الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 3 فبراير 2023

الطعن 13 لسنة 43 ق جلسة 19 / 11 / 1975 مكتب فني 26 ج 2 أحوال شخصية ق 271 ص 1435

جلسة 19 من نوفمبر سنة 1975

برياسة السيد المستشار محمد أسعد محمود، وعضوية السادة المستشارين: محمد محمد المهدي، وسعد أحمد الشاذلي، والدكتور أحمد رفعت خفاجي، وحسن مهران حسن.

------------

(271)
الطعن رقم 13 لسنة 43 ق "أحوال شخصية"

 (1)إثبات "الإحالة إلى التحقيق". دعوى "مواعيد المرافعات".
الميعاد الذي تحدده المحكمة لإجراء التحقيق خلاله. لا علاقة له بمواعيد المرافعات وجوب احتساب اليوم المحدد لبدء التحقيق ضمن هذا الميعاد.
 (2)إثبات "التحقيق".
المسائل العارضة الخاصة بالإثبات. وجوب عرضها على القاضي المنتدب للتحقيق حتى ما كان منها من اختصاص المحكمة. إغفال ذلك. سقوط الحق في عرضها بعد ذلك.
 (3)حكم. نقض "السبب غير المنتج".
انتهاء الحكم إلى نتيجة صحيحة. النعي عليه بالخطأ في تقريراته القانونية غير منتج.
( 4 و5) أحوال شخصية "نصاب الشهادة". إثبات "شهادة الشهود".
(4) نصاب الشهادة. شرطه. اختلاف اللفظ بين الشهادتين دون اختلاف المعنى. غير مانع من قبولها.
(5) الشهادة من شروطها ألا يكذبها الحس. علة ذلك.
 (6)نقض "السبب الجديد". إثبات "البينة".
تمسك الطاعن بوجود خصومة بينه وبين الشاهد. عدم جواز إثارة ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض.
 (7)أحوال شخصية "التطليق للضرر".
التطليق للضرر. شرطه. وقوع الضرر من الزوج دون الزوجة واستحالة العشرة بين أمثالهما. معيار الضرر شخصي لا مادي.
 (8)حق "إساءة استعمال الحق". مسئولية.
الحق في الادعاء والتبليغ. انقلابهما إلى مخبئه إذا أسيئ استعمالهما.
 (9)حكم "الأسباب الزائدة".
لا يعيب الحكم ما تريد به متى أقيم على ما يكفي لحمله.

--------------
1 - مفاد ما تقضي به الفقرة الثانية من المادة 71 من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968 من أنه يجب أن يبين في منطوق الحكم الذي يأمر بالإثبات، اليوم الذي يبدأ فيه التحقيق والميعاد الذي يجب أن يتم فيه. والمادة 75 منه من أنه لا يجوز بعد انقضاء ميعاد التحقيق سماع شهود بناء على طلب الخصوم، أن الميعاد الذي تحدده المحكمة لإجراء التحقيق خلاله تطبيقاً لهاتين المادتين لا علاقة له بمواعيد المرافعات باعتبارها الآجال التي يحددها القانون لمباشرة إجراءاتها. وإذ أوضح حكم الإثبات الذي أصدرته محكمة أول درجة أن اليوم المقرر لبدء التحقيق هو 3 من يناير 1972 فإن هذا اليوم ينبغي احتسابه ضمن الميعاد لأن من الجائز سماع الشهود وإجراء التحقيق فيه بالذات. وتكون نهاية الشهور الثلاثة المحددة لإجراء التحقيق خلالها هو يوم 2 من إبريل 1972 لا اليوم التالي.
2 - مفاد المادة السابعة من قانون الإثبات هو وجوب عرض المسائل العارضة الخاصة بالإثبات على القاضي المنتدب للتحقيق حتى ما كان منها من اختصاص المحكمة الكاملة وإلا سقط الحق في عرضها، وذلك سواء كانت هذه المسألة متعلقة بموضوع الدليل وكونه مقبولاً أو غير مقبول أو متعلقة بإجراءات تقديم الدليل وتحقيقه وما يجب أن يراعى فيها من مواعيد وأوضاع ولما كان الثابت أن الطاعن استحضر شهوده الذين سمعوا أمام قاضي التحقيق دون أي تحفظ ودون إبداء أي ملاحظة خاصة بفوات الميعاد فإن ذلك لا يجعل من حقه أصلاً عرضها على المحكمة بهيئتها الكاملة عند إعادتها للمرافعة.
3 - إذا كان الحكم قد انتهى إلى نتيجة صحيحة، فإن النعي عليه بالخطأ في تقريراته القانونية يكون غير منتج ولا جدوى منه.
4 - إذ كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه وهو في معرض استعراض أقوال الشهود إن شاهدي المطعون عليهما اتفقت كلمتهما على حضورهما واقعة السب دون واقعة الضرب التي قرر أولهما أنه سمع بها من المطعون عليها في حين ذهب الثاني إلى أنه شهد آثار الكدمات بها بسبب الاعتداء. ولئن كان الراجح في مذهب الحنفية أنه لاستكمال نصاب الشهادة يتعين موافقة الشهادة للشهادة بتطابق لفظي الشاهدين على إفادة المعنى بطريق الوضع لا بطريق التضمن إلا أن اختلاف اللفظ الذي لا يوجب اختلاف المعنى ليس بضائر ولا يحول دون قبول الشهادة وكان ما أثبته الحكم من أقوال الشاهدين وإن اختلفت ألفاظهما إلا إجماعهما انصب على معنى واحد سماعهما بنفسيهما ألفاظ السباب وشهودهما مجلسه وكون المطعون عليها مصدر علم كل منهما بواقعة الاعتداء، وبذلك لا يكون هناك تناقض بين الشهادتين.
5 - من شروط الشهادة عدم تكذيب الحس لها فإن لم يصدقها الحس فلا تقبل ولا يجوز أن يبنى عليها قضاء اعتباراً بأن الحس يفيد علماً قطعياً والشهادة تفيد خبراً ظنياً والظني لا يعارض القطعي، وإذ كان ما أورده الطاعن بسبب النعي من صدور ألفاظ السباب عنه في مجلس الصلح في حضرة أقرباء المطعون عليها والشاهدين ليس فيه ما يتجافى مع منطق الأمور وطبيعة الأشياء فإن النعي يكون على غير أساس.
6 - إذ كان ما ساقه الطاعن من وجود خصومة بينه وبين الشاهد الثاني من شهود المطعون عليها في أمر دنيوي أخذاً بمسلكه في دعوى الطرد لم يقدم ما يدل على تمسكه به أمام محكمة الموضوع. فيكون غير مقبول لما يخالطه من واقع تقصر سلطة محكمة النقض من تحقيقه.
7 - من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن مؤدى نص المادة السادسة من القانون رقم 25 لسنة 1929 أنه كي يحكم القاضي بالتطليق للضرر لابد من توافر أمرين: الأول أن يكون الضرر أو الأذى واقعاً من الزوج دون الزوجة، والثاني أن تصبح العشرة بين الزوجين مستحيلة بين أمثالهما، والضرر هو إيذاء الزوج زوجته بالقول أو بالفعل إيذاء لا يليق بمثلها، بمعنى أن معيار الضرر هنا شخصي وليس مادياً.
8 - لا مساغ لما يذهب إليه الطاعن من أن مسلكه في دعاوى الطرد وادعائه أنه المستأجر ونسبة السرقة إلى ذوي المطعون عليها كان استعمالاً لحقه في الادعاء والتبليغ لأن هذين الحقين ينقلبان إلى مخبثه إذا أسيء استعمالهما.
9 - لا يعيب الحكم - بالتطليق للضرر - ما تزيد به من اعتبار دعاوى الأحوال الشخصية التي أقامها الزوج من دواعي الإضرار إذ أنه إنما يستعمل برفعها حقاً خولته إياه الشريعة، طالما أقيم الحكم على دعامات أخرى متعددة كافية لحمله.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون عليها أقامت الدعوى رقم 605 سنة 1972 أحوال شخصية "نفس" أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية ضد الطاعن طالبة الحكم بتطليقها منه طلقة بائنة استناداً إلى أنها زوجة له بموجب عقد شرعي صحيح مؤرخ 4/ 8/ 1966 وقد أساء إليها إساءات بالغة ورماها بفاحش الألفاظ واعتدى عليها بالضرب واتهمها بالسرقة، وإذ أصبحت العشرة بينهما مستحيلة فقد أقامت دعواها للحكم لها بطلباتها. حكمت المحكمة في 29/ 11/ 1972 بإحالة الدعوى إلى التحقيق لتثبت المطعون عليها أن زوجها الطاعن دخل بها وعاشرها معاشرة الأزواج ولا تزال على عصمته وفي طاعته للآن وأنه دأب على الاعتداء عليها بالضرب والسب وأخذ يهينها ويسيء معاشرتها مما أصبح معه دوام العشرة بينهما مستحيلاً، وبعد سماع شهود الطرفين حكمت بتاريخ 26/ 2/ 1972 برفض الدعوى. استأنفت المطعون عليها هذا الحكم بالاستئناف رقم 141 سنة 89 أحوال شخصية القاهرة، وبتاريخ 24/ 4/ 1973 حكمت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف وتطليق المطعون عليها من زوجها الطاعن طلقة بائنة للضرر. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وبالجلسة المحددة تمسكت النيابة برأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على خمسة أسباب، ينعى الطاعن بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون ذلك أنه تمسك ببطلان إجراءات التحقيق أمام محكمة أول درجة لحصوله بعد الميعاد المحدد لإجرائه، إلا أن الحكم رفض الدفع استناداً إلى أن اليوم الأول من الميعاد لا يحسب ويكون التحقيق قد جرى خلال الميعاد، في حين أنه يتعين احتساب اليوم الأول الأمر المخالف لنص المادة 75 من قانون الإثبات.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن الثابت أن محكمة أول درجة حددت لبدء التحقيق جلسة 3/ 1/ 1972 على أن يتم في خلال ثلاثة شهور من هذا التاريخ وجرى الحكم المطعون فيه على أن سماع الشهود يوم 3/ 4/ 1972 كان خلال الميعاد المحدد تأسيساً على عدم احتساب اليوم الأول باعتبار الميعاد مقدراً بالشهور ويتعين أن يحصل الإجراء خلاله في معنى المادة 15 من قانون المرافعات القائم، ولما كان مفاد ما تقضي به الفقرة الثانية من المادة 71 من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968 من أنه يجب أن يبين في منطوق الحكم الذي يأمر بالإثبات "اليوم الذي يبدأ فيه التحقيق والميعاد الذي يجب أن يتم فيه" والمادة 75 منه من أنه "لا يجوز بعد اقتضاء ميعاد التحقيق سماع شهود بناء على طلب الخصوم"، أن الميعاد الذي تحدده المحكمة لإجراء التحقيق خلاله تطبيقاً لهاتين المادتين لا علاقة له بمواعيد المرافعات باعتبارها الآجال التي يحددها القانون لمباشرة إجراءاتها، وإذ أوضح حكم الإثبات الذي أصدرته محكمة أول درجة أن اليوم المحدد لبدء التحقيق هو 3 من يناير 1972 فإن هذا اليوم ينبغي احتسابه ضمن الميعاد لأن من الجائز سماع الشهود وإجراء التحقيق فيه. بالذات وتكون نهاية الشهور الثلاثة المحددة لإجراء التحقيق خلالها هو يوم 2 من إبريل سنة 1972 لا اليوم التالي حسبما أفصح الحكم. ولئن كان ما خلص إليه الحكم في هذا الصدد ينطوي على خطأ في تطبيق القانون.
إلا أنه لما كان مفاد المادة السابعة من قانون الإثبات هو وجوب عرض المسائل العارضة الخاصة بالإثبات على القاضي المنتدب للتحقيق حتى ما كان منها من اختصاص المحكمة الكاملة وإلا سقط الحق في عرضها، وذلك سواء كانت هذه المسألة متعلقة بموضوع الدليل وكونه مقبولاً أو غير مقبول أو متعلقة بإجراءات تقديم الدليل وتحقيقه وما يجب أن يراعى فيها من مواعيد وأوضاع وكان الثابت أن الطاعن استحضر شهوده الذين سمعوا أمام قاضي التحقيق دون أن تحفظ ودون إبداء أي ملاحظة خاصة بفوات الميعاد الأمر الذي لا يجعل من حقه أصلاً عرضها على المحكمة بهيئتها الكاملة عند إعادتها للمرافعة أمامها. لما كان ذلك، وكان الحكم برفض الدفع قد انتهى إلى نتيجة صحيحة فإن النعي عليه بالخطأ في تقريراته القانونية يكون غير منتج ولا جدوى منه.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الثاني الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول الطاعن أن الحكم المطعون فيه استند في قضائه بالتطليق على بينة شاهدي المطعون عليها الذين قررا أن الطاعن اعتدى عليها بالضرب والسب وأن أقوالهما انصبت على واقع استمدا علمهما به مما رأياه وسمعاه مباشرة من طرفي الدعوى، في حين أن أول الشاهدين لم يشهد واقعة الاعتداء بالضرب وإنما سمع بها من المطعون عليها وبذلك تناقضت أقواله مع الشاهد الثاني الذي أضاف واقعة جديدة هي إلقاء القاذورات عليها، هذا إلى أن واقعة السباب التي اتفق عليها الشاهدان لا يتصور صدورها عن الطاعن وهو وحيد في مجلس الصلح مما يهدر أقوال الشاهدين بصددها لتكذيب الحس والعرف المشاهد لها، بالإضافة إلى أن الشاهد الثاني بينه وبين الطاعن خصومة تمثلت في أنه هو الذي حرض على طرده من منزل الزوجية ولعب دوراً إيجابياً في تحريك الدعوى وإعلانها حسبما هو ثابت في عريضتها مما يجعله متهماً في شهادته وبذلك تكون الشهادة لم تستكمل النصاب الشرعي وهو ما يعيب الحكم بالخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أنه لما كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه وهو في معرض استعراض أقوال الشهود أن شاهدي المطعون عليها اتفقت كلمتهما على حضورهما واقعة السب دون واقعة الضرب التي قرر أولهما أنه سمع بها من المطعون عليها في حين ذهب الثاني إلى أنه شهد آثار الكدمات بها بسبب الاعتداء، ولئن كان الراجح في مذهب الحنفية أنه لاستكمال نصاب الشهادة بتعين موافقة الشهادة للشهادة بتطابق لفظي الشاهدين على إفادة المعنى بطريق الوضع لا بطريق التضمن إلا أن اختلاف اللفظ الذي لا يوجب اختلاف المعنى ليس بضائر ولا يحول دون قبول الشهادة، وكان ما أثبته الحكم من أقوال الشاهدين - وعلى ما سلف - وأن اختلفت ألفاظهما إلا أن إجماعهما انصب على معنى واحد هو سماعهما بنفسيهما ألفاظ السباب وشهودهما مجلسه وكون المطعون عليها مصدر علم كل منهما بواقعة الاعتداء، وبذلك لا يكون هناك تناقض بين الشهادتين. لما كان ذلك، وكان من شروط الشهادة عدم تكذيب الحس لها فإن لم يصدقها الحس فلا تقبل ولا يجوز أن يبني عليها قضاء اعتباراً بأن الحس يفيد علماً قطعياً والشهادة تفيد خبراً ظنياً والظني لا يعارض القطعي، وكان ما أورده الطاعن بسبب النعي من صدور ألفاظ السباب عنه في مجلس الصلح في حضرة أقرباء المطعون عليها والشاهدين ليس فيها ما يتجافى عن منطق الأمور وطبيعة الأشياء. لما كان ما تقدم وكان ما ساقه الطاعن من وجود خصومة بينه وبين الشاهد الثاني من شهود المطعون عليها في أمر دنيوي أخذاً بمسلكه في دعوى الطرد لم يقدم ما يدل على تمسكه به أمام محكمة الموضوع، فيكون غير مقبول لما يخالطه من واقع تقتصر سلطة محكمة النقض عن تحقيقه ويكون النعي بكافة وجوهه على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بباقي الأسباب على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم أقام قضاءه بالتطليق على سند من القول بأن الأضرار التي ادعتها المطعون عليها ثابتة من سلوك الطاعن في منازعته بغير وجه حق في واقعة استئجاره للشقة المملوكة لحماته وفي اتهامه إياها بسرقة بعض متاعه وفي إصراره على ذلك الاتهام في الدعاوي المتبادلة بينهما رغم ثبوت استلام حاجياته جميعاً في التحقيق الذي أجرته النيابة العامة علاوة على أن دعاوى النفقة والطاعة والرؤية والطلاق المتبادلة تثبت استحالة دوام العشرة، في حين أن الثابت من التحقيقات أن حاجياته ثبت سرقتها فعلاً وضبطت في منزل والد زوجته وعديله ومن حقه التبليغ عنها كما أن دعاوى الأحوال الشخصية لا صلة لها بثبوت الضرر، هذا إلى أن الأوراق زاخرة بأن الإساءة من الزوجة لا منه، فقد فوجئ بإخراج الأثاث من الشقة التي يستأجرها تنفيذاً لحكم طرد صوري استصدرته والدة زوجته على ابنتها بقصد الإساءة إليه وترتب على ذلك فقد مهماته العسكرية هذا إلى أن الطاعن لم يتهم أسرة المطعون عليها بالسرقة بل كان يطالب الجهات المختصة بمعاونته في البحث عنها، وهو ما يعيب الحكم بالخطأ في تطبيق القانون ومخالفة الثابت بالأوراق والفساد في الاستدلال.
وحيث إن النعي غير سديد، ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن مؤدى نص المادة السادسة من القانون رقم 25 لسنة 1929 أنه كي يحكم القاضي بالتطليق للضرر لابد من توافر أمرين (الأول) أن يكون الضرر أو الأذى واقعاً من الزوج دون الزوجة (والثاني) أن تصبح العشرة بين الزوجين مستحيلة بين أمثالهما، والضرر هو إيذاء الزوج زوجته بالقول أو بالفعل إيذاء لا يليق بمثلها، بمعنى أن معيار الضرر هنا شخصي وليس مادياً، ولما كان الحكم المطعون فيه أسس قضاءه بالتطليق على ثبوت ".... أضرار المستأنف عليه - الطاعن - المستأنفة - المطعون عليها - بما لا يستطاع دوام العشرة بين أمثالهما بالنظر إلى حالهما والوسط الذي يعيشان فيه إذ هو مقدم في الشرطة وهى مهندسة زراعية، وبما لا جدال منه أن الأضرار التي ادعتها المستأنفة ثابتة على الوجه الآتي: أن الطاعن نازعها - المطعون عليها - بغير حق واقعة استئجارها الشقة التي كانا يشغلانها من والدتها المالكة بموجب العقد المؤرخ 16/ 9/ 1971 على ما انبنى عليه الحكم الصادر في الدعوى رقم 10977 سنة 1970 مستعجل القاهرة مدعياً بالدعوى رقم 1993 سنة 1971 كلي شمال القاهرة أنه هو المستأجر لها من المؤجرة بموجب عقد مؤرخ 1/ 10/ 1967 دون أن يثبت بدعواه مدعاه.. وأنه يبين من مطالعة استدلالات الشكوى رقم 1529/ 71 إداري المعادي يوم 12/ 4/ 1971 أنه اتهم والد زوجته وشقيقها بسرقة ألفي جنيه وأسورة وسجاد وسلاح أميري ومنقولات أخرى إبان تنفيذ حكم الطرد رغم إقرار المستأنفة بتلك "الاستدلالات بأنها احتفظت بمتاع زوجها مع منقولاتها خوفاً من ضياعها فيما" "عدا النقود والمصاغ والسجادة التي أكدت انتفاء وجودها أصلاً بالمنزل ثم أرتضى" "بمحضر تحقيق النيابة 12/ 4/ 1971 تسلم متاعه بالقدر الذي قالت به المستأنفة مقرراً" "عثوره على النقود والمصاغ والسجادة وظاهر هذا بداهة أن اشتط في الاتهام" "كيداً دون أن يتحرى الصدق أو على الأقل لم يقصر البلاغ على واقعة" "الضياع دون الاتهام وعلى قدر بما ضاع فعلاً دون تزيد وتهويل... وأنه" "وهو على يقين من أن حماته قد اختصمت زوجته بدعوى الطرد آثر أن يزيد" "النار اشتعالاً إذ اختصها بالدعوى رقم 1993 سنة 1971 مدني كلي شمال القاهرة" "كما حاول عرقلة تنفيذ حكم الطرد مرتضياً أن تشخص زوجته وذووها إلى قسم الشرطة والنيابة العامة وتقف موقف الاتهام....." ولما كان هذا الذي أورده الحكم له أصله الثابت وينطوي على استخلاص سائغ ولا رقابة لمحكمة النقض عليه في ذلك متى كانت الأدلة التي أوردها من شأنها أن تؤدي إلى النتيجة التي خلص إليها. فإن النعي عليه بمخالفة الثابت بالأوراق والفساد في الاستدلال يكون على غير أساس، لما كان ذلك وكان لا مساغ لما يذهب إليه الطاعن من أن مسلكه في دعاوى الطرد وادعاؤه أنه المستأجر ونسبة السرقة إلى ذوي المطعون عليها كان استعمالاً لحقه في الادعاء والتبليغ لأن هذين الحقين يتغلبان إلى مخبثه إذا أسيء استعمالهما، وقد دلل الحكم المطعون فيه بأسباب مؤدية على اللدد في الخصومة وأن ذلك يمثل انحرافاً من الزوج وينطوي على مضارة للزوجة تبيح التطليق. ولا يعيب الحكم بعد ذلك ما تزيد به من اعتبار دعاوى الأحوال الشخصية التي أقامها الزوج من دواعي الإضرار إذ أنه إنما يستعمل برفعها حقاً خولته إياه الشريعة، طالما أقيم الحكم على دعامات أخرى متعددة كافية لحمله على ما سبق تفصيله ويكون النعي عليه بالخطأ في تطبيق القانون على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 3 لسنة 44 ق جلسة 3 / 12 / 1975 مكتب فني 26 ج 2 أحوال شخصية ق 289 ص 1544

جلسة 3 من ديسمبر سنة 1975

برياسة السيد المستشار محمد أسعد محمود، وعضوية السادة المستشارين: محمد محمد المهدي، وسعد الشاذلي، وحسن مهران حسن، ومحمد الباجوري.

--------------

(289)
 "الطعن رقم 3 لسنة 44 ق "أحوال شخصية

 (1)أحوال شخصية. إرث.
جدة المتوفى لأمه التي توفيت قبله. استحقاقها سدس تركته فرضاً. لا يحجبها عن ذلك وجود أب المتوفى.
 (2)إثبات "البينة".
شهادة القرابات بعضهم لبعض. مقبولة. الاستثناء. شهادة الأصل لفرعه والفرع لأصله.
 (3)نقض "السبب الجديد" إثبات "البينة".
الادعاء بقيام صلة مانعة من الشهادة. عدم جواز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.

-----------
1 - مؤدى نص المادتين 14/ 2، 25 من قانون المواريث رقم 77 لسنة 1943 أن الجدة الصحيحة، وهي التي لا يتوسط بينها وبين الميت جد غير صحيح، ترث السدس فرضاً تنفرد به الواحدة ويشترط فيه الأكثر من واحدة، وأن الأب عند وجوده يحجب والجدة لأب دون الجدة لأم أخذاً بالقاعدة الشرعية بأن من أدلى إلى الميت بوارث يحجب عند وجود هذا الوارث. وأم الأب قد أدلت بالأب ولكن أم الأم لم تدل به ومأخذ هذا النص المذهب الحنفي إذ كان ذلك، وكان يبين من الحكم المطعون فيه أن المطعون عليها جدة المتوفى لأمه التي توفيت قبله، فإنها ترث في تركته ولا يحجبها عن ذلك وجود الطاعن باعتباره أب المتوفى، وإذ التزم الحكم هذا النظر وقضى بتوريث المطعون عليها للسدس فرضاً في تركة المتوفى، فإنه يكون قد طبق القانون على وجهه الصحيح.
2 - لئن كان من الأصول المقررة شرعاً وجوب انتفاء التهمة عن الشاهد، فلا تقبل شهادة الأصل لفرعه والفرع لأصله سواء علا الأصل أو سفل، وسواء كان الأصل من جهة الأبوة أو الأمومة، أما فيما عدا ذلك من شهادة سائر القرابات بعضهم لبعض - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة (1) - فهي مقبولة. وإذ كان البين من حكم محكمة أول درجة أن الطاعن تمسك ببطلان شهادة أول شاهدي المطعون عليها تأسيساً على أنها جدة لزوجته وأن هذه الأخيرة من ورثتها فيعتبر أنه يشهد لزوجته، وكان الشاهد بهذه المثابة ليس من فروع المطعون عليها، فإنه لا تثريب على الاعتداد بشهادته.
3 - متى كانت الأوراق خالية مما يفيد تمسك الطاعن بقيام صلة مانعة من الشهادة أمام محكمة الموضوع، فلا يجوز له إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض لما يخالطه من واقع.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليها أقامت ضد الطاعن الدعوى رقم 113 سنة 1971 أحوال شخصية "نفس" أمام محكمة المنصورة الابتدائية طالبة الحكم بثبوت وفاة..... وأنها من ورثتها بصفتها أماً لها، ثم وفاة ابن بنتها المذكورة "......" وأنها من ورثته بصفتها جدته لأمه، وقالت بياناً لدعواها أنه بتاريخ 8/ 4/ 1970 توفى "........" وانحصر إرثه فيها باعتبارها جدته لأم وفي والده الطاعن، وإذ رفضت المحكمة المختصة إصدار إِشهاد شرعي بذلك تبعاً لمنازعة الطاعن في وراثتها للمتوفى فقد أقامت دعواها بالطلبات سالفة البيان، وبتاريخ 27/ 12/ 1972 حكمت المحكمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق لتثبت المطعون عليها وفاة المرحومة...... وأنها والدتها ومن ورثتها وتستحق في تركتها السدس فرضاً ثم وفاة المرحوم..... وأن المدعية جدته لأمه المتوفاة الأولى وأنها من ورثته وتستحق في تركته السدس فرضاً، وبعد سماع شهود الطرفين حكمت المحكمة بتاريخ 25/ 4/ 1973 بإثبات وفاة..... في 24/ 9/ 1957 وأن المطعون عليها من بين ورثتها الشرعيين بصفتها أمها وتستحق في تركتها السدس فرضاً، وبإثبات وفاة..... في 8/ 4/ 1970 وأن المطعون عليها من ورثته الشرعيين بصفتها جدته لأمه المتوفاة الأولى وتستحق في تركته السدس فرضاً. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 9 لسنة 1973 كلي المنصورة وبتاريخ 9/ 12/ 1973 قضت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة، وحددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب، ينعى الطاعن بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، وفي بيان ذلك يقول أن الحكم قضى بتوريث أم الأم من حفيدها حال وجود الأب، مع أنها محجوبة به عن الميراث على خلاف أحكام الشريعة الإسلامية والمادة 25 من قانون المواريث.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن النص في الفقرة الثانية من المادة 14 من قانون المواريث رقم 77 لسنة 1943 على أن "..... الجدة الصحيحة هي أم أحد الأبوين أو الجد الصحيح وإن علت. وللجدة أو الجدات السدس، ويقسم بينهن على السواء لا فرق بين ذات قرابة وذات قرابتين". وفي المادة 25 على أنه "تحجب الأم الجدة الصحيحة مطلقاً، وتحجب الجدة القريبة الجدة البعيدة، ويحجب الأب الجدة لأب، كما يحجب الجد الصحيح الجدة إذا كانت أصلاً له، يدل على أن الجدة الصحيحة وهي التي لا يتوسط بينها وبين الميت جد غير صحيح، ترث السدس فرضاً تنفرد به الواحدة ويشترك فيه الأكثر من واحدة، وأن الأب عند وجوده يحجب الجدة لأب دون الجدة لأم أخذاً بالقاعدة الشرعية بأن من أدلى إلى الميت بوارث يحجب عند وجود هذا الوارث، وأم الأب قد أدلت بالأب ولكن أم الأم لم تدل به ومأخذ هذا النص المذهب الحنفي". لما كان ذلك وكان يبين من الحكم المطعون فيه أن المطعون عليها جدة المتوفى...... لأمه التي توفيت قبله فإنها ترث في تركته ولا يحجبها عن ذلك وجود الطاعن باعتباره أب المتوفى، وإذ التزم الحكم هذا النظر وقضى بتوريث المطعون عليها للسدس فرضاً في تركة المتوفى فإنه يكون قد طبق القانون على وجهه الصحيح ويكون النعي في غير محله.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسببين الثاني والثالث الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول أن الحكم الابتدائي - المؤيد بالحكم المطعون فيه - استند في قضائه إلى أقوال شاهدين للمطعون عليها، مع أن شهادتهما غير مقبولة لأنهما من فروعها وذلك وفقاً لأرجح الأقوال في مذهب الحنفية.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه وإن كان من الأصول المقررة شرعاً وجوب انتفاء التهمة عن الشاهد، فلا تقبل شهادة الأصل لفرعه والفرع لأصله سواء علا الأصل أو سفل، وسواء كان الأصل من جهة الأبوة أو الأمومة، أما فيما عدا ذلك من شهادة سائر القرابات بعضهم لبعض - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - فهي مقبولة، ولما كان البين من حكم محكمة أول درجة أن الطاعن تمسك ببطلان شهادة أول شاهدي المطعون عليها تأسيساً على أنها جدة لزوجته وأن هذه الأخيرة من ورثتها فيعتبر أنه يشهد لزوجته، وكان الشاهد بهذه المثابة ليس من فروع المطعون عليها فإنه لا تثريب على الاعتداد بشهادته. أما بالنسبة للشاهد الثاني فإن الأوراق خالية مما يفيد تمسك الطاعن بقيام صلة مانعة من الشهادة أمام محكمة الموضوع فلا يجوز له إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض لما يخالطه من واقع ويكون النعي في هذا الخصوص غير مقبول.
وحيث إن حاصل السبب الرابع أن الدعوى ليست من قبيل الدعاوى المقبولة شرعاً والتي يجوز سماعها إذ أنها لا تنطبق على النصوص الفقهية.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أن الطاعن لم يبين في تقرير الطعن الأساس الذي يستند إليه لعدم سماع الدعوى وعدم قبولها مما يكون به النعي مجهلاً وبالتالي غير مقبول.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.


 (1) نقض 26/ 3/ 1975 مجموعة المكتب الفني السنة 26 ص.

الطعن 6 لسنة 46 ق جلسة 7 /12 / 1977 مكتب فني 28 ج 2 أحوال شخصية ق 302 ص 1764

جلسة 7 من ديسمبر سنة 1977

برئاسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة : محمد أسعد محمود وعضوية السادة المستشارين: محمد محمد المهدى، والدكتور عبد الرحمن عياد، وصلاح نصار، وأحمد وهدان.

--------------

(302)
الطعن رقم 6 لسنة 46 ق " أحوال شخصية"

أحوال شخصية " الزواج " إثبات " البينة ".
الشهادة على الزواج في المذهب الحنفي. شرط صحتها. الاختلاف في زمان ومكان النكاح. مانع من قبولها. العبرة في ذلك بالمعنى دون اللفظ.

--------------
المقرر في الفقه الحنفي الواجب الإتباع أنه يشترط لصحة الشهادة عدم الاختلاف فيها متى كان المشهود به قولاً ملحقاً بالفعل، من قبيل النكاح، لأنه وان كان عبارة عن إيجاب وقبول وهما قولان، إلا أنه يشترط لصحته حضور شاهدين وهو فعل، فالحق بالفعل. ولئن كان اختلاف الشاهدين في زمان النكاح ومكانه يعتبر مانعاً في الأصل من قبول الشهادة والاعتداد بها، إلا أن العبرة في الأخذ بالشهادة أو إطراحها هو بالمعنى لا باللفظ فليس بشرط أن يحدد الشاهدان الزمان أو المكان في ألفاظ واحدة، بل يكفى أن تتطابق جماع أقوالهما على أنها تنصب على واقعة بعينها وأن تنصرف الشهادتان وبما لا يوجب خللا في المعنى إلى ذات الزمان والمكان ، ولما كان ما شهد به الشاهدان يؤدى بصريح لفاظه إلى تطابق شهادتهما على قيام فراش صحيح بين الطاعن والمطعون عليه في شهر يوليو 1969 ولا يؤثر ما قرره أولهما من تحديد يومه وإغفال الثاني هذا التحديد طالما توافقت أقوالهما على حصول العقد بمجلس بعينه، والبين من سياق ما ورد على لسان الشاهد الثاني بشأن تحديد الساعة السابعة والنصف مساء أنه كان يعنى وقت ذهابه إلى منزل المطعون عليها، وليس فيه ما يشير إلى أنه يقصد بقالته تلك تحديد وقت إجراء العقد، ومن ثم فلا تعارض بين هذا الذي ذكره وما قرره الشاهد الأول من أن الطاعن حضر إلى منزل المطعون عليها يومئذ الساعة الثامنة والنصف مساء. لما كان ما تقدم فإنه لا يكون هناك اختلاف بين الشاهدين في زمان أو مكان المشهود به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليها أقامت الدعوى رقم 41 سنة 1971 " أحوال شخصية" " نفس " ضد الطاعن أمام محكمة سوهاج الابتدائية طالبة الحكم بثبوت نسب الولد "...." إليه، وقالت بياناً لدعواها أنها تزوجته زواجا شرعيا دون وثيقة مكتوبة في شهر يوليو سنة 1969، ودخل بها وعاشرها معاشرة الأزواج، ولما أحست الحمل طالبته بتوثيق هذا الزواج فامتنع، وقدمت شكوى في حقه مدعية أنه هتك عرضها مما اضطره لتوثيق عقد زواجهما أمام النيابة بتاريخ 15/ 1/ 1970، وإذ وضعت حملها الذي انفصل عن الولد "..." في 12/ 4/ 1970 وأنكر الطاعن نسبه إليه، فقد أقامت الدعوى. وبتاريخ 18/ 3/ 1973 حكمت المحكمة بعدم سماع الدعوى. استأنفت المطعون عليها هذا الحكم بالاستئناف رقم 2 سنة 1973 " 48 ق " نفس سوهاج " طالبة إلغاءه. وبتاريخ 3/ 12/ 1974 حكمت محكة الاستئناف بإحالة الدعوى للتحقيق لتثبت المطعون عليها أنها تزوجت بالطاعن في يوليو سنة 1969 بعقد عرفى وأنه دخل بها وعاشرها ورزقت منه على فراش الزوجية بابنها "..." ، وبعد سماع شاهديها عادت وحكمت في 6/ 1/ 1976 بإلغاء الحكم المستأنف وبإثبات نسب الولد "..." ابن المطعون عليها إلى أبيه الطاعن. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأته جديراً بالنظر، وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن بنى على ثلاثة أسباب، ينعى الطاعن بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفى بيان ذلك يقول إن الحكم استند في قضائه إلى شهادة شاهدي المطعون عليها رغم اختلافهما في زمان عقد الزواج العرفي المدعى بحصوله، فبينما يذكر أحدهما أن الزواج كان الساعة الثامنة والنصف مساء يوم 28 يوليو سنة 1969 فقد قرر ثانيهما أنه كان في تمام السابعة والنصف مساء يوم لم يحدده خلال هذا الشهر. في حين أن المقرر في الفقه الحنفي الواجب التطبيق أن اختلاف الشاهدين في بيان زمان عقد النكاح يمنع قبول الشهادة، وإذ اعتد الحكم على هذه الشاهدة وهى على هذه الشهادة وهى على هذا الاختلاف في زمان العقد فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن النعي مردود، ذلك أن المقرر في الفقه الحنفي الواجب الإتباع إنه يشترط لصحة الشهادة عدم الاختلاف فيها متى كان المشهود به قولاً ملحقاً بالفعل، من قبيل النكاح، لأنه وإن كان عبارة عن إيجاب وقبول وهما قولان، إلا أنه يشترط لصحته حضور شاهدين وهو فعل، فالحق بالفعل. ولئن كان اختلاف الشاهدين في زمان النكاح يعتبر مانعاً في الأصل من قبول الشهادة والاعتداد بها، إلا أن العبرة في الأخذ بالشهادة أو إطراحها هو بالمعنى لا باللفظ فليس بشرط أن يحدد الشاهدان الزمان أو المكان في ألفاظ واحدة، بل يكفى أن تتطابق جماع أقوالهما على إنها تنصب على واقعة بعينها، وأن تنصرف إلى الشهادتان وبما لا يوجب خللا في المعنى إلى ذات الزمان والمكان. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أورد في هذا الخصوص قوله ".... بجلسة 3/ 3/ 1975 سمعت المحكمة أقوال شاهد المستأنفة - المطعون عليها - الأول، .... وقال أن صلته بالمستأنفة بنت عمه وإنه يعرف المستأنف عليه - وكان حاضراً من إجازة من السويس، وانتظر قليلاً عندها وطرق على الباب ..... ومعه ثلاثة أنفار منهم مقرئ واثنين آخرين لا يعرف أسماءهم وأخبره أحدهما أنه يشتغل بالبنك والثاني موظف بالتأمينات وكان حوالى الساعة الثامنة والنصف مساء وقرأ المقرئ آيات الذكر الحكيم كما ذكر عبارات وعظ ثم عرض علينا المقرئ زواج .... بـ ..... وكان والدها موجوداً بالمجلس وهو ضرير. وكان يصحبني في وقت ذهابي .... وأنا وافقت على الزواج ووالدها وافق على الزواج .... وقرأ الفقيه عبارات لا يذكرها وهو كتب عليها وعقد عليها بعقد عرفي شفاها ثم كتب ورقة بالعقد، وقد شهدت أنا ..... ووقعنا على عقد الكتابة والمقرئ أجرى العقد وباركه ونحن باركنا وراءه وبعدين خذها ومشى على أخميم وأن ذلك كان في بيت .... في عمارة المغتربين بالدور الثاني عمارات سكنية شرق البحر..." وبجلسة 5/ 4/ 1975 سمعت المحكمة أقوال شاهد المستأنفة توحيد أحمد حسنى فقرر أنه يعرف الطرفين للجوار وشهد بأنه في شهر يوليو سنة 1969 دعى لحضور ختم قرآن في منزل .... بمدينة ناصر وذهب إلى هذا الختم الساعة السابعة والنصف مساء ولقى .... وكان المقرئ الذي يتلو القرآن موجوداً وكان يحضر هذا المجلس نحو سبعة أفراد، وبعد تلاوة القرآن قرئت الفاتحة وتم زواج ..... بمحرر عرفي ....." فإن ما شهد به الشاهدان يؤدى بصريح لفظه إلى تطابق شهادتهما على قيام فراش جمع بين الطاعن والمطعون عليها في شهر يوليو سنة 1969، ولا يؤثر ما قرره أولهما من تحديد يومه وإغفال الثاني هذا التحديد طالما توافقت أقوالهما على حصول العقد بمجلس بعينه، والبين من سياق ما ورد على لسان الشاهد الثاني بشأن تحديد الساعة السابعة والنصف مساء أنه كان يعنى وقت ذهابه إلى منزل المطعون عليها، وليس فيه ما يشير إلى أنه كان يقصد بقالته تلك تحديد وقت إجراء العقد، ومن ثم فلا تعارض بين هذا الذي ذكره وما قرره الشاهد الأول من أن الطاعن حضر إلى منزل المطعون عليها يومئذ الساعة الثامنة والنصف مساء. لما كان ما تقدم، فإنه لا يكون هناك اختلاف بين الشاهدين في زمان أو مكان الشهود به، ويكون النعى غير سديد.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسببين الثاني والثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة الثابت بالأوراق والفساد في الاستدلال من وجهين (أولهما) أن الحكم استند في قضائه إلى أن الطاعن اعترف في محضر الشكوى بعلاقته بالمطعون عليها ودخولها في منزله، وأنه أقدم على زواجها برضاه وهو يعلم أنها حامل في الشهر السادس بما يدل على سبق المعاشرة بينهما وأن هذه المعاشرة كانت بزواج شرعي صحيح على ما ثبت من أقوال شاهديها، في حين أن المطعون عليها قررت في شكواها للشرطة أن الطاعن اغتصبها كرهاً عنها بعد أن قدم لها مادة أفقدتها الوعى، وأنها حملت بالصغير من هذا الوقاع، بما مفاده أنه ولد من سفاح فلا يثبت نسبه. وثانيهما أن الحكم أورد بأسبابه أنه ليس في دعوى النفقة المضمومة ولا في محضر الشكوى الإدارية والدعوى الماثلة اعتراف منها بأنها حملت من سفاح، مع أنها أقرت أمام المأذون في إشهاد الطلاق بأنه لم يتم بينها وبين الطاعن دخول أو خلوه. وهو ما يعيب الحكم بمخالفة الثابت بالأوراق والفساد في الاستدلال.
وحيث إن النعي مردود في (الوجه الأول) بأنه لما كان من الأصول المقررة في الشريعة الإسلامية - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن الولد للفراش وفرع الفقهاء على هذا الأصل أن النسب يثبت بالفراش الصحيح وهو الزواج الصحيح وما يلحق به، وكان الثابت أن الحكم المطعون فيه أحال الدعوى إلى التحقيق لتثبت المطعون عليها بكافة طرق الإثبات القانونية بما فيها البينة أنها تزوجت الطاعن بعقد عرفي في يوليو سنة 1969 ودخل بها ورزقت منه على فراش الزوجية بأبنها "......."، ثم أقام قضاءه بثبوت نسب الولد للطاعن بما لمحكمة الموضوع من سلطة الترجيح بين البينات واستظهار واقع الحال في الدعوى على ما حصله من أقوال شاهدي المطعون عليها من أن معاشرتها للطاعن كانت بناء على زواج شرعي صحيح ثبت بالبينة الشرعية فإن النعي عليه بما جاء بهذا الوجه لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل مما لا يقبل إثارته أمام محكمة النقض. والنعي مردود في (الوجه الثاني) منه بأنه لما كان الحكم المطعون فيه أقام قضاءه على البينة الشرعية وكانت هذه الدعامة كافية لحمل قضائه فإنه لا يعيبه ما استطرد إليه في شأن ما قررته المطعون عليها - بفرض صحته - بما جاء بهذا الوجه وأياً كان وجه الرأي فيه لأنه لا يكون غير منتج ولا جدوى فيه، ومن ثم فهو غير مقبول.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 12 لسنة 46 ق جلسة 10 / 5 / 1978 مكتب فني 29 ج 1 أحوال شخصية ق 239 ص 1217

جلسة 10 من مايو سنة 1978

برئاسة السيد المستشار محمد أسعد محمود نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: الدكتور إبراهيم صالح، محمد الباجوري، محمد رمضان وإبراهيم فراج.

---------------

(239)
الطعن رقم 12 لسنة 46 ق "أحوال شخصية"

(1، 2) أحوال شخصية "الطلاق" إثبات "البينة"
(1) الشهادة في اصطلاح الفقهاء. ماهيتها. إجازة الشهادة بالتسامع في المذهب الحنفي في أحوال معينة ليس من بينها ثبوت أو نفي الضرر المبيح للتطليق.
 (2)الضرر الذي لا يستطاع معه دوام العشرة بين الزوجين. معيار شخصي. لمحكمة الموضوع سلطة تقديره. لا يشترط أن تكون الحالة ميئوساً منها.
 (3)إثبات "القرائن" "البينة". "أحوال شخصية".
جواز الإثبات بالقرائن في الفقه الحنفي. من القرائن ما هو أقوى من البينة والإقرار. القرينة القاطعة. ماهيتها.
 (4)أحوال شخصية "الطلاق". دعوى. حكم "حجية"
إقرار الزوجة في دعوى الطاعة باستعدادها للإقامة مع زوجها. ليس حجة عليها في دعوى التطليق المقامة منها ضده ولا تكشف عن عدم استحالة العشرة بينهما.

---------------
1 - الشهادة في اصطلاح الفقهاء - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هي إخبار صادق في مجلس الحكم بلفظ الشهادة لإثبات حق على الغير، والأصل فيها إنه لا يجوز للشاهد أن يشهد بشيء لم يعاينه بالعين أو بالسماع بنفسه، واستثنى فقهاء الحنفية من هذا الأصل مواضع أجازوا فيها الشهادة بالتسامع استحساناً ليس من بينهما ثبوت أو نفي الضرر المبيح للتطليق.
2 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أن معيار الضرر الذي لا يستطاع معه دوام العشرة بين الزوجين في معنى المادة السادسة من القانون رقم 25 لسنة 1929 معيار شخصي وليس مادياً، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد استخلص قيام حالة الشقاق بين الزوجين وأنه لا يرجى زوالها بأسباب مؤدية لها مأخذها، واستقاها من فارق السن بينهما ومن مركزها الاجتماعي دون تحقق الضرر بإيذاء الزوج زوجته بالقول وبالفعل بما لا يليق بأمثالها وهو ما تستقل به محكمة الموضوع طالما كان استخلاصها سائغاً، فإن ما يسوقه الطاعن من استلزام أن تكون الحالة ميئوساً منها لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل غير مقبول.
3 - من المقرر في قضاء هذه المحكمة - أن من القرائن ما نص عليه الشارع أو استنبطه الفقهاء باجتهادهم ومنها ما يستنبطه القاضي من دلائل الحال وشواهده، وكتب الحنفية مملوءة باعتبار القرائن في مواضع كثيرة، اعتباراً بأن القضاء "فهم"، ومن القرائن القاطعة ما لا يسوغ تعطيل شهادته إذ منها ما هو أقوى من البينة والإقرار وهما خبران يتطرق إليهما الكذب والصدق، إلا أنه لما كانت القرينة القاطعة هي ما يستخلصه المشرع أو القاضي من أمر معلوم للدلالة على أمر مجهول، وهي أمارة ظاهرة تفيد العلم عن طريق الاستنتاج بما لا يقبل شكاً أو احتمالاً، وهي بهذه المثابة تغني عن المشاهدة.
4 - المناط في دعوى الطاعة هو هجر الزوجة زوجها وإخلالها بواجب الإقامة المشتركة والقرار في منزل الزوجية، وسبب وجوب نفقة الزوجة ما يترتب على الزوجية الصحيحة من حق الزوج في احتباس الزوجة لأجله ودخولها طاعته، فإذا فوتته المرأة على الرجل بغير حق فلا نفقة لها وتعد ناشزاً، لما كان ذلك وكان يشترط لصحة الإقرار شرعياً وجوب أن يفيد ثبوت الحق المقر به على سبيل اليقين والجزم، فلو شابته مظنة أو أعتوره شك في بواعث صدوره فلا يؤاخذ به صاحبه، ولا يعتبر من قبيل الإقرار بمعناه، لما كان ما تقدم وكان ما صرحت به المطعون عليها في دعوى الطاعة المرددة بينها وبين الطاعن من إبداء استعدادها للإقامة مع وزجها في المسكن الشرعي الذي يعده، قد يحمل على استهدافها أن تدرأ عن نفسها وصف النشوز وبالتالي الحرمان من النفقة، وهو بهذه المثابة ليس إلا وسيلة دفاع تفرضها طبيعة الدعوى التي صدر فيها، ولا يدل بذاته على أن العشرة بينها وبين زوجها ليست مستحيلة، ولا ينطوي على إقرار بذلك تؤخذ بآصرته، فلا على الحكم إن هو التفت عما يتمسك به الطاعن في هذا الخصوص.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليها أقامت الدعوى رقم....... أحوال شخصية "نفس" أمام محكمة الجيزة الابتدائية ضد الطاعن طالبة الحكم بتطليقها منه طلقة بائنة للضرر. وقالت تبياناً لدعواها أنها زوجة الطاعن بمقتضي عقد صحيح شرعي مؤرخ 1/ 6/ 1965، ولا تزال على عصمته وفي طاعته، وقد تركت عملها حرصاً منها على مرضاته. وإذ سامها أنواعاً من المضارة ضرباً وسباً، وامتنع عن الإنفاق عليها، وتزايد إيذاؤه أثر ما انتابه من عجز جنسي صاحبه جنون الغيرة بسبب فارق السن بينهما، فقد أقامت الدعوى. وبتاريخ 24/ 11/ 1974 حكمت المحكمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق لتثبت المطعون عليها أن الطاعن يضربها ويؤذيها بما يتجاوز حد التأديب وبما لا يستطاع معه دوام العشرة بين أمثالهما، وبعد سماع شهود الطرفين عادت وبتاريخ 29/ 6/ 1975 فحكمت برفض الدعوى. استأنفت المطعون عليها هذا الحكم بالاستئناف رقم....... أحوال شخصية القاهرة طالبة القضاء لها بطلباتها، وبتاريخ 4/ 4/ 1976 قضت محكمة الاستئناف بتطليق المطعون عليها على زوجها الطاعن. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أيدت فيها الرأي برفض الطعن. عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر، وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب، ينعى الطاعن بالسببين الأول والرابع منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، وفي بيان ذلك يقول أن الحكم أقام قضاءه بالتطليق على سند من أقوال شاهدي المطعون عليها، في حين إنها شهادة سماعية نقلاً عمن أشهدتهما، فكانت المطعون عليها مصدر الدعوى ودليلها، وسيقت هذه الشهادة في موضع لا تقبل فيه شرعاً مما يبطلها، لأن شهادة السماع وردت على سبيل الاستثناء الذي يقتصر على موضع النعي ولا يقاس عليه غيره، هذا إلى أن المادة السادسة من القانون رقم 25 لسنة 1929 لا تجيز الحكم بالتطليق إلا في الحالات الميئوس منها، والتي لا يستطيع فيها الزوجان أن يقيما حدود الله، الأمر المفتقد في واقع الدعوى، إذ لم يضر الطاعن زوجته بل كان يحسن معاملتها وينفق عليها حتى بعد تردد الخصومات بينهما، وهو ما يعيب الحكم بمخالفة القانون.
وحيث إن النعي مردود، ذلك أنه وإن كانت الشهادة في اصطلاح الفقهاء وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هي إخبار صادق في مجلس الحكم بلفظ الشهادة لإثبات حق على الغير، ولئن كان الأصل فيها أنه لا يجوز للشاهد أن يشهد بشيء لم يعاينه بالعين أو بالسماع بنفسه، ولئن استثنى فقهاء الحنفية من هذا الأصل مواضع أجازو فيها الشهادة بالتسامع استحساناً ليس من بينها ثبوت أو نفي الضرر المبيح للتطليق، إلا أنه لما كان الطاعن لم يقدم صورة رسمية من محضر التحقيق الذي أجرته محكمة أول درجة، والذي بنى الحكم المطعون فيه قضاؤها على أقوال الشهود فيه، كي تستطيع محكمة النقض مراقبة مدى ما يثيره بسبب النعي خاصاً بشهادة السماع، وكان البين من أسباب الحكم المطعون فيه فيما نقله عن أقوال شاهدي المطعون عليها أنها ليست شهادة سماع، بل أنهما قررا بحصول اعتداء من الطاعن على المطعون عليها بالضرب في المجلس العائلي الذي عقد لمحاولة الإصلاح بين الزوجين عن مشاهدة وعيان، وتكون أقوالهما بهذه المثابة صحيحة ومقبولة شرعاً، إذ قامت على أصل الضرر، وبرئت من شبهة التسامع، ويكون النعي في هذا الخصوص وارد على غير محل. لما كان ذلك وكان لا يعيب الحكم ما استطرد إليه من حديث عن شهادة التسامع ومدى اعتبارها من الأدلة، وهو في معرض الرد على ما أثاره الطاعن خاصاً بها، لأن هذا الحديث - أياً كان وجه الرأي فيه - لم يكن لازماً لحمل قضائه. لما كان ما تقدم وكان المقرر في قضاء هذه المحكمة أن معيار الضرر الذي لا يستطاع معه دوام العشرة بين الزوجين في معنى المادة السادسة من القانون رقم 25 لسنة 1929 معيار شخصي وليس مادياً، وكان الحكم المطعون فيه قد استخلص قيام حالة الشقاق بين الزوجين وأنه لا يرجى زوالها بأسباب مؤدية لها مأخذها واستقاها من فارق السن بينهما ومن مركزها الاجتماعي، ومن تحقق الضرر بإيذاء الزوج زوجته بالقول وبالفعل بما لا يليق بأمثالها، وهو ما تستقل به محكمة الموضوع طالما كان استخلاصها سائغاً، فإن ما يسوقه الطاعن من استلزام أن تكون الحالة ميئوس منها لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل غير مقبول، ويكون النعي على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، وفي بيان ذلك يقول أن الحكم أهدر دلالة القرينة القاطعة التي استنبطها الحكم الابتدائي من خلو أوراق الدعوى من دليل مادي يؤازرها وقضى لذلك برفضها، في حين أن القرينة القاطعة من الأدلة الشرعية في فقه المذهب الحنفي، مما يعيب الحكم بمخالفة القانون.
وحيث إن النعي مردود، ذلك أنه وإن كان من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن من القرائن ما نص عليه الشارع أو استنبطه الفقهاء باجتهادهم ومنها ما يستنبطه القاضي من دلائل الحال وشواهده، وكتب الحنفية مملوءة باعتبار القرائن في مواضع كثيرة، اعتباراً بأن القضاء "فهم" ومن القرائن القاطعة ما لا يسوغ تعطيل شهادته إذ منها ما هو أقوى من البينة والإقرار وهما خبران يتطرق إليهما الصدق والكذب، إلا أنه لما كانت القرينة القاطعة هي ما يستخلصه المشرع أو القاضي من أمر معلوم للدلالة على أمر مجهول، وهي أمارة ظاهرة تفيد العلم عن طريق الاستنتاج بما لا يقبل شكاً أو احتمالاً، وهي بهذه المثابة تغنى عن المشاهدة، وكان ما ساقه حكم محكمة أول درجة من أن شهود المطعون عليها لم يبينوا واقعة محددة لاعتداء الطاعن عليها لم يكن من قبيل استخلاص القرينة بل هو تقدير لأقوال الشهود، وكانت محكمة الدرجة الثانية ليست ملزمة إذا هي ألغت الحكم الابتدائي بالرد على جميع ما ورد به ما دامت أسبابها كافية لحمل قضائها، وحسبما أن تورد الدليل السائغ لما قضت به، وكانت محكمة الاستئناف قد اعتمدت أقوال هؤلاء الشهود نتيجة اطمئنانها إليها وبمقتضى سلطتها في الترجيح بين البينات، فإن النعي يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، وفي بيان ذلك يقول أن المطعون عليها أقرت في دعوى الطاعة المقامة عليها باستعدادها للإقامة معه، مما يدل على أن العشرة بينهما ليست مستحيلة، وقد أغفل الحكم المطعون فيه دلالة هذا الإقرار فيكون قد خالف القانون.
وحيث إن النعي مردود، ذلك أنه لما كان المناط في دعوى الطاعة هو هجر الزوجة زوجها وإخلالها بواجب الإقامة المشتركة والقرار في منزل الزوجية، وكان سبب وجوب نفقة الزوجة ما يترتب على الزوجية الصحيحة من حق الزوج في احتباس الزوجة لأجله ودخولها طاعته، فإذا فوتته المرأة على الرجل بغير حق فلا نفقة لها وتعد ناشزاً. لما كان ذلك وكان يشترط لصحة الإقرار شرعاً وجوب أن يفيد ثبوت الحق المقر به على سبيل اليقين والجزم فلو شابته مظنة أو اعتوره شك في بواعث صدوره فلا يؤاخذ به صاحبه، ولا يعتبر من قبيل الإقرار بمعناه، لما كان ما تقدم وكان ما صرحت به المطعون عليها في دعوى الطاعة المرددة بينها وبين الطاعن من إبداء استعدادها للإقامة مع وزجها في المسكن الشرعي الذي يعده، قد يحمل على استهدافها أن تدرأ عن نفسها وصف النشوز وبالتالي الحرمان من النفقة، وهو بهذه المثابة ليس إلا وسيلة دفاع تفرضها طبيعة الدعوى التي صدر فيها لا يدل بذاته على أن العشرة بينها وبين زوجها ليست مستحيلة، ولا ينطوي على إقرار بذلك تؤخذ بآصرته، ولا على الحكم إن هو التفت عما يتمسك به الطاعن في ذلك الخصوص، ويكون النعي على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 8905 لسنة 66 ق جلسة 17 /10 / 2020 م

باسم الشعب

محكمـة النقـض

الدائرة المدنية

دائرة السبت ( ب ) المدنية

ــــــــــــــ

برئاسة السيد القاضي  /  عبد الله لبيب خلف           نـائب رئـــيـس الــمحكمــــة

وعضوية السادة القضـاة / شريف فؤاد العشـري        ،       جمال فؤاد أبو كريشـة

                          نور الدين عبد الله جامـع    و     محمد أمين عبد النبي

                                             " نواب رئيس المحكمـة "

وبحضور السيد رئيس النيابة / مصطفى فاروق .

وأمين السر السيـد / محمد فرج .

في الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالي بمدينة القاهرة .

في يوم السبت 30 من صفر سنة 1442 هـ الموافق 17 من أكتوبر سنة 2020 م .

أصدرت الحكم الآتي :

في الطعن المقيد في جدول المحكمة برقم 8905 لسنة 66 ق .

المــــــرفــــــــوع مــــن

............المقيم ..... قسم الدقي ـــــ بالجيزة . لم يحضر أحد .

ضــــــــــــــــــــــد

............ المقيمون .... ـــــ قسم النزهة ــــ القاهرة .

لم يحضر أحد .

" الوقــــــائــع "

في يـوم 3/9/1996 طُعِـن بطريق النقـض في حكـم محكمـة استئناف القاهرة الصـادر بتاريخ 11/7/1996 في الاستئناف رقم 12154 لسنة 112 ق وذلك بصحيفة طلب فيها الطاعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه .

وفي نفس اليوم أودع وكيل الطاعن مذكرة شارحة وحافظة بمستندات .

وفي 7/9/1996 أعلنت المطعون ضدها الخامسة بصحيفة الطعن .

وفي 18/9/1996 أعلن المطعون ضدهم من الثاني حتى الرابعة بصحيفة الطعن .

وفي 24/9/1996 أعلن المطعون ضده السابع بصحيفة الطعن .

وفي 17/4/2003 أعلن المطعون ضده السادس بصحيفة الطعن .

ثم أودعت النيابة مذكرتها وطلبت فيها قبول الطعن شكلا وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه .

وبجلسة 19/1/2019 عُرِض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر فحددت جلسة لنظره .

وبجلسة 6/7/2019 سُمعت الدعوى أمام هذه الدائرة على ما هو مبين بمحضر الجلسة حيث صممت النيابة العامة على ما جاء بمذكـرتها ، والمحكمة أرجأت إصدار الحكم لجلسة اليوم .

--------------

المحكمــــة

بعد الاطلاع على الأوراق ، وسماع التقريـر الذي تـلاه السيد القاضي المقرر/ نور الدين عبد الله جامع " نائب رئيس المحكمة " ، والمرافعة ، وبعد المداولـة .

       حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية .

       وحيث إن الوقائع ـــــ على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل وبالقدر اللازم للفصل فيها ـــــ بأن الطاعن والمطعون ضدهما السادس والسابع أقاموا ضد المطعون ضدهم من الأول إلى الخامسة الدعوى رقم 12494 لسنة 1991 مدني أمام محكمة شمال القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بصحة ونفاذ وصية المرحوم / ..... المؤرخة في 4/6/1990 مع تحديد نصيب كل وارث وكل موصي له في ضوء الوصية التي تركها المتوفى ، وقال بيانًا لذلك إن الوصية محل التداعي قيدت بسجلات اسكوتلندا ومصدق عليها من الخارجية البريطانية والقنصلية المصرية بالخارجية وأنها تضمنت الإيصاء للطاعن والمطعون ضدهما السادس والسابع . حكمت المحكمة بجلسة 30/4/1995 بصحة ونفاذ الوصية المذكورة لتوافر الشرائط القانونية للوصية . استأنف المطعون ضدهم من الأول إلى الخامسة الحكم بالاستئناف رقم 12154 لسنة 112 ق . القاهرة ، وبجلسة11/7/1996 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجددًا ببطلان الوصية المؤرخة 4/6/1990 . طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض ، وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه ، وإذ عُرض الطعن على هذه المحكمة ـــــ في غرفة مشورة ــــ حددت جلسة لنظره ، وفيها التزمت النيابة رأيها .

      وحيث إنه لما كان من المقررـــــ في قضاء هذه المحكمة ـــــ أن المشرع قد أوجب على النيابة العامة بموجب المادة الأولى من القانون 628 لسنة 1955 ببعض الإجراءات في قضايا الأحوال الشخصية والوقف أن تتدخل في الدعوى ورتب البطلان على مخالفة ذلك وهو بطلان متعلق بالنظام العام يجوز الدفع به في أية مرحلة كانت عليها الدعوى ، وكان لمحكمة النقض أن تثيره من تلقاء نفسها يستوي في ذلك أن تكون الدعوى قد رفعت أصلاً باعتبارها من دعاوى الأحوال الشخصية أو أن تكون قد رفعت بوصفها دعوى مدنية وأثيرت فيها مسألة أولية متعلقة بالأحوال الشخصية . لما كان ذلك ، وكان موضوع الدعوى الماثلة هو صحة ونفاذ وصية ، ومن ثم فإنها تعتبر من دعاوى الأحوال الشخصية ، التي أوجب المشرع على النيابة العامة أن تتدخل فيها بموجب نص المادة الأولى من القانون الأول سالف البيان المتعلق ببعض الإجراءات في قضايا الأحوال الشخصية والوقف ، وإذ رتب المشرع على عدم تدخل النيابة في تلك الدعاوى بطلان الحكم وهو إجراء يتعلق بالنظام العام ، وإذ كان الثابت من تلك المدونات أن النيابة العامة لم تتدخل في الدعوى إلى أن صدر فيها الحكم المطعون فيه ، ومن ثم يكون هذا الحكم قد وقع باطلاً بما يوجب نقضه دون ما حاجة للنظر إلى الأسباب التي أقيم عليها الطعن ، على أن يكون مع النقض الإحالة .

        وحيث إن النص في المادة 3/1 من قانون 10 لسنة 2004 بإنشاء محاكم الأسرة على أنه      " تختص محاكم الأسرة دون غيرها ، بنظر جميع مسائل الأحوال الشخصية ، التي ينعقد الاختصاص بها للمحاكم الجزئية والابتدائية ، طبقًا لأحكام قانون تنظيم بعض أوضاع وإجراءات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية الصادر بالقانون رقم 1 لسنة 2000 " وأن النص في المادة 10/1 من القانون الأخير على أنه : تختص المحكمة الابتدائية بنظر دعاوى الأحوال الشخصية التي لا تدخل في اختصاص المحكمة الجزئية ، ودعاوى الوقف وشروطه والاستحقاق فيه والتصرفات الواردة عليه ، وأن النص في المادة الأولى من مواد إصدار قانون الوصية رقم 71 لسنة 1946 على أنه : " يعمل في المسائل والمنازعات المتعلقة بالوصية بالأحكام المرافقة لهذا القانون " ، وأفصحت المذكرة الإيضاحية لهذا   القانون ، بأنه في الأحوال التي لا يوجد لها حكم فيه ، تطبق المحاكم القول الأرجح من مذهب الإمام أبي حنيفة ، طبقًا للمادة 280 من لائحة المحاكم الشرعية ، الصادر بها القانون رقم 78 لسنة 1931 ، وأن النص في المادة 25 من هذه اللائحة ، على أنه " ترفع الدعاوى في مواد إثبات الوراثة والإيصاء والوصية ، أمام المحكمة التي في دائرتها أعيان التركة كلها أو بعضها الأكبر قيمة ، أو أمام المحكمة التي في دائرتها محل إقامة المدعى عليه " ، مفاد هذه النصوص مجتمعة ، أن الوصية تعد إحدى مسائل الأحوال الشخصية ، التي كان ينعقد الاختصاص بنظر المنازعات المتعلقة بها ، في ظل القانون رقم 78 لسنة 1931 بإصدار اللائحة الشرعية ، للمحاكم الشرعية قبل إلغائها بالقانون رقم 462 لسنة 1955، وعلى أثر هذا الإلغاء ، أصبح هذا الاختصاص منعقدًا للمحاكم الوطنية ، كغيرها من المنازعات الأخرى ، وظل هذا الاختصاص كذلك ، حتى بعد إلغاء اللائحة الشرعية سالفة الذكر، بالقانون رقم 1 لسنة 2000 بإجراءات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية ، الذي أبقى عليه كما هو، ولكن بصدور القانون رقم 10 لسنة 2004 بإنشاء محكمة الأسرة ، الذي قصر هذا الاختصاص على محكمة الأسرة دون غيرها ، ومن ثم أصبح اختصاصًا نوعيًا لهذه المحكمة ، وطبقًا للمادة 109 من قانون المرافعات يعد متعلقًا بالنظام العام ، وتحكم به المحكمة من تلقاء نفسها .

        وحيث إن الاستئناف من حيث الاختصاص صالح للفصل فيه ، ولما تقدم ، وكان الحكم الاستئنافي صادرًا من محكمة استئناف القاهرة في إحدى مسائل الأحوال الشخصية ، فإن الاختصاص بنظر الاستئناف بعد الإحالة ينعقد للدائرة الاستئنافية بمحكمة شمال القاهرة الابتدائية لشئون الأسرة .  

لذلــــــــــــــــــــك

نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه وألزمت المطعون ضدهم المصاريف ، ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة ، وحكمت في الاستئناف رقم 12154 لسنة 112 ق استئناف القاهرة بعدم اختصاص المحكمة نوعيًا بنظر الدعوى ، وإحالتها إلى الدائرة الاستئنافية بمحكمة شمال القاهرة الابتدائية لشئون الأسرة ، وأبقت الفصل في المصاريف .

الطعن 27 لسنة 46 ق جلسة 31 / 5 / 1978 مكتب فني 29 ج 2 أحوال شخصية ق 268 ص 1383

جلسة 31 من مايو سنة 1978

برئاسة السيد المستشار محمد أسعد محمود نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: الدكتور إبراهيم صالح، صلاح نصار، محمود رمضان وإبراهيم فراج.

---------------

(268)
الطعن رقم 27 لسنة 46 ق "أحوال شخصية"

 (4 - 1)أحوال شخصية "إرث". إثبات "البينة".
(1) الشهادة في اصطلاح الفقهاء. ماهيتها.
 (2)تقديم الشهادة بلفظ أشهد ". لازم عند الحنفية. غير واجب في القانون الوضعي. وجوب أعمال المادة 86 إثبات.
(3) الشهادة على الإرث. ختمها بعبارة "إلا وارث له سوى ما ذكر "أو" لا أعلم له وارثاً غيره. ليس شرطاً لصحتها. وجوبها عند بعض الفقهاء كشرط لتريث القاضي في قضائه حال عدم حضور الشاهد الإرث بنفسه.
 (4)شهادة الفرع للأصل أو الأصل للفرع. غير مقبول شرعاً.

-------------
1 - المستقر في قضاء هذه المحكمة أن الشهادة في اصطلاح الفقهاء هي إخبار صادق في مجلس الحكم بلفظ الشهادة لإثبات حق على الغير، فخرج بذلك الإخبار الكاذب والإخبار الصادق في غير مجلس الحكم أو الخالي من ذكر الشهادة.
2 - لئن كان المأثور عند الأحناف وجوب أن يقدم الشاهد قوله بلفظ أشهد بالمضارع، فلا تقبل الشهادة بدونه وأن اشتملت على ما يفيد العلم واليقين، اعتباراً بأنه ركن في الشهادة على قول، أو مجرد شرط عام في كل ما يشهد به أمام القاضي في قول آخر هو الراجح، إلا أنه لما كانت العلة في إيثار هذا اللفظ في مذهب الحنفية أنه أقوى في إفادة التأكيد من غيره من الألفاظ، وأنه يتضمن في ذات الوقت معنى المشاهدة والقسم والإخبار للحال فكأنه يقول "أقسم بالله لقد اطلعت على ذلك وأنا أخبر به" وهذه المعاني مفقودة في غيره فتعين، وكان لا دليل من الكتاب أو السنة أو من القياس والاستنباط على اشتراط يكون الأداء بلفظ الشهادة فضلاً عن لفظ "أشهد" بالذات، فإنه إذا وجدت صياغة تفيد هذه المعاني جميعاً، وتكون آكد على يقين الشاهد وما يحيطه علمه بغير تردد فإنها تغنى عن هذا اللفظ وتعتبر بديلاً عنه. وإذ كان لفظ أشهد يحمل معنى القسم ويتضمن توثيق الكلام بالحلف باسم الله فإن استبدال الحلف بلفظ أشهد واستلزام أن يبدأ به قول الشاهد قبل الإدلاء بأقواله، واعتبار ذلك أمراً لازماً تبطل بدونه، هو اعتداد بجوهر مذهب الحنيفة، وتحقيقاً للغرض الذي يستهدفه من إيجابه، بل هو أكثر عمقاً في النفاذ إلى وجدان الشاهد والغوص في أعماق ضميره بتبصيره بما ينطوي عليه الحلف بالله من وجوب التزام الصدق وتحري الحقيقة. وقد سار المشرع المصري على هذا الدرب متدرجاً في مختلف المراحل التشريعية، فبدأ بأن نسخت المادة 173 من اللائحة الشرعية الصادرة بالقانون رقم 25 لسنة 1909 اشتراط الشهادة متوقعة أن يقرن الشاهد بذكر اللفظ المشار إليه فخولت القاضي أن ينبهه بقوله أتشهد بذلك فإن إجابة الإيجاب كان ذلك كافياً. وما لبث أن ألغي هذا النص سنة 1926 واستبدل به المادة 174 من اللائحة الشرعية الصادر بها المرسوم بقانون رقم 78 لسنة 1931 التي شرعت وجوب أن يحلف الشاهد اليمين الشرعية وجعلتها بديلاً من إيجاب ذكر لفظ الشهادة أو تذكر الشاهد، واستمر الشارع في طريقه القاصدة فألغيت هذه المادة ضمن ما ألغي بالقانون رقم 462 لسنة 1955 اكتفاء بأعمال حكم المادة 212 من قانون المرافعات السابق المقابلة للمادة 86 من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968.
3 - إن ما يشترطه بعض الفقه الإسلامي في الشهادة على الإرث وجوب قول الشاهد "ألا وارث له سوى ما ذكر" أو "لا أعلم له وارثاً غيره"، ليس شرطاً لصحة الشهادة وإنما هو شرط لتلوم القاضي في قضائه، أي تريثه وانتظاره، عسى أن يظهر للميت وارث آخر مزاحم له أو مقدم عليه، متى لم يحضر الشهود الإرث فيمن شهدوا لهم به، ومدة التلوم غير محددة ومفوضة إلى رأي القاضي إن شاء تريث وإن شاء حكم دون رقابة عليه في قضائه في هذا الشأن، وإذ كان الثابت في محضر التحقيق أن شاهدي المطعون عليها قد حصرا الإرث في الطاعنة والمطعون عليهم وكفيا القاضي مؤنه التلوم فإن النعي عليه في قضائه غير وارد.
4 - المقرر شرعاً أن من موانع قبول الشهادة عدم تهمة الشاهد فيما يشهد به ولو كان في ذاته عدلاً، ومن ذلك شهادة الأصل لفرعه أو الفرع لأصله سواء علا الأصل أو سفل، فلا تقبل شهادة الوالد لوالديه ولا أجداده وجداته ولا شهادة واحد منهم له.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليها الأولى أقامت الدعوى رقم 220 سنة 1973 "أحوال شخصية" أمام محكمة شمال القاهرة الابتدائية ضد الطاعن وباقي المطعون عليهم طالبة الحكم بإثبات وفاة ابنها المرحوم........ بتاريخ 16/ 7/ 1971 وأنها من ورثته بصفتها والدته واستحقاقها في تركته السدس فرضاً وقالت بياناً لدعواها إنه على أثر وفاة ولدها المذكور وتركه ما يورث عنه شرعاً تواطأت الطاعنة وباقي المطعون عليهم على استصدار إعلام الورثة رقم 28 سنة 1973 وراثات الجمالية بوفاته وانحصار إرثه فيهم متعمدين إغفالها لحرمانها من حقها في تركته، وإذ تقدمت بطلب في مادة الوراثة رقم... لسنة 1972 الأزبكية لإثبات وراثتها فيه ونازعها هؤلاء فقد أقامت الدعوى. وبتاريخ 21/ 10/ 1973 حكمت المحكمة غيابياً بإحالة الدعوى إلى التحقيق لتثبيت المطعون عليها الأولى أن المرحوم...... توفى بتاريخ 16/ 7/ 1771 وأنها من ورثته بصفتها أمه وبعد سماع شاهدي المطعون عليها الأولى عادت وحكمت غيابياً في 16/ 12/ 1973 بإثبات وفاة المورث في التاريخ المشار إليه، وإن المطعون عليها الأول من ورثته وتستحق سدس تركته فرضاً. عارضت الطاعنة في الحكم، وبتاريخ 12/ 5/ 1974 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المعارض فيه. استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 29/ 91 ق "أحوال شخصية" القاهرة طالبه إلغاءه، وبتاريخ 6/ 6/ 1976 حكمت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة على هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأته جديراً بالنظر، وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب، تنعى الطاعنة بالوجه الأول عن السبب الأول منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، وفي بيان ذلك تقول إن الحكم اعتمد في قضائه على أقوال شاهدي المطعون عليها الأولى من انحصار إرث المتوفى فيها - باعتبارها والدته - وفي زوجتيه - الطاعنة والمطعون عليها السادسة - وفي أولاده منهما - المطعون عليهم من الثانية حتى الخامسة - في حين أن البينة في مسائل الأحوال الشخصية تطبق فيها أرجح الأقوال في مذهب الحنفية وفق المادة 280 من اللائحة الشرعية، وهي تقضي بأن تصدر شهادة الشاهد بلفظ "أشهد" وأن تختتم في الشهادة على الإرث بعبارة "ولا وارث للمتوفى غير ما ذكر" والبين من محضر التحقيق الذي أجرته محكمة أول درجة أن شهادة شاهدي المطعون عليها تخلف فيها هذا الركن الموضوعي من أركان الشهادة مما يجعلها غير مقبولة شرعاً، وهو ما يعيب الحكم المطعون فيه بمخالفة القانون.
وحيث إن النعي مردود، ذلك أنه وإن كان المستقر في قضاء هذه المحكمة أن الشهادة في اصطلاح الفقهاء هي إخبار صادق في مجلس الحكم بلفظ الشهادة لإثبات حق على الغير، فخرج بذلك الإخبار الكاذب والأخبار الصادق في غير مجلس الحكم أو الخالي من ذكر الشهادة، ولئن كان المأثور عند الأحناف وجوب أن يقدم الشاهد قوله بلفظ "أشهد" بالمضارع، فلا تقبل الشهادة، بدونه وأن اشتملت على ما يفيد العلم واليقين اعتباراً بأنه ركن في الشهادة على قول، أو مجرد شرط عام في كل ما يشهد به أمام القاضي في قول آخر هو الراجح، إلا أنه لما كانت العلة في إثبات هذا اللفظ في مذهب الحنفية أنه أقوى في إفادة التأكيد من غيره من الألفاظ، وأنه يتضمن في ذات الوقت معنى المشاهدة والقسم والإخبار للحال فكأنه يقول "أقسم بالله لقد اطلعت على ذلك وأنا أخبر به"، وهذه المعاني مفقودة في غيره فتعين وكان لا دليل من الكتاب أو السنة أو من القياس والاستنباط على اشتراط أن يكون الأداء بلفظ الشهادة، فضلاً عن لفظ "أشهد" بالذات فإنه إذا وجدت صياغة تفيد هذه المعاني جميعاً وتكون آكد على يقين الشاهد وما يحيطه علمه بغير تردد، فإنها تغنى عن هذا اللفظ وتعتبر بديلاً عنه. وإذ كان لفظ "أشهد" على ما سلف بيانه يجعل معنى القسم ويتضمن توثيق الكلام بالحلف باسم الله فإن استبدال الحلف بلفظ "أشهد"، واستلزام أن يبدأ به قول الشاهد قبل الإدلاء بأقواله، واعتبار ذلك أمراً لازماً تبطل بدونه، هو اعتداد بجوهر مذهب الحنيفة، وتحقيقاً للغرض الذي يستهدفه من إيجابه، بل هو أكثر عمقاً في النفاذ إلى وجدان الشاهد والغوص في أعماق ضميره بتبصيره بما ينطوي عليه الحلف بالله من وجوب التزام الصدق وتحري الحقيقة. وقد سار المشرع المصري على هذا الدرب، متدرجاً في مختلف المراحل التشريعية، فبدأ بأن نسخت المادة 173 من اللائحة الشرعية الصادرة بالقانون رقم 25 لسنة 1909 اشتراط الشهادة متوقعة أن يغفل الشاهد ذكر اللفظ المشار إليه فخولت القاضي أن ينبهه بقوله "أتشهد بذلك" فإن أجابه بالإيجاب كان ذلك كافياً. وما لبث أن ألغي هذا النص في سنة 1926 واستبدل به المادة 174 من اللائحة الشرعية الصادر بها المرسوم بقانون رقم 78 لسنة 1931 التي شرعت وجوب أن يحلف الشاهد اليمين الشرعية وجعلتها بديلاً من إيجاب ذكر لفظ الشهادة، أو تذكير المشاهد، واستمر الشارع في طريقه القاصدة فألغيت هذه المادة ضمن ما ألغي بالقانون 462 لسنة 1955 اكتفاء بأعمال حكم المادة 212 من قانون المرافعات السابق - المقابلة للمادة 86 من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968، لما كان ذلك، وكان الثابت من محضر التحقيق الذي أجرته محكمة أول درجة أن شاهدي المطعون عليها الأولى أدليا بأقوالهما بعد حلف اليمين في مجلس القضاء فلا محل لتعييب شهادتهما. لما كان ما تقدم وكان ما يشترطه بعض الفقه الإسلامي في الشهادة على الإرث من وجوب قول الشاهد "ألا وارث له سوى ما ذكر"، أو "لا أعلم له وارثاً غيره" وليس شرطاً لصحة الشهادة وإنما هو شرط لتلوم القاضي في قضائه، أي تريثه وانتظاره، عسى أن يظهر للميت وارث آخر مزاحم له أو مقدم عليه، متى لم يحضر الشهود الإرث فيمن شهدوا لهم به، ومدة التلوم غير محددة، ومفوضة إلى رأي القاضي إن شاء تريث وإن شاء حكم، دون رقابة عليه في قضائه في هذا الشأن، وإذ كان الثابت في محضر التحقيق أن شاهدي المطعون عليها الأولى قد حصرا الإرث في الطاعنة وباقي المطعون عليهم وكفيا القاضي مؤنة التلوم، فإن النعي عليه في قضائه غير وارد.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالوجه الثاني من السبب الأول وبالسببين الثاني والرابع على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، والإخلال بحق الدفاع، وفي بيان ذلك تقول أنها تمسكت أمام محكمة الموضوع بأن الشاهد الأول من شاهدي المطعون عليها الأولى هو حفيدها بما يستوجب عدم قبول شهادته لها، وقدمت لمحكمة الاستئناف شهادة ميلاد المتوفى المثبت بها اسم والدته، وهي غير المطعون عليها الأولى. وإذ قضى الحكم المطعون فيه بتأييد الحكم الصادر في الغيبة والحكم الصادر في المعارضة لذات الأسباب التي قاما عليها، واستند في قضائه على شهادة الشاهد سالف الذكر، ولم يرد على ما أثبت بشهادة ميلاد المتوفى التي قدمتها الطاعنة، فضلاً عن عدم تمكينها من تقديم شهادة النفي التي لم تتمكن من تقديمها لمحكمة المعارضة، فإن الحكم يكون قد خالف القانون وأخل بحق الدفاع.
وحيث إن النعي مردود، ذلك أنه وإن كان المقرر شرعاً أن من موانع قبول الشهادة عدم تهمة الشاهد فيما يشهد به ولو كان في ذاته عدلاً، ومن ذلك شهادة الأصل لفرعه أو الفرع لأصله سواء علا الأصل أو سفل، فلا تقبل شهادة الوالد لوالديه ولا لأجداده وجداته، ولا شهادة واحد منهم له، إلا أنه لما كانت الطاعنة لم تقدم دليلاً لمحكمة الموضوع على ما أثارته من أن الشاهد الأول من شاهدي المطعون عليها الأولى فرع لها، وكانت محكمة الموضوع غير ملزمة بتكليف الخصم بتقديم الدليل على دفاعه ولفت نظره إلى مقتضيات هذا الدفاع، وحسبها أن تبين الحقيقة التي اقتنعت بها، وأن تقيم قضائها وفقا للمستندات والأدلة المطروحة عليها بأسباب سائغة لحمله، فإن القول بعدم اكتمال نصاب البينة الشرعية لقرابة الشاهد للمشهود لها المانعة من قبول شهادته لا محل له. لما كان ذلك وكان البين من تقرير الطعن بالنقض أن صورة قيد الميلاد المشار إليها بسبب النعي والتي أثبت بها اسم والده المورث خلاف المطعون عليها الأولى لم تتقدم بها الطاعنة إلا في 26/ 5/ 1976 فأشرت محكمة الاستئناف عليها بالاستبعاد لتقديمها بعد الموعد المضروب لتقديم المستندات، ثم أصدرت الحكم المطعون فيه بتاريخ 6/ 6/ 1976، مما مفاده أن هذه الشهادة لم تقدم لمحكمة الدرجة الثانية تقديماً صحيحاً، ومن ثم فإن تثريب على محكمة الموضوع أن هي التفتت عنها واستبعدتها، وتكون نسبة الإخلال بحق الدفاع غير واردة. لما كان ما تقدم وكان لمحكمة الموضوع ألا تجيب طلب الإحالة إلى التحقيق بالشهود متى رأت من ظروف الدعوى والأدلة التي استندت إليها ما يكفي لتكوين عقيدتها دون حاجة إلى التحقيق المطلوب، وكان البين من الحكم الصادر في المعارضة المؤيد بالحكم المطعون فيه أنه لم ير داعياً لإحالة الدعوى إلى التحقيق من جديد، بعد أن أثبت في تقريراته أن الطاعنة - المعارضة - أعلنت لشخصها بحكم الإحالة إلى التحقيق ولم تتقدم رغم ذلك بشهود، وهو استدلال سائغ ليس فيه ما يعاب، فإن النعي برمته يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك تقول أن المطعون عليها الأولى قدمت لمحكمة الموضوع أوراقاً منها صورة الطلب المقدم من محاميها لمحكمة الأزبكية وجاء به - على خلاف الحقيقة - أنها أم المتوفى وتقيم في منزل غير الذي تقيم به فعلاً، وصورة محضر جلسة 5/ 9/ 1971 لمحكمة وارثات الأزبكية التي صادقت عليه المطعون عليها السادسة وفيه أن المطعون عليها الأولى والدة للمتوفى، ومحضر جرد تركة المتوفى المؤرخ 6/ 4/ 1972 الذي قرر المطعون عليه الرابع به بمثل ما تقدم، وشهادة وفاة المتوفى المتضمنة أنها أمه، وشهادة من السجل المدني العائلي له وصورة رسمية من عقد زواجها لوالده. وهذه الأوراق جميعها لا تنتج شيئاً في النزاع ذلك أن الطلب المقدم من المحامي كان بطريق الإنابة ولا محل لاعتباره بالنسبة للأصل، ومصادقة المطعون عليها السادسة فيها تحميل للنسب على الغير، وهو ما لا يجوز شرعاً كما أن محضر جرد الشركة أعد لتحديد مال المورث ولا حجية له في شأن النسب، وكذلك فإن شهادة الوفاة مثبتة لها فقط، وعقد زواج والد المتوفى بالمطعون عليها الأولى لا يمتنع معه القول بأنه تزوج بأخرى، وشهادة السجل المدني لا تصلح دليلاً على ثبوت النسب والوراثة. وإذ كان الحكم المطعون فيه استند في قضائه إلى هذه الأوراق وتحريات الشرطة في ثبوت وتحديد ورثة المتوفى فإنه يكون مشوباً بالفساد في الاستدلال.
وحيث إن النعي مردود، ذلك أنه لما كان لقاضي الدعوى سلطة الترجيح بين البيانات واستظهار واقع الحال ووجه الحق فيها، وكان يبين من الحكم المطعون فيه أن قضاءه قام أساساً على اطمئنان المحكمة لأقوال شهود المطعون عليها الأولى، وهي دعامة كافية لحمله، فلا يعيبه أن تحدث عن بعض القرائن التي ساقها تأييداً لها، أياً كان وجه الرأي فيها، طالما يستقيم قضاءه بدونها ومن ثم يكون النعي غير منتج.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.