الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 17 أبريل 2023

الطعن 668 لسنة 44 ق جلسة 15 / 2 / 1978 مكتب فني 29 ج 1 ق 94 ص 478

جلسة 15 من فبراير سنة 1978

برئاسة السيد المستشار محمد أسعد محمود نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد الباجوري، صلاح نصار، محمود رمضان وإبراهيم فراج.

-----------------

(94)
الطعن رقم 668 لسنة 44 القضائية

(1)، (2) إيجار "إيجار الأماكن".
(1) الأجرة الواجب على المستأجر سدادها لتفادي إقامة دعوى ضده بالإخلاء هي المستحقة في ذمته حتى تاريخ تكليفه بالوفاء - جواز توقى الحكم بالإخلاء بأداء الأجرة وفوائدها والمصاريف الرسمية حتى إقفال باب المرافعة في الدعوى أمام محكمة الاستئناف.
(2) الحكم بإخلاء المستأجر لتكرار امتناعه أو تراخيه في الوفاء بالأجرة يعتبر. مبرر المقصود بالتكرار. يكفي وقوع فعل واحد بعد صدور القانون 52 لسنة 1969 سبقته أفعال تكرار أخرى.

------------------
1 - مفاد نص المادة 23 من القانون 52 لسنة 1969 في شأن إيجار الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجرين والمستأجرين، أنه يشترط لطلب الإخلاء بسبب عدم الوفاء بالأجرة مضي خمسة عشر يوماً بعد تسليم المستأجر التنبيه بإيفائها دون أن يقوم بالسداد، والأجرة التي يتعين على المستأجر الوفاء بها كي يتفادى رفع الدعوى بالإخلاء هي تلك المستحقة فعلاً في ذمته حتى تاريخ تكليفه بالوفاء، وعلى الرغم من أن المشرع رتب للمؤجر الحق في إخلاء المستأجر لنكوله عن أداء الأجرة بمجرد انقضاء المدة السابقة فإنه رغبة منه في التيسير على المستأجرين بعد رفع الدعوى أفسح لهم مجال الوفاء بالأجرة المستحقة حتى تاريخ إقفال باب المرافعة فيها، ولما كان المقرر في قضاء هذه المحكمة أن صياغة المادة 23 المشار إليها جاءت عامة مطلقة ولا يجوز قصر نطاقها على إغلاق باب المرافعة أمام المحكمة الابتدائية دون محكمة الاستئناف، لما فيه من تقييد لمطلق النص وتخصيص لعمومه بغير مقتض وهو ما لا يجوز مما مؤداه أنه لتوقى طلب الإخلاء ولإسقاط حق المؤجر فيه يتعين أداء الأجرة وفوائدها والمصاريف الرسمية المستحقة حتى إقفال باب المرافعة في الدعوى أمام محكمة الاستئناف أيضاً، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد بنى قضاءه بالإخلاء على سند من أن الطاعن لم يقم بوفاء الأجرة المستحقة حتى تاريخ إغلاق باب المرافعة أمام محكمة الاستئناف فإنه لا يكون قد خالف القانون.
2 - مؤدى نص المادة 23/ أ من القانون رقم 52 لسنة 1969، أن المشرع استحدث - استهدافاً لتحقق العدالة - حكماً يقضي بأن على المحكمة أن تقضي بالإخلاء حتى ولو دفع المستأجر الأجرة المتأخرة قبل قفل باب المرافعة في الدعوى متى تحقق لها تكرر امتناعه أو تراخيه عن الوفاء بالأجرة بلا مبرر تقتنع به مما مفاده أن تكرار تأخير المستأجر في وفاء الأجرة يخول المحكمة سلطة تقدير فيما إذا كان المستأجر يسيء استعمال حقه في تفادي حكم الإخلاء بالوفاء إلى ما قبل قفل باب المرافعة أم لا. ولما كان المقصود بالتكرار بالمعنى السالف أن يكون المستأجر قد مرد على عدم توفيه الأجرة في مواقيتها ودأب على إساءة استعمال التيسير المخول له بالتقاعس عن أدائها دون عذر يمكن قبوله، فإنه يكفي لتطبيق هذا النص المستحدث أن يقع في ظله فعل واحد من أفعال التأخير تكون قد سبقته أفعال مماثلة صادفت محلها قبل صدوره دون أن يكون في ذلك مخالفة لمبدأ عدم رجعية القانون، اعتباراً بأن التأخير المتكرر يعتبر حالة موصولة الأسباب لم يثبت تحققها إلا في ظل القانون الجديد الذي اقتصر تطبيقه على الواقعة التي حدثت بعد العمل به ولم يتعد دور واقعة التأخير الأول الحاصلة قبله إلا أنها ثبت عن التكرار فيه دون أن تكفي بمجردها لتوقيع جزاء الإخلاء الذي قررته المادة، ومن ثم فلا سريان للقانون الجديد على الماضي. لما كان ما تقدم وكان الحكم قد قضى بإخلاء الطاعن لثبوت أن تأخره عن دفع الأجرة التي أقيمت بسببها الدعوى ليس امتناعاً أو تأخيراً منفرداً بل هو تكرار لامتناع أو تأخير سابق بما يتحقق به ثبوت ميله إلى المماطلة واتجاهه إلى إعنات المؤجر في ظل القانون رقم 52 لسنة 1969 فإنه يكون قد طبق عجز المادة 23/ أ منه تطبيقاً صحيحاً.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليه أقام الدعوى رقم 578 سنة 1973 مدني أمام محكمة طنطا الابتدائية ضد الطاعن بطلب الحكم بإخلائه من الشقة الموضحة بالصحيفة وتسليمها إليه. وقال في بيان دعواه أنه بموجب عقد مؤرخ 1/ 4/ 1950 استأجر منه الطاعن شقة بمنزل رقم........ بإيجار شهري خفض إلى 8 جنيه و630 مليم بخلاف رسم النظافة، وإذ تأخر في الوفاء بالأجرة ورسم النظافة عن المدة من 1/ 6/ 1972 حتى آخر يناير سنة 1973 وقدرها 74 جنيهاً و920 مليماً رغم تكليفه بالوفاء في 24/ 1/ 1973، فقد أقام الدعوى. وبتاريخ 29/ 11/ 1973 حكمت المحكمة برفض الدعوى. استأنف المطعون عليه هذا الحكم بالاستئناف رقم 460 سنة 23 ق طنطا طالباً القضاء له بطلباته، وبتاريخ 17/ 4/ 1974 - حكمت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف وبإخلاء الطاعن من العين المؤجرة. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر، وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن بني على سببين، ينعى الطاعن بالسبب الأول منهما على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، وفي بيان ذلك يقول أن الحكم أقام قضاءه بالإخلاء على سند من أنه لم يقم بوفاء الأجرة المتأخرة منذ شهر نوفمبر سنة 1973 حتى قفل باب المرافعة أمام المحكمة الاستئنافية، في حين أن الوفاء بالأجرة - المانع من الحكم بالإخلاء - يقصد به الأجرة المستحقة حتى قفل باب المرافعة أمام محكمة الدرجة الأولى فحسب دون محكمة الاستئناف، وإذ أوفى المستأجر الأجرة المطالب بها في التكليف بالوفاء وحتى أكتوبر سنة 1973 تاريخ قفل باب المرافعة أمام المحكمة الابتدائية، وكان قيام دعوى الإخلاء مرتبطاً بالأعذار بالوفاء، فإنه يمتنع الحكم بالإخلاء، مما يعيب الحكم بمخالفة القانون.
وحيث إن النعي مردود، ذلك أن النص في المادة 23 من القانون رقم 52 لسنة 1969 في شأن إيجار الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجرين والمستأجرين على أنه في غير الأماكن المؤجرة مفروشة لا يجوز للمؤجر أن يطلب إخلاء المكان ولو انتهت المدة المتفق عليها في العقد إلا لأحد لأسباب الآتية: ( أ ) إذا لم يقم المستأجر بالوفاء بالأجرة المستحقة خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ تكليفه بذلك بكتاب موصى عليه مصحوب بعلم الوصول بدون مظروف أو بإعلان على يد محضر، على أنه لا يحكم بالإخلاء إذا قام المستأجر بأداء الأجرة وفوائدها بواقع 7% من تاريخ الاستحقاق حتى تاريخ السداد والمصاريف الرسمية وذلك قبل إقفال باب المرافعة في الدعوى...، يدل على أنه يشترط لطلب الإخلاء بسبب عدم الوفاء بالأجرة مضي خمسة عشر يوماً بعد تسليم المستأجر التنبيه بإيفائها دون أن يقوم بالسداد، والأجرة التي يتعين على المستأجر الوفاء بها كي يتفادى رفع الدعوى بالإخلاء هي تلك المستحقة فعلاً في ذمته حتى تاريخ تكليفه بالوفاء، وعلى الرغم من أن المشرع رتب للمؤجر الحق في إخلاء المستأجر لنكوله عن أداء الأجرة بمجرد انقضاء المدة السالفة فإنه رغبة منه في التيسير على المستأجرين بعد رفع الدعوى أفسح لهم مجاله الوفاء بالأجرة المستحقة حتى تاريخ إقفال باب المرافعة فيها. ولما كان المقرر في قضاء هذه المحكمة أن صياغة المادة 23 المشار إليها جاءت عامة مطلقة ولا يجوز قصر نطاقها على إغلاق باب المرافعة أمام المحكمة الابتدائية دون محكمة الاستئناف، لما فيه من تقييد لمطلق النص وتخصيص لعمومه بغير مقتض وهو ما لا يجوز، مما مؤداه أنه لتوقى طلب الإخلاء ولإسقاط حق المؤجر فيه يتعين أداء الأجرة وفوائدها والمصاريف الرسمية المستحقة حتى إقفال باب المرافعة في الدعوى أمام محكمة الاستئناف أيضاً. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد بنى قضاءه بالإخلاء على سند من أن الطاعن لم يقم بوفاء الأجرة المستحقة حتى تاريخ إغلاق باب المرافعة أمام محكمة الاستئناف فإنه لا يكون قد خالف القانون ويكون النعي على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول الطاعن أن الحكم اتخذ من سبق القضاء بإخلائه من العين المؤجرة للتخلف عن دفع الأجرة في الدعوى رقم 862 لسنة 1965 طنطا الابتدائية، سنداً للقول بتكرار تخلفه ومبرراً للإخلاء المنصوص عليه في القانون رقم 52 لسنة 1969، في حين أن هذا الجزاء لا يمكن أن ينصرف إلى التأخير في السداد السابق على صدور هذا القانون تبعاً لعدم رجعيته، وهو ما يعيبه بالخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن النعي غير سديد، ذلك أن النص في الفقرة الأخيرة من المادة 23 أ من القانون رقم 52 لسنة 1969 المشار إليه بسبب النعي السابق على أنه "... فإذا تكرر امتناعه (أي المستأجر) أو تأخره عن الوفاء بالأجرة المستحقة دون أن يقدم مبررات تقدرها المحكمة حكم عليه الإخلاء"، يدل على أن المشرع استحدث - استهدافاً لتحقيق العدالة - حكماً يقضي بأن على المحكمة أن تقضي بالإخلاء حتى ولو دفع المستأجر الأجرة المتأخرة قبل قفل باب المرافعة في الدعوى متى تحقق لها تكرر امتناعه أو تراخيه عن الوفاء بالأجرة بلا مبرر تقتنع به، مما مفاده أن تكرار تأخير المستأجر في وفاء الأجرة يخول المحكمة سلطة تقدير فيما إذا كان المستأجر يسيء استعمال حقه في تفادي حكم الإخلاء بالوفاء إلى ما قبل قفل باب المرافعة أم لا. ولما كان المقصود بالتكرار بالمعنى السالف أن يكون المستأجر قد مرد على عدم توفيه بالأجرة في مواقيتها، ودأب على إساءة استعمال التيسير المخول له بالتقاعس عن أدائها دون عذر يمكن قبوله، فإنه يكفي لتطبيق هذا النص المستحدث أن يقع في ظله فعل واحد من أفعال التأخير تكون قد سبقته أفعال مماثلة صادفت محلها قبل صدوره، دون أن يكون في ذلك مخالفة لمبدأ عدم رجعية القانون، اعتباراً بأن التأخير المتكرر يعتبر حالة موصولة الأسباب لم يثبت تحققها إلا في ظل القانون الجديد، الذي اقتصر تطبيقه على الواقعة التي حدثت بعد العمل به، ولم يتعد دور واقعة التأخير الأولى الحاصلة قبله إلا أنها ثبت عن التكرار فيه، دون أن تكفي بمجردها لتوقيع جزاء الإخلاء الذي قررته المادة، ومن ثم فلا سريان للقانون الجديد على الماضي لما كان ما تقدم وكان الحكم قد قضى بإخلاء الطاعن لثبوت أن تأخره عن دفع الأجرة التي أقيمت بسببها الدعوى ليس امتناعاً أو تأخيراً منفرداً بل هو تكرار لامتناع أو تأجير سابق بما يتحقق به ثبوت ميله إلى المماطلة واتجاهه إلى أنصاف المؤجر في ظل القانون رقم 52 لسنة 1969 فإنه يكون قد طبق - عجز المادة 13/ أ منه تطبيقاً صحيحاً، ويكون النعي غير وارد.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 455 لسنة 49 ق جلسة 21 / 2 / 1980 مكتب فني 31 ج 1 ق 112 ص 573

جلسة 21 من فبراير سنة 1980

برئاسة السيد المستشار/ حافظ رفقي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد الخولي، يوسف أبو زيد، مصطفى صالح سليم ودرويش عبد المجيد.

----------------

(112)
الطعن رقم 455 لسنة 49 القضائية

(1) اختصاص. "اختصاص ولائي". قرار إداري.
للمحاكم التحقق من قيام القرار الإداري بمقوماته القانونية. تطبيقها له وفقاً لظاهر نصوصه على النزاع المطروح. لا يعد تعرضاً للقرار بالتأويل.
(2) دعوى. "الطلبات فيها". بيع. ملكية. محكمة الموضوع. حكم.
تكييف الدعوى. من سلطة محكمة الموضوع. وجوب التزامها بطلبات الخصوم وسبب الدعوى. الدعوى بطلب صحة ونفاذ عقد البيع. الحكم بصحة العقد وتثبيت ملكية المدعي قضاء بما لم يطلبه الخصوم.
(3) حيازة. ملكية. قرار إداري.
ترخيص جهة الإدارة بإنشاء مسقاة في أرض الغير لري أرض الجار - الحيازة المستندة إلى حق استعمال المسقاة. حيازة تنتفي بها نية تملك أرض المسقاة مهما طال أمدها. الاستثناء تغيير سبب الحيازة.
(4) حيازة.
تغيير سبب الحيازة الوقتية. كيفيته. م 972/ 2 مدني.

--------------
1 - القانون لم يعرف القرارات الإدارية ولم يبين الخصائص التي تميزها والتي يهتدي بها في القول بتوافر الشروط اللازمة لها ولحصانتها من تعرض السلطة القضائية لها بتعطيل أو تأويل، وينبني على ذلك أن للمحاكم العادية أن تعطى تلك القرارات وصفها القانوني على هدي حكمة التشريع ومبدأ الفصل بين السلطات وحماية الأفراد وحقوقهم، وهي في سبيل ذلك تملك بل من واجبها التحقق من قيام القرار الإداري بمقوماته القانونية والتعرف على فحواه فإن ظهر لها سلامة صدوره غير مشوب بما ينحدر به إلى درجة العدم كان عليها أن تعمل تطبيقه وفقاً لظاهر نصوصه وتنزل ما وصف له القانون من آثار على النزاع المطروح ولا يعتبر ذلك منها تعرضاً للقرار بالتأويل.
2 - على محكمة الموضوع إعطاء الدعوى وصفها الحق وتكييفها التكييف القانوني الصحيح دون تقيد بتكييف الخصوم لها إلا أنها لا تملك تغيير سبب الدعوى ويجب عليها الالتزام بطلبات الخصوم وعدم الخروج عليها، وإذ كانت الدعوى قد أقامها الطاعن بطلب اقتصر على الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع الصادر إليه فإن لازم ذلك أن تتقيد المحكمة في قضائها بهذا الطلب وحده. وما ارتكز عليه من سبب قانوني طالما لم يطرأ عليهما تغيير أو تعديل من الطاعن أثناء سير الخصومة وفي الحدود التي يقررها قانون المرافعات، وليس صحيحاً في القانون ما يقول به الطاعن من أن القضاء للمشتري بصحة ونفاذ عقد البيع وبثبوت ملكيته للعقار محل هذا العقد أمران متلازمان ذلك أن المقصود من طلب صحة ونفاذ عقد البيع هو تنفيذ التزام البائع بنقل ملكية العقار المبيع تنفيذاً عينياً والحصول على حكم يقوم تسجيله مقام تسجيل الملكية، فيكون في معنى هذا الطلب أن ملكية العقار لم تنتقل بعد إلى المشتري، ولذا فإن الحكم به يكون متناقضاً إذا ما اجتمع مع قضاء بتثبيت ملكية ذات المشتري لهذا العقار لما يفيده هذا القضاء بطريق اللزوم الحتمي من ثبوت اكتساب المشتري لملكية العقار فعلاً. لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه يكون صائباً إذ خلص إلى تخطئة الحكم الابتدائي بمخالفة القانون للقضاء بما لم يطلبه الخصوم لما ثبت أن مطلب الدعوى انحصر في الحكم بصحة عقد البيع ونفاذه ورغم ذلك قضى دون طلب من الطاعن بتثبيت ملكيته إلى المسقاة مع قضائه بصحة ونفاذ عقد بيعها إليه؛ فإن النعي يكون على غير أساس.
3 - النص في المادة 16 من القانون رقم 68 لسنة 1953 - الذي صدر استناداً إليه قرار وزارة الري بإنشاء المسقاة محل النزاع بأنه "إذا رأى أحد ملاك الأطيان أنه يستحيل أو يتعذر عليه ري أرضه رياً كافياً أو صرفها صرفاً كافياً إلا بإنشاء مسقاة أو مصرف في أرض ليست ملكه أو باستعمال مسقاة أو مصرف موجود في أرض الغير وتعذر عليه التراضي مع أصحاب الأراضي ذوي الشأن فيرفع شكواه لمفتش الري ليأمر بإجراء تحقيق فيها... وترفع نتيجة هذا التحقيق إلى المفتش الذي يصدر قراراً مسبباً بإجابة الطلب أو رفضه..."، مفاده أن الحق الذي يتولد من ترخيص جهة الإدارة بإنشاء مسقاة في أرض الغير ليجرى بها المياه توصلاً لاستعمالها في ري أرض الجار هو حق المجرى والشرب وهو الحق المقرر بالمادتين 808 و809 من القانون المدني، وتقرير هذا الحق يختلف عن حق الملكية فالحيازة باستعمال المسقاة في الري ركوناً إلى ذلك الحق تعتبر حيازة بسبب معلوم غير أسباب الملكية مما تنتفي معه نية تملك أرض المسقاة، وتبقى هذه الحيازة المتجردة من هذه النية غير صالحة للتمسك بالتملك مهما طال أمدها إلا إذا حصل تغيير في سببها.
4 - تغيير سبب الحيازة لا يكون - وعلى ما تقضي به المادة 972/ 2 من القانون المدني وما جرى به قضاء هذه المحكمة - إلا بإحدى اثنتين أن يتلقى ذو اليد الوقتية ملك العين من شخص من الأغيار يعتقد هو أنه المالك لها أو أن يجابه ذو اليد الوقتية مالك العين مجابهة صريحة بصفة فعلية قضائية أو غير قضائية تدل على أنه مزمع إنكار الملكية على المالك والاستئثار بها دونه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 2204 لسنة 1974 مدني كلي الزقازيق على المطعون ضدهم الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر بطلب الحكم في مواجهة الأخيرين بصحة ونفاذ عقد البيع العرفي المؤرخ 7/ 9/ 1970 والمتضمن بيع المطعون ضده الحادي عشر له المسقاة المبينة المساحة والمعالم بالعقد وصحيفة الدعوى لقاء ثمن مقداره ثلاثمائة وثمان وتسعون جنيهاً، وقال في بيان دعواه أنه صدر قرار من وزارة الري بتاريخ 3 من يناير سنة 1957 بإنشاء المسقاة المبينة بالصحيفة لصالح المطعون ضده الحادي عشر الذي ظل يستعملها ويضع اليد عليها حتى باعها إليه بعقد مؤرخ 7/ 9/ 1970، وتوصلاً لتنفيذ التزام البائع بنقل الملكية إليه فقد أقام الدعوى ليقضي بصحة ونفاذ هذا العقد في مواجهة المطعون ضدهما الأخيرين اللذين يمثلان جهة الإدارة التي أصدرت قرار إنشاء المسقاة. وأثناء سير الخصومة تدخل فيها المطعون ضدهم العشرة الأولون طالبين رفض الدعوى على سند من القول بأنهم يمتلكون المسقاة التي تقع بأرض زراعية بيعت إليهم من الملاك الأصليين بالعقد المسجل برقم 2083 لسنة 1975 الشرقية وأن صدور قرار وزارة الري بإنشائها في عام 1957 بأرض هؤلاء الملاك ليس من شأنه نقل ملكية الأرض التي امتد بها المجرى المائي إلى البائع للطاعن بل يقتصر حفر ري أرضه المجاورة من هذه المسقاة. وبتاريخ 10 من ديسمبر سنة 1975 قضت محكمة الزقازيق الابتدائية بقبول التدخل وندب خبير ومن بعد أن قدم الخبير تقريره قضت المحكمة بتاريخ 12 من إبريل سنة 1979 برفض طلبات المتدخلين وبصحة ونفاذ عقد البيع الصادر إلى الطاعن وتثبيت ملكيته إلى المسقاة محل النزاع. استأنف المطعون ضدهم العشرة الأول هذا الحكم لدى محكمة استئناف المنصورة طالبين إلغاءه ورفض دعوى الطاعن، وقيد الاستئناف برقم 265 لسنة 21 ق، وبتاريخ 9 من يناير سنة 1979 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة دفعت فيها بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون ضدهما الأخيرين وأبدت الرأي برفض الطعن بالنسبة لباقي المطعون ضدهم، ودفع المطعون ضدهما الأخيرين أيضاً بعدم قبول الطعن بالنسبة لهما، وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة المشورة رأت أنه جدير بالنظر فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مبنى الدفع بعدم قبول الطعن هو أن المطعون ضدهما الأخيرين لم يكونا خصمين حقيقيين في النزاع الذي فصل فيه الحكم المطعون فيه.
وحيث إن هذا الدفع صحيح ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه لا يكفي فيمن يختصم في الطعن أن يكون خصماً للطاعن في الدعوى التي صدر فيها الحكم المطعون فيه بل يجب أن يكون لأي منهما طلبات قبل الآخر أمام محكمة الموضوع ونازع أي منهما الآخر في طلباته، وإذ كان الثابت من الأوراق أن الطاعن لم يوجه طلباً ما إلى المطعون ضدهما الثاني والثالث عشر أمام محكمة الموضوع وقد وقفا من الخصومة موقفاً سلبياً دون أن يبديا دفاعاً موضوعياً فيها ولم يحكم لهما أو عليهما بشيء، وكان الطعن قد بني على أسباب لا تتعلق بهما فإن اختصامهما يكون غير مقبول مما يتعين معه الحكم بعدم قبول الطعن بالنسبة لهما.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية بالنسبة لباقي المطعون ضدهم.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب، ينعى الطاعن على الحكم المطعون فيه بالوجه الأول من السبب الأول منها مخالفة القانون، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم قد عرض في أسبابه إلى قرار وزارة الري الصادر بإنشاء المسقاة محل النزاع فأورد بأن إنشاءها لتروي منها أرض البائع له لا يعني نزع ملكية الأرض التي تمر بها لصالح هذا البائع وإنما يعني ترتيب حق ارتفاق له هو حق الشرب أي الحق في ري أرضه عن طريق هذه المسقاة، وهذا القول من الحكم يعتبر تأويلاً لقرار إداري وهو الأمر الممتنع على القضاء العادي لخروجه عن اختصاصه الولائي وانعقاد الاختصاص بشأنه للقضاء الإداري عملاً بأحكام قانون السلطة القضائية وقانون تنظيم مجلس الدولة مما يعيب الحكم بمخالفة قواعد الاختصاص الولائي ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أن القانون لم يعرف القرارات الإدارية ولم يبين الخصائص التي تميزها والتي يهتدي بها في القول بتوافر الشروط اللازمة لها ولحصانتها من تعرض السلطة القضائية لها بتعطيل أو تأويل، وينبني على ذلك أن للمحاكم العادية أن تعطي تلك القرارات وصفها القانوني على هدي حكمة التشريع ومبدأ الفصل بين السلطات وحماية الأفراد وحقوقهم، وهي في سبيل ذلك تملك بل من واجبها التحقق من قيام القرار الإداري بمقوماته القانونية والتعرف على فحواه فإن ظهر لها سلامة صدوره غير مشوب بعيب ينحدر به إلى درجة العدم كان عليها أن تعمل تطبيقه وفقاً لظاهر نصوصه وتنزل ما يرتبه له القانون من آثار على النزاع المطروح ولا يعتبر ذلك منها تعرضاً للقرار بالتأويل، وإذ كان البين من الحكم المطعون فيه أنه قد عرض بأسبابه إلى القرار الإداري الذي أصدرته وزارة الري بالترخيص بإنشاء المسقاة المتنازع عليها تطبيقاً لنص المادة 16 من القانون رقم 68 لسنة 1953 في شأن الري والصرف فأورد أن قرار الري بالترخيص بعد الجزء القبلي من المسقاة لري الأرض التي اشتراها المستأنف ضده الأول (الطاعن) من المستأنف ضده الثاني (المطعون ضده الحادي عشر)، هذا القرار لا يعني نزع ملكية الأرض التي تمر بها المسقاة لصالح هذا الأخير وإنما يعني ترتيب حق ارتفاق له هو حق الشرب أي الحق في ري أرضه عن طريق المسقاة كما أن التعويض الذي سدده كان مقابل هذا الحق وليس مقابل نزع الملكية لأن تفتيش الري لا يملك بطبيعة الحال أن ينزع ملكية فرد لصالح فرد آخر وأن القرار المذكور كان الهدف منه توفير مياه الري لأرض المستأنف ضده الثاني. لما كان ذلك، وكان الطاعن لم يدع ثمة ما يخالف مذهب الحكم المطعون فيه من أن قرار وزارة الري وفقاً لظاهر نصوصه لم يكون أداة تمليك وسبباً في نقل ملكية الأرض المنشأة بها المسقاة إلى البائع له وكان لا يعتبر تأويلاً للقرار الإداري وقوف الحكم عند بيان ألفاظ القرار وظاهر نصوصه وإعمال آثاره القانونية، وهو ما سلكه الحكم المطعون فيه الذي اقتصر في تقريراته على بيان لنص القرار الإداري وإيضاح لما ترتب على هذا القرار من آثار بشأن الحق المتولد عنه إعمالاً لحكم القانون الذي صدر استناداً إليه، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن بهذا الوجه يكون في غير محله.
وحيث إن حاصل الوجه الثالث من السبب الأول أن حكم محكمة أول درجة كان قد قضى للطاعن بصحة ونفاذ عقد البيع الصادر إليه وتثبيت ملكيته أيضاً للمسقاة محل هذا العقد، وجاء الحكم المطعون فيه فوصم الحكم المستأنف بالخطأ في قضائه بثبوت الملكية بعلة أنه قضاء بما لم يطلبه الخصوم في حين أن ذلك يتصل بمسألة تكييف القاضي للدعوى المطروحة عليه وإسباغ الوصف القانوني عليها، وهو تكييف صحيح يتفق مع الوقائع الثابتة بالدعوى وباعتبار أن صحة ونفاذ عقد البيع وتثبيت ملكية المسقاة محل هذا العقد أمران متلازمان لا ينفصلان وإذ لم يفطن الحكم إلى هذا النظر فإنه يكون مخالفاً للقانون مستوجباً نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أنه وإن كان على محكمة الموضوع إعطاء الدعوى وصفها الحق وتكييفها التكييف القانوني الصحيح دون تقيد بتكييف الخصوم لها إلا أنها لا تملك تغيير سبب الدعوى ويجب عليها الالتزام بطلبات الخصوم وعدم الخروج عليها، وإذ كانت الدعوى قد أقامها الطاعن بطلب اقتصر على الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع الصادر إليه فإن لازم ذلك أن تتقيد المحكمة في قضائها بهذا الطلب وحده وما ارتكز عليه من سبب قانوني طالما لم يطرأ عليهما تغيير أو تعديل من الطاعن أثناء سير الخصومة وفي الحدود التي يقررها قانون المرافعات، وليس صحيحاً في القانون ما يقول به الطاعن من أن القضاء للمشتري بصحة ونفاذ عقد البيع وبثبوت ملكيته للعقار محل هذا العقد أمران متلازمان ذلك أن المقصود من طلب صحة ونفاذ عقد البيع هو تنفيذ التزام البائع بنقل ملكية العقار المبيع تنفيذاً عينياً والحصول على حكم يقوم تسجيله مقام تسجيل العقد في نقل الملكية، فيكون في معنى هذا الطلب أن ملكية العقار لم تنتقل بعد إلى المشتري، ولذا فإن الحكم به يكون متناقضاً إذا ما اجتمع مع قضاء بتثبيت ملكية ذات المشتري لهذا العقار لما يفيده هذا القضاء بطريق اللزوم الحتمي من ثبوت اكتساب المشتري لملكية العقار فعلاً، لما كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه يكون صائباً إذ خلص إلى تخطئة الحكم الابتدائي بمخالفة القانون للقضاء بما لم يطلبه الخصوم لما ثبت من أن مطلب الدعوى انحصر في الحكم بصحة عقد البيع ونفاذه ورغم ذلك قضى دون طلب من الطاعن بتثبيت ملكيته إلى المسقاة مع قضائه بصحة ونفاذ عقد بيعها إليه، ويكون النعي بهذا الوجه على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالوجه الثاني من السبب الأول والسبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه ومخالفة الثابت بالأوراق، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم حمل قضاءه برفض طلب صحة ونفاذ عقد البيع الصادر إليه على أن البائع له لا يملك الأرض التي تجرى بها المسقاة محل العقد في حين أنه قد اكتسب ملكيتها وفقاً لنص المادة 968 من القانون المدني بالحيازة المؤدية على التملك بمضي المدة الطويلة، وهو الأمر الذي أظهره في دفاعه أمام محكمة الموضوع وسانده الخبير في تقريره من إثبات أن البائع له قد وضع اليد على المسقاة وضع يد هادئ مستمر اعتباراً من تاريخ حفرها تنفيذاً لقرار وزارة الري الصادر في 3 من يناير سنة 1957 وتلقى هو من بعد البيع هذه الحيازة، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد نفى ملكية ذلك البائع معرضاً عما أثبته الخبير في تقريره فإنه يكون فضلاً عن مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه قد خالف الثابت بالأوراق بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه لما كان النص في المادة 16 من القانون رقم 68 لسنة 1953 - الذي صدر استناداً إليه قرار وزارة الري بإنشاء المسقاة محل النزاع بأنه "إذا رأى أحد ملاك الأطيان أن يستحيل أو يتعذر عليه ري أرضه رياً كافياً أو صرفها صرفاً كافياً إلا بإنشاء مسقاة أو مصرف في أرض ليست ملكه أو باستعمال مسقاة أو مصرف موجود في أرض الغير وتعذر عليه التراضي مع أصحاب الأراضي ذوي الشأن فيرفع شكواه لمفتش الري ليأمر بإجراء تحقيق فيها... وترفع نتيجة هذا التحقيق إلى المفتش الذي يصدر قراراً مسبباً بإجابة الطلب أو رفضه..."، مفاده أن الحق الذي يتولد من ترخيص جهة الإدارة بإنشاء مسقاة في أرض الغير ليجري بها المياه توصلاً لاستعمالها في ري أرض الجار هو حق المجرى والشرب وهو الحق المقرر بالمادتين 808 و809 من القانون المدني، وتقرير هذا الحق يختلف عن حق الملكية فالحيازة باستعمال المسقاة في الري ركوناً إلى ذلك الحق تعتبر حيازة بسبب معلوم غير أسباب الملكية مما تنتفي معه نية تملك أرض المسقاة، وتبقى هذه الحيازة المتجردة من هذه النية غير صالحة للتمسك بالتملك مهما طال أمدها إلا إذا حصل تغيير في سببها، وهو لا يكون - وعلى ما تقضي به المادة 972/ 2 من القانون المدني وما جرى به قضاء هذه المحكمة - إلا بإحدى اثنتين أن يتلقى ذو اليد الوقتية ملك العين من شخص من الأغيار يعتقد هو أنه المالك لها أو أن يجابه ذو اليد الوقتية مالك العين مجابهة صريحة بصفة فعلية قضائية أو غير قضائية تدل على أنه مزمع إنكار الملكية على المالك والاستئثار بها دونه، لما كان ذلك، وكان الطاعن لم يتمسك أمام محكمة الموضوع بأن حيازة بائعة مردها لأمر مما ورد بهذه القاعدة المقررة بالمادة 972/ 2 من القانون المدني، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض طلب صحة ونفاذ عقد البيع الصادر إلى الطاعن على أن المسقاة محل العقد تقع بأرض يملكها المطعون ضدهم العشرة الأول بعقد مسجل وأن إنشاءها بهذه الأرض تنفيذاً لقرار وزارة الري وكان مستهدفاً به وصول مياه الري إلى أرض البائع للطاعن وهذا لا يعني انتقال ملكية أرض المسقاة إلى هذا الأخير لأن حقه عليها قاصر على حق الشرب أي استعمال المسقاة في ري أرضه بالمياه التي تجرى بها. وانتهى من ذلك إلى انتفاء ملكية البائع للطاعن للمسقاة محل البيع وأنه لهذا يستحيل عليه نقل ملكية المبيع إلى الطاعن، وكان ما قرره الحكم في هذا الشأن يعد استخلاصاً سائغاً في حدود سلطته الموضوعية وصحيحاً في القانون لتبرير انتفاء ملكية البائع للطاعن لأرض المسقاة لذلك السبب الذي أبانه الحكم وهو أن حيازته باستعمال المسقاة تقتصر على حق الشرب منها وهو الحق وليد القرار الإداري الصادر بإنشائها، وفي ذلك ما يكفي لحمل قضائه وينطوي على التعليل الضمني المسقط لادعاء الطاعن بحيازة بائعة للمسقاة حيازة مؤدية إلى التملك ويفيد إطراح ما قد يكون بتقرير الخبير من رأي مخالف وهو ما تملكه محكمة الموضوع عملاً بنص المادة 56 من قانون الإثبات باعتبار أن رأي الخبير لا يخرج عن كونه عنصراً من عناصر الإثبات يخضع لتقديرها. ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثالث القصور في التسبيب لأن الحكم المطعون فيه الذي صدر على خلاف الحكم الابتدائي لم يتناول أسباب هذا الحكم ويرد عليها مما يعيبه بالقصور.
وحيث إن هذا النعي مردود بما استقر عليه قضاء هذه المحكمة من أن محكمة الاستئناف إذا ما ألغت الحكم الابتدائي الصادر في الموضوع فلا تكون ملزمة ببحث أو تفنيد أسباب هذا الحكم وحسبها أنها أقامت قضاءها على أسباب كافية لحمله.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 574 لسنة 49 ق جلسة 20 / 2 / 1980 مكتب فني 31 ج 1 ق 111 ص 568

جلسة 20 من فبراير سنة 1980

برئاسة السيد المستشار أحمد سيف الدين سابق نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد محمود الباجوري، إبراهيم محمد هاشم، إبراهيم محمد فراج وصبحي رزق داود.

----------------

(111)
الطعن رقم 574 لسنة 49 القضائية

(1 - 4) إيجار "التأجير من الباطن". دعوى. وكالة.
(1) تأجير المستأجر الأصلي العين المؤجرة له بمدينة الإسكندرية في موسم الصيف للغير مفروشة. لا يعد تأجير من الباطن.
(2) تأجير المستأجر الأصلي للعين المؤجرة له بمدينة الإسكندرية إلى الغير مفروشة. ثبوت أن العقد أبرم عن مدة غير محددة بفترة الصيف. الفضاء بإخلاء المستأجر للتأجير من الباطن. لا خطأ. ق 52 لسنة 1969.
(3) تأجير المستأجر للعين المؤجرة من الباطن. وجوب حصوله على إذن كتابي من المالك أو ممن ينيبه في ذلك لا عبرة بالموافقة الصريحة أو الضمنية الصادرة من أحد موظفي الإدارة المؤجرة.
(4) مجرد علم المؤجر بواقعة التأجير من الباطن قبل رفع الدعوى بإخلاء المستأجر ببضعة أشهر. لا يعد نزولاً ضمنياً عن حقه فيها.

---------------
1 - المقرر في قضاء محكمة النقض أن تأجير المستأجر لعين كائنة بمدينة الإسكندرية من باطنه مفروشة في موسم الصيف لا يعد من قبيل التأجير من الباطن الموجب للإخلاء طبقاً للمادة 23 من القانون رقم 52 لسنة 1969.
2 - إذ كان الحكم - الصادر بفسخ عقد الإيجار للتأجير من الباطن - قد استند فيما ركن إليه من أسباب إلى أن الإيجار الصادر من المستأجرة الأصلية للطاعن - المستأجر من الباطن - أبرم عن مدة غير محددة بفترة الصيف، إذ تمسك الطاعن بحقه في شغل العين رغم انقضاء موسم الصيف وأقر في مذكرته المقدمة إلى محكمة أول درجه أنه استأجر هذه العين بسبب انهيار مسكنه الأصلي وقربها من المدارس التي يرتادها أولاده وهو ما يفيد أن استئجاره لها لم يكن على سبيل التأقيت، فإن هذا الذي أورده الحكم يكفي لحمل قضائه بإخراج هذا التعاقد من نطاق الإباحة المنصوص عليها في المادتين 26 و27 من القانون رقم 52 لسنة 1969.
3 - إذ كان الثابت أن المطعون ضده - الأول بصفته حارساً على أموال وممتلكات أسرة.... المصادرة ومنها عين النزاع قد أناب عنه من قام بإبرام عقد الإيجار عنها مع المستأجرة الأصلية ونص فيها على عدم جواز التنازل عن حق الإيجار أو التأجير من الباطن دون إذن كتابي من المالك بما لا يجوز معه للمستأجرة تأجير العين للغير إلا بعد الحصول على هذا الإذن أو ممن ينيبه عنه، فلا يعتد بأية موافقة صريحة أو ضمنية تصدر من أحد موظفي الإدارة طالما لم يثبت تفويض ذلك.
4 - أن مجرد علم المطعون ضده الأول - المؤجر - بواقعة التأجير من الباطن ثم انقضاء بضعة أشهر قبل إقامة الدعوى بالإخلاء لا يكفي للقول بموافقته عليه ونزوله ضمناً عن حقه في طلب الإخلاء.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وباقي أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام الدعوى رقم 1346 لسنة 1975 مدني كلي الإسكندرية ضد الطاعن ومورثة المطعون ضده الثالث بطلب الحكم بفسخ عقد الإيجار المؤرخ 3/ 1/ 1954 وتسليم العين المؤجرة خالية بحالتها التي كانت عليها وقت التعاقد، وقال شرحاً لها أنه بموجب العقد المذكور استأجرت مورثة المطعون ضده الثالث عين النزاع من أملاك الحكومة المستردة لاستعمالها سكناً خاصاً لها ونص في العقد على عدم جواز التنازل للغير عن حق الإيجار أو التأجير من الباطن إلا بإذن كتابي من المالك، ومع ذلك فقد قامت المستأجرة بتأجير جزء من العين المؤجرة مفروشاً للطاعن دون إذن من الجهة المالكة. وبتاريخ 25/ 10/ 1975 حكمت المحكمة بفسخ عقد الإيجار المؤرخ 3/ 1/ 1954 وبإخلاء عين النزاع. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 498 لسنة 31 ق الإسكندرية، وبتاريخ 17/ 1/ 1979 حكمت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وبعرضه على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب، ينعى الطاعن بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول أن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه استند في قضائه إلى أن التأجير من الباطن للطاعن تم في غير الحالات التي يجيزها القانون رقم 52 لسنة 1969 لأن العين المؤجرة تقع خارج المنطقة المعتبرة مصيفاً طبقاً لقرار وزير الإسكان، في حين أن قيام المستأجر لعين كائنة بمدينة الإسكندرية، بتأجيرها في موسم الصيف لا يعد من قبيل التأجير من الباطن تبعاً لما له من صفة عرضية والثابت أن عقد الإيجار موضوع النزاع مبرم عن موسم الصيف.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه ولئن كان المقرر في قضاء هذه المحكمة أن تأجير المستأجر لعين كائنة بمدينة الإسكندرية من باطنه مفروشاً في موسم الصيف لا يعد من قبيل التأجير من الباطن الموجب للإخلاء طبقاً للمادة 23 من القانون رقم 52 لسنة 1969، إلا أنه لما كان الحكم قد استند فيما ركن إليه من أسباب إلى أن الإيجار الصادر من المستأجرة الأصلية للطاعن أبرم عن مدة غير محددة بفترة الصيف، إذ تمسك الطاعن بحقه في شغل العين رغم انقضاء موسم الصيف وأقر في مذكرته المقدمة إلى محكمة أول درجة أنه استأجر هذه العين بسبب انهيار مسكنه الأصلي وقربها من المدارس التي يرتادها أولاده وهو ما يفيد أن استئجاره لها لم يكن على سبيل التأقيت، وكان هذا الذي أورده الحكم يكفي لحمل قضائه بإخراج هذا التعاقد من نطاق الإباحة المنصوص عليها في المادتين 26، 27 من القانون رقم 52 لسنة 1969، فإنه ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه خطأه فيما أورده من دعامة أخرى مبناها أن المنطقة التي تقع بها عين النزاع لا تعتبر مصيفاً طبقاً لقرار وزير الإسكان، يكون غير منتج.
وحيث إن حاصل النعي بالسببين الثاني والثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة الثابت بالأوراق والقصور والإخلاء بحق الدفاع، وفي بيان ذلك يقول الطاعن أنه تمسك بحصوله على إذن شفوي من مدير فرع الأموال المصادرة بالإسكندرية باستئجاره عين النزاع من الباطن واستدل على ذلك بتقاعس المطعون ضده الأول عن إقامة الدعوى قرابة العام رغم علمه اليقيني بواقعة التأجير من الباطن، وتسلمه حجرة ومنشراً بالسطح شأن باقي المستأجرين، وأن هذا الإذن كان محل تحقيق النيابة الإدارية ومع ذلك فقد أغفل الحكم هذا الدفاع بحجة عدم تقديم الأدلة عليه رغم إثارته له في تحقيقات الشكوى الإدارية المقدمة منه، وإقرار المطعون ضده الأول في مذكرته بما يفيد حصول تحقيق في النيابة الإدارية مع مدير الفرع المذكور بصدد الإذن الشفوي الصادر منه، ثم أن هذا الموظف قد حل محل المدير السابق الذي أبرم العقد مع المستأجرة الأصلية، بما يفيد على الأقل تحقق الوكالة الظاهرة فيه، هذا بالإضافة إلى إغفال الحكم طلبه إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات صدور الإذن له بالاستئجار من الباطن.
وحيث إن هذا النعي مردود؛ ذلك أنه لما كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن الطاعن أقام دفاعه أمام محكمة الموضوع على أن مدير فرع الأموال المصادرة بالإسكندرية وافق ضمناً على استئجاره عين النزاع من الباطن ومنحه منشراً وغرفة فوق السطح وأن - تحقيقاً في هذا الشأن أجرى بمعرفة النيابة الإدارية وأنه رغم علم المطعون ضده الأول بواقعة التأجير من الباطن فأنه لم يقم دعواه بالإخلاء إلا بعد انقضاء قرابة العام مما يفيد موافقته ضمناً على هذا التأجير. وكان الثابت أن المطعون ضده المذكور بصفته حارساً على أموال وممتلكات أسرة.... المصادرة ومنها عين النزاع قد أناب عنه من قام بإبرام عقد الإيجار عنها مع المستأجرة الأصلية ونص فيه على عدم جواز التنازل عن حق الإيجار أو التأجير من الباطن دون إذن كتابي من المالك بما لا يجوز معه للمستأجرة تأجير العين للغير إلا بعد الحصول على هذا الإذن منه أو ممن ينيبه عنه فلا يعتد بأية موافقة صريحة أو ضمنية تصدر من أحد موظفي الإدارة طالما لم يثبت تفويضه في ذلك، وكان مجرد علم المطعون ضده الأول بواقعة التأجير من الباطن ثم انقضاء بضعة أشهر قبل إقامة الدعوى بالإخلاء لا يكفي للقول بموافقته عليه ونزوله ضمناً عن حقه في طلب الإخلاء؛ وكانت الأوراق قد خلت مما يفيد أجراء تحقيق بمعرفة النيابة الإدارية بشأن واقعة الموافقة على استئجاره للطاعن لعين النزاع وأن المطعون ضده الأول أقر بحصولها، أو أن الطاعن تمسك أمام محكمة الموضوع بتفويض مدير فرع الأموال المصادرة بالإسكندرية في الإذن للمستأجرة بالتأجير من الباطن؛ أو بتوافر شروط تحقق الوكالة الظاهرة فيه، وهي وقائع موضوعية لا تجوز إثارتها لأول مرة أمام محكمة النقض، فإن النعي على الحكم المطعون فيه إغفاله أوجه الدفاع هذه وعدم استجابته إلى طلب الطاعن إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات صدور الإذن له من الموظف المذكور بالاستئجار من الباطن، يكون على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 1250 لسنة 49 ق جلسة 20 / 2 / 1980 مكتب فني 31 ج 1 ق 110 ص 564

جلسة 20 من فبراير سنة 1980

برئاسة السيد المستشار أحمد سيف الدين سابق، نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد محمود الباجوري، إبراهيم محمد هاشم، محمد طه سنجر وصبحي رزق داود.

---------------

(110)
الطعن رقم 1250 لسنة 49 القضائية

(1 و2) حكم. "حجية الأحكام". قضاء مستعجل. نقض. "حالات الطعن".
(1) الأصل أن الأحكام المستعجلة لا تحوز قوة الأمر المقضي. الاستثناء - عدم تغير مراكز الخصوم وظروف الدعوى.
(2) القضاء نهائياً في دعوى سابقة وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم بإخلاء المستأجر لصدور قرار من المحافظ بالاستيلاء على عين النزاع. قضاء الحكم المطعون فيه - في مادة مستعجلة - بإخلاء المحافظ بصفته استناداً إلى أن قرار الاستيلاء معدوم. مخالفته لحجية الحكم السابق. أثره. جواز الطعن فيه بطريق النقض رغم صدوره من محكمة ابتدائية بهيئة استئنافية.

---------------
1 - الأصل في الأحكام المستعجلة أنها لا تحوز قوة الأمر المقضي إلا أن هذا لا يعني جواز إثارة النزاع الذي فصل فيه القاضي المستعجل من جديد، متى كان مركز الخصوم هو والظروف التي انتهت بالحكم هي بعينها لم يطرأ عليها تغيير.
2 - إذ كان البين من الحكم الصادر في الدعوى... مستأنف مستعجل القاهرة - الذي قضى بوقف تنفيذ الحكم الموضوعي بإخلاء المستأجر - أنه قد حسم الخلاف الذي قام بين الطرفين حول قرار المحافظ بصفته بالاستيلاء على عين النزاع، وانتهى إلى أنه يعد سنداً جديداً لوضع اليد على العين بغض النظر عما يشوبه من عيوب لا تؤدي إلى انعدامه لأنها لا تفقده ركناً من الأركان اللازمة لانعقاده، فإن الحكم المطعون فيه - الذي قضى في مادة مستعجلة بإخلاء المحافظ بصفته من العين - إذ أقام قضاءه على أن قرار المحافظ سالف البيان معدوم لا يرتب أي أثر قانوني. حالة أن الثابت من مدونات الحكمين أن مركز الخصوم والظروف التي صدر فيها الحكم السابق هي بعينها لم يطرأ عليها تغيير. لما كان ذلك، وكان الأساس المشترك في الدعويين هو قرار المحافظ المشار إليه، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أعاد النظر في ذات المسألة التي فصل فيها الحكم السابق وناقضه مما يكون الطعن فيه بالنقض جائزاً رغم صدوره من محكمة ابتدائية بهيئة استئنافية عملاً بالمادة 249 من قانون المرافعات.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وباقي أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليهم أقاموا الدعوى رقم 275 لسنة 1979 مستعجل القاهرة بطلب الحكم أصلياً بالاستمرار في تنفيذ الحكم رقم 2977 لسنة 92 ق القاهرة واحتياطياً بطرد الطاعن بصفته - من العين المبينة بالصحيفة تأسيساً على أن مورثهم كان قد أجر العين المبينة بالصحيفة للسيد/ .... لاستغلالها مدرسة، وقد قضى بإخلائه منها بالحكم الصادر في الاستئناف رقم 2977 لسنة 92 ق القاهرة، وبتاريخ 16/ 4/ 1977 أخلى المستأجر المذكور العين المؤجرة ثم فوجئوا في اليوم التالي بالاستيلاء عليها بالقوة وبتسليمها للمستأجر السابق تنفيذاً للقرار رقم 77 لسنة 1977 الصادر من الطاعن بصفته وإذ قصد بالقرار إهدار حكم قضائي فهو معدوم الأثر - وبتاريخ 28/ 2/ 1979 حكمت المحكمة بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى وبإحالتها إلى محكمة القضاء الإداري المختصة بنظرها. استأنف المطعون عليهم هذا الحكم بالاستئناف رقم 579 لسنة 1979 مستأنف مستعجل جنوب القاهرة وبتاريخ 28/ 4/ 1979 حكمت المحكمة بهيئة استئنافية بإلغاء الحكم المستأنف وبطرد الطاعن بصفته من عين النزاع. طعن الطاعن على هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم، وعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب حاصل الأسباب الثلاثة الأولى منها أن الحكم المطعون فيه قد جاء على خلاف حكم سابق حائز لقوة الأمر المقضي ذلك أنه صدر حكم في الدعوى رقم 549 سنة 1977 مستعجل مستأنف القاهرة بين نفس الخصوم وقضى بوقف تنفيذ الحكم رقم 1977 لسنة 92 ق القاهرة واستند في قضائه على أن صدور قرار الاستيلاء من الطاعن بصفته على عين النزاع قد أنشأ للطاعن سنداً جديداً لوضع اليد على تلك العين بتعارض معه تنفيذ الحكم المستشكل فيه مما يتعين معه القضاء بوقف تنفيذه بغض النظر عما يشوب قرار الاستيلاء من عيوب قد تحمل القضاء ببطلانه. لما قد يتضح من أنه قصد به إهدار حكم قضائي حائز قوة الأمر المقضي ولكنها لا تؤدي إلى انعدامه لأنها لا تفقده ركناً من الأركان اللازمة لانعقاده، وإذ كان هذا الحكم قد حسم النزاع حول مسألة أساسية كلية هي قيام قرار الاستيلاء وتجرده من أسباب الانعدام فإن الحكم المطعون فيه إذ خالف هذا النظر يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه وإن كان الأصل في الأحكام المستعجلة أنها لا تحوز قوة الأمر المقضي إلا أن هذا لا يعني جواز إثارة النزاع الذي فصل فيه القاضي المستعجل من جديد، متى كان مركز الخصوم هو والظروف التي انتهت بالحكم هي بعينها لم يطرأ عليها تغيير. وكان البين من الحكم الصادر في الدعوى رقم 549 لسنة 1977 مستأنف مستعجل القاهرة، أنه قد حسم الخلاف الذي قام بين الطرفين حول القرار رقم 77 لسنة 1977 الصادر من المحافظ بصفته بالاستيلاء على عين النزاع، وانتهى إلى أنه يعد سنداً جديداً لوضع اليد على العين بغض النظر عما يشوبه من عيوب لا تؤدي إلى انعدامه لأنها لا تفقده ركناً من الأركان اللازمة لانعقاده - فإن الحكم المطعون فيه إذ أقام قضاءه على أن قرار المحافظ سالف البيان معدوم لا يرتب أي أثر قانوني، حالة أن الثابت من مدونات الحكمين أن مركز الخصوم والظروف التي صدر فيها الحكم السابق هي بعينها لم يطرأ عليها تغيير، لما كان ذلك، وكان الأساس المشترك في الدعويين هو قرار المحافظ رقم 77 لسنة 1977، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أعاد النظر في ذات المسألة التي فصل فيها الحكم السابق وناقضه، مما يكون الطعن فيه بالنقض جائزاً رغم صدوره من محكمة ابتدائية بهيئة استئنافية عملاً بالمادة 249 من قانون المرافعات.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إنه لما تقدم يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإحالة دون حاجة لبحث سبب الطعن الرابع.

الطعنان 462 لسنة 42 ق ، 702 لسنة 43 ق جلسة 14 / 2 / 1978 مكتب فني 29 ج 1 ق 91 ص 462

جلسة 14 من فبراير سنة 1978

برئاسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة الدكتور محمد محمد حسنين وعضوية السادة المستشارين جلال عبد الرحيم عثمان، محمد كمال عباس، محمد وجدي عبد الصمد، محمود حسن رمضان.

-----------------

(91)
الطعنان رقما 462، 702 لسنتي 42 و43 القضائيتين

ضرائب "ضريبة كسب العمل". قضاة.
الضريبة على كسب العمل. وعاؤها. المزايا الممنوحة مقابل نفقات بتكبدها صاحب الشأن. لا تخضع للضريبة. بدل طبيعة العمل المقرر لرجال القضاء. القرار الجمهوري 2182 لسنة 1962. خضوعه لضريبة كسب العمل قبل صدور القانون 46 لسنة 1972.

-----------------
مؤدى نص المادة 61 من القانون رقم 14 لسنة 1939 والمادة 62 من ذات القانون بعد تعديلها بالقانون رقم 99 لسنة 1960، أن الضريبة على المرتبات تصيب كافة ما يستولى عليه صاحب الشأن من كسب نتيجة عمله بوصفه دخلاً له، أما المزايا التي تمنح له عوضاً عن نفقات يتكبدها في سبيل أدائه عمله فلا تكون في حقيقتها دخلاً وبالتالي لا تخضع للضريبة، يؤكد هذا النظر ما ورد في المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 199 لسنة 1960 تعليلاً لإضافة بدل التمثيل وبدل الاستقبال وبدل الحضور إلى ما نصت عليه المادة 62 مما تتناوله الضريبة "حتى لا تنفرد ضريبة المرتبات والأجور بإعفاء إيرادات يجب أن تصيبها الضريبة باعتبارها في حقيقة الأمر دخلاً للممول"، وإذا كان ذلك، فإن بدل طبيعة العمل إما أن يعطي العامل عرضاً له عن نفقات يتكبدها في سبيل تنفيذه لعمله، فلا يعتبر جزءاً من الأجر ولا يتبعه في حكمه من خضوعه للضريبة، وإما أن يعطي له لقاء طاقة يبذلها أو مخاطر معينة يتعرض لها في أداء عمله فيعتبر جزءاً من الأجر مرهوناً بالظروف التي دعت إلى تقريره فيستحق بوجودها وتصيبه الضريبة، وإذ كان راتب طبيعة العمل المخصص لرجال القضاء والصادر به قرار رئيس الجمهورية رقم 2182 لسنة 1962 إنما تقرر أساساً مقابل ما يبذلونه من جهد في إنجاز عملهم دون تقيد بمواعيد العمل الرسمية وما تستلزمه ولاية القضاء من التفرغ طوال الوقت، فإنه تكون بهذه المثابة ميزة نقدية مما نصت عليه المادة 62 من القانون رقم 14 لسنة 1939 ويدخل في وعاء الضريبة على كسب العمل ولا يغير من طبيعته أن يخلص بعضه لمواجهة نفقات يتكبدها رجل القضاء في الاطلاع بعمله، طالما أنه لا يخلص كله لمواجهة هذه النفقات على ما يبين من مذكرة وزارة العدل المرفقة بالقرار الجمهوري رقم 812 لسنة 1963 والتي ورد بها - من بين ما ورد - أنه منح لما يتميز به عمل القضاء من التفرغ طول الوقت وما يقتضيه إنجازه من جهد، إذ ينبغي تغليب حق الخزانة وإخضاعه للضريبة لأن الأصل هو خضوع المرتبات والمزايا لها والإعفاء منها لا يكون إلا بقانون، وقد نص القانون رقم 46 لسنة 1972 بشأن السلطة القضائية في البند رابعاً من قواعد تطبيق جدول المرتبات الملحق به على أن "لا يخضع بدل القضاء وبدل التمثيل في جدول المرتبات للضرائب" وهو نص مستحدث لا يسري إلا من تاريخ العمل به في 28 سبتمبر سنة 1972، ولا يغير من هذا النظر أن يكون القرار الجمهوري رقم 812 لسنة 1963 قد نص على أن "يصرف بالكامل راتب طبيعة العمل لرجال القضاء الصادر به قرار رئيس الجمهورية رقم 2182 لسنة 1962" وذلك أن المقصود من النص على صرفه كاملاً ليس عدم خضوعه للضريبة أو إعفاؤه منها وإنما عدم خصم الزيادة في إعانة غلاء المعيشة التي قررها مجلس الوزراء في 19/ 2/ 1950 وهو ما أفصحت عنه مذكرة وزارة العدل سالفة البيان بقولها "وكان مفهوماً وقت وضع القرار الجمهوري أن يصرف هذا البدل كاملاً وبدون أن تخصم منه الزيادة في إعانة غلاء المعيشة التي قررها مجلس الوزراء في 19/ 2/ 1950 ..... غير أن ديوان المحاسبة أثار لبساً في نصوص القرار الجمهوري الخاص براتب طبيعة العمل المقرر لرجال القضاء لذلك أعد مشروع القرار الجمهوري المرفق تفسيراً لقرار رئيس الجمهورية رقم 2182 لسنة 1962 توضيحاً لمراد الشارع وتحقيقاً للمساواة بين الطوائف المختلفة"، يؤيد ذلك أن لفظ "بكامل" ورد في شأن مرتبات مما لا مراء في خضوعها للضريبة، ولا يغير من ذلك قرار وزير الخزانة رقم 67 لسنة 1963 الصادر بناء على تفويض رئيس الجمهورية بالقرار رقم 1489 لسنة 1962 بشأن المعاملة المالية للموظفين المعارين للدول الأفريقية، ولا يغير من هذا النظر أيضاً أن يكون بدل طبيعة العمل لرجال القضاء مخصصاً للوظيفة وليس للموظف، لأن تخصيص البدل للوظيفة دون الموظف هو - كقاعدة عامة - وصف يصدق على جميع البدلات ما كان منها مقابل ما يكبده العمل من مشاق أو ما يكبده من نفقات، والاستثناء الوحيد الذي يمنح بسبب حصول العامل على مؤهل عال كما هو الحال في قرار رئيس الجمهورية رقم 2287 لسنة 1960 في شأن الرواتب الإضافية للحاصلين على الماجستير والدكتوراه وما يعادلهما، يؤكد ذلك النص في المادة 21 من القانون رقم 58 لسنة 1971 بشأن العاملين المدنيين في الدولة على أن يصرف البدل لشاغل الوظيفة المقرر لها "وفي حالة خلوها يستحق لمن يقوم بأعبائها طبقاً للأوضاع المقررة"إذ كان ذلك وكان الحكمان المطعون فيهما قد خالفا هذا النظر وجريا في قضائهما على عدم خضوع بدل طبيعة العمل لرجال القضاء للضريبة فإنهما يكونان قد خالفا القانون وأخطأ في تطبيقه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 76 لسنة 1971 تجاري أسيوط الابتدائية طالباً الحكم أولاً: بعدم خضوع بدل طبيعة العمل المستحق له لضريبة كسب العمل والدفاع والأمن القومي ويصرف له كاملاً، ثانياً: بإلزام الطاعنين بأن يدفعا له مبلغ 180 ج وما يستجد بواقع ثلاثة جنيهات شهرياً اعتباراً من تاريخ الفصل في الدعوى وحتى يتم إخضاع هذا البدل للضريبة، وبتاريخ 27/ 6/ 1971 حكمت المحكمة أولاً: بعدم خضوع بدل طبيعة العمل المستحق للمطعون ضده لضريبة كسب العمل والدفاع والأمن القومي وبصرفه له كاملاً، ثانياً/ بندب مكتب الخبراء لتحديد مقدار الضريبة التي خصمت من بدل طبيعة العمل المستحق للمطعون ضده في السنوات الخمس السابقة على رفع الدعوى، وبعد أن قدم الخبير تقريره عادت بتاريخ 27/ 6/ 1972 فحكمت بإلزام الطاعنين بأن يدفعا متضامنين للمطعون ضده مبلغ 904.127 ج وما يستجد شهرياً بواقع 2 جنيه و424 مليماً ابتداء من أول يناير سنة 1972 وحتى أكتوبر 1972. استأنف الطاعنان هذين الحكمين بالاستئنافين 35 لسنة 46 ق و5 لسنة 47 ق أسيوط طالبين إلغاءهما والحكم برفض الدعوى، وبتاريخ 6/ 5/ 1972 و6/ 5/ 1973 حكمت المحكمة في الاستئنافين برفضهما وتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنان في الحكم الأول بطريق النقض بالطعن رقم 462 لسنة 42 ق وفي الحكم الثاني بالطعن رقم 702 لسنة 43 ق، وقدمت النيابة مذكرة طلبت فيها رفض الطعنين وعرضا على المحكمة في غرفة المشورة فحددت جلسة لنظرهما وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكمين المطعون فيهما مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وفي بيان ذلك يقولان إن كلا الحكمين أقام قضاءه بعدم خضوع راتب طبيعة العمل المقرر لرجال القضاء للضريبة على أن هذا الراتب مخصص للصرف على مهام الوظيفة مستدلاً على ذلك بما ورد بالمذكرة التفسيرية القرار الجمهوري رقم 822 لسنة 1963 في هذا الخصوص، وبالنص في هذا القرار على صرف راتب طبيعة العمل بالكامل، وحرمان القاضي منه إذا نقل إلى وظيفة غير قضائية، وبأن المشرع لم ينص على إخضاعه للضريبة كما فعل بالنسبة لبدلات التمثيل والاستقبال والحضور، وهو من الحكمين مخالفة لنص المادتين 61، 62 من القانون رقم 14 لسنة 1939، ذلك أن مناط خضوع المبالغ التي تؤدي من خزانة الحكومة للضريبة هو أن يكون الإيراد من مصدر حكومي أو شبه حكومي، ووعاء الضريبة جميع ما يستولى عليه صاحب الشأن من المرتبات وما في حكمها والمزايا النقدية والعينية وبدل التمثيل والاستقبال والحضور، ولا يستثنى منها إلا ما نصت عليه الاتفاقات السياسية والمبالغ التي يحصل عليها الموظف متى كانت استرداد لنفقات تكبدها في سبيل أداء وظيفته، وبدل طبيعة العمل ما هو إلا راتب يمنح بسبب نوع العمل وما يتطلبه من تفرغ ومجهود، ولفظ "بالكامل" الوارد بالقرار الجمهوري رقم 812 لسنة 1963 لا يفيد عدم خضوع البدل للضريبة لأن الإعفاء من الضريبة لا يكون إلا بقانون.
وحيث إن هذا النعي صحيح، ذلك أن النص في المادة 61 من القانون رقم 14 لسنة 1939 في خصوص "الضريبة على كسب العمل" على أن "تسري ضريبة المرتبات وما في حكمها والأجور والمكافآت والمعاشات على: (1) كل المرتبات وما في حكمها والماهيات والمكافآت والأجور والمعاشات والإيرادات المرتبة لمدى الحياة والتي تدفعها الحكومة..... إلى أي شخص سواء أكان مقيماً في مصر أم في الخارج مع مراعاة ما قضت به الاتفاقات من استثناء لهذا الحكم" وفي المادة 62 - بعد تعديلها بالقانون رقم 199 لسنة 1960 - على أن "يربط الضريبة على مجموع ما يستولى عليه صاحب الشأن من مرتبات وماهيات ومكافآت وأجور ومعاشات وإيرادات مرتبه لمدى الحياة، يضاف إلى ذلك ما قد يكون ممنوحاً له من المزايا نقداً أو عيناً وكذلك بدل التمثيل وبدل الاستقبال وبدل الحضور" يدل على أن الضريبة على المرتبات تصيب كافة ما يستولى عليه صاحب الشأن من كسب نتيجة عمله بوصفه دخلاً له، أما المزايا التي تمنح له عوضاً عن نفقات يتكبدها في سبيل أدائه عمله فلا تكون في حقيقتها دخلاً وبالتالي لا تخضع للضريبة، يؤكد هذا النظر ما ورد في المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 199 لسنة 1960 تعليلاً لإضافة بدل التمثيل وبدل الاستقبال وبدل الحضور إلى ما نصت عليه المادة 62 مما تتناوله الضريبة "حتى لا تنفرد ضريبة المرتبات والأجور بإعفاء إيرادات يجب أن تصيبها الضريبة باعتبارها في حقيقة الأمر دخلاً للممول"، وإذ كان ذلك، فإن بدل طبيعة العمل إما أن يعطي للعامل عوضاً له عن نفقات يتكبدها في سبيل تنفيذه لعمله، فلا يعتبر جزءاً من الأجر ولا يتبعه في حكمه من خضوعه للضريبة، وإما أن يعطي له لقاء طاقة يبذلها أو مخاطر معينة يتعرض لها في أداء عمله، فيعتبر جزءاً من الأجر مرهوناً بالظروف التي دعت إلى تقريره فيستحق بوجودها وتصيبه الضريبة، وإذ كان راتب طبيعة العمل المخصص لرجال القضاء والصادر به قرار رئيس الجمهورية رقم 2182 لسنة 1962 إنما تقرر أساساً مقابل ما يبذلونه من جهد في إنجاز عملهم دون تقيد بمواعيد العمل الرسمية وما تستلزمه ولاية القضاء من التفرغ طوال الوقت، فإنه تكون بهذه المثابة ميزة نقدية مما نصت عليه المادة 62 من القانون رقم 14 لسنة 1939 ويدخل في وعاء الضريبة على كسب العمل، ولا يغير من طبيعته أن يخلص بعضه لمواجهة نفقات يتكبدها رجل القضاء في الاضطلاع بعمله، طالما أنه لا يخلص كله لمواجهة هذه النفقات على ما يبين من مذكرة وزارة العدل المرفقة بالقرار الجمهوري رقم 812 لسنة 1963 والتي ورد بها - من بين ما ورد - أنه منح لما يتميز به عمل القضاء من التفرغ طول الوقت وما يقتضيه إنجازه من جهد، إذ ينبغي تغليب حق الخزانة وإخضاعه للضريبة لأن الأصل هو خضوع المرتبات والمزايا لها، والإعفاء منها لا يكون إلا بقانون، وقد نص القانون رقم 46 لسنة 1972 بشأن السلطة القضائية في البند رابعاً من قواعد تطبيق جدول المرتبات الملحق به على أن "لا يخضع بدل القضاء وبدل التمثيل في جدول المرتبات للضرائب" وهو نص مستحدث لا يسري إلا من تاريخ العمل به في 28 سبتمبر سنة 1972، ولا يغير من هذا النظر أن يكون القرار الجمهوري 812 لسنة 1963 قد نص على أن "يصرف بالكامل راتب طبيعة العمل لرجال القضاء الصادر بقرار رئيس الجمهورية رقم 2182 لسنة 1962"، ذلك أن المقصود من النص على صرفه كاملاً ليس عدم خضوعه للضريبة أو إعفاؤه منها، وإنما عدم خصم الزيادة في إعانة غلاء المعيشة التي قررها مجلس الوزراء في 19/ 2/ 1950، وهو ما أفصحت عنه مذكرة وزارة العدل سالفة البيان بقولها "وكان مفهوماً وقت وضع القرار الجمهوري أن يصرف هذا البدل كاملاً وبدون أن تخصم منه الزيادة في إعانة غلاء المعيشة التي قررها مجلس الوزراء في 19/ 2/ 1950... غير أن ديوان المحاسبة أثار لبساً في تفسير نصوص القرار الجمهوري الخاص براتب طبيعة العمل المقرر لرجال القضاء، لذلك أعد مشروع القرار الجمهوري المرفق تفسيراً لقرار رئيس الجمهورية رقم 2182 لسنة 1962 - توضيحاً لمراد الشارع وتحقيقاً للمساواة بين الطوائف المختلفة".... يؤيد ذلك أن لفظ "بالكامل" ورد في شأن مرتبات مما لا مراء في خضوعها للضريبة. ولا يغير من ذلك قرار وزير الخزانة رقم 67 لسنة 1963 الصادر بناء على تفويض رئيس الجمهورية بالقرار الجمهوري رقم 1489 لسنة 1962 بشأن المعاملة المالية للموظفين المعارين للدول الأفريقية والذي نص على أن "يصرف للمعارين علاوة على المبالغ التي يستحقونها طبقاً للقرار الجمهوري رقم 1489 لسنة 1962 المشار إليه (مرتب الإعارة) المرتب الأصلي "بالكامل" في جمهورية مصر العربية"، ولا يغير من هذا النظر أيضاً أن يكون بدل طبيعة العمل لرجال القضاء مخصصاً للوظيفة وليس للموظف لأن تخصيص البدل للوظيفة دون الموظف هو - كقاعدة عامة - وصف يصدق على جميع البدلات، ما كان منها مقابل ما يكبده العمل من مشاق أو ما يكبده من نفقات. والاستثناء الوحيد الذي يرد على هذه القاعدة مقصور على الراتب الإضافي الذي يمنح بسبب حصول العامل على مؤهل عال، كما هو الحال في قرار رئيس الجمهورية رقم 2287 لسنة 1960 في شأن الرواتب الإضافية للحاصلين على الماجستير والدكتوراه وما يعادلها، يؤكد ذلك النص في المادة 21 من القانون رقم 58 لسنة 1971 بشأن العاملين المدنيين في الدولة على أن يصرف البدل لشاغل الوظيفة المقرر لها "وفي حالة خلوها يستحق لمن يقوم بأعبائها طبقاً للأوضاع المقررة"، وإذ كان ذلك، وكان الحكمان المطعون فيهما قد خالفا هذا النظر في قضائهما على عدم خضوع بدل طبيعة العمل لرجال القضاء للضريبة، فإنهما يكونان قد خالفا القانون وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضهما لهذا السبب دون حاجة إلى بحث باقي أسباب الطعن.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه، ولما تقدم يتعين القضاء بإلغاء الحكمين المستأنفين ورفض دعوى المطعون ضده.

الطعن 791 لسنة 44 ق جلسة 11 / 2 / 1978 مكتب فني 29 ج 1 ق 89 ص 452

جلسة 11 من فبراير سنة 1978

برئاسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة أنور خلف وعضوية السادة المستشارين: ممدوح عطية، حسن السنباطي، رأفت عبد الرحيم ومحمد حسب الله.

-----------------

(89)
الطعن رقم 791 لسنة 44 قضائية

حكم "الطعن في الحكم". استئناف.
الحكم بعدم قبول الدعوى بالنسبة لأحد الخصوم مع ندب خبير قضاء غير منه للخصومة. عدم جواز الطعن فيه استقلالاً. اعتباره مستأنفاً مع استئناف الحكم المنهي للخصومة. م 229 مرافعات.

---------------
تنص المادة 212 من قانون المرافعات على أنه "لا يجوز الطعن في الأحكام التي تصدر أثناء سير الدعوى ولا تنتهي بها الخصومة إلا بعد صدور الحكم المنهي للخصومة كلها وذلك فيما عدا الأحكام الوقتية والمستعجلة والصادرة بوقف الدعوى والأحكام القابلة للتنفيذ الجبري" وإذ كان الحكم الصادر من محكمة أول درجة بعدم قبول الدعوى بالنسبة للشركة تأسيساً على أن الهيئة الطاعنة أصبحت دون رب العمل هي المسئولة عن الالتزامات الناشئة من إصابة العمل طبقاً للقانون رقم 63 لسنة 1944 وبإحالة المطعون ضده إلى الطبيب الشرعي لبيان ما نجم عن إصابته هو حكم صدر أثناء سير الدعوى ولا تنتهي به الخصومة القائمة بين الطاعنة والمطعون ضده، كما أنه لا يندرج بين الأحكام التي أجازت المادة 212 من قانون المرافعات الطعن فيها استقلالاً فإنه لا يجوز للطاعنة استئناف هذا الحكم إلا بعد صدور الحكم المنهي للخصومة كلها. لما كان ذلك وكانت الطاعنة قد استأنفت من بعد الحكم الذي ألزمها بأداء التعويض وأنهى الخصومة وهو ما يستتبع حتماً استئناف جميع الأحكام التي سبق صدورها في القضية طبقاً للفقرة الأولى من المادة 229 من قانون المرافعات فإن الحكم المطعون فيه إذ انتهى إلى أن الحكم الصادر من محكمة أول درجة قد حاز قوة الأمر المقضي بالنسبة للطاعنة بعدم استئنافه استقلالاً في الميعاد القانوني يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر: والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم...... مدني كلي المنصورة على شركة مصر للغزل والنسيج بالمحلة الكبرى طالباً الحكم بإلزامها بأن تدفع له مبلغ 251 جنيه تعويضاً مؤقتاً عن إصابته، وقال بياناً لدعواه أنه عمل خفيراً بها قرابة أربعين عاماً حتى أواخر سنة 1967، وبتاريخ 12/ 6/ 1970 في أثناء العمل وبسببه سقطت عليه إحدى بالات القطن فأحدثت كسراً بعمود الفقري نتجت عنه عاهة مستديمة، وإذ كان يستحق تعويضاً عن الضرر الذي أصابه يقدره مؤقتاً بمبلغ 251 جنيه، فقد أقام دعواه بطلباته سالفة البيان، ثم قام بتصحيح شكل الدعوى باختصام مؤسسة التأمين والادخار والهيئة الطاعنة وطلب الحكم بإلزامها متضامنين مع شركة مصر للغزل والنسيج بدفع المبلغ الذي يطالب به. وبتاريخ 23/ 2/ 1971 قضت المحكمة بعدم قبول الدعوى بالنسبة لتلك الشركة وقبل الفصل في موضوع الدعوى المقامة على الهيئة الطاعنة بندب قسم الطب الشرعي بالمنصورة لفحص المطعون ضده وبيان ما إذا كان قد تخلف لديه عجز من جراء إصابته ونسبته، وبعد أن تبين من التقرير الطبي أنه قد نجم عن إصابته كسر ملتحم بالعمود الفقري مما يعتبر عاهة مستديمة تقدر بنحو 50%، حكمت المحكمة في 28/ 12/ 1971 بندب مكتب خبراء وزارة العدل لبيان المبلغ المستحق للمطعون ضده وفقاً لأحكام القانون رقم 63 لسنة 1964، ثم قضت في 24/ 10/ 1972 بعد أن قدم الخبير تقريره بإلزام الطاعنة بأن تؤدي له مبلغ 170 جنيه و66 مليماً. استأنفت الطاعنة هذا الحكم أمام محكمة استئناف المنصورة وقيد الاستئناف برقم....، وبتاريخ 13/ 5/ 1974 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وعرض الطعن على غرفة المشورة فحددت لنظره جلسة 17/ 1/ 1978 وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد حاصله الخطأ في تطبيق القانون وفي بيانه تقول الطاعنة أن من بين الأسباب التي أقامت عليها استئنافها خطأ الحكم المستأنف إذ طبق أحكام القانون رقم 63 لسنة 1964 على واقعة الدعوى، بينما حدثت إصابة المطعون ضده بتاريخ 12/ 6/ 1960 في ظل القانون رقم 92 لسنة 1959 والقرار الوزاري رقم 18 سنة 1959، وأن أحكام هذا القانون لم تسر على العاملين بشركة مصر للغزل والنسيج إلا اعتباراً من أول إبريل سنة 1961 بمقتضى قرار وزير العمل رقم 13 سنة 1961؛ غير أن الحكم المطعون فيه أطرح هذا الدفاع قولاً أن الحكم الصادر من محكمة أول درجة بتاريخ 23/ 2/ 1971 والذي قضى بعدم قبول الدعوى بالنسبة لشركة مصر للغزل والنسيج، قد قطع بأن الطاعنة هي المسئولة عن الالتزامات المترتبة على إصابة العامل - دون رب العمل - عملاً بأحكام القانون رقم 63 لسنة 1964 الواجب التطبيق، وأن الطاعنة لم تستأنف هذا الحكم فحاز قوة الأمر المقضي، وما ذهب إليه الحكم المطعون فيه ينطوي على خطأ في تطبيق القانون لأن الحكم الصادر في 23/ 2/ 1971 لم تنته به الخصومة، فلا يجوز لها استئنافه استقلالاً طبقاً للمادة 212 من قانون المرافعات، وإذ كانت قد استأنفت الحكم الذي صدر في موضوع الدعوى فإن ذلك يستتبع استئناف جميع الأحكام التي سبق صدورها.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أنه لما كانت المادة 212 من قانون المرافعات تنص على أنه "لا يجوز الطعن في الأحكام التي تصدر أثناء سير الدعوى ولا تنتهي بها الخصومة إلا بعد صدور الحكم المنهي للخصومة كلها، وذلك فيما عدا الأحكام الوقتية والمستعجلة والصادرة بوقف الدعوى والأحكام القابلة للتنفيذ الجبري"، وكان الحكم الصادر من محكمة أول درجة في 23/ 2/ 1971 بعدم قبول الدعوى بالنسبة لشركة مصر للغزل والنسيج تأسيساً على أن الهيئة الطاعنة أصبحت دون رب العمل هي المسئولة عن الالتزامات الناشئة عن إصابة العمل طبقاً للقانون رقم 63 لسنة 1964 بالحالة المطعون ضده إلى الطبيب الشرعي لبيان ما نجم عن إصابته هو حكم صدر أثناء سير الدعوى ولا تنتهي به الخصومة القائمة بين الطاعنة والمطعون ضده، كما أنه لا يندرج بين الأحكام التي أجازت المادة 212 من قانون المرافعات الطعن فيها استقلالاً، فإنه لا يجوز للطاعنة استئناف هذه الحكم إلا بعد صدور الحكم المنهي للخصومة كلها، لما كان ذلك وكانت الطاعنة قد استأنفت من بعد الحكم الصادر في 24/ 10/ 1972 الذي ألزمها بأداء التعويض وأنهى الخصومة، وهو ما يستتبع حتماً استئناف جميع الأحكام التي سبق صدورها في القضية طبقاً للفقرة الأولى من المادة 229 من قانون المرافعات، فإن الحكم المطعون فيه إذ انتهى إلى أن الحكم الصادر من محكمة أول درجة بتاريخ 23/ 2/ 1971 قد حاز قوة الأمر المقضي بالنسبة للطاعنة بعدم استئنافه استقلالاً في الميعاد القانوني، يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما حجبه عن بحث ما أثير بشأن القانون الذي يحكم واقعة الدعوى ومدى حدود التزام الطاعنة بتعويض إصابات العمل في ظل القانون الواجب التطبيق والقرارات الوزارية الصادرة تنفيذاً له، وهو ما يتعين معه أن يكون مع النقض الإحالة.

الطعن 650 لسنة 73 ق جلسة 1 / 3 / 2023 مكتب فني 71 هيئة عامة ق 3 ص 24

جلسة الأول من مارس سنة ٢٠٢٣ 
برئاسة السيد القاضي / محمد عبد محجوب رئيس محكمة النقض وعضوية السادة القضاة / عبد العزيز الطنطاوي ، محيي الدين السيد ، حسني عبد اللطيف، عاطف الأعصر ، نبيل أحمد صادق، محمد أبو الليل ، سمير حسن، صلاح مجاهد .د. مصطفى سالمان ، محمد أحمد إسماعيل نواب رئيس المحكمة 
-------------------
(3)
الطعن رقم ٦٥٠ لسنة ٧٣ القضائية هيئة عامة" 
(1 - 3) اختصاص " الاختصاص المتعلق بالولاية : اختصاص المحاكم العادية : القضاء العادي صاحب الولاية العامة .. جمارك " المنازعات الجمركية : اختصاص القضاء العادي بنظرها " . 
(1) السلطة القضائية، سلطة أصيلة تستمد كيانها ووجودها من الدستور، اختصاصها واستقلالها بولاية القضاء بما يكفل تحقيق العدالة وحق المواطن في التقاضي . 
(۲) القضاء العادي صاحب الولاية العامة في نظر كافة المنازعات الاستثناء - المنازعات الإدارية أو المستثناة بنص في الدستور أو القانون، تقييد هذه الولاية استثناء وجوب عدم التوسع في تفسيره - لازمه ، اختصاص القضاء العادي بالفصل في النزاع طالما لا يوجد نص في الدستور أو القانون بإسناد الاختصاص لجهة أخرى، علة ذلك . 
(۳) خلو قانوني الجمارك السابق وتعديلاته والعالي من النص على اختصاص القضاء الإداري بنظر المنازعات الجمركية واستقراء مسلك المشرع في تنظيمه لكيفية الفصل في تلك المنازعات على خلاف ما انتهجه في تنظيم الفصل في المنازعات الضريبية في قانوني الضرائب العقارية والقيمة المضافة، مؤداه اتجاه إرادة المشرع الأستاذ الاختصاص بنظرها للقضاء العادي . تأكيد قضاء المحكمة الدستورية لهذا النظر أثره اختصاص القضاء العادي ينظر المنازعات الحركية . 
-----------------
1 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن السلطة القضائية هي سلطة أصيلة تستمد وجودها وكيانها من الدستور الذي ناط بها وحدها أمر العدالة، مستقلة عن باقي السلطات، ولها دون غيرها ولاية القضاء بما يكفل تحقيق العدالة وحق المواطن في اللجوء إلى قاضيه الطبيعي. 
2 - إذ كان القضاء العادي هو صاحب الولاية العامة في نظر المنازعات كافه ما لم تكن إدارية أو مستثناة بنص في الدستور أو القانون، وأي قيد يضعه المشرع للحد من هذه الولاية - ولا يخالف به أحكام الدستور - بعد استثناء واردا على أصل عام ومن ثم جب عدم التوسع في تفسيره ويتعين ألا يخرج عن الإطار الذي ورد فيه، ولازم ذلك أنه إذا لم يوجد نص في الدستور أو القانون يجعل الاختصاص بالفصل في النزاع لجهة أخرى غير المحاكم العادية، فإن الاختصاص بالفصل فيه يكون باقيا للقضاء العادي على أصل ولايته العامة، فليست العبرة بثبوت العلة وإنما بوجود النص. 
3 - إذ كان هذا الأصل العام (القضاء العادي هو صاحب الولاية العامة) بجد فيما يتعلق بتحديد جهة القضاء المختصة بنظر المنازعات الجمركية ليس فقط من عدم النص على اختصاص القضاء الإداري بها سواء في قانون الجمارك السابق رقم 11 لسنة ١٩٦٣ وتعديلاته - والمنطبق على واقعة النزاع - أو القانون الحالي رقم ٢٠٧ لسنة ٢٠٢٠ والذى خلا كل منهما من نص على اختصاص القضاء الإداري بنظرها، وبما يرتب نتيجة مباشرة لذلك هي اختصاص القضاء العادي بها، وإنما كذلك من استقراء مسلك المشرع في تنظيمه لكيفية الفصل في هذه المنازعات من زاويتين الأولى بالنظر إلى طبيعتها، تلك الطبيعة التي تتجلى من خلال الأحكام الواردة في قانون الجمارك والتي تدور حول التعريفة الجمركية وقواعدها وفتاتها تلك التي تصدر بقرار جمهوري موافقة البرلمان، أو باقي الأحكام التي أوردها المشرع ونظمها فيه والمتعلقة بالنظم والإعفاءات الجمركية، ومقابل الخدمات، وإجراءات بيع البضائع، والتي تقوم جهة الإدارة - مصلحة الجمارك - بتطبيقها باعتبارها أعمالا مادية، رتب هذا القانون عليها آثارا هي من إرادة المشرع، وليس من الإرادة الذاتية لهذه الجهة، وعليه فإن ما تقوم به الأخيرة لا بعد قرارا إداريا، أو منازعة ذات طبيعة إدارية، والثانية بالنظر إلى منهج المشرع في تنظيم طرق الفصل فيها، والتي تبدأ بالتظلم منها وتنتهي بالتحكيم. وهو تنظيم استقر عليه المشرع في القانونين السابق والحالي سالفي الإشارة إليهما وقد خلا هذا التنظيم من لجوء المتظلم إلى محكمة القضاء الإداري للنظر في تظلمه أو الطعن عليه أمامها لدى رفض تظلمه، وذلك على خلاف ما انتهجه في تنظيم الفصل في المنازعات الضريبية في قانون الضرائب العقارية رقم ١٩٦ لسنة ٢٠٠٨ وقانون القيمة المضافة رقم ٦٧ لسنة ۲۰۱٦، والذي نص فيهما على اختصاص القضاء الإداري بنظرها، واللذين سبقا قانون الجمارك الأخير رقم ٢٠٧ لسنة ٢٠٢٠ في الصدور بأعوام، وبما يدل على اتجاه إرادته في إسناد الاختصاص بنظر المنازعات الجمركية للقضاء العادي، وهذا ما تأكد أخيرا من خلال قضاء المحكمة الدستورية العليا في دعوى منازعة التنفيذ رقم 4 لسنة ٤٣ ق بجلسة ۲۰۲۲/۱۰/١٥، والذي ورد بأسباب حكمها فيها أن قضاءها في منازعات التنفيذ ودعاوى التنازع لا تكون له حجية إلا بين أطراف تلك الدعاوى فقط، ولا تثبت الحجية المطلقة على الكافة إلا لما ورد بأسباب هذه الأحكام من تقريرات دستورية تعرض للموس بذاتها من الوثيقة الدستورية لها محل من الأعمال على وقائع النزاع الموضوعي وتؤدي لزوما إلى الفصل في موضوعه وهو ما لم يصدر من هذه المحكمة في أي من دعاوى منازعات التنفيذ أو التنازع والتي استندت إليها بعض أحكام الاتجاه الثاني للتدليل على الطبيعة الإدارية للمنازعات الجمركية، وذلك على خلاف طبيعتها التي بينها المشرع في قانون الجمارك على نحو ما سلف، وبما مقتضاه اختصاص جهة القضاء العادي بنظرها كأصل عام. لما كان ما تقدم وكانت بعض أحكام هذه المحكمة قد ذهبت في قضائها إلى اختصاص القضاء الإداري ينظر المنازعات الجمركية، فقد رأت الهيئة، بالأغلبية المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة الرابعة من قانون السلطة القضائية رقم ٤٦ لسنة ۱۹۷۲ المعدل العدول عن المبدأ الذي تبلته هذه الأحكام، والقرار المبدأ الذي يقضي باختصاص القضاء العادي بنظر المنازعات الجمركية.

--------------------
" الهيئة "
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر/ محمـد أحمد إسماعيل نائب رئيس المحكمة والمرافعة وبعد المداولة قانونا:
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الشركة الطاعنة أقامت على المطعون ضدهما بصفتيهما الدعوي رقم 59 لسنة 2000 مدني الإسكندرية الابتدائية بطلب الحكم بإلزامهما برد مبلغ 451090 جنيه والذي يمثل الزيادة في الرسوم الجمركية ، وقالة بيانا لدعواها أنها استوردت رسالة تدخل ضمن مكونات منتجها النهائي لتصنيع أغطية زجاجات المياه الغازية الكبسول على أساس سعر الطن 510 دولار وقامت بتغطية القيمة بالاعتماد المستندي بأحد البنوك إلا أنه وعند اتخاذ إجراءات الإفراج الجمركي عن الرسالة من ميناء الإسكندرية قامت مصلحة الجمارك بتعديل السعر ليصبح 700 دولار للطن بزيادة قدرها 37,25% تم تحفيضها بعد التظلم لتصبح الزيادة بنسبة 25% ليكون السعر 637,5 دولار للطن واسترشدت مصلحة الجمارك في ذلك بفواتير عن فترات سابقة منذ عام 1998 في حين وردت الرسالة موضوع الدعوي بتاريخ 23/ 5/ 1999 مما أدي إلى سداد الشركة للرسوم الجمركية بزيادة تقدر بالمبلغ المطالب به دون وجه حق فكانت الدعوي ، ندبت المحكمة خبيرا ، وبعد أن أودع تقريره ، حكمت بتاريخ 20/ 11/ 2002 برفض الدعوي ، استأنفت الشركة الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 6562 لسنة 58ق لدي محكمة استئناف الإسكندرية ، والتي قضت بتاريخ 6/ 5/ 2003 بتأييد الحكم المستأنف . طعنت الشركة الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض ، وقدمت النيابة مذكرة دفعت فيها بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون ضده الثاني بصفته وأبدت الرأي في موضوع الطعن بنقض الحكم المطعون فيه بعد أن أضافت من جانبها سببا يتعلق بالنظام العام بنقض الحكم المطعون فيه لمخالفته قواعد الاختصاص الولائي ، وإذ عرض الطعن على دائرة المواد التجارية والاقتصادية في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها .
وحيث إن الدائرة التجارية والاقتصادية المختصة تبينت أن الاتجاه الأول ذهب الي أن المنازعات الجمركية هي منازعات ذات طبيعة مدنية محضه يختص بها القضاء العادي باعتبار أن السلطة القضائية هي سلطة أصيلة تستمد وجودها وكيانها من الدستور الذي نط بها وحدها أمر العدالة ، مستقلة عن باقي السلطات ولها دون غيرها ولاية القضاء بما يكفل تحقيق العدالة وحق المواطن في اللجوء إلى قاضيه الطبيعي ، وبالتالي يكون القضاء العادي هو صاحب الولاية العامة بنظر كافة الأنزعة التي تنشب بين الأفراد أو بينهم وبين وحدات الدولة إلا ما استثني من ذلك بنص خاص مقررا بنص الدستور أو القانون لجهة أخري استثناء لعلة أو لأخري .
وحيث ان الاتجاه الثاني نهج في أحكامه نهجا مغايرا مؤداه أن المنازعات الجمركية هي منازعات ذات طبيعة إدارية يختص بنظرها مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري .
وإزاء هذا الاختلاف قررت الدائرة التجارية والاقتصادية المختصة بجلستها المنعقدة بتاريخ 18 من يناير سنة 2023 إحالة الطعن إلى الهيئة العامة للمواد المدنية والتجارية ومواد الأحوال الشخصية وغيرها عملا بالفقرة الثانية من المادة الرابعة من قانون السلطة القضائية الصادر بالقرار بقانون رقم 46 لسنة 1972 المعدل للفصل في هذا الاختلاف وإقرار المبدأ الذي قررته أحكام الاتجاه الأول والعدول عن المبدأ الذي قررته أحكام الاتجاه الثاني من انعقاد الاختصاص بنظر المنازعات الجمركية الي مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري .
وإذ حددت الهيئة العامة للمواد المدنية والتجارية ومواد الأحوال الشخصية وغيرها جلسة 14 من فبراير سنة 2023 لنظر الطعن ، وأودعت النيابة العامة لدي محكمة النقض مذكرة برأيها انتهت فيها الي الأخذ بالمبدأ الذي قررته أحكام الاتجاه الأول باختصاص القضاء العادي بنظر المنازعات الجمركية ، وبجلسة 14/ 2/ 2023 ، 21/ 2/ 2023 ، 28/ 2/ 2023 تداولت الهيئة في المسألة المعروضة عليها من الدائرة المحيلة ، وبالجلسة الأخيرة التزمت النيابة رأيها ، وقررت الهيئة إصدار الحكم بجلسة اليوم .
وحيث انه من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن السلطة القضائية هي سلطة أصيلة تستمد وجودها وكيانها من الدستور الذي ناط بها وحدها أمر العدالة ، مستقلة عن باقي السلطات ، ولها دون غيرها ولاية القضاء بما يكفل تحقيق العدالة وحق المواطن في اللجوء إلى قاضيه الطبيعي ، وكان القضاء العادي هو صاحب الولاية العامة في نظر المنازعات كافه ما لم تكن إدارية أو مستثناه بنص في الدستور أو القانون ، وأي قيد يضعه المشرع للحد من هذه الولاية - ولا يخالف به أحكام الدستور - يعد استثناء واردا على أصل عام ومن ثم يجب عدم التوسع في تفسيره ويتعين ألا يخرج عن الاطار الذي ورد فيه ، ولازم ذلك أنه اذا لم يوجد نص في الدستور أو القانون يجعل الاختصاص بالفصل في النزاع لجهة أخري غير المحاكم العادية ، فان الاختصاص بالفصل فيه يكون باقيا للقضاء العادي على أصل ولايته العامة ، فليست العبرة بثبوت العلة وإنما بوجود النص.
وأن هذا الأصل العام يجد سنده فيما يتعلق بتحديد جهة القضاء المختصة بنظر المنازعات الجمركية ليس فقط من عدم النص على اختصاص القضاء الإداري بها سواء في قانون الجمارك السابق رقم 66 لسنة 1963 وتعديلاته - والمنطبق على واقعة النزاع - أو القانون الحالي رقم 207 لسنة 2020 والذي خلا كل منهما من نص على اختصاص القضاء الإداري بنظرها ، وبما يرتب نتيجة لذلك هي اختصاص القضاء العادي بها ، وإنما كذلك من استقراء مسلك المشرع في تنظيمه لكيفية الفصل في هذه المنازعات من زاويتين الأولي بالنظر إلى طبيعتها ، تلك الطبيعة التي تتجلي من خلال الأحكام الواردة في قانون الجمارك والتي تدور حول التعريفة الجمركية وقواعدها وفئاتها تلك التي تصدر بقرار جمهوري بعد موافقة البرلمان ، أو باقي الأحكام التي أوردها المشرع ونظمها فيه والمتعلقة بالنظم والإعفاءات الجمركية ، ومقابل الخدمات ، وإجراءات بيع البضائع ، والتي تقوم جهة الإدارة - مصلحة الجمارك - بتطبيقها باعتبارها أعمالا مادية ، رتب هذا القانون عليها آثارا هي من إرادة المشرع ، وليس من الإدارة الذاتية لهذه الجهة ، وعليه فان ما تقوم به الأخيرة لا يعدو قرارا إداريا ، أو منازعة ذات طبيعة إدارية ، والثانية بالنظر إلى منهج المشرع في تنظيم طرق الفصل فيها ، والتي تبدأ بالتظلم منها وتنتهي بالتحكيم ، وهو تنظيم استقر عليه المشرع في القانون السابق ، والحالي سالفي الإشارة إليهما ، وقد خلا هذا التنظيم من لجوء المتظلم إلى محكمة القضاء الإدارية للنظر في تظلمه ، أو الطعن عليه أمامها لدي رفض تظلمه - وذلك على خلاف ما انتهجه في تنظيم الفصل في المنازعات الضريبية في قانون الضرائب العقارية رقم 196 لسنة 2008 ، والقيمة المضافة رقم 67 لسنة 2016 ، والذي نص فيهما على اختصاص القضاء الإدارية بنظرها ، واللذين سبقا قانون الجمارك الأخير رقم 207 لسنة 2020 في الصدور بأعوام ، وبما يدل على اتجاه إرادته في إسناد الاختصاص بنظر المنازعات الجمركية للقضاء العادي ، وهذا ما تأكد أخيرا من خلال قضاء المحكمة الدستورية العليا في دعوي منازعة التنفيذ رقم 4 لسنة 34ق جلسة 15/ 10/ 2022 ، والذي ورد بأسباب حكمها فيها أن قضائها في منازعات التنفيذ ودعاوي التنازع لا تكون له حجية إلا بين أطراف تلك الدعاوي فقط ، ولا تثبت الحجية المطلقة على الكافة الا لما ورد بأسباب هذه الأحكام من تقريرات دستورية تعرض لنصوص بذاتها من الوثيقة الدستورية لها محل من الأعمال على وقائع النزاع الموضوعي وتؤدي لزوما إلى الفصل في موضوعه وهو ما لم يصدر من هذه المحكمة في أي من دعاوي منازعات التنفيذ أو التنازع والتي استندت إليها بعض أحكام الاتجاه الثاني للتدليل على الطبيعة الإدارية للمنازعات الجمركية ، وذلك على خلاف طبيعتها التي بينها المشرع في قانون الجمارك على نحو ما سلف ، وبما مقتضاه اختصاص جهة القضاء العادي بنظرها كأصل عام .
لما كان ما تقدم ، وكانت بعض أحكام هذه المحكمة قد ذهبت في قضائها إلى اختصاص القضاء الإداري بنظر المنازعات الجمركية ، فقد رأت الهيئة ، بالأغلبية المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة الرابعة من قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972 المعدل ، العدول عن المبدأ الذي تبنته هذه الأحكام ، وإقرار المبدأ الذي يقضي باختصاص القضاء العادي بنظر المنازعات الجمركية.
ومن ثم فان الهيئة وبعد الفصل في المسألة المعروضة عليها تعيد الطعن إلى الدائرة التي أحالته إليها للفصل فيه وفقا لما سبق وطبقا لأحكام القانون .
-----------------

الطعن 10219 لسنة 91 ق جلسة 22 / 3 / 2023 مكتب فني 73 هيئة عامة ق 1 ص 5

جلسة 22 من مارس سنة 2023
برئاسة السيد القاضي / محمد عيد محجوب رئيس محكمة النقض وعضوية السادة القضاة / أحمد عبد القوي ، عادل الكناني ، حمد عبد اللطيف ، عاصم الغايش ، منصور القاضي ، محمد سامي ، محمد عبد العال ، عابد راشد ، د. علي فرجاني وعلي عمارة نواب رئيس المحكمة .
----------------
(1)
هيئة عامة
الطعن رقم 10219 لسنة 91 القضائية
آثار . قانون " تطبيقه " . هيئة عامة .
عدم جواز الانحراف عن عبارة القانون عن طريق التفسير أو التأويل أياً كان الباعث . متى كانت واضحة لا لبس فيها . علة ذلك ؟
الاجتهاد إزاء صراحة النص . غير جائز .
أعمال الحفر في جميع المواقع أثرية أو غير ذلك دون الحصول على ترخيص من الجهة المختصة . محظورة . القول بقصر مناط التجريم على الأراضي المعتبرة أثرية أو تلك المتاخمة للمواقع والأراضي الأثرية أو التي تقع في محيطها . لا يسعفه النص ويصطدم بصراحته وبمقصود الشارع منه . أساس ذلك ؟
مبدأ تأثيم أعمال الحفر في أي موقع سواء كان أثرياً أو غير أثري مملوك ملكية عامة أو خاصة . متى كان بقصد الحصول على الآثار دون ترخيص من الجهة المختصة . تقره الهيئة .
المادة الرابعة من قانون السلطة القضائية . مفادها ؟
فصل الهيئة في المسألة المعروضة . يعيد الطعن إلى الدائرة التي أحالته إليها للفصل فيه طبقاً لأحكام القانون .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لما كانت القاعدة العامة أنه متى كانت عبارة القانون واضحة لا لبس فيها ، فإنه يجب أن تُعد تعبيراً صادقاً عن إرادة الشارع ولا يجوز الانحراف عنها عن طريق التفسير أو التأويل أياً كان الباعث على ذلك ، وأنه لا محل للاجتهاد إزاء صراحة نص القانون الواجب تطبيقه ، وكانت المادة ٤٢ من القانون رقم ۱۱۷ لسنة ۱۹۸۳ بشأن إصدار قانون حماية الآثار المستبدلة بالقانون رقم 91 لسنة 2018 ، إذ نصت على عقاب كل من أجرى أعمال الحفر بقصد الحصول على الآثار دون ترخيص ، فقد دلت في صريح عبارتها وواضح دلالتها على أن المشرع فرض حظراً مُطلقاً على القيام بأعمال الحفر في جميع المواقع دون اعتبار لطبيعة المكان الذي يجري فيه الحفر ، وأوجد تنظيماً يسمح بذلك شرطه الحصول على ترخيص من الجهة المختصة ، حيث خصت المادة الخامسة من القانون آنف الذكر المجلس الأعلى للآثار - دون غيره - بشئون الآثار ، وكل ما يتعلق بها وكذلك البحث والتنقيب في الأراضي أياً كان مالكها مع مراعاة حُكم المادة ٣٢ من هذا القانون بما تضمنته من ضوابط وشروط منح الترخيص بذلك حتى وإن كان البحث أو التنقيب في أرض غير أثرية ، ومما يؤكد هذا المعنى ما جاء بالمذكرة الإيضاحية للقانون الأخير وتقرير اللجنة المشتركة والمناقشات التي دارت حوله في مجلس النواب من أن الأسس التي قام عليها هذا القانون تأتي إعمالاً لحُكم المادتين ٤٩ ، ٥٠ من الدستور من التزام الدولة بحماية الآثار والحفاظ عليها ورعاية مناطقها وصيانتها وتنظيم التنقيب عنها والإشراف عليه ، إذ إن تراث مصر الحضاري والثقافي المادي والمعنوي بجميع تنوعاته ومراحله الكبرى ثروة قومية وإنسانية تلتزم الدولة بالحفاظ عليه وصيانته ، والاعتداء على أي من ذلك جريمة يعاقب عليها القانون ، ومن ثم تحتم القول – طبقاً للمادة 42 المار بيانها - بوجوب عقاب كل من يقوم بأعمال الحفر في أي موقع سواء كان أثرياً أو غير ذلك ، مملوكاً ملكية عامة أو خاصة ، متى كان القصد من ذلك هو الحصول على الآثار دون ترخيص من الجهة المختصة ، سواء تحقق الغرض الذي قصده من ذلك أو لم يتحقق، ودون أن يكون هناك محل للتحدي بقصر مناط التجريم على الأراضي المعتبرة أثرية أو تلك المتاخمة للمواقع والأراضي الأثرية أو التي تقع في محيطها وهو قول لا يسعفه النص ، بل يصطدم بصراحته ومقصود الشارع منه ، كما يتنافى مع الفلسفة التي أملت إجراء التعديل والتي تغّيت التصدي لكل المحاولات غير المشروعة للتنقيب على الآثار ومحاصرة مُرتكبيها ، إذ لا تخصيص بغير مُخصص ، ولا إلزام بما لا يلزم . لما كان ما تقدم ، فإن الهيئة تقر الأحكام التي انتهت إلى تأثيم أعمال الحفر في أي موقع سواء كان أثرياً أو غير أثري ، مملوكاً ملكية عامة أو خاصة ، متى كان ذلك بقصد الحصول على الآثار دون ترخيص من الجهة المختصة والعدول عما تعارض مع ذلك من أحكام . لما كان ذلك، وكانت المادة الرابعة من قانون السلطة القضائية قد نصت على أن ( تشكل الجمعية العامة لمحكمة النقض هيئتين بالمحكمة كل منها من أحد عشر قاضياً برئاسة رئيس المحكمة أو أحد نوابه إحداهما للمواد الجنائية والثانية للمواد المدنية والتجارية ومواد الأحوال الشخصية وغيرها ، وإذا رأت إحدى دوائر المحكمة العدول عن مبدأ قانوني قررته أحكام سابقة أحالت الدعوى إلى الهيئة المختصة بالمحكمة للفصل فيها وتصدر الهيئة أحكامها بالعدول بأغلبية سبعة أعضاء على الأقل ، وإذا رأت إحدى الدوائر العدول عن مبدأ قانوني قررته أحكام سابقة صادرة من دوائر أخرى أحالت الدعوى إلى الهيئتين مجتمعتين للفصل فيها ، وتصدر الأحكام في هذه الحالة بأغلبية أربعة عشر عضواً على الأقل ) ، والمُستفاد مما ورد في هذه المادة سواء ما تعلق منها بتشكيل الهيئة الواحدة ( فقرة / 2 ) أو بتشكيل الهيئتين مجتمعتين ( فقرة / ٣ ) هو أنه كلما رأت إحداها العدول عن مبدأ قررته أحكام سابقة أصدرت حكمها بالعدول بأغلبية سبعة أعضاء بالنسبة للهيئة وأربعة عشر عضواً بالنسبة للهيئتين مُجتمعتين ولم تلزم أياً من التشكيلين بعد الفصل في مسألة العدول بالفصل في موضوع الطعن وجوبياً وهو ما تُشير إليه عبارة ( وتصدر الأحكام في هذه الحالة بأغلبية أربعة عشر عضواً على الأقل ) ، التي وردت بعجز المادة ، إذ إن العدول هو الذي يلزم له الأغلبية المُشار إليها فيها دون الحُكم في الطعن نفسه الذي يكفي فيه بعد ذلك الأغلبية العادية المُقررة لإصدار الأحكام . لما كان ذلك ، فإن الهيئة بعد الفصل في المسألة المعروضة تعيد الطعن إلى الدائرة التي أحالته إليها للفصل فيه طبقاً لأحكام القانون .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة كلاً من 1- .... ( طاعن ) 2- .... ( طاعن ) 3- .... 4- .... ( طاعن ) ، 5- .... بأنهم :
- أجروا أعمال الحفر بقصد الحصول على الآثار بدون ترخيص .
وأحالتهم إلى محكمة جنايات .... لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الوارد بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1 ، 40 ، 42/3 بند 2 من القانون رقم 117 لسنة 1983 المعدل بالقانونين رقمي 3 لسنة 2010 ، 91 لسنة 2018 ، مع إعمال نص المادة 17 من قانون العقوبات ، حضوريا ًللأول والثاني والرابع وغيابياً للثالث والخامس بمعاقبتهم بالحبس مع الشغل لمدة سنتين وتغريم كل منهم خمسمائة ألف جنيه ومصادرة المضبوطات .
فطعن المحكوم عليهم الأول والثاني والرابع في هذا الحُكم بطريق النقض .
وبجلسة .... قررت دائرة .... الجنائية إحالة الطعن إلى الهيئة العامة للمواد الجنائية بمحكمة النقض للفصل فيه عملاً بحُكم الفقرة الثانية من المادة الرابعة من قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972 .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الهيئة
من حيث إنه بجلسة .... رأت دائرة .... الجنائية إحالة هذا الطعن إلى الهيئة العامة للمواد الجنائية للعدول عن الأحكام الصادرة من الدوائر الجنائية بالمحكمة والتي اشترطت لقيام جريمة إجراء أعمال الحفر بقصد الحصول على الآثار دون ترخيص المؤثمة بالمادة 42 من القانون 117 لسنة 1983 بشأن إصدار قانون حماية الآثار المستبدلة بالقانون رقم 91 لسنة 2018 أن يكون موقع الحفر أرضاً أثرية أو متاخمة لها ، وتأييد الأحكام الصادرة من الدوائر الجنائية التي انتهت إلى تأثيم أعمال الحفر في أي موقع سواء كان أثرياً أو غير أثري مملوكاً ملكية عامة أو خاصة متى كان القصد منه هو الحصول على الآثار دون ترخيص من الجهة المختصة .
وحيث إن مثار الخلاف بين الأحكام المطلوب العدول عنها وبين تلك المطلوب تأييدها يدور حول مناط التأثيم في جريمة إجراء أعمال الحفر بقصد الحصول على الآثار دون ترخيص طبقاً لنص المادة 42 آنفة البيان ، وهل يقتصر التجريم على الحفر في الأرض الأثرية أو تلك المتاخمة لها أو التي تقع في محيطها أم أن التجريم يمتد ليشمل الحفر في أي موقع سواء كان أثرياً أو غير أثري مملوكاً ملكية عامة أو خاصة متى كان القصد منه الحصول على الآثار دون ترخيص من الجهة المختصة .
لما كان ذلك ، وكانت القاعدة العامة أنه متى كانت عبارة القانون واضحة لا لبس فيها ، فإنه يجب أن تُعد تعبيراً صادقاً عن إرادة الشارع ولا يجوز الانحراف عنها عن طريق التفسير أو التأويل أياً كان الباعث على ذلك ، وأنه لا محل للاجتهاد إزاء صراحة نص القانون الواجب تطبيقه ، وكانت المادة ٤٢ من القانون رقم ۱۱۷ لسنة ۱۹۸۳ بشأن إصدار قانون حماية الآثار المستبدلة بالقانون رقم 91 لسنة 2018 ، إذ نصت على عقاب كل من أجرى أعمال الحفر بقصد الحصول على الآثار دون ترخيص ، فقد دلت في صريح عبارتها وواضح دلالتها على أن المشرع فرض حظراً مُطلقاً على القيام بأعمال الحفر في جميع المواقع دون اعتبار لطبيعة المكان الذي يجري فيه الحفر ، وأوجد تنظيماً يسمح بذلك شرطه الحصول على ترخيص من الجهة المختصة حيث خصت المادة الخامسة من القانون آنف الذكر المجلس الأعلى للآثار - دون غيره - بشئون الآثار ، وكل ما يتعلق بها وكذلك البحث والتنقيب في الأراضي أياً كان مالكها مع مراعاة حُكم المادة ٣٢ من هذا القانون بما تضمنته من ضوابط وشروط منح الترخيص بذلك حتى وإن كان البحث أو التنقيب في أرض غير أثرية ، ومما يؤكد هذا المعنى ما جاء بالمذكرة الإيضاحية للقانون الأخير وتقرير اللجنة المشتركة والمناقشات التي دارت حوله في مجلس النواب من أن الأسس التي قام عليها هذا القانون تأتي إعمالاً لحُكم المادتين ٤٩ ، ٥٠ من الدستور من التزام الدولة بحماية الآثار والحفاظ عليها ورعاية مناطقها وصيانتها وتنظيم التنقيب عنها والإشراف عليه ، إذ إن تراث مصر الحضاري والثقافي المادي والمعنوي بجميع تنوعاته ومراحله الكبرى ثروة قومية وإنسانية تلتزم الدولة بالحفاظ عليه وصيانته ، والاعتداء على أي من ذلك جريمة يعاقب عليها القانون ، ومن ثم تحتم القول – طبقاً للمادة 42 المار بيانها - بوجوب عقاب كل من يقوم بأعمال الحفر في أي موقع سواء كان أثرياً أو غير ذلك ، مملوكاً ملكية عامة أو خاصة ، متى كان القصد من ذلك هو الحصول على الآثار دون ترخيص من الجهة المختصة ، سواء تحقق الغرض الذي قصده من ذلك أو لم يتحقق ، ودون أن يكون هناك محل للتحدي بقصر مناط التجريم على الأراضي المعتبرة أثرية أو تلك المتاخمة للمواقع والأراضي الأثرية أو التي تقع في محيطها وهو قول لا يسعفه النص ، بل يصطدم بصراحته ومقصود الشارع منه ، كما يتنافى مع الفلسفة التي أملت إجراء التعديل والتي تغّيت التصدي لكل المحاولات غير المشروعة للتنقيب على الآثار ومحاصرة مُرتكبيها ، إذ لا تخصيص بغير مُخصص ، ولا إلزام بما لا يلزم . لما كان ما تقدم ، فإن الهيئة تقر الأحكام التي انتهت إلى تأثيم أعمال الحفر في أي موقع سواء كان أثرياً أو غير أثري ، مملوكاً ملكية عامة أو خاصة ، متى كان ذلك بقصد الحصول على الآثار دون ترخيص من الجهة المختصة والعدول عما تعارض مع ذلك من أحكام . لما كان ذلك ، وكانت المادة الرابعة من قانون السلطة القضائية قد نصت على أن ( تشكل الجمعية العامة لمحكمة النقض هيئتين بالمحكمة كل منها من أحد عشر قاضياً برئاسة رئيس المحكمة أو أحد نوابه إحداهما للمواد الجنائية والثانية للمواد المدنية والتجارية ومواد الأحوال الشخصية وغيرها ، وإذا رأت إحدى دوائر المحكمة العدول عن مبدأ قانوني قررته أحكام سابقة أحالت الدعوى إلى الهيئة المختصة بالمحكمة للفصل فيها وتصدر الهيئة أحكامها بالعدول بأغلبية سبعة أعضاء على الأقل ، وإذا رأت إحدى الدوائر العدول عن مبدأ قانوني قررته أحكام سابقة صادرة من دوائر أخرى أحالت الدعوى إلى الهيئتين مجتمعتين للفصل فيها ، وتصدر الأحكام في هذه الحالة بأغلبية أربعة عشر عضواً على الأقل ) ، والمُستفاد مما ورد في هذه المادة سواء ما تعلق منها بتشكيل الهيئة الواحدة ( فقرة / 2 ) أو بتشكيل الهيئتين مجتمعتين ( فقرة / ٣ ) هو أنه كلما رأت إحداها العدول عن مبدأ قررته أحكام سابقة أصدرت حكمها بالعدول بأغلبية سبعة أعضاء بالنسبة للهيئة وأربعة عشر عضواً بالنسبة للهيئتين مُجتمعتين ولم تلزم أياً من التشكيلين بعد الفصل في مسألة العدول بالفصل في موضوع الطعن وجوبياً وهو ما تُشير إليه عبارة ( وتصدر الأحكام في هذه الحالة بأغلبية أربعة عشر عضواً على الأقل ) ، التي وردت بعجز المادة ، إذ إن العدول هو الذي يلزم له الأغلبية المُشار إليها فيها دون الحُكم في الطعن نفسه الذي يكفي فيه بعد ذلك الأغلبية العادية المُقررة لإصدار الأحكام . لما كان ذلك ، فإن الهيئة بعد الفصل في المسألة المعروضة تعيد الطعن إلى الدائرة التي أحالته إليها للفصل فيه طبقاً لأحكام القانون .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 642 لسنة 46 ق جلسة 20 / 2 / 1980 مكتب فني 31 ج 1 ق 109 ص 557

جلسة 20 من فبراير سنة 1980

برئاسة السيد المستشار/ أحمد سيف الدين سابق نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد محمود الباجوري، إبراهيم محمد هاشم، محمد طه سنجر وإبراهيم محمد فراج.

---------------

(109)
الطعن رقم 642 لسنة 46 القضائية

(1 - 3) إيجار "إيجار الأماكن". "الالتزام بقيمة المياه". قانون.
(1) الالتزام بقيمة استهلاك المياه في الأماكن المنشأة قبل العمل بالقانون 46 لسنة 1962. وجوب إعمال القواعد العامة في القانون المدني.
(2) القرار التفسيري رقم 1 لسنة 1964 بشأن تنظيم الالتزام بقيمة استهلاك المياه وما ورد بالقانون 52 لسنة 1969 في هذا الشأن. عدم سريان أحكامهما على الأماكن المنشأة قبل العمل بالقانون 46 لسنة 1962.
(3) عبء الالتزام بقيمة استهلاك المياه في الأماكن المنشاة قبل العمل بالقانون 46 لسنة 1962. م 567 مدني. وجوب إعمال اتفاق المتعاقدين. عدم الاتفاق عليها. أثره. التزام المؤجر بها متى كان التقدير جزافاً. التزام المستأجر بها متى كان مقدراً بالعداد.
(4) إيجار. نقض "السبب الجديد".
منازعة المستأجر بورود شرط ضمن البنود المطبوعة بالعقد يفيد عدم قبوله الالتزام بقيمة استهلاك المياه. عدم جواز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
(5) استئناف "الحكم فيه". حكم "تسبيبه".
عدم إفصاح الحكم عن الأساس القانوني لقضائه. عدم مناقشته للأسباب المخالفة التي بني عليها الحكم المستأنف. لا خطأ. طالما صدر قضاؤه موافقاً للقانون.
(6) إيجار. محكمة الموضوع.
التنازل الضمني عن الحق. تقدير أدلته. من سلطة محكمة الموضوع.
(7) إثبات "القرائن". إيجار.
التزام المستأجر بسداد قيمة استهلاك المياه. مجرد سكوت المالك السابق مدة طويلة عن المطالبة بها. لا يصلح دليلاً كافياً يفيد تنازله عن حقه.

----------------
1 - لم تورد قوانين الإيجار السابقة على العمل بالقانون رقم 46 لسنة 1962 بتحديد إيجار الأماكن، قواعد خاصة بالالتزام بثمن المياه، ومن المقرر - في قضاء محكمة النقض - أنه متى خلت التشريعات الاستثنائية من قواعد تنظيم بعض آثار عقد الإيجار فإنه يتعين الرجوع بصددها إلى القواعد العامة في القانون المدني.
2 - القواعد الواردة بالقرار التفسيري رقم 1 لسنة 1964 للقانون رقم 46 لسنة 1962 لا تتناول تنظيم الالتزام بثمن المياه إلا بالنسبة للأماكن الخاضعة له، والقانون رقم 52 لسنة 1969 في شأن إيجار الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجرين والمستأجرين وإن أورد في المادة 25 منه نظاماً أجاز به لأي من المتعاقدين تركيب عداد لحساب استهلاك المياه داخل الأماكن المؤجرة في تاريخ العمل به إلا أنه لم يغير من الوضع القانوني القائم وقت صدوره بالنسبة للالتزام بثمن المياه، ومن ثم فإن القواعد المقررة بالمادة 567 من القانون المدني تكون هي الواجبة الإعمال على الأماكن المنشاة قبل العمل بالقانون رقم 46 لسنة 1962.
3 - النص في الفقرتين الثالثة والرابعة من المادة 567 من القانون المدني على أنه "ويتحمل المؤجر التكاليف و.... ويلتزم بثمن المياه إذا قدر جزافاً فإذا كان تقديره "بالعداد" كان على المستأجر إما ثمن الكهرباء و... كل هذا ما لم يقض الاتفاق بغيره" يدل على أن الأصل في تحديد من يقع عليه عبء الالتزام بثمن المياه هو بما يتفق عليه المتعاقدان فإذا خلا العقد منه فإن المؤجر يلتزم بهذا الثمن متى كان مقدراً جزافاً ويلتزم به المستأجر متى كان مقدراً بالعداد، ولما كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه اعتمد في قضائه بإلزام الطاعنين - المستأجرين - بثمن المياه على ما نص عليه صراحة في البند السابع عشر من عقود الإيجار المبرمة معهم من التزامهم به وهو ما يتفق مع التطبيق الصحيح للقواعد المشار إليها.
4 - إذ كان ما ينعاه الطاعنون - المستأجرون - على الحكم المطعون فيه من اعتداده بهذا الاتفاق رغم وروده ضمن الشروط المطبوعة بما لا يفيد قبولهم به، ينطوي على دفاع خلت أوراق الدعوى مما يدل على سبق تمسكهم به أمام محكمة الموضوع فلا يقبل منهم إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
5 - لا يعيب الحكم عدم إفصاحه عن الأساس القانوني لما قضى به أو عدم مناقشته الأسباب المخالفة التي بني عليها الحكم المستأنف الذي ألغاه طالما صدر قضاؤه موافقاً لحكم القانون.
6 - تقدير الأدلة على قيام أحد طرفي العقد بالتنازل ضمناً عن حق من الحقوق التي يرتبها له العقد، هو من مطلق سلطان محكمة الموضوع.
7 - إذ كان الطاعنون - المستأجرون - قد استدلوا على ما دفعوا به من تنازل الملاك السابقين عن حقهم في اقتضاء ثمن المياه بسكوتهم عن ذلك مدة طويلة، وكان مجرد السكوت عن المطالبة بالحقوق الدورية المتجددة لا يستقيم دليلاً كافياً على التنازل عن الاتفاق المنشئ لها فإنه لا على الحكم المطعون فيه إذا لم يعتد بهذه القرينة وحدها لمجاراة الطاعنين في دفاعهم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه، وباقي أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعاوى الرقيمة من 1160 إلى 1169 لسنة 1972 كلي جنوب القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بإلزام كل من الطاعنين بأداء ما يخصه في مبلغ 34 ج و634 م قيمة استهلاك المياه بالوحدات المؤجرة إليهم، وقال شرحاً لها إنه أثر شرائه العقار الكائنة به هذه الوحدات قام بتحرير عقود إيجار جديدة مع الطاعنين نص فيها على التزامهم بقيمة استهلاك المياه ولكنهم امتنعوا عن سدادها عن شهر فبراير حتى شهر أكتوبر سنة 1970. وبعد ضم الدعاوى ليصدر فيها حكم واحد ندبت المحكمة مكتب خبراء وزارة العدل لاحتساب قيمة المياه المستهلكة في مدة النزاع وما يخص كل وحدة منها، ولما قدم تقريره حكمت في 31/ 3/ 1975 برفض الدعاوى جميعها، استأنف المطعون ضده هذا الحكم بالاستئناف رقم 2092 لسنة 92 ق القاهرة، وبتاريخ 22/ 4/ 1976 حكمت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف وإلزام كل من الطاعنين ما يخصه في قيمة استهلاك المياه عن المدة من 25/ 4/ 1970 حتى 30/ 12/ 1970، طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وبعرضه على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين، ينعى الطاعنون بأولهما على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقولون إن الحكم استند في إلزامهم قيمة استهلاك المياه إلى أنهم التزموا بها صراحة في البند السابع عشر من عقود الإيجار في حين أنه ورد ضمن الشروط المطبوعة بما لا يفيد قبولهم به وجاءت عبارته مرسلة دون بيان لكيفية تحديد ثمن المياه، فيقع عبؤه على عاتق المطعون ضده عملاً بالمادة 567/ 3 من القانون المدني الذي يحكم واقعة الدعوى تبعاً لإبرام عقود الإيجار في ظله وعدم خضوعها لأحكام القانونين رقمي 46 لسنة 1962 و52 لسنة 1969. هذا إلى أن الحكم لم يبين الأساس القانوني لما قضى به ولم يناقش الأساس المخالف الذي بني عليه الحكم الابتدائي.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان لا خلاف بين الطرفين في أن أعيان النزاع أنشئت قبل العمل بالقانون رقم 46 لسنة 1962 بتحديد إيجار الأماكن ولم تورد قوانين الإيجار السابقة قواعد خاصة بالالتزام بثمن المياه، وكان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه متى خلت التشريعات الاستثنائية من قواعد تنظيم بعض آثار عقد الإيجار فإنه يتعين الرجوع بصددها إلى القواعد العامة في القانون المدني، وكانت القواعد الواردة بالقرار التفسيري رقم 1 لسنة 1964 للقانون رقم 46 لسنة 1962 لم تتناول تنظيم الالتزام بثمن المياه إلا بالنسبة للأماكن الخاضعة له، والقانون رقم 52 لسنة 1969 في شأن إيجار الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجرين والمستأجرين وإن أورد في المادة 25 منه نظاماً أجاز به لأي من المتعاقدين تركيب عداد لحساب استهلاك المياه داخل الأماكن المؤجرة في تاريخ العمل به إلا أنه لم يغير من الوضع القانوني القائم وقت صدوره بالنسبة للالتزام بثمن المياه، فإن القواعد المقررة بالمادة 567 من القانون المدني تكون هي الواجبة الإعمال على الأماكن المنشاة قبل العمل بالقانون رقم 46 لسنة 1962. لما كان ذلك، وكان النص في الفقرتين الثالثة والرابعة منها على أنه "ويتحمل المؤجر التكاليف و... ويلتزم بثمن المياه إذا قدر جزافاً فإذا كان تقديره بالعداد كان على المستأجر إما ثمن الكهرباء و... كل هذا ما لم يقض الاتفاق بغيره" يدل على أن الأصل في تحديد من يقع عليه عبء الالتزام بثمن المياه هو بما يتفق عليه المتعاقدان فإذا خلا العقد منه فإن المؤجر يلتزم بهذا الثمن متى كان مقدراً جزافاً ويلتزم به المستأجر متى كان مقدراً بالعداد، ولما كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه اعتمد في قضائه بإلزام الطاعنين بثمن المياه على ما نص عليه صراحة في البند السابع عشر من عقود الإيجار المبرمة معهم مع التزامهم به وهو ما يتفق مع التطبيق الصحيح للقواعد المشار إليها، وكان ما ينعاه الطاعنون عليه من اعتداده بهذا الاتفاق رغم وروده ضمن الشروط المطبوعة بما لا يفيد قبولهم به ينطوي على دفاع خلت أوراق الدعوى مما يدل على سبق تمسكهم به أمام محكمة الموضوع فلا يقبل منهم إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض، وكان لا يعيب الحكم عدم إفصاحه عن الأساس القانوني لما قضى به أو عدم مناقشته الأسباب المخالفة التي بني عليها الحكم المستأنف الذي ألغاه طالما صدر قضاؤه موافقاً لحكم القانون، فإن النعي يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول الطاعنون إن الحكم استند في قضائه إلى أن تقاعس الملاك السابقين وتقصيرهم في اقتضاء قيمة استهلاك المياه من المستأجرين لا يعتبر اتفاقاً ضمنياً على تنازلهم عن شرط التزام المستأجرين بها في حين أن هذا التنازل يستفاد من استمرار هؤلاء الملاك في عدم اقتضائها مدة طويلة جاوزت الأربعة عشر عاماً، وهو ما لم ينازع فيه المطعون ضده فيلزم به باعتباره خلفاً خاصاً كما استند الحكم في إلزامهم بهذه القيمة إلى تقرير الخبير، رغم انطوائه على دلائل تنفي التزامهم بها، وسبق عدول محكمة أول درجة عن حكم ندبه لعدم جدواه. هذا إلى أن الحكم لم يعتد بظروف الحال التي تقطع باتفاق الطرفين ضمناً على تعديل ما ورد بعقود الإيجار إلى إلزام المؤجرين بثمن المياه وقد جاءت أسبابه في هذا الخصوص مبهمة مرسلة لا تواجه ما أبدوه من دفاع جوهري.
وحيث إن هذا النعي مردود في شقه الأول، بأنه لما كان تقدير الأدلة على قيام أحد طرفي العقد بالتنازل ضمناً عن حق من الحقوق التي يرتبها له العقد، هو من مطلق سلطان محكمة الموضوع، ولا رقابة لمحكمة النقض عليها في ذلك طالما جاءت أسبابها متفقة مع مقتضى العقل والمنطق، وكان الطاعنون قد استدلوا على ما دفعوا به من تنازل الملاك السابقين عن حقهم في اقتضاء ثمن المياه بسكوتهم عن ذلك مدة طويلة، وكان مجرد السكوت عن المطالبة بالحقوق الدورية المتجددة لا يستقيم دليلاً كافياً على التنازل عن الاتفاق المنشئ لها فإنه لا على الحكم المطعون فيه إذا لم يعتد بهذه القرينة وحدها لمجاراة الطاعنين في دفاعهم. لما كان ذلك، وكان البين من مدوناته أنه اعتمد نتيجة تقرير الخبير التي تضمنت تحديد نصيب كل من الطاعنين في قيمة استهلاك المياه للأسس الفنية التي أقيمت عليها، وكان عدم أخذ محكمة أول درجة بهذا التقرير لا يحول دون اعتداد محكمة ثاني درجة به بعد انتهائها - خلافاً لما خلص إليه الحكم المستأنف - إلى أحقية المطعون ضده في اقتضاء هذه القيمة، فإن النعي عليه بالفساد في الاستدلال يكون على غير أساس. والنعي مردود في شقه الثاني، ذلك أنه لما كان المقرر طبقاً لنص المادة 150/ 1 من القانون المدني أنه متى كانت عبارة العقد واضحة فلا يجوز الانحراف عنها عن طريق تفسيرها للتعرف على إرادة المتعاقدين وكان الحكم المطعون فيه قد أخذ في تفسير البند السابع عشر من عقود الإيجار بظاهر عبارته الثابتة به، وكان مبنى دفاع الطاعنين أمام محكمة الموضوع أن المؤجرين تنازلوا عن حقهم في اقتضاء ثمن المياه واستدلوا على ذلك بسكوت هؤلاء عن المطالبة به وقد رأت المحكمة الاستئنافية في حدود سلطتها التقديرية عدم الأخذ بهذه القرينة وكان هذا الذي أورده الحكم يكفي لحمل قضائه، فإن النعي عليه بالقصور يكون على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.