جلسة 21 من ديسمبر سنة 1989
برئاسة السيد المستشار/ محمد رفيق البسطويسي نائب رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين/ محمد أحمد حسن وعبد الوهاب الخياط نائبي رئيس المحكمة
وأحمد جمال عبد اللطيف ومحمد حسين مصطفى.
-----------------------
(204)
الطعن
رقم 15006 لسنة 59 القضائية
(1) ضرب
"أفضى إلى موت". إثبات "خبرة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير
معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
جواز حدوث إصابة المجني
عليه على قمة الرأس والضارب له أمامه أو يمينه. تقدير ذلك لا يحتاج خبرة خاصة.
(2) إثبات
"بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". جريمة
"أركانها". رابطة السببية. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل
منها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
رابطة السببية. استقلال
قاضي الموضوع بتقدير توافرها.
مثال لتسبيب سائغ لتوافر
رابطة السببية في جريمة ضرب أفضى إلى موت.
(3) ضرب
"أفضى إلى موت". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل".
اقتصار الحكم على إصابة
بعينها اطمأنت المحكمة إلى أن الطاعن هو محدثها. عدم لزوم التعرض لغيرها من إصابات
لم ينسب إليه إحداثها.
(4)دفوع "الدفع بنفي
التهمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم
"تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الدفع بارتكاب آخر الجريمة.
موضوعي. الرد عليه صراحة غير لازم.
(5) جريمة
"أركانها". اتفاق. مسئولية جنائية. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
متى يلزم إثبات الاتفاق
على ارتكاب الجريمة؟
----------------
1 - من المقرر أن الضرب بآلة راضة على قمة الرأس يمكن أن يحدث من
ضارب يقف أمام المجني عليه أو يمينه على السواء، مما لا يحتاج في تقريره أو
استنباطه إلى خبرة فنية خاصة يتعين على القاضي الالتجاء إليها.
2 - من المقرر أن إثبات علاقة السببية في المواد الجنائية مسألة
موضوعية ينفرد بتقديرها قاضي الموضوع، فلا تجوز المجادلة في ذلك أمام محكمة النقض
ما دام الحكم قد أقام قضاءه على أسباب تؤدي إلى ما انتهى إليه، وكان ما أثبته
الحكم - على ما سلف بيانه - من أن الطاعن ضرب المجني عليه بعصا على رأسه فاحدث به
الإصابة الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته، يوفر في حق الطاعن
ارتكابه فعلاً عمدياً ارتبط بحدوث الوفاة تلك ارتباط السبب بالمسبب لأنه لولا
الضرب بعصا على الرأس لما حدثت تلك الإصابة والتي أودت بحياته، فإن ما يثيره
الطاعن في هذا المنحى يكون غير سديد.
3 - من المقرر أن الحكم متى اقتصر على إصابة بعينها أثبت التقرير
الطبي وجودها واطمأنت المحكمة إلى أن الطاعن هو محدثها، فليس به من حاجة إلى
التعرض لغيرها من إصابات لم ينسب إليه إحداثها.
4 - من المقرر أن الدفع بارتكاب آخر للجريمة من أوجه الدفاع
الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل من المحكمة رداً صريحاً ما دام الرد يستفاد
ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
5 - لما كان الحكم المطعون فيه قد دلل تدليلاً سائغاً - على السياق
المتقدم - على أن الطاعن هو محدث إصابة المجني عليه التي أدت إلى وفاته ومساءلته
عنها استناداً إلى ذلك، فهذا حسبه كيما يتم تدليله ويستقيم من ثم قضاؤه، وذلك دون
حاجة إلى بيان ما إذا كان ثمة اتفاق بين الطاعن وآخر لم ترفع عليه الدعوى عن
الجريمة تلك، لأن مجال ذلك لا يكون إلا حيث يساءل الحكم الطاعن بوصفه متضامناً في
المسئولية مع ذلك الآخر، وهو ما لم يؤسس الحكم قضاءه عليه.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه ضرب..... عمداً بعصا على رأسه
فأحدث به الإصابة الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية ولم يقصد من ذلك قتلاً ولكن
الضرب أفضى إلى موته. وأحالته إلى محكمة جنايات دمنهور لمعاقبته طبقاً للقيد
والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً بالمادة 236/ 1 من
قانون العقوبات بمعاقبته بالسجن لمدة خمس سنين.
فطعن المحكوم عليه في هذا
الحكم بطريق النقض... إلخ.
المحكمة
من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة
الضرب المفضي إلى الموت، قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال
بحق الدفاع، ذلك أن بالمجني عليه إصابتين من الطاعن وأخرى، وأن إحدى الإصابتين هي
وحدها التي أحدثت الوفاة ولم يذكر الحكم كيف أنها أدت إلى ذلك وأنها نتيجة الضربة
التي أحدثها الطاعن ولم يشر إلى أن هناك من ضرب المجني عليه بعصا غليظة في آخرها
قطعة من حديد، كما أن الضربة التي سببت الوفاة هي بقمة رأس المجني عليه ولا يمكن
حدوثها إلا من الضارب الذي كان يقف خلفه بينما أن الطاعن كان وقتذاك يقف قبالة
المجني عليه الذي كان يقف في مكان أعلى من ذاك الذي يقف عليه الطاعن، هذا إلى أن
الحكم لم يثبت وجود اتفاق بين الطاعن والأخرى على التعدي على المجني عليه، كل ذلك
يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون
فيه حصل واقعة الدعوى بما مفاده "أن شجاراً نشب بين المتهم......
والشاهد..... الذي كان يعمل لدى المجني عليه في بناء مسكن، وإذ توجه المجني عليه
إلى المذكورين لاستيضاح الأمر ضربه المتهم بعصا على رأسه فأحدث به الإصابة التي
أودت بحياته". وقد دلل الحكم على ثبوت الواقعة لديه على هذه الصورة بما
ينتجها من وجوه الأدلة السائغة التي استمدها من أقوال الشهود واعتراف المتهم
وتقرير الصفة التشريحية، بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة الضرب
المفضي إلى الموت التي دان الطاعن بها وتؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان
ذلك، وكان من المقرر أن الضرب بآلة راضة على قمة الرأس يمكن أن يحدث من ضارب يقف
أمام المجني عليه أو يمينه على السواء، مما لا يحتاج في تقريره أو استنباطه إلى
خبرة فنية خاصة يتعين على القاضي الالتجاء إليها، وكان ما حصله الحكم من أقوال
الشهود واعتراف المتهم وتقرير الصفة التشريحية مما يتلاءم به فحوى الدليلين القولي
والفني بغير تناقض فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون في غير محله. لما كان
ذلك، وكان من المقرر أن إثبات علاقة السببية في المواد الجنائية مسألة موضوعية
ينفرد بتقديرها قاضي الموضوع، فلا تجوز المجادلة في ذلك أمام محكمة النقض ما دام
الحكم قد أقام قضاءه على أسباب تؤدي إلى ما انتهى إليه، وكان ما أثبته الحكم - على
ما سلف بيانه - من أن الطاعن ضرب المجني عليه بعصا على رأسه فأحدث به الإصابة
الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته، يوفر في حق الطاعن ارتكابه
فعلاً عمدياً ارتبط بحدوث الوفاة تلك ارتباط السبب بالمسبب لأنه لولا الضرب بعصا
على الرأس لما حدثت تلك الإصابة والتي أودت بحياته، فإن ما يثيره الطاعن في هذا
المنحنى يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان لا تثريب على الحكم إذا هو اقتصر على
ذكر إصابة رأس المجني عليه في الضرب المفضي إلى الموت التي نسب إلى الطاعن
إحداثها، ذلك بفرض أن المصاب هذا، كانت به إصابات أخرى، لما هو مقرر من أن الحكم
متى اقتصر على إصابة بعينها أثبت التقرير الطبي وجودها واطمأنت المحكمة إلى أن
الطاعن هو محدثها، فليس به من حاجة إلى التعرض لغيرها من إصابات لم ينسب إليه
إحداثها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الدفع بارتكاب آخر للجريمة من أوجه
الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل من المحكمة رداً صريحاً ما دام الرد
يستفاد ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم. لما
كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد دلل تدليلاً سائغاً - على السياق المتقدم -
على أن الطاعن هو محدث إصابة المجني عليه التي أدت إلى وفاته ومساءلته عنها
استناداً إلى ذلك، فهذا حسبه كيما يتم تدليله ويستقيم من ثم قضاؤه، وذلك دون حاجة
إلى بيان ما إذا كان ثمة اتفاق بين الطاعن وآخر لم ترفع عليه الدعوى عن الجريمة
تلك، لأن مجال ذلك لا يكون إلا حيث يساءل الحكم الطاعن بوصفه متضامناً في
المسئولية مع ذلك الآخر، وهو ما لم يؤسس الحكم قضاءه عليه. لما كان ذلك، فإن الطعن
برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.