الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 21 أكتوبر 2020

الطعن 321 لسنة 38 ق جلسة 28 /1/ 1974 مكتب فني 25 ج 1 ق 41 ص 238

جلسة 28 من يناير سنة 1974

برياسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة محمود العمراوي وعضوية السادة المستشارين سليم راشد، وعبد العليم الدهشان، ومصطفى سليم، ومحمد صالح أبو راس.

-----------------

(41)
الطعن رقم 321 لسنة 38 القضائية

فضالة. حكم. "عيوب التدليل". "القصور".
قيام الفضالة. عدم كفاية أن يكون ما يتصدى له الفضولي نافعاً أو مفيداً. وجوب أن يكون شأناً عاجلاً لرب العمل. عدم تحقيق الحكم ذلك. قصور.

----------------
لا يكفي لتبرير قيام الفضالة، وعلى ما جاء بالمذكرة الإيضاحية للمشرع التمهيدي للقانون المدني تعليقاً على المادة 188 منه أن يكون ما يتصدى له الفضولي نافعاً أو مفيداً بل لا بد أن يكون ضرورياً أي شأناً عاجلاً ما كان رب العمل ليتوانى عن القيام به، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد اعتبر مجرد سداد البنك المطعون ضده لباقي أقساط الأسهم كافياً لقيام الفضالة استناداً إلى أنه "حال دون سريان فوائد التأخير كما منع بيع الأسهم لحساب المورث" مع أن الفوائد سوف تسري لصالح البنك عما سدده، وهو ما طلبه بدعواه وقضى له به، كما أن الحكم لم يحقق ما إذا كان السداد ضرورياً ونافعاً للطاعنين أم لا، يتبين سعر الأسهم وقت السداد وما إذا كان قد تدهور عما كان عليه وقت الاكتتاب كما يقول الطاعنون وأن البنك ابتغى بالسداد مصلحة نفسه فقط، وإذ لم يقم الحكم المطعون فيه بتحقيق ذلك، فقد حجب نفسه عن استظهار أركان الفضالة ومن ثم يكون مشوباً بالقصور بما يتعين معه نقضه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن البنك المطعون ضده أقام الدعوى رقم 4618 لسنة 1963 كلي القاهرة ضد الطاعنين بطلب إلزامهم بأن يدفعوا له من تركة مورثهم مبلغ 2890 جنيه و225 مليماً والفوائد وبإلزام الطاعن الأخير بأن يدفع له من ماله مبلغ 1978 جنيه و533 مليماً والفوائد، مؤسساً دعواه على أن مورث الطاعنين كلفه بأن يكتتب باسمه وباسم ابنه - الطاعن الأخير الذي كان قاصراً وقتذاك - في عدد من أسهم شركة مصر للفنادق وبسداد القيمة من حساب المورث، ونفذ البنك عملية الاكتتاب وسدد ربع قيمة الأسهم من ذلك الحساب ولما استحقت باقي الأقساط قام البنك بأدائها، ولم يكن رصيد المورث يسمح بذلك، فأقام البنك دعواه مطالباً بما دفعه. وفي 7 من ديسمبر سنة 1965 قضت المحكمة بإلزام الطاعنين بالمبلغ المطالب به وفوائده من تركة المورث، وبرفض الدعوى ضد الطاعن الأخير. استأنف المحكوم عليهم هذا الحكم بالاستئناف رقم 190 لسنة 83 ق القاهرة، وفي 11 من إبريل سنة 1968 قضت المحكمة برفضه. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض. وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه فيما قضى به بشأن الفوائد، وعرض الطعن بغرفة المشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه في السببين الرابع والخامس أنه إذ أقام قضاءه على أساس الفضالة يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه قصور في التسبيب، ذلك بأن تصدي البنك المطعون ضده لسداد باقي أقساط الأسهم التي اكتتب فيها مورثهم لم يكن ضرورياً لأنه ليس من الشئون العاجلة بما لا تتوافر معه أركان الفضالة كما أن البنك المطعون ضده لم يقصد بهذا السداد إلا تحقيق مصلحته هو باعتباره أحد المؤسسين للشركة التي اكتتب مورثهم في أسهمها، وهي مصلحة تتعارض مع مصلحتهم، لتدهور قيمة تلك الأسهم في السوق تدهوراً ملحوظاً، ولقد جاءت أسباب الحكم قاصرة عن بيان أن السداد كان ضرورياً نافعاً، وكان على الحكم المطعون فيه وقد استند إلى قواعد الفضالة أن يتحقق من قيامها بتوافر عنصريها.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أن الحكم المطعون فيه إذ رد على هذا الدفاع بقوله "ليس من شك في أن السداد الذي قام به البنك من ماله حال دون سريان فوائد التأخير كما منع بيع الأسهم لحساب المورث وما كان يترتب على هذا البيع من أضرار له ولا مراء في أن المورث لم يكن ليتوانى عن القيام بهذا السداد لو كان ذلك في إمكانه، ولا يقدح في سلامة هذا النظر القول بأن البنك كان من بين مؤسسي شركة الفنادق وأنه ابتغى تحقيق مصلحة له من قيامه بالسداد عن المورث ذلك لأن الفضالة تتحقق على ما يجري به نص المادة 189 من القانون المدني ولو كان الفضولي في أثناء توليه شأنه لنفسه قد تولى شأن غيره لما بين الشأنين من ارتباط" لما كان ذلك وكان لا يكفي لتبرير قيام الفضلة وعلى ما جاء بالمذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي للقانون المدني على المادة 188 منه أن يكون ما يتصدى له الفضولي نافعاً أو مفيداً بل لا بد أن يكون ضرورياً أي شأناً عاجلاً ما كان رب العمل ليتوانى عن القيام به، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد اعتبر مجرد سداد البنك المطعون ضده لباقي أقساط الأسهم كافياً لقيام الفضالة استناداً إلى أنه "حال دون سريان فوائد التأخير كما منع بيع الأسهم لحساب المورث" مع أن الفوائد سوف تسري لصالح البنك عما سدده، وهو ما طلبه بدعواه وقضى له به كما أن الحكم لم يحقق ما إذا كان السداد ضرورياً ونافعاً للطاعنين أم لا، بتبين سعر الأسهم وقت السداد وما إذا كان قد تدهور عما كان عليه وقت الاكتتاب كما يقول الطاعنون وأن البنك ابتغى بالسداد مصلحة نفسه فقط، وإذ لم يقم الحكم المطعون فيه بتحقيق ذلك فقد حجب نفسه عن استظهار أركان الفضالة، ومن ثم يكون مشوباً بالقصور بما يتعين معه نقضه والإحالة بغير حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.

الطعن 152 لسنة 38 ق جلسة 27 /1/ 1974 مكتب فني 25 ج 1 ق 40 ص 234

جلسة 27 من يناير سنة 1974

برياسة السيد المستشار أمين فتح الله وعضوية السادة المستشارين: علي عبد الرحمن، محمد السيد الرفاعي، صلاح الدين حبيب، محمود المصري.

---------------------

(40)
الطعن رقم 152 لسنة 38 القضائية

( 1، 2  ) تزوير "تقرير الطعن". الحكم في الدعوى.
 (1)وجوب بيان كل مواضع التزوير في تقرير الادعاء بالتزوير. عدم جواز إضافة مواضع أخرى في مذكرة شواهد التزوير أو في دفاع الطاعن أمام المحكمة.
(2) غرامة التزوير لا تتعدد بتعدد الأوراق المطعون فيها متى كان الطعن عليها بتقرير واحد. الغرامة تتعدد بتعدد الادعاء ذاته.

---------------
1 - إذا أوجبت المادة 281 من قانون المرافعات السابق على مدعي التزوير تحديد كل مواضع التزوير المدعى به في تقرير الادعاء بالتزوير الذي يحرر في قلم الكتاب وإلا كان التقرير باطلاً فإنها تكون قد جعلت تقرير الطعن بالتزوير وحده هو المعول عليه في تحديد مواضع التزوير فلا يجوز لمدعي التزوير أن يضيف في مذكرة شواهد التزوير أو في دفاعه أمام المحكمة مواضع أخرى للتزوير غير التي حددها في ذلك التقرير، لأن ذلك منه يكون ادعاء بتزوير بغير الطريق الذي رسمه القانون وهو طريق التقرير في قلم الكتاب (1).
2 -  الغرامة المنصوص عليها في المادة 288 من قانون المرافعات السابق هي - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة (2) - جزاء مدني يحكم به على من فشل في ادعائه التزوير فلا تتعدد بتعدد الأوراق المطعون فيها، متى كان الطعن عليها بتقرير واحد. وإذ كانت المادة 291 من ذات القانون والخاصة بدعوى التزوير الأصلية قد أحالت إلى المادتين 281 و288 من القانون المذكور في تحقيق هذه الدعوى والحكم فيها، فإن جزاء الغرامة لا يتعدد بتعدد الأوراق المطعون فيها بالتزوير، وإنما يتعدد بتعدد الادعاء ذاته سواء كان هذا الادعاء في صحيفة دعوى تزوير أصلية أم في تقرير ادعاء أمام قلم الكتاب في دعوى قائمة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن السيدة....... أقامت الدعوى 438 سنة 1953 الجيزة الابتدائية ضد الطاعن تطلب الحكم بإلزامه بقيمة الربع عن...... وقد نازعها الطاعن ملكيتها لهذه الأرض فأوقفت المحكمة نظر الدعوى حتى يفصل في هذا النزاع وأقام الطاعن الدعوى رقم 163 سنة 1954 الجيزة الابتدائية ضد المطعون عليها الثالثة وابنها المطعون عليه الأول الذي باعته الأرض موضوع النزاع - بطلب الحكم بتثبيت ملكيته لهذا القرار استناداًً إلى اكتسابه الملكية بالتقادم ودفع المدعى عليهما الدعوى بأن وضع يد المدعي على الأرض إنما كان بوصفه مستأجراً لها وقدما عقد إيجار منسوباً إليه تاريخه 24/ 5/ 1949 وإنذاراً موجهاً إليه في 6/ 1/ 1949 ورد المدعي على ذلك بإقامته دعوى التزوير الأصلية رقم 38 لسنة 1959 الجيزة الابتدائية يطلب فيها الحكم برد وبطلان عقد الإيجار والإنذار سالفي الذكر وطلب المدعى عليهما ضم ملف تفتيش ري الجيزة رقم 14/ 1209 وملف الترخيص للمدعي بحمل السلاح لإثبات أن وضع يد المدعي كان بصفته ناظراً على هذه الأرض فأقام المدعي دعوى تزوير أصلية أخرى برقم 318 سنة 1961 الجيزة الابتدائية يطلب فيها الحكم برد وبطلان الأوراق التي تقدم بها المدعى عليهما وتلك التي أشارا إليها بملف ري الجيزة سالف الذكر كما قرر قلم كتاب المحكمة في 15/ 4/ 1961 بالطعن بتزوير هذه الأوراق ذاتها وبعد أن أمرت المحكمة بضم هذه الدعاوى الثلاث قرر المدعي - الطاعن - أمام قلم الكتاب للمرة الثانية في 3/ 6/ 1961 بالطعن بتزوير الأوراق الواردة بملف رخصة السلاح التي استند إليها المدعى عليهما وبتاريخ 29 يونيه سنة 1961 حكمت المحكمة برفض الادعاء بالتزوير وبتغريم المدعي 25 جنيهاً عن كل ورقة من الأوراق الخمسين التي طعن بتزويرها وبرفض طلب تثبيت الملكية استأنف المدعي هذا الحكم لدى استئناف القاهرة طالباً إلغاءه والحكم له بطلباته وقيد هذا الاستئناف برقم 1242 سنة 78 ق القاهرة وبتاريخ 18 فبراير سنة 1968 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف - طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم وعرض الطعن على المحكمة في غرفة المشورة وبتاريخ 15 ديسمبر سنة 1973 قررت غرفة المشورة عدم قبول أوجه الطعن عدا الوجه الأخير من السب الثاني (الخاص بغرامة التزوير) وحددت جلسة لنظره وبالجلسة أصرت النيابة على رأيها.
وحيث إن حاصل النعي أن الحكم المطعون فيه أيد الحكم الابتدائي فيما قضى به من تغريم الطاعن 25 جنيهاً عن كل ورقة طعن عليها في الدعاوى الثلاثة فبلغت الغرامة المقضي بها 1250 جنيهاً عن خمسين ورقة حين أن هذه الدعاوى كلها مرتبطة ببعضها ويدور النزاع فيها حول ملكية الأطيان موضوع الدعاوى الأولى بتثبيت الملكية وأمرت المحكمة لذلك بضمها ليحكم فيها معاً ويكون الحكم المطعون فيه بقضائه بتعدد الغرامة قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن المادة 281 من قانون المرافعات السابق - المطبق في الدعوى - إذ أوجبت على مدعي التزوير تحديد كل مواضع التزوير المدعى به في تقرير الادعاء بالتزوير الذي يحرر في قلم الكتاب وإلا كان التقرير باطلاً تكون قد جعلت تقرير الطعن بالتزوير وحده هو المعول عليه في تحديد مواضع التزوير. فلا يجوز لمدعي التزوير أن يضيف في مذكرة شواهد التزوير أو في دفاعه أمام المحكمة مواضع أخرى للتزوير غير التي حددها في ذلك التقرير لأن ذلك منه يكون ادعاء بتزوير بغير الطريق الذي رسمه القانون وهو طريق التقرير به في قلم الكتاب وإذ كانت الغرامة المنصوص عليها في المادة 288 من قانون المرافعات - السابق - هي - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - جزاء مدني يحكم به على من فشل في ادعائه بالتزوير فلا تتعدد بتعدد الأوراق المطعون فيها متى كان الطعن عليها بتقرير واحد وكانت المادة 291 من ذات القانون والخاصة بدعوى التزوير الأصلية قد أحالت إلى المادتين سالفتي الذكر في تحقيق هذه الدعوى والحكم فيها فإن جزاء الغرامة لا يتعدد بتعدد الأوراق المطعون فيها بالتزوير وإنما يتعدد بتعدد الادعاء ذاته سواء كان هذا الادعاء في صحيفة دعوى تزوير أصلية أم في تقرير ادعاء أمام قلم الكتاب في دعوى قائمة وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى تأييداً للحكم الابتدائي - بتعدد الغرامة بتعدد الأوراق المطعون فيها بالتزوير فإنه يكون قد خالف القانون بما يوجب نقضه.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه.
ولما تقدم يتعين تعديل الحكم المستأنف فيما قضى به من غرامة بجعلها مبلغ 25 جنيهاً عن كل ادعاءات الأربعة في دعوى التزوير الأصلية رقمي 38 سنة 59 ك الجيزة و318 سنة 61 ك الجيزة وتقريري الطعن بالتزوير أمام قلم الكتاب في 15/ 4/ 1961، 3/ 6/ 1961.


(1) نقض 4/ 3/ 1969 السنة 20 ص 382.
(2) نقض 30/ 5/ 1968مجموعة المكتب الفني السنة 19 ص 1045.

الطعن 369 لسنة 38 ق جلسة 22 /1/ 1974 مكتب فني 25 ج 1 ق 37 ص 216

جلسة 22 من يناير سنة 1974

برئاسة السيد المستشار عباس حلمي عبد الجواد وعضوية السادة المستشارين: عدلي بغدادي، ومحمد طايل راشد، وعثمان حسين عبد الله، ومحمد توفيق المدني.

--------------------

(37)
الطعن رقم 369 لسنة 38 القضائية

(1) تزوير. "إثبات التزوير". إثبات. نقض. "أسباب الطعن".
جواز إثبات صحة الورقة أو تزويرها بكافة الطرق ومنها القرائن. اعتماد الحكم المطعون فيه في قضائه بصحة العقد على أن القرائن التي استند إليها الحكم المستأنف لا تدل على تزويره فضلاً عن إقرار البائع أمام محكمة الاستئناف بصحته. المنازعة في ذلك جدل في تقدير الأدلة. عدم جواز إثارته أمام محكمة النقض.
 (2)حكم. "حجية الحكم". قوة الأمر المقضي. استئناف.
حجية الحكم الابتدائي مؤقتة. وقوفها بمجرد رفع الاستئناف عنه. عودتها في حالة القضاء بتأييد وزوالها في حالة الإلغاء.
 (3)صورية. "إثبات الصورية". محكمة الموضوع.
تقدير كفاية أدلة الصورية هو مما يستقل به قاضي الموضوع.
 (4)إثبات. "البينة". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير أقوال الشهود".
تقدير أقوال الشهود مرهون بما يطمئن إليه وجدان محكمة الموضوع. سلطتها في الأخذ بأقوال شاهد دون آخر.
 (5)محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير القرائن". نقض. "سلطة محكمة النقض". إثبات. "القرائن".
استقلال قاضي الموضوع بتقدير القرائن دون معقب متى كان استنباطه سائغاً.
 (6)صورية. بيع. "دعوى صحة التعاقد". دعوى "المصلحة".
الطعن بصورية عقد. عدم قبوله إلا ممن له مصلحة فيه وفي حدود هذه المصلحة. "مثال".

-----------------
1 - من المقرر في قضاء هذه المحكمة (1) أنه يجوز إثبات صحة الورقة أو تزويرها بكافة الطرق القانونية ومنها القرائن القضائية، ومن ثم فلا على محكمة الموضوع إن هي أقامت قضائها بصحة الورقة على ما اطمأنت إليه من القرائن ما دامت مؤدية إلى ما استخلصته منها وإذا كان الحكم المطعون فيه قد اعتمد في قضائه بصحة العقد على أن القرائن التي استند إليها الحكم المستأنف لا تدل على تزوير العقد. علاوة على إقرار البائع أمام محكمة الاستئناف بصحته وبصدوره منه. وكانت هذه الاعتبارات من شأنها أن تؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها الحكم. فإن النعي عليه لا يعدو أن يكون مجادلة في تقدير محكمة الموضوع للأدلة بغية الوصول إلى نتيجة أخرى غير التي أخذت بها مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
2 - حجية الحكم الابتدائي مؤقتة، وتقف بمجرد رفع الاستئناف عنه، وتظل موقوفة إلى أن يقضى في الاستئناف، فإذا تأيد الحكم عادت إليه حجيته، وإذا ألغي زالت عنه هذه الحجية. وإذ كان الحكم المطعون فيه قد قضى بإلغاء الحكم الابتدائي فإن أسبابه تزول بزواله، ويسقط ما كان لها من حجية مؤقتة.
3 - من المقرر في قضاء هذه المحكمة (1) أن تقدير كفاية أدلة الصورية هو مما تستقل به محكمة الموضوع لتعلقه بفهم الواقع في الدعوى.
4 - تقدير أقوال الشهود مرهون بما يطمئن إلى وجدان محكمة الموضوع، فلها أن تأخذ بأقوال شاهد دون آخر حسبما ترتاح إليه وتثق به، ولا سلطان لأحد عليها في ذلك إلا أن تخرج بتلك الأقوال إلى ما لا يؤدي إليه مدلولها.
5 - تقدير القرائن هو ما يستقل به قاضي الموضوع، ولا شأن لمحكمة النقض فيما يستنبطه منها متى كان استنباطه سائغاً.
6 - الطعن بصورية عقد لا يقبل إلا ممن له مصلحة فيه، وفي حدود هذه المصلحة وإذا كان المطعون ضدهم إذا طعنوا على العقد الصادر من البائع إلى الطاعن المتدخل في الدعوى المرفوعة منهم يطلب صحة العقد الصادر من نفس البائع لمورثهم - بالصورية إنما قصدوا إلى إهداره في خصوص القدر البالغ مساحته....... الداخل في القدر الذي اشترته مورثتهم، والمرفوعة به الدعوى، وذلك ابتغاء إزالة العائق الذي يحول دون تحقق أثر هذا العقد، فإن الحكم المطعون فيه إذا قبل الدفع بالصورية وقضى في أسبابه بقبول هذا الدفع، ورتب على ذلك قضاءه للمطعون ضدهم بصحة العقد الصادر إلى مورثهم، فإن مؤدى ذلك هو عدم إهدار العقد الصادر إلى الطاعن إلا بالنسبة للقدر البالغ مساحته....... دون ما جاوزه من القطع الأخرى المبيعة إليه.


"المحكمة"

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن المطعون ضدهم الخمسة الأول أقاموا الدعوى رقم 424 سنة 1966 كلي المنصورة على مورثهم والمطعون ضدهم من السادسة إلى الأخيرة بصحيفة أعلنت في 17/ 4/ 1966 وطلبوا فيها الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 25/ 10/ 1958 الصادر منه إلى مورثتهم - زوجة البائع بالنسبة لنصيبهم وقدره فدان و5 قراريط و23 سهماً أطياناً زراعية مبينة بالعقد وقالوا شرحاً لدعواهم أن ذلك المورث باع إلى والدتهم الأطيان السالف ذكرها لقاء ثمن مقبوض قدره 680 جنيهاً وقد انحصر إرثها فيهم باعتبارهم أولادها وفي زوجها البائع وإذا امتنع هذا الأخير عن القيام بالإجراءات اللازمة لتسجيل العقد في حدود حصتهم فقد أقاموا عليه الدعوى بطلباتهم السابقة. ادعى البائع بتزوير العقد، وبتاريخ 1/ 12/ 1966 تدخل الطاعن في الدعوى طالباً رفضها استناداً إلى أنه يمتلك في الأطيان موضوع الدعوى قطعة أرض مساحتها 14 قيراطاً و22 سهماً وذلك بمقتضى عقد مؤرخ 2/ 5/ 1966 ومسجل في 7/ 6/ 1966 صادر إليه من البائع ذاته ببيعه له فداناً و12 قيراطاً و5 أسهم على خمس قطع منها القطعة آنفة الذكر فطعن المطعون ضدهم الخمسة الأول على هذا التصرف بالصورية المطلقة وبتاريخ 5/ 1/ 1967 قضت المحكمة الابتدائية بقبول تدخل الطاعن وبرد وبطلان عقد البيع المطلوب الحكم بصحته ونفاذه وبرفض دعوى المطعون ضدهم الخمسة الأول، فاستأنفوا هذا الحكم أمام محكمة استئناف المنصورة وقيد استئنافهم برقم 71 سنة 19 ق وطلبوا إلغاء الحكم المستأنف والحكم لهم بطلباتهم وقدموا ورقة صادرة من البائع يقر فيها بصحة عقد البيع موضوع الدعوى وتنازله عن الادعاء بتزويره - ومحكمة الاستئناف قضت في 5/ 12/ 1967 - بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المطعون ضدهم الخمسة الأول - بكافة طرق الإثبات - صورية عقد البيع الصادر إلى الطاعن ولينفي هذا الأخير ذلك بذات الطرق وبعد أن سمعت المحكمة شهود الطرفين حكمت بتاريخ 8/ 5/ 1968 بإلغاء الحكم المستأنف وبصحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 25/ 10/ 1958 بالنسبة لنصيب المطعون ضدهم الخمسة الأول وقدره 1 فدان و5 قيراط و23 سهم شيوعاً في 1 فدان و15 قيراط و23 سهم. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها تمسكت النيابة برأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على خمسة أسباب ينعى الطاعن بالثاني منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال ويقول في بيان ذلك أن هذا الحكم استند في قضائه بصحة العقد موضوع الدعوى إلى إقرار البائع بتاريخ 5/ 4/ 1967 بحصول البيع منه في حين أن هذا الإقرار يعد إنشاء لعقد جديد لا يسري في حق الطاعن بعد أن انتقلت إليه الملكية بعقده المسجل في 7/ 6/ 1966 وبعد أن تعلق حقه بما أثبته الحكم الصادر من المحكمة الابتدائية من تزوير العقد موضوع الدعوى للأسباب التي أوردها، وإذ أهدر الحكم المطعون فيه حجية ذلك الحكم الابتدائي وقضى على خلافه أخذاً بإقرار البائع فإن يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه فساد في الاستدلال
وحيث إنه هذا النعي في شقه الأول مردود، ذلك أنه لما كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه يجوز إثبات صحة الورقة أو تزويرها بكافة الطرق القانونية ومنها القرائن القضائية فلا على محكمة الموضوع إن هي أقامت قضاءها بصحة الورقة على ما اطمأنت إليه من القرائن ما دامت مؤدية إلى ما استخلصته منها - لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد اعتمد في قضائه بصحة العقد على أن القرائن التي استند إليها الحكم المستأنف لا تدل على تزوير العقد علاوة على إقرار البائع أمام محكمة الاستئناف بصحته وبصدوره منه - وكانت هذه الاعتبارات من شأنها أن تؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها الحكم فإن النعي عليه بهذا الشق لا يعدو أن يكون مجادلة في تقدير محكمة الموضوع للأدلة بغية الوصول إلى نتيجة أخرى غير التي أخذت بها مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض - والنعي في شقة الثاني مردود بأنه، لا وجه لاحتجاج الطاعن بحجية الحكم الابتدائي والجدل فيما ورد به من أسباب، بعد أن قضى الحكم المطعون فيه بإلغائه ذلك أن حجية الحكم الابتدائي مؤقتة وتقف بمجرد رفع الاستئناف عنه وتظل موقوفة إلى أن يقضي في الاستئناف فإذا تأيد الحكم عادت إليه حجيته وإذا ألغى زالت عنه هذه الحجية وإذ كان الحكم المطعون فيه قد قضى بإلغاء الحكم الابتدائي فإن أسبابه تزول بزواله ويسقط ما كان له من حجية مؤقتة - لما كان ما تقدم فإن النعي على الحكم المطعون فيه بالخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالأسباب الثالث والرابع والخامس على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك يقول أن الحكم أقام قضاءه بصورية عقده على ما استخلصه من أقوال شاهدي المطعون ضدهم الخمسة الأول المستأنفين في حين أن أقوالهما لا تنهض دليلاً على ذلك إذ قررا بعدم علمها بعقد الطاعن وأن ما قرره من أنه لم يضع يده على الأطيان لا يؤدي إلى صورية عقده إذ يصح البيع وتترتب عليه آثاره ولو لم يتسلم المشتري المبيع في حين أن الطاعن يضع يده على الأطيان فعلاً بعد أن حول إليه عقد إيجارها كما أطرح الحكم أقوال شاهديه قولاً منه بأنها متناقضة مع أنها ليست كذلك وأنه بفرض تناقضها فإن ذلك لا يصلح دليلاً على صورية عقده، وفي ذلك كله ما يعيب الحكم بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه لما كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن تقدير كفاية أدلة الصورية هو مما تستقل به محكمة الموضوع لتعلقه بفهم الواقع في الدعوى وكان تقدير أقوال الشهود مرهوناً بما يطمئن إلى وجدان تلك المحكمة فلها أن تأخذ بأقوال شاهد دون آخر حسبما ترتاح إليه وتثق به ولا سلطان لأحد عليها في ذلك إلا أن تخرج بتلك الأقوال إلى ما لا يؤدي إليه مدلولها، كما أن تقدير القرائن هو أيضاً مما يستقل به قاضي الموضوع ولا شأن لمحكمة النقض فيما يستنبطه منها متى كان استنباطه سائغاً؛ لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه بعد أن أورد أقوال شهود الطرفين قضى بقبول الدفع بالصورية وأقام قضاءه في هذا الخصوص على قوله: "إن الواضح من استعراض أقوال الشهود أن ثمة تناقضاً في أقوال شاهدي المستأنف عليه الثاني الطاعن - فبينما يقرر الشاهد الأول منهما أن الباقي من الثمن قد اتفق على دفعه عند التسجيل يقرر الشاهد الثاني أن هذا الباقي حرر به كمبيالة في الوقت الذي يقرر فيه المستأنف عليه الثاني في كل مذكرات دفاعه أنه قد عجل الثمن كله للبائع قبل التوقيع على عقد البيع الابتدائي ويشير العقد المسجل ذاته في البند الثاني منه إلى أن الثمن بأكمله وقدره 900 ج قد دفع قبل التوقيع على العقد الابتدائي المؤرخ 2/ 5/ 1966 وقد اختلف الشاهدان أيضاً في تحديد شخص محرر العقد الابتدائي فقرر الشاهد الأول إن محرر العقد يدعى........ إذ يقرر الثاني أنه يظهر أن محرر العقد شخص يدعى........ وإذا كان ما تقدم وكان شاهدا المستأنفين قد أجمعا على أن المستأنفين - المطعون ضدهم الخمسة الأول هم الذين يزرعون الأرض ولم يقدم المستأنف عليه الثاني الطاعن - ما يدل على أنه قد وضع يده على الأطيان المقول ببيعها له منذ منتصف سنة 1966 فإن الذي تستخلصه المحكمة من كل ذلك أن عقد البيع الصادر من المستأنف عليه الأول - مورث المطعون ضدهم - للمستأنف عليه الثاني هو عقد صوري لا وجود له في الحقيقة وأنه قصد من تحريره إلى إفلات المستأنف عليه الأول من التزاماته المترتبة على عقد البيع المؤرخ 25/ 10/ 1958 - الصادر منه لمورثته ومورثة المستأنفين - المطعون ضدهم الخمسة الأول" - وكان يبين من ذلك الحكم المطعون فيه بعد أن استعرض أقوال الشهود إثباتاً ونفياً ووازن بينهما انتهى إلى ترجيح أقوال شاهدي المطعون ضدهم الخمسة الأول لاطمئنانه إليها وإطراح أقوال شاهدي الطاعن لعدم ثقته فيها لتناقضها ودلل على الصورية بأدلة سائغة مستمدة من أوراق الدعوى ومن شأنها أن تؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها - لما كان ذلك فإن ما يثيره الطاعن من أسباب النعي لا يعدو أن يكون مجادلة في تقدير الدليل مما لا رقابة لمحكمة النقض على محكمة الموضوع فيه.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ في القانون ويقول في بيان ذلك إن الحكم قضى بصورية عقد البيع الصادر إليه من مورث المطعون ضدهم بيعه له 1 ف و12 ط و5 س في حين أنه لا يدخل في هذا العقد من الأطيان موضوع العقد المرفوعة به الدعوى سوى 1 فدان و4 ط و12 س مما كان يتعين معه عدم قبول الدفع بالصورية إلا في هذا النطاق غير أن الحكم المطعون فيه قضى بصورية العقد بأكمله مما يعيبه بالخطأ في القانون.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أنه لما كان الطعن بصورية عقد لا يقبل إلا ممن له مصلحة فيه وفي حدود هذه المصلحة وكان المطعون ضدهم الخمسة الأول إذا طعنوا على القدر الصادر من البائع إلى الطاعن بالصورية إنما قصدوا إلى إهداره في خصوص العقد البالغ مساحته 14 ط و12 س الداخل في القدر الذي اشترته مورثتهم، والمرفوعة به الدعوى وذلك ابتغاء إزالة العائق الذي يحول دون تحقيق أثر هذا العقد فإن الحكم المطعون فيه إذا قبل الدفع بالصورية وقضى في أسبابه بقبول هذا الدفع ورتب على ذلك قضائه للمطعون ضدهم الخمسة الأول بصحة العقد الصادر إلى مورثهم فإن مؤدى ذلك هو عدم إهدار العقد الصادر إلى الطاعن إلا بالنسبة للقدر البالغ مساحته 14 ط و22 س دون ما جاوزه من القطع الأخرى المبيعة إليه - لما كان ذلك فإن النعي بهذا السبب على الحكم المطعون فيه يكون على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.


(1)  نقض 28/ 4/ 1970 مجموعة المكتب الفني. س 21. ص 714.

الطعن 365 لسنة 38 ق جلسة 22 /1/ 1974 مكتب فني 25 ج 1 ق 36 ص 208

جلسة 2 من يناير سنة 1974

برياسة السيد المستشار عباس حلمي عبد الجواد وعضوية السادة المستشارين: عدلي بغدادي وعثمان حسين عبد الله ومحمد توفيق المدني ومحمد كمال عباس.

------------------

(36)
الطعن رقم 365 لسنة 38 القضائية

 (1)نقض. "إعلان الطعن". إعلان. "بطلان الإعلان". بطلان.
إعلان الطعن بالنقض في الميعاد. حضور المطعون ضده وتقديمه مذكرة بدفاعه. التمسك ببطلان الإعلان دون بيان وجه المصلحة غير مقبول.
( 2، 3 ) عقد. "عيوب الإرادة. الإكراه". بطلان. "بطلان التصرفات".
(2) الإكراه المبطل للرضا. تحققه بتهديد المتعاقد بخطر جسيم محدق بنفسه أو بماله أو باستعمال وسائل ضغط لا قبل له باحتمالها أو التخلص منها، ويكون من نتيجة ذلك حصول رهبة تحمله على الإقرار بقبول ما لم يكن ليقبله اختياراً.
 (3)الإكراه الذي يعتد به سبباً لإبطال العقد. شرطه أن يكون غير مشروع 1273/ 1 مدني. استخدام وسيلة قانونية - التبديد بالتنفيذ بدين - في الضغط على المتعاقد للوصول إلى غرض غير مشروع. إكراه.
(4، 5 ) عقد. "عيوب الإرادة. الإكراه". نقض. "سلطة محكمة النقض". محكمة الموضوع.
(4) تقدير كون الأعمال التي وقع بها الإكراه مشروعة أو غير مشروعة. دخوله تحت رقابة محكمة النقض متى كانت تلك الأعمال مبينة في الحكم.
(5) تقدير وسائل الإكراه ومبلغ جسامتها وتأثيرها على نفس المتعاقد. أمور موضوعية تستقل بها محكمة الموضوع دون معقب من محكمة النقض.
 (6)عقد. "عيوب الإدارة. الإكراه". حكم. ".ما لا يعد قصوراً".
إثبات الحكم أن المطعون ضده اضطر - تحت تهديد الطاعن له بتنفيذ حكم الطرد من العين المؤجرة في الظروف المحيطة التي أوردها - إلى التوقيع للطاعن على عقد بيعه له المباني التي أقامها على العين المؤجرة بثمن بخس، وإلى الاتفاق على زيادة الأجرة. مؤداه. تحقق الإكراه بمعناه القانوني. لا خطأ ولا قصور.

---------------
1 - متى كان إعلان الطعن قد تم في الميعاد، وكان المطعون ضده قد حضر في هذا الطعن وقدم مذكرة بدفاعه، ولم يبين وجه مصلحته في التمسك ببطلان إعلانه، فإن هذا الدفع وعلى ما جرى به قضاء المحكمة (1) وأياً كان وجه الرأي في الإعلان لا يكون مقبولاً.
2 - الإكراه المبطل للرضا إنما يتحقق - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة (1) - بتهديد المتعاقد المكره بخطر جسيم محدق بنفسه أو بماله أو باستعمال وسائل ضغط أخرى لا قبل له باحتمالها أو التخلص منها، ويكون من نتيجة ذلك حصول رهبة تحمله على الإقرار بقبول ما لم يكن ليقبله اختياراً.
3 - إنه وإن كان يشترط في الإكراه الذي يعتد به سبباً لإبطال العقد أن يكون غير مشروع وهو ما أشارت إليه المادة 127/ 1 من القانون المدني إذ نصت على أنه. يجوز إبطال العقد للإكراه إذا تعاقد شخص تحت سلطان رهبة بعثها المتعاقد الآخر في نفسه دون حق وكانت قائمة على أساس "مما مفاده أنه يجب في الرهبة أن يكون المكره قد بعثها في نفس المكره بغير حق، وعلى ذلك فإن الدائن الذي يهدد مدينه بالتنفيذ عليه إنما يستعمل وسيلة قانونية للوصول إلى غرض مشروع، فلا يعتبر الإكراه قد وقع منه بغير حق - إلا أنه إذا أساء الدائن استعمال الوسيلة المقرر قانوناً بأن استخدمها للوصول إلى غرض غير مشروع كما إذا استغل المكره ضيق المكره ليبتز منه ما يزيد عن حقه، فإن الإكراه في هذه الحالة يكون واقعاً بغير حق ولو أن الدائن قد اتخذ وسيلة قانونية لبلوغ غرضه غير المشروع، وذلك على ما صرحت به المذكرة الإيضاحية للقانون المدني.
4 - تقدير كون الأعمال التي وقع بها الإكراه مشروعة أو غير مشروعة هو مما يدخل رقابة محكمة النقض متى كانت تلك الأعمال مبينة في الحكم، لأن هذا التقدير يكون هو الوصف القانوني المعطى لواقعة معينة يترتب على ما قد يقع من الخطأ فيه الخطأ في تطبيق القانون.
5 - تقدير وسائل الإكراه ومبلغ جسامتها وتأثيرها على نفس المتعاقد - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة [(2)] - هو من الأمور الموضوعية التي تستقل بالفصل فيها محكمة الموضوع، ولا رقابة لمحكمة النقض عليها في ذلك متى أقامت قضائها على أسباب سائغة.
6  - متى كان الحكم المطعون فيه قد أثبت في حدود سلطته الموضوعية، وفي أسباب سائغة حصلها من أوراق الدعوى وملابساتها أن المطعون ضده - تحت ضغط تهديد الطاعن له بتنفيذ حكم الطرد - من العين المؤجرة المستعملة مدرسة - في الظروف التي أحاطت به، واعتقاداً منه بأن خطراً جسمياً أصبح وشيك الحلول يتهدده من هذا الإجراء، يتمثل في حرمان التلاميذ من متابعة الدراسة والإلقاء بأثاث المدرسة في عرض الطريق والتشهير بسمعته بين أقرانه - قد اضطر إلى التوقيع للطاعن على عقد بيعه له المباني التي أقامها على العين المؤجرة بثمن بخس يقل كثيراً عن قيمتها الحقيقية، وإلى الاتفاق على زيادة أجر العين. وأن الطاعن بذلك قد استغل هذه الوسيلة للوصول إلى غرض غير مشروع، وهو ابتزاز ما يزيد على حقه، وكان ما أثبته الحكم على النحو المتقدم ذكره يتحقق به الإكراه بمعناه القانوني، وفيه الرد الكافي على ما أثاره الطاعن من أن المطعون ضده لم يكن يتهدده خطر جسيم حال، فإن النعي عليه بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب يكون على غير أساس.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن المطعون ضده أقام على الطاعن الدعوى رقم 185 سنة 1962 كلي طنطا وقال في صحيفتها إنه بمقتضى عقد مؤرخ 5/ 3/ 1951 استأجر من الطاعن العين المبينة بالعقد لاستعمالها مقراً لمدرسة إعدادية بأجرة شهرية قدرها خمسة عشر جنيهاً وأنه أقام عليها - بإذن من المالك (المؤجر) مبان جديدة واتفقا على أن يكون المستأجر عند إخلاء العين المؤجرة بالخيار بين إزالة تلك المباني وبين إبقائها للمالك لقاء دفع قيمتها في ذلك الوقت وأنه قد نشب نزاع بين الطرفين انتهى إلى صدور حكم بإخلاء المستأجر - المطعون ضده - من العين المؤجرة وإذ شرع الطاعن في تنفيذ ذلك الحكم أثناء العام الدراسي وخشيته أن يترتب على ذلك حرمان التلاميذ من الدراسة والإلقاء بأثاث المدرسة في عرض الطريق علاوة على التشهير بسمعة المطعون ضده، فقد اضطر تحت تأثير هذه الظروف وتفادياً لتنفيذ حكم الإخلاء وما ينجم عنه من أضرار، والتوقيع للطاعن في 21/ 3/ 1959 على عقد يفيد تملكه للمباني التي أقامها المطعون ضده - وأثبت في العقد على خلاف الواقع أن البيع تم لقاء ثمن قدره 900 جنيه كما وقع له على اتفاق آخر بزيادة الأجرة الشهرية إلى مبلغ خمسة وعشرين جنيهاً - ولما كان هذان العقدان قد صدرا من المطعون ضده تحت تأثير إكراه يتمثل في تهديد الطاعن إياه بإخلاء المدرسة مع ما يترتب على ذلك من نتائج واستخدامه هذه الوسيلة في الاستيلاء منه على ما يزيد كثيراً عن حقه فقد انتهى المطعون ضده إلى طلب الحكم بإبطال العقدين المشار إليهما - وبتاريخ 28/ 11/ 1962 قضت المحكمة الابتدائية برفض الدعوى. استأنف المطعون ضده هذا الحكم بالاستئناف رقم 393 سنة 12 ق طنطا - ومحكمة الاستئناف حكمت في 6/ 5/ 1968 بإلغاء الحكم المستأنف وبإجابة المطعون ضده إلى طلباته آنفة الذكر - طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض ودفع المطعون ضده ببطلان الطعن وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. وعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مبنى الدفع ببطلان الطعن الذي أبداه المطعون ضده أن إعلانه بتقرير الطعن وقع باطلاً قولاً منه بأنه أعلن إليه في المدرسة في مواجهة ابنه الذي لا يدرك أهمية الإعلان لإصابته بمرض عقلي في حين أنه كان يتعين طبقاً لنص المادة 12 من قانون المرافعات السابق إعلانه به لشخصه أو في موطنه - مما يبطل الإعلان.
وحيث إن هذا الدفع في غيره محله ذلك أنه لما كان إعلان الطعن قد تم في الميعاد وكان المطعون ضده قد حضر في هذا الطعن وقدم مذكرة بدفاعه ولم يبين وجه مصلحته في التمسك ببطلان إعلانه فإن هذا الدفع وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة وأياً كان وجه الرأي في الإعلان لا يكون مقبولاً.
وحيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد ينعى به الطاعن على الحكم المطعون. فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب ويقول في بيان ذلك أن الحكم أقام قضاءه على أن تهديد الطاعن للمطعون ضده باتخاذ إجراءات تنفيذ حكم الطرد إثناء العام الدراسي يتحقق به الإكراه المفسد للرضا في حين أن التهديد باستعمال وسيلة - مشروعة كفلها القانون ولا يترتب عليه إبطال العقود التي أبرمت تحت تأثير هذا التهديد لأن الإكراه فيها مشروع وأنه يشترط في الإكراه المبطل طبقاً لنص المادة 127/ 1 من القانون المدني أن يكون غير مشروع - هذا إلى أن المطعون ضده لم يكن عند توقيعه على العقدين مهدداً بخطر حال وجسيم إذ أن حكم الإخلاء قد صدر في 26/ 12/ 1957 على ألا ينفذ إلا في 1/ 9/ 1958 ولم يشرع الطاعن في تنفيذه إلا في 21/ 3/ 1959 كما أن المطعون ضده وهو ناظر مدرسة وعلى درجة كبيرة من التعليم، لم يكن يسهل الضغط على إرادته باستغلال هذه الظروف لإكراهه على التوقيع إلا أن الحكم المطعون فيه خالف هذا النظر وقضى بإبطال العقدين المشار إليهما استناداً إلى وقوع إكراه مؤثر على إرادة المطعون ضده وقت توقيعه عليهما على النحو المتقدم ذكره مما يعيب الحكم بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أن الإكراه المبطل للرضا إنما يتحقق وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة بتهديد المتعاقد المكره بخطر جسيم محدق بنفسه أو بماله أو باستعمال وسائل ضغط أخرى لا قبل له باحتمالها أو التخلص منها ويكون من نتيجة ذلك حصول رهبة تحمله على الإقرار بقبول ما لم يكن ليقبله اختياراً وأنه وإن كان يشترط في الإكراه الذي يعتد به سبباً لإبطال العقد أن يكون غير مشروع وهو ما أشارت إليه المادة 127/ 1 من القانون المدني إذ نصت على أنه "يجوز إبطال العقد للإكراه إذا تعاقد شخص تحت سلطان رهبة بعثها المتعاقد الآخر في نفسه دون حق وكانت قائمة على أساس" مما مفاده أنه يجب في الرهبة أن يكون المكره قد بعثها في نفس المكره بغير حق وعلى ذلك فإن الدائن الذي يهدد مدينه بالتنفيذ عليه إنما يستعمل وسيلة قانونية للوصول إلى غرض مشروع فلا يعتبر الإكراه قد وقع منه بغير حق إلا أنه إذا أساء الدائن استعمال الوسيلة المقرر قانوناً بأن استخدمها للوصول إلى غرض غير مشروع كما إذا استغل المكره - ضيق المكره ليبتز منه ما يزيد عن حقه فإن الإكراه في هذه الحالة يكون واقعاً بغير حق ولو أن الدائن قد اتخذ وسيلة قانونية لبلوغ غرضه غير المشروع وذلك على ما صرحت به المذكرة الإيضاحية للقانون المدني ولما كان تقدير كون الأعمال التي وقع بها الإكراه مشروعة أو غير مشروعة هو مما يدخل تحت رقابة محكمة النقض متى كانت تلك الأعمال مبينة في الحكم لأن هذا التقدير يكون هو الوصف القانوني المعطى لواقعة معينة يترتب على ما قد يقع من الخطأ فيه الخطأ في تطبيق القانون. أما تقدير وسائل الإكراه ومبلغ جسامتها وتأثيرها على نفس المتعاقد - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة هو من الأمور الموضوعية التي تستقل بالفصل فيها محكمة الموضوع ولا رقابة لمحكمة النقض عليها في ذلك متى أقامت قضائها على أسباب سائغة لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى تحقق الإكراه واستند في ذلك إلى قوله (إن محكمة الاستئناف لا تشاطر محكمة أول درجة رأيها في أن الإكراه لا يتوافر إذا اتخذ المكره وسائل مشروعة لأن هذه الوسائل المشروعة إذا قصد بها الوصول الذي غرض غير مشروع يمكن أن تعد من وسائل الإكراه وأن تنفيذ حكم بعد وسيلة إكراه إذا اضطر معها المنفذ ضده إلى التسليم للمنفذ بأكثر من حقه حتى يتفادى هذا التنفيذ الجبري الذي سيحدث أضراراً بالغة بسمعته أو نشاطه العام.... كما أن هذه المحكمة قطعت في أسباب حكمها الصادر في 8 يونيه سنة 1964 بأن المستأنف ضده الطاعن لم يدفع الثمن المسمى في العقد وهو 900 جنيه نقداً وأن ثمن المنشآت التي أقامها المستأنف هو التنازل عن الحكم الطرد وأن ثمن المنشآت كان نتيجة محاسبة وعلى مطلوبات المستأنف ضده الطاعن من المستأنف المطعون ضده وأن المستأنف ضده كان يملي مطلوباته إملاء وأن محامي المستأنف ضده وأحد شهوده هو الذي انفرد بذكر مطلوبات المستأنف ضده من المستأنف التي تحرر عقد بيع المنشآت التي أقامها المستأنف للمستأنف عليه في مقابلها... كما أن هذه المحكمة قطعت في أسباب حكمها السابق بتوافر حالة الإكراه في حق المستأنف "المطعون ضده" عندما حرر عقد اتفاق 21/ 3/ 1959 وقالت في أسباب حكمها "إن ظاهر هذه التقديرات التي بينها محامي المستأنف عليه "الطاعن" وشاهده إن دلت على شيء فإنما تدل على التحكم في التقدير وإملاء الرغبة وانتهاز الفرصة السانحة واستغلال الضيق الذي ألم بالمستأنف "المطعون ضده" وذلك لحاجة المستأنف في البقاء في العين المؤجرة وعدم تنفيذ حكم الطرد حتى لانتهاز مؤسسته ويفتضح أمره ويتبدد شرفه أمام التلاميذ والمدرسين وأولياء الأمور ورفقائه في المهنة وهذه الظروف مجتمعة تبين معنى الإكراه المبطل للعقود في حكم المادة 127 مدني وفيصل ذلك أن الإكراه يصور حالة نفسية تعتور المتعاقد فتصور له أن خطراً جسيماً محدقاً به يهدده في نفسه أو شرفه أو ماله والإكراه النفسي لا يستلزم انعدام الرضا انعداماً كلياً لأن ذلك لا يكون إلا في الإكراه المادي أما الإكراه النفسي فيكفي فيه حصول الرهبة والرغبة في تفادي ما تصوره المكره من خطر جسيم في ماله أو شرفه والإكراه النفسي كما يحدث باستعمال وسائل غير مشروعة لتحقيق أغراض غير مشروعة فإنه يتم أيضاً باستعمال وسائل مشروعة لتحقيق أغراض غير مشروعة وعلى ذلك فإن التهديد بتنفيذ حكم قضائي بالطرد وقبل انتهاء العام الدراسي وما يترتب عليه من ارتباك المدرسة وتشتيت التلاميذ وإتلاف محتويات حجراتها الدراسية من معامل وغيرها وفضح صاحب المدرسة والتشهير به في المجتمع الذي يعيش فيه ما دام الغرض من تنفيذ الحكم هو الاستيلاء على أكثر حقوقه بحيث يجعل ذلك رضاء المتعاقد معه معيباً ويخلص مما سلف أن المستأنف ضده الطاعن أراد أن يستولى على مبان قيمتها حسب تقدير الخبير الهندسي الحكومي مبلغ 1612 جنيهاً وكسور مقابل 326 جنيهاً له في ذمة المستأنف المطعون ضده" وكان يبين من ذلك أن الحكم المطعون فيه قد أثبت في حدود سلطته التقديرية وفي أسباب سائغة حصلها من أوراق الدعوى وملابساتها أن المطعون ضده - تحت ضغط تهديد الطاعن له بتنفيذ حكم الطرد في الظروف التي أحاطت به واعتقاداً منه بأن خطراً جسمياً أصبح وشيك الحلول يتهدده من هذا الإجراء، يتمثل في حرمان التلاميذ من متابعة الدراسة والإلقاء بأثاث المدرسة في عرض الطريق والتشهير بسمعته بين أقرانه - اضطر إلى التوقيع للطاعن على عقد بيعه له المباني التي أقامها على العين المؤجرة بثمن بخس يقل كثيراً عن قيمتها الحقيقية، وإلى الاتفاق على زيادة أجرة العين وأن الطاعن بذلك قد استغل هذه الوسيلة للوصول إلى غرض غير مشروع، وهو ابتزاز ما يزيد على حقه، وكان ما أثبته الحكم على النحو المتقدم ذكره يتحقق به الإكراه بمعناه القانوني، على ما سلف إيضاحه وفيه الرد الكافي على ما أثاره الطاعن من أن المطعون ضده لم يكن يتهدده خطر جسيم حال فإن النص على الحكم المطعون فيه بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.


 (1)نقض 19/ 1/ 1971 مجموعة المكتب الفني. س 22. ص 62.
 (2)نقض 9/ 6/ 1970 مجموعة المكتب الفني س 21 ص 1022

الطعن 184 لسنة 38 ق جلسة 17 /1/ 1974 مكتب فني 25 ج 1 ق 30 ص 174

جلسة 17 من يناير سنة 1974

برياسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة الدكتور حافظ هريدي، وعضوية السادة المستشارين: محمد سيد أحمد حماد وعلي صلاح الدين وأحمد صفاء الدين وعز الدين الحسيني.

-----------------

(30)
الطعن رقم 184 لسنة 38 القضائية

 (1)محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الأدلة".
سلطة قاضي الموضوع في بحث المستندات المقدمة له، وفي استخلاص ما يراه متفقاً مع الواقع متى كان استخلاصه سائغاً.
 (2)أموال "أموال عامة". تقادم "التقادم المكسب". حيازة. ملكية.
وضع اليد على الأموال العامة - مهما طالت مدته - لا يكسب الملكية ما لم يقع بعد زوال صفة المال العام عنها. مثال بشأن وضع اليد على أرض طرح النهر.

------------------
1 - لقاضي الموضوع السلطة التامة في بحث المستندات المقدمة له، وفي استخلاص ما يراه متفقاً مع الوقع متى كان استخلاصه سائغاً.
2 - وضع اليد على الأموال العامة مهما طالت مدته لا يكسب الملكية ما لم يقع به زوال صفة المال العام عنها. وإذ كانت محكمة الاستئناف - بما لها من سلطة موضوعية في تقدير الدليل - قد استخلصت مما ورد بتقرير الخبير أن الأطيان محل النزاع قد استقرت وأصبحت ثابتة منذ...... مما مؤداه زوال صفة المال العام عنها من هذا التاريخ وكان الحكم المطعون فيه قد استظهر من أقوال شاهدي المطعون عليه وأحد شهود الطاعن أن والد المطعون عليه وضع اليد على الأطيان من قديم الزمان حتى توفى سنة.... فاستمر المطعون عليه في وضع اليد عليها وضعاً مستوفياً كافة شروطه القانونية مدة تزيد على خمس عشرة سنة قبل أن يتعرض له الطاعن أو يعكر عليه حيازته، فإن النعي عليه بالفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت في الأوراق لا يعدو أن يكون جدلاً في تقدير الدليل مما تستقل به محكمة الموضوع بلا رقابة لمحكمة النقض عليها فيه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكمين المطعون فيهما وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن وزير الخزانة بصفته (الطاعن) أقام الدعوى رقم 373 سنة 1955 كلي بني سويف ضد....... (المطعون عليه) يطلب فيها الحكم بتثبيت ملكيته إلى الأطيان المبينة بصحيفتها والبالغ مساحتها 7 ف و1 ط و15 س وقال شرحاً للدعوى أن هذه الأطيان من أراضي طرح النهر والمملوكة للحكومة وأن المدعي عليه وضع يده عليها بغير حق، وأن مصلحة الأموال المقررة كانت تجري حصرها عليه سنوياً باعتبار أنه يقوم بزراعتها خفية وتربط عليه مقابل الانتفاع بها، ورغم قيامة بسداد جزء من هذا المقابل على فترات متعاقبة، إلا أنه أقام الدعوى رقم 232 سنة 1951 مدني بني سويف الجزئية يطلب منع تعرض مصلحة الأموال المقررة له في جزء من هذه الأطيان استناداً إلى وضع اليد عليه مدة تزيد على خمس عشرة سنة وقضى فيه لصالحه ومن ثم فقد بادر المدعي برفع دعواه للحكم بطلباته سالفة البيان. وفي 1/ 1/ 1958 حكمت المحكمة بندب خبير لتطبيق مستندات الطرفين على أرض النزاع وتحقيق وضع اليد عليها ومدته وسببه وبعد أن أعادت المحكمة المأمورية للخبير لبيان ما إذا كانت الأطيان من أراضي طرح النهر وتاريخ ارتفاع مستواها عن منسوب ارتفاع المياه في وقت الفيضان العادي، حكمت في 31/ 5/ 1966 للمدعي بطلباته. استأنف المدعى عليه هذا الحكم طالباً إلغاءه والقضاء برفض الدعوى وقيد الاستئناف برقم 82 سنة 4 ق بني سويف، وفي 7/ 6/ 1967 حكمت المحكمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المستأنف بكافة طرق الإثبات القانونية بما فيها شهادة الشهود أنه وضع اليد على أرض النزاع مدة 15 سنة سابقة على تاريخ رفع الدعوى ولينفي المستأنف عليه ذلك - وبعد أن سمعت المحكمة شهود الطرفين، عادت بتاريخ 10/ 2/ 1968 فحكمت بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى - طعن الطاعن في هذا الحكم وفي الحكم الصادر بتاريخ 7/ 6/ 1967 بطريق النقض - وقدمت النيابة العامة مذكرة برأيها وطلبت رفض الطعن.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن بأولها على الحكمين المطعون فيهما القصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول أنه أقام دفاعه على أن حيازة المطعون عليه لأرض النزاع هي حيازة عارضة لا تؤدي إلى كسب الملكية بالتقادم، فقد ظلت لجان الحصر التابعة لمصلحة الأموال المقررة تمر عليها منذ سنة 1945 وتحصر الزراعة القائمة بها خفية باسم المطعون عليه الذي كان يقوم بسداد مبالغ من مقابل الانتفاع المربوط على الأطيان، وقدم الطاعن استمارات حصر الخفية والكشوف الدالة على السداد، وإذ عرض الخبير الذي ندبته محكمة أول درجة هذه المستندات على المطعون عليه بمحضر أعماله المؤرخ 21/ 4/ 1960 أقر بسداد المبالغ الواردة بها وإن كان قد ادعى أنها عن أطيان أخرى بزرعها خفية بحوض القناولة 10، وقدم للتدليل على ذلك كشفين يتضمنان استئجاره 1 ف، 9 ط بالحوض المذكور عن سنتي 1959، 1960 وإذ كان المطعون عليه لم يقدم الدليل على استئجاره لهذا القدر أو وضع يده عليه بطريق الخفية قبل سنة 1959 وكانت بعض المبالغ مسددة قبل السنة المذكورة، وكان الثابت من الكشوف الرسمية المقدمة من الطاعن أن الإيجار المطلوب هو عن مساحة 7 ف، 1 ط، 15 س فقد انتهى الخبير إلى أن المطعون عليه لم يزرع قبل سنة 1959 سوى أطيان النزاع - ويضيف الطاعن أن الكشوف المقدمة منه هي أوراق رسمية وتعتبر حجة فيما تضمنته ما لم يطعن فيها بالتزوير وأن الحكم الابتدائي نفى نية التملك لدى المطعون عليه استناداً إلى ثبوت سداده المبالغ الواردة بهذه الكشوف مقابل انتفاعه بأرض النزاع، إلا أن محكمة الاستئناف اكتفت بمناقشة بعض المستندات المقدمة من الطاعن دون أن تعرض لباقيها، وذهبت إلى أن أوراق الدعوى خلو من عقد إيجار أو إيصال بسداد مقابل الانتفاع بأرض النزاع وفاتها أن الانتفاع بطريق الخفية يتم بغير عقد وأن قسائم دفع مقابل الانتفاع توجد تحت يد المنتفع - كما أغفلت الرد على الأسباب الواردة بتقرير الخبير والتي استند إليها الحكم الابتدائي في قضائه للطاعن بطلباته.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه يبين من الحكم المطعون فيه الصادر بتاريخ 7/ 6/ 1967 أنه رد على المستندات المقدمة من الطاعن للتدليل على أن المطعون عليه كان يحوز الأطيان موضوع النزاع بطريق الخفية، فإنه لا يوجد في أوراق الدعوى ما يستفاد منه قيام المطعون عليه بسداد مقابل الانتفاع بأرض النزاع الكائنة بحوض.....، وأن الكشوف المقدمة من الصرف لا تفيد استئجار المطعون عليه للأرض موضوع النزاع وإنما تدل على مجرد الادعاء بالتأخير في سداد الأجرة وأن قسيمتي السداد المؤرخين 7/ 9/ 1959، 8/ 9/ 1959 تتعلقان بأطيان أخرى يضع المطعون عليه اليد عليها خفية، وانتهى الحكم من ذلك إلى أن الطاعن قد عجز عن إثبات وجود علاقة بينه وبين المطعون عليه بشأن الانتفاع بالأطيان محل النزاع تنبئ بأن وضع يد هذا الأخير على تلك الأطيان لم يكن بنية التملك، ولما كان ما أثبته الحكم في خصوص المستندات المقدمة من الطاعن له أصله الثابت في الأوراق ويكفي لحمل النتيجة التي انتهى إليها، وفيه الرد الكافي على ما خلص إليه الخبير من أن المطعون عليه كان يحوز الأطيان موضوع النزاع بطريق الخفية؛ ولما كان لقاضي الموضوع السلطة التامة في بحث المستندات المقدمة له وفي استخلاص ما يراه متفقاً مع الواقع متى كان استخلاصه سائغاً, وكان المطعون عليه لا يحاج بالكشوف المقدمة من الطاعن والتي تنهض دليلاً على أن يده على أرض النزاع كانت يداً عارضة، فإن النعي على الحكمين بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل السببين الثاني والثالث الخطأ في القانون ومخالفة الثابت في الأوراق والفساد في الاستدلال؛ وفي بيان ذلك يقول الطاعن أن الخبير أوضح في تقريره أن أطيان النزاع كانت سنة 1906 عبارة عن جزء من خور وهو قطعة من نهر النيل، وقد طميت وارتفعت بالتدريج إلى أن ظهرت في الطبيعة سنة 1910، وأصبحت ثابتة ولا تتأثر بنهر النيل اعتباراً من عملية المساحة الخيرية سنة 1935، وعلى الرغم من ذلك فقد استخلصت محكمة الاستئناف من هذا التقرير أن الأطيان أصبحت مستقرة منذ سنة 1910 في حين أن طرح النهر لا يعتبر مستقراً بمجرد ظهوره في الطبيعة، بل من الوقت الذي يرتفع فيه منسوب الأرض إلى الحد الذي يجاوز منسوب ارتفاع الماء في وقت الفيضان العادي - وقد ترتب على هذا الخطأ أن المحكمة لم تفطن إلى أن أرض النزاع في المدة من سنة 1910 حتى سنة 1935 تعتبر من الأموال العامة بحسبانها جزءاً من النهر، وأن وضع اليد عليها مهما طالت مدته لا يؤدي إلى كسب ملكيتها بالتقادم، ومع ذلك فقد استندت المحكمة في قضائها برفض دعوى الطاعن إلى أن الثابت من أقوال شاهدي الإثبات والشاهد الثاني من شهود النفي أن والد المطعون عليه وضع يده على أطيان النزاع من قديم الزمان بصفته مالكاً لها حتى توفى سنة 1922 فوضع المطعون عليه اليد عليها باعتباره مالكاً ووارثاً لها عن والده - وهذا الذي أورده الحكم مفاده أن حيازة أرض النزاع انتقلت إلى المطعون عليه باعتباره خلفاً لوالده عقب وفاته سنة 1922 وقت كانت فيه الأرض غير ثابتة كطرح نهر، ومن ثم فإن هذه الحيازة تكون معيبة فلا تؤدي إلى كسب الملكية بالتقادم حتى بعد تاريخ استقرار طرح النهر في الخفية، إلا بفعل يعتبر من جانب الحائز معارضة لحق الحكومة، لأن حيازة السلف تنتقل إلى الخلف العام بصفاتها.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه وإن كان وضع اليد على الأموال العامة مهما طالت مدته لا يكسب الملكية ما لم يقع بعد زوال صفة المال العام عنه، إلا أنه لما كانت محكمة الاستئناف بما لها من سلطة موضوعية في تقدير الدليل - قد استخلصت مما ورد بتقرير الخبير أن الأطيان محل النزاع قد استقرت وأصبحت ثابتة منذ 1910، مما مؤداه زوال صفة المال العام عنها من هذا التاريخ وكان الحكم المطعون فيه الصادر بتاريخ 10/ 2/ 1968 قد استظهر من أقوال شاهدي المطعون عليه وأحد شهود الطاعن أن والد المطعون عليه وضع اليد على الأطيان من قديم الزمان حتى توفى سنة 1922 فاستمر المطعون عليه في وضع اليد عليها وضعاً مستوفياً كافة شروطه القانونية مدة تزيد على خمس عشرة سنة قبل أن يتعرض له الطاعن أو يعكر عليه حيازته، فإن النعي بهذين السببين لا يعدو أن يكون جدلاً في تقدير الدليل مما تستقل به محكمة الموضوع بلا رقابة لمحكمة النقض عليها فيه.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

الثلاثاء، 20 أكتوبر 2020

الطعن 313 لسنة 38 ق جلسة 14 /1/ 1974 مكتب فني 25 ج 1 ق 27 ص 151

جلسة 14 من يناير سنة 1974

برياسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة محمود العمراوي وعضوية السادة المستشارين: سليم راشد وعبد العليم الدهشان ومصطفى كمال سليم ومحمد صالح أبو رأس.

-------------

(27)
الطعن رقم 313 لسنة 38 القضائية

 (1)إصلاح زراعي. "تصرف كبار الملاك في أطيانهم الزراعية". بيع. بطلان. ملكية.
تصرف المالك فيما لم يستول عليه من الأطيان الزراعية الزائدة عن الحد الأقصى. جوازه لم يحترف الزراعة من صغار الزراع.
صغار الزراع. المقصود بهم. من يحترفون الزراعة باعتبارها مورد رزقهم الرئيسي.
 (2)إصلاح زراعي. "تصرف المالك إلى صغار الزراع". أمر ولائي.
أمر القاضي بالتصديق على التصرف الصادر من المالك إلى صغار الزراع. عمل ولائي. جواز التمسك ببطلان التصرف بإثبات عدم صحة الأقوال التي صدر التصديق بناء عليها.
(3) نقض. "السبب الجديد".
دفاع موضوعي لم يسبق عرضه على محكمة الموضوع. عدم جواز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.

----------------
1 - أجاز البند "ب" من المادة الرابعة من قانون الإصلاح الزراعي رقم 178 لسنة 1952 المعدل بالقانونين رقمي 311 لسنة 1952، 300 لسنة 1953 لمن يملك أطياناً تزيد على الحد الأقصى الجائز تملكه قانوناً أن ينقل إلى صغار الزراع ملكية ما لم يستول عليه من أطيانه الزائدة على هذا الحد، واشترطت لذلك شروطاً منها أن تكون حرفة المتصرف إليهم هي الزراعة، وذلك تحقيقاً للهدف من قانون الإصلاح الزراعي وهو إرساء قواعد العدالة في توزيع الأرض على من يفلحونها ويعيشون من زراعتها كمورد رئيسي لهم، وتحقيقاً لذات الهدف وضماناً لبقاء الأرض المتصرف فيها بمقتضى هذه المادة في أيدي صغار الزراع فقد نص في المادة الرابعة مكرراً على عدم جواز التصرف فيها إلا إلى صغار الزراع، وعلى ذلك يكون من صغار الزراع في حكم هاتين المادتين من تكون حرفته الزراعة باعتبارها مورد رزقه الرئيسي الذي يعول عليه في معيشته وهو ما أفصح عنه التفسير التشريعي رقم 1 لسنة 1963 الصادر من الهيئة العامة للإصلاح الزراعي، وبالتالي فإن من يزرع أرضاً ويعول في معيشته على حرفة أخرى لا يكون من صغار الزراع بالمعنى المقصود قانوناً. إذ كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى أن مهنة الطاعن الرئيسية التي يعول عليها في معيشته هي التدريس للأسباب السائغة التي أوردها والتي من شأنها أن تؤدي إلى ما انتهى إليه ورتب على ذلك بطلان العقد الصادر إلى الطاعن لمخالفته لحكم المادتين 4، 4 مكرر من قانون الإصلاح الزراعي فإن يكون قد التزم صحيح القانون.
2 - مؤدى نصوص المواد 4، 4 مكرر من قانون الإصلاح الزراعي، 9 من التفسيرات التشريعية التي أصدرتها اللجنة العليا للإصلاح الزراعي وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة  (1)  أن القاضي الجزئي إنما يعول في إصدار قراره بالتصديق على مجرد ما يدلي به المشتري من أقوال تفيد توفر الشروط المنصوص عليها في المادة 4 دون أن يقوم من جانبه بأي إجراء من شأنه التحقق من صحة هذه الأقوال، مما يجعل أمر القاضي بالتصديق عملاً ولائياً يجوز معه لكل ذي مصلحة يؤثر فيها اعتبار العقد صحيحاً أن يتمسك ببطلانه ويثبت عدم صحة الأقوال التي صدر التصديق بناء عليها.
3 - إذ كان النعي ينطوي على دفاع موضوعي جديد لم يسبق عرضه على محكمة الموضوع فلا يجوز إبداؤه لأول مرة أمام محكمة النقض.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 530 لسنة 1960 مدني كلي طنطا بطلب الحكم بإثبات صحة التعاقد الحاصل بينه وبين المطعون ضده السادس بموجب عقد البيع المؤرخ 18/ 2/ 1959 عن الأرض الزراعية المبينة الحدود والمعالم بعقد بيع المذكور وصحيفة الدعوى المشهرة في 29/ 5/ 1960، وأثناء نظر الدعوى طلب مورث المطعون ضدهم الخمسة الأول قبول تدخله خصماً في الدعوى ليطلب الحكم برفضها تأسيساً على أنه اشترى ذات الأطيان موضوع الدعوى من نفس البائع بعقد تم شهره في 19/ 6/ 1960 وفي 29/ 5/ 1961 قضت المحكمة بعدم قبول طلب التدخل وبصحة التعاقد الصادر للطاعن واستأنف مورث المطعون ضدهم الخمسة الأول هذا الحكم بالاستئناف رقم 207 لسنة 11 ق طنطا طالباً إلغاءه وقبول تدخله خصماً في الدعوى والحكم برفضها مستنداً في ذلك إلى بطلان عقد شراء الطاعن لمخالفته لأحكام المادتين 4، 4 مكرر من قانون الإصلاح الزراعي. وفي 23/ 1/ 1962 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من عدم قبول تدخل - المستأنف وبقبول تدخله وبرفض طلباته موضوعاً وتأييد الحكم فيما قضى به من صحة ونفاذ العقد المؤرخ 18/ 2/ 1959, وطعن مورث المطعون ضدهم الخمسة الأول في هذا الحكم بطريق النقض وقيد طعنه برقم 83/ 32 ق وفي أول نوفمبر سنة 1966 قضت محكمة النقض بنقض الحكم المطعون فيه وأحالت القضية إلى محكمة استئناف طنطا للنظر في سبب الاستئناف آنف الذكر الذي حجب الحكم نفسه عن بحثه. وفي 8/ 4/ 1968 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبقبول تدخل المطعون ضدهم الخمسة الأول خصوماً في الدعوى وبرفضها. وطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وقد عرض على غرفة المشورة فحددت جلسة لنظره وفيها أصرت النيابة على رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب حاصل أولهما أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وفي بيان ذلك يقول الطاعن إن الحكم قضى برفض الدعوى تأسيساً على بطلان عقد البيع الصادر إليه بمقولة أنه ليس من صغار الزراع الذين أجازت المادتان 4، 4 مكرر من قانون الإصلاح الزراعي التصرف إليهم في الأطيان الزائدة على النصاب الجائز تملكه قانوناً، إذ يعمل مدرساً في حين أن اشتغاله بالتدريس لا يحول دون اعتباره من صغار الزراع ما دام أنه يعمل الزراعة فعلاً.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أن البند (ب) من المادة الرابعة من قانون الإصلاح الزراعي رقم 178 لسنة 1952 المعدل بالقانونين رقمي 311 لسنة 1952، 300 لسنة 1953 لمن أجازت لمن يملك أطياناً تزيد على الحد الأقصى الجائز تملكه قانوناً أن ينقل إلى صغار الزراع ملكية ما لم يستول عليه من أطيانه الزائدة على هذا الحد، واشترطت لذلك شروطاً منها أن تكون حرفة المتصرف إليهم هي الزراعة وذلك تحقيقاً للهدف من قانون الإصلاح الزراعي وهو إرساء قواعد العدالة في توزيع الأرض على من يفلحونها ويعيشون من زراعتها كمورد رئيسي لهم وتحقيقاً لذات الهدف وضماناً لبقاء الأرض المتصرف فيها بمقتضى هذه المادة في أيدي صغار الزراع فقد نص في المادة الرابعة مكرراً على عدم جواز التصرف فيها إلا إلى صغار الزراع، وعلى ذلك يكون من صغار الزراع في حكم هاتين المادتين من تكون حرفته الزراعة باعتبارها مورد رزقه الرئيسي الذي يعول عليه في معيشته وهو ما أفصح عنه التفسير التشريعي رقم 8 لسنة 1963 الصادر من الهيئة العامة للإصلاح الزراعي وبالتالي فإن من يزرع أرضاً ويعول في معيشته على حرفة أخرى لا يكون من صغار الزراع بالمعنى المقصود قانوناً - لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد انتهي إلى أن مهنة الطاعن الرئيسية التي يعول عليها في معيشته هي التدريس للأسباب السائغة التي أوردها والتي من شأنها أن تؤدي إلى ما انتهى إليه ورتب على ذلك بطلان العقد الصادر إلى الطاعن لمخالفته لحكم المادتين 4، 4 مكرر من قانون الإصلاح الزراعي فإنه يكون قد التزم صحيح القانون ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن حاصل السبب الثاني أن الحكم المطعون فيه أخطأ في الإسناد وخالف القانون ذلك أن المحكمة الجزئية وعملاً بالمادة الرابعة من قانون الإصلاح الزراعي قد صدفت على عقد البيع الصادر إليه بعد أن أجرت تحقيقاً ثبت منه اشتغاله بالزراعة وقد أهدر الحكم المطعون فيه حجية هذه القرينة دون تحقيق واستند إلى أسباب عامة غير محددة ولا سند لها في أوراق الدعوى.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أن مؤدى نصوص المواد 4، 4 مكرر من قانون الإصلاح الزراعي، 9 من التفسيرات التشريعية التي أصدرتها اللجنة العليا للإصلاح الزراعي وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة، أن القاضي الجزئي إنما يعول في إصدار قراره بالتصديق على مجرد ما يدلي به المشتري من أقوال تفيد توفر الشروط المنصوص عليها في المادة 4 دون أن يقوم من جانبه بأي إجراء من شأنه التحقيق من صحة هذه الأقوال مما يجعل أمر القاضي بالتصديق عملاً ولائياً يجوز معه لكل ذي مصلحة يؤثر فيها اعتبار العقد صحيحاً أن يتمسك ببطلانه ويثبت عدم صحة الأقوال التي صدر التصديق بناء عليها ولما كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على قوله "إن الثابت من إقرار الطاعن بالجلسة ومن الاطلاع على بطاقته العائلية أنه كان يعمل مدرساً وقت التصرف إليه بالبيع وأن صافي مرتبه 14 جنيه شهرياً ومن ثم لا يكون الطاعن مزارعاً أي لا تكون حرفته الأصلية الزراعة وحصوله على بطاقة حيازة زراعية لا يدل على أنه مزارع ولا ينفي أنه مدرس إذ أن بطاقة الحيازة تمنح لكل من يملك أو يستأجر أطياناً وملكية الطاعن ستة قراريط حسب الكشف الرسمي المقدم منه لا تدل على أنه مزروع يعتمد في معيشته أصلاً على الزراعة" وهذا الذي قرره الحكم المطعون فيه له أصله الثابت في الأوراق وسائغ ومن شأنه أن يؤدي إلى ما انتهى إليه ولا مخالفة فيه للقانون وبالتالي يكون النعي على غير أساس.
وحيث إن حاصل السبب الثالث أن الحكم المطعون فيه خالف القانون إذ انتهى إلى أن للمطعون ضدهم الخمسة الأول مصلحة في التمسك ببطلان العقد الصادر إليه دون أن يتحقق من أن مورثهم من صغار الزراع الذين يصح التصرف إليهم والحال أنه كان صاحب مخبز.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول لأنه ينطوي على دفاع موضوعي جديد لم يسبق عرضه على محكمة الموضوع ولا يجوز إبداؤه لأول مرة أمام محكمة النقض.
ولكل ما تقدم يكون الطعن برمته على غير أساس ويتعين رفضه.


 (1) نقض 7/ 11/ 1967 مجموعة المكتب الفني السنة 18 ص 1621.