الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 4 يونيو 2023

الطعن 275 لسنة 36 ق جلسة 16 / 2 / 1971 مكتب فني 22 ج 1 ق 31 ص 179

جلسة 16 من فبراير سنة 1971

برياسة السيد المستشار الدكتور عبد السلام بلبع رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: بطرس زغلول، وأحمد حسن هيكل، وعباس حلمي عبد الجواد، ومحمد أسعد محمود.

-----------------

(31)
الطعن رقم 275 لسنة 36 القضائية

(أ) نقض. "تقرير الطعن". بطلان. إعلان.
وجوب حصول تقرير الطعن بالنقض في قلم كتاب محكمة النقض في ظل قانون المرافعات السابق. خلو صورة التقرير المعلنة من بيان اسم الموظف الذي حصل أمامه. لا بطلان.
(ب) أحوال شخصية. "الولاية على المال". "سلطة الوصي". تحكيم. عقد.
إرادة الوصي تحل محل إرادة القاصر، وينصرف الأثر القانوني إلى ذلك الأخير. وجوب استئذان الوصي محكمة الأحوال الشخصية بالنسبة لبعض التصرفات ومنها التحكيم. ليس بشرط للتعاقد أو التصرف. وإنما هو مقرر لمصلحة ناقصي الأهلية. ليس الخصوم وهؤلاء التمسك به.
(ج) تحكيم. "مشارطة التحكيم".
التحكيم طريق استثنائي لفض الخصومات. قصره على ما تنصرف إليه إرادة المحتكمين. إيجاب قانون المرافعات السابق تضمين مشارطة التحكيم تعييناً لموضوع النزاع. إجازته إتمام هذا التحديد أثناء المرافعة أمام هيئة التحكيم.
(د) تحكيم. "إجراءات التحكيم". "أجل صدور حكم المحكمين". حكم. "تسبيب الحكم".
إيجاب قانون المرافعات السابق التزام المبادئ الأساسية في التقاضي ما لم يحصل إعفاء منها صراحة. حصول هذا الإعفاء لا يؤدي إلى عدم إتباع الأحكام الخاصة بالتحكيم والواردة في ذات القانون ومن بينها النص الموجب لصدور حكم المحكمين في ظروف ثلاثة أشهر من تاريخ قبولهم للتحكيم عند عدم اشتراط أجل للحكم. خطأ الحكم المطعون فيه في ذلك مع صحة النتيجة التي انتهى إليها. لا أثر له.
(هـ) نقض. "الصفة في الطعن". تحكيم.
قضاء الحكم بصحة حكم المحكمين بالنسبة للطاعن. نعيه على الحكم في شقه الخاص باعتبار مشارطة التحكيم غير نافذة في حق من لم يكونوا أطرافاً فيها والذين لم يطعنوا عليه. غير مقبول.

-----------------
1 - إذا كانت المادة 429 من قانون المرافعات السابق المنطبقة على الطعن الحالي لم تستلزم أن يشتمل تقرير الطعن بالنقض على اسم الموظف الذي يحصل التقرير أمامه، وإنما أشارت بصفة عامة إلى وجوب أن يتم ذلك في قلم كتاب محكمة النقض، وكان الثابت من أصل التقرير وصورته أنه حرر فعلاً في قلم كتاب تلك المحكمة، وأن الصورة المعلنة منه هي صورة رسمية مطابقة للأصل، فإنه لا يبطل الإعلان خلو صورة التقرير من بيان اسم موظف قلم كتاب المحكمة الذي حصل التقرير بالطعن أمامه، لأن ذلك ليس من البيانات التي يتحتم ذكرها في التقرير.
2 - الوصاية نوع من أنواع النيابة القانونية، تحل بها إرادة الوصي محل إرادة القاصر مع انصراف الأثر القانوني إلى ذلك الأخير، ولئن كانت المادة 39 من القانون رقم 119 لسنة 1952 الخاص بأحكام الولاية على المال قد تضمنت بياناً بالتصرفات التي لا يجوز أن يباشرها الوصي إلا بإذن من محكمة الأحوال الشخصية، ومن بينها التحكيم الذي أنزلته الفقرة الثالثة منها منزلة أعمال التصرف اعتباراً بأنه ينطوي على التزامات متبادلة بالنزول على حكم المحكمين، إلا أن استصدار هذا الإذن في الحالات التي يوجب فيها القانون ذلك ليس بشرط للتعاقد أو التصرف، وإنما قصدت به - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة (1) - إلى رعاية حقوق ناقصي الأهلية والمحافظة على أموالهم بالنسبة لتصرفات معينة ارتأى الشارع لخطورتها ألا يستقل الوصي بالرأي فيها، فنصب من محكمة الأحوال الشخصية للولاية على المال رقيباً عليه في صددها. وهو بهذه المثابة بعد إجراء شرع لمصلحة القصر دون غيرهم. وإذ كان الأمر في الدعوى الماثلة أن مشارطة التحكيم أبرمت بين الطاعن والمطعون عليها عن نفسها ونيابة عن أولادها القصر بعد أن رفضت محكمة الأحوال الشخصية الإذن لها بذلك، كما رفضت التصديق على حكم المحكمين عقب صدوره، فإنه لا يكون للطاعن الحق في التمسك ببطلان حكم المحكمين ويكون ذلك الحق قصوراً على المحتكمين من ناقصي الأهلية الذين صدر حكم المحكمين حال قصرهم، وذلك بعد بلوغهم سن الرشد.
3 - التحكيم طريق استثنائي لفض الخصومات، قوامه الخروج على طرق التقاضي العادية، وما تكفله من ضمانات، ومن ثم فهو مقصور حتماً على ما تنصرف إرادة المحتكمين إلى عرضه على هيئة التحكيم. وقد أوجبت المادة 822 من قانون المرافعات السابق أن تتضمن مشارطة التحكيم تعييناً لموضوع النزاع حتى ولاية المحكمين، ويتسنى رقابة مدى التزامهم حدود ولايتهم. كما أجاز المشرع في نفس المادة أن يتم ذلك التحديد أثناء المرافعة أمام هيئة التحكيم.
4 - إنه وإن كانت المادة 834 من قانون المرافعات السابق تقضي بوجوب التزام المبادئ الأساسية في التقاضي، والأخذ بقواعد قانون المرافعات المتبعة أمام المحاكم ما لم يحصل إعفاء المحكمين منها صراحة، إلا أن ذلك الإعفاء لا يؤدي إلى عدم إتباع الأحكام الخاصة بالتحكيم والواردة في الباب الرابع من الكتاب الثالث من قانون المرافعات المذكور، ومن بينها المادة 833 التي توجب على المحكمين عند عدم اشتراط أجل للحكم أن يحكموا في ظرف ثلاثة أشهر من تاريخ قبولهم للتحكيم. ولئن كان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر، واعتبر أن ميعاد صدور حكم المحكمين وفق المادة 833 سالفة الإشارة هو مما يمتد إليه الإعفاء الوارد في البند الثاني من مشارطة التحكيم، إلا أنه وقد انتهى صحيحاً فيما قرره من رفض دفاع الطاعن في هذا الخصوص، وكان الثابت من مشارطة التحكيم أن قبول المحكمين حصل بتاريخ 10 من يوليو سنة 1962، وصدر حكم المحكمين في 3 من سبتمبر سنة 1962 أي خلال الأجل المقرر قانوناً، فإن النعي على الحكم المطعون فيه بهذا السبب يكون على غير أساس.
5 - إذا كان الطعن قد اقتصر على الشق من الحكم المطعون فيه الذي قضى برفض دعوى الطاعن على سند من صحة حكم المحكمين بالنسبة له، وكان ما يدعيه الطاعن من تناقض يمتد إلى الشق من الحكم الذي اعتبر مشارطة التحكيم غير نافذة في حق باقي الورثة الذين لم يكونوا أطرافاً فيها، والذين لم يطعنوا عليه، فإن النعي بهذا السبب يكون غير مقبول من الطاعن لأنه لا صفة له في إبدائه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الوقائع تتحصل - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - في أن الطاعن وآخرين أقاموا ضد المطعون عليهم الدعوى رقم 64 لسنة 1963 مدني أمام محكمة الزقازيق الابتدائية بطلب بطلان حكم المحكمين رقم 16 سنة 1962 الزقازيق وعدم نفاذه في حقهم، وقالوا بياناً لدعواهم إنه بتاريخ 25 أغسطس 1961 عقدت مشارطة تحكيم بين الطاعن وبين المطعون عليها الأولى عن نفسها ونيابة عن أولادها بقية المطعون عليهم الذين كانوا قصراً آنذاك وذلك بقصد تقسيم التركة الآيلة إليهم عن مورث الطرفين، وإذ صدر حكم المحكمين بتاريخ 3 من سبتمبر سنة 1962 مشوباً بالبطلان من نواح مختلفة فقد أقام الطاعن وبقية الورثة الذين لم يكونوا طرفاً في مشارطة التحكيم دعواهم بالطلبات سالفة البيان. ومحكمة أول درجة حكمت في 22 من يونيو 1965 بالطلبات. استأنف المطعون عليهم هذا الحكم بالاستئناف رقم 125 لسنة 8 ق المنصورة (مأمورية الزقازيق) ومحكمة الاستئناف حكمت في 27 من مارس 1966 بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض طلب بطلان حكم المحكمين بالنسبة للطاعن وبعدم نفاذ ذلك الحكم بالنسبة لبقية الورثة من رافعي الدعوى. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقصر طعنه على الشق الخاص به المتعلق برفض طلب بطلان حكم المحكمين، ودفع المطعون عليهم ببطلان التقرير بالطعن. وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الدفع وفي موضوع الطعن برفضه وبالجلسة المحددة لنظره التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مبنى الدفع بالبطلان أن صورة التقرير بالطعن بالنقض المعلنة إلى المطعون عليهم لا تتضمن اسم الموظف الذي حصل التقرير بالطعن أمامه كما لا تشتمل على صفة ذلك الموظف رغم أنه بيان جوهري يترتب عليه تخلفه بطلان التقرير لعدم مطابقة الصورة للأصل ولفقدان المحرر الدليل على رسميته مما يشوبه بالبطلان.
وحيث إن هذا الدفع في غير محله، ذلك أنه لما كانت المادة 429 من قانون المرافعات السابق المنطبقة على الطعن الحالي لم تستلزم أن يشتمل تقرير الطعن بالنقض على اسم الموظف الذي يحصل التقرير أمامه وإنما أشارت بصفة عامة إلى وجوب أن يتم ذلك في قلم كتاب محكمة النقض، وكان الثابت من أصل التقرير وصورته أنه حرر فعلاً في قلم كتاب تلك المحكمة وأن الصورة المعلنة منه هي صورة رسمية مطابقة للأصل، فإنه لا يبطل الإعلان خلو صورة التقرير من بيان اسم موظف قلم كتاب المحكمة الذي حصل التقرير بالطعن أمامه لأن ذلك ليس من البيانات التي يتحتم ذكرها في التقرير ويكون الدفع بذلك متعين الرفض.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب ينعى الطاعن بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم انتهى إلى أن إبرام المطعون عليها الأولى مشارطة التحكيم نيابة عن أولادها القصر وبدون استصدار إذن من محكمة الأحوال الشخصية لا يترتب عليه إلا بطلان نسبي مقرر لمصلحة القصر ولا يسوغ لغيرهم التمسك به، مع أن الأمر في الدعوى المعروضة لم يقف عند حد عدم الحصول على الإذن وإنما تعدى ذلك إلى محكمة الأحوال الشخصية المختصة رفضت الإذن باللجوء إلى التحكيم بداءة ولم تصدق على حكم المحكمين عقب صدوره بما يترتب عليه بطلان المشارطة وحكم المحكمين الصادر بناء عليها الأمر الذي يعيب الحكم المطعون فيه بالخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أنه لما كانت الوصاية نوعاً من أنواع النيابة القانونية تحل بها إرادة تحل بها إرادة الوصي محل إرادة القاصر مع انصراف الأثر القانوني إلى ذلك الأخير، ولئن كانت المادة 39 من القانون رقم 119 لسنة 1952 الخاص بأحكام الولاية على المال قد تضمنت بياناً بالتصرفات التي لا يجوز أن يباشرها الوصي ألا بإذن من محكمة الأحوال الشخصية ومن بينها التحكيم الذي أنزلته الفقرة الثالثة منها منزلة أعمال التصرف اعتباراً بأنه ينطوي على التزامات متبادلة بالنزول على حكم المحكمين، إلا أن استصدار هذا الإذن في الحالات التي يوجب فيها القانون ذلك ليس بشرط للتعاقد أو التصرف وإنما قصد به - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - إلى رعاية حقوق ناقصي الأهلية والمحافظة على أموالهم بالنسبة لتصرفات معينة ارتأى الشارع لخطورتها ألا يستقل الوصي بالرأي فيها فنصب من محكمة الأحوال الشخصية للولاية على المال رقيباً عليه في صددها، وهو بهذه المثابة يعد إجراء شرع لمصلحة القصر دون غيرهم. لما كان ذلك وكان الأمر في الدعوى الماثلة أن مشارطة التحكيم وإن كانت قد أبرمت بين الطاعن والمطعون عليها الأولى عن نفسها ونيابة عن أولادها القصر دون أن تستصدر إذناً من محكمة الأحوال الشخصية التي رفضت إصدار هذا الإذن كما رفضت التصديق على حكم المحكمين عقب صدوره، فإنه لا يكون للطاعن الحق في التمسك ببطلان حكم المحكمين، ويكون ذلك الحق مقصوراً على المحتكمين من ناقصي الأهلية الذين صدر حكم المحكمين حال قصرهم، وذلك بعد بلوغهم سن الرشد. وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى أن البطلان المترتب على إبرام المطعون عليها الأولى لمشارطة التحكيم نيابة عن أولادها القصر رغم رفض محكمة الأحوال الشخصية إصدار الإذن بذلك، هو بطلان نسبي لا يجوز أن يحتج إلا ناقصي الأهلية دون أن يكون للطاعن حق التمسك بذلك البطلان، فإنه لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون، ويكون النعي عليه في هذا الخصوص على غير أساس.
وحيث إن حاصل السبب الثاني القصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول الطاعن إنه كان ضمن الاعتراضات التي ساقها على حكم المحكمين، بطلانه عملاً بالمادة 849 من قانون المرافعات السابق استناداً إلى أنه قد تجاوز نطاق المشارطة وخرج عن المهمة التي نيط بالمحكمين أداؤها ودلل على ذلك بأنه بينما أبرم التحكيم بقصد تقسيم ما آل إلى الطرفين من ميراث إذ بحكم المحكمين يقضي بتثبيت ملكية المطعون عليهم شيوعاً في أعيان التركة وفي غيرها مما يدخل في ملكية الطاعن أو سواه من بقية الورثة غير الماثلين في التحكيم، ولتبرير ذلك أدخل حكم المحكمين على صورة المشارطة - على غير الحقيقة - عبارة نفذ منها إلى إدراج أراض اشتراها الطاعن من ماله الخاص ضمن أعيان التركة، إلا أن الحكم المطعون فيه لم يعن ببحث هذا الدفاع ولم يرد عليه مما يجعله قاصر التسبيب.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان التحكيم طريقاً استثنائياً لفض الخصومات قوامه الخروج على طرق التقاضي العادية وما تكفله من ضمانات فإنه يكون مقصوراً حتماً على ما تنصرف إرادة المحتكمين إلى عرضه على هيئة التحكيم، وإذ أوجبت المادة 822 من قانون المرافعات السابق أن تتضمن مشارطة التحكيم تعييناً لموضوع النزاع حتى تتحدد ولاية المحكمين يتسنى رقابة مدى التزامهم حدود ولايتهم، فإن المشرع أجاز أيضاً في هذه المادة أن يتم ذلك التحديد أثناء المرافعة أمام هيئة التحكيم. لما كان ذلك وكان البين مما حصله الحكم المطعون فيه أنه ورد بالبند الثالث من مشارطة التحكيم المؤرخة 25 أغسطس 1961 ما يشير إلى تفويض المحكمين في بحث المسائل المتنازع عليها بين الطرفين بعد سماع دفاعهما الشفوي، وأن المطعون عليها الأولى قد حددت بجلسة 15 من يوليو 1962 طلباتها بالحصول على كافة حقوقها وحقوق أولادها القصر الموروثة وكذلك فيما اشتراه الطاعن باسمه خاصة سواء في حياة المورث أو بعد وفاته، وأن هيئة التحكيم ناقشت الطاعن في هذه الطلبات وردت على دفاعه بشأنها، وكان هذا الذي حصله الحكم يستقيم في معناه ومبناه مع العبارة التي وردت بمشارطة التحكيم والتي تشير إلى أن الهدف منها إنما هو حسم النزاع الدائر حول التركة. لما كان ما تقدم فإن النعي على الحكم بالقصور في التسبيب في هذا الخصوص يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون ومخالفة الثابت بالأوراق، ذلك أنه طرح ما تمسك به من بطلان حكم المحكمين لعدم إصداره في الميعاد المقرر بالمادة 833 من قانون المرافعات السابق على سند من القول بأن الطرفين اتفقا في مشارطة التحكيم على إعفاء المحكمين من التقيد بأحكام قانون المرافعات مع أن الإعفاء المنوه عنه بالمادة 834 من ذات القانون إنما يقصد به إجراءات المرافعات ولا يمكن أن يمتد إلى ميعاد صدور الحكم، وإذ يبين من الأوراق أن حكم المحكمين لم يصدر في خلال ثلاثة أشهر من تاريخ قبولهم للتحكيم طبقاً للمادة المشار إليها فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وخالف الثابت بالأوراق.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه وإن كانت المادة 834 من قانون المرافعات السابق تقضي بوجوب التزام المبادئ الأساسية في التقاضي والأخذ بقواعد قانون المرافعات المتبعة أمام المحاكم ما لم يحصل إعفاء المحكمين منها صراحة إلا أن ذلك الإعفاء لا يؤدي إلى عدم إتباع الأحكام الخاصة بالتحكيم والواردة في الباب الرابع من الكتاب الثالث من قانون المرافعات السابق ومن بينها المادة 833 التي توجب على المحكمين عند عدم اشتراط أجل للحكم أن يحكموا في ظرف ثلاثة أشهر من تاريخ قبولهم للتحكيم. ولئن كان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر واعتبر أن ميعاد صدور حكم المحكمين وفق المادة 833 سالفة الإشارة هو مما يمتد إليه الإعفاء الوارد بالبند الثاني من مشارطة التحكيم، إلا أن الحكم قد انتهى صحيحاً فيما قرره من رفض دفاع الطاعن في هذا الخصوص، ذلك أنه لما كانت المادة 833 آنفه الذكر تقضي بوجوب صدور حكم المحكمين في ظرف ثلاثة أشهر من تاريخ قبولهم للتحكيم في حالة عدم اشتراط أجل للحكم، مما مفاده أن الأجل يسري من تاريخ قبول المحكمين للتحكيم، وكان الثابت من مشارطة التحكيم أن ذلك القبول قد حصل بتاريخ 10 من يوليو سنة 1962، وصدر حكم المحكمين في 3 من سبتمبر سنة 1962 أي خلال الأجل المقرر قانوناً، فإن النعي على الحكم المطعون فيه بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه التناقض بين أسبابه ومنطوقه، وفي بيان ذلك يقول إنه بينما رفض الحكم طلب بطلان حكم المحكمين واعتبره نافذاً في حق الطاعن فقد اعتبره في ذات الوقت غير نافذ في حق باقي الورثة من غير المحتكمين مما يشوبه بالتناقض ويجعله غير مجد في شأن تقسيم التركة الذي انصرفت إليه مشارطة التحكيم.
وحيث إنه لما كان الطعن قد اقتصر على الشق من الحكم المطعون فيه الذي قضى برفض دعوى الطاعن على سند من صحة حكم المحكمين بالنسبة له، وكان ما يدعيه الطاعن من تناقض يمتد إلى الشق من الحكم الذي اعتبر مشارطة التحكيم غير نافذة في حق باقي الورثة الذين لم يكونوا أطرافاً فيها، والذين لم يطعنوا عليه، فإن النعي بهذا السبب يكون غير مقبول من الطاعن لأنه لا صفة له في إبدائه.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.


(1) نقض 18/ 5/ 67 مجموعة المكتب الفني. 18 ص 1054.

الطعن 587 لسنة 35 ق جلسة 30 / 6 / 1991 إدارية عليا مكتب فني 36 ج 2 ق 153 ص 1513

جلسة 30 من يونيه سنة 1991

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ فؤاد عبد العزيز رجب - نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ حسن حسنين علي حسنين ومحمد يسري زين العابدين وأحمد أمين حسان وفريد نزيه تناغو - المستشارين.

---------------

(153)

الطعن رقم 587 لسنة 35 القضائية

مساجد وأضرحة - صناديق النذور.
قرار وزير الأوقاف رقم 22 لسنة 1971 بشأن اللائحة التنفيذية لصناديق النذور - هناك طائفتان ممن توزع عليهم حصة من صندوق النذور - الطائفة الأولى: طائفة العاملين بالمساجد والأضرحة التي لا يوجد بها صندوق نذور وهؤلاء يستحقون نسبة 5% من صندوق النذور العام تصرف لهم كمكافآت تشجيعية وفقاً لما يقرره مجلس إدارة الصندوق والطائفة الثانية هي طائفة العاملين بالمساجد والأضرحة التي يوجد بها صناديق نذور وهؤلاء يستحقون حصة لا تجاوز شهرياً ما يعادل مرتب شهر وبحد أقصى خمسين جنيهاً - هذا التنظيم أقامه وزير الأوقاف بالقرار رقم 22 لسنة 1971 المعمول به اعتباراً من 1/ 4/ 1971 - تضمن قرار وزير الأوقاف حكماً انتقالياً مقتضاه استثناء الحصة التي يتقاضاها العاملون بالمساجد والأضرحة من الحد الأقصى المقدر بخمسين جنيهاً - من يتوافر فيه هذا الوصف عند تطبيق القرار في أول إبريل سنة 1971 لا يتقيد بالحد الأقصى أياً كان مصدر الحصة التي يتقاضاها العامل سواء من صندوق النذور بالمسجد الذي يعمل فيه أو من صندوق النذور العام - تطبيق.


إجراءات الطعن

بتاريخ 29/ 1/ 1989 أودعت هيئة قضايا الدولة بالنيابة عن وزير الأوقاف قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 587 لسنة 35 القضائية طعناً في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري في الدعوى رقم 3820 لسنة 38 القضائية بتاريخ 30/ 11/ 1988 المقامة من السيد/ إسماعيل جاد الرب إسماعيل، والذي قضى بقبول الدعوى شكلاً، وفي الموضوع بأحقية المدعي في صرف حصته من صندوق النذور دون التقيد بالحد الأقصى المنصوص عليه بالمادة الرابعة من القرار رقم 22 لسنة 1971 وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وطلبت الهيئة الطاعنة للأسباب الواردة بتقرير الطعن قبوله شكلاً، وفي الموضوع إلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء أصلياً برفض الدعوى واحتياطياً بسقوط الحق بالتقادم الخمسي فيما زاد على خمس سنوات، مع إلزام المطعون ضده المصروفات عن درجتي التقاضي وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً ارتأت فيه قبول الطعن شكلاً، وبإلغاء الحكم المطعون فيه ورفض الدعوى وإلزام المدعي المطعون ضده المصروفات عن الدرجتين، واحتياطياً قبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام جهة الإدارة المصروفات.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة فقررت إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا "الدائرة الثانية" وحدد لنظره أمامها جلسة 19/ 5/ 1991، وبعد أن استمعت المحكمة إلى ما رأت لزوم سماعه من إيضاحات ذوي الشأن، قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
من حيث إن عناصر المنازعة تخلص في أنه بتاريخ 30/ 4/ 1984 أقام السيد/ إسماعيل جاد الرب إسماعيل الدعوى رقم 3820 لسنة 38 القضائية أمام محكمة القضاء الإداري "تسويات" ضد وزير الأوقاف ومحافظ القاهرة ومدير عام أوقاف القاهرة، طلب فيها الحكم بأحقيته في حصة كاملة من صندوق نذور مسجد الإمام الحسين منذ نقله إليه في 21/ 9/ 1972 دون التقيد بالحد الأقصى، بما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات. وقال شرحاً لدعواه: إنه عين بوزارة الأوقاف بوظيفة إمام وخطيب ومدرس منذ سنة 1965، وتسلم عمله في مسجد الأربعين القبلي بالجيزة في 14/ 1/ 1965 ومنذ هذا التاريخ، وهو مباشر عمله بالمساجد حتى استقر بمسجد الإمام الحسين منذ 21/ 9/ 1972 حيث عمل بوظيفة أمين مكتبة، واستمر في عمله حتى تاريخ إقامة الدعوى ورغم أحقيته في صرف حصة كالمة من صندوق النذور دون حد أقصى باعتباره من العاملين بالمساجد في تاريخ صدور القرار الوزاري رقم 22 لسنة 1971، إلا أن الجهة الإدارية أنكرت عليه ذلك، وأصرت على صرف حصته من صندوق النذور مقيدة بالحد الأقصى.
وبتاريخ 30/ 11/ 1988 أصدرت محكمة القضاء الإداري حكمها الذي قضى بقبول الدعوى شكلاً في مواجهة وزير الأوقاف وحده، وفي الموضوع بأحقية المدعي في صرف حصته في صندوق النذور دون التقيد بالحد الأقصى، مع إلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وأسست المحكمة قضاءها على أنه ثبت لديها أن المدعي من العاملين بالمساجد منذ عام 1965 وحتى تاريخ إقامة الدعوى، بما يعني أنه كان من العاملين بالمساجد في تاريخ العمل بالقرار الوزاري رقم 22 لسنة 1971، ومن ثم فإن الحصة المقررة له من صندوق النذور لا تتقيد بالحد الأقصى المنصوص عليه في هذا القرار.
ومن حيث إن الطعن يتأسس على أن الحكم خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله، حيث إن الاستثناء من قيد الحد الأقصى الوارد بالمادة الرابعة من القرار الوزاري رقم 22 لسنة 1971 لا ينصرف إلى كافة العاملين بالمساجد والأضرحة، وإنما هو قاصر على المساجد والأضرحة التي كان بها صناديق نذور وقت العمل بالقرار، أما من نقل إلى مسجد أو ضريح لم يكن به صندوق نذور فلا يتمتع بهذا الاستثناء ويتقيد بالحدود القصوى التي تضمنها القرار الوزاري المشار إليه، هذا بالإضافة إلى أن الحكم قضى للمدعي بحصته في النذور دون مراعاة أحكام التقادم الخمسي.
ومن حيث إن المادة الرابعة من قرار وزير الأوقاف رقم 22 لسنة 1971 في شأن اللائحة التنفيذية لصناديق النذور التي ترد للمساجد والأضرحة التابعة لوزارة الأوقاف تنص على أن: "توزع إعانة ثابتة مقدارها 25% من إيرادات صندوق النذور بكل مسجد أو ضريح على العاملين في حدود الوظائف المقررة بكل مسجد أو ضريح والتي يصدر بتحديدها قرار وزاري، وتوزع نسبة مقدارها 5% من صندوق النذور العام على العاملين بالمساجد والأضرحة التي لا توجد بها صندوق نذور كمكافآت لهم، وذلك وفقاً لما يقرره مجلس إدارة الصندوق.
ويوزع 70% من إيرادات صندوق النذور العام طبقاً لما يقرره مجلس إدارة الصندوق في الأوجه المشار إليها في المادة الثانية.......
ولا يجوز أن تجاوز الحصة التي يحصل عليها العامل شهرياً ما يعادل مرتب شهر، بحد أقصى مقداره خمسون جنيهاً، ويستثنى من هذا القيد العاملون بالمساجد والأضرحة وقت العمل بهذا القرار".
ومن حيث إنه لتحري قصد الشارع عن المستثنين من قيد الحد الأقصى، يتعين الإشارة إلى أن هناك طائفتين ممن توزع عليهم حصة من صندوق النذور، طائفة العاملين بالمساجد والأضرحة التي لا يوجد بها صندوق نذور، وهؤلاء يستحقون نسبة 5% من صندوق النذور العام تصرف لهم كمكافآت تشجيعية وفقاً لما يقرره مجلس إدارة الصندوق، وطائفة أخرى هي طائفة العاملين بالمساجد والأضرحة التي يوجد بها صناديق نذور وهؤلاء يستحقون حصة لا تجاوز شهرياً ما يعادل مرتب شهر وبحد أقصى خمسين جنيهاً وهذا التنظيم أقامه قرار وزير الأوقاف رقم 22 لسنة 1971 اعتباراً من تاريخ العمل بالقرار وهو 1/ 4/ 1971.
ومن حيث إن قرار وزير الأوقاف قد تضمن حكماً انتقالياً مقتضاه استثناء الحصة التي يتقاضاها العاملون بالمساجد والأضرحة من الحد الأقصى المقدر بخمسين جنيهاً، ولم يقصر هذا الحكم على طائفة معينة من عمال المساجد والأضرحة والمحددة فئاتهم بالقرار دون غيرهم، ومن ثم فإن من يتوافر فيه هذا الوصف عند تطبيق القرار في أول إبريل سنة 1971 لا يتقيد بالحد الأقصى أياً كان مصدر الحصة التي يتقاضها العامل، سواء من صندوق النذور بالمسجد الذي يعمل فيه، أو من صندوق النذور العام.
ومن حيث إنه بتطبيق ما تقدم على حالة المدعي يبين أنه كان من طوائف العاملين بالمساجد منذ عام 1965 والذين يستحقون حصة من صناديق النذور وفقاً لقرار وزير الأوقاف رقم 22 لسنة 1971، وبهذا الوصف ينطبق عليه ما اشترطه القرار لسريان الاستثناء من الحد الأقصى، وهو صفة العامل في المسجد والضريح وقت العمل بالقرار الوزاري المشار إليه.
ومن حيث إنه طالما أن قرار وزير الأوقاف رقم 22 لسنة 1971 قد قرر صرف هذه الحصة شهرياً، بما يضفي عليها صفة الدورية والتجدد، ومن ثم فإن حق المدعي في الفروق المالية اقتصر على السنوات الخمس السابقة على رفع الدعوى.
ومن حيث إن الحكم الطعين أخذ بما ذهب إليه هذا الحكم من استحقاق المدعي لحصة في النذور دون التقيد بالحد الأقصى المنصوص عليه في قرار وزير الأوقاف رقم 22 لسنة 1971 المشار إليه، إلا أنه لم يقيد الآثار المترتبة على قضائه بالأحقية بقصرها على الفروق المالية عن خمس السنوات السابقة على رفع الدعوى، مما يتعين معه تعديل الحكم الطعين ليشمل هذا الحكم، ويكون كل طرف والحالة هذه قد فشل في شق من دعواه مما يتعين إلزام كل منهما بنصف المصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بتعديل الحكم الطعين ليكون بأحقية المدعي في صرف حصة في صندوق النذور دون التقيد بالحد الأقصى المنصوص عليه بقرار وزير الأوقاف رقم 22 لسنة 1971 المشار إليه وما يترتب على ذلك من آثار بما في ذلك الفروق المالية المستحقة عن خمس السنوات السابقة على رفع الدعوى وألزمت الطرفين المصروفات مناصفة بينهما.

الطعن 28 لسنة 28 ق جلسة 28 / 3 / 1963 مكتب فني 14 ج 1 ق 62 ص 398

جلسة 28 من مارس سنة 1963

برياسة السيد/ محمود عياد رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمود توفيق إسماعيل، وأميل جبران، ومحمد ممتاز نصار، وحافظ محمد بدوي.

---------------

(62)
الطعن رقم 28 لسنة 28 القضائية

(أ) بيع "انتقال ملكية المبيع". تسجيل. تقادم "التقادم المسقط" دعوى "دعوى الاستحقاق".
انتقال الملكية للمشترى من تاريخ تسجيل حكم صحة التعاقد. هذه الملكية لا تسقط أبداً عن المالك. دعوى الاستحقاق التي تحميها لا يرد عليها التقادم المسقط دون المطالبة بالملكية. المالك رفعها ضد أي شخص لاسترداد ملكيته مهما طال عهد انقطاع صلته بهذا الملك.
(ب) بيع "ضمان عدم التعرض" ملكية. تقادم "التقادم المسقط". "التقادم المكسب".
التزام البائع بضمان عدم التعرض للمشترى. التزام أبدي يتولد عن عقد البيع ولو لم يشهر وينتقل من البائع إلى ورثته. وليس للورثة منازعة المشترى فيما كسبه من حقوق بمقتضى العقد إلا إذا تمسكوا بالتقادم المكسب الطويل المدة. دفعهم دعوى تثبيت ملكيته للقدر المبيع بالتقادم المسقط استناداً إلى مضي أكثر من خمس عشرة سنة على عدم تسجيل العقد أو الحكم بصحته منازعة ممتنعة عليهم.
(ج) نقض "المصلحة في الطعن". تقادم.
عند امتناع الدفع بالتقادم قانوناً، لا يجدي النعي بخطأ الحكم فيما اعتبره قاطعاً للتقادم.
(د) تقادم. "التقادم المكسب". "السبب الصحيح".
السبب الصحيح في التقادم الخمسي المكسب للملكية هو التصرف القانوني الصادر من غير مالك للحق المراد كسبه بالتقادم. إذا كان المتصرف مالكاً فلاً يجدي المتصرف إليه التمسك بهذا السبب.
(هـ) إثبات "إجراءات الإثبات". خبرة. محكمة الموضوع. نقض "أسباب الطعن".
تعيين خبير في الدعوى من الرخص المخولة لمحكمة الموضوع. رفض طلب تعيين خبير لأسباب سائغة. لا سبيل للمجادلة في ذلك أمام محكمة النقض.
(و) وفاء. التزام "انقضاء الالتزام بالوفاء".
عرض المشتري باقي الثمن على البائع أمام محكمة الدرجة الأولى وتمسكه بهذا العرض في مواجهة البائع اعتبار ذلك بمثابة عرض أبدى حال المرافعة. لا يلزم لصحته اتخاذ إجراءات أخرى.

--------------------
1 - متى انتقلت الملكية من البائع إلى ورثة المشتري من تاريخ تسجيل الحكم الصادر لصالحهم بصحة ونفاذ عقد البيع فإن هذه الملكية لا تسقط أبداً عن المالك، كما أن دعوى الاستحقاق التي تحميها لا يرد عليها التقادم المسقط وللمالك أن يرفعها ضد أي شخص لاسترداد ملكيته مهما طال عهد انقطاع صلة بهذا الملك. وينبني على ذلك أنه إذا طالب المشتري - الذي انتقلت إليه ملكية المبيع - البائع باسترداد المبيع. فلا يجوز دفع هذه الدعوى بالتقادم لمضى أكثر من خمس عشرة سنة دون المطالبة بالملكية. (1)
2 - ليس لورثة البائع دفع دعوى المشتري بتثبيت ملكيته وتسليم المبيع، بالتقادم استناداً إلى عدم تسجيل عقد البيع أو الحكم الصادر بصحته مدة تزيد على خمس عشرة سنة ذلك أن البائع يلتزم قانوناً بضمان عدم التعرض للمشتري في الانتفاع بالمبيع أو منازعته فيه. وهذا الالتزام أبدى يتولد عن عقد البيع ولو لم يشهر وينتقل من البائع إلى ورثته فيمتنع عليهم مثله منازعة المشتري فيما كسبه من حقوق بموجب العقد إلا إذا توافرت لديهم أو لدى مورثهم من تاريخ البيع شروط وضع اليد على العين المبيعة المدة الطويلة المكسبة للملكية. (2)
3 - متى كان الدفع بالتقادم المسقط ممتنعاً قانوناً فإن النعي على الحكم خطأه فيما اعتبره قاطعاً للتقادم يكون غير منتج إذ لم يكن الحكم بحاجة إلى البحث في انقطاع التقادم ما دام الدفع بالتقادم لا تجوز إثارته أصلاً.
4 - يشترط في السبب الصحيح الذي يصلح سنداً للتملك بالتقادم المكسب الخمسي أن يكون تصرفاً قانونياً صادراً من شخص لا يملك الحق الذي يراد كسبه بالتقادم فإذا كان المتصرف إليه قد تلقى الحق من المالك فلا يجديه التمسك بهذا السبب. وهذه القاعدة قررتها صراحة المادة 969 من القانون المدني الحالي وقررتها من قبل محكمة النقض في ظل القانون المدني القديم رغم عدم النص عليها صراحة فيه.
5 - تعيين الخبير في الدعوى رخصة من الرخص المخولة لقاضي الموضوع فله وحده تقرير لزوم أو عدم لزوم هذا الإجراء ولا معقب عليه في ذلك متى كان رفض إجابة طلب تعيين الخبير قائماً على أسباب مبررة له. متى كان ما استند إليه الحكم في رفض طلب تعيين الخبير سائغاً فلا سبيل للمجادلة في ذلك أمام محكمة النقض.
6 - إذا كان الثابت من بيانات الحكم أن عرض المطعون عليهما باقي الثمن على الطاعنتين حصل بعد رفع الدعوى أمام محكمة الدرجة الأولى وظلا متمسكين بهذا العرض في مواجهتهم رغم رفضهم قبوله فإن ذلك يعد بمثابة عرض أبدى أمام المحكمة حال المرافعة ولا يلزم لصحته اتخاذ إجراءات أخرى كإعلان هذا العرض عملاً بالمادة 792 من قانون المرافعات.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن وقائعه - ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون عليهما الأول والثانية أقاما في 23 من مايو سنة 1953 الدعوى رقم 220 سنة 1953 مدني كلي شبين الكوم ضد الطاعنين وباقي المطعون عليهم طلبا فيها الحكم بتثبيت ملكيتهما إلى 1 ف و13 ط و2 س شيوعاً في 1 ف و15 ط و9 س المبينة في الصحيفة وما يتبع هذا القدر في الساقية المشتركة وتسليمه إليهما وكف منازعة المدعى عليهم لهما فيه. وقال المطعون عليهما رافعاً الدعوى في بيانها إنه بموجب عقد بيع عرفي محرر في 6 من نوفمبر سنة 1925 اشترى مورثهما ومورث باقي المطعون عليهم المرحوم تادرس بدوي مطر من مورث الطاعنين المرحوم عبد الستار محمد تعلب أطياناً زراعية مساحتها 5 ف و21 ط يتبعها عشرة قراريط في ساقية وذلك بثمن قدره 1468 ج خصم منه مبلغ 584 ج قيمة ما كان للمشتري من دين في ذمة البائع ودفع منه مبلغ 433 ج في مجلس العقد والتزم المشتري بأن يسدد مبلغ 290 ج لدائنين للبائع عيناً بالاسم في العقد والباقي بعد ذلك كله وقدره 161 ج تعهد المشتري بدفعه عند تحرير العقد النهائي وأنه لقيام النزاع بين الطرفين حول تنفيذ هذا العقد رفع المشتري (مورث المطعون عليهم) دعوى ضد البائع (مورث الطاعنين) طلب فيها (أصلياً) الحكم بإثبات حصول هذا البيع واحتياطياً رد ما دفعه من الثمن وقدره 1018 ج وأقام البائع بدوره دعوى ضد المشتري طلب فيها الحكم بإلزام الأخير بأن يدفع له مبلغ ألف جنيه على سبيل التعويض نظير الضرر الذي أصابه من جراء نكوله عن تنفيذ عقد البيع السالف الذكر وقد ضمت الدعويان وانتهيتا بالحكم فيهما انتهائياً من محكمة استئناف القاهرة بتاريخ 18 ديسمبر سنة 1929 في الاستئناف رقم 1207 سنة 45 قضائية بإثبات حصول بيع الـ 5 ف و19 ط المحرر بها عقد البيع العرفي بتاريخ 6 من نوفمبر سنة 1925 وللطرفين المحاسبة طبقاً لهذا العقد وبإلزام البائع بمصروفات الدرجتين ورفض ما عدا ذلك من الطلبات وبتاريخ 9 من أكتوبر سنة 1950 قام المطعون عليهما الأولان بعد وفاة مورثهما بتنفيذ هذا الحكم بقيمة نصيبهما في المصروفات المحكوم بها لمورثهما ثم قاما في 9 من أكتوبر سنة 1952 بتسجيل الحكم بالنسبة لنصيبهما الميراثي في القدر المبيع وأنه نظراً لمنازعة الطاعنين لهما في ملكية هذا النصيب وامتناعهم عن تسليمه إليهما فقد رفعا الدعوى الحالية بالطلبات السابقة - دفع الطاعنون أمام محكمة الابتدائية بسقوط حق المدعيين في طلب الملكية لمضي أكثر من خمس عشرة سنة على تاريخ عقد البيع وتاريخ الحكم الصادر بصحة التعاقد الحاصل بموجبه قبل رفع الدعوى وقالوا إنه لما كان المدعيان لم يتخذا أي إجراء في شأن تنفيذ هذا الحكم الذي هو أساس دعواهما منذ صدوره في 18 من ديسمبر سنة 1929 حتى تاريخ رفع دعواهما فإن هذا الحكم يكون قد سقط بالتقادم الطويل عملاً بالمادة 274 من القانون المدني هذا بالإضافة إلى أن مورثهم البائع وهم من بعده قد استمروا واضعين اليد على العين المبيعة بصفة مالكين من تاريخ البيع حتى تاريخ رفع الدعوى وبتاريخ 24 من فبراير سنة 1955 حكمت محكمة شبين الكوم الابتدائية للمطعون عليهما بطلباتهما فاستأنف الطاعنون هذا الحكم أمام محكمة استئناف طنطا بالاستئناف رقم 137 سنة 5 ق وتمسكوا فيه بأوجه دفاعهم التي أبدوها أمام المحكمة الابتدائية وبتاريخ 23 من أكتوبر سنة 1957 حكمت محكمة استئناف طنطا بتأييد الحكم المستأنف فطعن الطاعنون في هذا الحكم الاستئنافي بطريق النقض بتقرير تاريخه أول فبراير سنة 1958 وعرض الطعن على دائرة فحص المطعون بجلسة 3 من مايو سنة 1961 وفيها صممت النيابة على المذكرة التي قدمتها وانتهت فيها إلى طلب رفض للطعن وقررت دائرة الفحص إحالة الطعن إلى هذه الدائرة وبعد استيفاء الإجراءات اللاحقة للإحالة حدد لنظر الطعن جلسة 7 من مارس سنة 1963 وفيها تمسكت النيابة برأيها السابق.
وحيث إن الطعن بني على أربعة أسباب يتحصل أولها في أن الحكم المطعون فيه خالف القانون فيما قضى به من رفض الدفع الذي أبداه الطاعنون بسقوط حق المطعون ضدهما الأولين في طلب الملكية بالتقادم والذي أسسوه على أن عقد البيع العرفي المؤرخ 6 نوفمبر سنة 1925 والحكم رقم 1207 سنة 45 ق الصادر من محكمة استئناف القاهرة في 18 ديسمبر سنة 1929 بصحة التعاقد الحاصل بموجب هذا العقد قد سقط كلاهما بمضي أكثر من خمس عشرة سنة قبل أن يرفع المطعون عليهما الأولان دعواهما الحالية في مايو سنة 1953 ولقد سلم الحكم المطعون فيه بحق الطاعنين في إبداء هذا الدفع غير أنه قضى برفضه استناداً إلى القول بأن مدة التقادم قد انقطعت بإقرار مورثهم البائع في صحيفة الاستئناف رقم 147 سنة 1938 مدني سبين الكوم المرفوع منه عن حكم كان قد صدر ضده من محكمة شبين الكوم الجزئية في الدعوى 3036 سنة 1938 بوضع الأطيان المبيعة تحت الحراسة القضائية بناء على طلب بعض الطاعنين... بأن وضع يده على الأطيان المبيعة إنما كان بما له من حق الحبس لحين استيفاء باقي الثمن كما انقطع التقادم أيضاً بقيام المطعون عليهما الأولين بتنفيذ الحكم الاستئنافي رقم 1207 سنة 45 ق فيما يختص بنصيبهما في المصاريف المحكوم بها لمورثهما - ويقول الطاعنون إن ما قرره الحكم في هذا الخصوص خطأ في القانون ذلك أن تنفيذ الحكم بالنسبة للمصاريف فقط لا يقطع تقادم المحكوم به كما أن العبارة التي وردت على لسان مورثهم في صحيفة الدعوى رقم 147 سنة 1938 مدني شبين الكوم والتي اعتبرها الحكم المطعون فيه إقراراً من هذا المورث قاطعاً للتقادم - هذه العبارة - لم تكن مقصودة لذاتها ولا تعتبر إقراراً ملزماً طالما أنها جاءت أثناء إجراءات دعوى حراسة إذ أن هذه الدعوى تعتبر من الإجراءات التحفيظية فلا تقطع التقادم.
وحيث إن هذا النعي مردود بأنه لما كانت الثابت من أوراق الطعن ومن تقريرات الحكم المطعون فيه أن المطعون عليهما الأولين قاما في 9 من أكتوبر سنة 1952 بتسجيل الحكم النهائي الصادر لصالح مورثهما في 18 ديسمبر سنة 1929 في الاستئناف رقم 1207 سنة 45 ق القاهرة بصحة ونفاذ عقد البيع الصادر إليه من مورث الطاعنين في 6 نوفمبر سنة 1925 والمتضمن بيع الأخير له خمسة أفدنة وتسعة عشر قيراطاً وقد اقتصر التسجيل على فدان و15 قيراطاً و9 أسهم من القدر المبيع فإن ملكية هذا القدر - الذي يدخل فيه القدر موضوع دعوى ثبوت الملكية المرفوعة من المطعون عليهما الأولين - تكون قد انتقلت من البائع إلى ورثة المشتري من تاريخ تسجيل ذلك الحكم وهذه الملكية لا تسقط أبداً عن المالك كما أن دعوى الاستحقاق التي تحميها لا يرد عليها التقادم المسقط وللمالك أن يرفعها ضد أي شخص لاسترداد ملكة مهما طال عهد انقطاع صلته بهذا المالك ومن ثم إذا طالب المشتري الذي انتقلت إليه ملكية المبيع البائع باسترداد المبيع فإنه لا يجوز دفع هذه الدعوى بالتقادم لمضي أكثر من خمس عشرة سنة دون مطالبة بالملكية - كما أنه لا يجوز للطاعنين من جهة أخرى دفع دعوى المطعون عليهما بالتقادم بالاستناد إلى عدم تسجيل عقد البيع أو الحكم الصادر بصحته مدة تزيد على خمس عشرة سنة ذلك أن من أحكام البيع المقررة في المادتين 261 و300 من القانون المدني القديم والمادة 439 من القانون القائم التزام البائع بضمان عدم التعرض للمشترى في الانتفاع بالمبيع أو منازعته فيه وهذا الالتزام أبدى يتولد من عقد البيع ولو لم يشهر فيمتنع على البائع أبداً التعرض للمشتري لأن وجب عليه الضمان يحرم عليه التعرض وينقل هذا الالتزام من البائع إلى ورثته فيمتنع عليهم مثله منازعة المشتري فيما كسبه من حقوق بموجب عقد البيع إلا إذا توافرت لديهم أو لدى مورثهم بعد تاريخ البيع شروط وضع اليد على العين المبيعة المدة الطويلة المكسبة للملكية وفق ما جرى به قضاء هذه المحكمة - ولما كان دفاع الطاعنين بسقوط حق المطعون عليهما لقعودهما عن تسجيل عقد البيع والحكم الصادر بصحته مدة تزيد على خمس عشرة سنة هو من قبيل المنازعة الممتنعة عليهم قانوناً بمقتضى إلزام مورثهم بالضمان السالف الذكر وكان الحكم المطعون فيه قد نفى ما ادعاه الطاعنون من أنهم تملكوا العين المبيعة بالتقادم المكسب الطويل المدة - ولم تتضمن أسباب الطعن نعياً على ما قرره الحكم في هذا الخصوص - فإن هذا الحكم إذ انتهى إلى رفض الدفع بسقوط حق المطعون عليهما في رفع دعواهما بالتقادم لا يكون مخالفاً للقانون كما أن النعي عليه بخطئه فيما اعتبره إجراء قاطعاً للتقادم يكون غير منتج لأنه وقد ثبت على ما سلف بيانه - أن الدفع بالتقادم لا تجوز إثارته أصلاً عن الطاعنين فإن الحكم المطعون فيه لم يكن بحاجة لبحث ما إذا كان التقادم قد انقطع أو لم ينقطع.
وحيث إن الطاعنين ينعون في السبب الثاني على الحكم المطعون فيه خطأه في القانون بمخالفته نص المادة 969 من القانون المدني وذلك أنه قضى للمطعون عليهما الأولين بالملكية على الرغم من أن الطاعنين قد أثبتوا أن مورثهم باع من ضمن القدر المبيع منه بعقد 6 نوفمبر سنة 1925 - باع ستة قراريط وسهمين إلى جرجس غبريال بعقد بيع سجل في 6/ 1/ 1938 كما باع إلى ميخائيل مرقص وآخرين فداناً وستة قراريط بعقد سجل في 5/ 11/ 1938 وقد باع المشترون المذكورون بدورهم هذين المقدارين إلى الطاعنين بموجب عقدي بيع مسجلين أحدهما في 19/ 12/ 1941 - والثاني في 13/ 1/ 1942 وقد ظهر المشترون بمظهر المالكين واضعي اليد استغلالاً وتملكوا الأطيان محل النزاع بوضع اليد مدة تزيد على خمس سنوات سابقة على رفع دعوى المطعون عليهما واستناداً إلى السبب الصحيح المسجل.
وحيث إن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه برفض دفاع الطاعنين في خصوص ما يثيرونه في هذا السبب على ما أورده في أسبابه من أن "وحيث إنه عن القول بأن مورث المستأنفين (الطاعنين) تصرف في مقادير من الأرض المبيعة منه إلى الغير وهؤلاء باعوها بدورهم إلى المستأنفين الأول والثالث (الطاعنين الأول والثاني) وأن هذين الأخيرين والبائعين لهما من قبل تملكوا المقادير المبيعة لهم بالسند الصحيح ومضي المدة القصيرة وأن هذه المدى تسري في حق القصر فهو مردود: أولاً - بأن مورث المستأنف عليهما الأولين (المطعون عليهما الأولين) لم يكن قد سجل عقد مشتراه أو الحكم الصادر بإثبات صحة التعاقد عنه إلى حين تصرف مورث المستأنفين (البائع) فيما تصرف فيه للغير وبذلك بقيت الملكية لهذا الأخير قانوناً وإن كان ملزماً بضمان عدم المنازعة فهو لا يعتبر من هذه الوجهة قد باع ملك الغير حتى يتمسك بعض ورثته المشترون من المشترين منه بالتملك بالسند الصحيح وبمضي المدة القصيرة وهو مردود. ثانياً - بأن التقادم المكسب على خلاف التقادم المسقط يوقف أياً كانت مدته متى وجد سبب لوقفه... ولما كان المستأنف عليهما الأولان (المطعون عليهما الأولان) قد بلغا سن الرشد في سبتمبر سنة 1946 وأبريل سنة 1948 على التوالي (مستند رقم 5 و6 حافظة ملف ابتدائي) وكانا قد تمسكا بحقوقهما المستمدة من عقد البيع الصادر لمورثهم والحكم القاضي بإثبات صحته ونفاذه فسلكوا سبيل تنفيذه ضد ورثة البائع وهم المستأنفون في سبتمبر سنة 1950 فإن مدة التقادم المكسب تقف لحين تاريخ بلوغها سن الرشد ثم يبدأ سريانها بعد ذلك التاريخ - لما كان ما تقدم، وكانت مدة الخمس سنوات اللازمة لكسب الملكية بالسند الصحيح لم تمض من تاريخ البلوغ إلى حين تنفيذ الحكم الصادر بإثبات التعاقد بقيمة نصيب المستأنف عليهما الأولين في المصاريف المحكوم بها منه ضد المستأنفين فإن الدفع بالتملك بالتقادم الخمسي يكون حقيقاً بالرفض ولما كان الطاعنون لا يتمسكون في هذا الطعن كما لم يتمسكوا أمام محكمتي الموضوع بأن عقدي البيع المسجلين الصادرين من مورثهم إلى الذين باع إليهم مقادير من الأطيان التي كان قد باعها من قبل إلى مورث المطعون عليهم أو بأن العقدين المسجلين الصادرين من هؤلاء المشترين الجدد إلى بعض الطاعنين ببيعهم لهم ما كانوا قد اشتروه من مورثهم - لا يتمسك الطاعنون بهذه العقود باعتبار أنها بذاتها تعتبر ناقلة للملكية وإنما تمسكهم بها على أنها تعتبر سبباً صحيحاً للتملك بالتقادم الخمسي طبقاً للمادة 969 من القانون المدني لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه بالنسبة لما أورده في الشق الأول من رده على دفاع الطاعنين بالتملك بهذا التقادم صحيح في القانون ذلك أنه يشترط في السبب الصحيح الذي يصلح سنداً للتملك بالتقادم الخمسي أن يكون تصرفاً قانونياً صادراً من شخص لا يكون مالكاً للحق الذي يراد كسبه بالتقادم فإذا كان المنصرف إليه قد تلقى الحق من المالك فلاً يجديه التمسك بهذا السبب - وهذه القاعدة قد قررها القانون المدني القائم صراحة في المادة 969 منه وقررتها هذه المحكمة من قبل في ظل القانون القديم رغم عدم النص عليها صراحة فيه - لما كان ذلك، فإن ما استطرد إليه الحكم المطعون فيه في رده على دفاع الطاعنين في هذا الخصوص في الشق الثاني من هذا الرد يكون تزيداً لم يكن يقتضيه الفصل في النزاع المطروح ومن ثم فلا محل لبحث مدى صحة ما قرره الحكم في هذا الشق من الوجهة القانونية.
وحيث إن الطاعنين ينعون على الحكم المطعون فيه في السبب الثالث القصور في التسبيب والإخلال بحقهم في الدفاع وفي بيان ذلك يقولون أنهم تمسكوا أمام محكمة الاستئناف بأن جزءاً من العقار المبيع من مورثهم إلى مورث المطعون عليهم قد نزعت ملكيته للمنافع العامة وطلبوا تحقيق ذلك بكافة الطرق التي رسمها القانون بما في ذلك ندب خبير وقد رفض الحكم المطعون فيه دفاعهم في هذا الخصوص وعاب عليهم أنهم لم يقدموا ما يدل على نزع الملكية حالة أنه كان يتعين على المحكمة تحقيق هذا الدفاع بالطريق الذي رسمه القانون في المادة 225 مرافعات.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن الحكم المطعون فيه ذكر رداً على دفاع الطاعنين في الخصوص المتقدم الذكر ما يلي "وحيث إنه عن السبب الرابع من أسباب الاستئناف فإنه ليس في الأوراق ما يفيد نزع ملكية جزء من الأطيان المبيعة بعقد 6/ 11/ 1925 للمنافع العامة ولم يتقدم المستأنفون (الطاعنون) بما يدل على صدور مرسوم بنزع الملكية" ولما كانت المادة 225 من قانون المرافعات التي يستند إليها الطاعنون تنص على أن "للمحكمة عند الاقتضاء أن تحكم بندب خبير واحد أو ثلاثة..." ومفاد ذلك أن تعيين الخبير في الدعوى هو من الرخص المخولة لقاضي الموضوع فله وحده، تقدير لزوم أو عدم لزوم هذا الإجراء ولا معقب عليه في ذلك متى كان رفضه إجابة طلب تعيين الخبير قائماً على أسباب مبررة له ولما كان ما استند إليه الحكم المطعون فيه في رفض طلب الطاعنين تعيين الخبير سائغاً فإنه لا سبيل إلى الجدل في ذلك أمام محكمة النقض.
وحيث إن حاصل السبب الرابع أن الحكم المطعون فيه خالف القانون ذلك أن المطعون عليهما الأولين عندما عرضا على الطاعنين الباقي من ثمن المبيع وجها إنذار العرض على الطاعنين على اعتبار أنهم جميعاً مقيمون بناحية زوير مركز شبين الكوم في حين أنهما يعلمان أن الطاعنين الأول والرابعة والخامسة لا يقيمون في هذه البلدة ولقد تمسك الطاعنون أمام محكمة الموضوع ببطلان هذا الغرض لعدم إعلانه إليهم بالطريق القانوني غير أن الحكم المطعون فيه قضى برفض هذا الدفاع استناداً إلى القول بأن إنذار العرض قد استلمه ابن أحد الطاعنين وأن الإعلان وقد تم في مواجهة أحد الورثة بشأن أمر خاص بالتركة فإنه يكون صحيحاً بالنسبة لجميع الطاعنين - وهذا الذي قرره الحكم مخالف لنص المادتين 7 و11 من قانون المرافعات اللتين توجبان تسليم الأوراق المطلوب إعلانها إلى الشخص المعلن نفسه أو في موطنه ومخالف أيضاً لنص المادة 789 من قانون المرافعات التي توجب على العارض إعلان المعروض عليه بصورة من محضر الإيداع في خلال ثلاثة أيام من تاريخ الإيداع.
وحيث إن هذا النعي مردود بأنه لما كانت المادة 792 من قانون المرافعات تنص على أنه "يجوز العرض الفعلي حال المرافعة أمام المحكمة بدون إجراءات أخرى إذا كان من يوجه إليه العرض حاضراً..." وكان الثابت من بيانات الحكم المطعون فيه أن عرض المطعون عليهما لباقي الثمن على الطاعنين حصل بعد رفع الدعوى أمام محكمة الدرجة الأولى فإن هذا العرض كان يصح بمجرد إبدائه في حضور الطاعنين حال المرافعة أمام المحكمة المذكورة ودون حاجة لاتخاذ إجراءات أخرى ولما كان الثابت من بيانات الحكم الابتدائي والحكم المطعون فيه أن الطاعنين جميعاً حضروا بوكيل عنهم أمام المحكمة الابتدائية وأمام محكمة الاستئناف وأن المطعون عليهما العارضين تمسكا في مواجهتهم بعرضهما ولكن الطاعنين أعلنوا رفضهم له ودفعوا أمام المحكمة الأخيرة ببطلانه لعدم إعلانه إلى بعضهم بالطريق القانوني وقد أصروا على رفضهم لهذا العرض حتى صدر الحكم المطعون فيه لما كان ذلك، وكان الإعلان غير لازم في هذه الحالة لأن تمسك المطعون عليهما بعرضهما أمام المحكمة في مواجهة الطاعنين يعتبر منهما بمثابة عرض أبدى أمام المحكمة حال المرافعة فلا يلزم لصحته اتخاذ إجراءات أخرى لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه إذا انتهي إلى رفض دفاع الطاعنين ببطلان هذا العرض لا يكون قد خالف القانون.
وحيث إنه لما تقدم ذكره يكون الطعن برمته على غير أساس متعيناً رفضه.


(1) راجع نقض 14 مارس سنة 1963 بالعدد الحالي الطعن رقم 243 لسنة 28 ق رقم 45.
(2) راجع نقض 21 مارس سنة 1963 بالعدد الحالي الطعن رقم 261 لسنة 28 ق رقم 56.

الطعن 2745 لسنة 36 ق جلسة 29 / 6 / 1991 إدارية عليا مكتب فني 36 ج 2 ق 152 ص 1503

جلسة 29 من يونيه سنة 1991

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ عبد المنعم عبد الغفار فتح الله - نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ يحيى السيد الغطريفي ومحمد مجدي محمد خليل وعطية الله رسلان ود. فاروق عبد البر السيد - المستشارين.

-------------

(152)

الطعن رقم 2745 لسنة 36 القضائية

دعوى - دعوى المخاصمة - تعريفها - أسبابها - نطاقها (مرافعات).
المادة 494 من قانون المرافعات المدنية والتجارية - دعوى المخاصمة هي دعوى تعويض وهي أيضاً دعوى بطلان يقصد بها بطلان الحكم - تستند دعوى المخاصمة إلى قيام القاضي بعمل أو بحكم مشوب بعيب من العيوب التي تضمنتها أسباب المخاصمة - دعوى المخاصمة طريق طعن غير عادى في الأحكام قرره القانون بقصد حماية المتقاضين من القاضي الذي يخل بواجبه إخلالاً جسيماً - سبب المخاصمة قد يقع من قاض بمفرده كما قد يقع من دائرة بأكملها - يجوز مخاصمة قاض واحد أو مخاصمة دائرة بأكملها - مثال: الخطأ المهني الجسيم الذي يمثل أحد أسباب المخاصمة قد يقع من قاض واحد كما قد يقع من دائرة بأكملها - إذا كان الطاعن يوجه خصومته إلى رئيس الدائرة في الحكم الصادر من الدائرة التي يرأسها فإن هذا الحكم لا يمكن نسبته إلى المختصم وحده وإنما هو منسوب إلى كل أعضاء الدائرة التي أصدرته أساس ذلك: إن رئيس الدائرة يمثل صوتاً واحداً في المداولة - اختصام رئيس الدائرة وحده على أساس أن الحكم منسوب إليه وحده أمر غير مقبول - الحكم بعدم قبول المخاصمة - إذا قضت المحكمة بعدم جواز المخاصمة أو رفضها حكم على الطالب بالغرامة المقررة مع التعويضات إن كان لها وجه - تطبيق.


إجراءات الطعن

بتاريخ 27/ 6/ 1990 أودع الأستاذ/ محمد بدر هاشم المحامي، بصفته وكيلاً عن......، قلم كتاب هذه المحكمة، تقريراً بدعوى مخاصمة، قيد بجدولها برقم 2745 لسنة 36 ق. ع، قرر فيه أنه يخاصم السيد الأستاذ المستشار ....... رئيس الدائرة الأولى بالمحكمة الإدارية العليا بمجلس الدولة، عن الحكم الصادر منها بجلسة 16/ 6/ 1990 في الطعنين رقمي 3060 لسنة 31 ق و3265 لسنة 31 ق، المقامين من شركة مصر الجديدة للإسكان والتعمير، ووزير الإسكان والمرافق ضد المدعي المخاصم، والذي قضى بقبول الطعنين شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام المطعون ضده مصروفات الطعنين.
وطلب المدعي - للأسباب الواردة في دعواه - الحكم بقبول تعلق أوجه المخاصمة بالدعوى وجواز قبولها، ثم الحكم بقبول المخاصمة في مرحلتها الثانية، إعمالاً لنص المادة 497 من قانون المرافعات.
وقد أعلنت الدعوى في 7/ 7/ 1990 على النحو المبين بالأوراق.
وحدد لنظر الدعوى أمام هذه المحكمة جلسة 28/ 7/ 1990، حيث نظرت فيها وفي الجلسات التالية على النحو الوارد بمحاضر الجلسات، حتى قررت المحكمة بجلسة 11/ 5/ 1991 إصدار الحكم بجلسة 22/ 6/ 1991، وقد أجل النطق بالحكم إدارياً لجلسة اليوم 29/ 6/ 1991، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن وقائع الموضوع تخلص في أن السيد...... استأجر من شركة مصر الجديدة للإسكان والتعمير دار السينما الصيفي ومبنى المتحف التشكيلي بعقد إيجار محرر في 25 من سبتمبر سنة 1972 وذلك بغرض إنشاء مدينة سياحية على أرقى مستوى لخدمة المنطقة، وإنشاء أربعة عشر غرضاً سياحياً من ماله الخاص، وانعقد العقد لمدة عشر سنوات تنتهي في 6 من إبريل سنة 1984. وقد ثار النزاع بين المدعي وبين الشركة حول تجديد هذا العقد، وأقام الدعوى رقم 9695 لسنة 1982 مدني كلي شمال القاهرة، طلب فيها الحكم بسريان أحكام التجديد الضمني والامتداد القانوني لعقد الإيجار المذكور وأصدرت تلك المحكمة في 27 من مارس سنة 1989 حكماً تمهيدياً يقضي بندب مكتب خبراء وزارة العدل ليندب من قبله ثلاثة من خبرائه للانتقال إلى مدينة غرناطة السياحية التي يكاد يكون المدعي هو الذي قام ببنائها وأنشأ بها أربعة عشر غرضاً سياحياً، بخلاف مبنى السينما، ومبنى المتحف التشكيلي وذلك للتحقق من تلك الأمور، وبيان تكاليفها وغير ذلك مما ورد في الحكم. وأضاف إلى ما تقدم أنه فوجئ بصدور القرار رقم 79 في أكتوبر سنة 1984 من وزير الإسكان والمرافق، الذي تضمن إخلاء مدينة غرناطة إدارياً. وقد طعن في هذا القرار أمام محكمة القضاء الإداري بالطعن رقم 523 لسنة 39 ق، طالباً وقف تنفيذ القرار والحكم بانعدامه، وقد قضت المحكمة بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وقالت في حكمها إنه أياً كان وجه الرأي في مدى سلامة موقف الشركة في هذا النزاع، فلا يسوغ لها مواجهته بأسلوب الإزالة الإدارية، ولا يغير من الأمر شيئاً أن ينص قانون إنشاء شركة مصر الجديدة للإسكان والتعمير على أن أموالها أموال عامة.
وطعنت شركة مصر الجديدة للإسكان والتعمير في الحكم الصادر في الشق المستعجل، وقيد الطعن برقم 3060 لسنة 31 ق، كما طعن كذلك وزير الإسكان والمرافق وقيد طعنه برقم 3265 لسنة 31 ق، وأصدرت المحكمة الإدارية العليا في هذين الطعنين برئاسة المستشار المخاصم حكمها الذي قضى بقبول الطعنين شكلاً، وبإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام المطعون ضده بمصروفات الطعنين.
وقد تضمن تقرير المخاصمة أن المحكمة الإدارية العليا استعرضت في الحكم الصادر منها وقائع الدعوى رقم 523 لسنة 39 ق، وأشارت إلى الدعوى رقم 9695 لسنة 1982 مدني كلي شمال القاهرة، بطلب سريان التجديد الضمني على عقد الإيجار المبرم بين المدعي وشركة مصر الجديدة، وإلى الحكم التمهيدي الصادر من المحكمة المدنية، وتناولت الأسباب التي بنت محكمة القضاء الإداري عليها حكمها المطعون فيه، وكذلك الأسباب التي استند إليها الطاعنان في هذا الحكم، وأن المدعي المخاصم قام بالتعقيب على الطعنين في عدة مذكرات أشارت إليها المحكمة في حكمها، وأن المحكمة الإدارية العليا قالت في حكمها إنه يتعين للحكم بوقف تنفيذ القرار الإداري المطعون فيه توافر ركن الجدية وركن الاستعجال، وأنه ورد بالحكم المطعون فيه بشأن الجدية "أن المستظهر من الأوراق أن شركة مصر الجديدة للإسكان والتعمير أبرمت مع المطعون ضده العقد رقم 19/ 3 في 25 من سبتمبر سنة 1972 وصرحت بمقتضاه بالبند الثاني باستغلال غرناطة بالاس الكائن بشارع غرناطة رقم (8) بمصر الجديدة وما تحويه من كراس ومنقولات تفرد في محضر التسليم" وأن السيد الأستاذ المستشار المخاصم قد داس بأقدامه على النصوص القانونية وعلى القواعد التشريعية وعلى قدسية القضاء وكأنه اعتقد في نفسه أنه صاحب السلطات جميعها فأمامه نزاع محتدم ونار مشتعلة من 16/ 12/ 1982 بشأن عقد الإيجار المحرر بتاريخ 25/ 6/ 1972 وذلك في الدعوى رقم 9695 لسنة 1982 مدني كلي شمال القاهرة، وقد نبه رئيس الدائرة إلى أنه سبق لمحكمة شمال القاهرة أن أصدرت قراراً قضائياً بإلزام الشركة بتقديم قائمة المنقولات المقال عنها في البند الثاني، إلا أنها نكست عن ذلك واستقر الأمر على أنه ليس هناك مثل قائمة الكراسي والمنقولات التي جاءت لغواً في عقد الإيجار آنف البيان.
وأضاف تقرير المخاصمة أن حيثيات الحكم جاءت متناقضة فيما بين بعضها والبعض، فأضحى الحكم بلا أسباب يقوم عليها وبالتالي يكون حكماً معدوماً، وأن فصل القول في هذه المسألة يتمثل في أن طبيعة العقد المحرر في 25/ 9/ 1972 مثار خلاف قضائي صدر بشأنه حكم تمهيدي من محكمة شمال القاهرة، ولا يزال الحكم التمهيدي منتجاً لجميع آثاره، وبالرغم من ذلك فإن حيثيات الحكم تناقض هذا العقد، وكأن ما انطوى عليه من بنود هي قضية مسلمة وبنود يجب الامتثال لها، في حين أنها معروضة على مكتب الخبراء الحكوميين، وهذا التناقض يؤدي إلى نتيجة هامة من جانب فكر رئيس الدائرة وحده دون غيره من رجال القانون، يتمثل فكره على وجه حتمي أنه اعتقد أن محكمة شمال القاهرة الابتدائية ما هي إلا عبارة عن مقهى بلدي لا تصدر أحكاماً بل إنها تصدر خرافات يجب عدم التعويل عليها، وهذا قول لا يرضاه طالب في السنة الأولى بكلية الحقوق، إذ أنه في حيثيات حكمه قد درج في كل سطر عبارة "..... كما لا ينال منه" وهذا معناه أنه ضرب بعرض الحائط كل ما قدمه المطعون ضده من دفاع ومستندات امتلأت بها حوافظه، واستطرد المدعي - في تقرير المخاصمة - فيما يتعلق بموطن الخطأ المهني الجسيم قائلاً إنه على ما يبدو فالظاهر أن السيد رئيس الدائرة قد نسي أنه تحدث في حيثيات حكمه عن الشروط الواجب توافرها في الحكم بوقف تنفيذ القرار الإداري المطعون فيه، ومن أنه يستلزم توافر ركن الجدية ثم ركن الاستعجال، إلا أن سيادته تحدث في ركن واحد فقط، بدليل أنه انتهى إلى انتفاء ركن الجدية فقط، ولم يشر إلى ركن الاستعجال في حين أنه متوافر في دعواه، لما يترتب على تنفيذ القرار المطعون فيه من نتائج يتعذر تداركها.
واختتم المدعي تقرير المخاصمة بقوله إن المحكمة الإدارية العليا قد ذهب إلى أن البحث في توافر شرط الاستعجال من عدمه يتحسس من ظاهر الأوراق ودون مساس بأصل طلب الإلغاء، إلا أن المحكمة انتهت في حيثيات حكمها إلى أن القرار المطعون فيه قد انعقد صحيحاً، ومعنى هذا أنها لم تستبق شيئاً لمحكمة القضاء الإداري، بل هي شلت هذه المحكمة الأخيرة، فكيف تقول محكمة القضاء الإداري بعد ذلك أن القرار الإداري جاء باطلاً.
وهذا وقد أشار المدعي في مذكرة بدفاعه إلى أن المستشار المخاصم كان رئيس دائرة فحص الطعون وهو الذي أحال الطعنين إلى المحكمة ورد السيد الأستاذ المستشار المخاصم على الدعوى بمذكرة أودعت بجلسة 10/ 11/ 1990 قال فيها إن الحكم موضوع المخاصمة حكم صادر من الدائرة الأولى المشكلة من الرئيس وأربعة من مستشاري المحكمة الإدارية العليا، وليس صادراً من رئيس الدائرة وحده حتى تجوز مخاصمته على انفراد ما دام وجه المخاصمة لا يتعلق به وحده، وقد انتهت الدائرة إلى إصدار حكمها المشار إليه بعد أن تمت المداولة بين أعضائها، وبناءً على ما استقرت عليه عقيدتها واقتناعها بما انتهت إليه في هذا الحكم، شأنها في ذلك شأن سائر الطعون التي نظرتها وفصلت فيها.
وأضاف أنه يبين من تقرير المخاصمة وبصفة خاصة ما ورد به عن الخطأ المهني الجسيم أنه ليس من مبرر أو أساس تقوم عليه هذه المخاصمة ذلك أن الحكم محل المخاصمة صادر في مجال وقف تنفيذ القرار الإداري المطعون فيه وقد استقر القضاء الإداري على أنه يلزم للاستجابة لطلب وقف تنفيذ القرار الإداري توافر ركنين، أولهما ركن الجدية بأن تكون المطاعن الموجهة إلى القرار حسب الظاهر من الأمر مما يرجح معه إلغاء القرار عند نظر الموضوع، وثانيهما ركن الاستعجال بأن يترتب على تنفيذ القرار نتائج قد يتعذر تداركها. فإذا استظهرت المحكمة من الأوراق دون غوص في موضوع النزاع انتفاء ركن الجدية أصبح التصدي لركن الاستعجال لا ضرورة له ولا جدوى منه، وهذا هو ما انتهت إليه الدائرة في حكمها محل المخاصمة، وغني عن البيان أن رفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه لا يقيد محكمة الموضوع ولا يغل يدها عن التصدي لكل ما يتصل بموضوع النزاع عند الفصل فيه.
ومن حيث إن المادة 494 من قانون المرافعات المدنية والتجارية تنص على أنه "يجوز مخاصمة القضاء وأعضاء النيابة في الأحوال الآتية 1 - إذا وقع من القاضي أو عضو النيابة في عملهما غش أو تدليس أو غدر أو خطأ مهني جسيم.
2 - إذا امتنع القاضي من الإجابة على عريضة قدمت له أو من الفصل في قضية صالحة للحكم وذلك بعد إعذاره مرتين على يد محضر يتخللهما ميعاد أربع وعشرين ساعة بالنسبة إلى الأوامر على العرائض وثلاثة أيام بالنسبة إلى الأحكام في الدعاوى الجزئية والمستعجلة والتجارية وثمانية أيام في الدعاوى الأخرى.
ولا يجوز رفع دعوى المخاصمة في هذه الحالة قبل مضي ثمانية أيام على آخر إعذار.
3 - في الأحوال الأخرى التي يقضي فيها القانون بمسئولية القاضي والحكم عليه بالتعويضات.
ومن حيث إن دعوى المخاصمة هي دعوى تعويض، وهي أيضاً دعوى بطلان يقصد بها بطلان الحكم. وتستند دعوى المخاصمة إلى قيام القاضي بعمل أو بحكم مشوب بعيب من العيوب التي تتضمنها أسباب المخاصمة، أو هي طريق طعن غير عادي في الأحكام قرره القانون بقصد حماية المتقاضين من القاضي الذي يخل بواجبه إخلالاً جسيماً.
ومن حيث إن سبب المخاصمة قد يقع من قاض بمفرده، كما قد يقع من دائرة بكاملها، وهنا يمكن مخاصمة قاض واحد أو مخاصمة دائرة بأكملها، فالخطأ المهني الجسيم الذي يمثل أحد أسباب المخاصمة قد يقع من قاض واحد كما قد يقع من دائرة بأكملها، وحينئذ يمكن أن تتم المخاصمة بالنسبة لقاض بمفرده أو للدائرة بأكملها.
ومن حيث إن المدعي في دعوى المخاصمة الماثلة يوجه خصومته للسيد الأستاذ المستشار رئيس الدائرة الأولى بالمحكمة الإدارية العليا، بدعوى أنه ارتكب خطأ مهنياً جسيماً في الحكم الصادر من الدائرة التي يرأسها في الطعنين رقمي 3060 لسنة 31 ق و3265 لسنة 31 ق، في حين أن الحكم سالف الذكر صادر من الدائرة الأولى المكونة من سيادته ومن السادة المستشارين....... و....... و....... و....... نواب رئيس مجلس الدولة، أي أن هذا الحكم لا يمكن نسبته إلى المختصم وحده، وإنما هو منسوب إلى كل أعضاء الدائرة التي أصدرته، مما كان يتعين معه أن يختصم المدعي كل أعضاء الدائرة التي أصدرت الحكم ناسباً إليها الخطأ المهني الجسيم الذي نسبه إلى السيد الأستاذ المستشار المختصم وحده، أما أنه وقد اقتصر في خصومته على رئيس الدائرة الذي لا ينسب إليه وحده الحكم الصادر في الطعنين سالفي الذكر، باعتبار أن صوته يمثل صوتاً واحداً من خمسة أصوات في المداولة، لذا فإن اختصامه بمفرده على أساس أن الحكم منسوب إليه وحده، يكون غير مقبول، مما تعتبر معه دعوى المخاصمة المقامة ضده غير مقبولة.
ومن حيث إنه فضلاً عما سبق، فإن الحكم الصادر في الطعنين سالفي الذكر قد أشار إلى الركنين اللازم توافرهما معاً للحكم بوقف تنفيذ القرار الإداري، وهما ركن الجدية بأن يكون القرار حسب ظاهر الأوراق مما يحمل على ترجيح إلغائه، وركن الاستعجال بأن يترتب على تنفيذ القرار نتائج يتعذر تداركها، ولما كان من اللازم للحكم بوقف تنفيذ القرار أن يتوافر هذان الركنان معاً فإن انتفاء أحدهما يكفي لرفض طلب وقف التنفيذ، دون حاجة إلى التعرض بالبحث للركن الثاني.
ومن حيث إن المحكمة في حكمها تناولت ركن الجدية من ظاهر الأوراق المودعة ملف الطعنين وانتهت إلى عدم توافر هذا الركن، فإنه لم يكن ثمة داع بعد ذلك للتعرض إلى ركن الاستعجال اللازم توافره للحكم بوقف تنفيذ القرار، وهذا الحكم بالطبع لا يقيد محكمة الموضوع عند نظرها طلب الإلغاء، التي لها أن تذهب إلى عكس ما ذهبت إليه في الحكم الصادر في طلب وقف التنفيذ لذا فإن المحكمة في هذا الحكم تكون قد قامت بما يوجبه عليها القانون، ويكون حكمها صحيحاً ومن ثم فإن ما ذكره المدعي من أن السيد الأستاذ المستشار........ قد وقع منه خطأ مهني جسيم يكون غير قائم على أساس سليم من القانون.
ومن حيث إنه ليس صحيحاً ما يدعيه المدعي من أن السيد الأستاذ المختصم كان رئيساً لدائرة فحص الطعون التي نظرت الطعنين.
ومن حيث إنه لما سبق، فإن دعوى المخاصمة تكون غير مقبولة.
ومن حيث إن المادة 499/ 1 من قانون المرافعات تنص على أنه "إذا قضت المحكمة بعدم جواز المخاصمة أو برفضها حكم على الطالب بغرامة لا تقل عن خمسين جنيهاً ولا تزيد على مائتي جنيه مع التعويضات إن كان لها وجه....." فإن المحكمة تلزم المدعي بغرامة قدرها مائتا جنيه.
ومن حيث إن من خسر الدعوى يلزم مصروفاتها.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم قبول دعوى المخاصمة، وألزمت المدعي بغرامة قدرها مائتا جنيه والمصروفات.

الطعن 2108 لسنة 34 ق جلسة 29 / 6 / 1991 إدارية عليا مكتب فني 36 ج 2 ق 151 ص 1496

جلسة 29 من يونيه سنة 1991

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ عبد العزيز أحمد حماده - نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ حنا ناشد مينا والدكتور أحمد مدحت علي ومحمد عبد الرحمن سلامه والدكتور أحمد محمود جمعه - المستشارين.

----------------

(151)

الطعن رقم 2108 لسنة 34 القضائية

عاملون مدنيون بالدولة - انتهاء الخدمة - سن انتهاء الخدمة.
انتهاء خدمة العامل بالمصانع الحربية بالاستقالة في 14/ 7/ 1964 - تعيينه تعييناً جديداً بناء على إعلان مسابقة بمجلس الأمة في 16/ 7/ 1964 في ظل العمل بأحكام القانون رقم 210 لسنة 1951 - يسري في شأنه الأصل العام لسن الإحالة للمعاش وهو سن الستين - أساس ذلك: أن قرار تعيينه بمجلس الأمة تعييناً جديداً منبت الصلة بمركزه القانوني السابق في الجهة التي كان يعمل بها - يستوي في ذلك ما إذا كانت مدة خدمته بالعمل الذي تم تعيينه فيه متصلة بعمله السابق أو غير متصلة - أساس ذلك: المناط في هذا الشأن بطبيعة قرار التحاقه بالخدمة بالجهة الأخيرة - نتيجة ذلك: يتحدد للعامل مركز قانوني جديد اعتباراً من هذا التاريخ يخضع بمقتضاه للنظام القانوني القائم بمجلس الشعب وقت بلوغه السن المقررة لانتهاء الخدمة - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الخميس الموافق 26 من مايو سنة 1988 أودع الأستاذ صادق حنا المحامي نائباً عن الأستاذ محمد أحمد صالح المحامي بصفته وكيلاً عن السيد..... قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 2108 لسنة 34 القضائية في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (دائرة التسويات) في الدعوى رقم 2695 لسنة 38 ق بجلسة 28/ 3/ 1988 والذي قضى بقبول الدعوى شكلاً ورفضها موضوعاً.
وطلب الطاعن للأسباب الواردة بتقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً والحكم بإلغاء القرار رقم 9 لسنة 1984 الصادر بإحالته إلى المعاش في سن 60 وأحقيته في البقاء في الخدمة حتى سن 65 مع ما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام المطعون ضده المصروفات عن درجتي التقاضي.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً في الطعن طلبت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم بإلغاء القرار المطعون فيه رقم 9 لسنة 1984 بإحالته إلى المعاش في سن 60 عاماً، وأحقيته في البقاء في الخدمة حتى سن الخامسة والستين مع ما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام المطعون ضده المصروفات عن درجتي التقاضي.
وبجلسة 20/ 9/ 1989 قررت دائرة فحص الطعون إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثالثة) لنظره بجلسة 5/ 12/ 1989.
وبجلسة 11/ 12/ 1990 قررت المحكمة حجزه لإصدار الحكم فيه لجلسة اليوم وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق والمستندات وسماع الإيضاحات والمداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن واقعات الطعن الماثل تتحصل في أن الطاعن كان قد أقام الدعوى رقم 2695 لسنة 38 ق أمام محكمة القضاء الإداري (دائرة التسويات) ضد رئيس مجلس الشعب وقال شرحاً لدعواه: إنه التحق بالعمل بالمصانع الحربية (مصنع 27 الحربي) بتاريخ 20/ 9/ 1955 بوظيفة كاتب آلة كاتبة على الدرجة الثالثة خدمات عمالية طبقاً للائحة عمال المصانع الحربية ومصانع الطائرات رقم 39 ط سنة 1954 التي تنص مادتها 66 على أن السن المقررة لترك الخدمة 65 سنة.
وأشار المدعي إلى أنه بناء على إعلان مجلس الأمة عن مسابقة لشغل بعض الوظائف اجتاز امتحان تلك المسابقة بنجاح فأرغم على الاستقالة للالتحاق بوظيفته الجديدة بمجلس الأمة في 16/ 7/ 1964 حيث استقال من عمله في المصانع الحربية في 14/ 7/ 1964 وكان يوم 15/ 7/ 1964 يوم جمعة كما أشار المدعي إلى أنه تبعاً لذلك يذكر أن (مدة خدمته متصلة) وفي ذات الوظيفة (كاتب آلة كاتبة) وأشارت عريضة دعواه أنه وفقاً للنصوص الواردة بالقانون رقم 79 لسنة 1975 يستمر العمل بالمزايا المقررة في القوانين والأنظمة الوظيفية للعاملين بكادرات خاصة، وأشار إلى أنه تقدم بطلب لأمانة مجلس الشعب بتاريخ 9/ 10/ 1983 وبتاريخ 28/ 11/ 1983 لاستمراره في الخدمة حتى سن 65 إلا أن المجلس أصدر القرار رقم 9 لسنة 1984 بتاريخ 14/ 2/ 1984 بإحالته إلى المعاش اعتباراً من 4/ 3/ 1984 تاريخ بلوغه سن الستين، وقد تقدم في 25/ 2/ 1984 بطلب ملتمساً فيه إلغاء هذا القرار واستمراره في العمل حتى سن 65 سنة إلا أن طلبه رفض.
وبتاريخ 28/ 3/ 1988 صدر الحكم المطعون فيه بقبول الدعوى شكلاً ورفضها موضوعاً وألزمت المدعي المصروفات.
وقد أقامت المحكمة قضاءها المشار إليه في ضوء ما تبين لها من أن المدعي عين بقرار رئيس مجلس الأمة رقم 30 لسنة 1964 الصادر بتاريخ 30/ 6/ 1964 في الدرجة الثامنة المكتبية بمرتب 11 جنيهاً من تاريخ تسلمه العمل - وأشير في ديباجة هذا القرار إلى نتيجة مسابقة الآلة الكاتبة التي أجريت بالأمانة العامة بتاريخ 4/ 6/ 1964، كما أشار الحكم المطعون فيه إلى ما تبين للمحكمة من مطالعة كتاب شركة شبرا للصناعات الهندسية رقم 4050 المؤرخ 12/ 11/ 1983 إلى شئون العاملين بالأمانة العامة لمجلس الشعب المتضمن أن الطاعن عين بالشركة اعتباراً من 20/ 9/ 1955 في ضوء لائحة عمال المصانع الحربية ومصانع الطائرات الملغاة - وانتهت خدمته من العمل بها بالاستقالة اعتباراً من 14/ 7/ 1964، وعين بمجلس الشعب تعييناً جديداً وانقطعت صلته الوظيفية بالشركة من هذا التاريخ، وأن الإحالة للمعاش لأقرانه من العاملين بالشركة تكون ببلوغ سن الستين.
وأشار الحكم المطعون فيه إلى أن المدعي قد انتهت صلته الوظيفية بالمصانع الحربية (مصنع 27 الحربي) بالاستقالة بتاريخ 14/ 7/ 1964 وقد تم تعيينه تعييناً جديداً في ظل أحكام القانون رقم 210 لسنة 1951 بالقرار رقم 30 لسنة 1964 بمجلس الأمة ومن ثم فإنه يخرج من عداد المخاطبين بحكم المادة 13 من قانون التأمين والمعاشات الصادر بالقانون رقم 50 لسنة 1963. ويسري في شأنه الأصل العام لسن الإحالة للمعاش وهو سن الستين طبقاً لحكم المادة 95 من القانون رقم 47 لسنة 1978 والذي أحالت عليه الفقرة الثانية من المادة 81 من لائحة العاملين بمجلس ارتأت معه المحكمة أن القرار رقم 9 لسنة 1984 بإحالة المدعي للمعاش لبلوغه سن الستين قرار سليم مطابق للقانون.
ومن حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون للأسباب الواردة بتقرير الطعن وتتلخص في:
1 - إنه عين في 20/ 9/ 1955 بالمصانع الحربية واستمر في العمل بها حتى 14/ 7/ 1964 وأنه من المخاطبين بأحكام القانون رقم 50 لسنة 1963 حيث كان يشغل درجة عمالية في تاريخ العمل به في 1/ 6/ 1963.
2 - إنه لا صحة لما أشار إليه الحكم المطعون فيه من أن لائحة مجلس الشعب قد أحالت للقانون رقم 47 لسنة 1978 إذ أن هذه الإحالة لا تشمل تحديد سن الإحالة للمعاش.
3 - إن تعيينه تعييناً جديداً بمجلس الأمة لا يمس المركز القانوني الذي كان قد تحقق له كأثر لوجوده بالخدمة في 1/ 6/ 1963.
ومن حيث إن مقطع النزاع في الطعن الماثل يتلخص في بيان الأثر المترتب على تعيين الطاعن بمجلس الشعب اعتباراً من 16/ 7/ 1964 بعد استقالته من عمله السابق بالمصانع الحربية بتاريخ 14/ 7/ 1964.
ومن حيث إن الثابت من الاطلاع على القرار الصادر بتعيينه في مجلس الشعب أنه قد تضمن تعيينه تعييناً جديداً بناء على دخول الطاعن مسابقة اختيار عاملين على الآلة الكاتبة التي أجريت بالأمانة العامة لمجلس الشعب بتاريخ 4/ 6/ 1964، وقد أشار قرار تعيينه في ديباجته إلى أن هذا التعيين قد تم في ضوء ما أسفرت عنه مسابقة شغل الوظائف المشار إليها.
ومن ثم فإنه بهذه المثابة يكون التحاقه بالعمل بمجلس الشعب قد تم بناء على قرار تعيينه تعييناً جديداً منبت الصلة بمركزه القانوني السابق في الجهة التي كان يعمل بها وسواء كانت مدة خدمته بالعمل الذي تم تعيينه فيه متصلة بعمله السابق أو غير متصلة إذ أن المناط في هذا الشأن بطبيعة قرار التحاقه بالخدمة بالجهة التي عين فيها.
ومن حيث إنه تبعاً لذلك يتحدد للطاعن مركز قانوني جديداً اعتباراً من هذا التاريخ يخضع بمقتضاه للنظام القانوني القائم وقت بلوغه السن المقررة لترك الخدمة.
ومن حيث إن المادة 95 من نظام العاملين المدنيين بالدولة رقم 47 لسنة 1978 والذي انتهت خدمة الطاعن في ظل سريانه - قد نصت على أن "تنتهي خدمة العامل ببلوغه سن الستين وذلك بمراعاة أحكام القانون رقم 79 لسنة 1975 بإصدار قانون التأمين الاجتماعي والقوانين المعدلة".
وتنص المادة 81 من لائحة العاملين بمجلس الشعب على أن تسري فيما لم يرد في شأنه نص في هذه اللائحة القوانين والقرارات التي تصدر في شأن العاملين المدنيين بالدولة.
ومن ثم فإن خدمة الطاعن في ظل المركز القانوني الجديد التي استمدت من خلال تعيينه تعييناً جديداً بمجلس الشعب تنتهي تبعاً لذلك ببلوغه سن الستين.
ومن حيث إنه لا سند للطاعن فيما يزعمه من أنه بمقتضى حكم المادة 13 من القانون رقم 50 لسنة 1963 والتي كانت تسري عليه أثناء عمله في المصانع الحربية قد نشأ له حق ذاتي لا يجوز المساس به إذ أن هذا المركز القانوني الذي كان قائماً وقت عمله بالمصانع الحربية لم يعد قائماً من تاريخ تعيينه تعييناً جديداً بمجلس الشعب منبت الصلة تماماً بعمله السابق بالمصانع الحربية.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد قضى تبعاً لذلك برفض دعوى الطاعن فإنه يكون قد صادف صحيح حكم القانون ويصبح الطعن تبعاً لذلك على غير سند صحيح من القانون خليقاً بالرفض.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه - وألزمت الطاعن المصروفات.

الطعن 342 لسنة 27 ق جلسة 28 / 3 / 1963 مكتب فني 14 ج 1 ق 61 ص 391

جلسة 28 من مارس سنة 1963

برياسة السيد/ محمود عياد رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمود القاضي، وأميل جبران، ومحمد ممتاز نصار، وحافظ محمد بدوي.

-----------------

(61)
الطعن رقم 342 لسنة 27 القضائية

(أ) "حقوق عينية"."الأمفتيوز". قانون "تنازع القوانين من حيث المكان".
"الأمفتيوز" عقد يقرر للمنتفع حقاً عينياً. خضوع الحقوق العينية لقانون موقع العقار. لا يعرف القانون المصري عقد "الامفتيوز".
(ب) نقض "أسباب الطعن". "السبب الجديد". نظام عام. دعوى "نطاق الدعوى".
نفي الحكم عن اتفاق الطرفين وصف الحكر أو "الامفتيوز". عدم منازعة الطاعن أمام محكمة الموضوع في حق الحائز في بقاء الأطيان في حيازته مدة حياته ومن بعده لخلفائه حتى ينقرضوا وذلك مقابل جعل معين أو أجر. نعى الطاعن أمام محكمة النقض بأن تأييد المنفعة أمر يأباه القانون ومن شأنه أن يجعل العقد باطلاً بطلاناً مطلقاً. منازعة جديدة لا يصح التحدي بها لأول مرة أمام محكمة النقض ولو كانت متعلقة بالنظام العام ما دام نطاق الدعوى لم يكن يتسع لبحث هذه المنازعة.

------------------
1 - "الامفتيوز" عقد يقرر للمنتفع بالأطيان حقاً عينياً. وإذا كانت الحقوق العينية تخضع لقانون موقع العقار فإن الحكم وقد أقام قضاءه بالنسبة للعقار الكائن بالقطر المصري على أن القانون المصري لا يعرف هذا العقد لا يكون قد خالف القانون.
2 - إذا كان المالك (الطاعن) لم ينازع أمام محكمة الموضوع في حق الحائز في بقاء الأطيان في حيازته مدى حياته لاستثمارها مقابل جعل معين أو أجر وفي حق خلفائه في ذلك حتى ينقرضوا، وكان الحكم قد نفى عن اتفاق للطرفين على ذلك وصف "الأمفتيوز" أو الحكر وأقام قضاءه في ذلك على صحة هذا الاتفاق وعدم مخالفته للقانون أو النظام العام، فإن نعى الطاعن على الحكم بأن تأييد المنفعة الناشئة عن حيازة الأطيان أمر يأباه القانون مما يبطل ذلك العقد بطلاناً مطلقاً، يعد منازعة جديدة لم يسبق إبداؤها أمام محكمة الموضوع ولا يصح التحدي بها لأول مرة أمام محكمة النقض ولو كانت هذه المنازعة متعلقة بالنظام العام ما دام نطاق الدعوى - وقد كان موضوعها مقصوراً على طلب تعديل الجعل دون طلب الإخلاء - ولم يكن يتسع لبحث هذه المنازعة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع، على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن، تتحصل في أن مجلس إدارة - مدارس ليروس - الطاعن - أقام الدعوى رقم 748 سنة 72 ق، أمام محكمة القاهرة الابتدائية المختلطة، ضد المطعون عليه الثاني والمرحوم نيقولا ليونتيدس مورث المطعون عليها الأولى بعريضة أعلنت في نوفمبر سنة 1946 طالباً الحكم (باعتبار الالتزام المقرر لمصلحة المدارس بالوصية الصادرة من المرحوم بازيل نيقولا بيدس أمام القنصلية اليونانية بباريس في 13 من أغسطس سنة 1892 وبعقد الصلح المحرر في 21/ 12/ 1901 المكمل لهذه الوصية، ديناً قيمياً، وأن الأطيان البالغ مقدارها 500 فدان المشروط بقاؤها في حيازة المدعوين جورج واستافرو ليونتيدس لاستثمارها وفي حيازة خلفائهما الذكور من بعدهما على التعاقب حتى انقراضهم، يجب أن يحسب ريعها - وهو المخصص للإنفاق منه على مدارس ليروس - على أساس القيمة الايجارية لهذه الأطيان وأن يكون متناسباً حسب الظروف والأوقات، مع غلة الأطيان من جهة ومع حاجة المدارس من جهة أخرى - ثم الحكم بتحديد قيمة الريع المستحق لهذه المدارس منذ سنة 1935 بمبلغ 2666 ج و666 م سنوياً على أساس أن القيمة الإيجارية لهذه الأطيان لا تقل في تلك المدة عن 4000 ج سنوياً وأن نصيب المدارس هو بحق الثلثين ونصيب الحائزين للأطيان هو الثلث الباقي وإلزام المطعون عليه الثاني ومورث المطعون عليها الأولى متضامنين بأداء قيمة المتأخر عن تلك المدة عل هذا الأساس وهو مبلغ 28400 ج مع الفوائد القانونية والمصروفات) - دفع المدعى عليهما الدعوى بأن عقد الصلح المحرر في 21/ 2/ 1901 قرر لهما حق "امفتيوز" على الخمسمائة فدان مقابل مبلغ ثابت يؤديانه للطاعن سنوياً وقالا إن الطاعن ظل يقبض منهما هذا المقابل طوال المدة السابقة - بتاريخ 7/ 6/ 1948 حكمت المحكمة (بتحديد الجعل المستحق سنوياً في ذمة المدعى عليما بمبلغ 1750 جنيهاً... وألزمتهما بأداء هذا المبلغ اعتباراً من وقت إعلان صحيفة الدعوى مع استنزال المبالغ السابق دفعها، وبنت المحكمة حكمها على أنها ترى من الوصية وعقد الصلح المكمل لها، أن الموصى قصد ترتيب ربع مؤبد للمدارس يعادل نصف غلة الأطيان وأنها تقدر صافي ربع الفدان الواحد في السنة بمبلغ سبعة جنيهات - وذكرت أن الوصية وعقد الصلح لا يرتبان للمنتفعين بالأطيان حق "امفتيوز" لأن هذا الحق يخالف النظام العام في مصر - استأنف المطعون عليه الثاني ومورث المطعون عليها الأولى هذا الحكم طالبين إلغاءه ورفض الدعوى وقيد الاستئناف بجدول محكمة استئناف القاهرة برقم 1028 سنة 66 ق، وأقام الطاعن استئنافاً مقابلاً قيد برقم 231 سنة 68 ق طلب فيه رفض الاستئناف الأصلي وتعديل الحكم المستأنف بجعل نصيب المدارس في غلة الأطيان بحق الثلثين لا النصف - وبتاريخ 29/ 5/ 1951 حكمت المحكمة في الاستئناف الأصلي بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى بالحالة التي هي عليها، وحكمت في الاستئناف المقابل برفضه - وأسست المحكمة حكمها على أن الحق الذي أقر به كل من الخصوم للأخر يعتبر ثابتاً لا من وقت الاتفاق المحرر في 21/ 2/ 1901 بل من وقت وجود السبب الذي أنشأ هذا الحق وهو الوصية الصادرة من المرحوم باسيلي نقولا تيدس في 13/ 8/ 1892 - وقالت إن هذه الوصية باطلة بالنسبة للمطعون عليه الثاني ومورث المطعون عليها الأولى لأنهما لم يكونا موجودين حقيقة أو حكماً، لا وقت هذه الوصية ولا وقت وفاة الموصى - ورتبت على ذلك أن وضع أيديهما على الأطيان يكون من غير سند، وأنه ما دامت الدعوى قد بنيت على الوصية وعقد الصلح، ولا تستطيع المحكمة تغيير سببها فإنها لا يسعها إزاء ذلك إلا أن تحكم بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى - طعن المطعون عليه الثاني ومورث المطعون عليها الأولى في هذا الحكم بطريق النقض وبتاريخ 7/ 7/ 1955 قضت المحكمة بنقضه وبإحالة القضية إلى محكمة استئناف القاهرة - وأقامت قضاءها على (أن الحكم المطعون فيه قد بني على اعتبار وصية سنة 1892 هي مصدر حقوق الطاعنتين كما هي، ومصدر حقوق المدارس ورتب على ذلك نتيجة لم يقل بها أحد من خصوم الدعوى وهى تجرد الطاعنتين من أي سند قانوني في استغلال هذه الأطيان تأسيساً على أنه لا يجوز لهما أن يستمدا حقاً من وصية سنة 1892 لبطلانها بالنسبة إليهما مع أنه كان يتعين على المحكمة وهى بصدد التعرف على حقيقة المصدر الذي تلقى عنه الطاعنان حقهما إذا شاءت التعرض لما لم يطلبه أحد الخصوم صيانة للنظام العام أن ترجع في ذلك إلى الاتفاق المحرر في 21/ 2/ 1901 كمصدر للحقوق فإذا قام نزاع حول تكييف ما انطوى عليه ذلك الاتفاق من تصرفات تعين البحث فيه على هذا الأساس وما تلاه) - أحيلت القضية بعد ذلك إلى محكمة استئناف القاهرة وبتاريخ 16/ 5/ 1957 حكمت في الاستئناف الأصلي بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى وحكمت في الاستئناف المقابل برفضه - طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض للأسباب المبينة بالتقرير وقدمت النيابة مذكرة طلبت فيها رفض الطعن، وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون وبتاريخ 1/ 10/ 1961 قررت إحالته إلى هذه الدائرة - بعد ذلك قدم المطعون عليهما مذكرة طلبا فيها الحكم برفض الطعن وقدمت النيابة مذكرة تكميلية أحالت فيها إلى ما تضمنته مذكرتها الأولى - ولدى نظر الطعن أمام هذه الدائرة صمم كل طرف من الخصوم على طلباته وصممت النيابة العامة على ما أوردته بمذكرتيها.
حيث إن الطعن بني على ثلاثة أسباب، يتحصل أولها في مخالفة الحكم المطعون فيه القانون وقصور أسبابه ذلك أنه عند تكييف الاتفاق على بقاء الأطيان في حيازة جورج واستافرو ليونتيدس مدى حياتهما لاستثمارها، وفي حيازة خلفائهما الذكور من بعدهما، على التعاقب حتى انقراضهم، مقابل جعل معين ثابت، استبعد وصف "الامفتيوز" الذي تمسك به المطعون عليهما، ووصف الحكر الذي قال الطاعن إنه النظام الوحيد الواجب الأخذ به، وبذلك لم يبق سوى وصف الإيجار العادي البسيط وهو ما تنتهي إليه حتماً نظرية الحكم المطعون فيه التي ضمنها بقوله "إنه لا غبار على الاتفاق الذي وضعه أطراف العقد ولا مخالفة فيه للنظام العام ولا للقانون" هذا في حين أن توقيت المنفعة شرط جوهري في مثل هذا الإيجار، وإذا فرض جدلاً وكان الحكم المطعون فيه قد أراد اعتبار الإجارة التي تضمنها عقد الصلح صحيحة على الرغم من شرط التأبيد الوارد بها فإن الحكم في هذه الحالة يكون قاصر الأسباب لأنه كان يتعين عليه أن يبين كيف دلت نصوص هذه الإجارة على عكس المعنى الظاهر منها - ولم يقع الحكم المطعون فيه في هذا الخطأ إلا لأنه قعد عن تكييف الحقوق التي يولدها عقد الصلح وبذلك حاول الإفلات من مواجهة مقطع النزاع وخالف ما حكمت به محكمة النقض بالحكم الصادر بتاريخ 7/ 7/ 1955 في الطعن السابق - هذا بالإضافة إلى أن مؤدى النتيجة التي انتهى إليها الحكم حين قرر "أنه لا غبار على الاتفاق ولا مخالفة فيه للنظام العام ولا للقانون" أنه إذا اتفق مالك الأطيان مع حائزها على استمرار الحيازة مقابل أجر ثابت لمدة لا تنتهي إلا بانقراض ذرية الحائز من الذكور، كان مثل هذا الاتفاق الذي ليس بامفتيوز ولا بحكر هو اتفاق جائز ولا مخالفة فيه للقانون - والحال أن تأبيد المنفعة الناشئة عن حيازة الأطيان، بصرف النظر عن مقدار الجعل الذي يقابل هذا التأبيد، أمر يأباه القانون ويبطل الاتفاق عليه بطلاناً مطلقاً.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن ما تضمنه عقد الصلح المحرر بتاريخ 21/ 2/ 1901 من الاتفاق على بقاء الأطيان في حيازة جورج واستافروا ليونتيدس مدى حياتهما لاستثمارها وفي حيازة خلفائهما الذكور من بعدهما، على التعاقب حتى انقراضهم، وإن نفى عنه الحكم المطعون فيه وصفى الامفتيوز والحكر إلا أنه قال في شأنه (... وقد رأى هؤلاء الورثة - أي ورثة المالك الأصلي المرحوم بازيلي نيقولا بيدس - ومجلس إدارة المدارس أن جورج واستافرو المذكورين جديران بالحيازة والانتفاع بالخمسمائة فدان التي خصت المدارس دون غيرهما لكفاءتهما المادة وقدرتهما على السداد وإعمالاً لرغبة المورث واتفقوا على ذلك وحددوا جعلاً معيناً غير قابل للزيادة ولا للنقصان ومؤبداً بحياتهما وحياة خلفائهما الذكور، ولا غبار على هذا الاتفاق الذي وصفه أطراف العقد ولا مخالفة فيه للنظام العام ولا للقانون) - وأياً كان وجه الرأي في تكييف الاتفاق, فإنه لما كان الطاعن لم يسبق أن نازع أمام محكمة الموضوع في حق جورج - واستفافرو اليونتيدس في بقاء الأطيان في حيازتهما مدى حياتهما لاستثمارها وفي حق خلفائهما، في ذلك من بعدهما على التعاقب حتى انقراضهم - فإن نعيه على الحكم المطعون فيه (بأن تأبيد المنفعة الناشئة عن حيازة الأطيان - بصرف النظر عن مقدار الجعل الذي يقابل هذا التأبيد - أمر يأباه القانون... ويبطل الاتفاق عليه بطلاناً مطلقاً) - هو منازعة جديدة لم يسبق إبداؤها أمام محكمة الموضوع فلاً يصح التحدي بها لأول مرة أمام محكمة النقض، ولو كانت هذه المنازعة متعلقة بالنظام العام، ما دام نطاق الدعوى - وقد كان موضوعها مقصوراً على طلب تعديل الجعل، دون طلب الإخلاء - لم يكن يتسع لبحث هذه المنازعة.
وحيث إن السبب الثاني يتحصل في أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون ومسخ مستندات الدعوى ذلك أن الموقعين على عقد الصلح المحرر في سنة 1901 وصفوا حق ولدى الأخ ليونتيدس في حيازة الأطيان بأنه حق ناشئ عن امفتيوز ورددوا هذا الوصف بالعقد أكثر من مرة وجرى دفاع الطرفين في القضية الحالية في كافة مراحلها على أن هذا الحق ناشئ عن عقد امفتيوز - ولهذا فإنه يكون من غير المقبول أن يصرف الحكم المطعون فيه النظر عن ذلك كله ويذكر أن هذا الوصف لم يرد بالعقد إلا من باب التشبيه وتقريب المسألة للأذهان - وإذا كان الاتفاق على عقد الامفتيوز قد شابه البطلان لعلة ما فإن الامفتيوز قد حوى جميع عناصر الحكر وكان على الحكم المطعون فيه إعمال قواعد الحكر عملاً بنظرية التحول المقررة في المادة 144 من القانون المدني.
وحيث عن الشق الأول من هذا النعي فإنه غير منتج ذلك أنه ورد بأسباب الحكم المطعون فيه (... ولا يستساغ عقلاً أن يقصد أطراف عقد الصلح... بالإشارة إلى الامفتيوز في العقد المحرر بالقطر المصري أن تنطبق حالته على عقار بالقطر المصري يخضع للقوانين المصرية دون سواها مع خلو القانون المصري من النص على الامفتيوز) وهذا الذي أورده الحكم صحيح في القانون يكفى وحده لحمل الحكم في استبعاده - عند تكييفه حق ولدى الأخ في حيازة الأطيان. وصف الامفتيوز، إذ الامفتيوز يقرر للمنتفع بالأطيان، حقاً عينياً، والحقوق العينية يسري عليها قانون الموقع فيما يختص بالعقار - أما الشق الثاني من هذا النعي فمردود بأنه جاء بأسباب الحكم المطعون فيه (... وقد ظلت المدارس تتقاضى الجعل المحدد بعقد الصلح من سنة 1901 إلى 1946 دون أن يتجه ذهنهم إلى تصقيع أو تمسك بمبدأ الحكر مما يدل على أن الرأي بين المتعاقدين كان وقت الصلح منصرفاً إلى عدم زيادة ما تحدد من جعل وعلى أن هذا الجعل يظل مدى حياة الحائزين وذريتهما من الذكور من بعدهما نفاذاً للعقد المذكور وغير قابل للزيادة ولا للنقصان) وهذه تقريرات موضوعية صحيحة، تبينت منها المحكمة - في استخلاص سائغ يستقيم به الحكم - أن نية المتعاقدين لم تكن منصرفة وقت تحرير عقد الصلح في سنة 1901 إلى إبرام عقد حكر - ومن أجل ذلك لا يصح إعمال حكم المادة 144 مدني.
وحيث إن السبب الثالث من أسباب الطعن يتحصل في أن الحكم المطعون فيه شابه قصور في التسبيب ذلك أنه مشروط بالاتفاق المحرر في 21/ 2/ 1901 أن مقابل الانتفاع بالأطيان يؤدي للمدارس ذهباً وقد ورد بأسباب حكم محكمة الدرجة الأولى أن الشارع المصري وقد أبطل شرط الدفع بالذهب فإن هذا الإبطال قد يؤدي إلى بطلان التعاقد برمته لأن هذا الشرط من الشروط الجوهرية الباعثة على التعاقد - مع أن الحكم المطعون فيه قضى بإلغاء حكم محكمة الدرجة الأولى وبرفض دعوى الطاعن فإنه لم يعرض بأسبابه بشيء عن هذا الشرط.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن محكمة الدرجة الثانية، إذا ألغت حكماً ابتدائياً، لا تكون ملزمة بالرد على جميع ما هو وارد في ذلك الحكم ما دامت الأسباب التي أقامت عليها حكمها كافية لحمل قضائها - هذا إلى أنه ورد بالحكم الابتدائي أن شرط الدفع بالذهب، هو من الشروط الجوهرية الباعثة على التعاقد والتي يؤدي بطلانها إلى بطلان عقد الصلح برمته - وما دام الطاعن لم يطلب ذلك البطلان أمام محكمة الموضوع فإنه لا على الحكم المطعون فيه، إن أغفل الرد على الحكم الابتدائي في هذا الشأن.
وحيث إنه لما تقدم بتعين رفض الطعن.

الطعن 355 لسنة 36 ق جلسة 4 / 2 / 1971 مكتب فني 22 ج 1 ق 30 ص 172

جلسة 4 من فبراير سنة 1971

برياسة السيد المستشار إبراهيم عمر هندي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد حافظ هريدي، والسيد عبد المنعم الصراف، ومحمد صدقي البشبيشي، وعلي عبد الرحمن.

---------------

(30)
الطعن رقم 355 لسنة 36 القضائية

(أ) تعويض. "عناصر الضرر" نقض. "رقابة محكمة النقض" محكمة الموضوع.
تقدير التعويض. مسألة واقع. تعيين عناصر الضرر. مسألة قانونية تخضع لرقابة محكمة النقض.
(ب، جـ، د) نقل بحري. "التعويض عن عجز البضاعة". تعويض. "تقدير التعويض". معاهدات. "معاهدة بروكسيل".
(ب) هلاك البضاعة أو فقدها أثناء الرحلة البحرية. معاهدة بروكسيل وضعت حداً أقصى للتعويض ولم تبين طريقة تقديره. وجوب الرجوع للقواعد العامة.
(ج) تقدير التعويض عن هلاك البضاعة أو فقدها بمقدار ثمن بيعها في ميناء الوصول بالسوق الحرة، دون السعر الجبري الذي تفرضه وزارة التموين.
(د) مناط اعتبار الضرر متوقعاً. أن يتوقعه الشخص العادي في مثل الظروف الخارجية التي وجد فيها المدين.

---------------
1 - إنه وإن كان تقدير التعويض عن الضرر من المسائل الواقعية التي يستقل بها قاضي الموضوع، إلا أن تعيين عناصر الضرر التي يجب أن تدخل في حساب التعويض هو من المسائل القانونية التي يخضع فيها لرقابة محكمة النقض.
2 - لم يبين القانون البحري طريقة تقدير التعويض الذي يلتزم به الناقل عن عجز البضاعة المنقولة وهلاكها. كما خلت معاهدة بروكسل الخاصة بسندات الشحن والصادر بها مرسوم بقانون في 31/ 1/ 1944 من بيان طريقة تقدير هذا التعويض واكتفت بوضع حد أقصى للتعويض عن الهلاك والتلف اللذين يلحقان البضائع التي يتضمن سند الشحن بيان جنسها وقيمتها، لما كان ذلك فإنه يتعين تقدير التعويض وفقاً للقواعد العامة الواردة في القانون المدني في شأن المسئولية التعاقدية بصفة عامة، على ألا يجاوز التعويض المقضي به الحد الأقصى المقرر في المعاهدة في حالة عدم بيان جنس البضاعة وقيمتها في سند الشحن.
3 - تقضي المادة 221 من القانون المدني بأن يشمل التعويض ما لحق الدائن من خسارة وما فاته من كسب بشرط أن يكون هذا نتيجة طبيعية لعدم الوفاء بالالتزام، ومقتضى ذلك - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة (1) - أن الناقل يكون مسئولاً عن هلاك البضاعة أو فقدها أثناء الرحلة البحرية بمقدار الثمن الذي ينتج من بيعها في ميناء الوصول بالسوق الحرة التي تخضع لقواعد العرض والطلب، دون السعر الذي تفرضه وزارة التموين للبيع، ذلك لأن الضرر الذي لحقها نتيجة عدم بيعها البن الذي فقد أو تلف بالسعر الجبري الذي تفرضه، ليس مما كان يمكن توقعه وقت التعاقد، لأن هذا السعر الجبري - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو سعر تحكمي فرضته الوزارة نفسها، ودخلت في تحديده عوامل غربية عن التعاقد، علاوة على أنه قابل للتغير في أي وقت، لأن تحديده يخضع للظروف الاستثنائية التي دعت إلى فرضه.
4 - يجب لاعتبار الضرر متوقعاً أن يتوقعه الشخص العادي في مثل الظروف الخارجية التي وجد فيها المدين وقت التعاقد. ولا يمكن للناقل العادي أن يتوقع مقدار الكسب الذي قد يفوت الطاعنة (وزارة التموين) نتيجة فرضها السعر الجبري في حالة تلف البضاعة أو فقدها لأنه لا يستطيع الإلمام بالأسعار الجبرية التي تفرض في البلاد التي يرسل إليها سفنه وما يطرأ عليها من تغيير، لما كان ذلك، فإن الناقل لا يكون مسئولاً عن فوات هذا الكسب المحدد بسعر جبري، وإنما يسأل فقط عما فات الطاعنة من كسب بسبب زيادة سعر البضاعة التالفة أو الفاقدة في السوق الحرة في ميناء الوصول على سعر شرائها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن وزارة التموين أقامت الدعوى رقم 235 سنة 1964 كلي الإسكندرية ضد شركة مصر للتجارة الخارجية والشركة المتحدة لأعمال النقل البحري تطلب الحكم بإلزامهما متضامنتين بدفع مبلغ 1700 جنيه على سبيل التعويض المؤقت مع الفوائد القانونية من تاريخ المطالبة الرسمية حتى السداد. وقال شرحاً لدعواها إنه بتاريخ 26/ 1/ 1964 وصلت إلى ميناء الإسكندرية الباخرة بورجاس محملة بشحنة من البن البرازيلي واردة لحساب الوزارة تنفيذاً لتعاقد تم بينها وبين شركة مصر للتجارة الخارجية. وأنه عند تفريغ الشحنة تبين أن بها عجزاً وعوارية فاحتجت الوزارة لدى الشركتين، وأن مسئولية شركة مصر للتجارة تقوم على أساس أنها البائعة للشحنة، وأنه لما كانت سندات الشحن قد صدرت خالية من أية تحفظات فإن ذلك مما يفيد أن الرسالة قد سلمت للباخرة بحالة سليمة وكاملة وأن ما وقع بها من عجز قد حدث خلال الرحلة البحرية وبفعل السفينة، وتكون الشركة العربية المتحدة للنقل البحري مسئولة عن تعويض الوزارة عما لحقها من أضرار. وأنها تقدر التعويض المؤقت عن ذلك بالمبلغ المطالب به إلى حين تحديد الضرر بصفة نهائية على ضوء تقرير الخبير الذي انتدب لمعاينة الشحنة. ثم عدلت الوزارة طلباتها إلى الحكم أصلياً بإلزام شركة الملاحة الناقلة بدفع مبلغ 1771 جنيهاً و150 مليماً مع باقي الطلبات واحتياطياً وفي حالة ما إذا تبين أن الشركة المستورة هي المسئولة عن التعويض، الحكم بإلزامها بالطلبات الموجهة للشركة الناقلة. وبتاريخ 20 فبراير 1965 حكمت المحكمة "أولاً" برفض الدعوى بالنسبة للطلبات الموجهة لشركة مصر للتجارة الخارجية "ثانياً" وبالنسبة للطلبات الموجهة إلى الشركة العربية المتحدة لأعمال النقل البحري بإلزامهما بأن تؤدي للوزارة مبلغ 1352 دولاراً أمريكياً مقومة بالعملة المصرية على أساس السعر الرسمي في 26/ 1/ 1964 مضافاً إليه 18 جنيهاً و750 مليماً والفوائد عن المبلغ جميعه بواقع 5% من تاريخ صيرورة الحكم نهائياً حتى السداد. واستأنفت وزارة التموين هذا الحكم أمام محكمة استئناف الإسكندرية طالبة تعديله على أساس أن التعويض يشمل ما لحقها من خسارة وما فاتها من كسب وباعتبار أن سعر السلعة قد تم تحديده بمقتضى القانون، ومن باب الاحتياط إذا اعتبرت المحكمة أن التسعير الجبري لا يعتبر نتيجة طبيعية لعدم الوفاء بالالتزام فيتعين إضافة الربح التجاري الذي جرى به العرف وهو لا يقل عن 15% من مجموع التكاليف وهي ثمن الشراء والنولون والتأمين والمصاريف والدمغة وعمولة الخزانة والمصروفات الإدارية، وقيد هذا الاستئناف برقم 170 سنة 21 ق إسكندرية، كما استأنفت شركة النقل بدورها طالبة تعديل الحكم المستأنف إلى تحديد مسئولتها بمبلغ 118.968 دولاراً أمريكياً أو ما يعادله بالعملة المصرية ومصروفاته المناسبة ورفض ما عدا ذلك من طلبات، وقيد استئنافها برقم 173 سنة 21 ق. وبتاريخ 27/ 4/ 1966 حكمت المحكمة برفض الاستئنافين وتأييد الحكم المستأنف. وطعنت وزارة التموين في هذا الحكم بطريق النقض للسبب المبين بالتقرير، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. وبالجلسة المحددة لنظره أمام هذه الدائرة صممت الوزارة الطاعنة على طلب نقض الحكم، وطلبت الشركة المطعون عليها رفض الطعن، وصممت النيابة العامة على ما جاء بمذكرتها.
وحيث إن الطعن بني على سبب واحد تنعى فيه الطاعنة على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله. وفي بيان ذلك تقول إن الحكم قدر التعويض عن العجز في البضاعة على أساس سعر الشراء في ميناء الشحن.
بينما يجب تقدير التعويض اللازم لجبر الضرر بتمامه بالقيمة السوقية للبضاعة في ميناء الوصول عملاً بالمادة 221 من القانون المدني التي تقضي بتقدير التعويض على أساس ما لحق الدائن من خسارة وما فاته من كسب، لأن هذه القيمة هي التي تمثل الخسارة التي لحقت الطاعنة والكسب الذي فاتها نتيجة عدم وفاء الناقل بالتزامه بنقل البضاعة إلى ميناء الوصول بينما سعر شراء البضاعة في ميناء الشحن لا يمثل إلى الخسارة وحدها، وليس في نصوص معاهدة سندات الشحن ما يؤدي إلى استبعاد الكسب الذي فات الطاعنة من عناصر التعويض، إذ أن هذه المعاهدة لم تخالف القواعد العامة إلا في أنها وضعت حداً أقصى له لا يجوز تجاوزه وهو مائة جنيه استرليني عن كل طرد أو وحدة أو ما يعادل هذه القيمة بنقد عملة أخرى، وهذا النص وإن كان يمنع القاضي من الحكم بتعويض يزيد على هذا الحد إلا أنه لا يرخص له في مخالفة قواعد التقدير التي وضعتها المادة 221 من القانون المدني في نطاق الحد الأقصى الذي تقرره المعاهدة، ولما كان الحكم قد استبعد من عناصر التعويض ما فات الطاعنة من ربح ولم يحتسب التعويض على أساس القيمة السوقية للبن في ميناء الوصول وهي لا تخضع للعرض والطلب. أو في القليل على أساس وضع تحديد معقول لقيمة الربح في البن في ميناء الوصول وهو ما طلبته الطاعنة احتياطياً، فإنه يكون قد خالف القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي صحيح، ذلك أنه بالرجوع إلى الحكم المطعون فيه يبين أنه أقام قضاءه على ما قرره من أن "التعويض يحتسب على أساس قيمة العجز وقت الشحن، إذ أن هذا هو ما يتمشى مع نص المادة 221 من القانون المدني باعتباره الضرر الذي يمكن توقعه عادة وقت التعاقد طالما أن الالتزام مصدره العقد وأن المدين لم يرتكب غشاً أو خطأً جسيماً، فلهذا ولأن الالتزام بالتعويض مصدره عقد النقل، ولأن الثابت في الدعوى أن الشركة الناقلة لم ترتكب غشاً أو خطأً جسمياً فإن التزامها بالتعويض عن العجز في البضاعة يكون في حدود ما كانت تتوقعه وقت إبرام عقد النقل أي قيمة العجز وقت الشحن وهو في نطاق ثمن الشحن شامل التأمين والنولون لأنه يمثل الخسارة الفعلية التي تحملتها وزارة التموين". وهذا الذي قرره الحكم وأقام عليه قضاءه بتقدير التعويض غير صحيح في القانون، ذلك أنه وإن كان تقدير التعويض عن الضرر من المسائل الواقعية التي يستقل بها قاضي الموضوع إلا أن تعيين عناصر الضرر التي يجب أن تدخل في حساب التعويض هو من المسائل القانونية التي يخضع فيها لرقابة محكمة النقض، ولما كان القانون البحري لم يبين طريقة تقدير التعويض الذي يلتزم به الناقل عن عجز البضاعة المنقولة وهلاكها، كما خلت معاهدة بروكسل الخاصة بسندات الشحن والصادر بها مرسوم بقانون في 31/ 1/ 1944 من بيان طريقة تقدير هذا التعويض واكتفت بوضع حد أقصى للتعويض عن الهلاك والتلف اللذين يلحقان البضائع التي يتضمن سند الشحن بيان جنسها وقيمتها، فإنه يتعين لذلك تقدير التعويض وفقاً للقواعد العامة الواردة في القانون المدني في شأن المسئولية التعاقدية بصفة عامة على ألا يجاوز التعويض المقضي به الحد الأقصى المقرر في المعاهدة في حالة عدم بيان جنس البضاعة وقيمتها في سند الشحن. ولما كانت
المادة 221 من القانون المدني تقضي بأن يشمل التعويض ما لحق الدائن من خسارة وما فاته من كسب بشرط أن يكون هذا نتيجة طبيعية لعدم الوفاء بالالتزام، ومقتضى ذلك - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن الناقل يكون مسئولاً عن هلاك البضاعة أو فقدها أثناء الرحلة البحرية بمقدار الثمن الذي ينتج من بيعها في ميناء الوصول بالسوق الحرة التي تخضع لقواعد العرض والطلب دون السعر الذي تفرضه وزارة التموين للبيع، ذلك لأن الضرر الذي لحقها نتيجة عدم بيعها البن الذي فقد أو تلف بالسعر الجبري الذي تفرضه ليس مما كان يمكن توقعه وقت التعاقد لأن هذا السعر الجبري - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو سعر تحكمي فرضته الوزارة نفسها ودخلت في تحديده عوامل غربية عن التعاقد، علاوة على أنه قابل للتغير في أي وقت لأن تحديده يخضع للظروف الاستثنائية التي دعت إلى فرضه. ولما كان يجب لاعتبار الضرر متوقعاً أن يتوقعه الشخص العادي في مثل الظروف الخارجية التي وجد فيها المدين وقت التعاقد ولا يمكن للناقل العادي أن يتوقع مقدار الكسب الذي قد يفوت الوزارة الطاعنة نتيجة فرضها السعر الجبري في حالة تلف البضاعة أو فقدها لأنه لا يستطيع الإلمام بالأسعار الجبرية التي تفرض في البلاد التي يرسل إليها سفنه وما يطرأ عليها من تغيير، فإن الناقل لا يكون مسئولاً عن فوات هذا الكسب المحدد بسعر جبري، وإنما يسأل فقط عما فات الطاعنة من كسب بسبب زيادة سعر البضاعة التالفة أو الفاقدة في السوق الحرة في ميناء الوصول على سعر شرائها. إذ كان ذلك وكانت الطاعنة قد طلبت احتياطياً أمام محكمة الموضوع أن يشمل التعويض احتساب الربح المعقول الذي كان يصيبها لو باعت البن الفاقد في ميناء الوصول بسعر عادي، وكان الحكم المطعون فيه لم يحتسب في تقديره التعويض عن العجز أو الفاقد في البضاعة، عنصر ما فات الطاعنة من كسب طبقاً لنسبة الربح العادي المناسب لبيع البن في ميناء الوصول، فإنه يكون قد خالف القانون في هذا الخصوص بما يوجب نقضه.


(1) نقض 12/ 6/ 1969 مجموعة المكتب الفني السنة 20 ص 939.

الطعن 225 لسنة 33 ق جلسة 3 / 2 / 1971 مكتب فني 22 ج 1 ق 29 ص 167

جلسة 3 من فبراير سنة 1971

برياسة السيد المستشار/ صبري أحمد فرحات، وعضوية السادة المستشارين: محمد نور الدين عويس، وعثمان زكريا علي، ومحمد أبو حمزة مندور، وأحمد ضياء الدين حنفي.

----------------

(29)
الطعن رقم 225 لسنة 33 القضائية

ضرائب. "الضريبة على الأرباح التجارية والصناعية". "إجراءات ربط الضريبة". شركات. "شركات التضامن".
عدم الاعتداد بالشخصية الاعتبارية لشركات التضامن أو التوصية في خصوص الضريبة على الأرباح التجارية. الالتزام بالضريبة يقع على أشخاص الشركاء لا على ذات الشركة. لكل منهم الطعن في الربط إما بنفسه أو بمن ينيبه من الشركاء أو غيرهم خلال الميعاد.

----------------
لم يعتد القانون رقم 14 لسنة 1939 في خصوص الضريبة على الأرباح التجارية والصناعية - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة (1) - بالشخصية الاعتبارية لشركات التضامن أو التوصية، فلم يخضعها - بهذا الوصف - للضريبة كما أخضع الشركات المساهمة في المادة 31 منه، بل سوى في حكم المادة 34 بين الشريك المتضامن في هذه الشركات وبين الممول الفرد من حيث إخضاع كل منهما للضريبة في حدود ما يصيبه من ربح، وإذ كان الالتزام بهذه الضريبة يقع على أشخاص الشركاء لا على ذات الشركة، فإنه وفقاً للمادة 52 من القانون المشار إليه يكون لكل شريك - أسوة بالممول الفرد - خلال شهر من تاريخ إخطاره بربط الضريبة في الحالتين المنصوص عليهما في الفقرتين الرابعة والسادسة من المادة 45 أن يطعن في الربط بنفسه أو بمن ينيبه من الشركاء أو الغير وإلا أصبح الربط نهائياً والضريبة واجبة الأداء.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن منشأة حزان دويك وشركاهم للتخليص قدمت إقرارات بأرباحها عن السنوات من 1954 إلى 1958 إلى مأمورية ضرائب الدرب الأحمر، فأجرت بها بعض التعديلات وقدرت صافي الربح في سنوات النزاع بالمبالغ الآتية على التوالي 4584 جنيهاً، 467 مليماً و1556 جنيهاً، 877 مليماً و3280 جنيهاً و525 مليماً و 1688 جنيهاً، 638 مليماً و2363 جنيهاً، 809 مليماً وأخطرت الشركة والشركاء المتضامنين بهذه التقديرات وبربط الضريبة على حصة كل منهم في الأرباح، وإذ اعترضت لمنشأة "حزان ودويك وشركاهم" على هذا التقدير وأحيل الخلاف على لجنة الطعن، وبتاريخ 13/ 6/ 1960 أصدرت قرارها بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بتحديد صافي أرباح الشركة في سنوات النزاع بالمبالغ الآتية على التوالي 2982.104 ج و766.475 ج و881.079 ج و325.417 ج و883.278 ج، فقد أقامت مصلحة الضرائب الدعوى رقم 694 سنة 1960 القاهرة الابتدائية ضد(1) جوزيف حزان عن نفسه وبصفته ممثلاً لحصة التوصية وبصفته شريكاً متضامناً في شركة حزان ودويك وشركاه (2) فكتوريا حزان بصفتها شريكة متضامنة بشركة حزان ودويك وشركاه (3) أستير دويك بصفتها شريكة متضامنة بشركة حزان ودويك وشركاه، بالطعن في هذا القرار طالبة الحكم (أصلياً) بعدم قبول الطعن المرفوع أمام اللجنة بالنسبة لمن عدا الشريك المتضامن من جوزيف حزان عن نفسه وبصفته (واحتياطياً) إلغاء قرار اللجنة وتأيد تقديرات المأمورية. وبتاريخ 23/ 1/ 1962 حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وألزمت مصلحة الضرائب بالمصروفات وبمبلغ 200 قرش مقابل أتعاب المحاماة. واستأنفت المصلحة هذه الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة طالبة إلغاءه والحكم لها بطلباتها وقيد هذا الاستئناف برقم 127 سنة 79 ق. وبتاريخ 28/ 3/ 1962 حكمت المحكمة حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وألزمت المستأنفة بالمصروفات وبمبلغ 500 قرش مقابل أتعاب المحاماة. وطعنت مصلحة الضرائب في هذا الحكم، فيما قضى به في الدفع بعدم القبول بطريق النقض للسبب الوارد في التقرير، وعرض الطعن على هذه الدائرة حيث أصرت الطاعنة على طلب نقض الحكم، وطلب المطعون عليهما الأول والثانية رفض الطعن، ولم تحضر المطعون عليها الثالثة ولم تبد دفاعاًً، وقدمت النيابة العامة مذكرة وطلبت رفض الطعن.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة - بسبب الطعن - أن الحكم المطعون فيه قضى في أسبابه برفض الدفع بعدم قبول الطعن المرفوع أمام لجنة الطعن بالنسبة لمن عدا المطعون عليه الأول عن نفسه وبصفته ممثلاً لحصة التوصية وبصفته شريكاً متضامناً في شركة حزان ودويك وشركاه، مستنداً في ذلك إلى أن "عريضة الطعن المقدمة إلى اللجنة مرفوعة من "حزان ودويك وشركاهم". وهذا يعني أنها مرفوعة من جميع الشركاء الذين تتكون منهم هذه الشركة والسابق إخطارهم بالرفض، وأن مضمون تلك العريضة يقطع بأن الطعن مرفوع من جميع الشركاء كما أن المذكرات المقدمة وغيرها من المكاتبات كلها صادرة من منشأة حزان ودويك وينبسط نطاقها على الأرباح المربوطة على حصة كل من الشركاء، وهو منه خطأ ومخالفة للقانون وفساد في الاستدلال ومخالفة للثابت بالأوراق وقصور، لأنه يبين من نص المادتين 34، 52 من القانون رقم 14 لسنة 1939 أن على الممول أن يطعن في ربط الضريبة خلال شهر من تاريخ إخطاره وإلا أصبح الربط نهائياً، وقد سوى الشارع بين الشريك المتضامن في شركات التضامن أو التوصية وبين الممول الفرد في خصوص إخضاع كل منهما للضريبة في حدود ما يصيبه من ربح واعتبر أن هذا الشريك هو الممول الذي يجب أن توجه الإجراءات من مصلحة الضرائب إليه شخصياً، كما أن عليه هو أن يطعن بنفسه فيما لا يرتضيه من هذه الإجراءات، وعلى ذلك كان ينبغي على كل من المطعون عليهم أن يطعن في ربط الضريبة عليه بنفسه أو بواسطة من ينيبه. ولما كان الطعن قد رفع من وكيل المطعون عليه الأول عن نفسه وبصفته، دون أن يرفع من المطعون عليهما الثانية والثالثة، فإن الطعن يكون غير مقبول منهما، ويؤكد ذلك أن هذا الوكيل حضر بجلسة أول يونيو سنة 1960 أمام اللجنة عن المطعون عليه الأول عن نفسه وبصفته مديراً للشركة ولم يحضر عن المطعون عليهما الثانية والثالثة. وإذ التفت الحكم المطعون فيه عن التحقق من صفة مقدم الطعن لبيان ما إذا كان وكيلاً عن المطعون عليهم جميعاً أم أن وكالته قاصرة على المطعون عليه الأول وحده، فإنه يكون مشوباً بالقصور وبفساد الاستدلال فضلاً عن مخالفته للقانون وللثابت بالأوراق.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن القانون رقم 14 لسنة 1939 لم يعتد في خصوص الضريبة على الأرباح التجارية والصناعية - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - بالشخصية الاعتبارية لشركات التضامن أو التوصية فلم يخضعها - بهذا الوصف - للضريبة كما أخضع الشركات المساهمة في المادة 31 منه، بل سوي في حكم المادة 34 بين الشريك المتضامن في هذه الشركات وبين الممول الفرد من حيث إخضاع كل منهما للضريبة في حدود ما يصيبه من ربح. ولما كان الالتزام بهذه الضريبة يقع على أشخاص الشركاء لا على ذات الشركة، فإنه وفقاً للمادة 52 من القانون المشار إليه يكون لكل شريك - أسوة بالممول الفرد - خلال شهر من تاريخ إخطاره بربط الضريبة في الحالتين المنصوص عليهما في الفقرتين الرابعة والسادسة من المادة 45 أن من يطعن في الربط بنفسه أو بمن ينيبه في ذلك من الشركاء أو الغير وإلا أصبح الربط نهائياً والضريبة واجبة الأداء. وإذ كان ذلك وكان يبين من الرجوع على الأوراق أن مأمورية الضرائب أخطرت المطعون عليهم بربط الضريبة على النموذج رقم 19 ضرائب، وأن صحيفة الطعن أمام اللجنة قدمت من الوكيل عن المنشأة وأن هذا الوكيل حضر بجلسة 1/ 6/ 1960 أمام اللجنة عن المطعون عليه الأول عن نفسه وبصفته مديراً للشركة ولم يحضر عن المطعون عليهما الثانية والثالثة، وكان الحكم المطعون فيه قد قضى برفض الدفع بعدم قبول الطعن المرفوع أمام اللجنة بالنسبة لمن عدا الشريك المتضامن جوزيف حزان عن نفسه وبصفته - المطعون عليه الأول - مستنداً في ذلك إلى أن الطعن أمام اللجنة رفع من جميع الشركاء، دون أن يتحقق من صفة مقدم الطعن والذي حضر بجلسة 1/ 6/ 1960 أمام اللجنة عن المطعون عليه الأول عن نفسه وبصفته مديراً للشركة لمعرفة ما إذا كان وكيلاً عن المطعون عليهم جميعاً أم أن وكالته قاصرة على المطعون عليه الأول وحده، فإن الحكم يكون مشوباً بقصور أدى به إلى مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه بغير حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.


(1) نقض 21/ 11/ 1953 مجموعة المكتب الفني السنة الخامسة ص 173.
ونقض 15/ 5/ 1958 مجموعة المكتب الفني السنة التاسعة ص 461.