الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 5 أغسطس 2020

الطعن 199 لسنة 60 ق جلسة 15 / 5 / 1991 مكتب فني 42 ج 1 ق 115 ص 802

جلسة 15 من مايو سنة 1991

برئاسة السيد المستشار/ إبراهيم حسين رضوان نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ ناجي إسحق وفتحي خليفة وسرى صيام نواب رئيس المحكمة وإبراهيم عبد المطلب.

-----------------

(115)
الطعن رقم 199 لسنة 60 القضائية

 (1)تزوير "تزوير الأوراق الرسمية". جريمة "أركانها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم اشترط صدور جريمة تزوير المحررات الرسمية من الموظف المختص بتحريرها كفاية اصطناع المحرر نسبته كذباً إلى موظف عام للإيهام برسميته.
 (2)تزوير "تزوير الأوراق الرسمية". جريمة "أركانها". قصد جنائي. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
القصد الجنائي في جريمة التزوير - تعلقه بوقائع الدعوى. لمحكمة الموضوع الفصل فيه على ضوء الظروف المطروحة عليها.
تحدث الحكم استقلالاً عن ذلك القصد. غير لازم. ما دام قد أورد من الوقائع ما يدل عليه.
 (3)إثبات "خبرة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
إغفال المحكمة دفاع الطاعن بطلب ندب لجنة خبراء ثلاثية من قسم أبحاث التزييف والتزوير بالطب الشرعي. لا عيب. ما دامت قد عولت في إدانته على الأدلة الفنية الأخرى بما يفصح عن أنها لم تكن بحاجة إلى ندب خبير آخر.
 (4)اختلاس أموال أميرية. موظفون عموميون. جريمة "أركانها".
جريمة الاختلاس المنصوص عليها في المادة 112 من قانون العقوبات. مناط تحققها؟
 (5)استيلاء على أموال أميرية. جريمة "أركانها". موظفون عموميون.
جريمة الاستيلاء المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة 113 عقوبات. متى تتحقق أركانها؟
 (6)اختلاس أموال أميرية. استيلاء على أموال أميرية. إثبات "بوجه عام".
إثبات جريمة الاختلاس المعاقب عليها بالمادة 112 عقوبات - لا يشترط فيه طريقة خاصة. كفاية اقتناع المحكمة بوقوع الفعل المكون لها من أي دليل أو قرينة تقدم إليها.
 (7)اختلاس أموال أميرية. استيلاء على أموال أميرية. قصد جنائي. جريمة "أركانها".
تحدث الحكم استقلالاً عن توافر القصد الجنائي في جريمتي الاختلاس والاستيلاء بغير حق على مال للدولة. غير لازم. كفاية أن يكون فيما أورده من وقائع وظروف ما يدل عليه.
 (8)دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". إثبات "بوجه عام". اختلاس أموال أميرية. استيلاء على أموال أميرية. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الدفاع الموضوعي. لا يستأهل رداً. استفادة الرد عليه من أدلة الثبوت التي يوردها الحكم.
تعقب المتهم في كل جزئية من جزئيات دفاعه غير لازم. مفاد التفات الحكم عنها أنه أطرحها.
مثال في جريمتي اختلاس أموال أميرية والاستيلاء عليها.
(9) اختلاس أموال أميرية. موظفون عموميون. قانون "تفسيره". عقوبة "تطبيقها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
مؤدى نص المادة الأولى من القانون رقم 63 لسنة 1975؟
إدانة الحكم المطعون فيه الطاعن عن جريمتي اختلاس أوراق القضايا والاستيلاء عليها بغير حق ومعاقبته بالمادتين 112، 113 عقوبات. لا خطأ في تطبيق القانون.
(10) اختلاس أموال أميرية. تزوير في محرر رسمي. عقوبة "تقديرها" "العقوبة المبررة". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
إدانة الطاعن بعدة جرائم. مؤاخذته عنها بعقوبة الجريمة الأشد إعمالاً للمادة 32 عقوبات. عدم قبول نعيه على الحكم في ذلك.

(11) حكم "بيانات التسبيب" "بيانات حكم الإدانة".
عدم رسم القانون شكلاً خاصاً لصياغة الحكم. كفاية أن يكون مجموع ما أورده مؤدياً إلى تفهم الواقعة بأركانها وظروفها.

(12) إثبات "بوجه عام".
تساند الأدلة في المواد الجنائية. مؤداه؟
 (13)اشتراك "طرقه". إثبات "بوجه عام". اتفاق. تزوير "الاشتراك في التزوير". اختلاس استيلاء. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الاشتراك بالاتفاق يتحقق باتحاد نية أطرافه على ارتكاب الفعل المتفق عليه. هذه النية أمر داخلي لا يقع تحت الحواس. جواز الاستدلال عليها بأن دليل مباشر أو بطريق الاستنتاج.
الاشتراك في التزوير، تمامه دون مظاهر خارجية أو أعمال عادية محسوسة. يكفي لثبوته اعتقاد المحكمة بحصوله من ظروف الدعوى وملابساتها اعتقاداً سائغاً.
مثال لاستدلال سائغ على توافر اشتراك الطاعن في جرائم تزوير واختلاس واستيلاء.
 (14)محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
نفي التهمة. دفاع موضوعي. لا يستوجب رداً.
(15) إثبات "بوجه عام" "خبرة". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
إيراد نص تقرير الخبير بكامل أجزائه. ليس بلازم.
تقرير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إليها. موضوعي. حق المحكمة في الأخذ بما تراه من تلك التقارير وإطراح ما عداه. مثال.
 (16)نقض "المصلحة في الطعن". عقوبة "العقوبة المبررة". ارتباط. اختلاس. تقليد أختام. استيلاء. أموال أميرية.
اعتبار الحكم جرائم الاختلاس وتقليد الأختام والاستيلاء جريمة واحدة ومعاقبته المتهم بالعقوبة المقررة للجريمة الأشد وهي الاشتراك في جريمتي الاختلاس والاستيلاء بغير حق على مال للدولة. لا مصلحة فيما يثيره بشأن جريمة تقليد الأختام.
 (17)دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". دفوع "الدفع بعدم جدية التحريات". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
مثال لرد كاف لإطراح الدفع بعدم جدية التحريات في جرائم اختلاس وتزوير واستيلاء.
 (18)إجراءات "إجراءات التحقيق". دفوع "الدفع ببطلان إجراءات التحقيق".
مثال لرد سائغ لإطراح الدفع ببطلان تحقيقات النيابة.
 (19)محاماة. قانون "تفسيره". تفتيش "بطلانه". دفوع "الدفع ببطلان التفتيش". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
وجوب إخطار النيابة العامة مجلس النقابة أو مجلس النقابة الفرعية قبل الشروع في تحقيق أية شكوى ضد محام بوقت مناسب. غير لازم. قبل تفتيش مكتب المحامي أو وقت حصوله. المادة 51 من القانون 17 لسنة 1983 بإصدار قانون المحاماة. الدفع ببطلان تفتيش مكتب الطاعن لعدم إخطار نقابة المحامين العامة أو الفرعية قبل حصوله بوقت كاف. دفعاً قانونياً ظاهر البطلان.
 (20)نقض "أسباب الطعن. تحديدها. ما لا يقبل منها".
وجه الطعن. يجب أن يكون واضحاً محدداً.
النعي على الحكم خلوه من المستندات التي لم يعرض لها. دون بيان ماهيتها عدم قبوله.
 (21)محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الجدل الموضوعي في أدلة الدعوى. عدم جواز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
 (22)نقض "المصلحة في الطعن" "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". اختلاس. تزوير. استيلاء أموال أميرية.
المصلحة واتصال أوجه الطعن بشخص الطاعن. شرط لقبول الطعن.
عدم قبول النعي على الحكم عدم توفيره دفاعاً حقيقياً - للمتهم الثاني - بعد وفاة محاميه أثناء المحاكمة. علة ذلك: انعدام مصلحته.

-------------

1 - لما كان الحكم المطعون فيه قد بين في معرض سرده لواقعة الدعوى وإيراده لأدلتها والرد على دفاع الطاعن، أنه ارتكب تزويراً في صور الجنايات المبينة في الحكم وذلك بتغيير الحقيقة في محاضر الضبط وتحقيقات النيابة والتقارير الكيمائية لمصلحة الطب الشرعي ومحضر جلسة وحكم لمحكمة الجنايات، بطريق اصطناعها على غرار المحررات الصحيحة منها، وإعطائها شكل ومظهر الأوراق الرسمية، والتوقيع عليها بتوقيعات نسبها زوراً إلى المختصين أصلاً بالتوقيع على الأوراق الصحيحة لما كان ذلك، وكان لا يشترط في جريمة تزوير المحررات الرسمية أن تصدر فعلاً من الموظف المختص بتحريرها، بل أن الجريمة - كما هو الحال في الدعوى الراهنة - تتحقق باصطناع المحرر ونسبته كذباً إلى موظف عام للإيهام برسميته.
2 - من المقرر أن القصد الجنائي في جريمة التزوير من المسائل المتعلقة بوقائع الدعوى التي تفصل فيها محكمة الموضوع في ضوء الظروف المطروحة عليها، وليس بلازم أن يتحدث الحكم عنه صراحة وعلى استقلال، ما دام الحكم قد أورد من الوقائع ما يدل عليه، وكان ما أثبته الحكم المطعون فيه في مقام التدليل على توافر جريمة التزوير في المحررات الرسمية في حق الطاعن، وما استدل به على علمه بالتزوير، تتحقق به كافة العناصر القانونية لتلك الجريمة التي دانه بها، فإن ما يثيره الطاعن من منازعته حول رسمية الأوراق موضوع الجريمة، وأنه كان مأموراً من المتهم الثالث بتحريرها ما يمليه عليه من بيانات في تلك الأوراق، لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير المحكمة لأدلة الدعوى وفي سلطتها في وزن عناصرها واستنباط معتقدها مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
3 - لما كانت المحكمة اطمأنت إلى الدليل الفني المستمد من تقارير قسم أبحاث التزييف والتزوير بمصلحة الطب الشرعي، وقسم الأدلة الجنائية بمديرية أمن القاهرة، وعولت عليه في إدانة الطاعن، بما يفصح عن أنها لم تكن بحاجة إلى ندب خبير آخر، فإنه لا تثريب عليها إن هي أغفلت دفاع الطاعن في شأن طلب ندب لجنة خبراء ثلاثية من قسم أبحاث التزييف والتزوير بمصلحة الطب الشرعي، ويضحى النعي على الحكم بدعوى الإخلال بحق الدفاع على غير أساس.
4 - من المقرر أن جريمة الاختلاس المنصوص عليها في المادة 12 من قانون العقوبات، تتحقق إذا كانت الأموال أو الأشياء المختلسة قد وجدت في حيازة الموظف العام أو من في حكمه بسبب وظيفته، يستوي في ذلك أن تكون هذه الأموال أو الأشياء قد سلمت إليه تسليماً مادياً، أو وجدت بين يديه بمقتضى وظيفته.

5 - جريمة الاستيلاء المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة 13 من قانون العقوبات، تتحقق أركانها متى استولى الموظف العام أو من في حكمه بغير حق على مال للدولة أو لإحدى الجهات المنصوص عليها في المادة 119 من القانون ذاته،
ولو لم يكن هذا المال في حيازته، أو لم يكن من العاملين بالجهة التي تم له الاستيلاء على مالها، وذلك بانتزاعه منها خلسة أو حيلة أو عنوة بنية تملكه وأضاعته على ربه.
6 - من المقرر أنه لا يشترط لإثبات جريمة الاختلاس المعاقب عليها بالمادة 112 من القانون العقوبات طريقة خاصة غير طرق الاستدلال العامة، بل يكفي كما هو الحال في سائر الجرائم بحسب الأصل أن تقتنع المحكمة بوقوع الفعل المكون لها من أي دليل أو قرينة تقدم إليها.
7 - لما كان ما أورده الحكم - على النحو المار بيانه - يعد كافياً وسائغاً في تدليل الحكم على ثبوت استلام الطاعن للأوراق المختلسة والتي أشار إليها الحكم في مدوناته، وعلى توافر جريمتي الاختلاس والاستيلاء بغير حق على مال للدولة في حق الطاعن، بأركانهما المادية والمعنوية، إذ لا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالاً عن توافر القصد الجنائي في هاتين الجريمتين، بل يكفي أن يكون ما أورده الحكم من وقائع وظروف دالاً على قيامه.
8 - لما كان دفاع الطاعن في شأن تداول القضايا موضوع جريمتي الاختلاس والاستيلاء بغير حق على مال للدولة، بين موظفي القلم الجنائي بالمحكمة التابع لها، مما يسهل على غيره من الموظفين أن تمتد يده إلى تلك القضايا، لا يعدو أن يكون دفاعاً موضوعياً، لا يستأهل من الحكم رداً، إذ الرد عليه مستفاد من أدلة الثبوت التي أوردها وصحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمتين - المار ذكرهما - ونسبتهما إلى الطاعن، ولا عليه إن لم يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه، لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها.
9 - لما كان القانون رقم 63 لسنة 1975 نص في مادته الأولى على تعديل الباب الرابع من الكتاب الثاني من قانون العقوبات ليشمل فصلاً عن جرائم اختلاس الأموال الأميرية والغدر والصورة المختلفة الأخرى للعدوان على المال العام، واستبدل بعنوان الباب المذكور عنوان "اختلاس المال العام والعدوان عليه والغدر، بما يحقق التوسع في مدلولي المال العام والموظف العام، وأدخل في التعديلات على نص المادتين 112، 113 من قانون العقوبات، بحيث يتسع مدلولهما للعقاب على اختلاس الموظف العام أو من في حكمه للأموال والأوراق أو - الاستيلاء عليها بغير حق، سواء كانت تلك الأموال والأوراق مملوكة للدولة أن لإحدى الجهات المبينة بالمادة 119 من قانون العقوبات، أم كانت أموالاً خاصة مملوكة للأفراد. متى كان هذا المال موجوداً في حيازته بسبب وظيفته، وذلك بالنسبة لجريمة الاختلاس المنصوص عليها في المادة 112 من قانون العقوبات، أو كان تحت يد إحدى الجهات المنصوص عليها في المادة 119 من القانون ذاته بالنسبة لجريمة الاستيلاء عليه بغير حق أو تسهيل ذلك للغير المنصوص عليها في الفقرة الأخيرة من المادة 113 من قانون العقوبات، وغلظ الشارع العقوبة المقررة في هاتين الجريمتين إذا ما اقترن الفعل بظرف من الظروف المشددة المنصوص عليها فيهما، كما أضاف القانون رقم 63 لسنة 1975 إلى أحكام ذلك الباب الرابع نص المادة 117 مكرراً ليقرر عقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة أو المؤقتة لكل موظف عام يضع النار عمداً أو يخرب أو يتلف أموالاً ثابتة أو منقولة أو أوراقاً أو غيرها لإحدى الجهات التي يعمل بها أو يتصل بها بحكم عمله أو للغير متى كان معهوداً بها إلى تلك الجهة، وقد استهدف الشارع من كل هذا التعديل مواجهة حالات سرقة واختلاس وإتلاف الأموال والأوراق التي تقع من الموظف الحافظ لها، فشدد العقاب عليها ومن ثم فقد نصت المادة الثالثة من القانون رقم 63 لسنة 1975 على إلغاء الفقرة الثانية من المادة 152 من قانون العقوبات وهو ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية للقانون - المار ذكره - لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعن بجريمتي اختلاس أوراق القضايا والاستيلاء عليها بغير حق وعاقبه عليها طبقاً للمادتين 112، 113 من قانون العقوبات، فإنه يكون قد طبق القانون تطبيقاً سليما، وإذ كان الحكم قد أشار في مدوناته إلى نص المادتين - المار ذكرهما - وأفصح عن تطبيقهما في حق الطاعن، فإن النعي عليه بقالتي الخطأ في تطبيق القانون والبطلان يكون على غير أساس.
10 - لما كان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعن بجرائم الاختلاس والتزوير في محررات رسمية والاشتراك مع المتهم الأول في ارتكاب تزوير في محررات رسمية، وأوقع عليه العقوبة المقررة في القانون لجريمة الاختلاس باعتبارهما عقوبة الجريمة الأشد عملاً بنص المادة 32 من قانون العقوبات، فإنه لا يجدي الطاعن ما يثيره في صدد قصور الحكم في بيان أركان جريمة التزوير المسندة إليه، وفي التدليل على اشتراكه مع المتهم الأول في ارتكاب التزوير في المحررات الرسمية، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الشأن يكون غير مقبول.
11 - القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها، ومتى كان مجموع كما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة، فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون.
12 - من المقرر أن الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة، فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشة على حدة دون باقي الأدلة، بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها مؤدية إلى ما رتبه الحكم عليها، فإن ما يثيره الطاعن من قصور الحكم في بيان الواقعة وفي شأن تعويله على أقوال الشاهدين - المار ذكرهما - على الرغم من أنها لا تدل بمجردها على مقارفة الطاعن الجرائم التي دين بارتكابها - لا يكون مقبولاً.
13 - من المقرر أن الاشتراك بطريق الاتفاق، إنما يكون باتحاد نية أطرافه على ارتكاب الفعل المتفق عليه، وهذه النية أمر داخلي لا يقع تحت الحواس ولا يظهر بعلامات خارجية، فمن حق القاضي إذا لم يقم على الاشتراك دليل مباشر أن يستدل عليه بطريق الاستنتاج والقرائن التي تقوم لديه. ومن المقرر أن الاشتراك في التزوير يتم غالباً دون مظاهر خارجية أو أعمال مادية محسوسة يمكن الاستدلال بها عليه، ومن ثم يكفي لثبوته أن تكون المحكمة قد اعتقدت حصوله من ظروف الدعوى وملابساتها، وأن يكون اعتقادها سائغاً تبرره الوقائع التي أثبتها الحكم، وكان الحكم المطعون فيه قد دلل بالأسباب السائغة التي أوردها، على أن الطاعن قد جند المتهمين الأول والثاني واستعان بهما على تزوير قضايا المخدرات التي وكل للدفاع عن المتهمين فيها بقصد الحصول على أحكام بالبراءة لموكليه، وكان المتهم الأول سبيله في ارتكاب التزوير في الأوراق الرسمية الخاصة بتلك القضايا، وكان المتهم الثاني سبيله في اختلاس أوراق قضايا المخدرات والاستيلاء عليها بغير حق بوصفه موظفاً بالإدارة الجنائية بمحكمة استئناف القاهرة ومن الأمناء على تلك الأوراق، وأورد الحكم من الأدلة القولية والفنية مما يكشف عن اعتقاد المحكمة باشتراك الطاعن مع المتهمين الأول والثاني في ارتكاب جرائم التزوير والاختلاس والاستيلاء على مال للدولة بغير حق، فإن هذا حسبه ليستقيم قضاؤه، ذلك أنه ليس على المحكمة أن تدلل على حصول الاشتراك بطريق الاتفاق بأدلة مادية محسوسة بل يكفيها للقول بقيام الاشتراك أن تستخلص حصوله من وقائع الدعوى وملابساتها، ما دام في تلك الوقائع ما يسوغ الاعتقاد بوجوده، وهو ما لم يخطئ الحكم في تقديره، ومن ثم فإن النعي على الحكم بقالة القصور في التسبيب لعدم استظهار عناصر الاشتراك والتدليل على توافره في حق الطاعن لا يكون محل له.

14 - لما كان ما يثيره الطاعن من إغفال الحكم لدفاعه في شأن عدم إتقان عبارات التزوير بالأوراق المزورة، ودلالتها على نفي صدور التزوير فيه أو إسهامه فيه، لا يعدو أن يكون دفاعاً موضوعياً، لا يستلزم من المحكمة رداً خاصاً، اكتفاء بما أوردته من أدلة الثبوت التي اطمأنت إليها وأخذت بها، ويضحى النعي على الحكم في هذا الصدد غير قويم.
15 - من المقرر أنه لا ينال من سلامة الحكم عدم إيراده نص تقرير الخبير بكامل أجزائه، وإن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات ومطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتلك التقارير، ولها أن تفاضل بين هذه التقارير وتأخذ منها بما تراه وتطرح ما عداه، إذ أن ذلك الأمر يتعلق بسلطتها في تقدير الدليل، ولا معقب عليها في ذلك، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه نقلاً عن تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير في شأن الصورة الضوئية لأصل محضر التحريات الصحيح الخاص بالجناية رقم....مخدرات المطرية، يعد كافياً في بيان وجه استدلال الحكم بما ثبت من ذلك التقرير من حدوث تعديل بمحضر التحريات بخط الطاعن ومسئوليته عن ذلك التعديل، وأطرحت المحكمة في حدود سلطتها التقديرية تقرير الخبير الاستشاري المقدم منه، فإنه لا يجوز مجادلتها في ذلك أمام محكمة النقض، وهي غير ملزمة من بعد أن ترد استقلالاً على تقرير الخبير الاستشاري الذي لم تأخذ به أو على ما يكون الطاعن قد أثاره من مطاعن على التقرير الفني الذي اطمأنت إليه وأخذت به.
16 - لما كان ذلك، وكان الثابت من الحكم المطعون فيه أنه اعتبر الجرائم المسندة إلى الطاعن جريمة واحدة وعاقبه بالعقوبة المقررة لأشدهما، وهي جريمة الاشتراك مع المتهم الثاني في ارتكاب جريمتي الاختلاس والاستيلاء بغير حق على مال للدولة، وأوقعت عليه عقوبتها عملاً بنص المادة 32 من قانون العقوبات بوصفها الجريمة الأشد، فإنه لا مصلحة له فيما يثيره بشأن جريمة تقليد الأختام.
17 - لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أطرح الدفع بعدم جدية التحريات استناداً إلى اطمئنان المحكمة إلى صحة الإجراءات التي أجراها الشاهد الأول وجديتها، وهو ما يعد كافياً للرد على ما أثاره الطاعن في هذا الخصوص فإن معناه في هذا الشأن لا يكون له محل.
18 - لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع ببطلان تحقيقات النيابة العامة ورد عليه في قوله "إن المحكمة تطمئن تماماً إلى التحقيقات التي تمت بمعرفة النيابة العامة في هذه الدعوى، وترى أنها تمت في حيدة كاملة، ولا يوجد بالأوراق ما يشير إلى عدم حيدة من قاموا على التحقيق فيها، إما ما يثيره الدفاع من أن أحد المختصين قام بتمزيق ورقتين من أوراق التحقيق، فإنها وإن كانت تشير إلى عدم دقة المحقق، إلا أنها لا تدل على انحرافه بالتحقيق أو فقدانه لحيدته، ومن ثم تكون التحقيقات صحيحة، ويكون الدفع ببطلانها على غير سند من صحيح القانون"، وكان ما أورده الحكم - على النحو المار بيانه - يعد سائغاً وكافياً في إطراح الدفع ببطلان تحقيقات النيابة، وفي بيان وجه اقتناع المحكمة بصحتها، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الشأن يكون على غير أساس.
19 - لما كانت المادة 51 من القانون رقم 17 لسنة 1983 بشأن إصدار قانون المحاماة قد نصت على أنه "لا يجوز التحقيق مع محام أو تفتيش مكتبه إلا بمعرفة أحد أعضاء النيابة العامة، ويجب على النيابة العامة أن تخطر مجلس النقابة أو مجلس النقابة الفرعية قبل الشروع في تحقيق أية شكوى ضد محام بوقت مناسب، وللنقيب أو رئيس النقابة الفرعية إذا كان المحامي متهماً بجناية أو جنحة خاصة بعمله أن يحضر هو أو من ينيبه من المحامي التحقيق"، وإذ كانت المادة 51 من القانون - المار ذكره - قد أوجبت أن يكون التحقيق مع محام أو تفتيش مكتبه بمعرفة أحد أعضاء النيابة العامة، وأوجبت على هذه الجهة إخطار مجلس النقابة أو مجلس النقابة الفرعية قبل الشروع في تحقيق أية شكوى ضد محام بوقت مناسب، إلا أنها لم توجب عليها اتخاذ ذلك الإخطار قبل تفتيش مكتب المحامي أو وقت حصوله، ومن ثم فإن تفتيش النيابة العامة لمكتب المحامي دون إخطار مجلس النقابة أو مجلس النقابة الفرعية لا يترتب عليه بطلان ذلك التفتيش، وبالتالي يعد الدفع ببطلان تفتيش مكتب الطاعن لعدم إخطار نقابة المحامين العامة أو الفرعية قبل حصوله بوقف كاف، دفعاً قانونياً ظاهر البطلان، وإذ خلص الحكم المطعون فيه إلى رفض ذلك الدفع، لا يكون قد خالف القانون، ويضحى النعي عليه بقالة الخطأ في تطبيق القانون غير قويم.
20 - لما كان ينبغي لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً، وكان الطاعن لم يفصح عن ماهية المستندات التي لم يعرض لها الحكم، حتى يتضح مدى أهميتها في الدعوى، فإن منعاه في هذا الشأن يكون غير مقبول.
21 - لما كان الحكم المطعون فيه قد عول - ضمن ما عول عليه - على إقرار الطاعن بالتحقيقات بالهروب إلى خارج البلاد أثر علمه بالاتهام المسند إليه، وكان الطاعن لا يجادل في أسباب طعنه أن لهذا الإقرار معينه الصحيح من الأوراق، وقد خلت محاضر جلسات المحاكمة مما يدل على أن المحكمة قد ندبت النيابة العامة لإجراء تحقيق في شأن القبض على الطاعن بمعرفة الشرطة الجنائية الدولية بأبي ظبي وترحيله إلى القاهرة، وأن ما اتخذته المحكمة من إجراء في هذا الخصوص، هو مجرد الاستعلام عن ذلك من الجهة المختصة، وبناءً على طلب المدافع عن الطاعن، وقد نفذته النيابة العامة، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً قصد به التشكيك في أدلة الدعوى، وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
22 - من المقرر أنه لا يقبل من أوجه الطعن على الحكم، إلا ما كان متصلاً منها بشخص الطاعن، وكان له مصلحة فيه، وكان منعى الطاعن على الحكم بالبطلان والإخلال بحق الدفع لأنه لم يوفر للمتهم الثاني دفاعاً حقيقياً في الدعوى بعد وفاة محاميه الموكل أثناء إجراءات المحاكمة، ولا يتصل بشخص الطاعن وليس له مصلحة فيه، ومن ثم فإن منعى الطاعن على الحكم في هذا الصدد لا يكون مقبولاً.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم المتهم الأول: (1) ارتكب تزويراً في محررات رسمية هي محاضر تحريات الشرطة وأذون النيابة ومحاضر الضبط وتحقيقات النيابة وتقارير المعامل الكيماوية بمصلحة الطب الشرعي وقوائم أدلة الثبوت وأوامر الإحالة وأحكام محاكم الجنايات، وذلك بأن اصطنع محررات مزورة على غرار المحررات الصحيحة ووضع عليها إمضاءات نسبها زوراً إلى المختصين بتحريرها وذلك في جنايات المخدرات أرقام.....، وكذا محضري معاينة النيابة في الجنايتين رقمي...... و...... وكذا لمستندات أخرى رسمية هي وثيقة عقد الزواج المقدمة في الجناية رقم...... وإشهارات الطلاق المقدمة في الجنايات أرقام...... و...... السلام وصورة الشكوى الإدارية في الجنايتين الأخيرتين والكتاب المنسوب زوراً إلى إدارة مرور القليوبية المقدمة في الجناية...... حدائق القبة والشهادة المنسوبة إلى مصلحة الأحوال المدنية في الجناية....... السلام وشهادة الجدول المزعوم صدورها من نيابة مصر القديمة الجزئية في الجناية رقم.....، والإفادة المنسوبة إلى إدارة الإسكان في الجناية......، وصورة محضر الشكوى الإدارية المقال بنسبتها إلى نيابة المعادي الجزئية في الجناية....... وطلبت القيد في السجل التجاري في ذات الجناية الأخيرة، وصورة من تحقيقات الجناية رقم...... أمن دولة طوارئ السلام نسبها زوراً إلى نيابة.....، وصورة حكم زعم صدوره عن محكمة جنايات القاهرة في الجناية رقم.... لسنة...... السلام المقدمة من الجناية....... أمن دولة عليا طوارئ السلام، وكذا شهادة بنهائية الحكم المشار إليه نسبها إلى نيابة مخدرات القاهرة في ذات - الجناية، وكذا الشهادة المنسوب صدورها عن نيابة مخدرات القاهرة في الجناية...... المطرية. كما تناول بالتعديل بعض بيانات محضر التحريات وإذن النيابة المذيل به ومحضر الضبط وتحقيقات النيابة وشهادة الوزن في جنايات المخدرات - أرقام.....، .....، ...... على النحو التالي المبين بالتحقيقات. (20) استحصل بغير حق على ختم لجهة حكومية هي نيابة المطرية الجزئية واستعمله استعمالاً ضاراً بالمصلحة العامة بأن بصم به على الصورة الضوئية لتحقيقات الجناية رقم...... أمن دولة طوارئ السلام والمقدمة في جناية المخدرات رقم...... السلام، المتهمان الثاني والثالث: (1) اشتركا بطريقي الاتفاق والمساعدة مع المتهم الأول في ارتكاب جناية التزوير موضوع التهمة الأولى بأن اتفقا معه على ارتكابها وساعداه على ذلك بأن أمداه بالبيانات والأوراق اللازمة فوقعت الجريمة بناءً على ذلك الاتفاق وتلك المساعدة (2) استعملا المحررات المزورة موضوع التهمة الأولى بأن استبدل المتهم الثاني الأوراق المزورة للقضايا بأوراقها الصحيحة المودعة بالقلم الجنائي بمحكمة استئناف القاهرة وقدم الثالث بنفسه في مرافقاته باقي المستندات المزورة الأخرى إلى دوائر محاكم الجنايات معتمداً على ما بها من بيانات مخالفة للحقيقة مع علمهما بتزويرها. المتهم الثاني أيضاً: (1) بصفته موظفاً عاماً (إداري بالإدارة الجنائية بمحكمة استئناف.... وأمين سر مساعد بدوائر الجنايات بها) - اختلس الأوراق الصحيحة لجنايات المخدرات أرقام....، .....، ......، .... - والتي وجدت في حيازته بسبب وظيفته بأن أبدل الأوراق المزورة التي اصطنعت على الأوراق الصحيحة وقد ارتبطت هذه الجريمة بجنايتي التزوير والاستعمال آنفتي البيان حالة كونه من الأمناء على الودائع (2) بصفته سالفة الذكر استولى بغير حق على الأوراق الصحيحة والمزورة في باقي الجنايات المبينة بالتهمة الأولى والمسندة إلى المتهم الأول، وقد ارتبطت هذه الجناية بجنايتي التزوير والاستعمال سالفتي البيان (3) ارتكب تزويراً في محررات رسمية هي طلبات الحصول على صور جنايات المخدرات أرقام..... من قلم الحفظ بمحكمة استئناف.... بأن اصطنع هذه الطلبات على غرار الطلبات الصحيحة ووضع إمضاءات نسبها زوراً إلى كل من السادة المحامين.... و..... و..... و.... والتي تأشر على كل منها من الموظف المختص بالإدارة الجنائية بمحكمة استئناف..... بالمعلومات، وتقدير الرسم المقرر عليها، وما يفيد لخزينة المحكمة ووقع بأسماء المحامين المذكورين على دفاتر التسليم وتمكن بهذه الوسيلة من الحصول على الصور الباقية من تلك القضايا بهدف استنفادها من قلم الحفظ ولعدم افتضاح أمر تزويرها (4) استعمل الطلبات المزورة سالفة البيان بأن قدمها إلى المختصين بقلم الحفظ بمحكمة استئناف القاهرة مع علمه بتزويرها المتهم الثالث أيضاً: (1) اشترك بطريقي الاتفاق والمساعدة مع المتهم الثاني في ارتكاب جريمة التزوير المشار إليها في البند (3) بأن اتفق على ارتكابها وساعده بأن أمده بالبيانات اللازمة فوقعت الجريمة بناءً على ذلك الاتفاق وتلك المساعدة. (2) اشترك بطريقي الاتفاق والمساعدة مع المتهم الثاني في ارتكاب جريمتي الاختلاس والاستيلاء بغير حق المشار إليها سلفاً بأن اتفق معه على ارتكابها وساعده بأن أمده بالبيانات اللازمة فوقعت الجريمتين بناءً على ذلك الاتفاق وتلك المساعدة (3) اشترك بطريقي الاتفاق مع المتهم الأول في ارتكاب التهمة الثانية (الاستحصال على الختم) بأن اتفق معه على ارتكابها فوقعت الجريمة بناءً على ذلك الاتفاق. المتهمون جميعاً: قلدوا بواسطة الغير أختاماً لبعض جهات الحكومة (المعامل الكيماوية بمصلحة الطب الشرعي ونيابات المعادي والمطرية ومخدرات القاهرة وإدارة مرور القليوبية والسجل التجاري والسجل المدني ومصلحة الأحوال المدنية وإدارة الإسكان بحي مصر القديمة) (2) استعملوا الأختام سالفة الذكر بأن بصموا بها على المحررات موضوع التهمة السابقة والتي قدمها المتهم الثالث إلى محاكم الجنايات مع علمه بتقليدها وأحالتهم إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة ومحكمة أمن الدولة العليا بالقاهرة قضت حضورياً عملاً بالمواد 40/ ثانياً - ثالثاً، 41/ 1، 112/ 1، 2 أ ب، 113/ 1، 118، 118 مكرراً، 119/ أ، 119 مكرراً أ، 206/ 2 - 3، 207، 211، 212، 214 من قانون العقوبات مع أعمال المادة 32/ 2 من القانون ذاته أولاً: بمعاقبة..... بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات. ثانياً: وبمعاقبة كل من..... و...... بالأشغال الشاقة المؤبدة. ثالثاً: وعزل كل من..... و..... من وظيفته وزوال صفة...... كمحام. رابعاً: نشر منطوق الحكم بصحيفتي الأهرام والأخبار على نفقة المحكوم عليهم.
فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.


المحكمة

أولاً: - عن الطعن المقدم من المحكوم عليه الأول:
ينعى الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة التزوير في محررات رسمية، وقد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع، وذلك بأن ما ساقه الحكم للتدليل على توافر الجريمة في حقه لا يؤدي إلى توافر عناصرها وبخاصة القصد الخاص الذي يتمثل في اتجاه نية الجاني وقت ارتكاب الفعل إلى استعمال المحرر المزور فيما زور من أجله، ولم يفطن الحكم إلى أن ما قارفه الطاعن هو مجرد تحرير لأوراق عرفية بناءً على أمر صادر إليه من المتهم الثالث، وأن الأخير هو الذي كان يملي عليه ما يكتبه بوصفه كاتباً بمكتبه، وتمسك الدفاع عن الطاعن بطلب ندب لجنة خبراء ثلاثية من قسم أبحاث التزييف والتزوير لإعادة إجراء المضاهاة بين خط الطاعن وما حرر من محاضر وتوقيعات وبصمات نفي صدورها منه، إلا أن المحكمة لم تعرض لهذا الطلب إيراداً ورداً - مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد بين في معرض سرده لواقعة الدعوى وإيراده لأدلتها والرد على دفاع الطاعن، أنه ارتكب تزويراً في صور الجنايات المبينة في الحكم وذلك بتغيير الحقيقة في محاضر الضبط وتحقيقات النيابة والتقارير الكيمائية لمصلحة الطب الشرعي ومحضر جلسة وحكم لمحكمة الجنايات، بطريق اصطناعها على غرار المحررات الصحيحة منها، وإعطائها شكل ومظهر الأوراق الرسمية والتوقيع عليها بتوقيعات نسبها زوراً إلى المختصين أصلاً بالتوقيع على الأوراق الصحيحة. لما كان ذلك، وكان لا يشترط في جريمة تزوير المحررات الرسمية أن تصدر فعلاً من الموظف المختص بتحريرها، بل أن الجريمة - كما هو الحال في الدعوى الراهنة - تتحقق باصطناع المحرر ونسبته كذباً إلى موظف عام للإيهام برسميته، وكان من المقرر أن القصد الجنائي في جريمة التزوير من المسائل المتعلقة بوقائع الدعوى التي تفصل فيها محكمة الموضوع في ضوء الظروف المطروحة عليها، وليس بلازم أن يتحدث الحكم عنه صراحة وعلى استقلال، ما دام الحكم قد أورد من الوقائع ما يدل عليه، وكان ما أثبته الحكم المطعون فيه في مقام التدليل على توافر جريمة التزوير في المحررات الرسمية في حق الطاعن، وما استدل به على علمه بالتزوير، تتحقق به كافة العناصر القانونية لتلك الجريمة التي دانه بها، فإن ما يثيره الطاعن من منازعته حول رسمية الأوراق موضوع الجريمة، وأنه كان مأموراً من المتهم الثالث بتحرير ما يمليه عليه من بيانات في تلك الأوراق، لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير المحكمة لأدلة الدعوى وفي سلطتها في وزن عناصرها واستنباط معتقدها مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكانت المحكمة اطمأنت إلى الدليل الفني المستمد من تقارير قسم أبحاث التزييف والتزوير بمصلحة الطب الشرعي، وقسم الأدلة الجنائية بمديرية أمن القاهرة، وعولت عليه في إدانة الطاعن، بما يفصح عن أنها لم تكن بحاجة إلى ندب خبير آخر، فإنه لا تثريب عليها أن هي أغفلت دفاع الطاعن في شأن طلب ندب لجنة خبراء ثلاثية من قسم أبحاث التزييف والتزوير بمصلحة الطب الشرعي، ويضحى النعي على الحكم بدعوى الإخلال بحق الدفاع على غير أساس. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
ثانياً: عن الطعن المقدم من المحكوم عليه الثاني:
ينعى الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم الاختلاس والاستيلاء بغير حق على أوراق لجنايات مخدرات، والتزوير في أوراق رسمية واستعمال محررات مزورة مع العلم بتزويرها، والاشتراك مع المتهم الأول في ارتكاب جريمة التزوير في محررات رسمية، قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه البطلان والقصور في التسبيب، ذلك بأن الحكم خلا من الأسباب التي استند إليها في ثبوت واقعتي الاختلاس والاستيلاء بغير حق على أوراق جنايات المخدرات في حق الطاعن، إذ لم يبين الحكم الأعمال المادية التي قارفها الطاعن وماهية الأوراق التي اختلسها واستولى عليها بغير حق ومضمونها وكيفية حصوله عليها، وبرغم أن القضايا الخاصة بتلك الأوراق لم تكن مسلمة إليه، ولم يستظهر نية الاختلاس، وإن ما أورده الحكم في مقام التدليل على ثبوت اشتراك الطاعن مع المتهم الأول في ارتكاب جريمة التزوير، وفي معرض الرد على دفاعه في شأن انتفاء صفة الرسمية عن الطلبات المقدمة بأسماء بعض المحامين لاستلام صور الجنايات، والدفع بعدم جدية التحريات، لا يعد كافياً في استظهار أركان جريمتي الاختلاس والاستيلاء بغير حق المسندتين إليه وتوافرهما في حقه، كما لا يكفي في ذلك ما عول عليه الحكم من إقرار الطاعن بالتحقيقات باستلامه كافة القضايا عهدته موضوع تهمة الاختلاس، لأن الإقرار بمفرده لا يعد دليلاً على الاختلاس، وأغفل الحكم دفاع الطاعن في شأن تداول تلك القضايا بين موظفي القلم الجنائي بمحكمة استئناف......، قبل أن يتسلمها الطاعن، وهو ما تأيد بأقوال...... رئيس الإدارة - الجنائية،...... الموظف بتلك الإدارة، مما يسهل على غيره من الموظفين أن تمتد يده إلى القضايا - المار ذكرها -، وأن وقائع الاختلاس والاستيلاء بغير حق المسندة إلى الطاعن لا ينطبق عليها وصف الجناية المنصوص عليها في المادتين 112، 113 من قانون العقوبات، وإنما تعد من الجنح المعاقب عليها طبقاً للمادتين 151، 152 من القانون ذاته وأغفل الحكم بيان نص القانون الذي عاقب الطاعن بمقتضاه وأن ما ساقه للتدليل على ثبوت جريمة التزوير في المحررات الرسمية المسندة إلى الطاعن لا يتفق والتطبيق القانوني الصحيح لانتفاء صفة الرسمية عن تلك المحررات، وأن ما أسند إليه من اشتراك مع المتهم الأول في ارتكاب جريمة التزوير المسندة إليه، لم يقم عليه دليل من الأوراق، ولم يدلل الحكم على ثبوته في حقه، وأغفلت المحكمة إثبات اطلاعها على الأوراق المزورة واقتصرت على ما أوردته في حكمها من بيانات لتلك الأوراق نقلاً عن تقارير قسم أبحاث التزييف والتزوير، وإن فض المحكمة الإحراز لا يفيد أنها اطلعت عليها، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد أورد في معرض بيانه لواقعة الدعوى وتدليله على ثبوت جريمتي الاختلاس والاستيلاء بغير حق على مال للدولة في حق الطاعن، أنه كان سبيل المتهم الثالث إلى استبدال الأوراق المزورة بالأوراق الصحيحة في القضايا التي بعهدته، وتلك التي كانت بعهدة زملائه بالإدارة الجنائية بمحكمة استئناف...... التي يعمل بها، وأنه أقر بالتحقيقات أنه تسلم كافة القضايا عهدته موضوع تهمة الاختلاس بسبب وظيفته بالإدارة - المار ذكرها - لما كان ذلك، وكان من المقرر أن جريمة الاختلاس المنصوص عليها في المادة 112 من قانون العقوبات، تتحقق إذا كانت الأموال أو الأشياء المختلسة قد وجدت في حيازة الموظف العام أو من في حكمه بسبب وظيفته، يستوي في ذلك أن تكون هذه الأموال أو الأشياء قد سلمت إليه تسليماً مادياً، أو وجدت بين يديه بمقتضى وظيفته، وإن جريمة الاستيلاء المنصوص عليه في الفقرة الأولى من المادة 113 من قانون العقوبات، تتحقق أركانها متى استولى الموظف العام أو من في حكمه بغير حق على مال للدولة أو لإحدى الجهات المنصوص عليها في المادة 119 من القانون ذاته، ولو لم يكن هذا المال في حيازته، أو لم يكن من العاملين بالجهة التي تم له الاستيلاء على مالها، وذلك بانتزاعه منها خلسة أو حيلة أو عنوة بنية تملكه وإضاعته على ربه. ومن المقرر أنه لا يشترط لإثبات جريمة الاختلاس المعاقب عليها بالمادة 112 من القانون العقوبات طريقة خاصة غير طرق الاستدلال العامة، بل يكفي كما هو الحال في سائر الجرائم بحسب الأصل أن تقتنع المحكمة بوقوع الفعل المكون لها من أي دليل أو قرينة تقدم إليها، وكان ما أورده الحكم - على النحو المار بيانه - يعد كافياً وسائغاً في تدليل الحكم على ثبوت استلام الطاعن للأوراق المختلسة والتي أشار إليها الحكم في مدوناته، وعلى توافر جريمتي الاختلاس والاستيلاء بغير حق على مال للدولة في حق الطاعن، بأركانهما المادية والمعنوية، إذ لا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالاً عن توافر القصد الجنائي في هاتين الجريمتين، بل يكفي أن يكون ما أورده الحكم من وقائع وظروف دالاً على قيامه. كما هو الحال في الدعوى الراهنة - ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم من قصور في التسبيب في هذا الصدد يكون غير سديد.
لما كان ذلك، وكان دفاع الطاعن في شأن تداول القضايا موضوع جريمتي الاختلاس والاستيلاء بغير حق على مال للدولة، بين موظفي القلم الجنائي بالمحكمة التابع لها، مما يسهل على غيره من الموظفين أن تمتد يده إلى تلك القضايا، لا يعدو أن يكون دفاعاً موضوعياً، لا يستأهل من الحكم رداً، إذ الرد عليه مستفاد من أدلة الثبوت التي أوردها وصحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمتين - المار ذكرها - ونسبتهما إلى الطاعن، ولا عليه أن لم يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه، لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان القانون رقم 63 لسنة 1975 نص في مادته الأولى على تعديل الباب الرابع من الكتاب الثاني من قانون العقوبات ليشمل فصلاً عن جرائم اختلاس الأموال الأميرية والغدر والصورة المختلفة الأخرى للعدوان على المال العام، واستبدل بعنوان الباب المذكور عنوان "اختلاس المال العام والعدوان عليه والغدر، بما يحقق التوسع في مدلولي المال العام والموظف العام، وأدخل من التعديلات على نص المادتين 112، 113 من قانون العقوبات، بحيث يتسع مدلولهما للعقاب على اختلاس الموظف العام أو من في حكمه للأموال والأوراق أو - الاستيلاء عليها بغير حق، سواء كانت تلك الأموال والأوراق مملوكة للدولة أو لإحدى الجهات المبينة بالمادة 119 من قانون العقوبات، أم كانت أموالاً خاصة مملوكة للأفراد. متى كان هذا المال موجوداً في حيازته بسبب وظيفته، وذلك بالنسبة لجريمة الاختلاس المنصوص عليها في المادة 112 من قانون العقوبات، أو كان تحت يد إحدى الجهات المنصوص عليها في المادة 119 من القانون ذاته بالنسبة لجريمة الاستيلاء عليه بغير حق أو تسهيل ذلك للغير المنصوص عليها في الفقرة الأخيرة من المادة 113 من قانون العقوبات، وغلظ الشارع العقوبة المقررة في هاتين الجريمتين إذا ما اقترن الفعل بظرف من الظروف المشددة المنصوص عليها فيهما، كما أضاف القانون رقم 63 لسنة 1975 إلى أحكام ذلك الباب الرابع نص المادة 117 مكرراً ليقرر عقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة أو المؤقتة لكل موظف عام يضع النار عمداً أو يخرب أو يتلف أموالاً ثابتة أو منقولة أو أوراقاً أو غيرها لإحدى الجهات التي يعمل بها أو يتصل بها بحكم عمله أو للغير متى كان معهوداً بها إلى تلك الجهة، وقد استهدف الشارع من كل هذا التعديل مواجهة حالات سرقة واختلاس وإتلاف الأموال والأوراق التي تقع من الموظف الحافظ لها، فشدد العقاب عليها ومن ثم فقد نصت المادة الثالثة من القانون رقم 63 لسنة 1975 على إلغاء الفقرة الثانية من المادة 152 من قانون العقوبات وهو ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية للقانون - المار ذكره - لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعن بجريمتي اختلاس أوراق القضايا والاستيلاء عليها بغير حق وعاقبه عليهما طبقاً للمادتين 112، 113 من قانون العقوبات، فإنه يكون قد طبق القانون تطبيقاً سليما، وإذ كان الحكم قد أشار في مدوناته إلى نص المادتين - المار ذكرهما - وأفصح عن تطبيقهما في حق الطاعن، فإن النعي عليه بقالتي الخطأ في تطبيق القانون والبطلان يكون على غير أساس. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعن بجرائم الاختلاس والتزوير في محررات رسمية والاشتراك مع المتهم الأول في ارتكاب تزوير في محررات رسمية، وأوقع عليه العقوبة المقررة في القانون لجريمة الاختلاس باعتبارها عقوبة الجريمة الأشد عملاً بنص المادة 32 من قانون العقوبات، فإنه لا يجدي الطاعن ما يثيره في صدد قصور الحكم في بيان أركان جريمة التزوير المسندة إليه، وفي التدليل على اشتراكه مع المتهم الأول في ارتكاب التزوير في المحررات الرسمية، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الشأن يكون غير مقبول - لما كان ذلك، وكان يبين من الاطلاع على محضر جلسة 19 من ديسمبر سنة 1989، أن المحكمة فضت الإحراز التي تحوى الأوراق المزورة وصرحت للدفاع بالاطلاع عليها والحصول على صور لها، كما صرحت للخبير الاستشاري بالاطلاع على الأوراق الخاصة بالمتهم الثالث، ثم ترافع الدفاع عن الطاعن في الدعوى فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص يكون غير سديد. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه.
ثالثاً: عن الطعن المقدم من المحكوم عليه الثالث:
ينعى الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم الاشتراك مع المتهمين الأول والثاني في ارتكاب التزوير في محررات رسمية، واستعماله محررات مزورة مع علمه بتزويرها، والاشتراك مع المتهم الثاني في ارتكاب جريمتي الاختلاس والاستيلاء بغير حق على مال للدولة المسندتين إليه، وتقليد أختام بعض الجهات الحكومية واستعمالهما مع العلم بتقليدها، وقد أخطا في تطبيق القانون وشابه بطلان في الإجراءات وقصور في التسبيب وفساد في الاستدلال وإخلال بحق الدفاع ذلك بأن الحكم لم يبين واقعة الدعوى في بيان جلي مفصل تتحقق به العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها، وإن ما أورده من أقوال الشاهدين - المقدم..... و...... - ليس من شأنه أن يؤدي ما رتبه الحكم عليه من ثبوت تلك الجرائم في حقه، وعول في الإدانة - ضمن ما عول عليه - على ما قرره أعضاء النيابة العامة وضباط الشرطة الذين باشروا القضايا التي امتدت إليها يد العبث اكتفى في بيان أقوالهم بأنهم والمختصون بمعامل التحاليل الكيماوية بمصلحة الطب الشرعي والجهات الحكومية، جحدوا تحريرهم لطلب المستندات - والتوقيعات المنسوبة إليهم زوراً وبصمات الأختام، دون أن يورد أسماء هؤلاء الأشخاص ومضمون أقوال كل منهم، وحصل الحكم من أقوال الشاهدة - ...... أن الطاعن قد تقاضى من زوج شقيقها مبلغ خمسة آلاف جنيه كأتعاب، في حين أن تلك الشاهدة قررت بالتحقيقات أنها عملت مع شقيقتها وزوجها أن الأخير دفع للطاعن مبلغ اثني عشر ألف جنيه، وجاء الحكم قاصراً في استظهار أركان جرائم التزوير والاختلاس والاستيلاء بغير حق على مال للدولة المسندة إلى المتهمين الأول والثاني، وأن ما ساقه في مقام التدليل على توافر صفة الرسمية للأوراق التي أسند إلى المتهم الثاني تزويرها لا يتفق والتطبيق الصحيح للقانون، وأغفل دفاع المتهم الأول في شأن طلب ندب لجنة ثلاثية من خبراء قسم أبحاث التزييف والتزوير لإعادة إجراء المضاهاة بين خطة وما حرر من محاضر وتوقيعات وبصمات منسوبة إليه والتفت عن المستندات المقدمة من ذلك المتهم ولم تطلع المحكمة على الأوراق والمزورة في حضور الطاعن والمدافع عنه لم يدلل الحكم على توافر عناصر اشتراك الطاعن مع المتهمين الأول والثاني في ارتكاب الجرائم المسند إليهما، إذا لا يكفي في هذا الصدد ما أورده الحكم من أن الطاعن صاحب مصلحة شخصية في الحصول على أحكام البراءة، وأنه مد المحكوم عليهما الأول والثاني بالبيانات والأوراق، لأن ذلك لا يعد دليلا على ثبوت اشتراكه في جرائم التزوير، وقد أغفل الحكم بيان ماهية الأوراق والبيانات التي تقطع بتوافر ذلك الاشتراك، وأن ما ساقه في مقام التدليل على علم الطاعن بالتزوير، وفي معرض الرد على دفاعه في ذلك الخصوص، لا يؤدي على وجه القطع واليقين إلى ثبوت علمه بالتزوير، وإن مجرد تقديم الطاعن للأوراق المزورة أثناء مرافعته أمام المحاكم، لا ينهض دليلاً على علمه بتزويرها، ما دام الحكم لم يثبت أنه هو الذي قارف التزوير أو شارك فيه، كما أغفل الحكم دفاع الطاعن المكتوب من أن العبارات التي زورت في أوراق القضايا، لم تكن على درجة من الإتقان الذي ينخدع به الغير من المختصين، وما كان له أن يترافع على سند من تلك الأوراق دون أو يجعل صياغتها متفقة والمنطق القانوني السليم، وهو ما يقطع بعدم صدورهما منه أو إسهامه في تزويرها، وخلت مدونات الحكم من تحديد الأوراق المزورة بما يكشف عن ماهيتها والبيانات التي احتوتها، ولم يورد مؤدى تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير الخاص بالصورة الضوئية لمحضر التحريات الصحيح في الجنائية رقم.......، والأسانيد التي أقيم عليها ذلك التقرير، وأغفل الاعتراضات التي ساقها الدفاع في شأنه والتي تأيدت بتقرير الخبير الاستشاري المقدم من الطاعن، والذي التفت الحكم عنه وأن - ما حصله الحكم من تقارير قسم الأدلة الجنائية بمديرية أمن....... في شأن فحص البصمات الموقع بها على محاضر تحقيق النيابة العامة في جنايات المخدرات، لا يبين منه أصحاب تلك البصمات التي نسبت زور إليهم، ولا مضمون المحاضر التي وضعت عليها تلك البصمات وكافة بياناتها التي أسبغت عليها صفة الرسمية، اكتفى في إيراد نتيجة فحص الأختام المقلدة على القول بأنها لم تؤخذ من قوالبها الصحيحة، وأنه أجرى تقليدها على نحو ينخدع به عامة الناس، دون أن يبين في مدوناته أوجه الشبه بين تلك الأختام والأسباب التي من أجلها انتهى إلى كفايتها لخداع آحاد الناس، ورد الحكم على الدفع بعدم جدية التحريات بما لا يصلح رداً، وأطرح الدفع ببطلان تحقيقات النيابة لافتقادها الحيدة بما لا يسوغه، كما أطرح الدفع ببطلان تفتيش مكتب الطاعن لعدم إخطار نقابة المحامين العامة أو الفرعية بوقت كاف، بما لا يتفق والتطبيق القانوني الصحيح، ولم يعرض لمستندات الطاعن أو يعني بتمحيض دفاعه المؤسس عليها في شأن الوقائع المسندة إليه وتمسك الطاعن بطلب تحقيق دفاعه في خصوص عدم فراره من وجه العدالة إثر علمه بالاتهام الموجه إليه، وأنه لم يضبط بمعرفة الشرطة الدولية بأبي ظبي، إلا أن المحكمة قررت ندب النيابة العامة لإجراء ذلك التحقيق، وهو ما يعيب قرارها بمخالفة القانون ويشوبه بالبطلان الذي يستطيل أيضاً إلى التحقيقات التي تباشرها النيابة العامة تنفيذاً له، إلى الدليل المستمد منه الذي عول عليه الحكم في الإدانة، كما أن استناد الحكم إلى مغادرة الطاعن أرض الوطن هارباً من الاتهام هو إسناد لواقعة لا دليل عليها في الأوراق وسمحت المحكمة للمحامي المنتدب من نقابة المحامين بالحضور للدفاع عن المتهم الثاني بعد وفاة المحامي الموكل للدفاع عنه، دون أن يكون حضر ولا علم بإجراءات المحاكمة السابقة وما تم فيها من تحقيقات مما كان يوجب عليها أن تعيد سماع الشهود ومرافعة النيابة وباقي الخصوم في حضوره، وبالتالي لم تحقق للمتهم الثاني دفاعاً حقيقياً في الدعوى - كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستجوبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها، ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة، فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون ولما كان الحكم المطعون فيه لم يقتصر في إثبات الواقعة في حق الطاعن على مجرد أقوال الشاهدين......، ...... وإنما استند إلى أدلة الثبوت التي أوردها ومن شأنها في مجموعها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها.
- وإذ كانت الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة، فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة، بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها مؤدية إلى ما رتبه الحكم عليها، فإن ما يثيره الطاعن من قصور الحكم في بيان الواقعة وفي شأن تعويله على أقوال الشاهدين - المار ذكرهما - على الرغم من أنها لا تدل بمجردها على مقارفة الطاعن الجرائم التي دين بارتكابها - لا يكون مقبولاً لما كان ذلك وكان ما أورده الحكم من مؤدى أقوال ضابط الشرطة وأعضاء النيابة العامة والمختصين بمعامل التحليل الكيماوية بمصلحة الطب الشرعي والجهات الحكومية الأخرى في شأن جحدهم تحرير طلب المستندات والتوقيعات المنسوبة زوراً إليهم وبصمات الأختام الموضوعة على البعض منها يعد كافياً في بيان ما استخلصه الحكم من مؤدى أقوالهم وإذ كان الطاعن لا يجادل في أن ما حصله من تلك الأقوال واستند إليه في قضائه له معينه الصحيح في الأوراق كما لا يعيب الحكم عدم ذكر أسماء الشهود فإن منعاه على الحكم في هذا الصدد لا يكون له محل لما كان ذلك وكان خطأ الحكم في تحصيل أقوال الشاهدة..... في شأن مبلغ النقود الذي اقتضاه الطاعن في زوج - شقيقتها بأتعاب بفرض وجوده - لا تأثير له على عقيدة المحكمة فيما اطمأنت إليه من أقوال تلك الشاهدة وأخذت به في مقام الدليل على ثبوت الواقعة في حق الطاعن ومن ثم فإن النعي على الحكم بقالة الخطأ في التحصيل والفساد في التدليل يكون غير سديد. لما كان ذلك وكان ما يثيره الطاعن في شأن قصور الحكم في استظهار أركان جرائم التزوير والاختلاس والاستيلاء بغير حق على مال للدولة وإغفاله دفاع المتهم الأول بشأن طلب ندب لجنة خبراء ثلاثية من قسم أبحاث التزييف والتزوير لإعادة إجراء المضاهاة والتفاته عن المستندات المقدمة منه وإغفال المحكمة الاطلاع على الأوراق المزورة قد سبق الرد عليه لدى بحث أوجه الطعنين المقدمين من الطاعنين الأول والثاني على النحو المتقدم - فإن النعي على الحكم في هذا الصدد بالقصور في التسبيب والبطلان في الإجراءات والإخلال بحق الدفاع لا يكون له محل لما كان ذلك وكان المقرر أن الاشتراك بطريق الاتفاق، إنما يكون باتحاد نية أطرافه على ارتكاب الفعل المتفق عليه، وهذه النية أمر داخلي لا يقع تحت الحواس ولا يظهر بعلامات خارجية، فمن حق القاضي إذا لم يقم على الاشتراك دليل مباشر أن يستدل عليه بطريق الاستنتاج والقرائن التي تقوم لديه. ومن المقرر أن الاشتراك في التزوير يتم غالباً دون مظاهر خارجية أو أعمال مادية محسوسة يمكن الاستدلال بها عليه، ومن ثم يكفي لثبوته أن تكون المحكمة قد اعتقدت حصوله من ظروف الدعوى وملابساتها، وإن يكون اعتقادها سائغاً تبرره الوقائع التي أثبتها الحكم، وكان الحكم المطعون فيه قد دلل بالأسباب السائغة التي أوردها، على أن الطاعن قد جند المتهمين الأول والثاني واستعان بهما على تزوير قضايا المخدرات التي وكل للدفاع عن المتهمين فيها بقصد الحصول على أحكام بالبراءة لموكليه، وكان المتهم الأول سبيله في ارتكاب التزوير في الأوراق الرسمية الخاصة بتلك القضايا، وكان المتهم الثاني سبيله في اختلاس أوراق قضايا المخدرات والاستيلاء عليها بغير حق بوصفه موظفاً بالإدارة الجنائية بمحكمة استئناف.... ومن الأمناء على تلك الأوراق، وأورد الحكم من الأدلة القولية والفنية مما يكشف عن اعتقاد المحكمة باشتراك الطاعن مع المتهمين الأول والثاني في ارتكاب جرائم التزوير والاختلاس والاستيلاء على مال للدولة بغير حق، فإن هذا حسبه ليستقيم قضاؤه، ذلك أنه ليس على المحكمة أن تدلل على حصول الاشتراك بطريق الاتفاق بأدلة مادية محسوسة بل يكفيها للقول بقيام الاشتراك أن تستخلص حصوله من وقائع الدعوى وملابساتها، ما دام في تلك الوقائع ما يسوغ الاعتقاد بوجوده، وهو ما لم يخطئ الحكم في تقديره، ومن ثم فإن النعي على الحكم بقالة القصور في التسبيب لعدم استظهار عناصر الاشتراك والتدليل على توافره في حق الطاعن لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت على الطاعن اشتراكه مع المتهمين الأول والثاني في ارتكاب جرائم التزوير في الأوراق الرسمية المسندة إليهما، وأورد الأدلة التي صحت لديه على ذلك، وكان الاشتراك في التزوير يفيد حتماً علم الطاعن بأن أورق القضايا التي استعملها مزورة، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم من قصور في استظهار ركن العلم بالتزوير يكون على غير أساس. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن من إغفال الحكم لدفاعه في شأن عدم إتقان عبارات التزوير بالأوراق المزورة، ودلالتها على نفي صدور التزوير فيه أو إسهامه فيه، لا يعدو أن يكون دفاعاً موضوعياً، لا يستلزم من المحكمة رداً خاصاً، اكتفاء بما أوردته من أدلة الثبوت التي اطمأنت إليها وأخذت بها، ويضحى النعي على الحكم في هذا الصدد غير قويم. لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه نقلاً عن تقارير قسم أبحاث التزييف والتزوير وقسم الأدلة الجنائية، يعد كافياً في تحديد الأوراق المزورة بما يكشف عن ماهيتها، وكاشفاً عما لحق بكل ورقة من تلك الأوراق من تزوير، فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا ينال من سلامة الحكم عدم إيراده نص تقرير الخبير بكامل أجزائه، وإن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات ومطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتلك التقارير، ولها أن تفاضل بين هذه التقارير وتأخذ منها بما تراه وتطرح ما عداه، إذ أن ذلك الأمر يتعلق بسلطتها في تقدير الدليل، ولا معقب عليها في ذلك، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه نقلاً عن تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير في شأن الصورة الضوئية لأصل محضر التحريات الصحيح الخاص بالجناية رقم...... مخدرات المطرية، يعد كافياً في بيان وجه استدلال الحكم بما ثبت من ذلك التقرير من حدوث تعديل بمحضر التحريات بخط الطاعن ومسئوليته عن ذلك التعديل، وأطرحت المحكمة في حدود سلطتها التقديرية تقرير الخبير الاستشاري المقدم منه، فإنه لا يجوز مجادلتها في ذلك أمام محكمة النقض، وهي غير ملزمة من بعد أن ترد استقلالاً على تقرير الخبير الاستشاري الذي لم تأخذ به أو على ما يكون الطاعن قد أثاره من مطاعن على التقرير الفني الذي اطمأنت إليه وأخذت به. لما كان ذلك، وكان ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه من قصور في التسبيب فيما حصله من تقارير قسم الأدلة الجنائية بمديرية أمن القاهرة في شأن البصمات المزورة الموقع بها على محاضر تحقيق النيابة العامة في جنايات المخدرات مردوداً بما سبق بيانه في مقام الرد على أوجه الطعن المقدمة من الطاعن الأول عن جريمة التزوير في المحررات الرسمية، فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان الثابت من الحكم المطعون فيه أنه اعتبر الجرائم المسندة إلى الطاعن جريمة واحدة وعاقبه بالعقوبة المقررة لأشدهما، وهي جريمة الاشتراك مع المتهم الثاني في ارتكاب جريمتي الاختلاس والاستيلاء بغير حق على مال للدولة، وأوقعت عليه عقوبتها عملاً بنص المادة 32 من قانون العقوبات بوصفها الجريمة الأشد، فإنه لا مصلحة له فيما يثيره بشأن جريمة تقليد الأختام لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أطرح الدفع بعدم جدية التحريات استناداً إلى اطمئنان المحكمة إلى صحة الإجراءات التي أجراها الشاهد الأول وجديتها، وهو ما يعد كافياً للرد على ما أثاره الطاعن في هذا الخصوص فإن منعاه في هذا الشأن لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع ببطلان تحقيقات النيابة العامة ورد عليه في قوله "إن المحكمة تطمئن تماماً إلى التحقيقات التي تمت بمعرفة النيابة العامة في هذه الدعوى، وترى أنها تمت في حيدة كاملة، ولا يوجد بالأوراق ما يشير إلى عدم حيدة من قاموا على التحقيق فيها، إما ما يثيره الدفاع من أن أحد المختصين قام بتمزيق ورقتين من أوراق التحقيق، فإنها وإن كانت تشير إلى عدم دقة المحقق، إلا أنها لا تدل على انحرافه بالتحقيق أو فقدانه لحيدته، ومن ثم تكون التحقيقات صحيحة، ويكون الدفع ببطلانها على غير سند صحيح القانون"، وكان ما أورده الحكم - على النحو المار بيانه - يعد سائغاً وكافياً في إطراح الدفع ببطلان تحقيقات النيابة، وفي بيان وجه اقتناع المحكمة بصحتها، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الشأن يكون على غير أساس. لما كان ذلك، وكانت المادة 51 من القانون رقم 17 لسنة 1983 بشأن إصدار قانون المحاماة قد نصت على أنه "لا يجوز التحقيق مع محام أو تفتيش مكتبه إلا بمعرفة أحد أعضاء النيابة العامة، ويجب على النيابة العامة أن تخطر مجلس النقابة أو مجلس النقابة الفرعية قبل الشروع في تحقيق أية شكوى ضد محام بوقت مناسب وللنقيب أو رئيس النقابة الفرعية إذا كان المحامي متهماً بجناية أو جنحة خاصة بعمله أن يحضر هو أو من ينيبه من المحامي التحقيق"، وإذ كانت المادة 51 من القانون - المار ذكره - قد أوجبت أن يكون التحقيق مع محام أو تفتيش مكتبه بمعرفة أحد أعضاء النيابة العامة، وأوجبت على هذه الجهة إخطار مجلس النقابة أو مجلس النقابة الفرعية قبل الشروع في تحقيق أية شكوى ضد محام بوقت مناسب، إلا إنها لم توجب عليها اتخاذ ذلك الإخطار قبل تفتيش مكتب المحامي أو وقت حصوله، ومن ثم فإن تفتيش النيابة العامة لمكتب المحامي دون إخطار مجلس النقابة أو مجلس النقابة الفرعية لا يترتب عليه بطلان ذلك التفتيش، وبالتالي يعد الدفع ببطلان تفتيش مكتب الطاعن لعدم إخطار نقابة المحامين العامة أو الفرعية قبل حصوله بوقف كاف، دفعاً قانونياً ظاهر البطلان، وإذ خلص الحكم المطعون فيه إلى رفض ذلك الدفع، لا يكون قد خالف القانون، ويضحى النعي عليه بقالة الخطأ في تطبيق القانون غير قويم لما كان ذلك، وكان ينبغي لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً، وكان الطاعن لم يفصح عن ماهية المستندات التي لم يعرض لها الحكم، حتى يتضح مدى أهميتها في الدعوى، فإن منعاه في هذا الشأن يكون غير مقبول. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عول - ضمن ما عول عليه - على إقرار الطاعن بالتحقيقات بالهروب إلى خارج البلاد إثر علمه بالاتهام المسند إليه، وكان الطاعن لا يجادل في أسباب طعنه أن لهذا الإقرار معينه الصحيح من الأوراق، وقد خلت محاضر جلسات المحاكمة مما يدل على أن المحكمة قد ندبت النيابة العامة لإجراء تحقيق في شأن القبض على الطاعن بمعرفة الشرطة الجنائية الدولية بأبي ظبي وترحيله إلى القاهرة، وأن ما اتخذته المحكمة من إجراء في هذا الخصوص، هو مجرد الاستعلام عن ذلك من الجهة المختصة، وبناءً على طلب المدافع عن الطاعن، وقد نفذته النيابة العامة فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً قصد به التشكيك في أدلة الدعوى، وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا يقبل من أوجه الطعن على الحكم، إلا ما كان متصلاً منها بشخص الطاعن، وكان له مصلحة فيه، وكان منعى الطاعن على الحكم بالبطلان والإخلال بحق الدفاع لأنه لم يوفر للمتهم الثاني دفاعاً حقيقياً في الدعوى بعد وفاة محاميه الموكل أثناء إجراءات المحاكمة، لا يتصل بشخص الطاعن وليس له مصلحة فيه، ومن ثم فإن منعى الطاعن على الحكم في هذا الصدد لا يكون مقبولاً - لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 557 لسنة 60 ق جلسة 21 / 5 / 1991 مكتب فني 42 ج 1 ق 118 ص 851

جلسة 21 من مايو سنة 1991

برئاسة السيد المستشار/ سمير ناجي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ نبيل رياض وطلعت الأكيابي نائبي رئيس المحكمة وجابر عبد التواب وأمين عبد العليم.

------------

(118)
الطعن رقم 557 لسنة 60 القضائية

 (1)إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
حق محكمة الموضوع في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى وإطراح ما يخالفها.
مؤدى تساند الأدلة في المواد الجنائية؟
 (2)دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم التزام المحكمة بالرد استقلالاً على دفاع متعلق بدليل لم تبن قضاءها عليه.
النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها. غير جائز أمام النقض.
 (3)دفوع "الدفع ببطلان القبض والتفتيش". نقض أسباب. الطعن ما لا يقبل منها" "المصلحة في الطعن".
الدفع ببطلان القبض لحصوله في غير منزل الطاعن وبطلان الإذن لتلاحق الإجراءات. دفع موضوعي. غير جائز إثارته لأول مرة أمام النقض.
إدانة الحكم للطاعن استناداً إلى أدلة أخرى غير الدليل المستمد من الإجراء المدعي ببطلانه. أثره؟
مثال.
 (4)وصف التهمة. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". رشوة.
عدم تقيدالمحكمة بالوصف الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم. حقها في رد الواقعة إلى الوصف القانوني السليم.
استناد الوصف الذي دين به الطاعن على ذات الوقائع المرفوع بها الدعوى عليه دون إضافة جديد عليها لا يستأهل لفت نظر الدفاع.
 (5)رشوة. جريمة "أركانها". موظفون عموميون. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
جريمة الرشوة المنصوص عليها بالمادتين 103، 103 مكرراً عقوبات. مناط تحققها؟
مثال لتسبيب سائغ.
 (6)إثبات، "اعتراف". إكراه. دفوع "الدفع ببطلان الاعتراف". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الاعتراف في المسائل الجنائية عنصر من عناصر الاستدلال. تقدير صحته وقيمته في الإثبات. موضوعي.
حق المحكمة الأخذ بالاعتراف الصادر من المتهم في أي دور من أدوار التحقيق وأن عدل عنه. متى اطمأنت إليه.
إثارة الدفع ببطلان الاعتراف لأول مرة أمام النقض. غير مقبول.

--------------

1 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من جماع الأدلة والعناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الحقيقية لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى لم تقتنع بصحتها ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولا يشترط أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى إذا أن الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حده دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصد الحكم منها.
2 - لما كان الحكم قد أطرح الأحراز. ولم يبن قضاءه بصفة أصلية على فحوى الدليل المستمد منها إنما بني قضاءه على ما اطمأن إليه من اعتراف الطاعن في التحقيقات إلى جانب باقي أدلة الثبوت فقد انحسر عنه الالتزام بالرد استقلالاً على أن دفاع يتصل بهذه الأحراز فضلاً عن أن البين من محضر جلسة المحاكمة أن الدفاع عن الطاعن اكتفى بتفريغ التسجيلات الخاصة والمحرزة على ذمة الدعوى ولم يثر شيئاً بشأن الحرز المتضمن مبلغ الرشوة وباقي الأوراق المضبوطة ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن من نعي على الحكم في هذا الخصوص لا يكون له محل إذا ولا يقبل منه أن يثير هذا الدفاع الموضوعي لأول مرة أمام محكمة النقض.
3 - لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع ببطلان إذن التفتيش ورد عليه بقوله "وحيث إنه عن الدفع ببطلان التفتيش للتجهيل بمكان الضبط والتفتيش فإن هذا الدفع مردود أن التحريات قد اقتصرت على طلب الإذن بضبط المتهم حال تقاضيه الرشوة بمنزل المبلغ وأن المكان الخاص الذي تضمنه إذن التفتيش قد انصرف إلى منزل المبلغ المذكور ولم يكن مجهلاً ومن ثم فإن هذا الدفع في غير محله..... وحيث إنه عن الدفع ببطلان إذن التفتيش لانصراف تنفيذه لأي من مأموري الضبطية القضائية وأن الرقابة الإدارية غير مختصة بتنفيذ هذا الإذن فإن هذا الدفع مردود بأن سائر أعضاء الرقابة الإدارية لهم سلطة الضبطية القضائية في الكشف عن الجرائم الجنائية التي تقع من العاملين في الجهاز الحكومي وفروعه والهيئات العامة والمؤسسات العامة والشركات التابعة لها والجمعيات العامة والخاصة وأجهزة القطاع الخاص التي تباشر أعمالاً عامة وجميع الجهات التي تتبعهم الدولة فيها بأي وجه من الوجوه إعمالاً بالمواد 2/ ج، 4، 61 من القانون رقم 54 سنة 1964 بشأن إعادة تنظيم الرقابة الإدارية المعدل..... فإن...... عضو الرقابة الإدارية له صفة الضبطية القضائية وأن ما قام به من التحريات والكشف عن جريمة الرشوة للمتهم الذي يعمل بشركة القنال العامة للمقاولات وضبطه وتفتيشه بمنزل المقاول كل ذلك كان في حدود السلطة المخولة له قانوناً ومن ثم فإن هذا الدفع في غير محله متعين الرفض". لما كان ذلك وكان ما أورده الحكم في رده على الدفع سالف الذكر صائباً في إطراحه فإن ما يثيره الطاعن من القول بأن إذن التفتيش قد صدر عن جريمة رشوة لم يتحدد مكانها ولعضو الرقابة الإدارية وهو ليس من مأموري الضبط القضائي يكون دفعاً ظاهر البطلان. وإذ كان الطاعن لم يدفع ببطلان القبض عليه على الأساس الذي يتحدث عنه في وجه الطعن لحصوله في غير منزله كما لم يدفع ببطلان الإذن لتلاحق الإجراءات فإنه لا يقبل منه إثارة هذا الدفع لأول مرة أمام محكمة النقض لأنه في الحقيقة دفع موضوعي أساسه المنازعة في سلامة الأدلة التي كونت منها المحكمة عقيدتها ولا يقدح في ذلك ما دفع به الطاعن بجلسة المحاكمة من مخالفة المحكمة مسلك الشاهد في التفتيش لنص المادة 52 من قانون الإجراءات الجنائية ذلك أن الحكم عول في إدانة الطاعن على اعترافه وما أورده شهود الإثبات باعتبار أن هذه الأدلة من عناصر الإثبات المستقلة عن الأدلة المدعي ببطلانه مما تنتفي معه مصلحة الطاعن في تمسكه بالبطلان ويكون منعاه في هذا الخصوص على غير أساس.
4 - لما كان الأصل هو أن المحكمة لا تتقيد بالوصف الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم بل هي مكلفة بأن ترد الواقعة بعد تمحيصها إلى الوصف القانوني السليم المطبق عليها ما دام أن الواقعة المادية المثبتة بأمر الإحالة والتي كانت مطروحة بالجلسة هي بذاتها الواقعة التي اتخذتها المحكمة أساساً للوصف الجديد. لما كان ذلك وكانت الواقعة المادية التي اتخذت أساساً لجريمة الرشوة التي قدم الطاعن من أجلها للمحاكمة طبقاً للمادة 103 من قانون العقوبات هي أنه بصفته موظفاً عمومياً أخذ لنفسه رشوة لأداء عمل زعم أنه من أعمال وظيفته ودارت مرافعة الدفاع على هذه الواقعة أمام المحكمة وطلب تطبيق المادة 111 من قانون العقوبات باعتبار أن الطاعن ليس موظفاً وهو ما خلصت إليه المحكمة بالفعل وانتهت إليه في حكمها باعتبار الطاعن في حكم الموظف العام طبقاً لنص المادة 111/ 6 من قانون العقوبات فإنه لا يصح النعي عليها أنها أجرت تعديلاً للتهمة دون لفت نظر الدفاع ذلك أن تصدي المحكمة لشرط الصفة لبيان ما إذا كان الطاعن موظفاً عمومياً أم هو في حكم الموظف العمومي هو من قبيل تمحيص الوقائع المطروحة على المحكمة بقصد استجلاء حقيقة ركن من أركان الجريمة وليس فيه إضافة لعناصر جديدة لم تكن معلومة للطاعن أو محاميه أثناء المحاكمة. وإذ كان الوصف الذي دين به الطاعن لم يبن على وقائع جديدة غير التي كانت أساساً للدعوى المقامة عليه دون أن تضيف المحكمة إليها جديداً مما يستأهل لفت نظر الدفاع.
5 - لما كان المستفاد من نص المادتين 103، 103 مكرر من قانون العقوبات أن جريمة الرشوة تعتبر متوافرة الأركان في حق المتهم وذلك بطلبه وأخذه مبلغ الرشوة لأداء عمل زعم أنه من اختصاصه واتجهت إرادته إلى هذا الطلب وذلك الأخذ وهو يعلم أن ما أخذه ليس إلا مقابل استغلال وظيفته لما كان ذلك وكان الشارع قد استهدف بذلك الضرب على يدي العابثين عن طريق التوسع في مدلول الرشوة وشمولها من يستغل من الموظفين العموميين والذين ألحقهم الشارع بهم وظيفته للحصول من ورائها على فائدة محرمة ولو كان ذلك على أساس الاختصاص المزعوم ويكفي لمساءلة الجاني على هذا الأساس أن يزعم أن العمل الذي يطلب الجعل لأدائه يدخل في أعمال وظيفته والزعم هنا هو مطلق القول دون اشتراط اقترانه بعناصر أو وسائل احتيال وكل ما يطلب في هذا الصدد هو صدور الزعم فعلاً من الموظف دون أن يكون لذلك تأثير في اعتقاد المجني عليه بهذا الاختصاص المزعوم. ولما كان الحكم المطعون فيه قد أثبت واقعة الدعوى فيما سلف بيانه بما تتوافر به العناصر القانونية لجريمة الرشوة المنصوص عليها في المادتين 103، 103 مكرر من قانون العقوبات التي دان الطاعن بها وفطن إلى المعاني القانونية المتقدمة في رده دفاع الطاعن فإنه لا يكون قد أخطأ في القانون ويكون منعاه في هذا الصدد في غير محله.
6 - لما كان ذلك وكان من المقرر أن الاعتراف في المسائل الجنائية عنصر من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات ولها في سبيل ذلك أن تأخذ باعتراف المتهم في أي دور من أدوار التحقيق متى اطمأنت إلى صحته ومطابقته للواقع وإن عدل عنه في مراحل أخرى وإذ كان البين من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعن لم يدفع ببطلان الاعتراف الصادر منه فلا يقبل منه إثارة ذلك لأول مرة لدى محكمة النقض.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه بصفته موظفاً عاماً (مهندس بشركة....) طلب وأخذ لنفسه رشوة لأداء عمل زعم أنه من أعمال وظيفته بأن طلب لنفسه من..... مبلغ خمسمائة جنيه أخذ منه مبلغ مائتين وخمسون جنيهاً على سبيل الرشوة مقابل تخفيض قيمة غرامة التأخير المستحقة على الأخير لصالح شركة...... زاعماً اختصاصه بذلك وأحالته إلى محكمة أمن الدولة العليا بالقاهرة لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 103، 103 مكرر، 111/ 6 من قانون العقوبات مع تطبيق المادة 17 من ذات القانون بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة خمس سنوات وتغريمه مبلغ ألف جنيه عما أسند إليه.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الرشوة قد شابه البطلان والقصور في التسبيب والخطأ في تطبيق القانون والإخلال بحق الدفاع ذلك أن الحكم تساند إلى أدلة جاءت وليدة إجراءات باطلة إذ لم تقم المحكمة بفض الأحراز وعرضها على الطاعن وإثباتها بمحضر الجلسة كما أن إذن التفتيش قد شابه البطلان لأن المنوط به ليس له صفة الضبطية القضائية وخلا الإذن من بيان عنصر المكان كما أن الدفاع عن الطاعن دفع بأنه ليس موظفاً عمومياً بل هو عامل بإحدى شركات القطاع العام ولا تقوم جريمة الرشوة في حقه إلا أن الحكم غير وصف التهمة إلى أنه في حكم الموظف العام دون تنبيه للمتهم أو منحه أجلاً لتحضير دفاعه على أساس الوصف الجديد كما أخطأ الحكم في القانون ذلك أن نيابة أمن الدولة تباشر اختصاصها في التحقيق وفقاً لقانون الإجراءات ولم ينص القانون 105 سنة 1980 على إلغاء المادة 265 من قانون الإجراءات الجنائية التي توجب إذن القاضي بالتسجيل كما أغفل الحكم الرد على دفاع الطاعن ببطلان الاعتراف مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة الرشوة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال الشهود واعتراف الطاعن بتحقيقات النيابة العامة وهي أدلة سائغة لها أصلها في الأوراق وتؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من جماع الأدلة والعناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الحقيقية لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى لم تقتنع بصحتها ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولا يشترط أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى إذا أن الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها وإذ كان الحكم قد أطرح الأحراز. ولم يبن قضاءه بصفة أصلية على فحوى الدليل المستمد منها إنما بنى قضاءه على ما اطمأن إليه من اعتراف الطاعن في التحقيقات إلى جانب باقي أدلة الثبوت فقد انحسر عنه الالتزام بالرد استقلالاً على أي دفاع يتصل بهذه الأحراز فضلاً عن أن البين من محضر جلسة المحاكمة أن الدفاع عن الطاعن اكتفى بتفريغ التسجيلات الخاصة والمحرزة على ذمة الدعوى ولم يثر شيئاً بشأن الحرز المتضمن مبلغ الرشوة وباقي الأوراق المضبوطة ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن من نعى على الحكم في هذا الخصوص لا يكون له محل إذ ليس له أن ينعى على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولا يقبل منه أن يثير هذا الدفاع الموضوعي لأول مرة أمام محكمة النقض. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع ببطلان إذن التفتيش ورد عليه بقوله "وحيث إنه عن الدفع ببطلان التفتيش للتجهيل بمكان الضبط والتفتيش فإن هذا الدفع مردود أن التحريات قد اقتصرت على طلب الإذن بضبط المتهم حال تقاضيه الرشوة بمنزل المبلغ وأن المكان الخاص الذي تضمنه إذن التفتيش قد انصرف إلى منزل المبلغ المذكور ولم يكن مجهلاً ومن ثم فإن هذا الدفع في غير محله..... وحيث إنه عن الدفع ببطلان إذن التفتيش لانصراف تنفيذه لأي من مأموري الضبطية القضائية وأن الرقابة الإدارية غير مختصة بتنفيذ هذا الإذن فإن هذا الدفع مردود بأن سائر أعضاء الرقابة الإدارية لهم سلطة الضبطية القضائية في الكشف عن الجرائم الجنائية التي تقع من العاملين في الجهاز الحكومي وفروعه والهيئات العامة والمؤسسات العامة الشركات التابعة لها والجمعيات العامة والخاصة وأجهزة القطاع الخاص التي تباشر أعمالاً عامة وجميع الجهات التي تتبعهم الدولة فيها بأي وجه إعمالاً بالمواد 2/ ج، 4، 61 من القانون رقم 54 سنة 1964 بشأن إعادة تنظيم الرقابة الإدارية المعدل.... فإن...... عضو الرقابة الإدارية له صفة الضبطية القضائية وأن ما قام به من التحريات والكشف عن جريمة الرشوة للمتهم الذي يعمل بشركة القنال العامة للمقاولات وضبطه وتفتيشه بمنزل المقاول كل ذلك كان في حدود السلطة المخولة له قانوناً ومن ثم فإن هذا الدفع في غير محله متعين الرفض". لما كان ذلك وكان ما أورده الحكم في رده على الدفع سالف الذكر سائغاًً في إطراحه فإن ما يثيره الطاعن من القول بأن إذن التفتيش قد صدر عن جريمة رشوة لم يتحدد مكانها ولعضو الرقابة الإدارية وهو ليس من مأموري الضبط القضائي يكون دفعاً ظاهر البطلان. وإذ كان الطاعن لم يدفع ببطلان القبض عليه على الأساس الذي يتحدث عنه في وجه الطعن لحصوله في غير منزله كما لم يدفع ببطلان الإذن لتلاحق الإجراءات فإنه لا يقبل منه إثارة هذا الدفع لأول مرة أمام محكمة النقض لأنه في الحقيقة دفع موضوعي أساسه المنازعة في سلامة الأدلة التي كونت منها المحكمة عقيدتها ولا يقدح في ذلك ما دفع به الطاعن بجلسة المحاكمة من مخالفة المحكمة مسلك الشاهد في التفتيش لنص المادة 52 من قانون الإجراءات الجنائية ذلك أن الحكم عول في إدانة الطاعن على اعترافه وما أورده شهود الإثبات باعتبار أن هذه الأدلة من عناصر الإثبات المستقلة عن الإجراء المدعي ببطلانه مما تنتفي معه مصلحة الطاعن في تمسكه بالبطلان ويكون منعاه في هذا الخصوص على غير أساس لما كان الأصل هو أن المحكمة لا تتقيد بالوصف الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم بل هي مكلفة بأن ترد الواقعة بعد تمحيصها إلى الوصف القانوني السليم المنطبق عليها ما دام أن الواقعة المادية المثبتة بأمر الإحالة والتي كانت مطروحة بالجلسة هي بذاتها الواقعة التي اتخذتها المحكمة أساساً للوصف الجديد. لما كان ذلك وكانت الواقعة المادية التي اتخذت أساساً لجريمة الرشوة التي قدم الطاعن من أجلها للمحاكمة طبقاً للمادة 103 من قانون العقوبات هي أنه بصفته موظفاً عمومياً أخذ لنفسه رشوة لأداء عمل زعم أنه من أعمال وظيفته ودارت مرافعة الدفاع على هذه الواقعة أمام المحكمة وطلب تطبيق المادة 111 من قانون العقوبات باعتبار أن الطاعن ليس موظفاً وهو ما خلصت إليه المحكمة بالفعل وانتهت إليه في حكمها باعتبار الطاعن في حكم الموظف العام طبقاً لنص المادة 111/ 6 من قانون العقوبات فإنه لا يصح النعي عليها أنها أجرت تعديلاً للتهمة دون لفت نظر الدفاع ذلك أن تصدي المحكمة لشرط الصفة لبيان ما إذا كان الطاعن موظفاً عمومياً أم هو في حكم الموظف العمومي هو من قبيل تمحيص الوقائع المطروحة على المحكمة بقصد استجلاء حقيقة ركن من أركان الجريمة وليس فيه إضافة لعناصر جديدة لم تكن معلومة للطاعن أو محاميه أثناء المحاكمة. وإذ كان الوصف الذي دين به الطاعن لم يبن على وقائع جديدة غير التي كانت أساساً للدعوى المقامة عليه دون أن تضيف المحكمة إليها جديداً مما يستأهل لفت نظر الدفاع ومن ثم يكون منعاه في هذا الخصوص غير سديد. لما كان ذلك وكان المستفاد من نص المادتين 103، 103 مكرر من قانون العقوبات أن جريمة الرشوة تعتبر متوافرة الأركان في حق المتهم وذلك بطلبه وأخذه مبلغ الرشوة لأداء عمل زعم أنه من اختصاصه واتجهت إرادته إلى هذا الطلب وذلك الأخذ وهو يعلم أن ما أخذه ليس إلا مقابل استغلال وظيفته لما كان ذلك وكان الشارع قد استهدف بذلك الضرب على يدي العابثين عن طريق التوسع في مدلول الرشوة وشمولها من يستغل من الموظفين العموميين والذي ألحقهم الشارع بهم وظيفته للحصول من ورائها على فائدة محرمة ولو كان ذلك على أساس الاختصاص المزعوم ويكفي لمساءلة الجاني على هذا الأساس أن يزعم أن العمل الذي يطلب الجعل لأدائه يدخل في أعمال وظيفته والزعم هنا هو مطلق القول دون اشتراط اقترانه بعناصر أو وسائل احتيال وكل ما يطلب في هذا الصدد هو صدور الزعم فعلاً من الموظف دون أن يكون لذلك تأثير في اعتقاد المجني عليه بهذا الاختصاص المزعوم. ولما كان الحكم المطعون فيه قد أثبت واقعة الدعوى فيما سلف بيانه بما تتوافر به العناصر القانونية لجريمة الرشوة المنصوص عليها في المادتين 103، 103 مكرر من قانون العقوبات التي دان الطاعن بها وفطن إلى المعاني القانونية المتقدمة في رده دفاع الطاعن فإنه لا يكون قد أخطأ في القانون ويكون منعاه في هذا الصدد في غير محله لما كان ذلك وكان من الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن المحكمة لم تبن قضاءها بصفة أصلية على فحوى الدليل المستمد من إجراء التسجيلات التي تمت في الدعوى ومن ثم فإن النعي ببطلان الدليل المستمد من هذه التسجيلات لصدور الإذن بها على خلاف القانون وقصور الحكم في رده على الدفع ببطلان هذه التسجيلات لا يكون له محل لعدم الجدوى منه طالما أن الحكم أخذ الطاعن باعترافه وأقوال شهود الإثبات اعتباراً بأن هذا الاعتراف وتلك الأقوال من عناصر الإثبات المستقلة عن الإجراء المدعي ببطلانه والتي اطمأنت المحكمة إلى صحتها مما تنتفي معه مصلحة الطاعن في تمسكه بالبطلان وبالقصور ويكون منعاه في هذا الصدد غير مقبول. لما كان ذلك وكان من المقرر أن الاعتراف في المسائل الجنائية عنصر من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات ولها في سبيل ذلك أن تأخذ باعتراف المتهم في أي دور من أدوار التحقيق متى اطمأنت إلى صحته ومطابقته للواقع وإن عدل عنه في مراحل أخرى وإذ كان البين من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعن لم يدفع ببطلان الاعتراف الصادر منه فلا يقبل منه إثارة ذلك لأول مرة لدى محكمة النقض. ويكون منعاه في هذا الصدد على غير أساس - لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 3072 لسنة 60 ق جلسة 3 / 6 / 1991 مكتب فني 42 ج 1 ق 124 ص 905

جلسة 3 من يونيه سنة 1991

برئاسة السيد المستشار/ نجاح نصار نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مجدي منتصر وحسن حمزة نائبي رئيس المحكمة وفتحي الصباغ ومصطفى كامل.

---------------

(124)
الطعن رقم 3072 لسنة 60 القضائية

 (1)محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات "بوجه عام" "شهود". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
حق محكمة الموضوع في أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه طالما كان له مأخذه الصحيح من الأوراق. لها وزن أقوال الشهود وتقديرها لا يجوز المجادلة في ذلك أمام محكمة النقض.
 (2)محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". دفاع "الإخلال بحق الدفاع ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم التزام المحكمة بتتبع المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي.
 (3)اختلاس أموال أميرية. جريمة "أركانها". قصد جنائي. إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تحدث الحكم استقلالاً عن القصد الجنائي في جريمة اختلاس أموال أميرية غير لازم، ما دام قيامها مستفاد من مجموع عباراته.
 (4)اختلاس أموال أميرية. عقوبة "العقوبة التكميلية". نيابة عامة.
المتهم لا يضار بناءً على الطعن المرفوع منه وحده.
إغفال الحكم القضاء على الطاعن بالغرامة المنصوص عليها في المادة 118 عقوبات وسكوت النيابة عن الطعن في الحكم، ليس لمحكمة النقض أن تصحح هذا الخطأ.

---------------
1 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع كامل الحرية في أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه طالما أن لهذا الدليل مأخذه الصحيح في الأوراق. وأن تحصل أقوال الشاهد وتفهم سياقها وتستشف مراميها ما دامت فيما تحصل لا تحرف الشهادة عن مضمونها، ولا يشترط في شهادة الشاهد أن تكون واردة على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها وبجميع تفاصيلها على وجه دقيق، بل يكفي أن يكون من شأن تلك الشهادة أن تؤدي إلى هذه الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه محكمة الموضوع يتلاءم به ما قاله الشاهد بالقدر الذي رواه مع عناصر الإثبات الأخرى المطروحة أمامها، ومن ثم فإن منازعة الطاعن في القوة التدليلية لأقوال الشاهد...... على النحو الذي أثاره بوجه الطعن لا تعدو أن تكون جدلاً موضوعياً في تقدير أدلة الدعوى مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
2 - لما كانت أوجه الدفاع التي يثيرها الطاعن في أسباب طعنه في مجال نفيه التهمة ومحاولة جعلها شائعة، لا يعدو أن يكون كل منها دفاعاً موضوعياً لا يستأهل من الحكم رداً طالما أن الرد مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها وصحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة ونسبتها إلى الطاعن، ولا عليه إن لم يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه، لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها.
3 - من المقرر أنه لا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالاً عن توافر القصد الجنائي في تلك الجريمة بل يكفي أن يكون فيما أورده من وقائع وظروف ما يدل على قيامه - كما هي الحال في الدعوى المطروحة - فإن ما يثيره الطاعن من قصور الحكم في استظهار قصد الاختلاس يكون في غير محله.
4 - لما كان الحكم المطعون فيه أغفل القضاء على الطاعن بالغرامة المنصوص عليها في المادة 118 من قانون العقوبات، فإنه يكون قد أخطأ في القانون، إلا أنه لما كان الطاعن هو المحكوم عليه، فإن محكمة النقض لا تستطيع تصحيح هذا الخطأ، لما في ذلك من إضرار بالمحكوم عليه، إذ من المقرر أنه لا يصح أن يضار المتهم بناءً على الطعن المرفوع منه وحده.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلاً من (1) ....... (طاعن) (2) ....... بأنهما المتهم الأول: بصفته موظفاً عاماً بقسم الإجازات الخاصة بشئون العاملين لمحافظة أسيوط اختلس نموذج الموافقة على السفر للخارج رقم...... مجموع (1) للجهة سالفة الذكر والذي وجد في حيازته بسبب وظيفته حالة كونه من الأمناء على الودائع وقد ارتبطت هذه الجريمة بجريمتي تزوير واستعمال أوراق أميرية مزورة ارتباطاً لا يقبل التجزئة هي أنه في ذات المكان والزمان سالفي الذكر وبذات صفته آنفة البيان ارتكب تزويراً في أوراق أميرية هي كعب نموذج الموافقة على السفر للخارج سالف البيان بجعله واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة بأن ملأ بياناته باسم وهمي وهو....... واستعمل هذا النموذج المزور بأن قدمه للجهة المختصة للتدليل على قيامه بصرفه مع علمه بتزويره الأمر المنطبق عليه نص المادتين 11 أ، 214 من قانون العقوبات على النحو المبين بالتحقيقات. المتهم الثاني: ( أ ) بصفته موظفاً عاماً مدرس بمدرسة أبنوب الابتدائية اشترك وآخر مجهول بطريقي الاتفاق والمساعدة في ارتكاب تزوير في أوراق أميرية هي نموذج الموافقة على السفر للخارج رقم...... مجموعة (1) بأن اتفق مع المتهم المجهول على ارتكابها وساعده بأن أمده ببياناته الخاصة فأثبتها بالنموذج سالف البيان ووقع عليها بتوقيعات نسبها زوراً إلى الموظفين المختصين بإصدارها واعتمادها بمديرية التربية والتعليم بأسيوط وختمها بخاتم مزور نسبه زوراً للمديرية آنفة البيان فتمت الجريمة بناءً على هذا الاتفاق وتلك المساعدة على النحو المبين بالتحقيقات (ب) بصفته آنفة البيان قلد بواسطة الغير خاتماً لإحدى مصالح الحكومة مديرية التربية والتعليم بأسيوط واستعمله بأن بصم به على نموذج الموافقة على السفر للخارج المزور موضوع التهمة الأولى مع علمه بتقليده على النحو المبين بالتحقيقات. (جـ) بصفته سالفة الذكر استولى بغير حق على أوراق أميرية هي نموذج الموافقة على السفر للخارج رقم...... مجموعة (1) لقسم الإجازات الخاصة بشئون العاملين بمحافظة أسيوط على النحو المبين بالتحقيقات. (د) بصفته سالفة الذكر أيضاً استعمل المحرر المزور سالف البيان بأن قدمه للسلطة المختصة للسماح له بالسفر والخروج من أراضي الجمهورية على النحو المبين بالتحقيقات. وإحالتهم إلى محكمة جنايات أسيوط لمحاكمتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 40/ 2، 3، 41، 112/ 1 - 2/ أ، ب، 113/ 1، 118، 119/ 1، 119 مكرراً ( أ )، 206/ 3، 211، 212 من قانون العقوبات مع إعمال المادة 32/ 2 من ذات القانون. أولاً: بمعاقبة المتهم الأول بالسجن ثلاث سنوات عما أسند إليه وبعزله من وظيفته. ثانياً: بمعاقبة المتهم الثاني بالحبس مع الشغل لمدة ثلاثة أشهر عما أسند إليه وبعزله من وظيفته لمدة ستة أشهر وبمصادرة المحرر المزور المضبوط وأمرت بإيقاف تنفيذ عقوبة الحبس لمدة ثلاث سنوات تبدأ من اليوم.
فطعن المحكوم عليه الأول في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجرائم اختلاس ورقة أميرية وتزوير محرر رسمي واستعماله، قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، ذلك بأنه استدل على قيام الطاعن بنزع الورقة محل الاختلاس من الدفتر الذي يضمها بقالة الشاهد.... رغم أنه لم يقرر بالتحقيقات مشاهدته ذلك الفعل. كما التفت الحكم عن دفاع الطاعن القائم على نفي وشيوع تهمة الاختلاس. فضلاً عن أنه لم يورد ما يبرر به توافر نية الاختلاس لدى الطاعن. كل ذلك يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بقوله "أن المتهم....... الطاعن - بصفته موظفاً عاماً بقسم الإجازات الخاصة بإدارة شئون العاملين بمحافظة أسيوط قام باختلاس نموذج الموافقة على سفر الموظفين إلى الخارج الرقيم...... مجموعة رقم واحد من الدفتر الذي يضمها المملوك للجهة المذكورة والموجود في حيازته بسبب وظيفته، وستراً لهذا الاختلاس وارتباطاً به ارتكب بذات الصفة تزويراً في ورقة أميرية هي كعب نموذج الموافقة على السفر سالف الذكر والثابت بدفتر تلك النماذج وذلك بجعله واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة مع علمه بتزويرها، بأن حرر بخطه في ذلك الكعب بيانات شخص وهمي باسم...... على أنه موظف بمركز شباب صدفا ومرخص له بالسفر خلافاً للحقيقة، واستعمل هذا الكعب المزور بأن قدمه للجهة المختصة - ضمن الدفتر المحتوى له - تدليلاً على قيامه باستخراج نموذج الموافقة على السفر الخاص بهذا الكعب وتسليمه لصاحب الشأن مع علمه بتزويره - كما قام المتهم....... بصفته موظفاً عاماً إبان فترة عمله مدرساً بمدرسة نزلة فرج الابتدائية التابعة لإدارة ديروط التعليمية - رغبة منه في السفر إلى الخارج بالاستيلاء بغير حق على نموذج الموافقة على السفر محل الاختلاس واتفق مع مجهول على تزويره بطريقي الاصطناع ووضع إمضاءات مزورة ومساعده على ذلك بأن أمده بالبيانات الخاصة به فدونها المجهول بالنموذج سالف البيان ووقع عليها بإمضاءات نسبها زوراً إلى الموظفين المختصين بإصدار هذا النموذج واعتماده وختمه ببصمة ختم مزور منسوب إلى مديرية التربية والتعليم لمحافظة أسيوط فتمت الجريمة بناءً على هذا الاتفاق وتلك المساعدة.....". وساق الحكم على ثبوت الواقعة لديه على هذه الصورة أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتب عليها مستمدة من أقوال كل من....... و...... و......، ومن تقرير الملازم أول....... وتقارير قسم أبحاث التزييف والتزوير بالطب الشرعي. لما كان ذلك، وكان لمحكمة الموضوع كامل الحرية في أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه طالما أن لهذا الدليل مأخذه الصحيح في الأوراق. وأن تحصل أقوال الشاهد وتفهم سياقها وتستشف مراميها ما دامت فيما تحصل لا تحرف الشهادة عن مضمونها، ولا يشترط في شهادة الشاهد أن تكون واردة على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها وبجميع تفاصيلها على وجه دقيق، بل يكفي أن يكون من شأن تلك الشهادة أن تؤدي إلى هذه الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه محكمة الموضوع يتلاءم به ما قاله الشاهد بالقدر الذي رواه مع عناصر الإثبات الأخرى المطروحة أمامها، ومن ثم فإن منازعة الطاعن في القوة التدليلية لأقوال الشاهد...... على النحو الذي أثاره بوجه الطعن لا تعدو أن تكون جدلاً موضوعياً في تقدير أدلة الدعوى مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكانت أوجه الدفاع التي يثيرها الطاعن في أسباب طعنه في مجال نفيه التهمة ومحاولة جعلها سائغة، لا يعدو أن يكون كل منها دفاعاً موضوعياً لا يستأهل من الحكم رداً طالما أن الرد مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها وصحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة ونسبتها إلى الطاعن، ولا عليه إن لم يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه، لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها، لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم في مدوناته - على السياق المتقدم - كاف وسائغ في بيان نية الاختلاس، وكان من المقرر أنه لا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالاً عن توافر القصد الجنائي في تلك الجريمة بل يكفي أن يكون فيما أورده من وقائع وظروف ما يدل على قيامه - كما هي الحال في الدعوى المطروحة - فإن ما يثيره الطاعن من قصور الحكم في استظهار قصد الاختلاس يكون في غير محله.
لما كان ما تقدم، وكان الحكم المطعون فيه أغفل القضاء على الطاعنين بالغرامة المنصوص عليها في المادة 118 من قانون العقوبات، فإنه يكون قد أخطأ في القانون، إلا أنه لما كان الطاعن هو المحكوم عليه، فإن محكمة النقض لا تستطيع تصحيح هذا الخطأ، لما في ذلك من إضرار بالمحكوم عليه، إذ من المقرر إنه لا يصح أن يضار المتهم بناءً على الطعن المرفوع منه وحده. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً

الطعن 472 لسنة 60 ق جلسة 6 / 6 / 1991 مكتب فني 42 ج 1 ق 125 ص 913

جلسة 6 من يونيه سنة 1991

برئاسة السيد المستشار/ عبد الوهاب محمد الخياط نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عبد اللطيف أبو النيل نائب رئيس المحكمة وعمار إبراهيم وأحمد جمال عبد اللطيف ومحمد حسين مصطفى.

----------------

(125)
الطعن رقم 472 لسنة 60 القضائية

رشوة. إثبات "بوجه عام" "تسجيلات صوتية" "خبرة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره"، حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
دفاع الطاعن أن ما سجل ليس بصوته، جوهري، إغفال تحقيقه عن طريق المختص فنياً رغم استناد الحكم إلى التسجيلات الصوتية. إخلال بحق الدفاع ولو سكت الدفاع عن طلب أهل الفن صراحة. علة ذلك؟
الأصل أن تقدير القوة التدليلية لعناصر الدعوى لمحكمة الموضوع. هي الخبير الأعلى في الدعوى في كل ما تستطيع أن تفصل فيه بنفسها أو بالاستعانة بخبير يخضع رأيه لتقديرها. حد ذلك.. ألا تكون المسألة المطروحة من المسائل الفنية البحت.
تساند الأدلة في المواد الجنائية، مؤداه؟

----------------
لما كان يبين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن الدفاع عن الطاعن قد أثار أن كل ما سجل ليس بصوت الطاعن. وكان الحكم المطعون فيه قد رد على هذا الشطر من الدفاع بقوله "وأياً كان وجه الرأي في التسجيل أو ما يوجه إليه من مطاعن فإنه لا يوجد ما يمنع المحكمة من اعتباره عنصراً من عناصر الاستدلال في الدعوى تطمئن إليه المحكمة مؤيداً للأدلة التي اطمأنت إليها المحكمة وأخذت بها قواماً لقضائها"، وكان الحكم قد استند - من بين ما استند إليه - في إدانة الطاعن إلى التسجيلات الصوتية ونسبتها إلى الطاعن، دون أن يعنى بتحقيق هذا الدفاع الجوهري عن طريق المختص فنياً فإن التفات الحكم عن هذا الإجراء يخل بدفاع الطاعن، ولا يقدح في هذا أن يسكت الدفاع عن طلب أهل الفن صراحة، ذلك بأن أثارة هذا الدفاع - في خصوص الواقعة المطروحة - يتضمن في ذاته المطالبة الجازمة بتحقيقه أو بالرد عليه بما يفنده، ولا يرفع هذا العوار ما تعلل به الحكم من رد قاصر، ذلك بأنه إذا كان الأصل أن المحكمة لها كامل السلطة في تقدير القوة التدليلية لعناصر الدعوى المطروحة على بساط البحث وهي الخبير الأعلى في كل ما تستطيع أن تفصل فيه بنفسها أو بالاستعانة بخبير يخضع رأيه لتقديرها، إلا أن هذا مشروط بأن تكون المسألة المطروحة ليست من المسائل الفنية البحت التي لا تستطيع المحكمة بنفسها أن تشق طريقها لإبداء رأي فيها - كما هو الحال في هذه الدعوى - ولا يرفع هذا العيب أن يكون الحكم قد استند في إدانة الطاعن إلى أدلة أخرى، ذلك بأن الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها البعض الآخر فتتكون عقيدة القاضي منها مجتمعة بحيث إذا سقط إحداهما أو استبعد تعذر التعرف على مبلغ الأثر الذي كان للدليل الباطل في الرأي الذي انتهت إليه المحكمة أو الوقوف على ما كانت تنتهي إليه من نتيجة لو أنها فطنت إلى أن هذا الدليل غير قائم لما كان ما تقدم فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بما يوجب نقضه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بصفته موظفاً عمومياً "مشرف فني بقسم التنظيم بحي أول الزقازيق بمجلس مدينة الزقازيق" طلب وأخذ لنفسه رشوة للامتناع عن عمل من أعمال وظيفته بأن طلب وأخذ من...... مبلغ مائتين وخمسين جنيهاً على سبيل الرشوة مقابل الامتناع عن اتخاذ الإجراءات القانونية قبله بشأن تعليه دورين على العقار ملكه قبل الحصول على ترخيص بذلك من الجهة المختصة. وأحالته إلى محكمة أمن الدولة العليا بالزقازيق لمعاقبته طبقاً للقيد الوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادتين 103، 104 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة ثلاث سنوات وتغريمه ألفي جنيه لما أسند إليه.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

ومن حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الرشوة قد انطوى على قصور في التسبيب وإخلال بحق الدفاع، ذلك أنه كان من ضمن دفاع الطاعن أن التسجيلات الصوتية ليست بصوته غير أن المحكمة أطرحته بما لا يصلح رداً عليه مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن الدفاع عن الطاعن قد أثار أن كل ما سجل ليس بصوت الطاعن. وكان الحكم المطعون فيه قد رد على هذا الشطر من الدفاع بقوله "وأياً كان وجه الرأي في التسجيل أو ما يوجه إليه من مطاعن فإنه لا يوجد ما يمنع المحكمة من اعتباره عنصراً من عناصر الاستدلال في الدعوى تطمئن إليه المحكمة مؤيداً للأدلة التي اطمأنت إليها المحكمة وأخذت بها قواماً لقضائها". وكان الحكم قد استند - من بين ما استند إليه - في إدانة الطاعن إلى التسجيلات الصوتية ونسبتها إلى الطاعن، دون أن يعني بتحقيق هذا الدفاع الجوهري عن طريق المختص فنياً فإن التفات الحكم عن هذا الإجراء يخل بدفاع الطاعن، ولا يقدح في هذا أن يسكت الدفاع عن طلب أهل الفن صراحة، ذلك بأن إثارة هذا الدفاع - في خصوص الواقعة المطروحة - يتضمن في ذاته المطالبة الجازمة بتحقيقه أو بالرد عليه بما يفنده، ولا يرفع هذا العوار ما تعلل به الحكم من رد قاصر، ذلك بأنه إذا كان الأصل أن المحكمة لها كامل السلطة في تقدير القوة التدليلية لعناصر الدعوى المطروحة على بساط البحث وهي الخبير الأعلى في كل ما تستطيع أن تفصل فيه بنفسها أو بالاستعانة بخبير يخضع رأيه لتقديرها، إلا أن هذا مشروط بأن تكون المسألة المطروحة ليست من المسائل الفنية البحت التي لا تستطيع المحكمة بنفسها أن تشق طريقها لإبداء رأي فيها - كما هو الحال في هذه الدعوى - ولا يرفع هذا العيب أن يكون الحكم قد استند في إدانة الطاعن إلى أدلة أخرى، ذلك بأن الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها البعض الآخر فتتكون عقيدة القاضي منها مجتمعة بحيث إذا سقط إحداها أو استبعد تعذر التعرف على مبلغ الأثر الذي كان للدليل الباطل في الرأي الذي انتهت إليه المحكمة أو الوقوف على ما كانت تنتهي إليه من نتيجة لو أنها فطنت إلى أن هذا الدليل غير قائم لما كان ما تقدم فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بما يوجب نقضه. والإعادة دون حاجة إلى بحث سائر أوجه الطعن الأخرى.

الطعن 8355 لسنة 60 ق جلسة 14 / 7 / 1991 مكتب فني 42 ج 1 ق 128 ص 928

جلسة 14 من يوليو سنة 1991

برئاسة السيد المستشار/ عوض جادو، نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ الصاوي يوسف وعادل عبد الحميد ومحمود البنا نواب رئيس المحكمة وسمير أنيس.

--------------

(128)
الطعن رقم 8355 لسنة 60 القضائية

 (1)نقض "أسباب الطعن، عدم تقديمها".
التقرير بالطعن دون تقديم الأسباب. أثره: عدم قبول الطعن شكلاً. أساس ذلك؟
 (2)سلاح "أجزاء السلاح". جريمة "أركانها". قصد جنائي. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن، ما لا يقبل منها".
جريمة حيازة أو إحراز أجزاء رئيسية لسلاح ناري بدون ترخيص. ما يكفي لتحققها؟
تحقق القصد الجنائي العام بمجرد حيازة أو إحراز أجزاء السلاح الناري بدون ترخيص عن علم وإرادة.
(3) سلاح. قانون "تفسيره". نقض "أسباب الطعن، ما لا يقبل منها".
حيازة أو إحراز الأجزاء الرئيسية للأسلحة النارية. مؤثمة. سواء كانت صالحة للاستعمال من عدمه. المادة 35 مكرر من القانون 394 لسنة 1954 المعدل بالقانون 101 لسنة 1980.
(4) سلاح. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن، ما لا يقبل منها".
إيراد الحكم نوع السلاح الذي دان الطاعن بحيازة أجزاؤه الرئيسية. النعي عليه في هذا الشأن لا محل له.
 (5)قتل عمد. سلاح. ارتباط. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير قيام الارتباط". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن، ما لا يقبل منها".
مناط تطبيق الفقرة الثانية من المادة 32 عقوبات؟
تقدير قيام الارتباط بين الجرائم. موضوعي. حد ذلك؟

-------------

1 - من حيث إن الطاعنين من الأول إلى الثالث وإن قرروا بالطعن بالنقض في الميعاد إلا أنهم لم يقدموا أسباباً لطعنهم فيكون الطعن المقدم منهم غير مقبول شكلاً لما هو مقرر من أن التقرير بالطعن هو مناط اتصال المحكمة به وأن تقديم الأسباب التي بني عليها في الميعاد الذي حدده القانون هو شرط لقبوله وأن التقرير بالطعن وتقديم أسبابه يكونان معاً وحدة إجرائية، لا يقوم فيها أحدهما مقام الآخر ولا يغني عنه.
2 - لما كان يكفي لتحقق جريمة حيازة أو إحراز أجزاء رئيسية لسلاح ناري بدون ترخيص، مجرد الحيازة المادية طالت أم قصرت وأياً كان الباعث عليها ولو كانت لأمر عارض أو طارئ لأن قيام هذه الجريمة لا يتطلب سوى القصد الجنائي العام الذي يتحقق بمجرد حيازة أو إحراز أجزاء السلاح الناري بدون ترخيص عن علم وإدراك.
3 - لما كان إيراد الشارع عبارة الأجزاء الرئيسية مطلقاً من كل قيد في نص الفقرة الثالثة من المادة 35 مكرراً من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانون رقم 101 لسنة 1980 وكذا إيراده عبارة "تعتبر أسلحة نارية في حكم هذا القانون أجزاء الأسلحة النارية المنصوص عليها بالجدولين 2، 3..... -" يدل بوضوح النص صراحة دلالته على شموله الأجزاء الرئيسية للأسلحة النارية سواء كانت صالحة للاستعمال من عدمه.
4 - لما كان البين من مطالعة الحكم المطعون فيه أنه بين نوع السلاح الذي دان الطاعن بحيازة أجزاؤه الرئيسية إذ أنه أورد أنه سلاح ناري مششخن (بندقية آلي) ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون لا محل له.
5 - من المقرر قانوناً أن مناط تطبيق الفقرة الثانية من المادة 32 من قانون العقوبات أن تكون الجرائم قد انتظمتها خطة جنائية واحدة بعدة أفعال مكملة لبعضها البعض بحيث يتكون منها مجتمعة الوحدة الإجرامية التي عناها الشارع بالحكم الوارد في الفقرة المشار إليها سلفاً وأن تقدير قيام الارتباط بين الجرائم هو مما يدخل في حدود السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع بلا معقب.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كل من 1 - .... "طاعن" 2 - .... "طاعن" - 3 - .... "طاعن" - 4 - .... "طاعن" - 5 - .... في قضية الجناية رقم..... بأنهم: المتهمون الثلاثة الأول: قتلوا..... و..... عمداً مع سبق الإصرار بأن بيتوا النية على قتلهما وأعدوا لذلك سلاحاً نارياً "بندقية وذخائر" وما أن ظفروا بهما أطلق المتهم الأول عليهما عدة أعيرة نارية حال كون المتهمين الثاني والثالث يشدان من أزره قاصدين من ذلك قتلهما وحدثت بالمجني عليهما الإصابات الموصوفة بتقريري الصفة التشريحية والتي أودت بحياتهما وقد تلت هذه الجناية جنايتين أخريين هما أنهم في ذات الزمان والمكان سالفي الذكر - أ - قتلوا.... عمداً مع سبق الإصرار بأن بيتوا النية على قتله وأعدوا لذلك السلاح والذخائر سالفة الذكر وما أن ظفروا به حتى أطلق عليه المتهم الأول عياراً نارياً حال كون المتهمان الثاني والثالث يشدان من أزره قاصدين من ذلك قتله فحدثت به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته - ب - شرعوا في قتل...... عمداً مع سبق الإصرار بأن بيتوا النية على قتله وأعدوا لهذا الغرض السلاح الناري والذخائر سالفة الذكر وما أن ظفروا به حتى أطلق عليه المتهم الأول عياراً نارياً حال كون المتهمان الثاني والثالث يشدان من أزره قاصدين من ذلك قتله فحدثت به الإصابة الموصوفة بالتقرير الطبي والشرعي وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادتهم فيه هو مداركة المجني عليه بالعلاج - المتهمون الأول والرابع والخامسة 1 - أحرزوا بغير ترخيص سلاحاً نارياً مششخناً (بندقية) - 2 - أحرزوا ذخائر مما تستعمل في السلاح الناري سالف البيان دون أن يكون مرخصاً لهم بحيازته أو إحرازه. وأحالتهم إلى محكمة جنايات...... لمحاكمتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعى..... عن نفسه وبصفته و..... و..... و.... مدنياً قبل المتهمين بمبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 45/ 1، 46/ 1، 230، 231، 234/ 2 من قانون العقوبات والمواد 1/ 1، 6، 26/ 2 - 5، 30/ 1، 35/ 1 - 3 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين 26 لسنة 78، 165 لسنة 1981 والبند ب من القسم الأول من الجدول رقم 3 الملحق والجدول رقم 2 الملحق مع إعمال المادتين 32، 17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم الأول بالأشغال الشاقة المؤبدة والثاني والثالث بالأشغال الشاقة لمدة خمس عشر سنة والرابع والخامسة بالسجن لمدة ثلاث سنوات وإلزام المحكوم عليهم الثلاثة الأول متضامنين بأن يؤدوا لكل من المدعين بالحقوق المدنية مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت ومصادرة أجزاء السلاح والذخيرة المضبوطين. فطعن المحكوم عليهم الثلاثة الأول كما طعن الأستاذ/ ...... نيابة عن المحكوم عليه الرابع في هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.


المحكمة

من حيث إن الطاعنين من الأول إلى الثالث وإن قرروا بالطعن بالنقض في الميعاد إلا أنهم لم يقدموا أسباباً لطعنهم فيكون الطعن المقدم منهم غير مقبول شكلاً لما هو مقرر من أن التقرير بالطعن هو مناط اتصال المحكمة به وأن تقديم الأسباب التي بني عليها في الميعاد الذي حدده القانون وهو شرط لقبوله وأن التقرير بالطعن وتقديم أسبابه يكونان معاً وحدة إجرائية، لا يقوم فيها أحدهما مقام الآخر ولا يغني عنه.
وحيث إن الطاعن الرابع ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إحراز أجزاء رئيسية لسلاح ناري بغير ترخيص قد شابه قصور في التسبيب وخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأن الحكم المطعون فيه لم يدلل على توافر الجريمة التي دان الطاعن بها بكافة أركانها، هذا إلى إنه لم يعن بتحديد أي أجزاء السلاح الناري صالح للاستعمال وما إذا كانت الأجزاء مجمعة مششخنة أم غير مششخنة فضلاً عن خطئه في اعتبار الجرائم القائمة في الأوراق قد انتظمتها خطة جنائية واحدة وأنزل في حق الطاعن عقوبة الجريمة الأشد بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن البين من مطالعة الحكم المطعون فيه أنه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة الأركان القانونية لجريمة حيازة أجزاء رئيسية لسلاح ناري وذخيرة بغير ترخيص والتي دان الطاعن بها، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من اعتراف الطاعن وشهادة النقيب...... وتقرير فحص السلاح، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها والتي لا يمارى الطاعن في أن لها أصلها في الأوراق، وإذ كان يكفي لتحقق جريمة حيازة أو إحراز أجزاء رئيسية لسلاح ناري بدون ترخيص، مجرد الحيازة المادية طالت أم قصرت وأياً كان الباعث عليها ولو كانت لأمر عارض أو طارئ لأن قيام هذه الجريمة لا يتطلب سوى القصد الجنائي العام الذي يتحقق بمجرد حيازة أو إحراز السلاح الناري بدون ترخيص عن علم وإدراك - متى كان ذلك، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه من اعتراف الطاعن بأنه أخفى أجزاء السلاح الناري المضبوط والذخيرة المضبوطين في منزله، ما يتوافر به معنى حيازة أجزاء رئيسية لسلاح ناري بغير ترخيص والتي دانه الحكم المطعون فيه بها، ومن ثم فإن الحكم يكون قد أصاب صحيح القانون ويكون منعى الطاعن في هذا الصدد غير سديد. لما كان ذلك وكان إيراد الشارع عبارة عن الأجزاء الرئيسية مطلقاً من كل قيد في نص الفقرة الثالثة من المادة 35 مكرراً من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانون رقم 101 لسنة 1980 وكذا إيراده عبارة "تعتبر أسلحة نارية في حكم هذا القانون أجزاء الأسلحة النارية المنصوص عليها بالجدولين 2، 3....." - يدل بوضوح النص وصراحة دلالته على شموله الأجزاء الرئيسية للأسلحة النارية سواء كانت صالحة للاستعمال من عدمه. لما كان ذلك، فإنه لا محل لما يذهب إليه الطاعن في أسباب طعنه من انحسار سريان حكم النص على إحراز أو حيازة أجزاء الأسلحة النارية التي يثبت عدم صلاحيتها للاستعمال. إذ القول بغير ذلك يكون فيه تخصيص لحكم النص بغير علة. ومن ثم يكون منعى الطاعن في هذا الخصوص غير صحيح. لما كان ذلك، وكان البين من مطالعة الحكم المطعون فيه أنه بين نوع السلاح الذي دان الطاعن بحيازة أجزاؤه الرئيسية إذ أنه أورد أنه سلاح ناري مششخن (بندقية آلي) ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون لا محل له. لما كان ذلك، وكان من المقرر قانوناً أن مناط تطبيق الفقرة الثانية من المادة 32 من قانون العقوبات أن تكون الجرائم قد انتظمتها خطة جنائية واحدة بعدة أفعال مكملة لبعضها البعض بحيث يتكون منها مجتمعة الوحدة الإجرامية التي عناها الشارع بالحكم الوارد في الفقرة المشار إليها سلفاً وأن تقدير قيام الارتباط بين الجرائم هو مما يدخل في حدود السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع بلا معقب، متى كانت وقائع الدعوى على النحو الذي يحصله الحكم تتفق قانوناً مع ما انتهى إليه - كما هو الحال في الدعوى المطروحة ومن ثم يكون ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد غير سديد. لما كان ذلك فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الْفِسْقُ

الْفِسْقُ هُوَ: الْخُرُوجُ مِنَ الطَّاعَةِ، وَأَصْلُهُ خُرُوجُ الشَّيْءِ مِنَ الشَّيْءِ عَلَى وَجْهِ الْفَسَادِ، وَفَسَقَ فُلاَنٌ أَيْ: خَرَجَ عَنْ حَجْرِ الشَّرْعِ، وَالظُّلْمُ أَعَمُّ مِنَ الْفِسْقِ. 

الْبَرْزَةُ

الْبَرْزَةُ: الْمَرْأَةُ الْعَفِيفَةُ الَّتِي تَبْرُزُ لِلرِّجَال وَتَتَحَدَّثُ مَعَهُمْ وَهِيَ الَّتِي أَسَنَّتْ وَخَرَجَتْ عَنْ حَدِّ الْمَحْجُوبَاتِ

التَّرَبُّصُ

التَّرَبُّصُ لُغَةً: الاِنْتِظَارُ، يُقَال: تَرَبَّصْتُ الأَْمْرَ تَرَبُّصًا انْتَظَرْتُهُ، وَتَرَبَّصْتُ الأَْمْرَ بِفُلاَنٍ تَوَقَّعْتُ نُزُولَهُ بِهِ. 

وَاصْطِلاَحًا هُوَ التَّثَبُّتُ وَالاِنْتِظَارُ قَال تَعَالَى: {فَتَرَبَّصُوا بِهِ حَتَّى حِينٍ} . 

وَالْعَلاَقَةُ بَيْنَ التَّرَبُّصِ وَالْعِدَّةِ أَنَّ التَّرَبُّصَ 

ظَرْفٌ لِلْعِدَّةِ فَإِذَا انْتَهَتِ الْعِدَّةُ انْتَهَى التَّرَبُّصُ، وَأَنَّهُ يُوجَدُ فِي الْعِدَّةِ وَفِي غَيْرِهَا كَالآْجَال فِي بَابِ الدُّيُونِ، فَهُوَ أَعَمُّ مِنَ الْعِدَّةِ، فَكُل عِدَّةٍ تَرَبُّصٌ، وَلَيْسَ كُل تَرَبُّصٍ عِدَّةٌ.

الْخُصُومَةُ

الْخُصُومَةُ لُغَةً: الْمُنَازَعَةُ، وَالْجَدَل، وَالْغَلَبَةُ بِالْحُجَّةِ. 

وَلاَ يَخْرُجُ الْمَعْنَى الاِصْطِلاَحِيُّ لِلْفُقَهَاءِ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ. 

وَالصِّلَةُ بَيْنَ الْعَدَاوَةِ وَالْخُصُومَةِ هِيَ: أَنَّ الْخُصُومَةَ مِنْ قَبِيل الْقَوْل، وَالْمُعَادَاةُ مِنْ أَفْعَال الْقُلُوبِ

الصَّدَاقَةُ

الصَّدَاقَةُ فِي اللُّغَةِ: مُشْتَقَّةٌ مِنَ الصِّدْقِ فِي الْوُدِّ وَالنُّصْحِ، يُقَال: صَادَقْتُهُ مُصَادَقَةً وَصَدَاقًا، وَالاِسْمُ الصَّدَاقَةُ: أَيْ خَالَلْتُهُ. 

وَفِي الْكُلِّيَّاتِ: الصَّدَاقَةُ صِدْقُ الاِعْتِقَادِ فِي الْمَوَدَّةِ وَذَلِكَ مُخْتَصٌّ بِالإِْنْسَانِ دُونَ غَيْرِهِ. 

فَالصَّدَاقَةُ ضِدُّ الْعَدَاوَةِ. 

وَفِي الاِصْطِلاَحِ: هِيَ اتِّفَاقُ الضَّمَائِرِ عَلَى الْمَوَدَّةِ، فَإِذَا أَضْمَرَ كُل وَاحِدٍ مِنَ الرَّجُلَيْنِ مَوَدَّةَ صَاحِبِهِ، فَصَارَ بَاطِنُهُ فِيهَا كَظَاهِرِهِ سُمِّيَا صَدِيقَيْنِ . 

فَالصَّدَاقَةُ ضِدُّ الْعَدَاوَةِ 

الظُّلْمُ

الظُّلْمُ اسْمٌ مِنْ ظَلَمَهُ ظُلْمًا وَمَظْلِمَةً، وَأَصْل الظُّلْمِ: وَضْعُ الشَّيْءِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ والْجَوْرُ وَمُجَاوَزَةُ الْحَدِّ وَمِنْهُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْوُضُوءِ: فَمَنْ زَادَ عَلَى هَذَا أَوْ نَقَصَ فَقَدْ أَسَاءَ وَظَلَمَ 

أخرجه أبو داود (1 / 94) ، وابن ماجه (1 / 146) من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، وقد روى من طرق صحيحة كما قال ابن حجر في التلخيص (1 / 83) ، وضعف جماعة من العلماء لفظ " أو نقص " كما في عون المعبود (1 / 299) . 

وَهُوَ عِنْدَ أَهْل اللُّغَةِ وَكَثِيرٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ: وَضْعُ الشَّيْءِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ الْمُخْتَصِّ بِهِ، وَالظُّلْمُ فِي الشَّرْعِ: عِبَارَةٌ عَنِ التَّعَدِّي عَنِ الْحَقِّ إِلَى الْبَاطِل . 

يَقُول الأَْصْفَهَانِيُّ: الظُّلْمُ يُقَال فِي مُجَاوَزَةِ الْحَقِّ الَّذِي يَجْرِي مَجْرَى نُقْطَةِ الدَّائِرَةِ، وَيُقَال فِيمَا يَكْثُرُ وَفِيمَا يَقِل مِنَ التَّجَاوُزِ

وَيَقُول الأَْلُوسِيُّ فِي تَفْسِيرِ قَوْله تَعَالَى: {وَمَنْ يَفْعَل ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا} سورة النساء / 30 الظُّلْمُ وَالْعُدْوَانُ بِمَعْنًى، وَقِيل: أُرِيدَ بِالْعُدْوَانِ: التَّعَدِّي عَلَى الْغَيْرِ، وَبِالظُّلْمِ: الظُّلْمُ عَلَى النَّفْسِ بِتَعْرِيضِهَا لِلْعِقَابِ

الْقِسْطُ

الْقِسْطُ فِي اللُّغَةِ: الْعَدْل وَالْجَوْرُ فَهُوَ مِنَ الأَْضْدَادِ، وَأَقْسَطَ بِالأَْلِفِ عَدَل فَهُوَ مُقْسِطٌ إِذَا عَدَل، فَكَأَنَّ الْهَمْزَةَ فِي أَقْسَطَ لِلسَّلْبِ كَمَا يُقَال شَكَا إِلَيْهِ فَأَشْكَاهُ. 

فَقَسَطَ وَأَقْسَطَ لُغَتَانِ فِي الْعَدْل، أَمَّا فِي الْجَوْرِ فَلُغَةٌ وَاحِدَةٌ وَهِيَ قَسَطَ بِغَيْرِ أَلِفٍ . 

وَالْقِسْطُ بِإِطْلاَقَيْهِ أَعَمُّ مِنَ الْعَدْل.

الْقَاعِدُ

الْقَاعِدُ - بِغَيْرِ هَاءٍ - هِيَ الَّتِي قَعَدَتْ عَنِ التَّصَرُّفِ مِنَ السِّنِّ وَعَنِ الْوَلَدِ وَالْمَحِيضِ

الْكُرْهُ

الْكُرْهُ فِي اللُّغَةِ: الْقُبْحُ وَالْقَهْرُ، وَهُوَ ضِدُّ الْحُبِّ، تَقُول: كَرِهْتُهُ أَكْرَهُهُ كُرْهًا فَهُوَ مَكْرُوهٌ، وَأَكْرَهْتُهُ عَلَى الأَْمْرِ إِكْرَاهًا: حَمَلْتُهُ عَلَيْهِ قَهْرًا، وَكَرِهَ الأَْمْرَ وَالْمَنْظَرَ كَرَاهَةً فَهُوَ كَرِيهٌ، مِثْل قَبُحَ قَبَاحَةً فَهُوَ قَبِيحٌ وَزْنًا وَمَعْنًى. 


وَلاَ يَخْرُجُ الْمَعْنَى الاِصْطِلاَحِيُّ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ .

الْمُتَجَالَّةُ

الْمُتَجَالَّةُ هِيَ الْعَجُوزُ الْفَانِيَةُ الَّتِي لاَ إِرْبَ لِلرِّجَال فِيهَا

إِحْدَادُ الْمُعْتَدَّةِ

الإِْحْدَادُ هُوَ: تَرْكُ التَّزَيُّنِ بِالثِّيَابِ وَالْحُلِيِّ وَالطِّيبِ مُدَّةً مَخْصُوصَةً فِي أَحْوَالٍ مَخْصُوصَةٍ، وَحُكْمُ الإِْحْدَادِ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلاَفِ أَحْوَال الْمُعْتَدَّةِ مِنْ وَفَاةٍ أَوْ طَلاَقٍ رَجْعِيٍّ أَوْ بَائِنٍ. 

وَقَدِ اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى وُجُوبِ الإِْحْدَادِ عَلَى الْمُعْتَدَّةِ فِي عِدَّةِ الْوَفَاةِ مِنْ نِكَاحٍ صَحِيحٍ، حَتَّى وَلَوْ لَمْ يَدْخُل بِهَا الزَّوْجُ الْمُتَوَفَّى بِخِلاَفِ الْمَنْكُوحَةِ نِكَاحًا فَاسِدًا إِذَا مَاتَ عَنْهَا زَوْجُهَا أَمَّا الْمُطَلَّقَةُ طَلاَقًا رَجْعِيًّا فَلاَ إِحْدَادَ عَلَيْهَا لِبَقَاءِ أَكْثَرِ أَحْكَامِ النِّكَاحِ فِيهَا، بَل يُسْتَحَبُّ لَهَا التَّزَيُّنُ بِمَا يَدْعُو الزَّوْجَ إِلَى رَجْعَتِهَا وَالْعَوْدَةِ لَهَا، لَعَل اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا

الإِْحْدَاد

الإِْحْدَادُ لُغَةً: الْمَنْعُ، وَمِنْهُ: امْتِنَاعُ الْمَرْأَةِ عَنِ الزِّينَةِ وَمَا فِي مَعْنَاهَا إِظْهَارًا لِلْحُزْنِ وَالأَْسَفِ. 

وَفِي الاِصْطِلاَحِ: هُوَ امْتِنَاعُ الْمَرْأَةِ عَنِ الزِّينَةِ وَمَا فِي مَعْنَاهَا مُدَّةً مَخْصُوصَةً فِي أَحْوَالٍ مَخْصُوصَةٍ وَمِنْهُ امْتِنَاعُ الْمَرْأَةِ مِنَ الْبَيْتُوتَةِ فِي غَيْرِ مَنْزِلِهَا. 

وَالْعَلاَقَةُ بَيْنَ الْعِدَّةِ وَالإِْحْدَادِ: أَنَّ الْعِدَّةَ ظَرْفٌ لِلإِْحْدَادِ، فَفِي الْعِدَّةِ تَتْرُكُ الْمَرْأَةُ زِينَتَهَا لِمَوْتِ زَوْجِهَا.

الاِسْتِبْرَاءُ

الاِسْتِبْرَاءُ لُغَةً: طَلَبُ الْبَرَاءَةِ أَيِ التَّخَلُّصِ، أَوِ التَّنَزُّهِ وَالتَّبَاعُدِ أَوِ الإِْعْذَارِ وَالإِْنْذَارِ أَوْ طَلَبُ بَرَاءَةِ الْمَرْأَةِ مِنَ الْحَبَل ، أَوْ هُوَ الاِسْتِقْصَاءُ وَالْبَحْثُ عَنْ كُل أَمْرٍ غَامِضٍ. 

وَفِي الاِصْطِلاَحِ: يُطْلَقُ عَلَى مَعْنَيَيْنِ: 
الْمَعْنَى الأَْوَّل: الاِسْتِبْرَاءُ فِي الطَّهَارَةِ: وَهُوَ إِزَالَةُ مَا بِالْمَخْرَجَيْنِ مِنَ الأَْذَى. أي طَلَبُ نَقَاءِ الْمَخْرَجَيْنِ مِمَّا يُنَافِي التَّطَهُّرَ

الْمَعْنَى الثَّانِي: هُوَ تَعَرُّفُ بَرَاءَةِ الرَّحِمِ، أَيْ طَهَارَتُهُ مِنْ مَاءِ الْغَيْرِ. وَهُوَ حَيْثُ لَا تَجِبُ عَلَى الْمَرْأَةِ عِدَّةٌ.  فالاِسْتِبْرَاءُ فِي النَّسَبِ: وَهُوَ تَرَبُّصُ الأَْمَةِ مُدَّةً بِسَبَبِ مِلْكِ الْيَمِينِ حُدُوثًا أَوْ زَوَالاً لِمَعْرِفَةِ بَرَاءَةِ الرَّحِمِ أَوْ لِلتَّعَبُّدِ. 

فَالاِسْتِبْرَاءُ يَشْتَرِكُ مَعَ الْعِدَّةِ فِي أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مُدَّةٌ تَتَرَبَّصُ فِيهَا الْمَرْأَةُ لِتَحِل لِلاِسْتِمْتَاعِ بِهَا، وَيَفْتَرِقَانِ فِي عِدَّةِ أُمُورٍ ذَكَرَهَا الْقَرَافِيُّ مِنْهَا: 

أَنَّ الْعِدَّةَ وَاجِبَةٌ عَلَى كُل حَالٍ، حَتَّى وَلَوْ تَيَقَّنَ بَرَاءَةَ الرَّحِمِ، لِتَغْلِيبِ جَانِبِ التَّعَبُّدِ فِيهَا، بِخِلاَفِ الاِسْتِبْرَاءِ. 

وَأَنَّهُ يَكْفِي الْقُرْءُ الْوَاحِدُ فِي الاِسْتِبْرَاءِ لاَ فِي الْعِدَّةِ