الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 25 مايو 2023

الطعن 3147 لسنة 32 ق جلسة 16 / 3 / 1991 إدارية عليا مكتب فني 36 ج 2 ق 82 ص 803

جلسة 16 من مارس سنة 1991

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ عبد المنعم عبد الغفار فتح الله - نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ يحيى السيد الغطريفي ومحمد مجدي محمد خليل ومحمد عبد الغني حسن ود. فاروق عبد البر السيد - المستشارين.

-------------------

(82)

الطعن رقم 3147 لسنة 32 القضائية

تعويض - (اختصاص) (عاملون مدنيون بالدولة) (مسئولية الإدارة).
متى تبين أن القرار المطعون فيه جاء في ظاهره نقلاً إلا أنه في الحقيقة قد تضمن جزاء تأديبياً مكملاً لجزاء سبق توقيعه على الطاعن بخصم يومين من راتبه فإن هذا القرار يكون معيباً بعيب مخالفة القانون - إلغاء قرار النقل - توافر أركان المسئولية التقصيرية الموجبة للتعويض عن الآثار المادية من جراء قرار النقل - التعويض عن الأضرار الأدبية - إلغاء قرار النقل وإعادة الموظف إلى عمله خير تعويض عما يكون قد لحق به من ضرر أدبي من ذلك القرار- تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم السبت الموافق 26/ 7/ 1986 أودع الأستاذ/ نبيل حسن متولي المحامي بصفته وكيلاً عن الطاعن...... قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 3147 لسنة 32 ق، وذلك طعناً في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية لوزارة التربية والتعليم بجلسة 27/ 5/ 1986 في الطعن رقم 2 لسنة 20 ق المقام من الطاعن ضد المطعون ضده بصفته والذي قضى برفض التعويض عن قرار نقل الطاعن رقم 5/ 1322 لسنة 1978.
وطلب الطاعن - للأسباب الواردة بتقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإلزام المطعون ضده بصفته بدفع ثلاثين ألفاً من الجنيهات المصرية للطاعن مع إلزامه بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن درجتي التقاضي.
وقد أعلن الطعن للمطعون ضده بصفته بتاريخ 1/ 9/ 1986 على الوجه الوارد بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً برأيها ارتأت فيه - للأسباب الواردة به - الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من رفض طلب التعويض عن القرار رقم 5/ 1322 لسنة 1978 وبإلزام الجهة الإدارية بأن تؤدي للطاعن التعويض الذي تراه المحكمة مناسباً.
وحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 11/ 4/ 1990 وتدوول على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، وبجلسة 14/ 11/ 1990 قررت تلك الدائرة إحالة الطعن إلى هذه المحكمة لنظره أمامها بجلسة 1/ 2/ 1990 فنظر أمامها بهذه الجلسة وما تلاها من الجلسات على النحو الثابت بالمحاضر حتى قررت بجلسة 16/ 2/ 1991 إصدار الحكم بجلسة اليوم، حيث صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماح الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى سائر أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن واقعات النزاع تخلص - حسبما يبين من الأوراق - في أن الطاعن كان قد أقام الدعوى رقم 5031 لسنة 37 ق أمام محكمة القضاء الإداري (دائرة العقود والتعويضات) بتاريخ 9/ 8/ 1983 طالباً الحكم بأحقيته في تعويض قدره ثلاثون ألفاً من الجنيهات عما أصابه من أضرار مادية وأدبية بسبب قرارات الهيئة المدعى عليها المخالفة للقانون وقال في بيان دعواه إنه يعمل بالهيئة المدعى عليها، وبتاريخ 22/ 2/ 1971 أصدرت الهيئة قراراها رقم 5/ 501 بنقله من إدارة التوزيع إلى إدارة التخطيط وذلك بقصد إخلاء درجة بإدارة التوزيع لترقية السيد/......... إلى وظيفة مدير هذه الإدارة فطعن على هذا القرار بالدعوى رقم 1794/ 25 ق أمام محكمة القضاء الإداري التي قضت فيها بجلسة 27/ 3/ 1985 بإلغاء القرار المشار إليه، إلا أن الهيئة المذكورة لم تقم بتنفيذ هذا الحكم فأقام الدعوى رقم 1293/ 31 ق طالباً الحكم بأحقيته في شغل وظيفة مدير إدارة التوزيع وبإلغاء قرار الهيئة الصادر بترقية..... إلى وظيفة مراقب عام التوزيع، وبجلسة 24/ 3/ 1983 قضت المحكمة بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد، وأنه بتاريخ 28/ 8/ 1978 أصدرت الهيئة قرارها رقم 5/ 1322 بنقله مرة أخرى من وظيفة مدير إدارة التوزيع للعمل عضواً للجنة المعاينة، فطعن على هذا القرار أمام المحكمة التأديبية للعاملين بوزارة الزراعة طالباً الحكم بإلغائه فقضت المحكمة بجلسة 27/ 11/ 1979 بإلغائه باعتباره جزاء مقنعاً، فقامت الهيئة بإصدار القرار رقم 5/ 294 بتاريخ 20/ 2/ 1982 بإلغاء القرار المشار إليه وإعادته مديراً للتوزيع مرة أخرى.
وقد نظرت محكمة القضاء الإداري الدعوى بطلب التعويض رقم 5031/ 37 ق على النحو المبين بمحاضر الجلسات، وبجلسة 2/ 6/ 1985 أصدرت حكمها الذي قضى برفض طلب التعويض عن قرار نقل المدعي الصادر في 22/ 2/ 1971 وألزمت المدعي بمصروفات هذا الشق، وبإحالة الدعوى بحالتها للمحكمة التأديبية للعاملين بوزارة الزراعة والإصلاح الزراعي للفصل في طلب التعويض عن القرار التأديبي الصادر في 28/ 8/ 1978، فأحيلت الدعوى للمحكمة التأديبية للتربية والتعليم وقيدت طعناً برقم 2/ 20 ق وتدوولت بالجلسات حتى حكمت المحكمة بجلسة 27/ 5/ 1986 برفض طلب التعويض عن قرار نقل الطاعن رقم 5/ 1322 لسنة 1978، وقد أقامت المحكمة قضاءها في ذلك على أن الهيئة المطعون ضدها قد أجرت مع الطاعن التحقيق رقم 11 لسنة 1978 الذي انتهى إلى صدور قرار بمجازاته بخصم يومين، وبناء على هذا الجزاء صدر القرار رقم 5/ 1322 لسنة 1978 بنقله على النحو المشار إليه، وبالتالي يكون القرار قد صدر غير مصطبغ بخطأ شخصي من مصدره، إذ رأت الجهة الإدارية أنه بناء على قرار الجزاء لا يصلح الطاعن لشغل وظيفة مدير إدارة التوزيع فأصدرت قرار النقل مستهدفة الصالح العام خاصة وأنه لا يبين من الأوراق أن الجهة الإدارية قد أساءت استعمال السلطة بالنسبة لهذا القرار، ويكون الطعن عليه قد أقيم على غير سند من القانون، وانتهت إلى إصدار حكمها المطعون فيه.
ومن حيث إن الطعن قد أقيم تأسيساً على أن الحكم المطعون في قضائه برفض طلب التعويض بمقولة عدم توافر الانحراف بالسلطة والخطأ الشخصي قد خلط بين مسئولية الموظف ومسئولية جهة الإدارة، وأن ركن الانحراف بالسلطة يتوافر في القرار المطعون عليه والقرارات الأخرى التي أصدرتها الجهة الإدارية ولم تتغيا فيها الصالح العام وإنما أرادت التنكيل بالطاعن وفقاً للثابت من حافظة المستندات التي قدمها للمحكمة التأديبية وما حوته من قرارات صدرت ضده بقصد الاضطهاد وتضييق سبل العيش والراحة في وجهه، وأن أركان المسئولية التقصيرية متوافرة في حق الجهة الإدارية.
ومن حيث إن الطعن الماثل ينصب على حكم المحكمة التأديبية لوزارة التربية والتعليم بجلسة 27/ 5/ 1986 (في الطعن المقيد أمامها برقم 2 لسنة 20 ق والمحال إليها بموجب حكم محكمة القضاء الإداري الصادر بجلسة 2/ 6/ 1985 في الدعوى رقم 5031/ 37 ق حيث قضت المحكمة الأخيرة بإحالة طلب التعويض من القرار التأديبي الصادر ضد المدعي في 28/ 8/ 1978 للمحكمة التأديبية للفصل فيه) والقاضي برفض طلب التعويض عن قرار نقل الطاعن رقم 5/ 1322 لسنة 1978.
ومن حيث إن الثابت بالأوراق أن المحكمة التأديبية للعاملين بوزارة الزراعة والإصلاح الزراعي قد حكمت - بجلسة 27/ 11/ 1979 في الطعن 1 لسنة 13 ق المقام من الطاعن ضد الهيئة العامة للإصلاح الزراعي - بإلغاء القرار رقم 5/ 1322 المشار إليه بنقل الطاعن من إدارة التوزيع إلى لجنة معاينة الأراضي، وأقامت هذا القضاء على أساس أن ذلك القرار صدر مستنداً إلى ذات الأسباب التي جوزي الطاعن من أجلها بخصم يومين من راتبه، الأمر الذي وجدته المحكمة لا يدع محلاً للشك في أن مصدر القرار قصد به توقيع جزاء على الطاعن مكمل للجزاء الأول، فيكون القرار وإن كان ظاهره نقلاً إلا أنه يستر جزاء تأديبياً لم يرد ضمن الجزاءات المنصوص عليها من القانون حصراً.
ومن حيث إن مناط مسئولية الإدارة عن قرارتها الإدارية هو قيام خطأ من جانبها بأن يكون القرار الإداري غير مشروع لعيب أو أكثر شابه من العيوب المنصوص عليها في المادة العاشرة من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 وأن يلحق صاحب الشأن ضرر، وأن تقوم علاقة السببية بين الخطأ والضرر.
ومن حيث إن مقتضى حجية حكم إلغاء قرار النقل المشار إليه (الحكم الصادر بجلسة 27/ 11/ 1979 في الطعن رقم 1/ 13) أن هذا القرار وإن جاء ظاهره نقلاً إلا أنه في الحقيقة قرار بجزاء تأديبي مكمل للجزاء السابق توقيعه على الطاعن (خصم يومين من الراتب) ولما كانت القاعدة أنه لا يجوز معاقبة الموظف مرتين عن ذات الفعل، فإن القرار بذلك يكون قد جاء معيباً بعيب مخالفة القانون وهو ما يوفر بذاته ركن الخطأ في مجال مساءلة الإدارة عنه.
ومن حيث إن الهيئة المطعون ضدها لم تنكر ما ذهب إليه الطاعن في مذكرته المقدمة بجلسة 11/ 4/ 1990 من أنه حرم نتيجة للنقل المشار إليه من العلاوات التشجيعية والمكافآت السنوية والأجر الإضافي الثابت لمديري الإدارات طوال مدة وجوده بعيداً عن إدارة التوزيع (من 28/ 8/ 1978 حتى 20/ 2/ 1982) فإن الطاعن سيكون وبلا شك قد أصيب بضرر مادي يتمثل في تلك الرواتب، وإذ جاء هذا الضرر نتيجة للخطأ الثابت حيال الإدارة، فإن رابطة السببية تكون هي الأخرى قد توافرت، وبذلك تكون قد تحققت أركان المسئولية التقصيرية الموجبة للتعويض عن الأضرار المادية التي أصابت الطاعن من جراء قرار النقل المشار إليه.
ومن حيث إنه بالنسبة إلى ما يطالب به الطاعن من تعويض عما أصابه من ضرر أدبي فإن الأوراق قد خلت من بيان عناصر هذا الضرر، فإذا أضيف إلى ذلك أنه بعد صدور الحكم بإلغاء قرار النقل المشار إليه أصدرت الهيئة القرار رقم 5/ 294 في 20/ 2/ 1982 بإعادة الطاعن مديراً للتوزيع فإن ذلك يكون خير تعويض عما قد يكون قد لحق به من ضرر أدبي من جراء ذلك القرار.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قضى برفض طلب التعويض عن قرار نقل الطاعن سالف الذكر بما في ذلك التعويض عن الضرر المادي، فإنه يكون قد خالف صحيح حكم القانون، مما يستوجب الحكم بإلغائه والقضاء للطاعن بمبلغ ألفين من الجنيهات تعويضاً جزافياً تقدره المحكمة عما أصابه من أضرار مادية نتيجة قرار النقل المشار إليه.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبإلزام الهيئة المطعون ضدها بأن تؤدي للطاعن مبلغاً مقداره ألفان من الجنيهات تعويضاً عما أصابه من أضرار مادية نتيجة قرار النقل رقم 5/ 1322 الصادر في 28/ 8/ 1978.

الطعن 2283 لسنة 31 ق جلسة 16 / 3 / 1991 إدارية عليا مكتب فني 36 ج 2 ق 81 ص 798

جلسة 16 من مارس سنة 1991

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ عبد المنعم عبد الغفار فتح الله - نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ يحيى السيد الغطريفي ومحمد عبد الغني حسن وعطيه الله رسلان ود. فاروق عبد البر السيد - المستشارين.

-----------------

(81)

الطعن رقم 2283 لسنة 31 القضائية

تكليف - تكليف خريجي كليات الطب والصيدلة وطب الأسنان والمعاهد والمدارس والمراكز التي تعد أفراد هيئة التمريض (عاملون مدنيون بالدولة) (طبيب) (صيادلة).
القانون رقم 29 لسنة 1974 في شأن تكليف الأطباء والصيادلة وأطباء الأسنان وهيئات التمريض والفنيين الصحيين والفئات الطبية الفنية المساعدة - يتحتم على المكلف القيام بأعمال الوظيفة المكلف بها بصفة فعلية طوال مدة التكليف سواء المدة الأصلية أو المدة التي جددت لها - انقطاع المكلف عن عمله قبل اكتمال هذه المدة لا يعفيه من الالتزام المفروض عليه قانوناً - يصدر بإلغاء التكليف أو إنهاء الخدمة أثناءه قرار من وزير الصحة - انقطاع المكلف عن العمل وإحالته للمحاكمة التأديبية - هذا الانقطاع لا يعفيه من التكليف حتى ولو كانت مدة التكليف قد انقضت عند صدور الحكم التأديبي عليه - أساس ذلك: أن المكلف لم يعمل عملاً فعلياً خلال مدة التكليف كاملة وحتى لا يؤدي امتناعه عن أداء واجب التكليف تحريراً له عن أداء هذا الواجب على عكس ما يقضي به القانون وعلى خلاف غايات المشرع ومقاصده - تطبيق (1).


إجراءات الطعن

في يوم الأربعاء الموافق 29/ 5/ 1985 أودع الأستاذ المستشار/ رئيس هيئة مفوضي الدولة تقرير الطعن الماثل قلم كتاب هذه المحكمة طعناً في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بالمنصورة بجلسة 7/ 4/ 1985 في الدعوى رقم 549 لسنة 12 ق المقامة من النيابة الإدارية ضد/..... والقاضي بمجازاتها بغرامة مقدارها خمسة وعشرون جنيهاً.
وطلب الطاعن - للأسباب الواردة بعريضة الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وإعادة الدعوى إلى المحكمة التأديبية بالمنصورة للفصل في الدعوى مجدداً من هيئة أخرى.
وقد أعلن الطعن للمطعون ضدها بتاريخ 11/ 12/ 1988 على الوجه الوارد بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً برأيها القانوني في الطعن ارتأت - للأسباب الواردة فيه - الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وتوقيع الجزاء المناسب على المطعون ضدها. وحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 27/ 1/ 1988، وبجلسة 8/ 2/ 1989 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى هذه المحكمة، حيث نظر أمامها بجلسة 18/ 3/ 1989 والجلسات التالية، وبجلسة 16/ 2/ 1991 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى سائر أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن وقائع المنازعة تخلص - حسبما يبين من الأوراق - في أنه بتاريخ 7/ 3/ 1984 أودعت النيابة الإدارية قلم كتاب المحكمة التأديبية بالمنصورة أوراق الدعوى رقم 549 لسنة 12 ق متضمنة تقرير اتهام ضد/..... (الممرضة المكلفة بعيادة قسم ثان دمياط) لأنها في غضون المدة من 1/ 10/ 1983 حتى 25/ 1/ 1984 بمقر عملها بدائرة محافظة دمياط خالفت القانون بأن انقطعت عن عملها في غير حدود الإجازات المقررة قانوناً، وطلبت النيابة الإدارية محاكمة المذكورة تأديبياً ومعاقبتها بمقتضى مواد الاتهام الواردة بالتقرير.
وقد تحدد لنظر الدعوى جلسة 19/ 1/ 1985، وبتلك الجلسة اعترف الحاضر عن المتهمة بارتكابها للمخالفة المسندة إليها وقرر أنها كارهة للوظيفة ولن تعود إلى عملها، وبجلسة 7/ 4/ 1985 قضت محكمة المنصورة التأديبية بمجازاتها بغرامة قدرها خمسة وعشرون جنيهاً، وأقامت المحكمة قضاءها على أساس أن الثابت من الأوراق أن المتهمة كلفت بالعمل بمديرية الشئون الصحية بمحافظة دمياط لمدة سنتين اعتباراً من 5/ 11/ 1981، وأنها انقطعت عن عملها اعتباراً من 1/ 10/ 1983 وقبل إكمال مدة تكليفها التي تنتهي في 4/ 11/ 1983 إلا أن من شأن انقضاء مدة تكليف المتهمة في 4/ 11/ 1983 اعتبار خدمتها منتهية في هذا التاريخ ما دام أنه لم يصدر قرار من السلطة المختصة بتجديد تكليفها، ودون أن ينال من ذلك ما تضمنه ملف قضية النيابة الإدارية من صدور قرار مدير عام الشئون الصحية باستبعاد مدة (7 يوم 2 شهر 1 سنة) من مدة تكليف المتهمة، لأنه كان يتعين على الجهة الإدارية استصدار قرار تجديد تكليف المتهمة من السلطة المختصة بذلك قانوناً.
ومن حيث إن الطعن الماثل قد أقيم على سند من أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون وتأويله وما استقرت عليه أحكام المحكمة الإدارية العليا من أن مؤدى نصوص القانون رقم 29 لسنة 1974 في شأن تكليف الأطباء والصيادلة وأطباء الأسنان وهيئات التمريض والفنيين الصحيين والفئات الطبية الفنية المساعدة أنه يحظر على المكلفين الخاضعين لأحكامه (ومنهم الممرضات المكلفات) الامتناع عن تأدية وظائفهم ما بقي التكليف قائماً، ما لم تنته خدمتهم لأحد الأسباب التي عينها قانون العاملين المدنيين بالدولة رقم 47 لسنة 1978، ومن ثم فإن انقطاع الممرضة المكلفة عن عملها قبل استكمال مدة تكليفها المحددة بالقرار دون أن يقوم بها أحد الأسباب المنهية للخدمة عدا الاستقالة الضمنية أو الصريحة يكون مخالفة صريحة لنص المادة السادسة من قانون التكليف السالف الإشارة إليه، وإذ كانت مدة تكليف المتهمة المعروضة حالتها لا تنتهي إلا في 4/ 11/ 1983 وكانت قد انقطعت عن عملها اعتباراً من 1/ 10/ 1983 قبل اكتمال مدة التكليف فإنها لا تكون قد قامت بتأدية عملها الوظيفي المدة المحددة بقرار التكليف، ويتعين لذلك مجازاتها - وعلى خلاف ما ذهب إليه الحكم الطعين - بإحدى العقوبات المقررة باعتبارها ما زالت بالخدمة.
ومن حيث إن المادة الأولى من القانون رقم 29 لسنة 1974 المشار إليه قد نصت في فقرتيها الأولى والثانية على أن لوزير الصحة تكليف خريجي كليات الطب والصيدلة وطب الأسنان والمعاهد والمدارس والمراكز التي تعد أو تخرج أفراد هيئات التمريض.. للعمل في الحكومة أو في وحدات الإدارة المحلية أو الهيئات العامة أو المؤسسات العامة والوحدات التابعة لها أو القطاع الخاص وذلك لمدة سنتين، ويجوز تجديد التكليف لمدة أخرى مماثلة، ويتم التكليف أو تجديده بناء على طلب الجهة الإدارية صاحبة الشأن ووفقاً للإجراءات المنصوص عليها في هذا القانون.
ونصت المادة الرابعة من ذات القانون على أن يصدر وزير الصحة قرارات تكليف الخاضعين لأحكام هذا القانون، ويعتبر المكلف معيناً في الوظيفة التي كلف للعمل فيها من تاريخ صدور القرار، وعليه أن يتسلم العمل خلال خمسة عشر يوماً على الأكثر من تاريخ إخطاره بكتاب موصى عليه مصحوب بعلم الوصول.
ونصت المادة السادسة من القانون المشار إليه على أنه على المكلف أن يقوم بأعمال وظيفته ما بقي التكليف، وفى جميع الأحوال يصدر قرار إلغاء التكليف أو إنهاء الخدمة أثناءه من وزير الصحة.
ومن حيث إن مفاد هذه النصوص - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أنه يتحتم على المكلف طبقاً لأحكام القانون رقم 29 لسنة 1974 المشار إليه القيام بأعمال الوظيفة المكلف بها بصفة فعلية طوال مدة التكليف (الأصلية أو التي جددت لها) وأن انقطاع المكلف عن عمله قبل اكتمال هذه المدة لا يعفيه من الالتزام المفروض عليه قانوناً حتى ولو كانت مدة التكليف قد انقضت عند صدور الحكم التأديبي عليه ما دام لم يعمل مكلفاً خلال مدة التكليف كاملة، وإلا كان امتناعه عن أداء واجب التكليف تحريراً له من أداء هذا الواجب على عكس ما يقضي به القانون وعلى خلاف غايات المشرع ومقاصده من أحكامه التي فرضها.
ومن حيث إن الثابت من سياق وقائع الموضوع المطروح والتي حصلها الحكم المطعون فيه أن الممرضة/..... (المطعون ضدها) كانت مدة تكليفها تنتهي في 4/ 11/ 1983 إلا أنها انقطعت عن العمل اعتباراً من 1/ 10/ 1983 وقبل اكتمال مدة التكليف، ومن ثم فإنها لا تكون قد قامت بتأدية أعمال الوظيفة المكلفة بها المدة المنصوص عليها قانوناً، الأمر الذي لا يعفيها من الالتزام المفروض عليها وفاء لواجبها في أداء مدة التكليف، وبالتالي لا تعتبر مدة خدمتها منتهية لهذا السبب.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد ذهب إلى خلاف هذا النظر حينما انتهى إلى أن من شأن انقضاء مدة التكليف في 4/ 11/ 1983 اعتبار خدمة المطعون ضدها منتهية في هذا التاريخ فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق صحيح حكم القانون إذ قضى بمجازاة المتهمة (المطعون ضدها) بإحدى العقوبات المقررة لمن ترك الخدمة، حيث لم تنته قانوناً خدمة الممرضة المذكورة لعدم إتمامها مدة التكليف الملزمة بها قانوناً، ومن ثم فقد كان يتحتم مجازاة المطعون ضدها بإحدى العقوبات الواردة بالمادة 80 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة لمن هم ما زالوا في الخدمة.
ومن حيث إن المخالفة المنسوبة للممرضة/..... ثابتة في حقها فإن الأمر يقتضي - وفق ما سلف - مجازاتها بخصم شهرين من مرتبها.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبمجازاة المطعون ضدها/..... بخصم شهرين من مرتبها.


(1) (يراجع) - في شأن "طبيعة التكليف" الطعن رقم 1200 لسنة 32 ق جلسة 13/ 2/ 1988.
- في شأن "عدم جواز إعمال قرينة الاستقالة الضمنية في شأن المكلف" الطعن رقم 1173 لسنة 29 ق جلسة 2/ 5/ 1987.
- في شأن "عدم جواز توقيع عقوبة الفصل من الخدمة على المكلف المنقطع عن عمله" الطعن رقم 268 لسنة 34 ق جلسة 10/ 6/ 1989.

الطعن 1264 لسنة 32 ق جلسة 10 / 3 / 1991 إدارية عليا مكتب فني 36 ج 2 ق 80 ص 786

جلسة 10 من مارس سنة 1991

برئاسة السيد الأستإذ المستشار/ فؤاد عبد العزيز عبد الله رجب - نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ حسن حسنين علي حسنين ومحمد يسري زين العابدين ومحمود عادل محجوب الشربيني وفريد نزيه حكيم تناغو- المستشارين.

-------------------

(80)

الطعن رقم 1264 لسنة 32 القضائية

( أ ) عاملون مدنيون بالدولة - لجان شئون العاملين والتقارير عنهم - تقرير الكفاية - الطعن فيه.
المادة 30 من قانون العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 قبل تعديلها بالقانون رقم 115 لسنة 1983 - أوجب المشرع إعلان العامل بصورة من تقرير الكفاية بمجرد اعتماده من لجنة شئون العاملين أياً كانت مرتبة الكفاية الحاصل عليها العامل - للعامل الحق في التظلم خلال عشرين يوماً من تاريخ علمه إلى لجنة التظلمات - لا يعد التقرير نهائياً إلا بعد انقضاء ميعاد التظلم أو البت فيه - إذا أصبح التقرير نهائياً فإنه يعد بمثابة قرار إداري نهائي يؤثر مآلاً في الوضع الوظيفي للعامل ويحق للعامل الطعن فيه بدعوى الإلغاء شأنه شأن أي قرار إداري خلال الميعاد المقرر قانوناً - رفع الدعوى بعد الميعاد - الحكم بعدم قبولها لرفعها بعد الميعاد.
(ب) عاملون مدنيون بالدولة - لجان شئون العاملين والتقارير عنهم - إعداد التقرير - المختص بإعداده.
الرئيس المختص بوضع تقرير الكفاية عن أعمال العامل هو رئيسه المباشر وقت إعداد التقرير - فوات جزء من المدة الموضوع عنها التقرير قبل تولي الرئيس المباشر مسئولياته لا يعد سبباً للإخلال بسلامة التقرير - أساس ذلك: الرئيس المباشر لا يعتمد فقط على ما أتيح له الاطلاع عليه شخصياً في فترة رئاسته للعامل بل أيضاً على ما هو ثابت من ملف خدمة العامل ومن استقراء نتاج أعماله ومجهوده في الفترة السابقة على تولي رئاسته - تطبيق.
(ج) عاملون مدنيون بالدولة - ترقية - الترقية بالاختيار- نسبة الاختيار.
نص المشرع بالنسبة للترقية لغير الوظائف العليا على أن تكون الترقية إليها في حدود النسبة الواردة في الجدول رقم (1) أي تبعيضها - من بين هذه الوظائف الترقية من الدرجة الثانية إلى الدرجة الأولى - نص المشرع في القانون رقم 115 لسنة 1983 على أن نسبة الاختيار الواردة قرين كل درجة في الجدول رقم (1) هي نسبة الترقية بالاختيار من الدرجة التي وردت هذه النسبة أمامها إلى الدرجة الأعلى منها مباشرة - نتيجة ذلك: نسبة الترقية بالاختيار من الدرجة الثانية إلى الدرجة الأولى تكون (50%) فقط - عند إجراء حركة الترقيات يبدأ بالجزء المخصص للترقية بالأقدمية - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الأربعاء الموافق 12/ 3/ 1986 أودع الأستإذ صديق السيد درويش بصفته وكيلاً عن السيد/........ بقلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 23/ 1/ 1986 في الدعوى رقم 3717 لسنة 36 القضائية المقامة من الطاعن والقاضي أولاً: بعدم قبول الدعوى بالنسبة لطلب إلغاء تقرير كفاية المدعي عن عام 79/ 1980 شكلاً لرفعه بعد الميعاد. ثانياً: بقبول الدعوى بالنسبة لطلبات إلغاء قرارات الترقية المطعون فيها شكلاً ورفضها موضوعاً وألزمت المدعي المصروفات. وطلب الطاعن في ختام الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء أصلياً: بإلغاء تقرير كفاية الطاعن عن عام 1979/ 1980 وإلغاء القرار رقم 3293 لسنة 1981 والقرارات اللاحقة له أرقام 3626 لسنة 1981 و526 لسنة 1981 و1867 لسنة 1982 فيما تضمنته من تخطيه في الترقية إلى الدرجة الأولى وإرجاع أقدميته في تلك الدرجة إلى تاريخ القرار الأول رقم 3293 لسنة 1981 ليصبح سابقاً على السيد/...... وما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية مع إلزام المطعون ضده المصروفات. واحتياطياً: إلغاء القرار رقم 1867 لسنة 1982 فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى الدرجة الأولى وإرجاع أقدميته في تلك الدرجة ليصبح سابقاً على السيد/........ وما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية مع إلزام المطعون ضده المصروفات.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني في الطعن انتهت فيه إلى أنها ترى الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المطعون فيه والقضاء أولاً: بعدم قبول الدعوى شكلاً بالنسبة لطلب إلغاء تقرير كفاية المدعي عن عام 79/ 1980 لرفعه بعد الميعاد. ثانياً: بقبول الدعوى شكلاً بالنسبة لطلبات إلغاء قرارات الترقية المطعون فيها، وبإرجاع أقدمية الطاعن في الدرجة الأولى إلى 30/ 12/ 1981 تاريخ صدور القرار رقم 3626 لسنة 1981 مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية والمدعي المصروفات مناصفة.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 12/ 12/ 1989 والجلسات التالية وحضر محامي الطعن ومحامي هيئة قضايا الدولة وقررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا الدائرة الثانية التي نظرته بجلسة 14/ 10/ 1990 والجلسات التالية وحضر أمامها محامي الطاعن ومحامي هيئة قضايا الدولة وقررت إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على منطوقه وأسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع إيضاحات ذوي الشأن والمداولة قانوناً.
من حيث إن الطعن استوفي أوضاعه الشكلية فهو مقبول شكلاً.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتلخص في أن المدعي أقام دعواه أمام محكمة القضاء الإداري بالصحيفة المودعة بقلم كتابها بتاريخ 12/ 6/ 1982 والتي طلب في ختامها الحكم بإلغاء تقريري كفاية الأداء عن عامي 79 - 1980 و1980 - 1981 وعدم الاعتداد بهما عند الترقية بالاختيار إلى الفئات الأعلى من درجته، وإلغاء قرارات وزير الخارجية رقم 3293 لسنة 1981 ورقم 3626 لسنة 1981 ورقم 526 لسنة 1982 فيما تضمنته من تخطيه في الترقية للفئة الأولى مع ما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية مع إلزام الجهة الإدارية المصروفات، وقال المدعي شرحاً لدعواه إنه حاصل على ليسانس الحقوق وعين في وزارة الخارجية بتاريخ 25/ 11/ 1950 في وظيفة إدارية وظل يتدرج في وظائف الكادر الإداري حتى رقي إلى الدرجة الثانية التخصصية وحصل على تقريرين بدرجة ممتاز عن عامي 77/ 1978 و1978/ 1979 كما حصل على علاوة تشجيعية في يناير 1980، وكان بتاريخ 20/ 7/ 1979 قد ألحق للعمل بسفارة جمهورية مصر العربية بالمكسيك وحدث سوء تفاهم بينه وبين السفير هناك فتقرر نقله إلى الديوان العام بالقاهرة في 9/ 10/ 1980 كما نسبت إليه بعض الاتهامات التي أجرت الوزارة فيها تحقيقاً وانتهت إلى حفظها، ثم نقل بعد ذلك للعمل بسفارة جمهورية مصر العربية بلاوس لاستكمال مدته وتسلم العمل بها في 1/ 10/ 1981 إلا أن سفير مصر بالمكسيك استغل فرصة إعداد تقارير الكفاية للانتقام منه فوضع له تقريراً عن المدة من 1/ 7/ 1979 حتى 30/ 6/ 1980 بدرجة ضعيف رغم أن السفير لم يتسلم عمله كرئيس للمدعي إلا في 11/ 11/ 1979 ولم يكن رئيساً له في المدة السالفة على هذا التاريخ، كما أن السفير وضع عنه تقريراً عن الثلث الأول من السنة التالية في الفترة من 1/ 7/ 1980 حتى 30/ 10/ 1980 بدرجة ضعيف رغم أنه فقد ولايته كرئيس له اعتباراً من 9/ 10/ 1980 وعند عرض هذا التقرير على لجنة شئون العاملين رأت تقدير كفايته عن هذه السنة بدرجة كفء بعد ما تبين لها أن المدعي حصل في الثلث الأخير من هذه السنة على تقدير ممتاز، وأضاف المدعي أنه عندما علم بتقرير الكفاية عن المدة من 1/ 7/ 1980 حتى 30/ 6/ 1981 تظلم منه في الموعد القانوني في 7/ 3/ 1982 إلى لجنة التظلمات بتظلمه المرسل من السفارة برقم 86 في 8/ 3/ 1982 وقررت اللجنة رفض تظلمه في 24/ 4/ 1982 فتظلم إلى الوزير في 3/ 5/ 1982، وبتاريخ 23/ 11/ 1981 أصدرت الوزارة القرار رقم 3293 لسنة 1981 بالترقية إلى الفئة الأولى متضمناً ترقية....... التالي له في الأقدمية وإذ علم بالقرار المطعون فيه في 12/ 2/ 1982 فتظلم منه في 15/ 3/ 1982 وأرسل تظلمه إلى الوزارة رفق كتاب السفارة رقم 104 بتاريخ 18/ 3/ 1982 كما أصدرت الوزارة قراراً آخر برقم 3626 في 2/ 12/ 1981 متضمناً تخطيه في الترقية إلى الفئة الأولى، وعلم به بتاريخ 28/ 3/ 1982 فتظلم منه في ذات التاريخ رفق كتاب السفارة رقم 145 في 8/ 4/ 1982 كما أصدرت الوزارة قرار ثالثاً برقم 1526 في 27/ 2/ 1982 بالترقية أيضاً إلى الفئة الأولى بالتخطي له وعلم به في 12/ 4/ 1982 فتظلم منه في ذات التاريخ رفق كتاب السفارة رقم 148 في 17/ 4/ 1982.
وقدم المدعي مذكرة طلب فيها الحكم أصلياً بإلغاء تقرير الكفاية عن عام 1979 - 1980 وإلغاء القرار رقم 3293 لسنة 1981 والقرارات اللاحقة رقم 3626 لسنة 1981 ورقم 526 لسنة 1981 ورقم 1867 لسنة 1982 فيما تضمنته هذه القرارات من تخطيه في الترقية إلى الفئة الأولى وإرجاع أقدميته فيها ليصبح سابقاً على زميله....... واحتياطياً إلغاء القرار رقم 1867 لسنة 1982 فيما تضمنه من تخطيه في الترقية وإرجاع أقدميته فيها ليصبح سابقاً على زميله........ وما يترتب على ذلك من آثار، كما أشار المدعي إلى أن لجنة التظلمات رفعت تقرير كفايته عن عام 1980 - 1981 إلى درجة ممتاز.
وبجلسة 23/ 1/ 1986 قضت محكمة القضاء الإداري أولاً: بعدم قبول الدعوى شكلاً بالنسبة لطلب إلغاء تقرير الكفاية عن عام 1979 - 1980 لرفعها بعد الميعاد. ثانياً: بقبول الدعوى شكلاً بالنسبة لطلبات إلغاء قرارات الترقية المطعون فيها ورفضها موضوعاً، وألزمت المدعي المصروفات، وأسست المحكمة حكمها على أن الثابت من الإطلاع على ملف خدمة المدعي أنه تظلم بتاريخ 19/ 3/ 1981 إلى لجنة التظلمات من تقرير كفايته عن عام 1979 - 1980 وقيد تظلمه برقم 414 في 21/ 3/ 1981 وبتاريخ 29/ 3/ 1981 قررت لجنة التظلمات الإبقاء على التقرير كما هو وأخطر المدعي بكتاب يفيد ذلك وقع على صورته بما يفيد استلام الأصل بتاريخ 31/ 8/ 1981، وبذلك أصبح هذا التقرير نهائياً وكان يتعين عليه إقامة دعواه بطلب إلغائه خلال ستين يوماً من تاريخ إخطاره برفض تظلمه في 31/ 8/ 1981 إلا أنه تراخى في إقامة الدعوى حتى 12/ 6/ 1982 بعد الميعاد المقرر قانوناً، وبالتالي يكون هذا الطلب غير مقبول شكلاً وأضافت المحكمة إنه بالنسبة لطلب إلغاء القرارات الإدارية الصادرة بالترقية إلى الدرجة الأولى فيما تضمنته من تخطي المدعي فإن الثابت من الأوراق أن القرار رقم 3293 لسنة 1981 صدر بتاريخ 23/ 11/ 1981 فتظلم منه المدعي بتاريخ 15/ 3/ 1982 والقرار رقم 3626 لسنة 1981 صدر بتاريخ 30/ 12/ 1981 فتظلم منه المدعي في 28/ 3/ 1982 والقرار رقم 526 لسنة 1982 صدر بتاريخ 27/ 2/ 1982 فتظلم منه المدعي في 12/ 4/ 1982 ولم يثبت من الأوراق علم المدعي بأي من تلك القرارات في تاريخ سابق على تظلمه منها بأكثر من ستين يوماً، ومن ثم تكون الدعوى إذ أقيمت بتاريخ 12/ 6/ 1982 أي خلال الستين يوماً التالية على تحقق قرينة الرفض الضمني لتلك التظلمات قد أقيمت في الميعاد القانوني وتكون طلبات إلغاء هذه القرارات مقبولة شكلاً.
وعن موضوع هذه القرارات قالت المحكمة إن الجهة الإدارية بررت تخطي المدعي في الترقية للدرجة الأولى إلى عدم حصوله على تقريرين سابقين بدرجة ممتاز، وأضافت أنه بالرجوع إلى المادة 37 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 قبل تعديله بالقانون 115 لسنة 1983 والجدول المرفق به يبين أن الترقية بالاختيار لوظائف الدرجة الأولى هي بنسبة 100% ويشترط لهذه الترقية الحصول على مرتبة ممتاز في تقرير الكفاية عن السنتين الأخيرتين، وأنه ولئن كان تقرير الكفاية للمدعي عن عام 80 - 1981 قد رفع إلى مرتبة ممتاز إلا أن تقرير كفايته عن عام 79 - 1980 بمرتبة كفء وهو التقرير المطعون فيه وانتهى الأمر بشأنه إلى عدم قبول الدعوى شكلاً لإقامتها بعد الميعاد، وبذلك يكون قد تخلف في حق المدعي أحد شروط الترقية بالاختيار وهو الحصول على تقريرين بمرتبة ممتاز في السنتين الأخيرتين، وبذلك تكون قرارات الترقية السالفة إذ تخطت المدعي في الترقية إلى إحدى وظائف الدرجة الأولى قد صدرت مطابقة لصحيح حكم القانون وتكون طلبات إلغائها غير قائمة على أساس صحيح من القانون مستوجبة الرفض.
وعن الطلب الاحتياطي بإلغاء القرار رقم 1867 لسنة 1982 فقد تظلم منه المدعي في الميعاد المقرر وأقام دعواه في الميعاد المقرر فتكون مقبولة شكلاً، وقد تبين عدم استيفاء المدعي لشروط الترقية للدرجة الأولى لعدم حصوله على تقريرين سابقين بمرتبة ممتاز على النحو السابق إيضاحه وبذلك يتخلف في حقه شرط الترقية إلى هذه الدرجة ويكون طعنه على هذا القرار على غير أساس من القانون، ومن ثم انتهت المحكمة إلى إصدار حكمها المتقدم.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل أن الحكم المطعون فيه خالف أحكام القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله للأسباب الآتية:
أولاً: إن مجال المنازعة في تقرير الكفاية بغير مرتبة ضعيف هو مجال المنازعة في الترقية بالاختيار، ومن ثم فإن الطعن في الترقية ينطوي على الطعن في تقرير الكفاية الذي أجريت على أساسه، ولما كان تقرير الكفاية عن عام 1979 - 1980 كان بمرتبة كفء فإن مجال الطعن عليه هو مجال الطعن في الترقية التي تمت بالقرار 3293 لسنة 1981 الصادر في 23/ 11/ 1981 والذي علم به المدعي في 22/ 2/ 1982 وتظلم منه في 15/ 3/ 1982 وأقام دعواه في 12/ 6/ 1982 في الميعاد القانوني، فضلاً عن ذلك فإن تقرير الكفاية المشار إليه هو تقرير منعدم ويجوز الطعن فيه في أي وقت دون التقيد بميعاد رفع دعوى الإلغاء نظراً لما أصاب هذا التقرير من عيب عدم الاختصاص الجسيم ذلك أن هذا التقرير عن الفترة من 1/ 7/ 1979 حتى 30/ 6/ 1980 بسفارة مصر بالمكسيك ولم يبدأ السفير عمله هناك إلا في 11/ 11/ 1979 ورغم ذلك وضع التقرير للمدعي بمرتبة ضعيف، وقد رفعته لجنة شئون العاملين إلى مرتبة كفء، وعلى ذلك فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أخطأ في قضائه بعدم قبول الدعوى بالنسبة لطلب إلغاء تقرير الكفاية المشار إليه لعدم رفعها في الميعاد المقرر.
ثانياً: إن الحكم المطعون فيه أخطأ فيما انتهى إليه من أن الترقية إلى الدرجة الأولى تكون بالاختيار بنسبة 100% لمخالفة ذلك للمادة 37 من القانون رقم 47 لسنة 1978 والجدول رقم (1) المرفق به، ولو كان المشرع قد قصد أن تكون الترقية إليها بالاختيار لما أعوزه النص على ذلك صراحة كما فعل بالنسبة لترقية العاملين في القطاع العام حينما نص في المادة 33 من القانون رقم 48/ 1978 على أن تكون الترقية إلى وظائف الدرجة الأولى فما فوقها بالاختيار، ولما كان ذلك وكان المدعي (الطاعن) أقدم من أول المرقين بالقرار رقم 3626 لسنة 1981 المطعون فيه فإنه يكون مستحقاً الترقية إلى تلك الدرجة بالأقدمية - إن لم يكن بالاختيار - وما ينطبق على هذا القرار ينطبق على القرارات التالية.
ثالثاً: بالنسبة للطلب الاحتياطي بإرجاع أقدميته في الدرجة الأولى إلى 14/ 7/ 1982 تاريخ صدور القرار رقم 1867 لسنة 1982 ليكون سابقاً على السيد/........ الذي رقي بهذا القرار رغم أنه يلي الطاعن في الأقدمية، كما أن الطاعن يتساوى معه في الكفاية لحصوله على تقريرين "ممتاز" عن عام 1980 - 1981 وعن عام 1981 - 1982 وبذلك يستحق الترقية بالاختيار فضلاً عن أحقيته في الترقية بالأقدمية لدخوله في نسبة الـ 50% المشار إليها سالفاً.
ومن ثم انتهى الطاعن في تقرير طعنه إلى طلب الحكم بطلباته السالفة.
ومن حيث إنه بالنسبة للوجه الأول من أوجه الطعن الذي ينعى فيه الطاعن على الحكم المطعون فيه ما انتهى إليه من عدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد بالنسبة لطلب إلغاء تقرير الكفاية بمرتبة كفء عن عام 1979 - 1980 فإن المادة 30 من نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47/ 1978 التي تسري على النزاع المعروض قبل تعديلها بالقانون 115/ 1983 تنص على أن "يعلن العامل بصورة من تقرير الكفاية بمجرد اعتماده من لجنة شئون العاملين وله أن يتظلم منه خلال عشرين يوماً من تاريخ علمه للجنة تظلمات تنشأ لهذا الغرض تشكل من ثلاثة من كبار العاملين ممن لم يشتركوا في وضع التقرير وعضو تختاره اللجنة النقابية على أن تفصل اللجنة في هذا التظلم خلال ستين يوماً من تاريخ تقديمه إليها ويكون قرارها نهائياً ولا يعتبر التقرير نهائياً إلا بعد انقضاء ميعاد التظلم أو البت فيه".
ومن حيث إن مفاد هذا النص أن المشرع أوجب إعلان العامل بصورة من تقرير الكفاية بمجرد اعتماده من لجنة شئون العاملين وذلك أياً كانت مرتبة الكفاية الحاصل عليها العامل سواء كانت بمرتبة ممتاز أو كفء أو ضعيف، وأتاح المشرع للعامل الحق في التظلم من تقرير كفايته خلال عشرين يوماً من تاريخ علمه للجنة التظلمات التي تنشأ لهذا الغرض، ولا يعد التقرير نهائياً إلا بعد انقضاء ميعاد التظلم أن البت فيه، فإذا ما أصبح التقرير نهائياً طبقاً لذلك فإنه يعد بمثابة قرار إداري نهائي يؤثر مآلاً في الوضع الوظيفي للعامل، ويحق للعامل الطعن فيه بدعوى الإلغاء شأنه شأن أي قرار إداري نهائي آخر، فإذا ما فوت صاحب الشأن فرصة الطعن فيه في الميعاد القانوني المقرر لرفع دعوى الإلغاء المنصوص عليه في المادة 24 من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 وهو ستون يوماً من تاريخ نشر القرار أو إعلان صاحب الشأن به، فإن تقرير الكفاية يعد حصيناً من الإلغاء ولا سبيل إلى مناقشة هذه الحصانة إلا إذا قام به وجه من أوجه انعدام القرار الإداري.
ومن حيث إنه في خصوصية المنازعة الماثلة فإن الثابت من الأوراق وخاصة من ملف خدمة المدعي أن الطاعن تظلم من تقرير الكفاية المشار إليه إلى لجنة التظلمات وذلك في 19/ 3/ 1981 إلا أن هذه اللجنة قررت الإبقاء على تقدير الكفاية كما هو بمرتبة كفء وذلك بجلستها المنعقدة في 29/ 3/ 1981 وتم إخطار المدعي بكتاب يفيد هذا المعنى وقع عليه باستلام الأصل بتاريخ 31/ 8/ 1981، ومن ثم فإنه باستيفاء ذلك فإن تقرير الكفاية يعد بمثابة قرار إداري نهائي كان يتعين على المدعي الطعن فيه بدعوى الإلغاء في الميعاد المقرر قانوناً، إلا أنه لم يطعن عليه إلا في 12/ 6/ 1982 أي بعد الميعاد المقرر فتكون دعواه في هذا الخصوص غير مقبولة لرفعها بعد الميعاد. ولا يقدح في ذلك ما أثاره الطاعن من أن هذا التقرير ينحدر إلى مرتبة الانعدام لأن رئيسه المباشر سفير مصر بالمكسيك تولى العمل بالسفارة بعد فوات أربعة أشهر من المدة التي وضع عنها التقرير ذلك أنه مردود على هذا بأن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن الرئيس المختص بوضع تقرير الكفاية عن أعمال العامل هو رئيسه المباشر وقت إعداد التقرير، ومن ثم فإن فوات جزء من المدة الموضوع عنها التقرير قبل تولي الرئيس المباشر مسئولياته لا يعد سبباً للإخلال بسلامة التقرير، ذلك أن الرئيس المباشر لا يعتمد فقط على ما أتيح له الاطلاع عليه شخصياً في فترة رئاسته للعامل بل أيضاً على ما هو ثابت من ملف خدمة العامل ومن استقراء نتاج أعماله ومجهوده في الفترة السابقة على تولي رئاسته، ولما كان الثابت في خصوصية النزاع المعروض أن الرئيس المباشر للطاعن قد تولى مسئولية الرئاسة طوال الجانب الأكبر من المدة التي وضع عنها تقرير الكفاية وكان هو رئيسه المباشر وقت إعداد التقرير، فإن نعي الطاعن على التقرير بالانعدام للسبب السالف يعد غير مستند لأساس قانوني صحيح، الأمر الذي يكون معه هذا التقرير حصيناً من الإلغاء طالما قد انقضت المواعيد المقررة للطعن فيه بالإلغاء.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه انتهى إلى عدم قبول طلب إلغاء تقرير الكفاية المشار إليه لرفعه بعد الميعاد المقرر فإنه يكون قد أصاب في قضائه صحيح القانون الأمر الذي يتعين معه رفض هذا الوجه من أوجه الطعن لعدم استناده لأساس صحيح.
ومن حيث إنه بالنسبة للوجه الثاني من أوجه الطعن والذي نعى فيه الطاعن على الحكم المطعون فيه ما انتهى إليه من أن الترقية إلى الدرجة الأولى تكون دائماً بالاختيار، فإن المادة 37 من نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 السارية على النزاع قبل تعديلها بالقانون رقم 115 لسنة 1983 تنص على أنه "مع مراعاة حكم المادة 16 من هذا القانون تكون الترقية إلى الوظائف العليا بالاختيار ويستهدى في ذلك بما يبديه الرؤساء بشأن المرشحين لشغل هذه الوظائف وبما ورد في ملفات خدمتهم من عناصر الامتياز.
وتكون الترقية إلى الوظائف الأخرى بالاختيار في حدود النسب الواردة في الجدول رقم (1) المرفق وذلك بالنسبة لكل سنة مالية على حدة على أن يبدأ بالجزء المخصص للترقية بالأقدمية.
ويشترط في الترقية بالاختيار أن يكون العامل حاصلاً على مرتبة ممتاز في تقرير الكفاية عن السنتين الأخيرتين ويفضل من حصل على مرتبة ممتاز في السنة السابقة عليهما مباشرة وذلك مع التقيد بالأقدمية في ذات مرتبة الكفاية...".
ومن حيث إنه سبق لهذه المحكمة أن قضت بأنه يبين من الرجوع إلى الجدول رقم (1) المشار إليه أن المشرع لم يورد قرين درجة وكيل أول وزارة نسبة للترقية بالاختيار باعتبارها أعلى درجة فلا يرقى منها ولو كانت العبرة في تحديد هذه النسبة بالدرجة المرقى إليها لأورد الجدول قرينها نسبة 100%، لذلك فإن المشرع نص بالنسبة لغير الوظائف العليا على أن تكون الترقية إليها في حدود النسبة الواردة في الجدول رقم (1) أي تبعيضها، ومن بين هذه الوظائف الترقية من الدرجة الثانية إلى الدرجة الأولى ولو قصد أن تكون الترقية إليها بالاختيار المطلق لما أعوزه النص على ذلك صراحة كما فعل في المادة 33 من القانون رقم 48 لسنة 1978 في شأن نظام العاملين بالقطاع العام عندما نص على أن تكون الترقية إلى وظائف الدرجة الأولى فما فوقها بالاختيار ويؤكد هذا المعنى أن المشرع أصدر بعد ذلك القانون رقم 115 لسنة 1983 فنص صراحة في المادة الثالثة منه على أن نسبة الاختيار الواردة قرين كل درجة في الجدول رقم (1) هي نسبة الترقية بالاختيار من الدرجة التي وردت هذه النسبة أمامها إلى الدرجة الأعلى منها مباشرة، وعلى هذا المقتضى فإن نسبة الترقية بالاختيار من الدرجة الثانية إلى الدرجة الأولى تكون 50% فقط، ويكون الحكم المطعون فيه قد أخطأ حينما انتهى إلى أن الترقية إلى الدرجة الأولى لا تكون إلا بالاختيار أي بنسبة 100%.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن القرار رقم 3626 لسنة 1981 الصادر بتاريخ 30/ 12/ 1981 وهو القرار الثاني من قرارات الترقية المطعون فيها قد تضمن ترقية عدد 48 من العاملين بمجموعة وظائف التنمية الإدارية إلى الدرجة الأولى التخصصية متخطياً الطاعن رغم أنه يسبق كل المرقين في أقدمية الدرجة الثانية وفق ما ذكرته الجهة الإدارية ذاتها في ردها على الدعوى المرسل إلى هيئة قضايا الدولة رفق حافظة مستنداتها المقدمة بجلسة 21/ 2/ 1983 لمحكمة القضاء الإداري وكان سبب هذا التخطي وفق ما ذكرته الجهة الإدارية هو أن الترقية لهذه الدرجة تتم كلها بالاختيار بنسبة مائة في المائة ويشترط لها الحصول على تقريري كفاية بمرتبة ممتاز بينما المدعي حاصل على تقريرين أحدهما بمرتبة كفء والآخر بمرتبة ممتاز مما يفقده شرط الترقية، ولما كان الثابت وفق ما سلف أن الطاعن يسبق كل المرقين بهذا القرار إلى الدرجة الأولى في أقدمية الدرجة الثانية، وكانت الترقية إلى الدرجة الأولى تتم وفقاً للتفسير القانوني الصحيح السالف بيانه بنسبة 50% بالأقدمية و50% بالاختيار على أن يبدأ بالجزء المخصص للترقية بالأقدمية طبقاً للمادة 37 من نظام العاملين المدنيين بالدولة السالفة السرد، فإن قرار الترقية المشار إليه يكون مخالفاً للقانون وغير مشروع فيما تضمنه من تخطي الطاعن في الترقية لهذه الدرجة بالأقدمية، الأمر الذي يكون معه خليقاً بالإلغاء فيما تضمنه من هذا التخطي مع ما يترتب على ذلك من آثار أخصها سبق المدعي لكافة المرقين بهذا القرار في أقدمية الدرجة الأولى باعتباره قد رقي إليها بعد ذلك بالقرار رقم 182 لسنة 1983 الصادر في 16/ 1/ 1983.
ومن حيث إن الطاعن قد أجيب إلى أحد طلباته الأصلية المتعلقة بقرارات الترقية المطعون فيها فلا محل لبحث طلبه الاحتياطي في هذا الشأن.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من رفض طلب إلغاء القرار رقم 3626 لسنة 1981 وبإلغاء هذا القرار فيما تضمنه من تخطي الطاعن في الترقية إلى الدرجة الأولى مع ما يترتب على ذلك من آثار ورفض الطعن فيما عدا ذلك وألزمت الطرفين المصروفات مناصفة.

تسبيب الأحكام الجنائية / الجنح - مطبوعات منافية للآداب/ براءة - مثال من محكمة النقض

الطعن 3017 لسنــة 64 ق جلسة 10 / 10 / 2000 مكتب فني 51 ق 118 ص 610

وحيث إن الاستئناف استوفى الشكل المقرر في القانون.
وحيث إن النيابة العامة أسندت للمتهم أنه في...... بدائرة....... حاز بقصد التوزيع والعرض مطبوعات ورسومات فوتوغرافية وأفلام منافية للآداب العامة وطلبت عقابه بالمادة 178/ 1 من القانون رقم 16 لسنة 1952 على سند من القول أن التحريات السرية دلت على أن المدعو ..... والشهير..... والمقيم..... بجوار.... يقوم بجلب كميات كبيرة من الشرائط المخلة بالآداب العامة بقصد الاتجار فيها وتوزيعها على زبائنه من المترددين عليه بالإضافة إلى قيامه بعرض تلك الشرائط على الرواد المترددين عليه بمنزله الكائن بالناحية المذكورة وعرضها بالمنزل والمقهى إدارته ببندر..... بالقرب من السكة الحديد مستخدماً في ذلك بعض الأدوات والآلات نظير مقابل مادي يحصل عليه من تلك الشرائط. ونفاذاً لإذن النيابة العامة بضبط شخص ومسكن المتهم انتقل المقدم...... رئيس مباحث آداب المنوفية وبرفقته قوة من الشرطة السريين إلى مقهى المتهم المذكور فعثر على كتاب يحتوي على بعض الصور المخلة بالآداب العامة وأوضاع ممارسة العملية الجنسية بين الرجال والنساء بالألوان الطبيعية كما عثر على كمية من شرائط الفيديو عددها عشرة شرائط تتضمن أوضاع مخلة بالآداب العامة.
ومن حيث إنه بطلب المضبوطات لاطلاع المحكمة عليها للتحقق من أنها كما قال شاهد الإثبات عنها تكشف عن وقوع الجريمة ورد كتاب نيابة أشمون المؤرخ 28 من مايو سنة 2000 متضمناً أن النيابة أعدمت المضبوطات بتاريخ 9 من فبراير سنة 1988. لما كان ذلك، وكانت المحكمة لا تسترسل بثقتها إلى ما أثبت بمحضر الضبط عن المضبوطات بعد أن تعذر على المحكمة مطالعتها فإنه يتعين إلغاء الحكم المستأنف والقضاء ببراءة المتهم مما أُسند إليه بلا مصاريف جنائية.

الطعن 1327 لسنة 36 ق جلسة 9 / 3 / 1991 إدارية عليا مكتب فني 36 ج 2 ق 79 ص 769

جلسة 9 من مارس سنة 1991

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد حامد الجمل - رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ محمود عبد المنعم موافي وإسماعيل عبد الحميد إبراهيم ود. محمود صفوت عثمان وأحمد شمس الدين خفاجي - المستشارين.

-------------------

(79)

الطعن رقم 1327 لسنة 36 القضائية

تراخيص - ترخيص مزاولة نشاط إلحاق العمالة المصرية للعمل في الخارج - تجديد الترخيص.
قانون العمل الصادر بالقانون رقم 137 لسنة 1981 - قرار وزير القوى العاملة والتدريب رقم 100 لسنة 1982 باللائحة التنفيذية لتنظيم إلحاق المصريين للعمل في الخارج.
حظر المشرع مزاولة نشاط تشغيل العمال المصريين في الخارج دون الحصول على ترخيص بذلك من وزارة القوى العاملة - نظم المشرع مزاولة هذا النشاط استجابة لمقتضيات حماية اليد العاملة المصرية باعتبارها من مصادر الثروة القومية - يختلف هذا النوع من التراخيص عن تلك التي تمنح للأفراد للانتفاع بجزء من المال العام على سبيل التسامح والتفضل - الترخيص بمزاولة نشاط إلحاق العمالة المصرية بالخارج هو نوع من التراخيص الإدارية يقصد بها تمكين الجهة الإدارية من الإشراف على تنظيم عملية ممارسة هذا النشاط لضمان الرقابة على المنشآت التي تزاوله حماية للعمالة المصرية - يصدر الترخيص لمدة محددة يجوز تجديده بعدها - لا وجه للقول بأنها مجرد تراخيص مؤقتة يجوز سحبها أو تعديلها في أي وقت - رفض تجديد الترخيص يجب أن يقوم على سبب قائم وثابت لا يكفي مجرد الادعاء بأن صاحب المنشأة يتقاضى مبالغ مالية من العمال بعد أن صدرت أحكام جنائية ببراءته استناداً إلى أن الاتهام قائم على شكاوى كيدية - لا يكفي مجرد الادعاء بفقدان صاحب المنشأة شرط حسن السمعة ما دام لم يقم دليل على ذلك - تحديد مدلول حسن السمعة والسيرة الحميدة - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الخميس الموافق 15 من مارس سنة 1990 أودع الأستاذ الدكتور محمد عاطف البنا المحامي بصفته وكيلاً عن الطاعن.... قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 1327 لسنة 36 القضائية في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (دائرة منازعات الأفراد والهيئات) بجلسة 16 من يناير سنة 1990 في الدعوى رقم 1122 لسنة 44 القضائية والقاضي برفض الدعوى وإلزام المدعي المصروفات.
وطلب الطاعن - للأسباب الموضحة بتقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم بإلغاء القرار الصادر من الإدارة العامة للهجرة والاستخدام الخارجي بوزارة القوى العاملة والتدريب برفض تجديد ترخيصه رقم 31 لسنة 1983 وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المطعون ضدها المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وأعلن تقرير الطعن إلى المطعون ضده على الوجه المبين بالأوراق.
وقدم السيد الأستاذ المستشار/ عادل الشربيني مفوض الدولة تقريراً برأي هيئة مفوضي الدولة في الطعن انتهى فيه إلى أنه يرى الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وإلغاء القرار المطعون فيه وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون لهذه المحكمة جلسة 24 من سبتمبر سنة 1990 وتداولت نظره بالجلسات على النحو المبين بمحاضرها، وبجلسة السابع من يناير سنة 1991 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى هذه المحكمة التي نظرته بجلسة التاسع من فبراير سنة 1991 وفيها قررت المحكمة إصدار الحكم في الطعن بجلسة اليوم السبت الموافق التاسع من مارس سنة 1991، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة والمداولة.
من حيث إن الطاعن قد اختصم في هذا الطعن كل من السيد وزير الدولة للقوى العاملة والتدريب ومدير الإدارة العامة للهجرة والاستخدام الخارجي، ومن حيث إنه طبقاً لأحكام المادة 157 من الدستور فإن الوزير هو الرئيس الإداري الأعلى لوزارته وهو الذي يتولى رسم السياسة الخاصة بوزارته في إطار السياسة العامة للدولة وهو الذي يقوم بتنفيذها ولذلك فإن الوزير وحده هو الذي يمثل الوزارة أمام القضاء وفي مواجهة الغير وعلى ذلك يجري نص قانون المرافعات المدنية والتجارية حيث توجه صحائف الدعاوى إلى الوزراء المختصين وتعلن لهم بهيئة قضايا الدولة (م 13 من قانون المرافعات) ومن ثم فإنه لا صفة للمطعون ضده الثاني في اختصامه في هذا الطعن مع السيد وزير القوى العاملة والتدريب ويتعين بالتالي إخراج المطعون ضده الثاني من هذا الطعن.
ومن حيث إنه بمراعاة ما سبق يكون الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية، ومن ثم فهو مقبول شكلاً قبل المطعون ضده الأول وحده.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل حسبما يبين من الأوراق في أنه في الرابع من ديسمبر سنة 1986 أقام.......... الدعوى رقم 1122 لسنة 44 القضائية بإيداع صحيفتها قلم كتاب محكمة القضاء الإداري وطلب في ختامها الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار السلبي الصادر من الإدارة العامة للهجرة والاستخدام الخارجي بوزارة القوى العاملة والتدريب بالامتناع عن تجديد ترخيص المدعي رقم 31 لسنة 1983 وإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المطعون ضدها المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وقال المدعي شرحاً لدعواه إنه منذ عام 1978 وهو يزاول نشاطه في إلحاق العمالة المصرية بالعمل بالخارج من خلال مؤسسة (ايتا للتجارة والمقاولات) حتى اكتسب شهرة واسعة وسمعة طيبة في هذا المجال وظل على هذا الحال حتى صدر القانون رقم 119 لسنة 1982 بتعديل بعض أحكام قانون العمل رقم 127 لسنة 1981 حيث حصل وفقاً لأحكامه على الترخيص رقم 31 لسنة 1983 بمزاولة هذا العمل لمدة ثلاث سنوات من 21/ 6/ 1983 حتى 20/ 6/ 1986 وقبل انتهاء مدة الترخيص تقدم بطلب تجديده وفقاً لأحكام المادة 8 من اللائحة التنفيذية لهذا القانون الصادرة بالقرار رقم 100 لسنة 1982 وأرفق بهذا الطلب جميع المستندات المطلوبة إلا أنه أخطر بالكتاب المؤرخ 20/ 11/ 1986 بقرار لجنة البت الصادر في 30/ 9/ 1986 بعدم الموافقة على منحه الترخيص لعدم انطباق الشروط التي استلزمها القانون فتقدم بتظلم إلى السيد الوزير الذي قرر بدوره رفض التظلم الأمر الذي حدا به إلى إقامة الدعوى الصادر فيها الحكم المطعون فيه، وردت جهة الإدارة على الدعوى بإيداع ملف الترخيص الخاص بالمدعي والتقرير المتضمن بحث تظلمه وطلبت رفض الدعوى.
وبجلسة 14 من إبريل سنة 1987 حكمت المحكمة بقبول الدعوى شكلاً وفي الطلب المستعجل برفض وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وأمرت بإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضي الدولة لتقدم تقريراً بالرأي القانوني في طلب الإلغاء.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً في موضوع الدعوى انتهت فيه إلى أنها ترى الحكم برفض الدعوى، وبجلسة 6 من يناير سنة 1990 حكمت محكمة القضاء الإداري برفض الدعوى وألزمت المدعي المصروفات، وأقامت المحكمة قضاءها على أنه يبين من مطالعة أحكام القانون رقم 119 لسنة 1982 بتعديل قانون العمل الصادر بالقانون رقم 137 لسنة 1981 أن المادة 28 مكرراً قد حظرت على أي شخص طبيعي أو معنوي بالذات أو بالواسطة أو الوكالة مزاولة عمليات إلحاق المصريين بالعمل في الخارج إلا بعد الحصول على ترخيص بذلك من وزارة القوى العاملة والتدريب، كما حظرت المادة 28 مكرراً (3) تقاضي أي مقابل من العامل نظير إلحاقه بالعمل في الخارج، وأن المادة 28 مكرراً (4) قضت بإلغاء الترخيص إذا فقد المرخص له شرطاً من شروط الترخيص أو إذا تقاضى المرخص له من العامل أي مقابل نظير تشغيله.
وأضافت محكمة القضاء الإداري أن من المبادئ المسلمة أن الترخيص إنما هو تصرف إداري يتم بالقرار الصادر بمنحه وهو تصرف مؤقت بطبيعته قابل للسحب أو التعديل في أي وقت متى اقتضت المصلحة العامة ذلك، ولم يكن مشوباً بعيب إساءة استعمال السلطة وسواء أكان الترخيص مقيداً بشروط أو محدداً بأجل وإذ كان الثابت في الأوراق وما أوضحه الملحقون العماليون بكل من (جدة) و(قطر) و(أبو ظبي) أن المدعي تقاضى مبالغ مالية تتراوح ما بين 300 و1000 جنية من عمال مقابل إلحاقهم بأعمال لدى بعض المؤسسات والشركات بكل من السعودية وقطر وأبو ظبي، كما نسب إليه أنه يتعامل مع شركة بمالطة لإلحاق عمال مصريين للعمل بليبيا مقابل مبالغ مالية حصل عليها منهم وذلك كله بالمخالفة لحكم المادة 28 مكرراً من القانون 119 لسنة 1982 المشار إليه مما جعل الجهة الإدارية - وفقاً لما ثبت لديها من دلائل جدية بتقاضي المدعي مبالغ مالية من بعض العمال نظير إلحاقهم بالعمل في الخارج - ترفض تجديد الترخيص الممنوح للمدعي.
وخلصت المحكمة مما تقدم إلى أن القرار المطعون فيه قد قام على أسباب صحيحة تبرره ومتفقاً مع حكم القانون مبرأ من كل عيب وبالتالي تكون الدعوى قد قامت على غير أساس صحيح من القانون خليقة بالرفض.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه قد صدر معيباً لصدوره مخالفاً لصحيح الواقع والقانون وذلك لأسباب ثلاثة:
أولاً: أن الترخيص بمزاولة نشاط إلحاق المصريين بالعمل في الخارج ليست سلطة تقديرية للإدارة تستقل بتقدير منحه أو منعه أو سحبه أو تعديله حتى ولو كان مقيداً بشروط أو محدداً بأجل، وإنما الصحيح أنه تصرف يرتب مراكز قانونية ثابتة ومستقرة ويصدر عن اختصاص مقيد، بحيث لا يجوز المساس بها إلا لأسباب وبشروط وأوضاع قانونية محددة وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله.
ثانياً: إنه إذا كان لجهة الإدارة أن ترفض الترخيص إلا أنه يشترط ثبوت الحالة الواقعية المبررة لهذا الإجراء خاصة وأن قانون العمل ينص في المادة 28 مكرر 4، وتنص اللائحة التنفيذية في المادة 11 على حالات محددة لإلغاء الترخيص أو رفض تجديده ولم يقم بالطاعن أي سبب يبرر رفض تجديد الترخيص، كما أنه لا وجه لما قيل من أن سبب الرفض هو ورود تقارير من بعض الملحقين العماليين أو قيد بعض القضايا ضده، ذلك أن رفض تجديد الترخيص يجب أن يقوم على وقائع محددة يواجه بها ذوو الشأن إذ لا ترقى التقارير والشكاوى إلى مرتبة الدليل خاصة وأن الشكاوى قد حفظت لعدم صحتها والدعاوى حكم فيها بالبراءة حسبما هو ثابت من المستندات، فقد حكم ببراءته في الجنحة رقم 5785 لسنة 1985 مصر القديمة، كما حكم استئنافياً ببراءته في الجنحة رقم 1211 لسنة 1986 مصر القديمة عما نسب إليه من تقاضي مبالغ من العمال الذين الحقوا بالعمل بالخارج أما القضية رقم 1179 لسنة 1986 مصر القديمة فقد ثبت أنه لم يكن من بين المتهمين فيها، ومما سبق يتضح عدم صحة الوقائع التي نسبت إليه والشكاوى التي قدمت ضده، وخلو الأوراق من أي دليل على ثبوت تقاضيه أي مقابل من العمال.
ثالثاً: أن القرار المطعون فيه معيب بالانحراف بالسلطة وإساءة استعمالها، لما هو ثابت من المستندات من استناد القرار المطعون فيه إلى شكاوى قدمت ضد الطاعن دون تحقيق جدي، بل ودون مواجهته بها وتمكينه من الرد عليها ودحضها فضلاً عن أن الادعاءات التي وجهت ضده بتقاضي مبالغ من العمال لم يثبت صحتها بل وأن هناك إقرارات موثقة من العمال تفيد عدم تقاضيه أية مبالغ منهم، كما أن الثابت أن الوزارة ظلت تعامل الطاعن ووافقت على الطلب المقدم منه لتحرير عقود للعمال الذين وقع الاختيار عليهم بديوان عام الوزارة بمقتضى إجراءات باشرها الطاعن وموظفوه وذلك لسفر هؤلاء العمال للعمل خلال موسم الحج، الأمر الذي يدل على انعدام الباعث المعقول لدى جهة الإدارة لرفض تجديد الترخيص.
وانتهى الطاعن إلى طلب قبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم بإلغاء القرار الصادر برفض تجديد الترخيص رقم 31 لسنة 1983 مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المطعون ضدهما الأتعاب والمصروفات.
ومن حيث إن قانون العمل الصادر بالقانون رقم 137 لسنة 1981 قد نص في المادة 28 مكرراً المضافة بالقانون رقم 119 لسنة 1982 على أنه "مع عدم الإخلال بحق وزارة القوى العاملة في تنظيم إلحاق العمالة المصرية الراغبة في العمل بالخارج، يحظر على أي شخص طبيعي أو معنوي بالذات أو بالواسطة أو الوكالة مزاولة عمليات إلحاق المصريين بالعمل في الخارج إلا بعد الحصول على ترخيص بذلك من وزارة القوى العاملة والتدريب ويسري الترخيص لمدة ثلاث سنوات، ويجوز تجديده لمدد مماثلة ويصدر وزير الدولة للقوى العاملة والتدريب قراراً بتحديد قواعد وإجراءات ورسوم منح الترخيص وتجديده على ألا تجاوز ألف جنيه..".
ونص القانون المذكور في المادة 28 مكرراً (1) على أنه "يشترط للحصول على الترخيص المنصوص عليه في المادة السابقة:
1 - أن يكون طالب الترخيص مصري الجنسية وأن يكون محمود السيرة حسن السمعة.
2 - أن يكون لدى طالب الترخيص بطاقة ضريبية.
3 - ألا يكون طالب الترخيص قد سبق الحكم عليه في جناية أو جنحة مخلة بالشرف أو الأمانة أو الآداب العامة أو ممن ثبت أنه أساء استغلال العمال المصريين تحت ستار تسفيرهم إلى الخارج.
4 - أن يتخذ النشاط المرخص به شكل المكتب أو المنشأة وأن يكون له مقر في جمهورية مصر العربية تتوافر فيه الشروط التي تحددها اللائحة التنفيذية.
5 - أن يكون للمكتب أو المنشأة مدير مسئول مصري الجنسية، وذلك في الأحوال التي لا يتولى فيها المرخص له إدارة النشاط بنفسه.
6 - أن يتقدم طالب الترخيص بخطاب ضمان صادر من أحد البنوك بمبلغ عشرين ألف جنيه لصالح وزارة القوى العاملة والتدريب يظل سارياً طوال مدة الترخيص الأصلية أو المجددة".
ونص ذات القانون في المادة 28 مكرراً (2) على أن "يقدم المسئول عن المكتب أو المنشأة إلى وزارة القوى العاملة والتدريب نسخة من عقود العمل لمراجعتها والتأكد من مناسبة الأجر وملاءمة شروط العمل على أن تقوم الوزارة بإبداء رأيها خلال شهر من تاريخ تقديم العقود وإلا اعتبر موافقاً عليها".
ونص في المادة 28 مكرراً (3) على أن "يحظر تقاضي أي مقابل من العامل نظير إلحاقه بالعمل في الخارج ومع ذلك يحق للمكتب أن يحصل على أتعاب عن ذلك من صاحب العمل".
ثم نص القانون في المادة 28 مكرراً (4) على أن "يلغى الترخيص في الحالتين الآتيتين:
1 - إذا فقد المرخص له شرطاً من شروط الترخيص.
2 - إذا تقاضى المرخص له من العامل أي مقابل نظير تشغيله. ويجوز إلغاء الترخيص بقرار من وزير القوى العاملة والتدريب في الحالتين الآتيتين:
1 - مخالفة المرخص له أحكام القرارات الصادرة تنفيذاً لأحكام هذا الفصل.
2 - إذا قدم بيانات في طلب الترخيص أو تجديده واتضح بعد حصوله عليها عدم صحتها.
ولا يخل إلغاء الترخيص في الحالات السابقة بتوقيع العقوبات المنصوص عليها في هذا القانون".
وتنص اللائحة التنفيذية لتنظيم إلحاق المصريين للعمل في الخارج والصادر بقرار وزير القوى العاملة والتدريب رقم 100 لسنة 1982 في المادة 11 منها على أن "يلغى الترخيص بقرار من الوزير المختص في الحالتين الآتيتين:
1 - إذا فقد المرخص له شرطاً من شروط الترخيص.
2 - إذا تقاضى المرخص له من العامل أي مقابل نظير إلحاقه بالعمل في الخارج.
ويجوز إلغاء الترخيص بقرار من الوزير المختص في الحالتين الآتيتين:
أ - مخالفة المرخص له أحكام القانون أو القرارات الصادرة تنفيذاً له.
ب - إذا قدم طالب الترخيص بيانات في طلب الترخيص أو تجديده اتضح بعد حصوله عليه عدم صحتها.
ويجوز لمن ألغى ترخيصه أن يتظلم من ذلك إلى الوزير المختص خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ إبلاغه بإلغاء ترخيصه".
وتنص تلك اللائحة في المادة 18 على أنه "يحظر على المنشأة ما يلي:
أ - إخفاء أية بيانات أو معلومات على أية جهة حكومية تطلبها.
ب - تقاضي أية مبالغ أو هدايا أو مكافآت من العمال في سبيل إلحاقهم للعمل بالخارج أو تسجيلهم.
ج - الإضرار بالمصريين أو إدخال الغش في أية بيانات أو اشتراطات تتعلق بهم سواء عند الترشيح أو التعاقد.
د -..........".
ومن حيث إن المستفاد من استعراض النصوص المتقدمة أن المشرع وهو بصدد تنظيم إلحاق العمالة المصرية الراغبة في العمل بالخارج قد حظر مزاولة نشاط تشغيل العمال المصريين بالخارج دون الحصول على ترخيص بذلك من وزارة القوى العاملة، وتكفل المشرع بتحديد الشروط الواجب توافرها للحصول على هذا الترخيص، وأناط باللائحة التنفيذية تحديد قواعد وإجراءات ورسوم منح الترخيص وتجديده.
ومن حيث إن هذا التنظيم إنما فرضه التشريع استجابة لمقتضيات حماية اليد العاملة المصرية باعتبارها أغلى أجزاء الجسد القومي، وهي قوته وقوام حياته وثروته فالقوى العاملة المصرية هي المنوط بها مهام توفير الإنتاج والخدمات اللازمة لجميع أفراد المجتمع وهي التي يعلق عليها الوطن آماله وأحلامه ويستند إليها في تحقيق غاياته وطموحاته، فاليد العاملة ولو دون موارد طبيعية ذات قيمة تحقق الدول أرقى مدارج الحضارة وبغير القوى العاملة القادرة تصبح أغنى الدول من حيث الموارد الطبيعية في ضعف وتخلف أو تصبح نهباً للطامع المغير أو حقلاً لحصاد الآخرين واستغلال المعتدين.
ولقد حرصت الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان على أن تجعل حق العامل في أجره كاملاً حقاً مؤكداً يتعين على جميع الدول احترامه ورعايته وحمايته، ومن بين تلك الاتفاقيات، الاتفاقية الدولية للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي أقرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في 16/ 12/ 1966 والتي وقعت عليها جمهورية مصر العربية بتاريخ 4/ 8/ 1967 وحرر بالموافقة عليها قرار رئيس الجمهورية رقم 537 لسنة 1981، وقد نصت هذه الاتفاقية في المادة 6 على أن: "1 - تقر الدول الأطراف في الاتفاقية الحالية بالحق في العمل الذي يتضمن حق كل فرد في أن تكون أمامه فرصة كسب معيشته عن طريق العمل الذي يختاره أو يقبله بحرية، وتتخذ هذه الدول الخطوات المناسبة لتأمين هذا الحق. 2 - تشمل الخطوات التي تتخذها أي من الدول الأطراف في الاتفاقية الحالية للوصول إلى تحقيق كامل لهذا الحق من وضع برامج وسياسات ووسائل للإرشاد والتدريب الفني والمهني من أجل تحقيق نمو اقتصادي واجتماعي وثقافي مطرد وعمالة كاملة ومنتجة في ظل شروط تؤمن للفرد حرياته السياسية والاقتصادية".
ومن حيث إن مقتضى هذا النص أنه على جميع الدول أن تتخذ الخطوات المناسبة لتأمين حق كل فرد في فرصة العمل في ظل شروط تؤمن له حرياته السياسية والاقتصادية، ومؤدى ذلك أن تؤمن الدولة لأبنائها توفير فرصة العمل دون استغلال من أي نوع كان، ولا شك أن من بين أبغض صور استغلال العامل أن تفرض عليه أعباء مالية يتحملها في مقابل الحصول على العمل الذي يصلح له، وهو الأمر الذي ينطوي على إهانة واستغلال لطالب العمل الذي يوضع في موقف المستجدي لفرصة العمل وهو ما يتعارض مع كرامة المواطن التي لا شك يهدرها أساليب الابتزاز والاستغلال التي قد تخضعه لها حاجته إلى العمل والتي تستخدم ما معه لمشاركته جبراً في نتاج عمله وعرقه، وقد أعلى الدستور المصري كرامة الإنسان العامل ووضع النصوص اللازمة لحمايتها حيث نصت وثيقة إعلان الدستور المصري على أن "كرامة الفرد انعكاس طبيعي لكرامة الوطن، ذلك أن الفرد هو حجر الأساس في بناء الوطن، وبقيمة الفرد وبعمله وبكرامته تكون مكانة الوطن وقوته وهيبته" والتزام بهذه المبادئ الأساسية وتأكيداً لهذا المفهوم واتساقاً مع المواثيق والاتفاقيات الدولية التي تحمي حق العمل وحق العامل في الأجر الذي يستحقه عما يؤديه من عمل فقد نص الدستور المصري في المادة 13 على أن "العمل حق، وواجب وشرف تكفله الدولة" ولا يمكن أن يكون العمل شرف إلا إذا ما حصل عليه العامل بكرامة وإعزاز كذلك نص الدستور في المادة 23 على أن "ينظم الاقتصاد القومي وفقاً لخطة تنمية شاملة تكفل زيادة الدخل القومي وعدالة التوزيع ورفع مستوى المعيشة والقضاء على البطالة، وزيادة فرص العمل وربط الأجر بالإنتاج، وضمان حد أدنى للأجور..." وفي سبيل ذلك حرص المشرع على أن يجعل من تقاضي منشأة تشغيل العمال المصريين بالخارج أية مبالغ نقدية أو عطايا عينية منهم مخالفة جسيمة توجب حرمان المنشأة من ترخيص قيامها بهذا النشاط، لأن ارتكاب هذه المخالفة لا يمثل عدواناً على نص تشريعي فحسب وإنما يمثل قبل ذلك وفوق ذلك عدواناً على نص دستوري بل وعلى نصوص الاتفاقات الدولية لحقوق الإنسان.
ومن حيث إنه من أجل تحقيق ذلك فقد حرص المشرع في قانون العمل على أن يتطلب في صاحب منشأة تشغيل العمال المصريين في الخارج جملة الشروط التي من مقتضاها تأمين تعامل العمالة المصرية معه وكفالة كرامتها وحقها في أجورها المتعاقد عليها كاملة بكل نوعيات خبراتها وقدراتها وتخصصاتها وفي مقدمة هذه الشروط حسن السمعة وذلك اعتباراً بأن هذا الترخيص في الوقت الذي يتيح لصاحبه فرصة كسب مشروع من أرباب الأعمال التي يلتحق العمال المصريون لديهم إنما يباشر صاحبه من خلاله الإسهام في توفير فرص العمالة للمصريين بالخارج وهي مهمة اقتصادية واجتماعية تتعلق بجموع غفيرة من المواطنين الراغبين في العمل بالخارج ويجب أن تكون الغايتان المذكورتان محل التزام ورعاية المرخص له بصورة لا يجب أن يضحى معها بغاية النفع والصالح العام في سبيل تحقيق نفعه الخاص، وعلى نحو يجب أن تهدر فيه جهة الإدارة بالنفع الخاص للمرخص له إذا ثبت تعارض هذا النفع الخاص مع المصلحة العامة والنفع العام لجموع المتعاملين مع المرخص له ومقتضى ذلك أنه لا يجوز لجهة الإدارة أن تحرم المرخص له من الترخيص مضحية بمصدر رزقه إلا إذا ما ثبت لها حقاً وصدقاً أنه قد أخل بواجبه تجاه المتعاملين معه على نحو ما حدده القانون ذلك أن الترخيص بمزاولة هذا النشاط ليس من قبيل التصرفات التي تجريها الإدارة بناء على سلطة تقديرية مطلقة لا رقابة عليها حيث لا توجد مثل هذه السلطة في أية دولة تخضع لسيادة القانون وهو ما نصت عليه صراحة أحكام المادتين 64، 65 من الدستور وأكدته المادة 68 منه عندما حظرت النص في القوانين على تحقيق أي عمل أو قرار إداري من رقابة القضاء وهو ليس كذلك من التصرفات القانونية التي تجريها جهة الإدارة على سبيل التسامح والتفضل والمؤقتة بطبيعتها والقابلة للسحب أو التعديل في أي وقت على النحو الذي ذهب إليه الحكم المطعون فيه على غير سند من القانون وإنما وفقاً لصريح أحكام قانون العمل فإنه ينشىء القرار الصادر بمنح الترخيص الخاص بتشغيل العمال مركزاً قانونياً ذاتياً لطالب الترخيص يكسبه حقاً لا يجوز المساس به إلا في حدود القانون فإن تنكرت جهة الإدارة لهذا الحق بقرار لاحق دون مقتضى وبالمخالفة لأحكام القانون، كان ذلك من قبيل الاعتداء غير المشروع على المركز الذاتي للمرخص له الذي يبدي طلب إلغائه لمخالفته القانون.
ومن حيث إن الترخيص محل هذا النزاع إنما يختلف عن التراخيص التي تمنح للأفراد للانتفاع بجزء من المال العام على سبيل التسامح والتفضل، ذلك أن هذه التراخيص حسبما استقرت أحكام هذه المحكمة تختلف في مداها وفيما تخوله للأفراد من حقوق على المال العام بحسب ما إذا كان هذا الانتفاع (عادياً) أو (غير عادي) ويكون الانتفاع عادياً إذا كان متفقاً مع الغرض الأصلي الذي خصص من أجله المال كما هو الشأن في أراضي الجبانات وأراضي الأسواق العامة وما يخصص في شاطئ البحر لإقامة الكبائن والشاليهات، ويكون الانتفاع غير عادي إذا لم يكن متفقاً مع الغرض الأصلي الذي خصص له المال العام كالترخيص بشغل الطريق العام بالأدوات والمهمات والأكشاك، ففي الانتفاع غير العادي يكون الترخيص للأفراد باستعمال جزء من المال العام من قبيل الأعمال الإدارية المبينة على مجرد التسامح والتفضل بصفة مؤقتة ومن ثم تتمتع الإدارة بالنسبة لهذا النوع من الانتفاع بسلطة تقديرية واسعة، فيكون لها إلغاء الترخيص في أي وقت بحسب ما تراه متفقاً مع المصلحة العامة وليس في ذلك سوى إعادة المال العام إلى أصله وإزالة الاستثناء الذي ورد على استخدامه من قبيل التسامح والتفضيل المؤقت لاعتبارات وملاءمات الصالح العام وأولويات رعاية أغراضه في استخدامه وذلك باعتبار أن المال العام لم يخصص في الأصل لمثل هذا النوع من الانتفاع وأن الترخيص باستعماله على خلاف هذا الأصل عارض وموقوت بطبيعته لحتمية إعادة المال العام إلى طبيعته وطبيعة أغراض استخدامه المخصص لها، ومن ثم يكون هذا التسامح والتفضل وإن أطلق عليه وصف الترخيص قابلاً للإلغاء أو التعديل في أي وقت لداعي المصلحة العامة أما إذا كان المال قد أعد بطبيعته لينتفع به الأفراد انتفاعاً خاصاً بصفة مستقرة وبشروط معينة فإن الترخيص به يتم من الجهة الإدارية المنوط بها الإشراف على المال العام ويصطبغ الترخيص في هذه الحالة بصبغة العقد الإداري وتحكمه الشروط الواردة فيه والقواعد القانونية التي تنظم هذا النوع من الانتفاع وهي ترتب للمنتفع على المال العام حقوقاً تختلف في مداها وقوتها بحسب طبيعة الانتفاع وطبيعة المال المقرر عليه، على أنها في جملتها تتسم بطابع من الاستقرار في نطاق المدة المحددة في الترخيص، أما إذا لم تكن ثمة مدة محددة، فإن هذه الحقوق تبقى ما بقي المال مخصصاً للنفع العام، وبشرط أن يقوم المنتفع بالوفاء بالالتزامات الملقاة على عاتقه وتلتزم الإدارة باحترام حقوق المرخص له في الانتفاع بحيث لا يجوز لها إلغاء الترخيص كلياً أو جزئياً خلال المدة المحددة لسريانه ما دام كان المنتفع قائماً بتنفيذ التزاماته، وذلك ما لم تقم اعتبارات متعلقة بالمصلحة العامة تقتضي إنهاء تخصيص المال العام لهذا النوع من الانتفاع، ودون إخلال بما للجهة الإدارية من حقوق في اتخاذ الإجراءات التي تكفل صيانة الصحة العامة والسكينة العامة والأمن والنظام العام ولو تعارض ذلك مع مصلحة المنتفعين.
ومن حيث إن الترخيص بمزاولة مهنة، كما هو الشأن بالنسبة لترخيص بمزاولة نشاط إلحاق العمالة المصرية بالخارج فإن هذا الترخيص من التراخيص الإدارية التي يقصد بها تمكين الجهة الإدارية من الإشراف على تنظيم عملية ممارسة هذا النشاط لضمان الإشراف والرقابة على المنشآت التي تزاوله لكفالة تحقيق المصالح العامة التي كفلتها نصوص القانون والترخيص يصدر وفقاً له لمدة محددة يجوز تجديده بعدها، ومن ثم لا يصح القول بأنها مجرد تراخيص مؤقتة لا تلتزم بها الإدارة ويجوز لها سحبها أو تعديلها في أي وقت لما في هذا من مجافاة لطبيعة هذه التراخيص والغاية من تنظيم المشرع لإصدارها إلا أن النظام الأساسي للدولة يقوم على حماية الدستور والقانون للنشاط الاقتصادي الفردي ما دام يتحقق منه الخير العام للمجتمع ويوفر لصاحبه الكسب المشروع ولا سبيل لتنفيذ هذا النشاط إلا لتوفير الكفاية والعدل مما يحول دون الاستغلال ويؤدي إلى تقريب الفوارق بين الدخول (م 4، 32 من الدستور) ولا يغير من ذلك أن المشرع قد حدد مدة سريان هذا الترخيص بثلاث سنوات فإن هذا لا يعني زعزعة للمراكز القانونية المستقرة وتغيير طبيعة هذا الترخيص وتحويلها إلى مجرد عمل من أعمال التسامح والتفضل من الجهة الإدارية المختصة وإنما يعني أن المشرع يقصد ضمان استمرارية الإشراف الذي منحه المشرع لوزارة القوى العاملة على تلك المنشآت من خلال التمكن دورياً من التحقق من مدى دوام استمرار تمتع المرخص له بالشروط اللازمة لمنح الترخيص واستمرار تنفيذه لواجباته وتجنبه لكل محظور عليه ومن بين هذه المحظورات أن يتقاضى من العمال المصريين أية عطايا نقدية أو عينية.
ومن حيث إن الجهة الإدارية فيما يتعلق بالنزاع الماثل قد رفضت تجديد الترخيص رقم 31 لسنة 1983 الصادر للطاعن استناداً إلى فقدانه لشرط من شروط الترخيص وهو شرط أن يكون محمود السيرة حسن السمعة لثبوت حصوله على مبالغ مالية من العاملين الذين ألحقهم بالعمل بالخارج.
ومن حيث إنه عن اتهام الطاعن بالحصول على مبالغ مالية من العمال الذين ألحقهم بالعمل بالخارج فإن الثابت من الأوراق المودعة ملف الدعوى الصادر فيها الحكم المطعون فيه أن هذا الاتهام كان محلاً للدعوى رقم 5785 لسنة 1986 جنح مصر القديمة وقد قضي فيها بجلسة 12/ 1/ 1987 حضورياً ببراءة المتهم (الطاعن) مما أسند إليه كما حكم استئنافياً ببراءته في الجنحة رقم 1211 لسنة 1986 مصر القديمة وذلك تأسيساً على أن الشكوى التي قدمت ضده ما هي إلا أقوال مرسلة وأنها جميعها حررت في تاريخ واحد مما يستدل منه على أنها كيدية بالإضافة إلى ما قدمه المتهم (الطاعن) من إقرارات تؤيد أنه لم يتقاضى أية مبالغ من العمال، الأمر الذي يجعل الأوراق خالية من دليل يدين المتهم.
ومن حيث إنه من المبادئ الأساسية المسلم بها في حجية الأحكام الجنائية أن القضاء المدني والإداري يتقيد بما أثبته الحكم الجنائي من وقائع فصل فيها سواء من حيث وقوعها بالفعل أو نسبتها إلى متهم بصفته أو نفي هذا الحدوث أو الوقوع من إنسان محدد وفي ذات الوقت لا يقيد محاكم مجلس الدولة بالتكييف القانوني لتلك الوقائع أو ينصرف تكييف الحكم الجنائي إلى مجال التأثيم والعقاب الجنائي دون غيره من المجالات التي يختص بنظرها والفصل فيها القاضي الإداري، وحيث إن الحكم المشار إليه قد انتهى إلى براءة الطاعن من هذه التهمة بعدما ثبت لدى المحكمة أن الشكاوى المقدمة ضده كيدية فإنه يتعين التقيد بتلك الحقيقة التي انتهى إليها القضاء الجنائي عند الحكم في المجال الإداري احتراماً لحجية الحكم الجنائي على النحو سالف البيان.
ومن حيث إنه يؤكد تلك الحقيقة القضائية التي قررها الحكم الجنائي أن الثابت من كتاب مدير منطقة القوى العاملة المؤرخ 3/ 11/ 1985 بشأن ما نسب للمدعي من تقاضيه (1000) جنيه من كل من عامل ممن قام بإلحاقهم بالعمل في أبو ظبي أنه "بإجراء التحريات على المكتب قبل وبعد تقديم الشكاوى لم يستدل على شيء يدين المكتب وأنه لم يفد أحد العمال بحصول الطاعن على أية مبالغ منهم" كما تضمن تقرير وحدة مباحث مصر القديمة المؤرخ في 12/ 6/ 1986 أنه "بإجراء التحريات والكشف تبين عدم وجود سوابق ولا اتهامات مقيدة ضد الطاعن وأن المذكور حسن السير والسلوك وسمعته طيبة بالمنطقة التي يقيم بها، وأنه ليس لدى المباحث مانع من الموافقة على تجديد الترخيص الممنوح له".
ومن حيث إنه عما ادعته جهة الإدارة من فقدان الطاعن شرط حسن السمعة كسند لقرارها بعدم تجديد الترخيص الممنوح له فقد جرى قضاء هذه المحكمة على أن حسن السمعة والسيرة الحميدة هي تلك المجموعة من الصفات والخصال التي يتحلى بها الشخص فتكسبه الثقة بين الناس وتجنبه وصمة السوء وما يمس الخلق، أي أنها تلتمس أصلاً في الشخص نفسه فهي لصيقة به ومتعلقة بسيرته وسلوكه ومن مكوناته الشخصية وبغيرها لا تتوافر الثقة في الشخص وبها يلتمس الأمان لديه.
ومن حيث إنه وإن كان لا شك في صحيح حكم القانون إنه لو ثبت قيام أحد المرخص لهم بتشغيل العمالة المصرية في الخارج في ابتزازهم وتقاضي مبالغ نقدية أو مزايا عينية منهم مقابل تشغيلهم بهذا الفعل المثبت يفقد المرخص له الذي يثبت قبله شرط حسن السمعة، إنما يتعين لفقدان هذا الشرط وفقاً لصريح نصوص قانون العمل أن يثبت قبل المرخص له هذا الفعل الذي يجوز لخطورته بناء على ثبوته سحب الترخيص منه وكذلك يمتنع تجديد الترخيص لما يترتب على ارتكاب هذا الفعل قبل المرخص له من فقدانه لشرط حسن السمعة في مجال النشاط المرخص به، ومن حيث إنه كما سلف البيان لم يثبت قبل الطاعن ارتكابه هذا الفعل.
ومن حيث إن جهة الإدارة لم تقدم من الأوراق ما يرقى لأن يكون من الأدلة أو الدلائل أو الشواهد التي تفيد دفع سلوك الطاعن بالخروج عن الصفات والخصال التي توفر له حسن السمعة على نحو يقدم سنداً لما تدعيه الجهة الإدارية من فقدان الطاعن لشرط حسن السمعة، ومن ثم فإن القرار المطعون فيه يكون فاقداً لركن السبب.
ومن حيث إنه ينبني على ما تقدم أنه وقد صدر القرار المطعون فيه برفض تجديد الترخيص للطاعن من غير سند إذ صدر خالياً من السبب الصحيح الذي تثبته أصول سائغة، ومن ثم فإن الطعن على هذا القرار يكون في محله الأمر الذي يتعين معه الحكم بإلغاء القرار الطعين وما يترتب على ذلك من آثار.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر فإنه يكون قد خالف صحيح حكم القانون ويتعين إلغاؤه.
ومن حيث إن من خسر الدعوى يلتزم بالمصروفات إعمالاً لأحكام المادة 184 من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً في مواجهة المطعون ضده الأول وحده، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار وألزمت جهة الإدارة بالمصروفات.

الطعن 1809 لسنة 33 ق جلسة 9 / 3 / 1991 إدارية عليا مكتب فني 36 ج 2 ق 78 ص 761

جلسة 9 من مارس سنة 1991

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد حامد الجمل - رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ محمود عبد المنعم موافي وإسماعيل عبد الحميد إبراهيم ود. محمود صفوت عثمان وأحمد شمس الدين خفاجي - المستشارين.

----------------

(78)

الطعن رقم 1809 لسنة 33 القضائية

أملاك الدولة العامة والخاصة - التخصيص للمنفعة العامة - طرقه.
المادة 87 من القانون المدني معدلة بالقانون رقم 331 لسنة 1954، المادة 9 من الأمر العالي الصادر في 26 من أغسطس سنة 1889.
الطرق والشوارع والترع والقناطر والجسور وغيرها المخصصة للمنفعة العامة أي المخصصة لاستعمال الجمهور تعتبر أملاكاً عامة - تخصيص الأموال العامة للمنفعة العامة يكون بموجب أداة قانونية وهذا هو التخصيص الرسمي للمنفعة العامة من السلطة المختصة أو بموجب التخصيص الفعلي بأن يكون الطريق أو القنطرة أو الجسر أو الترعة مخصصاً للاستعمال العام بالفعل أي مطروقاً يمر فيه الناس والدواب ووسائل النقل دون تحديد أو تخصيص من فترة زمنية طويلة كافية لاستقرار تخصيصه بالفعل للنفع العام - يثبت ذلك من المظاهر الواقعية للتخصيص للنفع العام - لا يشترط لاعتبار شيء من ذلك مخصصاً للنفع العام وجود مصلحة تنظيم في الجهة التي يوجد بها الطريق أو الجسر أو القنطرة، كما لا يشترط أن يتم الصرف على شيء منها بمعرفة الحكومة, أثر ذلك: اعتبار هذه الأشياء مخصصة للنفع العام لا يحتاج إلا لاعتباره متروكاً للتطرق للمواطنين - يفترض ذلك أن هذه الأشياء هي أصلاً من الملك الخاص للدولة ثم رأت تخصيصه للمنفعة العامة إما بأداة قانونية أو بالفعل - يجوز للأفراد فتح طرق أو شوارع خاصة أو بناء الجسور والقناطر في ملكهم الخاص - تبقى هذه الأشياء ملكاً خاصاً لصاحبها لا يستخدمه غيره ومن يأذن لهم دون غيرهم من الجمهور - يشترط في هذه الخصوصية أن تدل عليها علامات مادية بأن يسد طرفي الطريق أو الجسر أو القنطرة بباب أو بدرابزين أو بجنزير لمنع مرور الجمهور - يجوز أن ينتقل الطريق أو الجسر أو القنطرة من ملك الفرد الخاص إلى الدومين العام وذلك بأن تنزع الحكومة ملكيته ثم تخصصه للمنفعة العامة أي لاستعمال الجمهور أو بأن يتنازل المالك أو الملاك عن الطريق أو الجسر أو القنطرة للحكومة وتخصصه هي للمنفعة العامة - قد يكون هذا التنازل صريحاً أو يكون ضمنياً يستفاد من ظروف الحال بترك المالك مدة طويلة للاستعمال العام للجمهور أي بالتطرق الفعلي - إذا ما تم التخصيص الفعلي للمنفعة العامة لأرض مملوكة ملكية خاصة لفترة معقولة فإن الملكية الخاصة تنتقل إلى الملك العام للشعب بحكم تخصيصها للمنفعة العامة وتكون لهذه الأرض المخصصة للمنفعة العامة حرمة باعتبارها ملكاً عاماً ترتبط بتخصيصها مصالح الجمهور - الأثر المترتب على ذلك: يتعين على السلطات العامة والأفراد حمايتها ودعمها باعتبارها من الأملاك العامة - تطبيق.


إجراءات الطعن

بتاريخ 18 من إبريل سنة 1987 أودع الأستاذ محمد حاتم المحامى بصفته وكيلاً عن السيد...... قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 1809/ 33 القضائية عليا ضد رئيس الوحدة المحلية لمركز ومدينة كفر شكر بصفته عن الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 26/ 2/ 1987 في الدعوى رقم 5232/ 37 ق التي كانت مقامة من الطاعن ضد المطعون ضده بصفته، والذي قضى برفض الدعوى وإلزام المدعي المصروفات.
وطلب الطاعن - للأسباب الواردة بتقرير الطعن - الحكم بقبوله شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم مجدداً بإلغاء القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات والأتعاب.
وأودع الأستاذ المستشار/ مصطفى عبد المنعم مفوض الدولة تقريراً مسبباً بالرأي القانوني لهيئة مفوضي الدولة ارتأى فيه لأسبابه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعن بالمصروفات.
وقد عرض الطعن على دائرة فحص الطعون فأمرت بإحالته إلى هذه المحكمة وعينت لنظره أمامها جلسة 18/ 11/ 1989 وتداولت المحكمة نظره واستمعت إلى ما رأت لزوم سماعه من ملاحظات ذوي الشأن، على النحو المبين بمحاضر الجلسات وقررت إصدار الحكم فيه بجلسة 16/ 2/ 1991 ثم قررت مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم 9/ 3/ 1991 لإتمام المداولة وبها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة والمداولة.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى الأوضاع المقررة لنظره.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة حسبما يبين من أوراقها تتحصل في أنه بتاريخ 17/ 8/ 1983 أقام السيد....... الدعوى رقم 5232/ 27 ق ضد رئيس الوحدة المحلية لمركز ومدينة كفر شكر بصفته أمام محكمة القضاء الإداري وطلب في ختام صحيفتها الحكم بقبول الدعوى شكلاً وبإلغاء القرار المطعون فيه وإلزام الجهة الإدارية المصروفات وقال شرحاً لها إنه بتاريخ 7/ 7/ 1983 صدر قرار رئيس الوحدة المحلية لمركز ومدينة كفر شكر ونص في مادته الأولى على إعادة بناء القنطرة المقامة على ترعة مراد بناحية كفر مراد ومركز كفر شكر لربط الكتلة السكنية بالقرية المعترض على إعادة بنائها المواطن...... من الناحية المذكورة، على أن يتم ذلك بالجهود الذاتية ونعى المدعي على هذا القرار مخالفته القانون لأن القطعة المراد إقامة القنطرة عليها تقع في ملكه، وأن القنطرة لم تكن مقامة من قبل، فضلاً عن وجود قناطر أخرى بالقرية تربط الكتلة السكنية ببعضها، وأنه لا اختصاص للمدعى عليه في بناء القناطر على ملك المدعي مما يشكل عدواناً على ملك المدعي لا يقره القانون.
وبجلسة 26/ 2/ 1987 أصدرت المحكمة حكمها الطعين على أسباب محصلها أنه يبين من الأوراق أنه كانت توجد قنطرة قديمة تربط الكتلة السكنية على جانبي ترعة مراد اتهدمت عند تطهير الترعة بواسطة الكراكة، ولما كانت هذه القنطرة ذات أهمية بالغة للقرية، إذ أنها تربط بين كتلتين سكنيتين داخل القرية، ولا غنى للأهالي عن استعمالها وهي الطريق الوحيد الذي يعبره الأهالي للوصول إلى مدخل القرية، فقد تقدم المواطنون بطلب إلى الوحدة المحلية لإعادة بناء القنطرة وأعدت إدارة التخطيط العمراني دراسة أوضحت فيها أهمية القنطرة وضرورتها لاستعمال الأهالي وأوضحت ذلك برسم كروكي يبين القرية والترعة والطريق والكتلة السكنية، كما تضمنت الدراسة أن المواطن..... ونجله قاما بعمل سور بالغاب والطين في محاولة لإغلاق الطريق المؤدي إلى القنطرة، واقترحت إعادة بناء القنطرة بالجهود الذاتية لأهميتها للعزبة وربط شقيها وإزالة التعديات التي قام بها المذكور ونجله وزوجته، واستناداً إلى ذلك صدر القرار المطعون فيه بإعادة بناء القنطرة وأن الثابت من الرسم الكروكي أن ترعة مراد على جانبيها طريقان تربط بينهما القنطرة موضوع النزاع، وكل من الطرفين يجاور كتلة سكنية، ويوجد في إحدى الكتلتين السكنيتين طريق يمر بوسط القرية ويصل إلى الطريق المجاور للترعة في موضع مقابل للقنطرة، كما يبين من الرسم أن المدعي أقام سوراً على نهاية الطريق المار من وسط القرية بقصد غلقه ومنع اتصاله بالطريق المجاور للترعة والمقابل للقنطرة وأن هذه الطرق والقنطرة مستطرقة بواسطة أهالي القرية، ومن ثم تكون منافع عامة لخدمة أهالي القرية، وتعتبر من الأموال العامة التي لا يجوز التعدي عليها، ويكون للجهة الإدارية إزالة ما يقع عليها من تعدي بالطريق الإداري، طبقاً للمادة 26 من قانون نظام الحكم المحلى الصادر بالقانون رقم 43 لسنة 1979 وأن قيام المدعي بعمل سور حول نهاية الطريق المار بوسط الكتلة السكنية للقرية بقصد غلقه ومنع اتصاله بالقنطرة بغرض إعاقة إعادة بناء القنطرة التي كانت قائمة وهدمت بواسطة الكراكة عند تطهير الترعة يعتبر تعدياً على المنافع العامة للقرية ولا يغير من ذلك ما يدعيه من أن قطعة الأرض المقام عليها القنطرة ملك له، إذ لم يقدم دليلاً يؤيد ذلك، والعقد الابتدائي المقدم منه لا يثبت ذلك إلى جانب أن الأموال العامة لا يجوز تملكها.
ومن حيث إن مبنى الطعن مخالفة الحكم الطعين القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله استناداً إلى أن القنطرة موضوع النزاع لم تكن مقامة من قبل، كما أنه توجد قناطر أخرى تربط الكتلتين السكنيتين بالقرية، وأن ما خلص إليه الحكم المطعون فيه استمده من أصول لا سند لها خاصة أن الرسم الكروكي المقدم من جهة الإدارة إنما هو من صنعها ولا يصلح دليلاً يعول عليه وأن القنطرة تقع في خالص ملك المدعي ولم تكن مقامة من قبل حتى يدعي أنها أصبحت من المنافع العامة بالفعل، ولا يوجد دليل في الأوراق يؤيد دفاع جهة الإدارة أنها كانت مقامة من قبل وأن القرار المطعون فيه في حقيقته إنما هو قرار بنزع جزء من ملكية الطاعن لإقامة القنطرة عليه صدر من غير مختص، فضلاً عن مخالفته الواقع والقانون.
ومن حيث إن المادة 87 من القانون المدني معدلة بالقانون رقم 331 لسنة 1954 تنص في فقرتها الأولى على أنه "تعتبر أموالاً عامة العقارات والمنقولات التي للدولة أو للأشخاص الاعتبارية العامة والتي تكون مخصصة لمنفعة عامة بالفعل أو بمقتضى قانون أو مرسوم أو قرار من الوزير المختص" ومفاد حكم هذا النص أن الطرق والشوارع والترع والقناطر والجسور وغيرها المخصصة للمنفعة العامة، أي المخصصة لاستعمال الجمهور تعتبر أملاكاً عامة وتكون هذه الأشياء مخصصة للمنفعة العامة إما بموجب أداة قانونية مما أورده النص، وهذا هو التخصيص الرسمي للمنفعة العامة بأداة قانونية من السلطة المختصة، أو بموجب التخصيص الفعلي بأن يكون الطريق أو القنطرة أو الجسر أو الترعة مخصصاً للاستعمال العام بالفعل أي مطروقاً يمر فيه الناس والدواب ووسائل النقل دون تحديد أو تخصيص من فترة زمنية طويلة كافية لاستقرار تخصيصه بالفعل للنفع العام، ويثبت ذلك من المظاهر الواقعية للتخصيص للنفع العام ولا يشترط لاعتبار شيء من ذلك مخصصاً للنفع العام وجود مصلحة تنظيم في الجهة التي يوجد بها الطريق أو الجسر أو القنطرة، كما لا يشترط أن يتم الصرف على شيء منها بمعرفة الحكومة، وحاصل الأمر أن اعتبار هذه الأشياء مخصصة للمنفعة العامة لا يحتاج إلا لاعتباره متروكاً للتطرق للمواطنين، بيد أن ذلك يفترض أن هذه الأشياء هي أصلاً من الملك الخاص للدولة ثم رأت تخصيصه للمنفعة العامة، إما بأداة قانونية مما ذكر أو بالفعل حسبما سبق بيانه، وهذا واضح من عبارة نص المادة 87 المشار إليها إذ تقول "تعتبر أموالاً عامة العقارات والمنقولات التي للدولة أو للأشخاص الاعتبارية العامة" ومع ذلك يجوز للأفراد منح طرق أو شوارع خاصة أن بناء الجسور والقناطر في ملكهم الخاص وتبقى هذه الأشياء ملكاً خاصاً لصاحبها لا يستخدمه غيره ومن يأذن لهم دون غيرهم من الجمهور على أن يبين هذه الخصوصية ويدل عليها علامة مادية بأن يسد طرفي الطريق أو الجسر أو القنطرة بباب أو بدرابزين أو بجنزير لمنع مرور الجمهور (المادة 2 من الأمر العالي الصادر في 26 من أغسطس سنة 1989 في خصوص أحكام مصلحة التنظيم، ويجوز أن ينتقل الطريق أو الجسر أو القنطرة من ملك الفرد الخاص إلى الدومين العام وذلك بأن تنزع الحكومة ملكيته ثم تخصصه للمنفعة العامة أي لاستعمال الجمهور، أو بأن يتنازل المالك أو الملاك عن الطريق أو الجسر أو القنطرة للحكومة وتخصصه هي للمنفعة العامة، وقد يكون هذا التنازل صريحاً أو يكون ضمنياً كما يستفاد من ظروف الحال بترك المالك مدة طويلة للاستعمال العام للجمهور أي بالتطرق الفعلي.
ومن حيث إنه كما أن الملكية الخاصة مصونة ولا يجوز فرض الحراسة عليها إلا في الأحوال المبينة بالقانون وبحكم قضائي، ولا تنزع للنفع العام إلا مقابل تعويض عادل وفقاً للقانون طبقاً للمادة (34) من الدستور، فإنه إذا ما تم التخصيص الفعلي للمنفعة العامة لأرض مملوكة ملكية خاصة لفترة معقولة فإنه تنتقل هذه الملكية الخاصة إلى الملك العام للشعب بحكم تخصيصها لمنفعته العامة وتكون لهذه الأرض المخصصة للمنفعة العامة حرمة باعتبارها ملكاً عاماً ترتبط بتخصيصها مصالح الجمهور ويتعين على السلطات العامة وعلى كل مواطن حمايتها ودعمها باعتبارها ملكاً عاماً وذلك وفقاً للقانون فالملكية العامة سند المواطن وأساس للخدمة العامة للمواطنين ومصدر رفاهية للشعب طبقاً لصريح نص المادة (33) من الدستور.
ومن حيث إنه بناء على ما سلف بيانه فإن مقطع النزاع في الطعن الماثل هو في مدى حسمه سبق وجود القنطرة موضوع النزاع واستطراقها بمعرفة أهالي القرية وهي وقائع مادية ينبني على ثبوتها ثبوت صفة الملك العام للأرض محل النزاع ويجوز إقامة الدليل على هذه الوقائع إثباتاً ونفياً بمختلف طرق الإثبات.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أنه في شهر يونيه سنة 1986 تقدم اثنان وستون مواطناً من أهالي قرية كفر مروان، مركز كفر شكر قليوبية إضافة إلى عمدة القرية بشكوى إلى رئيس الوحدة المحلة بكفر تصفا جاء بها أنه توجد قنطرة على ترعة مراد زمام كفر مروان بالجهة البحرية لخدمة أهالي الكفر ومقامة منذ أكثر من خمسين عاماً وأن الكراكة قامت بتطهير هذه الترعة لأول مرة، الأمر الذي أدى إلى تلف وإزالة القنطرة ولصالح الأهالي ولعدم تعطل مصالحهم في الانتقال بين شطري القرية، قاموا بإعادة بناء وتصليح القنطرة، إلا أن المدعو..... ونجله..... وزوجته..... والملاصق سكنهم لهذه القنطرة قاموا بمنع الأهالي من الإصلاح والبناء وبالتعدي على الطريق الموصل لهذه القنطرة حيث قاموا ببناء مصاطب عليه، وطلب الأهالي في ختام شكواهم المعاينة والموافقة على تصليح هذه القنطرة وإزالة التعديات على الطريق الموصل لها ومنع المشكو في حقهم من التعريض لأهالي القرية في بناء وتصليح هذه القنطرة.
ومن حيث إن الطاعن لم يجحد ولم ينازع في تقديم هذه الشكوى من اثنين وستين مواطناً من أهالي القرية إضافة إلى أنها موقعة من عمدة البلدة فإن ما جاء بها يعتبر بمثابة شهادة هذا العدد الكبير من أهالي القرية بأن القنطرة موضوع النزاع كانت موجودة وقائمة على ترعة مراد من قديم لمصلحة أهالي القرية ومستطرقة بمعرفتهم يؤكد ذلك ما أشر به رئيس الوحدة المحلية بكفر تصفا على هذه الشكوى من أن هذه القنطرة مقامة منذ أكثر من خمسين عاماً وتخدم الكفر جميعه حيث تتوسطه مما يجعل واقعة قيام ووجود القنطرة محل النزاع من مدة طويلة سابقة على صدور القرار المطعون فيه واستطراقها بمعرفة أهالي القرية واقعة صحيحة ومستمدة من مضمون الأوراق ويدحض في ذات الوقت ادعاء الطاعن بعكس ذلك.
ومن حيث إنه ليس صحيحاً أيضاً ما ادعاه الطاعن من أن القنطرة محل النزاع مقامة على أرض مملوكة له بالقطعة رقم 58 بحوض القطع رقم 8، ذلك أنه يبين من مطابقة الخريطة المساحية (لوحة رقم 875/ 645) المقدمة بحافظة مستندات الطاعن المودعة بجلسة 3/ 4/ 1989 أمام دائرة فحص الطعون بالخريطة المساحية رقم (875/ 645)، (875/ 646.5) المودعة بحافظة مستندات الجهة الإدارية بجلسة 27/ 10/ 1990 مرافعة، أن القنطرة محل النزاع مقامة على مسقة خصوصية (ترعة مراد) أملاك خاصة للأهالي، ولها حقوق ارتفاق للري، وهي بعيدة عن القطعة رقم 58 بحوض القطع رقم 8 التي اشتراها الطاعن بموجب عقد بيع ابتدائي أودع صورته حافظة مستنداته المقدمة بجلسة 14/ 3/ 1984 أمام محكمة القضاء الإداري.
ومن حيث إنه متى كان ذلك كذلك فلا ريب في أن القنطرة محل النزاع هي من الأملاك العامة المخصصة بالفعل لمنفعة أهالي القرية مما يقدر معه القرار المطعون فيه بالسماح لأهالي القرية بإعادة بناءها وبمنع تعرض الطاعن لهم في ذلك حماية للملكية العامة ورعاية للصالح العام ووقفاً لتعدي الطاعن غير المشروع عليه موافقاً لصحيح حكم القانون، ومن ثم يعدو الطعن فيه خليقاً بالرفض، وإذ انتهى قضاء حكم الطعن إلى ذلك فإنه يكون قد صدر سليماً مطابقاً للقانون مما يتعين معه القضاء برفض الطعن الماثل وإلزام الطاعن المصروفات عملاً بأحكام المادة 184 مرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وألزمت الطاعن بالمصروفات.

الطعن 1447 لسنة 33 ق جلسة 9 / 3 / 1991 إدارية عليا مكتب فني 36 ج 2 ق 77 ص 752

جلسة 9 من مارس سنة 1991

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد حامد الجمل - رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ محمود عبد المنعم موافي وإسماعيل عبد الحميد إبراهيم ود. محمود صفوت عثمان وأحمد شمس الدين خفاجي - المستشارين.

------------------

(77)

الطعن رقم 1447 لسنة 33 القضائية

مبان - البناء على الأراضي الزراعية - شروط الترخيص به (أراض زراعية) (ترخيص).
المادة 152 من قانون الزراعة رقم 53 لسنة 1966 والمضافة بالقانون رقم 116 لسنة 1983، والمواد 4، 8، 9 من قرار وزير الزراعة رقم 124 لسنة 1984.
حظر المشرع إقامة أية مبان أو منشآت في الأراضي الزراعية أو ما في حكمها من الأراضي البور - أجاز المشرع رعاية لاعتبارات المصلحة العامة استثناء في حالات محددة إقامة مبان أو مشروعات في هذه الأرض وفقاً للشروط والإجراءات التي يصدر بها قرار من وزير الزراعة - هذه الاستثناءات التي حددها المشرع لا يجوز التوسع في تفسيرها بما يؤدي إلى الإخلال بالأصل المقرر من حظر إقامة أية مبان أو منشآت على الأراضي الزراعية - من بين هذه الاستثناءات إجازة إقامة المشروعات التي تخدم الإنتاج الزراعي أو الحيواني والتي يصدر بتحديدها قرار من وزير الزراعة - حدد وزير الزراعة هذه المشروعات بأنها المشروعات التي تتصل بصورة مباشرة بالإنتاج الزراعي أو الحيواني - هذا التحديد لا يكفي بمفرده لإجازة إقامة هذه المشروعات بل يشترط في هذه المشروعات أن تحقق خدمة الإنتاج الزراعي أو الحيواني وفقاً لما نص عليه المشرع صراحة - نتيجة ذلك: لا يكفي للتصريح بمثل هذه المشروعات أن تكون متصلة اتصالاً مباشراً بالإنتاج الزراعي أو الحيواني إذا لم تحقق مثل هذه المشروعات خدمة الإنتاج الزراعي أو الحيواني - إقامة مشروع لطحن الدقيق الناتج عن غلات الأرض الزراعية يتصل اتصالاً مباشراً بالإنتاج الزراعي لأنه يقوم على ما تنتجه الأرض من غلات كما يحقق خدمة الإنتاج الزراعي والحيواني في القرية المصرية في مجالات متعددة - أثر ذلك: يجوز التصريح به لخدمة الإنتاج الزراعي والحيواني وفقاً للشروط والإجراءات المقررة في قرار وزير الزراعة رقم 124 لسنة 1984 - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الأحد الموافق 22/ 3/ 1987 أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها نائباً عن السيدين/ محافظ الشرقية ومدير الزراعة بالشرقية بصفتيهما سكرتارية المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن قيد برقم 1447 لسنة 33 القضائية عليا في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (دائرة المنصورة) في الدعوى رقم 1013 لسنة 6 القضائية بجلسة 22/ 1/ 1987 والقاضي بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار وألزمت المدعى عليه الأول المصروفات وانتهت في تقرير الطعن إلى طلب وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه والحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء برفض الدعوى وإلزام المطعون ضدها المصروفات والأتعاب.
وقد تم إعلان الطعن على الوجه المبين بالأوراق وقدم السيد المستشار محمد متولي مفوض الدولة تقريراً مسبباً برأي هيئة مفوضي الدولة القانوني في الطعن وقد رأت هيئة مفوضي الدولة للأسباب الواردة بتقريرها الحكم بقبول الطعن شكلاً وبرفضه بشقيه العاجل والموضوعي وإلزام الطاعن الأول بصفته بالمصروفات.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 12/ 12/ 1989 وتدوول نظره على النحو الثابت بمحاضر الجلسات حيث قررت بجلسة 19/ 11/ 1990 إحالة الطعن إلى هذه المحكمة التي حددت لنظره جلسة 15/ 12/ 1990 وفي هذه الجلسة حضر الأستاذ/ محمد محمود المحامي وقدم شهادة وفاة المطعون ضدها في 6/ 6/ 1987 وطلب أجلاً لإحضار سند الوكالة من الورثة حيث قدم بجلسة 2/ 2/ 1991 توكيلاً خاصاً رقم 190 ههيا من الورثة وهم....... و........ و...... و...... وبعد أن استمعت المحكمة إلى المرافعة وما رأت لزوماً لسماعه من إيضاحات قررت حجز الدعوى للحكم لجلسة 9/ 3/ 1991 وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن مقام من كل من محافظ الشرقية ومدير الزراعة بالشرقية بصفتيهما ومن حيث إنه طبقاً لأحكام قانون الإدارة المحلية فإن المحافظ هو الذي يمثل المحافظة أمام القضاء في مواجهة الغير وليس لمدير الزراعة بالمحافظة أية صفة في تمثيلها أمام المحاكم أو أية جهة أخرى.
ومن حيث إنه بناء على ذلك فإنه يتعين استبعاد السيد مدير الزراعة بالشرقية بصفته عند النظر فيها.
ومن حيث إنه بمراعاة ما سبق فإن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
من حيث إن عناصر المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الأوراق - في أن المطعون ضدها قد أقامت هذه الدعوى ابتداء بعريضة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بالمنصورة بتاريخ 3/ 6/ 1984 وطلبت في ختامها الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات وقالت في بيان دعواها إنه أصدر السيد محافظ الشرقية بتاريخ 25/ 3/ 1984 قراراً برفض طلب الترخيص للطالبة بإنشاء مبنى ماكينة طحين بمساحة قيراط من أرضها الزراعية برغم أن هذه الحالة ليست من الأحوال التي يجوز فيها التصريح ونعت على هذا القرار أنه صدر مخالفاً للقانون ومشوباً بالتعسف للأسباب الآتية:
1 - إن التصريح بالبناء في الأرض الزراعية بحكم القانون رقم 53 لسنة 1966 وهو يجيز للمالك أن يبني في الأرض الزراعية إذا كان البناء يخدم الإنتاج الزراعي ولا شك أن ماكينة الطحين وضرب الأرز من المشروعات التي تخدم الإنتاج الزراعي.
2 - إن من التعسف حرمان المالكة من استغلال ملكها في حدود القانون والمساحة المراد البناء عليها مساحة قيراط واحد لا تلحق أي ضرر للمصلحة العامة خاصة وأن الأرض تجاور جبانة ولا تصلح للزراعة.
3 - إن اللجنة المشكلة بتفتيش الزراعة بالمركز واللجنة المشكلة بمديرية الزراعة وافقت على التصريح للطالبة ببناء ماكينة على هذه المساحة إلا أن السيد المحافظ انفرد برفض الطلب.
4 - إن الطالبة حصلت على موافقة جهة الري والصرف المغطى والآلات التجارية وبعد ذلك تكلفت نفقات الإنشاء والآلات فأصبحت هذه الأموال معرضة للخطر الموجب لوقف تنفيذه حتى يفصل في الموضوع.
وقدمت المدعية تأييداً لدعواها ثلاث حوافظ مستندات طويت على: 1 - خطاب صادر من مديرية الزراعة بالشرقية مؤرخ 17/ 4/ 1984 برفض الترخيص لها بإنشاء ماكينة الطحين. 2 - صورة نموذج طلب الترخيص بإقامة مبان ومنشآت بأراض زراعية مؤرخ في 11/ 2/ 1984 يفيد موافقة مالك الأرض المراد إقامة البناء عليها على المساحة المطلوبة. 3 - إقرار صادر عن اللجنة الفردية بناحية الأحراز مركز أبو كبير يقر موقعوه بأن المنطقة محرومة من مشروع ماكينة لطحن الحبوب والغلال وأنهم في حاجة إلى المشروع. 4 - صورة ضوئية من عقد بيع مصدق عليه بالشهر العقاري مؤرخ 10/ 3/ 1984 يفيد شراء المدعية لمساحة (12 س 4 ط) بحوض الشوكة/ 3. 5 - صورة ضوئية لكتاب الإدارة العامة للقمح ومنتجاته إدارة المطاحن مؤرخ 13/ 12/ 1984 بأن ليس هناك مانع من إقامة المطحن المشار إليه بشرط توافر الشروط المنظمة لمطافي المواني. 6 - موافقة الهيئة العربية للتصنيع بتاريخ 26/ 2/ 1985 على إقامة المشروع بطاقة إنتاجية 9000 إردب قمح سنوياً، و 6000 إردب ذرة سنوياً مع عدم إقامة المشروع على أرض زراعية إلا بموافقة وزارة الزراعة. وعقبت الجهة الإدارية على الدعوى بتقديم حافظة طويت على صورة من قرار وزير الزراعة رقم 124 لسنة 1984 بشأن الحالات التي يرخص فيها بإقامة منشآت على أراض زراعية ومذكرة المستشار القانوني بالرد على الدعوى والتي جاء بها أنه يشترط للموافقة على المشروع أن يكون متصلاً بصورة مباشرة بالإنتاج الزراعي أو الحيواني وفقاً للقرار الوزاري المشار إليه وأن يكون مشروعاً إنتاجياً في هذين المجالين وأن ماكينة الطحين المراد التصريح بها ليست من المشروعات المتصلة اتصالاً مباشراً بالإنتاج الزراعي أو الحيواني بالإضافة إلى أنها ليست مشروعاً إنتاجياً مما يتعين رفض الدعوى.
وبجلسة 12/ 6/ 1985 أصدرت المحكمة حكمها في الشق العاجل من الدعوى برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه لانتفاء حالة الاستعجال المبرر له، كما أصدرت بجلستها المنعقدة في 22/ 1/ 1987 حكمها المطعون فيه في الشق الموضوعي بإلغاء القرار المطعون فيه وأقامت المحكمة قضاءها على أن القرار المطعون فيه صدر معيباً بأكثر من عيب من عيوب عدم المشروعية إذ لم يثبت من الأوراق أو في دفاع المحافظ أن الإدارة سلكت الإجراءات التي تضمنها القرار رقم 124 لسنة 1984 بشأن شروط وإجراءات منح ترخيص البناء في الأراضي الزراعية وبصفة خاصة ما يفيد عرض طلب الترخيص على اللجنة الفنية أو اللجنة العليا صاحبتي الاختصاص وفقاً لتشكيل بذاته بالبت في طلبات الترخيص ويكون قرار محافظ الشرقية استناداً إلى رأي المستشار القانوني له سلباً لاختصاص هاتين اللجنتين هذا ومن ناحية أخرى فإن القرار المطعون فيه لم يقم على سببه المبرر له إذ من المقطوع به أن مطحن غلال زراعية يتصل اتصالاً وثيقاً ومباشراً بالإنتاج الزراعي بل إن الترخيص به في أرض زراعية يحقق أكثر نفع يستهدف منه.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله ذلك أن مصدر القرار ارتأى بالسلطة المخولة له قانوناً واستناداً إلى الشروط المنصوص عليها بقرار وزير الزراعة رقم 124 لسنة 1984 أن مشروع إقامة ماكينة طحن لطحن الدقيق لا يتصل اتصالاً مباشراً بالإنتاج الزراعي بالإضافة إلى أن طحن القمح (الوارد من الخارج) لا يمثل اتصالاً مباشراً بالإنتاج الزراعي فضلاً عن أن صدور القرار من المحافظ مباشرة ودون عرضه على اللجنتين المنصوص عليهما بالمادة الثامنة من القرار الوزاري المشار إليه لا يعيب القرار لأن العرض عليها لا يكون إلا بعد استيفاء الشروط الأولية للمشروع وإنما كان المشروع الخاص بالمدعية فاقداً لهذه الشروط فلا حاجة لعرضه على اللجنتين المشار إليهما، ولما كان تنفيذ الحكم المطعون فيه يترتب عليه نتائج يتعذر تداركها وهي الإضرار بالاقتصاد القومي وسياسة الدولة في الحفاظ على الأرض الزراعية فقد حق وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه.
وعقب وكيل المطعون ضدها ثم ورثتها على تقرير الطعن بأن المطحن ليس له علاقة إطلاقاً بالقمح المستورد وإنما هو مطحن مواني يقوم الأهالي بتموينه بما يحتاجون من قمح وذرة، كما جاء بموافقة الإدارة العامة للقمح، كما أن طحن القمح بما يجعله صالحاً لإنتاج الخبز هو أول المواد الغذائية التي تحرص الدولة دائماً على أن تجعله خارج الأزمات يضاف إلى ذلك أن المحافظ بإصداره القرار بعدم الموافقة دون موافقة اللجان الفنية التي يطلب قرار وزير الزراعة أن يمر بها الطلب يجعل قراره منه اغتصاب لسلطة هذه اللجان وقد قدم المطعون ضدهم حافظة مستندات طويت على صورة من ترخيص المطحن تنفيذاً للحكم المطعون فيه وصورة من ملف المستندات السابق تقديمها أمام محكمة القضاء الإداري.
ومن حيث إن النزاع في هذا الطعن يدور حول مدى اتفاق القرار المطعون فيه برفض إقامة مطحن مع الأحكام المنظمة لجواز إقامة المشروعات استثناء على الأراضي الزراعية، استثناء من قواعد الحظر وفقاً لحكم المادة 152 من قانون الزراعة وقرار وزير الزراعة رقم 124 لسنة 1984 الصادر تنفيذاً له.
ومن حيث إن نص المادة 152 من قانون الزراعة رقم 53 لسنة 1966 والمضافة بالقانون رقم 116 لسنة 1983 تنص على أنه "يحظر إقامة أية مبان أو منشآت في الأراضي الزراعية أو اتخاذ أية إجراءات في شأن تقسيم هذه الأراضي لإقامة مبان عليها، ويعتبر في حكم الأراضي الزراعية الأراضي البور القابلة للزراعة داخل الرقعة الزراعية، ويستثنى من هذا الحظر: ( أ )....... (د) الأراضي التي تقام عليها مشروعات تخدم الإنتاج الزراعي أو الحيواني والتي يصدر بتحديدها قرار وزير الزراعة..." كما نصت الفقرة الأخيرة من هذه المادة على أنه "يشترط صدور ترخيص من المحافظ المختص قبل البدء في إقامة أية مبان أو منشآت أو مشروعات ويصدر بتحديد شروط وإجراءات منح هذا الترخيص قرار من وزير الزراعة بالاتفاق مع وزير التعمير" وقد أصدر وزير الزراعة تنفيذاً للحكم المتقدم القرار رقم 124 لسنة 1984 متضمناً شروط وإجراءات منح تراخيص البناء على الأراضي الزراعية ونصت المادة الرابعة منه على أنه "يشترط للترخيص بإقامة المشروعات التي تخدم الإنتاج الزراعي والحيواني المنصوص عليها في البند (و) من المادة 152 من قانون الزراعة المشار إليه ما يلي:
( أ ) أن يكون المشروع متصلاً بصورة مباشرة بالإنتاج الزراعي أو الحيواني.. أي أن يكون مشروعاً إنتاجياً في هذين المجالين.
(ب) أن يكون المشروع المطلوب إقامته متناسباً في طاقته مع المساحة المطلوب الترخيص بها حسبما تقرره اللجان المختصة المنصوص عليها في هذا القرار.
(ج) الحصول على الموافقات المبدئية على المشروع المطلوب إقامته من الجهات الإدارية المختصة بالمجتمعات العمرانية الجديدة والصحة والصناعة والإسكان والري والطرق والزراعة المختصة وغيرها حسب الأحوال ووفقاً للقوانين والقرارات المنظمة لهذه الجهات وفي جميع الأحوال يتعين أن تكون هناك مسافات بين المشروعات التي يرخص بها وبينها وبين الكتلة السكنية ويصدر بتحديد هذه المسافات قرار من المحافظ المختص بمراعاة أحكام القوانين المعمول بها.
(د) الإيصال الدال على سداد الرسوم المقررة.
(هـ) موافقة المالك إذا لم يكن الطلب مقدماً من المالك..".
وتضمنت كل من المادتين الثامنة والتاسعة إجراءات الموافقة على الطلبات وذلك عن طريق لجنة فنية بكل مركز برئاسة مدير الإدارة الزراعية وممثلي الوزارات المختصة وتختص بفحص الطلبات وإبداء الرأي فيها ثم ترسل إلى اللجنة العليا بالمحافظة المشكلة برئاسة مدير مديرية الزراعة وتقوم بالبت في الطلبات وتعتمد توصياتها من المحافظ المختص.
ومن حيث إنه يبين من النصوص المتقدمة أن الأصل هو حظر إقامة أية مبان أو منشآت في الأراضي الزراعية أو ما في حكمها من الأراضي البور إلا أن المشرع رعاية لاعتبارات المصلحة العامة أجاز استثناءً في حالات محددة إقامة مبان أو مشروعات في هذه الأراضي وفقاً للشروط والإجراءات التي يصدر بها قرار من وزير الزراعة، ومن ثم فمثل هذه الاستثناءات التي حددها المشرع لا يجوز أن يتسع في تفسيرها بما يؤدي إلى الإخلال بالأصل المقرر من حظر إقامة أية مبان أو منشآت على الأراضي الزراعية، ومن بين هذه الاستثناءات ما نص عليه في المادة 152 بند 2 المشار إليها من إجازة إقامة المشروعات التي تخدم الإنتاج الزراعي أو الحيواني والتي يصدر بتحديدها قرار من وزير الزراعة، وإذا كان وزير الزراعة قد حدد هذه المشروعات بأنها المشروعات التي تتصل بصورة مباشرة بالإنتاج الزراعي أو الحيواني فإن هذا التحديد لا يكفي بمفرده لإجازة إقامة هذه المشروعات بل يشترط في هذه المشروعات أن تحقق خدمة الإنتاج الزراعي أو الحيواني وفقاً لما نص عليه المشرع صراحة، ومن ثم فلا يكفي للتصريح بمثل هذه المشروعات أن تكون متصلة اتصالاً مباشراً بالإنتاج الزراعي أو الحيواني إذا لم تحقق مثل هذه المشروعات خدمة الإنتاج الزراعي والحيواني وإلا كان في ذلك خروج على أحكام القانون وهو ما لا يجوز أن يتم بأداة أدنى من التشريع الذي تطلب هذا الشرط.
ومن حيث إنه إذا كان إقامة مشروع لطحن الدقيق الناتج عن غلات الأرض الزراعية هو مما لا شك فيه يتصل اتصالاً مباشراً بالإنتاج الزراعي لأنه يقوم على طحن ما تنتجه الأرض الزراعية من غلات فإنه فضلاً عن ذلك يحقق خدمة الإنتاج الزراعي والحيواني في القرية المصرية في مجالات متعددة فهو ييسر حصول العمالة الزراعية على الدقيق الذي يعتبر المادة الأساسية في غذائها بما ينعكس ذلك على توجيه طاقتها وجهدها لخدمة الإنتاج الزراعي والحيواني كما أن مخلفات الطحن تعتبر مادة أساسية في غذاء الحيوانات الزراعية بما يساعد على تنمية هذه الثروة الحيوانية ومن ثم فإن هذا المشروع الذي تتحقق منه هذه الفوائد يعتبر من المشروعات التي تندرج في عداد المشروعات التي يجوز التصريح بها لخدمة الإنتاج الزراعي والحيواني وفقاً للشروط والإجراءات المقررة في قرار وزير الزراعة المشار إليه.
ومن حيث إن قرار محافظ الشرقية المطعون فيه بعدم الموافقة على إقامة هذا المطحن لم يقم كما يبين من الأوراق على عدم توافر الإجراءات الواردة بقرار وزير الزراعة إذ الثابت من الأوراق أن هناك موافقة على إقامة المشروع في وزارة البحوث والهيئة العامة للتصنيع كما أن اللجنة القروية بالجمعية التعاونية الزراعية بناحية الاحراز أكدت الحاجة إلى هذا المشروع لعدم وجود مثيل له في هذه الناحية، وإنما الثابت من الأوراق أن القرار المطعون فيه يرفض التصريح إنما قام على كون المشروع ليس من المشروعات الإنتاجية المتصلة اتصالاً مباشراً بالإنتاج الزراعي وهو الأمر الذي ثبت عدم سلامته على النحو السابق إيضاحه مما يجعل القرار المطعون فيه غير قائم على سند صحيح من القانون، يضاف إلى ذلك أن القرار المطعون فيه صدر من المحافظ دون اتباع الإجراءات المنصوص عليها في القرار الوزاري رقم 124 لسنة 1984 المشار إليه في عرضه على اللجنة الفنية ثم اللجنة العليا للمحافظة للبت في الطلب وهي إجراءات جوهرية أغفلها القرار المطعون فيه ويترتب على هذا الإغفال بطلان القرار المطعون فيه.
ومن حيث إنه يبين مما تقدم عدم مشروعية القرار المطعون فيه لعدم بنائه على سبب صحيح فضلاً عن إغفاله لإجراءات جوهرية كان يجب استيفاؤها قبل صدوره مما يجعله مخالفاً للقانون وواجب الإلغاء وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى هذا المذهب فإنه يكون قد صدر سليماً مطابقاً للقانون ويكون الطعن الماثل على سند غير صحيح من القانون مما يتعين رفضه وإلزام الجهة الإدارية بالمصروفات عملاً بنص المادة 184 من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً من محافظ الشرقية وحده، وفي الموضوع برفضه وألزمت الطاعن بالمصروفات.