الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 10 أكتوبر 2018

قانون 70 لسنة 2009 بشأن تنظيم تداول وبيع الطيور والدواجن الحية وعرضها للبيع


الجريدة الرسمية العدد 18 مكرر (أ) بتاريخ 4 / 5 / 2009
قرر مجلس الشعب القانون الآتي نصه، وقد أصدرناه:
المادة 1
يقصر الاتجار في الطيور والدواجن الحية التي يصدر بتحديدها قرار من الوزير المختص بالزراعة على المصرح منها بذبحه قانوناً، ويشترط أن يتم الاتجار أو الذبح وفقاً للشروط والإجراءات وفي الأماكن والمجازر التي يصدر بتحديدها قرار من الوزير المختص بالزراعة
ويحظر بيع الطيور والدواجن المشار إليها أو عرضها للبيع أو تداولها أو نقلها لهذا الغرض، وذلك في المناطق والمحافظات والمدن وغيرها من وحدات الإدارة المحلية التي يصدر بتحديدها قرار من الوزير المختص بالزراعة، وكذلك يحظر بيع أو تداول مخلفات المزارع المصابة أو نقلها لهذا الغرض.


المادة 2
تضبط بالطريق الإداري الطيور والدواجن الحية موضوع المخالفة ويتم إعدامها في حالة الاشتباه في إصابتها بأية أمراض معدية أو وبائية تحت إشراف الإدارة البيطرية المختصة، ويتم التخلص الآمن من المخلفات تحت إشراف الإدارة البيئية المختصة
وفي غير حالة الاشتباه في الإصابة يتم ذبحها في أحد المجازر المرخص لها من وزارة الزراعة وتوزيعها على الجهات التي يعينها الوزير المختص بالزراعة بقرار منه، ويودع الثمن خزينة المحكمة المختصة حتى يتم الفصل في الاتهام، فإذا حكم بالبراءة تؤدى قيمة ما تم ذبحه إلى صاحبه بعد خصم المصروفات.


المادة 3
مع عدم الإخلال بأية عقوبة أشد منصوص عليها في أي قانون آخر، يعاقب على كل مخالفة لأي من أحكام المادة الأولى من هذا القانون أو القرارات الصادرة تنفيذاً له بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر، وبغرامة لا تقل عن ألف جنيه ولا تزيد على عشرة آلاف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، وتضاعف العقوبة في حديها الأدنى والأقصى في حالة العود إلى ارتكاب ذات المخالفة
وفي جميع الأحوال يقضى في حكم الإدانة بمصادرة الطيور والدواجن محل المخالفة لحساب وزارة الزراعة، وبغلق الأماكن التي تم ارتكاب المخالفة فيها لمدة ثلاثة أشهر، ويكون الغلق نهائياً في حالة العود.


المادة 4
يصدر الوزير المختص بالزراعة القرارات اللازمة لتنفيذ أحكام هذا القانون.

المادة 5
ينشر هذا القانون في الجريدة الرسمية، ويعمل به اعتباراً من اليوم التالي لتاريخ نشره
يبصم هذا القانون بخاتم الدولة، وينفذ كقانون من قوانينها.

الثلاثاء، 9 أكتوبر 2018

الطعن رقم 256 لسنة 2018 جزائي المحكمة الاتحادية العليا بتاريخ 08/05/2018


هيئة المحكمة: برئاسة السيد القاضي محمد عبد الرحمن الجراح – رئيس الدائرة وعضوية السادة القضاة عبدالحق أحمد يمين وأحمد عبدالله الملا.

---------------
1- عدم معاقبة المشرع الجنائي على التدليس إلا إذا كان على درجة معينة من الخطورة.
2- عدم تحقق جريمة الاحتيال إلا بواسطة وسائل التدليس الجنائي المحددة حصراً في المادة 399 عقوبات.
3- وجوب تبيان المحكمة في حكم الإدانة بجريمة الاحتيال وسيلة التدليس المستعملة لتمكين محكمة النقض من التحقق من دخول هذه الوسيلة في نطاق الوسائل التي حصرها القانون.
4- اعتبار قضاء الحكم المطعون فيه بإدانة الطاعن بجرم الاحتيال دون تبيان الطرق الاحتيالية التي قام بها الطاعن والمصحوبة بالأعمال المادية التي حملت المجني عليه على الاعتقاد بصحتها قد شابه قصور في استظهار توافر أركان جريمة الاحتيال مستوجباً النقض.
---------------
نصب. قصد جنائي. قانون " تطبيقه ". حكم " تسبيب معيب ". نقض " ما يقبل من الأسباب ".
- التدليس الجنائي في جريمة الاحتيال المعاقب عليها بالمادة 399 من قانون العقوبات على سبيل الحصر. تلتزم المحكمة ببيانه في حكمها للتحقق منه.
- عدم استظهار الحكم المطعون فيه الطرق الاحتيالية التي قام بها الطاعن والمصحوبة بالأعمال المادية التي حملت المجني عليه على الاعتقاد بصحتها. قصور يعجز المحكمة العليا عن اعمال رقابتها على صحة تطبيق القانون.
لما كان من المقرر أن المشرع الجنائي لا يعاقب على التدليس أياً كانت صورته كما هو الشأن في مجال القانون المدني وإنما يعاقب عليه إذا كان على درجة معينة من الخطورة، وكان مقتضى ذلك أنه حدد وسائل التدليس التي يراها حرية بالعقاب فحصرها على النحو الوارد بالمادة 399 من قانون العقوبات، ويترتب على حصر وسائل التدليس الجنائي أن جريمة الاحتيال لا تقع إذا استعمل الجاني وسيلة تدليس أخرى ولو ترتب عليها تسليم المالك ماله إلى المتهم ولذلك تلتزم المحكمة أن تبين في حكم الإدانة بجريمة الاحتيال وسيلة التدليس التي استعملها الجاني حتى تتمكن محكمة النقض من التحقق من دخول هذه الوسيلة في نطاق الوسائل التي حصرها القانون.
ولما كان ذلك، وكان الحكم المستأنف والمؤيد بالحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بإدانة الطاعن بما أورده في مدوناته بقوله " وحيث إن الاتهام المسند للمتهم المعارض ثابت في حقه ثبوتاً كافياً أخذاً بأقوال المجني عليه وشاهد الإثبات وما قدمه من دلائل بصور ضوئية من الحوالات المالية المرسلة منه للمتهم المرفقة بأوراق القضية وسند المديونية بالمبلغ محل القضية بما يفيد ذلك الأمر مما توصل معه المتهم للاستلاء على المبالغ النقدية ولإقرار المتهم بجلسة المحاكمة باستلامه المبلغ المدعى اختلاسه " دون أن يبين الطرق الاحتيالية التي قام بها الطاعن والمصحوبة بالأعمال المادية التي حملت المجني عليه على الاعتقاد بصحتها، ومن ثم فإن الحكم يكون قد شابه قصور في استظهار توافر أركان جريمة الاحتيال التي دان الطاعن بها، الأمر الذي يعجز المحكمة العليا عن إعمال رقابتها على صحة تطبيق القانون على واقعة الدعوى كما صار إثباتها في الحكم، مما يعيبه ويوجب نقضه.
---------------
المحكمة
حيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن – تتحصل في أن النيابة العامة أحالت الطاعن إلى المحاكمة الجنائية بوصف أنه بتاريخ 15/1/2014 وسابق عليه بدائرة الشارقة:-
توصل إلى الاستيلاء لنفسه على المبلغ النقدي المبين وصفاً وقيمة بالمحضر، والمملوك للمجني عليه/.......، وذلك بالاستعانة بطرق احتيالية بأن ادعى له أنه سيتم إدخاله كشريك في شركة ...... لتجارة الرخام والسيراميك وأكد حيلته بعرض الترخيص وأعمال المصنع، وكان من شأن ذلك كله خداع المجني عليه وحمله على تسليم المبالغ للمتهم على النحو المبين بالأوراق.
وطلبت معاقبته طبقا للمادة 399/1 من قانون العقوبات.
وبجلسة 6/7/2015 قضت محكمة أول درجة غيابياً بحبسه لمدة سنة وإبعاده عن البلاد، وإذ عارض المحكوم عليه، قضت المحكمة بجلسة 19/12/2017 بقبول المعارضة شكلا وفي الموضوع بإلغاء الحكم المعارض فيه واعتباره كأن لم يكن، والقضاء مجدداً بإدانته ومعاقبته بالحبس لمدة خمسة أشهر عن التهمة المسندة إليه، وأمرت بإبعاده عن البلاد بعد تنفيذ العقوبة، وإلزامه بأداء الرسم المستحق، والاحتفاظ للمجني عليه بحقه في ملاحقته مدنياً، استأنف بالاستئناف رقم 4550 لسنة 2017، وبجلسة 26/2/2018 قضت محكمة الاستئناف بتعديل الحكم المستأنف والاكتفاء بمعاقبته بالحبس شهرا واحداً، وتأييد الحكم المستأنف فيما عدا ذلك وإلزامه بالرسوم القضائية. لم يرتض الطاعن قضاء الحكم فطعن عليه بطريق النقض بالطعن المطروح، وقدمت النيابة العامة مذكرة بالرأي وطلبت رفض الطعن.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب ومخالفة الثابت بالأوراق والإخلال بحق الدفاع إذ قضى بإدانته بجريمة الاحتيال رغم عدم توافر أركانها ولم يورد ماهية الطرق الاحتيالية التي اتخذها الطاعن لإيهام المجني عليه ولم يبينها وأغفل المستندات والتقرير المحاسبي الذي قدمه الطاعن والتي تجزم بانتفاء قيام الجريمة وتؤكد مدنية النزاع، وأن أسباب الحكم جاءت معماة لا تنبئ عن الفهم الصحيح لواقعة الدعوى ولم يرد على ما أبداه الطاعن من دفاع ودفوع مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن النعي سديد، ذلك أنه من المقرر أن المشرع الجنائي لا يعاقب على التدليس أياً كانت صورته كما هو الشأن في مجال القانون المدني وإنما يعاقب عليه إذا كان على درجة معينة من الخطورة،
وكان مقتضى ذلك أنه حدد وسائل التدليس التي يراها حرية بالعقاب فحصرها على النحو الوارد بالمادة 399 من قانون العقوبات، ويترتب على حصر وسائل التدليس الجنائي أن جريمة الاحتيال لا تقع إذا استعمل الجاني وسيلة تدليس أخرى ولو ترتب عليها تسليم المالك ماله إلى المتهم
ولذلك تلتزم المحكمة أن تبين في حكم الإدانة بجريمة الاحتيال وسيلة التدليس التي استعملها الجاني حتى تتمكن محكمة النقض من التحقق من دخول هذه الوسيلة في نطاق الوسائل التي حصرها القانون.
ولما كان ذلك، وكان الحكم المستأنف والمؤيد بالحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بإدانة الطاعن بما أورده في مدوناته بقوله " وحيث إن الاتهام المسند للمتهم المعارض ثابت في حقه ثبوتاً كافياً أخذاً بأقوال المجني عليه وشاهد الإثبات وما قدمه من دلائل بصور ضوئية من الحوالات المالية المرسلة منه للمتهم المرفقة بأوراق القضية وسند المديونية بالمبلغ محل القضية بما يفيد ذلك الأمر مما توصل معه المتهم للاستلاء على المبالغ النقدية ولإقرار المتهم بجلسة المحاكمة باستلامه المبلغ المدعى اختلاسه " دون أن يبين الطرق الاحتيالية التي قام بها الطاعن والمصحوبة بالأعمال المادية التي حملت المجني عليه على الاعتقاد بصحتها، ومن ثم فإن الحكم يكون قد شابه قصور في استظهار توافر أركان جريمة الاحتيال التي دان الطاعن بها، الأمر الذي يعجز المحكمة العليا عن إعمال رقابتها على صحة تطبيق القانون على واقعة الدعوى كما صار إثباتها في الحكم، مما يعيبه ويوجب نقضه.
* * *

الطعن رقم 274 لسنة 2018 جزائي المحكمة الاتحادية العليا جلسة 15 / 5 / 2018


هيئة المحكمة: برئاسة السيد القاضي محمد عبدالرحمن الجراح – رئيس الدائرة وعضوية السادة القضاة عبدالحق أحمد يمين وأحمد عبدالله الملا.
---------------
1- اعتبار الأصل في المحاكمات الجنائية هو اقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة عليه.
2- أثر تساند الأدلة في المواد الجنائية.
3-عدم التزام محكمة الموضوع بالرد على أي دفاع أو مستند مقدم من الخصم إلا إذا كان الدفاع أو المستند منتجاً في الدعوى.
4- التزام الكفيل بعدم ترك مكفوله في الدولة على خلاف الأوضاع المقررة قانوناً بحسب قانون دخول وإقامة الأجانب ولائحته التنفيذية وكذلك قانون تنظيم علاقات العمل الاتحادي.
5- اعتبار قضاء الحكم المطعون فيه الطاعن بجرم ترك مكفوله في الدولة على خلاف الأوضاع المقررة قانوناً بالاستناد إلى صفته كمسئول عن المنشأة ومساعدته مكفوله على البقاء بصورة غير مشروعة بعد انتهاء إقامته الممنوحة له دون تجديدها أو مغادرة الدولة أو إخراجه من الدولة أو دفع الغرامة المستحقة عليه قانوناً سائغاً وله معينه الصحيح من الأوراق.
---------------
اثبات " تقدير الدليل ". محاكمات جزائية . محكمة الموضوع " سلطتها التقديرية ". حكم " تسبيب سائغ ". كفالة . نقض " ما يقبل من أسباب". جريمة .
- الأصل في المحاكمات الجنائية اقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة عليه وله تكوين عقيدته من أي دليل أو قرينة يرتاح إليها إلا إذا قيده القانون بدليل معين ينص عليه.
- لا يشترط أن تكون الأدلة التي يعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى في المواد الجنائية . إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها البعض ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة .
- محكمة الموضوع غير ملزمة بالرد على أي دفاع يبديه الخصم أو مستند يتمسك به مالم يكن دفاعه او مستنده منتجا في الدعوى ويغير وجه الرأي فيها.
- مثال لتسبيب سائغ في جريمة ترك مكفولة في البلاد بعد انتهاء اقامته ولم يجددها.
---------------
لما كان من المقرر أن الأصل في المحاكمات الجنائية هو اقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة عليه فله أن يكون عقيدته من أي دليل أو قرينة يرتاح إليها إلا إذا قيده القانون بدليل معين ينص عليه، وكان لا يشترط أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعه تتكون عقيدة المحكمة، فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصــده الحكم ومنتجــة في اكتمـــال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه، كما أن من المقرر أن محكمة الموضوع غير ملزمة بالرد على أي دفاع يبديه الخصم أو مستند يتمسك به، ما لم يكن دفاعه أو مستنده منتجاً في الدعوى ومن شأنه أن يغير وجه الرأي فيها.
لما كان ذلك وكانت النيابة العامة قد أحالت الطاعن إلى المحاكمة بتهمة ترك مكفوله في البلاد بعد انتهاء إقامته ولم يقم بتجديدها، وكانت النصوص التشريعية الواردة في قانون دخول وإقامة الأجانب ولائحته التنفيذية وكذلك قانون تنظيم علاقات العمل الاتحادي قد نظمت علاقة الكفيل بمكفوله ومن بينها التزام الكفيل بعدم ترك مكفوله في الدولة على خلاف الأوضاع المقررة قانوناً، وإذ أورد الحكم المطعون فيه في تسبيب سائغ أن الطاعن في وضع " كفيل" ومخاطب بالنصوص التشريعية التي تحظر على الكفيل ترك مكفوله في البلد دون تعديل أوضاعه وقضى بإدانته لمخالفته لمواد الاتهام وأورد في ذلك أسباباً سائغة تدل على أن المحكمة قد أحاطت بوقائع الدعوى عن بصر وبصيرة وأورد ذلك في أسبابه بقوله "وحيث إن وقائع الدعوى قد حصلها الحكم المستأنف مما له أصله الثابت في الأوراق فتحيل إليه هذه المحكمة بأسبابها وتجعلها جزءاً من قضائها وتكتفي بسرد وجيز للواقعة التي تخلص في أن المستأنف بصفته المسؤول عن منشأة .... لصيانة المباني ساعد مكفوله (......) على البقاء بصورة غير مشروعة بعد انتهاء إقامته الممنوحة له ولم يقم بتجديدها أو مغادرة الدولة أو إخراجه من الدولة أو دفع الغرامة المستحقة عليه قانوناً وأن الحكم المستأنف في محله للأسباب التي بني عليها..." ولما كان الذي خلص إليه الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه لأسبابه والمكمل له سائغاً وله معينه الصحيح من الأوراق ويكفي لحمل قضاء الحكم ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا في ما لمحكمة الموضوع من سلطة فهم الواقع في الدعوى وتقدير الدليل فيها وهو ما لا يجوز إثارته أمام المحكمة العليا ويكون النعي على غير أساس متعين الرفض.
------------
المحكمة
حيث إن واقعة الدعوى تتحصل في أن النيابة العامة أسندت إلى الطاعن وآخر أنهما بتاريخ 5/11/2015 بدائرة عجمان:
المتهم الأول:
وهو أجنبي بقي في الدولة بصورة غير شرعية بعد انتهاء الإقامة الممنوحة له دون تجديدها أو مغادرة الدولة وامتنع عن سداد الغرامة المقررة على النحو المبين بالأوراق.
المتهم الثاني:
حالة كونه المسؤول عن منشأة "الصبر لصيانة المباني" ساعد مكفوله المتهم الأول على البقاء في الدولة بصورة غير مشروعة بعد انتهاء إقامته الممنوحة له ولم يقم بتجديدها له أو يخرجه من الدولة أو يدفع الغرامة المقررة قانوناً على النحو المبين بالأوراق.
وطلبت معاقبته طبقاً للمواد 1، 21/1-3، 34 مكرر 4 من القانون الاتحادي رقم 6 لسنة 1973 بشأن دخول وإقامة الأجانب وتعديلاته.
وبجلسة 11/1/2018 قضت محكمة عجمان الاتحادية الابتدائية غيابياً بمعاقبة المتهمين بتغريم الأول ألفاً ومائة درهم عن التهمة المسندة إليه، وبمعاقبة المتهم الثاني بتغريمه ستين ألف درهم عن التهمة المسندة إليه وإلزامهما بأداء الرسوم القضائية.
لم يرتض المتهم هذا الحكم، وتقدم باعتراضه عليه، وبجلسة 29/1/2018 أصدرت محكمة عجمان حكمها بقبول المعارضة شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المعارض فيه بتغريم المتهم خمسين ألف درهم عن الاتهام المسند إليه وإلزامه بأداء الرسوم القضائية.
لم يرتض المحكوم عليه هذا القضاء وطعن عليه بالاستئناف، وبجلسة 6/3/2018 قضت محكمة الاستئناف بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف مع إلزامه بالرسوم القضائية استئنافياً.
لم يرتض المحكوم عليه هذا القضاء وتقدم بالطعن الماثل.
والنيابة العامة تقدمت بمذكرة طلبت فيها قبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع، حيث إن الحكم المطعون فيه ساير الحكم الابتدائي في إدانة الطاعن رغم عدم توافر أركان الجريمة بحقه حيث لم يكن على علم بارتكاب المتهم الأول للجريمة ولم يساعده على ارتكاب الجريمة وأنه (أي الطاعن) قام بتسليم المتهم الأول للشرطة ولم يتوافر بحقه أي خطأ حيث إن الحكم استند في ذلك على التخمين لا على اليقين، كما أن الحكم استند في قضائه إلى القول إن الطاعن قد اعترف بالتهمة وهو ما يخالف الحقيقة، وحيث إن الحكم قد قضى بإدانة الطاعن فإنه يكون قد خالف القانون وشابة الفساد في الاستدلال بما يستوجب نقضه.
وحيث إن أوجه النعي برمتها غير سديدة، ذلك أن المقرر أن الأصل في المحاكمات الجنائية هو اقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة عليه فله أن يكون عقيدته من أي دليل أو قرينة يرتاح إليها إلا إذا قيده القانون بدليل معين ينص عليه،
وكان لا يشترط أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعه تتكون عقيدة المحكمة، فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصــده الحكم ومنتجــة في اكتمـــال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه،
كما أن من المقرر أن محكمة الموضوع غير ملزمة بالرد على أي دفاع يبديه الخصم أو مستند يتمسك به، ما لم يكن دفاعه أو مستنده منتجاً في الدعوى ومن شأنه أن يغير وجه الرأي فيها.
لما كان ذلك وكانت النيابة العامة قد أحالت الطاعن إلى المحاكمة بتهمة ترك مكفوله في البلاد بعد انتهاء إقامته ولم يقم بتجديدها، وكانت النصوص التشريعية الواردة في قانون دخول وإقامة الأجانب ولائحته التنفيذية وكذلك قانون تنظيم علاقات العمل الاتحادي قد نظمت علاقة الكفيل بمكفوله ومن بينها التزام الكفيل بعدم ترك مكفوله في الدولة على خلاف الأوضاع المقررة قانوناً،
وإذ أورد الحكم المطعون فيه في تسبيب سائغ أن الطاعن في وضع " كفيل" ومخاطب بالنصوص التشريعية التي تحظر على الكفيل ترك مكفوله في البلد دون تعديل أوضاعه وقضى بإدانته لمخالفته لمواد الاتهام وأورد في ذلك أسباباً سائغة تدل على أن المحكمة قد أحاطت بوقائع الدعوى عن بصر وبصيرة وأورد ذلك في أسبابه بقوله "وحيث إن وقائع الدعوى قد حصلها الحكم المستأنف مما له أصله الثابت في الأوراق فتحيل إليه هذه المحكمة بأسبابها وتجعلها جزءاً من قضائها وتكتفي بسرد وجيز للواقعة التي تخلص في أن المستأنف بصفته المسؤول عن منشأة ...... لصيانة المباني ساعد مكفوله (.....) على البقاء بصورة غير مشروعة بعد انتهاء إقامته الممنوحة له ولم يقم بتجديدها أو مغادرة الدولة أو إخراجه من الدولة أو دفع الغرامة المستحقة عليه قانوناً وأن الحكم المستأنف في محله للأسباب التي بني عليها..." ولما كان الذي خلص إليه الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه لأسبابه والمكمل له سائغاً وله معينه الصحيح من الأوراق ويكفي لحمل قضاء الحكم ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا في ما لمحكمة الموضوع من سلطة فهم الواقع في الدعوى وتقدير الدليل فيها وهو ما لا يجوز إثارته أمام المحكمة العليا ويكون النعي على غير أساس متعين الرفض.
* * *

الدعوى رقم 2 لسنة 28 دستورية المحكمة الاتحادية العليا جلسة 15 / 5 / 2009


هيئة المحكمة: برئاسة السيد القاضي/الدكتور عبد الوهاب عبدول – رئيس المحكمة، وعضوية السادة القضاة: خليفة سعد الله المهيري، شهاب عبد الرحمن الحمادي، فلاح شايع الهاجري وأمين أحمد الهاجري.
---------------
1- ماهية تفسير الدستور.
2- جواز طلب سلطات الاتحاد وحكومات الإمارات من المحكمة الاتحادية العليا تفسير أحكام الدستور.
3- صلاحية المشرع العادي رسم إجراءات رفع طلب تفسير الدستور وتبيان حدوده ونطاقه وحالات جوازه أو عدم جوازه وقبوله أو رفضه دون الاعتداد بالباعث المحرك لطالب التفسير.
4- حصر نطاق اختصاص المحكمة الاتحادية العليا بنظر طلب التفسير الدستوري على تفسير أحكام الدستور دون تفسير نصوص القوانين التي لا تواجهها المحكمة إلا عن طريق البحث في دستوريتها طبقاً للأوضاع المرسومة في الدستور.
5- عدم اعتبار طلب التفسير الدستوري متسماً بالطابع القضائي.
6- تحديد صلاحية المحكمة الاتحادية العليا في مجال تفسير نصوص الدستور في توضيح ما أبهم من عبارات النص محل التفسير واستخلاص دلالته وفقاً لمناهج التفسير تحرياً لمقاصد هذا النص ووقوفاً عند الغاية التي استهدفت من تقريره والغرض المقصود منه ومحمولاً عليه.
7- ماهية التوفيق بين النصوص كمنهج أصيل في التفسير.
8- اعتبار أصول التفسير في إطار إعمال نصوص الدستور والتوفيق بين أحكامها جميعاً موجبة إعمال قواعد التخصيص والتقييد المتبادل بين أحكام الدستور بما يجعل بعضها يُفسر بعضاً.
9- إستظهار المحكمة الاتحادية العليا من عبارات المادة (151) من الدستور سيادة وسمو دستور دولة الاتحاد على دساتير إمارات الاتحاد وسيادة وسمو القوانين الاتحادية التي تصدر وفقاً لأحكام الدستور الاتحادي على التشريعات والقرارات الصادرة عن سلطات الإمارات.
10- عدم جواز تعارض التشريع المحلي مع التشريع الاتحادي والتشريعين المحلي والاتحادي مع التشريع الدستوري وإلا كانت تلك التشريعات مصومة بخاتم عدم الدستورية أو عدم المشروعية.
11- وجوب توافق التشريع المحلي سواء أكان في المجال المحفوظ للحكومات المحلية أم في مجال قوانين وتشريعات التدابير التي تصدرها تلك الحكومات لتنفيذ القوانين الاتحادية أو في غيرها من المجالات مع التشريع الاتحادي دستوراً أو قانوناً.
12- اعتبار الأصل في القوانين الاتحادية صدورها موافقة ومطابقة للدستور إلا عند صدور حكم قضائي من المحكمة الاتحادية العليا بعدم دستوريته أو قيام دليل قطعي نافياً على وجه الجزم لدستوريته.
13- اعتبار القانون الاتحادي المستوفي لإجراءات إصداره المقررة في الدستور واجب الاحترام والتطبيق على جميع إقليم دولة الاتحاد وعلى كافة سكانها وما عليها.
14- اعتبار القانون الاتحادي رقم (3) لسنة 1996 بشأن اختصاص المحاكم الشرعية بنظر بعض الجرائم داخل ضمن اختصاص الاتحاد بالتشريع فيه ومستوفي إجراءات إصداره دون صدور حكم أو دليل قطعي بعدم دستوريته أو إلغائه.
15- اعتبار القانون الاتحادي رقم (3) لسنة 1996 بشأن اختصاص المحاكم الشرعية بنظر بعض الجرائم قانون ملزم لجميع إمارات الدولة وواجب تطبيق أحكامه أمام كافة محاكم الاتحاد والإمارات معاً.
16- كيفية توزيع الاختصاصات التشريعية والتنفيذية بين الاتحاد والإمارات.
17- تحديد المقصود بالتشريع في مجال المادتين 120 و 121 من دستور دولة الاتحاد.
18- تحديد المقصود من عبارة "التشريعات الإجرائية الكبرى المدنية والجزائية" الواردة في المادة (121) من الدستور.
19- اعتبار القانون القاضي بإسناد نظر جرائم المخدرات وما في حكمها إلى المحاكم الشرعية من القواعد المتصلة بإجراءات التقاضي التي تدخل في مفهوم " التشريعات الكبرى " وفقاً لأحكام المادة 121 من الدستور وهي تسمو على التشريعات المحلية بحيث يبطل من التشريع المحلي ما هو متعارض مع التشريع الاتحادي.
20- عدم اختصاص المحكمة الاتحادية العليا في استفتاء مدى قانونية وعدالة المحاكمات التي تجري خارج إطار القانون الاتحادي رقم 3 لسنة 1996 لخروج إصدار الآراء الافتائية في موضوع القوانين أو مجالات تطبيقها أو آثار مخالفتها عن نطاق اختصاصها.
---------------
(1) دستور "طلب تفسيره". تفسير "تفسير الدستور".  الاتحاد. حكومات الإمارات. المحكمة الاتحادية العليا. اختصاص "الاختصاص الولائي" .إجراءات.
طلب تفسير الدستور. ماهيته؟ حق طلب التفسير من المحكمة الاتحادية العليا. مقصور على سلطات الاتحاد وحكومات الإمارات. الدستور أحال في رسم إجراءات الطلب وبيان حدوده ونطاقه وحالاته على المشرع ولم يعتد بالباعث الذي يحرك هذا الطلب. أساس ذلك. المادة 99/4 من الدستور.
(2) دستور "طلب تفسيره". تفسير "تفسير الدستور". المحكمة الاتحادية العليا . دعوى. اختصاص "الاختصاص الولائي".  إجراءات.
طلب تفسير الدستور دون القوانين. تختص به المحكمة الاتحادية العليا بناءً على طلب من حكومة الاتحاد أو حكومات الإمارات. لاستجلاء معانيه ومقاصده. الطلب الدستوري لا يتسم بالطابع القضائي القائم على الادعاء والدفاع وحسم خلاف شجر بين الخصمين. أساس ذلك. المادة 99/4 من الدستور والمادة 33/5 من قانون إنشاء المحكمة الاتحادية العليا.
(3) دستور "تفسيره". تفسير "أصول التفسير".  قانون.  المحكمة الاتحادية العليا. تعارض. حكم.
- المحكمة الاتحادية العليا. سلطتها في تفسير الدستور. مناطه. توضيح ما أبهم من عباراته واستخلاص دلالته تحرياً لمقاصده وفقاً لمناهج التفسير. أصول التفسير. توجب التوفيق بين النصوص الدستورية وإعمال قواعد التخصيص والتقييد كونها وحدة متآلفة متجانسة. دستور الاتحاد يعلو دساتير إمارات الاتحاد.
- التشريعات الاتحادية تعلو التشريعات المحلية. لا يجوز تعارض التشريع الأدنى مع التشريع الأعلى. أثره: عدم دستورية التشريع الأدنى. أساس ذلك في الدستور.
- الأصل. صدور القانون الاتحادي موافقاً للدستور إلا إذا صدر حكم بعدم دستوريته. أثره: وجوب احترامه وتطبيقه في جميع إقليم الاتحاد. قانون اختصاص المحاكم الشرعية بنظر بعض الجرائم رقم 3 لسنة 1996 قانون صدر موافقاً للدستور. أثره: وجوب تطبيقه في جميع محاكم الدولة الاتحادية والمحلية.
(4) دستور "تفسيره". اختصاص "الاختصاص النوعي" . جرائم "جرائم المخدرات". الاتحاد. حكومات الإمارات.
- توزيع الاختصاصات التشريعية والتنفيذية بين الاتحاد والإمارات. الاتحاد ينفرد بالتشريع والتنفيذ في الشئون المبينة في المادة 120 من الدستور وينفرد بالتشريع في الشؤون المبينة في المادة 121 من الدستور. الإمارات تنفرد بالتشريع في الشؤون المبينة في المادة 121 من الدستور. الإمارات تنفرد بالتشريع بما لا يختص به السلطات الاتحادية. التشريع. ماهيته؟
- التشريعات الإجرائية الكبرى والمدنية والجزائية. ماهيتها؟
- قانون اختصاص المحاكم الشرعية المتضمن "إسناد جرائم المخدرات للمحاكم الشرعية يعد من التشريعات المتصلة بإجراءات التقاضي المنظمة للاختصاص النوعي للمحاكم داخل الدولة. أساس ذلك. المادة 121 من الدستور. أثره: وجوب تطبيقه في جميع اتحاد الدولة وسموه على التشريعات المحلية وبطلانها إذا تعارضت معه.
(5) المحكمة الاتحادية العليا. اختصاص "الاختصاص الولائي". افتاء. دستور.
المحكمة الاتحادية العليا. تختص بنظر المنازعات الدستورية في صورة طعن بعدم الدستورية أو طلب تفسير الدستور. أثره: عدم اختصاص المحكمة بإصدار أراء إفتائه في معنى المحاكمة القانونية أو العادلة.
---------------
1- لما كان طلب تفسير الدستور، هو طلب عيني يستهدف طالبه من المحكمة تجلية ما يكون قد ران على النص المطلوب استيضاحه من غموض أو لبس بغية رفع هذا اللبس وإيضاح الغموض توصلاً إلى تحديد مراد الدستور ضماناً لوحدة التطبيق الدستوري واستقراره. وأن دستور دولة الاتحاد، إذ جاز لسلطات الاتحاد وحكومات الإمارات أن تطلب من المحكمة الاتحادية العليا طلب تفسير أحكام الدستور عملاً بالمادة (99/4) منه، فقد ترك – الدستور – للمشرع العادي رسم إجراءات رفع هذا الطلب وتبيان حدوده ونطاقه وحالات جوازه أو عدم جوازه، قبوله أو رفضه، دون أن يعتد بالباعث الذي يحرك الطالب لرفع طلب التفسير، بحسبان أن هذا الباعث من خبيثات النفوس التي لا يعتد بها القانون في قبول طلب التفسير أو رفضه، مما يغدو معه دفع النيابة في غير محله متعين الرفض.
2- لما كان موضوع الطلب – فإن المحكمة تمهد لقضائها بتأكيد اختصاصها بنظر طلب التفسير الدستوري إعمالاً للمادة (99/4) من دستور دولة الاتحاد، والمادة (33/5) من قانون إنشاء المحكمة الاتحادية العليا رقم (10) لسنة 1973. وأن اختصاصها هذا إنما يقتصر نطاقه على تفسير أحكام الدستور، ولا يمتد إلى تفسير نصوص القوانين التي لا تواجهها المحكمة إلا عن طريق البحث في دستوريتها طبقاً للأوضاع المرسومة في الدستور.(يراجع طلب التفسير رقم (1) لسنة 1 قضائية عليا تفسير دستوري). كما تؤكد المحكمة كذلك أن طلب التفسير الدستوري لا يتسم بالطابع القضائي الذي يقوم على الادعاء والدفاع وحسم خلاف شجار بين طرفين، وإنما تباشر الدائرة الدستورية بهذه المحكمة نظر الطلب عندما يقدم لها من حكومة الاتحاد أو من حكومات إمارات الاتحاد، لتفسير نص دستوري معين لاستجلاء معانيه ومقاصده، بغية ضمان وحدة تطبيقه، وأنه ليس بلازم أن يصل الأمر إلى حد الخلاف المحتدم أو المنازعة بالمعنى المعروف في قانون الإجراءات المدنية، إذ في تطلب ذلك قيد لم يتضمنه الدستور أو قانون إنشاء المحكمة. بل يكفي أن يدور حول نص دستوري أكثر من رأي على نحو يغم معه إعمال حكمه على النحو الذي أراده وقصده وضعوا الدستور، ليسوغ معه الالتجاء إلى هذه المحكمة بغية تجلية الغموض الحاصل في هذا المجال وذلك ضماناً لوحدة التطبيق الدستوري واستقراره.
3- لما كان الطلب المتعلق بتفسير أحكام الدستور فيما يتعلق بأولوية وإلزامية تطبيق القانون الاتحادي رقم (3) لسنة 1996 بشأن اختصاص المحاكم الشرعية بنظر بعض الجرائم لجميع الإمارات، سواء كان قضاؤها اتحادياً أم محلياً على ضوء المادة (151) من دستور دولة الاتحاد. فإن السلطة المخولة لهذه المحكمة – لدى تحريك اختصاصها واستنهاض ولايتها – في مجال تفسير نصوص الدستور، إنما تتحدد في توضيح ما أبهم من عبارات النص محل التفسير، واستخلاص دلالته وفقاً لمناهج التفسير، تحرياً لمقاصد هذا النص، ووقوفاً عند الغاية التي استهدفت من تقريره، والغرض المقصود منه، ومحمولاً عليه. وكان من المسلم به أن التوفيق بين النصوص كمنهج أصيل في التفسير يعني التقريب بين النصوص وترجيح الفهم الذي لا يقوم به التعارض بين أي منهما والآخر. وفي إطار إعمال نصوص الدستور والتوفيق بين أحكامها جميعاً، فإن أصول التفسير توجب إعمال قواعد التخصيص والتقييد المتبادل بين أحكام الدستور، بما يجعل بعضها يُفسر بعضاً، فالنصوص لا يفهم بعضها بمعزل عن البعض الآخر، وإنما تتأتى دلالة أي منها في ضوء دلالة باقي النصوص، الأمر الذي يتطلب وجوب إمعان النظر في تلك النصوص جميعها بوصفها متآلفة فيما بينها، متجانسة معانيها، متضافرة توجهاتها، بما لا تنفلت معها متطلبات تطبيقها، أو يبتعد بها عن الغاية المقصودة منها. واهتداءً بهذا المنهج، فإن المحكمة تستظهر من عبارات المادة (151) من الدستور ودلالات ألفائها، إن المشرع الدستوري أورد أصلاً دستورياً عاماً يقضي بسادة وسمو دستور دولة الاتحاد على دساتير إمارات الاتحاد، وبسيادة وسمو القوانين الاتحادية التي تصدر وفقاً لأحكام الدستور الاتحادي على التشريعات والقرارات الصادرة عن سلطات الإمارات، وأساس هذه السيادة أن الدستوري الاتحادي يمثل إرادة شعب الإمارات وحكامه كما هو بيّن وجلي في ديباجة دستور دولة الاتحاد، وأن القوانين الاتحادية تصدر بتصديق المجلس الأعلى للاتحاد الذي يُغير هو الآخر عن الإرادة العامة لشعب الإمارات، مما يعني أن إرادة الشعب الإماراتي هي أساس سيادة وسمو التشريعات الاتحادية.
وحيث إن مؤدى هذه السيادة – في عموم معناها -، إن أي تشريع يجب أن يتقيد بالتشريع الأعلى منه درجة. فلا يجوز لتشريع محلي أن يتعارض أو يتخالف مع تشريع اتحادي. كما لا يجوز لأيهما أن يتعارض مع تشريع دستوري. وإذا صدر أي من هذه التشريعات مخالفاً لتشريع أعلى منه درجة، فإنه يكون موصوماً بخاتم عدم الدستورية أو عدم المشروعية. وعليه فإن أي تشريع محلي مهما كان المجال الذي يشرع فيه، سواء أكان في المجال المحفوظ للحكومات المحلية عملاً بالمادة (122) من الدستور، أم في مجال قوانين وتشريعات التدابير التي تصدرها تلك الحكومات لتنفيذ القوانين الاتحادية عملاً بالمادة (125) من الدستور، أو في غيرها من المجالات. وسواء أكان موضوع تلك القوانين والتشريعات متعلقاً بشؤون التقاضي أم شؤون الأسرة والمجتمع أم الشؤون الاقتصادية والتجارية أم الشؤون الخارجية والعلاقات الدولية أم غيرها من الشؤون الأخرى – لا بد أن يكون متفقاً مع التشريع الاتحادي دستوراً أو قانوناً، وغير متعارض معه لا صراحةً ولا ضمناً، حقيقة أم حكماً.
وحيث إن الأصل في القوانين الاتحادية، أنها صدرت موافقة ومطابقة للدستور، أخذاً بقرينة الدستورية التي تصاحب التشريع منذ لحظة صدوره إلى يوم إلغائه، ولا تزول عنه هذه القرينة إلا بصدور حكم قضائي من هذه المحكمة ينزع عن هذا التشريع لباس الشرعية الدستورية، أو يقوم دليل قطعي يكون بذاته نافياً – على وجه الجزم – لدستوريته. ولازم هذه القرينة المفترضة، أن القانون الاتحادي متى استوفى إجراءات إصداره المقررة في الدستور، فهو واجب الاحترام والتطبيق على جميع إقليم دولة الاتحاد وعلى كافة سكانها وما عليها، وذلك عملاً بالمادة (44) من الدستور التي توجب على سكان الاتحاد احترام الدستور والقوانين والأوامر الصادرة من السلطات العامة. ولما كان الثابت من مطالعة القانون الاتحادي رقم (3) لسنة 1996،أن موضوعه طال شأناً يتعلق بالإجراءات الجزائية أمام المحاكم وهو شأن ينفرد الاتحاد بالتشريع فيه، وأن هذا القانون استوفى إجراءات إصداره من حيث الإطلاع على الدستور وعلى القوانين الاتحادية ذات الصلة بموضوعه وعرض وزير العدل وموافقة مجلس وزراء الاتحاد وتصديق المجلس الأعلى للاتحاد عليه ونشره في الجريدة الرسمية للاتحاد والعمل به من تاريخ نشره، وأنه لم يصدر حكم أو يقوم دليل قطعي بعدم دستوريته، ولم يلغ حتى تاريخه.
وحيث إنه ترتيباً على ما تقدم، فإن القانون الاتحادي رقم (3) لسنة 1996 بشأن اختصاص المحاكم الشرعية بنظر بعض الجرائم، قانون ملزم لجميع إمارات الدولة في المجال الذي شرع وواجب تطبيق أحكامه أمام كافة محاكم الاتحاد والإمارات معاً. ولا يفوت المحكمة أن تشير في هذا المقام إلى أنه لا قيد على الإمارات في أن تضع التشريعات اللازمة لتنظيم الأصول العامة التي تشتمل عليها التشريعات الكبرى ووضع الحلول التشريعية لما تواجهه الإمارات من مسائل جزئية عند التطبيق بما لا يتعارض مع أحكام التشريعات الكبرى أو مع أي قانون اتحادي آخر، وذلك وفقاً للمادتين (149، 151) من الدستور. (يراجع طلب التفسير رقم (1) لسنة 19 قضائية عليا، جلسة 30/6/1992).
4- لما كان طلب التفسير الخاص ببيان المعنى المقصود من عبارة "التشريعات الإجرائية الكبرى المدنية والجزائية" الذي ينفرد الاتحاد بالتشريع فيها، وذلك على ضوء المادة (28) من دستور دولة الاتحاد. وما إذا كانت المحاكمة خارج أحكام القانون رقم (3) لسنة 1996 تُعد مخالفة دستورية للمادة المذكورة، وللمادة (25) من الدستور ذاته التي تنص على مساواة جميع الأفراد أمام القانون دون تمييز بين مواطني الاتحاد بسبب الأصل أو الموطن أو العقيدة أو المركز الاجتماعي.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة استقر على أن توزيع الاختصاصات التشريعية والتنفيذية بين الاتحاد والإمارات، يقوم على أساس انفراد الاتحاد بالتشريع والتنفيذ في الشؤون المبينة في المادة (120) من دستور الاتحاد، وانفراده بالتشريع فقط في الشؤون المبينة في المادة (121) منه عملاً بما نصت عليه المادة (122) من أن الإمارات تختص بكل ما لا تنفرد السلطات الاتحادية به بموجب أحكام المادتين 120، 121 (يراجع طلبات التفسير الدستوري أرقام: 1 لسنة 2 قضائية عليا، 5 لسنة 8 قضائية عليا، 10 لسنة 10 قضائية عليا).
ومن حيث إن المقصود بالتشريع في مجال المادتين 120، 121 من دستور دولة الاتحاد – وفق ما صرحت به هذه المحكمة في طلب التفسير رقم 1 لسنة 2 قضائية عليا – القواعد الكلية المنظمة لروابط المخاطبين بأحكام القانون. وهو – التشريع – يصدر من الاتحاد عن طريق السلطات التي تملك إصداره وفقاً للأشكال وطبقاً للإجراءات المنصوص عليها في الدستور، إما في صورة قانون أو مراسيم لها قوة القانون على حسب الأحوال، وإما بناءً على تفويض يتم ضمن الحدود التي يعنيها قانون التفويض.
ومن حيث إن المقصود من عبارة "التشريعات الإجرائية الكبرى المدنية والجزائية" الواردة في المادة (121) من الدستور، فهي التشريعات التي تتضمن القواعد الكلية المنظمة لإجراءات التقاضي والأحكام التفصيلية المتصلة بها في المجالين المدني والجزائي، وتشتمل على إجراءات رفع الدعاوى وترتيب درجات المحاكم، واختصاصاتها وتنظيم الأجهزة القضائية وأعوانها، وكيفية صدور الأحكام والطعن فيها وتنفيذها. بالإضافة إلى ما تقتضيه طبيعة المواد الجزائية من وضع قواعد خاصة بإجراءات الاستدلال والتحقيق والاتهام والمحاكمة والتنفيذ الجزائي.
ومن حيث إنه لا مرية أن القانون القاضي بإسناد نظر جرائم المخدرات وما في حكمها إلى المحاكم الشرعية، يُعد من القواعد (التشريعات) المتصلة بإجراءات التقاضي، باعتباره تنظيماً للاختصاص النوعي للمحاكم داخل الدولة، وهو ما يدخل في مفهوم " التشريعات الكبرى " وفقاً لأحكام المادة (121) من الدستور، والذي يتعين تطبيق أحكامه في كافة أرجاء الدولة بجميع إماراتها المتحدة، ويكون له العلو والسمو على التشريعات المحلية، أياً كانت درجتها فيما يتعارض منها مع أحكامه، بحيث يبطل من التشريع المحلي ما هو متعارض مع التشريع الاتحادي، وذلك وفقاً لأحكام المواد: 122، 148، 149، 151 من دستور دولة الاتحاد بنصوصها الواضحة والجلية المعنى بهذا الخصوص. وهو ما سبق تقريره بالمبدأ الدستوري الصادر في طلب التفسير الدستوري رقم5 لسنة 8 قضائية عليا.
5- لما كانت الفقرة الثانية من الشق الثاني من الطلب، فإنه ولما كان مبنى هذه الفقرة في 
حقيقته استفتاء المحكمة في مدى قانونية وعدالة المحاكمات التي تجري خارج إطار القانون 
الاتحادي رقم 3 لسنة 1996، وكان دستور دولة الاتحاد قد عهد بنص المادة (99/2، 4,3) إلى هذه المحكمة وحدها دون غيرها نظر المنازعات الدستورية، سواء أخذت صورة الطعن بعدم الدستورية أو طلب تفسير أحكام الدستور. وبناءً على هذا التفويض الدستوري، أصدر المشرع قانون هذه المحكمة، مستبعداً من مجال ولايتها واختصاصها إصدار آراء إفتائية في موضوع القوانين أو مجالات تطبيقها أو آثار مخالفتها. وإذ كان الطلب في فقرته المشار إليها، لا ينطوي على منازعة دستورية، فإنه لا يكون مقبولاً.

---------------
المحكمة
حيث إنه بتاريخ 11/10/2000، أودع رئيس الديوان الأميري لحكومة إمارة أم القيوين، بموافقة وإقراء صاحب السمو حاكم الإمارة، قلم كتاب المحكمة الاتحادية العليا صحيفة طلب تفسير بعض أحكام الدستور بالقدر الذي يتعلق بإلزامية تطبيق أحكام القانون الاتحادي رقم (3) لسنة 1996 بشأن اختصاص المحاكم الشرعية بنظر بعض الجرائم. واستقرت طلباته الختامية بموجب مذكراته المؤرخة في 14/3/2000، 15/10/2001، 15/12/2002، 14/6/2003، على بيان ما يأتي:
أولاً: تفسير أحكام الدستور فيما يتعلق بأولوية وإلزامية تطبيق القانون الاتحادي رقم 3 لسنة 1996 لجميع الإمارات، سواء كان قضاؤها اتحادياً أم محلياً، وذلك على ضوء المادة (151) من الدستور.
ثانياً: تفسير المادة (121) من الدستور لبيان المعنى المقصود من "التشريعات الكبرى" الذي ينفرد الاتحاد بالتشريع والتنفيذ فيها، وذلك على ضوء ما نصت عليه المادة (28) من الدستور التي تقرر المحاكمة القانونية والعادلة كحق دستوري. وما إذا كانت المحاكمة خارج أحكام القانون (3) لسنة 1996 تُعد مخالفة دستورية للمادة المذكورة، وكذلك للمادة (25) من الدستور التي تقضي بمساواة جميع الأفراد أمام القانون دون تمييز بين مواطني الاتحاد بسبب الأصل أو الموطن أو العقيدة الدينية أو المركز الاجتماعي.
وأودع طالب التفسير ملف الطلب صورة ضوئية عن مرسوم أميري برقم (3) لسنة 1998 صادر عن صاحب السمو حاكم إمارة أم القيوين بتاريخ 24/11/1998 يقضي بتعيين السيد/ .... مستشاراً قانونياً لحكومة أم القيوين. وبعد أن تم تحضير الطلب وتهيئته للمرافعة وإيداع التقرير وفق الثابت بالأوراق، حُددت جلسة 14/3/2001 لنظر الطلب. وإذ توالت جلسات نظر الطلب على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، فقد حددت المحكمة جلسة اليوم للنطق بالحكم.
ومن حيث إن النيابة العامة دفعت بعدم قبول الطلب تأسيساً على أنه لا يعدو أن يكون طلباً بعدم دستورية الأحكام الصادرة في الدعويين رقمي 4/46 لسنة 1997 جنايات دبي و330 لسنة 1996 جنايات أم القيوين لمخالفتها أحكام القانون الاتحادي رقم (3) لسنة 1996 .
وحيث إن هذا الدفع مردود، ذلك
أن طلب تفسير الدستور، هو طلب عيني يستهدف طالبه من المحكمة تجلية ما يكون قد ران على النص المطلوب استيضاحه من غموض أو لبس بغية رفع هذا اللبس وإيضاح الغموض توصلاً إلى تحديد مراد الدستور ضماناً لوحدة التطبيق الدستوري واستقراره.
وأن دستور دولة الاتحاد، إذ أجاز لسلطات الاتحاد وحكومات الإمارات أن تطلب من المحكمة الاتحادية العليا طلب تفسير أحكام الدستور عملاً بالمادة (99/4) منه،
فقد ترك – الدستور – للمشرع العادي رسم إجراءات رفع هذا الطلب وتبيان حدوده ونطاقه وحالات جوازه أو عدم جوازه، قبوله أو رفضه، دون أن يعتد بالباعث الذي يحرك الطالب لرفع طلب التفسير، بحسبان أن هذا الباعث من خبيثات النفوس التي لا يعتد بها القانون في قبول طلب التفسير أو رفضه. مما يغدو معه دفع النيابة في غير محله متعين الرفض.
ومن حيث إن الطلب استوفى أوضاعه القانونية.
ومن حيث إنه عن موضوع الطلب –
فإن المحكمة تمهد لقضائها بتأكيد اختصاصها بنظر طلب التفسير الدستوري إعمالاً للمادة (99/4) من دستور دولة الاتحاد، والمادة (33/5) من قانون إنشاء المحكمة الاتحادية العليا رقم (10) لسنة 1973. وأن اختصاصها هذا إنما يقتصر نطاقه على تفسير أحكام الدستور، ولا يمتد إلى تفسير نصوص القوانين التي لا تواجهها المحكمة إلا عن طريق البحث في دستوريتها طبقاً للأوضاع المرسومة في الدستور. (يراجع طلب التفسير رقم (1) لسنة 1 قضائية عليا تفسير دستوري).
كما تؤكد المحكمة كذلك أن طلب التفسير الدستوري لا يتسم بالطابع القضائي الذي يقوم على الادعاء والدفاع وحسم خلاف شجار بين طرفين، وإنما تباشر الدائرة الدستورية بهذه المحكمة نظر الطلب عندما يقدم لها من حكومة الاتحاد أو من حكومات إمارات الاتحاد، لتفسير نص دستوري معين لاستجلاء معانيه ومقاصده، بغية ضمان وحدة تطبيقه، وأنه ليس بلازم أن يصل الأمر إلى حد الخلاف المحتدم أو المنازعة بالمعنى المعروف في قانون الإجراءات المدنية، إذ في تطلب ذلك قيد لم يتضمنه الدستور أو قانون إنشاء المحكمة. بل يكفي أن يدور حول نص دستوري أكثر من رأي على نحو يغم معه إعمال حكمه على النحو الذي أراده وقصده وضعوا الدستور، ليسوغ معه الالتجاء إلى هذه المحكمة بغية تجلية الغموض الحاصل في هذا المجال وذلك ضماناً لوحدة التطبيق الدستوري واستقراره.
وحيث إنه عن الشق الأول من الطلب المتعلق بتفسير أحكام الدستور فيما يتعلق بأولوية وإلزامية تطبيق القانون الاتحادي رقم (3) لسنة 1996 بشأن اختصاص المحاكم الشرعية بنظر بعض الجرائم لجميع الإمارات، سواء كان قضاؤها اتحادياً أم محلياً على ضوء المادة (151) من دستور دولة الاتحاد. فإن السلطة المخولة لهذه المحكمة – لدى تحريك اختصاصها واستنهاض ولايتها – في مجال تفسير نصوص الدستور، إنما تتحدد في توضيح ما أبهم من عبارات النص محل التفسير، واستخلاص دلالته وفقاً لمناهج التفسير، تحرياً لمقاصد هذا النص، ووقوفاً عند الغاية التي استهدفت من تقريره، والغرض المقصود منه، ومحمولاً عليه.
وكان من المسلم به أن التوفيق بين النصوص كمنهج أصيل في التفسير يعني التقريب بين النصوص وترجيح الفهم الذي لا يقوم به التعارض بين أي منهما والآخر.
وفي إطار إعمال نصوص الدستور والتوفيق بين أحكامها جميعاً، فإن أصول التفسير توجب إعمال قواعد التخصيص والتقييد المتبادل بين أحكام الدستور، بما يجعل بعضها يُفسر بعضاً، فالنصوص لا يفهم بعضها بمعزل عن البعض الآخر، وإنما تتأتى دلالة أي منها في ضوء دلالة باقي النصوص، الأمر الذي يتطلب وجوب إمعان النظر في تلك النصوص جميعها بوصفها متآلفة فيما بينها، متجانسة معانيها، متضافرة توجهاتها، بما لا تنفلت معها متطلبات تطبيقها، أو يبتعد بها عن الغاية المقصودة منها.
واهتداءً بهذا المنهج، فإن المحكمة تستظهر من عبارات المادة (151) من الدستور ودلالات ألفائها، إن المشرع الدستوري أورد أصلاً دستورياً عاماً يقضي بسادة وسمو دستور دولة الاتحاد على دساتير إمارات الاتحاد، وبسيادة وسمو القوانين الاتحادية التي تصدر وفقاً لأحكام الدستور الاتحادي على التشريعات والقرارات الصادرة عن سلطات الإمارات، وأساس هذه السيادة أن الدستوري الاتحادي يمثل إرادة شعب الإمارات وحكامه كما هو بيّن وجلي في ديباجة دستور دولة الاتحاد، وأن القوانين الاتحادية تصدر بتصديق المجلس الأعلى للاتحاد الذي يُغير هو الآخر عن الإرادة العامة لشعب الإمارات، مما يعني أن إرادة الشعب الإماراتي هي أساس سيادة وسمو التشريعات الاتحادية.
وحيث إن مؤدى هذه السيادة – في عموم معناها -، إن أي تشريع يجب أن يتقيد بالتشريع الأعلى منه درجة. فلا يجوز لتشريع محلي أن يتعارض أو يتخالف مع تشريع اتحادي. كما لا يجوز لأيهما أن يتعارض مع تشريع دستوري. وإذا صدر أي من هذه التشريعات مخالفاً لتشريع أعلى منه درجة، فإنه يكون موصوماً بخاتم عدم الدستورية أو عدم المشروعية.
وعليه فإن أي تشريع محلي مهما كان المجال الذي يشرع فيه، سواء أكان في المجال المحفوظ للحكومات المحلية عملاً بالمادة (122) من الدستور، أم في مجال قوانين وتشريعات التدابير التي تصدرها تلك الحكومات لتنفيذ القوانين الاتحادية عملاً بالمادة (125) من الدستور، أو في غيرها من المجالات. وسواء أكان موضوع تلك القوانين والتشريعات متعلقاً بشؤون التقاضي أم شؤون الأسرة والمجتمع أم الشؤون الاقتصادية والتجارية أم الشؤون الخارجية والعلاقات الدولية أم غيرها من الشؤون الأخرى – لا بد أن يكون متفقاً مع التشريع الاتحادي دستوراً أو قانوناً، وغير متعارض معه لا صراحةً ولا ضمناً، حقيقة أم حكماً.
وحيث إن الأصل في القوانين الاتحادية، أنها صدرت موافقة ومطابقة للدستور، أخذاً بقرينة الدستورية التي تصاحب التشريع منذ لحظة صدوره إلى يوم إلغائه، ولا تزول عنه هذه القرينة إلا بصدور حكم قضائي من هذه المحكمة ينزع عن هذا التشريع لباس الشرعية الدستورية، أو يقوم دليل قطعي يكون بذاته نافياً – على وجه الجزم – لدستوريته
ولازم هذه القرينة المفترضة، أن القانون الاتحادي متى استوفى إجراءات إصداره المقررة في الدستور، فهو واجب الاحترام والتطبيق على جميع إقليم دولة الاتحاد وعلى كافة سكانها وما عليها، وذلك عملاً بالمادة (44) من الدستور التي توجب على سكان الاتحاد احترام الدستور والقوانين والأوامر الصادرة من السلطات العامة.
ولما كان الثابت من مطالعة القانون الاتحادي رقم (3) لسنة 1996، أن موضوعه طال شأناً يتعلق بالإجراءات الجزائية أمام المحاكم وهو شأن ينفرد الاتحاد بالتشريع فيه، وأن هذا القانون استوفى إجراءات إصداره من حيث الإطلاع على الدستور وعلى القوانين الاتحادية ذات الصلة بموضوعه وعرض وزير العدل وموافقة مجلس وزراء الاتحاد وتصديق المجلس الأعلى للاتحاد عليه ونشره في الجريدة الرسمية للاتحاد والعمل به من تاريخ نشره، وأنه لم يصدر حكم أو يقوم دليل قطعي بعدم دستوريته، ولم يلغ حتى تاريخه.
وحيث إنه ترتيباً على ما تقدم، فإن القانون الاتحادي رقم (3) لسنة 1996 بشأن اختصاص المحاكم الشرعية بنظر بعض الجرائم، قانون ملزم لجميع إمارات الدولة في المجال الذي شرع وواجب تطبيق أحكامه أمام كافة محاكم الاتحاد والإمارات معاً. ولا يفوت المحكمة أن تشير في هذا المقام إلى أنه لا قيد على الإمارات في أن تضع التشريعات اللازمة لتنظيم الأصول العامة التي تشتمل عليها التشريعات الكبرى ووضع الحلول التشريعية لما تواجهه الإمارات من مسائل جزئية عند التطبيق بما لا يتعارض مع أحكام التشريعات الكبرى أو مع أي قانون اتحادي آخر، وذلك وفقاً للمادتين (149، 151) من الدستور. (يراجع طلب التفسير رقم (1) لسنة 19 قضائية عليا، جلسة 30/6/1992).
وحيث إنه عن الشق الثاني من طلب التفسير الخاص ببيان المعنى المقصود من عبارة "التشريعات الإجرائية الكبرى المدنية والجزائية" الذي ينفرد الاتحاد بالتشريع فيها، وذلك على ضوء المادة (28) من دستور دولة الاتحاد. وما إذا كانت المحاكمة خارج أحكام القانون رقم (3) لسنة 1996 تُعد مخالفة دستورية للمادة المذكورة، وللمادة (25) من الدستور ذاته التي تنص على مساواة جميع الأفراد أمام القانون دون تمييز بين مواطني الاتحاد بسبب الأصل أو الموطن أو العقيدة أو المركز الاجتماعي.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة استقر على أن توزيع الاختصاصات التشريعية والتنفيذية بين الاتحاد والإمارات، يقوم على أساس انفراد الاتحاد بالتشريع والتنفيذ في الشؤون المبينة في المادة (120) من دستور الاتحاد، وانفراده بالتشريع فقط في الشؤون المبينة في المادة (121) منه عملاً بما نصت عليه المادة (122) من أن الإمارات تختص بكل ما لا تنفرد السلطات الاتحادية به بموجب أحكام المادتين 120، 121 (يراجع طلبات التفسير الدستوري أرقام: 1 لسنة 2 قضائية عليا، 5 لسنة 8 قضائية عليا، 10 لسنة 10 قضائية عليا).
ومن حيث إن المقصود بالتشريع في مجال المادتين 120، 121 من دستور دولة الاتحاد – وفق ما صرحت به هذه المحكمة في طلب التفسير رقم 1 لسنة 2 قضائية عليا – القواعد الكلية المنظمة لروابط المخاطبين بأحكام القانون. وهو – التشريع – يصدر من الاتحاد عن طريق السلطات التي تملك إصداره وفقاً للأشكال وطبقاً للإجراءات المنصوص عليها في الدستور، إما في صورة قانون أو مراسيم لها قوة القانون على حسب الأحوال، وإما بناءً على تفويض يتم ضمن الحدود التي يعنيها قانون التفويض.
ومن حيث إن المقصود من عبارة "التشريعات الإجرائية الكبرى المدنية والجزائية" الواردة في المادة (121) من الدستور، فهي التشريعات التي تتضمن القواعد الكلية المنظمة لإجراءات التقاضي والأحكام التفصيلية المتصلة بها في المجالين المدني والجزائي، وتشتمل على إجراءات رفع الدعاوى وترتيب درجات المحاكم، واختصاصاتها وتنظيم الأجهزة القضائية وأعوانها، وكيفية صدور الأحكام والطعن فيها وتنفيذها. بالإضافة إلى ما تقتضيه طبيعة المواد الجزائية من وضع قواعد خاصة بإجراءات الاستدلال والتحقيق والاتهام والمحاكمة والتنفيذ الجزائي.
ومن حيث إنه لا مرية أن القانون القاضي بإسناد نظر جرائم المخدرات وما في حكمها إلى المحاكم الشرعية، يُعد من القواعد (التشريعات) المتصلة بإجراءات التقاضي، باعتباره تنظيماً للاختصاص النوعي للمحاكم داخل الدولة، وهو ما يدخل في مفهوم "التشريعات الكبرى" وفقاً لأحكام المادة (121) من الدستور، والذي يتعين تطبيق أحكامه في كافة أرجاء الدولة بجميع إماراتها المتحدة، ويكون له العلو والسمو على التشريعات المحلية، أياً كانت درجتها فيما يتعارض منها مع أحكامه، بحيث يبطل من التشريع المحلي ما هو متعارض مع التشريع الاتحادي، وذلك وفقاً لأحكام المواد: 122، 148، 149، 151 من دستور دولة الاتحاد بنصوصها الواضحة والجلية المعنى بهذا الخصوص. وهو ما سبق تقريره بالمبدأ الدستوري الصادر في طلب التفسير الدستوري رقم5 لسنة 8 قضائية عليا.
ومن حيث انه في خصوص الفقرة الثانية من الشق الثاني من الطلب، فإنه ولما كان مبنى هذه الفقرة في حقيقته استفتاء المحكمة في مدى قانونية وعدالة المحاكمات التي تجري خارج إطار القانون الاتحادي رقم 3 لسنة 1996، وكان دستور دولة الاتحاد قد عهد بنص المادة (99/2، 4,3) إلى هذه المحكمة وحدها دون غيرها نظر المنازعات الدستورية، سواء أخذت صورة الطعن بعدم الدستورية أو طلب تفسير أحكام الدستور. وبناءً على هذا التفويض الدستوري، أصدر المشرع قانون هذه المحكمة، مستبعداً من مجال ولايتها واختصاصها إصدار آراء إفتائية في موضوع القوانين أو مجالات تطبيقها أو آثار مخالفتها. وإذ كان الطلب في فقرته المشار إليها، لا ينطوي على منازعة دستورية، فإنه لا يكون مقبولاً.
فلهذه الأسباب،
وبعد الاطلاع على المواد: 25، 28، 44، 120، 121، 122، 145، 149، 151 من الدستور.
حكمت المحكمة بما يأتي:
أولاً: قبول الطلب شكلاً.
ثانياً: رفض الدفع المقدم من النيابة العامة.
ثالثاً: إلزامية القانون الاتحادي رقم 3 لسنة 1996 بشأن اختصاص المحاكم الشرعية بنظر بعض الجرائم، في المجال الذي شرع فيه، ووجوب تطبيق أحكامه أمام كافة محاكم الاتحاد والامارات معاً.
رابعاً: ان مفهوم عبارة "التشريعات الاجرائية الكبرى المدنية والجزائية"، ينصرف الى القواعد الكلية المنظمة الاجراءات التقاضي والأحكام التفصيلية المتصلة بها في المجالين المدني والجزائي. وان القانون الاتحادي رقم 3 لسنة 1996 يدخل في مفهوم تلك العبارة باعتباره تشريعاً ينظم قواعد الاختصاص النوعي للمحاكم في الدولة.
خامساً: عدم اختصاص المحكمة بنظر الفقرة الثانية من الشق الثاني من الطلب

دعوى رقم 1 لسنة 2014 دستورية المحكمة الاتحادية العليا جلسة 25 / 11 / 2014

هيئة المحكمة: برئاسة السيد القاضي الدكتور/ عبد الوهاب عبدول – رئيس المحكمة، وعضوية السادة القضاة / شهاب عبدالرحمن الحمادي وفلاح شايع الهاجري ومحمد عبدالرحمن الجراح والبشير بن الهادي زيتون. 
---------------- 
1- أسس ممارسة المحكمة الاتحادية العليا الرقابة القضائية على دستورية التشريع. 

2- التزام السلطة التشريعية بمراعاة الأصول الكلية للشريعة الإسلامية كونه من غير الجائز الاجتهاد فيها باعتبارها أحكاماً قطعية ثابتة في الزمان والمكان. 

3- تحديد نطاق الدعوى الدستورية المقدمة من الخصوم على أساس الدفع بعدم الدستورية المثار أمام محكمة الموضوع حسب أحكام قانون المحكمة الاتحادية العليا. 

4- جواز الاجتهاد في الوصية الواجبة كونها من المسائل الخلافية بين فقهاء الشريعة الإسلامية ولا مساس في ذلك للأصول الكلية في الشريعة الثابتة. 

5- إعطاء السلطة بموجب أحكام قانون الأحوال الشخصية لولي الأمر في رفع الخلاف في المسائل الاجتهادية لاسيما في مسألة الوصية الواجبة لا مخالفة فيه للدستور والشريعة. 
---------------- 
(1) رقابة قضائية. دستور" دستورية القوانين". قانون" دستورية نصوصه". تشريع. المحكمة الاتحادية العليا" سلطتها". 

- الرقابة القضائية على دستورية التشريع التي تباشرها المحكمة الاتحادية العليا. مناطها. تعارض النصوص القانونية المطعون عليها مع أحكام الدستور سواء وردت بالتشريعات الأصلية أو الفرعية. 

- تقدير دستورية القانون الاتحادي أو المحلي. العبرة فيه. بتوافق أو اختلاف نصوصه وأحكام الدستور. 

(2) تشريع. شريعة إسلامية. أحكام قطعية. أحكام ظنية. اجتهاد. 

- السلطة التشريعية. تقييدها فيما تقره من نصوص قانونية بالأصول الكلية للشريعة الإسلامية التي لا يجوز الاجتهاد فيها. أساس ذلك ومؤداه وعلته؟ 

- الأحكام القطعية . ممنوع الاجتهاد فيها لأنها لا تحتمل التأويل أو التبديل. 

- الأحكام الظنية غير المقطوع بثبوتها أو بدلالتها أوهما معاً. جائز الاجتهاد فيها. علة ذلك؟ 

- الاجتهاد في المسائل الاختلافية. جائز. شرطه؟ 

(3) دعوى دستورية. وصيه واجبه. قانون "دستورية نصوصه". أحوال شخصية. دستور. 

- الدعوى الدستورية. نطاقها وأثر ذلك؟ 

- الوصية الواجبة. من المسائل الخلافية بين فقهاء الشريعة الإسلامية. مؤداه. جائز الاجتهاد فيها. ولولي الأمر رفع الخلاف في المسائل الاجتهادية. 

- نص المادة 272 من القانون الاتحادي رقم 28 لسنة 2005 في شأن الأحوال الشخصية. تضمنها تقرير الوصية الواجبة ولا يخالف حكماً شرعياً قطعي الثبوت والدلالة. النعي بمخالفته للدستور. على غير أساس. يوجب الحكم بدستوريته. 
---------------- 

1- لما كانت المحكمة تنوه ابتداء إلى أن الرقابة القضائية على دستورية التشريع التي تباشرها هذه المحكمة، مناطها تعارض النصوص القانونية المطعون عليها، مع الأحكام التي تضمنها الدستور، سواء وردت هذه النصوص بالتشريعات الأصلية التي تقرها السلطة التشريعية أو تضمنتها التشريعات التي الفرعية التي تصدرها السلطة التنفيذية في حدود صلاحيتها التي ناط الدستور بها، سواء أكان اتحاديا أو محلياً هي بتوافق أو اختلاف نصوصه وأحكام الدستور. 

2- لما كان النص في المادة السابعة من دستور الاتحاد على أن " الإسلام هو الدين الرسمي للاتحاد، والشريعة الإسلامية مصدر رئيسي للتشريع فيه " يدل على أن الدستور قد وضع قيداً على السلطة التشريعية مؤداه تقييدها – فيما تقره من نصوص قانونية – بمراعاة الأصول الكلية للشريعة الإسلامية التي لا يجوز الاجتهاد فيها من جهة اعتبارها أحكاماً قطعية في ثبوتها ودلالتها لا تتغير بتغير الزمان والمكان لأنها تمثل ثوابت الشريعة – مصدراً وتأويلاً – إذ هي عصية على التأويل فلا يجوز الخروج عليها أو الالتواء بها عن معناها، إذ هي جوهر بيانها وركيزتها ن وقد اعتبرها الدستور أصلاً ينبغي أن ترد إليه هذه النصوص فلا تتنافر مع مبادئها المقطوع بثبوتها ودلالتها– كما سبق القول – باعتبار أن هذه الأحكام – أي القطعية وحدها هي التي يكون الاجتهاد فيها ممتنعاً فلا تحتمل تأويلها أو تبديلاً، ولا كذلك الأحكام الظنية غير المقطوع بثبوتها أو بدلالتها أو هما معاً، ذلك أن دائرة الاجتهاد تنحصر فيها ولا تمتد لسواها، وهي بطبيعتها متطورة تتغير بتغير الزمان والمكان لضمان مرونتها حيويتها، ولمواجهة النوازل على اختلافها تنظيماً لشئون العباد بما يكفل مصالحهم المعتبرة شرعاً ولا يعطل بالتالي حركتهم في الحياة، أن تكون أحكامها جامدة مما ينقض كمال الشريعة ومرونتها طالما كان واقعاً في إطار الأصول الكلية للشريعة لا يجاوزها مستخلصاً عن طريق الأدلة الشرعية النقلية منها والعقلية، كافلاً صون المقاصد العامة للشريعة بما تقوم عليه من حفاظ على الدين والنفس والعقل والعرض والمال. 

3- لما كان من المقرر – وعلى ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة – أن نطاق الدعوى الدستورية التي أتاح المشرع للخصوم إقامتها يتحدد بنطاق الدفع بعدم الدستورية الذي أثير أمام محكمة الموضوع وفي الحدود التي تقدر فيها تلك المحكمة جديته وذلك عملاً بالمادة (58) من قانون المحكمة الاتحادية العليا ومن ثم فإن المحكمة وهي بصدد بحث مدى دستورية نص المادة 272 السالفة البيان. تتقيد بنطاق ذلك دون أن تمتد سلطتها الرقابية إلى بحث موجبات الوصية الواجبة وشروط استحقاقها. لما كان ذلك وكان نص المادة 272 من قانون الأحوال الشخصية رقم (28) لسنة 2005 على أنه " 1- من توفي ولو حكماً وله أولاد ابن أو بنت وقد مات ذلك الابن أو تلك البنت قبله أو معه وجب لأحفاده هؤلاء في ثلث تركته وصية بالمقدار والشرائط ألأتيه: 1- ..... 2- ..... 3- ......)) دل على أن المشرع قد قنَن الوصية الواجبة حال أن فقهاء الشريعة الإسلامية قد اختلفوا بشأنها ما بين مؤيد ومعارض لها وهي من المسائل الخلافية التي يجوز الاجتهاد فيها وليس فيها مساس للأصول الكلية للشريعة المقطوع بثبوتها ودلالتها وبالتالي يجوز لولى الأمر بماله من سلطة رفع الخلاف في مسائل الاجتهادية النص عليها باعتبار أن أمر الأمام بالمندوب – حسبما أوردته المذكرة الإيضاحية للقانون السالف البيان – أو المباح يجعله واجبا متى كان ذلك وكان النص المطعون عليه لا يخالف حكماً شرعياً قطعي الثبوت والدلالة وإنما تضمن تقرير الوصية الواجبة باعتبارها مسألة خلافية بين العلماء حسمها ولي الأمر بالنص عليها في القانون وكان ذلك كله واقعاً في إطار الشريعة الغراء لا ينافي مقاصدها وبمراعاة أصولها على نحو تستقيم به حياة الناس وحاجاتهم، فإن النعي بمخالفة النص المطعون فيه للدستور يكون على غير أساس مما يوجب الحكم بدستورية المادة (272) المذكورة. 
-------------
الإجراءات 
بتاريخ الرابع عشر من يناير 2014 أحالت محكمة أم القيوين الشرعية الابتدائية بموجب القرار الصادر في الدعوى رقم (9) لسنة 2012 تركات شرعي والذي نص منطوقة بمضر الجلسة المؤرخ 11/12/2013 على الآتي " ((قررت المحكمة التأجيل لجلسة 14/1/2014 وعلى الطالب اتخاذ إجراءات الطعن أمام المحكمة الاتحادية العليا)) وذلك بعد أن دفع المدعي بعدم دستورية نص المادة272 من قانون الأحوال الشخصية رقم (28) لسنة 2005 وعلى أثر ذلك ونفاذاً لقرار المحكمة المذكور أقام المدعي الدعوى الدستورية أمام المحكمة الاتحادية العليا، بموجب صحيفة أودعت قلم كتاب المحكمة بتاريخ 6/1/2014 وقيدت تحت رقم (1) لسنة 2014 (طعن دستوري). بتاريخ 20/1/2014 عُيّن القاضي / ..... قاضياً لتحضير الدعوى. وإذ نظرت الدعوى أمام قاضي التحضير، فقد حضر المدعي بوكيل عنه وقدم مذكرة تمسك فيها بطلباته الواردة بصحيفة دعواه، وقدمت النيابة العامة مذكرة برأيها طلبت في ختامها الحكم بعدم قبول الدعوى لعدم صحة اتصال المحكمة بها. 

وحيث إن المحكمة وبعد الانتهاء من إجراءات تحضير الدعوى، حددت جلسة 14/11/2014 لنظر الدعوى أمام هيئة المحكمة، وفيها حضر المدعي بوكيل عنه وصمّم على طلباته السابقة بينما لم يحضر المدعي عليه الثاني، وبذات الجلسة قررت المحكمة حجز الدعوى للحكم لجلسة اليوم. 
-------------
المحكمــة 
حيث إن الوقائع – حسبما يبين من الوراق – تتحصل في أن الشيخ / ...... تقدم إلى محكمة أم القيوين الشرعية الابتدائية بطلب حصر ورثة والده الشيخ / ...... المتوفي بتاريخ 25/1/2012 ، وقيـد الـطــلب بـرقم (194 لسنة 2012) والمحكمة قررت بتاريخ 9/2/2012 إثبات وفاة الشيخ / ...... ، وانحصار إرثه في زوجته الشيخة / ...... وفي أولاده البالغين وهم الشيخ / ...... والشيخ / ..... والشيخة ..... والشيخة / ..... ولا وارث له سواهم بفرض ولا تعصيب وبناء عليه فإن لزوجته الثمن فرضاً والباقي لأولاده تعصيباً للذكر مثل حظ الأنثيين ن وفي تركته " وصية واجبة " لأحفاده من ابنته الشيخة / ..... المتوفية قبله وهم (...... و..... و..... و...... و..... أولاد الشيخ / ..... وذلك بمقدار حصتهم مما يرثه أبوهم عن أصله المتوفي، وللذكر مثل حظ الأنثيين وعلى إثر هذا التحديد الشرعي أقام المدعى عليه الثاني الشيخ / ..... بشخصه وبصفته وليا شرعيا لابنته القاصر .... ووكيلاً عن أبنائه / ..... و..... و..... و.....، الدعوى رقم 9 لسنة 2012 تركات شرعي أمام ذات المحكمة بطلب حصر تركة مورثهم لدى كافة الجهات داخل الدولة وتوزيعها بين الورثة وفقا للأنصبة الشرعية المقررة لهم باعتبار أن لهم في تركة مورثهم وصية واجبة، وأثناء نظر الدعوى أمام المحكمة قدم المدعى الشيخ / ..... – عن نفسه وبصفته وكيلاً عن الشيخة / ..... والشيخ ...... والشيخة ..... والشيخة ..... والشيخة ...... – مذكرة مؤرخة 16/11/2013 دفع فيها بعدم دستورية نص المادة 272 من قانون الأحوال الشخصية رقم 28 لسنة 2005 لمخالفة الوصية الواجبة لأحكام الشريعة الإسلامية لأن الأخذ بها ينطوي على مخالفة لقواعد الميراث وبالتالي فإن النص المذكور يصم بعدم الدستورية. وبجلسة 11/12/2013 قررت المحكمة " بمحضر الجلسة " التأجيل لجلسة 14/1/2014 وعلى الطالب اتخاذ إجراءات الطعن أمام المحكمة الاتحادية العليا " وعلى إثر ذلك أقام المدعي الدعوى الدستورية أمام هذه المحكمة بموجب صحيفة أودعت قلم كتاب المحكمة بتاريخ 6/1/2014 طلب في ختامها الحكم بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بعدم دستورية المادة 272 من قانون الأحوال الشخصية رقم 28 لسنة 2005 واستند في دعواه إلى أسباب حاصلها أن الوصية الواجبة جاءت مخالفة لحكام الشريعة الإسلامية تأسيساً على أن أبن الابن لا يرث مع وجود الابن الأقرب منه درجة وأن أحفاد الآباء ليسوا من الفروض، وأن الوصية هي في الأصل مندوبة وليست واجبة إلاَّ فيما يوصى بقضاء دين واجب على الموصى، كما أنه لا وصية لوارث وأن الأخذ بالوصية الواجبة ينطوي على مخالفة لقواعد الميراث وفيه تعدي على حقوق الورثة ولاسيما أن المذاهب الإسلامية الأربعة المعتمدة لم تأخذ بها وكانت الشريعة الإسلامية هي مصدر رئيس للتشريع وهو مبدأ دستوري ويتعين على المحاكم الالتزام بأحكامها وعدم مخالفتها وقد خالف نص المادة 272 السالف الذكر المقرر للوصية الواجبة أحكام الشريعة في هذا الخصوص ومن ثم فإنه يصم بعدم الدستورية. والمدعى عليه الثاني قدم مذكرة جوابية قال فيها أن الوصية الواجبة محل خلاف بين فقهاء الشريعة وقد أخذ قانون الأحوال الشخصية السالف الذكر بالرأي القائل بالوصية الواجبة وليس في ذلك مخالفة للشريعة طالما أن الأمر محض اجتهاد فيما بين علمائها ومن ثم فإن النص عليها لا يشوبه مخالفة للدستور لموافقته مع أحكام الشريعة الإسلامية وانتهي إلى طلب الحكم برفض الدعوى الدستورية. 

وحيث إن المحكمة تنوه ابتداء إلى أن الرقابة القضائية على دستورية التشريع التي تباشرها هذه المحكمة، مناطها تعارض النصوص القانونية المطعون عليها، مع الأحكام التي تضمنها الدستور، سواء وردت هذه النصوص بالتشريعات الأصلية التي تقرها السلطة التشريعية أو تضمنتها التشريعات التي الفرعية التي تصدرها السلطة التنفيذية في حدود صلاحيتها التي ناط الدستور بها، سواء أكان اتحاديا أو محلياً هي بتوافق أو اختلاف نصوصه وأحكام الدستور. 

وحيث إن النص في المادة السابعة من دستور الاتحاد على أن " الإسلام هو الدين الرسمي للاتحاد، والشريعة الإسلامية مصدر رئيسي للتشريع فيه " يدل على أن الدستور قد وضع قيداً على السلطة التشريعية مؤداه تقييدها – فيما تقره من نصوص قانونية – بمراعاة الأصول الكلية للشريعة الإسلامية التي لا يجوز الاجتهاد فيها من جهة اعتبارها أحكاماً قطعية في ثبوتها ودلالتها لا تتغير بتغير الزمان والمكان لأنها تمثل ثوابت الشريعة – مصدراً وتأويلاً – إذ هي عصية على التأويل فلا يجوز الخروج عليها أو الالتواء بها عن معناها، إذ هي جوهر بيانها وركيزتها ن وقد اعتبرها الدستور أصلاً ينبغي أن ترد إليه هذه النصوص فلا تتنافر مع مبادئها المقطوع بثبوتها ودلالتها – كما سبق القول – باعتبار أن هذه الأحكام – أي القطعية وحدها هي التي يكون الاجتهاد فيها ممتنعاً فلا تحتمل تأويلها أو تبديلاً، ولا كذلك الأحكام الظنية غير المقطوع بثبوتها أو بدلالتها أو هما معاً، ذلك أن دائرة الاجتهاد تنحصر فيها ولا تمتد لسواها، وهي بطبيعتها متطورة تتغير بتغير الزمان والمكان لضمان مرونتها حيويتها، ولمواجهة النوازل على اختلافها تنظيماً لشئون العباد بما يكفل مصالحهم المعتبرة شرعاً ولا يعطل بالتالي حركتهم في الحياة، أن تكون أحكامها جامدة مما ينقض كمال الشريعة ومرونتها طالما كان واقعاً في إطار الأصول الكلية للشريعة لا يجاوزها مستخلصاً عن طريق الأدلة الشرعية النقلية منها والعقلية، كافلاً صون المقاصد العامة للشريعة بما تقوم عليه من حفاظ على الدين والنفس والعقل والعرض والمال. 

وحيث إن من المقرر – وعلى ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة – أن نطاق الدعوى الدستورية التي أتاح المشرع للخصوم إقامتها يتحدد بنطاق الدفع بعدم الدستورية الذي أثير أمام محكمة الموضوع وفي الحدود التي تقدر فيها تلك المحكمة جديته وذلك عملاً بالمادة (58) من قانون المحكمة الاتحادية العليا ومن ثم فإن المحكمة وهي بصدد بحث مدى دستورية نص المادة 272 السالفة البيان. تتقيد بنطاق ذلك دون أن تمتد سلطتها الرقابية إلى بحث موجبات الوصية الواجبة وشروط استحقاقها. 

لما كان ذلك وكان نص المادة 272 من قانون الأحوال الشخصية رقم (28) لسنة 2005 على أنه " 1- من توفي ولو حكماً وله أولاد ابن أو بنت وقد مات ذلك الابن أو تلك البنت قبله أو معه وجب لأحفاده هؤلاء في ثلث تركته وصية بالمقدار والشرائط ألأتيه: 1- ..... 2- ..... 3- .....)) دل على أن المشرع قد قنَن الوصية الواجبة حال أن فقهاء الشريعة الإسلامية قد اختلفوا بشأنها ما بين مؤيد ومعارض لها وهي من المسائل الخلافية التي يجوز الاجتهاد فيها وليس فيها مساس للأصول الكلية للشريعة المقطوع بثبوتها ودلالتها وبالتالي يجوز لولى الأمر بماله من سلطة رفع الخلاف في مسائل الاجتهادية النص عليها باعتبار أن أمر الأمام بالمندوب – حسبما أوردته المذكرة الإيضاحية للقانون السالف البيان – أو المباح يجعله واجبا متى كان ذلك وكان النص المطعون عليه لا يخالف حكماً شرعياً قطعي الثبوت والدلالة وإنما تضمن تقرير الوصية الواجبة باعتبارها مسألة خلافية بين العلماء حسمها ولي الأمر بالنص عليها في القانون وكان ذلك كله واقعاً في إطار الشريعة الغراء لا ينافي مقاصدها وبمراعاة أصولها على نحو تستقيم به حياة الناس وحاجاتهم، فإن النعي بمخالفة النص المطعون فيه للدستور يكون على غير أساس مما يوجب الحكم بدستورية المادة (272) المذكورة على النحو المبين بمنطوق الحكم. 

فلهذه الأسباب 
حكمت المحكمة بدستورية المادة (272) من القانون الاتحادي رقم 28 لسنة 2005 في شأن الأحوال الشخصية وألزمت المدعى مصروفات الدعوى وألفي درهم مقابل أتعاب المحاماة للمدعي عليه الثاني