الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 9 يناير 2019

الطعن 2983 لسنة 82 ق جلسة 1 / 10 / 2013 مكتب فني 64 ق 116 ص 770

جلسة 1 من أكتوبر سنة 2013
برئاسة السيد القاضي / فتحي جودة عبد المقصود نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / محمد محمد سعيد ، عثمان متولي حسن ، محمد متولي عامر وأحمد أحمد محمد خليل نواب رئيس المحكمة .
-------------
(116)
الطعن 2983 لسنة 82 ق
 (1) إعدام . نيابة عامة . نقض " التقرير بالطعن وإيداع الأسباب . ميعاده " . محكمة النقض " سلطتها " .
إثبات تاريخ تقديم مذكرة النيابة العامة في قضايا الإعدام . غير لازم لقبول عرضها للقضية . اتصال محكمة النقض بها بمجرد عرضها عليها . دون التقيد بالرأي الذي ضمنته النيابة العامة مذكرتها . أساس ذلك ؟
(2) أسباب الإباحة وموانع العقاب " موانع العقاب " " الجنون والعاهة العقلية " . دفوع " الدفع بانعدام المسئولية الجنائية " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . مسئولية جنائية . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير حالة المتهم العقلية " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
تقدير حالة المتهم العقلية والنفسية . موضوعي . ما دام سائغاً . الجدل فيه أمام محكمة النقض . غير جائز .
الدفع بانعدام مسئولية الطاعن لآفة عقلية لحقت به . غير مقبول . حد ذلك؟
 صدور القانون 71 لسنة 2009 بشأن رعاية المريض النفسي وإضافته حالة الاضطراب العقلي ضمن الحالات التي تنعدم بها المسئولية الجنائية . غير قادح في ذلك . ما دام الطاعن لم يدفع به .
مثال لتسبيب سائغ في اطراح الدفع بانعدام مسئولية الطاعن لآفة عقلية لحقت به .
(3) قتل عمد . قصد جنائي . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير توافر القصد الجنائي " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
قصد القتل . أمر خفي . إدراكه بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه . استخلاص توافره . موضوعي .
مثال لتسبيب سائغ للتدليل على توافر نية القتل .
(4) ظروف مشددة . سبق إصرار . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير توافر سبق الإصرار " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
سبق الإصرار . ماهيته ؟
البحث في توافر سبق الإصرار . موضوعي . شرط ذلك ؟
(5) قانون " تفسيره " . مسئولية جنائية . أسباب الإباحة وموانع العقاب " موانع العقاب " " الغيبوبة الناشئة عن فقدان الشعور ".
الغيبوبة المانعة من المسئولية في مفهوم المادة 62 عقوبات . ماهيتها ؟
الفصل في امتناع مسئولية المتهم لغيبوبة ناتجة عن مخدر دس عليه وقت الواقعة . موضوعي .
(6) رابطة السببية . إثبات " بوجه عام " . قتل عمد . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير توافر رابطة السببية " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
علاقة السببية في المواد الجنائية . ماهيتها ؟
ثبوت قيام علاقة السببية . موضوعي . ما دام الحكم قد أقام قضاءه على أسباب تؤدي إلى ما انتهى إليه .
إثبات الحكم قيام علاقة السببية بين فعل الطاعن ووفاة المجني عليه . لا قصور .
دفع الطاعن بانقطاع رابطة السببية بين اعتدائه على المجني عليه ووفاته لأول مرة أمام محكمة النقض . غير جائز . علة ذلك ؟
 (7) إثبات " بوجه عام " " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " " سلطتها في تقدير جدية التحريات " " سلطتها في تقدير الدليل " . استدلالات . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى . موضوعي . ما دام سائغاً .
للمحكمة التعويل على أقوال الشاهد في أي مرحلة من مراحل التحقيق . ولو تخالفت .
تناقض الشهود أو تضاربهم في أقوالهم أو تناقض رواياتهم في بعض تفصيلاتها .
لا يعيب الحكم . ما دام استخلص الحقيقة منها استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه .
للمحكمة التعويل على التحريات باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة . حد ذلك ؟
عدم إفصاح مأمور الضبط القضائي عن مصدر تحرياته . لا ينال من جديتها .
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام النقض.
(8) إثبات " بوجه عام " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
اعتماد الحكم على الأدلة بحيث ينبئ كل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى . غير لازم .
تساند الأدلة في المواد الجنائية . مؤداه ؟
للمحكمة أن تستمد اقتناعها من أي دليل تطمئن إليه . طالما له مأخذه الصحيح من الأوراق .
(9) إثبات " شهود " . إجراءات " إجراءات المحاكمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
إعراض المحكمة عن سماع شهود نفي لم يعلنوا وفقاً للمادة 214 مكرر إجراءات . لا تثريب عليها .
طلب سماع شهود نفي . دفاع موضوعي . وجوب أن يكون الفصل فيه لازماً للفصل في موضوع الدعوى وإلا فالمحكمة في حل من الاستجابة إليه أو الرد عليه صراحة .
(10) إعدام . حكم " بيانات حكم الإدانة " .
الحكم الصادر بالإعدام . ما يلزم من تسبيب لإقراره ؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كانت النيابة العامة وإن عرضت الدعوى الماثلة على هذه المحكمة - محكمة النقض - إعمالاً لنص المادة 46 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 المعدل ، مشفوعة بمذكرة بالرأي انتهت فيها إلى طلب إقرار الحكم فيما قضى به من إعدام المحكوم عليه ، دون إثبات تاريخ تقديمها ليستدل منه على أنه رُوعي عرضها في ميعاد الستين يوماً المبينة بالمادة 34 من ذلك القانون ، إلا أنه لما تجاوز هذا الميعاد - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة العامة ، بل إن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها وتستبين من تلقاء نفسها - دون أن تتقيد بالرأي الذي تضمنته مذكرة النيابة العامة - ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب ، يستوي في ذلك أن يكون عرض النيابة العامة في موعده المحدد قانوناً أو بعد فواته ، ومن ثم يتعين قبول عرض النيابة العامة للدعوى .
2- لما كان الحكم قد عرض لدفاع الطاعن في شأن ما زعمه من آفة عقلية لحقت به واطرحه في قوله : " .... لما كان من المقرر أن لهذه المحكمة أن تستبين من وقائع الدعوى وظروفها أن المتهم سليم العقل ومسئول عما وقع منه ، فهي ليست ملزمة بإجابة الدفاع إلى ما يطلبه من ندب خبير لتقرير حالة المتهم العقلية ما دامت قد استبانت سلامة عقله ومن حالته بإجاباته على ما وجهته إليه من الأسئلة ، وكان المرض العقلي الذي يوصف بأنه جنون أو عاهة عقلية وتنعدم به المسئولية قانوناً على مقتضى المادة 62 من قانون العقوبات هو المرض الذي من شأنه أن يعدم الشعور والإدراك ، أما سائر الأحوال النفسية التي لا تفقد الشخص شعوره وإدراكه لا تعد سبباً لانعدام المسئولية ، وكان البين من مسلك المتهم من مصاحبته للمجني عليه في التوجه سوياً إلى حفل الزفاف وتقدم المتهم إلى عريس الحفل لمصافحته وتهنئته بالزواج ثم قيامه بتهيئة سلاحه الناري وتصويبه إياه إلى جسد المجني عليه بالكيفية التي بانت في الأوراق تدل على أن المتهم كان بحالة إدراك ووعي لحظة إقدامه على فعله وساندته تحريات المباحث في عدم إصابته بأية عاهة عقلية ، كما أن المحكمة قد ناقشت المتهم بجلسة المحاكمة ووجهت له العديد من الأسئلة وقام المتهم بالإجابة عنها والتي استبانت منها بجلاء أن المتهم لا يعاني من أي عاهة عقلية وأنه كان في حالة إدراك تام ووعي كامل وبالتالي تكون مسئوليته كاملة عما وقع منه من أفعال القتل ، ومن ثم ترى المحكمة طرح طلب الدفاع " . لما كان ذلك ، وكان البين من أسباب الطعن أن ما أثاره الطاعن حاصله انعدام مسئوليته لآفة عقلية لحقت به ، فإن ما انتهى إليه الحكم - على السياق المتقدم - يكون صحيحاً في القانون ، وحسبه أنه من المقرر أن تقدير حالة المتهم العقلية والنفسية هي من الأمور الموضوعية التي تستقل محكمة الموضوع بالفصل فيها ما دامت تقيم تقديرها على أسباب سائغة وهو ما لم تخطئ في تقديره ، ويكون ما أثاره الطاعن مجرد جدل في تقدير الدليل مما لا يجوز الخوض فيه أمام محكمة النقض ، ولا يغير من ذلك صدور القانون رقم 71 لسنة 2009 بشأن قانون رعاية المريض النفسي الصادر بتاريخ 13 من مايو سنة 2009 - وكان تحت بصر المحكمة قبل صدور الحكم المطعون فيه - والذي نص في مادته الثانية على تعديل المادة 62 من قانون العقوبات وأضاف في ذلك التعديل حالة الاضطراب العقلي ضمن الحالات التي تنعدم بها المسئولية الجنائية عن الشخص الذي يعاني منها وقت ارتكاب الجريمة وهو ما لم يدفع به الطاعن ، بل أثار أنه لحقت به آفة عقلية ، وكانت المحكمة قد تناولت الرد على هذا الدفع على السياق المتقدم وخلصت في أسباب سائغة لدى تقديرها لأدلة الدعوى إلى تحقق مسئولية الطاعن الجنائية عن الجريمة المسندة إليه ، ومن ثم إدانته عنها باعتبار أن ذلك من الأمور الموضوعية التي تستقل محكمة الموضوع بالفصل فيها .
3- لما كان الحكم قد عرض للتدليل على توافر نية القتل في حق الطاعن في قوله : " .... لما كان قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر ، وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأحداث والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه ، ومن ثم فإن استخلاص هذه النية من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية ، وكانت المحكمة تستخلص توافر هذه النية في حق المتهم من وجود خلاف بين المتهم والمجني عليه لم تكشف الأوراق عن ماهيته واستعمال المتهم لسلاح قاتل بطبيعته (فرد خرطوش) وفي تصويبه هذا الفرد إلى المجني عليه في مقتل (جانبه الأيمن) ومن مسافة قريبة لم تجاوز مدى تجمع الرش والذي قدره الطبيب الشرعي في تقريره بحوالي من مثلي إلى ثلاثة أمثال طول ماسورة السلاح الناري المذكور وما أدت إليه من تهتك بالرئة اليمنى والكبد ونزيف دموي غزير ، ومن كل ما سبق فإنه يدل على أن المتهم قد أراد من إطلاق العيار الناري على المجني عليه إزهاق روحه .... " . لما كان ذلـك ، وكان من المقرر أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه ، فإن استخلاص هذه النية من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية، وكان ما أورده الحكم على النحو المتقدم كافياً وسائغاً في التدليل على توافر نية القتل لدى الطاعن.
4- من المقرر أن سبق الإصرار حالة ذهنية تقوم بنفس الجاني فلا يستطيع أحد أن يشهد بها مباشرة بل تستفاد من وقائع خارجية يستخلصها منها القاضي استخلاصاً ، وكان البحث في توافر ظرف سبق الإصرار من إطلاقات قاضي الموضوع يستنتجه من ظروف الدعوى وعناصرها ما دام موجب تلك الظروف وهذه العناصر لا يتنافر عقلاً مع ذلك الاستنتاج ، ولما كان ما أورده الحكم في تدليله على توفر ظرف سبق الإصرار في حق الطاعن كافياً وسائغاً في تحقيق هذا الظرف كما هو معرف به في القانون ، فإن ما أثير في هذا الشأن لا يكون سديداً .
5- لما كان الحكم قد عرض لدفاع الطاعن بامتناع مسئوليته إذ كان تحت تأثير مخدر تم دسه عليه وقت الحادث واطرحه لأسباب سائغة ولأنه كان أهلاً لمسائلته جنائياً إذ توفر له الإدراك والاختيار وقت مقارفته للفعل المجرم الذي ثبت في حقه ، وكان الأصل أن الغيبوبة المانعة من المسئولية بموجب المادة 62 من قانون العقوبات المستبدلة بالقانون رقم 71 لسنة 2009 هي تلك الناشئة عن عقاقير مخدرة تناولها الجاني قهراً عنه أو على غير علم منه بحقيقتها بحيث تفقده الشعور والاختيار فيما يفعل وقت ارتكاب الجريمة ، وكان الفصل في امتناع مسئولية المتهم تأسيساً على أنه كان في غيبوبة ناتجة عن مخدر دس عليه وقت الواقعة أمر يتعلق بوقائع الدعوى يقدره قاضي الموضوع دون معقب عليه .
6- لما كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه استظهر قيام علاقة السببية بين إصابات المجني عليه التي أودت بحياته والتي أوردها تفصيلاً تقرير الصفة التشريحية وبين وفاته ، إذ أثبت أن الطاعن أطلق على المجني عليه عياراً نارياً صوب الجانب الأيمن منه قاصداً قتله فأصابه بتهتك بالرئة اليمنى والكبد وذلك من واقع تقرير الصفة التشريحية ، وإذ كان من المقرر أن علاقة السببية في المواد الجنائية علاقة مادية تبدأ بالفعل الضار الذي قارفه الجاني وترتبط معنوياً بما يجب أن يتوقعه من نتائج مألوفة لفعله إذا ما أتاه عمداً ، وثبوت قيام هذه العلاقة من المسائل الموضوعية التي ينفرد قاضي الموضوع بتقديرها فمتى فصل في شأنها إثباتاً أو نفياً فلا رقابة لمحكمة النقض ما دام قد أقام قضاءه في ذلك على أسباب تؤدي لما انتهى إليه ، ومن ثم يكون الحكم قد أثبت بما فيه الكفاية العناصر التي تستقيم بها علاقة السببية بين فعله وما ترتب عليه ، هذا فضلاً عن أنه لا يبين من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعن قد تمسك أمام محكمة الموضوع بما يثيره في طعنه من انقطاع رابطة السببية بين اعتدائه على المجني عليه ووفاته ، فإن المحكمة غير ملزمة بالرد على دفاع لم يطرح أمامها ولا يقبل منه إثارته لأول مرة أمام هذه المحكمة ؛ لأنه يقتضي تحقيقاً موضوعياً تنحسر عنه وظيفتها .
7- من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود ، وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها الصحيح في الأوراق ، كما أن لها التعويل على أقوال الشاهد في أي مرحلة من مراحل التحقيق ولو تخالفت ، كما أن تناقض الشهود أو تضاربهم في أقوالهم أو تناقض رواياتهم في بعض تفصيلاتها - بفرض حصوله - لا يعيب الحكم أو يقدح في سلامته ما دام الحكم قد استخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه ولم يورد تلك التفصيلات على نحو يركن به إليها في تكوين عقيدتها ، هذا إلى أنه لمحكمة الموضوع أن تعول على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ما دامت - كحال الدعوى الماثلة - قد اطمأنت إلى جديتها ، ولا ينال من ذلك ألا يفصح مأمور الضبط القضائي عن مصدر تلك التحريات ، وإذ كان الطاعن لا يماري في أن ما حصله الحكم من أقوال شهود الإثبات له معينه الصحيح في الأوراق ، وقد اطمأنت المحكمة إلى صورة الواقعة كما وردت في أقوالهم معززة بتحريات الشرطة ، فضلاً عن أن الحكم لم يعول على أقوال شقيق المجني عليه فلا يجوز إثارة ثمة تعارض بين أقواله وتحريات الشرطة ، ومن ثم ينحل ما يثيره الطاعن من منازعة في التصوير الذي أخذت به المحكمة إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل مما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب عليها ولا يجوز إثارته أمام محكمة النقض .
8- من المقرر أنه لا يلزم أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى ، ويكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه ، إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة التي لها كامل الحرية في أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه طالما أن هذا الدليل له مأخذه الصحيح من الأوراق وهو ما لم يخطئ الحكم في تقديره ، ومن ثم يكون ما يثار في شأن تعويل الحكم على تقرير الصفة التشريحية في معرض تدليله على ثبوت الواقعة لا محل له .
9- لما كان الطاعن لا يدعي في أسباب طعنه أنه اتبع الطريق الذي رسمته المادة 214 مكرر المضافة بالقانون رقم 170 لسنة 1981 إلى قانون الإجراءات الجنائية لإعلان الشهود الذي يطلب سماعهم أمام محكمة الجنايات ، فلا تثريب على المحكمة إن هي أعرضت عن طلب الطاعن بسماع شهود النفي ، فضلاً عن أن سماعهم يجب أن يكون كسائر الدفوع الموضوعية ظاهر التعلق بموضوع الدعوى أي أن يكون لازماً للفصل في الموضوع ذاته ، وإلا فالمحكمة تكون في حل من الاستجابة لطلب سماعهم أو الرد على ذلك صراحة ، ومن ثم يكون ما أثاره الطاعن غير مقبول .
10- لما كان البين من الاطلاع على أوراق الدعوى أن الحكم المطروح قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان بها المحكوم عليه بالإعدام ، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة لها معينها الصحيح من الأوراق ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها على ما سلف بيانه في معرض التصدي لأوجه الطعن المقدمة من الطاعن ، كما أن إجراءات المحاكمة قد تمت وفقاً للقانون من حضور مدافعين توافرت فيهم الشروط المقررة وإعمالاً لما تقضي به الفقرة الثانية من المادة 381 من قانون الإجراءات الجنائية المعدل بالقانون رقم 107 لسنة 1969 من استطلاع رأي مفتي الجمهورية قبل إصدار الحكم بالإعدام ، وصدوره بإجماع آراء أعضاء المحكمة ، وقد خلا الحكم من عيوب مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو تأويله ، وصدر من محكمة مشكلة وفقاً للقانون ، ولها ولاية الفصل في الدعوى ، ولم يصدر بعده قانون يسري على واقعة الدعوى يصح أن يستفيد منه المحكوم عليه على نحو ما نصت عليه المادة الخامسة من قانون العقوبات ، فيتعين لذلك ، قبول عرض النيابة العامة وإقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه / .... .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائـع
اتهمت النيابـة العامـة الطاعن بأنـه : 1- قتل عمداً المجني عليه / .... مع سبق الإصرار بأن عقد العزم وبيت النية على قتله وأعد لذلك سلاحاً نارياً " فرد خرطوش " محلي الصنع وما إن ظفر به حتى هيأ سلاحه للإطلاق وأطلق عليه عياراً نارياً قاصداً من ذلك إزهاق روحه فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الطب الشرعي والتي أودت بحياته على النحو المبين بالتحقيقات .
2- أحرز بغير ترخيص سلاحاً نارياً غير مششخناً ( فرد خرطوش ) على النحو المبين بالتحقيقات . 3- أحرز ذخائر ( عدد واحد طلقة ) مما تستعمل في السلاح الناري موضوع الوصف السابق دون أن يكون مرخصاً له على النحو المبين بالتحقيقات .
وأحالته إلى محكمة جنايات .... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
وادعى والد وشقيق المجني عليه مدنياً بمبلغ 10001 عشرة آلاف وواحد جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت .
والمحكمة قررت بإحالة أوراق الدعوى إلى فضيلة مفتي جمهورية مصر العربية لإبداء الرأي فيها وحددت جلسة .... للنطق بالحكم ، وبالجلسة المحددة قضت حضورياً وبإجماع الأراء وعمـلاً بالمادتين 230 ، 231 من قانون العقوبات والمواد 1/1 ، 6 ، 26/5،1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقمي 26 لسنة 1978 ، 165 لسنة 1981 والجدول رقم (2) المرفق بالقانون الأول ، بمعاقبته بالإعدام شنقاً عما أسند إليه وبإحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المختصة .
فطعـن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ.
كما عرضت النيابة العامة القضية على محكمة النقض .... إلخ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـة

أولاً : بالنسبة لعرض النيابة العامة للقضية :
حيث إن النيابة العامة وإن عرضت الدعوى الماثلة على هذه المحكمة - محكمة النقض - إعمالاً لنص المادة 46 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 المعدل ، مشفوعة بمذكرة بالرأي انتهت فيها إلى طلب إقرار الحكم فيما قضى به من إعدام المحكوم عليه ، دون إثبات تاريخ تقديمها ليستدل منه على أنه رُوعي عرضها في ميعاد الستين يوماً المبينة بالمادة 34 من ذلك القانون ، إلا أنه لما تجاوز هذا الميعاد - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة العامة ، بل إن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها وتستبين من تلقاء نفسها - دون أن تتقيد بالرأي الذي تضمنته مذكرة النيابة العامة - ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب ، يستوي في ذلك أن يكون عرض النيابة العامة في موعده المحدد قانوناً أو بعد فواته ، ومن ثم يتعين قبول عرض النيابة العامة للدعوى .

ثانياً : بالنسبة لطعن المحكوم عليه :
حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم القتل العمد مع سبق الإصرار وإحراز سلاح ناري وذخيرة دون ترخيص ، قد شابه القصور والتناقض في التسبيب ، وران عليه الفساد في الاستدلال ، وعابه الإخلال بحق الدفاع ، ذلك أنه دفع بانعدام مسئوليته لآفة عقلية لحقت به طالباً عرضه على مستشفى الأمراض العقلية واطرح الحكم دفعه بما لا يسوغ ، كما دلل على توافر نية القتل في حقه بما لا يكفي ، مستدلاً على ذلك باستخدام سلاح قاتل وإصابة المجني عليه في مقتل ، ودلل على توافر سبق الإصرار لخلافات سابقة بينه وبين المجني عليه الأمر الذي خلت منه تحريات الشرطة وأقوال شقيق المجني عليه بما لا يسوغ سنداً لقيامه ، واطرح الحكم بما لا يصلح دفاعه بأنه كان فاقد للشعور والإدراك وتحت تأثير مخدر دسه عليه المجني عليه ، كما لم يستظهر توافر رابطة السببية بين فعله وما لحق بالمجني عليه ، وتساند إلى تحريات الشرطة رغم دفعه بعدم جديتها وتناقضها مع أقوال شاهدي الإثبات وشقيق المجني عليه ، وجهالة مصدرها ، كما عوّل على تقرير الصفة التشريحية في إسناد الاتهام رغم كفاية ذلك ، كما لم تجبه المحكمة لطلب سماع الشهود الذي سماهم ، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد بيّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها ، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة استمدها من أقوال .... ، و.... ، والضابطين / .... ، و.... ، ومما ثبت بتقرير الصفة التشريحية والأسطوانة المدمجة الخاصة بحفل الزفاف الذي حدثت فيه الواقعة ، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم ، لما كان ذلك ، وكان الحكم قد عرض لدفاع الطاعن في شأن ما زعمه من آفة عقلية لحقت به واطرحه في قوله : " .... لما كان من المقرر أن لهذه المحكمة أن تستبين من وقائع الدعوى وظروفها أن المتهم سليم العقل ومسئول عما وقع منه ، فهي ليست ملزمة بإجابة الدفاع إلى ما يطلبه من ندب خبير لتقرير حالة المتهم العقلية ما دامت قد استبانت سلامة عقله ومن حالته بإجاباته على ما وجهته إليه من الأسئلة وكان المرض العقلي الذي يوصف بأنه جنون أو عاهة عقلية وتنعدم به المسئولية قانوناً على مقتضى المادة 62 من قانون العقوبات هو المرض الذي من شأنه أن يعدم الشعور والإدراك ، أما سائر الأحوال النفسية التي لا تفقد الشخص شعوره وإدراكه لا تعد سبباً لانعدام المسئولية ، وكان البين من مسلك المتهم من مصاحبته للمجني عليه في التوجه سوياً إلى حفل الزفاف وتقدم المتهم إلى عريس الحفل لمصافحته وتهنئته بالزواج ثم قيامه بتهيئة سلاحه الناري وتصويبه إياه إلى جسد المجني عليه بالكيفية التي بانت في الأوراق تدل على أن المتهم كان بحالة إدراك ووعي لحظة إقدامه على فعله وساندته تحريات المباحث في عدم إصابته بأية عاهة عقلية كما أن المحكمة قد ناقشت المتهم بجلسة المحاكمة ووجهت له العديد من الأسئلة وقام المتهم بالإجابة عنها والتي استبانت منها بجلاء أن المتهم لا يعاني من أي عاهة عقلية وأنه كان في حالة إدراك تام ووعي كامل وبالتالي تكون مسئوليته كاملة عما وقع منه من أفعال القتل ، ومن ثم ترى المحكمة طرح طلب الدفاع " ، لما كان ذلك ، وكان البين من أسباب الطعن أن ما أثاره الطاعن حاصله انعدام مسئوليته لآفة عقلية لحقت به ، فإن ما انتهى إليه الحكم - على السياق المتقدم - يكون صحيحاً في القانون ، وحسبه أنه من المقرر أن تقدير حالة المتهم العقلية والنفسية هي من الأمور الموضوعية التي تستقل محكمة الموضوع بالفصل فيها ما دامت تقيم تقديرها على أسباب سائغة وهو ما لم تخطئ في تقديره ، ويكون ما أثاره الطاعن مجرد جدل في تقدير الدليل مما لا يجوز الخوض فيه أمام محكمة النقض ، ولا يغير من ذلك صدور القانون رقم 71 لسنة 2009 بشأن قانون رعاية المريض النفسي الصادر بتاريخ 13 من مايو سنة 2009 - وكان تحت بصر المحكمة قبل صدور الحكم المطعون فيه - والذي نص في مادته الثانية على تعديل المادة 62 من قانون العقوبات وأضاف في ذلك التعديل حالة الاضطراب العقلي ضمن الحالات التي تنعدم بها المسئولية الجنائية عن الشخص الذي يعاني منها وقت ارتكاب الجريمة وهو ما لم يدفع به الطاعن ، بل أثار أنه لحقت به آفة عقلية ، وكانت المحكمة قد تناولت الرد على هذا الدفع على السياق المتقدم وخلصت في أسباب سائغة لدى تقديرها لأدلة الدعوى إلى تحقق مسئولية الطاعن الجنائية عن الجريمة المسندة إليه ، ومن ثم إدانته عنها باعتبار أن ذلك من الأمور الموضوعية التي تستقل محكمة الموضوع بالفصل فيها . لما كان ذلـك ، وكان الحكم قد عرض للتدليل على توافر نية القتل في حق الطاعن في قوله : " .... لما كان قصد القتل أمراً خفياً لا يدرك بالحس الظاهر ، وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأحداث والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه ، ومن ثم فإن استخلاص هذه النية من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية ، وكانت المحكمة تستخلص توافر هذه النية في حق المتهم من وجود خلاف بين المتهم والمجني عليه لم تكشف الأوراق عن ماهيته واستعمال المتهم لسلاح قاتل بطبيعته (فرد خرطوش) وفي تصويبه هذا الفرد إلى المجني عليه في مقتل (جانبه الأيمن) ومن مسافة قريبة لم تجاوز مدى تجمع الرش والذي قدره الطبيب الشرعي في تقريره بحوالي من مثلي إلى ثلاثة أمثال طول ماسورة السلاح الناري المذكور وما أدت إليه من تهتك بالرئة اليمنى والكبد ونزيف دموي غزير ، ومن كل ما سبق فإنه يدل على أن المتهم قد أراد من إطلاق العيار الناري على المجني عليه إزهاق روحه .... " ، لما كان ذلـك ، وكان من المقرر أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه ، فإن استخلاص هذه النية من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية ، وكان ما أورده الحكم على النحو المتقدم كافياً وسائغاً في التدليل على توافر نية القتل لدى الطاعن . لما كان ذلك ، وكان سبق الإصرار حالة ذهنية تقوم بنفس الجاني فلا يستطيع أحد أن يشهد بها مباشرة بل تستفاد من وقائع خارجية يستخلصها منها القاضي استخلاصاً ، وكان البحث في توافر ظرف سبق الإصرار من إطلاقات قاضي الموضوع يستنتجه من ظروف الدعوى وعناصرها ما دام موجب تلك الظروف وهذه العناصر لا يتنافر عقلاً مع ذلك الاستنتاج ، ولما كان ما أورده الحكم في تدليله على توفر ظرف سبق الإصرار في حق الطاعن كافياً وسائغاً في تحقيق هذا الظرف كما هو معرف به في القانون ، فإن ما أثير في هذا الشأن لا يكون سديداً . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد عرض لدفاع الطاعن بامتناع مسئوليته إذ كان تحت تأثير مخدر تم دسه عليه وقت الحادث واطرحه لأسباب سائغة ولأنه كان أهلاً لمسائلته جنائياً إذ توفر له الإدراك والاختيار وقت مقارفته للفعل المجرم الذي ثبت في حقه ، وكان الأصل أن الغيبوبة المانعة من المسئولية بموجب المادة 62 من قانون العقوبات المستبدلة بالقانون رقم 71 لسنة 2009 هي تلك الناشئة عن عقاقير مخدرة تناولها الجاني قهراً عنه أو على غير علم منه بحقيقتها بحيث تفقده الشعور والاختيار فيما يفعل وقت ارتكاب الجريمة ، وكان الفصل في امتناع مسئولية المتهم تأسيساً على أنه كان في غيبوبة ناتجة عن مخدر دس عليه وقت الواقعة أمر يتعلق بوقائع الدعوى يقدره قاضي الموضوع دون معقب عليه . لما كان ذلك ، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه استظهر قيام علاقة السببية بين إصابات المجني عليه التي أودت بحياته والتي أوردها تفصيلاً تقرير الصفة التشريحية وبين وفاته ، إذ أثبت أن الطاعن أطلق على المجني عليه عياراً نارياً صوب الجانب الأيمن منه قاصداً قتله فأصابه بتهتك بالرئة اليمنى والكبد وذلك من واقع تقرير الصفة التشريحية ، وإذ كان من المقرر أن علاقة السببية في المواد الجنائية علاقة مادية تبدأ بالفعل الضار الذي قارفه الجاني وترتبط معنوياً بما يجب أن يتوقعه من نتائج مألوفة لفعله إذا ما أتاه عمداً ، وثبوت قيام هذه العلاقة من المسائل الموضوعية التي ينفرد قاضي الموضوع بتقديرها فمتى فصل في شأنها إثباتاً أو نفياً فلا رقابة لمحكمة النقض ما دام قد أقام قضاءه في ذلك على أسباب تؤدي لما انتهى إليه ، ومن ثم يكون الحكم قد أثبت بما فيه الكفاية العناصر التي تستقيم بها علاقة السببية بين فعله وما ترتب عليه ، هذا فضلاً عن أنه لا يبين من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعن قد تمسك أمام محكمة الموضوع بما يثيره في طعنه من انقطاع رابطة السببية بين اعتدائه على المجني عليه ووفاته ، فإن المحكمة غير ملزمة بالرد على دفاع لم يطرح أمامها ولا يقبل منه إثارته لأول مرة أمام هذه المحكمة ؛ لأنه يقتضي تحقيقاً موضوعياً تنحسر عنه وظيفتها . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود ، وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها الصحيح في الأوراق ، كما أن لها التعويل على أقوال الشاهد في أي مرحلة من مراحل التحقيق ولو تخالفت ، كما أن تناقض الشهود أو تضاربهم في أقوالهم أو تناقض رواياتهم في بعض تفصيلاتها - بفرض حصوله - لا يعيب الحكم أو يقدح في سلامته ما دام الحكم قد استخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه ولم يورد تلك التفصيلات على نحو يركن به إليها في تكوين عقيدتها ، هذا إلى أنه لمحكمة الموضوع أن تعول على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ما دامت - كحال الدعوى الماثلة - قد اطمأنت إلى جديتها ، ولا ينال من ذلك ألا يفصح مأمور الضبط القضائي عن مصدر تلك التحريات ، وإذ كان الطاعن لا يماري في أن ما حصله الحكم من أقوال شهود الإثبات له معينه الصحيح في الأوراق ، وقد اطمأنت المحكمة إلى صورة الواقعة كما وردت في أقوالهم معززة بتحريات الشرطة ، فضلاً عن أن الحكم لم يعول على أقوال شقيق المجني عليه فلا يجوز إثارة ثمة تعارض بين أقواله وتحريات الشرطة ، ومن ثم ينحل ما يثيره الطاعن من منازعة في التصوير الذي أخذت به المحكمة إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل مما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب عليها ولا يجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه لا يلزم أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى ، ويكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه ، إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة التي لها كامل الحرية في أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه طالما أن هذا الدليل له مأخذه الصحيح من الأوراق وهو ما لم يخطئ الحكم في تقديره ، ومن ثم يكون ما يثار في شأن تعويل الحكم على تقرير الصفة التشريحية في معرض تدليله على ثبوت الواقعة لا محل له . لما كان ذلك ، وكان الطاعن لا يدعي في أسباب طعنه أنه اتبع الطريق الذي رسمته المادة 214 مكرر المضافة بالقانون رقم 170 لسنة 1981 إلى قانون الإجراءات الجنائية لإعلان الشهود الذي يطلب سماعهم أمام محكمة الجنايات ، فلا تثريب على المحكمة إن هي أعرضت عن طلب الطاعن بسماع شهود النفي ، فضلاً عن أن سماعهم يجب أن يكون كسائر الدفوع الموضوعية ظاهر التعلق بموضوع الدعوى أي أن يكون لازماً للفصل في الموضوع ذاته ، وإلا فالمحكمة تكون في حل من الاستجابة لطلب سماعهم أو الرد على ذلك صراحة ، ومن ثم يكون ما أثاره الطاعن غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان البين من الاطلاع على أوراق الدعوى أن الحكم المطروح قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان بها المحكوم عليه بالإعدام ، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة لها معينها الصحيح من الأوراق ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها على ما سلف بيانه في معرض التصدي لأوجه الطعن المقدمة من الطاعن ، كما أن إجراءات المحاكمة قد تمت وفقاً للقانون من حضور مدافعين توافرت فيهم الشروط المقررة وإعمالاً لما تقضي به الفقرة الثانية من المادة 381 من قانون الإجراءات الجنائية المعدل بالقانون رقم 107 لسنة 1969 من استطلاع رأي مفتي الجمهورية قبل إصدار الحكم بالإعدام ، وصدوره بإجماع آراء أعضاء المحكمة ، وقد خلا الحكم من عيوب مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو تأويله ، وصدر من محكمة مشكلة وفقاً للقانون ، ولها ولاية الفصل في الدعوى ، ولم يصدر بعده قانون يسري على واقعة الدعوى يصح أن يستفيد منه المحكوم عليه على نحو ما نصت عليه المادة الخامسة من قانون العقوبات ، فيتعين لذلك ، قبول عرض النيابة العامة وإقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه / .... .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 9981 لسنة 4 ق جلسة 17 / 9 / 2013 مكتب فني 64 ق 113 ص 754

جلسة 17 من سبتمبر 2013
برئاسة السيد القاضي / محمد محمد السيد سعيد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / عثمان متولي حسن ، محمد متولي عامر ، إسماعيل إسماعيل خليل وسامح عبد الله عبد الرحيم نواب رئيس المحكمة .
--------------------
(113)
الطعن 9981 لسنة 4 ق
(1) حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . إهانة موظف عام . جريمة " أركانها " . قصد جنائي . باعث .
بيان الحكم واقعة الدعوى وإيراده على ثبوتها في حق الطاعن أدلة سائغة تؤدي لما رتبه عليها . لا قصور .
جريمة الإهانة المنصوص عليها بالمادة 133 عقوبات . تحققها : متى كانت الأفعال أو العبارات تحمل معنى الإساءة أو المساس بالشعور أو الغض من الكرامة .
تعمد توجيه ألفاظ تحمل بذاتها معنى الإهانة . كفايته لتوافر القصد الجنائي في تلك الجريمة . سواء أثناء تأدية الوظيفة أو بسببها بغض النظر عن الباعث على توجيهها .
مثال .
(2) وصف التهمة . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
النعي بخصوص وصف التهمة لأول مرة أمام محكمة النقض . غير جائز .
(3) إثبات " شهود " " قرائن " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " " سلطتها في تقدير جدية التحريات " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " . استدلالات . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
وزن أقوال الشهود وتقديرها . موضوعي .
التناقض في أقوال الشاهد . لا يعيب الحكم . ما دام استخلص الإدانة من أقواله بما لا تناقض فيه .
أخذ المحكمة بأقوال الشاهد . مفاده ؟
سكوت الضابط عن الإدلاء بأسماء القوة المرافقة له . لا ينال من سلامة أقواله .
(4) إثبات " بوجه عام " . استدلالات . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير جدية التحريات " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها "
للمحكمة التعويل على التحريات باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة . حد ذلك ؟
الجدل الموضوعي في تقدير أدلة الدعوى . غير جائز أمام النقض .
(5) إثبات " شهود " " معاينة " . إجراءات " إجراءات التحقيق " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
النعي بوجود نقص بتحقيقات النيابة العامة لعدم معاينة مكان الضبط أو سماع شهود النفي . تعييب للإجراءات السابقة على المحاكمة . لا يصح سبباً للطعن في الحكم .
(6) إجراءات " إجراءات المحاكمة " . إثبات " شهود " . محكمة استئنافية . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
الطلب الجازم . ماهيته ؟
نعي الطاعن عدم إجابته لطلب سماع شهود نفي لم يصر المدافع عنه بصدر مرافعته أو بختامها على سماعهم أمام المحكمة الاستئنافية . غير جائز . علة ذلك ؟
مثال .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الحكم المطعون فيه والذي أنشأ لنفسه أسباب جديدة قد بين واقعة الدعوى بما مؤداه أنه بتاريخ .... نفاذاً لإذن النيابة العامة الصادر بضبط وتفتيش شخص ومسكن المتحرى عليهما شقيقي المتهم لضبط ما يحوزانه أو يحرزانه من أسلحة نارية وذخائر بدون ترخيص انتقلت قوة من الشرطة السريين إلى مسكن المأذون بتفتيشهما وآنذاك تقابل الملازم أول / .... مع المتهم والذي تحدث معه بصوت مرتفع وتعدى عليه والقوة المرافقة بالسب والشتم مردداً عبارة " يا ولاد الكلب يا أوساخ ينعل أبو الشرطة على الحكومة كلها ولاد كلاب أوساخ " وحيث توجت تحريات إدارة البحث الجنائي وما جاء على لسان مجريها بتحقيقات النيابة العامة الخاصة بالواقعة وتعدى المتهم على ضابط الواقعة والقوة بالسب والشتم وإحداث حالة من الفوضى لتنبيه شقيقه المأذون بتفتيشه , وأورد الحكم على ثبوت الواقعة على هذه الصورة في حق الطاعن أدلة سائغة تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها . لما كان ذلك , وكان الحكم في بيانه لواقعة الدعوى قد أورد ألفاظ الإهانة التي بدرت من الطاعن وبين أنها وجهت منه إلى الضابط والقوة المرافقة أثناء تأدية عملهم وإذ كان لا يشترط لتوفر جريمة الإهانة المنصـــــوص عليها في المادة 133 من قانون العقوبات أن تكون الأفعال والعبارات المستعملة مشتملة على قذف أو سب أو إسناد أمر معين ، بل يكفي أن يحمل معنى الإساءة أو المساس بالشعور أو الغض من الكرامة ، وأنه يكفي لتوافر القصد الجنائي فيها تعمد توجيه ألفاظ تحمل بذاتها معنى الإهانة إلى الموظف سواء أثناء تأدية الوظيفة أو بسببها بغض النظر عن الباعث على توجيهها , فمتى ثبت للمحكمة صدور الألفاظ المهينة فلا حاجة لها بعد ذلك للتدليل صراحة في حكمها على أن الجاني قصد بها الإساءة أو الإهانة ، ولما كانت العبارات التي أثبت الحكم صدورها من الطاعن للضابط المعتدى عليه أثناء تأدية وظيفته تفيد بذاتها قصد الإهانة ، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم من قصور في بيان ألفاظ الإهانة والقصد الجنائي منها لا يكون له أساس .
2- لما كان الطاعن لم يثر شيئاً بخصوص وصف التهمة أمام محكمة الموضوع فلا يجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض .
3- من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب وأن التناقض في أقوال الشاهد - على فرض حصوله – لا يعيب الحكم ما دام قد استخلص الإدانة من أقواله استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - ومتى أخذت المحكمة بأقوال الشاهد دل ذلك على اطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها وأن سكوت الضابط عن الإدلاء بأسماء القوة المرافقة له لا ينال من سلامة أقواله وكفايتها كدليل في الدعوى .
4- من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ما دامت تلك التحريات قد عرضت على بساط البحث ، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الخصوص ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير أدلة الدعوى مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض .
5- لما كان يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن أو المدافع عنه لم يثر شيئاً عن وجود نقص بتحقيقات النيابة العامة لعدم معاينة مكان الضبط أو سماع شهود النفي ولم يطلب من محكمة الموضوع تدارك ما شاب تحقيقات النيابة العامة من نقص ، فإن ما يثيره في هذا الشأن لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة على المحاكمة بما لا يصح أن يكون سبباً للطعن في الحكم .
6- لما كان البين من الاطلاع على محضر جلسة المعارضة المؤرخ .... أن المدافع عن الطاعن طلب سماع شهود نفي ثم نظرت الدعوى أمام محكمة الجنح المستأنفة بجلسة .... وترافع المدافع عن الطاعن واختتم مرافعته بطلب البراءة وفيها حجزت المحكمة الدعوى للحكم لجلسة .... دون أن يصر المدافع عن الطاعن بصدر مرافعته أو بختامها على سماع شهود نفي ، مما مفاده أنه عدل عن هذا الطلب ، وكان من المقرر أن الطلب الذي تلتزم محكمة الموضوع بإجابته أو الرد عليه هو الطلب الجازم الذي يصر عليه مقدمه ولا ينفك عن التمسك به والإصرار عليه في طلباته الختامية ، ومن ثم فليس للطاعن أن ينعى على المحكمة عدم إجابته إلى طلب سماع شهود النفي ، فإن ما يثيره من دعوى الإخلال بحق الدفاع لا يكون له محل.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـة
حيث إن الحكم المطعون فيه والذي أنشأ لنفسه أسباب جديدة قد بين واقعة الدعوى بما مؤداه أنه بتاريخ .... نفاذاً لإذن النيابة العامة الصادر بضبط وتفتيش شخص ومسكن المتحرى عليهما شقيقي المتهم لضبط ما يحوزانه أو يحرزانه من أسلحة نارية وذخائر بدون ترخيص انتقلت قوة من الشرطة السريين إلى مسكن المأذون بتفتيشهما وآنذاك تقابل الملازم أول / .... مع المتهم والذي تحدث معه بصوت مرتفع وتعدى عليه والقوة المرافقة بالسب والشتم مردداً عبارة " يا ولاد الكلب يا أوساخ ينعل أبو الشرطة على الحكومة كلها ولاد كلاب أوساخ " وحيث توجت تحريات إدارة البحث الجنائي وما جاء على لسان مجريها بتحقيقات النيابة العامة الخاصة بالواقعة وتعدى المتهم على ضابط الواقعة والقوة بالسب والشتم وإحداث حالة من الفوضى لتنبيه شقيقه المأذون بتفتيشه , وأورد الحكم على ثبوت الواقعة على هذه الصورة في حق الطاعن أدلة سائغة تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها . لما كان ذلك , وكان الحكم في بيانه لواقعة الدعوى قد أورد ألفاظ الإهانة التي بدرت من الطاعن وبين أنها وجهت منه إلى الضابط والقوة المرافقة أثناء تأدية عملهم وإذ كان لا يشترط لتوفر جريمة الإهانة المنصوص عليها في المادة 133 من قانون العقوبات أن تكون الأفعال والعبارات المستعملة مشتملة على قذف أو سب أو إسناد أمر معين ، بل يكفي أن يحمل معنى الإساءة أو المساس بالشعور أو الغض من الكرامة ، وأنه يكفي لتوافر القصد الجنائي فيها تعمد توجيه ألفاظ تحمل بذاتها معنى الإهانة إلى الموظف سواء أثناء تأدية الوظيفة أو بسببها بغض النظر عن الباعث على توجيها ، فمتى ثبت للمحكمة صدور الألفاظ المهينة فلا حاجة لها بعد ذلك للتدليل صراحة في حكمها على أن الجاني قصد بها الإساءة أو الإهانة ، ولما كانت العبارات التي أثبت الحكم صدورها من الطاعن للضابط المعتدى عليه أثناء تأدية وظيفته تفيد بذاتها قصد الإهانة ، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم من قصور في بيان ألفاظ الإهانة والقصد الجنائي منها لا يكون له أساس . لما كان ذلك ، وكان الطاعن لم يثر شيئاً بخصوص وصف التهمة أمام محكمة الموضوع فلا يجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب وأن التناقض في أقوال الشاهد - على فرض حصوله – لا يعيب الحكم ما دام قد استخلص الإدانة من أقواله استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - ومتى أخذت المحكمة بأقوال الشاهد دل ذلك على اطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها وأن سكوت الضابط عن الإدلاء بأسماء القوة المرافقة له لا ينال من سلامة أقواله وكفايتها كدليل في الدعوى . لما كان ذلك ، وكان لمحكمة الموضوع أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ما دامت تلك التحريات قد عرضت على بساط البحث ، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الخصوص ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير أدلة الدعوى مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن أو المدافع عنه لم يثر شيئاً عن وجود نقص بتحقيقات النيابة العامة لعدم معاينة مكان الضبط أو سماع شهود النفي ولم يطلب من محكمة الموضوع تدارك ما شاب تحقيقات النيابة العامة من نقص ، فإن ما يثيره في هذا الشأن لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة على المحاكمة بما لا يصح أن يكون سبباً للطعن في الحكم . لما كان ذلك , وكان البين من الاطلاع على محضر جلسة المعارضة المؤرخ .... أن المدافع عن الطاعن طلب سماع شهود نفي ثم نظرت الدعوى أمام محكمة الجنح المستأنفة بجلسة .... وترافع المدافع عن الطاعن واختتم مرافعته بطلب البراءة وفيها حجزت المحكمة الدعوى للحكم لجلسة .... دون أن يصر المدافع عن الطاعن بصدر مرافعته أو بختامها على سماع شهود نفي ، مما مفاده أنه عدل عن هذا الطلب ، وكان من المقرر أن الطلب الذي تلتزم محكمة الموضوع بإجابته أو الرد عليه هو الطلب الجازم الذي يصر عليه مقدمه ولا ينفك عن التمسك به والإصرار عليه في طلباته الختامية ، ومن ثم فليس للطاعن أن ينعى على المحكمة عدم إجابته إلى طلب سماع شهود النفي ، فإن ما يثيره من دعوى الإخلال بحق الدفاع لا يكون له محل . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن يكون على غير أساس ومفصحاً عن عدم قبوله موضوعاً .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 2853 لسنة 4 ق جلسة 31 / 8 / 2013 مكتب فني 64 ق 112 ص 751

جلسة 31 من أغسطس سنة 2013
برئاسة السيد القاضي / مصطفى صادق نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / حمدي أبو الخير ، الأسمر نظير وجلال شاهين نواب رئيس المحكمة وعبد الباسط سالم .
-----------
(112)
الطعن 2853 لسنة 4 ق
قانون " تفسيره " . تجريف . حكم " ما يعيبه في نطاق التدليل " " تسبيبه . تسبيب معيب " . نقض " أسباب الطعن . ما يقبل منها".
حظر تجريف الأرض الزراعية أو نقل الأتربة منها إلا لأغراض الزراعة أو تحسينها زراعياً أو المحافظة على خصوبتها . أساس ذلك ؟
عدم استظهار الحكم أن التجريف كان لاستعمال الأتربة في غير أغراض الزراعة أو تحسين الأرض زراعياً أو المحافظة على خصوبتها وصلة الطاعن به . قصور .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لما كان الحكم المطعون فيه قد اقتصر في بيانه لواقعة الدعوى والأدلة التي عول عليها في الإدانة بعد أن أحال في أسبابه لأسباب الحكم الابتدائي المؤيد له على قوله : " حيث إن المحكمة تطمئن لصحة إسناد الاتهام للمتهم وذلك أخذاً بما جاء بمحضر المخالفة والذي ثبت منه أن المتهم جرف الأرض الزراعية محل الاتهام . ولما كانت المحكمة تطمئن لما جاء بمحضر المخالفة ، ومن ثم تقضي المحكمة بإدانة المتهم عملاً بالمادة 304/2 إجراءات جنائية ، وكان الحكم المستأنف قد التزم ذلك ، ومن ثم تقضي المحكمة بتأييده " ، وحيث إن المادة 150 من القانون رقم 53 لسنة 1966 المعدل بالقانون رقم 116 لسنة 1983 تنص على أنه " يحظر تجريف الأرض الزراعية أو نقل الأتربة لاستعمالها في غير أغراض الزراعة . وفي هذه الحالة تضبط جميع وسائل النقل والآلات والمعدات المستعملة في نقل الأتربة الناتجة عن التجريف بالطريق الإداري وتودع المضبوطات في المكان الذي تحدده الجهة الإدارية المختصة . ويعتبر تجريفاً في تطبيق أحكام هذا القانون إزالة أي جزء من الطبقة السطحية للأرض الزراعية . ويجوز تجريف الأرض الزراعية ونقل الأتربة منها لأغراض تحسينها زراعياً أو المحافظة على خصوبتها . ويحدد ذلك وزير الزراعة بقرار منه بما يتفق والعرف الزراعي " ، مما مفاده أن تجريف الأرض الزراعية أو نقل الأتربة منها لاستعمالها في أغراض الزراعة غير مؤثم في هذا النطاق ولا يقتضي ترخيصاً على نحو ما كانت تستلزمه المادة 71 مكرراً من القانون رقم 53 لسنة 1966 المعدل بالقانون رقم 59 لسنة 1973 ، كما أن تجريف الأرض ونقل الأتربة منها لأغراض تحسينها زراعياً أو المحافظة على خصوبتها في نطاق ما يحدد وزير الزراعة بقرار منه ، بما يتفق والعرف الزراعي يضحى كذلك غير مؤثم في هذا النطاق ، لما كان ذلك ، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه جاء قاصراً في استظهار أن التجريف محل الاتهام كان لاستعمال الأتربة في غير أغراض الزراعة أو تحسين الأرض زراعياً أو المحافظة على خصوبتها - على النحو المتقدم - كما لم يبين صلة الطاعن بالتجريف الذي وقع ووجه المخالفة ، فإنه يكون معيباً بالقصور الذي يبطله بما يوجب نقضه والإعادة ، دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائـع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بوصف أنه : قام بتجريف الأراضي الزراعية .
ومحكمة جنح .... الجزئية قضت غيابياً بحبس المتهم سنة مع الشغل وكفالة مائة جنيه وغرامة عشرة آلاف جنيه ومصادرة الآلات .
فعارض وقُضي بقبول المعارضة شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم الغيابي المعارض فيه والإيقاف لعقوبة الحبس والتأييد فيما عدا ذلك .
استأنف ومحكمة .... الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف .
فطعن الأستاذ / .... المحامي بصفته وكيلاً عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـة
حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة تجريف أرض زراعية قد شابه القصور في التسبيب ، ذلك أنه لم يبين الواقعة المستوجبة للعقوبة والأدلة التي استند إليها في الإدانة ، مما يعيبه ويستوجب نقضه .
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد اقتصر في بيانه لواقعة الدعوى والأدلة التي عول عليها في الإدانة بعد أن أحال في أسبابه لأسباب الحكم الابتدائي المؤيد له على قوله : " حيث إن المحكمة تطمئن لصحة إسناد الاتهام للمتهم وذلك أخذاً بما جاء بمحضر المخالفة والذي ثبت منه أن المتهم جرف الأرض الزراعية محل الاتهام ، ولما كانت المحكمة تطمئن لما جاء بمحضر المخالفة ، ومن ثم تقضي المحكمة بإدانة المتهم عملاً بالمادة 304/2 إجراءات جنائية ، وكان الحكم المستأنف قد التزم ذلك ، ومن ثم تقضي المحكمة بتأييده " ، وحيث إن المادة 150 من القانون رقم 53 لسنة 1966 المعدل بالقانون رقم 116 لسنة 1983 تنص على أنه " يحظر تجريف الأرض الزراعية أو نقل الأتربة لاستعمالها في غير أغراض الزراعة . وفي هذه الحالة تضبط جميع وسائل النقل والآلات والمعدات المستعملة في نقل الأتربة الناتجة عن التجريف بالطريق الإداري وتودع المضبوطات في المكان الذي تحدده الجهة الإدارية المختصة . ويعتبر تجريفاً في تطبيق أحكام هذا القانون إزالة أي جزء من الطبقة السطحية للأرض الزراعية . ويجوز تجريف الأرض الزراعية ونقل الأتربة منها لأغراض تحسينها زراعياً أو المحافظة على خصوبتها . ويحدد ذلك وزير الزراعة بقرار منه بما يتفق والعرف الزراعي " ، مما مفاده أن تجريف الأرض الزراعية أو نقل الأتربة منها لاستعمالها في أغراض الزراعة غير مؤثم في هذا النطاق ولا يقتضي ترخيصاً على نحو ما كانت تستلزمه المادة 71 مكرراً من القانون رقم 53 لسنة 1966 المعدل بالقانون رقم 59 لسنة 1973 ، كما أن تجريف الأرض ونقل الأتربة منها لأغراض تحسينها زراعياً أو المحافظة على خصوبتها في نطاق ما يحدد وزير الزراعة بقرار منه ، بما يتفق والعرف الزراعي يضحى كذلك غير مؤثم في هذا النطاق ، لما كان ذلك ، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه جاء قاصراً في استظهار أن التجريف محل الاتهام كان لاستعمال الأتربة في غير أغراض الزراعة أو تحسين الأرض زراعياً أو المحافظة على خصوبتها - على النحو المتقدم - كما لم يبين صلة الطاعن بالتجريف الذي وقع ووجه المخالفة ، فإنه يكون معيباً بالقصور الذي يبطله بما يوجب نقضه والإعادة ، دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 8385 لسنة 4 ق جلسة 25 / 7 / 2013 مكتب فني 64 ق 110 ص 745

جلسة 25 من يوليو سنة 2013
برئاسة السيد القاضي / عمر بريك نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / عبد التواب أبو طالب ، ياسر الهمشري ، حسين حجازي وأحمد سعيد نواب رئيس المحكمة .
-----------------
(110)
الطعن 8385 لسنة 4 ق
 (1) حكم " إصداره " " بطلانه " . بطلان .
تحرير الحكم على نموذج مطبوع . لا يبطله . حد ذلك ؟
(2) دفوع " الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
وجوب بيان أساس الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها . إبداؤه في عبارة مرسلة . ظاهر البطلان . أثره : عدم التزام المحكمة بالرد عليه .
(3) تقرير التلخيص . بطلان . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
تقرير التلخيص . ماهيته ؟ المادة 411 إجراءات .
ورود نقص أو خطأ بتقرير التلخيص . لا يبطل الحكم .
النعي على تقرير التلخيص بالقصور لأول مرة أمام محكمة النقض . غير جائز .
(4) تقرير التلخيص . تزوير " الادعاء بالتزوير " .
الأصل في الإجراءات أنها روعيت . عدم جواز جحد ما أثبته الحكم من تلاوة تقرير التلخيص إلا بالطعن بالتزوير .
(5) جريمة " أركانها " . غش . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
جريمة عدم احتفاظ التاجر أو الموزع للسلع المستوردة أو المحلية بالمستندات الدالة على مصدر حيازته لها . جريمة تنظيمية . النظر في قيامها . يكون وقت ضبطها . دفاع الطاعن بتقديمه لتلك المستندات أمام المحكمة الاستئنافية . ظاهر البطلان . عدم التزام المحكمة بإيراده أو الرد عليه . ما دام أنه لم يزعم تقديمها وقت طلبها منه . أساس ذلك ؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان تَحرير الحُكْم على نموذَج مَطْبُوع لا يَقْتَضي بُطْلانِه ، طَالما قَدْ اِسْتَوفى مَاْ تَطَّلَبه القانون من بيانات كما هو الحال في الحُكْم المعروض ، فإن ما ينعاه الطَاعِن من قُصُورِ على الحُكْم المطعون عليه في هذا الصدد يكون غير سديد .
2- لَمَّا كَانَ يَبْين من مَحْضَر جَلسة المُحْاكَمَة أن المُدَافِع عن الطَاعِن وإن دَفع بِعَدم جواز نظر الدعوى لِسَابِقَة الفَصْل فِيها إلا أنه لم يُبَيِّن أساس دَفْعِه ، بل أطلَّقهُ في عِبْارَةٍ مُرْسَلَةٍ دون أن يكشف عن مَاهَّية الدعوى المَدْفُوع بِسَابِقَةِ الفَصل فيها وما آلت إليه ، فمن ثم فإن هذا الدفع على هذه الصُورة يكون ظَاهر البُطلان لا على المَحْكَمة إن هي التفتت عن الرد عليه .
3- من المقرر أن تقرير التَلخيص وِفْقاً لِنَص المَادة 411 من قانون الإجراءات الجنائية مُجْرَد بَيان يُتِيح لأعضاء الهيئة الإلمام بِمُجْمَل وقائع الدعوى وظروفها وما تم فيها من تحقيقات وإجراءات ولم يرتب القانون على ما يشوب التقرير من نَقْصٍ أو خَطْأٍ أي بُطْلان يَلحق بالحُكْم الصَادر في الدعوى ، وكان الثابت من محضر جلسة المُحْاكَمة أن الطَاعِن لم يَعْتَرِض على ما تضمنه التقرير ، فلا يجوز له من بعد النعي على التقرير بالقصور لأول مرة أمام محُكْمة النقض ، إذ كان عليه إن رأى أن التقرير قد أغَّفَل الإشارة إلى واقعة أو تُهْمَة أن يوضِحَها في دِفاعه ، ومن ثم فلا وجه لما ينعاه في هذا الصدد .
4- لَمَّا كَانَ الثابت بورقة الحُكْم المطعون فيه تِلاوة تَقْرير التَلخيص بمعرفة رئيس الدائرة التي أصدرته ، وإذ كان الأصل في إجراءات المحاكمة أنها رُوعِيَت ، ولا يجوز جَحْد ما أثبته الحُكْم من تمام هذه الإجراءات إلا بالطَعْنِ بالتزوير ، وهو مَا لم يَدَعْ الطَاعِن أنه سلك طريقه ، فإن ما يُثِيرَه في هذا الخُصوص يَضحى في غَير مَحِلَه .
5- لَمَّا كانت الفقرة الثالثة من المَادة الأولى والمادتين الخامسة والسادسة من القانون رقم 281 لسنة 1994 المُسْتَبْدِل لقانون قمع الغش والتدليس رقم 48 لسنة 1941 والمادة الرابعة من اللائحة التنفيذية المُلْحَقَة بذلك القانون والمادتين 2 ، 4 من قرار وزير التموين والتجارة الخارجية رقم 113 لِسَنة 1994 المُنَظِم لأحْكَامِ هذا القانون ، مَفَادها هو أن جريمة عدم احتفاظ التاجر أو المُوَّزِع للسِلَع المُسْتَورَدَة أو المحلية بالمُسْتَندات الدَالة على مَصْدَر حيازته لها سواءً من تاجرٍ أو مُوزعٍ آخر أو من المُسْتَورِد أو المُصَنِع مُبْاشَرةً أو من أي مَصْدَرِ آخر والتي دين بها الطَاعِن ، هي جريمة تنظيمية تتعلق بضبط البيانات الدالة على مصدر السلعة تَوَّصُلاً لإحكامِ الرقابة على السلع مَجْهُولَة المَصْدر المُتَداوَّلة بالأسْواقِ وتكون في حوزة التُجار ، وعليه فإن النظر في قيام تلك الجريمة يكون وقت ضَبْطِها ، فإن ثَبْتَ عدم احتفاظ التاجر بالمُسْتَندات الدَالة على مصدر السلعة التي في حوزته وعجز عن تقديم تلك المُسْتَنَدات وَقْت طَلَبَها مِنْهُ من قِبَل مأمور الضبط القضائي المُخْتَص ، كانت تلك الجَريمَة قائمة في حق التاجر ، لَمَّا كَانَ ذَلِك ، وَكَان الطَاعِن لا يَزْعُم تقديمه للمُسْتَندَات الدالة على مصدر السلعة التي يحتفظ بها – موضوع الجريمة التي دين من أجلها – وقت طلبها منه ، فإن ما يُثِيرَه بشأن تقديمه لتلك المُسْتَندات أمام المَحْكَمة الاستئنافية يضحى دِفاعً ظاهر البُطْلان ، لا على المَحْكَمة إن هي التفتت عنه أو إيراده في حُكْمها والرد عليه .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـة
حيث إن الحُكْم الابتدائي المُؤَيَد لأسبابه والمُكَمَّل بالحُكْم المطعون فيه بَيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به عناصر الجريمة التي دين بها الطَاعِن وأورد على ثُبوتِها في حقه أدلة سائغة تؤدي إلى ما رتبه الحُكْم عليها . لَمَّا كَانَ ذَلِك ، وَكَان تَحرير الحُكْم على نموذَج مَطْبُوع لا يَقْتَضي بُطْلانِه ، طَالما قَدْ اِسْتَوفى مَاْ تَطَّلَبه القانون من بيانات كما هو الحال في الحُكْم المعروض ، فإن ما ينعاه الطَاعِن من قُصُورِ على الحُكْم المطعون عليه في هذا الصدد يكون غير سديد . لَمَّا كَانَ ذَلِك ، وَكَان يَبْين من مَحْضَر جَلسة المُحْاكَمَة أن المُدَافِع عن الطَاعِن وإن دَفع بِعَدم جواز نظر الدعوى لِسَابِقَة الفَصْل فِيها إلا أنه لم يُبَيِّن أساس دَفْعِه ، بل أطلَّقهُ في عِبْارَةٍ مُرْسَلَةٍ دون أن يكشف عن مَاهَّية الدعوى المَدْفُوع بِسَابِقَةِ الفَصل فيها وما آلت إليه ، فمن ثم فإن هذا الدفع على هذه الصُورة يكون ظَاهر البُطلان لا على المَحْكَمة إن هي التفتت عن الرد عليه . لَمَّا كَانَ ذَلِك ، وَكَان تقرير التَلخيص وِفْقاً لِنَص المَادة 411 من قانون الإجراءات الجنائية مُجْرَد بَيان يُتِيح لأعضاء الهيئة الإلمام بِمُجْمَل وقائع الدعوى وظروفها وما تم فيها من تحقيقات وإجراءات ولم يرتب القانون على ما يشوب التقرير من نَقْصٍ أو خَطْأٍ أي بُطْلان يَلحق بالحُكْم الصَادر في الدعوى ، وكان الثابت من محضر جلسة المُحْاكَمة أن الطَاعِن لم يَعْتَرِض على ما تضمنه التقرير ، فلا يجوز له من بعد النعي على التقرير بالقصور لأول مرة أمام محُكْمة النقض ، إذ كان عليه إن رأى أن التقرير قد أغَّفَل الإشارة إلى واقعة أو تُهْمَة أن يوضِحَها في دِفاعه ، ومن ثم فلا وجه لما ينعاه في هذا الصدد . لَمَّا كَانَ ذَلِك ، وَكَان الثابت بورقة الحُكْم المطعون فيه تِلاوة تَقْرير التَلخيص بمعرفة رئيس الدائرة التي أصدرته ، وإذ كان الأصل في إجراءات المحاكمة أنها رُوعِيَت ، ولا يجوز جَحْد ما أثبته الحُكْم من تمام هذه الإجراءات إلا بالطَعْنِ بالتزوير ، وهو مَا لم يَدَعْ الطَاعِن أنه سلك طريقه ، فإن ما يُثِيرَه في هذا الخُصوص يَضحى في غَير مَحِلَه . لَمَّا كَانَ ذَلِك ، وكانت الفقرة الثالثة من المَادة الأولى والمادتين الخامسة والسادسة من القانون رقم 281 لسنة 1994 المُسْتَبْدِل لقانون قمع الغش والتدليس رقم 48 لسنة 1941 والمادة الرابعة من اللائحة التنفيذية المُلْحَقَة بذلك القانون والمادتين 2 ، 4 من قرار وزير التموين والتجارة الخارجية رقم 113 لِسَنة 1994 المُنَظِم لأحْكَامِ هذا القانون ، مَفَادها هو أن جريمة عدم احتفاظ التاجر أو المُوَّزِع للسِلَع المُسْتَورَدَة أو المحلية بالمُسْتَندات الدَالة على مَصْدَر حيازته لها سواءً من تاجرٍ أو مُوزعٍ آخر أو من المُسْتَورِد أو المُصَنِع مُبْاشَرةً أو من أي مَصْدَرِ آخر والتي دين بها الطَاعِن ، هي جريمة تنظيمية تتعلق بضبط البيانات الدالة على مصدر السلعة تَوَّصُلاً لإحكامِ الرقابة على السلع مَجْهُولَة المَصْدر المُتَداوَّلة بالأسْواقِ وتكون في حوزة التُجار ، وعليه فإن النظر في قيام تلك الجريمة يكون وقت ضَبْطِها ، فإن ثَبْتَ عدم احتفاظ التاجر بالمُسْتَندات الدَالة على مصدر السلعة التي في حوزته وعجز عن تقديم تلك المُسْتَنَدات وَقْت طَلَبَها مِنْهُ من قِبَل مأمور الضبط القضائي المُخْتَص ، كانت تلك الجَريمَة قائمة في حق التاجر ، لَمَّا كَانَ ذَلِك ، وَكَان الطَاعِن لا يَزْعُم تقديمه للمُسْتَندَات الدالة على مصدر السلعة التي يحتفظ بها – موضوع الجريمة التي دين من أجلها – وقت طلبها منه ، فإن ما يُثِيرَه بشأن تقديمه لتلك المُسْتَندات أمام المَحكَمة الاستئنافية يضحى دِفاعً ظاهر البُطْلان ، لا على المَحْكَمة إن هي التفتت عنه أو إيراده في حُكْمها والرد عليه . لَمَّا كَان ما تقدم ، فَإن الطَعْن بِرُمَتِهِ يكون على غير أساس خليقاً بالتقرير بِرَفْضِهِ مَوضُوعَاً .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 8212 لسنة 4 ق جلسة 25 / 7 / 2013 مكتب فني 64 ق 109 ص 739

جلسة 25 من يوليو سنة 2013
برئاسة السيد القاضي / عمر بريك نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / عبد التواب أبو طالب ، سامح حامد ، محمد فريد وحسين حجازي نواب رئيس المحكمة .
------------------
(109)
الطعن 8212 لسنة 4 ق
 (1) مسئولية جنائية . رابطة السببية . خطأ . ضرر . قتل خطأ . إصابة خطأ . جريمة " أركانها " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " " سلطتها في تقدير رابطة السببية " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها "
تقدير سرعة السيارة كعنصر من عناصر الخطأ . موضوعي.
تقدير الخطأ المستوجب لمسئولية مرتكبه جنائياً أو مدنياً . موضوعي . المجادلة في ذلك أمام محكمة النقض . غير مقبولة.
تقدير توافر رابطة السببية بين الخطأ والضرر أو عدم توافرها . موضوعي . ما دام سائغاً .
ما يكفي لتوافر رابطة السببية بين خطأ المتهم والضرر ؟
الخطأ المشترك . لا ينفي المسئولية الجنائية . شرط ذلك ؟
مثال لتسبيب سائغ لحكم صادر بالإدانة في جريمة قتل وإصابة خطأ .
(2) أسباب الإباحة وموانع العقاب " أسباب الإباحة " " القوة القاهرة " . خطأ . مسئولية جنائية . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
الحادث القهري . ما يشترط لتوافره ؟
عدم التزام المحكمة بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي والرد عليها . استفادته من القضاء بالإدانة لأدلة الثبوت التي أوردها الحكم .
مثال .
(3) إجراءات " إجراءات المحاكمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
النعي على المحكمة قعودها عن إجراء لم يطلب منها ولم تر هي حاجة لإجرائه . غير جائز .
(4) إجراءات " إجراءات المحاكمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها".
النعي على المحكمة بشأن إجراء لم يطلب منها . لا يصح سبباً للطعن على الحكم . علة ذلك ؟
مثال .
(5) قتل خطأ . عقوبة " تطبيقها " . محكمة النقض " سلطتها " . نقض " عدم جواز مضارة الطاعن بطعنه " " حالات الطعن . الخطأ في تطبيق القانون " .
نزول الحكم الصادر بالإدانة بجريمة القتل الخطأ المؤثمة بالمادة 238/1 عقوبات عن الحد الأدنى المقرر للعقوبة بها . خطأ في تطبيق القانون . لا تملك محكمة النقض تصحيحه . ما دامت النيابة العامة لم تطعن على الحكم . علة ذلك ؟
مثال .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الحُكْم المَطْعون فِيه والذي أنشأ لِنَفسه أسْبَاباً جَدِيدة ، بَيَّن واقعة الدعوى بِما تَتَوافر بِه كَافة العَناصِر القَانونِيَّة لِلجَرِيمَة التي دَان بها الطَاعِن ، وأورد على ثُبوتِها في حَقِه أدِلَّة سَائِغَة مِنْ شَأنِها أن تُؤَدي إلى ما رَتَبَهُ الحُكْم عَليها . لَمَّا كَانَ ذَلِك ، وَكَانَ الحُكْم قد اسْتَظَهر خَطأ الطَاعِن وتَوَافُر رَابِطَة السَبَبِيَّة بَيِنَه وبَيْن إصَابَة المَجْني عَليه ومَوت الآخر من انطِلاقِه بِالسَيَّارَةِ قِيَادَتَهُ بسُرْعَة كَبِيرَة مِمْا أدى إلى عَدَم إمْكَانِه السَيَّطَرَة عَليِها وتَهْدِئَة سُرْعَتِها فاِنْحَرَّفَت مُخْتَرقَة الجَزِيرَة الوسْطى مُنْدَفِعة إلى الطَريق العَكْسي فَصَدَمَت السَيَّارَة التي كان يَسْتَقِلها المَجْني عَليهِما وقَد تَصادَف قُدومِها في المُواجَهَة ، فَحَدَثَت إصْابَة أحدَهُما وَوفْاة الآخْر والثَابِتْة في تَقريرين طِبْيين أورَدَ الحُكْم مُؤدَاهُما ، واِسْتَدَل الحُكْم على السُرْعَة التي كان يَقْود بِها الطَاعِن سَيَّارَتِه ، مِمْا أورده من مُعَايَنَة الشُرْطَة لِمْكَانِ الحَادِث والتي أظَهَرت وجُود أثَار فَرامِل في اِتْجَاهي الطَرق بِطولِ سَبْعَة أمْتَار ، وأنَ الطَاعِن لو كَان يَسْير بسُرْعَة مَقْبُولَة لأمْكَنَهُ السَيطَرة على السَيَّارَة وتَجَنُب وقُوع الحَادْث . لَمَّا كَانَ ذَلِك ، وَكَانَ الطَاعِن لا يُمْاري في أن ما استَخْلَّصَهُ وأورده الحُكْم له أصْلَّه الثَابِت بالأوراق ، وكان تَقْدِير مَا إذا كانت سُرْعَة السَيَّارَة في ظُروفِ مُعَيَّنَة تُعَد عُنْصُراً مِنْ َناصِر الخَطأ أو لا تُعَد ، وكَذَلِك تَقدِير الخَطأ المُسْتَوجِب لمَسْئُولِيَةِ مُرْتَكِبَهُ جِنْائِياً أو مَدَنِياً ، هو مما يتعلق بموضوع الدَعوى ولا يُقْبَل المجادلة فِيهِ أمَام مَحْكَمَة النَقْض ، وكَان تَقدِير رَابِطَّة السَبَبِيَة بَيْن الخَطأ والضَرر أو عَدم تَوافُرَها ، هو أيضاً مِنْ المَسْائِل المَوضُوعِيَة التي تَفصل فيها مَحْكمَة الموضُوع بِغَير مُعَقِب عليها ، مَا دام تقديرها سَائِغاً مُسْتَنِداً إلى أدِلَّة مَقْبُولَة ولها أصْلها في الأوراق ، وأن يكفي لتوافُر رابطة السَبَبِيَّة بَيْن خطأ المتهم والضرر الواقع أن تَسْتَخْلِص المَحْكَمَة مَنْ وقائع الدعوى أنه لَولا الخطأ المُرْتَكَب لَما وَقَع الضَرر ، فإن ما سَاقه الحُكْم المَطْعون فيه فيما سَلف يتوافر به الخطأ في حق الطَاعِن ويتحقق به رابِطَة السَبَبِيَّة بَيْن هذا الخطأ وبين النَتِيجَة وهي وَفْاة المَجْني عَلْيه وإصابة آخر ويكون معهُ النَعي عَلى الحُكْمِ في خُصْوصِ القُصْور في بَيان الواقعة وفي استخلاص أركان الجَريمة غَير سَديد ، ولا يَنال مِنْ الحُكْم - ومِنْ بَعْد - ما يُثِيرَه الطَاعِن مِنْ أن خَطأ الغير المُتَمَثِل في ظُهور إحدى السَيَّارَات فجأة في مُواجَهَتِهِ قَاطِعَة عليه الطريق ، هو المُتَسَبِب في وقُوعِ الحَادِث ، إذ إنَ هَذا الخَطأ - بِفَرضِ وقُوعِه - لا يَنفي مَسْئُولِيَة الطَاعِن الجِنائِية عَنْ جَرِيمَةِ القَتل والإصَابة الخطأ التي أثبت الحُكْم قِيامها في حَقْهِ ، لما هو مُقَرَر مِنْ أن الخَطأ المُشْتَرك في مجال المَسْئُولِية الجنائية - بِفَرْضِ قِيامَهُ - في جانب المَجْني عَليه أو الغير - لا يخلي المُتَهَم من المسئولية ، مَا دام أن هذا الخطأ لا يَتَرَتَب عليه عَدم توافر أحد أركان الجريمة ، هذا فضلاً عن أن الحُكْم المطعون فيه قد اطرح الدِفاع المَار بَيانه من الطَاعِن بِرَدِ سَائغ وشَكك في صِحْةِ وقوعه تأسيساً على أن دِفاع الطَاعِن المُبْدَى أمام المَحْكَمَة اِنَصَب على أن الحادث يرجع إلى انفجار إحدى إطارات السَيَّارَة قِيادَة الطَاعِن مما أفقده السيطرة عليها ووقوع الحادث وذلك على نَقيض ما ذَهَب إليه الطَاعِن بأقواله في مَحْضر الضَبط والتي أرجَع فِيها فقده السيطرة على السَيَّارَة إلى قَطع إحدى السيارات الثقيلة الطريق عليه فجأة .
2- لَمَّا كَانَ يُشْتَرَط لتَوافُر حالة الحادث القهري ، ألا يكون للجاني يد في حُصولِ الضَرر أو في قُدْرَتِه مَنْعِه ، فإذا ما اطمأنت المَحْكَمَة إلى توافر الخطأ في حق المُتَهَم بما يترتب عليه مسئوليته - كالحال في هذه الدعوى - فإن في ذلك ما ينتفي معه القول بحصول الواقعة عن حادث قهري ، ويكون معه منعى الطاعن في هذا الخصوص غير سديد ولا محل له ، ومن ناحية أخرى لما كانت المَحْكَمَة لا تلتزم بِمُتَابَعة المُتَهَم في مَناحي دفاعه الموضُوعي وفي كل شُبْهَة يُثِيرها والرد على ذلك ، ما دام الرد يُسْتَفاد ضِمْناً من القَضاء بالإدانة اِستناداً إلى أدِلَّة الثُبوت السَائغة التي أوردها الحُكْم ، فإن ما ينعاه الطَاعِن على الحُكْم المَطْعون فيه إغفاله تحقيق دفاعه القائِم على أن الحادث وقع نتيجة خطأ الغير أو نتيجة الحادث المفاجئ لا يعدو دفاعاً موضوعياً في شأن تصوير وقوع الحادث مما يكفي في الرد عليه ما أوردته المَحْكَمَة تدليلاً على ثبوت الصورة التي اقتنعت بها واستقرت في وجدانها .
3- لَمَّا كَانَ الثابت من مُطَالَعة مَحاضِر جلسات المُحاكَمَة أن الطَاعِن لم يَطلب إلى المَحْكَمَة إجراء ثِمة تحقيق في الدعوى ، فلا يصح له - مِنْ بَعْد - النعي على المَحْكَمَة قُعُودَها عَنْ القِيامِ بإجراء لم يُطْلَب مِنْها ولم تَرْ هي حَاجَة لإجرائه ، فإن ما ينعاه الطَاعِن على الحُكْم المطعون فيه في هذا الخُصوص يَكون ولا مَحَل لهُ .
4- لَمَّا كَانَ الطَاعِن لم يطلب إلى المَحْكَمَة سؤال المجني عليه ، بِما لا يَصِح أن يَكون سَبَباً للطَعْنِ على الحُكْم ، إذ العِبْرَة في الأحْكَامِ هي بإجراءات المُحْاكَمَة وبالتحقيقات التي تَحْصُل أمام المَحْكَمَة ، ومن ثم فإن دعوى الإخْلال بِحَقِ المُتَهَم في الدفاع تكون غير قائمة .
5- لَمَّا كانت الفَقرة الأولى من المَادة 238 من قانون العُقُوبَات - والتي دين بِمُقْتَضَاها الطَاعِن - قد جعلت الحَد الأدنى لِعُقُوبَةِ الحَبسِ في جَريمة القتل الخطأ هي ستة أشهر ، بَيْد أن الحُكْم المَطْعون فيه قَد قَضى بعُقوبة الحبس لمدة ثلاثة أشهر ، مِمَا كان يُؤْذَن مَعَهُ لِهذه المَحْكَمَة - مَحْكَمَة النقض - تصحيح ذلك الخطأ وإعمال صحيح القانون ، بإنزال الحَد الأدنى للعقوبة على المُتَهَم ، بَيْد أنه لَمَّا كان المُتَهَم هو وحده الطَاعِن على الحُكْم دون النيابة العَامة ، فَمِن ثم لا تَملك مَحْكَمَة النقض سوى الإبقاء على تِلك العُقوبة المَقْضي بها وحتى لا يُضَار بِطَعْنِه .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـة
حَيث إن الحُكْم المَطْعون فِيه والذي أنشأ لِنَفسه أسْبَاباً جَدِيدة ، بَيَّن واقعة الدعوى بِما تَتَوافَر بِه كَافة العَناصِر القَانونِيَّة لِلجَرِيمَة التي دَان بها الطَاعِن ، وأورد على ثُبوتِها في حَقِه أدِلَّة سَائِغَة مِنْ شَأنِها أن تُؤَدي إلى ما رَتَبَهُ الحُكْم عَليها . لَمَّا كَانَ ذَلِك ، وَكَانَ الحُكْم قد اسْتَظَهر خَطأ الطَاعِن وتَوَافُر رَابِطَة السَبَبِيَّة بَيِنَه وبَيْن إصَابَة المَجْني عَليه ومَوت الآخر من انطِلاقِه بِالسَيَّارَةِ قِيَادَتهُ بسُرْعَة كَبِيرَة مِمْا أدى إلى عَدَم إمْكَانِه السَيَّطَرَة عَليِها وتَهْدِئَة سُرْعَتِها فاِنْحَرَّفَت مُخْتَرِقَة الجَزيرَة الوسْطى مُنْدَفِعة إلى الطَريق العَكْسي فَصَدَمَت السَيَّارَة التي كان يَسْتَقِلها المَجْني عَليهِــما وقَد تَصادَف قُدومِها في المُواجَهَة ، فَحَدَثَت إصْابَة أحدَهُما وَوفْاة الآخْر والثَابِتْة في تَقريرين طِبْيين أورَدَ الحُكْم مُؤدَاهُما ، واِسْتَدَل الحُكْم على السُرْعَة التي كان يَقْود بِها الطَاعِن سَيَّارَتِه ، مِمْا أورده من مُعَايَنَة الشُرْطَة لِمْكَانِ الحَادِث والتي أظَهَرت وجُود أثَار فَرامِل في اِتْجَاهي الطَريق بِطولِ سَبْعَة أمْتَار ، وأنَ الطَاعِن لو كَان يَسْير بسُرْعَة مَقْبُولَة لأمْكَنَهُ السَيطَرة على السَيَّارَة وتَجَنُب وقُوع الحَادْث ، لَمَّا كَانَ ذَلِك ، وَكَانَ الطَاعِن لا يُمْاري في أن ما استَخْلَّصَهُ وأورده الحُكْم له أصْلَّه الثَابِت بالأوراق ، وكان تَقْدِير مَا إذا كانت سُرْعَة السَيَّارَة في ظُروفِ مُعَيَّنَة تُعَد عُنْصُراً مِنْ عَناصِر الخَطأ أو لا تُعَد ، وكَذَلِك تَقدِير الخَطأ المُسْتَوجِب لمَسْئُولِيَةِ مُرْتَكِبَهُ جِنْائِياً أو مَدَنِياً ، هو مما يتعلق بموضوع الدَعوى ولا يُقْبَل المجادلة فِيهِ أمَام مَحْكَمَة النَقْض ، وكَان تَقدِير رَابِطَّة السَبَبِيَّة بَيْن الخَطأ والضَرر أو عَدم تَوافُرَها ، هو أيضاً مِنْ المَسْائِل المَوضُوعِيَة التي تَفصل فيها مَحْكَمَة الموضُوع بِغَير مُعَقِب عليها ، مَا دام تقديرها سَائِغاً مُسْتَنِداً إلى أدِلَّة مَقْبُولَة ولها أصْلها في الأوراق ، وأن يكفي لتوافُر رابطة السَبَبِيَّة بَيْن خطأ المتهم والضرر الواقع أن تَسْتَخْلِص المَحْكَمَة مَنْ وقائع الدعوى أنه لَولا الخطأ المُرْتَكَب لَما وَقَع الضَرر ، فإن ما سَاقه الحُكْم المَطْعون فيه فيما سَلف يتوافر به الخطأ في حق الطَاعِن ويتحقق به رابِطَة السَبَبِيَّة بَيْن هذا الخطأ وبين النَتِيجَة وهي وَفْاة المَجْني عَلْيه وإصابة آخر ويكون معهُ النَعي عَلى الحُكْمِ في خُصْوصِ القُصْور في بَيان الواقعة وفي استخلاص أركان الجَريمة غَير سَديد ، ولا يَنال مِنْ الحُكْم - ومِنْ بَعْد - ما يُثِيرَه الطَاعِن مِنْ أن خَطأ الغير المُتَمَثِل في ظُهور إحدى السَيَّارَات فجأة في مُواجَهَتِهِ قَاطِعَة عليه الطريق ، هو المُتَسَبِب في وقُوعِ الحَادِث ، إذ إنَ هَذا الخَطأ - بِفَرضِ وقُوعِه - لا يَنفي مَسْئُولِيَة الطَاعِن الجِنائِية عَنْ جَرِيمَةِ القَتل والإصَابة الخطأ التي أثبت الحُكْم قِيامها في حَقْهِ ، لما هو مُقَرَر مِنْ أن الخَطأ المُشْتَرك في مجال المَسْئُولِية الجنائية - بِفَرْضِ قِيامَهُ - في جانب المَجْني عَليه أو الغير - لا يخلي المُتَهَم من المسئولية ، مَا دام أن هذا الخطأ لا يَتَرَتَب عليه عَدم توافر أحد أركان الجريمة ، هذا فضلاً عن أن الحُكْم المطعون فيه قد اطرح الدِفاع المَار بَيانه من الطَاعِن بِرَدِ سَائغ وشَكك في صِحْةِ وقوعه تأسيساً على أن دِفاع الطَاعِن المُبْدَى أمام المَحْكَمَة اِنَصَب على أن الحادث يرجع إلى انفجار إحدى إطارات السَيَّارَة قِيادَة الطَاعِن مما أفقده السيطرة عليها ووقوع الحادث وذلك على نَقيض ما ذَهَب إليه الطَاعِن بأقواله في مَحْضر الضَبط والتي أرجَع فِيها فقده السيطرة على السَيَّارَة إلى قَطع إحدى السيارات الثقيلة الطريق عليه فجأة . لَمَّا كَانَ ذَلِك ، وَكَانَ يُشْتَرَط لتَوافُر حالة الحادث القهري ، ألا يكون للجاني يد في حُصولِ الضَرر أو في قُدْرَتِه مَنْعِه ، فإذا ما اطمأنت المَحْكَمَة إلى توافر الخطأ في حق المُتَهَم بما يترتب عليه مسئوليته - كالحال في هذه الدعوى - فإن في ذلك ما ينتفي معه القول بحصول الواقعة عن حادث قهري ، ويكون معه منعى الطاعن في هذا الخصوص غير سديد ولا محل له ، ومن ناحية أخرى لما كانت المَحْكَمَة لا تلتزم بِمُتَابَعة المُتَهَم في مَناحي دفاعه الموضُوعي وفي كل شُبْهَة يُثِيرها والرد على ذلك ، ما دام الرد يُسْتَفاد ضِمْناً من القَضاء بالإدانة اِستناداً إلى أدِلَّة الثُبوت السَائغة التي أوردها الحُكْم ، فإن ما ينعاه الطَاعِن على الحُكْم المَطْعون فيه إغفاله تحقيق دفاعه القائِم على أن الحادث وقع نتيجة خطأ الغير أو نتيجة الحادث المفاجئ لا يعدو دفاعاً موضوعياً في شأن تصوير وقوع الحادث مما يكفي في الرد عليه ما أوردته المَحْكَمَة تدليلاً على ثبوت الصورة التي اقتنعت بها واستقرت في وجدانها . لَمَّا كَانَ ذَلِك ، وَكَانَ الثابت من مُطَالَعة مَحاضِر جلسات المُحاكَمَة أن الطَاعِن لم يَطلب إلى المَحْكَمَة إجراء ثِمة تحقيق في الدعوى ، فلا يصح له - مِنْ بَعْد - النعي على المَحْكَمَة قُعُودَها عَنْ القِيامِ بإجراء لم يُطْلَب مِنْها ولم تَرْ هي حَاجَة لإجرائه ، فإن ما ينعاه الطَاعِن على الحُكْم المطعون فيه في هذا الخصوص يَكون ولا مَحَل لهُ . لَمَّا كَانَ ذَلِك ، وَكَانَ الطَاعِن لم يطلب إلى المَحْكَمَة سؤال المجني عليه ، بِما لا يَصِح أن يَكون سَبَباً للطَعْنِ على الحُكْم ، إذ العِبْرَة في الأحْكَامِ هي بإجراءات المُحْاكَمَة وبالتحقيقات التي تَحْصُل أمام المَحْكَمَة ، ومن ثم فإن دعوى الإخْلال بِحَقِ المُتَهَم في الدفاع تكون غير قائمة . لَمَّا كَانَ ذَلِك ، وكانت الفَقرة الأولى من المَادة 238 من قانون العُقُوبَات - والتي دين بِمُقْتَضَاها الطَاعِن - قد جعلت الحَد الأدنى لِعُقُوبَةِ الحَبسِ في جَريمة القتل الخطأ هي ستة أشهر ، بَيْد أن الحُكْم المَطْعون فيه قَد قَضى بعُقوبة الحبس لمدة ثلاثة أشهر ، مِمَا كان يُؤْذَن مَعَهُ لِهذه المَحكَمَة - مَحْكَمَة النقض - تصحيح ذلك الخطأ وإعمال صحيح القانون ، بإنزال الحَد الأدنى للعقوبة على المُتَهَم ، بَيْد أنه لَمَّا كان المُتَهَم هو وحده الطَاعِن على الحُكْم دون النيابة العَامة ، فَمِن ثم لا تَملك مَحْكَمَة النقض سوى الإبقاء على تِلك العُقوبة المَقْضي بها وحتى لا يُضَار بِطَعْنِه . لَمَّا كَانَ مَا تَقَدَم ، فإن الطَعْن بِرُمَتِه يَكون على غير أساس خَليقاً بالتقرير بِرَفْضِهِ مَوضُوعَاً .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 1364 لسنة 2 ق جلسة 25 / 7 / 2013 مكتب فني 64 ق 107 ص 725

جلسة 25 من يوليو سنة 2013
برئاسة السيد القاضي / عمر بريك نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / عبد التواب أبو طالب ، عبد الله فتحي ، علاء البغدادي وسامح حامد نواب رئيس المحكمة .
-------------------
(107)
الطعن 1364 لسنة 2 ق
 (1) تبديد . دفوع " الدفع بانتفاء ركن التسليم " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما يوفره " . حكم " تسبيبه . تسبيب معيب " . نقض " أسباب الطعن . ما يقبل منها " .
متى يعد الاختلاس تبديداً يعاقب عليه القانون ؟
دفاع الطاعن بعدم استلامه المبلغ النقدي موضوع الجريمة . جوهري . وجوب تعرض المحكمة له بما يفنده . إغفال ذلك . قصور .
(2) إثبات " شهود " . إجراءات " إجراءات المحاكمة " . نيابة عامة . تبديد . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما يوفره " . حكم " تسبيبه . تسبيب معيب " .
وجوب سماع المحكمة لشهود الواقعة إذا تمسك الطاعن أو المدافع عنه بسماعهم ولو لم يكن أحدهم ضمن شهود الإثبات المعلنين من قِبل النيابة العامة . حد وعلة ذلك ؟
إغفال الحكم طلب الطاعن سماع أقوال محرر الإيصال سند الدعوى الذي حصلت الواقعة في حضوره . إخلال بحق الدفاع . يبطله.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- من المقرر أن الاختلاس لا يمكن أن يُعَد تبديداً معاقباً عليه إلا إذا كانت حيازة الشيء قد انتقلت الى المُخْتَلِس بحيث تصبح يد الحائز يد أمانة ثم يخون هذه الأمانة باختلاس الشيء الذي أؤتُمِن عليه . لما كان ذلك ، وكان الطاعن قد دفع أمام المحكمة الاستئنافية بجلسة .... بأنه لم يتسلم المبلغ النقدي موضوع الجريمة من المجني عليه إلا أن الحكم المطعون فيه اكتفى بتأييد الحكم المستأنف القاضي بإدانة الطاعن دون أن يشير إلى ذلك الدفاع مع أنه يُعَد جوهرياً لتعلقه بركن أساسي لجريمة التبديد وهو ركن التسليم ، مما كان يتعين معه على المحكمة أن تعرض له بما يفنده ، أما وهي لم تفعل ، فإن حكمها المطعون فيه يكون معيباً بالقصور .
2- لما كان البيّن من مطالعة محاضر الجلسات أمام درجتي التقاضي أن المدافع عن الطاعن طلب سماع شهادة المدعو .... مُحْرِر صلب الإيصال سند الدعوى موضوع الاتهام والواقعة حصلت في حضوره ، وبالرغم من ذلك أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه ملتفتة عن طلبه مغفلة الرد عليه . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه يتعين على المحكمة إذا تمسك الطاعن أو المدافع عنه بسماع أحد شهود الواقعة أن تسمعه ولو لم يكن ضمن شهود الإثبات المعلنين من قبل النيابة العامة ، وهو يكون كذلك إذا كان وجوده غير مجحود أو كانت تقوضه الظروف بحيث لا يكون ثمة فطنة في اجتلابه أو اختلاق وجوده ، وإلا كان الإعراض عن سماعه حكماً مسبقاً على شهادته التي لم تُسمع وإنكاراً لكل حق للمتهم في التمسك بأي دفاع جِدْىِّ لمحض أنه جديد مع أن المحكمة هي ملاذه الأخير في إبداء ما يعن له من أوجه الدفاع وطلبات التحقيق المنتجة في الدعوى وكانت المحكمة قد أغفلت طلب الطاعن تحقيق الدعوى بسماع أقوال .... الذي حرر الإيصال سند الدعوى والذي حصلت الواقعة في حضوره وعلى مرأى منه ، فإن حكمها يكون معيباً أيضاً بالإخلال بحق الدفاع مما يبطله .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائـــــــع
أقام المدعى بالحق المدني ..... دعواه بطريق الادعاء المباشر بموجب صحيفة أُودِعَت قلم كتاب المحكمة ضد الطاعن بوصف أنه : تسلم منه مبلغ .... على سبيل الأمانة فاختلسه لنفسه وقام بتبديده ، وطلب عقابه بالمادة 341 من قانون العقوبات .
ومحكمة .... الجزئية قضت غيابياً بحبس المتهم شهرين مع الشغل وكفالة خمسين جنيهاً لإيقاف التنفيذ مؤقتاً ومبلغ 51 جنيهاً تعويضاً مدنياً مؤقتاً وخمسين جنيهاً أتعاب محاماة والمصروفات .
عارض ، وقُضي بقبول المعارضة شكلاً وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه والمصاريف .
استأنف وقضت محكمة .... الابتدائية - بهيئة استئنافية - غيابياً بقبول ورفض وتأييد والمصاريف .
عارض ، وقُضي بقبول المعارضة الاستئنافية شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المعارض فيه وقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف والمصاريف .
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة التبديد قد شابه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع ، ذلك أنه أقام دفاعه أمام المحكمة بدرجتيها أنه لم يتسلم المبلغ موضوع الجريمة وأن العلاقة علاقة مدنية بحتة إذ تم تحرير إيصال الأمانة ضماناً لدين عليه للمدعي بالحق المدني ، وتمسك بسماع شهادة .... في هذا الشأن وهو من تم التوقيع على الإيصال آنف البيان في حضرته إلا أن الحكم لم يحفل بهذا الدفاع مع ما له من أثر على عدم توافر ركن من أركان الجريمة المُسْنَدة إليه ولم يعرض له بقول ، مما يعيبه بما يستوجب نقضه .
ومن حيث إنه من المقرر أن الاختلاس لا يمكن أن يُعَد تبديداً معاقباً عليه إلا إذا كانت حيازة الشيء قد انتقلت الى المُخْتَلِس بحيث تصبح يد الحائز يد أمانة ثم يخون هذه الأمانة باختلاس الشيء الذي أؤتُمِن عليه . لما كان ذلك ، وكان الطاعن قد دفع أمام المحكمة الاستئنافية بجلسة .... بأنه لم يتسلم المبلغ النقدي موضوع الجريمة من المجني عليه إلا أن الحكم المطعون فيه اكتفى بتأييد الحكم المستأنف القاضي بإدانة الطاعن دون أن يشير إلى ذلك الدفاع مع أنه يُعَد جوهرياً لتعلقه بركن أساسي لجريمة التبديد وهو ركن التسليم ، مما كان يتعين معه على المحكمة أن تعرض له بما يفنده ، أما وهي لم تفعل ، فإن حكمها المطعون فيه يكون معيباً بالقصور ، هذا إلى أن البيّن من مطالعة محاضر الجلسات أمام درجتي التقاضي أن المدافع عن الطاعن طلب سماع شهادة المدعو .... مُحْرِر صلب الإيصال سند الدعوى موضوع الاتهام والواقعة حصلت في حضوره ، وبالرغم من ذلك أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه ملتفتة عن طلبه مغفلة الرد عليه . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه يتعين على المحكمة إذا تمسك الطاعن أو المدافع عنه بسماع أحد شهود الواقعة أن تسمعه ولو لم يكن ضمن شهود الإثبات المعلنين من قبل النيابة العامة ، وهو يكون كذلك إذا كان وجوده غير مجحود أو كانت تقوضه الظروف بحيث لا يكون ثمة فطنة في اجتلابه أو اختلاق وجوده ، وإلا كان الإعراض عن سماعه حكماً مسبقاً على شهادته التي لم تُسمع وإنكاراً لكل حق للمتهم في التمسك بأي دفاع جِدْىِّ لمحض أنه جديد مع أن المحكمة هي ملاذه الأخير في إبداء ما يعن له من أوجه الدفاع وطلبات التحقيق المنتجة في الدعوى وكانت المحكمة قد أغفلت طلب الطاعن تحقيق الدعوى بسماع أقوال ... الذي حرر الإيصال سند الدعوى والذي حصلت الواقعة في حضوره وعلى مرأى منه ، فإن حكمها يكون معيباً أيضاً بالإخلال بحق الدفاع مما يبطله . لما كان ما تقدم ، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإحالة دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ