الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 8 يوليو 2020

الطعنان 76 ، 80 لسنة 32 ق جلسة 5 / 1 / 1967 مكتب فني 18 ج 1 ق 13 ص 78


جلسة 5 من يناير سنة 1967
برياسة السيد المستشار محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: عباس حلمي عبد الجواد، وسليم راشد أبو زيد، ومحمد أبو حمزة مندور، ومحمد صدقي البشبيشي.
-------------
(13)
الطعن رقم 76 و80 لسنة 32 القضائية

(أ) استئناف. "إجراءات نظر الاستئناف". "تلاوة تقرير التلخيص". دعوى.
وجوب وضع تقرير التلخيص في الاستئناف من العضو المقرر وتلاوته في الجلسة. وجوب تلاوته من جديد في حالة تغيير بعض أعضاء الهيئة. لا يشترط أن يكون هذا التقرير من عمل أحد أعضاء. الهيئة الجديدة.
(ب) نقل. "نقل بحرى". "مهمة مقاول التفريغ". مقاولة. وكالة.
مقاول التفريغ. اقتصار مهمته على العمليات المادية الخاصة بتفريغ البضاعة من السفينة. له صفة "أمين الحمولة" وبالتالي صفة الوكالة عن المرسل إليه إذ عهد إليه بالاستلام وسلمه سند الشحن. هذه الوكالة تفرض عليه واجب التثبت من حالة البضاعة الخارجية ومطابقتها للأوصاف الواردة بسند الشحن وواجب اتخاذ ما يلزم لحفظ حقوق الموكل بما في ذلك الالتجاء للقضاء أو عمل الاحتجاج اللازم لرفع دعوى المسئولية. تقصيره في ذلك موجب لمسئوليته عما يصيب المرسل إليه من ضرر نتيجة هذا التقصير.
)جـ) مسئولية. "دعاوى المسئولية". "دعوى إثبات الحالة". دعوى. نقل. وكالة.
دعوى إثبات حالة البضاعة ليست من دعاوى المسئولية. غايتها إثبات العجز وتهيئة الدليل اللازم للرجوع على الناقل. لمقاول التفريغ الموكل في استلام البضاعة رفع هذه الدعوى.
)د) نقل. "نقل بحرى". "تلف البضاعة أو عجزها". "تسليم الاحتجاج". إثبات.
التحفظ أو الاحتجاج في حالة تلف البضاعة أو وجود عجز بها. وجوب تسليمه للناقل أو إثبات امتناعه عن الاستلام. لا يكفى - عند الإنكار - تقدم صورة مطبوعة من الخطاب المتضمن لهما. وجوب تقديم الدليل على إرسال هذا الخطاب إلى الناقل.
)هـ) نقل. "نقل بحرى". "مسئولية مقاول التفريغ". إثبات. "قرائن".
توجيه دعوى المسئولية - عن عجز البضاعة - من المرسل إليه قبل الناقل ومقاول التفريغ بالتعويض. دلالته. عدم ضرورة اشتمال صحيفة الدعوى على بيان ماهية الخطأ الواقع من مقاول التفريغ أو إقامة الدليل عليه متى تسلم الأخير البضاعة من الناقل بغير إبداء تحفظات. هذا الاستلام قرينة على مطابقتها لما هو مبين بسند الشحن ما لم يثبت عكس ذلك.
(و) نقل. "نقل بجري". "استلام البضاعة". إثبات. "القرائن القانونية". "عبء الإثبات".
عدم توجيه المرسل إليه للناقل البحري أو وكيله بميناء التفريغ "احتجاجا" بشأن العجز أو التلف. استلام المرسل إليه البضاعة - في هذه الحالة - يعد قرينة على مطابقة البضاعة للشروط والأوصاف المبينة في سند الشحن. قرينة قانونية تضمنتها قواعد معاهدة لاهاي سنة 1921. الاتفاق عليها في سند الشحن يجعلها حجة على أطراقه. قيام هذه القرينة لمصلحة الناقل يترتب عليه انتقال عبء الإثبات إلى المرسل إليه أو من يحل محله.

---------------
1 - كل ما أوجبه القانون في المادتين 407 مكررا و408 مرافعات هو - على ما جرى به قضاء محكمة النقض - أن يضع العضو المقرر في الدائرة الاستئنافية تقريرا يلخص فيه موضوع الاستئناف وطلبات الخصوم وأسانيد كل منهم ودفوعهم ودفاعهم وأن يتلى هذا التقرير في الجلسة. ولئن كان يجب في حالة تغيير بعض أعضاء الهيئة بعد تلاوة التقرير تلاوته من جديد إلا أنه لا يشترط أن يكون التقرير الذى يتلى في هذه الحالة من عمل أحد أعضاء الهيئة الجديدة بل يكفى تلاوة التقرير الذى وضعه العضو المقرر الأول لأن تلاوة هذا التقرير تفيد أن عضو الهيئة الجديدة الذى تلاه قد أقره وتبناه ولم يجد داعيا لوضع تقرير جديد وتتحقق بهذه التلاوة الغاية من إيجاب وضع التقرير وتلاوته  (1) .
2 - لئن كان الأصل أن مهمة مقاول التفريغ مقصورة على العمليات المادية الخاصة بتفريغ البضاعة من السفينة إلا أنه متى عهد إليه المرسل إليه باستلام البضاعة وسلمه سند الشحن فإنه تكون له في هذه الحال إلى جانب صفته كمقاول للتفريغ صفة "أمين الحمولة" وبذلك يصبح وكيلا عن المرسل إليه في الاستلام. وهذه الوكالة تفرض عليه واجب التثبت من حالة البضاعة الخارجية وشكلها الظاهر والتيقن من مطابقتها للأوصاف الواردة في سند الشحن والقيام بكل ما يلزم لحفظ حقوق موكله المرسل إليه. فيلتزم في حالة وجود تلف أو عجز بالرسالة باتخاذ التحفظات والإجراءات الكفيلة بإثباتهما بما في ذلك الالتجاء إلى القضاء لإثبات حالة البضاعة إذا اقتضى الأمر ذلك كما يلتزم بعمل الاحتجاج اللازم لرفع دعوى المسئولية وعلى العموم فإنه يلتزم بكل ما يلتزم به الوكيل من رعاية حقوق موكله واتخاذ الإجراءات الكفيلة بتوفير أدلة الإثبات اللازمة للرجوع على الناقل فإذا قصر في ذلك كان مسئولا قبل موكله عن كل ما يصيبه من ضرر نتيجة هذا التقصير.
3 - دعوى إثبات حالة البضاعة لا تعتبر من دعاوى المسئولية لأن غايتها إثبات العجز وتهيئة الدليل اللازم للرجوع على الناقل ومن ثم يكون لمقاول التفريغ الموكل في استلام البضاعة رفع هذه الدعوى.
4 - يشترط في التحفظ أو الاحتجاج الذى يحفظ حق المرسل إليه قبل الناقل في حالة تلف البضاعة أو وجود عجز بها أن يسلم للناقل أو يثبت امتناعه عن استلامه، فلا يكفى لإثبات حصول التحفظ أو الاحتجاج - في حالة إنكار الناقل حصولهما - مجرد تقديم صورة مطبوعة من الخطاب المتضمن لهما بل يجب تقديم الدليل على إرسال هذا الخطاب إلى الناقل.
5 - متى وجهت دعوى المسئولية - من المرسل إليه - إلى كل من الشركة الناقلة ومقاول التفريغ بطلب إلزامهما معا بالتعويض عن العجز الذى وجد بالرسالة فإن ذلك يفيد بذاته أن المرسل إليه قد اعتبر كليهما مسئولا عن هذا العجز ومن ثم فليس على المدعى بعد ذلك أن يبين في صحيفة دعواه ماهية الخطأ الواقع من مقاول التفريغ أو يقيم الدليل عليه لأنه ما دام الأخير قد تسلم البضاعة من الناقل بغير إبداء تحفظات فإن هذا الاستلام يعتبر قرينة على أنه تسلمها بالمطابقة لما هو مبين بسند الشحن ولا يستطيع التخلص من المسئولية إلا بنقض هذه القرينة بالدليل العكسي.
6 - لما كانت سندات الشحن التي بموجبها تم نقل البضاعة قد تضمنت اتفاق أطرافها على الأخذ بالقرينة القانونية التي تضمنتها قواعد معاهدة لاهاي لسنة 1921 والتي من مقتضاها أنه إذا لم يوجه المرسل إليه للناقل البحري أو وكيله بميناء التفريغ إخطارا كتابيا "احتجاجا" بشأن العجز أو التلف وقت استلام الرسالة أو عن العجز الجزئي غير الظاهر المدعى به في خلال ثلاثة أيام من تاريخ استلامه الرسالة فإن تسلم المرسل إليه للرسالة يعتبر قرينة على أن الناقل قد سلم البضاعة بالمطابقة لجميع الشروط والأوصاف المبينة في سند الشحن - فإن هذه القرينة تكون واجبة الإعمال على اعتبار أنها من القواعد المتفق عليها في سند الشحن ومن هذا الاتفاق تستمد قوتها الملزمة بالنسبة لأطراف سند الشحن - ويترتب على قيام هذه القرينة لمصلحة الناقل أن ينتقل عبء الإثبات إلى المرسل إليه أو من يحل محله.


المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقريرين اللذين تلاهما السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن شركة مصر للتأمين أقامت الدعوى رقم 84 سنة 1957 تجارى كلى الإسكندرية على شركة أولاد بابا ديمتريو بصفتها وكيلة الباخرة "كانديللى" وعلى شركة دونيمكس بصفتها مقاولا لأعمال التفريغ وطلبت الحكم بإلزامهما متضامنين بأن تؤديا لها مبلغ 3152 ج و957 م والفوائد القانونية بواقع 5% سنويا من تاريخ الحكم حتى السداد والمصروفات وقالت بيانا لدعواها إن شركة التبادل التجاري كانت قد استوردت رسالة من سلفات الألمنيوم زنتها 3360 طنا شحنت إلى الإسكندرية على الباخرة "كانديللى" وعند وصول الرسالة إلى ميناء الإسكندرية في يوم 2 من ديسمبر سنة 1955 وتفريغها بواسطة الشركة مقاولة التفريغ تبين وجود عجز بها مقداره 138 ر 161 طنا بلغت قيمته المبلغ المرفوعة به الدعوى - وقد ثبت هذا العجز بموجب الإيصال الصادر في 15 من ديسمبر سنة 1955 من الشركة التي قامت بالتفريغ إلى الشركة الناقلة والثابت به استلام 862 ر 3198 طنا بدلا من 3360 طنا - ولما كانت الشركة المستوردة قد أمنت على هذه الرسالة لدى شركة مصر للتأمين فقد قامت هذه الأخيرة بدفع قيمة العجز لها - وتنازلت لها الشركة المستوردة عن كافة حقوقها في الرجوع على الغير المسئول وذلك بموجب حوالة الحق وعقد التنازل المؤرخ في 7 من إبريل سنة 1956 ولذا أقامت شركة مصر للتأمين دعواها بطلباتها السابقة استنادا إلى القول بأن شركة أولاد بابا ديمتريو تعتبر مسئولة عن العجز وتلتزم بتعويضه بصفتها وكيلة الباخرة وأمينة النقل البحري الذى يجب عليها تسليم الرسالة كاملة وسليمة إلى أصحابها في ميناء الوصول تنفيذا لالتزامها التعاقدي الناشئ عن عقد النقل البحري كما أن شركة دونيمكس تعتبر هى الأخرى مسئولة عن العجز المذكور بصفتها المقاول الذى قام بتفريغ البضاعة من الباخرة وحراستها على الأرصفة مقابل أجر مستقل عن أجر النقل البحري - وبتاريخ 24 من مايو سنة 1959 قضت محكمة أول درجة (أولا) بقبول الدفع المبدى من الشركة الناقلة وبعدم قبول الدعوى قبلها لرفعها على خلاف المواعيد والإجراءات المنصوص عليها في المادتين 274 و275 من القانون البحري وبرفضها قبل شركة دونيمكس وألزمت شركة مصر للتأمين بالمصروفات - استأنفت الشركة الأخيرة هذا الحكم بالاستئناف رقم 265 سنة 15 ق ومحكمة استئناف الإسكندرية قضت في 15 من يناير سنة 1962 (أولا) بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدفع بعدم قبول الدعوى (ثانيا) برفض الدعوى بالنسبة لشركة أولاد بابا ديمتريو (ثالثا) بإلزام شركة دونيمكس بأن تؤدى لشركة مصر للتأمين مبلغ 3152 ج و957 م والفوائد بواقع 5% من تاريخ الحكم حتى تمام الوفاء والمصروفات عن الدرجتين. طعنت شركة مصر للتأمين في هذا الحكم بطريق النقض وقيد طعنها برقم 76 سنة 32 قضائية - كما طعنت فيه شركة دونيمكس أيضا وقيد طعنها برقم 80 سنة 32 قضائية - وقدمت النيابة العامة في كل طعن مذكرة برأيها طلبت فيها رفض الطعن ودفعت شركة مصر للتأمين في مذكرتها التي قدمتها في الطعن رقم 80 سنة 32 ق بعدم قبول هذا الطعن لرفعه من غير ذي صفة تأسيسا على أنه رفع باسم مدير محل دونيمكس في حين أن الخصومة كانت موجهة إلى صاحبي هذا المحل بصفتهما الشخصية - وقدمت النيابة مذكرة تكميلية طلبت فيها رفض الدفع وأصرت على رأيها السابق وبالجلسة المحددة لنظر الطعنين قررت هذه المحكمة ضمهما معا وصممت النيابة على رأيها.
عن الطعن رقم 80 سنة 32 قضائية:
وحيث إن مبنى دفع شركة مصر للتأمين بعدم قبول هذا الطعن هو أنها وجهت دعواها إلى امبرتو دوناتو وامديو - ف أ دوناتو بصفتهما الشخصية موصوفين بأنهما صاحبا محل دونيمكس في حين أن الطعن لم يرفع منهما بهذه الصفة وإنما رفع من مدير ذلك المحل - وإذ كان محل دونيمكس لا يعتبر شخصا قانونيا فإن الطعن يكون غير مقبول لرفعه من غير ذي صفة.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على الأوراق أن شركة مصر للتأمين عندما استأنفت الحكم الصادر في الدعوى الابتدائية وجهت استئنافها إلى محل دونيمكس – امبرتو دوناتو وامبرتو - ف أ دوناتو ويمثله مديره وقد صدر الحكم المطعون فيه ضد هذا المحل - وبذلك يكون الطعن قد رفع من الطاعن بذات الصفة التي كان مختصما بها في الخصومة أمام المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه ومن ثم يكون مرفوعا من ذى صفة ويكون الدفع المبدى من شركة مصر للتأمين بعدم قبول الطعن لرفعه من غير ذي صفة على غير أساس.
وحيث إن الطعن قد استوفى الشكل المقرر في القانون.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه البطلان ذلك أن القانون أوجب في المادتين 407 و408 من قانون المرافعات أن تحال الدعوى في الاستئناف من التحضير إلى المرافعة بتقرير يلخص فيه العضو المقرر موضوع الاستئناف وطلبات الخصوم ودفوعهم وأن يتلى هذا التقرير قبل بدء المرافعة - كما استلزم القانون في حالة تغيير الهيئة بعد تلاوة التقرير إعداد تقرير جديد وتلاوته من الهيئة الجديدة. وإذ كان الثابت من الأوراق أن الهيئة التي حكمت في الاستئناف كانت قد خلفت هيئة أخرى في نظر الدعوى ولم تقم بما يفرضه عليها القانون في هذه الحالة من وضع تقرير تلخيص جديد من عمل أحد أعضائها بل اكتفت بتلاوة التقرير الذى وضعه أحد أعضاء الهيئة السابقة - فإن حكمها يكون باطلا لابتنائه على إجراءات باطلة.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن كل ما أوجبه القانون في المادتين 407 مكررا و408 مرافعات هو - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن يضع العضو المقرر في الدائرة الاستئنافية تقريرا يلخص فيه موضوع الاستئناف وطلبات الخصوم وأسانيد كل منهم ودفوعهم ودفاعهم وأن يتلى هذا التقرير في الجلسة ولئن كان يجب في حالة تغيير بعض أعضاء الهيئة بعد تلاوة التقرير تلاوة التقرير من جديد إلا أنه لا يشترط أن يكون التقرير الذى يتلى في هذه الحالة من عمل أحد أعضاء الهيئة الجديدة بل يكفى تلاوة التقرير الذى وضعه العضو المقرر الأول لأن تلاوة هذا التقرير تفيد أن عضو الهيئة الجديدة الذى تلاه قد أقره وتبناه ولم يجد داعيا\ لوضع تقرير جديد وتتحقق بهذه التلاوة الغاية من إيجاب وضع التقرير وتلاوته.
وحيث إن محصل السبب الثاني أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه ذلك أنه أقام قضاءه بمسئولية الطاعنة على أن التزاماتها بوصفها مقاولا للتفريغ لا تقف عند حد المحافظة على حقوق المرسل إليه بتوجيه الاحتجاج إلى الناقل بل تتخطاه إلى حد إقامة الدعوى أمام القضاء مع أن مقاول التفريغ المكلف باستلام الشحنة غير ملزم قانونا برفع الدعاوى نيابة عن المرسل إليه بشأن ما يوجد في البضاعة من تلف أو عجز، كما ذهب الحكم إلى أن الطاعنة لم تحافظ على حقوق المرسلة إليه مع أن الثابت أنها تحفظت في نفس إيصال استلام البضاعة بما يكفى في القانون للاحتجاج ويحفظ حقوق المرسل إليه على الغير المسئول، كما انتهى الحكم المطعون فيه إلى إسناد التقصير إلى الطاعنة على الرغم من أن المطعون ضدها الأولى "شركة مصر للتأمين" لم تنسب إليها أى خطأ أو إهمال في عملها كمقاول للتفريغ، كذلك أخطأ الحكم المطعون فيه في إسناد الخطأ إلى الطاعنة لعدم إقامتها دعوى بإثبات حالة البضاعة عند استلامها وتعيين خبير محايد لحضور عملية الوزن إذ أنها غير ملزمة قانونا باتخاذ هذه الإجراءات - ويتحصل السبب الثالث في أن الحكم المطعون فيه خالف الثابت في الأوراق فيما أسنده إلى الطاعنة من أنها لم تقم بواجب الاحتجاج قبل الشركة الناقلة بعد اكتشافها العجز في الرسالة ذلك أن الثابت من إيصال الاستلام الوحيد المقدم في الدعوى من المطعون ضدها الأولى والمؤرخ 15 ديسمبر سنة 1955 أنه يتضمن احتجاج الطاعنة على العجز الذى وجد بالرسالة - ويتحصل السبب الرابع في أن الحكم المطعون فيه جاء مشوبا بالقصور والخطأ في الاستنتاج لإطراحه دلالة الإيصال الآنف الذكر بمقولة إنه لا يعتبر حجة على الشركة الناقلة لعدم توقيعها عليه ولإنكارها علاقاتها به ولوجود هذا الإيصال تحت يد المطعون ضدها الأولى التي قدمته للمحكمة - مع أن خلو الإيصال من توقيع الشركة الناقلة لا يعتبر دليلا على عدم صدوره إليها من الشركة الطاعنة كما أن تقديم الإيصال من الشركة المؤمنة على البضاعة لا ينفى إرساله إلى الشركة الناقلة لأن ما قدمته الشركة المؤمنة إنما هو صورة الإيصال الذى كان تحت يد الطاعنة أما الأصل فقد تسلمته الشركة الناقلة واحتفظت به ولم تقدمه للمحكمة.
وحيث إن هذا النعي في جميع وجوهه غير سديد ذلك أن الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بمسئولية الشركة الطاعنة على قوله "حيث إن المستأنف عليها الثانية (الطاعنة) هي وكيلة عن الشركة المستوردة في تفريغ الشحنة لقاء أجر تقاضته منها ومن المقرر أن مقاول التفريغ يكون مسئولا قبل المرسل إليه عن أى عجز أو تلف يصيب البضاعة ما لم يقم بإثبات أن هذا العجز أو التلف يرجع لفعل الناقل ذلك أنه بعد تسلمه البضاعة واستقرارها في حيازته يكون هو المسئول عنها ويفترض أن ما أصابها من عجز أو تلف إنما كان بفعله فإذا أراد تفادى هذه المسئولية فعليه قبل تسليم البضاعة تهيئة الأدلة اللازمة لإثبات مسئولية الناقل عن هذا العجز أو التلف فإذا قصر في ذلك فهو الذى يتحمل نتيجة هذا التقصير - وحيث إن المستأنف عليها الثانية (الطاعنة) وقد تسلمت الشحنة من الشركة الناقلة لم تقدم دليلا لإثبات مسئولية هذه الأخيرة عن العجز الذى ظهر في الرسالة كما أنها قصرت في الحصول على الأدلة اللازمة لذلك إذ كان يتعين عليها عند استلام البضاعة أن تحصل من الشركة الناقلة على كتابة تثبت مقدار ما تسلمته منها فإذا رفضت إعطاءها تلك الكتابة فكان عليها أن تلجأ إلى القضاء بدعوى إثبات حالة وتطلب ندب خبير لحضور عملية الوزن وإثبات مقدار العجز أو تلجأ إلى هيئة محايدة كهيئة اللويدز لتندب مندوبا من قبلها لمباشرة الوزن في حضوره ولكنها لم تفعل شيئا من ذلك بل تسلمت البضاعة وقامت بوزنها في غير مواجهة الشركة الناقلة اعتمادا على أنها كانت قد طلبت من هذه الشركة قبل وصول السفينة أن تستعد لحضور عمليات الوزن فردت عليها بالكتاب الذى أودعته حافظتها بأنها ترفض الحضور بحجة أن الباخرة غير مسئولة عن الوزن طبقا لسند الشحن" وهذا الذى استند عليه المستأنف عليها الثانية (الطاعنة) لا يشفع لها في أن تقوم بالوزن بمفردها إذ كان يتعين عليها أن تلجأ للقضاء أو الهيئة اللويدز لندب من يقوم بالوزن فتحصل بذلك على دليل يصلح للاحتجاج به على الشركة الناقلة ويحفظ حقوق موكلته المستوردة كما أن نفس الاحتجاج الذى أرسلته للمستأنف عليها الأولى بخصوص العجز قد جاء متأخرا بعد استلام البضاعة بمدة ثمانية عشر يوما" - وهذا الذى قرره الحكم المطعون فيه وأقام عليه قضاءه لا مخالفة فيه للقانون ذلك أنه وإن كان الأصل أن مهمة مقاول التفريغ مقصورة على العمليات المادية الخاصة بتفريغ البضاعة من السفينة إلا أنه متى عهد إليه المرسل إليه باستلام البضاعة وسلمه سند الشحن - كما هو الحاصل في الدعوى - فإنه تكون له في هذه الحال إلى جانب صفته كمقاول للتفريغ صفة أمين الحمولة وبذلك يصبح وكيلا عن المرسل إليه في الاستلام وهذه الوكالة تفرض عليه واجب التثبت من حالة البضاعة الخارجية وشكلها الظاهر والتيقن من مطابقتها للأوصاف الواردة في سند الشحن والقيام بكل ما يلزم لحفظ حقوق موكله المرسل إليه - فيلتزم في حالة وجود تلف أو عجز بالرسالة باتخاذ التحفظات والإجراءات الكفيلة بإثباتهما بما في ذلك الالتجاء إلى القضاء لإثبات حالة البضاعة إذا اقتضى الأمر ذلك كما يلتزم بعمل الاحتجاج اللازم لرفع دعوى المسئولية -وعلى العموم فإنه يلتزم بكل ما يلتزم به الوكيل من رعاية حقوق موكله واتخاذ الإجراءات الكفيلة بتوفير أدلة الإثبات اللازمة للرجوع على الناقل فإذا قصر في ذلك كان مسئولا قبل موكله عن كل ما يصيبه من ضرر نتيجة هذا التقصير - ولما كان الحكم المطعون فيه قد سجل على الشركة الطاعنة تقصيرها في تهيئة الأدلة اللازمة لإثبات مسئولية الناقل عن العجز الذى وجد في الرسالة وتخلفها عن توجيه الاحتجاج بشأنه إلى الشركة الناقلة في الميعاد كما سجل عليها في موضع آخر منه عجزها عن نقض القرينة المستمدة من تسلمها البضاعة من غير تحفظ والتي تقوم على افتراض أن الناقل سلم البضاعة بالكيفية الموصوفة بها في سند الشحن فإن الحكم إذ انتهى إلى اعتبار الشركة الطاعنة مسئولة عن العجز لا يكون مخالفا للقانون - وليس فيما تطلبه من الالتجاء إلى القضاء أو إلى هيئة محايدة كهيئة اللويدز لإثبات حالة البضاعة بعد أن رفضت الشركة الناقلة حضور عملية الوزن ما يجاوز واجبات أمين الحمولة لأن دعوى إثبات الحالة لا تعتبر من دعاوى المسئولية وإنما غايتها إثبات العجز وتهيئة الدليل اللازم للرجوع على الناقل - أما ما تقوله الطاعنة من أنها وجهت احتجاجا إلى الشركة الناقلة في إيصال الاستلام الذى أصدرته إليها في 15 ديسمبر سنة 1955 فمردود بما قرره الحكم المطعون فيه بحق من أن هذا الإيصال لا يعتبر حجة على الشركة الناقلة لأنه لم يصدر منها وليس لها أى توقيع عليه وقد أنكرت علاقتها به ولأن الشركة الطاعنة لم تقدم دليلا على تسليم هذا الإيصال للشركة الناقلة - وليس في هذا الذى قرره الحكم مخالفة للثابت في الأوراق كما تدعى الطاعنة كما أنه لا محل للجدل فيما إذا كانت عبارات هذا الإيصال تحمل معنى الاحتجاج أم لا طالما أنه لم يثبت لمحكمة الموضوع أن هذا الاحتجاج قد أبلغ للشركة الناقلة إذ يشترط في التحفظ أو الاحتجاج الذى يحفظ حق المرسل إليه قبل الناقل في حالة تلف البضاعة أو وجود عجز بها أن يسلم للناقل أو يثبت امتناعه عن استلامه فلا يكفى لإثبات حصول التحفظ أو الاحتجاج في حالة إنكار الناقل حصولهما مجرد تقديم صورة مطبوعة من الخطاب المتضمن لهما بل يجب تقديم الدليل على إرسال هذا الخطاب إلى الناقل، أما ما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه من إسناد الخطأ إليها على الرغم من أن الشركة المدعية لم تنسب إليها خطأ ما فمردود بما هو ثابت من تقريرات الحكم المطعون فيه من أن هذه الشركة قد وجهت دعوى المسئولية إلى كل من الشركة الناقلة والشركة الطاعنة على السواء وطلبت إلزامهما معا بالتعويض عن العجز الذى وجد بالرسالة وهو ما يفيد بذاته أن الشركة المدعية اعتبرت كليهما مسئولة عن هذا العجز ولم يكن على الشركة المدعية بعد ذلك أن تبين في صحيفة دعواها ماهية الخطأ الواقع من الشركة الطاعنة (مقاول التفريغ) أو تقيم الدليل عليه لأنها ما دامت قد تسلمت البضاعة من الناقل بغير إبداء تحفظات فإن هذا الاستلام يعتبر قرينة على أنها تسلمتها بالمطابقة لما هو مبين بسند الشحن ولا تستطيع التخلص من المسئولية إلا بنقض هذه القرينة بالدليل العكسي.
وحيث إنه لما تقدم جميعه يكون الطعن في جميع أسبابه لا أساس له ويتعين رفضه.
عن الطعن رقم 76 سنة 32 قضائية:
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب تنعى الشركة الطاعنة في أولها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون ذلك أنه قضى برفض دعواها قبل المطعون ضدها الأولى بصفتها وكيلة السفينة "كانديللى" استنادا إلى القول بأن الطاعنة لم تقدم الدليل على وقوع العجز المدعى به خلال فترة الرحلة البحرية -مع أن التزام الناقل البحري هو التزام بتحقيق نتيجة هى نقل البضاعة وتسليمها لأصحابها بحالتها المبينة في سند الشحن. وإذ كانت المطعون ضدها الأولى وكيلة السفينة لم تثبت تسليمها الرسالة سليمة وكاملة للشركة المرسل إليها أو لوكيلتها فانها تكون مسئولة عما وجد بها من عجز، وإذ قضى الحكم المطعون فيه بعدم مسئوليتها فإنه يكون مخالفا للقانون. ويتحصل السبب الثانى في أن الحكم المطعون فيه قد خالف القرينة التي أقامها القضاء والتي تفترض وقوع الضرر المدعى به خلال الرحلة البحرية ما لم يثبت الناقل البحري عكس ذلك وما دامت الشركة الناقلة لم تقدم الدليل العكسي اللازم لنقض هذه القرينة فإنها تكون مسئولة عن العجز. وتنعى الطاعنة بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه مخالفته قواعد الإثبات القانونية حيث ألقى عبء الإثبات على مقاول التفريغ بينما تقضى قواعد المسئولية العقدية والعرف البحري العالمي بأن عبء إثبات عدم حصول العجز خلال الرحلة البحرية يقع على عاتق الناقل - وتضيف الطاعنة أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ فيما ذهب إليه من أن المطعون ضدها الثانية (مقاول التفريغ) لم توجه الاحتجاج للمطعون ضدها الأولى (الناقلة) إلا في 2 من يناير سنة 1956 إذ أن الاحتجاج الأول وجه في يوم 16 من ديسمبر سنة 1955على ما هو ثابت من المستند رقم 4 من حافظة الطاعن والذى كان مقدما أمام محكمة الاستئناف وهو عبارة عن خطاب مرسل من المطعون ضدها الثانية (مقاول التفريغ) إلى شركة الملاحة بتاريخ 16 ديسمبر سنة 1955 أي في اليوم التالي لصدور الإيصال المؤرخ 15 ديسمبر سنة 1955 - تخطرها فيه بأنه مرفق به صورة من الإيصال الخاص باستلام البضاعة والمبين به العجز ومقداره ولم يعترض الناقل على ذلك إلى أن أقيمت دعوى المسئولية.
وحيث إن هذا النعي في جميع وجوهه غير صحيح ذلك أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه برفض دعوى المسئولية الموجهة إلى المطعون ضدها الأولى (الناقل البحري) على قوله "وحيث إنه من المقرر أن تسلم البضاعة إلى مقاول التفريغ يخلى مسئولية الناقل البحري وقد استقر القضاء الفرنسي على ذلك ويعتبر هذا التسليم قرينة على أن البضاعة قد سلمت بالكيفية الموصوفة بها في سند الشحن حتى يثبت العكس، ولما كانت المستأنفة (الطاعنة) والمستأنف عليها الثانية (مقاول التفريغ) لم تقدم أيهما دليلا لنفى هذه القرينة سوى الإيصال وخطاب الاحتجاج المشار إليهما ولا يصلح أى منهما دليلا قبل المستأنف عليها الأولى لما سلف بيانه ومن ثم فإن الدعوى بالنسبة للمستأنف عليها الأولى (الناقلة) تكون على غير أساس" وهذا الذى انتهى إليه الحكم صحيح في القانون ذلك أنه لما كانت سندات الشحن التي بموجبها تم نقل الرسالة محل النزاع قد تضمنت في بندها الخامس عشر اتفاق أطرافها على الأخذ بالقرينة القانونية التي تضمنتها قواعد لاهاي لسنة 1921 والتي من مقتضاها أنه إذا لم يوجه المرسل إليه للناقل البحري أو وكيله بميناء التفريغ إخطارا كتابيا "احتجاجا" بشأن العجز أو التف وقت استلام الرسالة أو عن العجز الجزئي غير الظاهر المدعى به في خلال ثلاثة أيام من تاريخ استلام الرسالة فإن تسليم المرسل إليه للرسالة يعتبر قرينة على أن الناقل قد سلم البضاعة بالمطابقة لجميع الشروط والأوصاف المبينة في سند الشحن فإن هذه القرينة تكون واجبة الإعمال على اعتبار أنها من القواعد المتفق عليها في سند الشحن ومن هذا الاتفاق تستمد قوتها الملزمة بالنسبة لأطراف سند الشحن - ويترتب على قيام هذه القرينة لمصلحة الناقل أن ينتقل عبء الإثبات إلى المرسل إليه أو من يحل محله - لما كان ذلك، وكانت محكمة الموضوع قد خلصت إلى أن الاحتجاج المؤرخ 2 يناير سنة 1956 الموجه من المطعون ضدها الثانية (مقاول التفريغ) بصفتها وكيلة عن المرسل إليه إلى المطعون ضدها الأولى وكيلة السفينة بشأن العجز المدعى به قد جاء متأخرا لإرساله بعد ثمانية عشر يوما من تاريخ تسليم الرسالة واكتشاف العجز بها حسبما يبين من الإيصال الصادر منها بتاريخ 15 ديسمبر سنة 1955 وسجلت محكمة الموضوع في حدود سلطتها التقديرية أن المستندات المقدمة من الطاعنة ومن الشركة التى قامت بالتفريغ لا تصلح لدحض القرينة المتقدم ذكرها فإنها إذ انتهت إلى رفض دعوى المسئولية قبل الشركة الناقلة تكون قد طبقت حكم القانون الصحيح وبالتالي يكون النعي عليها بالأوجه المتقدمة على غير أساس - ولا وجه لما تقوله الطاعنة من أن المطعون ضدها الثانية (مقاول التفريغ) قد وجهت احتجاجا للمطعون ضدها الأولى وكيلة السفينة بخطابها المؤرخ في 16 من ديسمبر سنة 1955 وأن الحكم المطعون فيه قد غفل عن ذلك إذ أنه حتى لو صح اعتبار ما تضمنه إيصال 15 ديسمبر سنة 1955 الذى انطوى عليه الخطاب المشار إليه احتجاجا فإن الطاعنة والمطعون ضدها الثانية لم تقدما لمحكمة الموضوع ما يثبت أن المطعون ضدها الأولى قد تسلمت ذلك الخطاب أو أنه أرسل إليها ورفضت استلامه وقد ورد في مذكرة الطاعنة نفسها المقدمة منها في الطعن رقم 80 سنة 32 ق المضموم لهذا الطعن ما يفيد تسليمها بعدم جدوى هذا الخطاب إذ جاء بهذه المذكرة ما يلى "ومع ذلك فلا يعيب الحكم أن يقول بأن الطاعن "مقاول التفريغ" لم يوجه إلى الناقل احتجاجا على وجود العجز مع وجود الإيصال الذى أشار إليه الطاعن "إيصال 15/ 12/ 1955" لأن مجرد بيان قيمة العجز في الإيصال الصادر من الطاعنة لا يكفى لإبراز معنى الاحتجاج على وجود العجز خصوصا وأنه لم يثبت على وجه اليقين أن ذلك الإيصال سلم إلى الناقل" ومن ثم فإن النعي بهذا السبب يكون غير سديد.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الرابع - بأن دفاع المطعون ضدها الأولى المستند إلى شرط إعفائها من المسئولية عن الوزن الوارد بسند الشحن مخالف لنصوص القانون طالما أن الناقل البحري لم يذكر في سند الشحن الأسباب والمبررات التي دعته إلى إيراد التحفظ الخاص بالوزن.
وحيث إن هذا النعي لا يصادف محلا في قضاء الحكم المطعون فيه ذلك أنه لم يأخذ بهذا الدفاع ولم يستند إليه في قضائه.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن برمته على غير أساس متعينا رفضه.


 (1) نقض 4 نوفمبر سنة 1965 مجموعة المكتب الفني س 16 س 973.

الطعن 2171 لسنة 32 ق جلسة 2 / 4 / 1963 مكتب فني 14 ج 2 ق 59 ص 292


جلسة 2 من إبريل سنة 1963
برياسة السيد المستشار/ السيد أحمد عفيفي، وبحضور السادة المستشارين: محمود حلمي خاطر، وعبد الحليم البيطاش، ومختار مصطفى رضوان، ومحمد صبري.
----------------
(59)
الطعن رقم 2171 لسنة 32 القضائية

اختصاص. "تنازع الاختصاص السلبي". نقض. "سلطة محكمة النقض. تعيين الجهة المختصة". "ما لا يجوز الطعن فيه".
صدور حكم من محكمة الجنح المستأنفة بعدم اختصاصها بنظر الدعوى، على أساس أن الواقعة جناية. دلالته على خطأ المحكمة فيما ذهبت إليه، وعلى أن الواقعة لا شبهة فيها لجناية. عدم جواز الطعن في هذا الحكم بطريق النقض. علة ذلك: لأنه غير منه للخصومة. هذا الحكم سيقابل حتماً من المحكمة التي قيل باختصاصها بحكم آخر بعدم اختصاصها هي الأخرى. لمحكمة النقض أن تعتبر الطعن طلباً بتعيين المحكمة المختصة، وتعين محكمة الجنح المستأنفة المختصة للفصل في الدعوى.

---------------
متى كان الحكم المطعون فيه الصادر بعدم الاختصاص يدل وفقاً للبيانات الواردة به على خطأ محكمة الجنح المستأنفة - فيما ذهبت إليه من عدم اختصاصها بنظر الدعوى على أساس أن الواقعة جناية، ويفيد في الوقت عينه أن الواقعة التي تحدث عنها لا شبهة فيها لجناية، وكان الحكم بعدم الاختصاص لا يجوز الطعن فيه بطريق النقض لأنه غير منه للخصومة أمام جهة الحكم في الدعوى، غير أنه متى كان هذا الحكم سيقابل حتماً من المحكمة التي قيل باختصاصها بحكم آخر بعدم اختصاصها هي الأخرى، فإن محكمة النقض لا يسعها إلا أن تعتبر الطعن طلباً بتعيين المحكمة التي يكون الفصل في الدعوى من اختصاصها وتقبله على أساس ما وقع من خطأ ظاهر في الحكم وتعين الحكم وتعين محكمة الجنح المستأنفة المختصة للفصل في الدعوى.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه في يوم 4 يونيه سنة 1959 بدائرة قسم المنتزه "سرق الميزان والشريط المبين بالمحضر وصفاًًًً وقيمة لعبد العزيز علي الشريف من مخزنه حالة كونه عاملاً لدى المجني عليه". وطلبت عقابه بالمادة 317/ 2 - 4 من قانون العقوبات مع تطبيق أقصى العقوبة. ومحكمة الرمل الجزئية قضت غيابياً بتاريخ 13 يناير سنة 1960 عملاً بمادة الاتهام بحبس المتهم ثلاثة أشهر مع الشغل والنفاذ بلا مصروفات. فعارض وقضى في معارضته بتاريخ 19 إبريل سنة 1961 بقبولها شكلاً وفى الموضوع برفضها وتأييد الحكم الغيابي المعارض فيه بلا مصروفات جنائية. استأنف كل من المتهم والنيابة العامة هذا الحكم. ومحكمة الإسكندرية الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت في هذين الاستئنافين حضورياً بتاريخ 13 مايو سنة 1961 بقبولهما شكلاً وفى الموضوع وبإجماع الآراء بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم اختصاص محكمة الجنح بنظر الدعوى وإحالة الأوراق للنيابة العامة لاتخاذ شئونها فيها بلا مصروفات. فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض.... الخ.

المحكمة
حيث إن مبنى الطعن هو الخطأ في تطبيق القانون، ذلك أن الحكم المطعون فيه قضى بعدم اختصاص محكمة الجنح بنظر الدعوى تأسيساًًً على أن سوابق المتهم تجعله عائداً عوداً يجعل الواقعة جناية مع أن هذه السوابق لا توفر في حقه هذا الوصف.
وحيث إنه يبين من مطالعة صحيفة الحالة الجنائية للمتهم المرافقة للمفردات التي أمرت المحكمة بضمها تحقيقاً لوجه الطعن، أن سوابقه لا تجعل الواقعة جناية طبقاً لأحكام العود وأن ما أسنده إليه الحكم المطعون فيه من سوابق هي لوالده عبد الغنى محمد عثمان، وقد ترتب على ذلك خطأ آخر هو الحكم بعدم اختصاص محكمة الجنح بنظر الدعوى على أساس أن الواقعة جناية والواقع أنها جنحة ينعقد الاختصاص بنظرها لمحكمة الجنح دون محكمة الجنايات. لما كان ما تقدم، وكان الحكم المطعون فيه الصادر بعدم الاختصاص يدل وفقاً للبيانات الواردة به على خطأ المحكمة فيما ذهب إليه ويفيد في الوقت عينه أن الواقعة التي تحدث عنها لا شبهة فيها لجناية، ولما كان الحكم بعدم الاختصاص لا يجوز الطعن فيه بطريق النقض لأنه غير منه للخصومة أمام جهة الحكم في الدعوى، غير أنه متى كان هذا الحكم سيقابل حتماً من المحكمة التي قيل باختصاصها بحكم آخر بعدم اختصاصها هي الأخرى فإن محكمة النقض لا يسعها إلا أن تعتبر الطعن طلباً بتعيين المحكمة التي يكون الفصل في الدعوى من اختصاصها وتقبله على أساس ما وقع من خطأ ظاهر في الحكم وتعين محكمة الجنح المستأنفة بالإسكندرية للفصل في الدعوى.

الطعن 2755 لسنة 32 ق جلسة 8 / 4 / 1963 مكتب فني 14 ج 2 ق 60 ص 295


جلسة 8 من إبريل سنة 1963
برياسة السيد/ محمد متولي عتلم نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمود حلمي خاطر، وعبد الحليم البيطاش، ومختار رضوان، ومحمد صبري.
------------
(60)
الطعن رقم 2755 لسنة 32 القضائية

(أ) تفتيش. دفوع. "الدفع ببطلان التفتيش".
الدفع ببطلان التفتيش إنما شرع للمحافظة على حرمة المكان. التمسك ببطلان تفتيش المكان لا يقبل من غير حائزة. إن لم يثره فليس لغيره أن يبديه، ولو كان يستفيد منه، علة ذلك: هذه الفائدة لا تلحق الغير إلا عن طريق التبعية وحدها. مثال.
(ب) تلبس. قبض. تفتيش.
التلبس حالة تلازم الجريمة ذاتها لا مرتكبيها. قيام حالة التلبس يبيح القبض على كل من ساهم في ارتكابها ويجيز تفتيشه. مثال.
)جـ، د، هـ، و) مواد مخدرة. جريمة. قصد جنائي. حكم. "تسبيبه". "تسبيب غير معيب". "ما لا يعيب الحكم في نطاق التدليل". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". نقض. "أسبابه. ما لا يقبل منها".
)جـ) لا يشترط لاعتبار الجاني حائزاً لمادة مخدرة أن يكون محرزاً مادياً لها. يكفى لاعتباره كذلك: أن يكون سلطانه مبسوطاً عليها ولو لم تكن في حيازته المادية، أو كان المحرز للمخدر شخصاً غيره. مثال.
)د) لا يلزم في القانون أن يتحدث الحكم استقلالاً عن الركن المادي لجريمة إحراز المخدر. يكفى: أن يكون فيما أورده من وقائع وظروف، ما يكفى للدلالة على قيامه. استناد الحكم في إدانة الطاعن على أدلة صحيحة وسائغة استمدها من أقوال شهود الإثبات. النعي عليه بالقصور في التدليل. لا محل له.
)هـ) إيراد الحكم تفصيلات لا تتصل بجوهر الواقعة. تزيد: لا تأثير له على سلامته ما دام الطاعن لا ينازع في صحة ما أورده الحكم بشأنها. وأن لها مأخذها الصحيح من أوراق الدعوى.
)و) لمحكمة الموضوع أن تزن أقوال الشهود، فتأخذ منها بما تطمئن إليه في حق أحد المتهمين وتطرح ما لا تطمئن إليه منها في حق متهم آخر. لا يعد هذا تناقضاً يعيب حكمها. ما دام يصح في العقل أن يكون الشاهد صادقاً في ناحية من أقواله وغير صادق في شطر آخر منها. وما دام تقدير الدليل موكول إلى اقتناع المحكمة وحدها. المجادلة في هذا الأمر أمام محكمة النقض. لا تصح.

----------------
1 - الدفع ببطلان التفتيش إنما شرع للمحافظة على حرمة المكان، ومن ثم فإن التمسك ببطلان تفتيشه لا يقبل من غير حائزة، فإن لم يثره فليس لغيره أن يبديه ولو كان يستفيد منه، لأن هذه الفائدة لا تلحقه إلا عن طريق التبعية وحدها. ولما كان الثابت مما حصله الحكم عن واقعة الدعوى أن المخدرات ضبطت في سيارة للقوات الجوية كان يقودها سائقها بعلم رياسته وأن تفتيشاً لم يقع على شخص الطاعن فيسفر عن ضبط مخدر معه، فإنه لا يقبل منه الدفع ببطلان تفتيش تلك السيارة أو بطلان الإذن الصادر بتفتيشها لأنه لا صفة له في التحدث عن ذلك.
2 - من المقرر في صحيح القانون أن التلبس حالة تلازم الجريمة ذاتها لا مرتكبها، وأن قيام حالة التلبس يبيح القبض على كل من ساهم في ارتكابها ويجيز تفتيشه. وإذا كان الحكم المطعون فيه قد أثبت أن السائق المبلغ ساير الطاعنين تظاهرا منه وبعلم رياسته وبالاتفاق مع رجال القوة حتى تم تسليم المخدرات له، فنقلها إلى رجال القوة وتم ضبطها، واستدل الحكم من ذلك على قيام حالة التلبس بالجريمة التي تجيز القبض على كل من ساهم في ارتكابها، فإنه يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً.
3 - لا يشترط لاعتبار الجاني حائزاً لمادة مخدرة أن يكون محرزاً مادياً للمادة المضبوطة، بل يكفى لاعتباره كذلك أن يكون سلطانه مبسوطاً عليها ولو لم تكن في حيازته المادية أو كان المحرز للمخدر شخصاً غيره. ولما كان يبين من مدونات الحكم أن الطاعنين اتفقا مع السائق المبلغ على نقل كمية من المخدرات في سيارته بطريقة وفى موعد معينين ومحددة تفاصيلها، وأنه تسلم المخدرات على نحو يطابق خطتهما ونقلها إلى منزل الطاعن الثاني على ما اتفق عليه فأسرع الأخير إلى داخل السيارة وطلب منه التوجه إلى منزل الطاعن الأول الذي قفز بدوره إلى داخل السيارة وطلبا منه الانطلاق إلى مكان محدد بعلامة معينة، إلى أن تمكن رجال الشرطة من القبض عليهما وضبط المخدرات، وهو ما يكفى للدلالة على توافر الركن المادي لجريمة إحراز المخدر في حق الطاعنين وإلى علمهما بكنه وبحقيقة المادة المضبوطة، بما يتوافر به القصد الجنائي العام في هذه الجريمة.
4 - لا يلزم في القانون أن يتحدث الحكم استقلالاً عن الركن المادي لجريمة إحراز المخدر، بل يكفى أن يكون فيما أورده من وقائع وظروف - ما يكفى للدلالة على قيامه. ولما كان الثابت مما أورده الحكم المطعون فيه أنه استند في إدانة الطاعن إلى أدلة صحيحة وسائغة استمدها من أقوال شهود الإثبات التي حصل مؤداها تفصيلاً، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم بدعوى القصور في التدليل يكون في غير محله.
5 - لا يعيب الحكم أن يورد تفصيلات لا تتصل بجوهر الواقعة، ما دام الطاعن لا ينازع في صحة ما أورده الحكم بشأنها، وأن لها مأخذها الصحيح من أوراق الدعوى، لأن ذلك لا يعدو أن يكون تزيداً لا تأثير له على سلامته.
6 - لمحكمة الموضوع إن تزن أقوال الشهود، فتأخذ منها بما تطمئن إليه في حق أحد المتهمين وتطرح ما لا تطمئن إليه منها في حق متهم آخر، دون أن يكون هذا تناقضا يعيب حكمها، ما دام يصح في العقل أن يكون الشاهد صادقاً في ناحية من أقواله وغير صادق في شطر آخر منها، وما دام تقدير الدليل موكولاً إلى اقتناعها وحدها، ولا يحق المجادلة في هذا الأمر أمام محكمة النقض.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين وآخرين: بأنهم في يومي 3 و4/ 10/ 1960 بدائرة محافظتي سيناء والإسماعيلية: أولاً - المتهمون جميعاً: اشتركوا في اتفاق جنائي الغرض منه ارتكاب جناية نقل جواهر مخدرة المعاقب عليها بمقتضى المادة 34/ أ من القانون رقم 182 لسنة 1960 - بشأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها - وذلك بأن اتفقوا على نقل المخدرات المبينة الوصف والمقدار بالأوراق من سيناء إلى صحراء أبى سلطان: ثانياً - المتهمان الأول والثاني: "أحرزا بقصد الاتجار جواهر مخدرة "حشيشاً وأفيوناً" في غير الأحوال المصرح بها قانوناً" - ثالثاً - المتهم الرابع "تعدى مع آخر انقضت الدعوى الجنائية بوفاته - على موظفين عموميين قائمين على تنفيذ القانون رقم 182 لسنة 1960 - بشأن مكافحة المخدرات - وهم خفر السواحل المكلفون بضبطهما حالة كونهما حاملين سلاحين ناريين "بندقية ومسدس". رابعاً - المتهم الرابع أيضاً: (أ) أحرز بغير ترخيص سلاحاً نارياً مششخناً "بندقية لي انفيلد" (ب) أحرز ذخيرة "طلقات" مما تستعمل في السلاح الناري سالف الذكر دون أن يكون مرخصاً له في إحرازه أو حيازته. وأحالتهم إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهم بالمواد 48/ 1 و2 من قانون العقوبات والمواد 1 و34/ 1 و 36 و40/ 1 و42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 والبندين 1 و12 من الجدول رقم 1 الملحق به والمواد 1 و6 و26/ 2 و4 و30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقمي 546 لسنة 1954 و75 لسنة 1958 والجدول رقم 3 المرفق. ولدى نظر الدعوى أمام محكمة جنايات بورسعيد دفع الحاضر مع المتهمين الأول والثاني ببطلان إذن التفتيش كما دفع الحاضر مع المتهم الثالث والرابع ببطلان القبض والتفتيش. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً بتاريخ 16 سبتمبر سنة 1961 عملاً بالمواد 48/ 1 و2 من قانون العقوبات والمواد 1 و34/ 1 و42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 والبندين 1 و12 من الجدول رقم 1 المرفق به مع تطبيق المادة 34/ أ من القانون المذكور بالنسبة للمتهمين الأول والثاني والمادتين 304/ 1 و381/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية مع المادة 30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 بالنسبة للمتهمين الثالث والرابع: أولاً - بمعاقبة كل من المتهمين الأول والثاني (الطاعنين) بالأشغال الشاقة المؤبدة وغرامة 3000 جنيه ومصادرة المواد المخدرة المضبوطة. وثانياً - ببراءة كل من المتهمين الثالث والرابع مما أسند إليهما وبمصادرة السلاح والذخيرة المضبوطة. وقد ردت المحكمة في أسباب حكمها على الدفوع التي أثارها الدفاع. قائلة بأنها في غير محلها. فطعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض.... الخ.

المحكمة
حيث إن مبنى الطعن المقدم من الطاعن الأول هو الخطأ في القانون والقصور في البيان والقصور والفساد في التسبيب ذلك أن الدفاع عنه دفع ببطلان إذن التفتيش لصدوره إلى ضابطين من قوة السواحل لضبط المتهمين بدائرة قسمي البستان والضواحي مع أن هاتين الجهتين تخرجان عن اختصاصها المحدد بالمنطقة الجمركية كما دفع ببطلان القبض والتفتيش لإجرائه بدائرة قسم الضواحي مع أن الإذن صدر من وكيل نيابة البستان بيد أن الحكم رفض الدفعيين بمقولة إنه لا يقبل إلا من حائز السيارة التي وقع عليها التفتيش المدعى ببطلانه وبذلك فليس للطاعن صفة في التحدث عنه مع أن من حقه أن يستغل حق حائز السيارة التي فتشت ما دامت له مصلحة ثابتة في التمسك ببطلان تفتيشها. ثم إن الحكم خلص إلى أن الجريمة أصبحت - منذ قدم السائق المخدرات لرجال القوة - في حالة تلبس تجيز الضبط والتفتيش مع أن الطاعن لم يكن في السيارة في ذلك الوقت حتى يقال إنه كان في حالة تلبس تجيز القبض عليه أو تفتيشه سواء في ذلك تفتيشه شخصياً أو تفتيش السيارة الموجود بها كما لم يتحدث الحكم عن علم الطاعن وزميله بأن السيارة التي ضبطا بها، كان بها مخدر. ثم إن الحكم دان الطاعن بجريمة إحراز المخدر وأوقع عليه العقوبة المقررة لها باعتبارها عقوبة الجريمة الأشد في جريمة الاتفاق الجنائي المرتبطة بها دون أن يعنى بالتحدث عن ثبوت الحيازة في حق الطاعن كواقعة مادية تستوجب التدليل عليها خاصة وأن مفاد ما أورده الحكم عن واقعة الدعوى وما حصله من أقوال شهود الإثبات أن يد الطاعن لم تتصل بالمخدر المضبوط وأن السيارة التي ضبط بها المخدر كانت في حيازة سائقها. كما استند الحكم في إدانة الطاعن إلى أقوال شهود الإثبات دون أن يعنى بالرد على المطاعن الموجهة إليها.
وحيث إن النيابة العامة اتهمت الطاعنين وآخرين قضى ببراءتهما بأنهم اشتركوا في اتفاق جنائي الغرض منه ارتكاب جناية نقل جواهر مخدرة بأن اتفقوا على نقلها من سيناء إلى صحراء أبى سلطان وبأن الطاعنين حازا وأحرزا بقصد الاتجار حشيشاً وأفيوناً في غير الأحوال المصرح بها قانوناً وحصل الحكم المطعون فيه واقعة الدعوى في أن الطاعنين عرضا على عبد المنعم زكى عباس السائق بالقوات الجوية أن يعاونهما في نقل كمية من المخدرات من الضفة الشرقية لقنال السويس إلى الضفة الغربية فتظاهر بالموافقة وأبلغ رئيسه الرائد جلال الشناوي بذلك فأحاله إلى أركان حرب الشرطة الجوية النقيب سعيد أحمد لطفي كفافى الذي كلفه بمسايرة الطاعنين وإبلاغه بما يجد من تطورات. ولما تم الاتفاق على أجر النقل وتحدد مكان التسليم ووسيلة التعرف بكلمات السر أبلغ السائق تلك المعلومات إلى النقيب سعيد لطفي كفافى الذي أخطر بها قائد المخابرات وقائد قسم سواحل الإسماعيلية ونظموا جميعاً خطة سير السيارة.... وفى الموعد المحدد قاد السائق سيارته إلى حيث العلامة المتفق عليها مكاناً لتسليم المخدرات فتوقف بسيارته حيث أقبل عليه أعرابي تبادل معه كلمات السر ثم أنصرف وعاد إليه بعد بضع دقائق ومعه أربعة آخرون حاملين أسلحتهم - ومن بينهم الأعرابي الذي حضر الاتفاق بينه وبين الطاعنين - ويقودون جملاً يحمل كمية من المخدرات قاموا بنقلها إلى داخل السيارة وأهداه أولهم لفافتين من الأفيون. ثم عاد السائق إلى حيث التقى برجال القوة في مكمنهم وأطلعهم على ما حدث وسلم الضابط لفافتي الأفيون ثم توجهوا جميعاً إلى قسم السواحل حيث نقلوا المخدرات وعينت عليها الحراسة الكافية إلا بعضها وضع جزء منها داخل صندوق ذخيرة بالسيارة ووضع جزء آخر أسفل مقعد السائق ووضعت لفتان من الأفيون بجواره ثم اتجه بالسيارة - وفى أثره رجال القوة بسيارة أخرى - إلى منزل الطاعن الثاني المتفق عليه مكاناً للتسليم ونادي السائق عليه فخرج مسرعاً وقفز إلى داخل السيارة وطلب منه التوجه إلى منزل الطاعن الأول الذي أسرع بدوره إلى داخل السيارة وطلب منه الانطلاق في طريق الإسماعيلية - السويس الصحراوي وفى الطريق كشفاً له عن مكان التسليم المحدد بعلامة معينة على يمين الطريق وعندئذ هدأ من سرعة سيارته - وفقاً لما اتفق عليه مع رجال القوة من تهدئة سرعة السيارة فور علمه بالمكان المحدد لتسليم المخدرات - فلحقوا به وقبضوا على الطاعنين ونقلوهما إلى السيارة الأخرى ثم احتل بعضهم أماكن من سيارة نقل المخدرات واتجهوا بها إلى العلامة المحددة حيث أعطى سائقها إشارة الضوء المتفق عليها فأقبل المتهم الثالث فقبضوا عليه ثم أقبل الرابع ومعه آخر فألقى إليهما رجال القوة بصندوق المخدرات وما أن هما بحمله حتى هجمت عليهما القوة فركنا إلى الفرار وأطلقت أعيرة نارية على أفراد القوة فردوا اتجاهها بالمثل وأصيب الأخير بإصابات أودت بحياته واستند الحكم في إدانة الطاعنين إلى أقوال الشهود وتقرير التحليل. وعرض الحكم المطعون فيه إلى الدفع ببطلان إذن التفتيش واطرحه في قول"ومن حيث إن الدفاع عن المتهمين دفع ببطلان إذن التفتيش أصدرته نيابة البستان لأن الضبط تم في دائرة قسم الضواحي ولأن الإذن أعطى الضابطين أحمد زكى عبد الحليم وكامل البهنساوى الحق في ضبط وتفتيش المتهمين الأول والثاني - الطاعنين - في البستان أو الضواحي وكلتا الجهتين تخرجان عن اختصاصهما المحدد بالمنطقة الجمركية لأنهما من قوة السواحل ولأن الإذن تضمن تفتيش السيارة 2334/ 6 والضبط وقع على السيارة رقم 1093/ 6 وهذا الدفع مردود أولاً بأن الذي يتمسك بالدفع هو من وقع عليه التفتيش المدعي ببطلانه والسيارة هي التي ضبط المخدر بها وليس للمتهمين الأول والثاني صفة في التحدث عن حيازة هذه السيارة لأنها كانت في حيازة السائق وقوة الشرطة وثانياً لأن الجريمة كانت في حالة تلبس منذ أن قدم الشاهد السائق المخدرات للقوة عند الشط وهذه الحالة تجيز الضبط والتفتيش وثالثاً لأن المتهمين الأول والثاني لم يفتشا وإنما ضبطا عند وجودهما في السيارة التي كانت تحوى المخدرات" لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم فيما تقدم صحيحاً في القانون. ذلك أن الدفع ببطلان التفتيش إنما شرع للمحافظة على حرمة المكان ومن ثم فإن التمسك ببطلان تفتيشه لا يقبل من غير حائزه، فإن لم يثره فليس لغيره أن يبديه ولو كان يستفيد منه لأن هذه الفائدة لا تلحقه إلا عن طريق التبعية وحدها، وطالما كان الثابت مما حصله الحكم عن واقعة الدعوى أن المخدرات ضبطت في سيارة للقوات الجوية كان يقودها سائقها بعلم رياسته وأن تفتيشاً لم يقع على شخص الطاعنين فيسفر عن ضبط مخدر معهما، فإنه لا يقبل من الطاعن الدفع ببطلان تفتيش تلك السيارة أو بطلان الإذن الصادر بتفتيشها لأنه لا صفة له في التحدث عن ذلك. لما كان ذلك، وكان من المقرر في صحيح القانون أن التلبس حالة تلازم الجريمة ذاتها لا مرتكبيها، وأن قيام حالة التلبس يبيح القبض على كل من ساهم في ارتكابها ويجيز تفتيشه وإذ كان الحكم المطعون فيه قد أثبت أن السائق المبلغ ساير الطاعنين تظاهراً منه وبعلم رياسته وبالاتفاق مع رجال القوة حتى تم تسليم المخدرات له فنقلها إلى رجال القوة وتم ضبطها واستدل الحكم من ذلك على قيام حالة التلبس بالجريمة التي تجيز القبض على كل من ساهم في ارتكابها، فإنه يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً، على أنه لا جدوى للطاعن من التحدث عن بطلان القبض عليه وتفتيشه لآن تفتيش شخصه لم يسفر عن ضبط شيء من المخدرات التي دانه الحكم عن إحرازها. لما كان ذلك، وكان يبين من مدونات الحكم أن الطاعنين اتفقا مع السائق المبلغ على نقل كمية من المخدرات في سيارته بطريقة وفى موعد معين ومحددة تفاصيلهما، وأنه تسلم المخدرات على نحو يطابق خطتهما ونقلها إلى منزل الطاعن الثاني على ما اتفق عليه فأسرع الأخير إلى داخل السيارة وطلب منه التوجه إلى منزل الطاعن الأول الذي قفز بدوره إلى داخل السيارة وطلبا منه الانطلاق إلى مكان محدد بعلامة معينة في الطريق الصحراوي إلى أن تمكن رجال الشرطة من القبض عليهما وضبط المخدرات وهو ما يكفى للدلالة على توافر الركن المادي إحراز المخدر في حق الطاعنين وإلى علمهما بكنه وبحقيقة المادة المضبوطة بما يتوافر به القصد الجنائي العام في هذه الجريمة، ذلك أنه لا يشترط لاعتبار الجاني حائزاً لمادة مخدرة أن يكون محرزاً مادياً للمادة المضبوطة، بل يكفى لاعتباره كذلك أن يكون سلطانه مبسوطا عليها ولو لم تكن في حيازته المادية أو كان المحرز للمخدر شخصاً غيره، ولا يلزم في القانون أن يتحدث الحكم استقلالا عن هذا الركن بل يكفى أن يكون فيما أورده من وقائع وظروف - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - ما يكفى للدلالة على قيامه. لما كان ذلك، وكان الثابت مما أورده الحكم المطعون فيه أنه استند في إدانة الطاعن إلى أدلة صحيحة وسائغة استمدها من أقوال شهود الإثبات التي حصل مؤداها تفصيلاً ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم بدعوى القصور في التدليل يكون في غير محله - لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض للمطاعن التي وجهها الطاعنان ورد عليها بقوله "وحيث إن المتهمين الأول والثاني طعناً بلسان محاميهما في صحة أقوال الشهود طعونا غير مجدية فقالا إنهما أخذا من منزليهما بالقوة واستشهدا بأحد الأهالي واسمه محمد محمد علي خطاب فشهد هذا أمام النيابة في 31/ 10/ 1960 بأنه في ليلة 4/ 10/ 1960 كان يسير في الطريق الساعة 2 صباحاً ووجد عربة جيش واقفة أمام منزل المتهم الثاني وأن شخصاًً ينادى عليه باسمه "كمال" وأنه عند عودته وجد شخصاًًً نازلاًً من العربة يرتدى جلباباًًًً أبيضاًًًً وشخصاًً آخر ممسكاًًً في يده بشيء مثل المسدس يلمع ووضعه في ظهره وأنه كان بينه وبين السيارة حوالي 40 متراً والمحكمة لا تأخذ بهذا الدفاع لأن هذا الشاهد لو كان صادقاًًً لما تأخر في الشهادة حوالي شهر ولأن بعد المسافة بينه وبين السيارة كاعترافه لا يسمح له بالتحقق من الرؤيا والمحكمة تأخذ بأقوال شهود الإثبات وتطمئن إليها كل الاطمئنان وأما القول بأن الشاهد الأول لم يأخذ شيئاً من أجره مقدماًًً فمردود بأن هذا غير متحتم من جهة وبأنه كان ينوي التبليغ عن الحادث من جهة أخرى ومن ثم لم يكن مهتماً بقبض أجره" ولما كانت محكمة الموضوع قد أخذت بشهادة شهود الإثبات فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ولا يجوز الجدل في ذلك أمام محكمة النقض. ومع ذلك فقد رد الحكم على هذه المطاعن بما يسبغ اطراحه لها، ومن ثم فإن الطعن لا يكون قائماً على أساس سليم ويتعين لذلك رفضه.
وحيث إن مبنى الطعن المقدم من الطاعن الثاني هو الفساد والقصور والتناقض في التسبيب والخطأ في القانون ذلك أن الحكم المطعون فيه جاء في صيغة مبهمة وقام على أسباب مرسلة لا تنهض دليلاً على ما قضى به فضلاًً عن قصوره في إيراد بعض الوقائع بما لا يتصل بموضوع الدعوى كواقعة ذهاب السائق الشاهد الأول إلى العريش وعودته منها ثم إنه استند إلى أقوال شهود الإثبات في إدانة الطاعن ولم يأخذ بشهادتهم بالنسبة للمتهمين الثالث والرابع اللذين قضى ببراءتهما. ولم يعن الحكم بالتدليل على واقعة حيازة الطاعن للمواد المخدرة ولم يورد سند ما خلص إليه من اعتبار الطاعن محرزاًًً لها كما لم يعن أيضاًًًً بالرد على ما أثاره الطاعن في دفاعه من أنه لا يمكن نسبة حيازة المخدر إليه لانعدام الرقابة على الشاهد الأول ولعدم القبض على الأعرابي الذي قدم المخدرات إليه للتحقق من مصدرها وصاحبها ولنقل المخدرات إلى قسم الساحل والعبث بها دون تحرير محضر بما تم فيها ولأن ما حدث من وقائع يخالف ما ادعاه الشاهد الأول من اتفاق مع الطاعنين ثم إن الطاعن دفع ببطلان القبض عليه وبطلان التفتيش الذي قام به رجال السواحل خارج دائرة اختصاصهم وبطلان الإذن لصدوره من غير مختص وما أورده الحكم عن هذا الدفع لا يصلح رداً عليه فضلاً عن قصوره عن الرد على بطلان القبض وتجاوز رجال السواحل دائرة اختصاصهم.
وحيث عن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دين الطاعن بها، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مردودة إلى أصلها تؤدى إلى ما رتبه عليها. لما كان ذلك، وكان لا يعيب الحكم أن يورد تفصيلات لا تتصل بجوهر الواقعة ما دام الطاعن لا ينازع في صحة ما أورده الحكم بشأنها وأن لها مأخذها الصحيح من أوراق الدعوى، ومن ثم فإن ما عرض له الحكم من توجه السائق إلى العريش وعودته منها لا يعدو أن يكون تزيداً لا تأثير له على سلامته. لما كان ذلك، وكان لمحكمة الموضوع أن تزن أقوال الشهود فتأخذ منها بما تطمئن إليه في حق أحد المتهمين وتطرح ما لا تطمئن إليه منها في حق متهم آخر، دون أن يعد هذا تناقضاً يعيب حكمها، ما دام يصح في العقل أن يكون الشاهد صادقاً في ناحية من أقواله وغير صادق في شطر آخر منها، وما دام تقرير الدليل موكول إلى اقتناعها وحدها، ومن ثم فلا يحق للطاعن المجادلة في هذا الأمر أمام محكمة النقض لتعلقه بواقعة الدعوى، أما ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه من اطراحه ما أثاره من مطاعن حول أقوال الشاهد الأول وانعدام الرقابة عليه وعدم القبض على الأعرابي الذي سلمه المخدرات والعبث بها بقسم السواحل دون تحريزها، فلا يعدو أن يكون دفاعاً موضوعياً مما لا تلتزم محكمة الموضوع بالرد عليه صراحة في حكمها، ما دام أن الرد على ذلك مستفاد ضمناً من الحكم بالإدانة استناداً إلى أدلة الإثبات التي أوردها. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن من قصور الحكم في التدليل على حيازة الطاعن للمخدرات ومن اعتباره محرزاً لها وقصوره في الرد على الدفع ببطلان القبض والتفتيش وبطلان الإذن، قد سبق أن تناولته هذه المحكمة في ردها على أوجه الطعن المقدمة من الطاعن الأول، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم لا يكون له محل.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن برمته على غير أساس متعيناً رفضه.

الطعن 2741 لسنة 32 ق جلسة 1 / 4 / 1963 مكتب فني 14 ج 2 ق 57 ص 280


جلسة أول إبريل سنة 1963
برياسة السيد المستشار/ السيد أحمد عفيفي، وبحضور السادة المستشارين: محمود حلمي خاطر، وعبد الحليم البيطاش، ومختار مصطفى رضوان، ومحمد صبري.
------------------
(57)
الطعن رقم 2741 لسنة 32 القضائية

حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب". دفوع. "الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها" "الدفع بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة". حجية الشيء المحكوم فيه. دعوى جنائية "انقضاؤها". "بناء".
(أ) قضاء الحكم برفض الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها في دعوى أخرى. اقتصاره على إيراد وصف التهمة المرفوعة بها الدعوى الأخيرة بأنها "إقامة بناء مخالف لشروط الترخيص والاشتراطات القانونية". انتهاؤه إلى أن ثمة مغايرة بين هذه الأعمال والاتهام موضوع الدعوى المطروحة. عدم إفصاحه عن أساس هذه المغايرة. ثبوت أن من بين الأفعال موضوع الاتهام المطروح ما قد يندرج في عداد مخالفة شروط الترخيص والاشتراطات القانونية. قصور يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
(ب) قضاء الحكم برفض الدفع بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة. عدم تحديده تاريخ وقوعها بالضبط حتى يمكن احتساب مدة الثلاث سنوات المسقطة لها. قصور يعيب الحكم في الرد على هذا الدفع القانوني بما يستوجب نقضه. مثال.

---------------
1 - لما كان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه إذ قضى برفض الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها في دعوى أخرى، قد اقتصر على إيراد وصف التهمة المرفوعة بها الدعوى الأخيرة بأنها - إقامة بناء مخالف للرسومات والمستندات التي منح على أساسها الترخيص وعدم مراعاته الاشتراطات القانونية - وخلص إلى أن ثمة مغايرة بين هذه الأفعال والاتهام المسند للطاعن في الدعوى المطروحة دون أن يفصح عن أساس هذه المغايرة وكيف انتهى من واقع الأوراق إلى أن هذه الأفعال غير التي سبق محاكمته عنها، وخاصة أن من بين هذه الأعمال ما قد يندرج في عداد مخالفة شروط الترخيص والاشتراطات القانونية مما يعيب الحكم بالقصور ويستوجب نقضه.
2 - متى كان الحكم قد قضى برفض الدفع بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة، واستند في قضائه إلى أن الأفعال موضوع المخالفة قد وقعت في عام 1956 - حسب الثابت من محضر ربط العوائد - دون أن يحدد تاريخ وقوعها بالضبط حتى يمكن احتساب مدة الثلاث سنوات المسقطة للدعوى الجنائية، في حين أن محضر الضبط حرر في 28/ 2/ 1959، وكان تاريخ ربط العوائد لا يعتبر - في حد ذاته - تاريخاً لموضوع الواقعة، الأمر الذي يعيب الحكم بالقصور في الرد على هذا الدفع القانوني، إذ يحرم محكمة النقض من مراقبة سلامة تطبيق القانون على الواقعة، مما يستوجب نقضه والإحالة.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 28 فبراير سنة 1959 بدائرة بندر سوهاج "أولا: أقام بناء يزيد ارتفاعه عن القدر المقرر قانوناً ثانياً: لم يراع المساحة المقررة في نهاية بروز المظلات والمباني المجاوزة. ثالثاً: لم يرتد الارتداد القانوني عند إقامته المباني. رابعاً: أقام درج سلم المبنى بعرض غير قانوني. وطلبت عقابه بالمواد 1 و14 و20 و21 و29 و30 و33 و34 من القانون رقم 656 لسنة 1954 وفى أثناء نظر الدعوى أمام محكمة جنح سوهاج الجزئية دفع الحاضر مع المتهم بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها في القضية رقم 2246 لسنة 1957 بندر سوهاج التي قضى فيها بانقضاء الدعوى العمومية لمضى أكثر من ثلاث سنوات على إقامة المباني. وقضت المحكمة المذكورة حضورياً بتاريخ 13 نوفمبر سنة 1960 عملاً بمواد الاتهام مع تطبيق المادة 32 من قانون العقوبات أولاً: برفض الدفع بانقضاء الدعوى الجنائية. وثانياً: بتغريم المتهم مائة قرش عن جميع التهم وتصحيح الأعمال المخالفة. استأنف المتهم هذا الحكم ومحكمة سوهاج الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بتاريخ 16 مايو سنة 1961 بقبول الاستئناف شكلاً وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف بلا مصروفات. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.

المحكمة
حيث إن مبنى الطعن هو الفساد في الاستدلال والقصور في البيان ذلك أن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه رفض الدفع الذي أبداه الطاعن بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها في القضية رقم 1225 سنة 1958 استئناف سوهاج بمقولة إنه تبين من الاطلاع على هذه القضية أن الاتهام المسندة إليه هو إقامة بناء مخالف للرسومات والمستندات التي صدر الترخيص على أساسها مما يخالف موضوع الاتهام المسند إليه في الدعوى موضوع الطعن مع أن التهم المسندة إليه في الدعوى الأخيرة ما هي إلا مخالفات للرسومات والمستندات التي صدر الترخيص على أساسها وكان على المحكمة إذا ما ارتابت في أن موضوع الدعويين واحد أن تندب خبيراً لمعاينة البناء وبيان ما إذا كانت المخالفات موضوع الدعويين واحدة أو مختلفة. ومن ناحية أخرى فقد قضت المحكمة برفض الدفع بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة مستندة في ذلك إلى أن الأعمال موضوع المخالفة تمت في عام 1956 حسب الثابت من محضر العوائد المؤرخ 20/ 2/ 1956 وأنه بذلك لا تكون المدة المسقطة للدعوى الجنائية قد انقضت يوم تحرير المحضر في 28/ 2/ 1959 بيد أن هذا الرد مشوب بعيوب ثلاثة أولها: أنه خالف ما أثبته الحكم الصادر في القضية رقم 1225 سنة 1958 مستأنف سوهاج - الذي انتهى إلى القضاء بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة وحاز قوة الشيء المحكوم فيه على أساس أن البناء مكون من ست طوابق وأنه تم في أوائل عام 1954 وفقاً لتقرير الخبير الذي ندبته المحكمة في تلك الدعوى ومن مقتضى ذلك - وقد وقعت المخالفات في الدعوى موضوع الطعن في الأدوار الأربعة الأول - أن تكون هذه الأدوار قد تم بناؤها في أوائل عام 1945. والعيب الثاني أن محضر ربط العوائد لا يعد دليلاً على تمام البناء في تاريخ ربط العوائد إذ يجوز أن يتم البناء ويتراخى ربط العوائد عليه لأي مبرر كتراخي المالك في التبليغ أو عدم سكنى المبنى فور تمامه - وأخيراً فإن الحكم لم يحدد اليوم الذي تم البناء فيه من عام 1956 مع ما لهذا التحديد من أهمية في احتساب مدة سقوط الدعوى خاصة وأن محضر الضبط حرر في 28/ 2/ 1959.
وحيث إن الدعوى الجنائية أقيمت على الطاعن لأنه في يوم 28/ 2/ 1959 بدائرة بندر سوهاج أولاً: أقام بناء يزيد ارتفاعه عن القدر المقرر قانوناً. ثانياً: لم يرتد الارتداد القانوني المقرر عند إقامة المبنى. ثالثاً: لم يراع المساحة المقررة من نهاية بروز المطلات والمباني المجاورة. رابعاً: أقام درج سلم المبنى بعرض غير قانوني. وطلبت النيابة معاقبة بالمواد 1، 14، 20، 21، 29، 30، 33، 34 من القانون رقم 656 لسنة 1954 والقرار رقم 767 لسنة 1955. ومحكمة أول درجة قضت حضورياً في 13/11/ 1960 برفض الدفع بانقضاء الدعوى الجنائية وبتغريم الطاعن 100 قرش عن جميع التهم وتصحيح الأعمال المخالفة فاستأنفت هذا الحكم ومحكمة ثاني درجة قضت حضورياً في 16/ 5/ 1961 بقبول الاستئناف شكلاً وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. لما كان ذلك، وكان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد عرض إلى ما دفع به الطاعن من عدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها في الجنحة رقم 2246 سنة 1957 بندر سوهاج المقيدة برقم 1225 سنة 1958 استئناف سوهاج وأطرح هذا الدفع في قوله "وحيث إنه بالاطلاع على القضية رقم 2246 سنة 1957 بندر سوهاج تبين أنها مقيدة ضد نفس المتهم - الطاعن - لأنه في تاريخ 16 من نوفمبر سنة 1957 أقام بناء مخالف للرسومات والمستندات التي منح على أساسها الترخيص كما لم يراع الاشتراطات المقررة قانوناً وقد قضى عليه فيها بجلسة 16/ 2/ 1958 بتغريمه 100 قرش وتصحيح الأعمال... وأنه يبين مما تقدم أن موضوع المخالفات المنسوبة للمتهم في هذه الأعمال تغاير كل التغيير المخالفات التي حوكم من أجلها في الدعوى المنضمة. ثم عرض للدفع بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة لمضى أكثر من ثلاث سنوات سابقة على تحرير المحضر ورد عليه بقوله "وحيث إن الدفع لا أساس له ذلك أن الأعمال موضوع هذه الدعوى تمت في سنة 1956 حسب الثابت من محضر ربط العوائد المؤرخ 20/ 2/ 1956 الذي تقدم به الشاهد بالجلسة ومن ثم تكون المدة القانونية اللازمة لانقضاء الدعوى الجنائية لما تنقضي بعد إذ أن محضر المخالفة حرر في 28/ 2/ 1959". لما كان ذلك، وكان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه إذ قضى برفض الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها في الجنحة رقم 2246 سنة 1957 بندر سوهاج قد اقتصر على إيراد وصف التهمة المرفوعة بها الدعوى الأخيرة بأنها إقامة بناء مخالف للرسومات والمستندات التي منح على أساسها الترخيص وعدم مراعاته الاشتراطات القانونية وخلص إلى أنه ثمة مغايرة بين هذه الأفعال والاتهام المسند للطاعن في الدعوى المطروحة دون أن يفصح عن أساس هذه المغايرة وكيف انتهى من واقع الأوراق إلى أن هذه الأفعال غير الذي سبق محاكمته عنها خاصة وأن من بين هذه الأعمال ما قد يندرج في عداد مخالفة شروط الترخيص والاشتراطات القانونية مما يعيب الحكم بالقصور. لما كان ذلك، وكان الحكم قد قضى برفض الدفع بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة واستند في قضائه إلى أن الأفعال موضوع المخالفة قد وقعت في عام 1956 دون أن يحدد تاريخ وقوعها بالضبط حتى يمكن احتساب بدء مدة الثلاث سنوات المسقطة للدعوى الجنائية في حين أن محضر الضبط حرر في 28/ 2/ 1959 وكان تاريخ ربط العوائد لا يعتبر - في حد ذاته - تاريخاً لموضوع الواقعة الأمر الذي يعيب الحكم أيضاً بالقصور في الرد على هذا الدفع القانوني إذ يحرم هذه المحكمة من مراقبة سلامة تطبيق القانون على الواقعة. لما كان ما تقدم، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإحالة.