الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 9 أبريل 2023

الطعن 12 لسنة 11 ق جلسة 24 / 4 / 1941 مج عمر المدنية ج 3 ق 114 ص 356

جلسة 24 إبريل سنة 1941

برياسة سعادة محمد فهمي حسين باشا وكيل المحكمة وبحضور حضرات: عبد الفتاح السيد بك وعلي حيدر حجازي بك ومحمد زكي علي بك ومحمد كامل مرسي بك المستشارين.

-----------------

(114)
القضية رقم 12 سنة 11 القضائية

خبير. 

استعانته بما يراه ضرورياً من المعلومات الفنية التي يستقيها من مصادرها. جوازه.

-----------------
لا حرج على الخبير في أن يستعين على القيام بمهمته بما يرى ضرورة له من المعلومات الفنية التي يستقيها من مصادرها. ومتى كان الرأي الذي انتهى إليه في تقريره نتيجة أبحاثه الشخصية، وكان - على الأساس الوارد في التقرير - محل مناقشة بين الخصوم، ومحل تقدير موضوعي من المحكمة، فلا يصح الطعن فيه أمام محكمة النقض.

الطعن 41 لسنة 47 ق جلسة 16 / 1 / 1980 مكتب فني 31 ج 1 أحوال شخصية ق 39 ص 182

جلسة 16 من يناير سنة 1980

برئاسة السيد المستشار/ أحمد سيف الدين سابق نائب رئيس المحكمة؛ وعضوية السادة المستشارين: محمد محمود الباجوري، إبراهيم هاشم، محمد طه سنجر، وصبحي رزق داود.

----------------

(39)
الطعن رقم 41 لسنة 47 القضائية "أحوال شخصية"

(1 - 3) أحوال شخصية. استئناف. معارضة. نقض.
(1) استئناف الأحكام الصادرة في دعاوى الأحوال الشخصية. خضوعه للقواعد المبينة بلائحة ترتيب المحاكم الشرعية. الحكم الصادر بعدم جواز المعارضة. عدم جواز استئنافه.
(2) القضاء باعتبار الاستئناف كأن لم يكن في مسائل الأحوال الشخصية شرطه. تخلف المستأنف عن الحضور بالجلسة المحددة بورقة الاستئناف. تخلفه عن الحضور بأي جلسة تالية. أثره. شطب الاستئناف.
(3) خطأ الحكم المطعون فيه بقضائه باعتبار الاستئناف كأن لم يكن. الطعن فيه لهذا السبب. غير منتج طالما أن الحكم المستأنف غير جائز استئنافه.

----------------
1 - النص في المادة الخامسة من القانون رقم 462 لسنة 1955 بإلغاء المحاكم الشرعية والمجالس الملية على أن " تتبع أحكام قانون المرافعات في الإجراءات المتعلقة بمسائل الأحوال الشخصية والوقف التي كانت من اختصاص المحاكم الشرعية أو المجالس الملية عدا الأحوال التي وردت بشأنها قواعد خاصة في لائحة ترتيب المحاكم الشرعية أو القوانين الأخرى المكملة لها". وفي المادة 305 من المرسوم بقانون رقم 78 الصادر في 12 مايو سنة 1931 بلائحة ترتيب المحاكم الشرعية والإجراءات المتعلقة بها على أنه "يجوز استئناف كل حكم أو قرار صادر في الاختصاص أو في الإحالة على محكمة أخرى أو في موضوع ولو بالرفض أو بسماع الدعوى أو عدمه أو بالنفاذ المؤقت أو رفضه وكذا يجوز الاستئناف إذا لم تفصل المحكمة في أحد الطلبات. ويستثنى من ذلك الأحكام والقرارات الصادرة من المحكمة الجزئية بصفة انتهائية... ولا يجوز استئناف شيء من القرارات غير ما سبق إلا مع استئناف الحكم في أصل الدعوى". يدل على أن استئناف الأحكام الصادرة في مسائل الأحوال الشخصية يخضع للنصوص الواردة بشأنه في لائحة ترتيب المحاكم الشرعية، وفي الحالات المبينة بالمادة 305 منها وليس من بينها الحكم بعدم جواز المعارضة.
2 - إذ كان الحكم المطعون فيه قد قضى باعتبار الاستئناف كأن لم يكن لتخلف الطاعن عن الحضور بالجلسة التي تأجل إليها استئنافه، قد أخطأ في تطبيق القانون لأنه لا يحكم باعتبار الاستئناف كأن لم يكن طبقاً للمادتين 316 و319 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية، إلا إذا تخلف المستأنف عن الحضور بالجلسة المحددة بورقة الاستئناف، أما إذا تخلف عن الحضور في أية جلسة تالية فلا يجوز الحكم باعتبار الاستئناف كأن لم يكن، وإنما يكتفي بشطب الاستئناف عملاً بالمادة 81 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية (1).
3 - إذ كان نقض الحكم لا يحقق سوى مصلحة نظرية محضة لأن الطاعن استأنف الحكم بعدم جواز المعارضة - الصادر في دعوى أحوال شخصية - وهو حكم لا يجوز استئنافه بحيث إذا نقضت المحكمة الحكم - لقضائها باعتبار الاستئناف كأن لم يكن على خلاف القانون - وأحالت القضية لمحكمة الاستئناف، فإن قضاءها فيه يكون بعدم جواز الاستئناف بما لا يفيد الطاعن ومن ثم يكون الطعن غير منتج.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وباقي أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضدها اختصمت الطاعن في الدعوى رقم 19/ 1976 كلي أحوال شخصية للولاية على النفس جنوب القاهرة طالبة الحكم بتطليقها عليه طلقة بائنة للضرر، وقالت بياناً لها، أنها زوجته ومدخولته ولا تزال في عصمته وقد شاب تصرفاته الكثير من عدم الحكمة والعصبية الزائدة والغيرة التي لا مبرر لها، واعتاد الاعتداء عليها بالسب والضرب حتى أصبحت العشرة بينهما مستحيلة، وبتاريخ 25/ 1/ 1976 حكمت المحكمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات ونفي ما ورد بمنطوق الحكم، فطعن الطاعن على هذا الحكم بطريق المعارضة وبتاريخ 13/ 2/ 1977 حكمت المحكمة بعدم جواز المعارضة، استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 40 لسنة 94 ق أحوال شخصية القاهرة، وحدد لنظره جلسة 2/ 10/ 1977 ومنها تأجل لجلسة 16/ 10/ 1977. وفيها حكمت المحكمة باعتبار الاستئناف كأن لم يكن، طعن الطاعن على هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة رأت فيها نقض الحكم وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطاعن ينعى في سبب الطعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول، إنه لما كان قد حضر بجلسة 2/ 10/ 1978 المحددة لنظر استئنافه وتغيب عن حضور جلس 16/ 10/ 1978 فقضت المحكمة باعتبار الاستئناف كأن لم يكن لتخلفه عن حضورها، في حين أن الجزاء المنصوص عليه في المادة 319 من القانون رقم 78 لسنة 1931 ينطبق عند التخلف عن حضور الجلسة الأولى المحددة لنظر الاستئناف دون غيرها.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك بأن النص في المادة الخامسة من القانون رقم 462 لسنة 1955 بإلغاء المحاكم الشرعية والمجالس الملية على أن "تتبع أحكام قانون المرافعات في الإجراءات المتعلقة بمسائل الأحوال الشخصية والوقف التي كانت من اختصاص المحاكم الشرعية أو المجالس الملية عدا الأحوال التي وردت بشأنها قواعد خاصة في لائحة ترتيب المحاكم الشرعية أو القوانين الأخرى المكملة لها. وفي المادة 305 من المرسوم بقانون رقم 78 الصادر في 12 مايو سنة 1931 بلائحة ترتيب المحاكم الشرعية والإجراءات المتعلقة بها على أنه يجوز استئناف كل حكم أو قرار صادر في الاختصاص أو في حالة الإحالة على محكمة أخرى أو في موضوع الدعوى ولو بالرفض أو بسماع الدعوى أو عدمه أو بالنفاذ المؤقت أو رفضه وكذا يجوز الاستئناف إذا لم تفصل المحكمة في أحد الطلبات ويستثنى من ذلك الأحكام والقرارات الصادرة من المحكمة الجزئية بصفة انتهائية.... ولا يجوز استئناف شيء من القرارات غير ما سبق إلا مع استئناف الحكم في أصل الدعوى" يدل على أن استئناف الأحكام الصادرة في مسائل الأحوال الشخصية يخضع للنصوص الواردة بشأنه في لائحة ترتيب المحاكم الشرعية، وفي الحالات المبينة بالمادة 305 منها وليس من بينها الحكم بعدم جواز المعارضة الذي لا يجوز استئنافه على استقلال. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه إذ قضى باعتبار الاستئناف كأن لم يكن لتخلف الطاعن عن الحضور بالجلسة التي تأجل إليها استئنافه، قد أخطأ في تطبيق القانون لأنه لا يحكم باعتبار الاستئناف كأن لم يكن طبقاً للمادتين 316، 319 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية إلا إذا تخلف المستأنف عن الحضور بالجلسة المحددة بورقة الاستئناف، أما إذا تخلف عن الحضور في أية جلسة تالية فلا يجوز الحكم باعتبار الاستئناف كأن لم يكن، وإنما يكتفي بشطب الاستئناف عملاً بالمادة 81 من اللائحة سالفة البيان بيد أن نقض الحكم في هذا الطعن لا يحقق سوى مصلحة نظرية محضة لأن الطاعن استأنف الحكم بعدم جواز المعارضة، وهو حكم لا يجوز استئنافه بحيث أنه إذا نقضت المحكمة الحكم وأحالت القضية لمحكمة الاستئناف، فإن قضاءها فيه يكون بعدم جواز الاستئناف بما لا يفيد الطاعن، ومن ثم يكون الطعن غير منتج ويتعين القضاء برفضه.


(1) نقض 26/ 5/ 1976 مجموعة المكتب الفني السنة 27 ص 1206.

الطعن 7 لسنة 11 ق جلسة 17 / 4 / 1941 مج عمر المدنية ج 3 ق 113 ص 347

جلسة 17 إبريل سنة 1941

برياسة سعادة محمد فهمي حسين باشا وكيل المحكمة وبحضور حضرات: عبد الفتاح السيد بك وعلي حيدر حجازي بك ومحمد زكي علي بك ومحمد كامل مرسي بك المستشارين.

-----------------

(113)
القضية رقم 7 سنة 11 القضائية

نزع ملكية. 

الدفع بسقوط حكم الدين لحلول محضر الصلح محله. دفع جوهري. وجوب الرد عليه في الحكم. صحة هذا الدفع. أثرها. تحلل المدين من تتبع إجراءات نزع الملكية لانعدام الحكم. انعدام القرينة القانونية المستفادة من الحكم في حق المدين وهي افتراض علمه باليوم المحدّد للبيع. طلب المدين في هذه الحالة بطلان إجراءات البيع وحكم رسوّ المزاد بدعوى مستقلة. جوازه.
(المادة 561 مرافعات وما بعدها)

----------------
الدفع بسقوط الحكم الذي صدر بالدين لحلول محضر الصلح محله من الدفوع الجوهرية التي يجب على المحكمة أن ترد عليها في الحكم، لأنه يترتب عليه إذا كان صحيحاً أن يتحلل المدين من تتبع إجراءات نزع الملكية لاطمئنانه إلى انعدام السند الواجب التنفيذ الذي كان مهدّداً به وهو الحكم، ما تنعدم معه القرينة القانونية المستفادة من الحكم في حق المدين وهي افتراض علمه من إجراءات اللصق والنشر باليوم الذي يحدّد للبيع. وفي هذه الحالة يكون للمدين أن يطلب بطلان إجراءات البيع وحكم رسوّ المزاد بدعوى مستقلة كما لو أنه لم يكن خصماً في تلك الإجراءات.


الوقائع

تتضمن وقائع هذه الدعوى - كما يبين من الحكم المطعون فيه ومن الأوراق الأخرى التي كانت تحت نظر محكمة الموضوع - أن مورّث الطاعنة كان رئيساً وأميناً لصندوق جمعية العهد الوثيق السكوتية بإسكندرية التي يمثلها المطعون ضدّهما. وقد استمرّ مورّث الطاعنة رئيساً وأميناً لصندوق تلك الجمعية مدّة ثماني عشرة سنة تقريباً. ولما توفى في سنة 1936 أرادت الجمعية أن تتعرّف حسابها مع مورّث الطاعنة التي احتفظت بجميع أوراق ودفاتر الجمعية ولم تشأ أن تسلمها للمطعون ضدّهما، فاضطر هذان الأخيران لاستخراج شهادات رسمية من قلم رهونات المحكمة المختلطة بالتصرفات المسجلة ضدّ الجمعية وتبين منها أن مورّث الطاعنة باع للغير ثلاث قطع من الأرض الفضاء التي تملكها الجمعية وقبض ثمنها البالغ 136 جنيهاً و651 مليماً ولم يوجد هذا المبلغ في صندوق الجمعية. فرفع المطعون ضدّه الأوّل الدعوى رقم 995 سنة 1937 أمام محكمة كرموز الجزئية على الطاعنة بصفتيها طلب فيها الحكم للجمعية بالمبلغ المذكور وفوائده. وقد قضت محكمة كرموز في 12 من إبريل سنة 1937 بإلزام تركة مورّث الطاعنة بدفع المبلغ وفوائده ومصاريفه. وقد صار ذلك الحكم نهائياً لعدم استئنافه من جانب الطاعنة. وبناء على حكم الدين رفع المطعون ضدهّ الأوّل دعوى بنزع ملكية اثني عشر قيراطاً مملوكة لمورّث الطاعنة شيوعاً في منزل بالإسكندرية. وفي 18 من أكتوبر سنة 1938 حكمت محكمة الإسكندرية الابتدائية بنزع ملكية ثمانية قراريط من الاثنى عشر قيراطاً المذكورة وفاء لمطلوب الجمعية الذي بلغ حينذاك 150 جنيهاً تقريباً، وأحالت الأوراق لقاضي البيوع لتحديد يوم للبيع وإجراء النشر والتعليق. وفي 28 من أكتوبر سنة 1938 تحرّر بين الطاعنة والمطعون ضدّه الثاني بصفته نائباً عن الجمعية محضر صلح تضمن ما يأتي: "اتفق الطرفان على نهو قضية نزع الملكية التي فصل فيها نهائياً بجلسة 18 من أكتوبر سنة 1938 لصالح الطرف الأوّل والقضيتين الابتدائيتين المرفوعتين إحداهما من الطرف الأوّل ضد الطرف الثاني، والثانية من الطرف الثاني ضدّ الطرف الأوّل والمضمومتين إلى بعضهما ومحدّد لنظرهما جلسة 26 من نوفمبر سنة 1938 أمام محكمة إسكندرية الابتدائية الأهلية وذلك صلحاً بالكيفية الآتية: (أوّلاً) تصالح الطرفان على اعتبار أن المبلغ المستحق للطرف الأوّل قبل الطرف الثاني عن قضية نزع الملكية المشار إليها بعاليه من أصل ورسوم ومصاريف وخلافه هو مبلغ 150 جنيهاً، وأن الحساب الناتج من تقرير الخبير الحسابي المعين في دعوى مجلس حسبي إسكندرية رقم 211 كرموز سنة 1936 المستحق للطرف الأوّل قبل الطرف الثاني هو مبلغ 271 جنيهاً فيكون مجموع المبلغين 421 جنيهاً، وأن هذا المبلغ أصله دين على تركة مورّث الطرف الثاني، وأن هذا المبلغ المذكور بضمان وتضامن أفراد الطرف الثاني لتمام السداد. (ثانياً) تنازل الطرف الأوّل للطرف الثاني عن مبلغ 50 جنيهاً من مبلغ 421 جنيهاً فيكون الباقي على الطرف الثاني للطرف الأوّل مبلغ 371 جنيهاً يتعهد الطرف الثاني بأن يدفع منه للطرف الأوّل 100 جنيه فوراً بعد مصادقة مجلس حسبي إسكندرية على هذا الصلح، والباقي وقدره 271 جنيهاً يدفع على ستة أقساط سنوية: القسط الأوّل مبلغ 21 جنيهاً ويستحق دفعه في أوّل يناير سنة 1939 والخمسة أقساط يستحق دفع كل منها في أوّل شهر يناير من كل سنة... إلخ. (ثالثاً) في حالة استلام الطرف الأوّل مبلغ الـ 100 جنيه يقوم الطرفان بشطب القضايا المرفوعة منهما كل قبل الآخر. وإذا تأخر الطرف الثاني عن دفع مبلغ الـ 100 جنيه في الميعاد المنصوص عنه بعاليه يكون من حق الطرف الأوّل الالتجاء إلى المحكمة المختصة لتنفيذ شروط هذا الصلح بضمان وتضامن الست سكينة محمد حسين بصفتها الشخصية وبصفتها وصية على قصر المرحوم حسن أفندي أحمد شلبي. (رابعاً) يقرّ الطرف الثاني بموجب هذا المحضر بتنازله عن الإنذار المعلن منه إلى مجلس حسبي الإسكندرية والخاص بحجز دفاتر وأوراق الطرف الأوّل بدون قيد ولا شرط، ويقرر بذلك رسمياً بمحضر الجلسة في الدعوى المرفوعة من الطرف الأوّل أمام محكمة إسكندرية المحدّد لها جلسة 26 نوفمبر سنة 1938 لمصادقة المحكمة على هذا المحضر. (خامساً) يقرّ الطرف الأوّل بأنه لا يطالب الطرف الثاني بأي مبلغ آخر خلاف المبالغ الوارد ذكرها بهذا المحضر سابقاً، ويتحمل الطرف الأوّل بمصاريف الصلح ورسوم الدعاوى المرفوعة منه، ويتحمل الطرف الثاني أيضاً بمصاريف دعواه المنظورة أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية الأهلية، وكذلك بكافة مصاريف القضية رقم 211 سنة 1936 كرموز المرفوعة أمام مجلس حسبي الإسكندرية بما في ذلك أتعاب الخبير الحسابي المعين في الدعوى الأخيرة وبمعرفة المجلس المذكور أي الدعوى رقم 211 سنة 1936 كرموز مجلس حسبي إسكندرية. (سادساً) يقرّ الطرف الثاني بأن ليس له الحق في أرباح قبل الطرف الأوّل إلا ابتداء من سنة 1937 وما يستجد بعد ذلك من الأرباح". لم ينتظر المطعون ضدّهما حتى يصدر قرار المجلس الحسبي بشأن التصديق على الصلح، وقدّم أوّلهما في 8 من نوفمبر سنة 1938 طلباً لحضرة قاضي البيوع بمحكمة إسكندرية الابتدائية لتحديد يوم للبيع فحدّد له يوم 28 من ديسمبر سنة 1938 وأمر بإجراء النشر والتعليق لليوم المذكور. وبجلسة 28 من ديسمبر سنة 1938 المحدّدة للبيع حضر المطعون ضدّه الأوّل ولم تحضر الطاعنة ورسا المزاد عليه. علمت الطاعنة بما كان من تصرف المطعون ضدّهما وبرسوّ مزاد الحصة المملوكة لمورّثها على أوّلهما، فرفعت عليهما الدعوى رقم 143 سنة 1939 كلي أمام محكمة إسكندرية الابتدائية طلبت فيها الحكم: (أوّلاً) بإيقاف تنفيذ الحكم الصادر في قضية البيع رقم 570 سنة 1938 والحكم بعدم جواز تنفيذه. (ثانياً) بطلان حكم رسوّ المزاد الصادر من محكمة إسكندرية الأهلية بتاريخ 28 من ديسمبر سنة 1938 في القضية رقم 570 سنة 1938 كلي سالفة الذكر وبطلان ما ترتب عليه من التسجيلات والإجراءات وثبوت ملكية الطالبة عن نفسها وبصفتها المذكورة إلى الحصة التي قضى بنزع ملكيتها وقدرها ثمانية قراريط شائعة في أرض وبناء المنزل الكائن بشارع الثريا رقم 51 بإسكندرية قسم كرموز والمبين الحدود والمعالم بعريضة دعوى نزع الملكية وشطب ما توقع عليها من التسجيلات. (ثالثاً) بإلزام المطعون ضدّهما متضامنين بأن يدفعا للطاعنة عن نفسها وبصفتها المذكورة مبلغ 100 جنيه على سبيل التعويض. (رابعاً) إلزام المطعون ضدّهما بالمصاريف والأتعاب بحكم مشمول بالنفاذ العاجل وبلا كفالة. وبجلسة 13 من إبريل سنة 1939 قضت محكمة الإسكندرية الابتدائية: (أوّلاً) برفض طلب الطاعنة الأوّل الخاص بإيقاف تنفيذ الحكم الصادر في قضية البيع رقم 570 سنة 1938 كلي إسكندرية مع إلزام الطاعنة بالمصاريف الخاصة بذلك. (ثانياً) بعدم قبول طلب المدعية الثاني الخاص ببطلان حكم رسوّ المزاد الصادر في القضية السالفة الذكر بتاريخ 28 من ديسمبر سنة 1938 مع إلزام الطاعنة بالمصاريف الخاصة بذلك. (ثالثاً) بإلزام المطعون ضدّهما بطريق التضامن بأن يدفعا للطاعنة مبلغ 100 جنيه على سبيل التعويض مع إلزامهما بالمصاريف الخاصة بذلك. استأنفت الطاعنة حكم محكمة الإسكندرية في 20 و21 من مايو سنة 1939 لدى محكمة استئناف مصر طالبة إلغاءه بالنسبة للطلبات التي قضى برفضها والحكم لها بها، كما استأنفه المطعون ضدّهما في 29 من مايو سنة 1939 طالبين إلغاءه بالنسبة لما قضى به عليهما على سبيل التعويض ورفض دعوى الطاعنة قبلهما.
وبجلسة 16 من يناير سنة 1940 قضت محكمة استئناف مصر في هذين الاستئنافين بعد ضم أحدهما إلى الآخر بقبول الاستئنافين شكلاً وفي موضوعهما: (أوّلاً) بتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به من رفض طلب إيقاف تنفيذ حكم مرسى المزاد ومن عدم قبول طلب بطلان حكم مرسى المزاد. (ثانياً) بتعديله فيما قضى به من مبلغ التعويض وإلزام المطعون ضدّهما بأن يدفعا بطريق التضامن للطاعنة بصفتيها مبلغ خمسين جنيهاً مصرياً على سبيل التعويض. (ثالثاً) بإلزام الطاعنة بمصاريف استئنافها وبإلزام المطعون ضدّهما بالمصاريف المناسبة لمبلغ خمسين جنيهاً عن الدرجتين عن طلب التعويض وإلزام الطاعنة بباقي المصاريف الخاصة بهذا الطلب وأمرت بالمقاصة في أتعاب المحاماة.
وفي 30 من ديسمبر سنة 1940 طعنت الطاعنة في حكم محكمة استئناف مصر بطريق النقض طالبة للأسباب التي ذكرتها في تقرير طعنها قبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بنقض الحكم المطعون فيه والحكم لها في موضوع الدعوى بجميع طلباتها التي رفعت بها دعواها... إلخ.


المحكمة

وحيث إن الطاعنة تبنى طعنها على أسباب أربعة: (أوّلها) أن محكمة الاستئناف لم تفصل فيما دفعت به الطاعنة من أن حكم الدين الذي اتخذت بموجبه إجراءات البيع قد أصبح غير قابل للتنفيذ بعد الصلح الذي تم بين الطرفين في 28 من أكتوبر سنة 1938 ذلك الصلح الذي أنهى دعوى نزع الملكية وغيّر من قيمة الدين المحكوم به بإضافة دين جديد إليه، وجعل للوفاء طريقاً خاصاً، وقرّر ما يجب أن يتخذه المطعون ضدّهما من إجراءات في حالة تأخير الطاعنة عن السداد، وهو المطالبة بتنفيذ شروط الصلح بضمان الطاعنة شخصياً. وتقول الطاعنة إن الصلح المذكور قد استبدل به حكم الدين، وأنهى دعوى نزع الملكية بعد الفصل فيها، فلا يكون من حق المطعون ضدّه الأول الاستمرار في إجراءات نزع الملكية بطلب تحديد يوم للبيع. وتزيد على ذلك قولها إن الحكم المطعون فيه قرّر في جلاء ووضوح أن الصلح قد فض النزاع بين الطرفين، وإن المطعون ضدّهما قد خالفا شروطه بسوء نية، وما كان يحق لهما السير في إجراءات نزع الملكية. ولذلك قضى عليهما بالتعويض للطاعنة، وهو بهذا يناقض نفسه فيما ذهب إليه من اعتبار إجراءات البيع صحيحة.
وحيث إنه وإن كانت الطاعنة لم تقدّم من أوراق المرافعات لدى محكمة الاستئناف ما يدل على تمسكها بذلك الدفع إلا أن المطعون ضدّهما لا ينازعانها فيما تقول ويسلمان به بردهما عليه.
وحيث إن كل ما ذكره الحكم المطعون فيه عن استئناف الطاعنة هو ما يأتي:
"وحيث إنه عن الاستئناف المرفوع من الست سكينة محمد حسين فإن الحكم المستأنف في محله فيما قضى به من رفض طلبها إيقاف تنفيذ حكم رسوّ المزاد الصادر في قضية البيع رقم 570 سنة 1938 كلي إسكندرية وبعدم قبول طلبها الخاص ببطلان الحكم المذكور. وذلك للأسباب التي بنى عليها وتأخذ بها هذه المحكمة، وتضيف إليها أن القانون لا يحتم إعلان المدين باليوم الذي يحدّد للبيع مكتفياً في ذلك بإجراء النشر واللصق المنصوص عنهما في المادة 561 وما بعدها من قانون المرافعات والتي يفترض القانون أن في إتمامها علماً كافياً للمدين بهذا التحديد، وأن لا داعي بعد صدور حكم نزع الملكية لإعلان المدين إعلاناً خاصاً بما يتلو ذلك من إجراءات. خصوصاً وأن من بين المحلات الواجب لصق الإعلانات عليها باب محل المدين وباب العقار المطلوب بيعه. ومتى ثبت حصول النشر واللصق بالكيفية المبينة بتلك المواد كانت إجراءات البيع صحيحة وقد ثبت من محضر اللصق المحرّر بتاريخ 4 من ديسمبر سنة 1938 إتمام تلك الإجراءات".
وحيث إن الحكم الابتدائي الذي أخذ الحكم الاستئنافي بأسبابه بعد أن سرد الشروط المتفق عليها في عقد الصلح المحرر بين الطرفين قال:
"وحيث إن المدعية تقول إن نية المتعاقدين بهذا الصلح كانت منصرفة إلى عدم السير في القضايا التي تضمنها إلى أن يصدّق المجلس الحسبي عليه على الأقل لأنه من المتفق عليه أنه في حالة التصديق عليه تشطب هذه القضايا. والدليل على ذلك أن المدّعى عليه الأوّل طلب في 17 ديسمبر سنة 1938 تأجيل القضيتين المدنيتين الابتدائيتين المشار إليهما في محضر الصلح حتى يتم التصديق على هذا الصلح أمام المجلس الحسبي فأجيب إلى طلبه وتأجلت القضيتان المذكورتان إلى جلسة 25 فبراير سنة 1939 وكان تحدّد أمام المجلس الحسبي جلسة 5 فبراير سنة 1939 للتصديق على الصلح المذكور. هذا فضلاً عن أن هذا الصلح قد أبطل الحكم الذي بمقتضاه اتخذت الجمعية إجراءات نزع الملكية أو على الأقل أوقف تنفيذه حتى يصدّق عليه المجلس الحسبي فهو على كل حال يمنع الجمعية من الاستمرار في إجراءات التنفيذ لأنه أنهى هذا الحكم واستبدل بمقتضاه دينها قبل الجمعية بدين آخر أكبر منه بإضافة مبالغ أخرى إليه اتفق على تقسيطها واستحقاقها طبقاً للشروط الواردة به.
"وحيث إن المدّعية تقول إنه متى تقرّر ما تقدّم فإنه كان الواجب على الجمعية أن لا تسير في إجراءات التنفيذ بعد الصلح إلا أنها وقد سارت فيها حتى رسا مزاد الحصة المنزوع ملكيتها على المدّعى عليه الأوّل فإنها تطلب إيقاف تنفيذ حكم مرسى المزاد السالف الذكر والحكم ببطلانه وبأن يحكم لها بتعويض عن الضرر الذي لحقها من جراء ذلك".
"وحيث إن المدّعية تضيف إلى ما تقدّم أنها لم تعلم باليوم المحدّد للبيع لأن إجراءات اللصق، وهي الطريقة الوحيدة لعلمها بيوم البيع، قد وقعت باطلة لأنه كان الواجب على المحضر الذي قام باللصق أن يحرّر محضراً مستقلاً لكل جهة فرض عليه القانون فيها اللصق، ولكنه لم يفعل ذلك بل حرر محضراً واحداً عن لصق تم في جهات متعدّدة فيكون بذلك محضره باطلاً، وأنه متى ثبت هذا البطلان يكون علمها بالبيع منتفياً قانوناً، ويجوز لها أن تطلب بطلان حكم مرسى المزاد بدعوى أصلية لأنها لم يكن في استطاعتها استئنافه، وطلب هذا البطلان أمام المحكمة الاستئنافية لأن هذا الاستئناف يجب رفعه في الخمسة الأيام التالية للحكم وهي لم تعلم به إلا بعد ذلك عند الشروع في تنفيذه".
"وحيث إن الحاضر عن المدّعى عليهما دفع دعوى المدّعية بعدم قبولها لأنه لا يجوز للمدّعية، وهي طرف في حكم مرسى المزاد وقد علمت بيوم البيع من اللصق، أن تطلب بطلان هذا الحكم بدعوى أصلية بل لها أن تلجأ فقط إلى طريق الطعن العادي وهو الاستئناف لطلب بطلانه وذلك طبقاً لنص المادة 586".
وحيث إنه للفصل في دفاع المدّعية والمدّعى عليه الأوّل يجب الرجوع أوّلاً إلى ملف دعوى نزع الملكية والبيع المضمومة ونصوص المادتين 586 و602 مرافعات والبحث فيما إذا كان محضر اللصق صحيحاً أو باطلاً".
وحيث إن الحكم الابتدائي قرّر بعد ذلك في أسبابه التالية أن إجراءات النشر واللصق قد تمت صحيحة طبقاً لأحكام القانون الذي لم يشترط إعلان المدين إعلاناً خاصاً باليوم الذي يحدّد للبيع اكتفاء بتلك الإجراءات المفروض قانوناً علمه بها. كما قرّر أنه ليس للمدين أن يطلب بطلان حكم رسوّ المزاد بدعوى مستقلة لأنه طرف في دعوى البيع وكان له أن يدفع أمام قاضي البيوع ببطلان الإجراءات كما كان له أن يستأنف حكم البيع إذا شاء. وبناء على هذا قضت برفض طلب إيقاف تنفيذ حكم البيع وبعدم قبول دعوى بطلان الحكم المذكور. ولم تعرض المحكمة مطلقاً لما دفعت به الطاعنة من عدم جواز الاستمرار في تنفيذ حكم الدين بعد استبدال محضر الصلح به.
وحيث إن الدفع بسقوط حكم الدين وحلول محضر الصلح محله هو دفع جوهري إذا صح فإنه يترتب عليه أن يصبح المدين غير ملزم بتتبع إجراءات نزع الملكية والاهتمام بما يتخذ منها لاطمئنانه إلى انعدام السند الواجب التنفيذ الذي كان مهدّداً به، وفي هذه الحالة تسقط القرينة القانونية التي افترضها القانون وهي علم المدين باليوم الذي يحدّد للبيع من إجراءات اللصق والنشر، ويصبح من حق المدين أن يطلب بطلان إجراءات البيع وحكم رسوّ المزاد بدعوى مستقلة، شأنه في ذلك كشأن من لم يكن خصماً في تلك الإجراءات.
وحيث إنه مما يجعل سكوت الحكم المطعون فيه عن الكلام عن هذا الدفع أمراً غير مفهوم كونه أخذ بوجهة نظر الحكم الابتدائي وأسبابه في القضاء للطاعنة بالتعويض - ذلك الحكم الذي يقول في أسبابه إن الصلح الذي تم بين الطرفين قد فض النزاع القائم بينهما، وإنه ما كان يحق للمطعون ضدّه الأوّل بعد التعاقد عليه أن يجدّد السير في إجراءات التنفيذ. ثم أضاف الحكم المطعون فيه إلى ما ذكره الحكم الابتدائي أن المطعون ضدّهما قد خالفا عقد الصلح بسوء نية. فإذا كانت هذه عقيدة قضاة الموضوع في الصلح فيكون من الواجب عليهم أن يبينوا الأسباب التي دعتهم إلى عدم الأخذ بما دفعت به الطالبة من بطلان الإجراءات التي اتخذها المطعون ضدّه الأوّل مخالفاً بها مع سوء النية ما التزم به في ذلك الصلح.
وحيث إن سكوت الحكم المطعون فيه عن الكلام عن دفع الطاعنة سالف الذكر يجعله غير مسبب تسبيباً كافياً، وقضاءه بالتعويض لمخالفة المطعون ضدّهما التزامات الصلح بسوء نية يجعل أسبابه متناقضة متعارضة. ولذلك يتعين نقضه بدون حاجة إلى البحث في الأسباب الأخرى التي تضمنها تقرير الطعن.
وحيث إن نقض الحكم بالنسبة للطلب الأصلي وهو بطلان إجراءات البيع وحكم رسوّ المزاد يستتبع حتماً نقضه بالنسبة لطلب التعويض لأن هذا التعويض يختلف تقديره باختلاف الضرر المترتب عليه، وهذا الضرر يختلف باختلاف ما إذا كانت إجراءات البيع صحيحة أم باطلة، ويتعين والحالة هذه نقض الحكم برمته وإعادة القضية لمحكمة الاستئناف للفصل فيها بكامل أجزائها من جديد.

السبت، 8 أبريل 2023

الطعن 35 لسنة 45 ق جلسة 11 / 1 / 1978 مكتب فني 29 ج 1 أحوال شخصية ق 38 ص 163

جلسة 11 من يناير سنة 1978

المؤلفة من السيد المستشار: محمد أسعد محمود نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد الباجوري؛ وصلاح نصار؛ ومحمود رمضان، وإبراهيم فراج.

--------------

(38)
الطعن رقم 35 لسنة 45 ق "أحوال شخصية"

(1) تزوير "الادعاء بالتزوير".
للخصم اتخاذ طريق الطعن بالتزوير بالتقرير في قلم الكتاب دون حاجة إلى تصريح من المحكمة بذلك، مجرد إدعاء الخصم بأن الورقة مزورة. لا يوجب على المحكمة بحث هذا الادعاء طالما لم يسلك الطريق القانوني للادعاء بالتزوير.
(2) دعوى "وقف الدعوى". حكم "حجية الحكم الجنائي".
وجوب وقف الدعوى المدنية لحين صدور حكم نهائي في الدعوى الجنائية المقامة قبل أو أثناء السير في الدعوى المدنية متى كانت الدعويان ناشئتين عن فعل واحد. تعلق هذه القاعدة بالنظام العام. مجرد تقديم الشكوى إلى سلطات التحقيق لا يعد تحريكاً للدعوى الجنائية بوقف الدعوى المدنية.
(3) إثبات "المعاينة". حكم.
إجراء المحكمة معاينة المتنازع فيه. اعتبار نتيجة المعاينة دليلاً قائماً في الدعوى وجوب إدلاء المحكمة برأيها فيه.

---------------
1 - الادعاء بالتزوير هو مجموع الإجراءات التي نص عليها القانون لإثبات عدم صحة الأوراق، وهو بهذه المثابة لا يعدو أن يكون وسيلة دفاع ينصب على مستندات الدعوى يقصد به مقدمه اجتناء منفعة ومصلحة في رد دعوى الخصم ودفعها، وإذ كانت المادة 49 من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968 وإن إباحته في أية حالة تكون عليها الدعوى إلا أنها أوجبت أن يكون بتقرير في قلم الكتاب مشتملاً على تحديد كل مواضع التزوير المدعى به وإلا كان باطلاً كما أوجبت على مدعيه إعلان خصمه في ثمانية الأيام التالية للتقرير بمذكرة يبين فيها شواهد التزوير وإجراءات التحقيق التي يطلب إثباتها بها وإلا جاز الحكم بسقوط إدعائه مما مفاده أن من حق مدعي التزوير اللجوء إليه دون حاجة إلى تصريح من المحكمة وأنه لا يعتبر إدعاء بالتزوير في معنى هذه المادة ما لم يتبع الطريق الذي رسمه القانون لا يؤثر في ذلك أن المحكمة تملك بالرخصة المخولة لها بالمادة 58 من قانون الإثبات أن تحكم برد أية ورقة وبطلانها إذا ظهر لها بجلاء من حالتها أو من ظروف الدعوى أنها مزورة ولو لم يدع أمامها بالتزوير. لما كان ذلك وكان الواقع في الدعوى أن الطاعن برغم إشارته أمام محكمة أول درجة إلى تزوير وثيقة الزواج - فإنه لم يسلك السبيل الذي حدده - القانون للإدعاء بالتزوير سواء على عقد زواجه الموثق أو محضر الجلسة المنوه عنه بسبب النعي، فإذا كانت المحكمة لم تر ما يبرر استعمال الرخصة المخولة لها في القضاء برد وبطلان هذين المحررين، ولم تجد فيما لوح به الطاعن من رغبة في اتخاذ إجراءات الادعاء بالتزوير فيهما مما يسوغ الاستجابة لطلبه - بتمكينه من الادعاء بالتزوير مقررة أنه لم يقصد بذلك سوى إطالة أمد النزاع واللدد في الخصومة فإنها لا تكون قد أهملت بحقه في الدفاع.
2 - النص في المادة 265 من قانون الإجراءات الجنائية على أنه "إذا رفعت الدعوى المدنية أمام المحكمة المدنية يجب وقف الفصل فيها حتى يحكم نهائياً في الدعوى الجنائية المقامة قبل رفعها أو أثناء السير فيها.."، يدل على أن المشرع ارتأى كنتيجة لازمة لمبدأ تقييد القاضي المدني بالحكم الجنائي في الموضوع المشترك بين الدعويين وهو وقوع الجريمة ونسبتها إلى فاعلها وفق المادة 456 من قانون الإجراءات الجنائية والمادة 102 من قانون الإثبات، أنه يتعين على المحكمة المدنية وقف الدعوى أمامها انتظار للحكم الجنائي الصادر في الدعوى الجنائية، طالما أقيمت الدعوى الجنائية قبل أو أثناء السير في الدعوى المدنية، وطالما توافرت وحدة السبب بأن تكون الدعويان ناشئتين عن فعل واحد، وأن تحقق ارتباطاً بينهما يقتضي أن يترقب القاضي المدني صدور حكم نهائي في الدعوى الجنائية لتفادي صدور حكمين مختلفين عن ذات الواقعة من محكمة جنائية وأخرى مدنية لما كان ذلك وكان تحريك الدعوى الجنائية لا يتحقق بمجرد تقديم الشكاوى والتبليغات التي تقدم لسلطات التحقيق، وكانت قاعدة الجنائي يوقف المدني من النظام العام، فتقضي المحكمة من تلقاء نفسها بإيقاف الفصل في الدعوى المدنية حتى يقضي نهائياً في الدعوى الجنائية متى تحققت من توافر دواعيه، ويحق طلب الإيقاف في أية حال تكون عليها الدعوى المدنية، كما يجوز إبداؤه لأول مرة أمام محكمة النقض، لما كان ما تقدم وكان الطاعن لم يقدم ما يدل على أن الدعوى الجنائية قد أقيمت بشأن تزوير عقد زواجه بالمطعون عليها والمقدم كدليل إثبات في دعواها، ولا على أنه طلب وقف السير في الدعوى لهذا السبب فيكون النعي مفتقراً إلى الدليل.
3 - انتقال المحكمة لمعاينة المتنازع فيه وفق المادة 131 من قانون الإثبات هو من الرخص القانونية المخولة لها، ويجوز القيام به من تلقاء نفسها أو بناء على طلب الخصوم وهي صاحبة السلطة في تقدير لزوم هذا الإجراء أو عدم لزومه، غير أنه متى قررت الانتقال للمعاينة فإن ما يثبت لها منها يعتبر دليلاً قائماً في الدعوى يتحتم أن تقول كلمتها فيه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليها أقامت الدعوى رقم.... "أحوال شخصية" أجانب أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية ضد الطاعن طالبة الحكم بإلزامه بأداء نفقة لها بأنواعها الأربعة اعتباراً من أول مارس سنة 1970 وفرض نفقة بنوعيها لابنتيهما من يوم الحكم مع أمره بالأداء، وقالت بياناً لدعواها أنها زوجته بعقد شرعي صحيح ومدخولته وما زالت على عصمته وفي طاعته وقد رزقت منه على فراش الزوجية بالصغيرتين في يدها وحضانتها، وإذ ترك ثلاثتهن دون نفقة ولا منفق منذ أول مارس سنة 1970 رغم الوجوب والمطالبة فقد أقامت دعواها. وبتاريخ 13/ 11/ 1973 حكمت المحكمة بإحالة الدعوى للتحقيق لتثبت المطعون عليها أن الطاعن امتنع عن الإنفاق عليها وعلى صغيرتيهما من 1/ 3/ 1970 وحالته المالية والاجتماعية، وبعد سماع شاهديها دفع الطاعن بعدم سماع الدعوى تأسيساً على عدم ثبوت الزواج بين الطرفين. وبتاريخ 4/ 6/ 1974 عادت وحكمت برفض الدفع بعدم سماع الدعوى، وبإلزام الطاعن بأن يؤدي - للمطعون عليها نفقة لها بأنواعها الأربعة قدرها عشرة جنيهات شهرياً اعتباراً من أول إبريل سنة 1970 على أن تصير نفقة عدة من تاريخ الطلاق الحاصل في 13/ 11/ 1973 وحتى تاريخ انتهائها شرعاً، وبأن يؤدي لكل من الصغيرتين نفقة شاملة قدرها عشرة جنيهات اعتباراً من تاريخ الحكم استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم....... القاهرة طالباً إلغاءه وعدم سماع الدعوى، كما استأنفت المطعون عليها برقم.......... القاهرة طالبة زيادة النفقة. وبتاريخ 23/ 6/ 1925 حكمت محكمة الاستئناف بعد ضمها الاستئنافين بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن على هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة انتهت فيها إلى طلب رفض الطعن عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأته جديراً بالنظر، وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثمانية أسباب، ينعى الطاعن بالسببين الأول والثاني على الحكم المطعون فيه الإخلال بحق الدفاع، وفي بيان ذلك يقول أنه طلب من محكمة الموضوع بمرحلتيهما التصريح له بالطعن بالتزوير في عقد زواجه بالمطعون عليها، وفي محضر جلسة 9/ 10/ 1974 الذي أثبت به إقرار منسوب إليه مشوب بتغييرات مادية واضحة بالعين المجردة لا يسوغ معها التعويل، عليه وإذ التفت الحكم عن التصريح له بالطعن بالتزوير على مداد المحررين فإنه يكون قد أخل بحق الدفاع.
وحيث إن النعي مردود، ذلك أنه لما كان الادعاء بالتزوير هو مجموع الإجراءات التي نص عليها القانون لإثبات عدم حجية الأوراق، وكان بهذه المثابة لا يعدو أن يكون وسيلة دفاع ينصب على مستندات الدعوى يقصد به مقدمه اجتناء منفعة ومصلحة في رد دعوى الخصم ودفعها، وكانت المادة 49 من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968 وإن أباحته في أية حالة تكون عليها الدعوى إلا أنها أوجبت أن يكون بتقرير في قلم الكتاب مشتملاً على تحديد كل مواضع التزوير المدعى به وإلا كان باطلاً، كما أوجبت على مدعيه إعلان خصمه في ثمانية الأيام التالية للتقرير بمذكرة يبين فيها شواهد التزوير وإجراءات - التحقيق التي يطلب إثباتها بها وإلا جاز الحكم بسقوط ادعائه، مما مفاده أنه من حق مدعي التزوير اللجوء إليه دون حاجة إلى تصريح من المحكمة، وأنه لا يعتبر إدعاء بالتزوير في معنى هذه المادة ما لم يتبع الطريق الذي رسمه القانون. لا يؤثر في ذلك أن المحكمة تملك بالرخصة المخولة لها بالمادة 58 من قانون الإثبات أن تحكم برد أية ورقة وبطلانها إذا ظهر لها بجلاء ومن حالتها أو من ظروف الدعوى أنها مزورة ولو لم يدع أمامها بالتزوير. لما كان ذلك، وكان الواقع في الدعوى أن - الطاعن رغم إشارته أمام محكمة أول درجة إلى تزوير وثيقة الزواج - فإنه لم يسلك السبيل الذي حدده القانون للادعاء بالتزوير سواء على عقد زواج الموثق أو محضر الجلسة المنوه عنه بسبب النعي، فإذا كانت المحكمة لم تر ما يبرر استعمال الرخصة المخولة لها في القضاء برد وبطلان هذين المحررين، ولم تجد فيما لوح به الطاعن من رغبة في اتخاذ إجراءات الادعاء بالتزوير فيهما مما يسوغ الاستجابة لطلبه مقدرة أنه لم يقصد بذلك سوى إطالة أمد النزاع واللدد في الخصومة فإنها لا تكون قد أخلت بحقه في الدفاع، ويكون النعي غير سديد.
وحيث إن الطاعن ينعى بالأسباب الثالث والرابع والخامس والسادس الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول أن الحكم عول في قضائه على أقوال وردت في محضر جمع الاستدلالات تجردت في توقيعه وأنكرها في حين أن الزوجية لا تثبت إلا بعقد صحيح موثق، ولم يلتفت إلى أنه تزوج المطعون عليها بعقد عرفي في 28/ 4/ 1971 مما يقطع بعدم صحة العقد الرسمي الموثق بغير اسمه، وأغفل الرد على ما قرره من اختلاف اسمه وجنسيته من اسم الزوج الوارد في عقد الزواج الموثق وجنسيته، ولم يرد على المستندات التي قدمها والمثبتة أنه كان ميسوراً وقت إجراء ذلك العقد، كما أطرح ما استند إليه في طلب قدمه بعد حجز الدعوى للحكم أورد به أن المطعون عليها أقرت في محضر جمع استدلالات أنها أنجبت صغيرتيها من سواه. وإذ كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه يكون مشوباً بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب.
وحيث إن النعي مردود، ذلك أن البين من الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه بثبوت زواج الطاعن بالمطعون عليها ونسبه الصغيرتين إليه على عقد زواجهما المؤرخ 27/ 6/ 1968 والموثق بتاريخ 1/ 7/ 1968 بمكتب سجل مدني الأزبكية تحت رقم 1367 رغم أن اسم الزوج في العقد المشار إليه مخالف لاسم الطاعن استناداً إلى أنه قرر بجلسة 9/ 10/ 1973 أمام محكمة أول درجة أن بعض الاعتبارات السياسية هي التي حدته على انتحال الاسم الوارد بالعقد، مقرراً أنه هو الذي عقد زواجه على المطعون عليها وأن اسمه الصحيح هو الوارد بصحيفة الطعن. وأردف الحكم أن هذا الإقرار قد تأيد بوجود صورة للطاعن مرفقة بعقد الزواج الموثق لدى انتقال المحكمة الاستئنافية إلى مكتب الشهر العقاري واستطرد الحكم إلى أنه مما يؤكد هذا النظر أنه الطاعن اتهم زوجته المطعون عليها بارتكاب جريمة الزنا في القضية رقم...... جنح مركز....... - لما كان ذلك، وكان لقاضي الموضوع السلطة التامة في بحث الأدلة والمستندات المقدمة له تقديماً صحيحاً، وفي موازنة بعضها بالبعض الآخر وترجيح ما يطمئن إليها منها، وفي استخلاص ما يراه متفقاً مع واقع الدعوى دون رقابة عليه لمحكمة النقض في ذلك، وكان لا تثريب عليه في الأخذ بأي دليل يقتنع به ما دام هذا الدليل طريق إثبات قانوني، وبحسبه أن يبين الحقيقة التي اقتنع بها وأن يقيم قضاءه على أسباب سائغة تكفي لحمله، دون أن يلزم بتتبع الخصوم في مختلف أقوالهم وحججهم وأن يرد استقلالاً على كل حجة أو قول ما دام قيام الحقيقة التي اقتنع بها وأورد دليله عليها فيه الرد الضمني المسقط لتلك الحجج وكانت الأسباب التي استند إليها الحكم سائغة ومن شأنها أن تؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها. بشأن قيام عقد زواج بين الطاعن والمطعون عليها فإن ما أورده الطاعن بسبب النعي لا يعدو أن يكون جدلاً فيما لقاضي الدعوى من حق تقدير الدليل وفهم الواقع فيها مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم وكان الطاعن لم يقم الدليل على ما ينسبه من إقرار للمطعون عليها بعدم أبوته للصغيرتين فإن ما يسرده في هذا الشق يكون عارياً عن دليله ويكون النعي على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب السابع على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول إنه أبلغ ضد المطعون عليها بتزوير عقد زواجها المنسوب إليه، وقدم للمحكمة بعد حجز الدعوى للحكم طلباً بوقفها حتى يقضي في الشق الجنائي، وإذ التفت الحكم المطعون فيه عن هذا الطلب ولم يرد عليه رغم القاعدة المقررة من أن "الجنائي" يوقف المدني" فإنه يكون معيباً بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب.
وحيث إن النعي مردود، ذلك أن النص في المادة 265 من قانون الإجراءات الجنائية على أنه "إذا رفعت الدعوى المدنية أمام المحاكم المدنية يجب وقف الفصل فيها حتى يحكم نهائياً في الدعوى الجنائية المقامة قبل رفعها أو أثناء السير فيها..."، يدل على أن المشرع ارتأى كنتيجة لازمة لمبدأ تقيد القاضي المدني بالحكم الجنائي في الموضوع المشترك بين الدعويين وهو وقوع الجريمة ونسبتها إلى فاعلها وفق المادة 456 من قانون الإجراءات الجنائية والمادة 102 من قانون الإثبات، أنه يتعين على المحكمة المدنية وقف الدعوى أمامها، انتظار للحكم النهائي الصادر في الدعوى الجنائية، طالما أقيمت الدعوى الجنائية قبل أو أثناء سير الدعوى المدنية، وطالما توافرت وحدة السبب بأن تكون الدعويان ناشئتين عن فعل واحد، وأن يتحقق ارتباط بينهما، يقتضي أن يترقب القاضي المدني صدور حكم نهائي في الدعوى الجنائية لتفادي صدور حكمين مختلفين عن ذات الواقعة من محكمة جنائية وأخرى مدنية. لما كان ذلك، وكان تحرك الدعوى الجنائية لا يتحقق بمجرد تقديم الشكاوى والتبليغات التي تقدم لسلطات التحقيق، وكانت قاعدة "الجنائي يوقف المدني" من النظام العام، فتقضي المحكمة من تلقاء نفسها بإيقاف الفصل في الدعوى المدنية حتى يقضي نهائياً في الدعوى الجنائية متى تحققت من توافر دواعيه، ويحق طلب الإيقاف في أية حالة تكون عليها الدعوى المدنية، كما يجوز إبداؤه لأول مرة أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم، وكان الطاعن لم يقدم ما يدل على أن الدعوى الجنائية قد أقيمت بشأن تزوير عقد زواجه بالمطعون عليها والمقدم كدليل إثبات في دعواها، ولا على أنه طلب وقف السير في الدعوى لهذا السبب فيكون النعي مفتقراً إلى الدليل وبالتالي غير مقبول.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثامن على الحكم المطعون فيه مخالفة الثابت بالأوراق وفي بيان ذلك يقول أن الحكم أشار في مدوناته إلى أن المحكمة قررت الانتقال لمصلحة الشهر العقاري تحقيقاً لدفاعه، في حين أن الثابت بالأوراق أنه طلب العدول عن تنفيذ هذا القرار عندما تبين أن المطعون عليها دست صوراً له مع عقد الزواج المودع بمكتب التوثيق، وإذ استند الحكم في قضائه إلى الدليل المستمد من الانتقال فإنه يكون معيباً بمخالفة الثابت بالأوراق.
وحيث إن النعي مردود، ذلك أن انتقال المحكمة لمعاينة المتنازع فيه وفق المادة 131 من قانون الإثبات هو من الرخص القانونية المخولة لها، ويجوز القيام به من تلقاء نفسها أو بناء على طلب الخصوم، وهي صاحبة السلطة في تقدير لزوم هذا الإجراء أو عدم لزومه، غير أنه متى قررت الانتقال للمعاينة فإن ما يثبت لها منها يعتبر دليلاً قائماً في الدعوى يتحتم أن تقول كلمتها فيه. لما كان ذلك، وكان الثابت من الحكم المطعون فيه أن المحكمة انتقلت إلى مقر مأمورية التوثيق المختصة بمصلحة الشهر العقاري بغية الاطلاع على الصور المرفقة بعقد الزواج الموثق الذي تستند إليه المطعون عليها في دعواها، واستخلصت مما ثبت لها بالمعاينة ومن الأدلة الأخرى المطروحة عليها. بأسباب سائغة وفي حدود سلطتها التقديرية على ما سبق بيانه في الرد على الأسباب من الثالث إلى السادس - أن الطاعن كان طرفاً في عقد الزواج سالف الذكر، فإن الحكم لا يكون قد خالف الثابت بالأوراق سواء كان انتقال المحكمة للمعاينة بناء على طلب الطاعن أم بغير طلب منه، ويكون النعي بهذا السبب على غير أساس.

الطعن 724 لسنة 47 ق جلسة 16 / 1 / 1980 مكتب فني 31 ج 1 ق 38 ص 179

جلسة 16 من يناير سنة 1980

برئاسة السيد المستشار/ مصطفى كمال سليم نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: سليم عبد الله سليم، محمد عبد العزيز الجندي، أمين طه أبو العلا ومحمد زغلول عبد الحميد.

----------------

(38)
الطعن رقم 724 لسنة 47 القضائية

تعويض. مسئولية. "مسئولية تقصيرية".
التعويض عن الضرر المادي. مناطه. وجوب أن يكون الضرر قد وقع بالفعل أو أن يكون وقوعه في المستقبل حتمياً. لا يكفي مجرد احتمال وقوعه في المستقبل.

----------------
يشترط للحكم بالتعويض عن الضرر المادي الإخلال بمصلحة مالية للمضرور وأن يكون الضرر محققاً بأن يقع بالفعل أو بأن يكون وقوعه في المستقبل حتمياً فمناط تحقق الضرر المادي لمن يدعيه نتيجة وفاة آخر هو ثبوت أن المجني عليه كان يعوله فعلاً وقت وفاته على نحو مستمر ودائم وأن فرصة الاستمرار على ذلك كانت محققة وعندئذ يقدر القاضي ما ضاع على المضرور من فرصة بفقد عائله فيقضى له بالتعويض على هذا الأساس، أما مجرد احتمال وقوع الضرر في المستقبل فإنه لا يكفي للحكم بالتعويض.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضدهم الأربعة الأول أقاموا الدعوى رقم 251 سنة 1973 مدني كلى بنها قبل الطاعن بصفته طلباً للحكم بإلزامه بتعويض عما لحقهم من أضرار بفقد عائلهم المرحوم.... نتيجة خطأ تابع للطاعن كما أقام باقي المطعون ضدهم الدعوى رقم 553 سنة 1972 مدني كلي بنها قبله طلباً للحكم بإلزامه بتعويض عما أصابهم من أضرار بفقد عائلهم المرحوم... نتيجة خطأ ذات التابع، قضت محكمة أول درجة في 21/ 1/ 1974 في كل من الدعويين بإلزام الطاعن بأن يؤدي للمدعين مبلغاً حسب الفريضة الشرعية بينهم، استأنف الطاعن الحكمين بالاستئنافين 3 و4 سنة 7 قضائية بنها قررت المحكمة ضمهما ليصدر فيهما حكم واحد وقضت في 15/ 3/ 1977 بتأييد الحكمين المستأنفين مع تعديل توزيع ما حكم به بين المدعين على أساس ما حاق بكل منهم من ضرر، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقضه، وفي الجلسة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن حاصل النعي بسببي الطعن مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب ذلك أن الحكم المطعون فيه قضى للمطعون ضدهم الأولى ومن السادس إلى التاسعة بتعويض عما أصابهم من أضرار مادية وأقام قضاءه على أنه يكفي لتحقيق الضرر أن يكون لمن فقد العائل حق في النفقة عليه ولو لم يكن يعوله بالفعل إذ أن فقد العائل يكون قد أضاع عليه حقاً ثابتاً في النفقة، بينما يجب للحكم بالتعويض أن يكون الضرر محققاً لا محتملاً، وإذ كان الثابت من الأوراق أن المطعون ضدهم المذكورين بالغين وأولاهم متزوجة ولم يثبت على وجه اليقين قيام مورث كل منهم بالاتفاق عليه وهو مناط استحقاقه التعويض عن الضرر المادي فإن الحكم المطعون فيه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد ذلك أنه يشترط للحكم بالتعويض عن الضرر المادي الإخلال بمصلحة مالية للمضرور وأن يكون الضرر محققاً بأن يقع بالفعل أو بأن يكون وقوعه في المستقبل حتمياً، فمناط تحقق الضرر المادي لمن يدعيه نتيجة وفاة آخر هو ثبوت أن المجني عليه كان يعوله فعلاً وقت وفاته على نحو مستمر ودائم وأن فرصة الاستمرار على ذلك كانت محققة وعندئذ يقدر القاضي ما ضاع على المضرور من فرصة بفقد عائله فيقضى له بالتعويض على هذا الأساس، أما مجرد احتمال وقوع الضرر في المستقبل، فإنه لا يكفي للحكم بالتعويض، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بالنسبة للمطعون ضدهم الأولى ومن السادس إلى التاسعة على أساس تحقق الضرر المادي فيما أصاب كلاً منهم من فقد عائله وحرمانه من حقه في النفقة عليه وأطرح ما أثاره الطاعن من أن المورث لم يكن يعول أياً منهم بقوله "أنه يكفي في هذه الحالة أن يكون من فقد العائل له حق النفقة عليه ولو لم يكن يعال بالفعل إذ أن فقد العائل يكون قد أضاع عليه حقاً ثابتاً هو حقه في النفقة" دون أن تتحقق المحكمة مما إذا كان الضرر المادي متوافراً باستظهار ما إذا كان المجني عليه - قبل وفاته - يعول المطعون ضدهم المذكورين على نحو دائم مستمر أم لا حتى يعتبر فقده إخلالاً بمصلحة مالية مشروعة لهم ولم تحقق ما أثاره الطاعن في هذا الشأن فإن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وشابه القصور بما يوجب نقضه بالنسبة لما قضى به للمطعون ضدها الأولى من السادس إلى التاسعة من تعويض.

الطعن 6 لسنة 46 ق جلسة 15 / 1 / 1980 مكتب فني 31 ج 1 ق 37 ص 171

جلسة 15 من يناير سنة 1980

برياسة السيد المستشار/ محمد صدقي العصار نائب رئيس المحكمة؛ وعضوية السادة المستشارين: محمد طه سنجر، حسن النسر، منير عبد المجيد ومحمد إبراهيم خليل.

------------------

(37)
الطعن رقم 6 لسنة 46 القضائية

(1، 2) شركات. كفالة.
(1) للشركة شخصية مستقلة عن أشخاص الشركاء. جواز ضمان مدير الشركة سداد دين في ذمة أحد الشركاء مما يستحقه من أرباح. اعتبار هذا الضمان من أعمال الإدارة وليس تبرعاً يمس أموال الشركة.
(2) تعدد مديري الشركة. حق كل منهم في إدارة الشركة منفرداً. شرطه. عدم تحديد نظام الشركة اختصاص كل منهم أو النص على أن تكون القرارات بإجماع المديرين أو بأغلبيتهم. م 517 مدني.

-------------
1 - من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن للشركة وجود مستقل عن الشركاء فيها، فتخرج حصة الشريك في الشركة عن ملكه وتصبح مملوكة للشركة ولا يكون له بعد ذلك إلا مجرد حصة في نسبة معينة من الأرباح أو نصيب في رأس مال الشركة عند التصفية، فإنه يجوز للدائن الشريك أن ينفذ على الأرباح التي يستحقها الشريك قبل الشركة، وبالتالي يجوز أن يضمن مدير الشركة أن يسدد ديناً في ذمة أحد الشركاء مما يستحقه قبل الشركة من أرباح دون أن يمس هذا الالتزام مال الشركة المستقل مما لا يعتبر تبرعاً، وإنما عملاً من أعمال الإدارة شأنه شأن أداء حصة كل شريك في الأرباح.
2 - مؤدى نص المادة 517/ 1 من القانون المدني أن الأصل أنه إذا تعدد مديرو الشركة ولم ينص نظامها على تحديد اختصاص كل منهم، ولم ينص في الوقت ذاته على أن تكون القرارات بإجماع المديرين أو بأغلبيتهم، كان لكل واحد منهم حق إدارة الشركة منفرداً والقيام بجميع أعمال الإدارة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - وعلى ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليه الأول تقدم بتاريخ 26/ 3/ 1966 بطلب إلى رئيس محكمة القاهرة الابتدائية لإصدار الأمر بإلزام المطعون عليها الثانية و.... والطاعن الثاني بأن يدفعوا إليه متضامنين مبلغ 1250 ج مع إلزام الطاعن الأول بصفته مديراً لفندق.... بأدائه مما هو مستحق لهم قبل شركة الفندق، وقال شرحاً لطلبه، أنه يداين المطعون عليها الثانية بهذا المبلغ بموجب عشر شيكات أعادها البنك المسحوبة عليه لعدم وجود حساب باسم الساحبة، وإذ كانت شريكة في هذا الفندق، فقد قبل الطاعن الثاني بصفته و..... أن يضمناها متضامنين في دفع قيمتها وذلك بموجب العقد المؤرخ 23/ 5/ 1964. وإذ رفض الطلب وحددت جلسة لنظره، قيدت الدعوى برقم 2402 لسنة 1966 القاهرة الابتدائية. تنازل المطعون عليه الأول عن مخاصمة.... وبتاريخ 13/ 1/ 1968 استصدر المطعون عليه الأول، أمراً من قاضي الأمور الوقتية بتقدير دينه قبل المطعون عليها الثانية بمبلغ 1250 جنيه والفوائد بواقع 7 % من تاريخ المطالبة وحتى السداد، وبتوقيع حجز ما للمدين لدى الغير حجزاً تحفظياً تحت يد الطاعن الثاني، بصفته مديراً وممثلاً قانونياً لشركة فندق....، على ما هو مستحق للمطعون عليها الثانية قبل الشركة من إيجارات وأرباح، وفاء للمبلغ المذكور وتحددت جلسة لنظر الموضوع مع الدعوى الأصلية سالفة البيان. وبتاريخ 27/ 1/ 1968 توقع الحجز تحت يد الممثل القانوني للفندق. وبتاريخ 6/ 3/ 1969 حكمت المحكمة بإلزام المطعون عليها الثانية بضمان وتضامن الطاعن الثاني بصفته مديراً للفندق، وفي مواجهة الطاعن الأول والخصم المدخل الممثل القانوني لشركة الفندق - المطعون عليه الثالث - بأداء مبلغ 1250 جنيه. للمطعون عليه الأول وبصحة إجراءات حجز ما للمدين لدى الغير المتوقع تحت يد الخصم المدخل. استأنف الطاعنان هذا الحكم بالاستئناف رقم 836 لسنة 86 ق القاهرة. وبتاريخ 30/ 4/ 1970 حكمت المحكمة بندب خبير لأداء المأمورية المبينة بمنطوق هذا الحكم، وبعد أن قدم الخبير تقريره عادت فحكمت بتاريخ 9/ 11/ 1975 بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة، فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة برأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب، ينعى الطاعنان بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه التناقض والقصور في التسبيب ومخالفة الثابت بالأوراق وفي بيان ذلك يقولان أنهما تمسكا ببطلان الكفالة الصادرة عن الطاعن الثاني بصفته باعتبار أن الكفالة من عقود التبرع وتخرج عن سلطة مدير الشركة، فضلاً عن أن الإدارة لم تكن له وحده، بل كانت له ولـ.... مجتمعين، غير أن الحكم المطعون فيه ذهب إلى أن التزام الطاعن الثاني وفقاً لنصوص العقد المؤرخ 23/ 5/ 1963 - لا يعتبر تبرعاً وإنما يعتبر من أعمال الإدارة مع ما في ذلك من مخالفة لنصوص عقد الشركة وإذ انتهى في ذات الوقت إلى اعتباره من قبيل الكفالة التضامنية، فإنه يكون معيباً بالتناقض.
وحيث إن هذا النعي مردود في شقه الأول، ذلك أنه لما كان من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن للشركة وجود مستقل عن الشركاء فيها، فتخرج حصة الشريك في الشركة عن ملكه وتصبح مملوكة للشركة ولا يكون له بعد ذلك إلا مجرد حصة في نسبة معينة من الأرباح أو نصيب في رأس مال الشركة عند التصفية، فإنه يجوز لدائن الشريك أن ينفذ على الأرباح التي يستحقها الشريك قبل الشركة، وبالتالي يجوز أن يضمن مدير الشركة أن يسدد ديناً في ذمة أحد الشركاء مما يستحقه قبل الشركة من أرباح دون أن يمس هذا الالتزام مال الشركة المستقل مما لا يعتبر تبرعاً وإنما عملاً من أعمال الإدارة شأنه شأن أداء حصة كل شريك في الأرباح، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى أن المطعون عليه الثاني بصفته مديراً وممثلاً للفندق لم يلتزم ككفيل متضامن في مال الشركة بل انصب التزامه على الوفاء بدين في ذمة المطعون عليها الثانية مما تستحقه قبل الشركة من أرباح، ويحق لدائنها أن ينفذ عليها وبالتالي تعتبر من أعمال الإدارة وليست تبرعاً، فإنه يكون قد التزم الصحيح في القانون. وإذ خلص الحكم إلى هذه النتيجة، فإنه لا يكون قد تناقض مع اعتبارها كفالة تضامنية مشروطة بوجود استحقاق للمطعون عليها الثانية في أرباح شركة الفندق. وهو مردود في شقه الثاني، ذلك أن المادة 517/ 1 من القانون المدني إذ نصت على أنه "إذا تعدد الشركاء المنتدبون للإدارة دون أن يعين اختصاص كل منهم ودون أن ينص على عدم جواز انفراد أي منهم بالإدارة، كان لكل منهم أن يقوم منفرداً بأي عمل من أعمال الإدارة على أن يكون لكل من باقي الشركاء المنتدبين أن يعترض على العمل قبل تمامه." فقد دلت على أن الأصل إنه إذا تعدد مديرو الشركة ولم ينص نظامها على تحديد اختصاص كل منهم، ولم ينص في الوقت ذاته على أن تكون القرارات بإجماع المديرين أو بأغلبيتهم، كان لكل واحد منهم حق إدارة الشركة منفرداً والقيام بجميع أعمال الإدارة. لما كان ذلك وكان الثابت من عقد شركة فندق.... المؤرخ 1/ 3/ 1963 والمقدم بحافظة الطاعنين أنه خلا من نص على تحديد اختصاص كل من المديرين ولم ينص على عدم جواز انفراد أي منهما بالإدارة فإنه يكون لكل منهما الانفراد بالإدارة، لا يغير من ذلك ما ورد بالعقد من أن لهما أيضاً حق التوقيع مجتمعين لأن ذلك لا يعني وجوب صدور أعمال الإدارة منهما مجتمعين. وكان لم يثبت أن الشريك الآخر المنتدب للإدارة قد اعترض على انفراد الطاعن الثاني بالعمل، وكان الحكم المطعون فيه قد رد في هذا الخصوص بأن "الثابت من استعراض عقد الالتزام المؤرخ 23/ 5/ 1963 أنه تضمن التزام مدير الفندق - الطاعن الثاني - إلى الدائن المستأنف ضده الأول - المطعون عليه الأول - في حدود قيمة ما يستحق لهذا الشريك المدين في صافي أرباح الفندق وبالتالي يعد هذا الالتزام من قبيل أعمال الإدارة وليس تبرعاً" مما مفاده أن الحكم قد ذهب إلى أن تصرف المطعون عليه بصفته - وإن انفرد به - يعد صحيحاً ملزماً له. لما كان ذلك وكان لمحكمة الموضوع أن تحصل المعنى الذي يقصده المتعاقدان من عبارات العقد، وهو أمر تستقل به ما دامت لم تخرج في تفسيرها له عن المعنى الظاهر لعباراته، وكان ما قرره الحكم المطعون فيه وانتهى إليه سائغاً وله أصله الثابت بالأوراق الذي يؤدي إلى النتيجة التي إليها، وفيه الرد الضمني الكافي والمسقط لما ساقه الطاعنان من أوجه دفاع وحجج مخالفة له، فإن النعي عليه بالتناقض والقصور في التسبيب ومخالفة الثابت بالأوراق لا يكون في محله.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة الثابت بالأوراق والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقولان أن المطعون عليه الأول وجه طلباته في بادئ الأمر بالتضامن ثم عاد وقصر طلباته على المطعون عليها الثانية باعتبارها مدنيته، وطلب تثبيت الحجز تحت يد الطاعن الثاني مع إلزامها هي وحدها بالدين غير أن الحكم المطعون فيه رد على ذلك بأن المطعون عليه الأول طلب الحكم بصحة الحجز بالإضافة إلى الطلبات المبينة بصحيفة الدعوى، معتبراً ذلك عودة إلى طلب التضامن، مما يعيبه بالفساد في الاستدلال لأن الدعوى حسب تكييفها الأخير لم تنصرف إلى طلب الحكم بصحة الحجز وحده، بل تضمنت طلب إلزام المطعون عليها الثانية وحدها بالدين.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن العبرة في تحديد طلبات الخصم، هي بالطلبات الختامية التي يطلب الحكم له بها في الدعوى - إذ كان ذلك، وكان الثابت من أوراق الطعن، أن المطعون عليه الأول طلب منذ بدء الخصومة إلزام الطاعن الثاني والمطعون عليها الثانية وأخرى متضامنين بأداء مبلغ 1250 ج والفوائد، كما طلب في أمر تقدير الدين والإذن بالحجز تقدير دينه قبل المطعون عليها الثانية بمبلغ 1250 ج والفوائد مع الإذن له بتوقيع الحجز التحفظي حجز ما للمدين لدى الغير تحت يد الطاعن الثاني بصفته مديراً وممثلاً قانونياً لشركة فندق أوزوريس على ما هو مستحق للمطعون عليها الثانية قبل الشركة، محتفظاً بحقه في الدعوى قبل الطاعنين، وطلب في دعوى صحة الحجز والصحف المعلنة إلى الطاعنين والمطعون عليهما الثانية والثالث بصفته في 15/ 2/ 1968، 9، 10/ 4/ 1968 الحكم بالطلبات الواردة بطلب تقدير الدين والإذن بالحجز، وتلك السابق إعلانهم بها في صحيفة الدعوى، وانتهى في مذكرته الختامية المقدمة بجلسة 30/ 5/ 1968 أمام محكمة أول درجة إلى طلب الحكم بصحة إجراءات الحجز المتوقع بتاريخ 27/ 1/ 1968 - وإلزام الطاعن الثاني والمطعون عليها الثانية متضامنين وفي مواجهة الطاعن الأول والمطعون عليه الثالث بصفته، بأن يؤديا إليه مبلغ 1250 ج، وإذ قضى الحكم الابتدائي بهذه الطلبات، ورد الحكم المطعون فيه على دفاع الطاعنين بأن "الثابت من الأوراق أن - المطعون عليه الأول لم يتنازل عن التمسك بضمان وتضامن الطاعن الثاني لأنه في ختام طلب استصدار أمر الحجز التحفظي، احتفظ بحقه في الدعوى قبل المستأنفين" - الطاعنين - فإنه لا يكون قد خالف الثابت بالأوراق، كما يكون النعي عليه بالفساد في الاستدلال في غير محله.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب من ثلاثة وجوه، وفي بيان الوجه الأول يقولان أنهما نعيا على تقرير الخبير عدم اعتماده إيراد الفندق حسبما ورد في دفاتر الشركة وتقديره أرباح سنة 65/ 1966 قياساً على أرباح سنة 64/ 1965 مع أن التقدير الحكمي لا يكون إلا بناء على قانون، غير أن الحكم المطعون فيه أغفل الرد على هذا الدفاع. وبياناً للوجه الثاني أنهما تمسكا بأن المطعون عليها الثانية تسلمت خلال فترة الحساب 4000 ج منها 2000 ج مصروفات إقامتها بالفندق وقدما المستندات الدالة على ذلك ولكن الحكم المطعون فيه رد على ذلك الدفاع بأن عقد 23/ 5/ 1963 يلزم الطاعن الثاني بتسليم الربح إلى المطعون عليه الأول مع أن عقد الشركة ينص على أحقية المطعون عليها الثانية في تقاضي ما لا يزيد عن 25 ج شهرياً عن كل شقة من الشقق المقدمة منها تحت حساب الإيجار. وفي بيان الوجه الثالث يقولان أنهما دفعا الدعوى بأنها مرفوعة بالتواطئ بين المطعون عليهما الأول والثانية، ولكن الحكم المطعون فيه لم يلتفت إلى هذا الدفاع، مما يعيبه بمخالفة القانون والقصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي في وجهه الأول مردود، بما يبين من الحكم المطعون فيه من أنه أطرح دفاع الطاعنين، في شأن أرباح الفندق عن سنة 65/ 1966، لما تبينه من عدم تقديمهما المستندات الدالة على الإيراد بدعوى فقدها منذ مدة طويلة ولأنهما ومع تقريرهما بتحقيق نشاط الفندق لخسائر في الفترة من تاريخ التأسيس وحتى آخر مايو سنة 1964، تقدما بميزانية للفندق عن تلك الفترة تثبت تحقيق أرباح جاوزت ألفي جنيه، وأنه انتهى إلى صواب الأخذ بتقرير لجنة الطعن عن أرباح سنتي 63/ 1964، 64/ 1965 خاصة وأن القرار أصبح نهائياً، وأخذ بتقرير الخبير لبنائه على أسباب فنية، ولما كان يبين من ذلك أن المحكمة في حدود سلطتها التقديرية قد أخذت بالنتيجة التي انتهى إليها الخبير للأسباب التي أوضحها بتقريره وتلك التي أوردتها، وهي أسباب سائغة تكفي لحمل الحكم وفيها الرد الضمني الكافي والمسقط لكل حجة تخالفها، فإن المحكمة لا تكون ملزمة بعد ذلك بالرد استقلالاً على الطعون التي يوجهها الطاعنان إلى ذلك التقرير لأن في أخذها به محمولاً على أسبابه ما يفيد أنها لم تجد في تلك الطعون ما يستحق الرد عليها بأكثر مما تضمنه التقرير.
وحيث إن النعي في وجهه الثاني غير مقبول ذلك أن الطاعنين لم يبينا وجه القصور في قضاء الحكم المطعون فيه بأن عقد 23/ 5/ 1964 يلزم الطاعن الثاني بصفته بتسليم المطعون عليه الأول دينه قبل المطعون عليها الثانية من نصيبها في صافي أرباح الفندق. ولا يصح لمحكمة النقض أن تتخذ من هذا القول قصوراً تستخرج منه بنفسها وجه العيب في الحكم المطعون فيه مما يضحى معه هذا الوجه من النعي مجهلاً.
وحيث إن النعي في وجهه الثالث مردود بأنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه خلص إلى أنه "قد ثبت للمحكمة أن المستأنف الثاني - الطاعن الثاني - قد التزم - بصفته مديراً لفندق أوزوريس بأن يؤدي للمستأنف ضده الأول - المطعون عليه الأول - قيمة دين المستأنف ضدها الثانية - المطعون عليها الثانية - وقدره 1250 ج من صافي أرباحها كشريكة في هذا الفندق عن مدة توافر هذه الصفة لها والتي انتهت المحكمة إلى احتسابها بمبلغ 1881 ج و893 م وذلك بصفته كفيلاً متضامناً مع المدينة السالفة الذكر"، إذ كان ذلك فإن ما أثاره الطاعنان أمام محكمة الموضوع من أن الدعوى رفعت بالتواطؤ بين المطعون عليهما الأول - الدائن - والثانية - المدينة - إنما هو دفاع غير جوهري لا يتغير به وجه الرأي في الدعوى ما دام وفاء الطاعنين يدين المطعون عليه الأول من مال المطعون عليها الثانية المستحق لها في ذمتهما باعتباره حصتها في أرباح الفندق، ومن ثم فلا يعيب الحكم إغفاله الإشارة إليه، ويكون النعي عليه بالقصور في التسبيب على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعنان 76 لسنة 10 ق و 5 لسنة 11 ق جلسة 17 / 4 / 1941 مج عمر المدنية ج 3 ق 112 ص 340

جلسة 17 إبريل سنة 1941

برياسة سعادة محمد فهمي حسين باشا وكيل المحكمة وبحضور حضرات: عبد الفتاح السيد بك وعلي حيدر حجازي بك ومحمد زكي علي بك ومحمد كامل مرسي بك المستشارين.

-----------------

(112)
القضيتان رقم 76 سنة 10 ورقم 5 سنة 11 القضائية

مسئولية:
(أ) حكومة. مقاول. الاتفاق معه على القيام بعمل. ضرر ناشئ عن فعل المقاول. تضمين الحكومة عنه. شرطه. وقوع الخطأ الذي نجم عنه الضرر من موظفيها في أعمال المقاولة أو من المقاول إن عدّ في مركز التابع لها. تأسيس المسئولية على مجرّد الإشراف على عمل المقاول. قصور. مدى الإشراف. وجوب بيانه.
(المادتان 151 و152 مدني)
(ب) مقاول أصلي. مقاول من الباطن. مسئولية الأوّل عن الثاني. قيام المقاول من الباطن بالعمل الذي تعاقد عليه المقاول الأصلي تحت إشراف الحكومة. لا ينفي مسئولية المقاول الأصلي.
(المادة 413 مدني)

-------------------
1 - إنه بمقتضى الأحكام العامة المقرّرة في المادتين 151 و152 من القانون المدني يجب لإلزام الحكومة بتعويض الضرر الناشئ عن فعل المقاول الذي اتفقت معه على القيام بعمل لها أن يثبت الحكم أن الخطأ الذي نجم عنه الضرر قد وقع من موظفيها في أعمال المقاولة، أو من المقاول إن كان يعدّ في مركز التابع لها. وإذن فإذا أسس الحكم مسئولية الحكومة على مجرّد قوله إنها كانت تشرف على عمل المقاول دون أن يبين مدى هذا الإشراف حتى يعرف ما يكون قد وقع من موظفيها من خطأ في عملية المقاولة، وما أثر هذا الخطأ في سير الأعمال، وما علاقته بالضرر الذي وقع، أو هل الإشراف قد تجاوز التنفيذ في حدّ ذاته واحترام شروط المقاولة مما يؤخذ منه أن الحكومة تدخلت تدخلاً فعلياً في تنفيذ عملية المقاولة بتسييرها المقاول كما شاءت، فهذا الحكم يكون قاصراً عن إيراد البيانات الكافية لقيام المسئولية.
2 - إن المادة 413 من القانون المدني ولو أنها تخوّل المقاول إعطاء المقاولة لآخر إذا لم يكن متفقاً على خلاف ذلك إلا أنها تعدّه مسئولاً عن عمل هذا الآخر. وبناء على ذلك فإن مجرّد قيام مقاول من الباطن تحت إشراف الحكومة بالعمل الذي تعاقد عليه المقاول الذي اتفقت معه لا يقطع مسئولية هذا المقاول؛ خصوصاً إذا كان في شروط التعاقد ما يحمله مسئولية الأضرار الناجمة عن تنفيذ المقاولة.


الوقائع

تتلخص وقائع الدعوى - حسبما يؤخذ من الحكمين الابتدائي والاستئنافي محل الطعن وسائر أوراق الدعوى التي كانت تحت نظر محكمة الموضوع - في أن إبراهيم نور الدين أفندي اتفق مع الجهات الحكومية الطاعنة على أن يقوم بعملية خاصة بالمجاري في بندر الفيوم بمقتضى العقد رقم واحد عملية مجاري الفيوم، ثم عهد المقاول المذكور بالعمل إلى الشيخ معوّض سليمان حسين فأخذ في العمل وقام بحفر بئر لوضع ماكينة المجاري، فكان من نتيجة الحفر أن تراكمت المياه فأثرت في مباني منزل مملوك للشيخ عبد العليم محمد خشت المطعون ضدّه الأوّل. فرفع أمام محكمة مصر على الحكومة دعوى إثبات حالة قيدت بجدولها برقم 1092 سنة 1934 مستعجل طلب فيها ندب خبير لإثبات حالة المبنى وما أصابه من تلف بسبب البئر. فقضت المحكمة بندب خبير لذلك فقام بالمأمورية وقدّم تقريره وقدّر المصروفات اللازمة لإصلاح المبنى بمبلغ 520 جنيهاً و618 مليماً والتعويض مقابل الخلو أثناء عملية إصلاح المبنى بمبلغ 46 جنيهاً. ثم رفع المطعون ضدّه نفسه على الجهات الحكومية الدعوى رقم 159 سنة 1934 لدى محكمة مصر الابتدائية، وقال في صحيفتها المعلنة بتاريخ 31 من أكتوبر سنة 1934 إن مصلحة المجاري حفرت حفرة عميقة لوضع إحدى آلات تهوية المجاري لبندر الفيوم فنشأ عن ذلك هبوط منزله وتأثرت أسسه وحوائطه، ولهذا فقد أنذر الجهات الحكومية الثلاث الطاعنة بتاريخ 23 من أغسطس سنة 1934 يحملها المسئولية الناشئة عن أعمال الحفر. وطلب في الدعوى إلزامها بالتضامن بأن تدفع إليه مبلغ 3000 جنيه، منها 566 جنيهاً و618 مليماً قيمة تكاليف الهدم والبناء والباقي نظير تعويض الضرر الذي لحق المنزل والانتفاع به.
أدخلت الجهات الحكومية إبراهيم نور الدين أفندي ضامناً لها لأنه المقاول الذي اتفقت معه وزارة الأشغال على إقامة آلة تهوية المجاري وعليه تقع مسئولية الضرر إن كان، وطلبت الحكم عليه بما قد يحكم به. وأدخل إبراهيم نور الدين أفندي بدوره الشيخ معوّض سليمان حسين ضامناً له في الدعوى على أساس أنه هو الذي قام بأعمال المقاولة بمقتضى اتفاق بينهما. تمسك المقاولان المذكوران بأن أعمال الخبير المعين في دعوى إثبات الحالة جرت في غير حضورهما فقررت المحكمة بتاريخ 15 من سبتمبر سنة 1935 إعادة المأمورية إليه ليقوم بها في مواجهتها ففعل، وطعن المدّعى عليهم في أعماله. ولهذا قرّرت المحكمة في 4 من يناير سنة 1937 ندب خبير آخر لأداء المأمورية التي ذكرتها فباشرها وقدّم تقريره وأثبت فيه أن المدّعى عليهم لم يتخذوا الإجراءات المستعجلة للمحافظة على ملك المدّعي مع علمهم بأن المنطقة التي يوجد فيها المنزل مشبعة بالمياه لقربها من الترعة وقدّر قيمة الإصلاحات لإعادة المنزل إلى حالته الأولى بمبلغ 283 جنيهاً، كما قدر تعويضاً لإيجار الشقتين الغربيتين الخاليتين من سبتمبر سنة 1934 لغاية آخر يوليه سنة 1937 مبلغاً قدره 254 جنيهاً وما يستجد بواقع سبعة جنيهات شهرياً. وأضافت المحكمة مبلغ 35 جنيهاً قيمة إيجار خمسة أشهر تبدأ من أوّل أغسطس سنة 1937 لغاية ديسمبر سنة 1937 ليكون مجموع الإيجار مبلغ 289 جنيهاً. وبتاريخ 27 من ديسمبر سنة 1937 قضت محكمة مصر بإلزام المدّعى عليهم الثلاثة الأول (جهات الحكومة) بأن يدفعوا للمدّعي متضامنين مبلغ 572 جنيهاً وخمسمائة قرش مقابل أتعاب المحاماة، وبإلزام إبراهيم نور الدين أفندي بأن يدفع للمدّعى عليهم الثلاثة الأول ما حكم به عليهم، وكذا بإلزام الشيخ معوّض سليمان حسين بأن يدفع لإبراهيم نور الدين أفندي ما هو محكوم به عليه ورفضت ما غاير ذلك من الطلبات. استأنفت الجهات الحكومية الثلاث وزارة الأشغال ومصلحة المجاري ومجلس بلدي الفيوم الحكم المذكور لدى محكمة استئناف مصر بصحيفة أعلنت في 16 و21 و23 من مارس سنة 1938 وقيدت برقم 394 سنة 55 قضائية طلبوا فيها الحكم بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف والحكم برفض الدعوى قبلهم مع إلزام الشيخ عبد العليم محمد خشت بالمصاريف والأتعاب عن الدرجتين، كما استأنفه إبراهيم نور الدين أفندي بالاستئناف رقم 430 سنة 55 قضائية، وطلب بصحيفته المعلنة في 20 و30 من مارس سنة 1938 الحكم بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف ورفض دعوى المستأنف عليهم مع إلزامهم بالمصاريف والأتعاب عن الدرجتين. واستأنفه أيضاً الشيخ عبد العليم محمد خشت بصحيفة أعلنت في 3 و8 من نوفمبر سنة 1938 طلب للأسباب الواردة بها الحكم بقبول الاستئناف شكلاً وموضوعاً بتعديل الحكم المستأنف وإبلاغ المحكوم به إلى مبلغ ثلاثة آلاف جنيه مصري وإلزام المستأنف عليهم جميعاً في استئنافه بوجه التضامن والتكافل مع المصاريف وأتعاب المحاماة عن الدرجتين. ثم استأنفه الشيخ معوّض سليمان حسين بصحيفة أعلنت في 26 من فبراير سنة 1939 طلب لما جاء بها الحكم بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى مع إلزام المستأنف عليهم بالمصاريف والأتعاب عن الدرجتين. وعند نظر هذه الاستئنافات الأربعة قرّرت المحكمة ضمها بعضها إلى بعض ثم أصدرت فيها بتاريخ 23 من يونيه سنة 1940 حكمها المطعون فيه القاضي: (أوّلاً) بإلغاء الحكم المستأنف في شأن إبراهيم نور الدين أفندي وبرفض الدعوى قبله. (ثانياً) بتعديله بالنسبة لباقي الخصوم وبإلزام الجهات الحكومية الثلاث والشيخ معوّض سليمان حسين متضامنين بأن يدفعوا للشيخ عبد العليم محمد خشت مبلغ 443 جنيهاً والمصاريف المناسبة لهذا المبلغ عن الدرجتين ومبلغ ألف قرش مقابل أتعاب المحاماة عنهما على أن يكون توزيع هذا المبلغ وملحقاته المذكورة بين المحكوم عليهم بنسبة النصف على الشيخ معوّض سليمان حسين والنصف الآخر على باقي المحكوم عليهم. (ثالثاً) برفض ما خالف ذلك من الطلبات. لم يعلن الحكم الاستئنافي للجهات الحكومية الثلاث ولكنها طعنت فيه بطريق النقض في 10 من أكتوبر سنة 1940 بتقرير أعلن في 15 و21 من ذلك الشهر إلى المدعى عليهم في الطعن رقم 76 سنة 10 قضائية إلخ....
أما الشيخ معوّض سليمان حسين فقد أعلن بذلك الحكم في 2 من ديسمبر سنة 1940، فطعن فيه وكيله بطريق النقض في 22 من ذلك الشهر بتقرير أعلن في 28 و29 من ديسمبر سنة 1940 و2 من يناير سنة 1941 إلى المطعون ضدّهم في الطعن رقم 5 سنة 11 قضائية إلخ....


المحكمة

ومن حيث إن الوجهين الأوّل والثاني من الطعن الأوّل المرفوع من الحكومة يتحصلان فيما يأتي: (أوّلاً) خالف الحكم المطعون فيه قواعد المسئولية المدنية وأخطأ في تطبيقها. وبيان ذلك أن الخبراء في تقاريرهم التي عوّلت عليها محكمة الموضوع بدرجتيها وصفوا الإهمال الذي نجم عنه خلل منزل المطعون ضدّه الأوّل (الشيخ عبد العليم محمد خشت) بأن هذا الإهمال هو عدم عمل شدّات خشبية بداخل الحفرة التي عملت بجوار المنزل، وكذلك عدم عمل صلبات بحوائط المنزل المجاور. ولما كانت هذه العملية جزءاً من مقاولة أعمال المجاري التي عهدت بها الحكومة والبلدية إلى مقاول فني هو إبراهيم نور الدين أفندي بمقتضى عقد مقاولة، وكان المقاول المذكور هو المكلف بها طبقاً لشروط العقد، فلذلك ما كان يصح قانوناً اعتبار الجهات الحكومية الطاعنة مسئولة عن هذا الإهمال بفرض ثبوته، لأن المقاول لا يعتبر تابعاً للحكومة فيما عهدت إليه من الأعمال حتى يصح تأسيس مسئولية الحكومة عن إهماله عملاً بالمادة 152 من القانون المدني، ولأن الحكومة ذاتها لم يقع منها أي فعل نشأ عنه ضرر للمالك المذكور، وإنه وإن كان للحكومة إشراف على أعمال المقاول، شأن كل صاحب عمل على أعماله التي يعهد بها إلى المقاولين، فإن هذا الإشراف لا يجعلها مسئولة مسئولية السيد عن أعمال تابعه. ويضيف الطاعنون إلى ما ذكر أن كلا الحكمين الابتدائي والاستئنافي جاء مشوباً بقصور في تأسيس المسئولية، ذلك لأن أسباب الحكم الابتدائي لم تبين ما هو الخطأ الشخصي الذي ارتكبه صاحب العمل، كما جاءت متضاربة مع المنطوق إذ بعد أن ذكرت الأسباب ما يفيد اعتبار الحكومة مسئولية عن خطأ شخصي جاء المنطوق بما يخالف ذلك بأن اعتبر المقاول ضامناً للحكومة. أما الحكم الاستئنافي فقد نحا منحى آخر هو توزيع المسئولية مناصفة بين الحكومة والمقاول الذي نفذ أعمال المقاولة. (ثانياً) أخطأ الحكم في تطبيق القانون في دعوى الضمان فقد كان الحكم الابتدائي قاضياً بإلزام إبراهيم نور الدين أفندي بأن يدفع للجهات الحكومية كل ما قضى عليها به للشيخ عبد العليم محمد خشت، وجاء الحكم الاستئنافي محل الطعن قاضياً بإلغاء الحكم الابتدائي بالنسبة لإبراهيم نور الدين أفندي وبرفض الدعوى قبله، وبذلك أهدر حق الجهات الحكومية الطاعنة في الرجوع عليه إهداراً تاماً. وفي هذا مخالفة لما يأتي: (أوّلاً) عقد المقاولة فقد نصت المادة 38 منه على التزام المقاول بأن يعوّض الحكومة صاحبة العمل عن كل ما يلحقها نتيجة لأي دعوى أو مطالبة بتعويض عن ضرر ناشئ من تنفيذ أعمال المقاولة، وقد احتفظت الحكومة بحقها في الرجوع على المقاول إبراهيم نور الدين أفندي بنتائج الدعوى الحالية إذ حجزت تحت يدها مما هو مستحق له بسبب المقاولة مبلغ ألف جنيه مصري، وذلك بموافقته ورضائه كتابة. (ثانياً) المادة 413 من القانون المدني التي تنص على أنه يجوز للمقاول أن يقاول غيره على عمله كله أو بعضه إذا لم يوجد في عقد المقاولة ما يمنع من ذلك ولكنه يبقى مسئولاً عن عمل المقاول الثاني.
وحيث إنه عن الشق الأوّل فإن الحكم المطعون فيه أسس مسئولية الحكومة والمقاول من الباطن على أن منزل عبد العليم محمد خشت أصابه بعض التلف بسبب عملية الحفر التي أجريت بالقرب منه بمعرفة المقاول تحت إشراف الحكومة، وذلك لعدم اتخاذ القائمين بها الاحتياطات اللازمة للمحافظة على المنزل.
وحيث إنه لتضمين الحكومة الضرر الناشئ من أعمال المقاول يجب طبقاً للقواعد العامة المنصوص عليها في المادتين 151 و152 من القانون المدني أن يثبت الحكم وقوع خطأ من موظفيها في أعمال المقاولة نجم عنه وحده أو بمساهمته مع غيره ضرر للغير، أو أن يثبت أن مركز المقاول منها في تنفيذ المقاولة كان كمركز التابع للمتبوع.
وحيث إن الحكم المطعون فيه أسس مسئولية الحكومة على مجرّد كونها مشرفة على عمل المقاول بغير أن يبين مدى هذا الإشراف، وما أتاه موظفو الحكومة المختصون من خطأ في عملية المقاولة، وأثر هذا الخطأ في سير الأعمال، وعلاقته بتصدّع المنزل، أو أن هذا الإشراف لم يكن مقصوراً على التنفيذ في حدّ ذاته واحترام شروط المقاولة بل كان متجاوزاً ذلك إلى تدخل الحكومة تدخلاً فعلياً في تنفيذ عملية المقاولة وتسيير المقاول كما تشاء. ولا شك أن خلو الحكم من البيانات التي يمكن أن يستخلص منها الأساس الصالح لبناء مسئولية الحكومة عليه يحول دون تمكن محكمة النقض من مراقبة تطبيق القانون تطبيقاً سليماً ويجعل الحكم معيباً.
وحيث إنه عن الشطر الثاني من الطعن وهو الخاص بمسئولية المقاول الأصلي إبراهيم نور الدين أفندي فإن الحكم المطعون فيه قال بأن لا مسئولية عليه ما دام قد تنازل عن هذه العملية إلى الشيخ معوّض سليمان (المطعون ضدّه الثالث) وأقرت الجهات الحكومية هذا التنازل بقبولها مباشرة العملية بمعرفة معوّض سليمان تحت إشرافها ومراقبتها وبدون تدخل من جانب إبراهيم نور الدين. ومن هذا الذي ذكره الحكم يبين أن محكمة الموضوع عدّت إبراهيم نور الدين غير مسئول عن عمل المقاول من الباطن لمجرّد قيام هذا الأخير بالمقاولة تحت إشراف الحكومة.
وحيث إن المادة 413 من القانون المدني تخوّل المقاول الأصلي حق إعطاء المقاولة من الباطن إلا إذا نص التعاقد على خلاف ذلك وتعدّه في الوقت ذاته مسئولاً عن عمل المقاول الثاني. كما أن المادة 38 من عقد المقاولة تنص على تحميل المقاول مسئولية الأضرار الناجمة للغير من تنفيذ المقاولة. فقول الحكم إن مجرد قيام مقاول آخر بالعمل تحت إشراف الحكومة يضع حدّاً لمسئولية المقاول الأصلي يتعارض مع نص القانون والتعاقد. ولم يرد بالحكم شيء يمكن أن يبرر عدم معاملة إبراهيم نور الدين بمقتضاهما لإخلائه من المسئولية قبل الحكومة والغير. ولا شك أن قصور الحكم في هذا يعيبه أيضاً ويوجب نقضه.
وحيث إنه لما تقدّم يتعين نقض الحكم المطعون فيه دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.
وحيث إن نقض الحكم في الدعوى الأصلية يترتب عليه بطريق التبعية نقضه في قضائه في الطلبات الخاصة بالضمان المتفرّعة عن الدعوى الأصلية دون حاجة لبحث أوجه الطعن التي استند إليها الشيخ معوّض سليمان حسين في الطعن المرفوع منه. هذا مع جعل المصاريف بالطريقة المبينة بنص الحكم.

الطعن 448 لسنة 43 ق جلسة 11 / 1 / 1978 مكتب فني 29 ج 1 ق 36 ص 152

جلسة 11 من يناير سنة 1978

برياسة السيد المستشار محمد أسعد محمود نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد الباجوري، ومحمود رمضان، وعاصم المراغي؛ وإبراهيم فراج.

------------------

(36)
الطعن رقم 448 لسنة 43 القضائية

(1، 2) التزام "الحوادث الطارئة". محكمة الموضوع.
(1) نظرية الحوادث الطارئة. شرط إعمالها. م 147 مدني. تقدير ما إذا كان الحادث طارئاً أو أن في وسع الشخص العادي توقعه من سلطة قاضي الموضوع.
(2) نفي الحكم المطعون فيه عنصر المفاجأة عن الصراع المسلح سنة 1967 بين مصر وإسرائيل واستبعاده تطبيق نظرية الحوادث استناداً إلى أسباب سائغة. لا خطأ.

------------------
1 - قوام نظرية الحوادث الطارئة في معنى المادة 147 من القانون المدني هو أن يكون الحادث استثنائياً وغير متوقع الحصول وقت انعقاد العقد، والمعيار في توافر هذا الشرط - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - معيار مجرد مناطه ألا يكون في مقدور الشخص أن يتوقع حصوله لو وجد في ذات الظروف عند التعاقد، دون اعتداد بما وقر في ذهن هذا المدين بالذات من توقع الحصول أو عدم توقعه والبحث فيما إذا كان الحادث الطارئ هو مما في وسع الشخص العادي توقعه أو أنه من الحوادث الطارئة مما يدخل في نطاق سلطة قاضي الموضوع طالما أقامها على أسباب مؤدية إلى ما انتهى إليه.
2 - الأصل في فقه القانون الدولي أن الحرب بمعناها العام هي الصراع المسلح بين دولتين إلا أن الأمر الواقع أثره على تحديد هذا المعنى في الحالة القائمة بين مصر وإسرائيل، وهي حالة لها كل مظاهر الحرب ومقوماتها، والحرب لا تنتهي إلا بانقضاء النزاع بين الدولتين المتصارعتين أو إبرام صلح بينهما يحسم أسباب النزاع القائم نهائياً، ومن ثم فإنه لا يمس ما استدل به الحكم على استمرار قيام حالة الحرب بين مصر وإسرائيل وانتفاء عنصر المفاجأة صدور أوامر عسكرية أو قرارات جمهورية تحدد المدد التي استغرقها القتال بالتلاحم بين الفريقين على أرض المعركة، إذ أن هذه القرارات وتلك الأوامر إنما تستهدف تنظيمات إدارية داخلية خاصة ولا صلة لها بالقيام الفعلي الواقعي لحالة الحرب لما كان ما تقدم وكانت التصريحات التي تصدر عند أعلى المستويات في الدولة ليس من شأنها أن تخل بقيام حالة الحرب الواقعية، ولا يجوز إرهاق المعاني التي تستخلص منها للقول بعدم التوقع لما يلابس هذه التصريحات من ضغوط سياسية تنتهي بانتهائها لما كان ما سلف وكان الحكم المطعون فيه قد حصل أن الحرب قائمة بين مصر وإسرائيل منذ بدء الخلاف في سنة 1948 مما ينتفي معه عنصر المفاجأة لدى الشخص العادي من تجدد القتال بين لحظة أخرى، وعلى تقدير أن حربي سنتي 1956، 1967 ليستا إلا حلقتين من حلقات هذا الصراع المسلح لحالة الحرب القائمة فعلاً، والتي تستهدف مخطط مرسوم من جانب دول الاستعمار وإسرائيل؛ وكان ما قرره الحكم في هذا الخصوص سائغاً ويحمل النتيجة التي انتهى إليها؛ فإن النعي عليه بمخالفة القانون والفساد في الاستدلال يكون على غير أساس.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن الأول ومورث الطاعنة الثانية أقاما ضد المطعون عليها الدعوى رقم..... مدني أمام محكمة القاهرة الابتدائية طالبين الحكم بتخفيض أجرة الفندق الموضح بالصحيفة إلى مبلغ 37.500 جنيه ابتداء من أول يونيو سنة 1963 وقالا شرحاً لها أنه بموجب عقد مؤرخ 19/ 4/ 1959 استأجرا من المطعون عليها العقار رقم.... بقصد تحويله إلى فندق سياحي باسم........ لمدة 5 سنوات قابلة للتجديد مقابل إيجار سنوي قدره 1800 جنيه، وعقب مفاجأة البلاد بالعدوان الإسرائيلي في يونيو سنة 1967 شلت الحركة السياحية وهبطت نسبة الأشغال بالفندق إلى حد كبير، وإذا كان من جراء تأثر الإيرادات أن أصبحت الأجرة الواردة بالعقد لا تتناسب مع الظروف الطارئة التي أصابت المستأجرين، فقد أقاما الدعوى، استصدرت المطعون عليها أمر أداء بإلزام الطاعن الأول ومورث الطاعنة الثانية بأن يؤديا لها مبلغ 2850 جنيهاً وتثبيت الحجز الموقع في 15/ 9/ 1968 وفاء لهذا المبلغ الذي يمثل الأجرة المتأخرة عن سنتي 1967، 1968، فتظلم المستأجران من هذا الأمر بالدعوى رقم....... مدني أمام محكمة القاهرة الابتدائية طالبين إلغاءه واعتباره كأن لم يكن استناداً إلى الظروف الطارئة التي تذرعا بها في الدعوى الأولى، وإلى أن المطعون عليها لم تزود الفندق بما يحقق الغرض من التأجير واتخذت من وضع بعض الأثاث المستهلك ذريعة للتحايل على أحكام التشريع الاستثنائي بإيجار الأماكن. وبعد أن قررت المحكمة ضم الدعوى الثانية إلى الدعاوى الأولى حكمت في 9/ 12/ 1968 بندب أحد الخبراء لتقدير الأجرة السنوية للفندق اعتباراً من أول مايو 1967 على ضوء ما أحدثه عدوان يونيو 1967 من تغييرات أثرت على حركة السياحة في أنحاء الجمهورية عامة وفي مدينة حلوان خاصة، وبعد تقديم التقرير الأخير حكمت في 19/ 3/ 1972 (أولاً) في الدعوى........ بتخفيض أجرة الفندق إلى مبلغ 2769 جنيهاً و500 مليماً عن المدة من 1/ 6/ 1967 حتى آخر ديسمبر سنة 1969 ويندب مكتب الخبراء لتحديد الأجرة عن الفترة التالية لأول يناير سنة 1970 (ثانياً) في الدعوى...... بتعديل أمر الأداء إلى إلزام المستأجرين أن يدفعا للمطعون عليها مبلغ 1336 جنيهاً و500 مليماً وتثبيت الحجز التحفظي بالنسبة لهذا المبلغ استأنف الطاعنان هذا الحكم بالاستئناف رقم....... القاهرة للقضاء بطلباتهما، كما استأنفته المطعون عليها بالاستئناف رقم...... القاهرة بطلب رفض الدعوى، بتاريخ 21/ 4/ 1973 حكمت محكمة الاستئناف بعد ضم الاستئنافين بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض دعوى تخفيض الأجرة وتأييد أمر الأداء المتظلم فيه طعن الطاعنان على هذا الحكم بطريق النقض، قدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأت أنه جديراً بالنظر، وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن بني على سبعة أسباب، ينعى الطاعنان بالسبب الأول والثاني منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك يقولان أن الحكم أقام قضاءه على أن العدوان الإسرائيلي سنة 1967 لم يكن حادثاً طارئاً غير متوقع على سند من أن الحرب قائمة بين مصر والدول العربية وبين إسرائيل منذ عام 1948 دون عدوان 1956 ثم عدوان 1967 هو تكملة للحرب الأولى وتنفيذاً لخطط مرسومة بين دول الاستعمار وإسرائيل فلا تعد الحرب بهذه المثابة حادثاً استثنائياً نظراً لأنها متوقعة بين لحظة وأخرى في حين أن بذر الحرب قد حددتها قرارات جمهورية وأوامر عسكرية بينت فيها تاريخ بداية ونهاية كل حرب نشبت بين مصر وإسرائيل والمدة التي استغرقتها، مما كان يقتضي الامتداد بهذه القرارات التي تشير إلى أن حرب سنة 1948 انتهت في 24/ 2/ 1949، وإن حرب سنة 1956 انتهت في 1/ 3/ 1957 بما يقتضي معه القول بأن عدوان سنة 1967 لم يكن في المكنة توقعه عند إبرام العقد، هذا إلى أن التصريحات التي أدلى بها المسئولون قبل حصول العدوان وبعده تؤكد أنه حدث طارئ عام، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد خالف القانون وشابه الفساد في الاستدلال.
وحيث إن النعي مردود، ذلك أنه لما كان قوام نظرية الحوادث الطارئة في معنى المادة 147 من القانون المدني أن يكون الحادث استثنائياً وغير متوقع الحصول وقت انعقاد العقد، والمعيار في توافر هذا الشرط - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - معيار مجرد، مناطه ألا يكون في مقدور الشخص أن يتوقع حصوله لو وجد في ذات الظروف عند التعاقد، دون اعتداد بما وقر في ذهن هذا المدين بالذات من توقع الحصول أو عدم توقعه. والبحث فيما إذا كان الحادث الطارئ هو مما في وسع الشخص العادي توقعه أو أنه من الحوادث الطارئة مما يدخل في نطاق سلطة قاضي الموضوع طالما أقامها على أسباب مؤدية إلى ما انتهى إليه. لما كان ذلك فإنه وإن كان الأصل في فقه القانون الدولي أن الحرب بمعناها العام هي الصراع المسلح بين دولتين إلا أن للأمر الواقع أثره على تحديد هذا المعنى في الحالة القائمة بين مصر وإسرائيل، وهي حالة لها كل مظاهر الحرب ومقوماتها، وكانت الحرب لا تنتهي إلا بانقضاء النزاع بين الدولتين المتصارعتين أو إبرام صلح بينهما بسحب أسباب النزاع القائم نهائياً، فإنه لا يمس ما استدل به الحكم على استمرار قيام حالة الحرب بين مصر وإسرائيل وانتفاء عنصر المفاجأة صدور أوامر عسكرية أو قرارات جمهورية تحدد المدد التي استغرقها القتال بالتلاحم بين الفريقين على أرض المعركة، إذ أن هذه القرارات وتلك الأوامر إنما تستهدف تنظيمات إدارية داخلية خاصة ولا صلة لها بالقيام الفعلي الواقعي لحالة الحرب. لما كان ما تقدم، وكانت التصريحات التي تصدر عن أعلى المستويات في الدولة ليس من شأنها أن تخل بقيام حالة الحرب الواقعية، ولا يجوز إرهاق المعاني التي تستخلص منها للقول بعدم التوقع ما يلابس هذه التصريحات من ضغوط سياسية تنتهي بانتهائها. لما كان ما سلف وكان الحكم المطعون فيه قد حصل أن الحرب قائمة بين مصر وإسرائيل منذ بدء الخلاف في سنة 1948 مما ينقضي معه عنصر المفاجأة لدى الشخص العادي من تجدد القتال بين لحظة وأخرى، وعلى تقدير أن حربي سنتي 1956، 1967 ليستا إلا حلقتين من حلقات هذا الصلح المسلح لحالة الحرب القائمة فعلاً، والتي تستهدف تنفيذ مخطط مرسوم من جانب دول الاستعمار وإسرائيل وكان ما قرره الحكم في هذا الخصوص سائغاً ويحمل النتيجة التي انتهى إليها، فإن النعي عليه بمخالفة القانون والفساد في الاستدلال يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالأسباب من الثالث إلى السادس على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقولان بأن الحكم استدل على أن حرب سنة 1967 لم يكن لها تأثير على استغلال الفندق ولم تؤد إلى نقص إيراداته إلى ما جاء بتقرير الخبير من أن الفندق حقق أرباحاً في سنة العدوان وإلى دلالة الخطاب المقدم من المطعون عليهما عن حجم تعامله مع المؤسسة النقابية العمالية في الفترة من 30/ 10/ 1969 حتى 27/ 10/ 1972 ومن تسديد الطاعنين مبلغ 750 جنيهاً من الأجرة المستحقة وإلى أن منطقة حلوان ليست من المناطق السياحية في حين أن محكمة أول درجة قضت ببطلان تقرير الخبير ولم تعول عليه في قضائها، وأن تعامل الفندق مع المؤسسة النقابية العمالية لا يؤدي إلى النتيجة التي استخلصها الحكم منه لأن تسديد الأجرة كان من الأرباح التي حققها الفندق قبل العدوان بالإضافة إلى أن منطقة حلوان معدودة من المناطق السياحية، وإذ عول الحكم على تلك المستندات مستدلاً منها على ما انتهى إليه في قضائه فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون علاوة على فساد استدلاله.
وحيث إن النعي غير سديد، ذلك أنه متى كان الحكم قد انتهى في استدلال سائغ إلى أن حرب سنة 1967 لا تعتبر حادثاً استثنائياً غير متوقع، وكانت هذه الدعامة كافية في ذاتها لحمل قضائه برفض تطبيق نظرية الظروف الطارئة وفق المادة 147/ 2 من القانون المدني، ورتب على ذلك إلزام الطاعنين بالأجرة الثابتة بعقد الإيجار، فإنه لا يعيبه استطراده إلى تقريرات - أياً كان وجه الرأي فيها تعد زائدة عن حاجة الدعوى ويستقيم الحكم بدونها، ويكون النعي بفرض صحته غير منتج.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب السابع على الحكم المطعون فيه انعدامه، وفي بيان ذلك يقول الطاعنان بأن الحكم ألزم في منطوقه كل من الطاعن الأول ومورث الطاعنة الثانية بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن درجتي التقاضي في حين أن هذا الأخير توفى عام 1969 مما يعيب الحكم بالانعدام لصدوره ضد متوفى.
وحيث إن النعي غير صحيح، ذلك أنه لما كانت هذه المحكمة وهي بسبيل التحقق من سبب النعي أمرت بضم الملف الاستئنافي للاطلاع على نسخة الحكم الأصلية، وكان البين من الاطلاع عليها أن محكمة الاستئناف ألزمت الطاعنين المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة في أسباب الحكم ومنطوقه، وكان ما ورد بصورة الحكم المقدمة من ذكر اسم المورث دون الطاعنة الثانية لا يعدو أن يكون خطأ مادياً، فإن النعي يكون وارداً على غير محل.
وحيث إن الطاعنين أضافا بالجلسة سبباً جديداً ينعيان به على الحكم المطعون فيه إخلاله بحق الدفاع، وفي بيان ذلك يقولان بأن الحكم استدل في قضائه بالمستندات المقدمة بالحوافظ 9، 10، 11 ملف الاستئناف وعلى ما أثبت في الصفحات من 16 إلى 24 من مذكرة المطعون عليها، في حين أن هذه المستندات لم تقدم إلا في اليوم الأخير من فترة الأجل الممنوح لتبادل المذكرات، ودون أن يكون مصرحاً لها بتقديمها وأن الصفحات من 15 إلى 24 أضيفت خفية إلى مذكرتها، ودون أن يتمكنا من الاطلاع عليها مما يعتبر إخلالاً بحق الدفاع.
وحيث إن النعي مردود، ذلك أنه لما كان مفاد المادة 253/ 3 من قانون المرافعات أنه إذ كان ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه غير وارد في صحيفة الطعن فلا اعتداد بالتحدث عنه بالمذكرة الشارحة أو شفوياً بالجلسة، وكان ما أثاره الطاعنان بالجلسة من دعوى الإخلال بحق الدفاع لم يبيناه بصحيفة الطعن مع أنه مطلوب على وجه الوجوب تحديداً للطعن وتعريفاً بوجوهه منذ ابتداء الخصومة وكانت الأسباب التي أورداها ليست متعلقة بالنظام العام، فإن النعي يكون غير مقبول.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 3 لسنة 11 ق جلسة 27 / 3 / 1941 مج عمر المدنية ج 3 ق 111 ص 339

جلسة 27 مارس سنة 1941

برياسة سعادة محمد فهمي حسين باشا وكيل المحكمة وبحضور حضرات: عبد الفتاح السيد بك وعلي حيدر حجازي بك ومحمد زكي علي بك ومحمد كامل مرسي بك المستشارين.

--------------

(111)
القضية رقم 3 سنة 11 القضائية

إثبات. 

دليل. تقديره. سلطة محكمة الموضوع في ذلك. مثال. حكم شرعي غير انتهائي في دعوى عزل ناظر وقف. استناد المحكمة الأهلية إلى بعض أسبابه في دعوى حساب. لا يعيب حكمها.

--------------
لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تقدير الدليل الجائز الأخذ به. فإذا هي في دعوى حساب مرفوعة على ناظر وقف قدّم لها ضمن مستندات المدّعى عليه صورة رسمية من حكم شرعي صدر في دعوى كانت قد أقيمت عليه بطلب عزله من النظر لخيانات نسبت إليه، منها أنه أهمل في تحصيل بعض الإجارات، وتأخر في اتخاذ الإجراءات القانونية للحصول على ما تأخر منها، وأنه أجر بعض أطيان الوقف بغبن فاحش، وكانت هذه المسائل مما أثير حوله النزاع في دعوى الحساب فاتخذت المحكمة ما جاء في أسباب الحكم الشرعي خاصاً بهذه المسائل أسباباً لقضائها، فلا حرج عليها في ذلك ولو كان الحكم الشرعي لم يصر انتهائياً، فإن استنادها إليه لم يكن على اعتبار أن له حجية تلزمها وإنما كان لاقتناعها بصحة النظر الذي ذهب إليه.

الطعن 713 لسنة 45 ق جلسة 15 / 1 / 1980 مكتب فني 31 ج 1 ق 36 ص 162

جلسة 15 من يناير سنة 1980

برئاسة السيد المستشار محمد صدقي العصار نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد طه سنجر؛ وحسن النسر؛ ومنير عبد المجيد، ومحمد إبراهيم خليل.

-------------------

(36)
الطعن رقم 713 لسنة 45 القضائية

(1) حكم. "إصدار الحكم". بطلان. قضاة.
المستشار المنتدب لرئاسة المحكمة الابتدائية. عدم اقتصار ولايته على العمل الإداري. امتدادها إلى ولاية القضاء. رئاسته إحدى الدوائر بالمحكمة الابتدائية لا بطلان.
(2، 3) حكم."حجية الحكم". خلف. بيع. تجزئة.
(2) حجية الحكم. مناطه. اتحاد الخصوم والموضوع والسبب في الدعويين. اختلاف الخصوم. أثره. انحسار الحجية عن الحكم السابق ولو كان صادراً في موضوع غير قابل للتجزئة.
(3) الأحكام الصادرة على السلف. حجة على الخلف بشأن الحق الذي تلقاه منه. الأحكام الصادرة على الخلف الخاص. لا حجية لها قبل السلف.
(4) إرث. حيازة. ملكية. نقض."السبب غير المنتج".
إقامة الحكم قضاءه في ثبوت الملكية على الميراث. النعي عليه في خصوص ما قرره بشأن الملكية بوضع اليد. غير منتج.
(5) إثبات. إرث. حيازة. ملكية.
ثبوت الملكية بالميراث أو وضع اليد. جواز الإثبات فيها بكافة طرق الإثبات. لا تثريب على المحكمة إن هي استندت في قضائها إلى شهود سمعهم الخبير دون حلف يمين.

----------------
1 - النص في المادة 9 من القانون رقم 46 لسنة 1972 بشأن السلطة القضائية على أن "... وتؤلف كل محكمة - ابتدائية - من عدد كاف من الرؤساء والقضاة ويندب لرئاستها أحد مستشاري محكمة الاستئناف التي تقع بدائرتها المحكمة الابتدائية... ويكون بكل محكمة عدد كاف من الدوائر يرأس كلاً منها رئيس المحكمة أو أحد الرؤساء بها... وتصدر الأحكام من ثلاثة أعضاء..."، يدل على أن المستشار المنتدب لرئاسة المحكمة الابتدائية لا تتحدد ولايته بالعمل الإداري بالمحكمة، بل تمتد إلى ولاية القضاء ذاتها. ولو أراد المشرع غير ذلك، لما نص على أن يرأس الدائرة رئيس المحكمة أو أحد الرؤساء بها. يؤكد ذلك ما أوردته المذكرة الإيضاحية لمشروع القانون المذكور من أن المادة 9 من القانون قد أسبغت على المستشار الذي يرأس المحكمة الابتدائية ولاية الفصل في الدعاوى التي ترفع للمحكمة الابتدائية التي يرأسها. لما كان ذلك، وكان الحكم الابتدائي - المؤيد استئنافياً - قد صدر من الدائرة الأولى المدنية بمحكمة شبين الكوم الابتدائية المشكلة من السيد المستشار رئيس المحكمة وأحد القضاة بها، وهو تشكيل يسوغه القانون، فإن النعي عليه بالبطلان لذلك يكون غير سديد.
2 - من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن مناط حجية الحكم الصادر في إحدى الدعاوى، في دعوى تالية سواء كان الحكم السابق صادراً في ذات الموضوع أو في مسألة كلية شاملة، أو في مسألة أساسية واحدة، في الدعويين أن يكون الحكم السابق صادراً بين ذات الخصوم في الدعوى التالية مع اتحاد الموضوع والسبب في الدعويين، فلا تقوم متى كان الخصمان في الدعوى الأولى قد تغير أحدهما أو كلاهما في الدعوى التالية حتى ولو كان الحكم السابق صادراً في موضوع غير قابل للتجزئة، إذ لا يستفيد الخصم من أو يضار به إلا إذا تدخل - أو أدخل - في الدعوى وأصبح بذلك طرفاً في هذا الحكم.
3 - إذا جاز أن الأحكام الصادرة على السلف حجة على الخلف بشأن الحق الذي تلقاه منه، فإنه لا حجية للأحكام التي تصدر في مواجهة الخلف الخاص قبل مانح الحق متى كان هذا الأخير لم يختصم في الدعوى.
4 - إذا كانت الملكية بالميراث كافية وحدها لحمل قضاء الحكم ويستقيم بها وهو سبب مستقل لاكتساب الملكية، فإن النعي عليه في خصوص وضع اليد، وهي دعامة مستقلة - بفرض صحته - يكون غير منتج.
5 - الملكية بالميراث من الوقائع المادية، وكذلك الحال بالنسبة لوضع اليد فيجوز إثبات أيهما بكافة طرق الإثبات، ومن ثم فلا تثريب على المحكمة إن هي اعتمدت في تحقيق كل منهما بوصفه سبباً مستقلاً لاكتساب الملكية على تحقيق أجراه الخبير وأقوال شهود سمعهم دون حلف يمين.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن.... بصفته ولياً شرعياً على ولده القاصر.... أقام الدعوى رقم 1008 لسنة 1965 تلا الجزئية بطلب الحكم بطرد المطعون عليه الأول من أرض النزاع وتسليمها إليه مع إلزامه بأن يؤدى إليه مبلغ 13 ج قيمة ريعها عن سنة 64/ 1965. وقال شرحاً لدعواه أنه اشترى 13 ط موضحة بالصحيفة بموجب عقد بيع ابتدائي مؤرخ 15/ 11/ 1961، قضى بصحته ونفاذه مع التسليم في الدعوى رقم 315 لسنة 1964 تلا الجزئية وسلمت الأرض إليه بمحضر رسمي في 21/ 2/ 1965. وأن المطعون عليه الأول اغتصبها ووضع يده عليها دون سند، فأقام الدعوى بالطلبات سالفة البيان. وبعد أن أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المدعي أن عقد الإيجار المؤرخ 28/ 10/ 1958 الذي يستند إليه المدعى عليه - المطعون عليه الأول - والصادر إليه من.... صوري، واستمعت إلى شهود الطرفين عادت فحكمت بتاريخ 6/ 2/ 1968 بإلزام المطعون عليه الأول بأن يؤدي إلى الطاعن مبلغ 13 ج قيمة الريع، وبعدم اختصاصها بنظر طلب التسليم وأمرت بإحالته إلى محكمة شبين الكوم الابتدائية، فقيدت الدعوى أمامها برقم 174 لسنة 1968 واختصم المدعي... بصحيفة معلنة في 28/ 4/ 1970 موجهاً إليها طلب الطرد والتسليم أقام الطاعن الدعوى رقم 821 لسنة 1968 تلا الجزئية بطلب الحكم بإلزام المطعون عليه الأول بأن يؤدي إليه مبلغ 45 ج قيمة الريع المستحق عن المدة من 65/ 1966 حتى 67/ 1968 استناداً إلى الحكم رقم 1008 لسنة 1965 تلا، فأحالتها المحكمة إلى محكمة شبين الكوم الابتدائية لنظرها مع الدعوى رقم 174 لسنة 1968 وقيدت أمامها برقم 576 لسنة 1969. وبعد أن أمرت المحكمة بضم الدعوى الأخيرة إلى الأولى، وندبت خبيراً في الدعوى لأداء المأمورية الموضحة بمنطوق هذا الحكم، وقدم الخبير تقريره، عادت فحكمت بتاريخ 15/ 10/ 1973 برفض الدعويين. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 193 لسنة 6 ق طنطا. وبتاريخ 23/ 4/ 1975 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم في خصوص الدعوى رقم 576 لسنة 1969 شبين الكوم الابتدائية وبرفضه في خصوص الدعوى رقم 174 لسنة 1968 شبين الكوم الابتدائية وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة قرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن بني على أسباب ثلاثة، حاصل أولها بطلان الحكم الابتدائي لصدوره من دائرة مشكلة برئاسة المستشار رئيس المحكمة، وهو تشكيل لا يجيزه القانون، وإذ أيده الحكم المطعون فيه، فإنه يكون باطلاً بدوره بطلاناً متعلقاً بالنظام العام، يجوز التحدي به ولأول مرة أمام محكمة النقض.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن النص في المادة 9 من القانون رقم 46 لسنة 1972 بشأن السلطة القضائية على أن "... وتؤلف كل محكمة - ابتدائية - من عدد كاف من الرؤساء والقضاة. ويندب لرئاستها أحد مستشاري محكمة الاستئناف التي تقع بدائرتها المحكمة الابتدائية... ويكون بكل محكمة عدد كاف من الدوائر يرأس كلاً منها رئيس المحكمة أو أحد الرؤساء بها... وتصدر الأحكام من ثلاثة أعضاء..." يدل على أن المستشار المنتدب لرئاسة المحكمة الابتدائية لا تتحدد ولايته بالعمل الإداري بالمحكمة، بل تمتد إلى ولاية القضاء ذاتها. ولو أراد المشرع غير ذلك. لما نص على أن يرأس الدائرة رئيس المحكمة أو أحد الرؤساء بها. يؤكد ذلك ما أوردته المذكرة الإيضاحية لمشروع القانون المذكور من أن المادة 9 من القانون قد أسبغت على المستشار الذي يرأس المحكمة الابتدائية ولاية الفصل في الدعاوى التي ترفع للمحكمة الابتدائية التي يرأسها. لما كان ذلك، وكان الحكم الابتدائي - المؤيد استئنافياً - قد صدر في 15/ 10/ 1973 من الدائرة الأولى المدنية بمحكمة شبين الكوم الابتدائية المشكلة من السيد المستشار رئيس المحكمة وأحد الرؤساء وأحد القضاة بها، وهو تشكيل يسوغه القانون، فإن النعي عليه بالبطلان غير سديد.
وحيث إن الطاعن ينعى بالوجه الأول من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول إن الحكمين الابتدائي والاستئنافي لم يتقيدا بالحكم الصادر في الدعوى رقم 1008 لسنة 1965 تلا الجزئية، الذي لم يعتد بعقد الإيجار المؤرخ 28/ 10/ 1958 الصادر من مورثة المطعون عليهم عدا الأول إلى المطعون عليه الأول، لأنه صوري لم ينفذ بوضع يده على أطيان النزاع وأنه وضع يده عليها بدون سند قانوني، فاستحق قبله ريع الأرض. وأن.... - المؤجرة - لم تضع يدها هي الأخرى على أعيان النزاع، وأن الطاعن تسلمها من البائعين له بموجب محضر تسليم رسمي بتاريخ 21/ 2/ 1965 نفاذاً للحكم الصادر في الدعوى رقم 315 لسنة 1964 تلا الجزئية، بدعوى أنه صدر قبل إدخال.... التي لم تكن ممثلة في الدعوى، ومن ثم فلا تحاج بالحكم القاضي بالريع، في حين أن هذا الحكم حاز قوة الشيء المحكوم فيه، وحجيته لا تقتصر على المطعون عليه الأول، بل تمتد إلى... والدة زوجته - المؤجرة له ومورثه المطعون عليهم من الثانية إلى السادس، لأن الصورية لا تقبل التجزئة ولأن المطعون عليه الأول يعتبر دائناً بحق الإيجار والانتفاع بالعين قبل من أجرت له، وأن الدائن يعتبر ممثلاً لمدينه ووكيلاً عنه في ممارسة الحق المشترك بينهما بحكم القانون. فضلاً عن أنه لم يطلب الحكم له بالملكية، وإنما طلب الحكم له بالريع وبالتسليم باعتبار أنه المشتري للأرض وآلت إليه ثمرات المبيع وأن النزاع في حقيقته يقوم على أحقيته في الانتفاع بالأرض التي اشتراها وهو ما أقره عليه وقرره الحكم الصادر في الدعوى رقم 1008 لسنة 1965 تلا الجزئية.
وحيث إن النعي مردود، ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن مناط حجية الحكم الصادر في إحدى الدعاوى، في دعوى تالية سواء كان الحكم السابق صادراً في ذات الموضوع، أو في مسألة كلية شاملة أو في مسألة أساسية واحدة في الدعويين أن يكون الحكم السابق صادراً بين ذات الخصوم في الدعوى التالية مع اتحاد الموضوع والسبب في الدعويين فلا تقوم متى كان الخصمان في الدعوى الأولى قد تغير أحدهما أو كلاهما في الدعوى التالية حتى ولو كان الحكم السابق صادراً في موضوع غير قابل للتجزئة، إذ لا يستفيد الخصم منه أو يضار به إلا إذا تدخل - أو أدخل - في الدعوى وأصبح بذلك طرفاً في هذا الحكم. وإذا جاز أن تكون الأحكام الصادرة على السلف حجة على الخلف بشأن الحق الذي تلقاه منه، فإنه لا حجية للأحكام التي تصدر في مواجهة الخلف الخاص قبل مانح الحق متى كان هذا الأخير لم يختصم في الدعوى. لما كان ذلك، وكان الثابت أن... المالكة لهذه الأطيان لم تكن خصماً في دعوى الريع رقم 1008 لسنة 1965 تلا الجزئية، فلا يسوغ في القانون أن يحتج عليها بحكم لم تكن طرفاً في الخصومة التي صدر فيها، كما أن الموضوع يختلف في الدعويين، فالدعوى الأولى أمام المحكمة تلا الجزئية كان الشق الذي فصلت فيه المحكمة خاصاً بطلب الريع فحسب، في حين أن الدعوى الحالية هي دعوى مطالبة بالريع والتسليم، وهي في حقيقتها. مؤسسة على الملكية بعد أن أدخلت فيها... دفعت الدعوى بأنها هي المالكة للأطيان موضوع النزاع. ولما كان ذلك، وكان الحكم الابتدائي قد رد على دفاع الطاعن في هذا الخصوص بأن المحكمة "لا تتقيد بالحكم الصادر في الدعوى رقم 1008 لسنة 1965 تلا... والقاضي بإلزام المدعى عليه - المطعون عليه الأول - بالريع عن المدة السابقة، ذلك أن هذا الحكم قد صدر قبل أن تعرض المحكمة المذكورة لبحث الملكية باعتبارها مسألة أولية أثارها المدعى عليه - المطعون عليه الأول - منذ بداية التداعي، وإذ تكشفت الملكية بعد تحقيقها في التداعي الحالي بين المدعي والخصيمة المدخلة المالكة، والتي لم تكن ممثلة في الدعوى أمام محكمة تلا الجزئية، فإنه لا يحتج بهذا الحكم القاضي بالريع في التداعي الحالي، بعد أن تم بحث الملكية، وهي المسألة الأولية المترتب عليها الفصل في التداعي الحالي بشقيه، طلب الطرد والتسليم والريع والذي لم يكن محل بحث محكمة تلا الجزئية"، كما أضاف الحكم المطعون فيه أن حكم محكمة تلا الجزئية لا تقوم له حجية قبل... المؤجرة والتي لم تكن مختصمة في الدعوى المذكورة، وخلص إلا تأييد الحكم المستأنف لأسبابه، فإن النعي عليه بالخطأ في القانون والقصور في التسبيب لا يكون في محله.
وحيث إن الطاعن ينعى بالوجه الثاني من السبب الثاني وبالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم المطعون فيه أيد الحكم الابتدائي فيما ذهب إليه ملكية.... مورثة المطعون عليهم من الثانية إلى السادس لأرض النزاع بالميراث وبوضع اليد، دون بيان سند هذا الميراث مع أن تقرير الخبير الأول أورد أن ما يخص.... بالميراث عن والديها 2 ط و4 س شائعة في القطعة 114 بحوض قبالة، في حين ذهب تقرير الخبير الأخير إلى أن حقيقة أرض النزاع 10 س و11 ط وأنها في وضع يد... بصفتها مالكة لها بالميراث الشرعي. وقد أخذ الحكم الابتدائي بالتقرير الأخير وأيده الحكم المطعون فيه، مع أن هذا القول يحتاج إلى بيان كيفية أيلولة أرض النزاع إليها بالميراث بتحديد مقدار ما يملكه كل من والديها ونصيبها هي فيه. ولم يعول الحكم على دليل رسمي لإثبات ذلك، وإنما اكتفى بأقوال الشهود أمام الخبير، وإذ اعتمد الحكم للقضاء بملكية لمدخلة في الدعوى على الميراث ووضع اليد، فإن انهيار الأساس القائم على الميراث ينهار به أيضاً الأساس الآخر القائم على وضع اليد لأن الحكم قام على الدليلين معاً هذا إلى أن إسناد ملكية... إلى وضع اليد إسناد خاطئ وفاسد، لأن وضع اليد فصل فيه بحكم محكمة تلا وهو قضاء مانع من العودة إلى مناقشة وضع يد المطعون عليه الأول، ذلك أن قول الخبير أن.... وضعت اليد على أرض النزاع خمساً وعشرين سنة إلى أن أجرتها إلى المطعون عليه الأول من حوالي 15 سنة وأن وضع يدها كان هادئاً ومستمراً وأن الطاعن والبائعين له من قبل لم يضعوا اليد على أرض النزاع، يناقض المسألة الكلية الشاملة التي أثبتها حكم محكمة تلا من أن وضع يد المطعون عليه الأول كان اغتصاباً وبناء على عقد صوري لم يقترن بوضع اليد. فضلاً عن أن محكمة الموضوع رجحت تقرير الخبير رغم أنه أقيم على أقوال شاهدين لم يثبت أقوالهما في محضر أعماله مكتفياً بإثبات أن نائب العمدة والزارع المجاور قررا أن... هي الواضعة اليد، وهو قول لا يصح أن يقاس بشهادة الشهود الذين سمعتهم محكمة تلا بعد حلف اليمين. كما استدل الخبير على وضع اليد بسداد الأموال الأميرية مع أنه قدم إليه ما يفيد سداده أموال سنتي 1968، 1969، ولم يرد الحكم المطعون فيه على هذا الدفاع متجاهلاً قوة الشيء المقضي التي حازها حكم محكمة تلا الجزئية، فخالف القانون وشابه القصور في التسبب.
وحيث إن هذا النعي مردود أولاً بما سبق الرد به على الوجه الأول من السبب الثاني. وغير مقبول ثانياً فيما أثاره حول أسباب وقدر ملكية.... مورثة المطعون عليهم من الثانية إلى السادس، إذ هو دفاع يخالطه واقع لم يسبق طرحه على محكمة الموضوع، ومن ثم فلا يجوز التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض. وهو غير منتج في شقه المتعلق بوضع يد.... على أرض النزاع، ذلك أن الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد رد على دفاع الطاعن بأن الخبير خلص إلى أن أرض النزاع وحقيقة مساحتها 11 ط و10 س كانت في وضع يد مورثة المطعون عليهم من الثانية إلى السادس... بصفتها مالكة لها وقد اختصت بها بالميراث الشرعي عن والديها منذ حوالي 25 سنة. وقد اقترنت تلك الملكية بوضع يدها عليها وتأجيرها للمطعون عليه الأول وأن الثابت للمحكمة أن تقرير هذا الخبير قد بني على أساس من معاينته للأطيان مثار النزاع على الطبيعة وتطبيقه لمستندات الطرفين عليها وسماعه ملاحظاتهما ورجال الإدارة وجيران تلك الأطيان، وعلى أسباب صحيحة وسائغة تقرها وتأخذ بنتيجتها محمولة عليها وباعتبار التقرير جزءاً من حكمها، وأنها تطرح ما جاء بالتقريرين السابقين ولا تعول عليهما في قضائها تأسيساً على أنه لم تراع فيهما الأسس والأسانيد التي ارتكن إليها التقرير الأخير، وكان رأي الخبير مجرد دليل في الدعوى وعنصر من عناصر الإثبات فيها يخضع لتقدير محكمة لموضوع لها الموازنة والمفاضلة بين ما يقدم إليها من تقارير الخبراء والأخذ بما تراه منها، وكان ما خلص إليه الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص قد قام على أسباب سائغة لها أصلها الثابت بالأوراق، وكانت الملكية بالميراث كافية وحدها لحمل قضاء الحكم ويستقيم بها وهو سبب مستقل لاكتساب الملكية، فإن النعي عليه في خصوص وضع اليد، وهي دعامة مستقلة - بفرض صحته - يكون غير منتج، هذا إلى أن الملكية بالميراث من الوقائع المادية وكذلك الحال بالنسبة لوضع اليد فيجوز إثبات أيهما بكافة طرق الإثبات، ومن ثم فلا تثريب على المحكمة إن هي اعتمدت في تحقيق كل منهما بوصفه سبباً مستقلاً لاكتساب الملكية على تحقيق أجراه الخبير وأقوال شهود سمعهم دون حلف يمين، لما كان ذلك فإن النعي بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.