتب فني 44 ق 53 ص 563

جلسة 4 من إبريل سنة 1999

برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور/ محمد جودت أحمد الملط - رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة المستشارين: رائد جعفر النفراوي، وجودة عبد المقصود فرحات، وسامي أحمد محمد الصباغ، ومحمود إسماعيل رسلان مبارك - نواب رئيس مجلس الدولة.

-----------------

(53)

الطعنان رقما 47 و193 لسنة 44 قضائية عليا

أ - نزع ملكية - حالات وإجراءات نزع الملكية.
المواد أرقام 1، 2، 14 من القانون رقم 10 لسنة 1990 بشأن نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة.
حدد المشرع الحالات التي يجوز فيها لجهة الإدارة المساس بالملكية الخاصة للأفراد وذلك باستخدام وسائل استثنائية منها تقرير صفة المنفعة العامة لبعض العقارات أو الاستيلاء المؤقت عليها أو اتخاذ إجراءات نزع الملكية بشأنها. نتيجة ذلك: وضع المشرع الضوابط والشروط التي تكفل حمايتها وصيانتها من أن تنتزع أو يستولى عليها لغير غاية، فكان ذلك التنظيم المتكامل بإجراءاته وضماناته الهادفة لتحقيق هذه الحماية للملكية وفي الوقت ذاته تحقيق أهداف ودواعي المصلحة العامة، بحيث إذا ما روعيت تلك الضوابط والإجراءات عند إصدار الإدارة لقرارها باعتبار العقار من أعمال المنفعة العامة أو حالة الاستيلاء المؤقت عليه أو اتخاذ إجراءات نزع الملكية بشأنه فإن قرارها والحالة هذه يكون صحيحاً طالما أنها تغيت من ورائه تحقيق النفع العام الذي هو هدف هذا القرار - تطبيق.
ب - قرار إداري - أركانه - ركن السبب - رقابة القاضي الإداري.
للقاضي الإداري أن يعمل رقابته للتأكد من صحة الحالة الواقعية أو القانونية التي تكون ركن السبب في القرار الإداري - إذا كانت النتيجة مستخلصة استخلاصاً سائغاً من أصول موجودة تنتجها كان القرار صحيحاً، أما إذا كانت مستخلصة من أصول موجودة ولا تنتجها أو كان تكييف الوقائع لا يتفق معها كان القرار فاقداً لركن من أركانه وهو صحة السبب ووقع مخالفاً للقانون – تطبيق.
جـ - قرار إداري - عيوبه - عيب إساءة استعمال السلطة - إثباته.
يعتبر عيب إساءة استعمال السلطة أو الانحراف بها من العيوب القصدية في السلوك الإداري قوامه أن يكون لدى الإدارة قصد إساءة استعمال السلطة أو الانحراف بها، وهذا العيب يجب أن يشوب الغاية من القرار بأن تكون جهة الإدارة قد تنكبت وجه المصلحة العامة التي يتغياها القرار أو أن تكون أصدرت القرار بباعث لا يمت لتلك المصلحة - نتيجة ذلك أن عيب إساءة السلطة يجب إقامة الدليل عليه - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم السبت الموافق 4/ 10/ 1997 أودعت هيئة قضايا الدولة نائبة عن الطاعنين قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 47 لسنة 44 ق. ع في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالقاهرة في الدعوى رقم 8002 لسنة 50 ق بجلسة 17/ 8/ 1997 م القاضي بقبول الدعوى شكلاً وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام جهة الإدارة المصروفات.
وفي يوم الأحد الموافق 12/ 10/ 1997 أودع الأستاذ/ ........ المحامي بالنقض بصفته وكيلاً عن السيد رئيس مجلس إدارة هيئة كهرباء الريف قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 193 لسنة 44 ق. ع في ذات الحكم المشار إليه.
وطلب الطاعنون للأسباب الواردة في تقريري الطعن وقف تنفيذ الحكم بصفة مستعجلة وفي الموضوع بإلغائه وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام المطعون ضده المصروفات.
وجرى إعلان عريضتي الطعنين إلى المطعون ضده على النحو المبين بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني فيهما ارتأت فيه إلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام المطعون ضده المصروفات.
وتحددت جلسة 5/ 1/ 1998 لنظر الطعنين أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة وبهذه الجلسة قررت الدائرة ضم الطعنين ليصدر فيهما حكم واحد ثم تداولت نظرهما بالجلسات التالية على النحو المبين بمحاضرها إلى أن قررت إحالتهما إلى المحكمة الإدارية العليا "الدائرة الأولى/ موضوع" لنظرهما بجلسة 8/ 11/ 1998، قد نظرتهما هذه المحكمة ثم قررت حجزهما ليصدر فيهما الحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية المقررة قانوناً.
ومن حيث إن عناصر هذا النزاع تتحصل في أن المطعون ضده أقام في 7/ 7/ 1996 الدعوى رقم 8002 لسنة 50 ق بإيداع عريضتها قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بالقاهرة مختصماً فيها المطعون ضدهم وطلب في ختامها وقف تنفيذ وإلغاء القرار رقم 510 لسنة 1996 الصادر من رئيس مجلس الوزراء باعتبار مشروع محطة محولات القنايات جهد 66/ 11 ك على قطعة الأرض المملوكة له من أعمال المنفعة العامة والبالغ مساحتها 14 س 4 ط 2 ف كائنة بحوض المربعة الكبيرة ناحية شيبة التكارية مركز الزقازيق محافظة الشرقية.
ونعى المدعي على القرار صدوره نتيجة تعسف بعض المسئولين في اختيار الموقع وتدخل البعض الآخر من ذوي النفوذ لإبعاد المشروع عن أملاكهم، وأنه كانت توجد عدة خيارات أمام الجهة الإدارية منها أرض مملوكة لهيئة الأوقاف ملاصقة لأرضه، وأرض أخرى بجوارها مبورة ومعروضة للبيع من جانب أصحابها، ونتيجة للتظلم المقدم منه فقد أرسلت هيئة كهرباء الريف إلى مهندسيها بتحريك المساحة لمسافة 50 متراً بأرض الأوقاف كما أخطرت إدارة حماية الأراضي بوزارة الزراعة للبحث عن مواقع أخرى، ورغم ذلك عادت الهيئة واتخذت إجراءات نزع ملكية أرضه التي هي من أجود الأراضي وتعتبر مصدر رزقه هو وأسرته.
واختتم المدعي عريضة الدعوى بطلباته السابقة.
وبتاريخ 17/ 8/ 1997 أصدرت المحكمة القضاء الإداري حكمها بقبول الدعوى شكلاً وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام الجهة الإدارية بمصروفات هذا الطلب.
وأقامت المحكمة قضاءها على أساس أن الجهة الإدارية لم تجحد ما جاء بادعاء من أن المساحة المنزوع ملكيتها هي من أجود الأراضي الزراعية وأنه كان يوجد أمامها عدة خيارات في أرض نوه عنها المدعي في عريضة الدعوى، كما أن وزير الزراعة لم يوافق على إقامة المشروع عليها، ومن ثم كان يجب على الجهة الإدارية أن تقيمه على أرض أخرى من المتاح أمامها، فإن هي خرجت في استعمال الحق عن الهدف الصحيح كان قرارها مشوباً بعيب إساءة استعمال السلطة ويتوافر بذلك ركن الجدية في طلب وقف تنفيذ القرار إلى جانب تحقق ركن الاستعجال لما يترتب على تنفيذ القرار من نتائج يتعذر تداركها لاعتدائه على ملكية خاصة كفل حمايتها الدستور.
وخلصت المحكمة من ذلك إلى قضاءها السابق.
ومن حيث إن مبنى الطعنين الماثلين يقوم على أساس مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ في تطبيقه ذلك أن حق الجهة الإدارية في اختيار مشروع المنفعة العامة هو حق أصيل لها ما دام تم الاختيار بناءً على مواصفات فنية قوامها الخبرة وملاءمات المكان الخاص بالمشروع، ومن ثم يكون هذا الاختيار صحيحاً لا وجه للتعقيب عليه خاصة أن الموقع الذي نوه عنه المدعي والمملوك لهيئة الأوقاف قد خصص مقراً للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية مما ينفي التعسف في استعمال السلطة.
يضاف إلى ذلك عدم صحة السند الذي أقام عليه الحكم قضاءه بزعم عدم موافقة وزير الزراعة على أرض المشروع ذلك أنه من الثابت بأوراق المشروع سبق موافقة وزير الزراعة على إقامته على أرض النزاع وكان ذلك في 5/ 5/ 1993 مما يجعل الحكم قائماً على سبب غير صحيح.
وخلص الطاعنون من ذلك إلى طلباتهم السابقة.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة جرى على أن سلطة وقف تنفيذ القرارات الإدارية مشتقة من سلطة الإلغاء وفرع منها مردهما إلى الرقابة القانونية التي يسلطها القضاء الإداري على القرار على أساس وزنه بميزان القانون وزناً مناطه مبدأ المشروعية فوجب على القضاء الإداري ألا يوقف قراراً إدارياً إلا إذا تبين له على حسب الظاهر من الأوراق ومع عدم المساس بأصل طلب الإلغاء عند الفصل فيه أن طلب وقف التنفيذ يقوم على ركنين: الأول: قيام الاستعجال بأن كان يترتب على تنفيذ القرار نتائج يتعذر تداركها والثاني: يتصل بمبدأ المشروعية بأن يكون ادعاء الطالب في هذا الشأن قائماً بحسب الظاهر على أسباب جدية، وكلا الركنين من الحدود القانونية التي تحد سلطة القضاء الإداري وتخضع لرقابة المحكمة الإدارية العليا.
ومن حيث إنه فيما يتعلق بركن الجدية، فقد نصت المادة (1) من القانون رقم 10 لسنة 1990 بشأن نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة على أنه "يجرى نزع ملكية العقارات اللازمة للمنفعة العامة والتعويض عنه وفقاً لأحكام هذا القانون".
وتنص المادة (2) على أنه "يعد من أعمال المنفعة العامة في تطبيق أحكام هذا القانون أولاً..... ثانياً....... ثالثاً.........
رابعاً - مشروعات الطاقة.......... ويكون تقرير المنفعة العامة بقرار من رئيس الجمهورية مرفقاً به...."
وتنص المادة (14) على أنه "يكون للجهة طالبة نزع الملكية الاستيلاء بطريق التنفيذ المباشر على العقارات التي تقرر لزومها للمنفعة العامة وذلك بقرار من رئيس الجمهورية أو من يفوضه، ينشر في الجريدة الرسمية ويشمل بياناً إجمالياً بالعقار واسم المالك الظاهر مع الإشارة إلى القرار الصادر بتقرير المنفعة العامة.
ويبلغ قرار الاستيلاء لذوي الشأن بكتاب موصى عليه مصحوب بعلم الوصول يعطون بموجبه مهلة لا تقل عن أسبوعين لإخلاء العقار.
ويترتب على نشر قرار الاستيلاء اعتبار العقارات مخصصة للمنفعة العامة ويكون لذوي الشأن الحق في تعويض مقابل عدم الانتفاع بالعقار من تاريخ الاستيلاء الفعلي إلى حين دفع التعويض المستحق عن نزع الملكية".
ومن حيث إن المادة (152) من قانون الزراعة رقم 52 لسنة 1966 المضافة بالقانون رقم 116 لسنة 1983 تنص على أنه "يحظر إقامة أية مبان أو منشآت في الأراضي الزراعية أو اتخاذ أية إجراءات في شأن تقسيم هذه الأراضي لإقامة مبان عليها..... ويستثنى من هذا الحظر........
جـ - الأراضي التي تقيم عليها الحكومة مشروعات ذات نفع عام بشرط موافقة وزير الزراعة...."
ومن حيث إن المستفاد من هذه النصوص أن المشرع حدد الحالات التي يجوز فيها لجهة الإدارة المساس بالملكية الخاصة للأفراد وذلك باستخدام وسائل استثنائية منها تقرير صفة المنفعة العامة لبعض العقارات أو الاستيلاء المؤقت عليها أو اتخاذ إجراءات نزع الملكية بشأنها، لذا فقد وضع الضوابط والشروط التي تكفل حمايتها وصيانتها من أن تنتزع أو يستولى عليها لغير غاية، فكان ذلك التنظيم المتكامل بإجراءاته وضماناته الهادفة لتحقيق هذه الحماية للملكية وفي الوقت ذاته تحقيق أهداف دواعي المصلحة العامة، بحيث إذا ما روعيت تلك الضوابط والإجراءات عند إصدار الإدارة لقرارها باعتبار العقار من أعمال المنفعة العامة أو حالة الاستيلاء المؤقت عليه أو اتخاذ إجراءات نزع الملكية بشأنه فإن قرارها والحالة هذه يكون صحيحاً طالما أنها تغيت من ورائه تحقيق النفع العام الذي هو هدف هذا القرار، ومن ثم كان دور القضاء الإداري في إعمال رقابته للتأكد من صحة الحالة الواقعية أو القانونية التي تكون ركن السبب في القرار، فإذا كانت النتيجة مستخلصة استخلاصاً سائغاً من أصول موجودة تنتجها كان القرار صحيحاً، أما إذا كانت مستخلصة من أصول موجودة لا تنتجها أو كان تكييف الوقائع لا يتفق معها كان القرار فاقداً لركن من أركانه وهو صحة السبب ووقع مخالفاً للقانون.
ومن حيث إن المدعي نعى على القرار المطعون فيه بعيب التعسف في استعمال السلطة بسبب اختيار تنفيذ المشروع في أرضه بينما توجد أراض أخرى مجاورة لأرضه منها ما هو ملك لأجهزة حكومية ومع ذلك لم يقع عليها الاختيار، كما أن الحكم الطعين ساير المدعي في هذا النظر واتخذ منه ومن عدم موافقة وزير الزراعة على تخصيص تلك الأرض سنداً لقضائه.
ومن حيث إن من المستقر عليه في قضاء هذه المحكمة أن عيب إساءة استعمال السلطة أو الانحراف بها هو من العيوب القصدية في السلوك الإداري قوامها أن يكون لدى الإدارة قصد إساءة استعمال السلطة أو الانحراف بها، وهذا العيب يجب أن يشوب الغاية من القرار بأن تكون جهة الإدارة قد تنكبت وجه المصلحة العامة التي يتغياها القرار أو أن تكون أصدرت القرار بباعث لا يمت لتلك المصلحة وعلى هذا الأساس فإن عيب إساءة استعمال السلطة يجب إقامة الدليل عليه، ولا يوجد فيما ساقه المدعي من شواهد ما يقيم الدليل على أن جهة الإدارة قصدت الانتقام منه بل إنها استجابت لطلبه عند تظلمه بأن غيرت في حدود المساحة بما يقع في أرض هيئة الأوقاف، وتوغلت فيها بما يقرب من نصف المساحة التي تم تخصيصها من أرض المشروع رغم ما هو مقرر قانوناً من حقها في اختيار العقارات بما يتوافر لديها من مقومات الخبرة وذلك إلى جانب ما كشفت عنه الأوراق من محاولات المزيد من البحث لأرض ملائمة لتنفيذ المشروع ولكنها انتهت جميعها إلى الاستقرار على ذلك الموقع لمناسبته له، مما ينفي صحة ادعاء المدعي في هذا الشأن ومسايرة الحكم المطعون فيه لمزاعمه.
أما عن الاستناد على عدم موافقة وزير الزراعة على إقامة المشروع على تلك الأرض فقد تبين من المذكرة الإيضاحية لمشروع القرار المطعون فيه أنها تضمنت أن هيئة كهرباء الريف رغبة منها في تدعيم إنارة قرى مركزي الزقازيق والقنايات بالتيار الكهربائي، وخدمة مشروعات الأمن الغذائي والصناعي، وربط شبكة محولات الجمهورية بالشبكة الموحدة، قررت إنشاء محطة محولات القنايات جهد 66/ 11 ك ف ووقع اختيار الهيئة على قطعة أرض زراعية كائنة بناحية شيبة النكارية بحوض المربعة الكبيرة نمرة (1) مدينة الزقازيق بمحافظة الشرقية والبالغ مساحتها 8 ط 4 ف مملوكة لهيئة الأوقاف والأهالي، هذا وقد وافق السيد الدكتور نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الزراعة على إقامة هذا المشروع على المساحة سالفة الذكر وذلك بكتاب سيادته رقم 2222 في 5/ 5/ 1993 كما وافق المجلس الشعبي المحلي لمحافظة الشرقية على إقامة المشروع المذكور بجلسته المنعقدة في 21/ 4/ 1993، كما تم الارتباط واعتماد المبالغ اللازمة للتعويض عن نزع ملكية الأرض.
ومن حيث إنه يبين مما سبق أن القرار المطعون فيه قد استهدف تحقيق الصالح العام الذي يرقى على مصالح الأفراد الخاصة فإنه يكون بحسب الظاهر متفقاً وصحيح القانون، مما ينتفي معه تحقق ركن الجدية في طلب وقف تنفيذ القرار الطعين، ويتعين لذلك القضاء برفضه دون ما حاجة للبحث في ركن الاستعجال.
وإذْ لم يأخذ الحكم المطعون فيه بهذا النظر فإنه يكون خالف القانون، خليقاً بالإلغاء.
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم بمصروفاته عملاً بحكم المادة (184) من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعنين شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وألزمت المطعون ضده المصروفات.

الطعن 1670 لسنة 43 ق جلسة 4 / 4 / 1999 إدارية عليا مكتب فني 44 ق 52 ص 549

جلسة 4 من إبريل سنة 1999

برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور/ محمد جودت أحمد الملط - رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة المستشارين: رائد جعفر النفراوي، وجودة عبد المقصود فرحات، وسعيد أحمد محمد حسين برغش، ومحمود إسماعيل رسلان مبارك - نواب رئيس مجلس الدولة.

------------------

(52)

الطعن رقم 1670 لسنة 43 قضائية عليا

مؤسسات عامة - المؤسسات العامة الملغاة - مباشرة اختصاصها.
القانون رقم 111 لسنة 1975 ببعض الأحكام الخاصة بالمؤسسات العامة وشركات القطاع العام.
إن المشرع ولئن كان قد ألغى المؤسسات العامة بمقتضى أحكام القانون رقم 111 لسنة 1975 اعتباراً من 18/ 9/ 1975، إلا أنه أبقى على المؤسسات التي تمارس نشاطاً بذاتها لمدة ستة أشهر، يتم خلالها بقرار من الوزير المختص إما تحويلها إلى شركة عامة أو إدماجها في شركة قائمة أو أن يصدر تشريع أو قرار من رئيس الجمهورية بناءً على اقتراح الوزير المختص بإنشاء هيئة عامة تحل محلها، أو بأيلولة اختصاصها إلى جهة أخرى، وتظل هذه المؤسسات تمارس نشاطها خلال تلك المدة، وفي مباشرة اختصاصها بالنسبة للوحدات الاقتصادية التابعة لها، ولم يستثن القانون أي اختصاص من هذه الاختصاصات وإنما وردت عبارته مطلقة، ومن ثم يُؤْخَذُ النص على عموميته، ويكون للمؤسسة ممارسة جميع الاختصاصات التي خولها إياها القانون بالنسبة لما يتبعها من وحدات اقتصادية، إلى حين صدور قرار من الوزير المختص بتحويلها إلى شركة عامة أو إدماجها في شركة قائمة، أو صدور تشريع أو قرار جمهوري بإنشاء هيئة عامة تحل محلها أو بأيلولة اختصاصاتها إلى جهة أخرى - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الخميس الموافق 30/ 1/ 1997 أودع الأستاذ/ ...... المحامي المقبول للمرافعة أمام المحكمة الإدارية العليا بصفته وكيلاً عن الطاعن، قلم كتاب هذه المحكمة، تقرير الطعن الماثل، في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالقاهرة "دائرة منازعات الأفراد والهيئات أ" في الدعوى رقم 2988 لسنة 37 ق بجلسة 3/ 12/ 1996 القاضي برفض الدفع بعدم قبول الدعوى وبقبولها شكلاً ورفضها موضوعاً وإلزام المدعين المصروفات.
وطلب الطاعن للأسباب المبينة بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً بإلغاء قرار المؤسسة المصرية العامة للسياحة والفنادق الصادر بتاريخ 24/ 11/ 1975 فيما تضمنه من زيادة رأس مال شركة مصر للفنادق بمبلغ 2.5 مليون جنيه وقصر الاكتتاب في هذه الزيادة على المؤسسة، وما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام جهة الإدارة المصروفات.
وتم إعلان الطعن على النحو المبين بالأوراق، عدا المطعون ضده الرابع، وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً بالرأي القانوني انتهت فيه إلى أنها ترى الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبإلغاء القرار المطعون فيه، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وبإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وتحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا "دائرة أولى" جلسة 20/ 10/ 1997 وتقرر تأجيل نظره لجلسة 15/ 12/ 1997 لإعلان المطعون ضده الرابع، وبعد تداول نظره على النحو المبين بالمحاضر، قررت الدائرة إحالته إلى دائرة الموضوع لنظره بجلسة 13/ 9/ 1998، ونظرت المحكمة الطعن وقررت بجلسة 8/ 11/ 1998 التأجيل لجلسة 3/ 1/ 1999 ليقوم الطاعن بإعلان تقرير الطعن إلى الشركة المصرية العامة للسياحة وشركة مصر للفنادق والشركة القابضة للإسكان والسياحة والفنادق، وفي تلك الجلسة طلب الحاضر عن الطاعن أجلاً لحين ورود أصل الإعلان، وقررت المحكمة التأجيل لجلسة 21/ 2/ 1999، وفي هذه الجلسة طلب الحاضر عن الطاعن حجز الطعن للحكم، كما طلب الحاضر عن الشركة القابضة للإسكان والسياحة والفنادق حجز الطعن للحكم، وتقرر النطق بالحكم بجلسة اليوم، حيث صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمرافعة والمداولة قانوناً.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إنه عن الموضوع، فإنه يتخلص - حسبما يتضح من الأوراق - في أن السيد/ ........ وآخرين أقاموا بتاريخ 1/ 3/ 1982 الدعوى رقم 179 لسنة 82 تجاري كلي جنوب القاهرة طالبين في ختامها الحكم ببطلان قرار الجمعية العمومية غير العادية للمؤسسة المصرية العامة للسياحة والفنادق الصادر بجلسة 24/ 11/ 1975 فيما تضمنه من زيادة رأس مال شركة مصر للفنادق بمبلغ 2.5 مليون جنيه تكتتب فيها المؤسسة بالكامل بالقيمة الاسمية للسهم، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام المدعى عليهم المصروفات.
وقال المدعون شرحاً للدعوى إنه بتاريخ 11/ 5/ 1955 أسست شركة مصر للفنادق شركة مساهمة مصرية، ونصت المادة 18 من النظام الأساسي للشركة على أنه يجوز زيادة رأس مال الشركة بإصدار أسهم جديدة لا تقل قيمتها الاسمية عن الأسهم الأصلية وتكون زيادة رأس المال أو تخفيضه بقرار من الجمعية العمومية للمساهمين بناءً على اقتراح من مجلس إدارة الشركة، وبموجب قرار وزير السياحة رقم 23 لسنة 1967 أصبح رأس مال الشركة 2.357.000 جنيهاً (مليونين وثلاثمائة وسبعة وخمسين ألف جنيه) منها مليونان للمساهمين القدامى وثلاثمائة وسبعة وخمسون ألف جنيه للمؤسسة المصرية العامة للسياحة والفنادق.
وذكر المدعون أنه بتاريخ 24/ 11/ 1975 عرض وزير السياحة على مجلس إدارة المؤسسة المصرية العامة للسياحة والفنادق مذكرة تضمنت أن مجلس الوزراء أصدر بتاريخ 22/ 10/ 1975 قراراً بتنظيم قطاع السياحة، ومن مقتضاه أن حلت الهيئة العامة للسياحة محل المؤسسة المصرية العامة للسياحة والفنادق، وأوصت المذكرة بأن تبقى شركة مصر للفنادق دون دمج مع تمويل مشروع إضافة جناح جديد لفندق هيلتون تبلغ تكاليفه حوالي 3 مليون جنيه عن طريق زيادة رأس مال الشركة بمبلغ 2.5 مليون جنيه تكتتب فيها المؤسسة بالكامل، وعلى أن يتم اقتراض نصف مليون جنيه لتغطية تكاليف المشروع، وصدر القرار الوزاري رقم 287 لسنة 1975 بتنفيذ توصيات المؤسسة التي تضمنتها تلك المذكرة.
وينعى المدعون على القرار المطعون فيه، صدوره بالمخالفة لأحكام المادة 9 من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 60 لسنة 1971 الخاص بالمؤسسات العامة التي استلزمت دعوة ممثلي مراقبة الحسابات لحضور الجمعية العامة عند النظر في زيادة رأس المال، وبالمخالفة لأحكام المواد من 48 - 53 من اللائحة المذكورة، فضلاً عن صدوره بعد إلغاء المؤسسات العامة بموجب أحكام القانون رقم 111 لسنة 1975.
وأضاف المدعون بأن شركة مصر للفنادق لم تكن في حاجة إلى زيادة رأس المال، كما أن الشركة المصرية العامة للسياحة والفنادق التي حلت محل الهيئة المصرية العامة للسياحة والفنادق التي رؤى اكتتابها بالكامل في الزيادة المقترحة كانت مدينة لشركة مصر للفنادق بمبلغ 1442000 جنيه "مليون وأربعمائة واثنين وأربعين ألف جنيه"، وكان الأولى بها سداد هذا الدين بدلاً من الاكتتاب في الزيادة في رأس المال، ومن ناحية أخرى فإن القرار المشار إليه يلحق بالمساهمين خسارة كبيرة ويمثل إثراء على حسابهم ومصادرة لحقوق حملة الأسهم القدامى.
وبجلسة 15/ 2/ 1983 حكمت محكمة جنوب القاهرة الابتدائية بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى وبإحالتها إلى محكمة القضاء الإداري المختصة بمجلس الدولة، حيث قيدت بسجلاتها برقم 2988 لسنة 37 ق، وأحيلت إلى هيئة مفوضي الدولة وجرى تحضيرها وأودعت تقريراً مسبباً بالرأي القانوني، انتهى إلى طلب الحكم أصلياً بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد واحتياطياً برفضها وإلزام المدعين بالمصروفات.
وبجلسة 23/ 2/ 1988 حكمت محكمة القضاء الإداري بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى وألزمت المدعين المصروفات.
ولم يرتض المدعون الحكم سالف الذكر، وأقاموا الطعن رقم 1654 لسنة 34 ق عليا، ونظر الطعن على النحو المبين بمحاضر جلسات المحكمة.
وبجلسة 9/ 1/ 1994 قضت المحكمة الإدارية العليا بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وباختصاص محكمة القضاء الإداري بنظر الدعوى وبإعادتها إليها للفصل في موضوعها، مع إبقاء الفصل في المصروفات.
وجرى تداول الدعوى من جديد أمام محكمة القضاء الإداري، وأودعت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم أصلياً بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد، واحتياطياً برفض الدعوى وإلزام رافعيها بالمصروفات، وقدم المدعون مذكرة صمموا فيها على الطلبات.
وبجلسة 3/ 12/ 1996 حكمت المحكمة برفض الدفع بعدم قبول الدعوى، وبقبولها شكلاً، ورفضها موضوعاً، وألزمت المدعين المصروفات.
وشيدت المحكمة قضاءها على أساس أنه بالنسبة للدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد، فالثابت أن محل الدعوى وموضوعها يتعلق بقرار صادر من مجلس إدارة المؤسسة المصرية العامة للسياحة والفنادق بصفته جمعية عمومية غير عادية لشركة مصر للفنادق، وهو بهذه المثابة ليس قراراً إدارياً، وإنما هو قرار صادر من إحدى الهيئات للشركة المذكورة، ويتعلق بأمر من أمورها، وهي تعتبر شخصاً من أشخاص القانون الخاص، وبالتالي فإنه لا يتحقق في هذا القرار وصف القرار الإداري، ولا يسري ميعاد رفع دعوى الإلغاء في هذه الحالة، مما يتعين معه رفض الدفع بعدم قبولها.
أما عن موضوع الدعوى، فقالت المحكمة إنه ولئن كان القانون رقم 111 لسنة 1975 ببعض الأحكام الخاصة بشركات القطاع العام المعمول به اعتباراً من 18/ 9/ 1975 قد نص في المادة السابعة منه على إلغاء المؤسسات العامة، إلا أنه أبقى على المؤسسات التي تمارس نشاطاً بذاتها لمدة ستة شهور، يتم خلالها تحديد وضعها القانوني، ويكون لها أثناءها الحق في ممارسة اختصاصاتها بالنسبة للوحدات الاقتصادية التابعة لها، وأنه لما كان قرار رئيس الوزراء رقم 909 لسنة 1975 بتحديد المؤسسات التي تمارس نشاطاً بذاتها قد نص على المؤسسة المصرية العامة للسياحة والفنادق من بين هذه المؤسسات، كما أصدر وزير السياحة القرار رقم 50 لسنة 1976 بتاريخ 14/ 3/ 1976 بتحويل المؤسسة المصرية العامة للسياحة والفنادق إلى شركة مساهمة باسم الشركة المصرية العامة للسياحة والفنادق (إيجوث)، فإنه بناءً على ما سبق يكون لمجلس إدارة المؤسسة الحق في ممارسة اختصاصاته قبل الشركات التابعة حتى تاريخ صدور قرار وزير السياحة سالف البيان، وطالما كان ذلك قبل انتهاء ستة الشهور المنصوص عليها في القانون والمعمول به اعتباراً من 18/ 9/ 1975.
واستطردت المحكمة قائلة بأنه لما كان القرار المطعون فيه، قد صدر في 24/ 11/ 1975 أي خلال المدة المشار إليها، فإنه يكون قد صدر صحيحاً في حدود الاختصاص المخول قانوناً لمجلس إدارة المؤسسة برئاسة الوزير المختص وفقاً لحكم المادة 17 من القانون رقم 60 لسنة 1971 الذي يخول مجلس الإدارة بهذا التشكيل الاختصاص بزيادة رأس مال الوحدة الاقتصادية.
وأضافت المحكمة بأنه عن مدى قانونية قصر الاكتتاب في زيادة رأس المال على المؤسسة وحدها فإنه جائز وفقاً لما هو مستفاد من نصوص المادتين 48 و49 من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 60 لسنة 1971 بإصدار قانون المؤسسات العامة، فضلاً عن خلو القانون وسائر نصوص اللائحة من قيود على هذا الحق، وأنه لا يغير من ذلك ما ذكره المدعون من أن المؤسسة لم تكن بحاجة إلى زيادة رأس المال، حيث إن هذا من الأمور التي يستقل بها مجلس الإدارة وأنه بإصداره ذلك القرار، قد مارس حقاً من حقوقه الأصلية، كما لا يعيب القرار صدوره في غيبة مراقب الحسابات، لأن هذا الإجراء ليس جوهرياً ولا يمس انعقاد إدارة المؤسسة بهيئة جمعية عمومية غير عادية.
وخلصت المحكمة إلى أن قرار مجلس إدارة المؤسسات المصرية العامة للسياحة والفنادق الصادر بتاريخ 24/ 11/ 1975 بزيادة رأس مال شركة مصر للفنادق بمبلغ 2.5 مليون جنيه مع قصر الاكتتاب في تلك الزيادة على المؤسسة. يكون صادراً ممن يملك إصداره قانوناً، ومطابقاً لأحكام القانون، وبالتالي يكون طلب إلغائه مجرداً من سنده القانوني خليقاً بالرفض.
ولما لم يلق هذا القضاء قبولاً لدى الطاعن، فقد أقام طعنه الماثل على أساس مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب على سند من القول بأن الثابت من الأوراق المقدمة منه أثناء نظر الدعوى، أن الجهة الإدارية أقرت بحقه وباقي المدعين في طلباتهم بكتابها إلى رئاسة مجلس الوزراء وإقرارها ببطلان القرار المطعون فيه، وذلك من واقع المستند المقدم بحافظة المستندات بتاريخ 31/ 7/ 1996، وأنه بفرض صحة اختصاص المؤسسة بممارسة نشاطها خلال فترة ستة الشهور، فإن ذلك يكون قاصراً على الأنشطة العادية دون إصدار قرارات تتضمن الاستيلاء والإثراء على حساب الغير، بالإضافة إلى أن القرار قد تضمن مخالفة لأحكام المواد 50، 51، 52 من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 60 لسنة 1971 بشأن المؤسسات العامة التي تستوجب النشر في إحدى الصحف اليومية لإعلان المساهمين بأولويتهم في الاكتتاب وتاريخ الإقفال وسعر السهم، كما خالف حكم المادة 9 من اللائحة المذكورة بشأن دعوة ممثل عن مراقبة الحسابات لحضور الاجتماع، ولم يتم سداد قيمة الزيادة خلال ثلاث سنوات وفقاً لأحكام المادتين 48 و58 من اللائحة المشار إليها.
ومن حيث إنه لما كانت المادة السابعة من القانون رقم 111 لسنة 1975 ببعض الأحكام الخاصة بالمؤسسات العامة وشركات القطاع العام المعمول به اعتباراً من 18/ 9/ 1975 تنص على أنه "يصدر قرار من رئيس مجلس الوزراء بتحديد المؤسسات العامة التي تمارس نشاطاً بذاتها في تاريخ العمل بهذا القانون، وتستمر هذه المؤسسات في مباشرة هذا النشاط وفي مباشرة اختصاصاتها بالنسبة للوحدات الاقتصادية التابعة لها وذلك لمدة لا تجاوز ستة شهور، يتم خلالها بقرار من الوزير المختص تحويلها إلى شركة عامة أو إدماج نشاطها في شركة قائمة، ما لم يصدر بشأنها تشريع خاص أو قرار من رئيس الجمهورية بناءً على اقتراح من الوزير المختص بإنشاء هيئة عامة تحل محلها أو بأيلولة اختصاصاتها إلى جهة أخرى".
ويستفاد من النص المتقدم، أن المشرع ولئن كان قد ألغى المؤسسات العامة بمقتضى أحكام القانون رقم 111 لسنة 1975 اعتباراً من 18/ 9/ 1975، إلا أنه أبقى على المؤسسات التي تمارس نشاطاً بذاتها، لمدة ستة شهور، يتم خلالها بقرار من الوزير المختص إما تحويلها إلى شركة عامة أو إدماجها في شركة قائمة، أو أن يصدر تشريع أو قرار من رئيس الجمهورية بناءً على اقتراح الوزير المختص بإنشاء هيئة عامة تحل محلها، أو بأيلولة اختصاصاتها إلى جهة أخرى، وتظل هذه المؤسسات تمارس نشاطها، خلال تلك المدة، وفي مباشرة اختصاصاتها بالنسبة للوحدات الاقتصادية التابعة لها، ولم يستثن القانون أي اختصاص من هذه الاختصاصات وإنما وردت عبارته عامة مطلقة، ومن ثم يؤخذ النص على إطلاقه وعموميته، ويكون للمؤسسة ممارسة جميع الاختصاصات التي خولها إياها القانون بالنسبة لما يتبعها من وحدات اقتصادية، إلى حين صدور قرار من الوزير المختص بتحويلها إلى شركة عامة أو إدماجها في شركة قائمة، أو صدور تشريع أو قرار جمهوري بإنشاء هيئة عامة تحل محلها أو بأيلولة اختصاصاتها إلى جهة أخرى.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن السيد رئيس مجلس الوزراء أصدر القرار رقم 909 لسنة 1975 بتحديد المؤسسات العامة التي تمارس نشاطاً بذاتها، ومنها المؤسسة المصرية العامة للسياحة والفنادق، كما أصدر السيد/ وزير السياحة القرار رقم 50 لسنة 1976 بتاريخ 14/ 3/ 1976 أي خلال مدة ستة الشهور المنصوص عليها قانوناً، بتحويل المؤسسة المصرية العامة للسياحة والفنادق إلى شركة مساهمة مصرية، تسمى "الشركة المصرية العامة للسياحة والفنادق - إيجوث"، الأمر الذي مفاده اختصاص مجلس إدارة المؤسسة بممارسة كافة اختصاصاته بالنسبة للوحدات الاقتصادية التابعة للمؤسسة خلال الفترة من 18/ 9/ 1975" تاريخ العمل بالقانون رقم 111 لسنة 1975" وحتى 14/ 3/ 1976 "تاريخ صدور القرار الوزاري رقم 50 لسنة 1976 والعمل به وفقاً لما نصت عليه المادة الثامنة منه والتي نصت على أنه "ينشر هذا القرار في الوقائع المصرية ويعمل به من تاريخ صدوره".
فإذا ما صدر القرار المطعون فيه من مجلس إدارة المؤسسة المشار إليها برئاسة وزير السياحة، بهيئة جمعية عمومية غير عادية بتاريخ 24/ 11/ 1975 بزيادة رأس مال شركة مصر للفنادق التابعة لها بمبلغ 2.5 مليون جنيه، يتم الاكتتاب فيها بالكامل للمؤسسة، فإنه يكون قد صدر في حدود الاختصاص المخول له وفقاً لأحكام القانون، بموجب المادة 17 من قانون المؤسسات العامة الصادر بالقانون رقم 60 لسنة 1971، الذي يقرر اختصاص الجمعية العمومية غير العادية بزيادة رأس مال الوحدة الاقتصادية.
وأما عن قصر الاكتتاب في زيادة رأس المال على المؤسسة وحدها دون غيرها من المساهمين الذين يملكون حصة في رأس المال مقدارها مليونان من الجنيهات في حين تملك المؤسسة حصة مقدارها ثلاثمائة وسبعة وخمسون ألفاً من الجنيهات فقط، فإنه لما كانت المادة 48 من اللائحة التنفيذية لقانون المؤسسات العامة رقم 60 لسنة 1971 سالف الذكر والصادرة بقرار السيد رئيس الجمهورية رقم 2421 لسنة 1971 قد نصت على أنه "يحدد القرار الصادر بزيادة رأس مال الشركة مقدار الزيادة والطريقة التي تتبع في هذه الزيادة وسعر إصدار الأسهم الجديدة" ومن ثم يكون القرار الصادر من الجمعية العامة غير العادية للمؤسسة المصرية العامة للسياحة والفنادق بزيادة رأس مال شركة مصر للفنادق التابعة لها، وقد جعل الاكتتاب قصراً على المؤسسة وحدها، قد صادف صحيح حكم القانون.
ولا يقدح فيما سلف ما أورده الطاعن من أن الشركة لم تكن في حاجة إلى زيادة رأس المال حيث إن المرجع في تقدير هذه الأمور للجمعية العامة للشركة صاحبة رأس المال، والتي قدرت حاجة الشركة إلى هذه الزيادة للقيام بتمويل مشروع إضافة جناح جديد لفندق النيل هيلتون المملوك للشركة، الأمر الذي يجعل قرارها في هذا الشأن، صادراً في حدود السلطات المقررة وفقاً لأحكام القانون.
كما لا يحاج في ذلك بمخالفة القرار المطعون فيه أحكام القانون، بمقولة أنه أغفل دعوة ممثل مراقبة الحسابات لحضور اجتماع الجمعية العمومية غير العادية التي أصدرت القرار المذكور، ذلك أن هذا الإجراء ليس جوهرياً في هذا المقام، ولا يمس صحة انعقاد الجمعية العامة للشركة، إذ أنه ليس للمراقب دور فيما يختص بما تقرره الجمعية في هذا الخصوص، ولا يشترك في إصدار القرار، كما لا يحاج بما ذكر من عدم الإعلان في صحيفة يومية عن زيادة رأس المال، إذ إن الإعلان لا يكون إلا عند الاكتتاب العام ولا يتطلب هذا الإجراء في حالة زيادة رأس المال عن غير طريق الاكتتاب العام، وأخيراً فإنه لا يؤثر في صحة القرار المطعون فيه، القول بأنه يتعين سداد قيمة الزيادة خلال ثلاث سنوات، وأن هذا الإجراء لم يتم في الحالة المعروضة، فإنه فضلاً عن أن هذا القول جاء مرسلاً دون دليل، فإنه وإن صح هذا القول، فإنه لا يترتب عليه بطلان القرار، لأن الميعاد المذكور تنظيمي لا يترتب على مخالفته عدم مشروعية القرار.
كما أنه لا محاجة فيما ذكره الطاعن من أن الجهة الإدارية أقرت ببطلان القرار المطعون فيه، لأن العبرة في هذا الشأن ليس بإقرارها، وإنما بمدى مطابقة ذلك لأحكام القانون في ضوء القواعد والأحكام القانونية المنظمة والحاكمة للظروف والأوضاع التي صدر القرار المطعون فيه في ظلها وتحت مظلتها.
ومن حيث إنه في ضوء ما سلف يكون القرار المطعون فيه مطابقاً لأحكام القانون، وتكون المطالبة بإلغائه غير قائمة على أسانيد صحيحة واقعاً وقانوناً، خليقة بالرفض، وهو ما قضى به الحكم المطعون فيه، الأمر الذي يتعين معه الحكم برفض الطعن.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وبرفضه موضوعاً، وألزمت الطاعن المصروفات.

الطعن 72 لسنة 37 ق جلسة 7 / 12 / 1971 مكتب فني 22 ج 3 ق 165 ص 984

جلسة 7 من ديسمبر سنة 1971

برياسة السيد المستشار/ بطرس زغلول نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم علام، وأحمد ضياء الدين حنفي، ومحمود السيد عمر المصري، وأحمد فتحي مرسي.

---------------

(165)
الطعن رقم 72 لسنة 37 القضائية

(أ) نقض. "إجراءات الطعن". "إيداع صورة من الحكم المطعون فيه".
صورة الحكم المعلنة تعتبر في حكم الصورة المطابقة لأصله ما دامت خالية مما يوجب عدم الاطمئنان إليها.
(ب) استئناف. "الطلبات في الاستئناف". حكم. "الحكم بما لم يطلبه الخصوم".
طلب المستأنف القضاء بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من رفض طلباته والحكم ببطلان عقد الصلح المصدق عليه في القضية... وما تضمنه هذا الصلح من بيع الأطيان المبنية بصحيفة افتتاح الدعوى. قضاء الحكم المطعون فيه ببطلان الصلح والبيع معاً. قضاء بما طلبه الخصوم.
(ج) إثبات. "طرق الإثبات". "البينة". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير أقوال الشهود". نقض "أسباب الطعن".
تقدير أقوال الشهود مما يستقل به قاضي الموضوع - سلطته في الأخذ بمعنى للشهادة تحتمله عبارتها دون معنى آخر ولو كان محتملاً. المنازعة في ذلك جدل موضوعي لا يقبل أمام محكمة النقض.
(د) أهلية. "عوارض الأهلية". "العته". حكم. "تسبيب الحكم". نقض "أسباب الطعن". بطلان. "بطلان التصرفات".
انتهاء الحكم إلى أن الطاعن كان على بينة من حالة العته لدى البائعة وقت التعاقد. كفاية هذه الدعامة وحدها لحمل قضائه ببطلان التصرف. النعي عليه فيما يتصل بشيوع حالة العته لدى البائعة. غير منتج.

------------------
1 - جرى قضاء هذه المحكمة على أن صورة الحكم المعلنة تعتبر في حكم الصورة المطابقة لأصله اعتباراً بأن كلتيهما يتوفر بها الاطمئنان، وهو ما يتحقق في الصورة المعلنة من قلم الكتاب. وإذ كان صورة الحكم المقدمة من الطاعن والمعلنة إليه من قلم الكتاب ليس فيها ما يوجب عدم الاطمئنان إليها. وكان المطعون ضده لم يقدم ما يثبت نقض هذه الصورة أو عدم مطابقتها لأصل الحكم المطعون فيه. فإن الدفع بعدم قبول الطعن يكون على غير أساس.
2 - إذا كان الثابت من الاطلاع على صحيفة الاستئناف المقدمة من الطاعن أن المطعون ضده الأول طلب في ختامها القضاء بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به - من رفض طلباته - والحكم ببطلان عقد الصلح المصدق عليه في القضية........ وما تضمنه هذا الصلح من بيع الأطيان المبينة بصحيفة افتتاح الدعوى وإجراءات هذا الصلح. وكانت هذه العبارة واضحة في أن طلب المستأنف ينصب على بطلان الصلح والبيع معاً، ولا تحمل معنى النزول عن طلب بطلان البيع السابق إبداؤه أمام محكمة الدرجة الأولى، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى ببطلان عقد البيع لا يكون مجاوزاً لطلبات المطعون ضده الأول.
3 - تقدير أقوال الشهود، واستخلاص الواقع منها مما يستقل به قاضي الموضوع، وله أن يأخذ بمعنى للشهادة تحتمله عباراتها دون معنى آخر ولو كان محتملاً، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل لا يقبل أمام محكمة النقض.
4 - إذا كان الحكم المطعون فيه قد انتهى في استدلال سائغ إلى أن الطاعن "المتصرف إليه" كان على بينة من حالة العته لدى البائعة وقت التعاقد، وكانت هذه الدعامة كافية بذاتها لحمل قضائه ببطلان التصرف، فإن النعي عليه فيما يتصل بشيوع حالة العته لدى البائعة يكون غير منتج.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده الأول بصفته أقام الدعوى رقم 336 سنة 63 مدني كلي المنصورة ضد الطاعن طالباً الحكم - في مواجهة المطعون ضدهما الأخيرين - ببطلان محضر الصلح في الدعوى رقم 661 سنة 62 المتضمن اعتماد عقد البيع الابتدائي الوارد على الأطيان المبينة بالصحيفة... مؤسساً دعواه على أن البائعة السيدة "وجيدة مصطفى وجدي" طاعنة في السن ومصابة بعته شائع وقد استغل فيها زوجها المطعون ضده الثاني هذه الحالة فاستصدر منها توكيلاً رسمياً باع بمقتضاه 28 فداناً إلى الطاعن بعقد مؤرخ 5 إبريل سنة 1962، وأقام الطاعن الدعوى رقم 661 سنة 62 كلي المنصورة بصحة ونفاذ هذا العقد، وانتهت هذه الدعوى بمحضر صلح مؤرخ 9 سبتمبر 1962 - صدقت عليه المحكمة - وفي هذه الأثناء كان المطعون ضده الأول قد تقدم بطلب لتوقيع الحجر على البائعة، وسجل هذا الطلب في 29 يوليو سنة 1962، وأصدرت محكمة القاهرة الابتدائية للأحوال الشخصية قرارها في 18 أكتوبر بتوقيع الحجر على البائعة وتعيين المطعون ضده الأول قيماً عليها، واستناداً لهذه الصفة أقام المطعون ضده الأول هذه الدعوى ببطلان محضر الصلح وعقد البيع الصادرين من المحجور عليها للعته. وفي أول ديسمبر سنة 1964 قضت المحكمة بإحالة الدعوى للتحقيق ليثبت المطعون ضده الأول أن حالة عته البائعة كانت شائعة ومعروفة وقت التعاقد الصادر من وكيلها المطعون ضده الثاني إلى الطاعن، وأن الطاعن كان يعلم بهذه الحالة وقت البيع، وبعد أن استمعت المحكمة لشهود الطرفين، قضت في 11 يناير سنة 1966 برفض الدعوى. استأنف المطعون ضده الأول هذا الحكم بالاستئناف رقم 42 سنة 18 ق المنصورة، ومحكمة استئناف المنصورة قضت في 10 ديسمبر سنة 1966 بإلغاء الحكم المستأنف والحكم في مواجهة المطعون ضده الثالث بصفته ببطلان الصلح المصدق عليه في الدعوى رقم 661 سنة 62 مدني كلي المنصورة والمتضمن اعتماد عقد البيع الابتدائي الوارد على الأطيان المبينة بصحيفة افتتاح الدعوى، وببطلان هذه العقد بكل ما جاء فيه. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وبالجلسة المحددة لنظره أصرت النيابة على هذا الرأي.
وحيث إن المطعون ضده الأول دفع بعدم قبول الطعن تأسيساً على أن الطاعن لم يقدم صورة رسمية ومطابقة للأصل من الحكم المطعون فيه، وإنما قدم صورة ناقصة وغير واضحة معلنة إليه من قلم الكتاب مما يجعل طعنه غير مقبول قانوناً.
وحيث إن هذا الدفع مردود بما جرى قضاء هذه المحكمة من أن صورة الحكم المعلنة تعتبر في حكم الصورة المطابقة لأصله اعتباراً بأن كلتيهما يتوفر بها الاطمئنان، وهو ما يتحقق في الصورة المعلنة من قلم الكتاب. وإذ كانت صورة الحكم المقدمة من الطاعن والمعلنة إليه من قلم الكتاب ليس فيها ما يوجب عدم الاطمئنان إليها، وكان المطعون ضده لم يقدم ما يثبت نقض هذه الصورة أو عدم مطابقتها لأصل الحكم المطعون فيه، فإن الدفع بعدم قبول الطعن يكون على غير أساس.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب ينعى الطاعن بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون. وفي بيان ذلك يقول إن الحكم المطعون فيه قضى برفض الدفع بسقوط الحق في استئناف الحكم الصادر من محكمة أول درجة في أول ديسمبر سنة 1964 لرفعه بعد الميعاد، تأسيساً على أن استئناف الحكم في موضوع الدعوى يستتبع حتماً استئناف الأحكام السابق صدورها فيها سواء كان قطعية أو متعلقة بالإثبات، وفات الحكم المطعون فيه أن الحكم الصادر في أول ديسمبر سنة 1964 قد تضمن في أسبابه قضاءً قطعياً في شق من الموضوع هو ثبوت أن التصرف الصادر للطاعن قد تم قبل تسجيل قرار الحجر في 29/ 7/ 1962، مما كان ينبغي استئنافه على استقلال فور صدوره، وإذ لم يتم استئناف هذا الحكم في الميعاد، فإن الدفع بسقوط الحق في استئنافه يكون صحيحاً، ويكون الحكم المطعون فيه - إذ قضى برفض هذا الدفع - قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود بأنه لما كان يبين من الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه برفض الدفع المبدى من الطاعن بسقوط الحق في استئناف الحكم الصادر من محكمة الدرجة الأولى في أول ديسمبر سنة 1964 على أن "المستأنف - المطعون ضده الأول - لم يقم استئنافه عن هذا الحكم، وإنما أقام استئنافه عن الحكم الصادر في 11 يناير سنة 1966، ومن ثم يكون دفع المستأنف ضده بعدم قبول استئناف الحكم الصادر في أول ديسمبر سنة 1964 لا يصادف محلاً، وكان الحكم المطعون فيه لم يتعرض لحكم أول ديسمبر سنة 1964 في هذا الخصوص أو ينقض ما جاء فيه، فإن النعي على ما أورده بعد ذلك على سبيل الاستطراد من أن استئناف الحكم الصادر في موضوع الدعوى يستتبع استئناف الأحكام السابق صدورها فيها، يكون - إن صح - غير منتج.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقضاء بما لم يطلبه الخصم. وفي بيان ذلك يقول إن المطعون ضده الأول طلب في صحيفة افتتاح الدعوى القضاء ببطلان الصلح الذي تم في الدعوى رقم 661 سنة 62 مدني كلي المتضمن اعتماد عقد البيع الابتدائي الوارد على الأطيان المبينة بالصحيفة وببطلان هذا العقد بكل ما جاء فيه، وقضت المحكمة الابتدائية برفض هذه الطلبات، فاستأنف المطعون ضده الأول هذا الحكم طالباً في صحيفة استئنافه الحكم ببطلان عقد الصلح وإجراءات الصلح دون أن يطلب بطلان عقد البيع، غير أن الحكم المطعون فيه قضى ببطلان الصلح وبطلان عقد البيع بكل ما جاء فيه، في حين أن طلب بطلان عقد البيع لم يرد في صحيفة الاستئناف، فيكون الحكم قد قضى بما لم يطلبه الخصم مخالفاً بذلك حجية الحكم الابتدائي الذي رفض طلب بطلان البيع وصار قضاؤه فيه نهائياً بعدم استئنافه.
وحيث إن هذا النعي مردود بأنه لما كان الثابت من الاطلاع على صحيفة الاستئناف المعلنة في 7 فبراير سنة 1966 والمقدمة من الطاعن أن المطعون ضده الأول طلب في ختامها القضاء بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به، والحكم ببطلان عقد الصلح المصدق عليه في القضية رقم 661 سنة 62 كلي المنصورة، وما تضمنه هذا الصلح من بيع الأطيان المبينة بصحيفة افتتاح الدعوى، وإجراءات هذا الصلح، وكانت هذه العبارة واضحة في أن طلب المستأنف ينصب على بطلان الصلح والبيع معاً، ولا تحمل معنى النزول عن طلب بطلان البيع السابق إبداؤه أمام محكمة الدرجة الأولى، فإن الحكم المطعون فيه - إذ قضى ببطلان عقد البيع لا يكون مجاوزاً لطلبات المطعون ضده الأول.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم المطعون فيه استدل على شيوع حالة العته لدى البائعة وعلم الطاعن بها بالإنذارين من المطعون ضده الأول إلى الطاعن وإلى مأمورية الشهر العقاري في 13 يونيه و11 يوليه سنة 1962، وبالتأشير بمضمون الإنذار الثاني على طلب الشهر رقم 587 سنة 1962، في حين أن هذين الإنذارين لاحقان على تاريخ التصرف الذي تم بالعقد المؤرخ 5 إبريل سنة 1962 بأكثر من شهرين، كما استدل الحكم بأقوال شهود الإثبات في حين أن الشاهد الأول قرر أنه لم يكن يقابل البائعة كما قرر الشاهد الثاني "عبد العزيز عمر" أن التعامل كان محصورا بين الطاعن والمطعون ضده الأول، وإذا كان هذا الشاهد قد قرر أنه شاهد الطاعن يقابل البائعة مرتين سنة 1955 أو 1956، فإن ذلك لا يعني أنه قابلها وقت صدور التصرف سنة 1962، كما أن المطعون ضده الأول قرر في صحيفة الدعوى أن البائعة أصيبت بعته شديد سنة 1961 أي قبل التصرف بسنة واحدة، وهذا يهدم ما قرره الشاهدان من أن حالة العته كانت سابقة على حصول التصرف بخمس سنوات، كما أن صدور توكيل رسمي من البائعة لزوجها في إبريل سنة 1962 ينفي حالة العته، لأن تعليمات الشهر العقاري تمنع التوثيق إذا بدا على المتصرف ما يشوب إرادته.
وحيث إن هذا النعي مردود في شقه الأول، بأنه لما كان الحكم الصادر من محكمة الدرجة الأولى في أول ديسمبر سنة 1964 والذي لم يستأنفه أي من الطرفين، قد انتهى إلى اعتبار تاريخ التصرف 22 يوليه سنة 1962 وهو تاريخ ثبوته في ورقة أخرى ثابتة التاريخ هي الطلب المقدم للشهر العقاري، ولم يعتد بالتاريخ الذي يحمله العقد الابتدائي وهو 5 إبريل سنة 1962، وكان البين من سياق الحكم المطعون فيه أنه التزم هذا القضاء، واستدل على علم الطاعن بحالة العته لدى البائعة في تاريخ التصرف بالإنذار الموجة إليه من المطعون ضده الأول في 13 يونيه سنة 1962 ثم بالإنذار الموجه من المطعون ضده الأول إلى الشهر العقاري في 11 يوليه سنة 1962 والمؤشر بمضمونه على طلب الشهر المقدم من الطاعن، وكلا الإنذارين سابق على تاريخ التصرف، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه من فساد الاستدلال يكون على غير أساس. كما أن النعي مردود في شقه الثاني بما استخلصه الحكم استخلاصاً سائغاً من أقوال الشهود من أن "المتصرفة أصيبت بالعته قبل صدور التصرف بما ينيف على خمس سنوات، وأنها كانت تتصرف بلا وعي حتى في أبسط شئونها الخاصة وكانت حالتها شائعة بين الناس ومنهم المستأنف ضده الأول (الطاعن) بحكم الصلات التي كانت تربطه بها وأسرتها ومنها صلة كونه مستأجراً لأرضها فضلاً عن كونه وكيلاً لوكيلها ويتردد على منزل الأسرة ويخالط المتصرفة وزوجها المستأنف ضده الثاني سواء بشأن الحساب أو الرغبة في إبرام التصرف محل الطعن"، وإذ كان تقدير أقوال الشهود، استخلاص الواقع منها مما يستقل به قاضي الموضوع، وله أن يأخذ بمعنى للشهادة تحتمله عباراتها دون معنى آخر ولو كان محتملاً، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل لا يقبل أمام محكمة النقض.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم المطعون فيه ذهب إلى أن شيوع حالة العته لدى البائعة لا يتطلب لثبوته أن يحصل بين أهالي الجهة التابع لها العقار بمقولة إن نص الفقرة الثانية من المادة 114 من القانون المدني لم يرد به مثل هذا القيد المكاني، وهذا الذي قرره الحكم المطعون فيه لا يتسق مع حكمة النص، ذلك أن شيوع حالة العته يرتبط ارتباطاً وثيقاً بتصرف المعتوه مما يقتضي أن يثبت هذا الشيوع في المنطقة التي بها العقار المتصرف فيه.
وحيث إن هذا النعي غير منتج، ذلك أن الحكم المطعون فيه، وقد انتهى في استدلال سائغ إلى أن الطاعن كان على بينة من حالة العته لدى البائعة وقت التعاقد على النحو المبين في الرد على السبب السابق، وكانت هذه الدعامة كافية بذاتها لحمل قضائه ببطلان التصرف، فإن النعي عليه فيما يتصل بشيوع حالة العته لدى البائعة يكون غير منتج.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.


(*) نقض 13/ 1/ 1955 مجموعة القواعد ي 25 سنة. بند/ 231. ص 1114

الطعن 56 لسنة 37 ق جلسة 7 / 12 / 1971 مكتب فني 22 ج 3 ق 164 ص 979

جلسة 7 من ديسمبر سنة 1971

برياسة السيد المستشار/ بطرس زغلول نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: عباس حلمي عبد الجواد، وإبراهيم علام، وأحمد ضياء الدين حنفي، وأحمد فتحي مرسي.

----------------

(164)
الطعن رقم 56 لسنة 37 القضائية

(أ) قطن. "تحديد المساحة التي تزرع قطناً" إيجار.
عدم تدخل المشرع في تحديد المساحة التي تزرع قطناً في سنة 1951 الزراعية أسوة بغيرها من السنوات التي صدرت في شأنها قوانين خاصة بالتحديد.
(ب) إيجار. حكم. "عيوب التدليل". "ما يعد قصوراً".
تضمين الحكم الابتدائي الذي أحال إليه الحكم المطعون فيه في بيان وقائع النزاع أن أجرة الفدان الذي يزرع قطناً هي 3 قناطير. وأن سعر القنطار هو 72.5 ريالاً. قضاء الحكم المطعون فيه في الدعوى على أساس أن أجرة الفدان الذي يزرع قطناً 45 جنيهاً دون بيان المصدر الذي استقى منه هذا السعر. قصور.

---------------
1 - إنه وإن كان المشرع قد تدخل في تحديد المساحة التي تزرع قطناً، وذلك بالنسبة لمجموع الأراضي التي في حيازة الزراعيين في السنوات المبينة بالقوانين الصادرة في هذا الشأن، مثل ذلك القانون رقم 61 لسنة 1941 بتحديد المساحة التي تزرع قطناً سنة 1941 - 1942 الزراعية، أو القانون رقم 203 لسنة 1952 بتحديد المساحة التي تزرع قطناً في السنوات 1952 - 1953، 1953 - 1954، 1954 - 1955 إلا أن المشرع في خصوص سنة 1951 الزراعية، والتي حصل التأجير عنها لم يتدخل في تحديد المساحات التي تزرع قطناً أسوة بالسنوات سالفة البيان أو غيرها مما صدرت في شأنها قوانين خاصة بالتحديد. وإذ كان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى أن المشرع قد تدخل في تحديد المساحة التي تزرع قطناً عن سنة 1951 الزراعية، ورتب على ذلك أن الاتفاق الوارد في عقد الإيجار سند الدعوى على زراعة 40% من العين المؤجرة قطناً يجب إنقاصه إلى مساحة قدرها 30% من العين المؤجرة، وقضى في الدعوى على هذا الأساس، فإنه يكون معيباً بالخطأ في تطبيق القانون.
2 - إذا كان الثابت من الحكم الابتدائي الذي أحال إليه الحكم المطعون فيه في بيان وقائع النزاع أن أجرة الفدان الذي يزرع قطناً هي ثلاثة قناطير وأن سعر القنطار من القطن 72.5 ريالاً وهو ما ورد في صحيفة استئناف المطعون عليهم - وكان الحكم المطعون فيه قد اعتبر أن أجرة الفدان الذي يزرع قطناً 45 جنيهاً، دون أن يبين المصدر الذي استقي منه هذا السعر، وقضى في الدعوى على أساس هذا التقدير، مما يعجز هذه المحكمة عن التقرير بصحة أو عدم صحة ذلك، فإنه يكون معيباً بالقصور.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المرحوم السيد عبد الحافظ عمرو - الذي توفى أثناء نظر الدعوى وعين الطاعن حارساً على تركته - طلب إلى رئيس محكمة الجيزة الابتدائية إصدار أمر بتوقيع الحجز التحفظي على ما يوجد بالعين المؤجرة منه إلى المطعون عليهما الأول والثاني والمرحوم عبد السميع علي حسين مورث جميع المطعون عليهم وفاء لمبلغ 6755 ج و700 م وتحديد جلسة لنظر الموضوع والحكم عليهم متضامنين بهذا المبلغ وبصحة إجراءات الحجز التحفظي، وقال بياناً لدعواه إن المدعى عليهم استأجروا منه بالتضامن فيما بينهم 402 ف و3 ط مبينة بعقد الإيجار المؤرخ 31/ 10/ 1951 عن السنة الزراعية 1668 قبطية المتداخلة في سنة 1951 الزراعية واتفق في العقد على ألا تقل المساحة التي تزرع قطناً عن 40% من العين المؤجرة وأن تحسب أجرتها بواقع 3 و3/ 4 قنطار عن كل فدان يزرع قطناً وأن تكون أجرة القدر الباقي 28 ج للفدان الواحد، وإذ قام المستأجرون بزراعة 200 ف قطناً وقد تأخروا عن وفاء الأجرة المطالب بها فقد تقدم المدعي بطلبه سالف البيان. أصدر رئيس محكمة الجيزة أمر بتوقيع الحجز التحفظي وبتحديد جلسة لنظر الموضوع، وقيدت الدعوى برقم 295 سنة 1952 مدني كلي الجيزة، وقد انتهت طلبات المدعي إلى إلزام المدعى عليهم متضامنين بمبلغ 3374 ج و500 م مع باقي الطلبات الأخرى، وبتاريخ 8/ 3/ 1953 قضت المحكمة بانقطاع سير الخصومة لوفاة المدعي، وقام الطاعن بصفته بتعجيلها ضد المطعون عليهما الأول والثاني وورثة المرحوم عبد السميع علي حسن مورث المطعون عليهم جميعاً، وبتاريخ 3/ 6/ 1964 قضت المحكمة بإلزام المطعون عليهما الأول والثاني متضامنين بصفتهما الشخصية، هما وباقي المطعون عليهم متضامنين بأن يدفعوا من تركة مورثهم المرحوم عبد السميع علي حسن للطاعن بصفته 3374 ج و500 م وصحة الحجز التحفظي. استأنف المطعون عليهم عدا الأخيرة هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة وقيد الاستئناف برقم 1511 سنة 81 قضائية، وبتاريخ أول ديسمبر سنة 1966 قضت المحكمة بتعديل الحكم المستأنف بالنسبة للمبلغ المقضى به وإلزام المستأنفين الأول والثاني (المطعون عليهما الأول والثاني) متضامنين بصفتهما الشخصية من مالهما الخاص هما وباقي المستأنفين وباقي المحكوم عليهم ابتدائياً ممن لم يستأنفوا الحكم متضامنين بأن يدفعوا للطاعن بصفته من تركة مورثهم المرحوم عبد السميع علي حسين مبلغ 708 ج. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وبالجلسة المحددة لنظره التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم ذهب إلى أن الأرض التي كان يجوز قانوناً زراعتها قطناً عن سنة 1951 الزراعية هي 30% من مساحة العين المؤجرة، ورتب الحكم على ذلك أن الاتفاق الوارد في عقد الإيجار أساس الدعوى على زراعة 40% على الأقل من مساحة العين المؤجرة قطناً بجيب استنزالها إلى 30% ومحاسبة المطعون عليهم عن أجرتها على هذا الأساس، ويقول الطاعن إنه لم يصدر قانون بتحديد المساحة التي كان يجوز زراعتها قطناً في سنة 1951 الزراعية، واستطرد الطاعن قائلاً بأنه اتفق في عقد الإيجار على أن تكون أجرة الفدان الذي يزرع قطناً 3 قناطير وأن المطعون عليهم الذي استأنفوا الحكم الابتدائي قرروا في صحيفة الاستئناف أن سعر القنطار 72.5 ريال، غير أن الحكم المطعون فيه اعتبر أن أجرة الفدان المنزرع قطناً مبلغ 45 ج، ولم يبين سنده في هذا التقدير مما يعيب الحكم بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن المشرع وإن كان قد تدخل لتحديد المساحة التي تزرع قطناً وذلك بالنسبة لمجموع الأراضي التي في حيازة الزراعيين في السنوات المبينة بالقوانين الصادرة في هذا الشأن مثل ذلك القانون رقم 61 سنة 1941 بتحديد المساحة التي تزرع قطناً سنة 1941 - 1942 الزراعية، أو القانون رقم 203 سنة 1952 بتحديد المساحة التي تزرع قطناً في السنوات 1952 - 1953، 1953 - 1954، 1954 - 1955 إلا أن المشرع في خصوص سنة 1951 الزراعية - والتي حصل التأجير عنها - لم يتدخل في تحديد المساحات التي تزرع قطناً أسوة بالسنوات سالفة البيان أو غيرها مما صدرت في شأنها قوانين خاصة بالتحديد، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى أن المشرع قد تدخل في تحديد المساحة التي تزرع قطنا عن سنة 1951 الزراعية، ورتب على ذلك أن الاتفاق الوارد في عقد الإيجار سند الدعوى على زراعة 40% من العين المؤجرة قطناً يجب إنقاصه إلى مساحة قدرها 30% من العين المؤجرة وقضى في الدعوى على هذا الأساس فإنه يكون معيباً بالخطأ في تطبيق القانون. وإذا كان الثابت من الحكم الابتدائي أن سعر القنطار من القطن 72.5 ريال وأن المطعون عليهم الذين استأنفوا الحكم الابتدائي قد أوردوا في صحيفة الاستئناف أن سعر القنطار من القطن 72.5 ريال، وكان الثابت من الحكم الابتدائي الذي أحال إليه الحكم المطعون فيه في بيان وقائع النزاع أن أجرة الفدان الذي يزرع قطناً هي 3 قناطير. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد اعتبر أن أجرة الفدان الذي يزرع قطناً 45 ج دون أن يبين المصدر الذي استقى منه هذا السعر وقضى في الدعوى على أساس هذا التقدير مما يعجز هذه المحكمة عن التقرير بصحة أو عدم صحة ذلك، فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بالقصور مما يقتضي نقضه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.