جلسة 6 من فبراير سنة 1963
برياسة السيد/ محمد فؤاد
جابر نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمد زعفراني سالم، وأحمد زكى
محمد، وأحمد أحمد الشامي، وقطب عبد الحميد فراج.
-------------
(29)
الطعن رقم 37 لسنة 30
"أحوال شخصية"
(أ) حكم "الطعن في
الأحكام". "التنازل عن الطعن". نقض.
وجوب أن يكون التنازل عن
الطعن صريحاً واضحاً. عدم الأخذ فيه بالظن والتأويل. رفع النزاع من جديد مع قيام
الطعن لا يعتبر تنازلاً عن هذا الطعن.
(ب) أحوال شخصية. طلاق.
دعوى. "سماعها".
مفاد نصوص المواد 6 و7 من
القانون 462 لسنة 1955 و280 و99 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية - أن المشرع قصد
تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية في منازعات الأحوال الشخصية التي تقوم بين زوجين
غير مسلمين إذا ما اختلفا طائفة أو ملة. استبقاء المادة 99 من اللائحة الشرعية
بالنسبة للطوائف التي لا تدين بوقوع الطلاق وهي طوائف الكاثوليك. ثبوت اختلاف
الطرفين طائفة ودينونتهما بوقوع الطلاق. وجوب تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية دون
القواعد المشتركة للشرائع الخاصة بمختلفي الملة.
--------------
1 - التنازل عن الطعن يجب
أن يكون صريحاً واضحاً فهو لا يؤخذ بالظن ولا يقبل التأويل، ورفع النزاع إلى
القضاء من جديد مع قيام الطعن لا يعتبر تنازلاً عنه.
2 - مفاد المواد 6 و7 من
القانون 462 لسنة 1955 و280 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية أن المشرع قصد تطبيق
أحكام الشريعة الإسلامية في منازعات الأحوال الشخصية التي تقوم بين الزوجين غير
المسلمين إذا ما اختلفا طائفة أو ملة وإن استبقي المشرع المادة 99 من لائحة ترتيب
المحاكم الشرعية التي تقضي بعدم سماع دعوى الطلاق بالنسبة للطوائف التي لا تدين
بوقوع الطلاق وهي طوائف الكاثوليك وذلك دفعاً للحرج والمشقة. فإذا كان الثابت من
وقائع الدعوى أن الطرفين مختلفا الطائفة ويدينان بوقوع الطلاق فقد تعين تطبيق
أحكام الشريعة على واقعة النزاع بينهما وإذ خالف الحكم المطعون هذا النظر وأسس
قضاءه برفض دعوى الطاعن "إثبات طلاق" على أن القواعد الموضوعية المشتركة
بين ذوي الملة المختلفة هي الواجبة التطبيق وأن تلك القواعد لا تجيز الطلاق بمجرد
الإرادة المنفردة فإن الحكم يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق
وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما
يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أنه بتاريخ 5/ 4/ 1959 رفع
الطاعن الدعوى رقم 100 سنة 1959 أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية للأحوال الشخصية
بطلب إثبات طلاقه من زوجته المطعون عليها وقال في بيان دعواه إن المطعون عليها
تقدمت بطلب إلى كنيسة الأقباط الأرثوذكس يتضمن رغبتها في الانضمام لهذه الكنيسة
والتصريح لها بالزواج وقد وافقت كنيسة الأقباط الأرثوذكس على هذا الطلب بعد أن اتخذت
الإجراءات الدينية المتبعة وأصبحت بذلك من أبناء الكنيسة الأرثوذكسية في 23/ 4/
1951 ثم تزوجت بالطاعن بتاريخ 5/ 5/ 1951 أمام كنيسة الأقباط الأرثوذكس التي ينتمي
إليها الطرفان وبتاريخ 28 مارس سنة 1959 أي قبل رفع الدعوى الحالية غير الطاعن
طائفته إلى طائفة الروم الأرثوذكس فأصبح الطرفان بذلك مختلفي الطائفة وقد طلب
بدعواه إثبات طلاقه من زوجته المطعون عليها وفقاً لأحكام الشريعة الإسلامية وهي
الواجبة التطبيق عند اختلاف الطائفة وهما يدينان بوقوع الطلاق ودفعت المطعون عليها
هذه الدعوى بأنها من طائفة المارون الكاثوليك التي لا تدين بوقوع الطلاق إذ أنها
ولدت بتاريخ 27/ 8/ 1922 وتعمدت بتاريخ 20/ 5/ 1923 وقد قضت محكمة أول درجة بجلسة
20/ 12/ 1959 بثبوت طلاق المطعون عليها من الطاعن طلقة واحدة ابتداء من 14/ 6/
1959 وأسست قضاءها على أن الطرفين مختلفا الطائفة إذ أن المطعون عليها غيرت مذهبها
من المارون الكاثوليك إلى الأقباط الأرثوذكس وذلك بانضمامها إلى الطائفة الأخيرة
بناء على رغبتها وبعد اتخاذ الإجراءات الدينية المتبعة وتعهدها بالخضوع لأحكام
وتعاليم الكنيسة الأرثوذكسية حسب الشهادات التي قدمت للمحكمة كما أن الطاعن غير
طائفته إلى طائفة الروم الأرثوذكس قبل رفع دعواه بطلب إثبات الطلاق وبهذا أصبح
الطرفان مختلفي الطائفة ومن ثم يخضعان في المنازعات المتعلقة بأحوالهما الشخصية
إلى أحكام الشريعة الإسلامية التي تجيز وقوع الطلاق بالإرادة المنفرد وهما يدينان
بوقوع الطلاق. وقد استأنفت المطعون عليها هذا الحكم وقيد استئنافها برقم 1 سنة
1960 ملي محكمة استئناف الإسكندرية حيث قضى فيه بجلسة 16/ 6/ 1960 بإلغاء الحكم
المستأنف وبرفض دعوى الطاعن وأسس الحكم قضاءه على أن القواعد الموضوعية المشتركة
بين ذوي الملة المختلفة هي الواجبة التطبيق وفقاً لمذهب الإمام أبو حنيفة وأن
الزواج طبقاً لشريعة الملتين اللتين ينتمي إليهما الزوجان هو من الأسرار الكنسية
والتي لا يحل رباطه بمجرد الإرادة المنفردة وقد طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق
النقض وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 7/ 1/ 1962 التي قررت إحالته إلى هذه
الدائرة حيث نظر أمامها بجلسة 24/ 11/ 1962 وفيها أصر الطاعن على نقض الحكم، وصممت
المطعون عليها على رفض الطعن كما صممت النيابة على نقض الحكم.
وحيث إن المطعون عليها
دفعت بعدم قبول الطعن ذلك أن الطاعن بعد أن رفع طعنه الحالي أعاد طرح النزاع من
جديد على القضاء للفصل فيه إذ رفع الدعوى رقم 172 لسنة 1960 أمام محكمة الإسكندرية
بطلب إثبات طلاقه حيث قضى فيها بعدم جواز سماعها لسبق الفصل فيها ثم رفع الدعوى
رقم 220 سنة 1960 أمام دائرة أخرى ولا تزال منظورة مما يعتبر ذلك منه نزولاً عن
طعنه.
وحيث إن هذا الدفع في غير
محله ذلك أن تنازل الطاعن عن طعنه يجب أن يكون صريحاً واضحاً ولا يؤخذ فيه بالظن
ولا يقبل التأويل فرفع النزاع من جديد مع قيام طعنه لا يعتبر تنازلاً عنه مما
يتعين معه رفض الطعن.
وحيث إن الطعن قد استوفي
أوضاعه الشكلية.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن
على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وتأويله ذلك أنه أطرح أحكام الشريعة
الإسلامية الخاصة بالطلاق بين المسلمين وهي الواجبة التطبيق في النزاع بين الطرفين
وهما مختلفي الطائفة وذلك وفقاً للفقرة الأولى من المادة السادسة من القانون رقم
462 لسنة 1955 والمادة 280 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية التي تحيل إليها
والمادة 99/ 7 من اللائحة المشار إليها وأعمل القواعد الموضوعية المشتركة بينهما
مع مخالفة ذلك للمواد السالفة ولغرض الشارع ولما استقر عليه قضاء المحاكم الشرعية
التي لم يشأ المشرع أن يعدل عنه.
وحيث إن هذا النعي في
محله ذلك أن المادة السادسة من القانون رقم 462 لسنة 1955 تنص على أنه "تصدر
الأحكام في المنازعات المتعلقة بالأحوال الشخصية والوقف والتي كانت أصلاً من
اختصاص المحاكم الشرعية طبقاً لما هو مقرر في المادة 280 من لائحة ترتيب المحاكم
المذكورة. أما بالنسبة للمنازعات المتعلقة بالأحوال الشخصية للمصريين غير المسلمين
والمتحدى الطائفة والملة الذين لهم جهات قضائية ملية منتظمة وقت صدور هذا القانون
فتصدر الأحكام - في نطاق النظام العام - طبقاً لشريعتهم" وتنص المادة 7 منه
على أنه "لا يؤثر في تطبيق الفقرة الثانية من المادة المتقدمة تغيير الطائفة
أو الملة بما يخرج أحد الخصوم عن وحدة طائفية إلى أخرى أثناء سير الدعوى إلا إذا
كان التغيير إلى الإسلام فتطبق الفقرة الأولى من المادة السادسة من هذا
القانون" وتنص المادة 280 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية على أن "تصدر
الأحكام طبقاً للمدون في هذه اللائحة ولأرجح الأقوال من مذهب أبي حنيفة ما عدا
الأحوال التي ينص فيها قانون المحاكم الشرعية على قواعد خاصة فيجب فيها أن تصدر
الأحكام طبقاً لتلك القواعد". كما تنص المادة 99 منها في فقرتها الأخيرة على
أن "لا تسمع دعوى الطلاق من أحد الزوجين غير المسلمين على الآخر إلا إذا كانا
يدينان بوقوع الطلاق" وقد جاء بالمذكرة الإيضاحية لهذه المادة الأخيرة
"أن المحاكم الشرعية كانت تحكم بواقع طلاق غير المسلم على زوجته غير المسلمة
في الدعاوى المرفوعة من أحدهما على الآخر وكان في ذلك حرج ومشقة بالنسبة للطوائف
التي لا تدين بوقوع الطلاق لعدم استطاعة هذه المطلقة الزواج من آخر للتقاليد
المتبعة في ملتها، فتبقى معلقة لا تتزوج وقد تحرم من النفقة فلاً تجد من ينفق
عليها، فرؤى معالجة هذه الحالة عملاً بمبدأ جواز تخصيص القضاء بالنص على عدم سماع
دعوى الطلاق من أحد الزوجين غير المسلمين على الآخر إلا إذا كانا يدينان بوقوع
الطلاق" ومفاد هذه النصوص أن المشرع قصد تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية في
منازعات الأحوال الشخصية التي تقوم بين الزوجين غير المسلمين إذا ما اختلفا طائفة
أو ملة ولم يشأ أن يخالف ما استقر عليه قضاء المحاكم الشرعية من تطبيق أحكام
الشريعة الإسلامية في هذا الشأن والتي كانت تختص بالفصل في المنازعات بينهم
باعتبارها صاحبة الاختصاص العام في مسائل الأحوال الشخصية ولهذا استبقى المشرع
المادة 99 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية بالنسبة للطوائف التي لا تدين بوقوع
الطلاق وذلك دفعاً للحرج والمشقة بالنسبة لهذه الطوائف وهي طوائف الكاثوليك التي
لا تجيز التطليق - ولما كان الثابت من وقائع الدعوى أن الطاعن ينتمي على طائفة
الروم الأرثوذكس وذلك قبل رفع الدعوى وأن المطعون عليها انضمت إلى طائفة الأقباط
الأرثوذكس قبل زواجها أي أنهما مختلفا الطائفة ويدينان بوقوع الطلاق فكان يتعين
تفريعاً على ما تقدم تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية لما كان ذلك، وكان الحكم
المطعون فيه قد جانب هذا النظر فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله مما
يستوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي الأوجه.
وحيث إن الموضوع صالح
للفصل فيه ولما سبق بيانه ولما جاء بالحكم المستأنف يتعين رفض الاستئناف رقم 1
لسنة 1960 ملي استئناف الإسكندرية وتأييد الحكم الابتدائي رقم 100 لسنة 1959
الصادر من محكمة الإسكندرية الابتدائية للأحوال الشخصية بجلسة 20/ 12/ 1959.