الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 2 أبريل 2018

الطعن 6375 لسنة 63 ق جلسة 8 / 5 / 1995 مكتب فني 46 ق 126 ص 835

جلسة 8 من مايو سنة 1995

برئاسة السيد المستشار/ نجاح نصار نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مقبل شاكر وحسن حمزة وحامد عبد الله نواب رئيس المحكمة ونير عثمان.

-----------------

(126)
الطعن رقم 6375 لسنة 63 القضائية

(1) مواد مخدرة. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "نظر الطعن والحكم فيه".
إغفال المحكمة التحدث عن ظروف ضبط المبلغ مع المتهم وتقدير ما إذا كان هو من حصيلة بيع المواد المخدرة من عدمه. يصم حكمها بالقصور.
(2) إجراءات "إجراءات المحاكمة". وكالة. محاماة. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
المتهم حر في اختيار من يشاء للدفاع عنه. حقه هذا مقدم على حق القاضي في اختيار المدافع عنه.
تعارض حق المتهم في اختيار المدافع عنه مع حق رئيس الجلسة في إدارتها والمحافظة على عدم تعطيل السير في الدعوى. وجوب إقرار رئيس الجلسة في حقه وتخويله الحرية التامة في التصرف. شرط ذلك؟
امتناع محامي المتهم عن المرافعة وانسحابه من الجلسة. ندب المحكمة محام غيره للدفاع عن المتهم دون اعتراض الأخير. لا إخلال بحق الدفاع.
(3) محاماة. وكالة. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
استعداد المحامي أو عدم استعداده. أمر موكول إلى تقديره حسبما يوحي إليه ضميره واجتهاده وتقاليد مهنته.
(4) مواد مخدرة. جريمة "أركانها". مسئولية جنائية.
مناط المسئولية في جريمة حيازة أو إحراز الجواهر المخدرة: ثبوت اتصال الجاني بالمخدر بالذات أو بالواسطة وبأية صورة عن علم وإرادة.
(5) مواد مخدرة. جريمة "أركانها". قصد جنائي. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
القصد الجنائي في جريمة حيازة أو إحراز المخدر. متى يتحقق؟
تحدث المحكمة استقلالاً عن العلم بالجوهر المخدر. غير لازم. ما دام ما أوردته في حكمها يكفي في الدلالة على قيامه.
(6) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم التزام الحكم بأن يورد من أقوال الشهود إلا ما يقيم عليه قضاءه.
عدم التزام المحكمة بسرد روايات الشهود المتعددة. حسبها أن تورد منها. ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه.
للمحكمة أن تعول على أقوال الشاهد في أية مرحلة من مراحل الدعوى. ما دامت قد اطمأنت إليها.
(7) نقض "أسباب الطعن. تحديدها".
وجه الطعن. يجب لقبوله أن يكون واضحاً محدداً.
(8) إثبات "شهود". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل".
عدم اتفاق شهود الإثبات في بعض التفصيلات. لا يقدح في سلامة الحكم. ما دام قد حصل أقوالهم بما لا تناقض فيه ولم يورد تلك التفصيلات أو يركن إليها في تكوين عقيدته.
(9) استدلالات. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير جدية التحريات". تفتيش "إذن التفتيش. إصداره". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش. موضوعي.
(10) مواد مخدرة. جريمة "أركانها". قصد جنائي. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
إحراز المخدر بقصد الاتجار. واقعة مادية. الفصل فيها. موضوعي.
مثال لتسبيب سائغ على توافر قصد الاتجار لدى الطاعن في جريمة حيازة المخدر.

-------------------
1 - لما كان البين للمحكمة من الاطلاع على مفردات الدعوى أن شهود الإثبات قد قرروا بالتحقيقات أن المبلغ المضبوط مع المحكوم عليه هو من حصيلة بيع المواد المخدرة. مما كان من مقتضاه أن تقدر محكمة الموضوع هذه الظروف وتتحدث عنها بما تراه فيها من أنها تصلح دليلاً لكون هذه الأموال متحصلة من جريمة أو تستظهر بجلاء غير ذلك. أما وأن أغفلتها ولم تقطع برأي فيها ومن ثم تكون قد قضت في الدعوى دون أن تعرض لدليل مطروح أمامها فتمحصه وتنتهي إلى قبوله في شأن الواقعة التي شهد عليها أو لا تقبله. مما يصم حكمها بالقصور والغموض في شأن هذه الواقعة الذي من شأنه أن يعجز محكمة النقض عن مراقبة صحة تطبيق القانون والتقرير برأي فيما تثيره النيابة بوجه طعنها وهو عيب يتسع له وجه الطعن.
2 - من المقرر أنه لا نزاع في أن المتهم حر في اختيار من يشاء للدفاع عنه وحقه في ذلك حق أصيل خاص مقدم على حق القاضي في اختيار المدافع فإن اختار المتهم مدافعاً فليس للقاضي أن يفتأت عليه في ذلك أو يعين له مدافعاً آخر، ولكن هذا المبدأ إذا تعارض مع ما لرئيس الجلسة من حق إدارتها والمحافظة على عدم تعطيل السير في الدعوى وجب بالبداهة إقرار رئيس الجلسة في حقه وتخويله الحرية التامة في التصرف على شرط واحد هو ألا يترك المتهم بلا دفاع فإذا امتنع محامي المتهم عن المرافعة وانسحب من الجلسة فندبت المحكمة غيره وقام المحامي المندوب بالدفاع عن المتهم - سيما وأن المحكمة أجلت نظر الدعوى بعد انسحاب المحامي الموكل - لكي يتمكن المحامي المندوب من الاطلاع على ملف الدعوى والاستعداد للمرافعة وعلم بذلك المحامي الموكل والذي أعاد طلب التأجيل على لسان من حضر عنه بالجلسة الأخيرة وكان بوسعه أن يحضر للدفاع عن المتهم - أما وقد نكل عن ذلك ولم يعارض في مرافعة المحامي المندوب عنه - فإن ما اتخذته المحكمة من جانبها لا يعد افتئاتاً على حق الدفاع ولا يثير شبهة الإخلال به. ما دام الثابت أن المتهم لم يترك بلا دفاع.
3 - من المقرر أن استعداد المحامي أو عدم استعداده أمر موكول إلى تقديره هو حسبما يوحي إليه ضميره واجتهاده وتقاليد مهنته.
4 - من المقرر أن مناط المسئولية في حالتي إحراز وحيازة الجواهر المخدرة هو ثبوت اتصال الجاني بالمخدر اتصالاً مباشراً أو بالواسطة وبسط سلطانه عليه بأية صورة عن علم وإرادة إما بحيازة المخدر حيازة مادية أو وضع اليد عليه على سبيل الملك والاختصاص ولو لم تتحقق الحيازة المادية.
5 - من المقرر أن القصد الجنائي في جريمة حيازة أو إحراز المخدر يتحقق بعلم المحرز أو الحائز بأن ما يحوزه أو يحرزه من المواد المخدرة وكانت المحكمة غير مكلفة بالتحدث استقلالاً عن هذا الركن إذا كان ما أوردته في حكمها كافياً في الدلالة على علم المتهم من أن ما يحوزه أو يحرزه مخدراً.
6 - من المقرر أن الأحكام لا تلتزم بحسب الأصل أن تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم عليه قضاءها وأن المحكمة غير ملزمة بسرد روايات الشهود إن تعددت بل حسبها أن تورد منها ما يطمئن إليه قضاءها وأن تطرح ما عداه، ولها أن تعول على أقوال الشاهد في أية مرحلة من مراحل الدعوى ما دامت قد اطمأنت إليها.
7 - من المقرر أنه يتعين لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً مبيناً به ما يرمي إليه مقدمه حتى يتضح مدى أهميته في الدعوى المطروحة وكونه منتجاً مما تلتزم محكمة الموضوع بالتصدي إيراداً له ورداً عليه.
8 - من المقرر أنه لا يقدح في سلامة الحكم عدم اتفاق شهود الإثبات في بعض التفصيلات ما دام أن الثابت أن الحكم قد حصل أقوال الشهود بما لا تناقض فيه ولم يورد تلك التفصيلات أو يركن إليها في تكوين عقيدته - كما هو الحال في الدعوى المعروضة - ومن ثم فإن النعي في هذا الخصوص يكون غير سديد.
9 - من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع. لما كان ذلك وكانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها أمر التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره وأقرت النيابة على تصرفها في هذا الشأن فلا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون.
10 - من المقرر أن إحراز المخدر بقصد الاتجار هو واقعة مادية يستقل قاضي الموضوع بالفصل فيها طالما أنه يقيمها على ما ينتجها وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لقصد الاتجار بقوله "لما كانت تحريات الشهود التي تأيدت بالمراقبة الشخصية قد دلت على أن المتهم يتجر بالمواد المخدرة وقد ضبط بعد استئذان النيابة حائزاً لسبع طرب من مخدر الحشيش وزنت 2056.500 جرام فإن ذلك كله قاطع الدلالة على أن حيازة المخدر كانت بقصد الاتجار". لما كان ذلك وكانت المحكمة قد اقتنعت في حدود سلطتها في تقدير الدعوى والتي لا تخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي أن إحراز الطاعن للمخدر كان بقصد الاتجار ودلل على ذلك بأدلة سائغة لها معينها الصحيح من أوراق الدعوى - ولا ينازع الطاعن في ذلك - فإن ما يثره في هذا الخصوص يكون غير مقبول.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه حاز بقصد الاتجار جوهراً مخدراً (حشيش) في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وأحالته إلى محكمة جنايات دمياط لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1، 2، 7/ 1، 34/ 1 أ، 42/ 1 من القانون 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون 122 لسنة 1989 والبند 57 من القسم الثاني من الجدول رقم (1) الملحق بالقانون الأخير مع إعمال المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات وتغريمه مائة ألف جنيه ومصادرة المخدر والسيارة المضبوطين.
فطعن كل من المحكوم عليه والنيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

من حيث إن النيابة الطاعن تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ أدان المطعون ضده بجريمة إحراز جوهر مخدر "حشيش" بقصد الاتجار قد أخطأ تطبيق القانون إذ أغفل القضاء بمصادرة المبلغ المضبوط رغم ثبوت أنه متحصل من الاتجار بالمواد المخدرة وفقاً لما قرره النقيب... والعقيد... مخالفاً بذلك نص المادة 42 من القانون 182/ 1960 في شأن مكافحة المخدرات المعدل بالقانون 122/ 1989. بما يعيب الحكم مما يستوجب نقضه.
ومن حيث إن الطاعن ينعى على الحكم أنه أخل بحق الدفاع إذ ندبت له المحكمة محامياً للدفاع عنه غير المحامي الموكل الذي طلب التأجيل لتقديم مستندات هامة في الدعوى. كما وأن المحامي المنتدب لم يؤد واجبه على نحو كامل. كما لم يدلل الحكم على حيازة الطاعن وسيطرته المادية على المخدر المضبوط ولا كذلك بيان الركن المعنوي في الجريمة التي دانه بها وعول الحكم على أقوال الشاهدين رغم ما بينهما من تناقض وحصل أقوالهما مبتوراً فيها ما ذكراه أمام المحكمة ورد على الدفع ببطلان إذن التفتيش لابتنائه على تحريات غير جدية بما لا يسوغ. كما وأن ما ساقه من توافر قصد الاتجار لدى الطاعن غير كاف وسائغ. الأمر الذي يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إنه في خصوص طعن النيابة العامة. فقد تبين للمحكمة من الاطلاع على مفردات الدعوى أن شهود الإثبات قد قرروا بالتحقيقات أن المبلغ المضبوط مع المحكوم عليه هو من حصيلة بيع المواد المخدرة. مما كان من مقتضاه أن تقدر محكمة الموضوع هذه الظروف وتتحدث عنها بما تراه فيها من أنها تصلح دليلاً لكون هذه الأموال متحصلة من جريمة أو تستظهر بجلاء غير ذلك. أما وأن أغفلتها ولم تقطع برأي فيها ومن ثم تكون قد قضت في الدعوى دون أن تعرض لدليل مطروح أمامها فتمحصه وتنتهي إلى قبوله في شأن الواقعة التي شهد عليها أو لا تقبله. مما يصم حكمها بالقصور والغموض في شأن هذه الواقعة الذي من شأنه أن يعجز محكمة النقض عن مراقبة صحة تطبيق القانون والتقرير برأي فيما تثيره النيابة بوجه طعنها وهو عيب يتسع له وجه الطعن. بما يتعين معه نقض الحكم المطعون فيه في خصوصه والإعادة.
ومن حيث إنه في خصوص طعن المحكوم عليه. لما كان الثابت من الاطلاع على محاضر الجلسات أن الدعوى نظرت ابتداء بجلسة.... وبها حضر الطاعن ومعه الأستاذة/ .... و.... و.... المحامون الذين طلبوا التأجيل لسماع شهادة.... ولحضور الأستاذ/ .... المحامي الذي بيده جميع مستندات الطاعن فأجلت المحكمة الدعوى لجلسة.... وبها حضر الطاعن ومعه المحامون/.... و.... و.... و.... وسمعت المحكمة الشاهد.... وكذلك الشاهد العقيد.... ثم طلب المحامي الأستاذ/ .... أجلاً للمرافعة وتقديم مستندات. وطلبت إليه المحكمة المرافعة فأصر على التأجيل والمحكوم عليه رفض أن يترافع عنه من المحامين إلا الدكتور.... المحامي. وأصر الأخير على التأجيل ثم انسحب. وكذلك انسحب باقي المحامين إذ أصر المتهم على رفض مرافعتهم عنه. وقررت المحكمة التأجيل لجلسة.... مع ندب الأستاذ/ .... المحامي للدفاع عن المتهم. وبجلسة.... أثبتت المحكمة حضور المتهم ومعه الأستاذ/ .... المحامي عن الأستاذ/ .... المحامي الذي قدم مذكرة بخطه بطلب التأجيل لتمكينه من الدفاع وتقديم مستندات وأرفق إيصال بإرسال برقية بذلك إلى هيئة المحكمة التي رفضت التأجيل وطلبت من المحامي المنتدب المرافعة وقام بها على نحو ما هو ثابت بمحضر الجلسة. ثم أصدرت الحكم المطعون فيه. لما كان ذلك وكان من المقرر أنه لا نزاع في أن المتهم حر في اختيار من يشاء للدفاع عنه وحقه في ذلك حق أصيل خاص مقدم على حق القاضي في اختيار المدافع فإن اختار المتهم مدافعاً فليس للقاضي أن يفتأت عليه في ذلك وأن يعين له مدافعاً آخر، ولكن هذا المبدأ إذا تعارض مع ما لرئيس الجلسة من حق إدارتها والمحافظة على عدم تعطيل السير في الدعوى وجب بالبداهة إقرار رئيس الجلسة في حقه وتخويله الحرية التامة في التصرف على شرط واحد هو ألا يترك المتهم بلا دفاع فإذا امتنع محامي المتهم عن المرافعة وانسحب من الجلسة فندبت المحكمة غيره وقام المحامي المندوب بالدفاع عن المتهم - سيما وأن المحكمة أجلت نظر الدعوى بعد انسحاب المحامي الموكل - لكي يتمكن المحامي المندوب من الاطلاع على ملف الدعوى والاستعداد للمرافعة وعلم بذلك المحامي الموكل والذي أعاد طلب التأجيل على لسان من حضر عنه بالجلسة الأخيرة وكان بوسعه أن يحضر للدفاع عن المتهم - أما وقد نكل عن ذلك ولم يعارض في مرافعة المحامي المندوب عنه - فإن ما اتخذته المحكمة من جانبها لا يعد افتئاتاً على حق الدفاع ولا يثير شبهة الإخلال به. ما دام الثابت أن المتهم لم يترك بلا دفاع. لما كان ذلك وكان من المقرر أن استعداد المحامي أو عدم استعداده أمر موكول إلى تقديره هو حسبما يوحي إليه ضميره واجتهاده وتقاليد مهنته. وكان الثابت من محاضر جلسات المحاكمة أن المحامي المندوب قد ترافع في الدعوى وأبدى دفوعاً ودفاعاً ومن ثم يكون ما ينعاه الطاعن في هذا الخصوص غير مقبول. لما كان ما تقدم وكان من المقرر أن مناط المسئولية في حالتي إحراز وحيازة الجواهر المخدرة هو ثبوت اتصال الجاني بالمخدر اتصالاً مباشراً أو بالوساطة وبسط سلطانه عليه بأية صورة عن علم وإرادة إما بحيازة المخدر حيازة مادية أو وضع اليد عليه على سبيل الملك والاختصاص ولو لم تتحقق الحيازة المادية. وكان القصد الجنائي في جريمة حيازة أو إحراز المخدر يتحقق بعلم المحرز أو الحائز أن ما يحوزه أو يحرزه من المواد المخدرة وكانت المحكمة غير مكلفة بالتحدث استقلالاً عن هذا الركن إذا كان ما أوردته في حكمها كافياً في الدلالة على علم المتهم من أن ما يحوزه أو يحرزه مخدراً وإذا كان ذلك وكان البين من محاضر الجلسات أن أياً من الطاعن أو مدافعه لم يدفع بانتفاء هذا العلم وكان ما أورده الحكم المطعون فيه في مدوناته كافياً في الدلالة على حيازة الطاعن للمخدر المضبوط وعلمه بكنهه فإن ما ينعاه في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك وكان من المقرر أن الأحكام لا تلتزم بحسب الأصل أن تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم عليه قضاءها وأن المحكمة غير ملزمة بسرد روايات الشهود إن تعددت بل حسبها أن تورد منها ما يطمئن إليه قضاءها وأن تطرح ما عداه، ولها أن تعول على أقوال الشاهد في أية مرحلة من مراحل الدعوى ما دامت قد اطمأنت إليها ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا المقام لا يكون مقبولاً. لما كان ما تقدم وكان من المقرر أنه يتعين لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً مبيناً به ما يرمي إليه مقدمه حتى يتضح مدى أهميته في الدعوى المطروحة وكونه منتجاً مما تلتزم محكمة الموضوع بالتصدي إيراداً له ورداً عليه. لما كان ذلك وكان الطاعن لم يكشف بأسباب طعنه أوجه التناقض بين أقوال الشاهدين - بل ساق قولاً مرسلاً مجهلاً. لما كان ذلك وكان من المقرر أنه لا يقدح في سلامة الحكم عدم اتفاق شهود الإثبات في بعض التفصيلات ما دام أن الثابت أن الحكم قد حصل أقوال الشهود بما لا تناقض فيه ولم يورد تلك التفصيلات أو يركن إليها في تكوين عقيدته - كما هو الحال في الدعوى المعروضة - ومن ثم فإن النعي في هذا الخصوص يكون غير سديد. لما كان ذلك وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع. لما كان ذلك وكانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها أمر التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره وأقرت النيابة على تصرفها في هذا الشأن فلا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون. ومن ثم يكون ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص غير سائغ. لما كان ذلك وكان من المقرر أن إحراز المخدر بقصد الاتجار هو واقعة مادية يستقل قاضي الموضوع بالفصل فيها طالما أنه يقيمها على ما ينتجها وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لقصد الاتجار بقوله "لما كانت تحريات الشهود التي تأيدت بالمراقبة الشخصية قد دلت على أن المتهم يتجر بالمواد المخدرة وقد ضبط بعد استئذان النيابة حائزاً لسبع طرب من مخدر الحشيش وزنت 2056.500 جرام فإن ذلك كله قاطع الدلالة على أن حيازة المخدر كانت بقصد الاتجار". لما كان ذلك وكانت المحكمة قد اقتنعت في حدود سلطتها في تقدير الدعوى والتي لا تخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي أن إحراز الطاعن للمخدر كان بقصد الاتجار ودلل على ذلك بأدلة سائغة لها معينها الصحيح من أوراق الدعوى - ولا ينازع الطاعن في ذلك - فإن ما يثره في هذا الخصوص يكون غير مقبول ويكون طعنه برمته على غير أساس بما يتعين معه رفضه.

الطعن 50789 لسنة 59 ق جلسة 8 / 5 / 1995 مكتب فني 46 ق 125 ص 832

جلسة 8 من مايو سنة 1995

برئاسة السيد المستشار/ نجاح نصار نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مقبل شاكر وحسن حمزة وحامد عبد الله نواب رئيس المحكمة ونير عثمان.

-----------------

(125)
الطعن رقم 50789 لسنة 59 القضائية

معارضة "نظرها والحكم فيها". إجراءات "إجراءات المحاكمة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "حالات الطعن. الخطأ في تطبيق القانون".
تخلف المعارض عن حضور الجلسة الأولى المحددة لنظر معارضته. أثره: اعتبار معارضته كأن لم تكن. حضوره هذه الجلسة يوجب على المحكمة الفصل في الموضوع ولو تخلف بعد ذلك. علة ذلك وأساسه؟
حضور الطاعن الجلسة الأولى لمعارضته ثم تخلفه بعد ذلك. القضاء باعتبار معارضته كأن لم تكن. خطأ في القانون.

-------------------
من المقرر أن الحكم باعتبار المعارضة كأن لم تكن لا يجوز إلا عند تخلف المعارض عن الحضور في أول جلسة تحدد لنظر معارضته أما إذا حضر فإنه يتعين على المحكمة أن تفصل في موضوع المعارضة ولو تخلف عن الحضور في جلسات أخرى ذلك بأن المادة 401/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية رتبت الحكم باعتبار المعارضة كأن لم تكن إذا لم يحضر المعارض في الجلسة المحددة لنظر المعارضة فإنها أرادات ترتيب جزاء على من لا يهتم بمعارضته فقضت بحرمانه من أن يعاد نظر قضيته بواسطة المحكمة التي أدانته غيابياً بعكس المعارض الذي حضر الجلسة الأولى ثم تخلف بعد ذلك فإن فكرة الجزاء لا تلتقي معه، بل يتعين التمييز بينه وبين المعارض الذي لم يحضر مطلقاً. لما كان ذلك وكانت الطاعنة قد حضرت الجلسة الأولى التي تحددت لنظر المعارضة. ولم تحضر الجلسات الأخرى فقضت المحكمة باعتبار المعارضة كأن لم تكن فإن هذا الحكم يكون معيباً بالخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه والإعادة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنة بأنها بددت المنقولات المبينة الوصف والقيمة بالأوراق والمملوكة لها والمحجوز عليها قضائياً لصالح محكمة بورسعيد الابتدائية والمسلمة إليها على سبيل الوديعة لحراستها وتقديمها في اليوم المحدد للبيع فاختلستها لنفسها إضراراً بالجهة الحاجزة. وطلبت عقابها بالمادتين 341، 342 من قانون العقوبات. ومحكمة جنح فارسكور قضت غيابياً عملاً بمادتي الاتهام بحبس المتهمة شهراً مع الشغل وكفالة ثلاثين جنيهاً لوقف التنفيذ. عارضت وقضى في معارضتها بقبولها شكلاً وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه. استأنفت ومحكمة دمياط الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت غيابياً بعدم قبول الاستئناف شكلاً للتقرير به بعد الميعاد. عارضت وقضي في معارضتها باعتبارها كأن لم تكن.
فطعن الأستاذ/ .... المحامي عن الأستاذ/ .... المحامي نيابة عن المحكوم عليها في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

من حيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى باعتبار المعارضة الاستئنافية كأن لم تكن. قد أخطأ تطبيق القانون ذلك أنها حضرت الجلسة الأولى لنظر المعارضة مما كان معه لزاماً على المحكمة أن تحكم في موضوعها لا أن تقضي باعتبارها كأن لم تكن. مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
ومن حيث إن البين من الاطلاع على محاضر جلسات المعارضة الاستئنافية أن الطاعنة حضرت أولى الجلسات ثم تأجلت لجلسات أخرى. لما كان ذلك وكان من المقرر أن الحكم باعتبار المعارضة كأن لم تكن لا يجوز إلا عند تخلف المعارض عن الحضور في أول جلسة تحدد لنظر معارضته أما إذا حضر فإنه يتعين على المحكمة أن تفصل في موضوع المعارضة ولو تخلف عن الحضور في جلسات أخرى ذلك بأن المادة 401/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية رتبت الحكم باعتبار المعارضة كأن لم تكن إذا لم يحضر المعارض في الجلسة المحددة لنظر المعارضة فإنها أرادات ترتيب جزاء على من لا يهتم بمعارضته فقضت بحرمانه من أن يعاد نظر قضيته بواسطة المحكمة التي أدانته غيابياً بعكس المعارض الذي حضر الجلسة الأولى ثم تخلف بعد ذلك فإن فكرة الجزاء لا تلتقي معه، بل يتعين التمييز بينه وبين المعارض الذي لم يحضر مطلقاً. لما كان ذلك وكانت الطاعنة قد حضرت الجلسة الأولى التي تحددت لنظر المعارضة. ولم تحضر الجلسات الأخرى فقضت المحكمة باعتبار المعارضة كأن لم تكن فإن هذا الحكم يكون معيباً بالخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه والإعادة بغير حاجة لبحث سائر أوجه الطعن الأخرى.

الطعن 5292 لسنة 63 ق جلسة 4 / 5 / 1995 مكتب فني 46 ق 124 ص 822

جلسة 4 من مايو سنة 1995

برئاسة السيد المستشار/ محمد يحيى رشدان نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ صلاح البرجي ومجدي الجندي ومحمد حسين وإبراهيم الهنيدي نواب رئيس المحكمة.

---------------

(124)
الطعن رقم 5292 لسنة 63 القضائية

 (1)حكم "بيانات التسبيب".
عدم رسم القانون شكلاً أو نمطاً خاصاً لصياغة الحكم. كفاية أن يكون مجموع ما أورده الحكم كافياً لتفهم الواقعة بأركانها وظروفها.
 (2)اتفاق. إثبات "بوجه عام" "قرائن". قتل عمد. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". جريمة "أركانها". فاعل أصلي. مسئولية جنائية.
الاتفاق. تحققه. باتحاد نية أطرافه على ارتكاب الفعل المتفق عليه. هذه النية أمر داخلي لا يقع تحت الحواس. جواز الاستدلال عليها بالاستنتاج والقرائن التي تتوافر لديه.
استخلاص المحكمة اتفاق المتهمين على القتل من معيتهم في الزمان والمكان ونوع الصلة بينهم وصدور الجريمة عن باعث واحد واتجاههم جميعاً وجهة واحدة في تنفيذها وإن كلاً منهم قَصَدَ قصْد الآخر في إيقاعها. مع وحدة الحق المعتدى عليه. أثره: اعتبارهم فاعلين أصليين في جناية القتل العمد ويرتب بينهم تضامناً في المسئولية ولو لم يعرف محدث الضربة التي أحدثت الوفاة.
(3) سبق إصرار. ظروف مشددة. قتل عمد. جريمة "أركانها". عقوبة "العقوبة المبررة". نقض "المصلحة في الطعن".
النعي على الحكم بالقصور في استظهار ظرف سبق الإصرار. غير مجد. متى كانت العقوبة الموقعة على الطاعنين تدخل في الحدود المقررة للقتل العمد مجردة من أية ظروف مشددة.
 (4)مصادرة. نقض "المصلحة في الطعن". إثبات "بوجه عام".
النعي على الحكم قضائه بمصادرة المضبوطات. غير مجد. طالما أنكر الطاعنان ملكيتهما لها.
 (5)إثبات "بوجه عام". قتل عمد. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
خلو الساطورين المضبوطين من أي أثار للدماء. غير قادح. في استدلال الحكم من حصول الاعتداء بمثليهما على المجني عليه. تحدث المحكمة عن إسقاطها لدلالة ضبطهما أو عدم وجود أثر لدماء بهما. غير لازم. سكوتها. مفاده. أنه لم يكن له أثر في تكوين عقيدتها.
عدم التزام المحكمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها.
(6) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات "شهود".
وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم. موضوعي.
مفاد أخذ المحكمة بشهادة الشهود؟
 (7)محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى". إثبات "بوجه عام".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعي. ما دام سائغاً.
 (8)إثبات "شهود" "خبرة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تطابق أقوال الشهود ومضمون الدليل الفني. غير لازم. كفاية أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصي على الملاءمة والتوفيق.
 (9)إجراءات "إجراءات المحاكمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
النعي على المحكمة قعودها عن إجراء لم يطلب منها. غير مقبول.
مثال.
 (10)قتل عمد. قصد جنائي. جريمة "أركانها". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير توافر نية القتل".
قصد القتل. أمر خفي. إدراكه بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه. استخلاص توافره. موضوعي.
(11) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
لا يشترط في الدليل أن يكون صريحاً دالاً بنفسه على الواقعة المراد إثباتها. كفاية أن يكون ثبوتها عن طريق الاستنتاج من الظروف والقرائن وترتيب النتائج على المقدمات.

-------------
1 - من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصته المحكمة فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون.
2 - من المقرر أن الاتفاق هو اتحاد نية أطرافه على ارتكاب الفعل المتفق عليه. وهذه النية أمر داخلي لا يقع تحت الحواس ولا يظهر بعلامات خارجية فمن حق القاضي أن يستدل عليه بطريق الاستنتاج والقرائن التي تتوافر لديه. لما كان ما أورده الحكم المطعون فيه كاف بذاته في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة وفي التدليل على اتفاق المتهمين على القتل من معيتهم في الزمان والمكان، ونوع الصلة بينهم وصدور الجريمة عن باعث واحد واتجاههم جميعاً وجهة واحدة في تنفيذها وأن كلاً منهم قصد قصْد الآخر في إيقاعها. بالإضافة إلى وحدة الحق المعتدى عليه، ويصح من ثم طبقاً للمادة 39 من قانون العقوبات اعتبارهم فاعلين أصليين في جناية القتل العمد ويرتب بينهم في صحيح القانون تضامناً في المسئولية الجنائية عرف محدث الضربات التي أسهمت في الوفاة أو لم يعرف فإن منعى الطاعنين في هذا الشأن لا يكون له محل.
3 - لما كانت المحكمة لم تورد ذكراً للمحاضر التي أوردها الطاعنون في أسباب طعنهم إلا بصدد تسبيب قضائها بتوافر ظرف سبق الإصرار في حقهم وكانت العقوبة الموقعة عليهم وهي الأشغال الشاقة لمدة خمس عشرة سنة - تدخل في الحدود المقررة لجناية القتل العمد مجردة من أية ظروف مشددة، فلا مصلحة لهم فيما أثاروه من قصور الحكم أو فساده في استظهار ظرف سبق الإصرار.
4 - لما كان الطاعنان الأول والثالث قد أنكرا ملكيتهما للمضبوطات في التحقيقات وهو ما لا يماريان في أسباب طعنهما فليس لهما من بعد أن ينعيا على الحكم في شأن قضائه بمصادرتها.
5 - من المقرر أن خلو الساطورين المضبوطين من أي أثر للدماء لا يقدح في استدلال الحكم من حصول الاعتداء على المجني عليه بمثل هاتين الأداتين أياً كانتا، وذلك رداً على جماع الدليلين القولي والفني، ومن ثم فإن المحكمة لم تكن بعد ملزمة بأن تتحدث عن إسقاطها لدلالة ضبطهما أو عدم وجود أثر لدماء بهما إذ أن مفاد سكوتها أنه لم يكن لذلك أثر في تكوين عقيدتها إثباتاً أو نفياً، والمحكمة لا تلتزم - في أصول الاستدلال - بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين هذه العقيدة.
6 - من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
7 - من المقرر أن الأصل أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق.
8 - من المقرر أنه ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفني في كل جزئية بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصي على الملاءمة والتوفيق.
9 - لما كانت أقوال شاهد الإثبات كما رواها الحكم والتي لا ينازع الطاعنون في أن لها سندها في الأوراق - ولا تتعارض بل تتلاءم مع ما نقله عن تقرير الطبيب الشرعي في شأن إصابات المجني عليه وكيفية حدوثها وزمن الوفاة وكان الطاعنون لم يطلبوا إلى محكمة الموضوع إجراء تحقيق ما في شأن تلك الأمور، فليس لهم من بعد النعي عليها عدم قيامها بإجراء لم يطلب منها، فإن منعاهم في هذا الخصوص يكون غير مقبول.
10 - من المقرر أن قصد القتل أمراً خفياً لا يدرك بالحس الظاهر إنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه فإن استخلاص هذه النية من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية.
11 - من المقرر أنه لا يشترط في الدليل أن يكون صريحاً دالاً بنفسه على الواقعة المراد إثباتها بل يكفي أن يكون استخلاص ثبوتها عن طريق الاستنتاج ما تكشف للمحكمة من الظروف والقرائن وترتيب النتائج على المقدمات.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم أ - قتلوا.... عمداً مع سبق الإصرار والترصد بأن بيتوا النية وعقدوا لعزم المصمم على قتله وأعدوا لهذا الغرض أسلحة بيضاء "سكين وبلطة" وترصدوه في المكان الذي أيقنوا سلفاً تواجده فيه وما أن ظفروا به حتى انهالوا عليه ضرباً قاصدين من ذلك قتله فحدثت به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته. ب - أحرزوا بغير ترخيص أسلحة بيضاء "سكين وبلطة" مما لا يسوغ إحرازها أو حملها بغير مسوغ من الضرورة الشخصية أو الحرفية. وأحالتهم إلى محكمة جنايات أسيوط لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعى نجل المجني عليه مدنياً قبل المتهمين متضامنين بمبلغ 251 جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادتين 230، 231 من قانون العقوبات والمواد 1/ 1، 25 مكرراً فقرة أولى، 31/ 1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقمي 26 لسنة 1978، 165 لسنة 1981 والبند رقم 11 من الجدول رقم واحد الملحق. مع إعمال المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة كل من المتهمين بالأشغال الشاقة لمدة خمس عشرة سنة ومصادرة المضبوطات وإلزامهم متضامنين بأن يؤدوا للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ 251 جنيه على سبيل التعويض المؤقت.
فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعنين بجريمتي القتل العمد مع سبق الإصرار وإحراز أسلحة بيضاء بغير ترخيص قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال وإخلال بحق الدفاع ومخالفة للثابت في الأوراق، ذلك بأن المحكمة لم تبين واقعة الدعوى وظروفها والأدلة التي استخلصت منها قيام الاتفاق بين الطاعنين، ولم تشر إلى مضمون المحاضر التي استدلت منها على توافر خصومة ثأرية بين الطاعنين والمجني عليه متخذة من واقعة إطلاق النار على منزل المجني عليه وشقيق زوجته بتاريخ.... قرينة على توافر الاتفاق بينهم وظرف سبق الإصرار لديهم رغم أن هذه الواقعة لاحقة لتاريخ الحادث محل الاتهام والذي وقع اليوم السابق ودون أن تستظهر صلة الطاعنين بالمحضرين رقمي.... جنايات القوصية و.... مركز القوصية مثبتة بما لا أصل له في الأوراق أن الطاعنين هم الذين أطلقوا النار على منزل المجني عليه وشقيق زوجته، ولم تورد في أسباب حكمها ما يحمل قضاءها بمصادرة الساطورين المضبوطين بمنزل كل من الطاعنين الأول والثالث من حيث ضبطها وظروفه وأنها استعملت في الحادث كما لم تشر إلى ما انتهى إليه تقرير الطب الشرعي من خلوهما من آثار الدماء، كما لم ترد على ما أثاره الدفاع من كذب شاهد الإثبات الوحيد في الدعوى.... في أقواله وتناقضها مع تقرير الصفة التشريحية وماديات الدعوى من حيث تحديد كيفية حدوث إصابات المجني عليه وزمن الوفاة ومكانها لعدم وجود آثار دماء بمكان الحادث ولم تحققه عن طريق المختص فنياً، وأخيراً فقد استخلصت توافر نية القتل بما لا يسوغ به ذلك ولا أصل له في الأوراق إذ لم يقل شاهد الإثبات ما أثبته الحكم من أن الطاعنين لم يتركوا المجني عليه إلا جثة هامدة. كل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعنين بهما وأورد على ثبوتها في حقهم أدلة سائغة تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون، وكان من المقرر أيضاً أن الاتفاق هو اتحاد نية أطرافه على ارتكاب الفعل المتفق عليه. وهذه النية أمر داخلي لا يقع تحت الحواس ولا يظهر بعلامات خارجية فمن حق القاضي أن يستدل عليه بطريق الاستنتاج والقرائن التي تتوافر لديه لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه كاف بذاته في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة وفي التدليل على اتفاق المتهمين على القتل من معيتهم في الزمان والمكان، ونوع الصلة بينهم وصدور الجريمة عن باعث واحد واتجاههم جميعاً وجهة واحدة في تنفيذها وأن كلاً منهم قصد قصْد الآخر في إيقاعها. بالإضافة إلى وحدة الحق المعتدى عليه، ويصح من ثم طبقاً للمادة 39 من قانون العقوبات اعتبارهم فاعلين أصليين في جناية القتل العمد ويرتب بينهم في صحيح القانون تضامناً في المسئولية الجنائية عرف محدث الضربات التي أسهمت في الوفاة أو لم يعرف فإن منعى الطاعنين في هذا الشأن لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكانت المحكمة لم تورد ذكراً للمحاضر التي أوردها الطاعنون في أسباب طعنهم إلا بصدد تسبيب قضائها بتوافر ظرف سبق الإصرار في حقهم وكانت العقوبة الموقعة عليهم وهي الأشغال الشاقة لمدة خمس عشرة سنة - تدخل في الحدود المقررة لجناية القتل العمد مجردة من أية ظروف مشددة، فلا مصلحة لهم فيما أثاروه من قصور الحكم أو فساده في استظهار ظرف سبق الإصرار. لما كان ذلك، وكان الطاعنان الأول والثالث قد أنكرا ملكيتهما للمضبوطات في التحقيقات - وهو ما لا يماريان في أسباب طعنهما - فليس لهما من بعد أن ينعيا على الحكم في شأن قضائه بمصادرتها، هذا إلى أن خلو الساطورين المضبوطين من أي أثر للدماء لا يقدح في استدلال الحكم من حصول الاعتداء على المجني عليه بمثل هاتين الأداتين أياً كانتا، وذلك رداً على جماع الدليلين القولي والفني، ومن ثم فإن المحكمة لم تكون بعد ملزمة بأن تتحدث عن إسقاطها لدلالة ضبطهما أو عدم وجود أثر لدماء بهما إذ أن مفاد سكوتها أنه لم يكن لذلك أثر في تكوين عقيدتها إثباتاً أو نفياً، والمحكمة لا تلتزم - في أصول الاستدلال - بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين هذه العقيدة. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وكان الأصل أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - وكان من المقرر أنه ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفني في كل جزئية بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصي على الملاءمة والتوفيق. ولما كانت أقوال شاهد الإثبات كما رواها الحكم والتي لا ينازع الطاعنون في أن لها سندها في الأوراق - ولا تتعارض بل تتلاءم مع ما نقله عن تقرير الطبيب الشرعي في شأن إصابات المجني عليه وكيفية حدوثها وزمن الوفاة وكان الطاعنون لم يطلبوا إلى محكمة الموضوع إجراء تحقيق ما في شأن تلك الأمور، فليس لهم من بعد النعي عليها عدم قيامها بإجراء لم يطلب منها، فإن منعاهم في هذا الخصوص يكون غير مقبول. لما كان ذلك، وكان قصد القتل أمراً خفياً لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه فإن استخلاص هذه النية من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية، وكان لا يشترط في الدليل أن يكون صريحاً دالاً بنفسه على الواقعة المراد إثباتها بل يكفي أن يكون استخلاص ثبوتها عن طريق الاستنتاج ما تكشف للمحكمة من الظروف والقرائن وترتيب النتائج على المقدمات. وإذ كان الحكم قد دلل على توافر هذه النية تدليلاً سائغاً واضحاً في إثبات توافرها لدى الطاعنين فإن منعاهم في هذا الشأن لا يكون له وجه. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون في غير محله متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 15105 لسنة 62 ق جلسة 4 / 5 / 1995 مكتب فني 46 ق 123 ص 818

جلسة 4 من مايو سنة 1995

برئاسة السيد المستشار/ محمد يحيى رشدان نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ صلاح البرجي ومجدي الجندي وحسين الشافعي ومحمد حسين نواب رئيس المحكمة.

-----------------

(123)
الطعن رقم 15105 لسنة 62 القضائية

استئناف "سقوطه". نيابة عامة. معارضة "نظرها والحكم فيها". نقض "حالات الطعن. الخطأ في تطبيق القانون".
استئناف النيابة العامة للحكم الغيابي. سقوطه. إذا ألغى ذلك الحكم أو عدل في المعارضة. علة ذلك؟
تأييد الحكم المطعون فيه للحكم الغيابي الاستئنافي الصادر في استئناف النيابة العامة للحكم الغيابي الابتدائي رغم إلغائه في المعارضة المرفوعة من المحكوم عليه خطأ في القانون. يوجب النقض والتصحيح.

------------------
من المقرر قانوناً أن استئناف النيابة العامة الحكم الغيابي يسقط إذا ألغي هذا الحكم أو عُدل في المعارضة لأنه بإلغاء الحكم الغيابي أو تعديله بالحكم الصادر في المعارضة لا يحدث اندماج بين هذين الحكمين. بل يعتبر الحكم الأخير وكأنه وحده الصادر في الدعوى والذي يصح قانوناً أن يكون محلاً للطعن بالاستئناف، فإن الحكم المطعون فيه وقد قضى في معارضة المحكوم عليه في الحكم الصادر غيابياً من محكمة الاستئناف في استئناف النيابة العامة وحدها الحكم الغيابي الابتدائي، بإجماع الآراء بتعديل الحكم الابتدائي على النحو المار بيانه بقبول المعارضة الاستئنافية شكلاً ورفضها موضوعاً وتأييد الحكم الابتدائي الغيابي وبراءة الطاعن في المعارضة المرفوعة منه فيه، قبل الحكم في المعارضة الاستئنافية التي أقامها، يكون قد أخطأ في تطبيق القانون، مما يقتضي نقضه وتصحيحه والقضاء بإلغاء الحكم الاستئنافي الغيابي المعارض فيه وسقوط استئناف النيابة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أولاً: لم يقم بترميم وإعادة بناء الجدران الآيلة للسقوط - ثانياً: لم يوفر أجهزة إطفاء (بودرة) ثالثاً: لم يقم بتغطية وتأبية الماكينات بأغطية واقية تكفل الأمان للعاملين - رابعاً: لم يقم بإصلاح الكهرباء ووضع الأسلاك داخل الجدران. خامساً: لم يقم بإصلاح وتنظيف دورات المياه مع تخصيص إحداها للسيدات. سادساً: لم يقم بإزالة المخالفات وجميع الأكياس النايلون في مكان معزول. وطلبت عقابه بمواد القانون رقم 137 لسنة 1981. ومحكمة جنح السيدة زينب قضت غيابياً عملاً بمواد الاتهام بتغريم المتهم خمسين جنيهاً عن التهمة الثانية وعشرين جنيهاً عن كل تهمة من التهم الباقية. استأنفت النيابة العامة في 24 من إبريل سنة 1991 ومحكمة جنوب القاهرة قضت غيابياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف وبإجماع الآراء بتغريم المتهم خمسين جنيهاً عن التهم الأولى والرابعة والخامسة والسادسة معاً وخمسين جنيهاً عن الثالثة. عارض المحكوم عليه في الحكم الغيابي الابتدائي - وقضت محكمة أول درجة في معارضة المتهم في 8 من ديسمبر سنة 1991 بقبولها شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المعارض فيه وبراءة المتهم وإحالة الدعوى للنيابة العامة لاتخاذ شئونها فيها قبل المتهم الحقيقي الوارد اسمه بالأوراق. عارض المحكوم عليه في الحكم الاستئنافي الغيابي الصادر في استئناف النيابة العامة وقضى في معارضته بقبولها شكلاً وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه.
فطعن الأستاذ/ .... المحامي نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه أخطأ في تطبيق القانون ذلك بأن المحكمة الاستئنافية نظرت في معارضته في الحكم الاستئنافي الغيابي - الصادر بناء على استئناف النيابة العامة - وحدها - الحكم الغيابي الابتدائي الصادر بإدانته. وعارض فيه وقضى ببراءته مما أسند إليه، وقضت بقبولها شكلاً وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه مع أنه كان يتعين عليها أن تقضي بإلغاء الحكم المعارض فيه وسقوط استئناف النيابة.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على الأوراق أن محكمة أول درجة قضت غيابياً بتغريم المتهم خمسين جنيهاً عن التهمة الثانية وعشرين جنيهاً عن كل تهمة أخرى. فاستأنفت النيابة هذا الحكم كما عارض فيه المحكوم عليه، وبجلسة 24/ 4/ 1991 قضت المحكمة الاستئنافية غيابياً بقبول استئناف النيابة العامة شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف بإجماع الآراء إلى تغريم المتهم خمسين جنيهاً عن التهم الأولى والرابعة والخامسة والسادسة وخمسون جنيهاً عن التهمة الثالثة - عارض المحكوم عليه في هذا الحكم وبتاريخ 8/ 12/ 1991 قضت المحكمة في معارضته الابتدائية بإلغاء الحكم المعارض فيه وببراءته وبإحالة الدعوى إلى النيابة العامة لاتخاذ شئونها قبل المتهم الحقيقي، ولم تستأنف النيابة هذا الحكم وبتاريخ 29/ 4/ 1992 قضت المحكمة الاستئنافية بقبول معارضة المحكوم عليه شكلاً وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه. لما كان ذلك وكان من المقرر قانوناً أن استئناف النيابة العامة الحكم الغيابي يسقط إذا ألغى هذا الحكم أو عدل في المعارضة لأنه بإلغاء الحكم الغيابي أو تعديله بالحكم الصادر في المعارضة لا يحدث اندماج بين هذين الحكمين. بل يعتبر الحكم الأخير وكأنه وحده الصادر في الدعوى والذي يصح قانوناً أن يكون محلاً للطعن بالاستئناف، فإن الحكم المطعون فيه وقد قضى في معارضة المحكوم عليه في الحكم الصادر غيابياً من محكمة الاستئناف في استئناف النيابة العامة وحدها الحكم الغيابي الابتدائي، بإجماع الآراء بتعديل الحكم الابتدائي على النحو المار بيانه بقبول المعارضة الاستئنافية شكلاً ورفضها موضوعاً وتأييد الحكم الاستئنافي الغيابي المعارض فيه، رغم إلغاء الحكم الابتدائي الغيابي وبراءة الطاعن في المعارضة المرفوعة منه فيه، قبل الحكم في المعارضة الاستئنافية التي أقامها، يكون قد أخطأ في تطبيق القانون، مما يقتضي نقضه وتصحيحه والقضاء بإلغاء الحكم الاستئنافي الغيابي المعارض فيه وسقوط استئناف النيابة.

الطعن 29646 لسنة 59 ق جلسة 4 / 5 / 1995 مكتب فني 46 ق 122 ص 814

جلسة 4 من مايو سنة 1995

برئاسة السيد المستشار/ محمد يحيى رشدان نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ صلاح البرجي ومجدي الجندي وحسين الشافعي ومحمد حسين نواب رئيس المحكمة.

-------------------

(122)
الطعن رقم 29646 لسنة 59 القضائية

(1) علامة تجارية. تقليد. تزوير "تزوير العلامات التجارية". جريمة "أركانها".
اعتبار من قام بتسجيل العلامة التجارية مالكاً لها دون سواه. عدم جواز منازعته. متى استعملها بصفة مستمرة خمس سنوات على الأقل من تاريخ التسجيل دون رفع دعوى عليه بشأنها. أساس ذلك؟
المراد بالتزوير أو التقليد. هو المحاكاة التي تدعو إلى تضليل الجمهور لما بين العلامتين الصحيحة والمقلدة من أوجه التشابه.
(2) حكم "بيانا حكم الإدانة" "تسبيبه. تسبيب معيب". علامة تجارية. نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
حكم الإدانة. بياناته؟ المادة 310 إجراءات.
إغفال حكم الإدانة في جريمة تزوير علامة تجارية استظهار ما إذا كانت العلامة المؤثم تزويرها قد سجلت وما بينها وبين العلامة المزورة من وجوه التشابه. قصور.

-----------------
1 - لما كان القانون رقم 57 لسنة 1939 المعدل بشأن العلامات التجارية قد عرف العلامة التجارية في المادة الأولى منه، ونص في المادة الثالثة على أنه يعتبر من قام بتسجيل العلامة التجارية مالكاً لها دون سواه، ولا تجوز المنازعة في ملكية العلامة إذا استعملها من قام بتسجيلها بصفة مستمرة خمس سنوات على الأقل من تاريخ التسجيل دون أن ترفع عليه بشأنها دعوى حكم بصحتها ثم نظم في المادة السادسة وما بعدها إجراءات التسجيل وأفرد المادة 33 منه لبيان العقوبة التي يتعين تطبيقها على - من باع أو عرض للبيع أو للتداول أو حاز بقصد البيع منتجات عليها علامة مزورة أو مقلدة أو موضوعة بغير حق مع علمه بذلك. لما كان ذلك، فإن الشارع يكون قد أفصح عن مراده بأن مناط الحماية التي أسبغها على ملكية العلامة الأدبية بتأثيم تزويرها أو تقليدها أو استعمالها من غير مالكها هو بتسجيلها والذي يعتبر ركناً من أركان جريمة تزويرها أو تقليدها وأن المقصود بالتزوير أو التقليد هو المحاكاة التي تدعو إلى تضليل الجمهور لما بين العلامتين الصحيحة والمزورة أو المقلدة من أوجه التشابه.
2 - لما كانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة فإن الحكم المطعون فيه إذ لم يستظهر ما إذا كانت العلامة المؤثم تزويرها قد سجلت وما بينها وبين العلامة المزورة من وجوه التشابه فإنه يكون معيباً بالقصور.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه باع وعرض إحدى المنتجات الصناعية المنسوب إنتاجها لشركة.... والموضوع عليها علامة تجارية مزورة خاصة بالشركة سالفة الذكر مع علمه بذلك - وطلبت عقابه بالمواد 1، 2، 26/ 1، 33/ 3 من القانون رقم 57 لسنة 1939 المعدل. ومحكمة جنح قصر النيل قضت غيابياً عملاً بمواد الاتهام بحبس المتهم شهراً مع الشغل وكفالة مائة جنيه لوقف التنفيذ. عارض وقضى في معارضته بقبولها شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المعارض فيه إلى تغريم المتهم مائة جنيه. استأنف ومحكمة جنوب القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
فطعن الأستاذ/.... المحامي نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة بيع وعرض منتجات صناعية عليها علامة مزورة مع علمه بذلك فقد شابه قصور في البيان ذلك بأنه خلا من الأسباب التي بني عليها وهذا بما يعيبه مما يستوجب نقضه.
وحيث إن القانون رقم 57 لسنة 1939 المعدل الصادر في شأن العلامات التجارية قد عرف العلامة التجارية في المادة الأولى منه، ونص في المادة الثالثة على أنه يعتبر من قام بتسجيل العلامة التجارية مالكاً لها دون سواه، ولا تجوز المنازعة في ملكية العلامة إذا استعملها من قام بتسجيلها بصفة مستمرة خمس سنوات على الأقل من تاريخ التسجيل دون أن ترفع عليه بشأنها دعوى حكم بصحتها ثم نظم في المادة السادسة وما بعدها إجراءات التسجيل وأفرد المادة 33 منه لبيان العقوبة التي يتعين تطبيقها على - من باع أو عرض للبيع أو للتداول أو حاز بقصد البيع منتجات عليها علامة مزورة أو مقلدة أو موضوعة بغير حق مع علمه بذلك. لما كان ذلك، فإن الشارع يكون قد أفصح عن مراده بأن مناط الحماية التي أسبغها على ملكية العلامة الأدبية بتأثيم تزويرها أو تقليدها أو استعمالها من غير مالكها هو بتسجيلها والذي يعتبر ركناً من أركان جريمة تزويرها أو تقليدها وأن المقصود بالتزوير أو التقليد هو المحاكاة التي تدعو إلى تضليل الجمهور لما بين العلامتين الصحيحة والمزورة أو المقلدة من أوجه التشابه وعلى هدي ما تقدم فإنه إذ كانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة فإن الحكم المطعون فيه إذ لم يستظهر ما إذا كانت العلامة المؤثم تزويرها قد سجلت وما بينها وبين العلامة المزورة من وجوه التشابه فإنه يكون معيباً بالقصور مما يتعين معه نقضه والإعادة وذلك دون حاجة إلى بحث باقي ما يثيره الطاعن في طعنه.

الطعن 19862 لسنة 64 ق جلسة 2 / 5 / 1995 مكتب فني 46 ق 121 ص 801

جلسة 2 من مايو سنة 1995

برئاسة السيد المستشار/ محمد حسين لبيب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ رضوان عبد العليم ووفيق الدهشان ومصطفى عبد المجيد نواب رئيس المحكمة وزغلول البلشي.

-----------------

(121)
الطعن رقم 19862 لسنة 64 القضائية

(1) نقض "أسباب الطعن. تقديمها".
عدم تقديم المحكوم عليه أسباباً لطعنه. أثره: عدم قبول الطعن شكلاً.
(2) نقض "ميعاده". نيابة عامة. إعدام.
اتصال محكمة النقض بالدعوى المحكوم فيها بالإعدام دون التقيد بميعاد محدد. أساس ذلك؟
(3) إجراءات "إجراءات المحاكمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". محاماة.
ندب المحكمة محام للدفاع عن المتهم ترافع في الدعوى وأبدى ما عّن له من أوجه دفاع. لا إخلال بحق الدفاع.
(4) مواد مخدرة. قصد جنائي. جلب. جريمة "أركانها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
جلب المخدر في حكم القانون 182 لسنة 1960. معناه؟ [(1)]
متى يلزم التحدث عن القصد من جلب المخدر استقلالاً؟
(5) مواد مخدرة. قصد جنائي. جريمة "أركانها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تحدث الحكم استقلالاً عن العلم بالجوهر المخدر. غير لازم. طالما كان ما أورده من وقائع الدعوى وظروفها كافياً للدلالة على توافره.
(6) أسباب الإباحة وموانع العقاب "موانع العقاب". عقوبة "الإعفاء منها". قانون "تفسيره".
الإعفاء من العقاب بعد علم السلطات بالجريمة. شرطه؟
مثال.
(7) إجراءات "إجراءات التحريز". إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
عدم تحريز الحقيبة المضبوط بها المخدر. لا ينال من الأدلة التي ساقتها المحكمة لإدانة المتهم.
وجود المخدر مخبأ داخل ثمار جوز الهند بعد تفريغها. لا يلزم تخلف آثار منه بالحقيبة.
(8) إجراءات "إجراءات المحاكمة". استجواب. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". محاماة. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
وجوب دعوة محامي المتهم بجناية - إن وجد - لحضور الاستجواب أو المواجهة. شرط ذلك: أن يكون المتهم قد أعلن اسم محاميه بتقرير في قلم كتاب المحكمة أو أمام مأمور السجن. المادة 124 إجراءات.
(9) استجواب. إجراءات "إجراءات التحقيق". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
صحة استجواب المتهم في تحقيق النيابة دون دعوة محاميه. لا يغير من ذلك إغفال وكيل النيابة سؤاله عما إذا كان معه محامياً للدفاع عنه من عدمه. ما دام لم يعلن اسم المحامي سواء في محضر الاستجواب أو بتقرير في قلم الكتاب أو أمام مأمور السجن.
(10) عقوبة "تطبيقها". حكم "بيانات التسبيب". محكمة النقض "سلطتها".
الخطأ في رقم مادة العقاب المطبقة. لا يرتب بطلان الحكم. حد ذلك؟
كفاية أن تصحح محكمة النقض أسباب الحكم باستبدال مادة العقاب دون حاجة إلى نقضه.
(11) إعدام. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الحكم الصادر بالإعدام. ما يلزم من تسبيب لإقراره؟

------------------
1 - لما كان المحكوم عليه وإن قرر بالطعن بالنقض في الميعاد إلا أنه لم يقدم أسباباً لطعنه فيكون الطعن المقدم منه غير مقبول شكلاً، لما هو مقرر من أن التقرير بالطعن هو مناط اتصال المحكمة به، وأن تقديم الأسباب التي بني عليها الطعن في الميعاد الذي حدده القانون هو شرط لقبوله، وأن التقرير بالطعن وتقديم أسبابه يكونونا معاً وحدة إجرائية لا يقوم فيها أحدهما مقام الآخر ولا يغني عنه.
2 - من المقرر أن النيابة العامة وإن كانت قد عرضت القضية الماثلة على هذه المحكمة عملاً بنص المادة 46 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 - مشفوعة بمذكرة برأيها انتهت فيه إلى طلب إقرار الحكم فيما قضى به من إعدام المحكوم عليه دون إثبات تاريخ تقديمها بحيث يستدل منه على أنه روعي عرض القضية في ميعاد الستين يوماً المبين بالمادة 34 من ذلك القانون المعدلة بالقانون رقم 23 لسنة 1992، إلا أنه لما كان تجاوز هذا الميعاد. وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة، بل إن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها وتستبين - من تلقاء نفسها إلى أن تتقيد بمبنى الرأي الذي ضمنته النيابة مذكرتها - ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب، يستوي في ذلك أن يكون عرض النيابة في الميعاد المحدد، أو بعد فواته، ومن ثم يتعين قبول عرض النيابة لهذه القضية.
3 - لما كان الثابت بمحضر جلسة المحاكمة أن المتهم قرر أنه لم يوكل محامياً للدفاع عنه، ولم يطلب تأجيل نظر الدعوى لتوكيل محام، فندبت المحكمة له محام ترافع في الدعوى وأبدى ما عّن له من أوجه دفاع فيها بعد الاطلاع على أوراقها، فإن المحكمة تكون قد وفرت له حقه في الدفاع.
4 - لما كان القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانونين رقمي 40 لسنة 1966، 122 لسنة 1989 إذ عاقب في المادة 33 منه على جلب المواد المخدرة، فقد دل على أن المراد بجلب المخدر هو استيراده بالذات أو الواسطة ملحوظاً في ذلك طرحه وتداوله بين الناس سواء كان الجالب قد استورده لحساب نفسه أو لحساب غيره، متى تجاوز بفعله الخط الجمركي، وقصداً من الشارع إلى القضاء على انتشار المخدرات في المجتمع الدولي وهذا المعنى يلابس الفعل المادي المكون للجريمة ولا يحتاج في تقريره إلى بيان ولا يلزم الحكم أن يتحدث عنه على استقلال، إلا إذا كان الجوهر المجلوب لا يفيض عن حاجة الشخص أو استعماله الشخصي، أو دفع المتهم بقيام قصد التعاطي لديه، أو لدى من نقل المخدر لحسابه، وكان ظاهر الحال من ظروف الدعوى وملابساتها يشهد له، يدل على ذلك - فوق دلالة المعنى اللغوي والاصطلاحي للفظ الجلب أن المشرع نفسه لم يقرن في نصه الجلب بالإشارة إلى القصد منه بعكس ما استنه في الحيازة أو الإحراز لأن ذكره يكون ترديداً للمعنى المتضمن الفعل مما يتنزه عنه الشارع إذ الجلب بطبيعته لا يقبل تفاوت المقصود، ولا كذلك حيازة المخدر أو إحرازه، وإذ كان الحكم المعروض قد أثبت أن المخدر المجلوب وزن 12.250 كيلو جراماً، وهو ما يفيض عن حاجة المتهم الشخصية أو أي شخص آخر، ضبط - مخبأ داخل ثمار جوز الهند بعد تفريغ محتواها الطبيعي - بحقيبة المتهم، ودخل به ميناء القاهرة الجوي قادماً من لاجوس، ولم يدفع المتهم بقيام قصد التعاطي لديه أو لدى من نقل المخدر لحسابه، فإن ما أثبته الحكم من ذلك هو الجلب بعينه كما هو معرف به في القانون بما يتضمنه من طرح الجوهر المخدر في التعامل، ومن ثم فإن الحكم لم يكن ملزماً من بعد باستظهار القصد الملابس لهذا الفعل صراحة، ولو دفع بانتفائه - وهو ما لم يفعله المتهم - ما دام مستفاداً بدلالة الاقتضاء بين تقريره واستدلاله.
5 - من المقرر أن المحكمة غير مكلفة بالتحدث استقلالاً عن العلم بكنه المادة المخدرة طالما كان ما أوردته في حكمها من وقائع الدعوى وظروفها كافياً في الدلالة على أن المتهم كان يعلم بأن ما يحوزه من المواد المخدرة، وكان البين من مدونات الحكم أن ما أورده - سواء في معرض تحصيله لواقعة الدعوى أو رده على دفاع المتهم بانتفاء هذا العلم - كافياً في الرد على دفاع المتهم في هذا الخصوص وسائغاً في الدلالة على توافر ذلك العلم في حقه.
6 - لما كان الحكم قد عرض لطلب المتهم إعفاءه من العقاب وأطرحه في قوله: "بأن القانون لم يرتب الإعفاء بعد علم السلطات بالجريمة إلا بالنسبة للجاني الذي يسهم بإبلاغه إسهاماً إيجابياً ومنتجاً وجدياً في معاونة السلطات للتوصل إلى باقي الجناة من تجار المخدرات أو الكشف عن الجرائم الخطيرة المنصوص عليها في المواد 33، 34، 35 من القانون المطبق باعتبار أن هذا الإعفاء نوع من أنواع المكافأة منحها الشارع لكل من يؤدي خدمة للعدالة، فإذا لم يكن للتبليغ فائدة بأن كان غير جدي ومرسلاً وعقيم فلا يستحق صاحبه الإعفاء، لما كان ذلك، وكانت المحكمة قد انتهت إلى أن قول المتهم بأن آخر سلمه الحقيبة التي تحوي المخدر إنما كان قولاً مرسلاً لم يوصل إلى دليل قبل هذا الشخص بل أنه لم يذكر أية معلومات أو أوصاف تؤدي إلى معرفته والوصول إليه وبالتالي لم يؤد إلى تمكين السلطات من ضبطه ولم يتعد هذا القول من المتهم سوى مجرد ادعاء عار عن الجدية وغير منتج، وبالتالي فلم يسهم في كشف الجرائم التي نص عليها القانون أو في الوصول إلى باقي الجناة، فإن هذا الإبلاغ لا يتحقق به موجب الإعفاء من العقاب. وإذ كان ما أورده الحكم فيما سلف بيانه - صحيحاً في القانون سائغاً في العقل والمنطق، فإن ما أثاره المتهم في شأن ذلك يكون غير قويم.
7 - لما كان عدم تحريز الحقيبة الخاصة بالمتهم والتي ضبط بها ثمار جوز الهند التي ضبط بها مخدر الحشيش وبذوره لا يؤدي في الاستدلال إلى النيل من الأدلة التي ساقتها المحكمة على إدانة المتهم، ذلك أن وجود المخدر مخبأ داخل ثمار جوز الهند بعد تفريغها لا يلزم عنه بالضرورة تخلف آثار منه بهذه الحقيبة.
8 - لما كانت المادة 124 من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أنه "في غير حالة التلبس وحالة السرعة بسبب الخوف من ضياع الأدلة، لا يجوز للمحقق في الجنايات أن يستوجب المتهم أو يواجهه بغيره من المتهمين أو الشهود إلا بعد دعوة محاميه للحضور إن وجد، وعلى المتهم أن يعلن اسم محاميه بتقرير يكتب في قلم كتاب المحكمة أو إلى مأمور السجن كما يجوز لمحاميه أن يتولى هذا الإقرار أو الإعلان". وكان مفاد هذا النص أن المشرع استن ضمانة خاصة لكل متهم في جناية هي وجوب دعوة محاميه إن وجد لحضور الاستجواب أو المواجهة، إلا أن هذا الالتزام مشروط بأن يكون المتهم قد أعلن اسم محاميه بالطريق الذي رسمه القانون وهو التقرير في قلم كتاب المحكمة أو أمام مأمور السجن.
9 - لما كان المتهم لا يدعي أنه أعلن اسم محاميه سواء للمحقق أو في محضر الاستجواب أو قبل استجوابه بتقرير في قلم الكتاب أو أمام مأمور السجن - وخلت المفردات مما يفيد قيامه بهذا الإجراء، فإن استجوابه في تحقيق النيابة يكون قد تم صحيحاً، ولا يغير من ذلك أن يكون وكيل النيابة المحقق قد أغفل سؤال المتهم عما إذا كان معه محامياً للدفاع عنه من عدمه، ذلك بأن نص المادة 124 من قانون الإجراءات الجنائية قد جاء صريحاً في رسم الطريق الذي يتعين على المتهم أن يسلكه في إعلان اسم محاميه إن شاء أن يستفيد مما أورده هذا النص، وهو الإجراء الذي لم يقم به المتهم على ما تقدم ذكره.
10 - من المقرر أن الخطأ في رقم مادة العقاب المطبقة لا يترتب عليه بطلان الحكم ما دام قد وصف الفعل وبين واقعة الدعوى موضوع الإدانة بياناً كافياً وقضى بعقوبة لا تخرج عن حدود المادة الواجب تطبيقها وكانت الواقعة على الصورة التي اعتنقها الحكم تشكل الجناية المعاقب عليها بالمادة 33 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989، وكانت العقوبة التي أنزلها الحكم على المتهم تدخل في نطاق عقوبة هذه المادة، فإن خطأ الحكم بذكر مادة العقاب بأنها المادة 32 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 بدلاً من المادة 33 من ذات القانون لا يعيبه، وحسب محكمة النقض أن تصحح الخطأ الذي وقع فيه الحكم وذلك باستبدال المادة 33 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالمادة 32 من ذات القانون، عملاً بنص المادة 40 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959.
11 - لما كان يبين إعمالاً لنص المادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض سالف الذكر أن الحكم المطروح قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان المحكوم عليه بالإعدام بها، وساق عليها أدلة سائغة مردودة إلى أصلها في الأوراق ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها، وقد صدر الحكم بالإعدام بإجماع آراء أعضاء المحكمة، وبعد استطلاع رأي مفتي الجمهورية قبل إصدار الحكم وفقاً للمادة 381/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية. كما جاء الحكم خلواً من مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو تأويله، وقد صدر من محكمة مشكلة وفق القانون ولها ولاية الفصل في الدعوى، ولم يصدر بعده قانون يسري على واقعة الدعوى يغير ما انتهى إليه هذا الحكم، ومن ثم يتعين قبول عرض النيابة وإقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أ - جلب لداخل جمهورية مصر العربية جوهراً مخدراً (حشيش) وبذور ممنوع زراعتها (نبات الحشيش) في غير الأحوال المصرح بها قانوناً وبغير تصريح كتابي من الجهة الإدارية المختصة. ب - أحرز بقصد الاتجار جوهراً مخدراً (حشيش) وبذور ممنوع زراعتها (نبات الحشيش) في غير الأحوال المصرح بها قانوناً، وأحالته إلى محكمة جنايات القاهرة لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قررت بإحالة الأوراق لفضيلة مفتي الجمهورية لإبداء الرأي فيها وحددت جلسة.... للنطق بالحكم. وبالجلسة المحددة قضت حضورياً وبإجماع الآراء عملاً بالمواد 1، 2، 3، 7/ 1، 29، 32/ 1 - أ،2 حـ، 34/ 1 ب، 42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 والبند 57 من القسم الثاني من الجدول الخامس مع إعمال المادة 32 من قانون العقوبات. أولاً: بمعاقبة المتهم بالإعدام شنقاً وتغريمه مبلغ 500000 جنيه (خمسمائة ألف جنيه) عما أسند إليه ومصادرة المخدر المضبوط. ثانياً: بإلزام المتهم بالتعويض الجمركي.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض كما عرضت النيابة العامة القضية على هذه المحكمة مشفوعة بمذكرة برأيها. طلبت فيها إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه.


المحكمة

من حيث إن المحكوم عليه وإن قرر بالطعن بالنقض في الميعاد إلا أنه لم يقدم أسباباً لطعنه فيكون الطعن المقدم منه غير مقبول شكلاً، لما هو مقرر من أن التقرير بالطعن هو مناط اتصال المحكمة به، وأن تقديم الأسباب التي بني عليها الطعن في الميعاد الذي حدده القانون هو شرط لقبوله، وأن التقرير بالطعن وتقديم أسبابه يكونان معاً وحدة إجرائية لا يقوم فيها أحدهما مقام الآخر ولا يغني عنه.
ومن حيث إن النيابة العامة وإن كانت قد عرضت القضية الماثلة على هذه المحكمة عملاً بنص المادة 46 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 - مشفوعة بمذكرة برأيها انتهت فيه إلى طلب إقرار الحكم فيما قضى به من إعدام المحكوم عليه دون إثبات تاريخ تقديمها بحيث يستدل منه على أنه روعي عرض القضية في ميعاد الستين يوماً المبين بالمادة 34 من ذلك القانون المعدلة بالقانون رقم 23 لسنة 1992، إلا أنه لما كان تجاوز هذا الميعاد. وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة، بل إن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها وتستبين - من تلقاء نفسها إلى أن تتقيد بمبنى الرأي الذي ضمنته النيابة مذكرتها - ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب، يستوي في ذلك أن يكون عرض النيابة في الميعاد المحدد، أو بعد فواته ومن ثم يتعين قبول عرض النيابة لهذه القضية.
ومن حيث إن الحكم المعروض حصل واقعة الدعوى بما مجمله أنه وحال قيام.... مأمور الجمرك بميناء القاهرة الجوي - بإنهاء الإجراءات الجمركية لركاب طائرة شركة مصر للطيران القادمة من لاجوس إلى القاهرة تقدم إليه المتهم وهو نيجيري الجنسية ومعه حقيبتين بتفتيشهما عثر بإحداهما على عدد كبير من ثمار جوز الهند، وقد لاحظ مأمور الجمرك المذكور أن البعض من هذه الثمار يعطي صوت السائل الطبيعي بداخلها في حين أن البعض الآخر لا يعطي هذا الصوت عند رجه، كما لاحظ اختلاف أوزان هذه الثمار مما أثار اشتباهه فيها، فعرض الأمر على رئيسه في العمل.... الذي قام بكسر إحدى الثمار المشتبه فيها فعثر بداخلها على مسحوق مختلط ببعض البذور الصغيرة وتم تشكيل لجنة من.... و.... و.... - مأمورو الجمرك - تحت إشراف.... وحضور....، وقامت اللجنة بكسر باقي الثمار المشتبه فيها فعثرت بداخلها على نفس المسحوق المختلط بذات البذور، وقد وزن هذا المسحوق 12.250 كيلو جراماً، وأقر المتهم بحيازته الحقيبة التي ضبط بها الثمار التي تحوي هذا المسحوق، وثبت من تقرير التحليل أن المسحوق المضبوط لمخدر الحشيش، وأن البذور لنبات الحشيش وصالحة للإنبات. وأورد الحكم على ثبوت الواقعة على هذا النحو في حق المتهم أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات، ومن اعتراف المتهم بالتحقيقات ومن تقرير المعمل الكيماوي بمصلحة الطب الشرعي، وحصل الحكم مؤدى هذه الأدلة تحصيلاً سليماً له أصله الثابت في الأوراق - على ما تبين من الاطلاع على المفردات ثم خلص الحكم إلى إدانة المتهم بوصف أنه جلب جوهراً مخدراً حشيشاً وبذوره الممنوع زراعتها إلى جمهورية مصر العربية في غير الأحوال المصرح بها قانوناً وبغير تصريح كتابي من الجهة المختصة، وأحرز بقصد الاتجار المخدر سالف الذكر في غير الأحوال المصرح بها قانوناً، وأعمل ما تقضي به المادة 32 من قانون العقوبات ودانه على الجريمة الأولى باعتبار أنها ذات العقوبة الأشد. لما كان ذلك، وكان الثابت بمحضر جلسة المحاكمة أن المتهم قرر أنه لم يوكل محامياً للدفاع عنه، ولم يطلب تأجيل نظر الدعوى لتوكيل محام، فندبت المحكمة له محام ترافع في الدعوى وأبدى ما عّن له من أوجه دفاع فيها بعد الاطلاع على أوراقها، فإن المحكمة تكون قد وفرت له حقه في الدفاع. لما كان ذلك، وكان القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانونين رقمي 40 لسنة 1966، 122 لسنة 1989 إذ عاقب في المادة 33 منه على جلب المواد المخدرة، فقد دل على أن المراد بجلب المخدر هو استيراده بالذات أو الواسطة ملحوظاً في ذلك طرحه وتداوله بين الناس سواء كان الجالب قد استورده لحساب نفسه أو لحساب غيره، متى تجاوز بفعله الخط الجمركي، وقصداً من الشارع إلى القضاء على انتشار المخدرات في المجتمع الدولي وهذا المعنى يلابس الفعل المادي المكون للجريمة ولا يحتاج في تقريره إلى بيان ولا يلزم الحكم أن يتحدث عنه على استقلال، إلا إذا كان الجوهر المجلوب لا يفيض عن حاجة الشخص أو استعماله الشخصي، أو دفع المتهم بقيام قصد التعاطي لديه، أو لدى من نقل المخدر لحسابه، وكان ظاهر الحال من ظروف الدعوى وملابساتها يشهد له، يدل على ذلك - فوق دلالة المعنى اللغوي والاصطلاحي للفظ الجلب أن المشرع نفسه لم يقرن في نصه الجلب بالإشارة إلى القصد منه بعكس ما استنه في الحيازة أو الإحراز لأن ذكره يكون ترديداً للمعنى المتضمن الفعل مما يتنزه عنه الشارع إذ الجلب بطبيعته لا يقبل تفاوت القصود، ولا كذلك حيازة المخدر أو إحرازه، وإذ كان الحكم المعروض قد أثبت أن المخدر المجلوب وزن 12.250 كيلو جراماً، وهو ما يفيض عن حاجة المتهم الشخصية أو أي شخص آخر، ضبط - مخبأ داخل ثمار جوز الهند بعد تفريغ محتواها الطبيعي - بحقيبة المتهم، ودخل به ميناء القاهرة الجوي قادماً من لاجوس، ولم يدفع المتهم بقيام قصد التعاطي لديه أو لدى من نقل المخدر لحسابه، فإن ما أثبته الحكم من ذلك هو الجلب بعينه كما هو معرف به في القانون بما يتضمنه من طرح الجوهر المخدر في التعامل، ومن ثم فإن الحكم لم يكن ملزماً من بعد باستظهار القصد الملابس لهذا الفعل صراحة، ولو دفع بانتفائه - وهو ما لم يفعله المتهم - ما دام مستفاداً بدلالة الاقتضاء بين تقريره واستدلاله. لما كان ذلك وكان من المقرر أن المحكمة غير مكلفة بالتحدث استقلالاً عن العلم بكنه المادة المخدرة طالما كان ما أوردته في حكمها من وقائع الدعوى وظروفها كافياً في الدلالة على أن المتهم كان يعلم بأن ما يحوزه من المواد المخدرة، وكان البين من مدونات الحكم أن ما أورده - سواء في معرض تحصيله لواقعة الدعوى أو رده على دفاع المتهم بانتفاء هذا العلم - كافياً في الرد على دفاع المتهم في هذا الخصوص وسائغاً في الدلالة على توافر ذلك العلم في حقه. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لطلب المتهم إعفاءه من العقاب وأطرحه في قوله: "بأن القانون لم يرتب الإعفاء بعد علم السلطات بالجريمة إلا بالنسبة للجاني الذي يسهم بإبلاغه إسهاماً إيجابياً ومنتجاً وجدياً في معاونة للسلطات للتوصل إلى باقي الجناة من تجار المخدرات أو الكشف عن الجرائم الخطيرة المنصوص عليها في المواد 33، 34، 35 من القانون المطبق باعتبار أن هذا الإعفاء نوع من أنواع المكافأة منحها الشارع لكل من يؤدي خدمة للعدالة، فإذا لم يكن للتبليغ فائدة بأن كان غير جدي ومرسلاً وعقيم فلا يستحق صاحبه الإعفاء، لما كان ذلك، وكانت المحكمة قد انتهت إلى أن قول المتهم بأن آخر سلمه الحقيبة التي تحوي المخدر إنما كان قولاً مرسلاً لم يوصل إلى دليل قبل هذا الشخص بل أنه لم يذكر أية معلومات أو أوصاف تؤدي إلى معرفته والوصول إليه وبالتالي لم يؤد إلى تمكين السلطات من ضبطه ولم يتعد هذا القول من المتهم سوى مجرد إدعاء عار من الجدية وغير منتج، وبالتالي فلم يسهم في كشف الجرائم التي نص عليها القانون أو في الوصول إلى باقي الجناة، فإن هذا الإبلاغ لا يتحقق به موجب الإعفاء من العقاب". وإذ كان ما أورده الحكم فيما سلف بيانه - صحيحاً في القانون سائغاً في العقل والمنطق، فإن ما أثاره المتهم في شأن ذلك يكون غير قويم. لما كان ذلك، وكان عدم تحريز الحقيبة الخاصة بالمتهم والتي ضبط بها ثمار جوز الهند التي ضبط بها مخدر الحشيش وبذوره لا يؤدي في الاستدلال السليم إلى النيل من الأدلة التي ساقتها المحكمة على إدانة المتهم، ذلك أن وجود المخدر مخبأ داخل ثمار جوز الهند بعد تفريغها لا يلزم عنه بالضرورة تخلف آثار منه بهذه الحقيقة. لما كان ذلك، وكانت المادة 124 من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أنه "في غير حالة التلبس وحالة السرعة بسبب الخوف من ضياع الأدلة، لا يجوز للمحقق في الجنايات أن يستوجب المتهم أو يواجهه بغيره من المتهمين أو الشهود إلا بعد دعوة محاميه للحضور إن وجد، وعلى المتهم أن يعلن اسم محاميه بتقرير يكتب في قلم كتاب المحكمة إلى مأمور السجن كما يجوز لمحاميه أن يتولى هذا الإقرار أو الإعلان". وكان مفاد هذا النص أن المشرع استن ضمانة خاصة لكل متهم في جناية هي وجوب دعوة محاميه إن وجد لحضور الاستجواب أو المواجهة، إلا أن هذا الالتزام مشروط بأن يكون المتهم قد أعلن اسم محاميه بالطريق الذي رسمه القانون وهو التقرير في قلم كتاب المحكمة أو أمام مأمور السجن. لما كان ذلك، وكان المتهم لا يدعي أنه أعلن اسم محاميه سواء للمحقق أو في محضر الاستجواب أو قبل استجوابه بتقرير في قلم الكتاب أو أمام مأمور السجن - وخلت المفردات مما يفيد قيامه بهذا الإجراء، فإن استجوابه في تحقيق النيابة يكون قد تم صحيحاً، ولا يغير من ذلك أن يكون وكيل النيابة المحقق قد أغفل سؤال المتهم عما إذا كان معه محامياً للدفاع عنه من عدمه، ذلك بأن نص المادة 124 من قانون الإجراءات الجنائية قد جاء صريحاً في رسم الطريق الذي يتعين على المتهم أن يسلكه في إعلان اسم محاميه إن شاء أن يستفيد مما أورده هذا النص، وهو الإجراء الذي لم يقم به المتهم على ما تقدم ذكره. ولما كان من المقرر أن الخطأ في رقم مادة العقاب المطبقة لا يترتب عليه بطلان الحكم ما دام قد وصف الفعل وبين واقعة الدعوى موضوع الإدانة بياناً كافياً وقضى بعقوبة لا تخرج عن حدود المادة الواجب تطبيقها وكانت الواقعة على الصورة التي اعتنقها الحكم تشكل الجناية المعاقب عليها بالمادة 33 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989، وكانت العقوبة التي أنزلها الحكم على المتهم تدخل في نطاق عقوبة هذه المادة، فإن خطأ الحكم بذكر مادة العقاب بأنها المادة 32 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 بدلاً من المادة 33 من ذات القانون لا يعيبه، وحسب محكمة النقض أن تصحح الخطأ الذي وقع فيه الحكم وذلك باستبدال المادة 33 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالمادة 32 من ذات القانون، عملاً بنص المادة 40 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959. لما كان ما تقدم، وكان يبين إعمالاً لنص المادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض سالف الذكر أن الحكم المطروح قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان المحكوم عليه بالإعدام بها، وساق عليها أدلة سائغة مردودة إلى أصلها في الأوراق ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها، وقد صدر الحكم بالإعدام بإجماع آراء أعضاء المحكمة، وبعد استطلاع رأي مفتي الجمهورية قبل إصدار الحكم وفقاً للمادة 381/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية. كما جاء الحكم خلواً من مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو تأويله، وقد صدر من محكمة مشكلة وفق القانون ولها ولاية الفصل في الدعوى، ولم يصدر بعده قانون يسري على واقعة الدعوى يغير ما انتهى إليه هذا الحكم، ومن ثم يتعين قبول عرض النيابة وإقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه.

ـــــــــــ
(1) يراجع حكم الهيئة العامة للمواد الجنائية في الطعن رقم 21609 لسنة 62 القضائية "هيئة عامة" بجلسة 10 من ديسمبر سنة 1995 في شأن مفهوم الجلب والمنشور بالسنة 41 جنائي - ص 5 وما بعدها.

الطعن 6716 لسنة 63 ق جلسة 2 / 5 / 1995 مكتب فني 46 ق 120 ص 797

جلسة 2 من مايو سنة 1995

برئاسة السيد المستشار/ محمد نبيل رياض نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ جابر عبد التواب وأمين عبد العليم وفتحي حجاب نواب رئيس المحكمة وأحمد عبد القوي أيوب.

----------------

(120)
الطعن رقم 6716 لسنة 63 القضائية

إجراءات "إجراءات المحاكمة". ارتباط. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". حكم "بطلانه". دعوى جنائية "نظرها والحكم فيها". عقوبة "العقوبة المبررة". نقض "حالات الطعن. الخطأ في تطبيق القانون".
عدم جواز معاقبة المتهم عن واقعة غير التي وردت بأمر الإحالة أو طلب التكليف بالحضور. المادة 307 إجراءات؟
تغيير المحكمة التهمة بإسناد أفعال للمتهمة غير التي رفعت بها الدعوى. غير جائز.
إدانة الحكم الطاعنة بتهمة إحداث إصابات أفضت إلى الموت التي لم يسند إليها ارتكابها خطأ في القانون وإخلال بحق الدفاع. لا ينال منه معاقبتها بعقوبة تدخل في نطاق العقوبة المقررة لجريمة الاشتراك في إجهاض حبلى عمداً. عملاً بالمادة 32 عقوبات. أساس ذلك؟

-------------------
من المقرر طبقاً لنص المادة 307 من قانون الإجراءات الجنائية أنه لا تجوز معاقبة المتهمة بواقعة غير التي وردت بأمر الإحالة أو طلب التكليف بالحضور، وكان لا يجوز للمحكمة أن تغير في التهمة بأن تسند إلى المتهمة أفعالاً غير التي رفعت بها الدعوى عليها. لما كان ذلك، وكان الثابت بالأوراق أن واقعة إحداث إصابات المجني عليها التي أفضت إلى موتها لم يسند إلى الطاعنة ارتكابها، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ دانها عنها يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وأخل بحق الطاعنة في الدفاع مما يبطله ولا يغير من ذلك أن يكون الحكم قد أعمل نص المادة 32 من قانون العقوبات - وإن لم يشر إليها - وأوقع على الطاعنة عقوبة واحدة مما يدخل في نطاق العقوبة المقررة لجريمة الاشتراك في إجهاض حبلى عمداً ذلك أن الارتباط الذي يترتب عليه تطبيق المادة 32 من قانون العقوبات إنما يكون في حالة اتصال المحكمة بكل الجرائم المرتبطة وأن تكون مطروحة أمامها في وقت واحد، وهو ما لم يتحقق في صورة الدعوى الراهنة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنة وأخرى سبق الحكم عليها بأنها اشتركت مع المتهمة الأولى بطريقي الاتفاق والمساعدة في ارتكاب جريمة إسقاط حبلى عمداً بأن اتفقت معها على ذلك وساعدتها مع علمها بصفتها كطبيبة بأن أعدت لها مكان الجريمة لقيامها بإجهاض المجني عليها سالفة البيان فتمت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة وأحالتها إلى محكمة جنايات القاهرة لمعاقبتها طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 40 /2 - ، 41، 236/ 1، 261، 263 من قانون العقوبات مع تطبيق المادة 17 من ذات القانون بمعاقبتها بالحبس مع الشغل لمدة ثلاث سنوات.
فطعنت المحكوم عليها في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

من حيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانها بجريمتي الاشتراك مع أخرى في إسقاط حبلى عمداً والضرب المميت قد أخطأ في تطبيق القانون وانطوى على إخلال بحق الدفاع ذلك بأن الطاعنة أحيلت إلى محكمة الجنايات لمحاكمتها عن تهمة إسقاط حبلى عمداً ولكن الحكم انتهى إلى إدانتها عن تلك الجناية وجناية الضرب المفضي إلى الموت التي كانت موجهة إلى المحكوم عليها الأخرى دون أن تلفت المحكمة نظر الدفاع عن الطاعنة إلى هذا التعديل الذي تضمن عناصر جديدة لم ترد في أمر الإحالة مما يعيبه بما يستوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على المفردات المضمومة أن أمر الإحالة المقدم من النيابة العامة قد تضمن إقامة الدعوى الجنائية ضد متهمتين - جاء ترتيب الطاعنة الثانية - أسندت فيه إلى المتهمة الأولى - السابق الحكم عليها - تهمتين الأولى إسقاط المجني عليها الحبلى عمداً والثانية إحداث جروح بتلك المجني عليها أفضت إلى موتها، وأسندت إلى المتهمة الثانية (الطاعنة) تهمة الاشتراك مع المتهمة الأولى في ارتكاب الجريمة موضوع الاتهام الأول - إسقاط المجني عليها - وقد جرت محاكمة الطاعنة على هذا الأساس، وقضت محكمة الجنايات بحكمها المطعون فيه الذي يبين من الاطلاع عليه أنه أشار في ديباجته إلى أن التهمة الموجهة إليها هي فقط الاشتراك مع المتهمة الأولى في إسقاط المجني عليها ثم انتهى الحكم إلى إدانتها عن هذه الجريمة وعن جريمة إحداث إصابات المجني عليها التي أفضت إلى موتها، وأعمل في حقها المادتين 17، 32 من قانون العقوبات، وإن كان قد أغفل الإشارة إلى المادة الأخيرة - لما كان ذلك، وكان من المقرر طبقاً لنص المادة 307 من قانون الإجراءات الجنائية أنه لا تجوز معاقبة المتهمة بواقعة غير التي وردت بأمر الإحالة أو طلب التكليف بالحضور، وكان لا يجوز للمحكمة أن تغير في التهمة بأن تسند إلى المتهمة أفعالاً غير التي رفعت بها الدعوى عليها. لما كان ذلك، وكان الثابت بالأوراق أن واقعة إحداث إصابات المجني عليها التي أفضت إلى موتها لم تسند إلى الطاعنة ارتكابها، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ دانها عنها يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وأخل بحق الطاعنة في الدفاع مما يبطله ولا يغير من ذلك أن يكون الحكم قد أعمل نص المادة 32 من قانون العقوبات - وإن لم يشر إليها - وأوقع على الطاعنة عقوبة واحدة مما يدخل في نطاق العقوبة المقررة لجريمة الاشتراك في إجهاض حبلى عمداً ذلك أن الارتباط الذي يترتب عليه تطبيق المادة 32 من قانون العقوبات إنما يكون في حالة اتصال المحكمة بكل الجرائم المرتبطة وأن تكون مطروحة أمامها في وقت واحد، وهو ما لم يتحقق في صورة الدعوى الراهنة لما كان ما تقدم فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بما يتعين معه نقضه والإحالة بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.

الطعن 30795 لسنة 59 ق جلسة 2 / 5 / 1995 مكتب فني 46 ق 119 ص 794

جلسة 2 من مايو سنة 1995

برئاسة السيد المستشار/ محمد نبيل رياض نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ جابر عبد التواب وأمين عبد العليم وفتحي حجاب نواب رئيس المحكمة ويوسف عبد السلام.

-----------------

(119)
الطعن رقم 30795 لسنة 59 القضائية

(1) نقض "أسباب الطعن. تقديمها".
التقرير بالطعن في الميعاد. دون تقديم الأسباب. أثره: عدم قبول الطعن شكلاً.
(2) عقوبة "تطبيقها". نقض "حالات الطعن. الخطأ في القانون". محكمة النقض "سلطتها". دعارة.
عقوبة الإيداع. وجوبية في حالة العود. المادة 9 من القانون 10 لسنة 1961.
قضاء الحكم المطعون فيه بإلغاء عقوبة الإيداع التي قضى بها الحكم المستأنف رغم أن المطعون ضدها. عائد. خطأ يوجب النقض والتصحيح.

----------------
1 - لما كانت الطاعنة وإن قررت بالطعن بالنقض في الميعاد بيد أنها لم تودع أسباباً لطعنها حتى انقضاء الميعاد المحدد في المادة 34 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 ومن ثم يتعين التقرير بعدم قبول الطعن المقدم منها شكلاً.
2 - لما كانت عقوبة الإيداع وجوبية في حالة العود طبقاً لنص المادة التاسعة من القانون 10 لسنة 1961 وكان الحكم المطعون فيه قد ألغى عقوبة الإيداع التي قضى بها الحكم المستأنف فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون فيما قضى به من إلغاء عقوبة الإيداع المقضى بها بالحكم المستأنف مما يتعين معه تصحيحه بإضافة عقوبة الإيداع التي قضى بها الحكم المستأنف وألغيت بالحكم المطعون فيه وذلك عملاً بالمادة 39 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلاً من 1 - .... مطعون ضدها و2 - .... طاعنة بأنهما اعتادتا ممارسة الدعارة مع الرجال دون تمييز لقاء أجر حالة كون المتهمة الأولى عائدة وسبق الحكم عليها في جنحة مماثلة وطلبت عقابهما بالمادتين 9 - ج، 15 من القانون رقم 10 لسنة 1961 والمادتين 49/ 2 - 4، 50 من قانون العقوبات. ومحكمة الآداب قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام بحبس كل من المتهمتين ثلاث سنوات مع الشغل والنفاذ والمراقبة والإيداع لكل منهما. استأنفتا ومحكمة شمال القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف بالاكتفاء بحبس كل متهمة سنة مع الشغل والنفاذ والمراقبة لمدة مساوية لمدة العقوبة.
فطعنت المحكوم عليها الثانية والنيابة العامة ضد المحكوم عليها الأولى في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

أولاً: عن الطعن المقدم من الطاعنة....
من حيث إن الطاعنة وإن قررت بالطعن بالنقض في الميعاد بيد أنها لم تودع أسباباً لطعنها حتى انقضاء الميعاد المحدد في المادة 34 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 ومن ثم يتعين التقرير بعدم قبول الطعن المقدم منها شكلاً.


ثانياً: بالنسبة للطعن المقدم من النيابة العامة:
حيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دان المطعون ضدها.... بجريمة الاعتياد على ممارسة الدعارة حال كونها عائدة قد شابه الخطأ في تطبيق القانون إذ أنه أغفل القضاء بعقوبة الإيداع المنصوص عليها في المادة 9/ ج من القانون 10 لسنة 1961 مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الثابت بالأوراق أن الدعوى الجنائية أقيمت على المطعون ضدها بتهمة الاعتياد على ممارسة الدعارة مع الرجال بدون تمييز ولقاء أجر حال كونها عائدة وسبق الحكم عليها في جنحة مماثلة ومحكمة أول درجة قضت حضورياً بحبسها لمدة ثلاث سنوات مع الشغل والنفاذ والمراقبة والإيداع وإذا استأنفت المطعون ضدها فقضت محكمة ثاني درجة بحكمها المطعون فيه بتعديل الحكم المستأنف والاكتفاء بحبس المتهمة لمدة سنة مع الشغل والمراقبة لمدة مساوية لمدة العقوبة.
لما كان ذلك وكانت عقوبة الإيداع وجوبية في حالة العود طبقاً لنص المادة التاسعة من القانون 10 لسنة 1961 وكان الحكم المطعون فيه قد ألغى عقوبة الإيداع التي قضى بها الحكم المستأنف فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون فيما قضى به من إلغاء عقوبة الإيداع المقضي بها بالحكم المستأنف مما يتعين معه تصحيحه بإضافة عقوبة الإيداع التي قضى بها الحكم المستأنف وألغيت بالحكم المطعون فيه وذلك عملاً بالمادة 39 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959.

الأحد، 1 أبريل 2018

الطلبات 56 لسنة 48 ق و39 و51 لسنة 49 ق جلسة 30/ 12 /1980 مكتب فني 31 ج 1 رجال قضاء ق 15 ص 60

جلسة 30 من ديسمبر سنة 1980

برئاسة السيد المستشار محمد محمود الباجوري نائب رئيس المحكمة؛ وعضوية السادة المستشارين: مصطفى قرطام، وجلال الدين أنسى، أحمد كمال سالم، وهاشم قراعة.

-----------------

(15)
الطلبات أرقام 56 لسنة 48 و39 و51 لسنة 49 القضائية

(1) رجال القضاء. "مرض القاضي".
1 - إصابة القاضي بأحد الأمراض الواردة في المادة الأولى من القانون رقم 112 لسنة 1963. وجوب منحه أجازة مرضية استثنائية بمرتب كامل إلى أن يشفى أو تستقر حالته المرضية. استقراراً يمكنه من العودة إلى مباشرة أعمال وظيفته. إنهاء خدمته في أثناء الأجازة. غير جائز أثر ذلك.
(2) رجال القضاء. ترقية.
2 - تخطي الطالب في الترقية دون إخطاره. أثره. وجوب إلغاء القرار المطعون فيه واستعادة الجهة الإدارية سلطتها في تقدير أهليته.

---------------
1 - مفاد المادة 90 من قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972، والمادة الأولى من القانون رقم 112 لسنة 1963 وجوب منح القاضي الذي يصاب بأحد الأمراض المذكورة في المادة الأخيرة إجازة مرضية استثنائية بمرتب كامل إلى أن يشفى أو تستقر حالته المرضية استقراراً يمكنه من العودة إلى مباشرة أعمال وظيفته، فلا يجوز إنهاء خدمته طالما بقى في هذه الأجازة أما ما تنص عليه المادة 91 من قانون السلطة القضائية من حق وزير العدل في طلب إحالة القاضي إلى المعاش إذا ظهر في أي وقت أنه لا يستطيع لأسباب صحية القيام بوظيفته على الوجه اللائق، فإنه لا مجال لإعماله ما بقى القاضي معاملاً بأحكام القانون رقم 112 لسنة 1963 السالف الذكر.
2 - مفاد المادة 79 من قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972 وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض أن المشرع قصد أن يوفر للقاضي الضمانات التي تكفل تقدير أهليته للترقي تقديراً مبرءاً من العيوب، وذلك بإخطار القاضي بسبب تخطيه وإعطائه حق التظلم وسماع أقواله واعتراضاته قبل تخطيه في الترقية. ولما كانت وزارة العدل لم تراع هذه الضمانات وتخطت الطالب في الترقية دون إخطاره، ولم تمكنه بذلك من استعمال حقه في التظلم، فإنها تكون قد خالفت القانون. ويتعين لذلك إلغاء القرار الجمهوري رقم 385 لسنة 1979 فيما تضمنه من تخطي الطالب في الترقية إلى وظيفة مستشار لما شابه من عيب شكلي، ولا يترتب على هذا الإلغاء بذاته أحقية الطالب في الترقية إلى الوظيفة المذكورة، وإنما تستعيد الجهة الإدارية سلطتها في تقدير أهلية الطالب للترقية في تاريخ صدور القرار الملغي، كما يوجب عليها اتباع الإجراءات التي نص عليها القانون إذا رأت وجهاً للتخطي.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الأوراق - تتحصل في أن الأستاذ.... تقدم بتاريخ 26/ 6/ 1978 بالطلب برقم 56 لسنة 48 "رجال القضاء" للحكم بإلغاء قرار وزير العدل برفض إسناد عمل مكتبي خفيف إليه بالقاهرة. وبتاريخ 10/ 10/ 1979 تقدم الطالب بالطلب رقم 39 لسنة 49 ق "رجال القضاء" للحكم بإلغاء القرار الجمهوري رقم 385 لسنة 1979 فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى وظيفة مستشار وبترقيته إلى تلك الوظيفة على أن تكون أقدميته سابقة على الأستاذ.... مع ما يترتب على ذلك من آثار، استناداً إلى أن وزارة العدل لم تخطره بالتخطي وأنه ليس ثمة ما يبرر تخطيه خاصة وقد سبق الحكم في الطلب رقم 194 لسنة 47 ق "رجال القضاء"، بإلغاء القرار الجمهوري رقم 429 لسنة 1977 فيما تضمنه من تخطي الطالب في الترقية إلى درجة رئيس محكمة من الفئة ( أ ) مع ما يترتب على ذلك من آثار وبتاريخ 15/ 11/ 1979 تقدم الطالب بالطلب رقم 51 لسنة 49 ق "رجال القضاء" وقال بياناً له أنه أحيل إلى المعاش بموجب القرار الجمهوري رقم 393 لسنة 1979 بعدم استطاعته لأسباب صحية القيام بوظيفته على الوجه اللائق. ولما كان هذا القرار قد صدر على خلاف أحكام القانون رقم 112 لسنة 1963 ومشوباً بإساءة استعمال السلطة فإنه يطلب الحكم بإلغائه وإعادته إلى العمل بالقضاء في عمل يتناسب مع ظروفه الصحية. وطلب الحاضر عن الحكومة الحكم برفض الطلبين الثاني والثالث، وأسس دفاعه فيهما على أنه ثبت لوزير العدل أن الطالب لا يستطيع القيام بعمله القضائي على الوجه اللائق بسبب حالته الصحية فطلب من المجلس الأعلى للهيئات القضائية إحالته إلى المعاش إعمالاً لحكم المادة 91 من قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972 فوافق المجلس على ذلك بتاريخ 19/ 8/ 1979 قبل أن يعرض عليه مشروع الحركة القضائية الصادرة بتاريخ 12/ 9/ 1979 بالقرار الجمهوري رقم 385 لسنة 1979 ثم صدر القرار الجمهوري بإحالة الطالب إلى المعاش بتاريخ 13/ 1/ 1972، وأبدت النيابة الرأي في الطلب الثاني بإلغاء القرار الجمهوري المطعون فيه فيما تضمنه من تخطي الطالب في الترقية إلى وظيفة مستشار. وفي الطلب الثالث بتكليف الحكومة بتقديم موافقة المجلس الأعلى للهيئات القضائية على إحالة الطالب إلى المعاش، وقررت المحكمة ضم الطلبين رقمي 56 لسنة 48 ق، 39 لسنة 49 ق إلى الطلب رقم 51 لسنة 49 ق "رجال القضاء" ليصدر فيهما حكم واحد. وقرر الطالب التنازل عن طلب التنازل عن الطلب الأول.
وحيث إن الطلبين رقمي 39 لسنة 49 ق، 51 لسنة 49 ق "رجال القضاء" استوفيا أوضاعهما الشكلية.
وحيث إنه لما كانت المادة 10 من قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972 بعد أن بينت في فقرتيها الأولى والثانية الإجازات المرضية التي يحصل عليها القضاة نصت في فقرتها الأخيرة على أنه: "وذلك كله مع عدم الإخلال بأحكام أي قانون أصلح" وكانت المادة الأولى من القانون رقم 112 لسنة 1963 بمنح موظفي وعمال الحكومة والهيئات والمؤسسات العامة المرضى بالدرن أو الجزام أو بمرض عقلي أو بأحد الأمراض المزمنة إجازات مرضية استثنائية بمرتب كامل تنص على أنه: "استثناء من أحكام الإجازات المرضية لموظفي الحكومة والهيئات والمؤسسات العامة وعمالها بمنح الموظف أو العامل المريض بالدرن أو الجزام أو بمرض عقلي أو بأحد الأمراض المزمنة التي يصدر بتحديدها قرار من وزير الصحة العمومية بناء على موافقة الإدارة العامة للقومسيونات الطبية إجازة استثنائية بمرتب كامل إلى أن يشفى أو تستقر حالته المرضية استقراراً يمكنه من العودة إلى مباشرة أعمال وظيفته، فإن مؤدى ذلك وجوب منح القاضي الذي يصاب بأحد الأمراض المذكورة إجازة مرضية استثنائية بمرتب كامل إلى أن يشفى أو تستقر حالته المرضية استقراراً يمكنه من العودة إلى مباشرة أعمال وظيفته فلا يجوز إنهاء خدمته طالما بقى في هذه الأجازة. أما ما تنص عليه المادة 91 من قانون السلطة القضائية من حق وزير العدل في طلب إحالة القاضي إلى المعاش إذا ظهر في أي وقت أنه لا يستطيع لأسباب صحية القيام بوظيفته على الوجه اللائق فإنه لا مجال لإعماله ما بقى القاضي معاملاً بأحكام القانون رقم 112 لسنة 1963 السالف الذكر.
لما كان ذلك وكان الثابت بالأوراق أن الطالب أصيب منذ 23/ 11/ 1968 بأحد أمراض الدم المصحوب بتضخم الطحال والكبد وقرر القومسيون الطبي العام بالقاهرة بقراراته الصادرة في 22/ 8/ 1969، 16/ 6/ 1970، 17/ 3/ 1979 بأن حالته ينطبق عليها القانون رقم 112 لسنة 1963 وقراري وزير الصحة المتعاقبين رقمي 126 لسنة 1963، 63 لسنة 1967. وأنه حصل على العديد من الأجازات بسبب إصابته بهذا المرض آخرها الأجازتان الممنوحتان له من القومسيون الطبي بوسط القاهرة بتاريخ 1/ 4/ 1979 في المدة من 20/ 2/ 1979 إلى 30/ 5/ 1979 وبتاريخ 5/ 8/ 1979 في المدة من 31/ 5/ 1979 إلى 4/ 10/ 1979 من إعادة الكشف عليه. مما يدل على أن حالته المرضية لم تكن قد استقرت بعد ولا يقدح في ذلك ما ورد بتقرير المجلس الطبي العام بالقاهرة بتاريخ 29/ 3/ 1979 من أن حالته تستدعي إسناد عمل مكتبي خفيف إليه بصفة دائمة، إذ لا تعدو هذه أن تكون توصية بإسناد هذا العمل إليه، ولا تنبئ باستقرار حالته المرضية كما أنه كان في أجازة مرضية بسبب إصابته بالمرض المذكور في تاريخ صدورها ورأت اللجنة الطبية المختصة ضرورة إعادة عرضه عليها منذ انتهاء إجازته الأخيرة في 4/ 10/ 1979. ولما كان قرار إحالة الطالب إلى المعاش بتاريخ 13/ 9/ 1979 لعدم استطاعته لأسباب صحية القيام بوظيفته على الوجه اللائق قد صدر قبل انقضاء أجازاته الممنوحة له بسبب إصابته بمرضه المنطبق على القانون رقم 112 لسنة 1963 فإنه يكون قد صدر بالمخالفة لأحكام هذا القانون.
وحيث إنه وقد قضت المحكمة بإلغاء القرار الجمهوري الصادر بإحالة الطالب إلى المعاش، فإنه يحتفظ بمركزه القانوني الذي كان له قبل صدور هذا القرار. ولما كانت وزارة العدل وهي بصدد أعداد الحركة القضائية التي صدر بها القرار الجمهوري رقم 385 لسنة 1979 بتاريخ 12/ 9/ 1979 قد استبعدت الطالب من مجال الترشيح للترقية إلى وظيفة مستشار التي حل دوره للترقية إليها وفق أقدميته. وكان قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1973 ينص في المادة 29 منه على أنه "يخطر وزير العدل من يقدر بدرجة متوسط أو أقل من المتوسط من رجال القضاء والنيابة العامة بدرجة كفايته، وذلك بمجرد انتهاء إدارة التفتيش المختصة من تقرير كفايته، ولمن أخطر الحق في التظلم من التقرير في ميعاد خمسة عشر يوماً من تاريخ الإخطار. كما يقدم وزير العدل - قبل عرض مشروع الحركة القضائية على اللجنة المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة السادسة من القانون رقم 82 لسنة 1969 بشأن المجلس الأعلى للهيئات القضائية - بثلاثين يوماً على الأقل بإخطار رجال القضاء والنيابة العامة الذين حل دورهم ولم تشملهم الحركة القضائية بسبب غير متصل بتقارير الكفاية التي فصل فيها وفقاً للمادة (81) أو فات ميعاد التظلم منها ويتعين الإخطار بأسباب التخطي ولمن أخطر الحق في التظلم في الميعاد المنصوص عليه في المادة السابقة..." وفي المادة 81 على أنه" تفصل اللجنة المذكورة التظلم بعد الاطلاع على الأوراق وسماع أقوال المتظلم وتصدر قرارها خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ إحالة الأوراق إليها وقبل إجراء الحركة القضائية" وفي المادة 82 على أنه" تعرض على المجلس الأعلى للهيئات القضائية - عند نظر مشروع الحركة القضائية - قرارات اللجنة المشار إليها الصادرة في التظلمات من التخطي للأسباب غير المتصلة بتقارير الكفاية المقدمة طبقاً لما هو مقرر في الفقرة الثانية من المادة 79 وذلك لإعادة النظر فيها "وكان المشرع قد قصد بذلك وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن يوفر للقاضي الضمانات التي تكفل تقدير أهليته للترقي تقديراً مبرءاً من العيوب، وذلك بإخطار القاضي بسبب تخطيه وإعطائه حق التظلم وسماع أقواله واعتراضاته قبل تخطيه في الترقية. وكانت وزارة العدل لم تراع هذه الضمانات وتخطت الطالب في الترقية دون إخطاره، ولم تمكنه بذلك من استعمال حقه في التظلم، فإنها تكون قد خالفت القانون. ويتعين لذلك إلغاء القرار الجمهوري رقم 385 لسنة 1979 فيما تضمنه من تخطي الطالب في الترقية إلى وظيفة مستشار لما شابه من عيب شكلي، ولا يترتب على هذا الإلغاء بذاته أحقية في الترقية إلى الوظيفة المذكورة، وإنما تستعيد به الجهة الإدارية سلطتها في تقدير أهلية الطالب للترقية في تاريخ صدور القرار الملغي، كما يوجب عليها اتباع الإجراءات التي ينص عليها القانون إذ رأت وجهاً للتخطي.