الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 3 يونيو 2023

الطعن 25 لسنة 28 ق جلسة 21 / 3 / 1963 مكتب فني 14 ج 1 ق 54 ص 342

جلسة 21 من مارس سنة 1963

برياسة السيد/ محمود عياد رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمود القاضي، وأميل جبران، ولطفي علي، وحافظ محمد بدوي.

-----------------

(54)
الطعن رقم 25 لسنة 28 القضائية

(أ) نقض. "التقرير بالطعن". بطلان.
يحصل الطعن بالنقض بتقرير في قلم كتاب محكمة النقض موقع عليه من محام مقبول أمامها وموكل عن الطاعن وإلا كان الطعن باطلاً. تقضي المحكمة به من تلقاء نفسها.
(ب) نقض. "إعلان الطعن". إعلان. "إعلان أوراق المحضرين".
وجوب إثبات المحضر في ورقة الإعلان إقامة المخاطب معه مع المعلن إليه: المساكنة في هذه الحالة شرط لصحة الإعلان. إعلان الطعن إعلاناً صحيحاً في الميعاد المحدد قانوناً إجراء جوهري يترتب على إغفاله البطلان.
(ج) دعوى. "إجراءات نظر الدعوى". "تقرير التلخيص". استئناف. "الحكم في الاستئناف" بطلان.
وجوب إحالة القضية للمرافعة بتقرير من قاضي التحضير وتلاوته قبل بدء المرافعة. إغفال هذا الإجراء يبطل الحكم. أخذ الحكم الاستئنافي بأسباب الحكم الابتدائي وتأييده رغم بطلانه. ينبني على ذلك بطلان الحكم الاستئنافي.

--------------
1 - يحصل الطعن بالنقض - طبقاً للمادة 429 من قانون المرافعات - بتقرير يكتب في قلم كتاب محكمة النقض ويوقعه المحامي المقبول أمامها والموكل عن الطاعن، فإذا لم يحصل الطعن على هذا الوجه كان باطلاً وحكمت المحكمة من تلقاء نفسها ببطلانه. (1)
2 - توجب المادة 12 من قانون المرافعات على المحضر إثبات بيان أن المخاطب معه يقيم مع المعلن إليه ذلك أن المساكنة في هذه الحالة شرط لصحة الإعلان ومن ثم فإذا أغفل المحضر هذا البيان في إعلان الطعن وكان إعلان الطعن إعلاناً صحيحاً في الميعاد الذي حددته المادة 11 من القانون رقم 57 لسنة 1959 الصادر في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض من الإجراءات الجوهرية التي يترتب على إغفالها البطلان فإن الطعن يكون غير مقبول شكلاً. (2)
3 - لما كانت المادة 116 من قانون المرافعات توجب إحالة القضية إلى جلسة المرافعة بتقرير من قاضي التحضير يلخص فيه موضوع الدعوى وطلبات الخصوم وأسانيد كل منهم ودفوعهم ودفاعهم وما أصدره من قرارات مع تلاوة هذا التقرير في الجلسة قبل بدء المرافعة فإن محكمة الدرجة الأولى إذا أغفلت هذا الإجراء الواجب قانوناً كان حكمها باطلاً. وإذا كان الحكم الاستئنافي قد أحال في أسبابه فيما يتعلق ببيان وقائع الدعوى إلى ما هو وارد بشأنها في الحكم الابتدائي وأقر أسباب ذلك الحكم وأيده رغم بطلانه فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أيد حكماً باطلاً وأحال إلى عدم مما يبطله.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وغيره من أوراق الطعن تتحصل في أن السيدة أجبة مرقص سوريال، بصفتها قيمة على المحجور عليه زكي بشارة سلامة - مورث المطعون عليهم - أقامت أمام محكمة القاهرة الابتدائية الدعوى رقم 1850 سنة 1945 طالبة الحكم بإلزام المرحوم أمين رزق سوريال - مورث الطاعنين - بأن يدفع إليها بصفتها المذكورة مبلغ 1082 جنيهاً و426 مليماً - وبتاريخ 3/ 4/ 1954 حكم لها بطلباتها استأنف الطاعنون هذا الحكم أمام محكمة القاهرة بالاستئناف رقم 950 سنة 73 ق وكان من بين الأسباب التي بنوا عليها استئنافهما قولهم إن الحكم المستأنف باطل لصدوره دون تلاوة تقرير تلخيص بل دون أن يوضع - أصلاً - تقرير تلخيص - وبتاريخ 28/ 2/ 1957 حكمت المحكمة (بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف) طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض للأسباب المبينة بالتقرير وقدمت النيابة العامة مذكرة طلبت فيها الحكم برفض الطعن وقد عرض الطعن على دائرة فحص الطعون وبتاريخ 30/ 12/ 1961 قررت إحالته إلى هذه الدائرة - لم تقدم مذكرة من المطعون عليهم، وأودعت النيابة العامة مذكرة تكميلية - ولدى نظر الطعن أمام هذه الدائرة صمم الطاعنون على طلباتهم وصممت النيابة على رأيها الذي أبدته في مذكرتيها.
وحيث إن النيابة العامة دفعت في المذكرة المقدمة منها بعدم قبول الطعن شكلاً بالنسبة للطاعن الرابع جورجي رزق سوريال لعدم تقديم توكيل صادر منه للمحامي المقرر بالطعن.
وحيث إن هذا الدفع في محله، ذلك أنه يبين من الاطلاع على الأوراق أنه لم يقدم بها توكيل صادر من الطاعن الرابع، جورجي رزق سوريال للمحامي المقرر بالطعن - ولما كان ذلك، وكانت المادة 429 مرافعات - التي كان معمولاً بها وقت حصول الطعن - توجب أن يحصل الطعن بتقرير يكتب في قلم كتاب محكمة النقض ويوقعه المحامي المقبول أمامها الموكل عن الطالب - فإذا لم يحصل الطعن على هذا الوجه كان باطلاً وحكمت المحكمة من تلقاء نفسها - ببطلانه - فإن الطعن من الطاعن المذكور يكون باطلاً، ويتعين لذلك الحكم بعدم قبوله شكلاً بالنسبة إليه.
وحيث إن النيابة العامة دفعت أيضاً في المذكرة المقدمة منها، بعدم قبول الطعن شكلاً بالنسبة للمطعون عليها السابعة - بديعة زكي بشارة - لأن المحضر لم يثبت في ورقة إعلانها بتقرير الطعن أن نجلها الذي خاطبه لغيابها وقت الإعلان يقيم معها في حين أن هذا البيان واجب لصحة الإعلان ويترتب على إغفاله بطلان الإعلان.
وحيث إن هذا الدفع في محله أيضاً ذلك أنه يبين من الاطلاع على أصل ورقة إعلان الطعن أن المحضر أثبت فيه أنه أعلن السيدة بديعة زكي بشارة المطعون عليها السابعة (مخاطباً نجلها الأستاذ صفوت صديق لغيابها الآن) - ولم يثبت أن نجلها المذكور ساكن معها، حالة أن المساكنة في مثل هذه الحالة شرط لصحة الإعلان عملاً بحكم المادة 12 مرافعات - ولما كان ذلك، وكانت المادة 12 مرافعات توجب على المحضر إثبات هذا البيان في ورقة الإعلان فإن إغفال ذلك مما يترتب عليه بطلان الإعلان عملاً بالمادة 24 من قانون المرافعات - وإذ كان إعلان الطعن للمطعون عليه، إعلاناً صحيحاً في الميعاد الذي حددته المادة 11 من القانون رقم 57 لسنة 1959 الصادر في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض من الإجراءات الجوهرية التي يترتب على إغفالها البطلان فإنه يتعين لذلك الحكم بعدم قبول الطعن شكلاً بالنسبة للمطعون عليها المذكورة.
وحيث إن الطعن فيما عدا ذلك قد استوفي أوضاعه الشكلية.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب ذلك أنهم طلبوا أمام محكمة الاستئناف القضاء ببطلان حكم محكمة الدرجة الأولى لصدوره من غير تلاوة تقرير التلخيص، ومن غير أن يوضع أصلاً - تقرير للتلخيص - وقد قضى الحكم المطعون فيه برفض هذا الطلب استناداً على أنهم أثاروه دون أن يقدموا ما يثبته، وإلى أنهم ذكروا أن التقرير تلي في إحدى الجلسات ولم يتل في الجلسة التالية لتغيير الهيئة، ولم يتقدموا بما يدل على ذلك - هذا في حين أنهم - الطاعنين - كانوا قد ركنوا في إثبات صحة طلبهم إلى ملف القضية الابتدائية، ولم يذكروا شيئاً مما عزاه إليهم الحكم المطعون فيه وأورده دون أن يكون له سند في الأوراق.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على الصورة الرسمية لمحاضر الجلسات التي تداولت فيها القضية أمام محكمة الدرجة الأولى، والمودعة ملف هذا الطعن، أن القضية نظرت أخيراً أمام قاضى التحضير في جلسة 21/ 10/ 1952 ثم أحيلت للمرافعة وحكم فيها في جلسة يوم 3/ 4/ 1954 - وقد خلت محاضر الجلسات وكذلك خلا الحكم من أية إشارة إلى تلاوة تقرير التلخيص - ولما كان ذلك، وكانت المادة 116 من قانون المرافعات توجب أن تكون إحالة القضية إلى جلسة المرافعة بتقرير من قاضي التحضير يلخص فيه موضوع الدعوى وطلبات الخصوم وأسانيد كل منهم ودفوعهم ودفاعهم وما أصدره في القضية من قرارات وأن يتلى هذا التقرير في الجلسة قبل بدء المرافعة - فإن محكمة الدرجة الأولى وقد أغفلت هذا الإجراء الواجب قانوناً يكون حكمها من أجل ذلك - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - مشوباً بالبطلان.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على صورة صحيفة الاستئناف الرسمية المودعة ملف الطعن، أن الطاعنين استأنفوا حكم محكمة الدرجة الأولى، وكان من بين الأوجه التي بنوا عليها استئنافهم، بطلان الحكم لصدوره من غير تلاوة تقرير التلخيص بل ومن غير أن يوضع - أصلاً - تقرير تلخيص، واستندوا في إثبات هذا الوجه من أوجه الاستئناف إلى ما هو ثابت بملف القضية الابتدائية - ولما كان الحكم المطعون فيه قد بني قضاءه برفض هذا الوجه من أوجه الاستئناف على ما ورد به من أن الطاعنين لم يقدموا دليلاً عليه، في حين أن ملف القضية الابتدائية الذي استندوا إليه في الإثبات كان تحت نظر المحكمة، فإن هذا الحكم يكون قد أقام قضاءه في هذا الخصوص على ما يخالف الثابت في الأوراق، من أن تقرير التلخيص لم يتل، وبذلك يكون مشوباً بالقصور في التسبيب - ولما كان الحكم المطعون فيه أحال في أسبابه فيما يتعلق ببيان وقائع الدعوى إلى ما هو وارد في شأنها بالحكم الابتدائي وذكر أنه يقر أسباب ذلك الحكم، وقد بني عليها قضاءه وانتهى في منطوقه إلى تأييد الحكم المستأنف رغم بطلانه على ما سلف بيانه - فإنه - الحكم المطعون فيه - يكون قد أيد حكماً باطلاً وأحال على عدم مما يبطله ويتعين لذلك نقضه.


(1) راجع نقض 20/ 12/ 1962 مجموعة المكتب الفني س 13 ص 1185.
(2) راجع نقض 23/ 5/ 1962 مجموعة المكتب الفني س 13 ص 658.

الطعن 320 لسنة 36 ق جلسة 21 / 1 / 1971 مكتب فني 22 ج 1 ق 20 ص 113

جلسة 21 من يناير سنة 1971

برياسة السيد المستشار/ إبراهيم عمر هندي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين الدكتور محمد حافظ هريدي، والسيد عبد المنعم الصراف، ومحمد صدقي البشبيشي، ومحمد سيد أحمد حماد.

----------------

(20)
الطعن رقم 320 لسنة 36 القضائية

أوراق تجارية. التزم. "تجديد الالتزام". تقادم. "تقادم مسقط".
إنشاء الورقة التجارية أو تظهيرها لتكون أداة وفاء لدين سابق. مؤداه. نشوء التزام صرفي جديد إلى جانب الالتزام الأصلي. للدائن الرجوع على المدين بدعوى الدين الأصلي. أو بدعوى الصرف. سقوط الدعوى الأخيرة بالتقادم الخمسي. لا يمنع الدائن من الالتجاء للدعوى الأخرى.

----------------
إنشاء الورقة التجارية أو تظهيرها لتكون أداة وفاء لدين سابق، يترتب عليه نشوء التزام جديد في ذمة المدين، هو الالتزام الصرفي، ونشوء هذا الالتزام لا يستتبع انقضاء الدين الأصلي بطريق التجديد طبقاً للمادة 354 من القانون المدني، التي تنص على أن التجديد لا يفترض، بل يجب أن يتفق عليه صراحة أو أن يستخلص بوضوح من الظروف، وأنه بوجه خاص لا يستفاد من كتابة سند بدين موجود قبل ذلك، ولا مما يحدث في الالتزام من تغيير لا يتناول إلا زمان الوفاء أو مكانه أو كيفيته، وهو ما يستتبع قيام الالتزام الجديد إلى جانب الالتزام الأصلي، ويبقي لكل منهما كيانه الذاتي، ومن ثم يصبح للدائن في حالة نشوء الالتزام الصرفي الرجوع على المدين بدعوى الدين الأصلي أو بدعوى الصرف، فإذا استوفي حقه بإحداهما، وامتنعت عليه الأخرى، وإذا سقطت دعوى الصرف بسبب إهمال حامل الورقة التجارية أو انقضت بالتقادم الخمسي، ظل الدين الأصلي قائماً، وكذلك الدعوى التي تحميه، ولا يرد على ذلك بأن التقادم الصرفي يقوم على قرينة الوفاء التي لا ينقضها إلا الإقرار أو النكول عن اليمين، وأن المطالبة بالدين الأصلي بعد انقضاء مدة التقادم الصرفي، مما يتنافر وهذه القرينة التي أقامها القانون، ذلك أن هذه القرينة إنما تتعلق بالدين الصرفي وحده، فتفرض أن هذا الدين قد تم الوفاء به وزالت بانقضائه العلاقة الصرفية، فيعود الوضع إلى ما كان عليه قبل إنشاء الورقة التجارية أو تظهيرها لاستقلال كل من الالتزامين.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن شركة مصر لتجارة السيارات أقامت الدعوى رقم 1264 سنة 1964 تجاري كلي القاهرة ضد أحمد ومحمد حسن الرماح تطلب الحكم بفسخ العقد المؤرخ 29/ 3/ 1958. وبتسليمها السيارة المبينة بالصحيفة خالية من كل تلف واعتبار ما دفع من الثمن حقاً خالصاً لها، وقالت شرحاً لدعواها إنه بموجب عقد مؤرخ 29/ 3/ 1958 باعت مؤسسة إدجار عيد قبل إدماجها في الشركة المدعية لأحمد ومحمد حسن الرماح سيارة النقل المبينة بها نظير ثمن قدره 2525 جنيهاً دفع منه مبلغ 900 جنيه عند التسليم واتفق على سداد الباقي على أقساط شهرية حرر بموجبها 14 سنداً إذنياً يستحق أولها في 5/ 5/ 1958. ويستحق أخرها في 5/ 6/ 1959 وتخلف المشتريان عن سداد الأقساط المستحقة في 5/ 7/ 1958، 9/ 1/ 1959، 5/ 5/ 1959 وتحرر عن كل منها احتجاج بعدم الدفع - ولما كان العقد قد نص على منع المشترين من التنازل عن السيارة أو التصرف فيها بأي وجه من الوجوه إلا بعد سداد جميع الأقساط، وفي حالة التخلف عن دفع أي قسط يكون للمؤسسة البائعة الحق في فسخ العقد مع الاحتفاظ بالأقساط المدفوعة وطلب استرداد السيارة وكانت قد تقدمت إلى قاضي الأمور الوقتية بطلب توقيع الحجز التحفظي الاستحقاقي على السيارة وقضى برفض طلبها فقد أقامت الدعوى بطلباتها سالفة الذكر. ودفع المدعى عليهما بسقوط الحق في المطالبة بقيمة السندات الإذنية بالتقادم الخمسي المنصوص عنه في المادة 194 من قانون التجارة وطلبت الشركة رفض هذا الدفع استناداً إلى أن أساس المطالبة يرجع إلى عقد البيع وأن الالتزامات الناشئة عن هذا العقد لا تتقادم بمضي خمس سنوات بل بخمس عشرة سنة - وفي 25/ 2/ 1965 حكمت المحكمة برفض الدعوى. واستأنفت الشركة هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة طالبة إلغاءه والحكم لها بطلباتها وقيد هذه الاستئناف برقم 373 سنة 82 قضائية، وفي 19/ 4/ 1966 حكمت تلك المحكمة برفض الاستئناف وبتأييد الحكم المستأنف، وطعنت الشركة في هذا الحكم بطريق النقض للأسباب الواردة في التقرير وعرض الطعن على هذه الدائرة حيث أصرت الطاعنة على طلب نقض الحكم ولم يحضر المطعون عليهما ولم يبديا دفاعاً وأصرت النيابة العامة على الرأي الوارد بمذكرتها وطلبت رفض الطعن.
وحيث إن مما تنعاه الشركة الطاعنة في السبب الأول على الحكم المطعون فيه أنه جرى في قضائه على أن الدعوى المرفوعة منها تعتبر من دعاوى الصرف التي تخضع للتقادم الخمسي المنصوص عليه في المادة 194 تجاري بمقولة "إنها إنما تستند في طلب الفسخ إلى عدم سداد باقي ثمن السيارة الثابت بالسندات الإذنية المقدمة في الدعوى، هو من الحكم خطأ ومخالفة للقانون ذلك أن النزاع مؤسس منذ البداية على عقد البيع الذي نص على الاحتفاظ للبائعة بملكية السيارة ومنع المشترين من التصرف فيها بأي نوع من أنواع التصرفات لحين قيامها بسداد جميع الأقساط و عندئذ تتحول هذه الأقساط من مقابل استهلاك وانتفاع إلى ثمن للمبيع وتتحول يدهما من يد عارضة إلى يد مالكة والذي حدد الطرفان موقفهما فيه فرتبا على عدم سداد أي قسط في موعد فسخ العقد بجرد حصول التأخير مما يمتنع معه على القاضي تقدير ظروف الفسخ وإمهال المشتري، كما حددا قيمة التعويض الذي يستحق للبائعة في حالة وقوع الفسخ تحديداً واضحاً لا يترك أي مجال لتقديره، وأقيمت الدعوى بهذه الطلبات استناداً إلى عقد البيع ولم يكن تقديم الشركة للسندات الإذنية التي لم يتم سدادها إلا بقصد إثبات تخلف المطعون عليهما عند تنفيذ التزاماتهما الواردة بالعقد والتدليل على صحة طلب الفسخ، ولكن المحكمة أخطأت تفسير موقف الشركة واعتقدت أنها تطالب بقيمة هذه السندات ورتبت على ذلك اعتبار الدعوى من دعاوى الصرف رغم إقرار المطعون عليهما في العقد بأن تحرير السندات الأربعة عشر بقيمة الأقساط لا تعتبر بأي شكل من الأشكال دليلاً على السداد أو تجديداً للدين أو تعديلاً لجوهره، وأنها حررت ليسهل على البائعة خصم قيمتها من البنوك، وهو ما يدل على أن جوهر الدين هو ثمن السيارة وأن سببه هو عقد البيع، وأن الدعوى المطروحة ليست من دعاوى الصرف التي تخضع للتقادم الخمسي المنصوص عليه في المادة 194 من قانون التجارة.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن إنشاء الورقة التجارية أو تظهيرها لتكون أداة وفاء لدين سابق يترتب عليه نشوء التزام جديد في ذمة المدين هو الالتزام الصرفي، ونشوء هذا الالتزام لا يستتبع انقضاء الدين الأصلي بطريق التجديد طبقاً للمادة 354 من القانون المدني التي تنص على أن التجديد لا يفترض بل يجب أن يتفق عليه صراحة أو أن يستخلص بوضوح من الظروف وأنه بوجه خاص لا يستفاد من كتابة سند بدين موجود قبل ذلك ولا مما يحدث في الالتزام من تغيير لا يتناول إلا زمان الوفاء أو مكانه أو كيفيته، وهو ما يستتبع قيام الالتزام الجديد إلى جانب الالتزام الأصلي ويبقى لكل منهما كيانه الذاتي، ومن ثم يصبح للدائن في حالة نشوء الالتزام الصرفي الرجوع على المدين بدعوى الدين الأصلي أو بدعوى الصرف، فإذا استوفي حقه بإحداهما امتنعت عليه الأخرى، وإذ سقطت دعوى الصرف بسبب إهمال حامل الورقة التجارية أو انقضت بالتقادم الخمسي ظل الدين الأصلي قائماً وكذلك الدعوى التي تحميه، ولا يرد على ذلك بأن التقادم الصرفي يقوم على قرينة الوفاء التي لا ينقضها إلا الإقرار أو النكول عن اليمين وأن المطالبة بالدين الأصلي بعد انقضاء مدة التقادم الصرفي مما يتنافر وهذه القرينة التي أقامها القانون، ذلك أن هذه القرينة إنما تتعلق بالدين الصرفي وحده فتفرض أن هذا الدين قد تم الوفاء به وزالت بانقضائه العلاقة الصرفية فيعود الوضع إلى ما كان عليه قبل إنشاء الورقة التجارية أو تظهيرها لاستقلال كل من الالتزامين. ولما كان الثابت من الوقائع التي أوردها الحكم أن الطاعنة تقدمت ابتداءً إلى قاضي الأمور الوقتية لتوقيع الحجز الاستحقاقي على السيارة محل العقد المؤرخ 29/ 3/ 1958 تنفيذاً لنصوصه وأنها أقامت دعوى الفسخ استناداً إلى العقد المذكور الذي نص صراحة على أن تحرير السندات الإذنية بقيمة الأقساط لا يعتبر بأي شكل من الأشكال دليلاً على السداد أو تجديداً للدين أو تعديلاً لجوهره، وكان الحكم المطعون فيه قد قضى برفض الدعوى استناداً إلى ما قرره من أنها مؤسسة على حق يستند إلى أحكام قانون الصرف ويتصل به اتصالاً وثيقاً لأنها إنما تستند في طلب الفسخ إلى عدم سداد المطعون عليهما باقي ثمن السيارة الثابت بالسندات موضوع الدعوى وأنها لذلك تخضع للتقادم الخمسي المنصوص عليه في المادة 194 من قانون التجارة، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تأويله وتطبيقه بما يستوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي الأسباب.

الطعن 1988 لسنة 32 ق جلسة 15 / 6 / 1991 إدارية عليا مكتب فني 36 ج 2 ق 145 ص 1427

جلسة 15 من يونيه سنة 1991

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد حامد الجمل - رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ محمود عبد المنعم موافي، إسماعيل عبد الحميد إبراهيم، د. محمود صفوت عثمان، أحمد شمس الدين خفاجي - نواب رئيس مجلس الدولة.

----------------

(145)

الطعن رقم 1988 لسنة 32 القضائية

تراخيص - ترخيص بناء - ترخيص بالتعلية - ميعاد البت في الطلب.
مفاد نصوص المواد 6، 7، 8 من القانون 106 لسنة 1976 في شأن توحيد وتنظيم أعمال البناء - المشرع أوجب على الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم فحص طلب الترخيص ومرفقاته والبت فيه خلال مدة لا تزيد على ستين يوماً من تاريخ تقديمه - اعتبر المشرع انقضاء تلك المدة دون البت في الطلب أو إعلان طالب الترخيص لاستيفاء ما ترى جهة الإدارة لزوم استيفائه بمثابة موافقة على طلب الترخيص - مؤدى ذلك: أن المشرع أقام قرينة قانونية مفادها اعتبار الطلب مقبولاً إذا انقضى الميعاد المقرر من تاريخ تقديم الطلب دون أن تقوم جهة الإدارة بإبلاغ طالب الترخيص بالاعتراض عليه أو ضرورة استيفاء بيانات أو مرفقات لازمة لاستصداره - أثر ذلك: أن القرينة القانونية التي أقامها الشارع على انقضاء أجل معين من تاريخ تقديم طلب الترخيص لا يكتمل كيانها إلا إذا ثبت أن طلب الترخيص كان موافقاً لصحيح حكم القانون مستوفياً لكل ما تطلبه القانون من شرائط - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الثلاثاء الموافق السادس من مايو سنة 1986 أودع الأستاذ عادل عبد الحليم حماده المحامي عن عبد الفتاح عوض عبد الرحمن - قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 1988 لسنة 32 القضائية في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (دائرة منازعات الأفراد والهيئات) جلسة السادس من مارس سنة 1986 في الدعوى رقم 4669 لسنة 36 القضائية المقامة من الطاعن ضد كل من محافظ القاهرة، ورئيس حي مصر القديمة، والخاص برفض الدعوى وإلزام المدعي المصروفات.
وطلب الطاعن - للأسباب الموضحة بتقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم باعتبار عدم البت في طلب الترخيص رقم 87 لسنة 1981 منطقة إسكان مصر القديمة حي جنوب القاهرة خلال ستين يوماً من تاريخ تقديمه منصرفاً مع إلزام المطعون ضدهما المصروفات.
وأعلن تقرير الطعن إلى المطعون ضدهما على الوجه المبين بالأوراق.
وقدم السيد الأستاذ المستشار عادل الشربيني تقرير هيئة مفوضي الدولة في الطعن، ارتأى فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً للأسباب المبينة في التقرير.
وقد عين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون لهذه المحكمة جلسة 24 من سبتمبر سنة 1990 وتدوول نظره بالجلسات على النحو المبين بمحاضرها، وبجلسة الأول من إبريل سنة 1991 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى هذه المحكمة التي نظرته بجلسة 11 من مايو سنة 1991، وفيها قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم 15 من يونيو سنة 1991. حيث صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة، والمداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية ومن ثم فهو مقبول شكلاً.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - تتحصل حسبما يبين من الأوراق، في أنه في الثاني من أغسطس سنة 1982 أقام المدعي (الطاعن) الدعوى الصادر فيها الحكم المطعون فيه بطلب الحكم بوقف تنفيذ (القرار السلبي) بالامتناع عن إصدار الترخيص بالتعلية فوق العقار المشار إليه بالطلب، وفي الموضوع باعتبار عدم البت في طلب الترخيص رقم 81 لسنة 1981 منطقة إسكان مصر القديمة خلال ستين يوماً من تاريخ تقديمه منصرفاً وذلك على سند من القول بأنه تقدم في شهر نوفمبر سنة 1981 بطلب إلى حي جنوب القاهرة للترخيص له بتعلية دورين بالعقار رقم 3 شارع عيد موسى المتفرع من شارع حسن الأنور، قسم مصر القديمة بالقاهرة، وفقاً للرسومات المرفقة بالطلب وقد قيد هذا الطعن برقم 78 لسنة 1981 ومضى على تقديمه أكثر من سبعة أشهر دون أن يبت فيه وأشار المدعي إلى أنه وفقاً للقانون، فإن فوات مدة ستين يوماً من تاريخ تقديم الطلب بالترخيص دون البت فيه يعتبر بمثابة موافقة على الترخيص، وخلص إلى طلب الحكم له بالطلبات سالفة البيان.
ورداً على الدعوى أودعت جهة الإدارة حافظة مستندات حوت كتاب حي مصر القديمة والمعادي بالرد على الدعوى والذي يتضمن أن المدعي تقدم في 29/ 11/ 1981 بطلب استخراج رخصة تعلية بالعقار المذكور وأنه بدراسة الطلب اتضح أنه يحتاج إلى وثيقة تأمين عن الترخيص المطلوب وقد أرسل طلب الترخيص إلى إدارة التحسين ونزع الملكية بالمحافظة للدراسة من ناحية مقابل التحسين في 2/ 1/ 1982 وقد وردت موافقة إدارة التحسين في 9/ 1/ 1982، وفي 7/ 2/ 1982 أرسل الطلب إلى إدارة التخطيط العمراني بالمحافظة للدراسة من الناحية التخطيطية، وفي 25/ 3/ 1982 جاءت موافقة هذه الإدارة، وفي 3/ 5/ 1982 أرسل خطاب إلى صاحب الشأن لإحضار وثيقة تأمين عن الترخيص المطلوب بواقع 2% من قيمة الترخيص المطلوب إلا أن المدعي قد نكل عن تقديم الوثيقة المطلوبة.
وقد رد المدعي على ما تقدم بأن أودع صورة الإخطار المرسل من شركة الشرق للتأمين إلى رئيس حي مصر القديمة والمعادي الذي يفيد أنه لا يجوز التأمين على أية أعمال بناء تقل عن عشرة آلاف جنيه وأن قيمة التعليات المطلوبة لا تجاوز 8800 جنيهاً.
وبجلسة 14 من مارس سنة 1983 قضت محكمة القضاء الإداري برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وألزمت المدعي المصروفات.
ثم بجلسة السادس من مارس سنة 1986 أصدرت المحكمة المذكورة حكمها برفض الدعوى وهو الحكم المطعون فيه.
وقد أقامت المحكمة قضاءها على أنه طالما أن المدعي لم يرفق بطلبه وثيقة تأمين، وإن جهة الإدارة قد أخطرته لاستيفاء هذا المستند، وأنه قد نكل عن تقديم الوثيقة ومن ثم فقد بات طلبه غير صالح للبت فيه، ومن ثم يكون امتناع جهة الإدارة عن إصدار الترخيص المطلوب صحيحاً ومطابقاً للقانون، وبالتالي يكون الطعن عليه على غير سند من القانون.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه قد صدر معيباً إذ أغفل دفاعاً جوهرياً للطاعن جاء به أنه كان قد تقدم بطلب الترخيص بالتعلية في 29/ 11/ 1981 مرفقاً به المستندات والرسومات، ولم يفحص هذا الطلب ولم يطلب منه بخطاب موصى عليه خلال ثلاثين يوماً من تاريخ تقديم الطلب استيفاء بعض البيانات أو المستندات أو المواصفات أو إدخال تعديلات في الرسومات وأما بشأن إخطار الجهة الإدارية للطاعن باستيفاء وثيقة التأمين فقد ردت شركة الشرق للتأمين على هذا الإخطار بأن قيمة مباني التعلية لدورين 8800 جنيهاً أي أقل من عشرة آلاف جنيه ومن ثم فهي معفاة من وثيقة التأمين، وعلى ذلك فقد أخطأ الحكم المطعون فيه إذ لم يطبق بشأن النزاع الماثل نص المادة السادسة من القانون رقم 106 لسنة 1976 لأن المركز القانوني للطاعن بأحقيته في الحصول على ترخيص قد اكتمل قبل الفحص بأحكام القانون رقم 2 لسنة 1982 الذي استلزم تقديم وثيقة تأمين ومن ثم خلص الطاعن إلى طلب الحكم له بالطلبات السالف بيانها.
ومن حيث إن واقعات النزاع الصادر فيه الحكم المطعون فيه تفيد أن المدعي (الطاعن) قد تقدم بطلب الترخيص له بتعلية دورين فوق العقار المملوك له في 29/ 11/ 1981، وأن جهة الإدارة ظلت تستوفي التحقق من توافر مختلف عناصر سلامة إجراء الترخيص من الجهات المختلفة ذات الصلة بالموضوع حتى استكمل الحصول على موافقتها ثم استبان أن الأوراق المقدمة من المدعي تنقص وثيقة التأمين اللازمة لاستكمال موافقاتها طلب الترخيص فطلب إلى المدعي استكمال هذا البيان في 3/ 5/ 1982.
وقد أخذ الطاعن على جهة الإدارة أنها تقاعست عن منحه الترخيص المطلوب عن الأجل المقرر لذلك قانوناً حتى صدر القانون رقم 2 لسنة 1982 متضمناً تعديلاً بنص المادة (8) من القانون رقم 106 لسنة 1976 في شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء منطوياً على إلزام طالب ترخيص التعلية بتقديم وثيقة تأمين، فطلبت منه جهة الإدارة تقديمها.
ومن حيث إن القانون رقم 106 لسنة 1976 في شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء ينص في المادة (6) على أن "تتولى الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم فحص طلب الترخيص ومرفقاته والبت فيه خلال مدة لا تزيد على ستين يوماً من تاريخ تقديمه.. وإذا ثبت للجهة المذكورة أن الأعمال المطلوب الترخيص فيها مطابقة لأحكام هذا القانون ولائحته والقرارات المنفذة له قامت بإصدار الترخيص...... أما إذا رأت تلك الجهة وجوب استيفاء بعض البيانات أو المستندات أو الموافقات أو إدخال تعديلات أو تصحيحات في الرسومات، أعلن الطالب بذلك بكتاب موصى عليه خلال ثلاثين يوماً من تاريخ تقديم الطلب، ويتم البت في هذه الحالة في طلبه الترخيص خلال ثلاثين يوماً من تاريخ استيفاء البيانات أو المستندات أو الموافقات المطلوبة أو تقديم الرسومات المعدلة.
وينص القانون المذكور في المادة (7) على أن "يعتبر بمثابة موافقة على طلب الترخيص انقضاء المدد المحددة للبت فيه، دون صدور قرار مسبب من الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم برفضه أو طلب استيفاء بعض البيانات أو المستندات أو الموافقات اللازمة أو إدخال تعديلات أو تصميمات على الرسومات، ويلتزم طالب الترخيص في هذه الحالة بمراعاة جميع الأوضاع والشروط والضمانات المنصوص عليها في هذا القانون ولائحته التنفيذية والقرارات الصادرة تنفيذاً له...." وكان هذا القانون ينص في المادة (8) قبل تعديلها على أنه لا يجوز صرف ترخيص البناء أو البدء في التنفيذ بالنسبة إلى الأعمال التي تصل قيمتها عشرة آلاف جنيه فأكثر إلا بعد أن يقدم طالب الترخيص وثيقة تأمين.
ومن حيث إن مقتضى هذه النصوص أن المشرع قد أوجب على الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم فحص طلب الترخيص ومرفقاته والبت فيه خلال مدة لا تزيد على ستين يوماً من تاريخ تقديمه، وقد اعتبر المشرع انقضاء تلك المدة دون البت في الطلب أو إعلان طالب الترخيص لاستيفاء ما ترى جهة الإدارة لزوم استيفائه بمثابة موافقة على طلب الترخيص.
ومن حيث إن مؤدى ذلك أن المشرع قد قدر أن مدة ستين يوماً هي مدة كافية لتقوم جهة الإدارة بفحص الطلب ودراسته وعرضه على جهات الاختصاص ذات الارتباط بالموضوع والتي يتعين الرجوع إليها في شأن إصدار الترخيص، بحيث يكون على جهة الإدارة أن توافق على الطلب خلال هذه المدة أو ترفضه رفضاً مسبباً، فإذا بدا لها أن تطلب ممن يقدم الطلب بعض الاستيفاءات كان لها أن تطلبها خلال الأجل الذي حدده القانون وهو ثلاثون يوماً من تاريخ تقديم الطلب وأن تطلبها بالأسلوب الذي حدده القانون كذلك وهو إرسالها بكتاب موصى عليه حتى يكون هناك وسيلة لإثبات اتخاذ الإجراء وإثبات تاريخ اتخاذه تكون الفيصل عند الحكم بين الطرفين أمام القضاء.
ومن حيث إن المشرع قد وضع هذه الضوابط في صورة مواعيد وإجراءات محددة حتى لا يترك طالبي الترخيص مصالحهم المشروعة تحت رحمة الإدارة، ولذلك فقد أقام قرينة قانونية مفادها اعتبار الطلب مقبولاً إذا انقضى الميعاد المقرر من تاريخ تقديم الطلب دون أن تقوم جهة الإدارة بإبلاغ طالب الترخيص بالاعتراض عليه أو ضرورة استيفاء بيانات أو مرفقات لازمة لاستصداره - ذلك أن استيفاء الطلب من جانب الجهات ذات الاتصال أو إجراء المزيد من البحث، يجب أن يتمخض خلال الأجل المقرر عن رفض صريح مسبب أو طلب استيفاء صريح وفقاً للإجراء المقرر وفي الميعاد المحدد، إذ أنه بغير ذلك الالتزام الدقيق بما حدده المشرع من مواعيد وإجراءات يمكن أن تظل الأوراق حبيسة الإدراج أو متداولة بيروقراطياً بين المكاتب بحجة البحث والاستقصاء وهي لسبب أو لآخر مؤدية إلى تعطيل مصالح المواطنين أصحاب هذه الطلبات وبالتالي تتأزم مشكلة الإسكان التي يعاني منها الغالبية العظمى من أبناء مصر الآن ولا يفوت المحكمة أن تبين أن المصلحة العامة هي التي تمثل بذاتها وفي مجموعها بالنسبة لمكانة المواطنين في الدولة المصلحة العامة في معناها الواقعي في زمن بذاته ذلك أن الغاية العامة من المجتمع الإنساني للأفراد منذ حضارات فجر التاريخ وأقدمها حضارة مصر القديمة العريقة هو الحفاظ على الصوالح الفردية الحقيقية للأغلبية العظمى من المواطنين والتي تتمثل في توفير الأمن والعدالة والسلامة والاستقرار والإشباع المستمر المنتظم لحاجاتهم الأساسية على سبيل التضامن والتعاون فيما بينهم، وما زالت هذه الغاية العامة من المجتمع البشرى في صورة الدولة الحديثة وفقاً لما هو في الإعلانات المختلفة لحقوق الإنسان وهذا هو ذاته ما تنص عليه صراحة أحكام الدستور المصري الصادر سنة 1971 فيما تضمنه من نصوص عن الدولة أو المقومات الأساسية للمجتمع (الباب الأول والباب الثاني) سواء الاجتماعية والخلقية أو الاقتصادية أو ما عني بأفراده بنصوص خاصة كالحريات والحقوق والواجبات العامة (والباب الثالث) وما انطوى عليه الباب الرابع من سيادة القانون وتنظيمها كأساس الحكم في الدولة في المواد (64 - 72) ومن ثم فإن المصلحة العامة التي يتعين أن تكون غاية كل تشريع وكل إجراء إداري ليست مجرد غايات مثالية وغير واقعية أو معنى مجرداً تصوراً شخصياً وذاتياً سواء لمواطن بذاته أو لموظف عمومي يباشر السلطة العامة خدمة للشعب أياً كان موقعه أو مستواه الإداري وإنما هي في حقيقتها أمر موضوعي عام وإن انبثق من صوالح المواطنين الأفراد ولكن تحديدها بمجموع واقع الصوالح الفردية المشروعة في مجموعها في وقت معين ومجموع هذه الصوالح المشروعة على امتداد الزمان.
ومن حيث إن مفاد ذلك أنه لا يجوز الادعاء من جانب جهة الإدارة بأنها تستهدف تحقيق الصالح العام حينما تهدر الصوالح الفردية المشروعة التي استهدف حمايتها المقاصد العامة للتشريع الوضعي بل جعلها الدستور ضمن غاياته العامة وبصفة خاصة عندما تهمل أو تهدر احترام أحكام التصرف الصريحة الإجرائية والموضوعية التي قصد بها المشرع عدم تعليق مصالح المواطنين في حالات الترخيص الإداري المسبق لفترات طويلة من الزمان دون مبرر.
ومن حيث إن مقتضى ما تقدم أنه طالما لم يقف في وجه القرينة القانونية التي وضعها الشارع لصالح الأفراد - ليتسنى لهم مباشرة حقهم الطبيعي والمشروع في الإسهام في إشباع حاجات المواطنين ما يحول دون قيامها - مستوفية شرائطها، مستكملة مقوماتها وإذا ما انتفى في ذات الوقت كل شك في قيام غش أو تدليس من جانب طالب الترخيص، لأن الغش كما هو مقرر يفسد كل شيء فإنه ينبغي إعمال هذه القرينة واحترامها وتنفيذ أثرها ومقتضاها من جانب جهة الإدارة فإن هي نكلت رغم ذلك عن أداء واجبها في احترام المشروعية وحقوق الأفراد وحريتهم الطبيعية في الإسهام بنشاطهم في توفير حاجاتهم الأساسية وحاجات مواطنيهم وجب القضاء بإلزامها بإعمال مقتضاها.
ومن حيث إن القرينة القانونية التي أقامها الشارع على انقضاء أجل معين من تاريخ تقديم طلب الترخيص لا يكتمل كيانها إلا إذا ما ثبت أن طلب الترخيص كان موافقاً لصحيح حكم القانون، مستوفياً لكل ما تطلبه القانون من شرائط.
ومن حيث إن البين من وقائع النزاع الماثل أن الطاعن قد تقدم بطلبه في 29/ 11/ 1981 وأن جهة الإدارة لم ترد على هذا الطلب إلا في 3/ 5/ 1982 وبعد أن انقضى على تقديم الطلب أكثر من ستين يوماً قبل أن ترد عليه جهة الإدارة بطلب تقديم وثيقة تأمين، ومن حيث إن مقطع النزاع الماثل ما إذا كان الطاعن قد تقدم بطلب خال من وثيقة التأمين حيث كان يتعين أن ترفق به طبقاً للقانون ولوائحه التنفيذية وعندئذ لا تقوم القرينة القانونية سالفة الذكر لعدم استكمال مقوماتها بعدم استيفاء الطلب لمرفقات الطلب اللازمة قانوناً، أم أن تقديم وثيقة التأمين لا سند لطلبها واشتراط إرفاقها بطلبه قانوناً، ومن ثم تقوم القرينة القانونية باعتباره مرخصاً له في المبني المطلوب إقامته مستكملة عناصرها ومقوماتها في حقه.
ومن حيث إن المادة (8) من القانون رقم 106 لسنة 1976 قبل تعديلها كانت تنص على أنه "لا يجوز صرف ترخيص البناء أو البدء في التنفيذ بالنسبة إلى الأعمال التي تصل قيمتها عشرة آلاف جنيه فأكثر إلا بعد أن يقدم طالب الترخيص وثيقة تأمين".
ومن حيث إن نص المادة (8) المشار إليها بموجب القانون رقم (2) لسنة 1982 بحيث أصبحت تجرى عباراته بأنه "لا يجوز صرف ترخيص البناء أو البدء في التنفيذ بالنسبة إلى الأعمال التي تصل قيمتها ثلاثين ألف جنيه، والتعليات بها بلغت قيمتها، إلا بعد أن يقدم طالب الترخيص وثيقة تأمين.
ومن حيث إن الثابت بالأوراق أن شركة الشرق للتأمين قد أخطرت رئيس حي مصر القديمة والمعادي في 14/ 3/ 1983 بخصوص الطلب المقدم من الطاعن بأنه لا يجوز التأمين بالنسبة للأعمال التي تقل عن عشرة آلاف جنيه استناداً إلى النص المشار إليه.
ومن حيث إن المادة الرابعة من القانون رقم (2) لسنة 1982 قد نصت على أن "ينشر القانون في الجريدة الرسمية ويعمل به من اليوم التالي لتاريخ نشره......" وقد نشر في الجريدة الرسمية بالعدد رقم (8) في 25/ 2/ 1982 أي بعد مضي أكثر من ستين يوماً على تاريخ تقديم الطاعن طلب الترخيص مستكملاً مقوماته واشتراطاته وعناصره على نحو لم تدحضه جهة الإدارة أو تنكره، فقد استكملت القرينة القانونية مقومات قيامها قبل العمل بالقانون الجديد الذي تطلب في التعليات مهما بلغت قيمتها تقديم وثيقة تأمين، ومن ثم فقد بات هناك التزام على جهة الإدارة تنفيذاً لأحكام القانون بمنح الطاعن وثيقة تثبت اعتبار التعلية مرخصاً بها قانوناً قبل العمل بالقانون الجديد حيث صدر القانون الجديد بعد أن تقرر هذا الحق للطاعن باستكماله مقوماته وشرائطه، ومن ثم فلا يغير صدور القانون الجديد من المركز القانوني الذي تقرر للطاعن بالفعل قبل صدوره إلا بنص صريح يقرر الأثر الرجعي الذي يشمل حالته وهو ما لم يحدث في القانون المذكور.
ومن حيث إن مقتضى تقاعس جهة الإدارة عن إعطاء الطالب ما يفيد التعلية التي طلبها للمبنى في حكم الترخيص بها قانوناً على أساس القرينة التي حددها على النحو سالف الذكر يعد قراراً إدارياً سلبياً غير مشروع وواجب الإلغاء.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد ذهب خلاف هذا المذهب، فإنه يكون قد صدر معيباً متعين الإلغاء.
ومن حيث إن من يخسر الدعوى يلزم بمصروفاتها عملاً بحكم المادة 184 مرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبإلغاء القرار السلبي بالامتناع عن منح الطاعن وثيقة تثبت اعتبار التعلية مرخصاً بها قانوناً على النحو المبين بالأسباب وألزمت المطعون ضدهما بالمصروفات.

الطعن 7 لسنة 28 ق جلسة 21 / 3 / 1963 مكتب فني 14 ج 1 ق 53 ص 337

جلسة 21 من مارس سنة 1963

برياسة السيد المستشار/ الحسيني العوضي، وبحضور السادة المستشارين: محمود القاضي، ومحمود توفيق إسماعيل، ولطفي علي، وحافظ محمد بدوي.

--------------

(53)
الطعن رقم 7 لسنة 28 القضائية

دعوى. "وقف الخصومة". حكم. "الأحكام القطعية". "حجية الحكم بالوقف".
الحكم بوقف الدعوى كلما رأت المحكمة تعليق أمر الفصل فيها على الفصل في مسألة أخرى. حكم قطعي لا يجوز العدول عنه دون أن يقوم الدليل على الفصل في المسألة الأخرى التي يتوقف عليها الحكم في موضوع الدعوى. عدول المحكمة الاستئنافية عن حكم الوقف مع تمسك الخصم بحجيته وعدم قيام الدليل على البت في المسألة الأخرى يعد إهداراً لحجية هذا الحكم.

-----------------
تعليق أمر الفصل في الدعوى على إجراء آخر ترى المحكمة ضرورة اتخاذه أو استيفائه والحكم بوقف الدعوى لهذا السبب حتى يتخذ هذا الإجراء أو يتم، يجعل حكم الوقف حكماً قطعياً فيما تضمنه من عدم جواز الفصل في موضوع الدعوى قبل تنفيذ مقتضاه بحيث يمتنع على المحكمة معاودة النظر في الموضوع دون أن يقدم لها الدليل على تنفيذ ذلك الحكم. فإذا كانت المحكمة الاستئنافية قد عدلت عن الحكم الصادر بوقف السير في الاستئناف حتى يفصل في مسألة أخرى وقضت في موضوع الاستئناف رغم تمسك الخصم بحجية حكم الوقف دون أن يقوم لديها الدليل على البت في تلك المسألة تنفيذاً لحكم الوقف السابق، فإن هذا العدول يعد إهداراً لحجية حكم الوقف مما يعيب الحكم الاستئنافي بمخالفة القانون ويستوجب نقضه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
حيث إن الوقائع حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن بعض عقارات وقف آمنة خاتون وفاطمة الزهراء قد نزعت ملكيتها للمنفعة العامة وأما باقيها وهو العقار الكائن بشارع الكومي قسم السيدة زينب فقد آل بطريق الاستبدال إلى طه عزت وعريان عطا الله نظير مبلغ 19000 ج وأودعت جملة حصيلة ثمن البدل ومقدارها 30220 ج خزينة المحكمة، وفي 9 ديسمبر سنة 1951 قررت هيئة التصرفات بمحكمة مصر الشرعية في المادتين 485 و487 لسنة 1951 المرفوعتين من المطعون عليه الأول وسائر المستحقين فرز وتجنيب نصيب الخيرات في مال البدل بحق الثلث وقسمة الباقي وقدره الثلثان على المستحقين وفقاً لأصل الاستحقاق وتعيين كل منهم ناظراً على نصيبه وحدد حق المطعون عليه الأول في جملة مال البدل بمبلغ 5036 ج و664 م بما يوازي 4 ط من 24 ط وبعد أن صدر القانون رقم 180 لسنة 1952 بإنهاء الوقف على غير الخيرات وجه طه عزت وعريان عطا الله إنذاراً إلى قلم الكتاب بعدم صرف ثمن العقار المستبدل لوجود حقوق عليه للغير، واستطلع قلم الكتاب الطاعنة (وزارة الأوقاف) عن رأيها فأنذرته بعدم صرف ثمن البدل المذكور لتعلق حقها به. وأقام المطعون عليه الأول على الطاعنة الدعوى رقم 3842 سنة 1955 مستعجل القاهرة وضمنها الوقائع السابقة وطلب الحكم بأحقيته في صرف مبلغ 1870 ج من خزينة المحكمة وهو ما يوازي حصته بواقع السدس في مال بدل أعيان الوقف بعد استبعاد ثمن العقار المستبدل إلى طه عزت وعريان عطا الله ودفعت الطاعنة بوصفها ناظرة على أوقاف قنصوه الخمسمائة والعنتبلي والحرمين الشريفين بأن حقها يتعلق بجميع مال البدل لما تلك الأوقاف من حقوق الحكر والجدر على جميع عقارات وقف خاتون والزهراء التي صار استبدالها وقضى في هذه الدعوى بعدم اختصاص القضاء المستعجل بنظرها. فأقام المطعون عليه الأول على الطاعنة دعوى الموضوع أمام محكمة القاهرة الابتدائية وقيدت لديها برقم 4704 سنة 1955 وقال بها إن النزاع في حقوق الحكر والجدر ينصب على العقار الكائن بشارع الكومي والذي استبدل إلى طه عزت وعريان عطا الله نظير مبلغ 19000 ج ولا يمتد هذا النزاع إلى عقارات الوقف الأخرى التي نزعت ملكيتها بمال بدل قدره 11220 ج وطلب لذلك الحكم بأحقيته إلى مبلغ 1870 ج قيمة حصته في ذلك المبلغ الأخير لخروجه عن دائرة المنازعة، وبعد أن ضمنت المحكمة الدعوى رقم 3482 سنة 1955 مستعجل القاهرة بمستنداتها قضت في 15 أكتوبر سنة 1956 للمطعون عليه بطلباته، وأثبتت في حكمها أن من مستندات المدعي (المطعون عليه الأول) بتلك القضية المنضمة صورة فوتوغرافية مسجلة من قرار المحكمة الشرعية في المادتين 485 و487 لسنة 1951 ويتضمن فرز وتجنيب حصة الطاعن في مال البدل ومقدارها 5036 ج و664 م، ثم استندت فيما قضت به إلى أن هذا القرار قد أصبح نهائياً وتحدد فيه حق المدعي بنسبة 4 ط من 24 ط من جميع مال البدل فثبتت أحقيته إلى مبلغ 1870 ج بواقع السدس من مبلغ 11220 ج وهو ثمن البدل عن العقارات التي لم تدع وزارة الأوقاف حقاً عليها. واستأنفت الطاعنة هذا الحكم إلى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 1222 سنة 73 ق واستندت فيما استندت إليه في استئنافها إلى أن ما قاله الحكم المستأنف من عدم منازعتها في مبلغ 11220 ج غير صحيح وفي 9 يونيو سنة 1957 قضت محكمة الاستئناف بوقف الدعوى حتى يفصل نهائياً بين طرفي الخصومة في ملكية المطعون عليه الأول لحصته التي يطالب بها - ثم عجلت الدعوى بناء على طلب المطعون عليه المذكور لحصوله على المستند المثبت لحصته وهو قرار المحكمة الشرعية في المادة 485 سنة 1951 وطلبت الطاعنة إعادة القضية إلى الموقوف لعدم زوال سبب الإيقاف وذكرت أنها رفعت الدعوى بطلب إبطال ذلك القرار وفي 14 ديسمبر سنة 1957 قضت المحكمة برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف. فقررت الطاعنة الطعن في ذلك الحكم بطريق النقض. وبعد استيفاء الإجراءات قدمت للنيابة العامة مذكرة برأيها بطلب رفض الطعن وبجلسة 17 مايو سنة 1961 قررت دائرة فحص الطعون إحالة الطعن إلى هذه الدائرة. وحدد لنظره أمامها جلسة 21 فبراير سنة 1963 وفيها صممت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إنه مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه مخالفته للقانون ذلك أنه عدل عن الحكم الصادر في 9 يونيو سنة 1957 بوقف الدعوى حتى يفصل نهائياً في ملكية المطعون عليه الأول لحصته في مال البدل واستند في ذلك العدول إلى أن المطعون عليه المذكور قدم بعد تعجيل الدعوى قرار محكمة مصر الشرعية في مادة التصرفات 485 لسنة 1951 المتضمن تحديد حصته في مال البدل مع أن المطعون عليه الأول كان قد أسس دفاعه أمام المحكمة الابتدائية على ذلك القرار كما قدمه ضمن مستنداته إلى محكمة الاستئناف قبل أن تصدر حكمها بوقف الدعوى. ولما صدر هذا الحكم ورفعت الطاعنة دعواها إلى المحكمة المختصة بطلب بطلان قرار المحكمة الشرعية السالف ذكره بادر المطعون عليه بسحبه من ملف الاستئناف ثم طلب تعجيل الدعوى من الإيقاف وأعاد تقديم القرار ذاته إلى الملف بمقولة إنه المستند الذي علق عليه الوقف ورغم تمسك الطاعنة بحجية الحكم بوقف الدعوى فقد أخطأ الحكم المطعون فيه إذ اعتبر أن سبب الوقف قد زال وقضى بناء على ذلك في الموضوع.
وحيث إن هذا النعي صحيح ذلك أنه يبين من الحكم الابتدائي أنه بني قضاءه بأحقية المطعون عليه الأول إلى حصته في مال البدل على القرار الصادر من محكمة مصر الشرعية في مادتي التصرفات رقم 485 و487 سنة 1951 والذي كان مودعاً بملف الدعوى، كما يبين من الأوراق أن المطعون عليه المذكور قدم إلى محكمة الاستئناف في 7 فبراير سنة 1957 صورة رسمية من القرار الشرعي المشار إليه، ثم قضت المحكمة في 9 يونيه سنة 1957 بوقف الدعوى حتى يفصل نهائياً في ملكية المطعون عليه الأول لحصته في مال البدل وقد أحالت المحكمة في أسبابها عند بيان وقائع الدعوى إلى ما ورد بشأنها في الحكم الابتدائي المتضمن تقديم قرار المحكمة الشرعية المشار إليه وأسست قضاءها بوقف الدعوى على "أن وزارة الأوقاف (الطاعنة) تنازع المستأنف عليه (المطعون عليه الأول) في ملكيته للنصيب الذي يطالب باستلام ثمنه وتدعى أن هذا النصيب يتعلق به حقوق لأوقاف قنصوه والحرمين والعنتبلي على أساس أن لهذه الأوقاف حقوق حكر وجدر مستندة في ذلك على حجة وقف آمنة خاتون وفاطمة الزهراء المقدمة بملف الدعوى... وأنها مزمعة رفع دعوى لإثبات هذه الحقوق" مما يقطع بأن قرار المحكمة الشرعية الصادر في المادتين 485 و487 لسنة 1951 كان تحت نظر المحكمة حين قضت بوقف الدعوى ولما كان يبين من الأوراق أن المطعون عليه الأول قد عجل الدعوى من الإيقاف ثم أودع بها مستنداته ومن بينها قرار المحكمة الشرعية المشار إليه والسابق تقديمه منه إلى المحكمة قبل الحكم بوقف الدعوى وقد عدل الحكم المطعون فيه عن الوقف وقضى في موضوع الدعوى استناداً إلى ما قاله من "أن المستأنف عليه الأول (المطعون عليه الأول) قدم الحكم الشرعي الصادر في المادتين 485 و487 لسنة 1951... وأنه يبين من هذا الحكم المقدم بعد التعجيل أن نصيب المستأنف عليه محدد بحكم انتهائي حائز لقوة الشيء المحكوم فيه فيكون السبب الذي من أجله أوقفت الدعوى قد زال أثره ولا داعي لإعادة القضية إلى الموقوف حيث إن هذا السبب قاطع في تحديد نصيب المستأنف عليه" ولما كان تعليق أمر البت في الدعوى على إجراء آخر ترى المحكمة ضرورة اتخاذه أو استيفائه ووقف الفصل فيها لهذا السبب حتى يتخذ هذا الإجراء أو يتم - يجعل حكم الوقف الصادر في هذا الشأن حكماً قطعياً فيما تضمنه من عدم جواز الفصل في موضوع الدعوى قبل تنفيذ مقتضاه ويتعين على المحكمة احترامه وعدم معاودة النظر في هذا الموضوع دون أن يقدم لها الدليل على تنفيذ ذلك الحكم. لما كان ذلك، فإن عدول المحكمة الاستئنافية عن حكم الإيقاف وفصلها في موضوع الاستئناف، رغم تمسك الطاعنة بحجية حكم الوقف حتى يفصل في النزاع على استحقاق مال البدل ودون أن يقوم لديها الدليل على البت في ذلك النزاع تنفيذاً لحكم الوقف السابق - إهدار لحجية ذلك الحكم مما يعيب الحكم المطعون فيه بمخالفة القانون ويستوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي الأسباب.

الطعن 278 لسنة 36 ق جلسة 21 / 1 / 1971 مكتب فني 22 ج 1 ق 19 ص 108

جلسة 21 من يناير سنة 1971

برياسة السيد المستشار/ إبراهيم عمر هندي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: السيد عبد المنعم الصراف، ومحمد صدقي البشبيشي، ومحمد سيد أحمد حماد، وعلي عبد الرحمن.

------------------

(19)
الطعن رقم 278 لسنة 36 القضائية

أهلية. "الحجر". "اختصاص". "اختصاص نوعي". حكم. "حجية الحكم". أحوال شخصية." ولاية على المال.
قضاء محكمة الأحوال الشخصية بتوقيع الحجر استناداً إلى توافر شرائطه من التصرفات الصادرة من المحجور عليه. لا يعد قضاء منها ببطلانها، إذ هي لا اختصاص لها في ذلك. هذا القضاء لا يحوز حجيه في دعوى بطلان التصرف.

--------------
تلتزم محكمة الأحوال الشخصية عند الفصل في طلب الحجر بالتحقيق من قيام الحالة الموجبة له في ذات المحجور عليه، فإن هي دللت على قيام تلك الحالة بالتصرفات الصادرة منه، فإنها لا تكون قد فصلت في أمر صحتها أو بطلانها، لأن ذلك لم يكن مطروحاً عليها ولا اختصاص لها به، وإنما تكون قد اتخذت من تلك التصرفات دليلاً على قيام موجب الحجر بالمحجور عليه، وهو ما لا يحوز حجيه في دعوى بطلان التصرف. وإذ كان الحكم المطعون فيه قد اعتبر أن الوصف الذي أضفاه حكم الحجر على تصرف المحجور عليه، بأنه ابتزاز مما يحوز قوة الأمر المقضي ورتب على ذلك الحكم بإبطال التصرف فإنه لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن السيد/ رفعت إبراهيم رضا بصفته قيماً على محمد سعيد إبراهيم المحجور عليه أقام الدعوى رقم 1210 سنة 1962 مدني كلي القاهرة ضد ورثة المرحوم محمد حسين حسن لاظو مدير الشهر العقاري طالباً الحكم ببطلان عقد البيع المشهر بتاريخ 17/ 3/ 1957 والصادر من المحجور عليه متضمناً بيعه أطياناً زراعية مساحتها 19 س، 5 ط، 5 ف موضحة الحدود بذلك العقد للمرحوم محمد حسين حسن لاظ. وقال بياناً للدعوى إنه لما كان المشتري وكيلاً للبائع فقد كان على بينة من نقص أهليته وكان يعلم قبل البيع أن طلباً بالحجر عليه قد قدم ومع ذلك فقد استغل فيه نقص الأهلية وتواطأ معه واستصدر منه ذلك العقد، وأنه لذلك اضطر إلى إقامة الدعوى بطلباته سالفة الذكر. وأجاب ورثة المشتري على الدعوى بأن البيع قد تم قبل تسجيل قرار الحجر ولم يكن نتيجة استغلال أو تواطؤ وإنما اضطر البائع إليه لسداد ديون عليه للبنك العقاري مضمونة برهن على أطيانه التي تبلغ أكثر من 59 فداناً. وبتاريخ 7/ 6/ 1965 حكمت المحكمة بإبطال عقد البيع سالف الذكر واستأنف ورثة المشتري هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة طالبين إلغاءه ورفض الدعوى وقيد استئنافهم برقم 1364 سنة 82 قضائية، وبتاريخ 29/ 3/ 1966 حكمت المحكمة برفض الاستئناف وبتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وبالجلسة المحددة لنظره أمام هذه الدائرة صممت النيابة على هذا الرأي.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقولون إن محكمة أول درجة أقامت قضاءها بإبطال عقد البيع استناداً على ما قالته من حجية عبارة وردت في أسباب حكم الحجر الصادر من محكمة الاستئناف للأحوال الشخصية نصها "أنه بلغ من استغلال محمد حسين لاظ للمحجور عليه أنه ابتز من أطيان المحجور عليه خمسة أفدنه وزيادة" فلما استأنف الورثة ذلك الحكم عابوا عليه الخطأ في تطبيق القانون لأن تلك العبارة لا حجية لها ولأن المحكمة حجبت نفسها عن بحث صحة العقد أو بطلانه تحت ستارها، ورغم ذلك فقد أخذت محكمة الاستئناف بأسباب الحكم الابتدائي مما يعيب حكمها كذلك بالخطأ في تطبيق القانون، كما أن محكمة الاستئناف قد أضافت إلى ما تقدم قولها إن المشتري كان أجيراً لدى البائع بمرتب شهري قدره جنيهان وهو ما ينبئ عما وقر في وجدانها من أن المشتري لم يكن يملك ثمن الأطيان التي اشتراها، مع أن الورثة كانوا قد قدموا مستخرجاً رسمياً يثبت أن مورثهم كان يملك منذ سنة 1934 ما يزيد على ثلاثة عشر فداناً ولفتوا نظر المحكمة إلى ملاءته غير أنها لم تلتفت إلى هذا الدفاع الجوهري ولو فعلت لتغير وجه الرأي في الدعوى ولذلك يكون الحكم المطعون فيه مشوباً أيضاً بالقصور.
وحيث إن هذا النعي صحيح، ذلك أنه بالرجوع إلى الحكم الابتدائي الذي أحال عليه الحكم المطعون فيه يبين أنه أقام قضاءه بإبطال عقد البيع الصادر من المحجور عليه إلى مورث الطاعنين على قوله "أنه تبين من الاطلاع على حكم محكمة الاستئناف الذي قضى بتوقيع الحجر على البائع أنه استند في قضاءه إلى أن مورث المدعى عليهم الذي كان من عمال البائع قد ابتز بالعقد موضوع الدعوى من المحجور عليه خمسة أفدنة، وحيث إن الحكم السالف الذكر بقوله أن عقد البيع موضوع الدعوى الحالية كان من قبيل استغلال البائع يحوز حجية الأمر المقضي لارتباطه بمنطوقه بحيث يعتبر المنطوق نتيجة حتمية لهذه الأسباب ويتعين تطبيق الفقرة الثانية من المادة 115 من القانون المدني التي تقضي ببطلان التصرف الصادر قبل تسجيل قرار الحجر، ولا محل للبحث بعد ذلك فيما إذا كان التصرف سابقاً على تسجيل طلب الحجر حسبما يقول به المدعى عليهم أم قبله ما دام هذا التصرف باطلاً أو قابلاً للإبطال حيث توافرت فيه الشروط المنصوص عليها في المادة 115/ 2 مدني" وذكر الحكم المطعون فيه "إن محكمة أول درجة قد أصابت في الحكم بإبطال هذا العقد ويكون الحكم المستأنف في محله للأسباب التي بني عليها والتي تأخذ بها هذه المحكمة وتعتبرها أسباباً لها" وهذا الذي أورده الحكم ينطوي على الخطأ في تطبيق القانون، ذلك أن ما يلزم محكمة الأحوال الشخصية عند الفصل في طلب الحجز هو التحقيق من قيام الحالة الموجبة له في ذات المحجور عليه فإن هي دللت على قيام تلك الحالة بالتصرفات الصادرة منه فإنها لا تكون قد فصلت في أمر صحتها أو بطلانها لأن ذلك لم يكن مطروحاً عليها ولا اختصاص لها به، وإنما تكون قد اتخذت من تلك التصرفات دليلاً على قيام موجب الحجر بالمحجور عليه وهو ما لا يجوز حجية في دعوى بطلان التصرف، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد اعتبر أن الوصف الذي أضفاه حكم الحجر على تصرف المحجور عليه لمورث الطاعنين بأنه ابتزاز مما يحوز قوة الأمر المقضي، ورتب على ذلك الحكم بإبطال التصرف فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون. وإذ كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أضاف في أسبابه أن الثابت من أوراق الدعوى أن المشتري كان أجيراً لدى البائع بمرتب شهري قدره جنيهان وكان ورثة المشتري - على ما هو ثابت بالأوراق - قد قدموا إلى محكمة الاستئناف مستخرجاً رسمياً دالاً على أن مورثهم كان يملك منذ سنة 1934 أطياناً زراعية مساحتها 13 ف و14 ط و8 س مستدلين به على ملاءته، وكانت محكمة الاستئناف لم تعرض لهذا الدفاع وذكرت أنه مجرد أجير يتقاضي أجراً قدره جنيهان، وكان ما ذكرته من أن استغلال المشتري للبائع ثابت في خطابات للبائع ومن زواجه من إحدى قريبات المشتري ليس من شأنه أن يؤدي بذاته إلى إثبات الاستغلال أو التواطؤ وهو مناط الحكم بإبطال العقد، فإن الحكم يكون مشوباً بالقصور كذلك.
وحيث إنه لما تقدم يتعين نقض الحكم المطعون فيه دون حاجة إلى بحث باقي أسباب الطعن.

الطعن 3040 لسنة 34 ق جلسة 8 / 6 / 1991 إدارية عليا مكتب فني 36 ج 2 ق 144 ص 1420

جلسة 8 من يونيه سنة 1991

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ عبد المنعم عبد الغفار فتح الله - نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ يحيى السيد الغطريفي ومحمد مجدي محمد خليل وعطيه الله رسلان ود. فاروق عبد البر السيد - المستشارين.

-----------------

(144)

الطعن رقم 3040 لسنة 34 القضائية

عاملون مدنيون بالدولة - تأديب - الدعوى التأديبية - حق الدفاع - الإخلال به 

- بطلان الحكم يجب أن يعلن العامل بالمخالفات المنسوبة إليه بقرار الإحالة للمحاكمة حتى يتمكن من الدفاع عن نفسه - إذا رأت المحكمة محاكمة المخالف عن مخالفات أخرى غير واردة في قرار إحالته إلى المحكمة يتعين إعلانه بهذه المخالفات ليتمكن من الحضور بنفسه أو بوكيل عنه للإدلاء بدفاعه وتقديم ما يؤيد هذا الدفاع من أقوال ومستندات أو أن يواجه في الجلسة بكل مخالفة من المخالفات التي رأت محاكمته عنها والتي لم ترد في قرار الإحالة أو الإعلان الذي أرسل إليه - الإخلال بهذا الإجراء الجوهري - مؤداه - إهدار حق الطاعن في الدفاع عن نفسه عن هذه المخالفات - الأثر المترتب على ذلك: بطلان الحكم - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الخميس الموافق 11/ 8/ 1988 أودع الأستاذ/ أحمد الشافعي المحامي نائباً عن الأستاذ/ عصمت الهوراي المحامي بصفته وكيلاً عن الطاعن ....... قلم كتاب هذه المحكمة تقرير طعن قيد بجدولها برقم 3040 لسنة 34 قضائية، في القرار الصادر من مجلس تأديب العاملين بمحكمة جنوب القاهرة الابتدائية بجلسة 30/ 6/ 1988 في الدعوى التأديبية رقم 48 لسنة 1987 - تأديب جنوب القاهرة المقامة ضد الطاعن، والذي قضى بمجازاته بالفصل من الخدمة جزاء له عما أسند إليه مع حفظ حقه في المعاش أو المكافأة.
وطلب الطاعن - للأسباب الواردة في صحيفة طعنه - الحكم بقبول الطعن شكلاً ووقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وصرف مرتب الطاعن، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه بكافة أجزائه ومشتملاته، وما يترتب عليه من آثار مادية ووظيفية وقانونية، وفي جميع الأحوال إلزام المطعون ضده المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وبتاريخ 15/ 8/ 1988 أعلنت صحيفة الطعن إلى المطعون ضده، وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً برأيها في الطعن وطلبت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً، ووقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وفي الموضوع بإلغاء الحكم الصادر من محكمة جنوب القاهرة الابتدائية بجلسة 30/ 6/ 1988 في الدعوى التأديبية رقم 48 لسنة 1987 فيما قضى به من مجازاة الطاعن بالفصل من الخدمة، وإعادة الدعوى إلى المحكمة التأديبية المذكورة للفصل فيها مجدداً من هيئة أخرى.
وحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 11/ 4/ 1990 وتدوول بجلساتها على النحو المبين بمحاضرها حتى قررت بجلسة 23/ 1/ 1991 إحالة الطعن إلى هذه المحكمة لنظره بجلسة 23/ 2/ 1991، فنظرته بهذه الجلسة ثم قررت بجلسة 30/ 3/ 1991 إصدار الحكم بجلسة 11/ 5/ 1991 ثم مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم 8/ 6/ 1991 لإتمام المداولة، وفي هذه الجلسة صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى سائر أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن وقائع الموضوع تخلص - حسبما يبين من الأوراق - فيما نسب إلى الطاعن إبان عمله بمحضري المعادي الجزئية من أنه خالف القانون والتعليمات في تنفيذ البروتستو رقم 7246، إذ استلمه بتاريخ 30/ 12/ 1986 ولم يرده إلا في 21/ 1/ 1987 وكان عقد البروتستو بمبلغ 24500 جنيه مما يدعو للشك والريبة، وكان من الواجب عليه تنفيذه في نفس يوم استلام البروتستو موضوع التحقيق وقد أجرت الجهة الإدارية تحقيقاتها في هذه المخالفة وخلصت إلى ثبوتها في حقه وطلبت مجازاته إدارياً، وبالفعل صدر القرار بمجازاته بخصم خمسة أيام من راتبه، إلا أنه بعرض الأمر على السيد المستشار مساعد وزير العدل لشئون المحاكم طلب إحالته إلى مجلس التأديب.
وبتاريخ 13/ 9/ 1987 أصدر السيد المستشار رئيس محكمة جنوب القاهرة الابتدائية قراراً بإحالة/........ المحضر بدائرة محكمة جنوب القاهرة الابتدائية (الطاعن) إلى مجلس التأديب لمحاكمته عما نسب إليه من مخالفته للقانون عند تنفيذ البروتستو رقم 7246 وتم إرفاق الشكاوى أرقام 75 لسنة 1987 و76 لسنة 1987 والمذكرات أرقام 184/ 87 و325/ 87 و826/ 86 و566/ 1986 التي تضمنت أن المتهم (الطاعن) أثبت في الإعلان رقم 1721 أنه سلمه لجهة الإدارة ولكن تبين أنه لم يسلم الصورة لقسم الشرطة، كما تأخر في تنفيذ 53 ورقة.
وبجلسة 30/ 6/ 1988 أصدر مجلس التأديب قرار بمجازاة المتهم (الطاعن) بالفصل من الخدمة مع الاحتفاظ بحقه في المعاش أو المكافأة، وقد أسس المجلس قراره على أن الثابت في حق المتهم عند تنفيذه للبروتستو محل الاتهام، أنه لم يقم بتنفيذه في موعده المحدد، ودفع ذلك بأنه لم يكن قد تبين رقم المبلغ المطلوب رغم وضوحه كتابة بالحروف الأبجدية وأمهل المنفذ ضده حتى سلمه له يوم 18/ 1/ 1987 وكان متعيناً تنفيذه يوم 30/ 12/ 1986، وتلك أشد حالات الإهمال الجسيم في العمل كما أنه عند تنفيذ الإعلان 1721 وما أثبته به على خلاف الحقيقة جناية تزوير في محرر رسمي من موظف عام، فضلاً عن عدم رده أوراق الإعلانات الواردة بالمذكرات المرفقة فإنه يعد ذلك جناية اختلاس لأوراق سلمت إليه بسبب وظيفته، ورأت المحكمة أن ما اقترفه المتهم جسيم الأمر الذي ترى معه إبعاده عن الوظيفة التي يشغلها حماية للوظيفة منه.
ومن حيث إن الطاعن يقيم طعنه على السببين الآتيين:
أولاً: البطلان في الإجراءات مما أثر في الحكم المطعون فيه: فقد أعلن بواقعة واحدة هي الواقعة الخاصة بتنفيذ البروتستو رقم 7246، إلا أن المحكمة التأديبية قامت بضم شكاوى عدة كان لها أثرها في صدور الحكم المطعون فيه دون علم الطاعن بها، كما أنه سبق مجازاته عن واقعة البروتستو بالخصم من المرتب لمدة خمسة أيام، كما أن الكمبيالة موضوع التحقيق كانت تتضمن الرقم عدا بـ 2450 جنيه وأنه لم يتنبه للتفقيط بالحروف الأبجدية للمبلغ وقد أثبت المحقق ذلك في محضر التحقيق بعد اطلاعه عليه، وقد خشي الطاعن قيامه بتحرير محضر بالواقعة خشية عدم قيام المدين بسداد المبلغ نتيجة هذا المحضر.
ثانياً: أدان مجلس التأديب الطاعن في مخالفات لم يتضمنها قرار الاتهام الذي سبق أن أعلن به وتسلم صورة منه، وهذه المخالفات تتمثل في الشكاوى أرقام 75 لسنة 1987 و76 لسنة 1987 والمذكرات أرقام 184 لسنة 1987 و325 لسنة 1987 و377 لسنة 1987 و826 لسنة 1986 و566 لسنة 1986 وكذلك الإعلان رقم 1721 الذي قال في شأنه مجلس التأديب أن الطاعن أثبت أنه سلمه لجهة الإدارة ولكنه تبين أنه لم يسلم الصورة لقسم الشرطة، وكذلك تأخر الطاعن في تنفيذ 53 ورقة.
وهذا فضلاً عن عدم التناسب بين الهفوات البسيطة التي ارتكبها الطاعن وبين الجزاء الموقع عليه وهو الفصل.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن السيد رئيس محكمة جنوب القاهرة الابتدائية أصدر قراراً بإحالة الطاعن إلى مجلس التأديب لمخالفته التعليمات والقانون في تنفيذ البروتستو رقم 7246 إذ استلمه في 30/ 12/ 1986 ولم ينفذه ولم يرده إلا يوم 21/ 1/ 1987، وقد تسلم الطاعن صورة من قرار الإحالة هذا في 26/ 1/ 1988 ووقع بأنه علم بالجلسة التي ستنعقد لمحاكمته تأديبياً في 2/ 2/ 1988.
ومن حيث إن مجلس التأديب لم يقتصر في محاكمة الطاعن على المخالفة سالفة الذكر فقط، وإنما أرفق الشكاوى أرقام 75 لسنة 1987 و76 لسنة 1987 والمذكرات أرقام 184 لسنة 1987، 325، 327 لسنة 1987، 826 لسنة 1986، 566 لسنة 1986 والتي تضمنت أن الطاعن أثبت في الإعلان رقم 1721 أنه سلمه لجهة الإدارة، ولكن تبين أنه لم يسلم الصورة لقسم الشرطة كما تأخر في تنفيذ 53 ورقة، واستناداً إلى ارتكاب الطاعن هذه المخالفات قم بتوقيع جزاء الفصل من الخدمة على الطاعن.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن الطاعن علم في 26/ 1/ 1988 بقرار الإحالة الذي أسند إليه مخالفة وحيدة هي مخالفته القانون عند تنفيذ البروتستو رقم 7246، وعند إعلانه في 23/ 4/ 1988 بتغيير تشكيل هيئة مجلس التأديب وإعادة الدعوى للمرافعة وتأجيلها لجلسة 15/ 5/ 1988، اكتفى الإعلان بالإشارة إلى قرار الاتهام والإحالة المتعلق بها المعلن إلى الطاعن في 26/ 1/ 1988، أي أن الإعلان يؤكد أن ما هو منسوب إلى الطاعن وسيحاكم من أجله هو فقط مخالفته القانون عند تنفيذ البروتستو رقم 7246، يؤيد ذلك أن الطاعن حضر جلسة مجلس التأديب في 2/ 2/ 1988 - وسألته المحكمة عن الاتهام المسند إليه فبرره بضغط العمل وبأن المبلغ محل الكمبيالة قد سدد بالكامل أي أن الطاعن لم يحل إلى المحاكمة ولم يبد دفاعه إلا عن مخالفة وحيدة هي مخالفته تنفيذ البروتستو رقم 7246، وإذ جوزي الطاعن عن هذه المخالفة وعن مخالفات أخرى لم يعلن بها ولم يبد دفاعه فيها، فإن هذا يمثل إخلالاً بالضمانات الأساسية الواجب توافرها له، لأن مجلس التأديب وقد أراد محاكمة الطاعن عن مخالفات أخرى غير واردة في قرار إحالته إلى المحكمة، كان يتعين عليه أن يعلنه بهذه المخالفات ليتمكن من الحضور بنفسه أو بوكيل عنه للإدلاء بدفاعه وتقديم ما يؤيد هذا الدفاع من أقوال وأوراق، أو يواجهه في الجلسة بكل مخالفة من المخالفات التي رأى محاكمته عنها والتي لم ترد في قرار الإحالة أو في الإعلان الذي أرسل إليه، أما وأن مجلس التأديب لم يفعل فإنه يكون قد أخل بإجراء جوهري ترتب عليه إهدار حق الطاعن في الدفاع عن نفسه عن هذه المخالفات، الأمر الذي يترتب عليه بطلان الحكم المطعون فيه.
ومن حيث إنه لا يغير مما سبق ما ورد في وقائع القرار الصادر من مجلس التأديب بأنه بسؤال المتهم عن المخالفة الأولى أجاب بأنه قام بتوريد كامل المبلغ محل البروتستو، وبالنسبة لباقي التهم علل مخالفته القانون بكثرة الأعمال المسندة إليه، ذلك أن هذه العبارة وإن وردت في الوقائع التي ساقها قرار مجلس التأديب إلا أنها لم ترد على هذا النحو في محاضر الجلسات، إذ جاء في محضر جلسة 2/ 2/ 1988 ما يلي:
"وبالنداء حضر المحضر المتهم والمحكمة سألته عن الاتهام المسند إليه فبرره بضغط عمله وبأن المبلغ محل الكمبيالة قد سدد بالكامل" فإذا كان الاتهام المسند إلى الطاعن والذي علم به وقتذاك هو فقط مخالفة القانون عند تنفيذ البروتستو رقم 7246، فإن إجابة الطاعن تنصرف إلى هذه المخالفة ولا تتعداها إلى المخالفات الأخرى التي لم يخطر بها الطاعن هذا فضلاً عن أن مجلس التأديب كان عليه أن يواجه الطاعن بكل مخالفة لم ترد في قرار الإحالة ويسمع دفاعه فيها واحدة بعد أخرى حتى يحقق له ضمانة أساسية في المحاكمات التأديبية تتمثل في ضرورة كفالة حق الدفاع، أما وأن مجلس التأديب لم يفعل فإن قراره الصادر في هذا الصدد يكون معيباً ويتعين الحكم بإلغائه.
ومن حيث إن إلغاء القرار المطعون فيه لا يحول دون إعادة محاكمة الطاعن مجدداً من هيئة أخرى، مع توفير الضمانات الكافية له للدفاع عن نفسه عن كافة المخالفات التي تنسب إليه.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه.

الطعن 225 لسنة 36 ق جلسة 21 / 1 / 1971 مكتب فني 22 ج 1 ق 18 ص 100

جلسة 21 من يناير سنة 1971

برياسة السيد المستشار/ إبراهيم عمر هندي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: الدكتور محمد حافظ هريدي، والسيد عبد المنعم الصراف، ومحمد صدقي البشبيشي، ومحمد سيد أحمد حماد.

-----------------

(18)
الطعن رقم 225 لسنة 36 القضائية

(أ) شركات. "سلطة مجلس الإدارة". نظام عام.
سلطة مجلس إدارة الشركة المساهمة مقيدة بالغرض منها، وبالقواعد الآمرة في القانون.
(ب) شركات. "سلطة مجلس الإدارة". هبة. بطلان. "بطلان التصرفات".
الإبراء من الدين. عمل تبرعي محض. لا يملكه مجلس إدارة الشركة المساهمة إلا بالشروط الواردة في القانون.
(ج) شركات. "سلطة مجلس الإدارة". غير.
جميع القيود الواردة على سلطة مجلس الإدارة. في القانون أو نظام الشركة المشهر. حجة على الغير.
(د) شركات. "سلطة مدير الشركة". وكالة "الوكالة الظاهرة " عقد. "أثر العقد".
اعتبار الوكيل الظاهر نائباً عن الأصيل. مناطه. أن يكون المظهر الخارجي خاطئاً، وأن ينخدع الغير بهذا المظهر دون خطأ أو تقصير في استطلاع الحقيقة.

---------------
1 - إنه وإن كانت المادة 31 من نظام الشركة - شركة النيل لحليج الأقطان - تنص على أن لمجلس الإدارة أوسع سلطة في إدارة شئونها، إلا أن هذه السلطة يجب ألا تجاوز الغرض الذي أنشئت من أجله، كما أنها تخضع للقيود المقررة بمقتضى القواعد الآمرة الواردة في القانون.
2 - لما كانت المادة 40 من قانون الشركات - رقم 26 لسنة 1954 بشأن الشركات المساهمة - لا تجيز للشركة المساهمة تقديم أي تبرع إلا في الحالات وفي الحدود الواردة بها، واشترطت لصحة التبرع في جميع الأحوال صدور قرار من مجلس الإدارة بناء على ترخيص عام من الجمعية العمومية متى تجاوزت قيمة التبرع مائة جنيه. وإذ كان الثابت أن الدين الثابت في ذمة المدين - الشركة - مستحق الأداء وغير متنازع فيه. وكان الاتفاق - المبرم بين مدير الشركة والمدين - الذي تضمن التنازل عن جزء من الدين وعن الفوائد دون أي مقابل من جانب المدين لا يعتبر صلحاً وإنما إبراء من جزء من الدين، وهو عمل تبرعي محض، لا يملك مجلس الإدارة إجراءه أو إجازته، وبالتالي فلا يملك التنازل عن هذا الحق لأحد أعضائه أو لأحد المديرين، وإلا كان عمله باطلاً طبقاً لنص المادة 102 من القانون المذكور، كما أن المادة 31 من نظام الشركة وإن أعطت مجلس الإدارة سلطة إجراء التسويات والصلح والتنازل عن التأمينات، إلا أنها لم تخول له سلطة التنازل عن الديون لتعارض ذلك مع الغرض الذي قامت الشركة من أجله.
3 - متى كانت جميع القيود الواردة على سلطة مجلس الإدارة والمديرين سواء ما نص عليه في القانون أو في نظام الشركة الذي تم شهره، تعتبر حجة على مورث المطعون عليهم - المدين - لافتراض علمه بها، فإنه يكون خطأ، ما قرره الحكم المطعون فيه من أنه هذه القيود لا يحاج بها الغير لتعلقها بتوزيع العمل في الشركة.
4 - يشترط لاعتبار الوكيل الظاهر نائباً عن الموكل، أن يكون المظهر الخارجي الذي أحدثه هذا الأخير خاطئاً، وأن يكون الغير الذي تعامل مع الوكيل الظاهر قد انخدع بمظهر الوكالة الخارجي دون أن يرتكب خطأ أو تقصيراً في استطلاع الحقيقة. ولما كان تعيين المدير وفقاً لنظام الشركة المشهر - والذي صار حجة على الكافة - لا يترتب عليه خلق مظهر خارجي خاطئ من شأنه أن يخدع المتعامل معه، وكان المدين الذي اتفق معه على إبرائه من جزء من الدين المستحق في ذمته، لا يعتبر حسن النية لأنه كان يعلم أن هذا التصرف التبرعي لا يملكه مجلس الإدارة بغير ترخصي من الجمعية العمومية للمساهمين، ولا يملك توكيل غيره في إجرائه، ومن ثم فإن موافقة المدير على هذا الإبراء لا تكون حجة على الشركة الطاعنة لانعدام نيابته عنها في الحقيقة والظاهر.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن شركة النيل للحليج قبل اندماجها في الشركة الطاعنة طلبت من رئيس محكمة المنصورة الابتدائية صدور أمر بإلزام المرحوم يوسف الريدي "مورث المطعون عليهم" بأن يؤدي لها مبلغ 4254 جنيهاً قيمة السندات الإذنية الثلاثة المظهرة لها من شركة أندريا كمبورس وشركاه والفوائد القانونية بواقع 7% سنوياً من 15/ 12/ 1960 بالنسبة لمبلغ 2000 جنيه قيمة السند الأول، ومن 31/ 12/ 1961 بالنسبة لمبلغ 1054 جنيهاً قيمة السند الثاني، ومن 19/ 7/ 1961 بالنسبة لمبلغ 1200 جنيه قيمة السند الثالث حتى السداد. ولرفض إصدار الأمر أقامت الشركة الدعوى رقم 31 لسنة 1963 كلي المنصورة على المدين للحكم لها بطلبتها. وفي 28/ 4/ 1963 قررت المحكمة وقف الدعوى لمدة 3 شهور بناء على طلب الطرفين لإتمام الصلح. وبتاريخ 9/ 8/ 1963 قامت الشركة بتعجيل الدعوى بصحيفة قالت فيها إن محاميها اتفق مع المدعى عليه في 26/ 4/ 1963 على إبراء ذمته من باقي الدين وفوائده في حالة قيامه بدفع مبلغ 1000 جنيه في 10/ 5/ 1963، ودفع بمبلغ 1000 جنيه في آخر نوفمبر سنة 1963، فإذا تراخى عن دفع أي من هذين القسطين في موعده أصبح الاتفاق لاغياً وعلق نفاذ هذا الاتفاق على موافقة الشركة، ولما كان المدعى عليه لم يقم بسداد القسط الأول في موعده وكان مجلس إدارة الشركة قد رفض إقرار الاتفاق فإنه يكون لاغياً ويعود للشركة حقها في مطالبة المدين بأصل الدين وتوابعه بعد خصم ما دفعه منها. وطلب المدعى عليه رفض الدعوى استناداً إلى أن الشركة أقرت الاتفاق المشار إليه بخطابها المؤرخ 28/ 4/ 1963 الموقع عليه من مديرها أنطون ماركوناكي وأقرت فيه باستلامها شيكاً بقيمة القسط الأول، وأن الشركة بعد أن امتنعت عن قبول القسط الثاني عادت وقبلته عند عرضه عليها عرضاً رسمياً في 7/ 12/ 1963، ومن ثم فقد برئت ذمته من الدين وفقاً لنصوص هذا الاتفاق الذي أقرته الشركة وصار نافذاً في حقها، وتمسكت الشركة بعدم نفاذ هذا الاتفاق لإخلال المدين بشروطه من جهة ولأن المدير الذي أبدى الموافقة عليه لا يملك التصالح على حقوقها طبقاً لقانونها النظامي المشهر من جهة أخرى، وفي 29/ 3/ 1964 حكمت المحكمة برفض الدعوى، فاستأنفت الشركة هذا الحكم لدى محكمة استئناف المنصورة طالبة إلغاءه والحكم لها بطلباتها، وقيد هذا الاستئناف برقم 183 سنة 16 ق، وبتاريخ 5/ 3/ 1966 حكمت المحكمة برفض الاستئناف وبتأييد الحكم المستأنف، وطعنت الشركة في هذا الحكم بطريق النقض للأسباب الواردة في التقرير وعرض الطعن على هذه الدائرة حيث أصرت الطاعنة على طلب نقض الحكم، وطلب المطعون عليهم رفض الطعن وأصرت النيابة على رأيها الوارد بالمذكرة وطلبت قبول الطعن.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه في الأسباب الأول والثاني والخامس والسادس مخالفة القانون والخطأ في تأويله وتطبيقه والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك تقول إنها تمسكت في دفاعها لدى محكمة الموضوع بأن الاتفاق المؤرخ 26/ 4/ 1963 المبرم بين مورث المطعون عليهم ومحاميها لا يعتبر نافذاً في حقها لعدم موافقة الشركة عليه، وأن المدير الذي وقع خطاب الموافقة لا يملك التصالح على حقوق الشركة أو التنازل عنها بغير توكيل خاص من مجلس الإدارة، ورفض الحكم الأخذ بهذا الدفاع استناداً إلى أن المدير يعتبر من الغير في شأن توزيع العمل بالشركة وأنه بفرض أن ذلك المدير لا يملك الموافقة نيابة عن الشركة فإن الشركة نفسها قد أجازت الاتفاق لقبولها القسط الأول دون أي تحفظ ولسكوتها عن إنذار المدين بالرفض حتى تاريخ تعجيل الدعوى في 9/ 8/ 1963، هذا بالإضافة إلى أن موافقة المدير على الاتفاق تعتبر صحيحة في نطاق نظرية الوكالة الظاهرية لصدورها من وكيل يمثل الشركة ويملك التوقيع عنها في الظاهر، ولأن مورث المطعون عليهم كان حسن النية في اعتقاده تمثيل المدير لها وهذا الذي استند إليه الحكم خطأ ومخالفة للقانون إذ أن مجلس إدارة الشركة الطاعنة بوصفها شركة مساهمة هو الذي يتولى إدارة شئونها وإجراء أية تسوية أو صلح طبقاً للمادة 31 من قانونها النظامي الذي تم شهره وأصبح حجة على الكافة وطبقاً للمادة 21 من القانون رقم 26 لسنة 1954 بشأن الشركات المساهمة، ولازم ذلك ومقتضاه أن إقرار أحد المديرين للاتفاق المتضمن التنازل للمدين عن جزء من الدين لا يقيد الشركة ولا ينصرف أثره إليها، وما استخلصه الحكم من قبول القسط الأول بدون تحفظ من الشركة وعدم قيامها بإخطار المدين برفض الاتفاق حتى تاريخ تعجيل الدعوى للقول بإجازة الشركة للموافقة الصادرة من المدير هو استخلاص غير سائغ ويخالف الثابت في الأوراق لأن القسط المذكور دفع لخزينة الشركة رأساً وتم قبوله كجزء من دين يزيد عليه في تاريخ يختلف عن التاريخ الوارد بالاتفاق، وأن الشركة بمجرد علمها بهذا الاتفاق عرضت الأمر على مجلس الإدارة فرفض الموافقة عليه بتاريخ 27/ 6/ 1963 وأخطر محامي الشركة بهذا الرفض وبالمبادرة إلى تعجيل الدعوى والمطالبة بأصل الدين وفوائده، ولم يكن إرجاء تعجيل الدعوى بسبب رضاء الشركة بالاتفاق بل بسبب العطلة القضائية وإلى أن الدعوى كانت موقوفة، وإذ كان ذلك وكان مجلس الإدارة لا يملك مباشرة أي عمل يخرج عن الغرض الذي قامت الشركة من أجله أو يترتب عليه التنازل عن ديونها للغير، وكان الاتفاق المؤرخ 26/ 4/ 1963 يتضمن، إبراء مورث المطعون عليهم مما يزيد عن نصف الدين البالغ قدره 4254 جنيهاً عدا الفوائد دون أي مقابل من جانبه، وكان هذا الإبراء يعتبر تبرعاً يحظر على المجلس قبوله بغير ترخيص عام من الجمعية العمومية للمساهمين وإلا كان باطلاً عملا بالمادتين 40، 102 من قانون الشركات فإن موافقة المدير على هذا الإبراء تكون باطلة بطريق أولى، وإذ أقام الحكم قضاءه على صحة هذه الواقعة فإنه يكون مخطئاً في القانون، ولا يشفع للحكم قوله بعد ذلك إنه مع الفرض الجدلي بأن المدير لم يكن يملك الموافقة على الاتفاق فإن هذه الموافقة تعتبر قد تمت صحيحة في نطاق نظرية الوكالة الظاهرة، وذلك أن الشركة كانت ممثلة في النزاع قبل إبرام الاتفاق بمجلس الإدارة ورئيسه وهي واقعة ظاهرة لمورث المطعون عليهم، كما أن المحامي الحاضر عن الشركة ومع وكالته التي تبيح له الحضور والصلح رأى أن هذه الوكالة لا تغني عن صدور موافقة من الشركة وأوقفت الدعوى لمدة ثلاثة شهور للحصول على هذه الموافقة، وظهور هذه الحالة القانونية المستفادة من نصوص القانون الصريحة ومن أحكام ومن أحكام النظام الأساسي للشركة يحول دون إعمال النظرية التي استند إليها الحكم.
وحيث إن هذا النعي صحيح، ذلك أنه وإن كانت المادة 31 من نظام الشركة تنص على أن لمجلس الإدارة أوسع سلطة في إدارة شئونها، إلا أن هذه السلطة يجب ألا تجاوز الغرض الذي أنشئت الشركة من أجله، كما أنها تخضع للقيود المقررة بمقتضى القواعد الآمرة الواردة في القانون، ولما كانت المادة 40 من قانون الشركات لا تجيز للشركة المساهمة تقديم أي تبرع إلا في الحالات وفي الحدود الواردة بها، واشترطت لصحة التبرع في جميع الأحوال صدور قرار من مجلس الإدارة بناء على ترخيص عام من الجمعية العمومية متى تجاوزت قيمة التبرع مائة جنيه، وكان الثابت من تقريرات الحكم المطعون فيه أن الدين الثابت في ذمة مورث المطعون عليهم بموجب السندات الإذنية مستحق الأداء عن جزء من الدين قدره 2254 جنيهاً وعن الفوائد دون أي مقابل من جانب المدين وغير متنازع فيه، وكان الاتفاق المؤرخ في 26/ 4/ 1963 الذي تضمن التنازل لا يعتبر صلحاً وإنما إبراء من جزء من الدين وهو عمل تبرعي محض لا يملك مجلس الإدارة إجراءه أو إجازته، وبالتالي فلا يملك التنازل عن هذا الحق لأحد أعضائه أو لأحد المديرين، وإلا كان عمله باطلاً طبقاً لنص المادة 102 من القانون المذكور، كما أن المادة 31 من نظام الشركة وإن أعطت مجلس الإدارة سلطة إجراء التسويات والصلح والتنازل عن التأمينات إلا أنها لم تخول له سلطة التنازل عن الديون لتعارض ذلك مع الغرض الذي قامت الشركة من أجله. ومتى كان ذلك وكانت جميع هذه القيود الواردة على سلطة مجلس الإدارة والمديرين سواء ما نص عليه في القانون أو في نظام الشركة الذي تم شهره تعتبر حجة على مورث المطعون عليهم لافتراض علمه بها، فإنه يكون خطأ ما قرره الحكم من أن هذه القيود لا يحاج بها الغير لتعلقها بتوزيع العمل في الشركة، ولا يغير من ذلك قول الحكم "إنه مع الفرض الجدلي بأن المدير الموقع على الموافقة لم يكن يملك إصدارها وأن التسوية بمقتضى الخطاب المؤرخ 28/ 4/ 1963 قد تمت صحيحة من وكيل يمثل الشركة ويملك التوقيع عنها طبقاً لنظرية الوكالة الظاهرة لقيام مظهر خارجي خلقه الموكل (الشركة) بوضع المدير في منصبه يباشر سلطاته بمقر الشركة وأن النظام الأساسي يعطي مجلس الإدارة حق تعيين المديرين وأن يكل إليهم سلطة التوقيع عن الشركة، وأن هذا المظهر الخارجي الذي خلقته الشركة من شأنه أن يخدع مثل المدين ومن ثم ينصرف أثر تصرف الوكيل الظاهر إلى الموكل وتلزم الشركة بما عقده مع الغير باسمها نيابة عنها" ذلك أنه يشترط لاعتبار الوكيل الظاهر نائباً عن الموكل أن يكون المظهر الخارجي الذي أحدثه هذا الأخير خاطئاً وأن يكون الغير الذي تعامل مع الوكيل الظاهر قد انخدع بمظهر الوكالة الخارجي دون أن يرتكب خطأ أو تقصيراً في استطلاع الحقيقة، ولما كان تعيين المدير وفقاً لنظام الشركة المشهر والذي صار حجة على الكافة لا يترتب عليه خلق مظهر خارجي خاطئ من شأنه أن يخدع المتعامل معه، وكان مورث المطعون عليهم الذي اتفق معه على إبرائه من جزء من الدين المستحق في ذمته لا يعتبر حسن النية لأنه كان يعلم أن هذا التصرف التبرعي لا يملكه مجلس الإدارة بغير ترخيص من الجمعية العمومية للمساهمين وأنه لا يملك توكيل غيره في إجرائه، ومن ثم فإن موافقة المدير على قبول هذا الإبراء لا تكون حجة على الشركة الطاعنة لانعدام نيابته عنها في الحقيقة والظاهر، إذ كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه لم يلتزم هذا النظر فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يستوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.

الطعن 2846 لسنة 34 ق جلسة 8 / 6 / 1991 إدارية عليا مكتب فني 36 ج 2 ق 143 ص 1408

جلسة 8 من يونيه سنة 1991

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد حامد الجمل - رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة محمود عبد المنعم موافي وإسماعيل عبد الحميد إبراهيم ود. محمود صفوت عثمان وأحمد شمس الدين خفاجي - نواب رئيس مجلس الدولة.

------------------

(143)

الطعن رقم 2846 لسنة 34 القضائية

أ - دعوى الحكم في الدعوى - أسباب بطلان الأحكام - اشتراك مفوضي الدولة في إصداره.
المادة 146 من قانون المرافعات المدنية والتجارية الصادرة بالقانون رقم 13 لسنة 1986 التي تختص هيئة مفوضي الدولة بتحضير الدعوى وإعدادها للمرافعة وإبداء الرأي القانوني مسبباً بتقرير غير ملزم للمحكمة تودع فيها - إثر ذلك أعضاء هذه الهيئة وهم أعضاء بمجلس الدولة يؤدون واجبهم باعتبارهم أعضاء بمجلس الدولة بتجرد القضاة وحيدتهم باعتبار أن الهيئة التي يتشاركون في تكوين أدائها إعمال رسالتها جزء من كيان مجلس الدولة وتمثل في تشكيل المحاكم المختصة فإنهم يخضعون بالحتم والضرورة للمبادئ العامة الأساسية التي تحتم استغلال القاضي وحيدته ويحرده في أداء واجبه وتحقيق رسالته في إقامة العدالة وإعلاء سيادة القانون - نتيجة ذلك - إعداد تقرير هيئة مفوضي الدولة في أية دعوى يجعل من يشارك في إصدار حكمها من أعضائها غير صالح لنظرها والفصل فيها - أساس ذلك - فقده الصلاحية لأداء رسالة القاضي في دعوى أبدى وأيد كمفوض فيها مثله في ذلك باقي أعضاء المحكمة التي تفصل في الدعوى - تطبيق.
ب - دعوى - الحكم في الدعوى - الطعن في الأحكام - ولاية المحكمة الإدارية العليا عند نظر الطعن.
إذا شاب الحكم المطعون فيه بطلان جوهري يتحدد به إلى درجة الانعدام بسبب عدم صلاحية أحد أعضاء الهيئة لنظر الدعوى - يمتنع على المحكمة الإدارية العليا التصدي للفصل في موضوع الدعوى - أساس ذلك نظر الدعوى في هذه الحالة يعتبر بمثابة نظر الموضوع لأول مرة أمام المحكمة الإدارية العليا وبتطوى على إخلال جسيم بإجراءات التقاضي الأساسية التي تتصل بالنظام العام القضائي لما ينعوي عليه من تقويب درجة من درجاته - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الخميس الموافق 21/ 7/ 1988 أودع الأستاذ/ نبيل حسن متولي المحامي نائباً عن الأستاذ/ فتحي رجب المحامي بصفته وكيلاً عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن قيد رقم 2846 لسنة 34 القضائية عليا في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري دائرة منازعات الأفراد والهيئات في الدعوى رقم 2508 لسنة 36 ق بجلسة 7/ 6/ 1988 والقاضي بقبول الدعوى شكلاً وبرفضها موضوعاً وإلزام المدعي بالمصروفات وطلب الطاعن للأسباب المبينة بتقرير الطعن الحكم أولاً: بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه ثانياً: قبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون وتقرير ثبوت الجنسية المصرية وبإلغاء الحكم المطعون فيه وتقرير ثبوت الجنسية المصرية للطاعن وبإلغاء قرار عدم تجديد جواز سفره وإلزام المطعون ضده المصروفات.
وقد تم إعلان الطعن على الوجه المبين بالأوراق وقدم السيد المستشار/……… مفوض الدولة تقريراً بالرأي القانوني لهيئة مفوضي الدولة ارتأى للأسباب الواردة به تفصيلاً الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه ببطلان الحكم وإعادة الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري دائرة منازعات الأفراد والهيئات لنظرها من جديد في دائرة أخرى مع إبقاء الفصل في المصروفات.
وقد عين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 3/ 12/ 1990 وتداوول نظرها أمامها على النحو الثابت بمحاضر الجلسات حيث قررت بجلسة 4/ 3/ 1991 إحالته إلى المحكمة وتحدد لنظره أمامها جلسة 23/ 3/ 1991 وبعد أن استمعت المحكمة إلى ما رأت لزوماً لسماعه من إيضاحات ومرافعات الطرفين قررت حجزها للحكم بجلسة 20/ 4/ 1991 وبهذه الجلسة قررت مد أجل النطق بالحكم لجلسة 1/ 6/ 1991 لإتمام المداولة ثم قررت مد أجل النطق بالحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة والمداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الأوراق في أن الطاعن السيد/ فارس صادق الأباصيري المدعي أقام دعواه الصادر فيها الطعين ضد المطعون ضده السيد وزير الداخلية بصفته بعريضة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بتاريخ 30/ 12/ 1982 وقيدت برقم 2508 لسنة 36 ق وطلب المدعي في ختامها الحكم أولاً: بوقف تنفيذ قرار مصلحة وثائق السفر والهجرة والجنسية الصادر برفض تحديد جواز سفر المدعي ثانياً: وفي الموضوع باعتبار المدعي مصري الجنسية وبإلغاء قرار عدم تجديد جواز سفر للمدعي باعتباره مصري الجنسية مع إلزامه بالمصروفات والأتعاب وقال في بيان دعواه إنه يحمل جواز سفر مصري رقم 157101 أصدرته له مصلحة وثائق السفر والهجرة والجنسية بتاريخ 29/ 12/ 1975 وأثبتت فيه أنه صرف على أساس المادة الثانية من القانون رقم 82 لسنة 1958 بشأن الجنسية أي لي أساس أنه مولود لا بيتمتع بهذه الجنسية وبتاريخ أول يناير 1980 أعاد استخراج جواز سفر آخر رقم 3021 ولكن المصلحة حددت بمدة سنة على الجواز بألا يجدد قبل الرجوع إلى المصلحة بقسم الجنسية ثم تجددت الصلاحية مع إضافة نفس التحفظ وأضاف المدعي أنه فوجئ عند تقدمه لتجديد جواز سفره بامتناع المصلحة عن ذلك بزعم أنه من مواليد حيفا عام 1936 وأن عليه أن يثبت أنه من مواليد لأب مصري بينما سبق للمدعي عند استخراج جواز سفره رقم 157101 أن قدم شهادة ميلاده وثابت فيها أنه ولد لأبوين مصريين كما قدم بطاقته الشخصية الصادرة من سجل مدني مصر القديمة فتظلم إلى وزير الخارجية ولكن الوزارة لم ترد عليه.
واستطرد المدعي أنه من المعلوم صعوبة إثبات الجنسية الأصلية القائمة على حق الدم إذ تستلزم إثبات جنسية الفرد تعقب سلسلة الأجيال السالفة إلى ما لا نهاية وقد استقر القضاء المصري على الاعتداد بالحالة الظاهرة كقرينة قضائية تكفي في حد ذاتها لإثبات الجنسية الأصلية القائمة على حق الدم وهو ما يحمل في طياته التسليم بعدم إمكان اللجوء إلى دليل قطعي آخر ولا خلاف في الفقه حول كفاية الحالة الظاهرة كدليل لإثبات الجنسية المصرية الأصلية على حق الدم وأن الحالة الظاهرة متى توافرت لها مظاهرها الخارجية تكون حجة على تمتع الشخص بالجنسية المصرية وذلك ما لم يقدر الدليل على عكس ما تشهد به الحالة وقال المدعي إنه يحمل شهادة ميلاد تثبت أنه ولد في حيفا من أب مصري وأم مصرية وهي صادرة من حكومة الانتداب في فلسطين بتاريخ 20/ 6/ 1938 وأن والد المدعي بنى مقبرة له في مصر بتاريخ 26/ 2/ 1923 حيث دفن فيها بعد وفاته في 25/ 8/ 1974 وأن المدعي قام باستخراج شهادة ميلاد باعتباره من ساقطي القيد وأنه يحمل بطاقة شخصية مستخرجة من السجل المدني بمصر القديمة في 25/ 12/ 1975 وهي لا تعطى إلا للمصريين وأن مصلحة الجوازات وقد أصدرت للمدعي جواز سفر مصري وأعقبته بآخر وأن المدعي مقيد منذ سنوات في السجل التجاري وفي سجل المستوردين وباشر أعمال الوكالة التجارية باعتباره مصرياً وقد تحدد لنظر الشق المستعجل من الدعوى جلسة 20/ 4/ 1982 أمام محكمة القضاء الإداري والتي قررت 2/ 10/ 1982 إحالتها إلى هيئة مفوضي الدولة لتحضيرها وإعداد تقرير بالرأي القانوني في الدعوى بشقيها وتم تحضير الدعوى على النحو الثابت بالأوراق وقدم المدعي ثلاث حوافظ بالمستندات كما قدمت الجهة الإدارية حافظة مستندات تحوي ملف الإقامة وملف الجنسية الخاص بوالد المدعي وملف الإقامة الخاص بشقيقته وملف إقامة المدعي كما أودعت فتوى إدارة الفتوى لوزارة الداخلية ملف رقم 47/ 1/ 20/ 99 وفي 18/ 2/ 1982 التي انتهت إلى أن المدعي غير متمتع بالجنسية المصرية وخلص الحكم إلى أن الأوراق قد خلت مما يفيد تمتع والده المدعي بالجنسية المصرية باتصافه بالرعوية العثمانية وإقامته في مصر في الفترة من 5 من نوفمبر سنة 1914 حتى 10 مارس 1929 إذ لم يقدم والد المدعي ما يفيد ميلاده بمصر قبل 5 نوفمبر سنة 1914 ولم يثبت أيضاً وجوده وأن المدعي في إحدى الحالات الأخرى المنصوص عليها في القانون والتي اعتبرهم المشرع مصريين فإن المدعي لا يُعتبر مصرياً ما دامت لم تثبت لوالده الجنسية المصرية ولا يغير من هذا حصول المدعي على بطاقة شخصية صادرة من سجل مدني مصر القديمة أو على بطاقة استعدادية إذ أن هذه الوثائق لم تعد لإثبات الجنسية فضلاً عن أنه لا حجية لما أثاره المدعي من سبق صرف جواز سفر مصري له إذ إن حصول المدعي على جواز سفر مصري لا يعني وحده تمتعه بالجنسية المصرية التي حدد من يتمتع بها القانون ذاته.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل أن الحكم المطعون فيه قد شابه البطلان كما أن أنه قد خالف القانون ويتعارض مع ما استند إليه من أسباب قانونية مع المبادئ المستقرة في قضاء المحكمة الإدارية العليا في مسائل الجنسية على النحو الآتي:
أولاً: اشترك السيد المستشار....... اشترك في إصدار الحكم المطعون 1413 فيه بالرغم من أنه أعد تقرير هيئة مفوضي الدولة في القضية الصادر فيها الحكم وهو أمر مخالف للقانون ويجعل الحكم باطلاً.
ثانياً: لم يأخذ الحكم المطعون فيه بفكرة التوطن كأساس لاكتساب المدعي الجنسية المصرية وفقاً لحكم الفقرة لأولى من المادة الأولى من القانون رقم 26 لسنة 1975 والتي تنص على المتوطنين في مصر قبل 5 نوفمبر سنة 1914 من غير رعايا الدول الأجنبية المحافظين على إقامتهم فيها حتى تاريخ العمل بهذا القانون وتعتبر إقامة الأصول مكملة لإقامة الفروع وأن المستندات المقدمة من المدعي قطعت في توطن أسرته بمصر من قديم الزمان واتخاذها وطناً ثابتاً لهم فجد الطاعن كان يعمل بمصلحة السجون في أسيوط سنة 1899 ثم نقل إلى سجن طره وظل بها حتى سنة 1904 حيث استقال من الخدمة وأقام بعد ذلك بمدينة الفيوم حتى توفى ودفن بها سنة 1915 ثم كان أصل يرجع إلى والد جده الشيخ أحمد الأباصيري الذي كان - عمدة للجيزة (أبو صير) وبالنسبة لوالد الطاعن فقد ولد بالجيزة سنة 1903 وأقام بمدينة دسوق وثبت من تحريات فرع المباحث العامة بتاريخ 21/ 11/ 1954 وظل متوطناً بمصر حتى وفاته بالأميرية بالقاهرة ودفن بمقابر الليثي في المقبرة التي اشتراها من محافظ القاهرة في 26/ 12/ 1924 كما أطلقت محافظة الجيزة لقب الأسرة على شارع هام بالجيزة هو شارع الأباصيري.
3) أغفل الحكم المطعون فيه الرد على ما استند إليه المدعي من التمسك بثبوت الجنسية المصرية له تأسياً على توافر أركان الحالة الظاهرة في حالته ورغم أنه وفقاً لما قدمه من مستندات لوصفها تثبت أن شروط الحالة الظاهرة بعناصرها الثلاثة متوافرة فيه وهي الاسم والشهرة والمعاملة.
ومن حيث إنه يتعين بادئ بدء أن تتعرض المحكمة لوجه الطعن الذي يستند إلى أن الحكم المطعون فيه قد صدر مشوباً - بالبطلان لما شاب تشكيل هيئة المحكمة من اشتراك مفوض الدولة الذي كتب تقريراً بالرأي القانوني مسبباً لهيئة مفوضي الدولة في الدعوى.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن السيد المستشار....... كان عضواً في هيئة محكمة القضاء الإداري التي نظرت الدعوى الماثلة وأصدرت فيه رغم أنه سبق أن أبدى فيها عندما كان مفوضاً لدى هذه المحكمة وذلك بأن أعد التقرير الأصلي بالرأي القانوني الموقع من سيادته بصفته المقرر وقد تم اعتماده وإيداعه باسم هيئة الدولة المودع بملف الدعوى في 26 من نوفمبر سنة 1986.
ومن حيث إنه وفقاً لصريح أحكام الدستور فإن السلطة القضائية مستقلة وتتولها المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها وتصدر أحكامها وفق القانون من قضاة مستقلين لا سلطان عليهم في قضائهم لغير القانون ولا يجوز لأية سلطة التدخل في القضايا أو في شئون العدالة (المواد 165، 166، 169) وأن استقلال القاضي وحصانته ضمانان أساسيان لحماية الحقوق والحريات وحق الدفاع أصالة أو بالوكالة لكل إنسان وتصدر هذه الأحكام القضائية وتنفذ باسم الشعب ويكون الامتناع عن تنفيذها أو تعطيل تنفيذها من جانب الموظفين العموميين المختصين جريمة يعاقب عليها القانون (المواد 64، 65، 68، 72) ومن ثم فإنه من المبادئ العامة الأساسية في تنظيم القضاء المصري حتمية توفير الصلاحية في القاضي لنظر الدعوى بأن يكون مستقلاً ومحايداً وخالي الذهن من موضوع المنازعة لا يلزمه رأي أو يحرجه سلوك أو موقف أو صلة بالخصوم ولا يلزمه مسبقاً برأي فيما هو مطروح عليه من نزاع للفصل فيه كامل الهيبة باستقلال ضميره يرتفع على منصة القضاء لمباشرة ولايته على كل خصم وكل خصومة ولاءه واحترامه لسيادة الدستور والقانون، وغايته وهدفه أداء رسالته في إقامة العدالة بين المواطنين، وإعلاء كلمة الحق في ربوع وطنه وإرهاق كل تصرف أو عمل باطل وإنصاف المظلوم من المظالم، ومن حيث إنه تطبيقاً لهذه المبادئ الأساسية التي ورد عليها النص صراحة في الدستور تمكيناً للقضاء من أداء رسالته ومباشرة ولايته وقد نصت المادة 146 من قانون المرافعات الصادر بالقانون رقم 13 لسنة 1986 بأن يكون القاضي غير صالح لنظر الدعوى ممنوعاً من سماعها ولو لم يرده أحد الخصوم في أحوال معينة من بينها ما أقره في الفقرة (5) منها التي تنص على أنه قد أفتى أو ترافع عن أحد الخصوم في الدعوى أو كتب فيها ولو كان ذلك قبل اشتغاله بالقضاء أو كان قد سبق له نظرها قاضياً أو خبيراً أو محكماً أو كان قد أدى شهادة فيها، وتنص المادة (147) من هذا القانون على أن يقع باطلاً عمل القاضي أو قضاؤه في الأحوال المتقدمة الذكر ولو تم باتفاق الخصوم وإذا وقع هذا البطلان في حكم صدر من محكمة النقض جاز للخصم أن يطلب منها إلغاء الحكم وإعادة نظر الطعن أمام دائرة أخرى.
ومن حيث إنه وإن كانت هيئة مفوضي الدولة بمجلس الدولة لا تتولى إصدار أحكام في الأقضية والمنازعات التي تقضي فيها محاكم مجلس الدولة بل تقوم بتحضير الدعوى وإعدادها للمرافعة، وإبداء الرأي القانوني مسبباً بتقرير غير ملزم للمحكمة تودعه فيها، فإن أعضاء هذه الهيئة وهم أعضاء بمجلس الدولة يؤدون واجبهم في هذا الشأن باعتبارهم أعضاء بمجلس الدولة يتجرد القضاة وحيدتهم وباعتبار أن الهيئة التي يشاركون في تكوين أدائها وأعمال رسالتها جزء من كيان مجلس الدولة وتمثل في تشكيل المحاكم المختصة فإنهم يخضعون بالحتم والضرورة للمبادئ العامة الأساسية التي تحتم استقلال القاضي وحيدته وتجرده في أداء واجبه وتحقيق رسالته في إقامة العدالة وإعلاء سيادة القانون، ومن ثم فإن إعداد تقرير هيئة مفوضي الدولة في أية دعوى يجعل من يشارك في ذلك من أعضائها غير صالح لنظرها والفصل فيها بذاتها بعد ذلك كقاضي جالس في إحدى محاكم مجلس الدولة، وذلك لفقده الصلاحية لأداء رسالة القاضي في دعوى أبدى رأيه كمفوضي فيها مثله في ذلك مثل باقي أعضاء المحكمة التي تفصل في الدعوى في تشكيل المحكمة التي تتولى ذلك.
ومن حيث إنه تأسيساً على ما تقدم وإذا ثبت على الوجه الذي سلف بيانه أن أحد أعضاء المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه وهو المستشار محمود إبراهيم عطا الله قد لحق به سبب من أسباب عدم الصلاحية لنظر الدعوى يبطل تشكيل المحكمة ويبطل بالتالي كل ما صدر عنها من إجراءات أو أحكام بشأن ذات الدعوى، ومن ثم فإن الحكم الطعين يكون قد صدر باطلاً ويتعين لذلك القضاء بإلغائه.
ومن حيث إنه رغم أن الدعوى قد تكون مهيأة للفصل في موضوعها فإنه لا وجه للقول بأن المحكمة العليا تتصدى في هذه الحالة لنظرها والحكم فيها ذلك لأن قضاء هذه المحكمة جرى على أن الحكم المطعون فيه إذا شابه بطلان جوهري ينحدر به إلى درجة الانعدام بسبب عدم صلاحية أحد أعضاء الهيئة لنظر الدعوى فإنه يمتنع على المحكمة الإدارية العليا التصدي للفصل في موضوع الدعوى لأن ذلك يعتبر في حقيقة الأمر وواقع الحال وفقاً لصحيح حكم القانون بمثابة نظر الموضوع لأول مرة أمام المحكمة الإدارية العليا وينطوي ذلك بلا شك على إخلال جسيم بإجراءات التقاضي الأساسية التي تتصل بالنظام العام القاضي لما ينطو على الحالة الماثلة من تفويت درجة من درجاته التي نظمها قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 وفي ذلك إخلال جسيم بحق الدفاع يخالف صحيح أحكام الدستور والقانون هذا بالإضافة إلى أن التصدي للفصل في موضوع الدعوى من المحكمة الإدارية العليا إذا كانت الدعوى مهيأة للفصل في موضوعها وفقاً لما جرى عليه قضاء هذه المحكمة يستهدف طبيعته وغاياته حسم الدعوى أو المنازعة الإدارية بسرعة لتستقر الأوضاع أو المراكز القانونية للإدارة ومن تقاضيها على أساس سليم من المشروعية وسيادة القانون وبعد أن تستنفد محكمة أول درجة ولايتها وتفصل بحكم يعتد قانوناً بوجوده وصدوره وإن صدر مخالفاً للقانون بما يوجب على المحكمة الإدارية العليا مباشرة ولايتها في محاكمة الحكم بميزان القانون والشرعية وإنزال صحيح حكمه على الدعوى دون إخلال بأسس النظام العام للتقاضي أمام محاكم مجلس الدولة ومع مراعاة عدم الإخلال بأي وجه بحق الدفاع الذي كفله الدستور للمتقاضين (المادة 69 من الدستور)، ومن حيث إنه من الأسس الحاكمة للنظام العام القضائي لمحاكم مجلس الدولة أن محكمة القضاء الإداري وإن كانت تصدر أحكام نهائية واجبة النفاذ فإنها يجوز الطعن عليها أمام هذه المحكمة إذا شابها عيب مخالفة الحكم لصحيح أحكام القانون، وحتى يتحقق التطبيق السليم للقانون فإنه يتعين لمباشرة المحكمة الإدارية العليا لحقها في التصدي للفصل في موضوع الدعوى أن يكون الحكم الطعين صادراً من محكمة القضاء الإداري من هيئة مشكلة تشكيلاً صحيحاً ولم يقم بأحد أعضائها سبب من أسباب عدم الصلاحية لنظر الدعوى الأمر الذي يتعين معه إعادة القضية للفصل فيها مجدداً من دائرة أخرى من دوائر محكمة القضاء الإداري.
ومن إنه إذا لم يتم الفصل في الدعوى فإنه يتعين إبقاء الفصل في المصروفات تطبيقاً للمادة 184 مرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وبإلغاء الحكم المطعون فيه وأمرت بإعادة الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري للفصل فيها مجدداً من دائرة أخرى وأبقت الفصل في المصروفات.

الطعن 238 لسنة 27 ق جلسة 21 / 3 / 1963 مكتب فني 14 ج 1 ق 52 ص 335

جلسة 21 من مارس سنة 1963

برياسة السيد/ محمود عياد رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمود توفيق إسماعيل، وأميل جبران، ولطفي علي، وحافظ محمد بدوي.

------------------

(52)
الطعن رقم 238 لسنة 27 القضائية

(أ) نقض "الخصوم في الطعن". "التدخل الإنضمامي".
لا يجوز التدخل في الطعن بالنقض بالانضمام إلى المطعون عليهم المختصمين فيه إلا لمن كان خصماً في القضية التي صدر فيها الحكم المطعون فيه. لا يقبل طلب التدخل من دائن استعمالاً لحق مدينة المطعون عليه.
(ب) وكالة. "إنهاء الوكالة". نقض. "إجراءات نظر الطعن".
إنهاء المطعون عليها توكيلها إلى محاميها. انعدام صفته في تقديم مذكرة أو في الحضور عنها في الطعن. ادعاؤه بعدم جواز الانتهاء لصدور الوكالة لصالح الغير دون رضاء منه مع عدم تقديمه دليلاً على صحة هذا الادعاء. لا يجدي.

--------------
1 - لا يجوز التدخل في الطعن بالنقض - طبقاً للمادة 14 من القانون 57 لسنة 1959 التي تقابل المادة 435 من قانون المرافعات - بالانضمام إلى المطعون عليهم المختصمين فيه إلا لمن كان خصماً في القضية التي صدر فيها الحكم المطعون فيه ومن ثم فلا يقبل طلب التدخل من دائن استعمالاً لحق مدينه المطعون عليه طبقاً للمادة 235 من القانون المدني.
2 - إذا كانت المطعون عليها قد أنهت توكيلها إلى محاميها فإنه لم تعد له صفة في تقديم مذكرة أو الحضور عنها في الطعن ولو ادعى بعدم جواز إنهاء لصدورها لصالح الغير وذلك دون رضاء منه استناداً للمادة 715 من القانون المدني، متى كان المحامي لم يقدم الدليل على صحة هذا الإدعاء.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الأستاذ أحمد زكي الشيتي أقر أمام هذه المحكمة بأن شركة ماترياديس المطعون عليها الأولى قد أنهت التوكيل الصادر منها إليه وذلك قبل أن يقدم مذكرته في هذا الطعن ومن ثم فلا تكون له صفة في تقديم هذه المذكرة عن المطعون عليها المذكورة أو الحضور عنها في الطعن ولا عبرة بما يقوله من أنه كان ملحوظاً في هذا التوكيل أن الوكالة صادرة إليه أيضاً لصالح جمعية الأعضاء الدائنين المنضمين لبورصة العقود مما يمتنع معه على شركة ماترياديس عملاً بنص المادة 715 من القانون المدني إنهاء الوكالة بغير رضاء الجمعية سالفة الذكر أنه لم يقدم الدليل على صحة هذا القول وقد خلا التوكيل المقدم من الأستاذ الشيتي عن شركة ماترياديس مما يفيد ذلك.
وحيث إنه عن طلب جمعية الأعضاء المنضمين التدخل في الطعن بوصفها دائنة لشركة ماترياديس واستعمالا منها لحق هذه المدينة وذلك طبقاً للمادة 235 من القانون المدني فإن هذا الطلب غير مقبول لأنه طبقاً للمادة 14 من القانون رقم 57 لسنة 1959 التي تقابل المادة 435 من قانون المرافعات لا يجوز التدخل في الطعن بالانضمام إلى المطعون عليهم المختصمين فيه إلا من كان خصماً في القضية التي صدر فيها الحكم المطعون فيه ولم تكن الجمعية خصماً في ذلك الحكم.

الطعن 414 لسنة 34 ق جلسة 20 / 1 / 1971 مكتب فني 22 ج 1 ق 17 ص 93

جلسة 20 من يناير سنة 1971

برياسة السيد المستشار/ صبري أحمد فرحات، وعضوية السادة المستشارين: محمد نور الدين عويس، وعثمان زكريا علي، وحسن أبو الفتوح الشربيني، وأحمد ضياء الدين حنفي.

-----------------

(17)
الطعن رقم 414 لسنة 34 القضائية

(أ) دعوى. "الصفة في الدعوى". نقض "المصلحة في الطعن. دفوع.
مجلس الأقباط الأرثوذكس العمومي. بيان اختصاصاته في الأمر العالي الصادر في 14 مايو سنة 1883. اختصام البطريركية والمجلس المذكور. القضاء في موضوع الخصومة ضد المجلس وحده. النعي على الحكم فيما قضى به من عدم قبول الدعوى بالنسبة للبطريركية. لا جدوى فيه. المصلحة النظرية البحتة لا تصلح أساساً للطعن.
(ب) عمل. "عناصر عقد العمل". "راعي الكنسية".
البطريرك. اختصاصه برسامة القسس وترقيتهم ونقلهم وعزلهم وتجريدهم. له وحده الإشراف الإداري على جميع الأديرة والكنائس. حقه في أن يعهد بإدارة كنيسة أو أكثر إلى هيئة أو جمعية فتتولى الإدارة نيابة عنه. اعتبار عقود العمل المبرمة بين هذه الجمعيات والعاملين بها قائمة بينهم وبين البطريركية.

------------------
1 - الأمر العالي الصادر في 14 مايو سنة 1883 تصديقاً على لائحة ترتيب واختصاصات مجلس الأقباط الأرثوذكسيين العمومي، والمعدل بالقانون رقم 19 لسنة 1927، يجعل من اختصاصات هذا المجلس، وفقاً لنص المادة الثامنة، النظر في جميع ما يتعلق بالأوقاف الخيرية التابعة للأقباط الأرثوذكس عموماً، وكذا ما يتعلق بمدارسهم وكنائسهم وفقرائهم ومطبعتهم وكافة المواد المعتادة نظرها بالبطريكخانة. وإذ كان الثابت في الدعوى أن الطاعنين - ورثه راعي إحدى الكنائس - قد اختصموا فيها المطعون عليه الثالث بصفته وكيل المجلس الملي العام لطائفة الأقباط الأرثوذكس ولم يقتصروا على اختصام البطريكخانة، وكان الحكم المطعون فيه قد قضى في موضوع الخصومة مع المجلس، فإن النعي على الحكم فيما قضى به من عدم قبول الدعوى بالنسبة للمطعون عليه الأول بطريرك الطائفة والمطعون عليه الثاني الوكيل العام للبطريركية، يكون بغير جدوى، ولا يحقق للطاعنين سوى مصلحة نظرية بحته، وهي لا تصلح أساساً للطعن إذ الحكم برفض الدفع لا يلحق بهم في هذه الصورة ضرراً ما، ولا تعود عليهم من نقض الحكم في هذا الخصوص أية فائدة.
2 - مؤدى نص المادتين 3، 14/ رابعاً من الأمر العالي الصادر في 14 مايو سنة 1983 بالتصديق على لائحة ترتيب واختصاصات مجلس الأقباط الأرثوذكسيين العمومي والمعدل بالقانون رقم 19 لسنة 1927، أن البطريرك بوصفه رئيساً لمجلس الأقباط الأرثوذكس هو الذي يختص دون غيره برسامة القسس وترقيتهم ونقلهم من كنيسة إلى أخرى وعزلهم وتجريدهم وأنه وحده صاحب الحق في الإشراف الإداري والمالي على جميع أديرة الأقباط وكنائسهم، ولا يوجد ما يمنع من أن يعهد بإدارة كنيسة أو أكثر إلى هيئة أو جمعية فتتولى الإدارة بتفويض منه ونيابة عنه ولا تستطيع الخروج على النظام الذي رسمه لها، وتظل هذه الكنائس والقسس العاملون بها خاضعة لتبعيته وإشرافه وتعتبر عقود العمل المبرمة مع هؤلاء قائمة بينهم وبين البطريركية ولو اقتضى التنظيم المالي في هذه الكنائس صرف أجورهم من الهيئات أو الجمعيات التي تتولى الإدارة نيابة عن البطريرك، وإذ كان الثابت في الدعوى أن مورث الطاعنين قد رسم كاهناً لدى الهيئة الكنسية للأقباط الأرثوذكس في 16/ 9/ 1915 ثم نقل إلى كنيسة السيدة العذراء واستمر في عمله حتى توفى في 22/ 7/ 1961 ولم يكن قد صدر قرار بفصله من عمله، وكان الحكم المطعون فيه قد جرى في قضائه على انتهاء عقد عمله مع المجلس الملي في 1/ 1/ 1953 لانقطاع صلته به في هذا التاريخ وتقاضيه مرتبه بعد ذلك من كنيسة السيدة العذراء وهي لا تتبع المجلس الملي ولها ذمة مالية مستقلة عنه، فإن الحكم - وقد اجتزأ مدة العقد وهي متصلة ورتب على هذه التجزئة آثارها - يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن ورثة القمص يوحنا سيد اروس غالي أقاموا الدعوى رقم 1078 لسنة 1962 عمال القاهرة الابتدائية ضد غبطة البطريرك كيرلس السادس بصفته الرئيس الأعلى لجميع هيئات وكنائس طائفة الأقباط الأرثوذكس والمهندس يوسف سعد بصفته وكيل المجلس الملي العام لطائفة الأقباط الأرثوذكس والمهندس قسطنطين مرقص السبكي بصفته رئيس لجنة كنيسة السيدة العذراء بشارع مسرة والسيد - إبراهيم جرجس تادرس بصفته أمين صندوق اللجنة يطلبون الحكم بإلزام المدعى عليهم بأن يدفعوا لهم مبلغ 2543 جنيهاً، 750 مليماً مع المصاريف ومقابل أتعاب المحاماة. وقالوا بياناً للدعوى إن مورثهم يوحنا سيداروس غالي رسم كاهناً في 16/ 9/ 1915 وظل يعمل لدى الهيئات الكنسية الخاضعة لإشراف المدعى عليهم ثم صار راعياً بالكنيسة بأجر شهري مقداره 30 جنيهاً كان يتقاضاه من كنيسة السيدة العذراء بخلاف مبلغ 25 جنيه في المتوسط بصفة ثابتة مقابل ما كان يقوم به من خدمات في صلاة القداسات والجنازات والأكاليل وغيرها على ما جرى به العرف الكنسي، وإذ انتهى عقد العمل بوفاة مورثهم في 22/ 7/ 1961 ويستحق ورثته مكافأة نهاية الخدمة وتقدر وفقاً للمادتين 73 و82 من القانون رقم 91 لسنة 1959 بمبلغ 2337 جنيهاً و500 مليم يضاف إليها مقابل إجازات الخمس سنوات الأخيرة ومقداره 206 جنيهات و250 مليماً فقد انتهوا إلى طلب الحكم لهم بطلباتهم. دفع المدعى عليه الثالث بعدم قبول الدعوى بالنسبة للمدعى عليهما الأول والثاني وبسقوطها بالتقادم، استناداً إلى أن المدعى عليهما الأول والثاني لا صفة لهما في الدعوى وأن المجلس الملي هو المختص بإدارة شئون البطريركية، وقد انتهت علاقة المورث بالمجلس اعتباراً من شهر إبريل سنة 1953 وقطع مرتبه وأصبح يتقاضاه من كنيسة العذراء بشارع مسرة وهي لا تتبع المجلس الملي ولها ذمة مالية مستقلة، وأن الدعوى رفعت بعد مضي أكثر من سنة. وبتاريخ 9/ 2/ 1963 حكمت المحكمة حضورياً بضم الدفع بالسقوط للموضوع وقبل الفصل فيه بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المدعون بكافة طرق الإثبات القانونية بما فيها البينة أن أجر مورثتهم كان 55 جنيهاً شهرياً وللمدعى عليهم بصفاتهم نفي ذلك بذات الطرق. وبعد سماع الشهود عادت بتاريخ 15/ 6/ 1963 فحكمت حضورياً أولاً - بقبول الدفع بعدم قبول الدعوى بالنسبة للمدعى عليهما الأول والثاني وبعدم قبولها بالنسبة لهما. ثانياً - بقبول الدفع بسقوط حق المدعيين في مطالبة المدعى عليه الثالث بصفته بالمكافأة وبدل الإجازة وبسقوط ذلك الحق. ثالثاً - إلزام المدعى عليهما الرابع بصفته والخامس بصفته بأن يدفعا للمدعين مبلغ 188 جنيهاً و750 مليماً والمصاريف المناسبة وثلاثة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة، استأنف المدعون هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة طالبين إلغاءه والحكم لهم بطلباتهم وقيد هذا الاستئناف برقم 1405 سنة 80 قضائية كما استأنفه المدعى عليهما الرابع والخامس طالبين إلغاءه والحكم برفض الدعوى وقيد استئنافهم برقم 752 سنة 81 قضائية. وبتاريخ 26/ 4/ 1964 حكمت المحكمة حضورياً أولاً - بقبول الاستئنافين الأصلي والفرعي شكلاً ثانياً - وفي الموضوع برفضهما وبتأيد الحكم المستأنف، وطعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض للأسباب الواردة في التقرير وعرض الطعن على هذه الدائرة حيث أصر الطاعنون على طلب نقض الحكم ولم يحضر المطعون عليهم ولم يبد دفاعاً وقدمت النيابة العامة مذكرة وطلبت قبول الطعن.
وحيث إن حاصل السببين الأول والثاني أن الحكم المطعون فيه قضى بعدم قبول الدعوى بالنسبة للمطعون عليهما الأول والثاني مستنداً في ذلك إلى أن المطعون عليه الثالث يعتبر الممثل القانوني لهما وأن المجلس الملي له اختصاصات معينة لا علاقة لها باختصاصات البطريرك، وهو من الحكم خطأ ومخالفة للقانون لأنه وفقاً للأمر العالي الصادر في 14 مايو سنة 1883 الخاص بلائحة ترتيب واختصاصات مجلس الأقباط الأرثوذكس والمعدل بالقانون رقم 19 لسنة 1927 والقانون رقم 84 لسنة 1950 يعتبر المجلس الملي الممثل القانوني للبطريركية ومحلها المختار، وقد جعل القانون غبطة البطريرك رئيساً للمجلس ولم ينزع من البطريريكة شيئاً في اختصاصها ولا يوجد ما يمنع من مقاضاة الأصل والممثل القانوني له في الخصومة، هذا إلى أن الحكم أخذ بالدفع بعدم القبول الذي أبداه المطعون عليه الثالث مع أنه دفع خاص بالمطعون عليهما الأول والثاني ولا يجوز للخصم أن يبدي دفعاً نيابةً عن غيره من الخصوم متى كان هذا الدفع لا يتعلق بالنظام العام.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن الأمر العالي الصادر في 14 مايو سنة 1883 تصديقاً على لائحة ترتيب واختصاصات مجلس الأقباط الأرثوذكسيين العمومي والمعدل بالقانون رقم 19 لسنة 1927 يجعل من اختصاصات هذا المجلس وفقاً لنص المادة الثامنة النظر في جميع ما يتعلق بالأوقاف الخيرية التابعة للأقباط الأرثوذكس عموماً وكذا ما يتعلق بمدارسهم وكنائسهم وفقرائهم ومطبعتهم وكافة المواد المعتاد نظرها بالبطريكخانة، وإذ كان الثابت في الدعوى أن الطاعنين اختصموا فيها المطعون عليه الثالث بصفته وكيل المجلس الملي العام لطائفة الأقباط الأرثوذكس ولم يقتصروا على اختصام البطريكخانة، وكان الحكم المطعون فيه قد قضى في موضوع الخصومة مع المجلس، فإن النعي على الحكم فيما قضى به من عدم قبول الدعوى بالنسبة للمطعون عليه الأول بطريرك الطائفة والمطعون عليه الثاني الوكيل العام للبطريركية يكون بغير جدوى ولا يحقق للطاعنين سوى مصلحة نظرية بحته، وهي لا تصلح أساساً للطعن، إذ الحكم برفض الدفع لا يلحق بهم في هذه الصورة ضرراً ما، ولا تعود عليهم من نقض الحكم في هذا الخصوص أية فائدة.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنون في باقي أسباب الطعن أن الحكم المطعون فيه اعتبر عقد العمل الذي أبرمه المورث مع البطريركية منتهياً بنقله من العمل بكنائس البطريركية إلى كنيسة مسرة في سنة 1953 وقضى بسقوط حق الورثة في مطالبة المطعون عليه الثالث بمكافأة نهاية الخدمة مستنداً في ذلك إلى أن مورث الطاعنين كان يعمل كاهناً بكنائس البطريركية حتى سنة 1953 حيث نقل إلى كنيسة العذراء بمسرة وهي كنيسة لا تديرها البطريركية وإنما تديرها لجنة خاصة تشرف عليها ولا يمتد إشراف البطريركية إلى الالتزامات المالية، وهو من الحكم خطأ ومخالفة للقانون لأن البطريركية ويمثلها المجلس الملي هي التي تشرف على جميع الكنائس ولا يمكن تعيين كاهن أو نقله أو توقيع جزاء عليه إلا بموافقتها، وأن التنظيم المالي لطريقة دفع الأجور منها أو من جهة أخرى نيابة عنها لا يؤثر في تبعية الكاهن للبطريركية دينياً وإدارياً وهذه التبعية هي التي يقوم عليها عقد العمل وفقاً لنص المادة 42 من القانون رقم 91 لسنة 1959 والمادة 674 من التقنين المدني ولا شأن لها بالجهة التي يتقاضي منها العامل أجره، ولا يترتب على انتقال المورث من كنيسة إلى أخرى إنهاء عقد العمل، وقد حددت المادة 81 من القانون رقم 91 لسنة 1959 حالات الإنهاء على سبيل الحصر وليس من بينها نقل العامل من منشأة لأخرى تابعة لإشراف صاحب العمل نفسه، والثابت بملف خدمة المورث الذي قدمته البطريركية أنه نقل إلى كنيسة مسرة في 26/ 5/ 1942 بأمر المجلس الأكليركي التابع للبطريركية وهو ما يقطع بخضوع هذه الكنيسة ومورثهم لإدارة البطريركية وإشرافها.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن النص المادة الثالثة من الأمر العالي الصادر في 14 مايو سنة 1883 تصديقاً على لائحة ترتيب واختصاصات مجلس الأقباط الأرثوذكسيين العمومي والمعدل بالقانون رقم 19 لسنة 1927 على أن "يتولى رياسة المجلس حضرة البطريرك" والنص في المادة 14 منه على أن "يختص المجلس فيما يتعلق بالكنائس والأديرة بما يأتي،..... رابعاً - المحافظة على تنفيذ قوانين الكنيسة المتعلقة بقبول الرهبان بالأديرة ورسامة القسس وترقيتهم للرتب الكنيسة ومراقبة سيرهم" يدل على أن البطريرك بوصفه رئيساً لمجلس الأقباط الأرثوذكس هو الذي يختص دون غيره برسامة القسس وترقيتهم ونقلهم من كنيسة إلى أخرى وعزلهم وتجريدهم وأنه وحده صاحب الحق في الإشراف الإداري والمالي على جميع أديرة الأقباط وكنائسهم، ولا يوجد ما يمنع من أن يعهد بإدارة كنيسة أو أكثر إلى هيئة أو جمعية فتتولى الإدارة بتفويض منه ونيابة عنه ولا تستطيع الخروج على النظام الذي رسمه لها، وتظل هذه الكنائس والقسس العاملون بها خاضعة لتبعيته وإشرافه، وتعتبر عقود العمل المبرمة مع هؤلاء قائمة بينهم وبين البطريركية ولو اقتضى التنظيم المالي في هذه الكنائس صرف أجورهم من الهيئات أو الجمعيات التي تتولى الإدارة نيابة عن البطريرك. إذ كان ذلك وكان الثابت في الدعوى أن مورث الطاعنين رسم كاهناً لدى الهيئة الكنسية للأقباط الأرثوذكس في 16/ 9/ 1915 ثم نقل إلى كنيسة السيدة العذراء بشارع مسرة واستمر في عمله حتى توفى في 22/ 7/ 1961 ولم يكن قد صدر قرار بفصله من عمله، وكان الحكم المطعون فيه قد جرى في قضائه على انتهاء عقد عمله مع المجلس الملي في 1/ 1/ 1953 لانقطاع صلته به في هذا التاريخ وتقاضيه مرتبه بعد ذلك من كنيسة السيدة العذراء وهي لا تتبع المجلس الملي ولها ذمة مالية مستقلة عنه، فإن الحكم - وقد اجتزأ مدة العقد وهي متصلة ورتب على هذه التجزئة آثارها - يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه دون حاجة إلى بحث ما عدا ذلك من أسباب الطعن.