الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 3 أكتوبر 2020

الطعن 157 لسنة 40 ق جلسة 28 / 12 / 1975 مكتب فني 26 ج 2 ق 320 ص 1714

جلسة 28 من ديسمبر سنة 1975

برياسة السيد المستشار أنور خلف نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد مصطفى المنفلوطي، وممدوح عطية، وحسن السنباطي، والدكتور بشري رزق فتيان.

------------------

(320)
الطعن رقم 157 لسنة 40 القضائية

 (1)إثبات "طرق الإثبات" "البينة". نظام عام. نقض.
قواعد الإثبات. لا تتعلق بالنظام العام. الدفع بعدم جواز الإثبات بالبينة لأول مرة أمام محكمة النقض. غير مقبول.
 (2)عمل "عقد العمل".
علاقة العمل. مناط قيامها. توافر عنصري التبعية والأجر. إحضار العمال بعض الأدوات أو الخامات ودفعهم أجور مساعديهم. لا ينفي عنصر التبعية ما داموا يخضعون لرقابة رب العمل وإشرافه. تحديد الأجر بالقطعة لا يغير من طبيعة عقد العمل.

----------------
1 - قواعد الإثبات ليست من النظام العام ويجوز الاتفاق على مخالفتها صراحة أو ضمناً، وإذ كان الثابت من الأوراق أن الطاعنة قد ارتضت حكم الإحالة على التحقيق ونفذته بإعلان شاهدها وسماعه، ولم تعترض على هذا الحكم حتى صدر الحكم المطعون فيه، فإن ما تثيره الطاعنة بشأن إقرار المطعون ضده (من أنه دليل كتابي لا يجوز إثبات عكسه بشهادة الشهود) أياً ما كان وجه الرأي فيه - يكون غير مقبول.
2 - عقد العمل يتميز بخصيصتين أساسيتين هما التبعية والأجر وبتوافرهما تقوم علاقة العمل وإذ كان عنصر التبعية - وهو المناط في تكييف عقد العمل وتميزه عن غيره من العقود - يتمثل في خضوع العامل لإشراف رب العمل ورقابته، وكان إحضار العمال بعض ما يلزم عملهم من أدوات أو خامات ودفع أجور مساعديهم ليس من شأنه نفي عنصر تبعيتهم لصاحب العمل ما داموا يخضعون لرقابته وإشرافه، وكان من صور الأجر تحديده على أساس ما ينتجه العامل دون أن يغير ذلك من طبيعة عقد العمل، فإن الحكم المطعون فيه إذ أقام قضاءه بانتفاء علاقة العمل استناداً إلى أن الأجر يدفع عن القطعة وأن العمال يحضرون بعض ما يلزم صناعة الحذاء من خامات ويدفعون أجور مساعديهم من الصبية يكون قد شابه الفساد في الاستدلال بما يستوجب نقضه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 2226 سنة 1965 مدني كلي القاهرة على الهيئة الطاعنة وانتهى فيها إلى طلب الحكم بإلزامها بأن تدفع له مبلغ 673 ج و442 م، وقال بياناً لدعواه أنه اشترك في مؤسسة التأمينات الاجتماعية عن متعهدي صناعة الأحذية لورشته اعتباراً من شهر فبراير سنة 1959 واستمر في سداد الاشتراكات طبقاً لظروف الإنتاج الذي يقوم به هؤلاء المتعهدون، ولما كان قد حرر ضده بتاريخ 21/ 5/ 1964 محضر الجنحة رقم 3979 سنة 64 عابدين بتهمتي عدم تحرير عقد عمل وإنشاء ملف لعماله وقضي فيها نهائياً بالبراءة في 12/ 11/ 1964 تأسيساً على أن علاقته بهؤلاء العاملين هي علاقة مقاولة وليست علاقة عمل، فقد أقام دعواه استناداً إلى هذا الحكم مطالباً باسترداد ما يخصه من المبالغ التي كان قد سددها للهيئة الطاعنة وهو المبلغ السالف بيانه، وبعد أن قضت المحكمة بندب خبير حسابي في الدعوى وقدم الخبير تقريره الذي انتهى فيه إلى أن عدد العمال الذين حرر بشأنهم محضر الجنحة رقم 3979 سنة 1964 عابدين هو اثنا عشر عاملاً وأن حركة العمال كانت متغيرة بحيث استبدل بعضهم بآخرين، حكمت المحكمة في 6/ 11/ 1966 بندب ذات الخبير لبيان العلاقة بين المطعون ضده ومن كانوا يعملون في محله خلال الفترة من سنة 1959 إلى نهاية سنة 1963 وهل يعتبرون من العمال الذين تسري في شأنهم أحكام قانون العمل والتأمينات الاجتماعية، وإذ انتهى الخبير إلى أنها علاقة مقاولة وليست علاقة عمل، قضت المحكمة في 19/ 5/ 1968 بإلزام الهيئة الطاعنة بأن تدفع إلى المطعون ضده مبلغ 673 جنيهاً و442 مليماً، استأنفت الطاعنة هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة وقيد الاستئناف برقم 1452 سنة 85 ق وبتاريخ 4/ 2/ 1969 حكمت المحكمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق لتثبت الهيئة الطاعنة أن العلاقة بين المطعون ضده وعماله الذين يعملون معه بورشة الأحذية هي علاقة عمل يتوافر فيها التبعية وتقاضى الأجر ولينفي المطعون ضده ذلك، وبعد سماع شهود الطرفين حكمت في 31/ 12/ 1969 بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وعرض الطعن على غرفة المشورة فحددت لنظره جلسة 23/ 11/ 1975 وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن حاصل الوجه الثاني من السبب الأول من أسباب الطعن مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون، وفي بيان ذلك تقول الطاعنة أن المطعون ضده أورد في صحيفة دعواه إنه اشترك في مؤسسة التأمينات الاجتماعية بموجب الاستمارة رقم 2 تأمينات وقد أقر في هذه الاستمارة بأن علاقته بالصناع الذين يعملون في ورشته هي علاقة عمل، وهو إقرار - وإن كان غير قضائي - إلا أن له حجيته في الإثبات لوروده في ورقة رسمية، بحيث يعفي الطاعنة من عبء إثبات علاقة المطعون ضده بالصناع الذين يعملون في ورشته، إلا أن المحكمة الاستئنافية خالفت القانون بإحالتها الدعوى إلى التحقيق وتطلبها دليلاً على أمر معترف به وإجازتها إثبات عكس الثابت كتابة بشهادة الشهود.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أنه لما كانت قواعد الإثبات ليست من النظام العام ويجوز الاتفاق على مخالفتها صراحة أو ضمناً، وكان الثابت من الأوراق أن الطاعنة قد ارتضت حكم الإحالة على التحقيق ونفذته بإعلان شاهدها وسماعه، ولم تعترض على هذا الحكم حتى صدر الحكم المطعون فيه فإن ما تثيره الطاعنة بشأن إقرار المطعون ضده - أياً ما كان وجه الرأي فيه - يكون غير مقبول.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال، ذلك أنه أقام قضاءه باعتبار العلاقة بين المطعون ضده وعماله علاقة مقاولة وليست علاقة عمل استناداً إلى أنهم يتقاضون الأجر على القطعة ويحضرون من أموالهم بعض ما يلزم صناعة الأحذية من مسمار وخيوط وغراء ويستخدمون مساعدين لهم يدفعون لهم أجورهم، وهو ما يعيبه بالفساد في الاستدلال لأن الأجر بالقطعة مما يجرى به العرف، والاستعانة بمساعدين لا ينفي عن الصناع صفتهم كما أن إحضار بعض أدوات الصناعة لا يغير من هذه الصفة لأن ما يدفعه صاحب العمل من أجر يشمل مصاريف هذه التكلفة.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أن عقد العمل يتميز بخصيصتين أساسيتين هما التبعية والأجر وبتوفرهما تقوم علاقة العمل، ولما كان عنصر التبعية - وهو المناط في تكييف عقد العمل وتمييزه عن غيره من العقود - يتمثل في خضوع العامل لإشراف رب العمل ورقابته، وكان إحضار العمال بعض ما يلزم عملهم من أدوات أو خامات ودفع أجور مساعديهم ليس من شأنه نفي عنصر تبعيتهم لصاحب العمل ما داموا يخضعون لرقابته وإشرافه، وكان من صور الأجر تحديده على أساس ما ينتجه العامل دون أن يغير ذلك من طبيعة عقد العمل، فإن الحكم المطعون فيه إذ أقام قضاءه بانتفاء علاقة العمل استناداً إلى أن الأجر يدفع عن القطعة وأن العمال يحضرون بعض ما يلزم صناعة الحذاء من خامات ويدفعون أجور مساعديهم من الصبية، يكون قد شابه الفساد في الاستدلال بما يستوجب نقضه بغير حاجة إلى بحث باقي أسباب الطعن.


الطعن 561 لسنة 40 ق جلسة 29 / 12 / 1975 مكتب فني 26 ج 2 ق 322 ص 1722

جلسة 29 من ديسمبر سنة 1975

برياسة السيد المستشار: أحمد فتحي مرسي، وعضوية السادة المستشارين: محمد صالح أبو راس، وحافظ رفقي، وعبد اللطيف المراغي، وسعد العيسوي.

--------------------

(322)
الطعن رقم 561 لسنة 40 القضائية

جمارك "النقص في البضاعة". إثبات "القرينة القانونية". محكمة الموضوع. نقض.
النقص في البضائع المفرغة من السفينة. قرينة قانونية على مظنة التهريب. انتفاء القرينة في حالة النقص الجزئي الناشئ عن العوامل الطبيعية أو ضعف الغلافات والذي لا يجاوز نسبة التسامح التي يحددها قرار مدير الجمارك. استقلال محكمة الموضوع بتقدير مبرر النقص.

------------------
مفاد نصوص المواد 31 و38 و117 من قانون الجمارك رقم 66 لسنة 1963 مجتمعة - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة  (1) - أن المشرع أقام قرينة مؤداها أن وجود نقص في مقدار البضائع المنفرطة أو في عدد الطرود أو محتوياتها المفرغة من السفينة عما هو مبين في قائمة الشحن يفترض معه أن الربان قد هربه إلى داخل البلاد دون أداء الرسوم الجمركية المستحقة عليه، إلا أنه أجاز للربان دفع مظنة التهريب بإيضاح أسباب النقص وتقديم البراهين المبررة له، واستلزم المشرع أن يكون هذا التبرير بمستندات جدية في حالات ثلاث هي عدم شحن البضاعة على السفينة أصلاً وعدم تفريغها وسبق تفريغها في ميناء آخر، أما في غير هذه الحالات المحددة فإن المشرع لم يقيد نقض تلك القرينة بطريق معين من طرق الإثبات ومن ثم يجوز نفيها بكافة الطرق حسبما تقضي القواعد العامة، فإذا ما أوضح الربان أو من يمثله سبب النقص أياً كان مقداره وأقام الدليل عليه، انتفت القرينة على التهريب، أما إذا لم يثبت الربان سبب النقص أو ما يبرره بمستندات جدية في الحالات التي يستلزم فيها القانون ذلك ظلت تلك القرينة قائمة في حق الربان وألزم بأداء الرسوم المقررة، وذلك كله ما لم يكن النقص راجعاً إلى عوامل طبيعية أو إلى ضعف الغلافات يؤدي إلى انسياب محتوياتها إذ افترض المشرع في هذه الحالة انتفاء القرينة على التهريب إذا كان النقص لا يجاوز نسبة التسامح التي فوض المدير العام للجمارك تحديدها، ويترتب على كون العجز في حدود تلك النسبة بالشروط المتقدمة عدم إخضاعه للضريبة المستحقة على البضاعة لانتفاء المبرر لاستحقاقها إذ هي لا تستحق في حالة النقص الجزئي إلا حيث لا تنتفي القرينة على التهريب. وإذ كان يبين من الحكم المطعون فيه أنه قضى برفض طلب الرسوم الجمركية عن العجز الجزئي في البضاعة موضوع الدعوى استناداً إلى ما يكفي لإثبات أن العجز إنما يرجع إلى عمليات الشحن والتفريغ، مما مفاده أن الحكم انتهى استناداً إلى تقرير خبير هيئة اللويدز من أن العجز الحاصل في الرسالة مرجعه إلى عمليات الشحن والتفريغ في استدلال سائغ إلى أن النقص الجزئي سالف الذكر يرجع إلى أعمال الشحن والتفريغ وهي أسباب لا دخل لإرادة الربان فيها بما ينفي عنه مظنة التهريب، وكان الاقتناع بما يقدمه الربان لتبرير النقص أمراً تستقل به محكمة الموضوع بغير رقابة عليها من محكمة النقض ما دام قضاؤها قائماً على أسباب سائغة تكفي لحمله بغير حاجة إلى سند آخر، لما كان ذلك، فإن النعي على الحكم بالخطأ في تطبيق القانون لمجاوزة النقص الجزئي في الرسالة نسبة التسامح المقررة في المادة الثانية من قرار مدير عام الجمارك رقم 4 لسنة 1963 - أياً كان وجه الرأي فيه - يصبح غير منتج.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعنة أقامت الدعوى رقم 100 لسنة 1967 كلي بور سعيد على المطعون ضدها بصفتها بطلب الحكم بإلزامها بمبلغ 511 ج و95 م وقالت في بيان دعواها أن السفينة "ماراثون" وصلت إلى ميناء بور سعيد يوم 24/ 4/ 1966 وعليها شحنة من الدقيق تبين بعد تفريغها أن بها عجزاً قدره 19.571 طناً، وإذ لم يقدر ربان السفينة تبرير العجز فإنها تكون مسئولة عن الرسوم الجمركية المستحقة عليها وقدرها 511 ج و95 م، وبتاريخ 24/ 3/ 1968 قضت محكمة أول درجة برفض الدعوى. استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 14 سنة 9 ق استئناف المنصورة وبتاريخ 29/ 4/ 1970 قضت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وعرض الطعن على المحكمة بغرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد تنعى فيه الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك تقول أن الحكم المطعون فيه أسس قضاءه برفض الدعوى على أن مرد العجز في الرسالة هي أعمال الشحن والتفريغ وأن نسبة العجز فيها تدخل في حدود نسبة التسامح التي ورد مبدأ النص عليها في المادة 37 من القانون رقم 66 لسنة 1963 وقرار مدير عام الجمارك رقم 4 لسنة 1963، في حين أن الفقرة الثانية من المادة سالفة الذكر قصرت التسامح على حالتين هما - العجز الناشئ عن العوامل الطبيعية أو ضعف الغلافات، وإذ كان القرار رقم 4 سالف الذكر قد أضاف على هاتين الحالتين حالة ثالثة هي العجز الناشئ عن أعمال الشحن والنقل والتفريغ وكان الحكم المطعون فيه بني قضاءه على أن العجز يرجع إلى أعمال الشحن والنقل والتفريغ وكانت هذه الحالة لم ترد أصلاً في الفقرة الثانية من المادة 37 سالفة الذكر فإن النص عليها بطريق الإضافة في قرار مدير عام الجمارك يكون مخالفاً للقانون وللدستور لأنه لا يجوز الإعفاء من الضريبة أو الرسم إلا بقانون.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أنه لما كانت المادة 37 من قانون الجمارك رقم 66 لسنة 1963 تنص على أن "يكون ربانية السفن أو من يمثلونهم مسئولين عن النقص في عدد الطرود أو محتوياتها أو في مقدار البضاعة المنفرطة - الصب - إلى حين استلام البضاعة في المخازن الجمركية أو في المستودعات أو بمعرفة أصحاب الشأن.. وتحدد بقرار من المدير العام للجمارك نسبة التسامح في البضائع المنفرطة زيادة أو نقصاً وكذلك النقص الجزئي في البضاعة الناشئ عن عوامل طبيعية أو نتيجة لضعف الغلافات وانسياب محتوياتها" وكانت المادة 38 منه تنص على أنه "إذا كان مقدار البضائع أو عدد الطرود المفرغة أقل مما هو مبين في قائمة الشحن وجب على ربان السفينة أو من يمثله إيضاح أسباب النقص، وإذ كانت البضائع أو الطرود الناقصة لم تشحن أصلاً أو لم تفرغ أو فرغت في جهة أخرى، وجب أن يكون تبرير النقص بمستندات جدية ونصت المادة 117 من نفس القانون على فرض غرامة على ربابنة السفن لا تقل عن عشر الضرائب الجمركية المعرضة للضياع ولا تزيد على مثلها فضلاً عن الضرائب المستحقة وذلك في حالة النقص غير المبرر عما أدرج في قائمة الشحن في عدد الطرود أو محتوياتها أو البضائع المنفرطة، فإن مفاد هذه النصوص مجتمعة - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن المشرع أقام قرينة مؤداها أن وجود نقص في مقدار البضائع المنفرطة أو في عدد الطرود أو محتوياتها المفرغة من السفينة عما هو مبين في قائمة الشحن، يفترض معه أن الربان قد هربه إلى داخل البلاد دون أداء الرسوم الجمركية المستحقة عليه إلا أنه أجاز للربان دفع مظنة التهريب بإيضاح أسباب النقص وتقديم البراهين المبررة له، واستلزم المشرع أن يكون هذا التبرير بمستندات جدية في حالات ثلاث هي عدم شحن البضاعة على السفينة أصلاً، وعدم تفريغها وسبق تفريغها في ميناء آخر، أما في غير هذه الحالات المحددة، فإن المشرع لم يقيد نقض تلك القرينة بطريق معين من طرق الإثبات، ومن ثم يجوز نفيها بكافة الطرق حسبما تقضي القواعد العامة، فإذا ما أوضح الربان أو من يمثله سبب النقص أياً كان مقداره - وأقام الدليل عليه، انتفت القرينة على التهريب، أما إذا لم يثبت الربان سبب النقص أو ما يبرره بمستندات جدية في الحالات التي يستلزم فيها القانون ذلك ظلت تلك القرينة قائمة في حق الربان والتزم بأداء الرسوم المقررة، وذلك كله ما لم يكن النقص راجعاً إلى عوامل طبيعية أو إلى ضعف في الغلافات يؤدي إلى انسياب محتوياتها، إذ افترض المشرع في هذه الحالة انتفاء القرينة على التهريب إذا كان النقص لا يجاوز نسبة التسامح التي فوض المدير العام للجمارك في تحديدها ويترتب على كون العجز في حدود تلك النسبة بالشروط المتقدمة عدم إخضاعه للضريبة المستحقة على البضاعة لانتفاء المبرر لاستحقاقها إذ هي لا تستحق في حالة النقص الجزئي إلا حيث لا تنتفي القرينة على التهريب، ولما كان ذلك، وكان يبين من الحكم المطعون فيه أنه قضى برفض طلب الرسوم الجمركية عن العجز الجزئي في البضاعة موضوع الدعوى استناداً إلى قوله "إن الثابت من تقرير خبير هيئة اللويدز المقدم من المطعون ضدها أن انتقال الخبير للمعاينة كان بناء على طلب وزارة التموين صاحبة الشحنة وأن العجز الحاصل في الرسالة موضوع التداعي مرجعه إلى عمليات الشحن في ميناء الشحن وإلى عمليات التفريغ في ميناء بور سعيد" ولم تطعن الطاعنة في هذا التقرير بأي طعن، وفي هذا ما يكفي لإثبات أن العجز إنما يرجع إلى عمليات الشحن والتفريغ، مما مفاده أن الحكم انتهى في استدلال سائغ إلى أن النقص الجزئي سالف الذكر يرجع إلى أعمال الشحن والتفريغ وهي أسباب لا دخل لإرادة الربان فيها مما ينفي عنه مظنة التهريب، ولما كان الاقتناع بما يقدمه الربان لتبرير النقص أمراً تستقل به محكمة الموضوع بغير رقابة عليها من محكمة النقض ما دام قضاؤها قائماً على أسباب سائغة تكفي لحمله بغير حاجة إلى سند آخر، لما كان ذلك فإن النعي على الحكم بالخطأ في تطبيق القانون لمجاوزة النقص الجزئي في الرسالة نسبة التسامح المقررة في المادة الثانية من قرار مدير عام الجمارك رقم 4 لسنة 1963 - أياً كان وجه الرأي فيه - يصبح غير منتج.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.


 (1) نقض 5/ 6/ 1973 مجموعة المكتب الفني. السنة 24 ص 862. نقض 26/ 12/ 1968 مجموعة المكتب الفني السنة 19 ص 1582.

الطعن 383 لسنة 40 ق جلسة 30 / 12 / 1975 مكتب فني 26 ج 2 ق 323 ص 1727

جلسة 30 من ديسمبر سنة 1975

برياسة السيد المستشار أحمد حسن هيكل نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم السعيد ذكري، وعثمان حسين عبد الله، ومحمد صدقي العصار، ومحمود عثمان درويش.

------------------

(323)
الطعن رقم 383 لسنة 40 القضائية

 (1)حكم "إصدار الحكم". دعوى "تقديم المستندات". بطلان.
حجز الدعوى للحكم دون التصريح بتقديم مستندات. قبول المحكمة للمستند الذي قدمه الخصم واطلع عليه الخصم الآخر ورد عليه. لا بطلان.
 (2)موطن "الموطن الأصلي". إعلان. بطلان. خبرة.
جواز أن يكون للشخص في وقت واحد أكثر من موطن. توجيه الخبير الدعوة للخصوم في موطنهم الذي تم إعلانهم فيه بصحيفة الدعوى، والذي اتخذوه موطناً لهم في صحيفة الاستئناف لا بطلان.
 (3)بيع "مقدار المبيع". تقادم "تقادم مسقط".
وجود زيادة في العين المبيعة. سقوط حق البائع في طلب تكملة الثمن بالتقادم بانقضاء سنة من وقت تسليم المبيع. شرطه. تعيين مقدار المبيع في العقد. بيان المبيع على وجه التقريب أو عدم تحديد مقداره. أثره. تقادم الدعوى بخمس عشرة سنة. المادتان 433 و434 مدني.
(4) بيع "التزامات المشتري". فوائد. تقادم "تقادم مسقط".
التزام المشتري بفوائد الثمن من وقت تسلمه للمبيع إذا كان ينتج ثمرات أو إيرادات. سقوط هذه الفوائد القانونية بالتقادم بمضي خمس سنوات.

---------------------
1 - ما ترمي إليه المادة 168 من قانون المرافعات من عدم جواز قبول أوراق أو مذكرات من أحد الخصوم دون اطلاع الخصم الآخر عليها، إنما هو عدم إتاحة الفرصة لأحد الخصوم لإبداء دفاع لم يتمكن خصمه من الرد عليه، ولما كان الثابت أن الطاعنين اطلعوا على المستند الذي قدمته الشركة المطعون عليها إلى محكمة الاستئناف في فترة حجز الدعوى للحكم وردوا عليه في مذكرتهم، وأشار الحكم المطعون فيه إلى دفاعهم المذكور وتناوله بالرد فإن النعي على الحكم بالبطلان في هذا الخصوص - لتقديم المستند في فترة حجز الدعوى للحكم دون أن تأذن المحكمة بتقديم مستندات - يكون في غير محله.
2 - تنص المادة 40/ 2 من القانون المدني على أنه يجوز أن يكون للشخص في وقت واحد أكثر من موطن، وإذ كان الثابت من الأوراق أن الشركة المطعون عليها أعلنت الطاعنين بصحيفة الدعوى في محل إقامتهم بمركز المنصورة، وأن الطاعنين أنفسهم حين استأنفوا الحكم الصادر من محكمة أول درجة اتخذوا في صحيفة الاستئناف ذات البلدة موطناً أصلياً لهم، فإن هذا الموطن يظل قائماً ويصح إعلانهم فيه، وإذ وجه الخبير الدعوة إليهم في الموطن المذكور، فإن هذا الإجراء يكون صحيحاً، ويكون النعي على الحكم بالبطلان - لمباشرة الخبير المأمورية في غيابهم دون إخطارهم في محل إقامتهم - غير سديد.
3 - إن تطبيق المادة 433 من القانون المدني بشأن مسئولية المشتري عن تكملة الثمن إذا تبين أن القدر الذي يشتمل عليه المبيع يزيد على ما ذكر في العقد والمادة 434 منه بشأن تقادم حق البالغ في طلب تكملة الثمن بانقضاء سنة من وقت تسليم المبيع تسليماً فعلياً، إنما يكون وفقاً لما صرحت به المادة 433 في صدرها في حالة ما إذا كان مقدار المبيع قد عين في العقد، أما إذا لم يتعين مقداره أو كان مبيناً به على وجه التقريب فإن دعوى البائع لا تتقادم بسنة، بل تتقادم بخمس عشرة سنة، ولما كان يبين من الحكم المطعون فيه أنه استبعد تطبيق التقادم الحولي على دعوى الشركة - البائعة - بمطالبة الطاعنين - ورثة المشتري - بثمن الأرض الزائدة بعد أن خلص إلى أن مقدار المبيع لم يعين في العقد، واستدل الحكم على ذلك بالعبارة التي وردت في إقرار المورث من أن الأرض التي اشتراها من الشركة وقدرها 15 ف "تحت المساحة" وبما جاء في البند الأول من عقد البيع من أن الحد الغربي للأرض المبيعة هو باقي ملك الشركة، فإن هذا الذي أورده الحكم يتفق مع صحيح القانون ويقوم على أسباب سائغة تكفي لحمله.
4 - تنص المادة 458/ 1 من القانون المدني على أنه "لا حق للبائع في الفوائد القانونية عن الثمن إلا إذا أعذر المشتري أو إذا سلم الشيء المبيع، وكان هذا الشيء قابلاً أن ينتج ثمرات أو إيرادات أخرى هذا ما لم يوجد اتفاق أو عرف يقضي بغيره"، مما مفاده أن الفوائد تستحق عن الثمن من وقت تسلم المشتري المبيع إذا كان هذا المبيع قابلاً أن ينتج ثمرات أو إيرادات أخرى، وهي فوائد قانونية يجرى عليها حكم المادة 375/ 1 من القانون المدني فتسقط بخمس سنوات بوصفها حقاً دورياً متجدداً، وإذا خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بأن الفوائد التي تستحقها الشركة المطعون عليها - البائعة - عن ثمن الأرض الزائدة تتقادم بخمس عشرة سنة فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الشركة المطعون عليها أقامت ضد الطاعنين الدعوى رقم 886 سنة 1964 مدني المنصورة الابتدائية طلبت فيها الحكم بإلزامهم بأن يدفعوا لها من تركة مورثهم المرحوم..... مبلغ 3747 ج و200 م وفوائده بواقع 7% سنوياً من أول نوفمبر سنة 1959 حتى السداد، وقالت بياناً لدعواها إنها بمقتضى عقد بيع عرفي مؤرخ في 5/ 2/ 1952 باعت إلى مورث الطاعنين وآخر........ ثمانية عشر فداناً خص مورث الطاعنين منها خمسة عشر فداناً "تحت المساحة" بسعر الفدان 665 ج بخلاف ملحقات الثمن المبيعة بالعقد ودفع المشتريان جزءاً من الثمن وتأخرا في سداد الباقي فاستصدرت الشركة ضدهما في 11/ 11/ 1957 أمراً بأداء مبلغ 1918 ج و378 م وعارض فيه مورث الطاعنين وقيدت معارضته برقم 164 سنة 1957 مدني المنصورة الابتدائية وانضم إليه المشتري الآخر وفيها أضافت الشركة إلى طلباتها ثمن قطعة من الأرض مساحتها 2 ف و16 ط و10 س تبين أنها زيادة في القدر المبيع لمورث الطاعنين، وفي 26/ 3/ 1958 حكمت المحكمة بإلغاء أمر الأداء. استأنفت الشركة هذا الحكم بالاستئناف رقم 91 سنة 10 ق المنصورة، وقضي فيه بتاريخ 9/ 2/ 1959 بإلغاء الحكم بالنسبة إلى المشتري الآخر وعدم قبول معارضته في أمر الأداء، وبالنسبة لمورث الطاعنين بندب مكتب الخبراء لقياس ما تحت يده من الأرض التي اشتراها وبيان ما بها من زيادة وتصفية حساب الثمن، وبعد أن قدم الخبير تقريره في تلك الدعوى حكمت المحكمة بتاريخ 5/ 1/ 1964 بإلزام ورثة المرحوم...... و..... - الطاعنين - بأن يدفعوا من تركة مورثهم مبلغ 898 ج و651 م وفوائده بواقع 7% سنوياً وهو قيمة الباقي من ثمن خمسة عشر فداناً موضوع أمر الأداء، وإذ يحق للشركة المطعون عليها مطالبة الطاعنين بثمن المساحة الزائدة، فقد أقامت الدعوى الحالية بطلباتها سالفة البيان، ثم عدلتها إلى المطالبة بمبلغ 3711 ج و905 م والفوائد بواقع 7% سنوياً على مبلغ 3375 ج و81 م من تاريخ 10/ 5/ 1963 حتى السداد، وفي 30/ 1/ 1968 ندبت المحكمة مكتب خبراء وزارة العدل لبيان قيمة الأرض الزائدة والملحقات والفوائد القانونية بواقع 7% من تاريخ الشراء في 5/ 2/ 1952 حتى المطالبة الرسمية، فباشر الخبير المأمورية وقدم تقريراً ضمنه أن مساحة الأرض الزائدة 2 ف و16 ط و10 س وقدر قيمتها بالإضافة إلى الفوائد بواقع 7% عن المدة من 5/ 2/ 1952 إلى 28/ 9/ 1964 بمبلغ 3452 ج و870 م وعدلت الشركة طلباتها طبقاً لهذه النتيجة التي انتهى إليها الخبير، وبتاريخ 11/ 5/ 1969 حكمت المحكمة بإلزام الطاعنين بأن يدفعوا من مال مورثهم للشركة المطعون عليها مبلغ 3452 ج و870 م. استأنف الطاعنون هذا الحكم طالبين القضاء ببطلانه وفي الموضوع برفض الدعوى وقيد استئنافهم برقم 197 سنة 21 ق مدني المنصورة، واستأنفته الشركة المطعون عليها بالاستئناف رقم 198 سنة 21 ق مدني المنصورة طالبة تعديله والحكم لها بالفوائد بواقع 7% من تاريخ المطالبة الرسمية حتى السداد بالنسبة لمبلغ 1872 ج و704 م وبعد أن قررت المحكمة ضم الاستئناف الأخير إلى الأول حكمت بتاريخ 8/ 12/ 1969 ببطلان الحكم المستأنف الصادر في 11/ 5/ 1969 ثم حكمت بتاريخ 8/ 4/ 1970 بإلزام الطاعنين بمبلغ 1872 ج و704 م والفوائد بواقع 4% سنوياً بالنسبة لمبلغ 1784 ج و879 م من 15/ 2/ 1952 حتى تمام السداد. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم نقضاً جزئياً للسبب الخامس من أسباب الطعن، وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على خمسة أسباب ينعى الطاعنون بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه البطلان، ويقولون في بيان ذلك أن الحكم استند إلى ورقة قدمتها الشركة المطعون عليها في فترة حجر الدعوى للحكم دون أن تأذن المحكمة بتقديم مستندات ولئن كان الطاعنون قد اطلعوا على هذه الورقة إلا أنهم اعترضوا على تقديمها وكان اطلاعهم عليها عابراً لم تتح لهم معه الفرصة الكافية للرد عليها وهو ما يشوب الحكم بالبطلان طبقاً لما تقضي به المادة 168 من قانون المرافعات.
وحيث إن هذا النعي مردود بأنه لما كان ما ترمي إليه المادة 168 من قانون المرافعات من عدم جواز قبول أوراق أو مذكرات من أحد الخصوم دون اطلاع الخصم الآخر عليها إنما هو عدم إتاحة الفرصة لأحد الخصوم لإبداء دفاع لم يتمكن خصمه من الرد عليه، ولما كان الثابت أن الطاعنين اطلعوا على المستند الذي قدمته الشركة المطعون عليها إلى محكمة الاستئناف في فترة حجز الدعوى للحكم وردوا عليه في مذكرتهم المقدمة في 10/ 3/ 1970 وأشار الحكم المطعون فيه إلى دفاعهم المذكور وتناوله بالرد فإن النعي على الحكم بالبطلان في هذا الخصوص يكون في غير محله.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه البطلان، ذلك أنه استند في قضائه إلى تقرير الخبير المنتدب في الدعوى مع أنه باشر مأموريته في غيابهم ودون إخطارهم في المحل الذي كانوا يقيمون به، وقبل من الشركة المطعون عليها أوراقاً وكشوفاً دون اطلاع الطاعنين عليها وهو ما يبطل عمل الخبير، ولا يجدي في هذا الشأن ما ورد به بالحكم المطعون فيه من أن الخبير أخطرهم في عنوانهم المبين بصحيفة الدعوى بناحية المالحة مركز المنصورة، ذلك أنهم تركوا إقامتهم بالمحل المذكور بعد رفع الدعوى وسكنوا في مدينة المنصورة منذ سنة 1967 أي قبل صدور الحكم بندب الخبير الأمر الذي يعيب الحكم بالبطلان.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كانت المادة 40/ 2 من القانون المدني تنص على أنه يجوز أن يكون للشخص في وقت واحد أكثر من موطن، وكان الثابت من الأوراق أن الشركة المطعون عليها أعلنت الطاعنين بصحيفة الدعوى في محل إقامتهم بالمالحة مركز المنصورة وأن الطاعنين أنفسهم حين استأنفوا الحكم الصادر من محكمة أول درجة اتخذوا في صحيفة الاستئناف ذات البلدة موطناً أصلياً لهم فإن هذا الموطن يظل قائماً ويصح إعلانهم فيه، وإذ وجه الخبير الدعوى إليهم في الموطن المذكور فإن هذا الإجراء يكون صحيحاً ويكون النعي على الحكم بالبطلان لهذا السبب غير سديد.
وحيث إن النعي بالسببين الثالث والرابع يتحصل في أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون وشابه قصور في التسبيب، ذلك أن الطاعنين تمسكوا في دفاعهم بسقوط حق الشركة المطعون عليها في طلب تكملة الثمن بمضي سنة من وقت تسليم المبيع تسليماً فعلياً عملاً بحكم المادة 434 من القانون المدني استناداً إلى أن الشركة لم ترفع دعواها للمطالبة بقيمة الزيادة إلا في سنة 1964 مع أن المشتري وضع يده على الأرض في سنة 1952 طبقاً لعقد البيع، وأنه مع التسليم بأن الأرض المبيعة غير محددة أخذاً بعبارة "تحت المساحة" الواردة في الإقرار المؤرخ 16/ 2/ 1955 المنسوب إلى مورثهم، فإن مدة السنة تحتسب من سنة 1957 تاريخ استخراج كشف التحديد الرسمي الذي علمت منه الشركة بزيادة المساحة ورد الحكم على هذا الدفاع بأن التقادم الحولي لا يطبق إلا إذا كان البيع قد انعقد على عين مفرزة ذات مقاس أو قدر معين، أما ما يضع المشتري اليد عليه من أطيان البائع مما لا يدخل في عقد البيع فإنه يعد مغتصباً له وتتقادم دعوى المطالبة به بالتقادم الطويل، وكذلك لا يسري التقادم الحولي إذا كان المشتري قد تعهد بعد البيع بدفع ثمن الزيادة التي تظهر في المساحة المبيعة، غير أن الحكم لم يبين ما الذي بني عليه قضاءه من هذه الأسباب، هذا إلى أن الحكم استند إلى إقرارين مؤرخين في سنة 1960، سنة 1961 منسوبين إلى المورث في حين أن كلاً من هذين الإقرارين هو مجرد إيجاب من جانبه بشراء الأرض الزائدة بسعر 500 ج للفدان ولم يلحقه قبول من جانب الشركة، أو هو إقرار لا تجوز تجزئته، الأمر الذي يعيب الحكم بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب.
وحيث إن النعي بهذين السببين غير صحيح، ذلك أنه لما كان تطبيق المادة 433 من القانون المدني بشأن مسئولية المشتري عن تكملة الثمن إذا تبين أن القدر الذي يشتمل عليه المبيع يزيد على ما ذكر في العقد والمادة 434 منه بشأن تقادم حق البائع في طلب تكملة الثمن بانقضاء سنة من وقت تسليم المبيع تسليماً فعلياً إنما يكون وفقاً لما صرحت به المادة 433 في صدرها في حالة ما إذا كان مقدار المبيع قد عين في العقد، أما إذا لم يتعين مقداره أو كان مبيناً به على وجه التقريب، فإن دعوى البائع لا تتقادم بسنة بل تتقادم بخمس عشرة سنة، ولما كان يبين من الحكم المطعون فيه أنه استبعد تطبيق التقادم الحولي على دعوى الشركة بمطالبة الطاعنين بثمن الأرض الزائدة، ومما أقام عليه قضاءه في هذا الخصوص قوله "أن الثابت من إقرار المورث المؤرخ 16 من فبراير سنة 1955 المقدم من الشركة المطعون عليها والذي أقر فيه أن الرصيد الباقي طرفه للشركة هو مبلغ 2340 ج و640 م حتى 16 فبراير سنة 1955 الثابت منه أنه ورد فيه أن مساحة الأرض التي اشتراها هي 15 ف "تحت المساحة" ومعنى تعبير تحت المساحة أن البيع انعقد على عين لم تكن ذات مقاس محدد أو قدر معين على وجه الجزم وأن مساحتها الفعلية على الطبيعة لم تكن قد تحددت تحديداً قاطعاً حين إبرام العقد، ولا مراء في أن ما جاء في هذا الإقرار يجد له صدى في عقد البيع ذاته وجاء في البند الأول منه أن الحد الغربي للأرض المبيعة هو باقي الأطيان ملك الشركة أي أنه لم يكن حداً ثابتاً أو طبيعياً أو معروفاً مثل الحدود الثلاثة الباقية"، مما مفاده أن الحكم خلص إلى أن مقدار المبيع لم يعين في العقد وبالتالي فإن حق الشركة في المطالبة بثمن الأرض الزائدة لا يتقادم بسنة واستدل الحكم على ذلك بالعبارة التي وردت في إقرار المورث المؤرخ 16/ 2/ 1955 من أن الأرض التي اشتراها من الشركة وقدرها 15 ف "تحت المساحة" وبما جاء في البند الأول من عقد البيع من أن الحد الغربي للأرض المبيعة هو باقي ملك الشركة، وكان هذا الذي أورده الحكم يتفق مع صحيح القانون ويقوم على أسباب سائغة تكفي لحمله، فإنه لا يؤثر في سلامة قضائه ما أورده تزيداً بشأن الورقتين المنسوبتين إلى مورث الطاعنين المؤرخين في سنة 1960 وسنة 1961 لأن الحكم يستقيم بدونه.
وحيث إن مبنى النعي بالسبب الخامس أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون ذلك أنه قضى للشركة المطعون عليها بفوائد عن ثمن الأرض الزائدة اعتباراً من تاريخ استلامها في 15/ 2/ 1952 حتى السداد تأسيساً على أن هذه الفوائد تعويضية تستحق مقابل الانتفاع بالمبيع وتسقط بمضي خمس عشرة سنة لا بخمس سنوات، في حين أن الفوائد - أياً كانت - دين دوري متجدد يسقط في كل حالة بمضي خمس سنوات طبقاً لنص المادة 375 من القانون المدني.
وحيث إن هذا النعي صحيح، ذلك أنه لما كانت المادة 458/ 1 من القانون المدني تنص على أنه "لا حق للبائع في الفوائد القانونية عن الثمن إلا إذا أعذر المشتري أو إذا سلم الشيء المبيع وكان هذا الشيء قابلاً أن ينتج ثمرات أو إيرادات أخرى هذا ما لم يوجد اتفاق أو عرف يقضي بغيره"، مما مفاده أن الفوائد تستحق عن الثمن من وقت تسلم المشتري المبيع إذا كان هذا المبيع قابلاً أن ينتج ثمرات أو إيرادات أخرى وهي فوائد قانونية يجرى عليها حكم المادة 375/ 1 من القانون المدني فتسقط بخمس سنوات بوصفها حقاً دورياً متجدداً، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بأن الفوائد التي تستحقها الشركة المطعون عليها عن ثمن الأرض الزائدة تتقادم بخمس عشرة سنة فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه نقضاً جزئياً في هذا الخصوص.

الطعن 311 لسنة 40 ق جلسة 31 / 12 / 1975 مكتب فني 26 ج 2 ق 325 ص 1742

جلسة 31 من ديسمبر سنة 1975

برياسة السيد المستشار محمود عباس العمراوي، وعضوية السادة المستشارين: مصطفى كمال سليم، ومصطفى الفقي، ومحمد البنداري العشري، وأحمد سيف الدين سابق.

------------------

(325)
الطعن رقم 311 لسنة 40 القضائية

(1) محاماة. إدارة قضايا الحكومة. دعوى. وكالة. شركات "شركات القطاع العام".
إدارة قضايا الحكومة. نيابتها عن الحكومة والمصالح العامة والمجالس المحلية والهيئات العامة فيما يرفع منها أو عليها لدى المحاكم. م 13/ 2 مرافعات، م 6 ق 75 لسنة 1963. شركات القطاع العام. ليست من الأشخاص العامة ولا تنوب عنها تلك الإدارة.
 (2)نقض "صحيفة الطعن". محاماة. بطلان. نظام عام. إدارة قضايا الحكومة. شركات "شركات القطاع العام".
صحيفة الطعن بالنقض. وجوب التوقيع عليها من محام مقبول أمام محكمة النقض. الطعن بالنقض المرفوع من إحدى شركات القطاع العام. التوقيع على صحيفته من مستشار إدارة قضايا الحكومة بصفته نائباً عنها قبل العمل بالقانون رقم 47 لسنة 1973. أثره. بطلان الطعن. للمحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها.

------------------
1 - نص الفقرة الثانية من المادة 13 من قانون المرافعات والمادة السادسة من القانون رقم 75 لسنة 1963 في شأن تنظيم إدارة قضايا الحكومة يدل على أن تلك الإدارة إنما تنوب عن الحكومة والمصالح العامة والمجالس المحلية وكذلك عن الهيئات العامة التي تباشر مرافق الدولة ولها كيان مستقل وشخصية معنوية معتبرة في القانون العام على أساس أن هذه الهيئات كانت في الأصل مصالح حكومية ثم رأت الدولة إدارتها عن طريق هيئات عامة خروجاً بالمرافق التي تتولى تسييرها عن جمود النظم الحكومية فمنحتها شخصية مستقلة تحقيقاً لغرضها الأساسي وهو أداء خدمة عامة، أما شركات القطاع العام التي يكون الغرض الأساسي منها هو ممارسة نشاط تجاري أو صناعي أو زراعي أو مالي وتستقل ميزانياتها وتعد على نمط الميزانيات التجارية وتؤول إليها أرباحها بحسب الأصل وتتحمل بالخسارة فإنها لا تعتبر من الأشخاص العامة ومن ثم لا يسري عليها حكم الفقرة الثانية من المادة 13 من قانون المرافعات ولا حكم المادة السادسة من قانون إدارة قضايا الحكومة رقم 75 لسنة 1963.
2 - لما كانت المادة 253 من قانون المرافعات تنص على أن يرفع الطعن بالنقض بصحيفة تودع قلم كتاب محكمة النقض أو المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه ويوقعها محام مقبول أمام محكمة النقض فإذا لم يحصل الطعن على هذا الوجه يكون باطلاً وتحكم المحكمة من تلقاء نفسها ببطلانه، وإذ كانت إدارة قضايا الحكومة لا تملك قانوناً أن تنوب عن الشركة الطاعنة أمام المحاكم فإن توقيع المحامي بها على صحيفة هذا الطعن لا يتحقق به الشرط الذي تطلبته المادة 253 من قانون المرافعات سالفة الذكر ويضحى الطعن باطلاً وتحكم المحكمة من تلقاء نفسها ببطلانه، ولا يغير من هذا النظر صدور قرار من رئيس مجلس إدارة الشركة الطاعنة في 3/ 11/ 1975 بتفويض إدارة قضايا الحكومة في مباشرة هذا الطعن بالتطبيق لأحكام القانون رقم 47 لسنة 1973 بشأن الإدارات القانونية بالمؤسسات العامة والهيئات العامة والوحدات التابعة لها التي أجازت إنابة إدارة قضايا الحكومة في مباشرة قضية خاصة بها، ذلك أن هذا الطعن رفع بتاريخ 14/ 4/ 1970 قبل العمل بأحكام القانون المشار إليه في 5/ 7/ 1973 ومن ثم فلا تسري أحكامه عليه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الشركة الطاعنة رفعت الدعوى رقم 5903 سنة 1967 مدني كلي القاهرة على المطعون ضده طالبة الحكم بفسخ عقد البيع المؤرخ 13/ 12/ 1965 واعتبار ما دفعه المطعون ضده وقدره 334 ج حقاً مكتسباً لها مع إلزامه بتسليم الأرض المبيعة استناداً إلى أنه تأخر في سداد الباقي من الثمن وبتاريخ 29/ 3/ 1963 قضت محكمة أول درجة للطاعنة بطلباتها استأنف المطعون ضده الحكم بالاستئناف رقم 1055 لسنة 86 ق القاهرة طالباً إلغاءه والحكم برفض الدعوى وبتاريخ 14/ 2/ 1970 قضت المحكمة بتعديل الحكم المستأنف إلى فسخ عقد البيع المؤرخ 13/ 12/ 1965 مع إلزام المطعون ضده بتسليم الأرض موضوع العقد للطاعنة ورفض ما عدا ذلك من الطلبات. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعرض على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على صحيفة الطعن أنها أودعت قلم الكتاب في 14 من أبريل سنة 1970 من الأستاذ...... المستشار بإدارة قضايا الحكومة بصفته نائباً عن الشركة الطاعنة باعتبارها من شركات القطاع العام وقد وقع عليها مقدمها بهذه الصفة، ولما كان النص في الفقرة الثانية من المادة 13 من قانون المرافعات على أنه فيما يتعلق بالأشخاص العامة تسلم صور الإعلان للنائب عنها قانوناً أو لمن يقوم مقامه فيما عدا صحف الدعاوى وصحف الطعون والأحكام فتسلم الصورة إلى إدارة قضايا الحكومة أو فروعها في الأقاليم حسب الاختصاص المحلي لكل منها، والنص في المادة السادسة من القانون رقم 75 لسنة 1967 في شأن تنظيم إدارة قضايا الحكومة على أن تنوب هذه الإدارة عن "الحكومة والمصالح العامة والمجالس المحلية فيما يرفع منها أو عليها من قضايا لدى المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها ولدى الجهات الأخرى التي خولها القانون اختصاصاً قضائياً". يدل على أن تلك الإدارة إنما تنوب عن الحكومة والمصالح العامة والمجالس المحلية وكذلك عن الهيئات العامة التي تباشر مرافق الدولة ولها كيان مستقل وشخصية معنوية معتبرة في القانون العام على أساس أن هذه الهيئات كانت في الأصل مصالح حكومية ثم رأت الدولة إدارتها عن طريق هيئات عامة خروجاً بالمرافق التي تتولى تسييرها عن جمود النظم الحكومية فمنحتها شخصية مستقلة تحقيقاً لغرضها الأساسي وهو أداء خدمة عامة، أما شركات القطاع العام التي يكون الغرض الأساسي منها هو ممارسة نشاط تجاري أو صناعي أو زراعي أو مالي وتستقل ميزانياتها وتعد على نمط الميزانيات التجارية وتؤول إليها أرباحها بحسب الأصل وتتحمل بالخسارة فإنها لا تعتبر من الأشخاص العامة ومن ثم لا يسري عليها حكم الفقرة الثانية من المادة 13 من قانون المرافعات ولا حكم المادة السادسة من قانون إدارة قضايا الحكومة رقم 75 لسنة 1963، ولما كانت المادة 253 من قانون المرافعات تنص على أن يرفع الطعن بالنقض بصحيفة تودع قلم كتاب محكمة النقض أو المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه ويوقعها محام مقبول أمام محكمة النقض فإذا لم يحصل الطعن على هذا الوجه يكون باطلاً وتحكم المحكمة من تلقاء نفسها ببطلانه، وإذ كانت إدارة قضايا الحكومة لا تملك قانوناً أن تنوب عن الشركة الطاعنة أمام المحاكم فإن توقيع المحامي بها على صحيفة هذا الطعن لا يتحقق به الشرط الذي تطلبته المادة 253 من قانون المرافعات سالفة الذكر ويضحى الطعن باطلاً وتحكم المحكمة من تلقاء نفسها ببطلانه، ولا يغير من هذا النظر صدور قرار من رئيس مجلس إدارة الشركة الطاعنة في 3/ 11/ 1975 بتفويض إدارة قضايا الحكومة في مباشرة هذا الطعن بالتطبيق لأحكام القانون رقم 47 لسنة 1973 بشأن الإدارات القانونية بالمؤسسات العامة والهيئات العامة والوحدات التابعة لها التي أجازت إنابة إدارة قضايا الحكومة في مباشرة قضية خاصة بها. ذلك أن هذا الطعن رفع بتاريخ 24/ 4/ 1970 قبل العمل بأحكام القانون المشار إليه في 5/ 7/ 1973 ومن ثم فلا تسري أحكامه عليه.
وحيث إنه لما تقدم يتعين القضاء ببطلان الطعن.

الطعن 756 لسنة 40 ق جلسة 31 / 12 / 1975 مكتب فني 26 ج 2 ق 329 ص 1767

جلسة 31 من ديسمبر سنة 1975

برياسة السيد المستشار محمد أسعد محمود، وعضوية السادة المستشارين: محمد محمد المهدي، وسعد الشاذلي، وحسن مهران حسن، ومحمد الباجوري.

-----------------

(329)
الطعن رقم 756 لسنة 40 القضائية

(1) إيجار "إيجار أماكن".
حظر شغل أكثر من مسكن لشخص واحد في بلد واحد دون مبرر مستأجراً كان أم مالكاً م 5/ 1 ق 52 لسنة 1969. لكل ذي مصلحة مالكاً كان للعقار أو طالب استئجار حق إخلاء الشاغل للمسكن.
(2) محكمة الموضوع. نقض. إيجار.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. عدم جواز إثارته أمام محكمة النقض. مثال بشأن إيجار الأماكن.
(3) حكم "تسبيب الحكم". إيجار "إيجار الأماكن".
عدم التزام الحكم الاستئنافي بالرد على ما يخالفه من أسباب الحكم الابتدائي متى أقام قضاءه على ما يحمله. مثال في إيجار أماكن.

-----------------
1 - مؤدى نص المادة 5/ 1 من القانون رقم 52 لسنة 1969 بشأن إيجار الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجرين والمستأجرين أن المشرع قد حظر على كل من المالك والمستأجر أن يحتفظ بأكثر من مسكن واحد في البلد الواحد دون مبرر مشروع يقتضيه. ولئن رتبت المادة 44 من ذات القانون جزاء جنائياً يوقع على كل من يخالف حكم المادة الخامسة سالفة الذكر سواء كان مستأجراً أم مالكاً، إلا أن ذلك لا ينفي أحقية كل صاحب مصلحة سواء كان مالكاً للعقار المراد الإخلاء منه أو طالب استئجار فيه لإعمال الجزاء المدني بإخلاء المخالف، وإلا كان ذلك تجافياً عن الحكمة التي تغياها الحظر - طبقاً لما أوردته المذكرة الإيضاحية - من الحرص على توفير المساكن، وكان لا محل للقول بأن أسباب إخلاء المستأجر قد وردت على سبيل الحصر في المادة 23 من القانون رقم 52 لسنة 1969 وليس من بينها مخالفة ذلك الحظر، لأن ما أوردته هذه المادة تحديد للحالات التي يجوز للمؤجر وحده من أجلها طلب إخلاء العين من المستأجر، وهي حالات تغاير حالة مخالفة حظر احتجاز أكثر من مسكن واحد في البلد الواحد والتي لا يتعلق بها حق المؤجر باعتباره مؤجراً فحسب، بل يفيد منها كل ذي مصلحة سواء كان طالب استئجار أو مالكاً، ولذلك خصت هذه الحالة بنص مستقل، إذ كان ذلك، وكان ما يذهب إليه الطاعن من قصر الجزاء المدني على مجرد رفع الدعوى - بتخيير المخالف في الاحتفاظ بأحد المساكن التي يشغلها لا يسانده النص وكان المناط في الدعوى بهذه المثابة ليس فسخ العقد وإنما الإخلاء استجابة لنص قانوني ملزم يقضي بمنع شغل أكثر من مسكن لشخص واحد بغير مقتض، وهو ما يتصور بالنسبة للمالك المخالف أو المستأجر على سواء، لما كان ما تقدم وكان يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أن المطعون عليها أقامت دعواها بطلب إخلاء شقة النزاع مؤسسة إياها على حاجتها إليها لتقطن فيها وأولادها القصر بعد تهجيرهم إجبارياً من بور سعيد إلى دمياط وعلى عدم وجود سكن خاص لها بهذه المدينة الأخيرة فإن مصلحتها القانونية في الدعوى تكون متحققة ويكون الحكم - بالإخلاء - قد وافق صحيح القانون.
2 - متى كان البين مما قرره الحكم أنه أقام قضاءه - بالإخلاء - وفي استدلال سائغ على اطمئنانه في حدود سلطته الموضوعية المطلقة لأقوال شاهدي الإثبات اللذين اتفقت أقوالهما على احتجاز الطاعن لنفسه مسكناً بالدور الرابع من العمارة المملوكة له بالإضافة إلى شقة النزاع، ولا يعدوا النعي الموجه إليها كونه جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض، وكانت شهادة الإثبات سالفة الذكر تكفي وحدها دعامة لحمل الحكم فإن تطرقه من بعد إلى الاستدلال على احتجاز الطاعن مسكناً بعمارته بحصول إعلانه فيها وبالمستخرج الرسمي الصادر من مراقبة الضرائب العقارية يكون استطراداً زائداً عن حاجة الدعوى يستقيم الحكم بدونه.
3 - لا إلزام على الحكم الاستئنافي بالرد على ما يخالفه من أسباب الحكم الابتدائي ما دام قد أقام قضاءه على ما يكفي لحمله لأن في ذلك الرد الضمني المسقط لكل حجة تخالفه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليها أقامت الدعوى رقم 79 لسنة 1970 مدني على الطاعنين أمام محكمة دمياط الابتدائية طالبة إلزامه بإخلاء العين الموضحة بصحيفة افتتاحها وتسليمها لها، وفي بيان ذلك قالت أنه بعقد مؤرخ 17/ 11/ 1961 استأجر الطاعن من مورثها شقة بالعقار رقم 155 شارع سعد زغلول بدمياط، وبعد عدوان يونيو سنة 1967 هجرت وأطفالها القصر إجبارياً إلى دمياط دون أن يكون لهم بها سكن خاص، وإذ اشترى الطاعن عقاراً بدمياط وشيد عليه عمارة واحتجز الطابق الخامس ليكون سكناً خاصاً له وأقام به فعلاً، مخالفاً نص المادة الخامسة من القانون رقم 52 لسنة 1969 فقد أقامت دعواها بطلباتها سالفة البيان، وبتاريخ 8/ 4/ 1970 حكمت المحكمة بإحالة الدعوى للتحقيق لتثبت المطعون عليها أن للطاعن سكنين بدمياط وأنه احتجزهما دون مقتض وبتاريخ 27/ 5/ 1970 - وبعد سماع شهود الطرفين - حكمت المحكمة برفض الدعوى. استأنفت المطعون عليها هذا الحكم بالاستئناف رقم 157 س 2 ق مدني دمياط طالبة إلغاءه والحكم بطلباتها، وبتاريخ 9/ 10/ 1970 حكمت محكمة استئناف المنصورة بإلغاء الحكم المستأنف وبإخلاء الطاعن من عين النزاع وبتسليمها للمطعون عليها. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم، وعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر، وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن بني على ثلاثة أسباب، ينعى الطاعن بأولها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وفي بيان ذلك يقول أن الحكم أقام قضاءه بإخلائه من شقة النزاع على أن إعمال نص المادة الخامسة من القانون رقم 52 لسنة 1969 حال مخالفته لا يكون إلا عن طريق رفع دعوى الإخلاء يقيمها ذو المصلحة وقد يكون هو المالك، في حين أن المادة الخامسة سالفة الذكر لم ترتب أي جزاء مدني على مخالفة احتجاز الشخص لأكثر من مسكن في البلد الواحد دون مقتض اكتفاء بالجزاء الجنائي المنصوص عنه في المادة 44 من القانون، وإذا استهدف المشرع من المادة الحرص على توفير المساكن وتهيئة السبيل أمام المواطنين، فإن المقصود بالحماية هو ذو المصلحة طالب السكنى دون المالك المؤجر، لأن أسباب الإخلاء المخولة للمؤجر واردة في القانون على سبيل الحصر، وليس الجمع بين مسكنين من بينها، كما أن مذهب الحكم في تخويل المالك المؤجر إقامة دعوى الإخلاء يفترض اقتصار الحظر على المستأجر وحده على خلاف إطلاق النص بالنسبة للمستأجر والمالك، بحيث لا يكون هناك سبيل لرفع الدعوى على المالك المخالف بالصورة السالفة التي تقوم على فسخ الإيجار لاستحالة تصورها بالنسبة إليه، ويكون الإجراء الواجب الإتباع سواء كان المخالف مالكاً أو مستأجراً هو رفع الدعوى بالتخيير بين أحد المسكنين لا بالإخلاء، وهو ما يعيب الحكم بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن النص في الفقرة الأولى من المادة الخامسة من القانون رقم 52 لسنة 1969 بشأن إيجار الأماكن وتنظيم العلاقة بين المستأجرين على أنه لا يجوز لشخص أن يحتجز في البلد الواحد أكثر من مسكن دون مقتض يدل على أن المشرع قد حظر على كل من المالك والمستأجر أن يحتفظ بأكثر من مسكن واحد في البلد الواحد دون مبرر مشروع يقتضيه ولئن رتبت المادة 44 من ذات القانون جزاء جنائياً يوقع على كل من يخالف حكم المادة الخامسة سالفة الذكر سواء كان مستأجراً أم مالكاً، إلا أن ذلك لا ينفي أحقية كل صاحب مصلحة سواء أكان مالكاً للعقار المراد الإخلاء فيه أو طالب استئجار فيه لأعمال الجزاء المدني بإخلاء المخالف، وإلا كان ذلك تجافياً عن الحكمة التي تغياها الحظر - طبقاً لما أوردته المذكرة الإيضاحية - من الحرص على توفير المساكن، وكان لا محل للقول بأن أسباب إخلاء المستأجر قد وردت على سبيل الحصر في المادة 23 من القانون رقم 52 لسنة 1969 وليس من بينها مخالفة ذلك الحظر، لأن ما أوردته هذه المادة تحديد للحالات التي يجوز للمؤجر وحده من أجلها طلب إخلاء العين المؤجرة من المستأجر، وهي حالات تغاير حالة مخالفة حظر احتجاز أكثر من مسكن واحد في البلد الواحد والتي لا يتعلق فيها حق المؤجر باعتباره مؤجراً فحسب، بل يفيد منها كل ذي مصلحة سواء كان طالب استئجار أو مالكاً، ولذلك خصت هذه الحالة بنص مستقل، لما كان ذلك، وكان ما يذهب إليه الطاعن من قصر الجزاء المدني على مجرد رفع الدعوى بتخيير المخالف في الاحتفاظ بأحد المساكن التي يشغلها لا يسانده النص، وكان المناط في الدعوى بهذه المثابة ليس فسخ العقد وإنما الإخلاء استجابة لنص قانوني ملزم يقضي بمنع شغل أكثر من مسكن لشخص واحد في بلد واحد بغير مقتض، وهو ما يتصور بالنسبة للمالك المخالف أو المستأجر على سواء، لما كان ما تقدم وكان يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أن المطعون عليها أقامت دعواها بطلب إخلاء شقة النزاع مؤسسة إياها على حاجتها إليها لتقطن فيها وأولادها القصر بعد تهجيرهم إجبارياً من بور سعيد إلى دمياط وعلى عدم وجود سكن خاص لها بهذه المدينة الأخيرة، فإن مصلحتها القانونية في الدعوى تكون متحققة، ويكون الحكم قد وافق صحيح القانون، ويكون النعي على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه فساد الاستدلال من وجوه (أولها) أن الحكم رجح أقوال شاهدي المطعون عليها استناداً إلى أن أياً منهما لا يمت إليها بصلة من القربى، مغفلاً ما نسبه الطاعن إليهما من شبهة تحيز دلل عليها بأنهما مستأجران لديها وأنهما حصلا منها على مزايا عينية تمثلت في إصلاحات تمت بمسكنيهما بالإضافة إلى أن أقوالهما لا تؤدي إلى النتيجة التي استخلصتها المحكمة منها على الرغم من الأسئلة الإيحائية التي كانت توجه إليهما، الأمر الذي كان يتعين معه الأخذ بشهادة شاهديه، (والثاني) أن الحكم استدل على إقامة الطاعن بالطابق الأخير من العمارة التي يملكها بإعلانه بأوراق الدعوى بها، مع أن المسلم به أنه يشغل أربعة طوابق منها بمحل تجارته وبفندق يملكه، فلا ينهض إعلانه ذاك دليلاً على إقامته السكنية. (الثالث) أن الحكم اعتمد على شهادة صادرة من مراقبة الضرائب العقارية تفيد أن الشاغل للطابق الأخير هو المالك، مع أن هذا المستند غير معد لإثبات الشاغل ولا يعول عليه في هذا الصدد، وإذ أسند الحكم قضاءه إلى هذه الأدلة مجتمعة بحيث لا يعرف أثر كل منها في تكوين عقيدته فإن ثبوت فساد الاستدلال في بعضها يسقط سائرها.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن البين من الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه باحتجاز الطاعن لمسكنين على قوله "وحيث إن ما خلص إليه الحكم المستأنف كما يبين من أسبابه أن المستأنف عليه - الطاعن - احتجز أكثر من مسكن واحد في دمياط استناداً إلى شهادة شاهدي المستأنفة - المطعون عليها - وأحد المسكنين هو مسكن النزاع الذي أقيمت الدعوى بطلب إخلائه إنما يتفق والواقع ويدحض منازعة المستأنف عليه بشأنه، بل إنه مما يزيد الاطمئنان إلى تلك النتيجة التي خلصت إليها محكمة أول درجة أن المستأنف عليه أعلن بصحيفة الاستئناف على أنه يقيم بملكه رقم 61 بشارع سعد زغلول قسم ثاني دمياط وخوطب شخصياً ووقع باستلام صورة الصحيفة ولم ينازع في صحة هذا الإعلان وما يستدل منه على صحة هذه الإقامة بذلك العقار الذي يملكه والذي قامت الدعوى على أنه احتجز به مسكناً بالإضافة إلى مسكن النزاع بملك المستأنفة بذات البلد الواحد دمياط، وقد أعلن من قبل في ذات العقار بصحيفة افتتاح الدعوى وأعيد إعلانه فيه وكذلك أنذر من المستأنفة وأنه خوطب مع تابع له مقيم معه، وليس له أن يزعم أن في ذلك العقار متجره أو فندقه، إذ جاء إعلان المستأنفة له حسبما تقدم لغرض لا يتعلق بتجارته أياً كان نوعها وإنما كان يقصد منازعته لها تلك المنازعة التي تقيم بها دعواها والتي تخلص في احتجازه مسكناً بدمياط إلى جانب ذلك المسكن الذي يستأجره من قبل من مورثها وهو محل النزاع وفضلاً عن ذلك فإن مستخرجاً رسمياً مؤرخاً 19/ 11/ 1969 قدمته المستأنف برقم 5 بحافظتها رقم 5 بملف أول درجة تضمن أن بذلك العقار المملوك للمستأنف عليه شقتين بالدور الخامس يشغلهما المالك المذكور، وهذا المستخرج وإن صدر من سجلات مصلحة الأموال المقررة (مراقبة الضرائب العقارية بمحافظة دمياط) ومن واقع دفتر جرد عام 1968/ 1969 بقصد ربط الضريبة على العقار المذكور، إلا أن المحكمة تطمئن إلى محتواه في شغل المستأنف عليه مسكناً بملكه المشار إليه، وهو بالإضافة إلى الأدلة المتقدمة مجتمعة يؤيد احتجاز المستأنف عليه مسكناً بعقاره بخلاف مسكن النزاع"، وكان يبين من هذا الذي قرره الحكم أنه أقام قضاءه وفي استدلال سائغ على اطمئنانه في حدود سلطته الموضوعية المطلقة لأقوال شاهدي الإثبات اللذين اتفقت أقوالهما على احتجاز الطاعن إليه لنفسه مسكناً بالدور الرابع من العمارة المملوكة له بالإضافة إلى شقة النزاع، ولا يعدو النعي الموجه إليها كونه جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض، لما كان ذلك، وكانت شهادة الإثبات سالفة الذكر تكفي وحدها دعامة لحمل الحكم فإن تطرقه من بعد إلى الاستدلال على احتجاز الطاعن مسكناً بعمارته بحصول إعلانه فيها وبالمستخرج الرسمي الصادر من مراقبة الضرائب العقارية يكون استطراداً زائداً عن حاجة الدعوى يستقيم الحكم بدونه، ويكون النعي بوجوهه الثلاثة على غير أساس.
وحيث إن مبنى السبب الثالث قصور التسبيب، وفي بيان ذلك يقول الطاعن إن الحكم الابتدائي استند في قضائه برفض الدعوى إلى قيام ضرورة تقتضي احتجاز الطاعن للمسكنين هي ثبوت مرضه بالروماتزم وعدم استطاعته الصعود إلى الطوابق العليا أخذاً بأوراق العلاج التي قدمها، غير أن الحكم المطعون فيه ذهب في تبرير قضائه بالإخلاء ونفي المقتضى في احتجاز المسكن إلى مجرد إنكار مرض الطاعن والقول بكذب إدعائه متخذاً من افتراض سكناه بالدور الخامس قرينة تدحض ادعائه بمرضه، مغفلاً الرد على ما ساقته محكمة أول درجة من أدلة فنية قاطعة، وهو ما يشوبه بالقصور.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن الحكم المطعون فيه أورد في هذا الخصوص قوله "وحيث إنه وقد ثبت مما سلف بيانه أن المستأنف عليه احتجز مسكناً بعقاره الذي يملكه بشارع سعد زغلول بدمياط بالإضافة إلى مسكن النزاع المؤجر له من مورث المستأنفة إلا أن مستندات الدعوى تثبت أن المستأنف عليه اشترى عقاره المشار إليه وأعد به فندقاً بالأدوار الثلاثة العلوية، وذلك في تاريخ لاحق لاستئجاره مسكن النزاع في سنة 1961، وعلى ذلك كان في إمكانه أن يختار له مسكناً بأحد هذه الطوابق بما يتفق وحالته الصحية والمدعي بها غير ذلك المسكن الذي اتخذه بعقاره بعلو الفندق، بل من اتخاذه هذا المسكن العلوي ما يكذب ادعاءه بمرضه الذي يقول بأنه يحول بينه وبين السكنى في الأدوار العليا، وبالتالي فإن في ذلك ما يقطع بأنه بغير مقتض احتجز سكناً له بذات المدينة التي يقع بها سكن النزاع..." ومفاد ذلك أن محكمة الاستئناف استدلت باتخاذ الطاعن مسكنه الآخر بالدور الرابع العلوي من عمارته الخاصة على دحض الادعاء بأن مرضه بالروماتزم قد بلغ حداً يحول بينه وبين الصعود إلى الأدوار العليا، وهو استدلال سائغ في العقل والمنطق لا يجوز المجادلة فيه أمام محكمة النقض، ولا إلزام معه على الحكم بالرد على ما يخالفه من أسباب الحكم الابتدائي ما دام قد أقام قضاءه على ما يكفي لحمله، لأن في ذلك الرد الضمني المسقط لكل حجة تخالفه، ويكون النعي في غير محله.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن برمته.

الطعن 535 لسنة 42 ق جلسة 31 / 12 / 1975 مكتب فني 26 ج 2 ق 327 ص 1753

جلسة 31 من ديسمبر سنة 1975

برياسة السيد المستشار محمود عباس العمراوي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: مصطفى كمال سليم، ومصطفى الفقي، ومحمد البنداري العشري، ومحمد عبد الخالق البغدادي.

----------------

(327)
الطعن رقم 535 لسنة 42 القضائية

أحوال شخصية "نفقة الصغير". حكم "ما يعد قصوراً". ريع.
نفقة الصغير إذا كان ذا مال حاضر. تقع في ماله ولا تجب على أبيه. إغفال الحكم المطعون فيه الرد على دفاع الطاعن بأن ما كان ينفقه على أولاده يزيد على ما كان يغله العقار المملوك لهم الذي يطالبونه بريعه. إغفاله أيضاً بحث دفاعه بأنه قام بإصلاحات وإنشاءات بذلك العقار. قصور.

-----------------
إذ كان يبين من الحكم المطعون فيه أنه أثبت في سرده لأسباب الاستئناف أن الطاعن تمسك فيها بأن ما كان ينفقه على أولاده المطعون ضدهم يزيد أضعافاً على ما كان يغله العقار وأنه قام بإصلاح وتجديد العقار خلال فترة إدارته له وشيد طابقاً جديداً احتسب الخبير ريعه وأغفل احتساب تكاليف الإصلاح والتشييد، كما ردد ذلك الدفاع بتفصيل في مذكرته، ولما كان ذلك وكان من المقرر شرعاً وفقاً للراجح في مذهب ابن حنيفة الواجب الإتباع عملاً بنص المادة السادسة من القانون 462 لسنة 1952 بإلغاء المحاكم الشرعية والمادة 280 من لائحة ترتيب تلك المحاكم، أن الصغير - ابناً كان أم بنتاً - إذا كان ذا مال حاضر فإن نفقته تقع في ماله ولا تجب على أبيه، وكان الثابت بمدونات الحكم المطعون فيه أن الطاعن قدم شهادات بتواريخ ميلاد أولاده. المطعون ضدهم في...... للتدليل على قصرهم غالبية الفترة المطالب بالريع عنها، كما قدم حافظة أخرى بجلسة...... ضمنها أربع شهادات رسمية من قلم الضريبة على العقارات المبنية موضحاً بها حالة العقارين موضوع التداعي وريعهما قبل شرائهما وبعده وذلك للتدليل على تضاعف ريعهما نتيجة ما قام به من إصلاحات وإنشاءات، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أغفل الرد كلية عن الشق الأول من دفاع الطاعن الجوهري الذي قد يتغير به وجه الرأي في الدعوى وأطرح شقه الثاني بقوله "أن الطاعن لم يقدم ما يدل على الإصلاحات والتحسينات" ملتفتاً عن التحدث بشيء عن الشهادات الصادرة من قلم الضريبة على العقارات المبنية عن حالة وربح العقارين موضوع التداعي قبل شرائهما وبعده مع ما قد يكون لهذه المستندات من دلالة في هذا الخصوص، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد جاء قاصر البيان مما يتعين نقضه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدهم رفعوا على والدهم الطاعن الدعوى رقم 1207 لسنة 1966 مدني كلي الإسكندرية طالبين الحكم بإلزامه بأن يقدم كشف حساب مؤيداً بالمستندات عن غلة حصتهم البالغ قدرها 13 ط و39/ 4 12 س في العقارين رقمي 4 و14 بشارع الشوربجي بقسم الجمرك وندب خبير لفحص الحساب وبيان ما في ذمته لهم من الغلة من تاريخ ملكيتهم لها حتى تقديم تقريره باعتبار أنه وضع يده عليها ولم يدفع لهم نصيبهم فيها، وبتاريخ 11/ 12/ 1967 قضت المحكمة بندب خبير لتحقيق وضع اليد على العقارين وسببه ومدته وتقدير صافي ريعهما في المدة المطالب بها، فقدم الخبير تقريراً انتهى فيه إلى أن الطاعن كان يضع يده على العقارين منذ شراء حصص المطعون ضدهم حتى 31/ 12/ 1966 وذلك بصفته ولياً شرعياً عليهم وأنه لم يدفع لهم شيئاً من الريع المستحق لهم خلال تلك الفترة ومقداره 3149 جنيه و605 مليمات، وبتاريخ 10/ 9/ 1969 قضت المحكمة بإلزام الطاعن بأن يدفع للمطعون ضدهم المبلغ المشار إليه. فاستأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 970 لسنة 25 ق الإسكندرية طالباً إلغاءه ورفض الدعوى، وبتاريخ 25/ 5/ 1972 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى الطاعن بهما على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول أنه تمسك بصحيفة الاستئناف ومذكرته الشارحة بأن ما أنفقه على أولاده المطعون ضدهم أثناء فترة قصرهم يزيد كثيراً على غلة حصصهم بالعقارين موضوع التداعي ونفقتهم هذه تقع في مالهم ما دام لهم مال حاضر وفق أرجح الآراء في المذهب الحنفي، كما أنه قام بإصلاح هذين العقارين وتجديدهما مما أدى إلى زيادة غلتهما واستغرقت تكاليف الإصلاح والتجديد غالبية الريع حسبما يتضح من الشهادات الرسمية المقدمة منه والمستخرجة من قلم الضريبة على العقارات المبنية بمحافظة الإسكندرية، ورغم أن هذا الدفاع جوهري يتغير به وجه الرأي في الدعوى فإن الحكم المطعون فيه أغفل الرد عليه فجاء مشوباً بالقصور في التسبيب مما أدى به إلى مخالفة القانون.
وحيث إن هذا النعي صحيح، ذلك أنه بالرجوع إلى الحكم المطعون فيه يبين أنه أثبت في سرده لأسباب الاستئناف أن الطاعن تمسك فيها بأن ما كان ينفقه على أولاده المطعون ضدهم يزيد أضعافاً على ما كان يغله العقار وأنه قام بإصلاح وتجديد العقار خلال فترة إدارته له وشيد به طابقاً جديداً احتسب الخبير ريعه وأغفل احتساب تكاليف الإصلاح والتشييد كما ردد ذلك الدفاع بتفصيل في مذكرته المقدمة بجلسة 18 يناير سنة 1972، لما كان ذلك، وكان من المقرر شرعاً وفقاً للراجح في مذهب أبي حنيفة الواجب الإتباع عملاً بنص المادة السادسة من القانون رقم 462 لسنة 1955 بإلغاء المحاكم الشرعية والمادة 280 من لائحة ترتيب تلك المحاكم، أن الصغير - ابناً كان أم بنتاً - إذا كان ذا مال حاضر فإن نفقته تقع في ماله ولا تجب على أبيه، وكان الثابت بمدونات الحكم المطعون فيه أن الطاعن قدم شهادات بتواريخ ميلاد أولاده المطعون ضدهم في 1933، 1934، 1935، 1939 للتدليل على قصرهم غالبية الفترة المطالب بالريع عنها، كما قدم حافظة أخرى بجلسة 23/ 2/ 1971 ضمنها أربع شهادات رسمية من قلم الضريبة على العقارات المبنية موضحاً بها حالة العقارين موضوع التداعي وريعهما قبل شرائهما وبعده وذلك للتدليل على تضاعف ريعهما نتيجة ما قام به من إصلاحات وإنشاءات، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أغفل الرد كلية عن الشق الأول من دفاع الطاعن الجوهري الذي قد يتغير به وجه الرأي في الدعوى وأطرح شقه الثاني بقوله، "إن الطاعن لم يقدم ما يدل على الإصلاحات والتحسينات" ملتفتاً عن التحدث بشيء عن الشهادات الصادرة من قلم الضريبة على العقارات المبنية عن حالة وريع العقارين موضوع التداعي قبل شرائهما وبعده مع ما قد يكون لهذه المستندات من دلالة في هذا الخصوص، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد جاء قاصر البيان مما يتعين معه نقضه.