الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 14 يونيو 2023

الطعن 372 لسنة 28 ق جلسة 21 / 11 / 1963 مكتب فني 14 ج 3 ق 152 ص 1067

جلسة 21 من نوفمبر سنة 1963

برياسة السيد/ الحسيني العوضي نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمود توفيق إسماعيل، ولطفي علي، وصبري فرحات، وبطرس زغلول.

----------------

(152)
الطعن رقم 372 لسنة 28 القضائية

موظفون. "التزامات الموظف". "الالتزام بتنفيذ العمل". "اختراعات الموظف". عمل. "التزامات العامل". "الالتزام بتنفيذ العمل". "اختراعات العامل". حكم. "عيوب التدليل". "قصور". "ما يعد كذلك".
ما يكتشفه الموظف أو يهتدي إليه من اختراع أثناء أو بسبب قيامه بأعمال وظيفته ويكون داخلاً في نطاقها تملكه الدولة ولا يكون للموظف أي حق فيه. الأمر كذلك بالنسبة للعامل متى كانت طبيعة الأعمال التي تعهد بها العامل تتطلب منه إفراغ جهده في الكشف أو الاختراع وهيأت له ظروف العمل الوصول إلى ما اهتدى إليه من ذلك. إغفال الحكم بحث هذه القواعد ومدى العلاقة التي كانت تربط المطعون عليه بالشركة في فترة إعارته إليها ولا أثر البعثة الثانية التي أوفدته فيها المصلحة التابع لها على ما وصل إليه من اكتشاف. تعييب الحكم بالقصور.

---------------

مقتضى العلاقة التنظيمية التي تربط الموظف بالدولة أن ما يكتشفه أو يهتدي إليه من اختراع أثناء أو بسبب قيامه بأعمال وظيفته ويكون داخلاً في نطاق هذه الوظيفة تملكه الدولة دون الموظف الذي لا يكون له أي حق فيه. وهذا الذي تقتضيه علاقة الموظف بالدولة تقتضيه كذلك علاقة العامل برب العمل - على ما بين العلاقتين من تباين - وذلك إذا كانت طبيعة الأعمال التي تعهد بها العامل تتطلب منه إفراغ جهده في الكشف أو الاختراع وهيأت له ظروف العمل الوصول إلى ما اهتدى إليه من ذلك. وهذه القاعدة التي تستمد أساسها من أصول القانون العام قد قننها المشرع فيما يتعلق بالاختراعات بما نص عليه في المادة 281 من قانون موظفي الدولة رقم 210 لسنة 1951 والمادة 688/ 2 من القانون المدني. وإذ كان اكتشاف المطعون عليه معدن الكروميت أثناء إيفاده في بعثة على نفقة شركة كانت قد استعارته من الحكومة لا يؤدى وحده إلى أن يكون هو صاحب الحق في هذا الكشف، إذ لو كانت هذه البعثة أو فدت خصيصاً لهذا الكشف وكان استخدام المطعون عليه في تلك الفترة لهذا الغرض فإنه وفقاً للقواعد المتقدمة يكون الحق فيما اهتدت إليه البعثة من كشف للشركة دون المطعون عليه، وإذ غفل الحكم المطعون فيه عن القواعد المتقدمة ولم يعن ببحث العلاقة التي كانت تربط المطعون عليه بالشركة في فترة الإعارة على ضوء هذه القواعد ولا أثر البعثة الثانية التي أو فدته فيها المصلحة التابع لها على ما وصل إليه من اكتشاف فإن الحكم يكون معيباً بما يستوجب نقضه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وباقي الأوراق - في أن المطعون عليه الأول أقام ضد الطاعن بصفته والمطعون عليه الثاني الدعوى رقم 3005 سنة 1948 مدني كلي القاهرة طالباً إلزامهما متضامنين أن يدفعا له مبلغ 5000 ج والمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة ومصادرة الكتاب موضوع الدعوى، مقيماً دعواه على أنه استبان من دراساته لمنطقة البرامية في الصحراء الشرقية أنها منطقة غنية بالمعادن القيمة، وفي شهر مايو من سنة 1941 - وقد كان موظفاً في مصلحة المساحة الجيولوجية - أوفده بنك مصر إلى تلك المنطقة في رحلة استكشافية مدتها عشرة أيام كان خلالها في أجازه من عمله وخصمت الحكومة راتبه عنها فاستكشف أثناءها بالمنطقة معدن الكروميت وكان لاستكشافه هذا أثره في الأوساط العلمية ولما انتهت أجازته طلبت منه المصلحة التابع لها التقرير الذي أعده عن رحلته هذه فقدمه لها مبيناً فيه مواضع معدن الكروميت ونسبته رغم أنها لم تتكلف شيئاً من نفقات كشفه، وأنه على هدى من كشفه هذا عادت المصلحة التابع لها فأوفدته في بعثة حكومية لاستكمال البحث فواصلت بعثته الدراسية حتى منتصف مايو سنة 1943 حيث قدم للمصلحة تقريراً أولياً أوضح فيه ما بلغه من نتائج علمية باهرة وكشف فيه عن اتجاهات عروق معدن الكروميت وغير ذلك فأمرت المصلحة بطبع تقريره على نفقتها وأن الثابت من تقريريه أنه مكتشف معدن الكروميت في منطقة البرامية الذي لم يسبقه إليه غيره، ولكنه من بعد ذلك اطلع على نسخة باللغة الإنجليزية لكتاب عنوانه (جيولوجية منطقة مناجم البرامية) مؤلفه هو المطعون عليه الثاني ومطبوع بالمطبعة الأميرية سنة 1948 ويحمل اسم مصلحة المساحة الجيولوجية تضمنت مقدمته التي كتبها مدير المساحة أن موضوعه البحث عن الكروميت ورغم ذلك خلت من الإشارة إلى جهد الطاعن في كشف هذا المعدن كما حوي صلب الكتاب خريطة من رسمه وصورة شمسية لمواقع الكروميت منقولة من تقريره واقتباساً لبعض أفكاره، وأنه بذلك يكون المطعون عليه الثاني قد تعمد إغفال جهده واعتدى على ثمرة من ثمار فكره مما أضر بسمعته ضرراً يستوجب تعويضه يسأل عنه المطعون عليه المذكور ويضمنه فيه الطاعن باعتباره الذي سمح بطبع الكتاب، وقد تحصل دفاع المدعى عليهما في أن معدن الكروميت في صحراء مصر معروف من القدم فالمدعي لم يكتشفه وأنه في سنة 1941 تقدم أعرابي إلى قسم المساحة الجيولوجية بحجر استبان من فحصه أن به معدن الكروميت فلما علم كنهه قصد إلى شركة مصر للمناجم والمحاجر وأرشدها عن مكانه لقاء أجر فاستصدرت من الحكومة ترخيصاً بالبحث عن الكروميت فلما كان شهر إبريل سنة 1942 طلبت من مراقب عام المصلحة ندب المدعي للعمل لديها لمعانية وتحديد مواقع الكروميت على أن تتحمل راتبه ومصاريفه فندب لها لمدة استغرقت ستة أيام ولما عاد قدم للمصلحة تقريراً تولت طبعه فأصبح بذلك ملكاً للدولة وأنه في سنة 1943 أو فدت المصلحة ذاتها المدعي في رحلة ثانية إلى نفس المنطقة فلما عاد قدم تقريراً ثانياً عام العبارة خلوا من بيان مواقع الكروميت لا يمت إلى الجيولوجيا بسبب، فلما استبان مدير المصلحة عدم جدواه أوفد بعثة أخرى لدراسة المنطقة فمسحتها وعينت مواقع المعدن فيها وكتب المطعون عليه الثاني - وهو أحد أعضائها - تقريراً بعلمها طبعته المصلحة في المطبعة الأميرية وهو تقرير جديد في كافة نواحيه مقطوع الصلة بسابقيه، وبتاريخ 29 مايو سنة 1956 حكمت المحكمة الابتدائية بإلزام الطاعن بصفته والمطعون عليه الثاني أن يدفعا للمطعون عليه الأول مبلغ 500 ج والمصاريف وبمصادرة الكتب موضوع الدعوى، فاستأنف المطعون عليه الثاني هذا القضاء بالاستئناف رقم 871 سنة 73 ق القاهرة كما استأنفه الطاعن بصفته بالاستئناف رقم 797 سنة 73 ق القاهرة وبتاريخ 30 من أكتوبر سنة 1958 قضت محكمة الاستئناف برفض الاستئنافين موضوعاً وبتأييد الحكم المستأنف، وبتقرير تاريخه 31 من ديسمبر سنة 1958 قرر الطاعن بالطعن بالنقض في هذا الحكم وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بطلب إحالة الطعن إلى هذه الدائرة لتقرير مبدأ والقضاء في موضوع الطعن برفضه وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت بجلسة أول أكتوبر سنة 1961 إحالته إلى هذه الدائرة، وبعد استيفاء الإجراءات التالية لقرار الإحالة حدد لنظر الطعن جلسة 3 من أكتوبر سنة 1963 وفيها صممت النيابة على رأيها السابق.
ومن حيث إنه مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة للقانون، وفي بيان ذلك يقول الطاعن إن الحكم المطعون فيه نظر إلى المطعون عليه الأول نظرته إلى فرد حر مستقل يعمل لحساب نفسه مقطوع الصلة بالوظيفة العامة التي يتولاها مع أن المطعون عليه الأول عندما وضع تقريريه كان موظفاً في الحكومة - باحثاً جيولوجياً - ومهمته البحث عن المعادن لحساب المرفق العام الموظف فيه فإذا أسفر بحثه عن كشف فإن هذا الكشف وما يتعلق به من تقارير يكون من حق هذا المرفق ولا يكون للمطعون عليه الأول أي حق فيه ذلك أن الموظف إذا ما عين في الوظيفة العامة وتسلم عمله فيها تجرد عند قيامه بهذا العمل من ذاتيته الخاصة وأصبح قائماً بتكليف عليه للوظيفة فيكرس مجهوده الذهني لهذا التكليف وأن كل ما ينتجه من عمل في نطاق تكليفه يصبح ملكاً للدولة ولا حق له عليه إطلاقاً، وأنه لا يغير من ذلك أن المطعون عليه الأول عندما أوفد إلى منطقة البرامية في سنة 1942 وكان منتدباً للعمل في شركة مصر للمناجم والمحاجر إذ ندبه هذا لا يقطع صلته بوظيفته الأصلية أو بالمرفق التابع له بل يبقى رغمه في وظيفته يعمل لحسابها غاية ما هناك أن للشركة أن تستفيد من خبرته وعمله وفنه مدة ندبه، ولما كان الحكم المطعون فيه قد أسس قضاءه على أن المطعون عليه الأول صاحب الحق في الكشف عن معدن الكروم وإن له حق المؤلف على التقريرين اللذين وضعهما عن هذا الكشف فإنه يكون مخالفاً للقانون.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه بأحقية المطعون عليه الأول للتعويض على نظر حاصله أنه وهو المكتشف لمعدن الكروميت يعتبر قانوناً صاحب الاكتشاف دون الدولة وأن ما ورد بالتقريرين المقدمين منه من معلومات وبيانات يكون ملكاً خالصاً له وأن حقه عليهما لم ينتقل للدولة إذ أن انتقال الحق لا يكون بتعاقد صريح أو ضمني موضوعه الانتقال ذاته وأن قبضه الراتب من الحكومة أو قبوله التكليف الموجه له للعمل في مجال الاكتشاف لا يعتبر تعاقداً على انتقال الحق للدولة - وأن البعثة الأولى التي أوفد فيها كانت على نفقة شركة مصر للمناجم والمحاجر وليس على نفقة الحكومة، ولما كان مقتضى العلاقة التنظيمية التي تربط الموظف بالدولة أن ما يكتشفه الموظف من اكتشاف أو يهتدي إليه من اختراع أثناء أو بسبب قيامه بأعمال وظيفته ويكون داخلاً في نطاق هذه الوظيفة تملكه الدولة من دون الموظف الذي لا يكون له أي حق فيه وهذه القاعدة التي تستمد أساسها من أصول القانون العام قد قننها المشرع فيما يتعلق بالاختراعات بما نص عليه في المادة 281 من قانون موظفي الدولة رقم 210 سنة 1951 من أنه "تكون الاختراعات التي يبتكرها الموظف أثناء تأدية وظيفته أو بسببها ملكاً للدولة إذا كان الاختراع داخلاً في نطاق واجبات الوظيفة" وهذا الذي تقتضيه علاقة الموظف بالدولة تقتضيه كذلك علاقة العامل برب العمل - على ما يبين العلاقتين من تباين - وذلك إذا كانت طبيعة الأعمال التي تعهد بها العامل تتطلب منه إفراغ جهده في الكشف أو الاختراع وهيأت له ظروف العمل الوصول إلى ما اهتدى إليه من ذلك وقد قنن المشرع هذه القاعدة المقررة فنص في المادة 688/ 2 منه على أن "ما يستنبطه العامل من اختراعات في أثناء عمله يكون من حق رب العمل إذا كانت طبيعة الأعمال التي تعهد بها العامل تقتضي منه إفراغ جهده في الابتداع أو إذا كان رب العمل قد اشترط في العقد صراحة أن يكون له الحق فيما يهتدي إليه من المخترعات" لما كان ذلك، وكان اكتشاف المطعون عليه الأول معدن الكروميت أثناء إيفاده في بعثة على نفقة شركة مصر للمناجم والمحاجر لا يؤدي وحده إلى أن يكون صاحب الحق في هذا الكشف إذ لو كانت هذه البعثة أوفدت خصيصاً لهذا الكشف وكان استخدام المطعون عليه في تلك الفترة لهذا الغرض فإنه وفقاً للقواعد المتقدمة يكون الحق فيما اهتدت إليه البعثة من كشف لشركة مصر دون المطعون عليه ولما كان الحكم المطعون فيه قد غفل عن القواعد المتقدمة ولم يعن ببحث العلاقة التي كانت تربط المطعون عليه بشركة مصر في فترة الإعارة على ضوء هذه القواعد ولا أثر البعثة الثانية التي أوفدته فيها المصلحة التابع لها على ما وصل إليه من اكتشاف فإن الحكم يكون معيباً بما يستوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.

الطعن 2946 لسنة 41 ق جلسة 4 / 4 / 1999 إدارية عليا مكتب فني 44 ق 49 ص 521

جلسة 4 من إبريل سنة 1999

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ رأفت محمد السيد يوسف - نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة المستشارين: منصور حسن علي غربي، وعبد الباري محمد شكري، وسمير إبراهيم البسيوني، وأحمد عبد الحليم أحمد صقر - نواب رئيس مجلس الدولة.

----------------

(49)

الطعن رقم 2946 لسنة 41 قضائية عليا

اختصاص - ما يدخل في اختصاص المحاكم التأديبية - المنازعات الخاصة بالمرشدين بميناء الإسكندرية.
المواد أرقام 10، 15 من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972.
القانون رقم 26 لسنة 1989 في شأن تنظيم الإرشاد بميناء الإسكندرية والدخيلة.
والمادة رقم 74 من لائحة المرشدين بالهيئة العامة لميناء الإسكندرية الصادرة بقرار مجلس إدارة الهيئة رقم 513/ 1992.
المشرع عند تنظيمه لنشاط الإرشاد بميناء الإسكندرية قد راعى اعتماد هذا النشاط على عناصر ذات خبرة متميزة، ومن ثم أحاط القائمين به من المرشدين بعناية خاصة فقرر أن يكون تعيين هؤلاء المرشدين وتحديد مرتباتهم وبدلاتهم ومكافآتهم وكذا سائر أوضاعهم الوظيفية الداخلة في هذا النطاق وفقاً للقواعد التي تصدر بها لائحة من مجلس إدارة الهيئة المذكورة وذلك دون التقيد بالنظم والقواعد الحكومية.
الولاية العامة لتأديب العاملين بالجهاز الإداري للدولة من وزارات الحكومة ومصالحها والعاملين بالهيئات العامة معقودة للمحاكم التأديبية بمجلس الدولة وبالتالي لا يجوز نقل هذا الاختصاص في التأديب لأي جهة أخرى ما لم ينص على ذلك صراحة قانون يقضي بالخروج على هذا الأصل.
من غير المقبول أو المستساغ القول بأن عبارة سائر أوضاعهم الوظيفية الواردة في نص المادة (4) من قانون تنظيم الإرشاد بميناء الإسكندرية تصلح سنداً لاعتبار الاختصاص في التأديب يدخل في نطاقها لأن نطاق التأديب والولاية فيه يخرج تماماً عن نطاق الأوضاع الوظيفية المتعلقة بالتعيين والنقل وتحديد المرتبات والمكافآت وما يماثلها فضلاً عن أن الخروج عن النصوص التي أوردها قانون مجلس الدولة في شأن تأديب العاملين بالجهاز الإداري للدولة والعاملين بالهيئات العامة، يتعين أن يكون بموجب نص قانون يقضي بذلك صراحة - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الاثنين الموافق 8/ 5/ 1995 أودع الأستاذ/ ..... المحامي بصفته وكيلاً عن الطاعن السيد/ ..... قلم كتاب هذه المحكمة تقرير طعن قيد برقم 2946 لسنة 41 ق. عليا في القرار التأديبي الصادر من مجلس تأديب المرشدين بالهيئة العامة لميناء الإسكندرية بجلسة 13/ 4/ 1995 والقاضي برفض طلب الرد ورفض الدفع بعدم دستورية المادة (74) من لائحة المرشدين الصادرة بالقرار رقم 513 لسنة 1992 وبمجازاة الطاعن بإحالته إلى المعاش.
وطلب الطاعن - للأسباب المبينة بتقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً وعدم دستورية تشكيل مجلس التأديب الذي جرت إجراءات محاكمته أمامه وبطلان إجراءات المحاكمة وما ترتب عليها من آثار، وإلغاء القرار التأديبي المطعون فيه والقاضي بإحالته إلى المعاش.
وقد أعلن تقرير الطعن إلى المطعون ضدهما على النحو المبين بالأوراق.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه للأسباب المبينة به - الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بتعديل قرار مجلس التأديب المطعون فيه والقاضي بإحالة الطاعن إلى المعاش ومجازاته مجدداً بعقوبة اللوم مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وقد تحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة جلسة 12/ 2/ 1997 وبجلسة 26/ 5/ 1998 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا "الدائرة الخامسة" وحددت لنظره جلسة 12/ 7/ 1998، وبجلسة 13/ 12/ 1998 قررت المحكمة حجز الطعن للحكم فيه بجلسة 28/ 3/ 1999 ولما كان هذا التاريخ قد صادف عطلة عيد الأضحى المبارك فقد تقرر مد أجل النطق بالحكم لجلسة 4/ 4/ 1999، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى سائر أوضاعه الشكلية المقررة قانوناً، ومن ثم فإنه يكون مقبولاً شكلاً.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الأوراق - في أن رئيس مجلس إدارة هيئة ميناء الإسكندرية أصدر عدة قرارات بإحالة السيد/ ........ (كبير المرشدين بالهيئة المذكورة) إلى مجلس تأديب المرشدين بالهيئة لأنه لم يؤد العمل المنوط به ولم يحافظ على أموال الهيئة التي يعمل بها وخالف القواعد والأحكام المالية بما كان من شأنه الإضرار بمصلحة الهيئة وكذا اتباعه طرقاً غير قانونية بإرسال صورة من مذكرته المؤرخة 28/ 4/ 1991 بشأن عدم استيعاب عمق الرصيف رقم 37 بميناء الإسكندرية لغاطس أحد السفن إلى نائب رئيس مجلس الإدارة عن طريق الإرشاد وكذا الجهات الرئاسية دون اتباع التسلسل الرئاسي المتبع في هذا الشأن كما ضمن مذكرته المؤرخة 15/ 7/ 1991 والمقدمة للشئون القانونية بالهيئة خلال التحقيق معه - ألفاظاً غير لائقة في حق رئيس الإدارة المركزية للحركة، وتعديه على الربان/ ........ بعبارات غير لائقة وذلك أثناء العمل وانقطاعه عن العمل خلال المدة من 11/ 2/ 1993 حتى 13/ 2/ 1993 دون مسوغ قانوني ورفض تسلم قرار تكليفه بالعمل كمساعد لرئيس مجموعة المرشدين أو التوقيع بالعلم عليها وقيامه بإرشاد السفينتين جونيل وسلفر ستار دون استيفاء البيانات اللازمة في هذا الشأن وقيامه بأذون صرف دون بها أنه استخدم قاطرتين أثناء إرشاده للسفينة الروسية كابتن كاراساف على غير الحقيقة وتوجه للسفينة الأمريكية امسترونج فرجينيا دون تعليمات واستمراره عليها بدون مبرر، وفوت على الهيئة الرسوم المستحقة على السفينة لوبتيست على الرصيف لليوم التالي وإهماله عمداً تشغيل قاطرة إضافية على تراكي سفينة إسرائيلية مما ترتب عليه ضياع مبلغ 500 دولار أمريكي على الهيئة وشرع في مخالفة توزيع العمل بإدارة الخدمات البحرية بالهيئة بقصد عرقلة العمل وتعدي بالقول على المقدم بحري/ ........... بعبارات تشكل إهانة له كما نسب إليه حصوله من ربان السفينة/ ...... على عدد (6) كراتين سجائر وسلسلة لاشنج خاصة بتلك السفينة مقابل السماح لها بالتراكي.
وبجلسة 13/ 4/ 1995 أصدر مجلس تأديب المرشدين بالهيئة العامة لميناء الإسكندرية القرار المطعون فيه والقاضي: -
أولاً: - برفض طلب الرد، ورفض الدفع بعدم دستورية المادة (74) من لائحة المرشدين الصادرة بالقرار رقم 513 لسنة 1992.
ثانياً: بمجازاة المحال/ ...... كبير المرشدين بهيئة ميناء الإسكندرية بإحالته إلى المعاش.
وقد أقام مجلس التأديب قضاءه على أنه بالنسبة لطلب رد رئيس مجلس التأديب (نائب رئيس الهيئة) فإن مجالس التأديب وإن كانت قد اعتبرت بمثابة محاكم تأديبية إلا أنها في واقع الأمر ليست كذلك لأن أعضاء مجلس التأديب ليسوا قضاة ومؤدى ذلك عدم خضوع أعضاء مجلس التأديب لما يخضع له القضاة من قواعد قررتها القوانين في شأن عدم صلاحية القاضي وتنحيته ورده ولا يخل ذلك بحق صاحب الشأن أن يطلب تنحية رئيس مجلس التأديب أو أحد أعضائه إذا قامت لديه الأسباب الجدية المبررة لذلك، فإذا رفض مجلس التأديب طلب التنحية لأحد أعضائه بناءً على أسباب صحيحة فله أن يستمر في إجراءات المحاكمة.
أما بالنسبة للدفع بعدم دستورية المادة رقم (74) من لائحة المرشدين الصادرة بالقرار رقم 513 لسنة 1992، فإن المادة (4) من القانون رقم 26 لسنة 1989 في شأن تنظيم الإرشاد بمينائي الإسكندرية والدخيلة تنص على أن يكون تعيين المرشدين وتحديد مرتباتهم وبدلاتهم ومكافآتهم وسائر أوضاعهم الوظيفية وفقاً للقواعد التي تصدر بها لائحة من مجلس إدارة الهيئة وذلك دون التقيد بالقواعد والنظم الحكومية، وتنفيذاً لهذا النص صدر قرار مجلس إدارة هيئة ميناء الإسكندرية رقم 513 لسنة 1992 ونصت المادة 74 من هذا القرار على تشكيل مجلس التأديب وتحديد اختصاصاته وذلك استناداً لعبارة "وسائر أوضاعهم الوظيفية" المشار إليها في المادة (4) من القانون رقم 26 لسنة 1989 المشار إليه ومن ثم ينعقد الاختصاص لمجلس التأديب بنظر جميع المخالفات المحالة إليه والتي تتعلق بالمرشدين وتكون له الولاية دون سواه بالفصل في المسائل التي تعرض عليه، ولا وجه للقول بأن للنيابة الإدارية أن تقيم الدعوى بعد التحقيق أمام المحكمة التأديبية لأنه لا ولاية لهذه المحاكم على المرشدين بالهيئة العامة لميناء الإسكندرية واستشهد على صحة ذلك بالحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 155 لسنة 33 ق. بجلسة 28/ 11/ 1987 (وكان في شأن مجالس تأديب العاملين من غير أعضاء هيئة التدريس بالجامعات التي نظمها قانون الجامعات رقم 49 لسنة 1972 (المادة 165 من هذا القانون). وقد انتهى مجلس التأديب إلى ثبوت المخالفات المنسوبة إلى المحال في حقه وبالتالي إلى عدم صلاحيته في الاستمرار في عمله والقضاء بإحالته إلى المعاش.
ومن حيث إن الطعن في القرار التأديبي المطعون فيه استند أولاً إلى عدم دستورية إجراءات المحاكمة لمخالفة نص المادة 74 من لائحة المرشدين الصادرة بالقرار رقم 513 لسنة 1992 لأن المادة (4) من القانون رقم 26 لسنة 1989 تنص على أن يكون تعيين المرشدين وتحديد مرتباتهم وبدلاتهم ومكافآتهم وسائر أوضاعهم الوظيفية وفقاً للقواعد التي تصدر بها لائحة من مجلس إدارة الهيئة دون التقيد بالقواعد الحكومية وجاء النص واضحاً عن أوضاع على سبيل الحصر دون غيرها ولم تتعرض المادة إلى التأديب والمحاكمة كما أنه شابت إجراءات المحاكمة الإخلال بحق الدفاع وخلل في الإجراءات أدى إلى خطأ في تطبيق القانون فضلاً عن وجود خلافات بين الطاعن ورئيس مجلس التأديب وعضويه الآخرين فضلاً عن تجهيل أوامر التكليف بالحضور وتعذر اطلاعه على إجراءات وقرارات مجلس التأديب وثبوت عدم توافر أي دليل على التهم المنسوبة إليه وأخيراً عدم تناسب العقوبة مع المخالفات حتى مع افتراض صحتها.
ومن حيث إنه عن الدفع المبدي من الطاعن بعدم دستورية نص المادة 74 من لائحة المرشدين بالهيئة العامة لميناء الإسكندرية الصادرة بقرار مجلس إدارة الهيئة رقم 513 لسنة 1992 والذي سبق له تقدمه به أيضاً لمجلس تأديب المرشدين بالهيئة إبان محاكمته أمامه فإن القانون رقم 26 لسنة 1989 في شأن تنظيم الإرشاد بمينائي الإسكندرية والدخيلة يقضي في المادة الرابعة منه على أن يكون تعيين المرشدين وتحديد مرتباتهم وبدلاتهم ومكافآتهم وسائر أوضاعهم الوظيفية وفقاً للقواعد التي تصدر بها لائحة من مجلس إدارة الهيئة وذلك دون التقيد بالنظم والقواعد الحكومية.
ويبين من استقراء هذا النص أن المشرع عند تنظيمه لنشاط الإرشاد بميناء الإسكندرية قد راعى اعتماد هذا النشاط على عناصر ذات خبرة متميزة ومن ثم أحاط القائمين به من مرشدين بعناية خاصة فقرر أن يكون تعيين هؤلاء المرشدين وتحديد مرتباتهم وبدلاتهم ومكافآتهم وكذا سائر أوضاعهم الوظيفية الداخلة في هذا النطاق وفقاً للقواعد التي تصدر بها لائحة من مجلس إدارة الهيئة المذكورة وذلك دون التقيد بالنظم والقواعد الحكومية وقد ورد هذا النص مماثلاً لكثير من النصوص التي تضمنتها قوانين منظمة لهيئات أو أجهزة رؤى في شأنها إحاطة قواعد التعيين وتحديد المرتبات والبدلات والمكافآت وسائر الأوضاع الوظيفية المتعلقة بها بمعاملة خاصة دون التقيد بالنظم والقواعد الحكومية.
ومن حيث إن دستور جمهورية مصر العربية ينص في المادة (172) منه على أن مجلس الدولة هيئة قضائية مستقلة ويختص بالفصل في المنازعات الإدارية وفي الدعاوى التأديبية ويحدد القانون اختصاصاته الأخرى.
وإعمالاً للنص الدستوري المشار إليه صدر القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة ونصت المادة العاشرة من هذا القانون على أن تختص محاكم مجلس الدولة دون غيرها بالفصل في المسائل الآتية: -
( أولاً )..... (ثاني عشر) الدعاوى التأديبية المنصوص عليها في هذا القانون وتنص المادة (15) من ذات القانون (في شأن اختصاص المحاكم التأديبية) على أن تختص المحاكم التأديبية بنظر الدعاوى التأديبية عن المخالفات المالية والإدارية التي تقع من العاملين المدنيين بالجهاز الإداري للدولة في وزارات الحكومة ومصالحها ووحدات الحكم المحلي والعاملين بالهيئات العامة والمؤسسات العامة وما يتبعها من وحدات.
ومن ثم فإن الولاية العامة لتأديب العاملين بالجهاز الإداري للدولة في وزارات الحكومة ومصالحها والعاملين بالهيئات العامة هذه الولاية معقودة للمحاكم التأديبية بمجلس الدولة وبالتالي لا يجوز نقل هذا الاختصاص في التأديب لأي جهة أخرى ما لم ينص على ذلك صراحة قانون يقضي بالخروج على هذا الأصل أي بموجب أداة تشريعية توازي الأداة التشريعية التي قصرت حق مباشرة ولاية التأديب على المحاكم التأديبية بمجلس الدولة وهو ما جرى عليه العمل عندما اتجهت إرادة المشرع إلى تقرير نظام تأديبي بمنأى عن الولاية العامة في التأديب فنص على ذلك صراحة بموجب قانون ومن غير المقبول أو المستساغ القول بأن عبارة سائر أوضاعهم الوظيفية الواردة في نص المادة (4) من القانون رقم 26 لسنة 1989 في شأن تنظيم الإرشاد بميناء الإسكندرية سالف الذكر تصلح سنداً لاعتبار الاختصاص في التأديب يدخل في نطاق عبارة سائر الأوضاع الوظيفية لأن نطاق التأديب والولاية فيه يخرج تماماً عن نطاق الأوضاع الوظيفية المتعلقة بالتعيين والنقل وتحديد المرتبات والمكافآت وما يماثلها فضلاً عن أنه كما سبق أن أشرنا فإن الخروج عن النصوص التي أوردها قانون مجلس الدولة في شأن تأديب العاملين بالجهاز الإداري للدولة والعاملين بالهيئات العامة - ومنها الهيئة العامة لمينائي الإسكندرية والدخيلة - يتعين أن يكون بموجب نص قانون يقضي بذلك صراحة.
ولا ينال من ذلك ما استشهد به القرار التأديبي المطعون فيه بما جاء في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 155 لسنة 33 قضائية الصادر بجلسة 28 من شهر نوفمبر سنة 1987 من أنه يجوز أن يكون هناك نظام تأديبي خاص خارج ولاية المحاكم التأديبية بمجلس الدولة وذلك لأن هذا الحكم تناول حالة مجالس تأديب العاملين بالجامعات من غير أعضاء هيئة التدريس وكان بيانه واضحاً في هذا الشأن إذ أشار إلى أن المشرع أفرد للعاملين بالجامعات من غير أعضاء هيئة التدريس نظاماً تأديبياً خاصاً بموجب نص المادة 163 وما بعدها من القانون رقم 49 لسنة 1972 في شأن تنظيم الجامعات، ومن مقتضى نصوص هذا القانون خرجت ولاية تأديب هؤلاء العاملين من الولاية الأصلية للتأديب والمعقودة للمحاكم التأديبية وآلت إلى مجالس التأديب التي نص على تشكيلها قانون الجامعات وهو أمر جائز طالما كان ذلك بموجب قانون قضى بذلك صراحة دون لبس أو إبهام.
ومن حيث إنه لما تقدم ولما كان إنشاء مجلس تأديب المرشدين بالهيئة العامة لميناء الإسكندرية قد تقرر بمقتضى قرار مجلس إدارة الهيئة رقم 513 لسنة 1992 بإصدار لائحة المرشدين ودون أن ينص على ذلك صراحة بموجب أداة تشريعية تملك ذلك (أي بموجب قانون) ومن ثم يكون تشكيل مجلس التأديب المذكور بقرار من مجلس إدارة الهيئة العامة لميناء الإسكندرية قد جاء دون سند من القانون مشوباً بالبطلان وتكون جميع إجراءات المحاكمة والقرارات التأديبية الصادرة منه بالتالي باطلة مما يتعين معه القضاء بإلغاء القرار التأديبي المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة: بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء القرار التأديبي المطعون فيه بإحالة الطاعن إلى المعاش، مع ما يترتب على ذلك من آثار.

الطعن 4084 لسنة 40 ق جلسة 4 / 4 / 1999 إدارية عليا مكتب فني 44 ق 48 ص 511

جلسة 4 من إبريل سنة 1999

برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور/ محمد جودت أحمد الملط - رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة المستشارين: جودة عبد المقصود فرحات، وسعيد أحمد محمد حسين برغش، وسامي أحمد محمد الصباغ، وأحمد عبد العزيز أبو العزم - نواب رئيس مجلس الدولة.

-----------------

(48)

الطعن رقم 4084 لسنة 40 قضائية عليا

أملاك الدولة العامة - تعريفها - أساليب تخصيص المال للمنفعة العامة.
المادة (87) من القانون المدني معدلة بالقانون رقم 331 لسنة 1954.
إن الطرق والشوارع والترع والقناطر والجسور وغيرها من الأموال المخصصة للمنفعة العامة، أي المخصصة لاستعمال الجمهور تعتبر أملاكاً عامة - تكون هذه الأشياء مخصصة للمنفعة العامة إما بموجب أداة قانونية مما أورده النص وهذا هو التخصيص الرسمي للمنفعة العامة بأداة قانونية من السلطة المختصة، أو بموجب التخصيص الفعلي، بأن يكون الطريق أو القنطرة أو الجسر أو الترعة مخصصاً للاستعمال العام بالفعل أي مطروقاً يمر فيه الناس ووسائل النقل دون تحديد أو تخصيص من فترة زمنية طويلة كافية لاستقرار تخصيصه بالفعل للنفع العام - يثبت ذلك من المظاهر الواقعية للتخصيص للنفع العام، ولا يشترط لاعتبار شيء من ذلك مخصصاً للنفع العام ووجود مصلحة تنظيم في الجهة التي يوجد بها الطريق أو الجسر أو القنطرة - كما لا يشترط أن يتم الصرف على شيء منها بمعرفة الحكومة - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الأحد الموافق 21/ 8/ 1994 أودعت هيئة قضايا الدولة نائبة عن الطاعنين قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن قيد بجدولها تحت رقم 4084 لسنة 40 ق. ع في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بأسيوط في الدعوى رقم 259 لسنة 2 ق. بجلسة 29/ 6/ 1994 والقاضي بإلغاء القرار المطعون فيه رقم 42 لسنة 1990 مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وطلب الطاعن - للأسباب الواردة بتقرير الطعن - قبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء برفض الدعوى مع إلزام المطعون ضدهم المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وقد أعلن تقرير الطعن إلى المطعون ضدهم على النحو المبين بالأوراق، وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً رأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً مع إلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وتحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 20/ 7/ 1998، وبجلسة 21/ 12/ 1998 قررت إحالته إلى هذه المحكمة التي نظرته على النحو الثابت بمحاضر الجلسات حتى قررت إصدار الحكم في الطعن بجلسة اليوم، وبها صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه المقررة.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص حسبما يبين من الأوراق في أن المطعون ضدهم أقاموا الدعوى رقم 259 لسنة 2 ق. بإيداع صحيفتها قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بأسيوط بتاريخ 17/ 12/ 1990 طلبوا في ختامها الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء قرار رئيس الوحدة المحلية لمركز ومدينة البلينا محافظة سوهاج رقم 42 لسنة 1990 الصادر بتاريخ 9/ 12/ 1990 فيما تضمنه من إزالة المبنى الخاص بهم، مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام جهة الإدارة المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وقالوا شرحاً للدعوى إنهم يمتلكون ويضعون اليد على أربعة قراريط وأربعة أسهم بحوض داير الناحية نمرة 6 قطعة رقم 58 بناحية بني جميل مركز البلينا وأقاموا على هذه المساحة مضيفة لعائلتهم، إلا أنهم فوجئوا بتاريخ 9/ 12/ 1990 بصدور قرار اللجنة الهندسية الخاصة رقم 42 لسنة 1990 بإزالة التعديات على أرض الدولة الحاصلة منهم على شارع حرم السكن قطعة رقم 61 حوض داير الناحية بزمام ناحية بني جميل في جزء من المضيفة فتظلموا من القرار دون جدوى، ونعى المدعون على القرار مخالفته لصحيح الواقع والقانون ذلك أن الثابت بالمستندات الرسمية القاطعة وهي الكشوف الرسمية والعقد المسجل أن هذه المساحة المقام عليها هذه المضيفة والتي صدر بشأنها القرار المطعون فيه مملوكة ملكية خاصة لهم، كذلك فإن القرار المطعون فيه صدر لتصفية حسابات بين المرشحين لعضوية مجلس الشعب في انتخابات عام 1990 ومن ثم فالقرار مشوب بالتعسف في استعمال السلطة، ومن ثم فإن القرار المطعون فيه صدر خالياً من ركن السبب مجحفاً بحقوق المطعون ضدهم جديراً بالإلغاء فضلاً عن حرمانهم من استغلال ملكهم الخاص وتشريد عائلة بأسرها.
وبجلسة 29/ 6/ 1994 صدر الحكم المطعون فيه وقضى بإلغاء القرار المطعون فيه رقم 42 لسنة 1990 مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات. وأقامت المحكمة قضاءها على أن الثابت من أوراق الدعوى أنه بتاريخ 9/ 12/ 1990 حررت الإدارة الهندسية بالوحدة المحلية لمركز ومدينة البلينا مذكرة تضمنت تعدي المدعين على أرض الدولة بشارع حرم السكن (61) حوض داير الناحية (6) بناحية بني جميل وذلك بإضافة جزء من الشارع إلى المضيفة الخاصة بهم فأصدر رئيس الوحدة المحلية القرار رقم 42 لسنة 1990 المطعون فيه بإزالة هذه التعديات، وقامت النيابة العامة بتحريك الدعوى العمومية ضدهم بالجنحة رقم 67 لسنة 1991 جنح البلينا بأنهم تعدوا على أملاك الدولة بالبناء عليها، وأن الثابت من تقرير الخبير المودع في هذه الدعوى أن المتهمين لم يتعدوا على أرض ملك الدولة، وبجلسة 21/ 12/ 1991 قضت المحكمة ببراءة المتهمين مما أسند إليهم طبقاً لما ورد بتقرير الخبير، وأن إسناد الاتهام قد جاء على غير سند من الواقع والقانون ومن ثم يكون الحكم المذكور قد نفى حصول تعدي من المدعين على أملاك الدولة وهو حكم حائز للحجية، ويضحى القرار المطعون فيه غير قائم على سند صحيح من الواقع أو القانون مما يتعين معه القضاء بإلغائه مع ما يترتب على ذلك من آثار.
ومن حيث إن مبنى الطعن مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله ذلك أن المطعون ضدهم تعدوا على أملاك الدولة العامة بالقطعة رقم 46 بحوض داير الناحية رقم 6 والخريطة المساحية الموضح بها موقع التعدي وهو ما دفع الإدارة لإصدار القرار المطعون فيه بإزالة التعدي بموجب التفويض الصادر من محافظ سوهاج برقم 245 لسنة 1980 ومن ثم يكون القرار المطعون فيه صدر ممن يملك سلطة إصداره وقائماً على سبب يبرره ومتفقاً وصحيح حكم القانون ومستهدفاً حماية المال العام. ولا محاجة فيما استند إليه الحكم الطعين من صدور الحكم الجنائي ببراءة المطعون ضدهم ذلك أن الخبير المنتدب في الدعوى قد انتقل إلى القطعة رقم 61 حرم السكن في حين أن التعدي وقع على القطعة رقم 46 بحوض داير الناحية رقم (6) بناحية بني جميل مركز البلينا ومن ثم يكون الخبير قد باشر مأموريته على أرض أخرى ليست هي الأرض محل النزاع فضلاً عن أنه لم يتصل بجهة الإدارة حتى تمكنه من مباشرة مأموريته على الوجه الصحيح، مع إيضاح أن القرار المطعون فيه رقم 42 لسنة 1990 قد وقع فيه خطأ مادي في ذكر رقم القطعة المتعدي عليها مما حدا بجهة الإدارة إلى إصدار القرار رقم 1 لسنة 1993 بتصحيح هذا الخطأ المادي بأن رقم القطعة المتعدي عليها هو رقم 46 وليس 61، وإذ خالف الحكم الطعين هذا النظر مما يتعين معه القضاء بإلغائه.
ومن حيث إن المادة (87) من القانون المدني معدلة بالقانون رقم 331 لسنة 1954 تنص في فقرتها الأولى على أنه "تعتبر أموالاً عامة العقارات والمنقولات التي للدولة أو للأشخاص الاعتبارية العامة، والتي تكون مخصصة لمنفعة عامة بالفعل أو بمقتضى قانون أو مرسوم أو قرار من الوزير المختص......" ومفاد حكم هذا النص أن الطرق والشوارع والترع والقناطر والجسور وغيرها المخصصة للمنفعة العامة، أي المخصصة لاستعمال الجمهور تعتبر أملاكاً عامة وتكون هذه الأشياء مخصصة للمنفعة العامة إما بموجب أداة قانونية مما أورده النص وهذا هو التخصيص الرسمي للمنفعة العامة بأداة قانونية من السلطة المختصة أو بموجب التخصيص الفعلي، بأن يكون الطريق أو القنطرة أو الجسر أو الترعة، مخصصاً للاستعمال العام بالفعل أي مطروقاً يمر فيه الناس ووسائل النقل دون تحديد أو تخصيص من فترة زمنية طويلة كافية لاستقرار تخصيصه بالفعل للنفع العام، ويثبت ذلك من المظاهر الواقعية للتخصيص للنفع العام، ولا يشترط لاعتبار شيء من ذلك مخصصاً للنفع العام، وجود مصلحة تنظيم في الجهة التي يوجد بها الطريق أو الجسر أو القنطرة كما لا يشترط أن يتم الصرف على شيء منها بمعرفة الحكومة.
ومن حيث إن المادة (970) من القانون المدني معدلة بالقانون رقم 55 لسنة 1975 تنص على أنه ".... ولا يجوز تملك الأموال الخاصة المملوكة للدولة أو للأشخاص الاعتبارية العامة.... أو كسب أي حق عيني على هذه الأموال بالتقادم. ولا يجوز التعدي على الأموال المشار إليها بالفقرة السابقة، وفي حالة حصول التعدي يكون للوزير المختص حق إزالته إدارياً.
كما تنص المادة (26) من قانون نظام الإدارة المحلية الصادر بالقانون رقم 43 لسنة 1979 المعدل بالقانون رقم 145 لسنة 1988 على أن "... وللمحافظ أن يتخذ جميع الإجراءات الكفيلة بحماية أملاك الدولة العامة والخاصة وإزالة ما يقع عليها من تعديات بالطريق الإداري".
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن القرار المطعون فيه رقم 42 لسنة 1990 الصادر من رئيس مركز البلينا بموجب التفويض الممنوح له من محافظ سوهاج رقم 245 لسنة 1980 وبناءً على مذكرة الإدارة الهندسية المؤرخة 9/ 12/ 1990 بقيام المطعون ضدهم بالتعدي على أرض الدولة شارع حرم السكن 61 حوض داير الناحية رقم (6) ناحية بني جميل وذلك بإضافة جزء من الشارع إلى المضيفة الخاصة بهم بطول 17.30 م وعرض 4.10 م مباني بالطوب الأحمر ومونة الأسمنت بارتفاع 3.5 م عن سطح الأرض، ومن ثم صدر القرار المطعون فيه بإزالة هذا التعدي على أرض الدولة بشارع حرم السكن 61 حوض داير الناحية رقم (6).
وبالاطلاع على حافظة مستندات الجهة الإدارية المودعة بجلسة 5/ 10/ 1998 يتبين أنها أحتوت مذكرة الإدارة الهندسية بمركز البلينا، وقد ورد بها "أنه تلاحظ بعد صدور القرار المشار إليه أن التعدي يقع بالطريق الميري رقم 46 وليس بالشارع حرم السكن 61 بذات الحوض وذلك بعد إعادة المعاينة على الطبيعة والاطلاع على الخرائط المساحية الجديدة أرقام 7 - 20 - 96، 8 - 20 - 96 - وعلى ذلك تحررت هذه المذكرة من لجنة التعديات بتعديل وتصحيح رقم الشارع الذي يقع فيه التعدي".
ومن حيث إن البين مما سبق أن المطعون ضدهم قاموا بالتعدي بالبناء على الشارع (الطريق الميري 46) بحوض داير الناحية رقم (6) بزمام قرية بني جميل مركز البلينا محافظة سوهاج. وهذا التعدي واقع بالفعل إبان صدور القرار المطعون فيه رقم 42 لسنة 1990 ولا يغير من ذلك ولا ينفي عنهم صفة التعدي ما ورد بالقرار المطعون فيه خطأ بند ذكر اسم الشارع (حرم السكن 61) بدلاً من الشارع الذي وقع عليه التعدي فعلاً (الطريق الميري 46) فالخطأ في ذكر اسم الشارع لا ينفي واقعة التعدي بالبناء والذي هو واقعة مادية، وقد وقع التعدي على شارع قائم بالفعل ومطروق وهو ما ينطبق عليه وصف الأموال العامة المملوكة للدولة، وإذا كان المطعون ضدهم يملكون مضيفة بالقطعة رقم (58) الملاصقة لشارع حرم السكن 61 ولشارع الطريق الميري 46 فإن المطعون ضدهم لم يقدموا سند ملكيتهم لكامل مساحة المضيفة فقد ورد بحافظة المستندات المقدمة منهم أمام محكمة القضاء الإداري بأسيوط بجلسة 27/ 3/ 1991 وبكشف التحديد الصادر بناءً على طلبهم رقم 92 في 24/ 1/ 1991 وبدون بحث الملكية والتكليف وتحت مسئولية طالبيه أن مساحة المضيفة عبارة عن 363 متراً مربعاً بالقطعة 58 حوض داير الناحية/ 6 في حين يبين من الكشوف الرسمية المستخرجة من سجلات مصلحة الضرائب العقارية أن جملة مساحة مورثهم.... بحوض داير الناحية هو 8 س، 1 ط وهو ما جملته 233.33 م ومن ثم فإن المطعون ضدهم لم يقيموا الدليل على ملكيتهم لباقي مساحة المضيفة، هذا بالإضافة إلى أنهم لم يعقبوا على حافظة مستندات جهة الإدارة المشار إليها بحدوث خطأ في اسم الشارع في القرار المطعون فيه ولم يدفعوا ذلك بثمة دفع وكان بإمكانهم إقامة الدليل على ملكيتهم في هذا الشأن.
ومن حيث إنه لا يغير من ذلك ما ورد بتقرير الخبير في الدعوى رقم 67 لسنة 1991 جنح البلينا والقاضي ببراءة المطعون ضدهم من تهمة التعدي بإضافة جزء من شارع حرم السكن 61 بحوض داير الناحية نمرة 6 بزمام بني جميل بمسطح 71 م تقريباً فقد استند الحكم على ما ورد بتقرير الخبير في الدعوى والذي أثبت أن المتهمين لم يتعدوا على أرض ملك الدولة والمضيفة المملوكة لهم مقامة على القطعة رقم 58 بحوض داير الناحية وبعيدة عن القطعة 61 حرم السكن ومن ثم صدر الحكم المشار إليه ببراءتهم من التعدي ولما كان الحكم الجنائي إنما تقوم حجيته فيما فصل فيه من وقائع عندئذ يتقيد به القاضي الإداري وإذ لم يفصل الحكم الجنائي في تعدي المطعون ضدهم على شارع طريق الميري 46 والذي هو التعدي القائم فعلاً ومن ثم فإن حجية الحكم الجنائي إنما تقتصر على ما فصل فيه من وقائع، ويظل تعدي المطعون ضدهم على شارع طريق الميري 46 بحوض داير الناحية بزمام قرية بني جميل مركز البلينا محافظة سوهاج قائماً بالبناء على جزء من هذا الشارع بل إن مستندات جهة الإدارة أمام محكمة القضاء الإداري وعلى ما ورد بكتاب رئيس الوحدة المحلية ببني جميل المؤرخ 8/ 12/ 1990 حددت التعدي "ذكر أن بيارة المسجد الكبير والتابع لمديرية الأوقاف تقع تحت هذه المباني المستجدة" ومن ثم فالتعدي قائم وإذ صدر القرار المطعون فيه بعد تصحيح اسم الشارع الواقع به التعدي بإزالة التعدي المشار إليه ومن ثم يكون قائماً على صحيح سنده من الواقع والقانون، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر ومن ثم يكون جديراً بالإلغاء وبرفض الدعوى.
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم بالمصروفات عملاً بحكم المادة 184 من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وألزمت المطعون ضدهم المصروفات.

الطعن 487 لسنة 29 ق جلسة 20 / 11 / 1963 مكتب فني 14 ج 3 ق 151 ص 1062

جلسة 20 من نوفمبر سنة 1963

برياسة السيد/ محمد فؤاد جابر نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: أحمد زكى محمد، وأحمد أحمد الشامي، وإبراهيم محمد عمر هندي، ومحمد نور الدين عويس.

----------------

(151)
الطعن رقم 487 لسنة 29 القضائية

(أ) عمل. انتهاء عقد العمل. "مسئولية الخلف".
منشأة فردية. صيرورتها شركة. استقلال أحد الشركاء بإدارتها لا يمنع من استمرار عقود العمل مع رب العمل الجديد.
(ب) عمل. "انتهاء عقد العمل". "مكافأة نهاية الخدمة". قانون. "سريانه من حيث الزمان". "قواعد تنظيمية آمرة". نظام عام.
استمرار علاقة العمل إلى ما بعد العمل بالمرسوم بقانون 317 لسنة 1952. ما لم يكن قد تم أو اكتمل من آثاره يحكمه هذا المرسوم بقانون. قواعد تنظيمية آمرة. خضوع أحوال استحقاق مكافأة مدة الخدمة لأحكامه.

----------------
1 - صيرورة المنشأة فردية بعد أن كانت شركة واستقلال أحد الشركاء بإدارتها لا يمنع من استمرار عقود العمل مع رب العمل الجديد واعتبارها متصلة من وقت استخدام العامل لدى رب العمل الأصلي كما لو كانت قد أبرمت منذ البداية مع هذا الأخير.
2 - متى كانت علاقة العمل قد استمرت إلى ما بعد تاريخ العمل بالمرسوم بقانون 317 لسنة 1952 فإن ما لم يكن قد تم واكتمل من آثارها يحكمه هذا المرسوم بقانون فيما تضمنه من قواعد تنظيمية آمره أو من النظام العام بشأن أحوال استحقاق مكافأة مدة الخدمة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الأستاذ عبد المجيد سليمان المحامي أقام الدعوى رقم 1172 سنة 1957 تجاري كلي القاهرة ضد الأستاذ رودلف شالوم المحامي بطلب إلزامه بأن يدفع له مبلغ 660 جنيهاً منه 280 جنيهاً مكافأة مدة الخدمة و80 جنيهاً بدل إنذار و200 جنيه بصفة تعويض عن فصله بغير مبرر، وجرى النزاع فيها حول طبيعة العلاقة بين الطرفين وهل يحكمها قانون عقد العمل الفردي، كما جرى ومن ناحية أخرى حول الإيصال المؤرخ 2/ 1/ 1957 وهل يتضمن تخالص الأستاذ سليمان عن كافة حقوقه قبل الأستاذ شالوم وتسويتها وبتاريخ 7 يناير 1958 حكمت المحكمة (أولاً) برفض الدفع بعدم انطباق قانون عقد العمل الفردي على النزاع موضوع الدعوى وانطباقه (ثانياً) وبالنسبة للموضوع إعادة القضية للمرافعة لجلسة 11/ 2/ 1958 لمناقشة المدعي في موضوع الإيصال الصادر منه بتاريخ 2/ 1/ 1957 ثم عادت وبتاريخ 17 يونيه 1958 فقضت في موضوع الدعوى برفضها وأعفت المدعي من المصروفات. واستأنف الأستاذ شالوم الحكم الأول لدى محكمة استئناف القاهرة طالباً إلغاءه فيما قضى به من رفض الدفع بعدم انطباق قانون عقد العمل الفردي على النزاع موضوع الدعوى وقيد هذا الاستئناف برقم 129 سنة 75 قضائية كما استأنف الأستاذ سليمان الحكم الثاني فيما قضى به من رفض الدعوى طالباً إلغاءه والحكم له بطلباته وقيد هذا الاستئناف برقم 786 سنة 75 قضائية وبتاريخ 25 أكتوبر 1959 حكمت المحكمة حضورياً وفي موضوع هذا الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف وإلزام المستأنف عليه بأن يدفع للمستأنف 185 جنيهاً والمصروفات المناسبة و500 قرش مقابل أتعاب المحاماة وطعن الأستاذ شالوم في هذا الحكم بطريق النقض للأسباب الواردة في التقرير وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون وقررت إحالته إلى هذه الدائرة حيث أصر الطاعن على طلب نقض الحكم ولم يحضر المطعون عليه ولم يبد دفاعاً وقدمت النيابة العامة مذكرة أحالت فيها إلى مذكرتها الأولى وطلبت قبول الطعن.
وحيث إن حاصل السبب الأول أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه فيما جرى عليه من اعتبار مدة خدمة المطعون عليه لدى الطاعن هي 3 شهور و7 سنين بدلاً من 3 شهور و4 سنين وبما ترتب عليه زيادة مبلغ المكافأة والتعويض في حين أنه كان قد تحرر بين الأستاذين شالوم ويعبيس من جهة والأستاذ سليمان من جهة أخرى عقد محدد المدة انعقد لمدة سنتين تنتهي في 30 سبتمبر سنة 1951 وتجدد لسنة أخرى انتهت في 30 سبتمبر سنة 1952 وبعد انتهائها تحرر بين المطعون عليه والأستاذ شالوم وحده عقد آخر غير محدد المدة وبشروط أخرى تختلف عن شروط العقد الأول ولا يعتبر استمراراً له، وإذ ألزم الحكم المطعون فيه الطاعن بالمكافأة عن العقد الأول بينما هو محدد المدة فإنه يكون قد خالف المادة 20 من القانون رقم 41 لسنة 1944 وهى لا تلزم رب العمل بمكافأة ما عند انتهاء العقد المحدد المدة كما خالف المادة 48 من المرسوم بقانون رقم 317 لسنة 1952 وهى لا تجعل الخلف مسئولاً إلا عن الالتزامات المقررة قبل أيلولة المنشأة إليه وفي واقعة النزاع لم يكن هناك أي التزام على الطاعن بموجب العقد الأول الذي تم تنفيذه بالكامل وانتهى بانتهاء مدته.
وحيث إن هذا النعي مردود في الشق الأول منه بأن صيرورة المنشأة فردية بعد أن كانت شركة واستقلال أحد الشركاء بإدارتها لا يمنع من استمرار عقود العمل مع رب العمل الجديد واعتبارها متصلة من وقت استخدام العامل لدى رب العمل الأصلي كما لو كانت قد أبرمت منذ البداية مع هذا الأخير، ومردود في الشق الثاني بأنه متى كانت علاقة العمل قد استمرت إلى ما بعد تاريخ العمل بالمرسوم بقانون رقم 317 لسنة 1952 فإن ما لم يكن قد تم واكتمل من أثارها يحكمه هذا المرسوم بقانون فيما تضمنه من قواعد تنظيمية آمرة أو من النظام العام بشأن أحوال استحقاق مكافأة مدة الخدمة.
وحيث إن حاصل السبب الثاني أن الحكم المطعون فيه قضى للمطعون عليه بالمكافأة والتعويض على أساس أنه فصل من الخدمة دون أن يحقق هذه الواقعة وفي حين أن المطعون عليه هو الذي فسخ العقد واستقال وترك العمل بالمكتب فجأة وبغير إنذار وقبل مضي خمس سنوات من الخدمة ومن ثم وطبقاً للمادة 44 من المرسوم بقانون رقم 317 لسنة 1952 فهو لا يستحق أية مكافأة وعلى فرض أن مدة العمل للعقدين متصلة فهو لا يستحق إلا نصفها وقد منحه الطاعن مبلغ 30 ج بموجب إيصال ومخالصة 2/ 1/ 1957 وهو يجاوز مكافأة الخدمة فيما لو كان موظفاً لا محامياً، وإذ قررت محكمة أول درجة بحكمها الصادر في 7 يناير 1958 إعادة القضية للمرافعة لمناقشة المطعون عليه في مضمون هذا الإيصال وتهرب وتعمد عدم الإدلاء بأي بيان، وفي الاستئناف طلب الطاعن بصفة احتياطية حضور المطعون عليه شخصياً لمناقشة وإظهار الحقيقة فيما ادعاه من زيادة أعباء العمل وأنه استمر يعمل للمكتب بعد مرضه وفي موضوع فصله وفي ظروف تحرير المخالصة ولم تقرر المحكمة شيئاً في خصوص هذا الطلب ولم تفصل فيه وأصدرت حكمها عن طريق الاستنتاج ودون بيان الأسباب التي استندت إليها عندما قررت أن الطاعن فصل المطعون عليه من الخدمة فإن هذا الحكم يكون قاصراً في التسبيب بما يوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود في الشق الأول منه بأن الحديث في فسخ العقد وإنهاء علاقة العمل من جانب المطعون عليه هو جدل موضوعي لا تجوز أثارته أمام محكمة النقض، ومردود في الشق الثاني بأنه يبين من الأوراق أن الطاعن طلب في ختام مذكرته رقم 3 ملف الاستئناف والمقدمة لجلسة 7 يونيه 1959 "الأمر بإحالة القضية للتحقيق لإثبات ما إذا كان الأستاذ سليمان استمر منذ مرضه يتوجه إلى المكتب كما استمر يؤدي عمله فيه وإلى أي حد كان يؤديه" ثم عاد وفي مذكرته المقدمة لجلسة 25 أكتوبر سنة 1959 فصمم على الطلبات الواردة في مذكرته السابقة، وليس في هاتين المذكرتين ما يفيد أنه طلب تحقيق دفاعه بخصوص "موضوع الفصل" وأنه وقع من جانب المطعون عليه، حتى يستقيم وجه النعي ويتأتى القول بأن الحكم المطعون فيه أعرض عن هذا الطلب ولم يفصل فيه.
وحيث إن حاصل السبب الثالث أن الحكم المطعون فيه جرى في قضائه على أن النص في قانون المحاماة على عدم جواز الجمع بين مهنة المحاماة والتوظف لا يؤثر في التكييف القانوني لعلاقة الطاعن بالمطعون عليه واعتبارها علاقة عمل ما دامت طبيعة الوظيفة هي القيام بأعمال المحاماة وليس ثمة تعارض يخشى أن يؤدي إلى امتهان المهنة والحط من كرامتها، وهذا من الحكم خطأ ومخالفة لأحكام المادة 19 من القانون رقم 98 لسنة 1944 والقانون رقم 96 لسنة 1957 الخاص بالمحاماة أمام المحاكم وهى تنص على عدم جواز الجمع بين المحاماة وبين التوظف في الجمعيات أو الهيئات أو الشركات أو لدى الأفراد ولم تفرق بين ما إذا كانت طبيعة الوظيفة هي القيام بأعمال المحاماة أو بأعمال أخرى.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أن ما ينعاه الطاعن في هذا الخصوص لا يتصل بشيء من أسباب الحكم المطعون فيه ومن ثم فهو غير مقبول، ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

الثلاثاء، 13 يونيو 2023

الطعن 483 لسنة 29 ق جلسة 20 / 11 / 1963 مكتب فني 14 ج 3 ق 150 ص 1056

جلسة 20 من نوفمبر سنة 1963

برياسة السيد/ محمد فؤاد جابر نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: أحمد زكى محمد، وأحمد أحمد الشامي، وإبراهيم محمد عمر هندي، ومحمد نور الدين عويس.

----------------

(150)
الطعن رقم 483 لسنة 29 القضائية

(أ) عمل. "انتهاء عقد العمل". "أسباب الإنهاء الخاصة بالعقود غير المحددة المدة".
المادة 45 من المرسوم بقانون 317 لسنة 1952. النص فيها على أحوال انتهاء عقد العمل بوفاة العامل أو بعجزه عن تأدية عمله أو بمرضه مرضاً يستوجب انقطاعه عن العمل مدة معينة لم يرد على سبيل الحصر.
(ب) عمل. "تنظيم العمل". "سلطة رب العمل في تنظيم منشأته". "انتهاء عقد العمل". "أسباب الإنهاء الخاصة بالعقود غير المحددة المدة".
تحديد رب العمل سن الستين لتعاقد عماله. تصرف منه بما له من سلطة مطلقة في إدارة منشأته وتنظيم العمل بها. إنهاء عقد العامل لهذا السبب لا يكون بغير مبرر.

----------------
1 - ما ورد في المادة 45 من المرسوم بقانون رقم 317 لسنة 1952 من النص على انتهاء عقد العمل بوفاة العامل أو بعجزه عن تأدية عمله أو بمرضه مرضاً يستوجب انقطاعه عن العمل مدة معينة ليس إلا بياناً لبعض صور انتهاء العقد لسبب قهري وحيث يكون انتهاؤه عرضياً لا عادياً.
2 - النص في لائحة الشركة على تحديد سن الستين لتقاعد عمالها إنما هو تصرف صدر من صاحب العمل بما له من السلطة المطلقة في إدارة منشأته وتنظيم العمل فيها على الوجه الذي يراه كفيلاً بتحقيق مصالحه. وإذ كان الثابت في الدعوى أن طبيب الشركة قدر سن المطعون عليه وقت التحاقه بالعمل ولم يعترض أو ينازع في هذا التقدير طول مدة خدمته واستمر هذا الوضع قائماً ومستقراً بينهما إلى أن بلغ سن الستين وأنهت عقده لهذا السبب، فإن هذا الإنهاء لا يكون بغير مبرر (1).


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفي أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليه أقام الدعوى رقم 75 سنة 1959 دمنهور الابتدائية بطلب إلزام الطاعن بصفته الممثل القانوني لشركة مصر للغزل والنسيج الرفيع بكفر الدوار بأن يدفع له مبلغ 802 من الجنيهات و700 مليم منه 230 جنيهاً مكافأة نهاية الخدمة و7 جنيهات و700 مليم بدل إنذار و65 جنيهاً مستحقاته في صندوق الادخار و500 جنيه بصفة تعويض عن فصله من الخدمة بغير مبرر وقبل بلوغه سن الستين، وردت الشركة بأنها لم تنازع المطعون عليه فيما يستحقه من مكافأة نهاية الخدمة وقدره 160 جنيهاً وما يستحقه في صندوق الادخار وقدره 65 جنيهاً وطلبت رفض الدعوى فيما زاد عن هذين المبلغين لأن عقد المطعون عليه غير محدد المدة وقد أنهته عندما بلغ سن الستين حسب تقدير طبيب الشركة لسنة وقت التحاقه بخدمتها وعملاً بالمادة 29 من لائحتها. وبتاريخ 31/ 3/ 1959 حكمت المحكمة حضورياً بإلزام المدعى عليه بصفته بأن يدفع للمدعى مبلغ 160 جنيهاً قيمة المكافأة المستحقة له عن مدة خدمته ومبلغ 65 جنيهاً قيمة ما يستحقه من الادخار ومبلغ 150 جنيهاً تعويضاً عن فصله تعسفياً من عمله بالشركة وألزمت المدعى عليه بصفته المصاريف المناسبة لما قضى به من الطلبات ومبلغ 300 قرش مقابل أتعاب المحاماة وشملت الحكم بالنفاذ المعجل وبلا كفالة ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات، وأسست قضاءها هذا على أن المادة 45 من المرسوم بقانون 317 لسنة 1952 حددت أحوال إنهاء عقد العمل بغير مسئولية ولا تعويض على أحد من طرفيه وليس من بينها بلوغ العامل سن الستين ورتبت على ذلك أنه إذا تضمن عقد العمل أو لائحة التنظيم بالمصنع. مثل هذا الشرط فإنه يقع باطلاً لمخالفته أحكام القانون وبالتالي أن الشركة وقد فصلت المطعون عليه لهذا السبب فإنها تكون فد أساءت استعمال حقها في إنهاء عقده. واستأنفت الشركة هذا الحكم لدى محكمة استئناف الإسكندرية طالبه إلغاءه والحكم برفض الدعوى بالنسبة لمبلغ التعويض وقيد هذا الاستئناف برقم 250 سنة 15 قضائية وبتاريخ 20/ 10/ 1959 حكمت المحكمة حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بتأييد الحكم المستأنف وإلزام المستأنف بالمصاريف المناسبة لمبلغ 150 جنيهاً وأمرت بالمقاصة في أتعاب المحاماة، وأسست قضاءها هذا على ما جاء في الحكم الابتدائي من أسباب وعلى ما أضافته هي من أنه لا يوجد ما يدل على أن لائحة الشركة كانت موجودة وقت التحاق المطعون عليه بالعمل لديها وأنه قبل المعاملة بموجبها ومن جهة أخرى فإنه ثابت من المستخرج الرسمي المقدم لمحكمة أول درجة أن المطعون عليه أدرج بمواليد سنة 1904 بناء على طلب الذي تقدم به وفقاً لقانون المواليد والوفيات رقم 130 لسنة 1946 ولم يكن إذن قد بلغ سن الستين وقت فصله ومن ثم انتهت إلى أن فصل المطعون عليه من غير مبرر. وقد طعنت الشركة في هذا الحكم بطريق النقض للأسباب الواردة في التقرير وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت إحالته إلى هذه الدائرة حيث أصرت الطاعنة على طلب نقض الحكم وطلب المطعون عليه رفض الطعن وقدمت النيابة العامة مذكرة أحالت فيها إلى مذكرتها الأولى وطلبت قبول الطعن.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه أنه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله من وجهين: أولهما أنه أقام قضاءه في الدعوى على أن المادة 45 من المرسوم بقانون 317 لسنة 1952 وكذلك المادة 697 من القانون المدني - أوردت على سبيل الحصر أحوال انقضاء عقد العمل بغير مسئولية ولا تعويض على أحد من طرفيه وهى الوفاة والمرض والعجز وليس من بينها بلوغ العامل سناً معينة ورتب على ذلك بطلان شرط إحالة العامل على المعاش متى بلغ سن الستين الذي تضمنته لائحة الشركة وأن فصل المطعون عليه من العمل بالشركة لبلوغه هذه السن مخالف القانون وموجب لمسئوليتها، في حين أن المادة 45 من المرسوم بقانون رقم 317 لسنة 1952، إنما تواجه صورة بعينها من صور انقضاء عقد العمل لاستحالة تنفيذه ولأحد هذه الأسباب الثلاثة التي تعتبر من قبيل القوة القاهرة وهى لا تمنع من انقضائه بما يلائم طبيعته من أسباب الانقضاء الأخرى كأن ينقضي بانتهاء المدة المحددة له وبالفسخ لأحد الأسباب المبينة في المادتين 40 و41 أو بالفسخ الغير مجرد عن المبرر، وفي حين أن الشرط الذي يرد في عقد العمل أو لائحة المصنع بانتهاء العقد متى بلغ العامل سن الستين هو شرط صحيح لا مخالفة فيه لأي حكم من أحكام القانون إذ هو لا يعدو أن يكون شرطاً بتوقيت العقد يجوز لرب العمل أن يضمنه عقد العمل أو لائحة المصنع بما له من حق الرقابة والإشراف على نشاط العامل وتقدير ما إذا كانت صفاته المهنية أو سنة أو حالته الصحية تبرر بقاءه في العمل أم لا، وما استطرد إليه الحكم من أنه "لا يوجد ما يدل على أن هذه اللائحة المحتوية على هذا الشرط كانت موجودة فعلاً وقت التحاق المطعون عليه بالعمل وأنه قبل هذا الشرط" خطأ إذ أن عقد المطعون عليه غير محدد المدة وكان يسع الشركة أن تضع حداً له متى بلغ المطعون عليه سناً أقل وصدور لائحة الشركة في تاريخ تال لالتحاق المطعون عليه بخدمتها وتضمنها مثل هذا الشرط لا يمس حقاً مكتسباً له ولا لأحد من العمال ذوي العقود غير محددة المدة. وثانيهما - أنه انتهى في قضائه إلى "أن المطعون عليه قدم مستخرجاً رسمياً يدل على أن اسمه أدرج في دفاتر مواليد سنة 1904 بناء على طلب تقدم به إلى جهة الإدارة وفقاً لنصوص القانون رقم 130 لسنة 1946 والخاص بالمواليد والوفيات" وأن المحكمة "تطمئن إلى هذا المستخرج وترى على هداه أن المطعون عليه لم يكن قد بلغ سن الستين وقت فصله" وهو خطأ في تطبيق القانون إذ أن العبرة فيما إذا كانت الشركة قد تعسفت في فصل المطعون عليه أو لم تتعسف هي بالظروف والملابسات التي كانت محيطة بها وقت الفسخ لا بعده، والحاصل في الدعوى أن المطعون عليه لم يناقض في صحة السن التي قدرها له طبيب الشركة وقت التحاقه بالعمل في سنة 1942 وأنه سلم وظل مسلماً بها إلى أن أنهت عقده وإلى أن رفع دعواه وإذا به في عريضة الدعوى وللمرة الأولى ينازع في سنه، وإنهاء عقد المطعون عليه في ضوء هذه الظروف وإعمالاً لما نصت عليه لائحة الشركة لا يمكن وصفه بالتعسف وإنما هو استعمال مشروع لحقها في إنهائه لا يندرج تحت أية صورة من صور التعسف في استعمال الحق التي نصت عليها المادة 5 من القانون المدني.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أن ما ورد في المادة 45 من المرسوم بقانون رقم 317 لسنة 1952 من النص على انتهاء عقد العمل بوفاة العامل أو بعجزه عن تأدية عمله أو بمرضه مرضاً يستوجب انقطاعه عن العمل مدة معينة ليس إلا بياناً لبعض صور انتهاء العقد لسبب قهري وحيث يكون انتهاؤه عرضياً لا عادياً، ومن جهة أخرى فإن ما نصت عليه لائحة الشركة من تحديد سن الستين لتقاعد عمالها إنما هو تصرف صدر من صاحب العمل بما له من السلطة المطلقة في إدارة منشأته وتنظيم العمل فيها على الوجه الذي يراه كفيلاً بتحقيق مصالحه ولا محل للتحدي بأنه لا يوجد ما يدل على أن لائحة الشركة كانت موجودة وقت التحاق المطعون عليه بالعمل وأنه قبل هذا الشرط طالما أنه لم ينكر عمله بها ولم يعمل على إنهاء عقده لعدم قبوله المعاملة بموجبها - وإذ كان الثابت في الدعوى أن طبيب الشركة قدر سن المطعون عليه وقت التحاقه بالعمل في سنة 1942 ولم يعترض أو ينازع في هذا التقدير طول مدة خدمته بالشركة واستمر هذا الوضع قائماً ومستقراً بينهما إلى أن بلغ سن الستين و أنهت عقده لهذا السبب وعملاً بما نصت عليه المادة 29 من لائحتها، وأنه لم يبدأ منازعته ولم يقدم المستخرج الرسمي باعتباره من سواقط القيد ومن مواليد سنة 1904 إلا لمناسبة رفع الدعوى وأثناء السير فيها، فإن هذا الإنهاء لا يكون بغير مبرر - إذ كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه ولما تقدم يتعين رفض الدعوى في خصوص طلب التعويض.


(1) نفس المبدأ قد أقرته المحكمة بذات الجلسة في الطعن 490 لسنة 29 ق وراجع نقض 24/ 3/ 1960 الطعن 332 لسنة 25 ق السنة 11 س 229.

الطعن 44 لسنة 37 ق جلسة 25 / 11 / 1971 مكتب فني 22 ج 3 ق 157 ص 936

جلسة 25 من نوفمبر سنة 1971

برياسة السيد المستشار/ إبراهيم عمر هندي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: الدكتور محمد حافظ هريدي، وعثمان زكريا، ومحمد سيد أحمد حماد، وعلي عبد الرحمن.

----------------

(157)
الطعن رقم 44 لسنة 37 القضائية

إثبات. "الإقرار". التزام. "الوفاء به". حكم. "فساد الاستدلال".
إقرار الدائن ببراءة ذمة المدين من الدين. لا ينطوي ضمناً على التسليم بأسباب انقضاء الدين التي يدعيها المدين. مخالفة ذلك. فساد في الاستدلال.

-----------------
إذا كان الواقع في الدعوى أن براءة ذمة مورث المطعون عليهم من دين الرهن كان مسلماً به من الطاعنة (الدائنة) منذ قيام الخصومة، وإنما دار النزاع بين الطرفين حول الأسباب التي أدت إلى انقضاء هذا الدين، وهل هو الوفاء ببعض الدين وتقادم بعضه، كما يقول المطعون عليهم (ورثة المدين) أو هو الوفاء به كثمن للعقار المرهون طبقاً لما جاء بعقد البيع كما تقول الطاعنة، ولما كان الثابت أن الطاعنة وإن أقرت - بمحضر الجلسة - ببراءة ذمة مورث المطعون عليهم من الدين، إلا أنه لم يصدر منها أي إقرار يتعلق بأسباب انقضائه، وكان الحكم المطعون فيه قد اعتبر الإقرار الصادر منها ببراءة ذمة المطعون عليهم من الدين بمثابة إقرار ضمن بصحة الأسباب التي تمسك بها المطعون عليهم بغير دليل، فإن الحكم يكون قد شابه القصور والفساد في الاستدلال.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن ورثة المرحوم أحمد حامد محمد (المطعون عليهم) أقاموا الدعوى رقم 6930 سنة 64 كلي القاهرة ضد الطاعنة سعاد حامد أمام يطلبون الحكم ببراءة ذمتهم من دين مورثهم البالغ قدره 600 جنيه مع إلزامها بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة وشمول الحكم بالنفاذ المعجل، وقالوا شرحاً للدعوى إن المدعى عليها كانت تداين مورثهم بالمبلغ المشار إليه بموجب عقد الرهن التأميني المحرر بقلم رهون محكمة مصر المختلطة بتاريخ 10/ 8/ 1944 بضمان العقار المبين بالصحيفة والعقد، ولما كان هذا الدين قد انقضى بسداد مبلغ 380 ج للمدعى عليها بإقرار والدها ووكيلها الرسمي الثابت بعقد الرهن التأميني الصادر من مورثهم بتاريخ 24/ 9/ 1947 إلى الدكتور خليل سويحي وبسقوط الباقي منه بالتقادم، فقد رفعوا هذه الدعوى بطلباتهم سالفة البيان، وطلبت المدعى عليها الحكم ببراءة ذمة المدعين من الدين المذكور على أساس وفاء مورثهم به ثمناً للعقار المرهون بعد بيعه لها بمقتضى العقد المؤرخ 1/ 9/ 1948، وفي 28/ 5/ 1966 حكمت المحكمة ببراءة ذمة المدعين بصفتهم من الدين المشار إليه لوفاء مورثهم به ثمناً للعقار المرهون. استأنف المدعون هذا الحكم طالبين إلغاءه والحكم ببراءة ذمتهم من الدين على أساس دفاعهم الوارد بصحيفة الدعوى وقيد هذا الاستئناف برقم 698 سنة 83 قضائية القاهرة، وفي 27/ 11/ 1966 حكمت المحكمة بطلبات المستأنفين استناداً إلى إقرار المستأنف عليها الثابت بمحضر جلسة 22/ 10/ 1966، فطعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض للسبب الوارد في التقرير وعرض الطعن على هذه الدائرة حيث أصرت الطاعنة على طلب نقض الحكم وقدمت النيابة العامة مذكرة برأيها وطلبت رفض الطعن.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ في الإسناد والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك إن الحكم أقيم في جوهره على أن الطاعنة إذ أقرت بجلسة 22/ 10/ 1966 ببراءة ذمة المستأنفين (المطعون عليهم) فإنها تكون قد أقرت ضمناً بصحة دفاعهم الوارد بصحيفة الاستئناف في حين أن تسليم الطاعنة بطلب المطعون عليهم لا يعدو أن يكون ترديداً لدفاعها الذي أبدته أمام محكمة الدرجة الأولى دون أن يكون تسليماً منها بدفاع الخصوم، ذلك أن كل طلب يقدم للقضاء يكون له موضوع ويكون له سبب، فإذا كان للطلب أسباب مختلفة يؤدي كل منها إليه، فإن التسليم بموضوعه لا يستوجب ترجيح أحد هذه الأسباب بغير مرجح، ولما كان الحال في الدعوى أن موضوع الطلب هو براءة ذمة مورث المطعون عليهم من دين الرهن، وكان السبب الذي ادعاه ورثته وأنكرته الطاعنة هو وفاء جزء من الدين وانقضاء الباقي منه بالتقادم، وكان السبب الذي تمسكت به الطاعنة هو الوفاء به مقابل ثمن العقار المرهون الذي باعه لها المورث فإن المحكمة إذ رجحت السبب الذي تمسك به المطعون عليهم استناداً إلى مجرد تسليم الطاعنة ببراءة ذمتهم منه دون دليل آخر تكون قد أخطأت في تأويل أقوالها وأقامت حكمها على اعتبار مخالف للواقع مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه على قوله "إن المستأنف عليها قد أقرت بجلسة المرافعة أمام هذه الهيئة بتاريخ 22/ 10/ 1966 بأنها تسلم للمستأنفين بطلباتهم الأمر الذي يستفاد منه أن كل ما تمسك به الخصوم في صحيفة استئنافهم تقره ولا تنازع فيه وما دام المستأنفون قد أسسوا براءة ذمتهم من مبلغ الـ 600 جنيه موضوع الدعوى على أساسين أولهما أن جزءاً من هذا المبلغ وقدره 380 جنيه تم سداده للمستأنف عليها بتاريخ 24/ 9/ 1947 كما هو ثابت بإقرار والدها باعتباره وكيلاً عنها، وهذا الإقرار ثابت في العقد المؤرخ 24/ 9/ 1947، والثاني أن المبلغ الباقي وقدره 220 ج انقضى الالتزام به بالتقادم المسقط لمضي أكثر من 15 سنة طبقاً للمادة 374 من القانون المدني، ومن ثم يكون هذان الأساسان غير متنازع فيهما من المستأنف عليها لإقرارها بجلسة المرافعة بالتسليم بطلبات المستأنفين" وهو من الحكم خطأ ومخالفة للثابت بالأوراق، إذ الواقع في الدعوى أن طلب براءة ذمة مورث المطعون عليهم من دين الرهن كان مسلماً به من الطاعنة منذ قيام الخصومة، وإنما دار النزاع بين الطرفين حول الأسباب التي أدت إلى انقضاء هذا الدين، وهل هو الوفاء ببعض الدين وتقادم بعضه كما يقول المطعون عليهم أو هو الوفاء به كثمن للعقار المرهون طبقاً لما جاء بعقد البيع المؤرخ 1/ 9/ 1948 كما تقول الطاعنة، ولما كان الثابت من الصورة الرسمية لمحضر جلسة 22/ 10/ 1966 أن الطاعنة وإن أقرت ببراءة ذمة مورث المطعون عليهم من الدين إلا أنه لم يصدر منها أي إقرار يتعلق بأسباب انقضائه وكان الحكم المطعون فيه قد اعتبر الإقرار الصادر منها ببراءة ذمة المطعون عليهم من الدين بمثابة إقرار ضمن بصحة الأسباب التي تمسك بها المطعون عليهم بغير دليل، فإنه يكون قد شابه القصور والفساد في الاستدلال مما يعيبه ويوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي الأسباب.

الطعن 41 لسنة 29 ق جلسة 14 / 11 / 1963 مكتب فني 14 ج 3 ق 149 ص 1051

جلسة 14 من نوفمبر سنة 1963

برياسة السيد/ الحسيني العوضي نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمود توفيق إسماعيل، وأميل جبران، وإبراهيم الجافي، وصبري فرحات.

----------------

(149)
الطعن رقم 41 لسنة 29 القضائية

دعوى. "شروط قبول الدعوى". "الصفة في الدعوى". أشخاص اعتبارية. مصلحة المجاري. "حق التقاضي".
دفع مبلغ إلى مصلحة المجاري في وقت كانت تابعة فيه لوزارة الشئون البلدية والقروية وفرعاً من فروعها. دخول المبلغ في ذمة الوزارة. توجيه الدعوى باسترداد ذلك المبلغ إلى الوزارة وحدها لا مخالفة فيه القانون.

---------------------
متى كان الثابت أن المبلغ الذي أقامت الشركة المطعون عليها الدعوى بطلب استرداده على أساس أنها دفعته بغير حق قد دفع إلى مصلحة المجاري على دفعتين في سبتمبر سنة 1950 ويناير سنة 1951 وكانت مصلحة المجاري في هذا الحين تابعة لوزارة الشئون البلدية والقروية (الطاعنة) وفرعاً من فروعها مما يعتبر معه أن هذا المبلغ قد دخل في ذمة هذه الوزارة وكان قرار وزير الشئون البلدية والقروية رقم 116 لسنة 1951 الذي قضى بإلحاق بعض أقسام مصلحة المجاري بمجلس بلدي القاهرة لم يعمل به إلا من تاريخ نشره في أول مارس سنة 1951 ولم يترتب هذا الإلحاق على القانون رقم 145 لسنة 1949 فإن الحكم المطعون فيه إذ اعتبر توجيه الدعوى إلى وزارة الشئون البلدية والقروية صحيحاً وألزمها وحدها بالمبلغ المطالب به على الأساس المتقدم الذكر لا يكون مخالفاً للقانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - تتحصل على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - في أن الشركة المطعون عليها أقامت بتاريخ 22 من يناير سنة 1953 ضد وزارة الشئون البلدية والقروية (الطاعنة) ومدير عام مصلحة المجاري الرئيسية بالقاهرة الدعوى رقم 499 سنة 1953 مدني كلي القاهرة طالبة القضاء بإلزامهما متضامنين أن يدفعا لها مبلغ 1650 ج والفوائد القانونية من تاريخ المطالبة الرسمية للسداد، ومقيمة دعواها على أنها تملك أرضاً بشبرا تعرف بأرض وقف شريف وقد صدر بتاريخ 24 من يونيه سنة 1950 مرسوم باعتماد تقسيم جزء منها وجاء في برنامج المرافق العامة الملحق به أن عملية التقسيم تتم بواسطة الشركة المطعون عليها ولحسابها غير أنه بتاريخ 19 من سبتمبر سنة 1950 تلقت من مصلحة المجارى كتاباً تطالبها فيه بدفع مبلغ 1650 ج على اعتبار أنه المصاريف الإدارية المستحقة عن عملية المجاري فاضطرت الشركة لدفع هذا المبلغ للمصلحة بشيكين مؤرخين 26 من سبتمبر سنة 1950 و17 يناير سنة 1951 مع احتفاظها بكافة حقوقها وإذ كانت غير ملزمة قانوناً بتلك المصاريف الإدارية فقد أقامت الدعوى بطلب استرداها، وبإعلان تاريخه 19 من فبراير سنة 1956 اختصمت الشركة المطعون عليها في دعواها محافظ القاهرة بصفته رئيساً لمجلسها البلدي طالبة إلزامه مع المدعى عليهما سالفي الذكر بطلباتها، ودفع المدعى عليهم الدعوى بأن موضوعها استرداد ما دفع بغير حق ومن ثم تسقط بانقضاء ثلاث سنين من الدفع وقد انقضت قبل إقامة الدعوى صحيحة على من يمثل البلدية قانوناً وهو محافظ القاهرة. أما توجيهها قبل ذلك بتاريخ 22 من يناير سنة 1953 على وزير الشئون البلدية والقروية فليس من شأنه أن يقطع مدة السقوط لأن الدعوى كانت موجهة إلى من ليس له صفة في تمثيل البلدية مما يجعل الدعوى قبله غير مقبولة، وبتاريخ 14 من إبريل سنة 1957 قضت المحكمة بإلزام وزارة الشئون البلدية والقروية بأن ترد للشركة المطعون عليها مبلغ 1650 ج وفوائد بواقع 4% سنوياً من تاريخ المطالبة الرسمية الحاصلة في 22 من يناير سنة 1953، واستأنف وزير الشئون البلدية والقروية (الطاعن بصفته) ومحافظ القاهرة باعتباره ممثلاً لبلديتها ومدير عام مصلحة المجاري هذا الحكم بالاستئناف رقم 996 سنة 74 ق القاهرة طالبين إلغاء الحكم المستأنف والقضاء بعدم قبول الدعوى بالنسبة للطاعن لانتفاء صفته في تمثيل بلدية القاهرة. وبسقوط حق المطعون عليها في المطالبة بالمبلغ المدعى به لمضي أكثر من ثلاث سنوات على أدائه قبل رفع الدعوى باسترداده على محافظ القاهرة صاحب الصفة في تمثيل بلدية القاهرة ومن باب الاحتياط برفض الدعوى، وبتاريخ 22 من مايو سنة 1958 قضت محكمة الاستئناف برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف، وبتقرير تاريخه أول فبراير سنة 1959 طعنت وزارة الشئون البلدية والقروية بالنقض في هذا الحكم وأبدت النيابة الرأي بطلب رفض الطعن، وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت بجلسة 10 من مارس سنة 1962 إحالته على هذه الدائرة، وبعد استيفاء الإجراءات التالية لقرار الإحالة حدد لنظر الطعن جلسة 17 من أكتوبر سنة 1963 وفيها تمسكت النيابة برأيها السابق.
ومن حيث إن الطعن أقيم على سبب واحد حاصله أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه، وفي بيان ذلك تقول الطاعنة إن الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض الدفع بعدم قبول الدعوى قبل وزارة الشئون البلدية والقروية لرفعها على غير ذي صفة وبقبولها استناداً إلى ما قرره من أن المستفاد من أحكام القانون رقم 145 لسنة 1949 هو أن الشخصية المعنوية لبلدية القاهرة شخصية قاصرة ومن ثم فإنه كما يجوز اختصامها في شخص محافظ القاهرة تطبيقاً لنص المادة 22 من القانون رقم 145 لسنة 1949 فإنه يجوز أيضاً مخاصمتها في شخص الوزير المشرف على المجلس البلدي الذي يرأسه المحافظ هذا إلى أن موضوع النزاع كان يتعلق بتنفيذ أحكام القانون رقم 52 سنة 1940 الخاص بتقسيم أراضي البناء والموافقة على هذا التقسيم تثبيت بقرار من وزير الشئون البلدية والقروية مما يجعل له صفة في النزاع الذي يتعلق بالالتزامات التي فرضها ذلك القانون الذي يقوم هو بتنفيذه تقول الطاعنة إن هذا الذي أقام عليه الحكم قضاءه في هذا الخصوص غير صحيح في القانون، ذلك أن نص المادة 20 من القانون رقم 145 لسنة 1949 صريح في اختصاص مجلس بلدي القاهرة بمراقبة تنفيذ القوانين اللوائح المتعلقة بالصحة العمومية والتنظيم والمباني وتقسيم الأراضي وغير ذلك من القوانين الخاصة بالمرافق العامة كما تنص المادتان 2، 22 من ذات القانون على أن محافظ القاهرة هو رئيس مجلسها البلدي وهو الذي يمثله أمام المحاكم ومقتضى هذه النصوص ألا تكون لوزير الشئون البلدية والقروية صفة في تمثيل مجلس بلدي القاهرة أمام القضاء وإذا كانت بعض نصوص القانون رقم 52 سنة 1940 الخاص بتقسيم الأراضي المعدة للبناء قد استلزمت مصادقة الوزير على أمور رأي الشارع وجوب مصادقته عليها لتعلقها بالمرافق العامة والتخطيط وذلك بوصفه المهيمن عليها والمشرف على توجيهها فإن ذلك ليس من شأنه أن يضفي على وزير الشئون البلدية والقروية صفة في تمثيل المجلس البلدي بل تظل هذه الصفة لمحافظ القاهرة بمقتضى النصوص الصريحة الواردة في القانون رقم 145 لسنة 1949.
ومن حيث إن هذا النعي مردود بأنه وإن كان الحكم المطعون فيه قد جارى الحكم الابتدائي فيما قرره من توافر الصفة لوزير الشئون البلدية والقروية (الطاعنة) في تمثيل مجلس بلدي القاهرة في النزاع المطروح إلا أنه يبين من الحكم الابتدائي الذي أقره الحكم المطعون فيه وأخذ بأسبابه أنه لم يكن لهذا التقرير أثر في قضائه إذ هو لم يلزم المجلس البلدي بشيء وإنما قصر قضاءه بالإلزام على وزارة الشئون البلدية والقروية وجعل عماد هذا القضاء ما قرره في ختام أسبابه من أن "وزير الشئون البلدية والقروية هو الذي يمثل أقسام الوزارة المختلفة ومن بينها مصلحة المجاري المدعى عليها ومن ثم كان استلامها المبلغ المطالب به لحساب الوزارة المذكورة ويتعين لذلك إلزام هذه الوزارة برده" ولما كان الثابت والذي لا خلاف عليه بين الطرفين أن المبلغ الذي أقامت الشركة المطعون عليها الدعوى بطلب استرداده على أساس أنها دفعته بغير حق قد دفع إلى مصلحة المجاري على دفعتين في 26 من سبتمبر سنة 1950 و17 من يناير سنة 1951 وكانت مصلحة المجاري في هذا الحين تابعة لوزارة الشئون البلدية والقروية وفرعاً من فروعها مما يعتبر معه أن هذا المبلغ قد دخل في ذمة الوزارة وكان قرار وزير الشئون البلدية والقروية رقم 116 سنة 1951 الذي قضى بإلحاق بعض أقسام مصلحة المجاري بمجلس بلدي القاهرة لم يعمل به إلا من تاريخ نشره في أول مارس سنة 1951 ولم يترتب هذا الإلحاق على القانون رقم 145 لسنة 1949 خلافاً لما تقول به الطاعنة - لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه إذا اعتبر توجيه الدعوى إلى وزارة الشئون البلدية القروية صحيحاً وإلزامها وحدها بالمبلغ المطالب به على الأساس المتقدم الذكر لا يكون مخالفاً للقانون، ومتى صحت هذه الدعامة التي أقام عليها الحكم قضاءه وكانت وحدها كافية لحمله فإن ما قرره الحكم في شأن صحة تمثيل وزير الشئون البلدية والقروية لمجلس بلدي القاهرة أمام المحاكم يكون زائداً على حاجة الدعوى ولم يعتمد عليه نفس الحكم في الوصول إلى النتيجة التي انتهى إليها ومن ثم يكون النعي على ما شاب أسباب الحكم في هذا الخصوص من عوار غير مجد.
وحيث إنه لذلك يتعين رفض الطعن.

الطعن 121 لسنة 41 ق جلسة 23 / 3 / 1999 إداريةعليا مكتب فني 44 ق 47 ص 499

جلسة 23 من مارس سنة 1999

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ شفيق محمد سليم مصطفى - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة المستشارين: سعد الله محمد عبد الرحمن حنتيرة، وأحمد إبراهيم عبد العزيز تاج الدين، ومحمد منير السيد أحمد جويفل، وسالم عبد الهادي محروس جمعة - نواب رئيس مجلس الدولة.

------------------

(47)

الطعن رقم 121 لسنة 41 قضائية عليا

(أ) مجلس الدولة - محكمة القضاء الإداري - الدفع بعدم الاختصاص بين دوائرها.
المادة 4 من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة.
مجلس الدولة يضم محكمة واحدة للقضاء الإداري مقرها مدينة القاهرة - تصدر أحكامها من دوائر إقليمية أو نوعية - الدفع بعدم الاختصاص يكون بين المحاكم وليس عدم الاختصاص بين الدوائر الذي لا يخرج عن كونه نوعاً من التنظيم الداخلي للمحكمة ولا يترتب على مخالفته اعتبار الحكم صادراً من محكمة غير مختصة - تطبيق.
(ب) بعثات - الالتزام برد نفقات البعثة - طلب الإعادة إلى العمل لا يؤثر في الالتزام بالرد.
المادتان 31، 33 من القانون رقم 112 لسنة 1952 بشأن البعثات والإجازات الدراسية.
يلتزم عضو البعثة برد النفقات التي صرفت عليه إذا لم يعد لتسلم عمله وهو التزام أصيل - في حالة الإخلال بذلك يترتب في ذمته وذمة ضامنة التزام برد جميع ما أنفقته عليه الحكومة بصفته عضواً في البعثة - لا يحول دون ذلك أن يكون الطاعن قد تقدم إلى جهة عمله بعد إخلاله بالتزامه بطلب إعادته إلى عمله - الإعادة هنا من قبيل التعيين الجديد - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الخميس الموافق 13/ 10/ 1994 أودع السيد الأستاذ/ .... المحامي نائباً عن السيد الأستاذ/ .... المحامي بصفته وكيلاً عن السيد/ ..... ، السيد/ .... قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 121 لسنة 41 ق في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري في الدعوى رقم 3196 لسنة 42 ق القاضي بقبول الدعوى شكلاً، وفي الموضوع بإلزام المدعى عليهما متضامنين بأن يؤديا للمدعي مبلغاً وقدره 115134.450 جنيه والفوائد القانونية عن ذلك المبلغ بواقع 4% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة في 23/ 3/ 1988 حتى تمام السداد ورفض ما عدا ذلك من طلبات وطلب الطاعنان - للأسباب المبينة بتقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء بعدم اختصاص محكمة القضاء الإداري بالقاهرة محلياً بنظر الدعوى أو برفضها مع إلزام المطعون ضده بصفته المصروفات.
وبعد إعلان تقرير الطعن على النحو الموضح بالأوراق، قدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعن المصروفات.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 18/ 6/ 1997، وبجلسة 6/ 8/ 1997 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثالثة - موضوع) وحددت لنظره أمامها جلسة 25/ 11/ 1997، وتدول نظر الطعن أمام المحكمة على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، وبجلسة 27/ 10/ 1998 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم حيث صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانوناً.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعة الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الأوراق - في أنه بتاريخ 23/ 3/ 1988 أقام وزير التعليم دعواه بصحيفة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإداري طلب في ختامها الحكم بإلزام المدعى عليهما متضامنين بأن يؤديا له مبلغ 131933.800 (مائة وواحد وثلاثون ألفاً من الجنيهات وتسعمائة وثلاثة وثلاثون جنيهاً 800/ 1000 مليم) والفوائد القانونية بواقع 4% سنوياً من تاريخ المطالبة حتى تمام السداد والمصروفات.
وقال المدعي شرحاً لدعواه إن المدعى عليه الأول أوفد في بعثة إلى أمريكا لمدة أربع سنوات للحصول على درجة الدكتوراة لصالح جامعة حلوان، وبتاريخ 12/ 2/ 1975 سافر العضو إلى مقر دراسته بعد أن تعهد بسداد نفقات البعثة في حالة عدم العودة وخدمة الحكومة، وقد كفله المدعى عليه الثاني في هذا كفالة تضامنية، وقد حصل العضو على درجة الدكتوراة في 23/ 5/ 1983 إلا أنه لم يعد لتسلم العمل، وأن اللجنة التنفيذية للبعثات قررت بجلسة 6/ 4/ 1986 مطالبة المدعى عليهما متضامنين بسداد نفقات البعثة والتي بلغت 131933.800 وفقاً لقانون البعثات رقم 122 لسنة 1959 والتعهد المشار إليه والفوائد القانونية عن ذلك المبلغ عملاً بحكم المادة 266 من القانون المدني وبجلسة 14/ 8/ 1994 حكمت المحكمة بقبول الدعوى شكلاً، وفي الموضوع بإلزام المدعى عليهما متضامنين بأن يؤديا للمدعي بصفته مبلغاً مقداره 115134.45 والفوائد القانونية عن ذلك المبلغ بواقع 4% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة في 23/ 3/ 1988 حتى تمام السداد والمصروفات ورفض ما عدا ذلك من طلبات.
وشيدت المحكمة قضاءها على أن الثابت من الأوراق أن المدعى عليه حصل على درجة الدكتوراة الموفد من أجلها بتاريخ 23/ 5/ 1983 ولم يعد إلى عمله عقب حصوله على درجة الدكتوراة وعقب ما صرح له به من إجازة دراسية، ومن ثم يكون قد أخل بالتزامه القانوني المفروض عليه، ولا يقدح في ذلك تقدمه لجهة عمله خلال عام 1990 بطلب إعادة تعيينه ورفض الجهة الإدارية ذلك، إذ إن قرار إنهاء خدمته لم يثبت إلغاؤه أو سحبه وإن إخلاله بالتزامه القانوني ما زال قائماً وذلك لعدم عودته لتسلم عمله عقب حصوله على درجة الدكتوراة والتي حصل عليها في 23/ 5/ 1983، ومن ثم يكون قد تحقق في شأنه مناط الالتزام برد نفقات البعثة.
ومن حيث إنه ورد بكشف الحساب مطالبة المدعى عليه الأول بمبلغ 1854.550 جنيهاً تحت بند مصاريف إدارية عن مبلغ العلاج، فإن هذا البند بصفته مصاريف إدارية لا يجد له سنداً من القانون، إذ إنه لا يسوغ للجهة الإدارية أن تضيف على نفقات البعثة الفعلية أي مبالغ تصفها بأنها مصاريف إدارية، ومن ثم يكون إجمالي المبلغ الواجب على المدعى عليه الأول أداؤه إلى المدعي بصفته هو 115134.450 جنيه.
ومن حيث إنه لما كان المدعى عليه الثاني بمقتضى التعهد الذي وقع عليه قد ضمن المدعى عليه الأول في رد جميع ما ينفق عليه في حالة إخلاله بالتزامه القانوني ومن ثم يلتزم مع المدعى عليه الأول في أداء المبلغ سالف البيان، مما يتعين معه إلزام المدعى عليهما بأن يؤديا للمدعي بصفته مبلغ 115134.450 جنيه ورفض ما عدا ذلك.
ومن حيث إنه لما كان المبلغ الذي قضى به معلوم المقدار ومستحق الأداء ومن ثم يستحق عنه فوائد قانونية بواقع 4% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة في 23/ 3/ 1988 حتى تمام السداد عملاً بحكم المادة 226 من القانون المدني.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله حيث أغفل الدفع المبدى من الطاعن الثاني بعدم اختصاص المحكمة محلياً بنظر الدعوى مما يعيبه بالبطلان، كما اعتبر الحكم إخلال الطاعن الأول بالتزامه القانوني المنصوص عليه في المادة 31 من القانون رقم 112 لسنة 1959 قد قام بمجرد عدم عودته لاستلام العمل عقب حصوله على الدكتوراة في 23/ 5/ 1983 رغم أن عدم العودة بمجرد الحصول على درجة الدكتوراة ترجع إلى سبب قهري لا حيلة له فيه وهو مرض زوجته بمرض خبيث وقد أدى ذلك إلى نفقات باهظة تحملت شركة التأمين الصحي بالولايات المتحدة جانباً منها وفور عودة الطاعن إلى مصر تقدم بطلب إلى رئيس جامعة حلوان لإعادة تعيينه بكلية الزراعة التابعة لتلك الجامعة غير أن تلك الكلية أخطرته برفض طلب إعادة تعيينه فعاود الطاعن الأول التقدم بطلب آخر لذات الجهة التي أوفدته لتحديد أي جهة حكومية ترى إلحاقه بها بالاتفاق مع اللجنة العليا للبعثات غير أنها لم تخطره بعد بردها وقد أغفل الاتفاق الذي تم بين الطاعن والمطعون ضده على دفع المبلغ على أقساط، وبذلك يصبح الالتزام مؤجلاً تبعاً لخطة السداد، أما قبل ذلك فلا يكون مستحق الأداء كما أن الحكم اعتد بسعر صرف الدولار الأمريكي الذي تقدم به المطعون ضده رغم منازعة الطاعن الأول فيه وقضى بالفوائد القانونية عن المبلغ بغير سند من القانون.
ومن حيث إنه عن الوجه الأول من الطعن والخاص بإغفال الحكم المطعون فيه الدفع المبدى من الطاعن الثاني بعدم اختصاص المحكمة محلياً مما يعيبه بالبطلان، فإن المادة الرابعة من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة تنص على أن (يكون مقر محكمة القضاء الإداري مدينة القاهرة ويرأسها نائب رئيس المجلس لهذه المحكمة وتصدر أحكامها من دوائر تشكل كل منها من ثلاثة مستشارين، ويحدد اختصاص كل دائرة من دوائر محكمة القضاء الإداري بقرار من مجلس الدولة.
ويجوز بقرار من رئيس مجلس الدولة إنشاء دوائر للقضاء الإداري في المحافظات الأخرى، وإذا شمل اختصاص الدائرة أكثر من محافظة جاز لها بقرار من رئيس المجلس أن تعقد جلساتها في أي من المحافظات الداخلة في دائرة اختصاصها.
ومفاد ما تقدم أن مجلس الدولة يضم محكمة واحدة للقضاء الإداري مقرها مدينة القاهرة تصدر أحكامها من دوائر نوعية أو إقليمية، وإذا كان الدفع بعدم الاختصاص يثور في أية حال تكون عليها الدعوى، فمجال هذا الدفع عدم الاختصاص بين المحاكم وليس عدم الاختصاص بين الدوائر الذي لا يخرج عن كونه نوعاً من التنظيم الداخلي للمحكمة ولا يترتب على مخالفته اعتبار الحكم صادراً من محكمة غير مختصة.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن المدعى عليه الأول قد أوفد في بعثة إلى الولايات المتحدة الأمريكية - لمدة أربع سنوات للحصول على الدكتوراة وبتاريخ 14/ 2/ 1975 سافر إلى مقر دراسته بعد أن وقع تعهداً في 17/ 12/ 1974 التزم فيه أن يعود إلى الوطن في ظرف شهر من تاريخ انتهاء المهمة التي كلف بها ما لم تطلب الحكومة عودته قبل ذلك وأن يقدم نفسه للإدارة العامة للبعثات وأن يخدم عند العودة بالجهة التي تحددها لجنة البعثات والتزامه برد ما أنفق على بعثته في حالة إخلاله بتعهده وقد وقع الطاعن الثاني على تعهد بذات التاريخ التزم بمقتضاه بطريق التضامن مع المدعى عليه الأول بأن يرد جميع ما ينفق عليه في حالة إخلال المدعى عليه الأول بأي من التزاماته القانونية، وقد حصل المدعى عليه الأول على الدكتوراة في 23/ 5/ 1983 ولم يعد لتسلم عمله، وبتاريخ 1/ 1/ 1986 قرر رئيس جامعة حلوان إنهاء خدمته وأرسلت الأوراق إلى اللجنة التنفيذية للبعثات التي قررت بجلسة 6/ 4/ 1986 إنهاء بعثته ومطالبته وضامنة بالنفقات.
ومن حيث إن المادة 31 من القانون رقم 112 لسنة 1952 تنص على أنه (يلتزم عضو البعثة أو الإجازة الدراسية أو المنحة بخدمة الجهة التي أوفدته أو أي جهة حكومية أخرى ترى إلحاقه بها بالاتفاق مع اللجنة التنفيذية للبعثات لمدة تحسب على أساس سنتين عن كل سنة قضاها في البعثة أو الإجازة الدراسية وبحد أقصى قدره 7 سنوات لعضو البعثة).
وتنص المادة 33 من القانون المذكور على أنه (للجنة التنفيذية أن تقرر إنهاء بعثة أو إجازة أو منحة كل عضو يخالف أحكام إحدى المواد 23، 25، 27، 29، 30 كما أن لها أن تقرر مطالبة العضو بنفقات البعثة أو المرتبات التي صرفت له في الإجازة أو المنحة إذا خالف أحكام المادة 31).
ومفاد ما تقدم أن التزام عضو البعثة برد النفقات التي صرفت عليه إذا لم يعد لتسلم عمله بالجهة التي أوفدته هو التزام أصلي يستند إلى نص القانون، وأنه في حالة إخلاله بهذا الالتزام يترتب في ذمته بضمانة ضامنة رد جميع ما أنفقته عليه الحكومة بصفته عضواً في البعثة، ولا يحول دون ذلك أن يكون الطاعن قد تقدم إلى جهة عمله بعد إخلاله بالتزامه بطلب إعادته إلى عمله ذلك أن الإعادة إلى العمل هي من قبيل التعيين الجديد الذي تترخص فيه الجهة الإدارية بما تراه متفقاً والصالح العام، كما لا يفيد الطاعن القول بأن زوجته كانت مريضة بمرض خبيث وأنه لم يعد إلى الوطن بسبب علاجها، إذ إن هذه الواقعة لا ترقى إلى السبب الأجنبي أو القوة القاهرة التي تدرأ المسئولية عنه.
أما ما ورد بالطعن من أن الطاعن قد اتفق مع الجهة الإدارية على سداد المبالغ المستحقة عليه فإن الثابت من الأوراق أن المدعي أدى قسطاً واحداً من المبالغ المستحقة عليه بموجب القسيمة رقم 616929/ 203 في 24/ 6/ 1990 وأن الجهة الإدارية قصرت مبلغ المطالبة على مبلغ 116989 بعد استبعاد مبلغ 15000 قام الطاعن بسداده كقسط من المستحق ولم يتم سداد أي أقساط أخرى، وقد صدر الحكم بإلزامه بأداء المبالغ المستحقة عليه بعد خصم ما سدده، ومن ثم فلا مطعن على الحكم في هذا الشأن.
أما ما ورد بالطعن من اعتداد الحكم بسعر صرف الدولار الأمريكي رغم منازعة الطاعن في ذلك، فإن الثابت من كتاب الإدارة العامة للبعثات المؤرخ 21/ 11/ 1992 المرفق بالأوراق أن أساس السعر في فترة الاستحقاق كان 139 قرشاً للدولار وهو السعر المعتمد لدى البنوك التي تتعامل الإدارة معها، وعلى ذلك فإن هذا السعر هو الذي يعادل الجنيه المصري بالدولار الأمريكي ذلك أن العبرة في حالة التعادل ليس بالأسعار التي تحددها الدولة لتحقيق أهداف محددة، إنما يتخذ سعر الصرف المقرر للأفراد العاديين بحسبان ما تقرره الدولة من أسعار للتعادل بالنسبة لبعض التصرفات أو الأعمال هو إجراء استثنائي لتحديد أهداف عامة تقدرها السلطة المختصة وبالتالي لا يجوز أن يمتد إلى غيرها إعمالاً للقاعدة الأصولية التي تقرر أن الاستثناء لا يجوز التوسع في تفسيره، ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه وقد عول على القيمة المحددة بكشف الحساب المقدم من الإدارة العامة للبعثات في الدعوى مطابقاً للقانون.
وبالنسبة للفوائد القانونية فإن الدائرة المنصوص عليها في المادة 54 مكرراً من القانون رقم 47 لسنة 1972 بتنظيم مجلس الدولة معدلة بالقانون رقم 136 لسنة 1984 قد انتهت بحكمها الصادر في الدعوى رقم 1264 لسنة 35 ق إلى أنه إذا كانت المادة 226 من القانون المدني تحكم العقود المدنية بحسب الأصل فإنها تنطبق كذلك في العقود الإدارية باعتبارها من الأصول العامة في الالتزامات ولا تتعارض مع طبيعة هذه العقود ولا وجه للقول بأن هذه المبالغ تمثل ربا تحرمه مبادئ الشريعة الإسلامية التي تعتبر المصدر الرئيسي للتشريع طبقاً للدستور الحالي الصادر سنة 1971 إذ إن المحكمة الدستورية العليا قضت بجلسة 4/ 5/ 1985 بدستورية نص المادة 226 من القانون المدني، ومن ثم فلا مناص أمام القضاء من إعمال حكمها في النزاع المطروح أمامه ويشترط لإعمال تلك المادة أن يكون محل الالتزام مبلغاً من النقود معلوم المقدار وقت الطلب وتأخر المدين في الوفاء به في الموعد المحدد، ولا وجه للقول بأن الالتزام برد نفقات التعليم واستحقاق الفوائد القانونية عنها هما تعويضان عن واقعة واحدة، هذا القول مردود بأن الفوائد التأخيرية تستحق عن التأخير في الوفاء بالتزام محله مبلغ من النقود معلوم المقدار وقت الطلب، وأساس التعويض في هذه الحالة هو التأخير في الوفاء بالمبلغ النقدي والضرر في هذه الحالة مفترض طبقاً لنص المادة 228 من القانون المدني التي تقضي بأنه لا يشترط لاستحقاق فوائد التأخير قانونية كانت أو اتفاقية أن يثبت الدائن ضرراً لحقه من هذا التأخير، ومؤدى ذلك استحقاق الفوائد القانونية بواقع 4% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية حتى تمام السداد على المبالغ التي يتم إنفاقها على الطلبة..
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد أخذ بهذا النظر فإنه يكون قد صادف القانون في صحيحه ويكون الطعن غير قائم على سند من القانون متعين الرفض مع إلزام الطاعن المصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعاً، وألزمت الطاعن المصروفات.

الطعن 23 لسنة 36 ق جلسة 24 / 11 / 1971 مكتب فني 22 ج 3 أحوال شخصية ق 156 ص 931

جلسة 24 من نوفمبر سنة 1971

برياسة السيد المستشار/ أحمد حسن هيكل، وعضوية السادة المستشارين: محمد أسعد محمود، وجودة غيث، ومحمد عادل مرزوق، وإبراهيم السعيد ذكرى.

------------------

(156)
الطعن رقم 23 لسنة 36 ق "أحوال شخصية"

(أ) نقض. "إجراءات الطعن". "ميعاد الطعن". بطلان.
الطعون التي رفعت قبل تاريخ العمل بالقانون 43/ 1965 أو في الفترة من هذا التاريخ وحتى تاريخ نشر القانون 4/ 1967. عدم مراعاة الإجراءات والمواعيد التي كان معمولاً بها قبل إنشاء دوائر فحص الطعون. لا بطلان ولا سقوط.
(ب) حكم. "الطعن في الحكم". "الأحكام غير الجائز الطعن فيها". نقض. دفوع. دعوى.
الأحكام التي تصدر قبل الفصل في الموضوع ولا تنتهي بها الخصومة كلها أو بعضها. عدم جواز الطعن فيها إلا مع الطعن في الحكم الصادر في الموضوع. م 378 مرافعات سابق. القضاء برفض الدفوع بعدم الاختصاص وبعدم القبول وبعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها. لا تنتهي به الخصومة كلها أو بعضها. الطعن فيه بالنقض على استقلال. غير جائز.
(ج) حكم. "الطعن في الحكم". "الأحكام الجائز استئنافها". نقض. بطلان. دفوع. أحوال شخصية.
المادة 305 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية. إجازتها استئناف كل حكم أو قرار صادر في الاختصاص أو بسماع الدعوى أو عدمه. لا نظير لها في الأحكام الخاصة بالنقض.

-----------------
1 - وفقاً للمادة الثانية من القانون رقم 4 لسنة 1967 لا يترتب البطلان أو السقوط على عدم مراعاة الإجراءات والمواعيد التي كان معمولاً بها قبل إنشاء دوائر الفحص، سواء بالنسبة إلى الطعون التي رفعت قبل تاريخ العمل بالقانون رقم 43 لسنة 1965 بشأن السلطة القضائية أو الطعون التي رفعت في الفترة من هذا التاريخ إلى تاريخ نشر القانون رقم 4 لسنة 1967 في 11/ 5/ 1967.
2 - تقضي المادة 378 من قانون المرافعات السابق - الذي رفع في ظله - بعدم جواز الطعن في الأحكام التي تصدر قبل الفصل في الموضوع ولا تنتهي بها الخصومة كلها أو بعضها إلا مع الطعن في الحكم الصادر في الموضوع، وإذ قضى الحكم المطعون فيه على الطاعن برفض الدفعين بعدم الاختصاص وبعدم القبول وبرفض الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها، وكان هذا القضاء لا تنتهي به الخصومة الأصلية المرددة بين الطرفين كلها أو بعضها - وهي بطلان قرار الاستبدال - فإن الحكم المطعون فيه لا يجوز الطعن فيه استقلالاً.
3 - المادة 305 من المرسوم بقانون رقم 78 لسنة 1931 بلائحة المحاكم الشرعية التي تجيز استئناف كل حكم أو قرار صادر في الاختصاص أو بسماع الدعوى أو عدمه لا ينسحب أثرها إلا على الاستئناف وحده لأنه لا نظير لها في الأحكام الخاصة بالنقض.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الوقائع تتحصل على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن في أن المطعون عليهما الأول والثاني أقاما الدعوى رقم 6 سنة 1959 المنصورة الابتدائية للأحوال الشخصية ضد الطاعن ووزير الأوقاف بصفته ناظراً على وقف حسين حسني العمري الخيري ومدير الشهر العقاري - المطعون عليهما الثالث والرابع - يطلبان الحكم ببطلان التصرف الصادر بتاريخ 27/ 5/ 1957 الصادر في مادة التصرفات رقم 195 سنة 1957 القاهرة الابتدائية، وقالا بياناً للدعوى إنه بمقتضى الحجج الشرعية الصادرة من محكمة المنصورة الشرعية في 8/ 5/ 1899 و14/ 4/ 1902 و19/ 11/ 1908 وقف المرحوم حسين حسني العمري بعض عقاراته الكائنة بمدينة المنصورة وخص في وقفه الأول منزلاً يصرف ريعه على مسجد ومدرسة وسبيل وخيرات أخرى مبينة في كتاب هذا الوقف، كما شرط في الوقفين الآخرين أن يؤخذ من ريع العقارات ما يكفي لتكملة مصاريف الوقف الأول وآل النظر على الأوقاف الثلاثة للطاعن إلى أن تولت وزارة الأوقاف النظر على الخيرات طبقاً للقانون رقم 247 سنة 1953، واستطاع الطاعن أن يحصل على قرار من لجنة شئون الأوقاف الخيرية بتاريخ 25/ 11/ 1954 يتضمن كفاية ريع المنزل الموقوف بالحجة الأولى للصرف على الخيرات مع عدم التعرض للأوقاف الأهلية، وإذ كان هذا الريع لا يكفي فقد تقدم المطعون عليهما الأولان بشكوى إلى وزارة الأوقاف التي اتفقت مع الطاعن على استبدال حصة الخيرات في الوقفين الآخرين بمبلغ 5471 ج و800 م وأقرت هيئة التصرفات هذا الاستبدال بقرارها الصادر بتاريخ 27/ 5/ 1959، وإذ كان ما يكفي لتكملة الخيرات المشروطة هو مبلغ 38400 ج فقد حصلا على الإذن لهما بمخاصمة الطاعن والمطعون عليهما الثالث والرابع وأقاما الدعوى للحكم لهما بطلباتهما، وبجلسة 6/ 11/ 1961 انضمت وزارة الأوقاف للمطعون عليهما الأول والثاني في طلباتهما، كما أقامت وزارة الأوقاف بصفتها ناظرة على ذات الوقف الدعوى رقم 29 سنة 1963 المنصورة الابتدائية للأحوال الشخصية ضد الطاعن والمطعون عليهم من الخامس إلى الثلاثين تطلب الحكم بصفة مستعجلة بوضع أعيان وقف حسين حسني العمري الخيري تحت حراستها القضائية لاستلامها وإدارتها وإيداع صافي ريعها خزانة المحكمة إلى أن يفصل في موضوع النزاع وفي الموضوع ببطلان قرار الاستبدال رقم 195 سنة 1975 القاهرة الابتدائية للأحوال الشخصية الصادر بتاريخ 27/ 5/ 1957 وأشارت وزارة الأوقاف في دعواها إلى الوقائع التي تضمنتها الدعوى الأولى، وقررت المحكمة ضم الدعويين ليصدر فيهما حكم واحد. دفع المطعون عليه الخامس والمطعون عليها العاشرة بعدم قبول الدعوى رقم 6 سنة 1959 لأن المطعون عليهما الأولين رفعاها حسبة وقد باشرت وزارة الأوقاف وهي الجهة الأصلية نفس الخصومة، كما دفعا بعدم اختصاص المحكمة بنظرها نوعياً، ودفع الطاعن بعدم اختصاص المحكمة بنظرها محلياً، كما دفع بعدم جواز نظر الدعويين لسبق الفصل فيهما بالدعوى رقم 271 سنة 1956 القاهرة الابتدائية للأحوال الشخصية، وبتاريخ 17/ 5/ 1964 حكمت المحكمة برفض جميع الدفوع وحددت جلسة لنظر الموضوع، استأنف المطعون عليه الخامس هذا الحكم بالاستئناف رقم 11 سنة 1964 المنصورة طالباً إلغاءه فيما قضى به من رفض الدفوع والحكم بقبولها، وبتاريخ 2/ 5/ 66 حكمت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من رفض الدفع بعدم جواز نظر الدعوى رقم 29 سنة 1963 المنصورة الابتدائية لسابقة الفصل فيها بالحكم رقم 271 سنة 56 القاهرة الابتدائية للأحوال الشخصية والقضاء بقبول هذا الدفع وبتأييد الحكم المستأنف فيما عدا ذلك. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، ودفع المطعون عليه الثالث بسقوط الحق في الطعن، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض هذا الدفع ودفعت بعدم جواز الطعن، وطلبت في الموضوع رفضه، وبالجلسة المحددة لنظر الطعن التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مبنى الدفع بسقوط الحق في الطعن أن الطاعن قرر به في 30/ 6/ 1966 وبعد الميعاد المنصوص عليه في المادة 881 من قانون المرافعات وهو ثمانية عشر يوماً من تاريخ صدور الحكم في 24/ 5/ 1966.
وحيث إن هذا الدفع في غير محله، ذلك أنه وفقاً للمادة الثانية من القانون رقم 4 لسنة 1967 لا يترتب البطلان أو السقوط على عدم مراعاة الإجراءات والمواعيد التي كان معمولاً بها قبل إنشاء دوائر الفحص سواء بالنسبة إلى الطعون التي رفعت قبل تاريخ العمل بالقانون رقم 43 لسنة 65 بشأن السلطة القضائية أو الطعون التي رفعت في الفترة من هذا التاريخ إلى تاريخ نشر هذا القانون في 11/ 5/ 1967، وإذ كان ذلك، وكان الطعن قد رفع في الفترة من تاريخ العمل بالقانون رقم 43 لسنة 1965 إلى تاريخ نشر القانون رقم 4 لسنة 1967، فإنه يتعين رفض الدفع.
وحيث إن النيابة العامة تستند في الدفع بعدم جواز الطعن إلى أن الحكم المطعون فيه اقتصر على القضاء برفض دفوع ولم ينه الخصومة كلها أو بعضها فلا يجوز الطعن فيه إلا مع الحكم الصادر في الموضوع عملاً بالمادة 378 من قانون المرافعات السابق.
وحيث إن هذا الدفع في محله، ذلك أنه لما كانت المادة 378 من قانون المرافعات السابق - الذي رفع في ظله - تقضي بعدم جواز الطعن في الأحكام التي تصدر قبل الفصل في النزاع ولا تنتهي بها الخصومة كلها أو بعضها إلا مع الطعن في الحكم الصادر في الموضوع، وإذ قضى الحكم المطعون فيه على الطاعن برفض الدفعين بعدم الاختصاص وبعدم القبول وبرفض الدفع بعدم جواز نظر الدعوى رقم 6 سنة 1959 القاهرة الابتدائية للأحوال الشخصية المرفوعة من المطعون عليهما الأول والثاني لسبق الفصل فيها بالحكم رقم 271 سنة 1956 القاهرة الابتدائية للأحوال الشخصية، وكان هذا القضاء لا تنتهي به الخصومة الأصلية المرددة بين الطرفين كلها أو بعضها وهي بطلان قرار الاستبدال رقم 195 سنة 1957 القاهرة الابتدائية للأحوال الشخصية لعدم كفاية مبلغ الاستبدال للصرف على الخيرات، أما ما قضى به الحكم المطعون فيه من قبول الدفع بعدم جواز نظر الدعوى رقم 29 سنة 1963 القاهرة الابتدائية للأحوال الشخصية المرفوعة من وزارة الأوقاف فلم يكن محل طعن لأنه صدر في مصلحة الطاعن، ولما كانت المادة 305 من المرسوم بقانون رقم 78 لسنة 1931 بلائحة ترتيب المحاكم الشرعية التي تجيز استئناف كل حكم أو قرار صادر في الاختصاص أو بسماع الدعوى أو عدمه لا ينسحب أثرها إلا على الاستئناف وحده لأنه لا نظير لها في الأحكام الخاصة بالنقض. لما كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه لا يجوز الطعن فيه استقلالاً، ومن ثم يتعين قبول الدفع والحكم بعدم جواز الطعن.

الطعن 120 لسنة 34 ق جلسة 24 / 11 / 1971 مكتب فني 22 ج 3 ق 155 ص 926

جلسة 24 من نوفمبر سنة 1971

برياسة السيد المستشار/ أحمد حسن هيكل، وعضوية السادة المستشارين: جودة غيث، وحامد وصفي، ومحمد عادل مرزوق، وإبراهيم السعيد ذكرى.

-----------------

(155)
الطعن رقم 120 لسنة 34 القضائية

ضرائب. "الضريبة على الأرباح التجارية والمهن الحرة". محاماة. سمسرة.
أعمال السمسرة وأشغال العمولة. ركن الاحتراف ليس شرطاً خضوعها للضريبة على الأرباح التجارية. أعمال السمسرة والعمولة لا تقتصر على محيط التجارة، المبالغ التي يدفعها المحامي للأشخاص الذين يقومون بالوساطة بينه وبين المتقاضين لجلب القضايا إلى مكتبه. خضوعها للضريبة على الأرباح التجارية بالنسبة للوسيط. اعتبارها تكليفاً على الربح بالنسبة لدافعها الذي يلزم بخصم الضريبة من تلك المبالغ وتوريدها للخزانة.

----------------
نص المادة 32 مكررة من القانون رقم 14 لسنة 1939 المضافة بالقانون رقم 39 لسنة 1941 والمادة الأولى من القرار الوزاري رقم 39 لسنة 1942 يدل على أن المشرع خرج عن الأصل، وهو اشتراط ركن الاحتراف لخضوع أعمال السمسرة وأشغال العمولة للضريبة على الأرباح التجارية والصناعية، فأخضع بالمادة 32 مكررة سالفة الذكر للضريبة مبالغ السمسرة والعمولة ولو كان الممول الذي دفعت له لا يمتهن السمسرة أو الأشغال بالعمولة وإنما يقوم بها بصفة عارضة لا تتصل بمباشرة مهنته. ولا محل لقصر أعمال السمسرة والعمولة المشار إليها على محيط التجارة، كما قد يستفاد من المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 39 لسنة 1941 الذي أضاف المادة 32 مكررة، ذلك أن نص هذه المادة ورد عاماً دون أي قيد، وقد هدف المشرع بهذا النص إلى فرض الضريبة على المبالغ المدفوعة على سبيل العمولة أو السمسرة العارضتين دون اعتداد بصفة دافعها تاجراً كان أم غير تاجر، يؤيد هذا النظر أن من يقوم بدفع العمولة أو السمسرة العارضتين إلى الممول لا يلتزم أساساً بالضريبة وإنما ضماناً لتحصيلها أوجب عليه المشرع أن يورد مبلغ الضريبة المستحقة إلى الخزانة بعد خصهما من العمولة أو السمسرة طبقاً للمادتين الأولى والثانية من القرار الوزاري رقم 39 لسنة 1942 سالف البيان فيتسلم الممول مبلغ العمولة أو السمسرة مخصوماً منه الضريبة، ولا يتعارض مع ذلك تمحيص قدر مبالغ العمولة أو السمسرة المعتبرة تكليفاً على الربح بالنسبة لدافعها، وإذ كان الثابت من الحكم المطعون فيه أن المبالغ محل النزاع دفعها المطعون عليه - وهو محام - للأشخاص الذين يقومون بالوساطة بينه وبين المتقاضين لجلب القضايا إلى مكتبه، فإن هذه المبالغ تخضع للضريبة المنصوص عليها في المادة 32 مكررة وكان يتعين عليه خصمها من المبالغ المشار إليها وتوريدها إلى الخزانة. وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وجرى في قضائه على أن المبالغ المذكورة لا تخضع لضريبة العمولة لأنها دفعت بعيداً عن محيط التجارة فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن مأمورية ضرائب العطارين ثالث قدرت صافي أرباح المطعون عليه من مزاولة مهنة المحاماة عن سنة 1951 بمبلغ 2771 ج و515 م وأخضعت المبالغ التي دفعها للأشخاص الذين كانوا يجلبون القضايا لمكتبه وقدرها 1275 ج لضريبة الأرباح التجارية باعتبارها "عمولة" طبقاً لنص المادة 32 مكررة من القانون رقم 14 لسنة 1939، وإذ اعترض المطعون عليه وأحيل الخلاف إلى لجنة الطعن التي أصدرت قرارها بتاريخ 20/ 7/ 1960 برفض الطعن، فقد أقام الدعوى رقم 103 سنة 1960 تجاري الإسكندرية الابتدائية بالطعن في هذا القرار طالباً إلغاءه والحكم بعدم خضوع مبلغ 1275 ج المدفوع "إكراميات" للضريبة على الأرباح التجارية. وبتاريخ 10/ 5/ 1961 حكمت المحكمة بطلبات المطعون عليه. استأنفت مصلحة الضرائب - الطاعنة - هذا الحكم لدى محكمة استئناف الإسكندرية طالبة إلغاءه والحكم برفض الدعوى وتأييد قرار لجنة الطعن وقيد هذا الاستئناف برقم 361 سنة 18 ق تجاري. وبتاريخ 25/ 12/ 1963 حكمت المحكمة برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرتين أبدت فيهما الرأي بنقض الحكم، وبالجلسة المحددة لنظر الطعن التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن بني على سبب واحد حاصله أن الحكم المطعون فيه قضى بعدم خضوع المبالغ التي دفعها المطعون عليه للأشخاص الذين كانوا يقومون بالوساطة بينه وبين المتقاضين لجلب القضايا إلى مكتبه - لضريبة الأرباح التجارية المقررة على العمولة والمنصوص عليها في المادة 32 مكررة من القانون رقم 14 لسنة 1939 استناداً إلى أن تطبيق هذه المادة قاصر على أعمال الوساطة العارضة في محيط التجارة، وأن المطعون عليه محام وليس تاجراً فلا يخضع للضريبة التجارية وإنما لضريبة المهن الحرة مما تنتفي معه صفة العمولة عن هذه المبالغ إذ هي من الإكراميات الواجبة الخصم من الأرباح باعتبارها تكليفا على الربح ولا تخضع لأية ضريبة، وهو الحكم خطأ في تطبيق القانون ذلك أن المادة المشار إليها لم تشترط ثبوت صفة التاجر لاعتبار ما يدفعه للوسطاء عمولة تخضع للضريبة التجارية، بل جاء هذا النص صريحاً في أن الضريبة تسري على العمولة أو السمسرة ولو كانت عن عمل عارض دون اعتداد بصفة الشخص الذي يدفعها فأسبغ عليها المشرع بذلك الصفة التجارية ولو تمت خارج المجال التجاري وأخضعها للضريبة التجارية، وجعل الملتزم الأصيل بها هو الوسيط الذي حصل عليها، وليس دافعها الذي يقتصر التزامه على حجز الضريبة المستحقة عليها وتوريدها للخزانة وفقاً لأحكام القرار الوزاري رقم 39 لسنة 1942 مما مقتضاه أن المبالغ موضوع النزاع التي دفعت إلى أشخاص مقابل توسطهم بين المطعون عليه وبين المتقاضين لجلب قضايا إلى مكتبه تعتبر "عمولة" لا "إكراميات" وتخضع لحكم المادة 32 مكررة سالفة الذكر كما تعتبر في الوقت نفسه تكليفاً على أرباح المطعون عليه، وإذ اعتبرها الحكم المطعون فيه "إكراميات" ولم يخضعها لضريبة العمولة فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي صحيح، ذلك أن المشرع إذ نص المادة 22 مكررة من القانون رقم 14 لسنة 1939 التي أضافها بالقانون رقم 39 لسنة 1941 على أن "تسري الضريبة بالسعر المقرر في المادة 37 وبغير أي تخفيض على كل مبلغ يدفع على سبيل العمولة أو السمسرة ولو كان دفعه عن عمل عارض لا يتصل بمباشرة مهنته، ويصدر قرار من وزير المالية ببيان ما ينبغي تقديمه من الإقرارات من الممول أو من الأشخاص الذين يدفعون إليه تلك العمولة أو السمسرة وكذلك ببيان طريقة دفع الضريبة ومواعيده" ونصت المادة الأولى من القرار الوزاري رقم 39 لسنة 1942 على أن "يلتزم كل من يدفع أي مبلغ على سبيل العمولة أو السمسرة إلى ممول لا يمتهن السمسرة أو الاشتغال بالعمولة وإنما يقوم بها بصفة عرضية بحجز الضريبة على الأرباح التجارية والصناعية المستحقة عليها ويكون الحجز على كل مبلغ على حدة وبغير أي تخفيض وبذات السعر المقرر في المادة 37 من القانون رقم 14 لسنة 1939، وفي تطبيق الحكم المتقدم يعتبر ممولاً غير ممتهن من لا يكون له مكتب أو محل معروف باسمه لمباشرة مهنة السمسرة أو الاشتغال بالعمولة"، فقد دل على أنه خرج عن الأصل وهو اشتراط ركن الاحتراف لخضوع أعمال السمسرة وأشغال العمولة للضريبة على الأرباح التجارية والصناعية فأخضع - بالمادة 32 مكررة سالفة الذكر - للضريبة مبالغ السمسرة والعمولة ولو كان الممول الذي دفعت له لا يمتهن السمسرة أو الاشتغال بالعمولة وإنما يقوم بها بصفة عارضة لا تتصل بمباشرة مهنته، ولا محل لقصر أعمال السمسرة والعمولة المشار إليها على محيط التجارة كما قد يستفاد من المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 39 لسنة 1941 الذي أضافت المادة 32 مكررة، ذلك أن نص هذه المادة ورد عاماً دون أي قيد، وقد هدف المشرع بهذا النص إلى فرض الضريبة على المبالغ المدفوعة على سبيل العمولة أو السمسرة العارضتين دون اعتداد بصفة دافعها تاجراً كان أم غير تاجر، ويؤيد هذا النظر أن من يقوم بدفع العمولة أو السمسرة العارضتين إلى الممول لا يلتزم أساساً بالضريبة، وإنما ضماناً لتحصيلها أوجب عليه المشرع أن يورد مبلغ الضريبة المستحقة إلى الخزانة بعد خصهما من العمولة أو السمسرة طبقاً للمادتين الأولى والثانية من القرار الوزاري رقم 39 لسنة 1942 سالف البيان، فيتسلم الممول مبلغ العمولة أو السمسرة مخصوماً منه الضريبة، ولا يتعارض مع ذلك تمحيص قدر مبالغ العمولة أو السمسرة المعتبرة تكليفاً على الربح بالنسبة لدافعها. لما كان ذلك وكان الثابت من الحكم المطعون فيه أن المبالغ محل النزاع دفعها المطعون عليه وهو محام للأشخاص الذين يقومون بالوساطة بينه وبين المتقاضين لجلب القضايا إلى مكتبه، فإن هذه المبالغ تخضع للضريبة المنصوص عليها في المادة 32 مكررة وكان يتعين عليه خصمها من المبالغ المشار إليها وتوريدها إلى الخزانة، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، وجرى في قضائه على أن المبالغ المذكورة لا تخضع لضريبة العمولة لأنها دفعت بعيداً عن محيط التجارة، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه، ولما تقدم فإنه يتعين إلغاء الحكم المستأنف وتأييد قرار لجنة الطعن.

الطعن 788 لسنة 41 ق جلسة 20 / 3 / 1999 إدارية عليا مكتب فني 44 ق 46 ص 491

جلسة 20 من مارس سنة 1999

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد يسري زين العابدين عبد الله - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة المستشارين: عويس عبد الوهاب عويس، ومحمود سامي الجوادي، ولبيب حليم لبيب، وأسامة محمود عبد العزيز محرم - نواب رئيس مجلس الدولة.

----------------

(46)

الطعن رقم 788 لسنة 41 قضائية عليا

تأمينات اجتماعية - معاش - المعاش من الأجر المتغير - رفعه إلى 50% من أجر تسوية المعاش.
المادة الأولى من القانون رقم 107 لسنة 1987 بتعديل أحكام قانون التأمين الاجتماعي.
يشترط لرفع المعاش عن الأجر المتغير إلى 50% من متوسط أجر تسوية المعاش إذا كان يقل عن هذا المقدار توافر ثلاثة شروط أولها أن تكون خدمة المؤمن عليه قد انتهت لبلوغ سن التقاعد، والثاني أن يكون مشتركاًً عن الأجر المتغير في 1/ 4/ 1984 ومستمراً في الاشتراك حتى تاريخ انتهاء خدمته، وثالث هذه الشروط أن تكون مدة اشتراكه الفعلية عن الأجر الأساسي 240 شهراً على الأقل في تاريخ تحقق واقعة استحقاق المعاش - تطبيق.


إجراءات الطعن

بتاريخ 10/ 1/ 1995 أودع الأستاذ/ ...... المحامي بصفته وكيلاً عن السيد المستشار/ ...... رئيس مجلس الدولة الأسبق قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 788 لسنة 41 ق. ع ضد السيد/ رئيس مجلس إدارة الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي بصفته طالباً في ختامه الحكم باستحقاقه معاشاً عن الأجر المتغير لا يقل عن 50% من ذلك الأجر الذي كان يتقاضاه في الخدمة وذلك اعتباراً من أول يوليه 1987 تاريخ نفاذ أحكام القانون رقم 107 لسنة 1987 وما يترتب على ذلك من فروق مالية مع إلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وبعد إعلان تقرير الطعن قانوناً أودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بأحقية الطاعن في رفع المعاش المستحق له عن الأجر المتغير إلى 50% من متوسط أجر تسوية هذا المعاش اعتباراً من 1/ 7/ 1987 وصرف الفروق المالية من هذا التاريخ.
وعينت جلسة 28/ 3/ 1998 لنظر الطعن أمام المحكمة وجرى تداوله بالجلسات على الوجه المبين بمحاضرها حتى قررت إصدار الحكم فيه بجلسة اليوم فصدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الجهة الإدارية دفعت بعدم قبول الطعن شكلاً لإقامته بعد ميعاد السنتين المنصوص عليه في المادة 142 من قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 محسوباً من تاريخ إخطار الطاعن بربط معاشه بصفة نهائية، على أن هذا الدفع مردود بما نصت عليه المادة المذكورة صراحة من استثناء حالات طلب إعادة تسوية الحقوق بالزيادة تبعاً لصدور قانون جديد شأن القانون رقم 107 لسنة 1987 بتعديل بعض أحكام قانون التأمين الاجتماعي سند الطاعن في النزاع الماثل، وإذ كان الطعن قد استوفى سائر أوضاعه الشكلية بما فيها سابقة التظلم إلى لجنة فض المنازعات المنصوص عليها في المادة 157 من هذا القانون فمن ثم يكون متعيناً قبوله شكلاً.
ومن حيث إن الواقعات على ما أبانت الأوراق تتحصل في أن الطاعن أقام هذا الطعن ابتغاءً الحكم بطلباته الموضحة آنفاً، وقال شرحاً لذلك إنه عين عضواً بمجلس الدولة وتدرج في وظائفه حتى عين رئيساً لهذا المجلس في أغسطس 1984 ثم أحيل إلى التقاعد في 21/ 9/ 1985 لبلوغه سن الستين وسوى معاشه على درجة وزير واستحق معاشاً عن الأجر المتغير مقداره 150 جنيهاً طبقاً للقانون رقم 47 لسنة 1984 بتعديل بعض أحكام قانون التأمين الاجتماعي، وعلى أثر صدور القانون رقم 107 لسنة 1987 ناصاً على رفع معاش الأجر المتغير إلى 50% من متوسط أجر تسوية هذا المعاش إذا كان يقل عن هذه النسبة بالشروط التي حددها والتي استوفاها الطاعن جميعاً فقد أبت الهيئة المطعون ضدها إفادته من أحكامه بدعوى انتهاء خدمته قبل صدوره واستندت في ذلك إلى القانون رقم 1 لسنة 1991 والذي قضت المحكمة الدستورية العليا بجلسة 20/ 6/ 1994 بعدم دستوريته، ولما كان صدور هذا الحكم قد أزاح العقبة التي كانت تحول دون استحقاقه معاش الأجر المتغير على الوجه الذي يطالب به فقد تظلم في 20/ 7/ 1994 إلى الهيئة المطعون ضدها دون ما استجابة مما حدا به إلى إقامة طعنه الراهن.
ومن حيث إن الجهة الإدارية أجابت على الطعن فدفعت بعدم القبول استناداً إلى المادة 142 من قانون التأمين الاجتماعي على ما سلف بيانه وتفنيده، وطلبت احتياطياً رفض الطعن بمقولة أن الحد الأقصى لأجر الاشتراك المتغير هو 4500 جنيه سنوياً طبقاً لقرار وزير التأمينات رقم 35 لسنة 1987 أي 375 جنيهاً شهرياً ومن ثم يكون الحد الأقصى لمعاش هذا الأجر 187.500 شهرياً بحسبانه يمثل 50% من أجر تسوية هذا المعاش وهو القدر المستحق لمن يبلغ متوسط أجر اشتراكه المتغير 375 جنيهاً شهرياً، ولما كان متوسط أجر تسوية معاش الطاعن عن الأجر المتغير عند إحالته إلى التقاعد قد بلغ 248.166 جنيهاً شهرياً فإن مقدار الـ 50% من متوسط معاشه المتغير يكون مبلغ 142.83 جنيهاً شهرياً، وترتيباً على ذلك فقد منح المعاش الأفضل بواقع 150 جنيهاً شهرياً بوصفه معاش الأجر المتغير المقرر للوزير، وأضافت الجهة الإدارية أنها تطلب من باب الاحتياط الكلي مراعاة أحكام التقادم الخمسي.
ومن حيث إنه بتاريخ 27 من يوليه 1987 صدر القانون رقم 107 لسنة 1987 بتعديل بعض أحكام قانون التأمين الاجتماعي ونص في المادة الأولى منه على أنه "إذا كان معاش المؤمن عليه عن أجر اشتراكه المتغير المستحق في الحالة المنصوص عليها في البند (1) من المادة 18 من قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 يقل عن 50% من متوسط أجر تسوية هذا المعاش رفع إلى هذا القدر متى توافرت الشروط الآتية:
أ - أن يكون المؤمن عليه مشتركاً عن الأجر المتغير في 1/ 4/ 1984 ومستمراً في الاشتراك عن هذا الأجر حتى تاريخ انتهاء خدمته.
ب - أن يكون للمؤمن عليه في تاريخ توافر واقعة استحقاق المعاش مدة اشتراك فعلية عن الأجر الأساسي مقدارها 240 شهراًَ على الأقل.... إلخ.
ومن حيث إن المستفاد من صريح هذا النص أنه يشترط لرفع معاش الأجر المتغير إلى 50% من متوسط أجر تسوية المعاش إذا كان يقل عن هذا المقدار توافر شروط ثلاثة أولها أن تكون خدمة المؤمن عليه قد انتهت لبلوغ سن التقاعد والثاني أن يكون مشتركاً عن الأجر المتغير في 1/ 4/ 1984 ومستمراً في الاشتراك حتى تاريخ انتهاء خدمته وثالث هذه الشروط أن تكون مدة اشتراكه الفعلية عن الأجر الأساسي 240 شهراً على الأقل في تاريخ تحقق واقعة استحقاق المعاش، فإن توافرت هذه الشروط مجتمعة في حق المؤمن عليه كان من المخاطبين بحكم هذا النص محقاً في رفع معاش الأجر المتغير المستحق له إلى 50% من متوسط أجر التسوية متى كان المعاش أدنى من هذا المقدار.
ومن حيث إنه لا مراء في أن الطاعن قد استوفى هذه الشرائط جميعها وهو ما لا تنازع فيه أو تجحده الهيئة المطعون ضدها، بيد أنها ساقت تبريراً لمسلكها حيال عدم الاستجابة إلى مطلبه قولاً مرسلاً حاصله أن متوسط أجر تسوية معاشه المتغير عند بلوغ سيادته سن التقاعد هو مبلغ 248.166 جنيهاً شهرياً، وإذ عومل معاملة الوزراء واستحق معاشاً عن الأجر المتغير مقداره 150 جنيهاً شهرياً فإنه يكون قد منح المعاش الأفضل.
ومن حيث إن هذا الدفاع مردود بما ثبت من مطالعة جدول الوظائف والمرتبات والبدلات الملحق بالقانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة معدلاً بالقانون رقم 53 لسنة 1984 من أن بدل التمثيل المقرر لرئيس مجلس الدولة هو 2000 جنيه سنوياً، فإذا أضيفت إليه الحوافز التي قررها المجلس الأعلى للهيئات القضائية بالقرار الصادر في 24 من سبتمبر 1980 والمعدل بالقرارين الصادرين في 14 يوليه 1981 و20 من يناير 1983 وما إلى ذلك من عناصر حساب الأجر المتغير وفقاً للمادة 5 (ط) من قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 معدلة بالقانون رقم 47 لسنة 1984 فإن أجر تسوية المعاش المتغير للطاعن إنما يتحدد بالحد الأقصى المقرر بقرار وزير التأمينات الاجتماعية رقم 75 لسنة 1984 ومقداره 4500 جنيه سنوياً، ويغدو والحالة هذه محقاً في طلبه رفع المعاش المستحق له عن الأجر المتغير إلى 50% من هذا الحد الأقصى ليكون بواقع 187.500 جنيه شهرياً بدلاً من 150 جنيهاً وذلك اعتباراً من 1/ 7/ 1987 تاريخ العمل بالقانون رقم 107 لسنة 1987 آنف الذكر، ولا محاجة فيما دفعت به الهيئة المطعون ضدها من تقادم خمسي، ذلك بأن صدور القانون رقم 1 لسنة 1991 الذي قضى من بعد بعدم دستوريته على ما سلفت الإشارة أقام ولا ريب - طيلة نفاذه - مانعاً من شأنه وقف التقادم عملاً بالمادة 382 من القانون المدني.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بأحقية الطاعن في رفع معاش الأجر المتغير المستحق له إلى 50% من أجر تسوية هذا المعاش اعتباراً من 1/ 7/ 1987 مع ما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية وذلك على الوجه المبين بالأسباب.