جلسة 2 من سبتمبر سنة 2015
برئاسة السيد القاضي/ محمد حسن العبادي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ يحيى عبد اللطيف موميه، أمين محمد طموم، مصطفى
ثابت عبد العال نواب رئيس المحكمة وياسر محمود بطور.
------------------
(152)
الطعن رقم 7472 لسنة 78 القضائية
(1) محكمة الموضوع "سلطة محكمة الموضوع
بالنسبة لتكييف الدعوى".
محكمة الموضوع. التزامها من تلقاء نفسها بتقصي الحكم القانوني الصحيح
المنطبق على العلاقة بين طرفي دعوى التعويض. "مثال في دعوى التعويض".
(2 ، 3) بيع "آثار عقد البيع: التزامات
البائع: الالتزام بضمان العيوب الخفية". عقد "بعض أنواع العقود: عقد
المقاولة: آثار عقد المقاولة: التزامات المقاول: الضمان".
(2) ضمان المقاول لمادة العمل الملتزم قبل رب
العمل بتقديمها. ماهيته. ضمان جودة المواد المقدمة. م 648 مدني. علة ذلك. اعتباره
بائعا لها. مؤداه. خضوعه لأحكام ضمان البائع العيوب الخفية. إلحاق الضرر برب العمل
نتيجة مخالفة المقاول للشروط والمواصفات أو الانحراف عن أصول الفن وتقاليد الصنعة
وعرفها أو إساءة اختيار مادة العمل. أثره. التزامه بتعويض رب العمل وفقا لأحكام
المسئولية العقدية.
(3) قضاء محكمة الموضوع برفض دعوى رب العمل
بالمطالبة بالتعويض عن العيوب الخفية التي ظهرت باللنش الخشبي الذي عهد إلى
المطعون ضده "المقاول" بتصنيعه. خطأ ومخالفة للقانون. علة ذلك.
---------------
1 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أنه يتعين على محكمة الموضوع أن
تتقصى من تلقاء نفسها الحكم القانوني الصحيح المنطبق على العلاقة بين طرفي دعوى
التعويض، وأن تنزله على الواقعة المطروحة عليها باعتبار أن كل ما تولد للمضرور من
حق في التعويض عما أصابه من ضرر قبل من أحدثه أو تسبب فيه إنما هو السبب المباشر
المولد لدعوى التعويض مهما كانت طبيعة المسئولية التي استند إليها المضرور في تأييد
طلبه أو النص القانوني الذي اعتمد عليه في ذلك، لأن هذا الاستناد يعتبر من وسائل
الدفاع في دعوى التعويض التي يتعين على محكمة الموضوع أن تأخذ منها ما يتفق وطبيعة
النزاع المطروح عليها، وأن تنزل حكمها على واقعة الدعوى.
2 - مؤدى النص في المادة 648 من القانون
المدني أن المقاول إذا التزم بتقديم مادة العمل كلها أو بعضها كان مسئولا عن
جودتها وعليه ضمانها لرب العمل، وأن ضمان المقاول - في هذه الحالة - لجودة المواد
المقدمة منه يكون وفقا لأحكام الضمان المقررة في عقد البيع باعتباره بائعا للمادة،
فيضمن ما فيها من عيوب ضمان البائع العيوب الخفية من وقت تمام صنع الشيء المتفق
عليه وتسليمه لرب العمل، وذلك وفقا لأحكام ضمان العيوب الخفية المنصوص عليها في
المواد من 447 إلى 455 من ذات القانون، وأن مسئولية المقاول عن خطئه إذا خالف
الشروط والمواصفات المتفق عليها أو انحرف عن أصول الفن وتقاليد الصنعة وعرفها أو
أساء اختيار مادة العمل التي قدمها من عنده، يكون مسئولا مسئولية عقدية عن تعويض
رب العمل عن الضرر الذي ينجم عن إخلاله بالتزاماته.
3 - إذ كان الثابت مما سجله الحكم المطعون
فيه أن الطاعن بصفته أقام دعواه بطلب إلزام المطعون ضده بالتعويض عن الأضرار التي
أصابته نتيجة العيوب التي ظهرت باللنش الخشبي الذي عهد إليه بتصنيعه والتي تكشفت
له عقب استلامه، وهي عبارة عن آفة حشرية لا يمكن اكتشافها ظهرت في الأخشاب
المستخدمة في تصنيع اللنش، وإذ قضت محكمة الموضوع بدرجتيها برفض دعواه تأسيسا على
أن اللنش موضوع التداعي هو لنش خدمة يعمل داخل الميناء ولا يعتبر سفينة طبقا
لقانون التجارة البحري ولا يخضع لأحكامه ومنها ضمان متعهد البناء خلو السفينة من
العيوب الخفية، وإنما يظل خاضعا لأحكام العقد المبرم بين طرفي التداعي والتي خلت
من الاتفاق على ضمان المطعون ضده العيوب الخفية التي تظهر باللنش بعد تجربته
وتسلمه من قبل الطاعن دون أن تتقصى الحكم القانوني الصحيح المنطبق على العلاقة بين
طرفي دعوى التعويض التي تخضع لأحكام عقد المقاولة ومنها ضمان المقاول – المطعون
ضده - جودة المواد المقدمة منه المنصوص عليه في المادة 648 من القانون المدني
السالف بيانها، وذلك وفقا لأحكام ضمان البائع العيوب الخفية المنصوص عليها في ذات
القانون، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وحجب
- بذلك - نفسه عن بحث دعوى التعويض ومدي تحقق عناصر المسئولية العقدية قبل المطعون
ضده، وهو ما يعيبه.
-----------
الوقائع
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق -
تتحصل في أن الطاعن بصفته أقام على المطعون ضده الدعوى رقم ... لسنة 2000 تجاري
الإسكندرية الابتدائية بطلب الحكم بإلزامه بأن يؤدي له مبلغ 200000 جنيه قيمة
الأعمال التي تمت على نفقته في اللنش "...." وتعويضا عن الأضرار المادية
والأدبية التي أصابته، وقال بيانا لذلك إنه بموجب عقد مؤرخ 19/ 6/ 1997 تعاقد مع
المطعون ضده على بناء لنش خشبي نفذه الأخير وسلمه لمصلحة الموانئ المالكة له
ابتدائية بتاريخ 1/4/1999 إلا أنه بتاريخ 25/6/1999 ظهرت عيوب عبارة عن آفة في
الأخشاب المصنوع منها، فأنذر المطعون ضده بتحمل تكاليف معالجة تلك العيوب والتعويض
عما أصابه من أضرار، وإذ لم يستجب له أقام الدعوى. ندبت المحكمة خبيرا، وبعد أن
أودع تقريره حکمت بتاريخ 30/11/2006 برفض الدعوى. أستأنف الطاعن هذا الحكم
بالاستئناف رقم ... لسنة 63 ق الإسكندرية، وبتاريخ 12/ 3/ 2008 قضت المحكمة بتأييد
الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة مذكرة أبدت
فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة - في غرفة مشورة - حددت
جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر
والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب ينعي بها الطاعن على الحكم
المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه ومخالفة الثابت بالأوراق والفساد في
الاستدلال والإخلال بحق الدفاع، إذ أيد الحكم الابتدائي الذي بني قضاءه برفض
الدعوى على أن اللنش محل النزاع مجرد مركب وليس سفينة وذلك بالمخالفة للثابت
بالأوراق وبشهادة تسجيل اللنش الثابت بها أنها لسفينة مصرية ومدون بها اسمها
ومواصفاتها وأبعادها، وكذا بالمخالفة لشهادة أخرى صادرة من الهيئة المصرية للسلامة
البحرية تفيد خضوع اللنش لما تخضع له السفينة من متابعة هيئة اللويدز المنوط بها
الإشراف على السفن وبناؤها وسيرها مما يخضعها للإشراف البحري وهيئة السلامة
البحرية، وإذ التفت الحكم عن ذلك وقضى برفض الدعوى، فإنه يكون معيبا بما يستوجب
نقضه.
وحيث إن هذا النعي - في أساسه - سديد، ذلك بأن من المقرر - في قضاء
هذه المحكمة - أنه يتعين على محكمة الموضوع أن تتقصى من تلقاء نفسها الحكم
القانوني الصحيح المنطبق على العلاقة بين طرفي دعوى التعويض، وأن تنزله على
الواقعة المطروحة عليها باعتبار أن كل ما تولد للمضرور من حق في التعويض عما أصابه
من ضرر قبل من أحدثه أو تسبب فيه إنما هو السبب المباشر المولد لدعوى التعويض مهما
كانت طبيعة المسئولية التي استند إليها المضرور في تأييد طلبه أو النص القانوني
الذي اعتمد عليه في ذلك، لأن هذا الاستناد يعتبر من وسائل الدفاع في دعوى التعويض
التي يتعين على محكمة الموضوع أن تأخذ منها ما يتفق وطبيعة النزاع المطروح عليها،
وأن تنزل حكمها على واقعة الدعوى، وحيث إن مؤدى النص في المادة 648 من القانون
المدني أن المقاول إذا التزم بتقديم مادة العمل كلها أو بعضها كان مسئولا عن
جودتها وعليه ضمانها لرب العمل، وان ضمان المقاول - في هذه الحالة - لجودة المواد
المقدمة منه يكون وفقا لأحكام الضمان المقررة في عقد البيع باعتباره بائعا للمادة،
فيضمن ما فيها من عيوب ضمان البائع للعيوب الخفية من وقت تمام صنع الشيء المتفق
عليه وتسليمه لرب العمل وذلك وفقا لأحكام ضمان العيوب الخفية المنصوص عليها في
المواد من 447 إلى 455 من ذات القانون، وأن مسئولية المقاول عن خطئه إذا خالف
الشروط والمواصفات المتفق عليها أو انحرف عن أصول الفن وتقاليد الصنعة وغرفها أو
أساء اختيار مادة العمل التي قدمها من عنده، يكون مسئولا مسئولية عقدية عن تعويض
رب العمل عن الضرر الذي ينجم عن إخلاله بالتزاماته، ولما كان ذلك، وكان الثابت مما
سجله الحكم المطعون فيه أن الطاعن بصفته أقام دعواه بطلب إلزام المطعون ضده
بالتعويض عن الأضرار التي أصابته نتيجة العيوب التي ظهرت باللنش الخشبي الذي عهد
إليه بتصنيعه والتي تكشفت له عقب استلامه، وهي عبارة عن آفة حشرية لا يمكن
اكتشافها ظهرت في الأخشاب المستخدمة في تصنيع اللنش، وإذ قضت محكمة الموضوع
بدرجتيها برفض دعواه تأسيسا على أن اللنش موضوع التداعي هو لنش خدمة يعمل داخل
الميناء ولا يعتبر سفينة طبقا لقانون التجارة البحري ولا يخضع لأحكامه ومنها ضمان
متعهد البناء خلو السفينة من العيوب الخفية، وإنما يظل خاضعا لأحكام العقد المبرم
بين طرفي التداعي والتي خلت من الاتفاق على ضمان المطعون ضده العيوب الخفية التي
تظهر باللنش بعد تجربته وتسلمه من قبل الطاعن، دون أن تتقصى الحكم القانوني الصحيح
المنطبق على العلاقة بين طرفي دعوى التعويض التي تخضع لأحكام عقد المقاولة ومنها
ضمان المقاول - المطعون ضده - جودة المواد المقدمة منه المنصوص عليه في المادة 648
من القانون المدني السالف بيانها وذلك وفقا لأحكام ضمان البائع العيوب الخفية
المنصوص عليها في ذات القانون، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون قد خالف القانون
وأخطأ في تطبيقه وحجب - بذلك - نفسه عن بحث دعوى التعويض ومدى تحقق عناصر
المسئولية العقدية قبل المطعون ضده، وهو ما يعيبه ويوجب نقضه.