الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 7 يونيو 2023

الطعن 17005 لسنة 91 ق جلسة 4 / 10 / 2022

باسم الشعب
محكمة النقض
الـدائرة المدنية
دائرة الثلاثاء ( هـ ) المدنية
برئاسـة السيـد المستشار / معتز أحمد مبروك نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين / صلاح الدين جلال ، محمد فاروق ، إيـهـاب طنطاوي نواب رئيس المحكمة و عمـرو ممـدوح

بحضور رئيس النيابة السيد / أسامة أحمد .

وأمين السر السيد / إسلام محمد أحمد .

فى الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالى بمدينة القاهرة
في يوم الثلاثاء 8 من ربيع الأول سنة 1444هـ الموافق 4 من أكتوبر سنة 2022 م .
أصدرت الحكم الآتى :
فى الطعن المقيد فى جدول المحكمة برقم 17005 لسنة 91 ق .

المـرفوع من :
...... المقيمة / ..... - قسم أول كفر الشيخ . لم يحضر أحد عن الطاعنة .
ضـد

....... المقيمة / ...... . ، المقيم / ..... - قسم أول كفر الشيخ . حضر عن المطعون ضدها الأولى الأستاذان / ..... المحاميان .

-------------------
" الـوقائع "
في يوم 14 / 8/ 2021 طُعِنَ بطريق النقض في حكم محكمة استئناف طنطا مأمورية كفر الشيخ الصادر بتاريخ 16 / 6 / 2021 في الاستئناف رقم 1734 لسنة 53 ق وذلك بصحيفة طلبت فيها الطاعنة الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكـم المطعون فيه .
وفى 16 / 10 / 2021 أعلن المطعون ضدهما بصحيفة الطعن .
ثم أودعت النيابة مذكرتها وطلبت فيها قبول الطعن شكلاً وفى الموضوع برفضه .
وبجلسة 2/ 8/ 2022 عُرِضَ الطعن على المحكمة في غرفة مشورة ، فرأت أنه جدير
بالنظر فحددت لنظره جلسة للمرافعة .
وبجلسة 4/ 10 / 2022 سُمِعت الدعوى أمام هذه الدائرة على ما هو مبين بمحضـر الجلسة حيث صمم محاميا المطعون ضدها الأولى والنيابة كل عـلى ما جاء بمذكرته ، والمحكمة أصدرت الحكم بجلسة اليوم .

-------------------
" المحكمة "
بعد الاطـلاع على الأوراق وسماع التقريـر الذى تلاه السيـد المستشار المقـرر/ عمرو ممدوح ، والمرافعة ، وبعد المداولة .
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدها الأولى أقامت على الطاعنة الدعوى رقم1609 لسنة ٢٠١٩ محكمة كفر الشيخ الابتدائية بطلب الحكم بطردها من عين النزاع المبينة بالصحيفة والتسليم على سند من أنه بموجب عقد الإيجار المؤرخ 20/ ٤/ 2015 استأجر المطعون ضده الثاني من والدته المطعون ضدها الأولى عين النزاع بعد بيعها لها بموجب العقد 1/ ٥/ 2014 واستصدرت المطعون ضدها الأولى الحكم رقم 849 لسنة ٢٠١٨ محكمة كفر الشيخ بطرد المطعون ضده الثاني من عين النزاع وتسليمها لها وحال التنفيذ تبين لها أن الطاعنة تضع اليد عليها دون سند فأقامت الدعوى ، أدخلت الطاعنة المطعون ضده الثاني ووجهت له وللمطعون ضدها الأولى طلباً عارضاً بطلب الحكم بعدم تعرضهما لها في عين النزاع لأنها حاضنة لصغيرها منه ، حكمت المحكمة في موضوع الدعوى الأصلية بالطلبات ورفض الطلب العارض . بحكم استأنفته الطاعنة برقم 1734 لسنة 53 ق طنطا - مأمورية كفر الشيخ وفيه قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن ، عُرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة ، فحددت جلسة لنظره ، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إنه مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب ، إذ تمسكت أمام محكمة الموضوع بصورية عقد الإيجار المبرم بين المستأجر المطعون ضده الثاني طليقها والمؤجرة والدته المطعون ضدها الأولى المؤرخ 20/ 4/ 2015 بعد أن قام ببيعها لها بموجب عقد البيع المؤرخ 1/ 5/ 2014 ودللت على ذلك بصلة القرابة بينهما وضآلة الثمن المدون في عقد البيع ولسبق استصدارها قرار من النيابة العامة باستمرارها في عين النزاع مسكن الزوجية باعتبارها حاضنة لصغيرها من المطعون ضده الثاني وأن هذين العقدين أبرما للتحايل على حقها في مسكن الحضانة إلا أن الحكم المطعون فيه التفت عن دفاعها ولم يبحثه وقضى بطردها منه مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك بأنه لما كان النص في المادة 18 مكرراً ثالثاً من المرسوم بقانون رقم ٢٥ لسنة ١٩٢٩ المعدل بالقانون رقم 100 لسنة 1985 على أنه على الزوج المطلق أن يهيئ لصغاره من مطلقته ولحاضنتهم المسكن المستقل المناسب ، فإذا لم يفعل خلال فترة العدة استمروا في شغل مسكن الزوجية المؤجر دون المطلق مدة الحضانة . وإذا كان مسكن الزوجية غير مؤجر ، كان من حق الزوج المطلق أن يستقل به إذا هيأ لهم المسكن المستقل المناسب بعد انقضاء فترة العدة . ويخير القاضي الحاضنة بين الاستقلال بمسكن الزوجية ، وبين أن يقدر لها أجر مسكن مناسب للمحضونين ولها ... يدل على أنه لما كانت نفقة الصغار بأنواعها وبالقدر اللازم منها لضمان كفايتهم على ضوء ما يليق بأمثالهم مسئولية الأب لا يشاركه فيها غيره ولا تسقط عنه ولو كان معسراً مادام قادراً على الكسب وإن امتنع عن أدائها حبس بخلاف سائر الديون ، وكان هذا الالتزام على عاتق الأب من الأصول الثابتة شرعاً التي لا تحتمل الجدال أو التأويل باعتبار أن في إنفاقه على صغاره إحياء لهم وفي إحيائهم إحياء لنفسه لتحقق العصبية ، وكان توفير مسكن ملائم للصغار حقاً لهم على أبيهم لأنه جزء من نفقتهم ، لذلك حرص المشرع على تأكيد وتنظيم هذا الحق بوصفه من الحاجات الضرورية التي لا غنى عنها اللازمة لصيانة وحفظ الصغار وذلك بالنص في المادة ١٨ مكرراً ثالثاً سالفة البيان على الضوابط التي تكفل لهم استيفاء ذلك الحق فأنشأ بهذا النص التزاماً تخييرياً وجعل الخيرة للزوج المطلق بين محلين أحدهما أن يهيئ لصغاره من مطلقته وحاضنتهم المسكن المستقل المناسب والثاني استمرارهم في شغل مسكن الزوجية دونه مدة الحضانة ، فاذا أسقط الزوج المطلق خياره بعدم إعداد المسكن المناسب المستقل لصغاره وحاضنتهم انقلب ذلك الالتزام التخييري إلى التزام بسيط غير موصوف له محل واحد هو استقلال المطلقة الحاضنة مع صغارها بمسكن الزوجية مدة الحضانة متى طلبت ذلك ، ولا يثبت لهم هذا الحق من تاريخ إسقاط الزوج المطلق لخياره بل من تاريخ الطلاق ، ذلك أن ما يترتب على هذا الإسقاط من قصر محل الالتزام علي الاستمرار في مسكن الزوجية يكون له أثر رجعي بحيث يعتبر الالتزام بسيطاً منذ نشوئه له محل واحد هو مسكن الزوجية لأن حق الخيار يعد بمثابة شرط واقف متى تحقق انصرف أثره إلى الماضي ، وذلك الحق للصغار وحاضنتهم في الاستمرار في شغل مسكن الزوجية مصدره المباشر نص القانون في المادة ١٨ مكرراً ثالثاً سالفة البيان وهو من النصوص الآمرة المتعلقة بالنظام العام باعتبار أن الأحكام التي تنظم الأحوال الشخصية في مجموعها تتعلق بالنظام العام ، لما للشخص ولأسرته من اتصال وثيق بكيان الجماعة ويهدف المشرع من تنظيم أحكامها تحقيق المصلحة العامة ومن أخص هذه الأحكام تلك التي تتعلق بالحقوق والواجبات التي تنشأ من الأبوة ومنها النفقة بمختلف أنواعها لأنها تستند إلى نصوص قاطعة في الشريعة الإسلامية فلا يجوز الاتفاق على مخالفتها أو التحايل عليها ، ومن ثم لا يجوز للزوج المطلق التحايل على أحكام القانون بهدف إسقاط حق الصغار وحاضنتهم في شغل مسكن الزوجية مدة الحضانة بعد ثبوته لهم عن طريق التصرف بأي صورة للغير في هذا المسكن بغية التوصل إلى طردهم منه دون أن يوفر لهم المسكن المستقل المناسب ، فإن هذا التصرف لا يسرى ولا ينفذ في حق الصغار وحاضنتهم متى كان لاحقاً على ثبوت حقهم في شغل مسكن الزوجية ، وكان المتصرف إليه يعلم وقت إبرام التصرف بهذا الحق لأنه يعد بمثابة اتفاق على مخالفة أحكام القانون الآمرة المتعلقة بالنظام العام ، ويجوز إثبات ذلك التحايل بكافة طرق الإثبات بما فيها البينة والقرائن ، وأنه ولئن كان تقدير الادعاء بالصورية هو مما يستقل به قاضي الموضوع لتعلقه بفهم الواقع في الدعوى إلا أن شرط ذلك أن يواجه هذا الادعاء بما يقتضيه وأن لا يعول في إثبات الصورية أو نفيها على التصرف ذاته المدعي بصوريته أو على نصوص المحرر المثبت له ، وأن إغفال الحكم بحث دفاع أبداه الخصم يترتب عليه بطلان الحكم إذا كان هذا الدفاع جوهرياً ومؤثراً في النتيجة التي انتهت إليها المحكمة إذ يعتبر ذلك الإغفال قصوراً في أسباب الحكم الواقعية يقتضى بطلانه ومؤدى ذلك أنه إذا طرح على المحكمة دفاع كان عليها أن تنظر في أثره في الدعوى فإن كان منتجاً فعليها أن تقدر مدى جديته حتى إذا ما رأته متسماً بالجدية مضت إلى فحصه لتقف على أثره في قضائها فإن هي لم تفعل كان حكمها قاصراً ، لما كان ذلك، وكانت الطاعنة قد تمسكت في دفاعها أمام محكمة الموضوع بدرجتيها بأنها كانت تشغل والمطعون ضده الثاني عين النزاع المملوكة له كمسكن زوجية حتى تاريخ تطليقه لها واستمرت في الإقامة فيها بعد الطلاق مع محضونها باعتباره مسكناً للحضانة ، وبأن المطعون ضده الثاني تواطأ مع المطعون ضدها الأولى والدته لطردها منه فحرر لها عقداً ببيع شقة النزاع بتاريخ 1/ ٥/ 2014 تلاه عقد إيجار مؤرخ 20/ ٤/ 2015 ، مما مفاده تمسكها بصورية هذا العقد الأخير صورية مطلقة ، إلا أن الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه أقام قضاءه بطرد الطاعنة على انعدام السند القانوني لشغلها ومحضونها عين النزاع وأنها غاصبة لها وأن الدفع بالصورية على عقد انتهت مدته وأصبح لا وجود له ، رغم خلو الأوراق مما يفيد إعداد المطعون ضده الثاني المسكن المستقل المناسب للحاضنة ومحضونها ، وأن التصرف في العين بالبيع من المطعون ضده الثاني للمطعون ضدها الأولى لا ينال من حقها في الاستمرار في شغلها باعتبارها حاضنة لكون المشتري بعقد عرفي يعد خلفاً خاصاً للبائع تسرى في حقه كافة الالتزامات التي تسرى في حق البائع له ، ومن ثم فإنه لم يواجه دفاع الطاعنة بما يصلح ردا عليه إذ لم يعن بتحقيقه رغم جوهريته والذي من شأنه - إن صح - أن يتغير به وجه الرأي في الدعوى فيكون قد ران عليه القصور المبطل الذي جره إلى مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه مما يعيبه ويوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.
لـذلـك
نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه ، وأحالت القضية إلى محكمة استئناف طنطا مأمورية كفر الشيخ - وألزمت المطعون ضدهما المصاريف ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

الطعن 4640 لسنة 40 ق جلسة 25 / 10 / 1998 إدارية عليا مكتب فني 44 ق 6 ص 93

جلسة 25 من أكتوبر سنة 1998

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ رأفت محمد السيد يوسف - نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة، وعضوية السادة الأساتذة المستشارين: محمد أحمد الحسيني مسلم، وعبد البادي محمد شكري، وسمير إبراهيم البسيوني وأحمد عبد الحليم أحمد صقر - نواب رئيس مجلس الدولة.

-------------------

(6)

الطعن رقم 4640 لسنة 40 قضائية - عليا

توجيه وتنظيم أعمال البناء - إزالة - عدم جواز تفويض المحافظ لمستشاره للشئون الفنية والهندسية.
المادة 16 من القانون رقم 106 لسنة 1976 في شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء المعدل بالقانون رقم 30 لسنة 1982، والمادة 31 من القانون رقم 43 لسنة 1979 بإصدار قانون نظام الإدارة المحلية.
المشرع أجاز للمحافظ المختص أو من ينيبه إصدار قرار مسبب بإزالة أو تصحيح الأعمال المخالفة التي تمت بدون ترخيص أو بالمخالفة للترخيص الممنوح بشأنها - المشرع لم يحدد الشخص أو الأشخاص الذين يجوز للمحافظ المختص إنابتهم - يتعين الرجوع لأحكام قانون نظام الحكم المحلي والتي حددت الأشخاص الذين يجوز للمحافظ أن يفوضهم في سلطاته واختصاصاته فقصر هذا التفويض على مساعدي المحافظ وسكرتير عام المحافظة والسكرتير العام المساعد ورؤساء المصالح ورؤساء الوحدات الأخرى - التفويض الصادر من المحافظ إلى مستشار المحافظ للشئون الهندسية والفنية في هذا الشأن يكون باطلاً لمخالفته القانون، وما يصدر بناءً على هذا التفويض من قرارات يكون باطلاً لصدوره من غير مختص. تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الأحد الموافق 25/ 9/ 1994 أودع الأستاذ/ ........ المحامي بصفته وكيلاً عن الطاعن، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا، تقرير طعن قيد بجدول المحكمة برقم 4640 لسنة 40 ق. عليا في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالقاهرة دائرة منازعات الأفراد والهيئات (ب) بجلسة 4/ 8/ 1994 والذي قضى "بقبول الدعوى شكلاً ورفضها موضوعاً وإلزام المدعي المصروفات".
وطلب الطاعن - للأسباب المبينة بتقرير الطعن - الحكم "بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء له بطلباته التي أبداها أمام محكمة القضاء الإداري مع إلزام جهة الإدارة المصروفات عن الدرجتين".
وتم إعلان تقرير الطعن للمطعون ضدهم. كما أودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء بإلغاء القرار رقم 47 لسنة 1990 وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المطعون ضدهم المصروفات.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة حيث قررت بجلسة 30/ 8/ 1998 إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الخامسة) لنظره بجلسة 4/ 10/ 1998 وفي هذه الجلسة حضر الطرفان وفيها قررت المحكمة إصدار الحكم في الطعن بجلسة اليوم وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - في أن المدعي (الطاعن) أقام الدعوى رقم 4883 لسنة 44 ق بإيداع صحيفتها قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بالقاهرة - دائرة منازعات الأفراد والهيئات "ب" بتاريخ 22/ 5/ 1990 طالباً في ختامها الحكم بقبول الدعوى شكلاً وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار رقم 47 لسنة 1990 الصادر بتاريخ 2/ 10/ 1989 بإزالة الدور الأرضي والأول والثاني وأعمدة الثالث فوق الأرضي بالعقار المشار إليه بالعريضة وفي الموضوع بإلغائه وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المدعى عليهم المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وقال المدعي شرحاً لدعواه إنه أُعلن بتاريخ 3/ 5/ 1990 بقرار الإزالة المذكور ونعى على هذا القرار بطلانه لمخالفته لأحكام المادة رقم 15 من القانون رقم 106 لسنة 1976 لصدوره بدون أسباب تبرره، بالإضافة إلى أنه لم يتم معاينة العقار بمعرفة اللجنة الثلاثية قبل الموافقة على الإزالة، وأن الجهة الإدارية مصدرة القرار لم تهدف إلى تحقيق المصلحة العامة من إصدار هذا القرار بل قصدت الإضرار بالمدعي.
وقامت المحكمة بإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضي الدولة حيث قامت بتحضيرها وأودعت تقريراً مسبباً بالرأي القانوني فيها ارتأت فيه الحكم بقبول الدعوى شكلاً ورفضها موضوعاً وإلزام المدعي المصروفات.
وبجلسة 4/ 8/ 1994 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه وقد شيدت هذا الحكم بعد استعراضها لنصوص المادتين الرابعة والسادسة عشر من القانون رقم 106 لسنة 1976 - المعدل بالقانون رقم 30 لسنة 1982 - بشأن توجيه وتنظيم أعمال البناء - على أساس أن المدعي قام ببناء الدور الأرضي والأول والثاني وأعمدة الدور الثالث بالعقار المملوك له والموضح بعريضة الدعوى بدون الحصول على ترخيص بذلك من الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم، فقامت هذه الجهة بتحرير محضر مخالفة رقم 419 لسنة 1989 ضده ثم أصدرت القرار رقم 868 لسنة 1989 بوقف الأعمال المخالفة ثم أصدرت القرار المطعون فيه بإزالة هذه الأعمال ومن ثم يكون هذا القرار قائماً على سببه المبرر له متفقاً وصحيح حكم القانون. وأن صدور حكم جنائي بالبراءة لا يغير من الأمر شيئاً لقيامه على انقضاء الدعوى العمومية بمضي المدة.
ومن حيث إن الطاعن لم يرتض هذا الحكم فأقام الطعن الماثل على أساس أن الحكم المطعون فيه 1 - قد صدر بالمخالفة لحجية الحكم الجنائي النهائي ذلك أنه بعد أن صدر حكم من محكمة أول درجة في 23/ 10/ 1990 بتغريم الطاعن ستة عشر ألف جنيه والإزالة والمصاريف فقد قضت محكمة الاستئناف في الاستئناف رقم 7669 لسنة 1990 جنوب القاهرة بإلغاء الحكم المستأنف بانقضاء الدعوى بمضي المدة، ومفاد ذلك أن الحكم الجنائي حمى المباني التي أقامها الطاعن بحيث لا يحكم عليه بعقوبة ولا بإزالة المباني المخالفة ولو كان الأمر غير ذلك لحكمت المحكمة الجنائية بعدم معاقبة الطاعن مع بقاء الإزالة.
2 - أن القرار الطعين صادر من غير مختص حيث يلاحظ من الاطلاع على القرار المطعون فيه أن مدير عام منطقة الإسكان بحي شرق القاهرة ورئيس حي شرق القاهرة قد أعدا مشروع قرار الإزالة ورفعاه إلى اللجنة المشكلة طبقاً للمادة رقم 16 من القانون رقم 106 لسنة 1976 المشار إليه فوافقت اللجنة على الإزالة ثم صدر قرار الإزالة من مستشار المحافظ للشئون الهندسية والفنية وأشار في ديباجته إلى قرار محافظ القاهرة رقم 195 سنة 1983 بتفويض المستشار الهندسي بالنسبة للمادة 16 من القانون رقم 106 لسنة 1976 ولما كان هذا التفويض قد ألغي وصار الأمر مقصوراً على المحافظ ونواب المحافظ ومن يفوضهم من رؤساء الأحياء فإن مفاد ذلك أن القرار المطعون فيه صدر من غير مختص مما يعدمه، وأضاف الطاعن أنه إذا صح ما ذهبت إليه هيئة قضايا الحكومة في دفاعها من أن القرار مذيل بتوقيع مدير مديرية الإسكان بتفويض من السيد المحافظ فلم يقم دليل على هذا التفويض فضلاً عن أنه بمقارنة هذا التوقيع على توقيع مدير عام منطقة الإسكان الثابت على ذات الورقة بمناسبة اقتراحه إصدار قرار الإزالة يبين أنه يختلف عن التوقيع الأول المذيل به القرار المطعون فيه.
ومن حيث إن المادة رقم (16) من القانون رقم 106 لسنة 1976 المعدل بالقانون رقم 30 لسنة 1982 في شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء تنص على أنه "يصدر المحافظ المختص أو من ينيبه بعد أخذ رأي لجنة تشكل بقرار منه من ثلاثة من المهندسين المعماريين أو المدنيين من غير العاملين بالجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم.. قراراً مسبباً بإزالة أو تصحيح الأعمال التي تم وقفها".
ومن حيث إن مفاد هذا النص أن المشرع قد أجاز للمحافظ المختص أو من ينيبه إصدار قرار مسبب بإزالة أو تصحيح الأعمال المخالفة التي تمت بدون ترخيص أو بالمخالفة للترخيص الممنوح بشأنها، إلا أن المشرع لم يحدد الشخص أو الأشخاص الذين يجوز للمحافظ المختص إنابتهم في إصدار القرار المشار إليه، ومن ثم فإنه يتعين الرجوع في هذا الشأن لأحكام المادة رقم 31 من القانون رقم 43 لسنة 1979 بإصدار قانون نظام الحكم المحلي والتي حددت الأشخاص الذين يجوز للمحافظ أن يفوضهم في سلطاته واختصاصاته فقصر هذا التفويض في مساعدي المحافظ وسكرتير عام المحافظة والسكرتير العام المساعد
ورؤساء المصالح ورؤساء الوحدات الأخرى وبالتالي فيتعين أن يقتصر تفويض المحافظ لاختصاصاته وسلطاته لهؤلاء المذكورين في المادة 31 المشار إليها ولا يجوز - من ثم - تفويض أحد من غيرهم في شيء من هذه السلطات والاختصاصات.
ومن حيث إن الثابت من مطالعة القرار المطعون فيه أنه صادر من مستشار المحافظ للشئون الهندسية والفنية بناءً على التفويض الصادر له من محافظ القاهرة بالقرار رقم 195 في 20/ 7/ 1983 بشأن تفويض السيد المستشار الهندسي في السلطة المخولة للمحافظ في المادة 16 من القانون رقم 106 لسنة 1976 والمادة الثالثة من القانون رقم 30 لسنة 1982، وكان المستشار الهندسي من غير الأشخاص والوظائف المنصوص عليها في المادة رقم 31 من القانون رقم 43 لسنة 1979 المشار إليه، وبالتالي فلا يجوز تفويضه في اختصاصات وسلطات المحافظ ويكون التفويض الصادر له في هذا الشأن باطلاً لمخالفته للقانون ويضحى بالتالي ما يصدر عنه من قرارات بناءً على هذا التفويض باطلة لصدورها من غير مختص (يراجع حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 1278 لسنة 35 ق جلسة 25/ 12/ 1994).
ومن حيث إنه لما تقدم يضحى القرار المطعون فيه قد صدر بالمخالفة لأحكام القانون مما يتعين الحكم بإلغائه وما يترتب على ذلك من آثار.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وقضى برفض الدعوى فإنه يكون قد صدر على خلاف أحكام القانون مما يتعين الحكم بإلغائه وبإلغاء القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار.
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم المصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء بإلغاء القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار وألزمت جهة الإدارة المصروفات.

الطعن 381 لسنة 36 ق جلسة 20 / 4 / 1971 مكتب فني 22 ج 2 ق 77 ص 500

جلسة 20 من إبريل سنة 1971

برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: بطرس زغلول، وعباس حلمي عبد الجواد، وإبراهيم علام، ومحمد أسعد محمود.

---------------

(77)
الطعن رقم 381 لسنة 36 القضائية

(أ) شركات. "الشركات المساهمة". وكالة. عمل.
عضو مجلس الإدارة المنتدب في الشركات المساهمة. إمكان شغله قبل العمل بالقانون رقم 114 لسنة 1958 وظيفة المدير العام أو المدير الفني للشركة. جمعه في هذه الحالة بين صفتي الوكيل والأجير. معاملته بالقواعد القانونية الخاصة بكل صفة على حدتها.
(ب) شركات. "الشركات المساهمة". عمل. نقض. "أسباب الطعن". حكم. "تسبيب الحكم".
انتهاء الحكم إلى أنه يجوز لعضو مجلس إدارة الشركة المساهمة باعتباره مديراً عاماً أن يتقاضى أجراً نظير الإدارة الفعلية. النعي عليه فيما قرره من اعتبار رئيس مجلس الإدارة عضواً منتدباً دون أن يصدر قرار من مجلس الإدارة بتعينه. غير منتج.

---------------
1 - من المقرر في قضاء هذه المحكمة (1) أنه قبل العمل بالقانون رقم 114 لسنة 1958 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 26 لسنة 1954 بشأن الشركات المساهمة، لم تكن النصوص القانونية القائمة وقتذاك لتحول دون إمكان أن يشغل عضو مجلس الإدارة المنتدب في ذات الوقت وظيفة المدير العام أو المدير الفني للشركة. فيجمع بذلك بين صفتي الوكيل والأجير ويعامل بالقواعد القانونية الخاصة بكل صفة على حدتها. وإذ كان مفاد ما خلص إليه الحكمان الابتدائي والاستئنافي أن مورث المطعون عليهما كان يقوم بأعمال المدير العام للشركة وهو وضع - وعلى ما أورده الحكم المطعون فيه - لا يتعارض مع قانون نظام الشركة الذي لا يقيد الأجر بنسبة معينة. فإن النعي على الحكم المطعون فيه بمخالفة القانون أو بالقصور في التسبيب يكون على غير أساس.
2 - إذا كان يجوز لعضو مجلس الإدارة في الشركات المساهمة - باعتباره مديراً عاماً - أن يتقاضي أجراً نظير الإدارة الفعلية. وأن هذا الأجر غير مقيد بحدود معينة وكان ما انتهى إليه الحكم في هذا الصدد كافياً لحمل قضائه. فإن النعي عليه بالخطأ في تطبيق القانون لأنه اعتبر رئيس مجلس الإدارة عضواً منتدباً دون أن يصدر قرار صريح من مجلس الإدارة بتعيينه يكون غير منتج.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - في أن رئيس مجل الإدارة المنتدب لشركة السكر والتقطير المصرية - الطاعن - أقام الدعوى رقم 283 لسنة 1956 تجاري أمام محكمة القاهرة الابتدائية ضد مورث المطعون عليهما الثانية والثالثة بطلب إلزامه بمبلغ 21989 ج و578 م، وقال شرحاً لها إن المادتين 35 و57 من لائحة النظام الأساسي لشركة السكر والتقطير المصرية تقضيان بأن تقدر مكافأة مجلس إدارتها بنسبة عشرة لكل مائة من الباقي من صافي ربح الشركة بعد خصم استقطاعات معينة، ويبين من مراجعة حسابات الشركة خلال السنوات من سنة 1951 حتى 1954 أن مجلس الإدارة وقتذاك قرر توزيع هذه النسبة بحيث اختص مورث المطعون عليهما الثانية والثالثة باعتباره رئيساً لمجلس الإدارة ومتولياً إدارة شئون الشركة منذ إنشائها بمبلغ محدد كأتعاب مقابل قيامه بالإدارة، بالإضافة إلى نسبة معينة من إجمالي الأرباح وذلك على خلاف أحكام لائحة النظام الأساسي المشار إليها، وإذ ترتب على ذلك أن أدخل المورث في ذمته من مال الشركة مبالغ تزيد عما يحق له اقتضاؤه تتمثل في الفرق بين ما صرف مكافأة لرئيس وأعضاء مجلس الإدارة في تلك السنوات وتبلغ 78882 ج و63 م وبين ما كان يجب أن يصرف في حدود نسبة العشرة في المائة التي يتحدد بها وعاء مكافأة مجلس الإدارة بأكمله وهو مبلغ 56982 ج و545 م، فقد أقامت دعواها بطلباتها سالفة البيان، ثم اختصم الحارس العام نيابة عن مورث المطعون عليهما الثانية والثالثة بعد أن فرضت الحراسة عليه طبقاً لأحكام الأمر العسكري رقم 138 لسنة 1961، ومحكمة أول درجة حكمت في 5 من يونيو سنة 1963 برفض الدعوى، استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 577 لسنة 80 ق القاهرة، وبعد صدور القانون رقم 150 لسنة 1964 استبدل بالحارس العام مدير إدارة الأموال والممتلكات الآيلة إلى الدولة - المطعون عليه الأول - ومحكمة الاستئناف حكمت في 17 من مايو سنة 1966 بتأييد الحكم المستأنف، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه وبالجلسة المحددة لنظره التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن بالسببين الثاني والثالث منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك بأن بالمادتين 35 و57 من القانون النظامي للشركة تقضيان بأن مكافأة مجلس الإدارة يتعين أن تكون في حدود معدل عشرة في المائة من الباقي من الربح الصافي للشركة بعد خصم احتياطي رأس المال وبعد استقطاع القدر الكافي لتوزيع حصة أولى على المساهمين، وأنه لا يصح تجاوز هذه النسبة سواء في تحديد مكافأة أعضاء المجلس العاديين أو عضو مجلس الإدارة المنتدب، وأن مجلس الإدارة علاوة على تجاوزه تلك النسبة المخصصة لمجلس الإدارة برمته حدد في قراره المكافأة التي تقاضاها مورث المطعون عليهما الثانية والثالثة بنسبة من الأرباح المجملة لا الصافية على خلاف أحكام القانون النظامي للشركة مما يشوب قرار مجلس الإدارة في هذا الصدد بالبطلان، غير أن الحكم المطعون فيه خالف ذلك وقرر أن أتعاب الإدارة الفعلية التي يختص بها العضو المنتدب لم يحظرها النظام الأساسي للشركة لأنها إنما تتقرر مقابل أعمال مستقلة بذاتها عن المكافأة المقررة لأعضاء مجلس الإدارة، كما لم يرد الحكم على عدم احتساب المكافأة بمعدل من الربح الصافي مما يعيبه بمخالفة القانون والقصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي بوجهيه غير سديد، ذلك أن الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه واجه ما يثيره الطاعن بسبب النعي في قوله: "إن المحكمة ترى الرجوع إلى صحيفة افتتاح الدعوى التي وصفت فيها الشركة المدعية - الطاعنة - هذه الأعمال بقولها إنه كان يتولى إدارة شركة التقطير المصرية بصفته رئيساً لمجلس الإدارة بها منذ إنشائها وكان المهيمن على شئونها والمتولي دفة أمورها، وواضح من هذا الوصف أن المدعى عليه - مورث المطعون عليهما الثانية والثالثة - كان يقوم بهذه الأعمال التي شملت كافة نشاط الشركة على مسئوليته الخاصة فليس من شك من أن مثل هذه الأعمال لا تدخل في نطاق أعمال الإدارة الموكولة قانوناً لمجلس الإدارة..... وكان القانون لا يحرم دفع أجر لعضو مجلس الإدارة المنتدب، وكان مجلس إدارة الشركة قد قرر أجراً لرئيسه بصفته المباشر الفعلي لأعمال إدارة مصالح الشركة العامة، فإن قرار مجلس الإدارة في هذا الخصوص يكون واجب الاحترام وواجب التنفيذ، ومن ثم يكون إدعاء الشركة بأن المبلغ الذي يجوز له أن يتقاضاه كأجر عن قيامه بأعباء الوظيفة بحيث يؤخذ من الوعاء المنصوص عليه في المادة 57 من نظام الشركة ادعاء يفتقر إلى السند القانوني أو الواقعي..." كما أضاف الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص قوله.. "ولا تلتفت المحكمة إلى ما تثيره الشركة المستأنفة من أن مكافأة مجلس الإدارة المنصوص عليها في المادة 57 من نظام الشركة يدخل فيها كل مبلغ يصرف لأعضاء مجلس الإدارة، ومن ضمنهم العضو المنتدب، ذلك أن مكافأة العضو المنتدب مقابل أعمال إدارية مستقلة عن تلك المكافأة المقررة لأعضاء مجلس الإدارة... يؤكد هذا النظر أنه عندما وضع نظام الضرائب في مصر عقب إلغاء الامتيازات الأجنبية جرى القانون رقم 14 لسنة 1939 على التفرقة بين ما يحصل عليه عضو مجلس الإدارة مقابل عمله الإداري فهذا أخضعه لضريبة كسب العمل وبين ما حصل عليه عضو الإدارة كمكافأة سنوية منسوبة إلى الأرباح فهذا أخضعه لضريبة القيم المنقولة، وهذا يتمشى مع طبيعة الأمور من أن العضو المنتدب إنما يقوم بالإدارة الفعلية في الشركة على نحو يقتضي به تخصيص جزء كبير من وقته وجهده لهذا الإدارة...". ولما كانت الدعوى المعروضة خاصة بما صرف لأعضاء مجلس الإدارة خلال السنوات من سنة 1951 حتى 1954 وكان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه قبل العمل بالقانون رقم 114 لسنة 1958 - بتعديل بعض أحكام القانون رقم 26 لسنة 1954 بشأن الشركات المساهمة - لم تكن النصوص القانونية القائمة وقتذاك لتحول دون إمكان أن يشغل عضو مجلس الإدارة المنتدب في ذات الوقت وظيفة المدير العام أو المدير الفني للشركة فيجمع بذلك بين صفتي الوكيل والأجير ويعامل بالقواعد القانونية الخاصة بكل صفة على حدتها، وكان مفاد ما خلص إليه الحكمان الابتدائي والاستئنافي على ما سلف تفصيله أن مورث المطعون عليهما الثانية والثالثة كان يقوم بأعمال المدير العام للشركة، وهو وضع - وعلى ما أورده الحكم المطعون فيه - لا يتعارض مع قانون نظام الشركة الذي لا يقيد الأجر بنسبة معينة، فإن النعي على الحكم المطعون فيه بمخالفة القانون أو بالقصور في التسبيب يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه بالسبب الأول للطعن الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم ذهب إلى أن صفة عضو مجلس الإدارة المنتدب يجوز اكتسابها ضمناً وإن لم يصدر قرار مجلس الإدارة بتعيينه، مع أن مفاد المادة 32 من القانون النظامي للشركة الواجب الاتباع هو أن يصدر قرار مجلس الإدارة بتعيين أحد أعضائه عضواً منتدباً حتى تتحدد اختصاصات العضو ومكافأته. ويضيف الطاعن أنه لا محل لاستشهاد الحكم بالمادة 31 من القانون رقم 26 لسنة 1954 للقول بأن رئيس مجلس الإدارة يعتبر عضواً منتدباً إذا كان يقوم بالإدارة الفعلية لأن المقصود من هذه المادة هو التسوية بين عضو مجلس الإدارة المنتدب وبين من يقوم بالإدارة الفعلية من ناحية حظر الجمع بين إدارة أكثر من شركتين لا جواز إعطاء مكافأة، الأمر الذي يعيب الحكم بالخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إنه لما كان يجوز لعضو مجلس الإدارة باعتباره مديراً عاماً أن يتقاضى أجراً نظير الإدارة الفعلية، وأن هذا الأجر غير مقيد بحدود معينة على ما ورد بالرد على السببين الثاني والثالث من أسباب الطعن، وكان هذا كافياً لحمل قضاء الحكم المطعون فيه، فإن النعي عليه بالخطأ في تطبيق القانون لأنه اعتبر رئيس مجلس الإدارة عضواً منتدباً دون أن يصدر قرار صريح من مجلس الإدارة بتعيينه يكون غير منتج.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن برمته.


[(1)] نقض 31/ 12/ 1969 مجموعة المكتب الفني. السنة 2 ص 1378.

الطعن 123 لسنة 28 ق جلسة 9 / 5 / 1963 مكتب فني 14 ج 2 ق 94 ص 663

جلسة 9 من مايو سنة 1963

برياسة السيد المستشار/ الحسيني العوضي، وبحضور السادة المستشارين: محمود توفيق إسماعيل، وأميل جبران، ولطفي علي، ومحمد ممتاز نصار.

------------------

(94)
الطعن رقم 123 لسنة 28 القضائية

(أ) مسئولية. "مسئولية تقصيرية". "مسئولية المتبوع عن أعمال تابعه". "مناطها".
قيام علاقة التبعية على توافر الولاية في الرقابة والتوجيه.
(ب) مسئولية. "مسئولية تقصيرية". "مسئولية المتبوع عن أعمال تابعه". مدارس حرة.
تبعية المدارس الحرة والعاملين بها لوزارة التربية والتعليم بالمعنى المقصود في المادة 174 من القانون المدني.
(ج) استئناف "أثر الاستئناف". تعويض. محكمة الموضوع. "سلطتها في التقدير".
عدم تقيد محكمة الاستئناف بحدود مبلغ التعويض المحكوم به متى كان الاستئناف قد رفع من المضرور. للمحكمة الاستئنافية بما لها من سلطة مطلقة في التقدير أن تقر الحكم الابتدائي على تقريره له ولو اعتبرت أن الضرر نتيجة خطأ مشترك خلافاً لما ارتآه ذلك الحكم من مسئولية التابع وحده عنه.
(د) حكم. "عيوب التدليل". "قصور". "ما لا يعد كذلك". استئناف.
إحالة حكم محكمة الدرجة الثانية إلى أسباب الحكم الابتدائي لا ينصرف إلا إلى ما لا يتعارض من هذه الأسباب مع أسبابه. اعتبار الحكم الاستئنافي أن الضرر قد نتج عن خطأ مشترك بين والد المصاب وتابع الطاعنة وإحالته إلى أسباب الحكم الابتدائي التي من يبنها ما ينفي الخطأ عن والد المصاب. لا قصور.

--------------
1 - مؤدى ما نصت عليه المادة 174 من القانون المدني هو أن علاقة التبعية تقوم على توافر الولاية في الرقابة والتوجيه، بحيث يكون للمتبوع سلطة فعلية في إصدار الأوامر إلى التابع في طريقة أداء عمله وفي الرقابة عليه في تنفيذ هذه الأوامر ومحاسبته على الخروج عليها.
2 - مفاد ما نص عليه القانون 38 لسنة 1948 والقرارات المنفذة له من خضوع المدارس الحرة لرقابة وزارة التربية و التعليم وتفتيشها في الحدود التي رسمها أن لوزارة التربية والتعليم سلطة فعلية في رقابة وتوجيه العاملين بالمدارس الحرة، وهي سلطة تستمدها من القانون لا لحساب هذه المدارس وإنما لحسابها هي باعتبارها القوامة على مرفق التعليم بما يتحقق معه تبعية المدارس المذكورة والعاملين بها للوزارة بالمعنى المقصود في المادة 174 من القانون المدني. (1)
3 - متى طرح الاستئناف المرفوع من والد المصاب بطلب زيادة مبلغ التعويض المحكوم به مع الاستئناف المرفوع من الطاعنة المتضمن طلب تعديله بإنقاصه بما يوازي ما أسهم به والد المصاب من خطأ في الحادث، فإن محكمة الاستئناف في هذه الحالة لا تكون مقيدة بحدود المبلغ المحكوم به ابتدائياً، ويكون من حقها تبعاً لما لها من سلطة مطلقة في تقدير التعويض أن تقر الحكم الابتدائي على تقديره ولو اعتبرت أن الضرر نتج عن خطأ مشترك بين والد المصاب والمطعون عليه الثاني تابع الطاعنة خلافاً لما ارتآه ذلك الحكم من مسئولية المطعون عليه الثاني وحده عن ذلك الضرر.
4 - إحالة حكم محكمة الدرجة الثانية إلى أسباب الحكم الابتدائي لا تنصرف إلا إلى ما لا يتعارض من هذه الأسباب مع أسبابه هو. فإذا كان الحكم المطعون فيه قد اعتبر أن الضرر قد نتج عن خطأ مشترك بين والد المصاب وتابع الطاعنة خلافاً لما ارتآه الحكم الابتدائي، فلا يعيبه أن من بين أسباب الحكم الابتدائي التي أحال إليها ما ينفي الخطأ عن والد المصاب.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن المطعون عليه الأول بصفته ولياً على ابنه القاصر إبراهيم أقام الدعوى رقم 269 سنة 1955 كلي طنطا على المطعون عليه الثاني وهو مدرس بمدرسة الأقباط الثانوية بطنطا والمطعون عليه الثالث ناظر تلك المدرسة ووزارة التربية والتعليم الطاعنة وطلب إلزامهم متضامنين بأن يدفعوا له مبلغ 3000 ج والمصروفات وقال في بيان دعواه إن ابنه وهو تلميذ بالمدرسة المشار إليها قد أصيب بكسر في ذراعه الأيسر أثناء تدريبه على المصارعة في المدرسة وحصلت مضاعفات في الإصابة أدت إلى بتر الذراع وقد تسببت الإصابة ومضاعفاتها عن خطأ المطعون عليه الثاني إذ كان يشرف على تدريب المصارعة وحمل ابنه المضرور على منازلة تلميذ يزيد عليه في الوزن فأسقط ابنه على الأرض وأصيب في ذراعه بالكسر كما أن المطعون عليه المذكور قد تصدى لعلاج الإصابة بطريقة غير فنية بأن دلك مكانها بالثلج وربط الذراع على جبيرتين من الخشب برباط محكم وأمر المصاب بعدم فكه وبعدم التوجه للطبيب حتى اشتدت به العلة مما استلزم بتر ذراعه عندما أدخل إلى المستشفى فيما بعد ورتب المدعي على ذلك مسئولية المطعون عليه الثاني عن خطئه الشخصي ومسئولية المطعون عليه الثالث ووزارة التربية والتعليم باعتبارهما متبوعين مسئولين عن أعمال تابعهما مرتكب الخطأ وطلب إلزامهم جميعاً متضامنين بمبلغ التعويض الذي قدره في دعواه، ودفعت وزارة التربية والتعليم بعدم قبول الدعوى بالنسبة إليها لرفعها على غير ذي صفة بمقولة إن المطعون عليه الثاني لا يعتبر تابعاً لها إذ أن مدرسة الأقباط التي يعمل بها من المدارس الحرة فلا تعد تابعة للحكومة. كما طلبت الوزارة احتياطياً رفض الدعوى على أساس أنه لم يقع خطأ من المدرس تترتب عليه مسئوليته وبالتالي مسئولية متبوعة وأنه بفرض ثبوت أي خطأ في جانب المدرس المذكور فإن خطأ المدعي قد استغرقه لتراخيه في إدخال ابنه المصاب المستشفى مدة أربعة أيام طرأت خلالها مضاعفات على الإصابة وهي التي استوجبت بتر الذراع وفي 16 من سبتمبر سنة 1956 قضت محكمة طنطا الابتدائية برفض الدفع المقدم من وزارة التربية والتعليم بعدم قبول الدعوى وبقبولها وندبت الطبيب الشرعي لفحص المصاب وبيان سبب بتر ذراعه وما إذا كانت الإسعافات التي أجراها له المطعون عليه الثاني قد أدت أو ساهمت في إحداث هذا الضرر وبيان ما إذا كانت هناك عوامل أخرى ساهمت في إحداث النتيجة التي انتهت إليها الإصابة، وبعد أن قدم الطبيب الشرعي تقريره قضت المحكمة في 30 يناير سنة 1957 بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المدعي أن المطعون عليه الثاني أبدى المشورة لأبنه بعدم عرض نفسه على الطبيب والاكتفاء بما أجراه له من الإسعاف وصرحت للمطعون عليه المذكور وسائر المدعى عليهم بنفي ذلك، وقد سمعت المحكمة شهود الطرفين ثم قضت في 29 مايو سنة 1957 بإلزام المطعون عليه الثاني ووزارة التربية والتعليم متضامنين بأن يدفعا للمدعي مبلغ 800 جنيه والمصروفات المناسبة ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات وأقامت المحكمة قضاءها بذلك على أن الضرر الذي حاق بالمصاب قد ترتب على خطأ المطعون عليه الثاني وأن مسئولية الوزارة باعتبارها متبوعاً للمطعون عليه المذكور قد تقرر بالحكم الصادر في 16 سبتمبر سنة 1956، ونفت المحكمة وقوع خطأ من جانب والد المصاب، استأنفت الوزارة هذا الحكم إلى محكمة استئناف المنصورة بالاستئناف رقم 157 سنة 7 ق ورددت دفاعها الذي أبدته أمام المحكمة الابتدائية كما استأنف والد المصاب ذلك الحكم أيضاً بالاستئناف رقم 112 سنة 7 ق وقررت محكمة الاستئناف ضم الاستئنافين معاً ثم قضت في 25 فبراير سنة 1958 برفضهما وتأييد الحكم المستأنف وأخذت بأسبابه وأضافت إليها أن تقدير التعويض قد روعي فيه مقدار ما أسهم به والد المصاب من خطأ، وقررت الوزارة بالطعن في ذلك الحكم بطريق النقض وبعد استيفاء الإجراءات عرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 13 مايو سنة 1961 وفيها صممت النيابة على ما أبدته بمذكرتها التي انتهت فيها إلى طلب رفض الطعن مع إحالته إلى دائرة المواد المدنية والتجارية لتقرير مبدأ قانوني في هذا الخصوص وقد قررت دائرة الفحص إحالة الطعن إلى هذه الدائرة وحدد لنظره جلسة 4 أبريل سنة 1963 وفيها صممت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ في القانون ذلك أنه قضى برفض الدفع الذي أبدته بعدم قبول الدعوى بالنسبة إليها لرفعها على غير ذي صفة على أساس أن مدرسة الأقباط الثانوية التي يعمل بها المطعون عليه الثاني وإن كانت من المدارس الحرة إلا أن تلك المدرسة قد قبلت مبدأ إعانتها مالياً من الطاعنة فيعتبر ذلك إيذاناً بضم مدرسيها إلى موظفي الحكومة وقد راح الحكم يدلل على تأييد هذا النظر بأن النيابة الإدارية قد تولت تحقيق الشكوى المقدمة عن حادث الإصابة وأن الطاعنة أوقعت الجزاء التأديبي على المطعون عليه الثاني بناء على ذلك التحقيق في حين أن المدارس الحرة كما عرفها القانون رقم 583 لسنة 1955 هي مؤسسات غير حكومية تقوم أصلاً أو بصفة فرعية بالتربية والتعليم فتعتبر لذلك مؤسسات خاصة تعاون وزارة التربية والتعليم في إدارة مرفق عام هو مرفق التعليم وقد رسم القانون رقم 583 لسنة 1955 المشار إليه والقانون رقم 38 لسنة 1948 السابق عليه حدود رقابة الوزارة للمدارس الحرة بما يكفل حسن إدارتها لتحقيق النفع العام ولا يؤدي ذلك على اعتبار موظفيها تابعين للطاعنة وهو ما يماثل تماماً إشراف الدولة على المحال العامة المعدة لخدمة الجمهور وتوفير الراحة له والعناية بصحته ويبلغ إشراف الدولة على هذه المحال إلى حد إنزال العقوبات الجنائية بالقائمين بإدارتها لما يرتكبونه من المخالفات دون أن تكون الدولة متبوعاً لهم وتسأل عما يقع منهم من أعمال ضارة بأفراد الجمهور وإنما تتحقق علاقة التبعية التي تجعل المتبوع مسئولاً عن أعمال تابعه بتوافر عنصرين الأول هو السلطة الفعلية التي تجعل المتبوع مسيطراً على أعمال تابعه يسيره كيفما شاء بما يصدره إليه من أوامر وتعليمات والعنصر الثاني هو الرقابة والتوجيه اللذان يجب أن يكونا لحساب المتبوع وليس لحساب التابع أو لحساب شخص آخر وإذ كان المطعون عليه الثاني ليس مدرساً بمدرسة حكومية بل هو مدرس بمدرسة الأقباط الثانوية بطنطا وهي من المدارس الحرة التي لها على هذا الأساس كيانها الخاص وذاتيتها المستقلة فيكون المطعون عليه المذكور تابعاً لتلك المدرسة وحدها ولا يعتبر بأي وجه تابعاً للطاعنة.
وحيث إن الحكم الابتدائي الصادر في 16 سبتمبر سنة 1956 والذي أحال إلى أسبابه الحكم المطعون فيه رد على الدفع الذي أبدته الطاعنة بعدم قبول الدعوى الموجهة إليها لرفعها على غير ذي صفة بقوله "وصدر القانون رقم 38 لسنة 1948 ملغياً القانون رقم 39 لسنة 1939 ومحتفظاً للوزارة بحق الرقابة والتفتيش وفرض جزاءات مقتضاها أن مخالفة أية مدرسة للتعليمات يعرضها للمحاكمة والحرمان من الإعانة وفي سنة 1950 قررت الوزارة تطبيق نظام المجانية على التعليم الثانوي والفني وسارت في معاملة هذه المدارس على نمط المدارس الابتدائية ورأت أن سلطة تعيين المدرسين بتلك المدارس وتأديبهم لا زالت لمدارسهم بحكم تعيينها لهم وأنه لا سلطان لها عليهم وأن الإعانات تكلفها كثيراً فصدر قرار مجلس الوزراء في 25/ 3/ 1950 بمد سلطانها وجعله شاملاً لتعيين المدرسين وتأديبهم وفصلهم وقررت بناء على ذلك أن تجرى تعيين موظفي التعليم الحر الذين قبلت مدارسهم مبدأ الإعانة وسمي هذا التعيين بإذن الضم وأخذت تصدر أذوناً بضم هؤلاء الموظفين على الأساس سالف الذكر. وحيث إن المستفاد من دفاع الوزارة أن مدرسة الأقباط الثانوية هي من المدارس التي قبلت مبدأ الإعانة فإن مؤدى هذا أن الوزارة قد أصدرت أمراً بضم المدعى عليه الأول (المطعون عليه الثاني) إليها وعينته موظفاً بها ويؤكد هذا النظر أن النيابة الإدارية قد قامت بالتحقيق في الشكوى المقدمة ضده بشأن موضوع هذه الدعوى وأن الوزارة قد قامت فعلاً بتوقيع الجزاء عليه بعد الاطلاع على تلك التحقيقات... وحيث إن قيام الوزارة بتوقيع الجزاء على المدعى عليه يعني أنها صاحبة السلطة الفعلية عليه. وحيث إنه تبين من مراجعة التحقيقات بادية الذكر أن الوزارة قد أصدرت تعليمات إدارية بلغت إلى المدعى عليه الأول بشأن ما يتبع في حالة إصابة أحد الطلبة أثناء ممارسته الألعاب الرياضية... ومؤدى ذلك أن للوزارة سلطة الرقابة والتوجيه على المدعى عليه الأول... ويكون من الثابت أن المدعى عليه الأول تابع للوزارة فيكون الدفع المبدي منها في غير محله وجدير بالرفض" ولما كانت المادة 174 من القانون المدني تنص على أنه "يكون المتبوع مسئولاً عن الضرر الذي يحدثه تابعه بعمله غير المشروع متى كان واقعاً منه حال تأدية وظيفته أو بسببها وتقوم رابطة التبعية ولو لم يكن المتبوع حراً في اختيار تابعة متى كانت له عليه سلطة فعلية في رقابته وفي توجيهه" ومؤدى ذلك أن علاقة التبعية تقوم على توافر الولاية في الرقابة والتوجيه بأن يكون للمتبع سلطة فعلية في إصدار الأوامر إلى التابع في طريقه أداء عمله وفي الرقابة عليه في تنفيذ هذه الأوامر ومحاسبته على الخروج عليها. ولما كان القانون رقم 38 لسنة 1948 الذي ينطبق على واقعة الدعوى يقضي في مادته الأولى بأن المدارس الحرة خاضعة لرقابة وزارة التربية والتعليم وتفتيشها في الحدود الواردة بذلك القانون وفي هذه الحدود توجب أحكام القانون اشتراط مؤهلات معينة فيمن يعملون بتلك المدارس كما توجب وضع لائحة لكل مدرسة تكفل انتظام ماليتها وحسن إدارة التعليم والامتحانات فيه والإشراف الصحي على التلاميذ طبقاً للقرار الذي تصدره الوزارة بتعيين القواعد الأساسية المؤدية لتحقيق تلك الأغراض كما أجاز القانون للوزارة منح الإعانات المالية لهذه المدارس ومساعدتها على الإدارة الفنية والمالية بجميع ما تراه من الوسائل وكذلك أعطى القانون للوزارة السلطة في توقيع الجزاءات القانونية على العاملين بتلك المدارس لأي أمر مخل بالشرف أو الأمانة أو الأخلاق أو بحسن سير الدراسة أو النظام على أن تضع التعليمات التي تتضمن واجبات المديرين والنظار التي تكفل حسن سير الدراسة والنظام - كما جعل القانون لموظفي الوزارة حق دخول هذه المدارس وطلب جميع البيانات الخاصة بها للتحقق من تنفيذ أحكام القانون. ومفاد ذلك كله أن للوزارة سلطة فعلية في رقابة وتوجيه العاملين بالمدارس الحرة وهي سلطة تستمدها من القانون لا لحساب هذه المدارس وإنما لحسابها هي باعتبارها القوامة على مرفق التعليم بما يتحقق معه تبعية المدارس المذكورة والعاملين فيها للوزارة بالمعنى المقصود في المادة 174 من القانون المدني وقد مارست الوزارة هذه السلطة فعلاً بما أثبته الحكم المطعون فيه من أنها قد أصدرت تعليماتها إلى المطعون عليه الثاني بشأن ما يتبع في حالة إصابة التلاميذ أثناء تدريبهم على الألعاب الرياضية، ومن أن النيابة الإدارية قد اضطلعت بالتحقيق مع المطعون عليه المذكور في الشكوى ضده من المضرور ثم أوقعت عليه الطاعنة الجزاء التأديبي لما ثبت في حقه من المخالفات، لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه إذ انتهى في قضائه إلى اعتبار الطاعنة متبوعاً للمطعون عليه الثاني لا يكون مخالفاً للقانون ولا تكون ثمت جدوى بعد ذلك من البحث فيما تنعاه الطاعنة على الحكم من الخطأ فيما قرره من أن المطعون عليه الثاني يعتبر موظفاً من موظفي الدولة.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه التخاذل في أسبابه وتقول في بيان ذلك إنها تمسكت لدى محكمة الدرجة الأولى بأن الضرر المطالب بالتعويض عنه قد تسبب عن خطأ والد المضرور (المطعون عليه الأول) لتراخيه في عرض ابنه على الطبيب وطلبت الطاعنة لذلك الحكم في الموضوع برفض الدعوى ومن باب الاحتياط مراعاة خطأ المطعون عليه المذكور في تقدير التعويض، ولم يأخذ الحكم الابتدائي بهذا الدفاع وألقى بالمسئولية كلها على المطعون عليه الثاني وقدر التعويض بمبلغ 800 ج وقد رددت الطاعنة دفاعها المذكور في الاستئناف الذي رفعته عن هذا الحكم فقضى الحكم المطعون فيه بتأييد الحكم المستأنف وأخذ بأسبابه وأضاف إليها أن مبلغ التعويض قد روعي فيه الخطأ الذي وقع من والد المصاب (المطعون عليه الأول) وقد كان من مقتضى ذلك حتماً أن ينزل الحكم المطعون فيه بمقدار التعويض بنسبة الخطأ الذي أسهم به المطعون عليه الأول في إحداث الضرر لا أن يؤيد تقدير الحكم الابتدائي لمبلغ التعويض.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه وقد طرح على محكمة الاستئناف المرفوع من والد المصاب (المطعون عليه الأول) عن الحكم الابتدائي الذي قدر التعويض بمبلغ 800 ج بطلب تعديله بالزيادة مع الاستئناف المرفوع من الطاعنة المتضمن طلبها الاحتياطي بتعديل ذلك الحكم بإنقاص مبلغ التعويض المحكوم به بما يوازي ما أسهم به والد المصاب من خطأ في الحادث، فإنه لذلك لا تكون محكمة الاستئناف في هذه الحالة مقيدة بحدود المبلغ المحكوم به ابتدائياً ويكون من حقها تبعاً لما لها من سلطة مطلقة في تقدير التعويض أن تقر الحكم الابتدائي على تقديره ولو اعتبرت أن الضرر قد نتج عن خطأ مشترك بين والد المصاب والمطعون عليه الثاني (تابع الطاعنة) خلافاً لما ارتآه ذلك الحكم من مسئولية المطعون عليه الثاني وحده عن ذلك الضرر، ولا يعيب الحكم المطعون فيه أن من بين أسباب الحكم الابتدائي التي أحال إليها ما تضمنه الحكم المذكور من أسباب تنفي الخطأ عن والد المصاب ذلك أن إحالة الحكم المطعون فيه إلى أسباب الحكم الابتدائي لا ينصرف إلا إلى ما لا يتعارض من هذه الأسباب مع أسبابه هو. ومن ثم يكون هذا النعي على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.


[(1)] راجع نقض جنائي جلسة 28/ 4/ 1959 الطعن 168 س 29 ق السنة العاشرة ص 506.

الطعن 178 لسنة 36 ق جلسة 20 / 4 / 1971 مكتب فني 22 ج 2 ق 76 ص 495

جلسة 20 من إبريل سنة 1971

برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: بطرس زغلول، وأحمد حسن هيكل، وعباس حلمي عبد الجواد، ومحمد أسعد محمود.

---------------

(76)
الطعن رقم 178 لسنة 36 القضائية

(أ، ب) موظفون. "إخلال الموظف بالتزامات الوظيفة". مسئولية. التزام. "مصادر الالتزام".
(أ) علاقة الموظف بالدولة. ماهيتها. وجوب أداء الموظف عمله بعناية الرجل الحريص. التزام الموظف بذلك مصدره القانون ولو لم ينص عليه صراحة. مساءلة الموظف عن الإخلال بهذا الالتزام. تقنين المشرع ذلك في القانون رقم 210 لسنة 1951.
(ب) إخلال الموظف بالالتزامات التي تفرضها عليه وظيفته إذا أضر بالدولة. أثره. مساءلته طبقاً للقواعد العامة.
(ج) تقادم. "تقادم مسقط". مسئولية. التزام.
عدم سريان التقادم الثلاثي المنصوص عليه في المادة 172 مدني على الالتزامات التي مصدرها القانون. سريان التقادم العادي المنصوص عليه في المادة 374 مدني على هذه الالتزامات.

---------------
1 - علاقة الموظف بالدولة هي - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة (1) - علاقة قانونية تحكمها القوانين واللوائح المعمول بها بشأن الوظيفة، وثمة قواعد أساسية عامة تحكم واجبات الموظف، وتقوم على وجوب أدائه العمل المنوط به بدقة وعناية الرجل الحريص المتبصر. وهذه القواعد الأساسية قد ترد في القوانين مع ضوابطها. وقد يخلو منها القانون دون أن يؤثر ذلك في وجوب التزام الموظف بها. ويعتبر مصدر التزام لموظف بتلك القواعد هو القانون مباشرة، فيسأل الموظف عن إخلاله بهذا الالتزام، وقد قنن المشرع هذه القواعد في القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة فحدد في الفصل السادس منه واجبات الموظفين والأعمال المحرمة عليهم.
2 - إخلال الموظف بالالتزامات التي تفرضها عليه وظيفته - إذا أضر بالدولة - يستوجب مسئوليته المدنية طبقاً للقواعد العامة وبغير حاجة أيضاً إلى نص خاص يقرر هذه المسئولية.
3 - التقادم الثلاثي المنصوص عليه في المادة 172 من القانون المدني هو تقادم استثنائي خاص بدعوى التعويض الناشئة عن العمل غير المشروع. فلا يسري على الالتزامات التي تنشأ مباشرة من القانون. وإنما يسري في شأن تقادم هذه الالتزامات التقادم العادي المنصوص عليه في المادة 374 من القانون المدني ما لم يوجد نص خاص يقضي بتقادم آخر.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - في أن مصلحة الضرائب - الطاعنة - أقامت في 26 من فبراير سنة 1959 الدعوى رقم 4387 سنة 1959 مدني أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية ضد المطعون عليهما بطلب الحكم بإلزامهما متضامنين بدفع مبلغ 376 ج و193 م، وقالت شرحاً لدعواها إن المطعون عليه الأول وقت أن كان مأموراً للضرائب بمراقبة ضرائب العطارين اعتمد الإقرار المقدم من أحد الممولين عن السنة الضريبية 42/ 43 بما تضمنه من خسارة ناتجة عن استغلال مطحن كائن بدائرة اختصاص مراقبة ضرائب مينا البصل دون أن يقوم بفحص دفاتر ومستندات ذلك المطحن للتحقق من صحة حساباته ودون أن يعني بالرجوع إلى المراقبة المختصة في شأن ذلك الوجه من أوجه نشاط الممول، ووافقه المطعون عليه الثاني باعتباره رئيسه المباشر على ذلك الإجراء. وإذ صدر في 17 من إبريل سنة 1952 حكم في الدعوى رقم 639 لسنة 1950 تجاري كلي الإسكندرية يقضي بأن اعتماد ذلك الإقرار يعتبر بمثابة قبول نهائي من مصلحة الضرائب مانع لها من معاودة التقدير والمحاسبة الأمر الذي فوت عليها تحصيل الضريبة المستحقة على ذلك الممول عن عملية استغلال المطحن في السنة المشار إليها فقد أقامت دعواها بطلباتها سالفة البيان، دفع المطعون عليهما بسقوط الدعوى بالتقادم الثلاثي المقرر بالمادة 172 من القانون المدني، وردت الطاعنة على هذا الدفع بأن الأساس القانوني الذي تبني عليه مطالبتها هو مسئولية المطعون عليهما كموظفين تربطهما بالحكومة علاقة تنظيمية وأن الحق في المطالبة بالتعويض مصدره القانون فلا يستحق إلا بانقضاء خمسة عشر عاماً. ومحكمة أول درجة حكمت في 20 فبراير سنة 1962 بقبول الدفع وبرفض الدعوى. استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 414 لسنة 18 ق الإسكندرية. ومحكمة الاستئناف حكمت في 19 فبراير سنة 1963 بالتأييد. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم وبالجلسة المحددة لنظر الطعن التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد قوامه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وفي بيان ذلك تقول الطاعنة إن الحكم المطعون فيه بني قضاءه بسقوط الدعوى بالتقادم الثلاثي وفق المادة 172 من القانون المدني على سند من القول بأنه وإن كانت علاقة الموظف بالإدارة علاقة تنظيمية تحكمها القوانين واللوائح إلا أن مصدر إلزام الموظف بالتعويض المترتب على خطئه في أداء أعمال وظيفته ليس قانون التوظف في ذاته وإنما أحكام المسئولية في القانون المدني وهو ما أسست عليه الطاعنة دعواها، في حين أن مقتضى وجود العلاقة التنظيمية المشار إليها هو نشوء مجموعة من الالتزامات والحقوق المتبادلة لشاغل الوظيفة بحيث يصبح القانون وحده هو مصدر الالتزامات التي تحكم كافة الآثار القانونية في صلة الموظف بالحكومة طبقاً لما نصت عليه المادة 198 من القانون المدني وبالتالي فلا تعتبر واقعة الخطأ الجسيم المنسوبة للمطعون عليهما مصدر الالتزام وإنما القانون هو المصدر الوحيد والمباشر، مما كان يتعين معه الحكم المطعون فيه تطبيق أحكام التقادم العادية دون نص المادة 172 من القانون المدني الذي يقتصر نطاقه على الحقوق الناشئة عن العمل غير المشروع وهو ما يعيب الحكم بمخالفة القانون.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن الثابت من الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه أن المطعون عليهما كان كلاهما يشغل وظيفة مأمور ضرائب ويختص أولهما بفحص إقرارات الممولين والتحقق من سلامة بياناتها على حين يراجع الثاني ذلك الفحص ويكون من حقه إقراره أو تعديله، ولما كانت علاقة الموظف بالدولة هي - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - علاقة قانونية تحكمها القوانين واللوائح المعمول بها بشأن الوظيفة، وكانت واجبات الموظف تحكمها قواعد أساسية عامة تقوم على وجوب أداء العمل المنوط به بدقة وعناية الرجل الحريص المتبصر، وهذه القواعد الأساسية قد ترد في القوانين مع ضوابطها وقد يخلو منها القانون دون أن يؤثر ذلك في وجوب التزام الموظف بها، ويعتبر مصدر التزام الموظف بتلك القواعد هو القانون مباشرة فيسأل الموظف عن إخلاله بهذا الالتزام، وقد قنن المشرع هذه القواعد في القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة فحدد في الفصل السادس منه واجبات الموظفين والأعمال المحرمة عليهم، ولئن كان هذا القانون لا ينطبق على واقعة الدعوى لوقوعها قبل تاريخ العمل به إلا أن ما نص عليه هذا القانون في المادة 73 منه من وجوب قيام الموظف بالعمل المنوط به وأن يؤديه بدقة وأمانة لا يعتبر إنشاء لواجب لم يكن الموظف مكلفاً به قبل صدور ذلك القانون بل تقرير لهذا الواجب الذي تفرضه الوظيفة ذاتها بغير حاجة إلى نص عليه، كما أن إخلال الموظف بالالتزامات التي تفرضها عليه وظيفته - إذا أضر بالدولة - يستوجب مسئوليته المدنية طبقاً للقواعد العامة وبغير حاجة أيضاً إلى نص خاص يقرر هذه المسئولية. لما كان ذلك، وكانت المصلحة الطاعنة قد تمسكت أمام محكمة الموضوع بدرجتيها بأن أساس مسئولية المطعون ضدهما هو إخلالها بالالتزامات التي تفرضها عليهما وظيفتهما وهي التزامات ناشئة عن القانون مباشرة، وكان التقادم الثلاثي المنصوص عليه في المادة 172 من القانون المدني هو تقادم استثنائي خاص بدعوى التعويض الناشئة عن العمل غير المشروع، فلا يسري على الالتزامات التي تنشأ مباشرة من القانون، وإنما يسري في شأن تقادم هذه الالتزامات التقادم العادي المنصوص عليه في المادة 374 من القانون المدني ما لم يوجد نص خاص يقضي بتقادم آخر، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بسقوط الدعوى بالتقادم الثلاثي المنصوص عليه في المادة 172 من القانون المدني مع أن الطاعنة انتهت في تأسيس دعواها إلى أن المطعون ضدهما قد أخلا بالالتزامات التي تفرضها عليهما وظيفتهما والتي منشؤها القانون مباشرة مما يقتضي ألا تسقط دعوى المسئولية على هذا الأساس إلا بانقضاء خمس عشرة سنة، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه. ولا يجديه ما قرره من أن الطاعنة أسست دعواها على أحكام المسئولية التقصيرية لأنها عدلت من ذلك الأساس على ما سلف تفصيله ومن ثم يتعين نقض الحكم المطعون فيه. وإذ كان خطأ الحكم على النحو السالف بيانه قد حجبه عن بحث الإهمال المسند إلى المطعون ضدهما وما إذا كان يعتبر إخلالاً بواجب الحرص والتبصر الذي تفرضه عليهما وظيفتهما مما يستوجب مسئوليتهما المدنية أو لا يعتبر، فإنه يتعين إعادة القضية إلى محكمة الاستئناف لتقول كلمتها في ذلك.


(1) نقض 12/ 6/ 1969 مجموعة المكتب الفني. السنة 20 ص 914.

الطعن 142 لسنة 28 ق جلسة 2 / 5 / 1963 مكتب فني 14 ج 2 ق 93 ص 653

جلسة 2 من مايو سنة 1963

برياسة السيد المستشار/ الحسيني العوضي، وبحضور السادة المستشارين: محمود القاضي، ومحمود توفيق إسماعيل، وأميل جبران، ومحمد ممتاز نصار.

----------------

(93)
الطعن رقم 142 لسنة 28 القضائية

(أ) إعلان "إعلان أوراق المحضرين" "إعلان الشركات التجارية". بطلان.
المقصود بمركز الشركة الذي يجب تسليم صورة الإعلان فيه على ما نصت عليه المادة 10 من قانون المرافعات المختلط والتي تقابل المادة 8 من قانون المرافعات الأهلي الملغي هو المركز الرئيسي للشركة. بطلان الإعلان إذا لم يتم في المركز الرئيسي. تخويل القانون المدعي الحق في رفع دعواه أمام محكمة غير محكمة موطن المدعى عليه لا يعفيه من واجب إعلان المدعى عليه في موطنه الذي أوجب القانون إعلانه فيه.
(ب) عقد. "انعقاده". "الإيجاب والقبول". محكمة الموضوع. "سلطتها في تكييف العقد".
اشتراط مطابقة القبول للإيجاب لانعقاد العقد. اقتران القبول بما يعدل في الإيجاب لا يجعله في حكم القبول الذي يتم بعد التعاقد. اعتباره بمثابة إيجاب جديد. استخلاص محكمة الموضوع لأسباب سائغة أن الخلاف بين الإيجاب والقبول يتناول مسألة جوهرية في التعاقد وليس وليد خطأ مادي وقع فيه القابل ورتبت على ذلك عدم مطابقة القبول للإيجاب وبالتالي عدم انعقاده العقد أصلاً - لا مخالفة في ذلك للقانون.

---------------
1 - تنص المادة 10 من قانون المرافعات المختلط والتي تقابل المادة 8 من قانون المرافعات الأهلي الملغي على أن الأوراق المقتضى إعلانها فيما يتعلق بالشركات التجارية تسلم صورة الإعلان في مركز الشركة - إن كان لها مركز - إلى شخص مأمور إدارتها أو رئيس مجلس إدارتها أو مديرها أو من ينوب عنهم، وإن لم يكن لها مركز فتسلم إلى أحد الشركاء المتضامنين، ورتبت المادة 24 مرافعات مختلط البطلان جزاء على عدم إتباع ذلك. ومفاد ذلك أن المقصود بمركز الشركة الذي يجب تسلم صورة الإعلان فيه هو المركز الرئيسي، إذ لا يتأتى وجود أحد ممن أوجب المشرع تسليم الصورة لهم شخصياً إلا في هذا المركز - ولا يغير من هذا النظر ما نصت عليه المادة 35 مرافعات مختلط التي تقابل المادة 34 مرافعات أهلي - من جواز اختصام شركات التأمين والنقل وما شابهها أمام المحكمة التابع لها مركز الشركة أو المحكمة التابع لها أحد فروع الشركة، ذلك أن نص خاص بالاختصاص المحلي ولم يرد له نظير في الأحكام الخاصة بالإعلان. كما أن تخويل المدعي الحق في رفع دعواه أمام محكمة غير محكمة موطن المدعى عليه لا يعفيه من واجب إعلان المدعى عليه في موطنه الذي أوجب القانون إعلانه فيه.
2 - يشترط قانوناً لانعقاد العقد مطابقة القبول للإيجاب، فإذا اقترن القبول بما يعدل في الإيجاب فلا يكون في حكم القبول الذي يتم بعد التعاقد، وإنما يعتبر بمثابة إيجاب جديد لا ينعقد به العقد إلا إذا صادفه قبول من الطرف الآخر. فإذا كانت محكمة الموضوع قد استخلصت في حدود سلطتها التقديرية وللأسباب السائغة التي أوردتها أن الخلاف بين الإيجاب والقبول يتناول مسألة جوهرية في التعاقد الذي كان يراد إبرامه وأنه ليس وليد خطأ مادي وقع فيه الطرف القابل ورتبت على عدم مطابقة القبول للإيجاب أن العقد لم ينعقد أصلاً بين الطرفين، فإنها لا تكون قد خالفت القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن وقائعه - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الجمعية الطاعنة أقامت في 3 من يونيه سنة 1948 أمام محكمة المنصورة المختلطة الدعوى رقم 181 سنة 73 ق ضد الشركة المطعون عليها طالبة الحكم بإلزامها بأن تدفع لها مبلغ 900 جنيه والفوائد القانونية اعتباراً من 17 أبريل سنة 1948 وقالت المدعية في بيان دعواها إنه بموجب خطاب مؤرخ 18 مارس سنة 1948 عرضت عليها الشركة المدعية عليها استئجار قطعة أرض فضاء مملوكة للمدعية وكائنة ببندر المنصورة وذلك لمدة خمس سنوات تبدأ من أول إبريل سنة 1948 وبإيجار سنوي قدره تسعمائة جنيه يدفع مقدماً في بدء كل سنة وأنها أي المدعية أرسلت إلى الشركة خطاباً مؤرخاً 22 مارس سنة 1948 أبلغتها فيه بقبولها لهذا العرض وطالبتها بإرسال أجرة السنة الأولى ولما تأخرت الشركة في إرسال هذا المبلغ بادرت الجمعية الطاعنة بإرسال خطاب آخر إليها في 29 أبريل سنة 1948 تخطرها فيه بوضع العين المؤجرة تحت تصرفها ابتداء من أول أبريل سنة 1948 وتستحثها بسرعة إرسال إيجار السنة الأولى وإذا لم تفعل فقد قامت الطاعنة بإنذارها على يد محضر في 17 أبريل سنة 1948 مسجلة عليها إخلالها بالقيام بهذا الالتزام ولما لم يجد هذا الإنذار أقامت عليها الدعوى مطالبة إياها بأجرة السنة الأولى التي استحقت قبل رفع الدعوى - دفعت الشركة المطعون عليها الدعوى بأن الإجارة لم تنعقد بينها وبين الطاعنة وذلك لأن قبول الأخيرة الذي تضمنه خطابها المؤرخ 22 مارس سنة 1948 اقترن بما يعدل في العرض الذي كانت قد عرضته عليها المطعون عليها بخطابها المؤرخ 18 مارس سنة 1948 تعديلاً أساسياً إذ أن العرض المذكور تضمن أن تكون القطعة التي اتفق على تركها للجمعية من الأرض المراد استئجارها لتقيم عليها مبنى خاصاً لها بالزاوية البحرية الغربية لهذه الأرض في حين أن خطاب الجمعية الطاعنة المتضمن قبولها قد شرط أن تكون القطعة المتروكة لها على الحدين القبلي والغربي مما يؤدي إلى حرمان المطعون عليها من أن تكون لها واجهة على شارع الشناوي الرئيسي الذي يحد الأرض من الجهة القبلية - وأضافت الشركة المطعون على في دفاعها على سبيل الاحتياط أنه بفرض أن العقد قد انعقد بينها وبين الطاعنة فإن هذا العقد قد فسخ بسبب إخلال الأخيرة بالتزاماتها المترتبة على هذا العقد إخلالاً ترتب عليه تعطيل انتفاع المطعون عليها بالعين المؤجرة على الوجه الذي كانت تبتغيه من الإجارة - وبتاريخ 8 مارس سنة 1949 أصدرت محكمة المنصورة المختلطة حكماً قبل الفصل في الموضوع تضمن في أسبابه قضاء قطعياً بانعقاد العقد وقضى في منطوقه بانتقال المحكمة بحضور الطرفين وبحضور خبير ندبته المحكمة - إلى العين محل النزاع لتحقيق ما ادعته المدعى عليها من وقوع مخالفات من المدعية تؤدي إلى فسخ العقد - وبعد إلغاء المحاكم المختلطة أحيلت الدعوى إلى محكمة المنصورة الابتدائية حيث قيدت بجدولها برقم 166 سنة 1949 كلي وتمسكت المطعون عليها من جديد أمام تلك المحكمة بدفاعها الخاص بعدم انعقاد العقد - وعدلت المدعية طلباتها مضيفة إلى المبلغ الذي رفعت به الدعوى أصلاً إلى مبلغ 1800 جنيه قيمة أجرة السنتين التاليتين التي استحقت بعد رفع الدعوى وبتاريخ 26 ديسمبر سنة 1950 أصدرت المحكمة حكماً بندب خبير لأداء المأمورية المبينة بالحكم الصادر من المحكمة المختلطة في 8 مارس سنة 1949 ولتحقيق وقائع أخرى رأت المحكمة تكليفه بتحقيقها وبعد أن قدم الخبير تقريره قضت المحكمة الابتدائية في 16 يونيه سنة 1953 - أولاً: بإلزام الشركة المدعى عليها (المطعون عليها) بأن تدفع للمدعية (الطاعنة) مبلغ 900 جنيه قيمة الأجرة المستحقة عن المدة من أول أبريل سنة 1948 إلى آخر مارس سنة 1949 والفوائد القانونية بواقع 5% من تاريخ المطالبة الرسمية الحاصلة في 3 يونيه سنة 1948 إلى 14 أكتوبر سنة 1949 وبواقع 4% من 15 أكتوبر سنة 1949 حتى السداد - ثانياً: بفسخ عقد الإيجار المبرم بين الطرفين اعتباراً من أول إبريل سنة 1949 وبإلزام الشركة المدعى عليها بالمصاريف المناسبة والمقاصة في أتعاب المحاماة - وردت المحكمة في حكمها هذا على ما تمسكت به الشركة المدعى عليها من أن العقد لم ينعقد لعدم تطابق القبول للإيجاب في الخطابين المتبادلين بينهما - ردت بقولها "إنه وقد فصل الحكم التمهيدي السابق صدوره من المحكمة المختلطة بصفة قطعية في أسبابه المرتبطة بالمنطوق في هذا الدفاع وقضى بقيام العقد فإن المحكمة لا تستطيع التعرض لما قضى به الحكم في هذا الخصوص أو الخروج عليه - وقد استأنف الطرفان هذا الحكم أمام محكمة استئناف المنصورة وقيد استئناف الطاعنة برقم 295 سنة 6 ق وطلبت فيه القضاء لها بما لم يحكم لها به ابتدائياً من طلباتها وقيد الاستئناف المرفوع من المطعون عليها برقم 320 سنة 6 ق وتناول هذا الاستئناف أيضاً استئناف الحكم الصادر في 8 مارس سنة 1949 وذلك فيما قضى به في أسبابه من قيام العلاقة الايجارية بين الطرفين - وقد دفعت الطاعنة أمام محكمة الاستئناف بعدم قبول الاستئناف المرفوع عن الحكم المذكور شكلاً لرفعه بعد الميعاد القانوني وأسست هذا الدفع على أن هذا الحكم صدر في ظل قانون المرافعات المختلط الذي كان يجيز استئناف الأحكام التمهيدية استقلالاً وأنها قامت بإعلان ذلك الحكم في 5 مايو سنة 1949 إلى الشركة المطعون عليها في فرعها بالمنصورة ولم تستأنفه هذه الشركة إلا باستئنافها الحالي في 8 ديسمبر سنة 1954 مع الحكم الصادر في الموضوع - وردت المطعون عليها على هذا الدفع بأن إعلانها بحكم 8 مارس سنة 1949 المقول بأنه حصل في 5 مايو سنة 1949 قد وقع باطلاً لحصوله في فرعها بالمنصورة بالمخالفة لنص المادة 10/ 3 من قانون المرافعات المختلط الذي يوجب تسليم صورة الإعلان إليها في مركزها الرئيسي بالقاهرة وأنه متى كان الأمر كذلك فإن هذا الإعلان الباطل لا يترتب عليه بدء سريان ميعاد الاستئناف في الحكم سالف الذكر - وبتاريخ 9 فبراير سنة 1958 حكمت محكمة استئناف المنصورة برفض الدفع بعدم قبول استئناف شركة سكك حديد وجه بحري (المطعون عليها) للحكم التمهيدي الصادر في 8 مارس سنة 1949 وبقبول الاستئنافين شكلاً وفي موضوعهما: أولاً - برفض الاستئناف رقم 295 سنة 6 ق المرفوع من الجمعية الخيرية اليونانية (الطاعنة) وإلزامها بمصروفاتها. ثانياً - في الاستئناف رقم 320 سنة 6 ق المرفوع من شركة سكك حديد وجه بحري بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض دعوى الجمعية وإلزامها بمصروفاتها وبمبلغ عشرين جنيهاً مقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين فطعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض بتقرير تاريخه أول مايو سنة 1958 وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 7 يونيه سنة 1961 وفيها صممت النيابة على المذكرة التي قدمتها وطلبت فيها نقض الحكم في خصوص السبب الأول من أسباب الطعن وقررت دائرة الفحص إحالة الطعن إلى هذه الدائرة وبعد استيفاء الإجراءات اللاحقة للإحالة حدد لنظره جلسة 18 أبريل سنة 1963 وفيها صمم كل من الطرفين على ما ورد في مذكرته وتمسكت النيابة برأيها السابق.
وحيث إن الطعن بني على ثلاثة أسباب تنعى الطاعنة في أولها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وتأويله وفي بيان ذلك تقول إنها دفعت أمام محكمة الاستئناف بعدم قبول الاستئناف المرفوع من المطعون عليها عن الحكم الصادر في 8 مارس سنة 1948 تأسيساً على أنها أعلنت هذا الحكم في 5 مايو سنة 1949 إلى الشركة المطعون عليها إعلاناً صحيحاً في مقرها بالمنصورة ولم يرفع الاستئناف عنه إلا في 8 ديسمبر سنة 1954 بعد فوات الميعاد القانوني وقد رفض الحكم المطعون فيه هذا الدفع بحجة أن المادة 10/ 4 من قانون المرافعات المختلط كانت توجب تسليم صورة الإعلان في مركز الشركة في القاهرة وأن الإعلان الحاصل في فرعها بالمنصورة قد وقع باطلاً ولا يبدأ به سريان ميعاد الاستئناف - وتقول الطاعنة إن هذا الذي ذهب إليه الحكم المطعون فيه مخالف للقانون ذلك أن المشرع لم يعرض في المادة العاشرة المذكورة لحالة الشركة التي يكون لها - فضلاً عن مركزها - نشاط في فرع أو أكثر بجهات متعددة كما هو الحال بالنسبة لشركات التأمين والنقل وقد استقر القضاء المختلط والفرنسي على اعتبار إعلان الشركة في أحد فروعها إعلاناً صحيحاً شأنه شأن الإعلان الحاصل في مركز الشركة وهذا القضاء تأصيل للقاعدة - القانونية التي توجب الإعلان في الموطن القانوني وليس ثمة ما يمنع من أن يكون للشخص الطبيعي أو المعنوي أكثر من موطن قانوني يصح إعلانه فيه ويؤيد هذا الرأي ما قررته المادة 35 من قانون المرافعات المختلط في فقرتها الثالثة من جواز اختصام شركات النقل والتأمين أمام المحكمة التي تقع فروع الشركة بدائرتها الأمر الذي يدل على أن المشرع اعتبر فرع الشركة موطناً قانونياً لها يجوز اختصامها أمام محكمته ومن ثم فإن فرع الشركة المطعون عليها بالمنصورة الذي تم إعلانها فيه بالحكم التمهيدي الصادر في 8 مارس سنة 1949 يعتبر موطناً قانونياً لها خصوصاً وأن هذا الفرع هو مركز نشاطها كله وفيه تتجمع خطوطها وتدار حركتها وبالتالي يكون الإعلان الحاصل في هذا الفرع قد تم صحيحاً ويبدأ ميعاد الاستئناف من تاريخ حصوله خلافاً لما ذهب إليه الحكم المطعون فيه.
وحيث إن المادة العاشرة من قانون المرافعات المختلط التي تقابل المادة الثامنة من قانون المرافعات الأهلي الملغي كانت تنص على أن الأوراق المقتضى إعلانها يجرى تسليمها على الوجه الآتي... رابعاً - ما يتعلق بالشركات التجارية تسلم الصورة في مركز الشركة siege social إن كان لها مركز - إلى شخص à la personne مأمور إدارتها أو رئيس مجلس إدارتها أو مديرها أو من ينوب عنهم وإن لم يكن لها مركز فتسلم إلى أحد الشركاء المتضامنين ورتبت المادة 24 من قانون المرافعات المختلط البطلان جزاء على عدم إتباع الإجراءات المنصوص عليها في المادة العاشرة - ولما كان المشرع باشتراطه تسليم صورة الإعلان في مركز الشركة إلى شخص مأمور إدارتها أو رئيس مجلس إدارتها أو مديرها أو من ينوب عنهم قد دل على أن المقصود بمركز الشركة الذي يجب تسليم صورة الإعلان فيه هو المركز الرئيسي إذ لا يتأتي وجود أحد ممن أوجب تسليم الصورة لهم شخصياً إلا في هذا المركز ومن ثم فإن الإعلان الذي يوجه إلى الشركة في أحد فروعها يقع باطلاً ولا يصح التحدي في هذا المقام بما ذهب إليه بعض الفقهاء وأحكام المحاكم في فرنسا من إجازة توجيه الإعلان إلى الشركة في أحد فروعها الرئيسية إذا كان الإعلان متعلقاً بعمل تم في إدارة هذا الفرع ذلك أن المادة 69 من قانون المرافعات الفرنسي التي تقابل المادة 10 من قانون المرافعات المختلط وإن أوجبت بالنسبة للشركات التجارية التي لها مركز - تسليم صورة الإعلان في هذا المركز en leur maison social إلا أنها وقفت عند هذا الحد ولم تتطلب تسليم هذه الصورة لأحد ممن أوجبت المادة العاشرة من قانون المرافعات المختلط تسليم الصورة إليهم شخصياً وممن لا يتواجدون عادة إلا في مركز إدارة الشركة - كذلك فإنه لا محل للتحدي بما كانت تنص عليه المادة 35 من قانون المرافعات المختلط من جواز اختصام شركات التأمين والنقل وما شابهها أمام المحكمة التابع لها مركز الشركة أو المحكمة التابع لها أحد فروع الشركة ذلك أن هذا النص الذي كان يقابل المادة 34 من القانون الأهلي الملغي خاص بالاختصاص المحلي للمحاكم ولم يرد له نظير في الأحكام الخاصة بالإعلان - وعلة إيراد هذا الجواز ليست - كما تقول الطاعنة إن المشرع اعتبر الفرع موطناً قانونياً للشركة بل إن العلة هي مجرد التيسير على المدعين ورفع المشقة التي يلاقونها في الانتقال إلى المحكمة التي يقع بدائرتها مركز الشركة إذا كانت بعيدة عنهم - كما أن تخويل المدعي الحق في رفع دعواه أمام محكمة غير محكمة موطن المدعى عليه لا يعفيه من واجب إعلان المدعى عليه في موطنه الذي أوجب القانون إعلانه فيه - لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه لا يكون مخالفاً للقانون إذ اعتبر الإعلان الذي وجهته الطاعنة إلى المطعون عليها في فرعها بالمنصورة إعلاناً باطلاً لا يبدأ به ميعاد الاستئناف في الحكم المعلن.
وحيث إن الطاعنة تنعى في السبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في الإسناد ذلك أنه اعتبر أن التعاقد على الإيجار لم يتم قانوناً بسبب عدم تلاقي إرادتها مع إرادة المطعون عليها بالإيجاب والقبول واستند الحكم في ذلك إلى أن عرض الشركة المطعون عليها الاستئجار كان ينصب على الأرض الفضاء بعد ترك جزء منها للجمعية الطاعنة لتقيم عليها مبنى خاصاً لها بعرض ستة أمتار على الحدين البحري والغربي بينما تضمن قبول الطاعنة لهذا العرض أن تكون القطعة التي تترك لها على الحدين القبلي والغربي ورتب الحكم على ذلك أن هذا الخلاف بين الإيجاب والقبول هو خلاف جوهري يمنع من تلاقى الإرادتين هذا في حين أن ما ورد في خطاب الشركة المطعون عليها المتضمن عرضها الاستئجار خاصاً بالحد البحري إنما هو مجرد خطأ مادي وأنها كانت تقصد في الواقع القبلي بدليل ما ورد في هذا الخطاب في شأن الفتحات والمسافات التي اشترطت تركها والتي لا يتأتى تنفيذها إلا إذا كان المقصود هو الحد القبلي وقد حرصت الطاعنة في ردها على خطاب المطعون ضدها على تصحيح هذا الخطأ المادي المتعلق في بتسمية الحد البحري أما الحد الغربي فإن الطرفين متفقان على جواز إقامة مباني الطاعنة عليه - ولما كان الاتفاق بينهما قد تم على أن تقيم الطاعنة مبناها على الحدين القبلي والغربي فإن الحكم المطعون فيه إذ أقام قضاءه بعدم انعقاد العقد على عدم تلاقي إرادتيهما يكون قد أخطأ في الإسناد وفي تفسير عبارات الخطابين المتبادلين بينهما - كما أخطأ في استخلاص نيتهما من هذين الخطابين.
وتنعى الطاعنة في السبب الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون فيما ذهب إليه من القول بأن الخلاف على مقدار المساحة المخصصة للأرض المراد تأجيرها بما فيها الزاوية القبلية الغربية يعتبر خلافاً على مسألة جوهرية من شأنه أن يمنع من تلاقي الإرادتين ويرجع هذا الخطأ إلى الخلط بين مرحلة انعقاد العقد بتلاقي الإرادتين ومرحلة تنفيذه إذ أنه فضلاً عن أن المطعون عليها قد حددت في خطابها المساحة التي تطلب استئجارها بطريقة تقريبية فإن ظهور عجز في هذه المساحة أو وقوع مخالفة في المباني التي أقامتها الطاعنة لا يمنعان من قيام العقد ومن اعتباره قابلاً للتنفيذ وكل ما يترتب على ذلك - إن صح - هو تصحيح أوضاع المباني وتقدير تعويض عن العجز.
وحيث إن النعي بهذين السببين مردود بأن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه بعدم انعقاد عقد الإيجار بين الطرفين على قوله "وحيث إن هذه المحكمة ترى أن الخلاف بين إيجاب الشركة وقبول الجمعية في الكتابين المؤرخين 18 و22 مارس سنة 1948 بشأن الواجهة القبلية للأرض المراد تأجيرها ورغبة كل منهما في الاستئثار بها وبصدد المساحة المخصصة لإقامة مباني الجمعية (الطاعنة) بما فيها الزاوية القبلية الغربية التي طلبت الجمعية بعدئذ زيادة رقعتها وما يستتبع ذلك من نقص الأرض الفضاء الباقية لانتفاع الشركة لم يكن ذلك في الحقيقة مجرد خطأ مادي ولا خلاف على أمور ثانوية كما تذهب إلى ذلك الجمعية في دفاعها ولكنه خلاف على مسألة جوهرية تعلق عليها الشركة (المطعون عليها) أهمية كبرى من ناحية كيفية استغلالها للعين المراد تأجيرها بإعدادها محطة لسيارات الركاب يهمها قطعاً بروز واجهتها على طريق عام رئيسي تشتد فيه حركة المرور ويسهل تبعاً على عملائها الاستدلال عليها وبغير هذه الواجهة يتعذر على الشركة استغلال الأرض ويفشل المشروع الذي أقدمت على استئجار هذه الأرض من أجله - فهذا الخلاف الجوهري إنما يمنع في الحقيقة من تلاقي الإرادتين واقتران الإيجاب بالقبول ولا يتم به أدنى اتفاق بين الشركة الموجبة والجمعية القابلة ويصبح عقد الإجارة المزعوم معدوماً لا أثر له وينعدم بانعدامه سند الدعوى" ولما كان يبين من مطالعة الخطابين المؤرخين 18 و22 مارس سنة 1948 المقدمين بملف الطعن - أن الخطاب الأول المتضمن إيجاب الشركة المطعون عليها يفيد أن القطعة التي قبلت تركها للجمعية الطاعنة لتقيم عليها مبناها تقع في الزاوية البحرية الغربية للأرض المراد استئجارها في حين أن خطاب الطاعنة المؤرخ 22 مارس سنة 1948 والمتضمن قبولها يفيد اشتراطها أن تكون القطعة المتروكة لها بالزاوية القبلية الغربية لهذه الأرض حتى تكون لها واجهة على شارع الشناوي العمومي الذي يحد الأرض من الجهة القبلية - لما كان ذلك، وكانت محكمة الاستئناف قد استخلصت في حدود سلطتها التقديرية وللأسباب السائغة التي أوردتها أن هذا الخلاف بين الإيجاب والقبول يتناول مسألة جوهرية في التعاقد الذي كان يراد إبرامه وأنه - على خلاف ما تزعم الطاعنة - لم يكن هذا الخلاف وليد خطأ مادي وقعت فيه المطعون عليها عند ويرها خطابها سالف الذكر - وكان تفسير المحكمة للخطابين المتبادلين بين الطرفين ليس في خروج عن المدلول الظاهر لعبارتهما لما كان ذلك، فإن النعي على الحكم المطعون فيه بالخطأ في الإسناد وفي تفسير هذين المحررين يكون على غير أساس ولما كان يشترط قانوناً لانعقاد العقد مطابقة القبول للإيجاب فإذا اقترن القبول بما يعدل في الإيجاب فلا يكون له حكم القبول الذي يتم به التعاقد وإنما يعتبر بمثابة إيجاب جديد فلا ينعقد العقد به إلا إذا صادفه قبول من الطرف الآخر وهو ما لم يحصل النزاع الحالي - لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه إذ رتب على عدم مطابقة القبول للإيجاب أن العقد لم ينعقد أصلاً بين الطرفين فإنه لا يكون مخالفاً للقانون.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 138 لسنة 28 ق جلسة 2 / 5 / 1963 مكتب فني 14 ج 2 ق 92 ص 649

جلسة 2 من مايو سنة 1963

برياسة السيد/ محمود عياد رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمود توفيق إسماعيل، وأميل جبران، ولطفي علي، ومحمد ممتاز نصار.

----------------

(92)
الطعن رقم 138 لسنة 28 القضائية

استئناف. "الأحكام الغير جائز استئنافها". إجارة. "إيجار الأماكن".
لا تجيز المادة 396 مرافعات - بعد تعديلها بالقانون 137 لسنة 1956 - الطعن في أحكام دوائر الإيجارات. القانون 121 لسنة 1947 هو تشريع خاص تضمنت نصوصه قواعد تعتبر استثناء من أحكام قانون المرافعات. لا سبيل إلى إلغاء أحكامه إلا بتشريع ينص على هذا الإلغاء لا يستفاد ذلك من نص المادة 396 مرافعات بعد تعديله. المقصود من التعديل جواز الطعن في الأحكام الصادرة بصفة انتهائية من المحاكم الابتدائية أسوة بأحكام المحاكم الجزئية فيما يتعلق بالاستئناف.

----------------
ما أجازته المادة 396 من قانون المرافعات المعدلة بالقانون 137 لسنة 1956 من استئناف الأحكام الصادرة بصفة انتهائية من المحاكم الابتدائية بسبب وقوع بطلان في الحكم أو بطلان في الإجراءات أثر في الحكم، لا يعتبر استثناء من حكم المادة 15/ 4 من القانون 121 لسنة 1947 التي تقضي بأن الأحكام الصادرة في المنازعات الناشئة عن تطبيق قانون إيجار الأماكن نهائية وغير قابلة لأي طعن - ذلك أن القانون 121 لسنة 1947 هو تشريع خاص تضمنت نصوصه قواعد تعتبر استثناء من أحكام قانون المرافعات ولا سبيل إلى إلغاء أحكامه إلا بتشريع ينص على هذا الإلغاء، ولا يستفاد هذا النظر من نص المادة 396 سالفة الذكر بعد تعديله بالقانون 137 لسنة 1956 إذ كل ما قصد بهذا التعديل هو جواز الطعن في الأحكام الصادرة بصفة انتهائية من المحاكم الابتدائية أسوة بأحكام المحاكم الجزئية الانتهائية فيما يتعلق بالاستئناف.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر وبعد المرافعة والمداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن وقائع النزاع تتحصل حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 2833 سنة 1955 كلي القاهرة أمام دائرة الإيجارات ضد المطعون عليه بصحيفة أعلنت له في 27/ 6/ 1955 قال فيها إنه استأجر بمقتضى عقد إيجار تاريخه 24/ 10/ 1948 من المدعى عليه (المطعون عليه) دكاناً بأجرة قدرها 21 جنيهاً شهرياً وأنه تبين له أن هذا الإيجار يزيد عن الحد المقرر في المادة الرابعة من القانون رقم 121 سنة 1947 وأنه لذلك أقام هذه الدعوى بطلب تخفيض الإيجار من 21 جنيهاً شهرياً إلى الحد القانوني ومقداره 18 جنيهاً شهرياً وذلك من بدء الإجارة الحاصلة في 1/ 11/ 1948 مع حفظ حق الطاعن في استرداد ما دفع دون وجه حق، ودفع المدعى عليه الدعوى بأن الأجرة في حدود القانون وأنها تمثل أجرة المثل. وبتاريخ 16/ 11/ 1955 أصدرت المحكمة حكماً قبل الفصل في الموضوع بندب خبير هندسي لأداء المأمورية المبينة بمنطوق ذلك الحكم. وبتاريخ 26 ديسمبر سنة 1956 قضت المحكمة بتخفيض الأجرة إلى 18 جنيهاً شهرياً بما في ذلك الزيادة القانونية وذلك ابتداء من تاريخ التأجير الحاصل في 1/ 11/ 1948 وألزمت المدعى عليه (المطعون عليه) بالمصروفات الخاصة بهذا الشق من الدعوى وبإعادة القضية إلى المرافعة لمناقشة المدعي (الطاعن) في الطلبات المتضمنة رد فرق الأجرة مستندة في ذلك إلى تقرير الخبير وما انطوى عليه.
وبتاريخ 30 يناير سنة 1957 قضت المحكمة فيما بقي من الطلبات بإلزام المدعى عليه (المطعون عليه) بأن يدفع للمدعي (الطاعن) مبلغ 261 جنيهاً والمصروفات وهذا المبلغ يمثل فرق الأجرة عن 87 شهراً تبدأ من بدء الإجارة إلى يناير سنة 1956 بواقع 3 جنيهات شهرياً. استأنف المطعون عليه الحكمين المذكورين بالاستئنافين رقم 266 سنة 74 ق و306 سنة 74 ق القاهرة وأولهما خاص بالوصف طلب فيه المطعون عليه وقف تنفيذ الحكم الموصوف بأنه نهائي وثانيهما خاص بالموضوع وقد ضم الاستئناف الأول إلى الثاني ودفع المستأنف عليه (الطاعن) بعدم جواز الاستئناف تطبيقاً للمادة 15/ 4 من القانون رقم 121 لسنة 1947. وبتاريخ 12 مايو سنة 1957 قضت محكمة استئناف القاهرة برفض هذا الدفع وبقبول الاستئنافين شكلاً وفي الاستئناف الوصفي قضت بوقف نفاذ الحكم المستأنف وحددت لنظر الموضوع جلسة أخرى، ولدى نظر الموضوع دفع المستأنف عليه (الطاعن) بعدم قبول الاستئناف شكلاً لإعلانه بعد الميعاد القانوني وبأنه وقع تزوير مادي في إعلان صحيفتي الاستئنافين وطعن بالتزوير في هاتين الصحيفتين وطلب في الموضوع رفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف وبتاريخ 25 فبراير سنة 1948 أصدرت محكمة الاستئناف حكماً قضت فيه بعدم قبول الإدعاء بالتزوير وبعدم جواز نظر الدفع بعدم قبول الاستئناف شكلاً وبإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى وألزمت المستأنف عليه بالمصروفات عن الدرجتين. وبتاريخ 27 أبريل سنة 1958 طعن الطاعن في الحكمين الصادرين بتاريخ 12 مايو سنة 1957 و25 فبراير سنة 1958 بطريق النقض وبعد استيفاء الإجراءات قدمت النيابة مذكرة برأيها تضمن طلب إحالة الطعن إلى الدائرة المدنية لتقضى بنقض الحكمين المطعون فيهما. وبتاريخ 30 مايو سنة 1961 قررت دائرة فحص الطعون إحالة الطعن إلى الدائرة المدنية والتجارية وبعد استيفاء الإجراءات التالية للإحالة نظر الطعن أمام هذه المحكمة بجلسة 11/ 4/ 1963 وفيها صممت النيابة على طلبها السالف بيانه.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن في السبب الأول من أسباب الطعن أن الحكم المطعون فيه الصادر في 12 مايو سنة 1957 قد خالف القانون عندما أجاز استئناف الحكم الصادر من دائرة الإيجارات بالتطبيق لنص المادة 396 من قانون المرافعات بعد تعديلها بالقانون رقم 137 لسنة 1956 حالة أن المادة المذكورة لا تنطبق على الأحكام الصادرة من دائرة الإيجارات.
وحيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه الصادر بتاريخ 12 مايو سنة 1957 أنه رد على الدفع المبدي من المستأنف عليه (الطاعن) بعدم جواز الاستئناف لانتهائية الحكم تطبيقاً للمادة 15/ 4 من القانون رقم 121 لسنة 1947 - بقوله "وحيث إنه وإن كانت الأحكام الصادرة في المنازعات الناشئة عن تطبيق قانون الإيجارات نهائية وغير قابلة لأي طعن طبقاً للمادة 15/ 4 من القانون رقم 121 لسنة 1947 إلا أنه استثناء لهذه القاعدة يجوز استئناف الأحكام الصادرة بصفة انتهائية من المحاكم الابتدائية بسبب وقوع بطلان في الحكم أو بطلان في الإجراءات أثر في الحكم وذلك طبقاً لنص المادة 396 مرافعات المعدلة بالقانون رقم 137 لسنة 1956..." وهذا الذي أسس الحكم قضاءه عليه في رفض الدفع بعدم جواز استئناف الحكم الصادر من دائرة الإيجارات غير صحيح في القانون - ذلك أن القانون رقم 121 لسنة 1947 هو تشريع خاص تضمنت نصوصه قواد تعتبر استثناء من أحكام قانون المرافعات ولا سبيل - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - إلى إلغاء أحكامه إلا بتشريع ينص على هذا الإلغاء ولا يستفاد هذا النظر من نص المادة 396 مرافعات بعد تعديلها بالقانون رقم 137 لسنة 1956 على جواز الطعن في الأحكام الصادرة بصفة انتهائية من المحاكم الابتدائية أسوة بأحكام المحاكم الجزئية الانتهائية فيما يتعلق بالاستئناف - لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد جانب هذا النظر على ما سلف البيان فإنه يكون قد خالف القانون بما يستوجب نقضه والحكم بعدم جواز الاستئنافين شكلاً، ولما كان الحكم الصادر بتاريخ 25/ 2/ 1958 مترتباً على الحكم الصادر بتاريخ 12 مايو سنة 1957 فيتعين نقضه أيضاً عملاً بحكم المادة 447 من قانون المرافعات.

الطعن 2406 لسنة 44 ق جلسة 6 / 3 / 1999 إدارية عليا مكتب فني 44 أحزاب ق 5 ص 79

جلسة 6 من مارس سنة 1999

برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور/ محمد جودت أحمد الملط - رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة، وعضوية السادة الأساتذة المستشارين: رائد جعفر النفراوي، وجودة عبد المقصود فرحات، وإدوارد غالب سيفين، ومحمود إسماعيل رسلان مبارك - نواب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة الشخصيات العامة: الأستاذ/ د. عاصم أحمد السيد الدسوقي، الأستاذ/ د. عمرو عزت سلامة، الأستاذ/ د. أحمد نبيل عبد الوهاب السلاوي، الأستاذ/ فؤاد محمد أحمد بدر والأستاذ/ محمد رفقي محمد صديق.

----------------

(5)

الطعن رقم 2406 لسنة 44 قضائية - عليا

(أ) اختصاص - ما يخرج عن اختصاص المحكمة الإدارية العليا بتشكيلها الخاص - المنازعة بين لجنة شئون الأحزاب السياسية وبين من يطلب تسجيل اسمه كممثل قانوني للحزب.
المواد (8) و(16) و(17) من القانون رقم 40 لسنة 1977 بشأن الأحزاب السياسية معدلاً بالقوانين 36 لسنة 1979 و144 لسنة 1980 و114 لسنة 1983.
المشرع أوكل إلى الدائرة الأولى بالمحكمة الإدارية العليا بتشكيل أورده في المادة (8) الفصل في بعض المنازعات المتعلقة بالأحزاب السياسية وحددها تحديداً قاطعاً أولها: الطعون بالإلغاء المقدمة من طالبي التأسيس في القرارات الصادرة من لجنة شئون الأحزاب السياسية بالاعتراض على تأسيس الحزب. وثانيها: الطلبات المقدمة من رئيس لجنة شئون الأحزاب السياسية بحل الحزب وتصفية أمواله وتحديد الجهة التي تئول إليها هذه الأموال - يخرج عن اختصاص المحكمة الإدارية العليا بتشكيلها المشار إليه المنازعة بين لجنة شئون الأحزاب السياسية وبين من يطلب تسجيل اسمه بصفته الممثل القانوني للحزب. تطبيق.
(ب) اختصاص - ما يخرج عن اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري - المنازعات الخاصة بما يصدره الحزب السياسي من قرارات تنظيمية داخلية.
الأحزاب السياسية هي هيئات خاصة تخضع في مزاولتها لنشاطها لأحكام القانون الخاص - لا يغير من طبيعتها القانونية ما تضمنه القانون رقم 40 لسنة 1977 المنظم لهذه الأحزاب من إخضاعها لرقابة الجهاز المركزي للمحاسبات أو اعتبار أموالها في حكم الأموال العامة في تطبيق أحكام قانون العقوبات أو اعتبار القائمين على شئون الحزب أو العاملين به في حكم الموظفين العموميين في تطبيق أحكام القانون المذكور - ما ورد من نصوص القانون بشأن هذه الأمور قصد بها إحكام الرقابة على موارد الحزب ومصروفاته وحماية أمواله - ما يصدر عن الحزب السياسي بتنظيماته الداخلية المختلفة لا يعتبر من قبيل القرارات الإدارية - كما أن المنازعة فيما يصدر عنه من قرارات لا تعتبر من قبيل المنازعات الإدارية التي يختص القضاء الإداري بالفصل في الطعون المقدمة في كلتيهما نتيجة ذلك: يختص القضاء العادي بمحاكمه وحسب توزيع الاختصاص بنظر هذه الأنزعة - القضاء العادي هو المختص بنظر النزاع حول رئاسة الحزب. تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الأربعاء الموافق 4/ 2/ 1998 أودعت الأستاذة/ .... المحامية عن الأستاذ/ ...... المحامي، عن الأستاذ/ ..... عن نفسه وبصفته رئيساً لحزب مصر الفتاة، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن - قيد برقم 2406 لسنة 44 ق - بوقف تنفيذ وإلغاء قرار لجنة شئون الأحزاب السياسية المؤرخ 6/ 9/ 1997 بالامتناع عن تسجيله والاعتداد به ممثلاً قانونياً ورئيساً شرعياً منتخباً لحزب مصر الفتاة الجديد وما يترتب على هذا القرار من آثار، وانتهى تقرير الطعن إلى طلب الحكم بقبول الطعن شكلاً وبصفة مستعجلة، بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه الصادر من لجنة شئون الأحزاب السياسية المؤرخ 6/ 9/ 1997 بناءً على اجتماعها في 4/ 9/ 1997 والذي جاء به أن اللجنة قررت إبقاء الوضع على ما هو عليه وامتنعت عن تسجيل السيد/ ...... لدى لجنة شئون الأحزاب السياسية ولم تعتد به بصفته ممثلاً قانونياً ورئيساً شرعياً منتخباً بإرادة جماهير حزب مصر الفتاة الجديد وذلك بكل آثار القرار المطعون فيه والمترتبة عليه من تجميد نشاط الحزب ووقف إصدار جريدة الحزب ووقف صرف حسابات الحزب ووديعته لدى بنك مصر، وفي الموضوع: الحكم بإلغاء القرار المطعون فيه واعتباره كأن لم يكن شاملاً كافة آثاره وعدم تعرض الجهة الإدارية (لجنة شئون الأحزاب السياسية والمجلس الأعلى للصحافة) للسيد/ .... الرئيس المنتخب بإرادة جماهير حزب مصر الفتاة الجديد وإلزام المدعى عليه الأول بصفته أن يؤدي إلى المدعي مبلغ جنيه مصري واحد على سبيل التعويض المؤقت عن الأضرار الأدبية والمادية التي نالت من المدعي وتناله من القرار المطعون فيه مع إلزام المدعى عليهما بصفتهما الواردة بصدر العريضة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة وذلك بحكم مشمول بالنفاذ المعجل وبلا كفالة يؤمر فيه بتنفيذه بموجب مسودته وبدون إعلان مع حفظ كافة الحقوق الأخرى للطالب عن نفسه وبصفته.
وقد تم إعلان الطعن قانوناً على النحو المبين بالأوراق.
وبعريضة معلنة بتاريخ 17/ 12/ 1998 تدخل السيد/ ...... في الطعن بصفته رئيساً لحزب مصر الفتاة.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً بالرأي القانون ارتأت فيه الحكم بعدم اختصاص المحكمة الإدارية العليا بتشكيلها المنصوص عليه في المادة (8) من القانون رقم 40 لسنة 1977 بنظام الأحزاب السياسية، بنظر الطعن مع إلزام الطاعن المصروفات.
وعين لنظر الطعن أمام هذه المحكمة جلسة 9/ 5/ 1998 وتداولت المحكمة نظر الطعن على النحو الثابت بمحاضر الجلسات إلى أن تقرر إصدار الحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.
من حيث إن عناصر هذا الطعن تخلص - حسبما يبين من الأوراق - في أنه بتاريخ 30/ 7/ 1997 وجه السيد/ ...... (الطاعن) كتاباً إلى السيد الدكتور/ رئيس مجلس الشورى بصفته رئيساً للجنة شئون الأحزاب السياسية، أشار فيه إلى انعقاد المؤتمر العام لحزب مصر الفتاة بتاريخ 18/ 7/ 1997، وأن المؤتمر حسم كافة نزاعات الحزب وانتخبه رئيساً له ومفوضاً لحزب مصر الفتاة الجديد بكافة صلاحيات واختصاصات رئيس الحزب وممثلاً شرعياً وقانونياً للحزب لمدة خمس سنوات تنتهي عام 2002 وكذلك تولى رئاسة مجلس إدارة جريدة مصر الفتاة وإصدارها كممثل شرعي لكافة شئون الحزب وأمواله، وانتهى الكتاب أنه يلزم إخطار رئيس لجنة شئون الأحزاب السياسية بما ينتهي إليه المؤتمر العام من قرارات وحسم كافة النزاعات بعد نهاية مدة رئاسة اللواء/ .......، المنتخب في 8 مايو 1992، وتنتهي مدة رئاسته في 8 مايو 1997، ووفاة الرئيس/ ........ وأضاف الطاعن أنه بصفته النائب الأول لرئيس الحزب ورئيس المكتب السياسي فقد قام بالدعوة لعقد المؤتمر العام العادي بعد خلو منصب الرئيس وذلك طبقاً لنص اللائحة الداخلية للحزب، وبتاريخ 4/ 9/ 1997 اجتمعت لجنة شئون الأحزاب السياسية حيث نظرت كتاب الطاعن السالف الإشارة إليه، واستعرضت المذكرة التي أعدت بشأن النزاع حول رئاسة حزب مصر الفتاة منذ عام 1992 حيث أثبتت المذكرة أن عدد المتنازعين على رئاسة الحزب وصل إلى ما يربو على عشرة أشخاص، وأن لجنة شئون الأحزاب السياسية، ليست طرفاً في أي نزاع حول رئاسة أي حزب سياسي، وأنه طبقاً لقضاء محكمة القضاء الإداري يتعين حسم ما قد يثور من نزاع في هذا الشأن إما رضاءً أو قضاءً، وهو مبدأ سارت عليه اللجنة بالنسبة لجميع أطراف النزاع حول رئاسة حزب مصر الفتاة بل وغيره من الأحزاب، وقد انتهت لجنة شئون الأحزاب السياسية إلى الموافقة على ما انتهت إليه المذكرة من أن النزاع حول رئاسة حزب مصر الفتاة لم يحسم بعد قضاءً حيث لم يتفق المتنازعون على اختيار شخص واحد كما لم يحسم قضاءً حيث لم يتم الفصل في الدعاوى المقامة أمام المحاكم ومن ثم يبقى الوضع على ما هو عليه حتى يتم حسم النزاع.
وقد قام رئيس لجنة شئون الأحزاب السياسية بتاريخ 6/ 9/ 1997 بإبلاغ الطاعن بما انتهت إليه اللجنة في اجتماعها يوم 4/ 9/ 1997.
وينعى الطاعن على قرار لجنة شئون الأحزاب السياسية، مخالفته للقانون للأسباب التالية:
1 - أن القرار المطعون فيه قد جاء هاوياً ومنعدماً إذ أن مبرره المتمثل في عدم حسم النزاع على رئاسة الحزب قضاءً أو اتفاقاً، ليس من الأسباب التي جاءت على سبيل الحصر والتي أشارت إليها المادة (17) من القانون رقم 40 لسنة 1997.
2 - أن الحزب متى وفُق على تشكيله فإن له شخصيته الاعتبارية وأن الذي يمثله في كل ما يتعلق بشئونه هو رئيسه وأن لكل حزب نظامه الذي لا بد أن يشتمل - من بين ما يشتمله - على طريقة وإجراءات تكوين تشكيلاته واختيار قيادته وأجهزته دونما تدخل من أية جهة كانت.
3 - أن المشرع نص على ضرورة إخطار رئيس لجنة شئون الأحزاب السياسية بأي قرار يصدره الحزب بتغيير رئيسه. والحكمة المتوخاة من ذلك تمكين لجنة شئون الأحزاب من مباشرة اختصاصاتها من خلال الممثل القانوني للحزب. وإخطار رئيس اللجنة هو إجراء شكلي الهدف منه إعلام رئيس اللجنة بالممثل القانوني للحزب، وبالتالي فإن لجنة شئون الأحزاب لا تملك النظر بالموازنة والترجيح فيمن يحق له أن يتولى رئاسة الحزب.
4 - أن لجنة شئون الأحزاب السياسية لم تقم بفحص الأوراق والمستندات المقدمة لها وفق الإخطار والدالة على انعقاد المؤتمر العام وصحة عقد المؤتمر وبناءً عليه تكون كل النزاعات قد حسمت في الحزب رضاءً، إلا أن اللجنة لم تعترف بقرارات المؤتمر العام وامتنعت بدون وجه حق عن تسجيل اسم الممثل القانوني للحزب. مما يجعل الحزب شخصاً معنوياً بلا ممثل طبيعي.
5 - أن القرار المطعون فيه صدور من لجنة شئون الأحزاب السياسية، وهى لا تملك سلطة إصداره، مشوباً بعيب اغتصاب السلطة متجاوزاً ولايتها.
وأضاف الطاعن أنه ترتب على قرار لجنة شئون الأحزاب السياسية أن امتنعت الجرائد القومية عن طبع الجريدة مما دعا إلى طبع جريدة الحزب في مقر مطبعة المدينة المنورة الكائنة 118 شارع مجلس الشعب دائرة السيدة زينب وأن تعطيل جريدة الحزب بقرار من لجنة شئون الأحزاب السياسية يكون قراراً منعدماً لمخالفته صحيح حكم القانون إذ أن مبرره المتمثل في عدم حسم النزاع على رئاسة الحزب ليس من ضمن الأسباب التي جاءت على سبيل الحصر والتي أشارت إليها المادة (17) من القانون رقم 40 لسنة 1977.
واستطرد الطاعن أن المدعى عليه الثاني بصفته قد أخطره بتاريخ 16/ 12/ 1997 بأنه استناداً إلى إفادة لجنة شئون الأحزاب السياسية المؤرخة 15/ 12/ 1997 بأن النزاع حول رئاسة حزب مصر الفتاة لم يتم حسمه ومن ثم فإن البنك لا يعتمد توقيع رئيس الحزب لصرف الحسابات الخاصة باسم حزب مصر الفتاة وجريدة مصر الفتاة وجريدة طرف البنك، ولا شك أن كل هذه الأمور من الامتناع عن تسجيل الممثل القانوني والرئيس المنتخب شرعاً لحزب مصر الفتاة الجديد لدى لجنة شئون الأحزاب السياسية وتجميد نشاط الحزب بمقولة بقاء الوضع على ما هو عليه ووقف إصدار جريدة الحزب ووقف صرف الحسابات الخاصة بالحزب لدى بنك مصر هي آثار للقرار المطعون فيه ويترتب عليها نتائج يتعذر تداركها.
وانتهى تقرير الطعن إلى طلب الحكم بما أورده الطاعن من طلبات.
ورداً على ما ورد بتقرير الطعن أودعت جهة الإدارة المدعى عليها حافظة مستندات طويت على صورة من الإخطار الموجه إلى الطاعن من رئيس لجنة شئون الأحزاب السياسية والمتضمن إبقاء الوضع على ما هو عليه حتى يحسم النزاع حول رئاسة الحزب، وصورة من محضر اجتماع لجنة شئون الأحزاب السياسية المؤرخ 4/ 9/ 1997، كما أودعت مذكرة بدفاع رئيس لجنة شئون الأحزاب السياسية انتهت في ختامها إلى طلب الحكم أصلياً بعدم اختصاص المحكمة الإدارية العليا بتشكيلها المنصوص عليه في المادة (8) من القانون رقم 40 لسنة 1977 بنظر الطعن واحتياطياً برفض الطعن مع إلزام الطاعن المصروفات، تأسيساً على أن القرار المطعون فيه يخرج من عداد القرارات المنصوص عليها على سبيل الحصر في المادتين 8، 17 من قانون الأحزاب السياسية والتي تختص بنظرها المحكمة الإدارية العليا بتشكيلها الخاص المنصوص عليه في المادة (8) السالف بيانها.
ومن حيث إن المادة (8) من القانون رقم 40 لسنة 1977 الخاص بنظام الأحزاب السياسية والمعدلة بالقانونين 144 لسنة 1980، 114 لسنة 1983 تنص على أن "تشكل لجنة شئون الأحزاب السياسية على النحو التالي... وتختص اللجنة بالنظر في المسائل المنصوص عليها في هذا القانون بفحص ودراسة إخطارات تأسيس الأحزاب السياسية.... وعلى اللجنة أن تصدر قرارها بالبت في تأسيس الحزب.... خلال الأربعة أشهر التالية على الأكثر لعرض الإخطارات بتأسيس الحزب على اللجنة ويجب أن يصدر قرار اللجنة بالاعتراض على تأسيس الحزب مسبباً بعد سماع الإيضاحات اللازمة من ذوي الشأن.... وتنشر القرارات التي تصدرها اللجنة بالموافقة على تأسيس الحزب أو الاعتراض على تأسيسه في الجريدة الرسمية.. ويجوز لطالبي تأسيس الحزب خلال الثلاثين يوماً التالية لنشر قرار الاعتراض في الجريدة الرسمية أن يطعنوا بالإلغاء في هذا القرار أمام الدائرة الأولى للمحكمة الإدارية العليا التي يرأسها رئيس مجلس الدولة على أن ينضم لتشكيلها عدد مماثل من الشخصيات العامة يصدر باختيارهم قرار من وزير العدل بعد موافقة المجلس الأعلى للهيئات القضائية من الكشوف الخاصة بالشخصيات العامة.....".
وتنص المادة (16) معدلة بالقانون رقم 144 لسنة 1980 على أن "يخطر رئيس لجنة شئون الأحزاب السياسية بكتاب موصى عليه بعلم الوصول بأي قرار يصدره الحزب بتغيير رئيسه أو بحل الحزب أو اندماجه أو بأي تعديل في نظامه الداخلي وذلك خلال عشرة أيام من تاريخ صدوره القرار.
وتنص المادة (17) معدلة بالقانون رقم 36 لسنة 1979 على أنه "يجوز لرئيس لجنة شئون الأحزاب السياسية - بعد موافقتها أن يطلب من المحكمة الإدارية العليا بتشكيلها المنصوص عليه في المادة (8) الحكم بصفة مستعجلة بحل الحزب وتصفية أمواله وتحديد الجهة التي تئول إليها هذه الأموال وذلك إذا ثبت من تقرير المدعي العام الاشتراكي بعد التحقيق الذي يجريه تخلف أو زوال أي شرط من الشروط المنصوص عليها في المادة 4 من هذا القانون....."
ومن حيث إن البين من هذه النصوص أن المشرع قد أوكل إلى الدائرة الأولى بالمحكمة الإدارية العليا بتشكيل خاص أورده في المادة (8) الفصل في بعض المنازعات المتعلقة بالأحزاب السياسية وهي منازعات حددها المشرع تحديداً قاطعاً وحصرها في نوعين من المنازعات:
الأولى: الطعون بالإلغاء المقدمة من طالبي تأسيس الحزب في القرارات الصادرة من لجنة شئون الأحزاب السياسية بالاعتراض على تأسيس الحزب.
ثانياً: الطلبات المقدمة من رئيس لجنة شئون الأحزاب السياسية - بعد موافقة اللجنة - بحل الحزب وتصفية أمواله وتحديد الجهة التي تئول إليها هذه الأموال في ضوء تحقيق يجريه المدعي العام الاشتراكي يثبت فيه تخلف أو زوال أي شرط من الشروط المنصوص عليها في المادة (4) من القانون رقم 40 لسنة 1977.
ولا وجه للقول بأن المحكمة الإدارية بتشكيلها المنصوص عليه في المادة (8) من قانون الأحزاب السياسية تختص أيضاً بالنظر في امتناع لجنة شئون الأحزاب السياسية عن تسجيل اسم الممثل القانوني للحزب بحجة أن محكمة الأحزاب هي صاحبة الولاية بشأن وجود وزوال الأحزاب السياسية ويدخل في ذلك ما يعد كذلك ضمناً أو ما يؤدي إليه بحسب المآل تطبيقاً لمبدأ أن قاضي الموضوع هو قاضي الدفع وأن قاضي الأصل هو قاضي الفرع، لا وجه لهذا القول - ذلك أن المشرع ورغم تعدد وتنوع المنازعات التي يمكن أن تنشأ عن تطبيق قانون الأحزاب السياسية لم يشأ أن يوكل إلى المحكمة الإدارية العليا بتشكيلها المنصوص عليه في المادة (8) من قانون الأحزاب السياسية سوى اختصاص محدد بنوعين من المنازعات يتعلقان برفض تأسيس الحزب وحله لزوال أو تخلف شرط من الشروط المنصوص عليها في المادة (4) ولم ير المشرع في المنازعات الأخرى بشأن الأحزاب السياسية ما يبرر الخروج بها عن القواعد المقررة للاختصاص القضائي، ولو أراد المشرع ذلك ما أعوزه إيراد نص يقضي باختصاص المحكمة الإدارية العليا بتشكيلها السالف الإشارة إليه بالفصل في "كافة المنازعات الناشئة عن تطبيق القانون رقم 40 لسنة 1977" كما يتعارض مع هذا القول ما هو مقرر من أن الاختصاص القضائي لا يكون إلا بقانون وأنه ليس من شأن حجب اختصاص المحكمة الإدارية العليا بتشكيلها المنصوص عليه في المادة (8) عن باقي المنازعات بشأن الأحزاب السياسية، عدم وجود محكمة مختصة بالفصل في تلك المنازعات وتعتبر قاضياً طبيعياً لها.
ومن حيث إنه لما كانت الأحزاب السياسية هيئات خاصة تخضع في مزاولتها لنشاطها لأحكام القانون الخاص دون أن يغير من طبيعتها القانونية ما تضمنه القانون المنظم لهذه الأحزاب رقم 40 لسنة 1977 من إخضاعها لرقابة الجهاز المركزي للمحاسبات، أو اعتبار أموالها في حكم الأموال العامة في تطبيق أحكام قانون العقوبات، أو اعتبار القائمين على شئون الحزب أو العاملين به في حكم الموظفين العموميين في تطبيق أحكام القانون المذكور، وذلك نظراً لأن هذه النصوص قصد بها إحكام الرقابة على موارد الحزب ومصروفاته وحماية أمواله دون أن يقصد بها تغيير الطبيعة القانونية للحزب بتحويله إلى شخص من أشخاص القانون العام، ومن ثم فإن ما يصدر عن الحزب السياسي بتنظيماته الداخلية المختلفة لا يعتبر من قبيل القرارات الإدارية كما أن المنازعة فيما يصدر عنه من قرارات لا تعتبر من قبيل المنازعات الإدارية والتي يختص القضاء الإداري بالفصل في الطعون المقدمة في كليهما وإنما يكون القضاء العادي بمحاكمه وحسب قواعد توزيع الاختصاص هو المختص بنظر أي من هذه الأنزعة ويكون بالتالي هو المختص ولائياً بنظر النزاع حول رئاسة الحزب.
ومن حيث إن الثابت من الاطلاع على كتاب السيد الدكتور رئيس مجلس الشورى بصفته رئيساً للجنة شئون الأحزاب السياسية المؤرخ 6/ 9/ 1997 والموجه إلى الطاعن وما أرفق به من محضر اجتماع اللجنة بتاريخ 4/ 9/ 1997، أن ثمة منازعات معروضة على القضاء بشأن رئاسة حزب مصر الفتاة وأن عدد المتنازعين على رئاسة الحزب وصل إلى ما يربو على عشرة أشخاص كما أن الثابت من عريضة التدخل المقدمة من السيد/ .......... أنه ينازع الطاعن في رئاسة الحزب وأنه قد نفى علاقة الطاعن بالحزب بعد فصله طبقاً لقرارات المؤتمر العام في 16/ 7/ 1993، 14/ 2/ 1997.
ومن حيث إنه في ضوء ما تقدم، فإن النزاع حول رئاسة حزب مصر الفتاة، يخرج عن اختصاص هذه المحكمة، ومن ثم فإن القضاء العادي بمحاكمه وحسب قواعد الاختصاص يكون هو المختص بنظر هذا النزاع.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الطعن، وأمرت بإحالته بحالته إلى محكمة شمال القاهرة الابتدائية، وأبقت الفصل في المصروفات.