الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 5 مارس 2020

الطعن 1464 لسنة 42 ق جلسة 5 / 2 / 1973 مكتب فني 24 ج 1 ق 30 ص 130


جلسة 5 من فبراير سنة 1973
برياسة السيد المستشار/ محمود عباس العمراوى, وعضوية السادة المستشارين: سعد الدين عطية، وإبراهيم أحمد الديوانى، وعبد الحميد محمد الشربيني، وحسن على المغربي.
--------------
(30)
الطعن رقم 1464 لسنة 42 القضائية

 (1)إثبات. "شهود". حكم. "ما لا يعيبه". "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
إحالة الحكم. في إيراد أقوال الشهود. إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر. لا يعيبه. ما دامت متفقة مع ما استند إليه الحكم منها.
اختلاف أقوال شهود الإثبات في بعض تفصيلاتها. لا يقدح في سلامة الحكم. شرط ذلك؟ وجه الطعن. وجوب أن يكون واضحا محددا.
( 2و 3) إثبات. "اعتراف". قرار". "بوجه عام". "شهود". حكم. "ما لا يعيبه". "تسبيبه. تسبيب غير معيب". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
2 - تسمية أقوال المتهم. خطأ. اعترافا. لا يعيب الحكم ما دام لم يرتب عليها وحده الأثر القانوني للاعتراف.
حق محكمة الموضوع في استمداد اقتناعها من أي دليل تطمئن إليه. ما دام له مأخذ صحيح في الأوراق. لها الأخذ بما تراه مطابقا للحقيقة من أقوال المتهم.
3 - حق محكمة الموضوع في الأخذ بأقوال شهود الإثبات والإعراض عن قالة شهود النفي. دون بيان سبب إطراحها.
 (4)مواد مخدرة. قصد جنائي. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". 
عدم التزام المحكمة بالتحدث استقلالا عن العلم بالجوهر المخدر. ما دام ما أوردته في حكمها يكفى للدلالة عليه.
 (5)محاماه. إجراءات المحاكمة. دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". محكمة الجنايات. "الإجراءات أمامها".
حرية المتهم في اختيار محاميه. حق أصيل. تقدمه على حق المحكمة في ندب مدافع عنه. قبول محام أردني الجنسية للمرافعة أمام محكمة الجنايات. شرطه. مثال.
 (6)قبض. تفتيش. جمارك. مأمورو الضبط القضائي. مواد مخدرة. دفوع. "الدفع ببطلان القبض والتفتيش". "المصلحة في الدفع". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
حق موظفي الجمارك. الذين لهم صفة الضبط القضائي. في التفتيش داخل الدائرة الجمركية أو في حدود دائرة الرقابة الجمركية. نطاقه. عدم اشتراط توافر قيود القبض والتفتيش المنظمة بقانون الإجراءات بالنسبة للأشخاص.
العثور أثناء هذا التفتيش على دليل يكشف عن جريمة غير جمركية. صحيح. مثال في مواد مخدرة.
حق مأمور الضبط في الاستعانة بمن يرى. ولو لم تكن للأخير صفة الضبط. ما دام يعمل تحت إشرافه.
 (7)دفوع. "المصلحة في الدفع". الدفع ببطلان التفتيش".
لا جدوى من الدفع ببطلان تفتيش السيارة في المرة الأولى. ما دام أن المخدر الذى ضبط عند تفتيش السيارة في المرة الثانية. الذى لا ينازع الطاعن في صحته. يكفى لحمل الحكم بالإدانة.
 (8)مسئولية جنائية. "الإعفاء منها". مواد مخدرة. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم التزام المحكمة بتقصي أسباب إعفاء المتهم من العقاب طبقا للمادة 48 من القانون 182 لسنة 1960، ما لم يدفع به أمامها.
 (9)مسئولية جنائية. "الإعفاء منها". مواد مخدرة. قانون. "تفسيره".
الإعفاء من المسئولية بعد علم السلطات بالجريمة طبقا للمادة 48 من القانون رقم 182 لسنة 1960، مناطه.

--------------
1 - من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في ايراد أقوال الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت متفقة مع ما استند إليه الحكم منها - كما أنه يتعين لقبول وجه الطعن أن يكون واضحا محددا. ولما كان الطاعن لم يكشف عن مواطن عدم اتفاق أقوال الشهود مع الوقائع موضوع الشهادة، وجاءت عبارته في هذا الشأن مرسلة مبهمة، هذا فضلا عن أنه لا يقدح في سلامة الحكم – على فرض صحة ما يثيره الطاعن – عدم اتفاق أقوال شهود الاثبات في بعض تفاصيلها ما دام الثابت أنه حصل أقوالهم بما لا تناقض فيه ولم يورد تلك التفصيلات أو يركن إليها في تكوين عقيدته.
2 - لا يقدح في سلامة الحكم خطأ المحكمة في تسمية أقوال المتهم اعترافا – طالما أن المحكمة لم ترتب عليه وحده الأثر القانوني للاعتراف. كما أن لمحكمة الموضوع أن تستمد اقتناعها من أي دليل تطمئن إليه طالما أن هذا الدليل له مأخذه الصحيح من الأوراق. ومع هذا فإنه لا يبين مما أورده الحكم أنه نسب إلى الطاعن اعترافا بارتكاب الجريمة وانما اقتصر على اقراره بحضور تفتيش السيارة الأول وضبط ما أخفى بها من مخدر. لما كان ذلك وكانت محكمة الموضوع ليست ملزمة في أخذها بأقوال المتهم أن تلتزم نصها وظاهرها بل لها أن تأخذ منها بما تراه مطابقا للحقيقة، وكان الطاعن لا يجادل فيما أورده الحكم من أقوال أدلى بها بالتحقيقات، فإنه لا تثريب على الحكم إذا هو استمد من تلك الأقوال – التي لم ينعتها بأنها اعتراف – ما يدعم الأدلة الأخرى التي أقام عليها قضاءه بإدانة الطاعن.
3 - الأصل أن لمحكمة الموضوع أن تأخذ بأقوال شهود الاثبات وتعرض عن قاله شهود النفي ما دامت لا تثق بما شهدوا به دون أن تلزم ببيان السبب ما دام الرد على أقوال الأخيرين مستفادا من الأخذ بأدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
4 - إن المحكمة غير مكلفة بالتحدث استقلالا عن العلم بالجوهر المخدر طالما كان ما أوردته في حكمها من وقائع وظروف يكفى في الدلالة على توافره، ولما كان ما ساقه الحكم المطعون فيه من وقائع الدعوى وظروفها وملابساتها كافيا في الدلالة على أن الطاعن كان يعلم بما تحتويه المخابئ السرية التي أعدت بالسيارة ملكه من جوهر مخدر، فإن الحكم يكون قد رد على دفاع الطاعن في هذا الشأن بما يدحضه ما دام هذا الذى استخلصه الحكم لا يخرجه عن موجب الاقتضاء العقلي والمنطقي.
5 - متى كانت المادة 50 من القانون رقم 61 لسنة 1968 بإصدار قانون المحاماة تنص على أنه. "يشترط فيمن يمارس المحاماة أن يكون مقيدا بجدول المحامين المشتغلين. ولا يجوز للمحاكم والدوائر الرسمية قبول وكالة المحامي ما لم يكن اسمه مقيدا في هذا الجدول". ونصت المادة 52 منه على أنه "يشترط فيمن يقيد اسمه في جدول المحامين أن يكون (أولا): متمتعا بجنسية الجمهورية العربية المتحدة أو جنسية احدى الدول العربية بشرط المعاملة بالمثل"، ونصت المادة 377 من قانون الاجراءات الجنائية على أن "المحامون المقبولون للمرافعة أمام محاكم الاستئناف أو المحاكم الابتدائية يكونون مختصين دون غيرهم بالمرافعة أمام محكمة الجنايات". وكان الثابت من افادة نقابة المحامين المرفقة بمذكرة النيابة العامة في الطعن أن الاستاذ...... المحامي الأردني الجنسية غير مقيد بجدول المحامين المشتغلين بجمهورية مصر العربية. لما كان ذلك، فانه وإن كان من المقرر أن المتهم حر في اختيار من يتولى الدفاع عنه وحقه في ذلك حق أصيل مقدم على حق المحكمة في تعيين المدافع عنه، إلا أنه وقد أجلت المحكمة نظر الدعوى ليوكل الطاعن محاميا للدفاع عنه وجاء في الجلسة التالية وطلب التأجيل لحضور محاميه الأردني الجنسية الذى ما كان من حقه أن يمثل للدفاع عنه لعدم قيده بجدول المحامين المشتغلين بجمهورية مصر العربية، وهى حقيقة واقعة لا يماري فيها الطاعن، فلا ضير على المحكمة إذا هي التفتت عن طلب الطاعن تأجيل نظر الدعوى ومضيها في نظرها مكتفية بأداء المحامي المنتدب للدفاع عنه لمهمته بالترافع في الدعوى، بما يكون معه الطاعن قد استوفى حقه في الدفاع أمام المحكمة، وبما لا يتوافر به الاخلال بحق الدفاع المبطل لإجراءات المحاكمة، وبحسب الحكم ما أثبت بمحضر جلسة المحاكمة دون أن يكون في حاجة إلى بيان العلة في عدم اجابة المحكمة الطاعن لطلبه، ويكون النعي على الحكم في هذا المقام في غير محله.
6 - البين من استقراء نصوص المواد من 26 إلى 30 من القانون رقم 66 لسنة 1963 بإصدار قانون الجمارك أن الشارع منح موظفي الجمارك الذين اسبغت عليهم القوانين صفة الضبط القضائي في أثناء قيامهم بتأدية وظائفهم حق تفتيش الأماكن والأشخاص والبضائع ووسائل النقل داخل الدائرة الجمركية أو في حدود نطاق الرقابة الجمركية إذا ما قامت لديهم دواعي الشك في البضائع والأمتعة ومظنة التهريب فيمن يوجدون بداخل تلك المناطق وأن الشارع – بالنظر إلى طبيعة التهريب الجمركي وصلته المباشرة بصالح الخزانة العامة ومواردها وبمدى الاحترام الواجب للقيود المنظمة للاستيراد والتصدير لم يتطلب بالنسبة للأشخاص توافر قيود القبض والتفتيش المنظمة بقانون الإجراءات الجنائية أو اشتراط وجود المراد تفتيشه في إحدى الحالات المبررة له في نطاق الفهم القانوني للمبادئ المقررة في القانون المذكور، بل أنه يكفى أن يقوم لدى الموظف المنوط بالمراقبة والتفتيش في تلك المناطق حالة تنم عن شبهة في توافر التهريب الجمركي فيها – في الحدود المعرف بها في القانون – حتى يثبت له حق الكشف عنها، فإذا هو عثر أثناء التفتيش الذى يجريه على دليل يكشف عن جريمة غير جمركية معاقب عليها في القانون العام، فإنه يصح الاستدلال بهذا الدليل أمام المحاكم في تلك الجريمة لأنه ظهر أثناء إجراء مشروع في ذاته ولم ترتكب في سبيل الحصول عليه أية مخالفة. ولما كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن تفتيش سيارة الطاعن الذى أسفر عن ضبط الجوهر المخدر في مخابئ سرية بها أعدت لذلك، تم داخل الدائرة الجمركية وبعد إبلاغ رجال الجمارك بما دلت عليه التحريات السرية لرئيس وحدة مكافحة المخدرات بالميناء من أنه يحوز جواهر مخدرة وأشياء مهربة أخرى يخفيها بجسمه وأمتعته وسيارته، وكانت اللجنة التي شكلت لإجراء هذا التفتيش برياسة وكيل جمرك الركاب وعضوية بعض مأموري الجمارك وضباط الشرطة وميكانيكي بالجمرك، وأنه على فرض صحة ما يثيره الطاعن من أن بعض أعضاء اللجنة لم يكونوا من مأموري الضبط القضائي فإن لوكيل جمرك الركاب أن يستعين في إجراء التفتيش بمن يرى مساعدته فيه ولو لم يكونوا من رجال الضبط القضائي ما داموا يعملون تحت اشرافه – كما هو الحال في الدعوى المطروحة – وإذا نتج عن التفتيش الذى أجرى دليلا يكشف عن جريمة جلب جوهر مخدر، فإنه يصح الاستشهاد بهذا الدليل على تلك الجريمة على اعتبار أنه نتيجة إجراء مشروع قانونا، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أصاب صحيح القانون في رفضه للدفع.
7 - لا جدوى للطاعن فيما يثيره من بطلان التفتيش الأول للسيارة ما دام لا ينازع في صحة التفتيش الثاني للسيارة إذ أن ما أسفر عنه هذا التفتيش من ضبط الجوهر المخدر يحمل قضاء الحكم بإدانته.
8 - متى كان البين من مطالعة دفاع الطاعن بجلسة المحاكمة أنه لم يتمسك بإعفائه من العقاب عملا بالمادة 48 من القانون رقم 182 لسنة 1960، وكان من المقرر أن المحكمة لا تلتزم بتقصي أسباب إعفاء المتهم من العقاب في حكمها ما لم يدفع به أمامها، فإذا لم يتمسك أمام المحكمة بقيام سبب من تلك الأسباب فلا يكون له أن ينعى على حكمها إغفاله التحدث عن ذلك.
9 - مفاد نص المادة 48 من القانون رقم 182 لسنة 1960، أن القانون لم يرتب الإعفاء بعد علم السلطات بالجريمة إلا بالنسبة للمتهم الذى يسهم بإبلاغه إسهاما إيجابيا ومنتجا وجديا في معاونة السلطات للتوصل إلى مهربي المخدرات والكشف عن الجرائم الخطيرة المنصوص عليها في المواد 33 و34 و35 من ذلك القانون باعتبار أن هذا الإعفاء نوع من المكافأة منحها الشارع لكل من يؤدى خدمة للعدالة، فإذا لم يكن للتبليغ فائدة أو لم يتحقق صدقه بأن كان غير متسم بالجدية والكفاية فلا يستحق صاحبه الاعفاء لانتفاء مقوماته وعدم تحقق حكمة التشريع لعدم بلوغه النتيجة التي يجزى عنها بالإعفاء، وهى تمكين السلطات من وضع يدها على مرتكبي تلك الجرائم الخطيرة. وإذ كان الثابت أن الأقوال التي أدلى بها الطاعن في هذا الشأن – والتي جاءت بعد ضبط الجوهر المخدر بالسيارة ملكه – لم تتعد مجرد قول مرسل عار عن دليله بأن شخصا سماه هو المالك الحقيقي للسيارة وأنه سلمها له بحالتها بعد أن نقل إليه ملكيتها، وقد وردت هذه الأقوال من الطاعن في نطاق دعواه أنه لا يعلم عن الجوهر المضبوط بالسيارة شيئا، وهو دفاع قد أطرحه الحكم، وما دامت لم تسهم أقواله هذه في تحقق غرض الشارع بضبط أحد ممن يكون قد ساهم في اقتراف الجريمة فإنه لا يتحقق بها موجب الاعفاء من العقاب المقرر بتلك المادة لتخلف المقابل المبرر له.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 14 مارس سنة 1970 بدائرة قسم الميناء محافظة الاسكندرية: جلب إلى أراضى الجمهورية العربية المتحدة مخدرا "حشيشا" دون الحصول على ترخيص كتابى من الجهة الإدارية المختصة، وطلبت من مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته بالمواد 1 و2 و3 و33/ أ و36 و42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 40 لسنة 1966 والبند 1 من الجدول رقم 1 المرفق، فقرر ذلك في 10 من يونيه سنة 1970، ومحكمة جنايات الإسكندرية قضت في الدعوى حضوريا بتاريخ 17 فبراير سنة 1971 عملا بالمادتين 381/ 1 و304/ 1 من قانون الاجراءات الجنائية والمادة 30 من قانون العقوبات ببراءة المتهم مما أسند إليه ومصادرة المضبوطات، فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض وبتاريخ 13 ديسمبر سنة 1971 قضت محكمة النقض بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية إلى محكمة جنايات الاسكندرية لتحكم فيها من جديد دائرة أخرى. ومحكمة جنايات الاسكندرية قضت في الدعوى حضوريا من جديد بتاريخ 9 مايو سنة 1972 عملا بالمواد 1 و2 و3 و33/ أ و36 و42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 40 لسنة 1966 والبند 1 المرفق مع تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة المؤبدة وتغريمه عشرة آلاف جنيه ومصادرة الجوهر المخدر والسيارة المضبوطين. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.

المحكمة
حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة جلب جوهر مخدر قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والخطأ في الاسناد وانطوى على الاخلال بحق الدفاع والخطأ في تطبيق القانون, وذلك بأن الحكم المطعون فيه لم يورد مضمون شهادة العديد من الشهود الذين عول على أقوالهم في إدانة الطاعن وأحال في ذلك على ما أورده من شهادة أحدهم على الرغم من اختلاف الوقائع التي تناولتها شهادة كل, فقد قصرت شهادة بعضهم على التفتيش الأول للسيارة بينما انصبت شهادة الباقين على التفتيش الثاني ولم يورد الحكم كذلك مضمون ما جاء بجواز سفر الطاعن الذي اعتد به ضمن أدلة الإدانة ونسب الحكم إلى الطاعن اقراره بحضوره التفتيش مع أنه لم يحضر إلا واقعة التفتيش الأولى واعتبر الحكم اقراره بضبط المخدر بالسيارة دون أن يعلم عنه شيئا اعترافا منه بإرتكاب الجريمة كما اكتفي للتدليل على علمه بكنه الجوهر المخدر المضبوط بأن رخصة ملكية السيارة باسمه وأن أحدا آخر لم يتصل بها منذ شحنها على ظهر الباخرة حتى وصولها إلى الاسكندرية وتفتيشها وهو استدلال فاسد ويدل على عدم الالمام إلماما كافيا بظروف الدعوى إذ أن الحكم لم يلتفت إلى أقوال شاهدي النفي اللذين أيداه بأن مالك السيارة الحقيقي شخص يدعي"......" وأن الطاعن لم يتصل بالسيارة قبل شحنها إذ أنه يعمل عليها كسائق فقط وأن المخدر قد أحكم إخفاؤه بأجزاء السيارة الداخلية وقد سلم مفاتيحها فورا عند طلب تفتيشها فلم يناقش الحكم كل ذلك ويبين سبب إطراحه له ولم تستجب المحكمة لطلبه التأجيل لحضور محاميه الأصلي الأردني الجنسية ونظرت الدعوى مكتفية بالدفاع الذي أبداه المحامي المنتدب, ورد الحكم برد غير سائغ على دفعه ببطلان إجراءات القبض والتفتيش الذي أجرته اللجنة المشكلة من بعض مأموري الجمارك لحصوله بغير إذن من النيابة ولبطلان تشكيلها وخروج ضبط الجواهر المخدرة من اختصاصها وأخيرا فإن الحكم لم يعمل في حق الطاعن الإعفاء المقرر بالمادة 48 من قانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها على الرغم من أنه أرشد عن صاحب ما ضبط من جوهر مخدر هو المدعو........ مما كان يتعين معه أن يقضى بإعفائه من العقاب دون أن يدفع بذلك، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما محصله أنه في 14/ 3/ 1970 تقدم رئيس مكافحة المخدرات بميناء الاسكندرية باخبارية إلى مدير جمرك الركاب بالمحطة البحرية تفيد أن تحرياته السرية دلت على أن المتهم (الطاعن) وآخرين قادمين من بيروت على الباخرة أرمينيا في ذلك التاريخ وبحوزتهم كمية من المواد المخدرة وبعض المهربات الأخرى يخفونها بأماكن حساسة من أجسامهم وبسياراتهم برجاء تفتيشهم تفتيشا دقيقا فأشر مدير الجمرك على هذه الاخبارية بقيدها وأحالها إلى وكيل جمرك الركاب الذى قام بتشكيل لجنة برئاسته وعضوية ثلاثة من مأمورى الجمرك ومأمور قسم السيارات بالجمرك والميكانيكى بالجمرك ورئيس وحدة مكافحة المخدرات بالميناء وأحد ضباط الشرطة لتفتيش السيارة الخاصة بالطاعن والتى تحمل رقما أردينا وتوجهت اللجنة إلى مكان وجود السيارة وأجرت تفتيشها بحضور الطاعن وبفتح حقيبتها وجد بها صندوق من التفاح واطار احتياطى للسيارة وبرفع مشمع أرضية الحقيبة وقيام الميكانيكى عضو اللجنة بكسر تلك الأرضية عثر في الفراغ أسفلها على أكياس نايلون تحوى مادة الأفيون كما عثرت اللجنة في أماكن سرية خلف المقعد الخلفى للسيارة أسفل الصاج على أكياس أخرى تحوى مادة الأفيون وكان مجموع ما عثر عليه من الأكياس 135 كيسا زنتها 157.550 كيلو جراما وفى 21/ 10/ 1970 تقدم رئيس وحدة المباحث الجنائية بالميناء بمحضر يفيد بأن تحرياته السرية مع رئيس وحدة مكافحة المخدرات بالميناء وآخرين من ضباط الشرطة دلت على أنه لا يزال بسيارة الطاعن المحفوظة على ذمة القضية بمخزن الدائرة الجمركية كمية أخرى من المواد المخدرة بداخل مخبأ سرى آخر وبإعادة تفتيشها بعد الحصول على إذن النيابة العامة أسفر التفتيش عن اكتشاف مخبأين سريين بشاسيه السيارة بجهتيه اليمنى واليسرى عثر بإحداهما على 12 لفافة وبالآخر على 13 لفافة تحوى جوهر الأفيون وتزن جميعها سبعة وعشرين كيلو جراما، وقد أنكر الطاعن صلته بالمخدرات المضبوطة، وأورد الحكم على ثبوت الواقعة على هذه الصورة في حق الطاعن أدلة مستمدة من أقوال رئيس وحدة مكافحة المخدرات بالميناء ووكيل جمرك الركاب بالميناء وثلاثة من مأمورى الجمرك ومأمور قسم السيارات بالجمرك وميكانيكى بالجمرك وأحد ضباط الشرطة بقسم البحث الجنائى بشرطة الميناء ومن تقرير المعامل الكيماوية بمصلحة الطب الشرعى عن نتيجة تحليل المواد المضبوطة ومن أقوال الطاعن ومن الاطلاع على جواز سفره وعلى أوراق ترخيص السيارة المضبوطة. وإذ عرض الحكم لأقوال الشهود أورد مؤدى أقوال رئيس وحدة مكافحة المخدرات بالميناء تفصيلا في شأن ما أدت إليه تحرياته السرية والاجراءات التى اتخذت تالية لذلك وما أسفر عنه تفتيش سيارة الطاعن في أول مرة وما دلت عليه التحريات السرية اللاحقة من أنه لا زالت توجد مواد مخدرة بالسيارة في مخابئ لم تكتشف في التفتيش الأول وما أسفر عنه تفتيشها للمرة الثانية، كما أورد الحكم مؤدى أقوال وكيل جمرك الركاب بالميناء وقد انصبت على ما يتصل بالتفتيش الأول للسيارة مضيفا أن حقيبة السيارة كانت مغلقة قبل إجراء تفتيشها وأنها فتحت بمفتاحها الذى قدمه الطاعن، وعند ايراد الحكم لأقوال باقى الشهود – وهم باقى أعضاء اللجنة التى تولت التفتيش الأول – أورد أنهم شهدوا بمثل ما شهد به الشاهد الثانى (وكيل جمرك الركاب بالميناء). لما كان ذلك، وكان لا يعيب الحكم أن يحيل في إيراد أقوال الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت متفقة مع ما استند إليه الحكم منها، وكان من المقرر أنه يتعين لقبول وجه الطعن أن يكون واضحا محددا وكان الطاعن لم يكشف عن مواطن عدم اتفاق أقوال الشهود مع الوقائع موضوع الشهادة وجاءت عبارته في هذا الشأن مرسلة مبهمة، هذا فضلا عن أنه لا يقدح في سلامة الحكم – على فرض صحة ما يثيره الطاعن – عدم اتفاق أقوال شهود الاثبات في بعض تفاصيلها ما دام الثابت أنه حصل أقوالهم بما لا تناقض فيه ولو يورد تلك التفصيلات أو يركن إليها في تكوين عقيدته، ولما كان الثابت أن الحكم أحال في أقوال الشهود على أقوال وكيل جمرك الركاب بالميناء وهى التى تتعلق بما أسفر عنه التفتيش الأول للسيارة الذين كانوا من بين أعضاء اللجنة التى شكلت لإجرائه، فإن منعى الطاعن على الحكم في هذا الصدد لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان الطاعن لا ينازع فيما أورده الحكم في بيانه لواقعة الدعوى وبأقوال الشهود بأقواله عن مؤدى الدليل المستمد من جواز سفره من أنه قدم من بيروت إلى الاسكندرية على الباخرة أرمينيا في يوم ضبط الواقعة، وكان الثابت من الاطلاع على المفردات المضمومة أن استناد النيابة العامة إلى جواز السفر الخاص بالطاعن كان للتدليل على أمر حضوره في ذلك التاريخ، ومن ثم فإن الحكم يكون قد بين وجه استدلاله بجواز سفر الطاعن بما ينحسر عنه دعوى القصور في التسبيب في هذا المجال. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لأقوال الطاعن في قوله "وبسؤال المتهم في التحقيقات قرر أن المخدرات المضبوطة ضبطت في السيارة القادمة معه بالصورة التى رواها ونفى علمه بوجود هذه المخدرات في السيارة وذكر أنه يعمل سائق سيارات وأنه أثناء وجوده في عمان بالأردن قبل قدومه إلى الاسكندرية قابله من يدعى......... وطلب منه توصيل السيارة المضبوطة إلى مصر مقابل أجر قدره عشرون دينارا ومصاريف أكله فوافق فسلمه السيارة المضبوطة ورقمها 34160 الأردن ماركة بليموث وذلك في اليوم السابق لوصوله الاسكندرية على ظهر الباخرة أرمينيا كما سلمه مفاتيح السيارة وإذ وصل إلى ميناء الاسكندرية ونزل والسيارة من على ظهر المركب قام رجال الجمرك بتفتيش السيارة فوجدوا بها المخدرات المضبوطة وسألوه عنها فأنكر علمه بوجودها بالسيارة، وقال المتهم أن إجراءات التفتيش والضبط تمت في وجوده، وذكر أن أحدا غيره لم يتصل بالسيارة منذ أن تسلمها من....... حتى وصولها ميناء الاسكندرية وأنه وحده الذى يحمل مفاتيح السيارة، وأضاف بأن السيارة مملوكة......... وأنه حولها باسمه حتى يستطيع السفر بها، وأنه أخبره بأنه سيكون في القاهرة لاستلام السيارة وأنه سينزل في فندق ناشيونال، وقال أن بداية تعرفه بـ......... كان منذ عشرة أيام سابقة على ضبطه، وأنه لا دليل على واقعة تسليم......... السيارة المضبوطة له سوى اقواله هو"، ثم أشار الحكم إلى أن الدفاع عن الطاعن تقدم أمام مستشار الإحالة بطلب سماع شاهدى نفى أردنى الجنسية فندب النيابة العامة لتحقيق هذا الدفاع بسماع أقوالهما، وأورد الحكم مؤدى أقوال هذين الشاهدين، ثم خلص إلى إطراح دفاع الطاعن في قوله "وحيث إنه بالنسبة لدفاع المتهم الذى أبداه والسابق بيانه، فإن المحكمة لا تعول عليه لما يأتى: (أولا) أن واقعة تسليم من يدعى...... السيارة المضبوطة للمتهم لا دليل عليها سوى أقوال المتهم التى لم تتأيد بأى دليل أما ما أدلى به شاهدا النفى من أقوال فيناقضها ما ذكره المتهم عند سؤاله في تحقيقات النيابة يوم ضبطه من أنه لا دليل على واقعة تسليم......... السيارة له سوى أقواله هو فضلا عن أن الشاهدين المذكورين يقرران أن واقعة الاتفاق على تسليم السيارة تمت حوالى منتصف شهر فبراير سنة 1970، بينما يقرر المتهم أن اتصال........ به تم لأول مرة منذ عشرة أيام سابقة على وصوله إلى الاسكندرية أى في أوائل مارس سنة 1970. (ثانيا) أن الثابت من الاطلاع على أوراق ترخيص السيارة المضبوطة رقم 34160 الأردن أنها مؤرخة من 1/ 1/ 1970 باسم المتهم (ثالثا) أما علم المتهم بوجود المادة المخدرة في السيارة فثابت من ملكيته للسيارة وعدم اتصال أحد بها سواء منذ وضعها على ظهر الباخرة حتى وصولها وتفتيشها وإخفاء المادة المخدرة في مخابئ سرية تكلف إعدادها جهدا ووقتا غير طبيعيين وما ثبت من عدم صحة دفاع المتهم الخاص باتصال من يدعى........ به، لما كان ذلك وكان لا يقدح في سلامة الحكم خطأ المحكمة في تسمية أقوال المتهم اعترافا – طالما أن المحكمة لم ترتب عليه وحده الأثر القانونى للاعتراف، وكان لمحكمة الموضوع أن تستمد اقتناعها من أى دليل تطمئن إليه طالما أن هذا الدليل له مأخذه الصحيح من الأوراق، ومع هذا فإنه لا يبين مما أورده الحكم أنه نسب إلى الطاعن اعترافا بإرتكاب الجريمة وإنما اقتصر على إقراره بحضور تفتيش السيارة الأول وضبط ما أخفى بها من مخدر، لما كان ذلك وكانت المحكمة ليست ملزمة في أخذها بأقوال المتهم أن تلتزم نصها وظاهرها بل لها أن تأخذ منها بما تراه مطابقا للحقيقة، وكان الطاعن لا يجادل فيما أورده الحكم من أقوال أدلى بها بالتحقيقات، فإنه لا تثريب على الحكم إذا هو استمد من تلك الأقوال – التى لم ينعتها بأنها إعتراف – ما يدعم الأدلة الأخرى التى أقام عليها قضاءه بإدانة الطاعن، لما كان ذلك، وكان الأصل أن لمحكمة الموضوع أن تأخذ بأقوال شهود الإثبات وتعرض عن قالة شهود النفى ما دامت لا تثق بما شهدوا به دون أن تلزم ببيان السبب ما دام الرد على أقوال الآخرين مستفادا من الأخذ بأدلة الثبوت التى أوردها الحكم، ومع هذا فإن الحكم المطعون فيه قد عرض لأقوال شاهدى نفى الطاعن وأطرحها بأسباب سائغة تؤدى إلى ما انتهى إليه. لما كان ذلك، وإنه وإن كانت المحكمة غير مكلفة بالتحدث إستقلالا عن العلم بالجوهر المخدر طالما كان ما أوردته في حكمها من وقائع وظروف يكفى في الدلالة على توافره، وكان ما ساقه الحكم المطعون فيه من وقائع الدعوى وظروفها وملابساتها كافيا في الدلالة على أن الطاعن كان يعلم بما تحتويه المخابئ السرية التى أعدت بالسيارة ملكه من جوهر مخدر، فإن الحكم يكون قد رد على دفاع الطاعن في هذا الشأن بما يدحضه، ما دام هذا الذى استخلصه الحكم لا يخرجه عن موجب الإقتضاء العقلى والمنطقى. لما كان ذلك، فإن جميع ما يثيره الطاعن في خصوص ما سلف لا يعدو جدلا موضوعيا في تقدير المحكمة للأدلة القائمة في الدعوى ومبلغ اطمئنانها إليها بما تستقل به ولا يجوز مجادلتها في شانه لدى محكمة النقض، ويضحى النعى على الحكم في هذا الصدد غير سديد. لما كان ذلك، وكان البين من مطالعة محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن طلب بجلسة 12/ 2/ 1972 التأجيل لتوكيل من يتولى الدفاع عنه فاستجابت المحكمة لطلبه وأجلت نظر الدعوى لجلسة 9/ 5/ 1972 وفيها حضر المحامى المنتدب للدفاع عن الطاعن وطلب الطاعن التأجيل لحضور محاميه الأستاذ........ الأردنى الجنسية وهو وكيل أعماله في الأردن إلا أن المحكمة استمرت في نظر الدعوى واستمعت إلى مرافعة المحامى المنتدب للدفاع عن الطاعن وأصدرت حكمها المطعون فيه. ولما كانت المادة 50 من القانون رقم 61 لسنة 1968 بإصدار قانون المحاماه تنص على أنه "يشترط فيمن يمارس المحاماه أن يكون مقيدا بجدول المحامين المشتغلين، ولا يجوز للمحاكم والدوائر الرسمية قبول وكالة المحامى ما لم يكن اسمه مقيدا في هذا الجدول"، ونصت المادة 52 منه على أنه "يشترط فيمن يقيد اسمه في جدول المحامين أن يكون: أولا: متمتعا بجنسية الجمهورية العربية المتحدة أو جنسية إحدى الدول العربية بشرط المعاملة بالمثل", ونصت المادة 377 من قانون الإجراءات الجنائية على أن "المحامون المقبولون للمرافعة أمام محاكمة الاستئناف أو المحاكم الابتدائية يكونون مختصين دون غيرهم بالمرافعة أمام محكمة الجنايات"، وكان الثابت من إفادة نقابة المحامين المرفقة بمذكرة النيابة العامة في الطعن أن الأستاذ... المحامى الأردنى الجنسية غير مقيد بجدول المحامين المشتغلين بجمهورية مصر العربية. لما كان ذلك، فانه وإن كان من المقرر أن المتهم حر في اختيار من يتولى الدفاع عنه وحقه في ذلك حق أصيل مقدم على حق المحكمة في تعيين المدافع عنه، إلا أنه وقد أجلت المحكمة نظر الدعوى ليوكل الطاعن محاميا للدفاع عنه، وجاء في الجلسة التالية وطلب التأجيل لحضور محاميه الأردنى الجنسية الذى ما كان من حقه أن يمثل للدفاع عنه لعدم قيده بجدول المحامين المشتغلين بجمهورية مصر العربية، وهى حقيقة واقعة لا يمارى فيها الطاعن فلا ضير على المحكمة إذا هى التفتت عن طلب الطاعن تأجيل نظر الدعوى ومضيها في نظرها مكتفية بأداء المحامى المنتدب للدفاع عنه لمهمته بالترافع في الدعوى، بما يكون معه الطاعن قد استوفى حقه في الدفاع أمام المحكمة، وبما لا يتوافر به الاخلال بحق الدفاع المبطل لإجراءات المحاكمة، وبحسب الحكم ما أثبت بمحضر جلسة المحاكمة دون أن يكون في حاجة إلى بيان العلة في عدم إجابة المحكمة الطاعن لطلبه، ويكون النعى على الحكم في هذا المقام في غير محله. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع ببطلان القبض والتفتيش الذى أبداه الدفاع عن الطاعن بجلسة المحاكمة وأسسه على أن سلطات الجمرك ليس لها سلطة التفتيش والبحث عن المخدرات وأن حقها في ذلك قاصر على البضائع المهربة التى يستحق عنها رسوم جمركية، ورد عليه في قوله "إن سلطة رجال الجمارك في التفتيش طبقا للقانون غير معتبرة بالنسبة لكافة الأشخاص والأشياء الموجودة داخل الدائرة الجمركية ومن ثم يكون الدفع في غير محله متعينا رفضه". ولما كان البين من استقراء نصوص المواد من 26 إلى 30 من القانون رقم 66 لسنة 1963 بإصدار قانون الجمارك أن الشارع منح موظفى الجمارك الذين أسبغت عليهم القوانين صفة الضبط القضائى في أثناء قيامهم بتأدية وظائفهم حق تفتيش الأماكن والأشخاص والبضائع ووسائل النقل داخل الدائرة الجمركية أو في حدود نطاق الرقابة الجمركية إذا ما قامت لديهم دواعى الشك في البضائع والأمتعة ومظنة التهريب في من يوجدون بداخل تلك المناطق، وأن الشارع – بالنظر إلى طبيعة التهريب الجمركى وصلته المباشرة بصالح الخزانة العامة ومواردها وبمدى الاحترام الواجب للقيود المنظمة للاستيراد والتصدير – لم يتطلب بالنسبة إلى الأشخاص توافر قيود القبض والتفتيش المنظمة بقانون الإجراءات الجنائية أو اشتراط وجود المراد تفتيشه في إحدى الحالات المبررة له في نطاق الفهم القانونى للمبادئ المقررة في القانون المذكور، بل أنه يكفى أن يقوم لدى الموظف المنوط بالمراقبة والتفتيش في تلك المناطق حالة تنم عن شبهة في توافر التهريب الجمركى فيها – في الحدود المعرف بها في القانون – حتى يثبت له حق الكشف عنها، فإذا هو عثر أثناء التفتيش الذى يجريه على دليل يكشف عن جريمة غير جمركية معاقب عليها في القانون العام فإنه يصح الاستدلال بهذا الدليل أمام المحاكم في تلك الجريمة لأنه ظهر أثناء إجراء مشروع في ذاته ولم ترتكب في سبيل الحصول عليه أية مخالفة. ولما كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن تفتيش سيارة الطاعن الذى أسفر عن ضبط الجوهر المخدر في مخابئ سرية بها أعدت لذلك تم داخل الدائرة الجمركية وبعد إبلاغ رجال الجمارك بما دلت عليه التحريات السرية لرئيس وحدة مكافحة المخدرات بالميناء من أنه يحوز جواهر مخدرة وأشياء مهربة أخرى بخفيها بجسمه وأمتعته وسيارته، وكانت اللجنة التى شكلت لإجراء هذا التفتيش برئاسة وكيل جمرك الركاب وعضوية بعض مأمورى الجمارك وضباط الشرطة وميكانيكى بالجمرك، وأنه على فرض صحة ما يثيره الطاعن من أن بعض أعضاء اللجنة لم يكونوا من مأمورى الضبط القضائى – فإن لوكيل جمرك الركاب أن يستعين في إجراء التفتيش بمن يرى مساعدته فيه ولو لم يكونوا من رجال الضبط القضائى ما داموا يعملون تحت إشرافه – كما هو الحال في الدعوى المطروحة – وإذا نتج عن التفتيش الذى أجرى دليل يكشف عن جريمة جلب جوهر مخدر فإنه يصح الاستشهاد بهذا الدليل على تلك الجريمة على اعتبار أنه نتيجة إجراء مشروع قانونا، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أصاب صحيح القانون في رفضه للدفع، هذا فضلا عن أنه لا جدوى للطاعن فيما يثيره من بطلان التفتيش الأول للسيارة ما دام لا ينازع في صحة التفتيش الثانى للسيارة الذى أجرى في 21/ 10/ 1970، إذ أن ما أسفر عنه هذا التفتيش من ضبط الجوهر المخدر يحمل قضاء الحكم بإدانته، ويكون منعى الطاعن على الحكم في هذا الشأن غير سديد. لما كان ذلك، وكان البين من مطالعة دفاع الطاعن بجلسة المحاكمة أنه لم يتمسك بإعفائه من العقاب عملا بالمادة 48 من القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها، وكان من المقرر أن المحكمة لا تلتزم بتقصى أساب إعفاء المتهم من العقاب في حكمها ما لم يدفع به أمامها، فإذا لم يتمسك أمام المحكمة بقيام سبب من تلك الأسباب فلا يكون له أن ينعى على حكمها إغفاله التحدث عن ذلك، هذا فضلا عن أن مفاد نص المادة 48 المشار إليها أن القانون لم يرتب الإعفاء بعد علم السلطات بالجريمة إلا بالنسبة للمتهم الذى يسهم بإبلاغه إسهاما إيجابيا ومنتجا وجديا في معاونة السلطات للتوصل إلى مهربى المخدرات والكشف عن الجرائم الخطيرة المنصوص عليها في المواد 33، 34، 35 من ذلك القانون باعتبار أن هذا الإعفاء نوع من المكافأة منحها الشارع لكل من يؤدى خدمة للعدالة، فإذا لم يكن للتبليغ فائدة ولم يتحقق صدقه بأن كان غير متسم بالجدية والكفاية فلا يستحق صاحبه الإعفاء لانتفاء مقوماته وعدم تحقق حكمة التشريع لعدم بلوغ النتيجة التى يجرى عنها بالإعفاء وهى تمكين السلطات من وضع يدها على مرتكبى تلك الجرائم الخطيرة – وإذ كان الثابت أن الأقوال التى أدلى بها الطاعن في هذا الشأن – والتى جاءت بعد ضبط الجوهر المخدر بالسيارة ملكه – لم تتعد مجرد قول مرسل عار عن دليله بأن شخصا سماه...... هو المالك الحقيقى للسيارة وأنه سلمها له بحالتها بعد أن نقل إليه ملكيتها، وقد وردت هذه الأقوال من الطاعن في نطاق دعواه بأنه لا يعلم عن الجوهر المضبوط بالسيارة شيئا، وهو دفاع – على ما سلف – قد أطرحه الحكم وما دامت لم تسهم أقواله هذه في تحقق غرض الشارع بضبط أحد ممن يكون قد ساهم في اقتراف الجريمة فإنه لا يتحقق بها موجب الإعفاء من العقاب المقرر بتلك المادة لتخلف المقابل المبرر له، ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص غير مقبول. لما كان ما تقدم، وكان الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التى دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة مردودة إلى أصلها الثابت في الأوراق ومن شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.

الأربعاء، 4 مارس 2020

الطعن 800 لسنة 47 ق جلسة 25 / 12 / 1977 مكتب فني 28 ق 217 ص 1070


جلسة 25 من ديسمبر سنة 1977
برياسة السيد المستشار/ حسن علي المغربي - نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: أحمد فؤاد جنينة، ويعيش محمد رشدي، ومحمد محمد وهبة، وأحمد علي موسى.
---------------
(217)
الطعن رقم 800 لسنة 47 القضائية

تقليد علامات تجارية. جريمة. "أركانها". إثبات. "بوجه عام". حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب". نقص. "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
العبرة في جرائم التقليد. هي بأوجه الشبه لا بأوجه الخلاف.
قول الحكم بقيام تشابه بين النموذج المقلد والنموذج الخاص بالطاعن أخذاً بقول محرر المحضر. عدم كفايته. وجوب أن تحقق المحكمة هذا التشابه بنفسها أو بمعرفة خبير تندبه لذلك.

---------------
لما كانت القاعدة القانونية في جرائم التقليد أن العبرة هي بأوجه الشبه لا بأوجه الخلاف، وكان يجب لسلامة الحكم أن يبين الأدلة التي استندت إليها المحكمة وأن يبين مؤداها في الحكم بياناً كافياً يتضح منه مدى تأييده للواقعة كما اقتنعت بها المحكمة، ولما كان ما أورده الحكم من أن محرر المحضر أثبت في محضره قيام تشابه بين النموذجين غير كافٍ في الرد على دفاع الطاعن، ذلك أنه كان يتعين على المحكمة إما أن تحقق هذا التشابه بنفسها أو تندب خبيراً لذلك وصولاً إلى تحقيق دفاع الطاعن الذي قد يترتب عليه تغيير وجه الرأي في الدعوى لما كان ذلك، فإن الحكم يكون مشوباً بالقصور بما يعجز هذه المحكمة عن مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم، ومن ثم يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإحالة.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه قلد وصنع نموذج خاص تم تسجيله وفقاً للقانون. وطلبت عقابه بالمواد 37 و38 و39 و48 و57 من القانون رقم 132 لسنة 1939. وادعى.... مدنياً قِبل المتهم بمبلغ 51 جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة الجمالية الجزئية قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام بتغريم المتهم خمسين جنيهاً وإلزامه بأن يؤدي للمدعي بالحق المدني مبلغ 51 جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. فاستأنف ومحكمة القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فطعن الوكيل عن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض ..... الخ.

المحكمة
حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة تقليد وصنع نموذج صناعي تم تسجيله وفقاً للقانون قد شابه القصور في التسبيب ذلك بأنه دفع بأن نموذج العلب المقدم من المدعي بالحقوق المدنية لا يشابه العلب موضوع الاتهام فرد الحكم المطعون فيه على هذا الدفاع بما لا يصلح رداً بما يعيبه ويوجب نقضه.
وحيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه بعد أن حصل واقعة الدعوى وأورد الأدلة على ثبوتها في حق الطاعن عرض لما دفع به الطاعن من عدم وجود تشابه بين العلب التي أنتجها وتلك التي يصنعها المدعي بالحقوق المدنية ورد عليه في قوله: "إنه يكفي لتحقق جريمة تقليد الرسم المنصوص عليها في قانون براءات الاختراع من وجود تشابه في الرسم والنموذج من شأنه أن يخدع المتعاملين، وكان الثابت من محضر ضبط الواقعة إثبات محرره للتشابه بين النموذجين وكان المجني عليه قد تقدم بالمستندات الدالة على تسجيل نموذجه ومن ثم فإن المحكمة تقضي بإدانة المتهم عملاً بالمادة 304/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية"، لما كان ذلك وكانت القاعدة القانونية في جرائم التقليد أن العبرة هي بأوجه الشبه لا بأوجه الخلاف، وكان يجب لسلامة الحكم أن يبين الأدلة التي استندت إليها المحكمة وأن يبين مؤداها في الحكم بياناً كافياً يتضح منه مدى تأييده للواقعة كما اقتنعت بها المحكمة، ولما كان ما أورده الحكم من أن محرر المحضر أثبت في محضره قيام تشابه بين النموذجين غير كافٍ في الرد على دفاع الطاعن، ذلك أنه كان يتعين على المحكمة إما أن تحقق هذا التشابه بنفسها أو تندب خبيراً لذلك وصولاً إلى تحقيق دفاع الطاعن الذي قد يترتب عليه تغيير وجه الرأي في الدعوى لما كان ذلك فإن الحكم يكون مشوباً بالقصور بما يعجز هذه المحكمة عن مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم، ومن ثم يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإحالة بغير حاجة إلى بحث سائر أوجه الطعن.

الطعن 950 لسنة 39 ق جلسة 29 / 12 / 1969 مكتب فني 20 ج 3 ق 303 ص 1467


جلسة 29 ديسمبر سنة 1969
برياسة السيد المستشار/ حسن فهمي البدوي رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد أبو الفضل حفني، ومحمد السيد الرفاعي، وطه الصديق دنانة، ومحمد ماهر محمد حسن.
----------
(303)
الطعن رقم 950 لسنة 39 القضائية

(أ) تقليد. "علامات الشركات المساهمة المملوكة للدولة". "علامات الجمعيات الخاصة ذات النفع العام". "علامات النوادي الرياضية". تزوير. "تزوير المحررات العرفية. تذاكر دخول النوادي الرياضية". "تزوير المحررات الرسمية". استعمال المحرر المزور. نوادي رياضية. جمعيات خاصة ذات نفع عام. شركات.
تقليد علامة إحدى جهات الحكومة أو الجهات الملحفة بها حكماً. جناية. المواد 206، 206 مكرراً، 208 عقوبات. المراد بالعلامة في هذا المقام؟ شارات الأندية الرياضية لا تعتبر من تلك العلامات الواردة في قانون العقوبات. تغيير الحقيقة في تذاكر الدخول في النادي الأوليمبي أو أي محرر صادر من هذا النادي جنحة معاقب عليها بالمادة 215 عقوبات.
صفة النفع لا تنسبغ على الجمعية الخاصة إلا بقرار جمهوري ولا تزول إلا به. تقليد علامات الجمعيات الخاصة ذات النفع العام أو تزوير محرراتها. جناية. الأندية الرياضية لا تعتبر من قبيل الجمعيات.
(ب) علامات وبيانات تجارية.
استثناء المشرع تقليد العلامات والبيانات التجارية من حكم المواد 206، 206 مكرراً، 208 عقوبات وخصها بحمايته في القانون رقم 57 لسنة 1939 في شأن العلامات والبيانات التجارية.
)ج) مستشار الإحالة. "تسبيب قراراته".
وجوب اشتمال الأمر الصادر من مستشار الإحالة سواء كان بالإحالة أو بالأوجه لإقامة الدعوى الجنائية على الأسباب التي بني عليها. عدم استلزام القانون اشتمال الأمر على بيانات معينة أسوة بما فعله في أحكام الإدانة.

----------------
1 - البين من استقراء نصوص المواد 206، 206 مكرراً، 208 من قانون العقوبات أن هذا القانون إنما عاقب بعقوبة الجناية على تقليد علامة إحدى جهات الحكومة أو إحدى الجهات الملحقة بها حكماً والواردة على سبيل الحصر على تدرج ملحوظ فيه جسامة الجريمة، وأن العقوبة تقدر بقدرها فلا تنطبق المادتان 206، 206 مكرراً من القانون المذكور إلا إذا كان التقليد منصباً على رمز مخصوص مما يصدق عليه كونه علامة دالة على جهة معينة دلالة مخصوصة وأن تكون العلامة لإحدى الجهات المحددة على وجه لا يقبل القياس مهما توافرت حكمته، لأن الأحكام تدور مع مناطها لا مع الحكمة منها، ولأن النصوص المبينة للجرائم والمرتبة للعقوبات من القانون الضيق. والمراد بالعلامة في هذا المقام سواء كانت الآلة الطابعة أو أثرها المنطبع ما دل بحسب السياق على الجهة مالكة العلامة لا دلالة إفراد وتمييز فحسب، بل دلالة توثيق أيضاً، الأمر المستفاد من ورود حكمها في باب التزوير - وهو يتعلق بالحجية في الإثبات وفي النصوص الخاصة بالتزوير في الأحكام والأوراق الرسمية بالذات - وكذا أخذاً من دلالة العلامة في اللغة عموماً على الأمارة أو الشاهد أو الدليل، فضلاً عن سياق النصوص وترادفها في مجموعة على تحديد المعنى المقصود. ولا كذلك شارات الأندية الرياضية - ومنها النادي الأوليمبي - التي تعتبر حلية أو زينة يتميز بها كل ناد عن غيره في حلبة المنافسة والمباهاة أسوة بأعلامه وملابسه المخصوصة. وإنما أطلق عليها لفظ العلامة لغة من قبيل اشتراك في الاسم فقط دون المعنى الاصطلاحي المنضبط في القانون، هذا إلى أن الأندية الرياضية ليست من الجهات المبينة على سبيل الحصر في المادتين سالفتى الذكر، ولا وجه لاعتبارها من قبيل الجمعيات، لأن القانون أفرد الأندية بعامة بالقانون رقم 152 سنة 1949 في شأن الأندية والأندية الرياضية بخاصة بالقانون رقم 26 لسنة 1965 في شأن الهيئات الخاصة العاملة في ميدان رعاية الشباب، ولا تسري عليها قوانين الجمعيات أياً كانت ومنها القانون رقم 384 لسنة 1954 في شأن الجمعيات والمؤسسات الخاصة الذي ألغي وحل محله القانون رقم 32 لسنة 1964، ولا تنسبغ صفة النفع العام على الجمعيات إلا بقرار جمهوري ولا تزول إلا به، على غير ما استنه الشارع بالنسبة إلى الأندية الرياضية التي تكتسب تلك الصفة بمجرد الشهر. وهذا الفارق يدل على أن المشرع أراد المغايرة بينهما في الأحكام واعتبر الجمعيات ذات النفع العام وحدها هيئات لها من الأهمية ما يقتضي إفرادها بوضع مستقل وحياطة علاماتها ومحرراتها بقدر أكبر من الحماية يجعل تقليدها أو تزويرها من الجنايات. ولا يصح اعتبار الأندية منظمات تسهم الحكومة في مالها بنصيب عن طريق ما تمنحه لها من معونات، وما تضفيه عليها من ميزات لأن تلك الأندية ليست منظمات مالية لها رأس مال يقبل المشاطرة والإسهام، بل هي بنص الشارع وبحكم طبيعتها التي لا تنفك عنها نشاط خالص لا يسعى إلى التربح ولا ينحو نحو الاستثمار وتوظيف الأموال، على النقيض من شركات المساهمة أو المؤسسات مثلاً مما عددته المادة 206 مكرراً من قانون العقوبات وعلى ذلك فإن تقليد علامة النادي الأوليمبي لا يعتبر من قبيل تزوير العلامات الواردة في قانون العقوبات والتي ربط لها الشارع عقوبة الجناية، فإذا وضعت على المحررات الصادرة منه كانت العبرة بفحوى المحرر، فإذا غير فيما هو من جوهره بإسناد إليه كان تغيير الحقيقة في المحرر تزويراً عرفياً معاقباً عليه بعقوبة الجنحة المنصوص عليها في المادة 215 من قانون العقوبات لا جناية طبقاً للمادة 214 مكرراً منه. لما سلف، ولأن الشارع إنما اعتبر مال الهيئات الخاصة العاملة في ميدان رعاية الشباب - ومنها الأندية الرياضية - مالاً عاماً في حكم قانون العقوبات، ولم يعتبرها من الهيئات ذات النفع العام في أحكام التزوير، ولا هو جعل القائمين بالعمل فيها موظفين عموميين في هذا الباب، وعبارة الشارع واضحة المعنى لا غموض فيها، ومراده لا يحتمل التأويل، ولا تصح مصادرته فيما أراد. وعلى ذلك فإن تذاكر الدخول في النادي الأوليمبي محررات عرفية يجرى على تغيير الحقيقة فيها حكم المادة 215 من قانون العقوبات.
2 - لئن كان ظاهر المواد 206، 206 مكرراً، 208 من قانون العقوبات يوهم بأنه يتناول تقليد العلامات التجارية التي توضع على المصنوعات أو المنتجات لتمييزها في السوق عما يماثلها من بضائع صاحب العلامة ليطمئن إليها الراغبون في الشراء، إلا أن مقارنة نصوص القانون في هذا الشأن تدل على أن المشرع قصد إخراج هذه العلامات من عموم هذه النصوص إذ استن لها القانون رقم 57 لسنة 1939 في شأن العلامات والبيانات التجارية وفرض لها عقوبة مخففة لما ارتآه من أن طبيعة هذا الحق، وما تقتضيه النظم والقواعد الاقتصادية من حرية المنافسة التجارية إلى أقصى حد ممكن يمليان عدم تضييق هذه الحرية بفرض عقوبات جنائية على التقليد الذي يقع من المتنافسين في التجارة والصناعة إلا بالقدر الذي سنه، وفي الحدود التي رسمها مما يوجب القول بأن هذا النص الخاص وحده هو الذي قصد به إلى حماية العلامة التجارية أو البيان التجاري، لأن علة وجوده وصراحة عبارته وإيراده في قانون واحد دون تمييز بين القطاعين العام والخاص، كل ذلك يقطع في الدلالة على أن المشرع استثنى تقليد العلامات والبيانات المذكورة من حكم المواد السابقة وخصها بحمايته في القانون رقم 57 لسنة 1939 سالف البيان، هذا فضلاً عن أن المادة 206 من قانون العقوبات لا تنطبق بحسب وضعها إلا على علامات الحكومة بما هي سلطة عامة دون سائر ما تباشره من أوجه النشاط الصناعي أو التجاري. ولما كان القرار المطعون فيه قد أعمل هذا النظر أصلاً وتطبيقاً فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون.
3 - أوجبت المادة 173 من قانون الإجراءات الجنائية المعدلة بالقانون رقم 107 لسنة 1962 أن يشتمل الأمر الصادر من مستشار الإحالة سواء كان بالإحالة أو بأن لا وجه لإقامة الدعوى الجنائية على الأسباب التي بني عليها، وذلك لإسباغ صفة الجدية على هذه المرحلة. ولم يستلزم القانون أن يتضمن تسبيب الأمر - وهو جزء من قضاء التحقيق - بيانات معينة أسوة بما فعله في المادة 310 في أحكام الإدانة الصادرة من قضاء الحكم. ومن ثم فإن مستشار الإحالة لا يكون ملزماً بأن يورد في أمره من الأسباب إلا القدر الذي يحقق المقصود منه بحسب نوعيته. ولما كان مستشار الإحالة قد اعتبر التهم الموجهة كلها جنحاً - وهو ما لم يخطئ فيه - وأحال الدعوى بها إلى محكمة الجنح على هذا الأساس، فذلك حسبه ليستقيم أمره ويبرأ من دعوى القصور، خصوصاً أن المرجع النهائي في التكييف هو لمحكمة النقض.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة المطعون ضدهما بأنهما في يوم 31 أكتوبر سنة 1966 وفي فترة سابقة عليه بدائرة قسمي كرموز والمنشية محافظة الإسكندرية: (أولاً) المتهم الأول - قلد علامة إحدى الشركات المساهمة والمملوكة للدولة "شركة النصر للدخان والسجاير" إخوان سلام وعلامة إحدى الجمعيات التعاونية المملوكة للدولة "الجمعية التعاونية الاستهلاكية" بأن اصطنع علامة على غرار علامة الكوكب ذي الشعاع الخاصة بالشركة الأولى وعلامة على غرار العصفورة الخاصة بالجمعية المذكورة. (ثانياً) استعمل العلامتين المقلدتين سالفتى الذكر مع علمه بتقليدها بأن قام بواسطتها بصناعة أغلفة معدة لتعبئة المعسل وأخرى لتعبئة الشاي. (ثالثاً) ارتكب تزويراً في محررات لإحدى الشركات المساهمة وإحدى الجمعيات التعاونية هي الشركة والجمعية سالفتى الذكر المملوكتين للدولة بأن اصطنع أغلفة مما تقدم ووضعها على منتجاتها من الدخان المعسل ومن الشاي. (رابعاً) استعمل المحررات المزورة سالفة الذكر مع علمه بتزويرها بأن عهد إلى المتهم الثاني بطبعها لوضعها على عبوات الدخان والمعسل المعدة للبيع. (خامساً) قلد علامة خاصة لإحدى الجمعيات المنشأة طبقاً للأوضاع المقررة قانوناً "النادي الأولمبي الرياضي"، بأن اصطنع علامة على غرار علامته الموصوفة بالأوراق. (سادساً) استعمل العلامة المقلدة سالفة الذكر مع علمه بتقليدها بأن قام بواسطتها بطبع تذاكر بعض مباريات كرة القدم الخاصة بذلك النادي. (سابعاً) ارتكب تزويراً في محررات النادي الأولمبي سالف الذكر بأن اصطنع تذاكر مباريات كرة القدم ونسب صدورها إليه على خلاف الحقيقة. (ثامناً) قلد علامات تجارية بطريقة تدعو إلى تضليل الجمهور هي علامات شركة النصر للدخان والسجاير إخوان سلام والجمعية التعاونية الاستهلاكية والنادي الأولمبي سالفي الذكر. المتهم الثاني (أولاً) استعمل محررات مزورة هي أغلفة باكوات دخان المعسل سالفة الذكر المنسوبة زوراً لشركة النصر للدخان والسجاير إخوان سلام المساهمة المملوكة للدولة مع علمه بتزويرها بأن وضع هذه الأغلفة على باكوات دخان معسل عرضها للبيع. (ثانياً) حاز بقصد البيع منتجات وضع عليها بسوء القصد علامة مزورة هي علامة شركة النصر سالفة الذكر مع علمه بتزويرها. (ثالثاً) عرض للبيع دخان معسل مغشوش وغير مطابق للمواصفات بإضافة مواد غريبة إليه مع علمه بذلك. وطلبت من مستشار الإحالة إحالتهما إلى محكمة الجنايات لمحاكمتها طبقاً للمواد 206 و206/ 1 مكرر و214/ 2 مكرر عقوبات والمواد 1 و2 و3 و33 و35 و36 و40 من القانون رقم 57 سنة 1939 والمواد 1 و6/ 1 من القانون 74 سنة 1933 المعدل بالقانونين رقمي 79 لسنة 1944 و86 لسنة 1948 فقرر باعتبار الواقعة جنحة وإحالة الدعوى إلى محكمة الجنح المختصة للفصل فيها. فطعنت النيابة العامة في هذا الأمر بطريق النقض... إلخ.

المحكمة
بما أن النيابة العامة تنعى على الأمر الصادر من مستشار الإحالة أنه إذ أحال الدعوى الجنائية إلى محكمة الجنح قد شابه القصور في التسبيب، وأخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأنه فوق عدم تعرضه لتكييف التهم الخامسة والسادسة والسابعة المنسوبة إلى المطعون ضده الأول، اعتبرها من قبيل الجنح حالة أن موضوعها تقليد علامة "النادي الأولمبي المصري" واستعمالها وتزوير في محرراته - تذاكر الدخول - في حين أن النادي المذكورة وقد أشهر باعتباره هيئة عاملة في ميدان رعاية الشباب فإنه يكون هيئة ذات نفع عام بنص المادة الثانية من القانون رقم 26 لسنة 1965 وبالتالي يكون تقليد علاماته، وتزوير محرراته جناية طبقاً للمواد 206 و206 مكرراً و214 مكرراً من قانون العقوبات، هذا إلى أن تقليد العلامات الموضوعة على أغلفة الشاي الخاصة بشركة النصر، وتلك الخاصة بالجمعية التعاونية الاستهلاكية الموضوعة على أغلفة الدخان من قبيل تزوير محررات شركات المساهمة والجمعيات التعاونية المملوكة للدولة، وهو الأمر المعاقب عليه بعقوبة الجناية طبقاً للمواد المشار إليها من قانون العقوبات، ولا يصح اعتبارها جنحاً طبقاً للقانون رقم 57 لسنة 1939 في شأن العلامات والبيانات التجارية، ومن ثم يكون الأمر المطعون فيه إذ خالف هذا النظر، معيباً بما يوجب نقضه.
وبما أن قانون العقوبات بعد أن نص في المادة 206 منه على معاقبة تقليد أو تزوير علامات ودمغات وأختام وأوراق الحكومة الواردة بها على سبيل الحصر بعقوبة الجناية المغلظة الواردة فيها، نص في المادة 206 مكرراً على أنه (يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على خمس سنين على الجرائم الواردة في المادة السابقة إذا كان محلها أختاماً أو دمغات أو علامات إحدى الشركات المساهمة أو إحدى الجمعيات التعاونية أو النقابات المنشأة طبقاً للأوضاع المقررة قانوناً أو إحدى المؤسسات أو الجمعيات المعتبرة قانوناً ذات نفع عام. وتكون العقوبة السجن مدة لا تزيد على سبع سنين إذا كانت الأختام أو الدمغات أو العلامات التي وقعت بشأنها الجرائم المبينة في الفقرة السابقة خاصة بمؤسسة أو شركة أو جمعية أو منظمة أو منشآت إذا كانت الدولة أو إحدى الهيئات العامة تساهم في مالها بنصيب ما بأية صفة كانت) ونصت المادة 208 على أنه (يعاقب بالحبس من قلد ختماً أو تمغة أو علامة لإحدى الجهات أياً كانت أو الشركات المأذونة من قبل الحكومة أو إحدى البيوت التجارية، وكذا من استعمل شيئاً من الأشياء المذكورة مع علمه بتقليدها) وبعد أن عرفت المادة الأولى من القانون رقم 26 لسنة 1965 الصادر في 6 من يونيو سنة 1965 في شأن الهيئات الخاصة العاملة في ميدان رعاية الشباب المقصود بتلك الهيئات نصت المادة الثانية على أنه (تعتبر الهيئات الخاصة العاملة في ميدان رعاية الشباب من الهيئات الخاصة ذات النفع العام، ويكون لها الشخصية الاعتبارية بمجرد شهر نظامها وفقاً لأحكام هذا القانون، وتتمتع هذه الهيئات بامتيازات السلطة العامة الآتية: ( أ ) عدم جواز الحجز على أموالها إلا استيفاء للضرائب والرسوم المستحقة للدولة (ب) عدم جواز تملك هذه الأموال بمضي المدة. (ج) جواز نزع الملكية للمنفعة العامة لصالح الهيئة وتعتبر أموال هذه الهيئات من الأموال العامة في تطبيق قوانين العقوبات) ثم قفت على ذلك المادة الثالثة بإيلاء هذه الهيئات امتيازات مالية محددة. وقد وردت هذه المواد في الباب الأول المعقود للأحكام العامة من القانون الذي عالج من بعد في أبوابه وفصوله المختلفة الأحكام المخصوصة بهيئة من تلك الهيئات ومن بينها الأندية الرياضية المشهرة طبقاً له. وأحال قانون إصداره على تطبيق القانون رقم 152 لسنة 1949 في شأن الأندية فيما لا يتعارض مع أحكامه، وجاء في المذكرة الإيضاحية المصاحبة له "أنه قاصر على الهيئات الخاصة العاملة في ميدان رعاية الشباب في القطاع الشعبي وبذلك يخرج عن نطاق تطبيق أحكامه أوجه النشاط المختلفة التي تقوم بها الأجهزة الحكومية" والبين من استقراء هذه النصوص أن قانون العقوبات إنما عاقب بعقوبة الجناية على تقليد علامة إحدى جهات الحكومة أو إحدى الجهات الملحقة بها حكماً والواردة على سبيل الحصر على تدرج ملحوظ فيه جسامة الجريمة، وأن العقوبة تقدر بقدرها، فلا تنطبق المادتان 206 و206 مكرراً من القانون المذكور إلا إذا كان التقليد منصباً على رمز مخصوص مما يصدق عليه كونه علامة دالة على جهة معينة دلالة مخصوصة، وأن تكون العلامة لإحدى الجهات المحددة على وجه لا يقبل القياس مهما توافرت حكمته، لأن الأحكام تدور مع مناطها لا مع الحكمة منها، ولأن النصوص المبينة للجرائم والمرتبة للعقوبات من القانون الضيق. والمراد بالعلامة في هذا المقام سواء كانت الآلة الطابعة أو أثرها المنطبع ما دل بحسب السياق على الجهة مالكة العلامة لا دلالة إفراد وتمييز فحسب، بل دلالة توثيق أيضاً، الأمر المستفاد من ورود حكمها في باب التزوير - وهو يتعلق بالحجية في الإثبات وفي النصوص الخاصة بالتزوير في الأختام والأوراق الرسمية بالذات، وكذلك أخذاً من دلالة العلامة في اللغة عموماً على الأمارة أو الشاهد أو الدليل، فضلاً عن سياق النصوص وترادفها في مجموعها على تحديد المعنى المقصود. ولا كذلك شارات الأندية الرياضية - ومنها النادي الأولمبي - التي تعتبر حلية أو زينة يتميز بها كل ناد عن غيره في حلبة المنافسة والمباهاة أسوة بأعلامه وملابسه المخصوصة. وإنما أطلق عليها لفظ العلامة لغة من قبيل الاشتراك في الاسم فقط دون المعنى الاصطلاحي المنضبط في القانون، هذا إلى أن الأندية الرياضية ليست من الجهات المبينة على سبيل الحصر في المادتين سالفتى البيان، ولا وجه لاعتبارها من قبيل الجمعيات، لأن القانون أفرد الأندية بعامة بالقانون رقم 152 لسنة 1949 والأندية الرياضية بخاصة بالقانون رقم 26 لسنة 1965، ولا تسري عليها قوانين الجمعيات أياً كانت ومنها القانون رقم 384 لسنة 1954 في شأن الجمعيات والمؤسسات الخاصة الذي ألغي وحل محله القانون رقم 32 لسنة 1964، ولا تنسبغ صفة النفع العام على الجمعيات إلا بقرار جمهوري ولا تزول إلا به، على غير ما استنه الشارع بالنسبة إلى الأندية الرياضية التي تكتسب تلك الصفة بمجرد الشهر، وهذا الفارق يدل على أن المشرع أراد المغايرة بينهما في الأحكام، واعتبر الجمعيات ذات النفع العام وحدها هيئات لها من الأهمية ما يقتضي إفرادها بوضع مستقل وحياطة علاماتها ومحرراتها بقدر أكبر من الحماية يجعل تقليدها أو تزويرها من الجنايات، ولا يصح اعتبار الأندية الرياضية منظمات تسهم الحكومة في مالها بنصيب عن طريق ما تمنحه لها من معونات، وما تضفيه عليها من ميزات، لأن تلك الأندية ليست منظمات مالية لها رأس مال يقبل المشاطرة والإسهام، بل هي بنص الشارع وبحكم طبيعتها التي لا تنفك عنها نشاط خالص لا يسعى إلى التربح ولا ينحو نحو الاستثمار وتوظيف الأموال، على النقيض من شركات المساهمة أو المؤسسات مثلاً مما عددته المادة 206 مكرراً من قانون العقوبات - وعلى ذلك فإن تقليد علامة النادي الأوليمبي لا يعتبر من قبيل تزوير العلامات الواردة في قانون العقوبات والتي ربط لها الشارع عقوبة الجناية، فإذا وضعت على المحررات الصادرة منه كانت العبرة بفحوى المحرر، فإذا غير فيما هو من جوهره بإسناد إليه كان تغيير الحقيقة في المحرر تزويراً عرفياً معاقباً عليه بعقوبة الجنحة المنصوص عليها في المادة 215 من قانون العقوبات لا جناية طبقاً للمادة 214 مكرراً منه والتي استحدثت بالقانون رقم 120 لسنة 1962 الصادر في 19 من يوليو سنة 1962 لما سلف، ولأن الشارع إنما اعتبر مال الهيئات الخاصة العاملة في ميدان رعاية الشباب - ومنها الأندية الرياضية - مالاً عاماً في حكم قانون العقوبات، ولم يعتبرها من الهيئات ذات النفع العام في أحكام التزوير، ولا هو جعل القائمين بالعمل فيها موظفين عموميين في هذا الباب، وعبارة الشارع واضحة المعنى لا غموض فيها، ومراده لا يحتمل التأويل، ولا تصح مصادرته فيما أراد. وعلى ذلك فإن تذاكر الدخول في النادي الأوليمبي محررات عرفية يجرى على تغيير الحقيقة فيها حكم المادة 215 من قانون العقوبات حسبما تقدم، ومن ثم لا يكون لما أثارته الطاعنة في هذا الصدد من وجه ولا يعتد به. ولما كان ظاهر المواد 206 و206 مكرراً، 208 من قانون العقوبات يوهم بأنه يتناول تقليد العلامات التجارية التي توضع على المصنوعات أو المنتجات لتمييزها في السوق عما يماثلها من بضائع صاحب العلامة ليطمئن إليها الراغبون في الشراء، إلا أن مقارنة نصوص القانون في هذا الشأن تدل على أن المشرع قصد إخراج هذه العلامات من عموم هذه النصوص إذ استن لها القانون رقم 57 لسنة 1939 في شأن العلامات والبيانات التجارية وفرض لها عقوبة مخففة لما ارتآه من أن طبيعة هذا الحق، وما تقتضيه النظم والقواعد الاقتصادية من حرية المنافسة التجارية إلى أقصى حد ممكن يمليان عدم تضييق هذه الحرية بفرض عقوبات جنائية على التقليد الذي يقع من المتنافسين في التجارة والصناعة إلا بالقدر الذي سنه، وفي الحدود التي رسمها مما يوجب القول بأن هذا النص الخاص وحده هو الذي قصد به إلى حماية العلامة التجارية أو البيان التجاري، لأن علة وجوده، وصراحة عبارته، وإيراده في قانون واحد دون تمييز بين القطاعين العام والخاص، كل ذلك يقطع في الدلالة على أن المشرع استثنى تقليد العلامات والبيانات المذكورة من حكم المواد السابقة وخصها بحمايته في القانون رقم 57 لسنة 1939 سالف البيان، هذا فضلاً عن أن المادة 206 من قانون العقوبات لا تنطبق - بحسب وضعها - إلا على علامات الحكومة بما هي سلطة عامة دون سائر ما تباشره من أوجه النشاط الصناعي أو التجاري. ولما كان القرار المطعون فيه قد أعمل هذا النظر أصلاً وتطبيقاً فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون، ويكون النعي عليه في غير محله. لما كان ذلك، وكانت المادة 173 من قانون الإجراءات الجنائية المعدلة بالقانون رقم 107 لسنة 1962 الصادر في 17 من يونيو سنة 1962 قد أوجبت أن يشتمل الأمر الصادر من مستشار الإحالة سواء كان بالإحالة أو بأن لا وجه لإقامة الدعوى الجنائية على الأسباب التي بني عليها، وذلك لإسباغ صفة الجدية على هذه المرحلة، وكان القانون لم يستلزم أن يتضمن تسبيب الأمر - وهو جزء من قضاء التحقيق - بيانات معينة أسوة بما فعله في المادة 310 من القانون في أحكام الإدانة الصادرة من قضاء الحكم، فإن مستشار الإحالة لا يكون ملزماً بأن يورد في أمره من الأسباب إلا القدر الذي يحقق المقصود منه بحسب نوعيته، وكان مستشار الإحالة قد اعتبر التهم الموجهة كلها جنحاً. وهو ما لم يخطئ فيه، وأحال الدعوى بها إلى محكمة الجنح على هذا الأساس، فذلك حسبه ليستقيم أمره، ويبرأ من دعوى القصور، خصوصاً أن المرجع النهائي في التكييف هو لمحكمة النقض. ومن ثم يكون الطعن متعين الرفض

الثلاثاء، 3 مارس 2020

الطعن 887 لسنة 36 ق جلسة 23 / 5 / 1966 مكتب فني 17 ج 2 ق 126 ص 686


جلسة 23 من مايو سنة 1966
برياسة السيد المستشار/ توفيق أحمد الخشن نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: مختار مصطفى رضوان، ومحمد محمد محفوظ، ومحمود عزيز الدين سالم، ومحمد أبو الفضل حفني.
---------------
(126)
الطعن رقم 887 لسنة 36 القضائية

(أ وب وج) علامات تجارية. تقليد. حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب".
(أ) تسجيل العلامة التجارية هو مناط الحماية التي أسبغها القانون على ملكيتها الأدبية. عدم استفادة مالك العلامة من تلك الحماية إلا إذا كانت مسجلة.
)ب) تسجيل العلامة ركن في جريمة تقليدها أو استعمالها بسوء قصد. على الحكم استظهاره وإلا كان قاصراً.
)ج) المراد بالتقليد: المحاكاة التي تدعو إلى تضليل الجمهور. العبرة في استظهاره هي بأوجه الشبه بين العلامتين الصحيحة والمقلدة دون أوجه الخلاف.

---------------
1 -  تسجيل العلامة التجارية هو مناط الحماية التي أسبغها القانون رقم 57 لسنة 1939 على ملكيتها الأدبية بتأثيم تقليدها أو استعمالها من غير مالكها، وبذلك لا يفيد مالك العلامة من تلك الحماية إلا إذا كانت مسجلة.
2 - تسجيل العلامة ركن في جريمة تقليدها أو استعمالها بسوء قصد، ومن ثم يتعين على الحكم استظهاره وإلا كان قاصراً في بيان الواقعة المستوجبة للعقاب.
3 - المراد بالتقليد هو المحاكاة التي تدعو إلى تضليل الجمهور، والعبرة في استظهاره هي بأوجه الشبه بين العلامتين الصحيحة والمقلدة دون أوجه الخلاف.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخرين بأنهم في يوم 22/ 1/ 1966 بدائرة قسم محرم بك: الأول: زور علامة تم تسجيلها طبقاً للقانون. والثاني والثالث: استعملا بسوء القصد علامة مزورة. الثالث أيضاًً: وضع بسوء القصد على منتجات علامة مملوكة لغيره. وطلبت عقابهم بالمادة 33 من القانون 57 لسنة 1939 المعدل بالقانون 569 لسنة 1954. ومحكمة جنح محرم بك الجزئية قضت غيابياًً بتاريخ 19/ 11/ 1961 بحبس كل من المتهمين سنة مع الشغل وكفالة 500 ق لإيقاف التنفيذ بلا مصاريف جنائية. عارضوا، وفي أثناء نظر المعارضة دفع الحاضر عن المتهم الثالث (الطاعن) بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها في الجنحة 13 سنة 1961 أمن دولة. وقضت المحكمة المذكورة بتاريخ 13 يناير سنة 1964 بقبول المعارضة شكلاً وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم الغيابي المعارض فيه. فاستأنف المحكوم عليهم هذا الحكم. ومحكمة الإسكندرية الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت بتاريخ 25/ 3/ 1965 حضورياً للأول والثاني وحضورياً اعتبارياً للثالث بقبول الاستئناف شكلاًً وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم المستأنف بلا مصروفات. عارض المحكوم عليه غيابياً، وقضى في معارضته بتاريخ 23/ 12/ 1965 بقبولها شكلاًً وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه بلا مصاريف جنائية. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.

المحكمة
حيث إن مما ينعاه الطاعن في الوجه الثاني من الطعن القصور في التسبيب، ذلك بأن الجريمتين المسندتين إليه من استعمال العلامة المقلدة ووضعها بسوء قصد على منتجات غير مملوكة لصاحب العلامة لا قيام لهما قانوناًً، إلا إذا ثبت أن العلامة المقلدة قد سجلت طبقاًً لأحكام قانون العلامات التجارية رقم 57 لسنة 1939 المعدل بالقانون رقم 569 لسنة 1954 وإلا امتنعت حمايتها، ولم يثبت أن شيئاً من ذلك قد اتبع بالنسبة إلى العلامات التي قيل بتقليدها، وقد دفع الطاعن بذلك إلا أن الحكم المطعون فيه لم يرد على هذا الدفاع مع جوهريته مما يعيبه بما يبطله ويوجب نقضه.
وحيث إن القانون رقم 57 لسنة 1939 الصادر في شأن العلامات التجارية والذي دين الطاعن بمقتضاه بعد أن عرف العلامة التجارية ما هي في المادة الأولى منه، نص في المادة الثالثة على أنه يعتبر من قام بتسجيل العلامة التجارية مالكاً لها دون سواه، ولا تجوز المنازعة في ملكية العلامة إذا استعملها من قام بتسجيلها بصفة مستمرة خمس سنوات على الأقل من تاريخ التسجيل دون أن ترفع عليه بشأنها دعوى حكم بصحتها، ثم نظم في المادة السادسة وما بعدها إجراءات التسجيل ونص في المادة 33 منه على أنه يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنتين وبغرامة من عشرة جنيهات إلى 300 ج أو بإحدى هاتين العقوبتين: (1) كل من زور علامة تم تسجيلها طبقاً للقانون أو قلدها بطريقة تدعو إلى تضليل الجمهور وكل من استعمل بسوء القصد علامة مزورة أو مقلدة. (2) كل من وضع بسوء القصد على منتجاته علامة مملوكة لغيره. لما كان ذلك، فإن الشارع يكون قد بين في غير لبس أن تسجيل العلامة هو مناط الحماية التي أسبغها على ملكيتها الأدبية بتأثيم تقليدها أو استعمالها من غير مالكها، والمراد بالتقليد المحاكاة التي تدعو إلى تضليل الجمهور، والعبرة في استظهاره هي بأوجه الشبه بين العلامتين الصحيحة والمقلدة دون أوجه الخلاف، ولا يفيد مالك العلامة من تلك الحماية الجناية التي بسطها إلا إذا كانت مسجلة، ومن ثم فإن تسجيل العلامة يعتبر ركناً في جريمة تقليدها بالمعنى المتقدم، أو استعمالها بسوء القصد، يتعين على الحكم استظهاره وإلا كان قاصراً في بيان الواقعة المستوجبة للعقاب كما افترضته المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية، وكان الحكم المطعون فيه قد فاته استظهار هذا البيان، فإنه يكون معيباًً بما يوجب نقضه دون حاجة إلى بحث الوجه الأول من الطعن.



الطعن 1287 لسنة 29 ق جلسة 22 / 12 / 1959 مكتب فني 10 ج 3 ق 216 ص 1045


جلسة 22 من ديسمبر سنة 1959
برياسة السيد محمود محمد مجاهد المستشار, وبحضور السادة: أحمد زكي كامل, والسيد أحمد عفيفي, ومحمد عطيه اسماعيل, وعادل يونس المستشارين.
---------------
(216)
الطعن رقم 1287 لسنة 29 القضائية

(أ) تقليد العلامة التجارية. غش.
عناصر الواقعة الإجرامية في كل من الجريمتين. اختلافهما.
(ب) وصف التهمة.
تنبيه الدفاع عند تعديلها. عند مساس التعديل بالكيان المادي للتهمة محل المحاكمة. مثال.
(ج) نقض.
أوجهه. مخالفة القانون الإجرائي. بتعديل تهمة تقليد علامة تجارية إلى تهمة غش منطبقة على المادة الأولى من ق 48 لسنة 1941 في غير تنبيه سابق.

----------------
1 - تختلف عناصر كل من جريمتي تقليد العلامة التجارية والغش عن الأخرى, فالركن المادي في الجريمة الأولى ينحصر في إتيان فعل من أفعال التقليد أو التزوير أو الاستعمال لعلامة تجارية, أو وضعها على منتجات بسوء نية, أو بيعها أو عرضها للبيع وعليها هذه العلامة المقلدة أو المزورة - وكل من هذه الأفعال يكون في ذاته جرائم مستقلة ولها مميزاتها الخاصة - بينما الركن المادي في جريمة المادة الأولى من قانون رقم 48 لسنة 1941 ينحصر في فعل خداع المتعاقد أو الشروع في ذلك وينصب على بضاعة معينة بذاتها.
2 - التغيير الذي أجرته المحكمة في الوصف من جريمة تقليد علامة تجارية إلى جريمة غش - وإن كان لا يتضمن في ظاهره الاستناد إلى أساس آخر غير ذلك الذي شملته الأوراق - إلا أنه يعد مغايرا لعناصر الواقعة كما وردت في ورقة التكليف بالحضور, ويمس كيانها المادي, وبنيانها القانوني, مما كان يقتضي من المحكمة تنبيه المتهمين إلى التعديل الذي أجرته في التهمة ذاتها ومنحهما أجلا لتحضير دفاعهما إذا طلبا ذلك - أما وهى لم تفعل, فإن حكمها يكون مخطئا في القانون مما يعيبه ويوجب نقضه.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين ومتهمين آخرين بأنهم: قلدوا علامة تجارية تم تسجيلها طبقا للقانون لشركة ميدلاند الهندسية بطريقة تدعو إلى تضليل الجمهور. وطلبت عقابهم بمواد القانون رقم 57 سنة 1939 المعدل بالقانون رقم 531 سنة 1953 وادعى المدعي بالحق المدني بمبلغ 51 جنيها على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة أول درجة قضت حضوريا ببراءة المتهمين فاستأنفت النيابة والمدعي بالحق المدني هذا الحكم ومحكمة ثاني درجة قضت حضوريا أولا - بعدم قبول استئناف المدعي بالحق المدني وألزمته بالمصروفات الاستئنافية. ثانيا - قبول استئناف النيابة شكلا وفي الموضوع بتأييد الحكم المستأنف بالنسبة للمتهمين الثالث والرابع وبإجماع الآراء بإلغاء الحكم المستأنف بالنسبة للمتهمين الأول والثاني وبتغريم كل منهما 10 جنيهات والمصادرة. فطعن الوكيل عن الطاعنين في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.

المحكمة
... وحيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه أنه انطوى على إخلال بحق الدفاع وخطأ في تطبيق القانون. ذلك أن الدعوى الجنائية رفعت عليهما لاتهامهما بتقليد علامة تجارية بالتطبيق إلى القانون رقم 57 سنة 1939 الخاص بالعلامات والبيانات التجارية المعدل بالقانون رقم 143 لسنة 1940 والقانون رقم 531 لسنة 1953 ومع ذلك فقد دانهما الحكم المطعون فيه بجريمة الغش المعاقب عليها طبقا للفقرة الرابعة من المادة الأولى من القانون رقم 48 لسنة 1941 في شأن قمع التدليس والغش دون لفت نظر الدفاع عنهما لهذا التغيير في التهمة الأمر المخالف لحكم المادتين 307 و308 من قانون الاجراءات الجنائية التي تستلزم أولاهما قصر المحاكمة والعقاب على الواقعة الواردة بأمر الإحالة أو بطلب التكليف بالحضور وتجيز ثانيتهما مجرد تعديل وصف التهمة دون تغيير التهمة ذاتها وبشرط لفت نظر الدفاع, وما انتهى إليه الحكم يعد تعديلا للتهمة نظرا لاختلاف طبيعة كل من جريمتي تقليد العلامات التجارية والغش من حيث العناصر القانونية كما يختلفان من حيث شخص المجني عليه في كل منهما فهو في الجريمة الأولى التي رفعت بها الدعوى الجنائية (شركة ميدلاند الهندسية) بينما المجني عليه في جريمة الغش التي دين بها الطاعنان هو المشتري أو المتعاقد, مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما محصله "أن وكيل شركة" ميدلاند الهندسية أبلغ بأن الشركة حصلت على امتياز بيع محاريث شركة رنسون التي تصنع بانجلترا وأنه وصل إلى مجلس الشركة أن أشخاصا يقلدون هذه المحاريث ويضمون عليها علامة مزورة للشركة وأن أحد تلك المحاريث ضبط بدائرة قسم السيدة زينب وأن حائزه قرر أنه اشتراه من المتهمين الأولين (الطاعنين) وحيث أن محقق البوليس انتقل إلى محل هذين المتهمين فوجد أمامه خمسة محاريث قرر المتهم الثاني (الطاعن الثاني) أن أربعة منها صنعت بمحله وأن الماركات التي عليها هى من مصنعه وأنه يصنعها من الألومنيوم. وحيث إن المتهم الثاني (الطاعن الثاني) قرر بمحضر البوليس أنه يملك الورشة هو والمتهم الأول (الطاعن الأول) وأنهما يصنعان محاريث بلدية تشبه محاريث رنسون وأنهما يضعان عليها علامة محلية وأنه يتعهد بعدم العودة إلى ذلك مستقبلا - وبمثل ذلك قرر المتهم الأول (الطاعن الأول)" وخلص الحكم من ذلك إلى القول بأن قيام المتهمين الأول والثاني (الطاعنين) بصناعة محاريث بلدية ووضع علامات شركة رنسون عليها ثابت من ضبط أربعة منها أمام محلهما ومن اعتراف المتهمين بمحضر البوليس بأنهما قاما بصناعة تلك المحاريث والعلامات التي وجدت عليها. وحيث إنه وإن كان الفعل الذي ارتكبه هذان المتهمان (الطاعنان) لا يعد تقليدا لعلامة تجارية إذ أنه لم يثبت أن العلامة المقلدة قد سجلت طبقا للقانون إلا أنه يعتبر غشا طبقا للفقرة الرابعة من المادة الأولى من القانون رقم 48 لسنة 1941 وهو ما يمكن لهذه المحكمة أن تعدل الوصف على أساسه طبقا لنص المادة 308 أ. ج ومعاقبة المتهمين بالعقوبة المنصوص عليها في المادة الأولى من القانون المشار إليه". لما كان ذلك وكان يبين من الاطلاع على محاضر المحاكمة الاستئنافية أن مرافعة الطاعنين دارت حول تهمة تقليد العلامة التجارية التي رفعت بها الدعوى الجنائية دون أن تعدل المحكمة التهمة في مواجهة الطاعنين أو تلفت نظر الدفاع إلى هذا التعديل كي يعد دفاعه على أساسه, وكان التغيير الذي أجرته المحكمة في الوصف من جريمة تقليد علامة تجارية إلى جريمة غش ليس مجرد تغيير في وصف الأفعال المبينة في ورقة التكليف بالحضور - مما تملك المحكمة عملا بنص المادة 308 من قانون الإجراءات الجنائية إجراؤه في حكمها بغير سبق تعديل في التهمة وإنما هو تعديل في التهمة ذاتها يمس كيان الواقعة المادية التي أقيمت بها الدعوى الجنائية وبنيانها القانوني لاختلاف عناصر كل من جريمتي تقليد العلامة التجارية والغش عن الأخرى فالركن المادي في الجريمة الأولى ينحصر في إتيان فعل من أفعال التقليد أو التزوير أو الاستعمال لعلامة تجارية أو وضعها على منتجات بسوء نية أو بيعها أو عرضها للبيع وعليها هذه العلامة المقلدة أو المزورة - وكل من هذه الأفعال يكوّن في ذاته جرائم مستقلة ولها ممزاتها الخاصة - بينما الركن المادي في جريمة الغش التي دين بها الطاعنان تنحصر في فعل خداع المتعاقد أو الشروع في ذلك وينصب على بضاعة معينة بذاتها, وإنه وإن كان ما أجرته المحكمة في تغيير التهمة لا يتضمن في ظاهرة الاستناد إلى أساس آخر غير ذلك الذي شملته الأوراق, إلا أنه يعد مغايرا لعناصر الواقعة كما وردت في ورقة التكليف بالحضور مما كان يقتضي من المحكمة تنبيه الطاعنين إلى هذا التغيير الذي أجرته ومنحهما أجلا لتحضير دفاعهما إذا طلبا ذلك - أما وهى لم تفعل فإن حكمها يكون مخطئا في القانون مما يعيبه ويوجب نقضه وذلك بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.
وحيث إنه لما تقدم يتعين قبول الطعن ونقض الحكم المطعون فيه والإحالة.

الطعن 848 لسنة 26 جلسة 29 /10 /1956 مكتب فني 7 ج 3 ق 299 ص 1083


جلسة 29 من أكتوبر سنة 1956
برياسة السيد حسن داود - المستشار، وبحضور السادة: محمود إبراهيم إسماعيل، ومصطفى كامل، ومحمد محمد حسنين، وأحمد زكي كامل - المستشارين.
--------------
(299)
القضية رقم 848 سنة 26 القضائية

علامات تجارية. غش.
عدم مطابقة ما دون في البيان التجاري لما ثبت من اختلاف نسبة الدسم الداخلة في تركيب الجبن. مخالفة ذلك للقانون.
--------------
متى كان البيان التجاري موضوع الاتهام يتضمن ما لا يطابق الحقيقة لما اتضح من اختلاف نسبة الدسم الداخلة في تركيب الجبن، فإنه يعتبر مخالفاً للقانون ولو كانت نسبة الدسم في الجبن المعروض تزيد على ما هو مدون على البضاعة.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه عرض للبيع جبناً رومياً عليه بيانات غير مطابقة للحقيقة. وطلبت عقابه بمواد القانون رقم 57 لسنة 1939. ومحكمة جنح بولاق الجزئية قضت حضورياً عملاً بالمواد من 27 إلى 34 من القانون رقم 57 لسنة 1939 بتغريم المتهم خمسمائة قرش والمصادرة. فاستأنف المتهم هذا الحكم ومحكمة القاهرة الابتدائية قضت حضورياً بتأييد الحكم المستأنف وأمرت بوقف تنفيذ الغرامة لمدة ثلاث سنوات من اليوم وأعفت المتهم من المصروفات الجنائية. وذلك عملاً بالمادتين 55 و56 من قانون العقوبات.
فطعن الوكيل عن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة
... وحيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه مشوب بالقصور وبالخطأ في تطبيق القانون. ذلك أن الطاعن دفع أمام محكمة أول درجة ببطلان التفتيش لأن من أخذ العينة هو مفتش الأغذية التابع لوزارة الصحة وليس له صفة مأمور الضبط القضائي في تنفيذ أحكام القانون رقم 57 لسنة 1939 ولم يسبغ الشارع هذه الصفة إلا لموظفين تابعين لوزارة التجارة طبقاً للقانون رقم 143 لسنة 1949 وقد أعاد الطاعن إبداء هذا الدفع أمام محكمة ثاني درجة وصمم على ما جاء بشأنه في المذكرة المقدمة منه لمحكمة أول درجة. ولكن المحكمة لم ترد على هذا الدفع، وأما الخطأ في تطبيق القانون، فيقول الطاعن إن البيان المكتوب على غلاف الجبن هو أن نسبة الدسم فيه ثلاثة أرباع واتضح من التحليل أن الدسم كامل، فالبضاعة المعروضة أفضل مادة وتركيباً، والبيان التجاري في تعريف المادة 26 من القانون رقم 57 لسنة 1939 مقصود به حماية الجمهور من الغش والتضليل ولم يكن مراد الشارع من وضع القانون المذكور إلا تشجيع العمل الصالح الذي لا يعقل أن يجرمه الشارع ويعاقب عليه.
وحيث إن ما يقوله الطاعن في الوجه الأول من طعنه مردود بأن المرسوم الصادر في 12 من سبتمبر سنة 1940 بمنح صفة الضبطية القضائية للموظفين المنوط بهم تنفيذ القانون رقم 57 لسنة 1939 الخاص بالعلامات والبيانات التجارية. قد نص في المادة الأولى منه على أنه يعتبر علاوة على الموظفين المشار إليهم في المرسوم الصادر بتاريخ 4 أبريل سنة 1940 من مأمور الضبطية القضائية لإثبات المخالفات لأحكام القانون رقم 57 لسنة 1939... (6) الأطباء المخصصون لمراقبة المواد الغذائية ومفتشو الأغذية والمعاونون الصحيون بصحة البلدية بالإسكندرية كما نص البند (1) من هذا المرسوم أيضاً على طائفة أخرى من بينها مفتشو المأكولات، ومن ثم تكون الإجراءات التي تمت قد وقعت ممن له صفة في إجرائها، لما كان ذلك وكانت المادة 27 من القانون رقم 57 لسنة 1939 تنص على "أنه يجب أن يكون البيان التجاري مطابقاً للحقيقة من جميع الوجوه سواء أكان موضوعاً على نفس المنتجات أم على المحال أو المخازن أو بها أو على عنواناتها أو الأغلفة أو الفواتير أو أوراق الخطابات أو وسائل الإعلان أو غير ذلك مما يستعمل في عرض البضائع على الجمهور." ولما كان الغرض من البيان التجاري الذي يسجل على البضائع والعروض هو إرشاد المستهلكين على أشتات رغباتهم ومختلف حاجاتهم لاختيار ما يصلح لإشباع الرغبة الخاصة لكل منهم، لما كان ذلك وكان الحكم قد أثبت أن البيان موضوع الاتهام يتضمن ما لا يطابق الحقيقة لما اتضح من اختلاف نسبة الدسم الداخلة في تركيب الجبن، فإنه يعتبر بياناً مخالفاً للقانون، ويكون الحكم إذ دان الطاعن في الجريمة المسندة إليه يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً، أما ما يقوله الطاعن من أن نسبة الدسم في الجبن المعروضة تزيد على ما هو مدون على البضاعة وهو ما يرفع من قيمتها ومزاياها، فهو اعتبار مألوف يصدق في العرف التجاري حيث ترتفع أثمان السلع عند زيادة مركباتها أو ارتفاع أثمان عنصر أو أكثر من عناصرها والنظر في ذلك يتوجه إلى ذاتية البضاعة وحدها دون رغبة المستهلك الذي أراد الشارع حمايته من كل تضليل، لما كان ما تقدم فإن الطعن يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 59 لسنة 26 جلسة 24 /4 /1956 مكتب فني 7 ج 2 ق 186 ص 666


جلسة 24 من إبريل سنة 1956
برياسة السيد وكيل المحكمة مصطفى فاضل، وحضور السادة: محمود إبراهيم إسماعيل، ومحمد محمد حسنين، وفهيم يسي الجندي، وأحمد زكي كامل - المستشارين.
-------------
(186)
القضية رقم 59 سنة 26 القضائية

(أ) إجراءات.
طلب التأجيل للاستعداد. عدم التزام المحكمة بإجابته. شرطه.
(ب) دفاع.

سكوت المتهم عن المرافعة. الطعن على الحكم بسببه. غير جائز.
(ج) علامات تجارية.

تقدير وجود التشابه بين العلامتين أو عدمه. موضوعي.
------------
1 - المحكمة غير ملزمة بإجابة طلب التأجيل للاستعداد ما دام المتهم قد أعلن إعلاناً صحيحاً ولم يدع عكس ذلك.
2 - سكوت المتهم عن المرافعة لا يجوز أن ينبني عليه الطعن على الحكم ما دامت المحكمة لم تمنعه من إبداء دفاعه.
3 - وجود التشابه بين العلامتين التجاريتين الذي يخدع به جمهور المستهلكين أو عدمه هو من المسائل الموضوعية التي تدخل في سلطة قاضي الموضوع بلا معقب عليه من محكمة النقض.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة المطعون ضده "مارسيل جيللي" بأنه: قلد علامة تجارية لاستيفان تمفاكس "المدعي بالحق المدني" تم تسجيلها طبقاً للقانون بطريقة تدعو إلى تضليل الجمهور بأن وضع بسوء قصد بماركة (ماركة سان جورج) على منتجاته. وطلبت عقابه بالمواد 1 و3 و33/ 1 و2 من القانون رقم 57 لسنة 1939 وأقصى العقوبة واحتياطياً الحكم بعدم الاختصاص. وقد ادعى "استيفان تمفاكس" بحق مدني قبل المتهم بصفته مدير الشركة التجارية الفرنسية بمبلغ 51 جنيهاً على سبيل التعويض المدني المؤقت. نظرت محكمة جنح محرم بك الجزئية هذه الدعوى ثم قضت حضورياً ببراءة المتهم ورفض الدعوى المدنية وألزمت المدعي بالحق المدني بالمصاريف المدنية بلا مصاريف جنائية. فاستأنفت النيابة والمدعي بالحق المدني هذا الحكم. نظرت محكمة الإسكندرية الابتدائية هذا الاستئناف ثم قضت حضورياً بتأييد الحكم المستأنف بلا مصاريف جنائية. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.

المحكمة
وحيث إن الطاعن يعيب على الحكم المطعون فيه، أنه أخل بحقه في الدفاع وأخطأ في القانون وفي الاستدلال، ذلك بأن محكمة ثاني درجة لم تمكنه من إعداد دفاعه وإبدائه بأن لم تجبه إلى طلب التأجيل للاستعداد والتفتت عن الطلب الذي تقدم به إليها لإعادة القضية للمرافعة حتى يستطيع إبداء دفاعه معززاً بمستندات كان يسهل الحصول عليها، وهي إذ قضت في الدعوى على هذا الوجه يكون حكمها باطلاً، كما أنها تلقت مذكرة من الخصم وحافظة بمستندات بعد حجز القضية للحكم ومع أن هذه الأوراق لم تعلن للطاعن فإن المحكمة لم تشر في حكمها إلى ما يفيد استبعادها مع أن قبولها من شأنه أن يؤثر في عقيدة المحكمة مما ينطوي على إخلال بحق الدفاع، ويقول الطاعن أن تقرير التلخيص لم يتل بالجلسة خلافاً للثابت بمحضرها وأنه على استعداد لإثبات ذلك ولو بطريق الطعن بالتزوير، ويضيف أن الحكم جاء قاصراً إذ اكتفى بتأييد الحكم المستأنف لأسبابه دون أن يتعرض بشيء لوقائع الاستئناف وأسانيده وهو إلى هذا قضى على خلاف الثابت بالأوراق بأن قرر أن عبارة "سان جورج" التي أضافها الطاعن إلى علامته التي تتفق مع علامة الطاعن في أنهما تمثلان فارساً على جواد ويطعن تنيناً، لا يتوفر بها التقليد مما يخالف الثابت بالأوراق، فضلاً عن أن الحكم قصر في وصف جزئيات كل علامة حتى تتبين أوجه التطابق والخلاف بينهما ومدى ما تحدثه العبارة المضافة من أثر في ذلك، وأخيراً نفت المحكمة التقليد قولاً منها بأنه ليس هو التشابه في الجزئيات وإنما هو التشابه الإجمالي الذي يصور لأول وهلة أن العلامتين ترجعان لأصل واحد وفاتها أن إضافة عبارة "سان جورج" إلى علامة المطعون ضده قد جعلت التشابه تاماً بينها وبين علامة الطاعن في الجزئيات وفي الشكل العام مما يعتبر خطأ في الاستدلال وبذلك يكون الحكم معيباً متعيناً نقضه.
وحيث إن المحكمة غير ملزمة بإجابة طلب التأجيل للاستعداد ما دام الطاعن قد أعلن إعلاناً صحيحاً ولم يدع عكس ذلك، لما كان ذلك، وكان سكوت الطاعن عن المرافعة لا يجوز أن ينبني عليه الطعن على الحكم ما دامت المحكمة لم تمنعه من إبداء دفاعه، وكان الدفاع ينتهي عند إقفال باب المرافعة وقد قصر الطاعن في استعمال هذا الحق اكتفاء بطلب التأجيل للاستعداد في قضية تهيأت له من قبل فيها فرصة للمرافعة والاستعداد وهو بعد لم يشر بالجلسة إلى أنه بسبيل الحصول على مستندات كالتي يدعيها في تقرير أسباب الطعن حتى يدخل ذلك في تقدير محكمة الموضوع في حدود حقها وهي لا تلتزم بعد أن حجزت القضية للحكم بأن تجيب أي طلب يقدم إليها أو أن ترد عليه، ولما كان الطاعن لم يبين الوقائع والأسانيد التي قصر الحكم المطعون فيه الرد عليها وكان قول الطاعن في هذا الشأن مرسلاً وقد خلا محضر الجلسة مما يستدعي رداً جديداً فليس ثمة ما يعيب الحكم المطعون فيه الذي أيد الحكم المستأنف لأسبابه هذا إلى أنه ليس هناك ما يفيد أن مذكرة المطعون ضده التي قدمت بعد حجز القضية للحكم كانت محل دراسة فإن الحكم لم يتعرض بشيء إلى موضوعها ولم يتضمن أية إشارة إليها - ولما كان الثابت بمحضر الجلسة الاستئنافية أن تقرير التلخيص تلي بها، وكان الطاعن لم يسلك السبيل الذي رسم القانون للطعن فيما أثبت بمحضر الجلسة فلا محل للاعتداد بما يدعيه من عدم تلاوة التقرير، لما كان ما تقدم، وكان الحكم المستأنف الذي أيده الحكم المطعون فيه أخذاً بأسبابه بعد أن بين أن علامتي الطاعن والمطعون ضده تتفقان في أن كلاً منهما تمثل فارساً يطعن حيواناً وأن تسجيل علامة المطعون ضده يرجع إلى تاريخ أسبق من تاريخ تسجيل علامة الطاعن وأن جوهر الاتهام يقوم على مجرد إضافة عبارة "سان جورج" إلى علامة المطعون ضده التي كانت خالية منها عند التسجيل، وأن هذا الاسم هو الذي ترمز إليه تلك العلامة، بعد أن بين الحكم ذلك قال. "وحيث إن المحكمة قد قارنت العلامتين الخاصتين بالمتهم والمدعي بالحق المدني ببعضهما فتبين أنه يوجد تشابه في بعض الجزئيات، إلا أنه في مجموعهما تختلفان اختلافاً ظاهراً من حيث وضع الرسم وتركيب حروف كلمة "سان جورج" ووضعها داخل العلامة بالنسبة لعلامة المدعي بالحق المدني وأسفل العلامة بالنسبة لعلامة المتهم مما لا يؤدي إلى تضليل الجمهور أو وقوعه في الخطأ". ولما كان وجود التشابه بين العلامتين الذي ينخدع به جمهور المستهلكين أو عدمه هو من المسائل الموضوعية التي تدخل في سلطة قاضي الموضوع فلا معقب عليه من محكمة النقض، متى كانت الأسباب التي أقيم عليها الحكم تبرر النتيجة التي انتهى إليها - كما هو الحال في الدعوى - وقد نفى الحكم وجود هذا التشابه بأسباب صحيحة تبرره مستمدة من مقارنة العلامتين وفقاً لما تبين من الاطلاع على مقررات الدعوى التي أمرت المحكمة بضمهما تحقيقاً لأوجه الطعن. لما كان كل ما تقدم، فإن ما يأخذه الطاعن على الحكم في هذا الوجه، وكل ما يتصل به يكون في غير محله - ويكون الطعن في جملته على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.