الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 21 فبراير 2018

الفتوى 197 لسنة 2015 جلسة 30 / 3 / 2015


إدارة الفتوى والتشريع بمجلس الدولة
رقم الملف  58/1/379
اطلعنا على كتاب السيد الأستاذ المستشار/ رئيس محكمة استئناف المنصورة المؤشر عليه من سيادتكم بتاريخ 22/12/2014 بالإحالة إلى الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع، والمتضمن طلب الإفادة بالرأي حول مدى خضوع رؤساء وأعضاء الجهات والهيئات القضائية لأحكام قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم (63) لعام 2014، ومدى شمول الحد الأقصى الذي حدده هذا القرار بقانون لبعض المبالغ التي يتم صرفها لهم حال خضوعهم لأحكامه.
وحاصل الوقائع - حسبما يبين من الأوراق - أنه بمناسبة البدء في تنفيذ قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم (63) لعام 2014 بشأن الحد الأقصى للدخول للعاملين بأجر لدى أجهزة الدولة فقد ثار التساؤل حول مدى خضوع أعضاء الجهات والهيئات القضائية لأحكام القرار بقانون المذكور، كما ثار التساؤل حول بعض المبالغ التي يتقاضاها هؤلاء الأعضاء من حيث اندراجها ضمن صافي الدخل الواجب عدم تجاوزه حال الخضوع للحد الأقصى مثل بدل الدواء، وبدل الانتقال، ومقابل التنازل عن الإجازة الصيفية، ومكافأة الإشراف على الانتخابات، وإزاء ذلك طلب الإفادة بالرأي.
وفي معرض استيفاء عناصر الموضوع، فقد تمت مخاطبة السيد الأستاذ المستشار/ رئيس محكمة النقض رئيس مجلس القضاء الأعلى بموجب كتاب السيد الأستاذ المستشار/ النائب الأول لرئيس مجلس الدولة رئيس الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع رقم (18) المؤرخ في 5/1/2015، لبيان ما إذا كان مشروع القانون المذكور قد عرض على مجلس القضاء الأعلى لأخذ رأيه فيه قبل إصداره عملا بحكم المادة (185) من الدستور النافذ، كما تمت مخاطبة السيد الأستاذ المستشار/ نائب رئيس مجلس الدولة رئيس قسم التشريع بمجلس الدولة لبيان ما إذا كان مشروع القانون ذاته قد عرض على قسم التشريع لمراجعته وصياغته قبل إصداره عملا بحكم المادة (190) من الدستور.
حيث ورد كتاب السيد الأستاذ المستشار رئيس محكمة النقض رئيس مجلس القضاء الأعلى رقم (6) المؤرخ في 12/1/2015 متضمنا أن القانون المذكور لم يعرض مشروعه على مجلس القضاء الأعلى قبل إصداره، كما ورد كتاب السيد الأستاذ المستشار/ نائب رئيس مجلس الدولة رئيس قسم التشريع رقم (6) المؤرخ في 5/1/2015 متضمنا عدم عرض مشروع القانون قبل إصداره على قسم التشريع.
ونفيد: أن الموضوع عرض على الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بجلستها المنعقدة في 18 من مارس عام 2015م، الموافق 27 من جمادى الأولى عام 1436هـ، فاستبان لها أن المادة (5) من دستور جمهورية مصر العربية تنص على أنه: "يقوم النظام السياسي على أساس التعددية السياسية والحزبية، والتداول السلمي للسلطة، والفصل بين السلطات والتوازن بينها ..."، وأن المادة (27) منه تنص على أن: "... ويلتزم النظام الاقتصادي اجتماعيا بضمان تكافؤ الفرص والتوزيع العادل لعوائد التنمية وتقليل الفوارق بين الدخول والالتزام بحد أدنى للأجور والمعاشات يضمن الحياة الكريمة وبحد أقصى في أجهزة الدولة لكل من يعمل بأجر، وفقا للقانون"، وأن المادة (94) منه تنص: "سيادة القانون أساس الحكم في الدولة. وتخضع الدولة للقانون، واستقلال القضاء، وحصانته، وحيدته، ضمانات أساسية لحماية الحقوق والحريات"، وأن المادة (139) منه تنص على أن: "رئيس الجمهورية هو رئيس الدولة، ورئيس السلطة التنفيذية ..."، وأن المادة (170) منه تنص على أن: "يصدر رئيس مجلس الوزراء اللوائح اللازمة لتنفيذ القوانين بما ليس فيه تعطيل أو تعديل أو إعفاء من تنفيذها، وله أن يفوض غيره في إصدارها، إلا إذا حدد القانون من يصدر اللوائح اللازمة لتنفيذه"، وأن المادة (184) تنص على أن: "السلطة القضائية مستقلة، تتولاها المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها، وتصدر أحكامها وفقا للقانون، ويبين القانون صلاحياتها، والتدخل في شئون العدالة أو القضايا، جريمة لا تسقط بالتقادم"، وأن المادة (185) منه تنص على أن: "تقوم كل جهة أو هيئة قضائية على شئونها ..... ويؤخذ رأيها في مشروعات القوانين المنظمة لشئونها"، وأن المادة (186) تنص على أن: "القضاة مستقلون غير قابلين للعزل، لا سلطان عليهم في عملهم لغير القانون ...."، وأن المادة (189) تنص على أن: "النيابة العامة جزء لا يتجزأ من القضاء ..."، وأن المادة (190) تنص على أن: "مجلس الدولة جهة قضائية مستقلة ...، ويتولى وحده ...، ومراجعة وصياغة مشروعات القوانين والقرارات ذات الصفة التشريعية ..."، وأن المادة (195) تنص على أن: "تنشر في الجريدة الرسمية الأحكام والقرارات الصادرة من المحكمة الدستورية العليا، وهي ملزمة للكافة وجميع سلطات الدولة ..."، وأن المادة (227) تنص على أن: "يشكل الدستور بديباجته وجميع نصوصه نسيجا مترابطا، وكلا لا يتجزأ، وتتكامل أحكامه في وحدة عضوية متماسكة"، كما تبين لها أن المادة (66) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم (47) لسنة 1972 تنص على أن: "تختص الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بإبداء الرأي مسببا في المسائل والموضوعات الآتية:
(أ) المسائل الدولية والدستورية والتشريعية وغيرها من المسائل القانونية التي تحال إليها بسبب أهميتها من رئيس الجمهورية أو من رئيس الهيئة التشريعية أو من رئيس مجلس الوزراء أو من أحد الوزراء أو من رئيس مجلس الدولة ..."، وأن المادة الأولى من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم (63) لعام 2014 بشأن الحد الأقصى للدخول للعاملين بأجر لدى أجهزة الدولة تنص على أن: "لا يجوز أن يزيد على خمسة وثلاثين مثل الحد الأدنى وبما لا يجاوز اثنين وأربعين ألف جنيه شهريا صافي الدخل الذي يتقاضاه من أموال الدولة أو من أموال الهيئات والشركات التابعة لها أو الشركات التي تساهم هذه الجهات في رأسمالها أي شخص من العاملين بالجهاز الإداري للدولة ووحدات الإدارة المحلية والأجهزة التي لها موازنات خاصة بها والهيئات العامة والقومية الاقتصادية والخدمية وغيرها من الأشخاص الاعتبارية العامة والعاملين الذين تنظم شئون توظفهم قوانين أو كادرات خاصة وذلك سواء كان العامل شاغلا لوظيفة دائمة أو مؤقتة أو مستشارا أو خبيرا وطنيا أو بأي صفة أخرى، وسواء كان ما يتقاضاه من جهة عمله الأصلي أو من أية جهة أخرى بصفة مرتب أو أجر أو مكافأة لأي سبب كان أو حافز أو أجر إضافي أو جهود غير عادية أو بدل أو مقابل حضور جلسات مجالس إدارة أو لجان، ولا يسري ذلك على المبالغ التي تصرف مقابل نفقات فعلية مؤداة في صورة بدل سفر أو مصاريف انتقال أو إقامة متى كان صرفها في حدود القواعد والنظم المعمول بها
ولا يسري الحد الأقصى المشار إليه بالفقرة الأولى على العاملين بهيئات التمثيل الدبلوماسي والقنصلي والتجاري وغيرهم ممن يمثلون جمهورية مصر العربية أثناء مدة عملهم في الخارج".
وأن المادة الثالثة منه تنص على أن: "يصدر رئيس مجلس الوزراء القواعد اللازمة لتنفيذ أحكام هذا القرار بقانون خلال خمسة عشر يوما من تاريخ العمل به".
وتبين لها أن المادة الأولى من قرار رئيس مجلس الوزراء رقم (1265) لعام 2014 بالقواعد التنفيذية لأحكام القرار بقانون رقم (63) لعام 2014 تنص على أن: "يتحدد صافي الدخل الشهري المنصوص عليه في القرار بقانون رقم (63) لسنة 2014 بمجموع ما يتقاضاه العامل خلال العام الميلادي مقسوما على اثني عشر شهرا. ويدخل في مفهوم صافي الدخل ما يتقاضاه أي شخص من العاملين في إحدى الجهات المنصوص عليها في المادة الثانية من هذا القرار من أموال الدولة أو الهيئات والشركات التابعة لها أو الشركات التي تساهم هذه الجهات في رأسمالها تحت مسمى أجر أو مرتب أو مكافأة أو حافز أو أجر إضافي أو جهود غير عادية أو بدل أو مقابل حضور جلسات مجالس إدارة أو لجان سواء في جهة عمله الأصلي أو في أية جهة أخرى. ولا يسري حكم الفقرتين السابقتين على بدلات السفر ومصاريف الانتقال والإقامة المقررة لمهام محددة متى كان صرفها في حدود القواعد والنظم المعمول بها"، وأن المادة الثانية من القرار ذاته تنص على أن: "تسري أحكام القرار بقانون رقم (63) لسنة 2014 المشار إليه على الفئات الآتية:- ... العاملين الذين تنظم شئون توظفهم قوانين أو كادرات خاصة ويشمل ذلك: أعضاء ورجال الجهات والهيئات القضائية ...".
واستظهرت الجمعية العمومية مما تقدم أن الاختصاص الإفتائي المعهود به إليها بموجب حكم المادة (66) من قانون مجلس الدولة، هو اختصاص ولائي بموجبه استوت الجمعية العمومية على قمة أجهزة الفتيا، فهي أعلى جهة إفتاء قانوني بجمهورية مصر العربية، وتتمتع بموجب اختصاصها وبحكم تشكيلها العالي وما يرتبط به من أمانات بسلطات استظهار وجه الرأي وصائب حكم القانون فيما يعرض عليها من مسائل تشكل على جهة الإدارة، فالفتوى التي تصدر عن الجمعية العمومية بنظرها المستقل تتضمن بيانا لحكم القانون وتكشف عن مقاصده ومعانيه بعد الفحص والتأمل من ذوي الخبرة والتخصص في مجال الإفتاء والقضاء، والحاصل أن الفتوى تستمد الإلزام بتطبيقها من واجب الالتزام بالقانون ذاته فالأمر في تقدير دلالة الأحكام إنما تتناوله الجهات المختصة والمتخصصة والتي ناط بها النظام القانوني للدولة بيان وجه الصواب في هذا المجال، ولذلك - وقد تبين القامة العالية للجمعية العمومية وقيمة الرأي الصادر عنها - كان من اللازم أن يرد الطلب إليها ممن حددهم نص المادة (66) من قانون مجلس الدولة على سبيل الحصر، ولا يكتفي بذلك وإنما لابد وأن يكون من وجه الطلب يمثل جهة قادرة على تنفيذ ما تنتهي إليه الجمعية العمومية صاحبة اختصاص بشأنه، ففتوى الجمعية العمومية ليست بحثا نظريا.
وحيث إنه هديا بما تقدم وكان الثابت بالأوراق أن طلب الرأي الماثل ورد إلى مكتب السيد الأستاذ المستشار الدكتور رئيس مجلس الدولة من السيد الأستاذ المستشار رئيس محكمة استئناف المنصورة كما ورد إلى مكتب سيادته كتاب السيد الأستاذ المستشار رئيس محكمة النقض رئيس مجلس القضاء الأعلى ردا على كتاب السيد الأستاذ المستشار النائب الأول لرئيس مجلس الدولة رئيس الجمعية العمومية بعد أن أحيط سيادته علما بالطلب الماثل، وكان السيد الأستاذ المستشار رئيس محكمة النقض رئيس مجلس القضاء الأعلى هو الذي يمثل مجلس القضاء الأعلى القائم - طبقا لحكم المادة (185) من الدستور وطبقا لأحكام قانون السلطة القضائية الصادر بالقانون رقم (46) لسنة 1972 - على شئون جهة القضاء العادي، لذا فإن بحث الجمعية العمومية للطلب الماثل سيقتصر فقط على مدى خضوع القضاة وأعضاء النيابة العامة - التي تعد جزءا لا يتجزأ من القضاء طبقا لحكم المادة (189) من الدستور - لقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم (63) لعام 2014 المشار إليه، وتحديد المبالغ التي تندرج في مفهوم صافي الدخل في حالة الخضوع للحد الأقصى دون أن يتعدى البحث لباقي الجهات والهيئات القضائية، والتي لا يملك السيد الأستاذ المستشار رئيس محكمة النقض رئيس مجلس القضاء الأعلى إنفاذ رأي الجمعية العمومية بالنسبة لها.
وحيث إن المنوط به إنفاذ الفتوى في خصوص القضاة وأعضاء النيابة العامة - على نحو ما تقدم - هو السيد الأستاذ المستشار رئيس محكمة النقض رئيس مجلس القضاء الأعلى، وهو الأمر الذي قدرت معه الجمعية العمومية - في خصوصية الموضوع المعروض - توجيه أصل التبليغ الماثل إلى السيد الأستاذ المستشار/ رئيس محكمة النقض رئيس مجلس القضاء الأعلى حتى يتسنى لسيادته وضعه موضع التنفيذ إعمالا لسلطته.
واستظهرت الجمعية العمومية أيضا أن الدستور هو القانون الأساسي الأسمى الذي يرسي القواعد والأصول التي يقوم عليها نظام الدولة، ويقرر الحريات والحقوق العامة، ويرتب الضمانات الأساسية لحمايتها، ويحدد لكل سلطة من السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية وظائفها وصلاحياتها ويضع الحدود والقيود الضابطة لنشاط كل منها بما يحول دون تدخل أي منها في أعمال السلطة الأخرى أو مزاحمتها في ممارسة اختصاصاتها، وقد اختص الدستور السلطة التشريعية في المادة (101) منه بسلطة التشريع، وإقرار السياسة العامة للدولة، والخطة العامة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية والموازنة العامة للدولة والرقابة على أعمال السلطة التنفيذية، واختص في المادة (167) منه الحكومة - وهي الذراع الثاني بعد رئيس الجمهورية من أذرع السلطة التنفيذية - بسلطة تنفيذ القانون كأحد أهم اختصاصاتها، وعرفها في المادة (263) منه بأنها الهيئة التنفيذية والإدارية العليا للدولة.
وعهد الدستور إلى السلطة القضائية الفصل في المنازعات والخصومات تبعا لاختصاصها، فنص في المادة (184) على أن السلطة القضائية مستقلة وتتولاها المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها، واختص القضاء العادي في المادة (188) بالفصل في كافة المنازعات والجرائم عدا ما تختص به جهة قضائية أخرى.
وعد الدستور في المادة (94) منه استقلال القضاء أحد الضمانات الأساسية لحماية الحقوق والحريات فاستقلال القضاء كسلطة أمر لازم لضمان الخضوع للقانون وهو ما أكده في المادة (184) على نحو ما تقدم ولم يكتف الدستور باستقلال السلطة القضائية ذاتها، وإنما نص في المادة (186) على أن القضاة هم أيضا مستقلون، فالقضاء والقضاة سلطة وولاية يتمتعان بالاستقلال، وبذلك تختلف السلطة القضائية عن السلطة التنفيذية المسئولة عن تنفيذ القانون بالقوة المشروعة، فاختصاص السلطة التنفيذية يقوم على إعمال القوانين وإحكام تنفيذها، في حين أن السلطة القضائية تفصل في المنازعات بالقانون ولا تسأل عن تنفيذه ماديا، فوظيفتها موضوعية.
واستقلال السلطة القضائية يعني أن تعمل بعيدا عن أشكال التأثير الخارجي التي توهن من عزائم أعضائها فيميلون معها عن الحق إغواء أو إرغاما، ترغيبا أو ترهيبا، وهذا الاستقلال لازم لضمان موضوعية الخضوع للقانون ولحصول من يلوذون بالسلطة القضائية على الترضية القضائية التي يطلبونها عند وقوع عدوان على حقوقهم أو حرياتهم.
وفي ضوء استقلال السلطات الثلاث عضويا وموضوعيا يجب فهم ما نصت عليه المادة (27) من الدستور من التزام النظام الاقتصادي للدولة بوضع حد أقصى للأجور في أجهزة الدولة لكل من يعمل بأجر لدى هذه الأجهزة، فعبارة أجهزة الدولة تختلف - في مبناها على الأقل - عن عبارة سلطات الدولة، وتحتاج إلى تأمل فيما إذا كانا يحملان المعنى ذاته أم يحملان معنيين مختلفين، وهو الأمر الذي يتعين معه اللجوء لتفسير هذه العبارة لتحديد مدلولها وحدود تطبيقها، حيث إن من المستقر عليه في إفتاء الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع أنه لا يلجأ إلى تفسير النص إلا في حالة غموضه واحتماله أكثر من وجه لفهمه، فإذا وجد وجهان لفهم النص أحدهما: يجعل النص مشوبا بالتناقض ويؤدي إلى إبطال حكمه، وثانيهما: يحمل النص على الصحة ويؤدي إلى إعماله تعين الالتزام بالمعنى الذي يحمل النص على الصحة وإعمال مقتضاه ما دامت عبارته تحتمل هذا الفهم، ذلك أن النصوص لا تفهم معزولا بعضها عن بعض، إنما تأتي دلالة أي منها في ضوء دلالة النصوص الأخرى في اتصال مفاده بما تفيده الأخريات من معان شاملة.
وهديا بما تقدم، ولما كانت كلمة (أجهزة) هي جمع كلمة (جهاز) والكلمة الأخيرة مشتقة لغة من الفعل (جهز) أي (أعد وهيأ) وهو ما يرتبط دوما بالفعل المادي، ومنه ما عبر عنه رب العباد في محكم التنزيل: "ولما جهزهم بجهازهم" الآيتان (59، 70) من سورة يوسف، وقد وردت عبارة (أجهزة الدولة) في معجم المعاني الجامع بمعنى (دواليب الدولة أي مكاتبها ومصالحها)، وبالطبع فإن دواليب أو مكاتب ومصالح الدولة لا تعني سوى السلطة التنفيذية المسئولة عن تنفيذ القانون وفرضه على أرض الواقع، ولا تنصرف إلى السلطة القضائية التي تفصل في المنازعات بالقانون ولا تنفذه ماديا.
هذا من ناحية اللغة، ومن ناحية الاصطلاح، فقد وردت عبارة (أجهزة الدولة) لأول مرة في النظام الدستوري المصري في دستور عام 2012 - قبل تعديله - في المواد (14، 55، 186)، أما المادة (14) من دستور عام 2012 فقد تضمنت النص على أن: "... ويجب ربط الأجر بالإنتاج ...، وضمان حد أدنى للأجور ....، وحد أقصى في أجهزة الدولة لا يستثني منه إلا بناء على قانون"، وتضمنت الفقرة الأخيرة من المادة (55) من الدستور ذاته النص على أن: "وتكفل الدولة سلامة الاستفتاءات والانتخابات وحيدتها ونزاهتها. وتدخل أجهزتها بالتأثير في شيء من ذلك جريمة يعاقب عليها القانون"، ونصت المادة (186) من الدستور ذاته على أن: "ينظم القانون تعاون الوحدات المحلية في الأعمال ذات النفع المشترك، ووسائل التعاون بينها وبين أجهزة الدولة".
وحيث إن من المستقر عليه إنه متى أورد المشرع الدستوري مصطلحا معينا في نص ما للدلالة على معنى معين، وجب صرفه إلى هذا المعنى في كل نص آخر يردد المصطلح ذاته، ومن صياغة النصوص الثلاثة يظهر بجلاء أن مقصود المشرع الدستوري من عبارة أجهزة الدولة هي السلطة التنفيذية، لأنه لا يعقل أن يكون مقصود المشرع الدستوري أن السلطة القضائية المختصة حالما تقضي في المنازعات المتعلقة بالانتخابات بما يؤدي في بعض الأحوال لبطلانها برمتها يعد ذلك منها تدخلا مؤثما جنائيا أو أن يكون مقصود المشرع الدستوري أن القانون ينظم وسائل التعاون بين الوحدات المحلية والسلطة القضائية، أو أن يكون مقصود المشرع الدستوري تصور وجود تدخل من جانب السلطة التشريعية في الانتخابات أو الاستفتاءات أو إيجاد سبل تعاون بين الوحدات المحلية والسلطة التشريعية التي تراقب السلطة التنفيذية.
ولا يمكن أن يقال أن عبارة (أجهزة الدولة) الواردة في المادة (14) من دستور 2012 تختلف معناها عن العبارة ذاتها الواردة في الوثيقة الدستورية ذاتها باختلاف المواد.
وحيث أن المادة (27) من الدستور النافذ والتي استخدمت عبارة "أجهزة الدولة" هي مستمدة بالأساس من المادة (14) من دستور 2012 قبل تعديله بالدستور النافذ، لذا فإن مفهومها يجب أن يكون هو المفهوم الاصطلاحي ذاته المشار إليه آنفا، خاصة وأن هذه العبارة لم تتردد في الدستور النافذ - عكس دستور 2012 قبل تعديله بالدستور الحالي - سوى في المادة (27) منه فقط، وإذا قيل أن عبارة (أجهزة الدولة) الواردة في المادة (27) من الدستور النافذ تشمل جميع سلطات الدولة ومن بينها بالطبع السلطة التشريعية، فهل يعد أعضاء مجلس النواب في مجال علاقتهم بمجلس النواب من العاملين لدى هذا المجلس، وهل تعد المكافأة المقررة للعضوية أجرا حتى يصدق على أعضاء مجلس النواب وصف العاملين بأجر لدى أجهزة الدولة، وإذا كانت الإجابة بالنفي - وهى كذلك على الأقل في ضوء نصوص الدستور - فسيكون مؤدى ما تقدم بوضوح أن عبارة (أجهزة الدولة) الواردة بالمادة (27) من الدستور لا يمكن بحال أن تكون مرادفة لعبارة (سلطات الدولة) كما يتوهم البعض، وإنما لها مدلول آخر يفهم من اللغة والاصطلاح، وأن هذا المدلول لا ينطبق سوى على إحدى هذه السلطات وهي السلطة التنفيذية بحكم طبيعة وظيفتها على نحو ما تقدم، ومن ثم فإنه لا يمكن تفسير عبارة "أجهزة الدولة" الواردة بالمادة (27) من الدستور النافذ بأنها تشمل السلطة القضائية، لأن ذلك سيؤدي إلى جعل القضاء جهازا إداريا من أجهزة الدولة مسئولا عن تنفيذ القانون ماديا مثله في ذلك مثل السلطة التنفيذية ويجعله خاضعا لها، وهو ما يتعارض مع طبيعة وظيفته، ومع أنه سلطة مستقلة تقف على قدم المساواة مع السلطتين التشريعية والتنفيذية، تلك السلطة التي تستمد وجودها وكيانها من الدستور ذاته، فالقول بأن القضاء جهاز من أجهزة الدولة من شأنه التأثير على استقلال القضاء فتختلط وظيفة القضاء الموضوعية بالوظيفة التنفيذية وتخضع السلطة القضائية للسلطة التنفيذية ولا تخضع للقانون، وهو ما أراد المشرع الدستوري أن يجنب السلطة القضائية حدوثه حينما قرن في المادة (94) من الدستور استقلال القضاء بسيادة القانون، فهي سلطة مستقلة لا تخضع إلا للقانون ولا تحكم إلا به، ولهذا كانت وظيفتها موضوعية لارتباطها فقط بالفصل في المنازعات بالقانون دون تدخل في تنفيذه ماديا، فلا تعد من أجهزة الدولة المسئولة عن الفعل المادي على نحو ما تقدم، فضلا عن أن هذا الزعم يؤدي إلى القول بأن المشرع الدستوري ذاته لا يعي الفارق الجوهري بين ولاية القضاء وبين الوظائف التنفيذية، وكذلك الفارق بين أجهزة الدولة وسلطات الدولة الثلاث، كما يؤدي هذا الزعم إلى أن تكون عبارة سلطات الدولة لها مفهومان في الوثيقة الدستورية الواحدة وليس مفهوما واحدا فتارة يعبر عنها المشرع بالسلطة وتارة أخرى يعبر عنها بالجهاز، وهو ما يتناقض تماما مع نص المادة (227) من الدستور النافذ التي عدت الدستور بديباجته وجميع نصوصه نسيجا مترابطا فلا يعقل أن يكون هذا النسيج متهاترا يحمل بين جنباته عدة مضامين مختلفة للعبارة الواحدة، كما يتناقض بالطبع مع الوعي الظاهر لدى المشرع الدستوري حينما غاير في صياغة نص المادة (11) منه بين التعيين في الوظائف العامة ووظائف الإدارة العليا في الدولة وبين التعيين في الجهات القضائية، ولو كانت عبارة أجهزة الدولة تتسع لتشمل الجهات الإدارية التابعة للسلطة التنفيذية والجهات القضائية التابعة للسلطة القضائية لكان المشرع الدستوري استخدمها اختصارا، وأنه حينما أراد أن يعبر عن شمول حكم محدد لسلطات الدولة الثلاث - التشريعية والتنفيذية والقضائية - استخدم العبارة الصحيحة مثلما فعل - على سبيل المثال - حينما نص في المادة (195) منه على إلزام جميع سلطات الدولة - وليس أجهزة الدولة - بالأحكام والقرارات الصادرة من المحكمة الدستورية العليا، ولو أراد المشرع الدستوري شمول الحد الأقصى للأجور السلطة القضائية لأتى نص المادة (27) من الدستور على النحو التالي "وبحد أقصى في أجهزة - وسلطات - الدولة" إلا أنه لم يفعل، وقد تأكد بيقين صحة التفسير المتقدم من الاطلاع على الأعمال التحضيرية للتعديلات الدستورية التي أدخلت على دستور 2012 حيث ناقش أعضاء لجنة الخمسين في اجتماعهم الثاني والعشرين المؤرخ في 6/11/2013 المقصود من عبارة (أجهزة الدولة) حيث رد السيد الدكتور المقرر العام للجنة الخمسين (أن المقصود بهذه الأجهزة دواوين الحكومة مثل الوزارات ...)، ولا يمكن أن يكون القضاء من هذه الدواوين.
ومن ناحية أخرى فإن المتتبع للنظام القانوني المصري، يجد أن المشرع العادي استخدم عبارة (أجهزة الدولة) للدلالة على السلطة التنفيذية وحدها أو للدلالة على الجهات المعنية في هذه السلطة، مثل نصوص المواد (5 و31 و51 مكررا و97) من قانون ضمانات وحوافز الاستثمار الصادر بالقانون رقم (8) لعام 1997 معدلا بالقرار بقانون رقم (17) لعام 2015، والمادة الرابعة من القانون رقم (94) لعام 2003 بإنشاء المجلس القومي لحقوق الإنسان، والمادة (12) من قانون حماية المستهلك الصادر بالقانون رقم (67) لعام 2006، والمادة (13) من القانون رقم (82) لعام 2006 بإنشاء الهيئة القومية لضمان جودة التعليم والاعتماد والمادة (14) من القانون رقم (14) لعام 2012 بشأن التنمية المتكاملة لشبه جزيرة سيناء، والمادة (9) من قانون الانتخابات الرئاسية الصادر بالقانون رقم (22) لعام 2014، والمادة الأولى من القانون رقم (32) لعام 2014 بتنظيم بعض إجراءات الطعن على عقود الدولة، والمادة (9) من قانون مباشرة الحقوق السياسية الصادر بالقانون رقم (45) لعام 2014، والمادة السادسة من القانون رقم (139) لعام 2014 بإنشاء صندوق (تحيا مصر) وغير هذه القوانين الكثير، مما يعطي دلالة واضحة على أن النظام القانوني المصري حينما يطلق عبارة "أجهزة الدولة" لا يقصد بها سوى الأجهزة التابعة للسلطة التنفيذية.
وحيث إن عبارة أجهزة الدولة - على نحو ما تقدم - لا تشمل بحال من الأحوال السلطة القضائية، لذا فإنه صار من الواجب على المشرع العادي حينما يمارس سلطته في تنفيذ ما قرره الدستور من وضع حد أقصى للأجور أن يقتصر ذلك الحد على أجهزة الدولة فقط والتي لا تشمل سوى السلطة التنفيذية بمعناها الدقيق.
كما استظهرت الجمعية العمومية - أنه نزولا على الالتزام الدستوري بوضع حد أقصى للأجور للعاملين بأجر لدى أجهزة الدولة صدر قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم (63) لعام 2014 بشأن الحد الأقصى للدخول للعاملين بأجر لدى أجهزة الدولة (وذلك أيا ما كان الرأي حول مخالفة هذا القرار بقانون للدستور حينما لم يعرض مشروعه قبل إصداره على قسم التشريع بمجلس الدولة طبقا لحكم المادة (190) من الدستور وذلك على النحو الثابت بالأوراق) محددا فيه المشرع المخاطبين بأحكامه على سبيل الحصر، وهم العاملون بالجهاز الإداري للدولة، ووحدات الإدارة المحلية، والأجهزة التي لها موازنات خاصة بها، والهيئات العامة والقومية الاقتصادية والخدمية، وغيرها من الأشخاص الاعتبارية العامة، والعاملين الذين تنظم شئون توظفهم قوانين أو كادرات خاصة كما حدد المشرع في القرار بقانون المذكور بوضوح الجهات التي يحصل من خلالها المخاطبون بأحكامه على الدخل (وذلك أيا ما كان الرأي حول الظلال الكثيفة التي تحيط دستورية استبدال المشرع مفهوم الأجر المنصوص عليه في المادة (27) من الدستور بضوابطه المعروفة بمفهوم الدخل بمعناه الموسع على نحو ما ورد بالقرار بقانون رقم (63) لعام 2014) وحصر هذه الجهات في الدولة والهيئات والشركات التابعة لها والشركات التي تساهم هذه الجهات في رأسمالها، وحدد الحد الأقصى لصافي الدخل الذي لا يجوز أن يتجاوزه المخاطبون بأحكامه من الجهات المشار إليها، وهو خمسة وثلاثون مثل الحد الأدنى للأجور وبما لا يجاوز اثنين وأربعين ألف جنيه شهريا.
وحيث إن القضاة وأعضاء النيابة العامة لا يندرجون في عداد العاملين بالسلطة التنفيذية للدولة التي تنصرف إليها عبارة أجهزة الدولة المنصوص عليها في المادة (27) من الدستور على نحو ما تقدم والتي عدد المشرع في قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم (63) لعام 2014 بعض ما يندرج في هذه السلطة، حيث إن القضاة وأعضاء النيابة العامة ليسوا من العاملين بالجهاز الإداري للدولة أو بوحدات الإدارة المحلية أو بالأجهزة التي لها موازنات خاصة أو بالهيئات العامة أو بالأشخاص الاعتبارية العامة، ولا ينال من ذلك الزعم أن عبارة العاملين الذين تنظم شئون توظفهم قوانين أو كادرات خاصة تشمل القضاة وأعضاء النيابة العامة في مجال الخضوع لأحكام القرار بقانون المذكور، حيث إنه على الرغم من أن القضاة وأعضاء النيابة العامة ينظم شئونهم قانون السلطة القضائية الذي ينطبق عليه وصف الكادر الخاص، إلا أن القول بشمولهم ضمن الفئات الخاضعة لأحكام القرار بقانون رقم (63) لسنة 2014 المشار إليه يوقع نصوص هذا القانون في حمأه المخالفة الدستورية من وجهين أولهما:- مخالفته للمفهوم الصحيح لعبارة أجهزة الدولة على النحو المفصل آنفا على نحو يدخل فيها أعضاء السلطة القضائية وهم بعيدون عن مقصود المشرع الدستوري حينما استخدم عبارة (أجهزة الدولة)، وثانيها:- أن المشرع في القرار بقانون رقم (63) لعام 2014 لو كان يريد إخضاع أعضاء السلطة القضائية لهذا القرار بقانون لكان من الواجب عليه أن يحصل مسبقا على رأي المجالس العليا بالجهات والهيئات القضائية قبل إصدار هذا القرار بقانون طبقا لحكم المادة (185) من الدستور، مما يدل على أنه يعي تماما عدم شمول القرار بقانون المذكور لأعضاء السلطة القضائية التزاما منه بالتفسير الصحيح لعبارة أجهزة الدولة الواردة بالدستور.
وحيث إن المستقر عليه في إفتاء الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع أنه في مجال التفسير ينبغي دوما الالتزام بالمعنى الذي يحمل النص على الصحة وعدم مخالفة أحكام الدستور ما أمكن لذلك سبيلا، لذا فإنه يتعين تفسير عبارة "العاملين الذين تنظم شئون توظفهم قوانين وكادرات خاصة" الواردة بالقرار بقانون رقم (63) لعام 2014 على نحو يحملها على الصحة ولا يخالف أحكام الدستور، ومن ثم يخرج ممن تشملهم هذه العبارة القضاة وأعضاء النيابة العامة وذلك في مجال الخضوع لأحكام القرار بقانون رقم (63) لعام 2014 وقد جرى إفتاء الجمعية العمومية - في مجال تفسير هذه العبارة في إطار أحكام القرار بقانون المذكور - على أن النص على خضوع الفئات التي ينظم شئون توظفهم قوانين أو كادرات خاصة، هي محاولة من المشرع لشمول الفئات التي تندرج ضمن العاملين بأجر لدى السلطة التنفيذية ويخضعون لقوانين أو كادرات خاصة.
ويؤكد هذه النتيجة - يقينا - أن قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم (63) لعام 2014 استحدث الجمع بين حدين في آن واحد في مجال تحديده للحد الأقصى لصافي الدخل الذي يتقاضاه العاملون بأجهزة الدولة، وهما:- حد نسبي: تم تحديده بخمسة وثلاثين مثل الحد الأدنى، وحد أقصى رقمي: قدره المشرع بمبلغ لا يجاوز اثنين وأربعين ألف جنيه شهريا، وقد بينت المذكرة الإيضاحية للقرار بقانون الأسس التي على هداها تم تحديد الحدين المشار إليهما، وقد ورد بها أن الحد الأدنى تم تحديده بمبلغ (1200) ألف ومائتين جنيه في ضوء ما قرره مجلس الوزارء بجلسته المنعقدة بتاريخ 18/9/2013 بشأن الحد الأدنى لإجمالي أجر ودخل العامل - القرار رقم (9/9/13/9) - وهذا الحد كما هو واضح ينطبق فقط على العاملين بأجهزة الدولة وهم العاملون بأجر لدى السلطة التنفيذية، ولا يصدق هذا التحديد مطلقا على أعضاء السلطة القضائية الذي يزيد الحد الأدنى لإجمالي أجر أقل درجة من درجات عضوية هذه السلطة عن هذا الحد، كما ورد بالمذكرة الإيضاحية المشار إليها أنه على هدى من الحد الأدنى (1200) ألف ومائتين جنيه مضروبا في خمسة وثلاثين مثل تم تحديد الحد الأقصى بمبلغ لا يجاوز اثنين وأربعين ألف جنيه فضلا عن التحديد الذي أورده المشرع في القانون رقم (99) لسنة 1987 معدلا بالقرار بقانون رقم (37) لعام 2014 الذي حدد راتب ومخصصات رئيس الجمهورية بمبلغ اثنين وأربعين ألف جنيه بوصفه رئيسا للدولة والسلطة التنفيذية، وما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية للقرار بقانون رقم (63) لعام 2014 على نحو ما تقدم يؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن عبارة "العاملين الذين تنظم شئون توظفهم قوانين أو كادرات خاصة" لا تشمل بحال من الأحوال أعضاء السلطة القضائية - في مجال الخضوع لأحكام القرار بقانون رقم (63) لعام 2014 - لأن رئيس الجمهورية طبقا لحكم المادة (139) من الدستور، هو رئيس السلطة التنفيذية، وليس رئيسا لكل السلطات في الدولة فهو لا يمثل السلطة القضائية وما كونه رئيسا للدولة سوى لتمثيلها في علاقتها دون أن يتعدى ذلك لتمثيل السلطتين القضائية والتشريعية خاصة وأن الدستور الحالي لم يجعل رئيس الجمهورية ممثلا لهذه السلطات، ولم يجعله حكما بينها، وهو الأمر الذي يؤكد من جميع الوجوه أن أحكام القرار بقانون رقم (63) لعام 2014، لا تنطبق إلا على العاملين بأجر لدى السلطة التنفيذية فلا يعقل أن يحدد الحد الأدنى استنادا لما يتقاضاه أقل أفراد هذه السلطة - السلطة التنفيذية - ويحدد الحد الأقصى استنادا لما يتقاضاه أعلى أفراد هذه السلطة - رئيس الجمهورية - ويزعم البعض أن القرار بالقانون المذكور حينما أورد عبارة "العاملين الذين تنظم شئون توظفهم قوانين أو كادرات خاصة" فقد قصد إخضاع أعضاء السلطة القضائية لأحكامه، فلا يصح أن يساوي بين مختلفين (السلطة القضائية والسلطة التنفيذية) باعتبار أنهما مقيس ومقيس عليه، حال كون كل منهما يختلف في الطبيعة والتكييف القانوني الصحيح اختلافا يتنافر مع إعمال حكم القياس.
ولا يجوز التذرع بسلطة المشرع في إخضاع السلطة القضائية للحد الأقصى للأجور حتى لو لم تكن عبارة أجهزة الدولة تتسع لتشملهم استنادا لقواعد الدستور المتعلقة بالتزام الدولة بتحقيق العدالة الاجتماعية بين أفراد المجتمع ولتحقيق المساواة مع العاملين بأجر لدى أجهزة الدولة - طبقا للمفهوم الذي كشف عنه هذا الإفتاء - حيث إن هذا الزعم مردود بأن الالتزام الذي تفرضه هذه المبادئ الدستورية لا يعني بحال من الأحوال خروج المشرع عن القيود التي تضمنتها مبادئ الدستور الأخرى، ومنها استقلال السلطة القضائية، وضمان الحق في العمل وعوائده وصون الملكية الخاصة وعدم المساس بها إلا على سبيل الاستثناء وفي الحدود وبالقيود التي أوردتها نصوص الدستور.
واستظهرت الجمعية العمومية أخيرا - وعلى ما استقر عليه إفتاؤها - أن الدستور ناط برئيس مجلس الوزراء أو من يعينه القانون إصدار اللوائح التنفيذية للقوانين شريطة ألا تتضمن تعديلا لحكم في القانون أو تعطيلا لمقتضاه أو إعفاء من تنفيذه ولا أن تتناول بالتنظيم ما لم ينظمه القانون فاللوائح التنفيذية تفصل ما ورد إجمالا من نصوص وتفسر ما غمض منها وذلك كله بالضوابط المشار إليها، فلا يملك التشريع اللائحي المفصل أو المفسر تعطيل أو تعديل أو الإعفاء من حكم النص الذي يسنه المشرع، ومن ثم فإن هذه اللوائح لا تعد تشريعا نافذا إلا بالقدر الذي لا تنطوي فيه على ما يعد تعديلا أو تعطيلا لأحكام القانون، ويكون لجهة الفتوى ألا تعتد بما خالفت فيه القانون في مقام تطبيقه.
وترتيبا على ما تقدم فإن ما تضمنته المادة الثانية من قرار رئيس مجلس الوزراء رقم (1265) لعام 2014 بالقواعد التنفيذية لأحكام القرار بقانون رقم (63) لعام 2014 المشار إليه من تطبيق أحكام القانون المذكور على أعضاء ورجال الجهات والهيئات القضائية يعد استحداثا لفئة لم ترد ضمن الفئات التي حددها القرار بقانون رقم (63) لعام 2014 على التفصيل آنف البيان وهو ما يخالف أحكام الدستور بما يفقد قرار رئيس مجلس الوزراء المشار إليه في خصوصية ما خالف فيه الدستور والقانون قوته الإلزامية كتشريع لائحي ويتعين طرحه في هذا الشأن وإعمال حكم الدستور والقانون الذي لم يدرج ضمن المخاطبين بأحكامه سوى العاملين بأجر لدى أجهزة الدولة بالمعنى المحدد سلفا، والذي لا يندرج من بينهم أعضاء الجهات والهيئات القضائية.
ومن جماع ما تقدم فإن القضاة وأعضاء النيابة العامة لا يخضعون للقرار بقانون رقم (63) لعام 2014 المشار إليه
لذلك 
انتهت الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع، إلى عدم خضوع القضاة وأعضاء النيابة العامة لأحكام القرار بقانون رقم (63) لعام 2014 بشأن الحد الأقصى للدخول للعاملين بأجر لدى أجهزة الدولة، وذلك على النحو المبين بالأسباب.


الثلاثاء، 20 فبراير 2018

الطعن 14027 لسنة 75 ق جلسة 2 / 2 / 2016


       محكمـة النقـض
     الدائـــــــرة المدنيــــــة
  دائرة الثلاثاء ( أ ) المدنية
باسم الشعب
ـــــــــــــــــ
برئاسة السيد المستشــار/ جرجـس عدلـي نائب رئيس المحـكمـة
وعضوية السادة المستشارين / معتز أحمد محمد ، حازم شوقى 
          صـلاح المنســـى    و    محســـن سيــــد        
                                نواب رئيس المحكمة
بحضور رئيس النيابة السيد / محمد سيف النصر .
وحضور السيد أمين السر /  ماجد عريان .
فى الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالى بمدينة القاهرة .
فى يوم الثلاثاء 23 من ربيع أخر سنة 1437 هـ الموافق 2 من فبراير سنة 2016 م .
أصدرت الحكم الآتى :
فى الطعن المقيد فى جدول المحكمة برقم 14027 لسنة 75 ق .
المرفوع مــن
شركة مصر شبين الكوم للغزل والنسيج و يمثلها قانوناً / حسين سعيد مبارك بصفته رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب .
مقرها / مركزها الرئيسى بمدينة شبين الكوم – المنوفية .
لم يحضر أحد عنها بالجلسة 
ضـــــــــــــــــــــــد
1 – .....  بصفته الولى الطبيعى على ابنته القاصر ( .. ) .  المقيم  مركز بركة السبع – المنوفية .
2 –............ .
3 - رئيس مجلس إدارة شركة مصر للتأمين بصفته .يعلن / 7 شارع طلعت حرب – محافظة القاهرة . لم يحضر أحد عنهم بالجلسة .
" الوقائــع "
فى يـوم 17/8/2005 طُعِن بطريـق النقض في حكـم محكمة استئنـاف طنطا " مأمورية شبين الكوم " الصادر بتاريخ 29/6/2005 فى الاستئنافات أرقام 396 ، 426 ، 451 لسنة 38 ق وذلك بصحيفة طلبت فيها الطاعـنة الحكـم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه . 
وفى اليوم نفسه أودعت الطاعنة مذكرة شارحة .
وفى 24/8/2005 أعلن المطعون ضدهما الأول بصفته والثانى بصحيفة الطعن .
وفى 29/8/2015 أعلنت المطعون ضدها الثالثة بصحيفة الطعن .
            ثم أودعت النيابة مذكرتها وطلبت فيها قبول الطعن شكلاً وفى الموضوع برفضه .
            وبجلسة 5/1/ 2016 عُرض الطعن على المحكمة فى غرفة مشورة فـرأت أنه جدير بالنظر فحددت لنظره جلسة وبها سُمع الطعن أمام هذه الدائرة على نحو ما هو مبين بمحضر الجلسة حيث صممت النيابة على ما جـاء بمذكرتها وأرجأت المحكمة إصدار الحكم لجلسة اليوم .
المحكمــة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقـرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر/ محسن سيد " نائب رئيس المحكمة " والمرافعة وبعد المداولة .
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية .
  وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل فى أن المطعون ضده الأول بصفته ولى طبيعى على ابنته أقام على الطاعنة والمطعون ضدهما الثاني والثالث الدعوى رقم ... لسنة 2002 محكمة شبين الكوم الابتدائية بطلب الحكم بإلزامهم بالتضامن بأن يؤدوا له مبلغ 50,000 جنيه تعويضاً مادياً وأدبياً نتيجة اصابة ابنته فى حادث سيارة قيادة المطعون ضده الثاني والمملوكة للطاعنة والمؤمن من مخاطرها لدى المطعون ضدها الثالثة أدين قائدها بحكم بات ، وجهت الطاعنة دعوى ضمان فرعية ضد المطعون ضدهما الثاني والثالثة لإلزامهما بما عسى أن يحكم به عليها ، حكمت المحكمة فى الدعوى الأصلية بإلزام الطاعنة والمطعون ضدهما الثانى والثالثة بالتضامم بأن يؤدوا للمطعون ضده الأول بصفته مبلغ التعويض الذى قدرته وفى دعوى الضمان الفرعية بإلزام المطعون ضده الثانى بأن يؤدى للطاعنة ما حكم به فى الدعوى الأصلية . استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 396 لسنة 38 ق طنطا - مأمورية شبين الكوم- واستأنفته المطعون ضدها الثالثة بالاستئناف رقم 426 لسـنة 38 ق ، كما استأنفه المطعون ضده الثانى بالاستئناف رقم ... لسنة 38 ق أمام ذات المحكمة ، وبعد أن ضمت المحكمة الاستئنافات الثلاثة قضت بالتأييد . طعنت الطاعنة فى هذا الحكم بطريق النقض وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى برفض الطعن ، عرض الطعن على المحكمة - فى غرفة مشورة - فحددت جلسة لنظره ، وفيها ألتزمت النيابة رأيها .        
     وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد من ثلاثة أوجه تنعى الطاعنة بالوجه الثانى منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه إذ ألزمها بالتعويض استناداً إلى أن الحكم الجنائى صار باتاً فى حين انه لم يكن باتاً وقت رفع الدعوى ، ومن ثم لا يحوز حجية مما يعيبه ويستوجب نقضه .
   وحيث إن هذا النعى مردود ، ذلك أن المقرر - فى قضاء هذه المحكمة ــــ أن الحكم الجنائي تكون له قوة الشيء المحكوم فيه أمام المحاكم المدنية إذا كان باتاً لا يقبل الطعن فيه إما لاستنفاد مواعيد الطعن الجائزة فيه أو لفوات مواعيدها . لما كان ذلك ، وكان الثابت من الأوراق أن المتهم ، عارض استئنافياً فى الحكم الجنائى الصادر بإدانته وقضى بجلسة 27/1/2004 باعتبارها كأن لم تكن ولم يطعن عليها بالنقض حتى فوات مواعيده مما يكون معه الحكم الجنائى قد صار باتاً بفوات مواعيد الطعن بالنقض قبل صدور الحكم فى الدعوى المدنية الماثلة ، وإذ التزم الحكم الابتدائى المؤيد بالحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد طبق صحيح القانون ويكون النعى عليه بهذا الوجه على غير أساس .
      وحيث إن الطاعنة تنعى بالوجه الأول من سبب الطعن على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون حين أيد الحكم الابتدائى فيما قضى به من إلزامها بالتعويض مع المطعون ضدهما الثانى والثالثة بالتضامم ورفض طلبها بتعديل وصف الإلزام بجعله تضامنى إذ أن مسئوليتها تستند إلى المادة 174 من القانون المدنى باعتبارها مسئولة عن أعمال تابعها ، ومن ثم تكون مسئولة عنه فى تعويض الضرر بالتضامن معه ، بما يعيبه ويستوجب نقضه
وحيث إن هذا النعى غير مقبول ، ذلك أن النص فى المادة 169 من القانون المدنى على أنه " إذا تعدد المسئولون عن عمل ضار كانوا متضامنين فى التزامهم بتعويض الضرر .. " يدل على أنه يلزم للحكم بالتضامن بين المسئولين عن التعويض اتحاد مصدر التزام كل منهم بتعويض الضرر سواء كان خطأ ثابتاً أو خطأ مفترضاً ، أما إذا تعدد مصدر الالتزام بالتعويض بأن كان أحد الخطأين عقدياً والآخر تقصيرياً فإنهما يكونا ملتزمين بدين واحد له مصدران مختلفان ، ومن ثم تتضامم ذمتهما فى هذا الدين دون أن تتضامن ، إذ الالتزام التضامنى يقتضى وحدة المصدر ، وكان المقرر – فى قضاء هذه المحكمة – أن مسئولية المتبوع عن أعمال تابعة غير المشروعة هى مسئولية تبعية مقررة بحكم القانون لمصلحة المضرور وتقوم على فكرة الضمان القانونى فيعتبر المتبوع فى حكم الكفيل المتضامن كفالة مصدرها القانون وليس العقد ، ومن ثم فإذا أوفى المتبوع بالتعويض للمضرور كان له أن يرجع به كله على تابعه محدث الضرر ، كما يرجع الكفيل المتضامن على المدين الذى كفله لأنه مسئول عنه وليس مسئولاً معه ، وكان معنى التضامم نتيجة تعدد مصدر الدين مع بقاء محله واحداً أنه يجوز للدائن أن يطالب كل مدين بكل الدين ولا يجوز للمدين الذى دفع الدين أن يرجع على مدين آخر بذات الدين لانعدام الرابطة بينهما ولأنه إنما دفع عن نفسه ، وإذ كانت المطعون ضدها الثالثة – شركة التأمين – ملزمة بالتعويض بموجب عقد التأمين المبرم بينهما وبين الطاعنة التى تلتزم به نتيجة الفعل الضار فإنهما يكونان ملتزمين بدين واحد له مصدران مختلفان ، ومن ثم تتضامم ذمتهما فى هذا الدين دون أن تتضامن . لما كان ذلك ، وكان الثابت بالأوراق أن مسئولية الطاعنة تستند إلى مسئوليتها عن فعل الغير المقررة بنص المادة 174 من القانون المدنى ، ومن ثم تكون مسئولة عن تابعها السائق – المطعون ضده الثانى – عن تعويض الضرر بالتضامن معه وتكون مسئولة بالتضامم مع المطعون ضدها الثالثة وإذ ألزمهما الحكم صحيحاً معها بالتضامم بأداء التعويض وأخطأ فى قضائه بإلزامهما مع المطعون ضده الثانى بالتضامم بإدائه إلا أنه لما كان قد قضى فى دعوى الضمان الفرعية بإلزام المطعون ضده الثانى بأن يؤدى لها ما حكم به فى الدعوى الأصلية ، فإن ما تثيره الطاعنة فى هذا الخصوص يكون غير منتج – لأنه بفرض نقض الحكم لا يعود عليها بثمة فائدة ولا يحقق لها سوى مصلحة نظرية بحته ، ومن ثم يكون هذا النعى غير مقبول .
            وحيث إن الطاعنة تنعى بالوجه الثالث من سبب النعى على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه إذ رفض دعوى الضمان الفرعية قبل الشركة المطعون ضدها الثالثة على قاله أن دعوى الضمان تكون بين التابع والمتبوع فقط فى حين أنه يحق لها الرجوع عليها تنفيذاً لعقد التأمين المبرم بينهما ، بما يعيبه ويستوجب نقضه .
  وحيث إن هذا النعى فى محله ، ذلك أنه لما كانت المادة الخامسة من القانون رقم 652 لسنة 1955 بشأن التأمين الإجباري من المسئولية المدنية عن حوادث السيارات قد نصت على التزام المؤمن بتغطية المسئولية المدنية الناشئة عن الوفاة أو عن أى اصابة بدنية تلحق أى شخص من حوادث السيارات وأن يكون هذا الالتزام بقيمة ما يحكم به قضائياً من تعويض مهما بلغت قيمته بما مؤداه أن يكون للمؤمن له حق الرجوع على المؤمن تنفيذاً لعقد التأمين . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وأيد حكم محكمة أول درجة فى قضائه برفض دعوى الضمان الفرعية قبل الشركة المطعون ضدها الثالثة على قاله انها دعوى شخصية تكون بين التابع والمتبوع فقط دون مشاركة أحد آخر فى حين أنه يجوز للطاعنة أن ترجع عليها استناداً إلى عقد التأمين المبرم بينهما فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون بما يوجب نقضه لهذا الوجه نقضاً جزئياً .
   وحيث أن الموضوع صالح للفصل فيه ولما تقدم ، وكان الثابت من وثيقة التأمين أن السيارة مرتكبة الحادث مؤمن عليها من تاريخ الحادث لدى المطعون ضدها الثالثة ، ومن ثم تكون ملزمة بأن تؤدى للطاعنة ما حكم به عليها فى الدعوى الأصلية .
لذلـــك
نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه نقضاً جزئياً فيما قضى به من رفض دعوى الضمان الفرعية قبل المطعون ضدها الثالثة وألزمتها بمصاريف هذا الشق عن درجتى التقاضي ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة ، وحكمت فى الاستئناف رقم .... لسنة 38 ق طنطـا – مأمورية شبين الكوم – بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من رفض دعوى الضمان الفرعية قبل المستأنف ضدها الثالثة وبإلزامها بأن تؤدى للمستأنفة ما قضى به عليها من تعويض فى الدعوى الأصلية والمصاريف المناسبة لهذا الشق عن درجتى التقاضي ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة .

الاثنين، 19 فبراير 2018

الطعن 5299 لسنة 62 ق 5 / 4 / 1994 مكتب فني 45 ق 74 ص 467


برئاسة السيد المستشار /محمد حسين لبيب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين /رضوان عبد العليم ووفيق الدهشان وبدر الدين السيد نواب رئيس المحكمة وعبد الرحمن أبو سليمه.
--------------
- 1 دفوع "الدفع بشيوع التهمة".
الدفع بشيوع التهمة . موضوعي . لا يستأهل ردآ خاصا .
من المقرر أن الدفع بشيوع التهمة هو من الدفوع الموضوعية التي لا تستلزم من المحكمة ردا خاصا اكتفاء بما تورده من أدلة الثبوت التي تطمئن إليها .
- 2  مواد مخدرة . نقض " اجراءات الطعن . الصفة والمصلحة في الطعن".
انتفاء مصلحة الطاعن فيما يثيره بشأن المخدر المضبوط أسفل الأريكة . مادام أن الحكم أثبت مسئوليته عن المخدر المضبوط في جيبه .
لما كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على ما استقر في عقيدة ووجدان المحكمة من انبساط سلطان على الجواهر المخدرة المضبوطة تأسيسا على أدلة سائغة لها أصلها في الأوراق وتتفق والاقتضاء الفعلي فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون في غير محله هذا بالإضافة إلى انتفاء مصلحة الطاعن فيما يثيره في شأن المخدر المضبوط اسفل الأريكة ما دام وصف التهمة التي دين بها يبقى سليما لما أثبته الحكم من مسئوليته عن المخدر المضبوط في جيبه .
- 3 قانون " القانون الاصلح". مواد مخدرة
صدور القانون رقم 122 لسنة 1989 بعد ارتكاب الفعل في جريمة إحراز وحيازة جوهر مخدر بقصد الاتجار. عدم اعتباره قانون أصلح من القانون 182 لسنة 1960 المعمول به وقت ارتكابه. أساس ذلك؟
لما كان القانون رقم 122 لسنه 1989 الصادر بتعديل بعض أحكام القانون رقم 182 لسنه 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها - المعمول به بعد تاريخ الواقعة - لم يجعل الفعل المكون لجريمة احراز وحيازة جوهر المخدر بغير قصد من المقصود فعلا غير معاقب عليه ولم يقرر له عقوبة أخف من العقوبة التي كانت مقررة في القانون رقم 182 لسنه 1960 المعمول به وقت ارتكابه ومن ثم لا يتحقق بالقانون رقم 122 لسنه 1989 بالنسبة للطاعن معنى القانون الاصلح .
- 4  قانون " تطبيق القانون وسريانه".
تعاقب قانوناُ دون أن يكون الثاني أصلح للمتهم . وجوب تطبيق الأول على الأفعال التي وقعت قبل إلغائه لامتناع تطبيق الثاني . أساس ذلك .
المقرر أنه إذا تعاقب قانونان ولم يكن الثاني اصلح للمتهم يجب دائما تطبيق القانون الأول على الأفعال التي وقعت قبل تعديله وذلك لامتناع تطبيق الثاني على واقعة سبقت صدوره .
- 5  عقوبة " تطبيق العقوبة". مواد مخدرة . نقض " حالات الطعن - الخطأ في تطبيق القانون".
احراز المخدر بغير قصد الاتجار أو التعاطي او الاستعمال الشخصي . عقوبته السجن والغرامة من خمسمائة جنيه إلى ثلاثة آلاف جنيه ومصادرة الجواهر المخدرة المضبوطة المواد 27 ، 38 ، 42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 . قضاء الحكم بالأشغال الشاقة بدلاً من السجن . خطأ في تطبيق القانون . يوجب نقضه وتصحيحه .
لما كان يبين من الحكم المطعون فيه أنه قد انتهى إلى أن احراز وحيازة المحكوم عليه للمخدر لم يكن للإتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي واعمل في حقه حكم المواد 37،38،42 من القانون رقم 182 لسنه 1960 في شأن مكافحة المخدرات والتي تعاقب على تلك الجريمة بالسجن وبغرامة من خمسمائة جنيه إلى ثلاثة آلاف جنيه ومصادرة الجواهر المخدرة المضبوطة لما كان ذلك فإن الحكم إذ قضى بمعاقبة الطاعن بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات بدلا من عقوبة السجن وبغرامة قدرها خمسين ألف جنيه بدلا من ثلاثة آلاف جنيه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه نقضا جزئيا وتصحيح وفقا للقانون .
- 6  محكمة النقض " اختصاص الدوائر الجنائية بها". نقض "الطعن للمرة الثانية". نقض " نظر الطعن والحكم فيه".
حق محكمة النقض في تصحيح الخطأ في القانون دون تحديد جلسة لنظر الموضوع . المادة 39 من القانون 57 لسنة 1959 .
لما كان العيب الذى شاب الحكم مقصور على مخالفة القانون فإنه يتعين وفقا للقاعدة الأصلية المنصوص عليها في المادة 39 من قانون حالات واجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنه 1959 أن تصحح المحكمة الخطأ وتحكم بمقتضى القانون دون حاجة إلى تحديد جلسة لنظر الموضوع ما دام العوار لم يرد على بطلان في الحكم أو بطلان في الإجراءات أثر في الحكم مما كان سيقتضى التعرض لموضوع الدعوى الجنائية.
-------------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: أحرز وحاز بقصد الإتجار جوهرين مخدرين "أفيون وحشيش" في غير الأحوال المصرح بها قانوناً ثانياً: أحرز سلاحاً ابيض (مطواه) بغير ترخيص، وإحالته إلي محكمة الجنايات لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. ومحكمة جنايات المنصورة قضت حضورياً ببراءة المتهم مما أسند إليه ومصادرة الجوهر المخدر والمطواة المضبوطين
فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض (قيد بجدولها برقم ... لسنة .... القضائية) ومحكمة النقض قضت بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة القضية إلي محكمة جنايات المنصورة لتفصل فيها من جديد مشكلة من قضاة أخرين. ومحكمة الإعادة -أمام دائرة أخري قضت حضورياً عملاً بالمواد 1، 2، 1/38، 42/1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 والبندين 9، 57 من القسم الثاني من الجدول رقم واحد الملحق بالقانون الأول والمستبدل بالقانون الأخير والمواد 1/1، 1/25 مكرر، 30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانون رقم 165 لسنة 1981 والبند 10 من الجدول رقم واحد الملحق بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات وتغريمه مبلغ خمسين ألف جنيه ومصادرة المضبوطات والنقود باعتبار أن إحراز المخدر كان مجرداً من القصود
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض (للمرة الثانية) ..... إلخ.

--------------
المحكمة
حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إحراز وحيازة جواهر مخدرة بغير قصد من القصود قد شابه القصور في التسبيب والخطأ في تطبيق القانون ذلك بأنه أغفل الرد على دفاع الطاعن بشيوع التهمة بالنسبة للجواهر المضبوطة أسفل الأريكة كما قضي عليه بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات وبغرامة خمسين ألف جنيه في حين أن العقوبة المقررة لتلك الجريمة هي السجن والغرامة التي لا تجاوز ثلاثة ألاف جنيه مما يعيبه بما يوجب نقضه
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به جميع العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك وكان من المقرر أن الدفع بشيوع التهمة هو من الدفوع الموضوعية التي لا تستلزم من المحكمة ردا خاصا اكتفاء بما تورده من أدلة الثبوت التي تطمئن إليها، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على ما استقر في عقيدة ووجدان المحكمة من انبساط سلطان الطاعن على الجواهر المخدرة المضبوطة تأسيسا على أدلة سائغة لها أصلها في الأوراق وتتفق والاقتضاء الفعلي فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون في غير محله هذا بالإضافة إلى انتفاء مصلحة الطاعن فيما يثيره في شأن المخدر المضبوط أسفل الأريكة مادام وصف التهمة التي دين بها يبقى سليما لما أثبته الحكم من مسئوليته عن المخدر المضبوط في جيبه لما كان ذلك ولئن كان القانون رقم 122 لسنة 1989 الصادر بتعديل بعض أحكام القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها - المعمول به بعد تاريخ الواقعة - لم يجعل الفعل المكون لجريمة إحراز وحيازة المخدر بغير قصد من القصود فعلا غير معاقب عليه ولم يقرر له عقوبة أخف من العقوبة التي كانت مقررة في القانون رقم 182 لسنة 1960 المعمول به وقت ارتكابه ومن ثم لا يتحقق بالقانون رقم 122 لسنة 1989 بالنسبة للطاعن معنى القانون الأصلح لما هو مقرر من إنه إذا تعاقب قانونان ولم يكن الثاني أصلح للمتهم يجب دائما تطبيق القانون الأول على الأفعال التي وقعت قبل تعديله وذلك لامتناع تطبيق الثاني على واقعة سبقت صدوره. لما كان ذلك وكان يبين من الحكم المطعون فيه أنه قد انتهى إلى أن إحراز وحيازة المحكوم عليه للمخدر لم يكن للإتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي وأعمل في حقه حكم المواد 37، 38، 42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات والتي تعاقب على تلك الجريمة بالسجن وبغرامة من خمسمائة جنيه إلى ثلاثة ألاف جنيه ومصادرة الجواهر المخدرة المضبوطة. لما كان ذلك فإن الحكم إذ قضى بمعاقبة الطاعن بالأشغال الشاقة لمدة ثلاثة سنوات بدلا من عقوبة السجن وبغرامة قدرها خمسين ألف جنيه بدلا من ثلاثة ألاف جنيه يكون قد اخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه نقضا جزئيا وتصحيحه وفقا للقانون. لما كان ذلك ولئن كان الطعن بالنقض للمرة الثانية إلا أنه لما كان العيب الذي شاب الحكم مقصور على مخالفة القانون فإنه يتعين وفقا للقاعدة الأصلية المنصوص عليها في المادة 39 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 أن تصحح المحكمة الخطأ وتحكم بمقتضى القانون دون حاجة إلى تحديد جلسة لنظر الموضوع مادام العوار لم يرد على بطلان في الحكم أو بطلان في الإجراءات أثر في الحكم مما كان يقتضي التعرض لموضوع الدعوى الجنائية. لما كان ما تقدم فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه نقضا جزئيا وتصحيحه وفقا للقانون بالنسبة للعقوبتين المقيدة للحرية والغرامة المحكوم بهما عليه بجعل الأولى السجن ثلاث سنوات والثانية بتغريمه ثلاثة ألاف جنيه ورفض الطعن فيما عدا ذلك.

الطعن 25720 لسنة 59 ق 31 / 3 / 1994 مكتب فني 45 ق 72 ص 462


برئاسة السيد المستشار /صلاح البرجي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين /حسين الشافعي محمد حسين وحسن أبو المعالى أبو النصر نواب رئيس المحكمة ومحمود شريف فهمى.
-----------
إجراءات " اجراءات المحاكمة". حكم " تسبيب الحكم . التسبيب المعيب". معارضة . نقض " اسباب الطعن . ما يقبل من اسباب الطعن".
عدم جواز الحكم في المعارضة بغير سماع دفاع المعارض إذا كان تخلفه بعذر المرض من الأعذار القهرية . و لو لم يقعد الأنسان . متى خشى عاقبة الإهمال فيه . اهدار الشهادة المثبتة لعذر المرض لمطلق القول بانها قصد منها اطالة أمد التقاضي . يعيب الحكم .
من المقرر أنه لا يصح في القانون الحكم في المعارضة المرفوعة من المتهم عن الحكم الغيابي الصادر ضده، إذا كان تخلفه عن الحضور بالجلسة التي صدرت لنظر معارضته راجعا إلى عذر قهري، وكان المرض من الأعذار القهرية ولو لم يقعد الانسان ما دام يخشى عاقبة الاهمال فيه ولما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد استند في اطراحه الشهادة الطبيعة المقدمة من المدافع عن الطاعن للتدليل على عذره الذى حال بينه وبين حضور جلسة المعارضة الاستئنافية، إلى مطلق القول بأن المحكمة تلتفت عنه وترى فيه اطالة امد التقاضي، دون بيان لفحوى الشهادة الطبية ودليل المحكمة فيما اعتقدته بأن المقصود بذلك هو اطالة امد التقاضي، حتى يتسنى لمحكمة النقض مراقبة سلامة الاسباب التي من أجلها رفض الحكم التعويل عليه، فإنه يكون معيبا بما يوجب نقضه.
-----------
الوقائع
أقام المدعي بالحقوق المدنية دعواه بطريق الادعاء المباشر ضد الطاعن بوصف أنه: أعطي له بسوء نية شيكاً لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب، وطلب عقابه بالمادتين 336، 337 من قانون العقوبات وإلزامه بأن يؤدي له مبلغ واحد وخمسين جنيهاً علي سبيل التعويض المؤقت والمحكمة المذكورة قضت غيابياً عملاً بمادتي الاتهام بحبس المتهم ستة أشهر مع الشغل وكفالة خمسون جنيهاً وإلزامه بأن يؤدي للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ قرش صاغ علي سبيل التعويض المؤقت. عارض وقضي في معارضته باعتبارها كأن لم تكن. استأنف. ومحكمة بنها الابتدائية (مأمورية قليوب) (بهيئة استئنافية) قضت غيابياً بعدم قبول الاستئناف شكلاً للتقرير به بعد الميعاد. عارض وقضي في معارضته باعتبارها كأن لم تكن
فطعن الاستاذ/....... المحامي نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ.

------------
المحكمة
حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إصدار شيك بدون رصيد قد شابه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع، ذلك أن المدافع عن الطاعن قدم شهادة طبية تدليلا على مرض الطاعن، وطلب أجلا لحضوره، إلا أن المحكمة لم تجبه إلى طلبه وأطرحت عذره بما لا يسوغ إطراحه، مما يعيبه ويستوجب نقضه
وحيث إنه من المقرر إنه لا يصح في القانون الحكم في المعارضة المرفوعة من المتهم عن الحكم الغيابي الصادر ضده، إذا كان تخلفه عن الحضور بالجلسة التي حددت لنظر معارضته راجعا إلى عذر قهري، وكان المرض من الأعذار القهرية ولو لم يقعد الإنسان مادام يخشى عاقبة الإهمال فيه، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد استند في اطراحه الشهادة الطبية المقدمة من المدافع عن الطاعن للتدليل على عذره الذي حال بينه وبين حضور جلسة المعارضة الاستئنافية، إلى مطلق القول بأن المحكمة تلتفت عنه وترى فيه إطالة أمد التقاضي، دون بيان لفحوى الشهادة الطبية ودليل المحكمة فيما اعتقدته بأن المقصود بذلك هو إطالة أمد التقاضي، حتى يتسنى لمحكمة النقض مراقبة سلامة الأسباب التي من أجلها رفض الحكم التعويل عليها، فإنه يكون معيبا بما يوجب نقضه. والإعادة بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.

الطعن 17867 لسنة 59 ق 30 / 3 / 1994 مكتب فني 45 ق 70 ص 455


برئاسة السيد المستشار /أحمد عبد الرحمن نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين /على الصادق عثمان وأحمد عبد الباري سليمان وحسين الجيزاوي نواب رئيس المحكمة ومجدى أبو العلا.
--------------
إيجار اماكن . حكم " تسبيب الحكم . التسبيب المعيب".
اقتسام المؤجر مع المستأجر الأصل قيمة ما يجنيه الأخير من مقابل لقاء تنازله عن العين المؤجرة . تنازلا في حق المؤجر . غير مؤثم . أساس ذلك. ادانة الطاعن بجريمة خلو الرجل . دون الالتفات إلى دفاعه أن ما تقاضاه من نقود المجنى عليه كان مقابل تنازل الأخير عن حق الانتفاع بالوحدة المؤجرة . قصور .
لما كانت المادة 20 من القانون رقم 136 لسنة 1981 في شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر قد نصت على أنه: "يحق للمالك عند قيام المستأجر في الحالات التي يجوز فيها بيع المتجر أو المصنع أو التنازل عن حق الانتفاع بالوحدة السكنية أو المؤجرة لغير أغراض السكنى الحصول على 50%من ثمن البيع أو مقابل التنازل بحسب الأحوال بعد خصم قيمة المنقولات التي بالعين وعلى المستأجر قبل إبرام الاتفاق إعلان المالك على يد محضر بالثمن المعروض..." والبين من هذا النص ومن عنوان القانون الذي وضع فيه والأعمال التشريعية التي اقترنت بإصداره أن الشارع استحدث حلاً عادلاً لحالة تنازل المستأجر عن المكان المؤجر إليه تنازلاً نافذاً في حق المؤجر وذلك بهدف تحقيق التوازن بين حق كل من المؤجر والمستأجر في الانتفاع بالعين في هذه الحالة ولم يقصر المشرع هذا الحل على حالة بيع الجدك الذي ينطبق عليه حكم المادة 594/2 من القانون المدني بل جعله يشمل الحالة التي يثبت فيها للمستأجر حق التنازل عن الإجارة بسبب وجود تصريح من المالك بذلك في عقد الإيجار أو في وقت لاحق بعد إبرامه وسواء كان هذا الترخيص قد جاء صريحاً أو ضمنياً بتصرف يدل عليه وسواء كانت العين المؤجرة بغرض السكنى أو لغير ذلك من الأغراض ولذلك فقد رأى الشارع أن العدالة تقتضي أن يقتسم المالك مع المستأجر الأصلي قيمة ما يجنيه هذا الأخير من التصرف ببيع الجدك أو التنازل عن الإيجار ونص على أحقية المالك بأن يتقاضى نسبة 50% من ثمن البيع أو مقابل التنازل بحسب الأحوال بعد خصم قيمة ما قد يوجد بالعين من منقولات شملها التصرف وأوجب على المستأجر إعلان المالك على يد محضر بالثمن المعروض. لما كان ذلك، وكان دفاع الطاعن - في خصوص الدعوى - يعد هاماً وجوهرياً لما يترتب عليه من أثر في تحديد مسئوليته الجنائية وجوداً أو عدماً مما كان يتعين على المحكمة أن تمحص عناصره كشفاً لمدى صدقه أو أن ترد عليه بما يدفعه إن رأت إطراحه وهى على بينة من حكم القانون بشأنه، أما وقد سكتت عنه إيراداً له ورداً عليه، فإن الحكم المطعون فيه يكون مشوباً بالقصور متعيناً نقضه والإعادة.
-------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: بصفته مؤجراً تقاضي مبالغ خارج نطاق عقد الإيجار "خلو رجل" وطلبت عقابه بالمواد 1، 1/26، 77 من القانون رقم 49 لسنة 1977 المعدل بالمادتين 24، 3/35 من القانون رقم 136 لسنة 1981 ومحكمة أمن الدولة الجزئية ..... قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام بحبس المتهم ثلاثة أشهر مع الشغل وتغريمه مبلغ أثني عشر ألف جنيه يؤول لصندوق الإسكان بمحافظة الإسكندرية وإلزامه برد مبلغ ستة آلاف جنيه للمجني عليه استأنف المحكوم عليه ومحكمة .... الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت حضوريا بقبول الاستئناف شكلاً، وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف مع وقف تنفيذ عقوبة الحبس فقط
فطعن الاستاذ/ ...... المحامي نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.

-------------
المحكمة
حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة خلو الرجل قد شابه قصور في التسبيب، ذلك بأن دفاعه قام على أن اقتضاءه النقود - بفرض صحته، وهو مؤجر - كان مقابل تنازل المستأجر الأصلية....... عن حق الانتفاع بالوحدة المؤجرة -، وقد أباح المشرع في المادة 30 من القانون رقم 126 لسنة 1981 هذا الفعل، إلا أن الحكم لم يعرض لهذا الدفاع، مما يعيبه ويستوجب نقضه
ومن حيث إنه يبين من المفردات التي أمرت المحكمة بضمها - تحقيقا لمبنى الطعن - أن الطاعن قدم مذكرة إلى محكمة ثاني درجة، بما تضمنه دفاعه الوارد به. لما كان ذلك، وكانت المادة 20 من القانون رقم 136 لسنة 1981 في شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر قد نصت على أنه: (يحق للمالك عند قيام المستأجر في الحالات التي يجوز فيها بيع المتجر أو المصنع أو التنازل عن حق الانتفاع بالوحدة السكنية أو المؤجرة لغير أغراض السكنى الحصول على 50% من ثمن البيع أو مقابل التنازل بحسب الأحوال بعد خصم قيمة المنقولات التي بالعين وعلى المستأجر قبل إبرام الاتفاق إعلان المالك على يد محضر بالثمن المعروض ......) والبين من هذا النص ومن عنوان القانون الذي وضع فيه والأعمال التشريعية التي اقترنت بإصداره أن الشارع استحدث حلا عادلا لحالة تنازل المستأجر عن المكان المؤجر إليه تنازلا نافذا في حق المؤجر وذلك بهدف تحقيق التوازن بين حق كل من المؤجر والمستأجر في الانتفاع بالعين في هذه الحالة ولم يقصر المشرع هذا الحل على حالة بيع الجدك الذي ينطبق عليه حكم المادة 594/2 من القانون المدني بل جعله يشمل الحالة التي يثبت فيها للمستأجر حق التنازل عن الإجارة بسبب وجود تصريح من المالك بذلك في عقد الإيجار أو في وقت لاحق بعد إبرامه وسواء كان هذا الترخيص قد جاء صريحا أو ضمنيا بتصرف يدل عليه وسواء كانت العين مؤجرة بغرض السكنى أو لغير ذلك من الأغراض ولذلك فقد رأى الشارع أن العدالة تقتضي أن يقتسم المالك مع المستأجر الأصلي قيمة ما يجنيه هذا الأخير من التصرف ببيع الجدك أو التنازل عن الإيجار ونص على أحقية المالك بأن يتقاضى نسبة 50% من ثمن البيع أو مقابل التنازل بحسب الأحوال بعد خصم قيمة ما قد يوجد بالعين من منقولات شملها التصرف وأوجب على المستأجر إعلان المالك على يد محضر بالثمن المعروض. لما كان ذلك، وكان دفاع الطاعن - في خصوص الدعوى - يعد هاما وجوهريا لما يترتب عليه من أثر في تحديد مسئوليته الجنائية وجودا أو عدما مما كان يتعين على المحكمة أن تمحص عناصره كشفا لمدى صدقه أو أن ترد عليه بما يدفعه إن رأت اطراحه وهي على بينة من حكم القانون بشأنه، أما وقد سكتت عنه إيرادا له وردا عليه، فإن الحكم المطعون فيه يكون مشوبا بالقصور متعينا نقضه والإعادة، بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.

الأحد، 18 فبراير 2018

عدم دستورية الدعم المالي خارج قانون الموازنة العامة


القضية رقم 86 لسنة 17 ق "دستورية "
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت 7 فبراير سنة 1998 الموافق 10 شوال سنة 1418 ه
برئاسة السيد المستشار الدكتور/ عوض محمد عوض المر   رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: سامى فرج يوسف والدكتور عبد المجيد فياض وماهر البحيرى ومحمد على سيف الدين وعدلى محمود منصور ومحمد عبد القادر عبد الله .
وحضور السيد المستشار الدكتور/ حنفى على جبالى   رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد/ حمدى أنور صابر           أمين السر
أصدرت الحكم الآتي
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 86 لسنة 17 قضائية "دستورية "
المقامة من
السيد / رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لشركة اسمنت بورتلاند بحلوان
ضد
1 - السيد / رئيس مجلس الوزراء
2 - السيد / أحمد عبد القادر السيد بصفته نقيب التطبيقيين
" الإجراءات "
بتاريخ 18 ديسمبر سنة 1995 أودع المدعى بصفته هذه الدعوى بإيداع صحيفتها قلم كتاب المحكمة ، طالباً الحكم بعدم دستورية الشطر الأول من البند خامساً من المادة (51) من القانون رقم 67 لسنة 1974 بإنشاء نقابة المهن الفنية التطبيقية .
قدمت كل من هيئة قضايا الدولة ، ونقابة المهن الفنية التطبيقية ، مذكرة بدفاعها.
وبعد تحضير الدعوى ، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونُظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة ، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
" المحكمة "
بعد الاطلاع على الأوراق والمداولة .
حيث إن الوقائع -على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق- تتحصل في أن نقابة المهن الفنية التطبيقية ، كانت قد أقامت الدعوى رقم 3771 لسنة 1993 مدنى ، أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية ، ضد عدد من الشركات المنتجة للإسمنت - ومن بينها الشركة المدعية - بطلب ندب خبير حسابي لتقدير قيمة دمغة نقابة المهن التطبيقية المستحقة عليها وما يستجد من مبالغها، وكذلك رسم الإنتاج المقرر عن إنتاج كل شيكارة أسمنت بمليم واحد، وذلك ابتناء على أنها دين تقرر فى ذمتها بمقتضى حكم البند "خامساً" من المادة (51) من القانون رقم 67 لسنة 1974بشأن نقابة المهن الفنية التطبيقية . وبجلسة 24/10/1995 دفعت الشركة المدعية بعدم دستورية الشطر الأول من البند المشار إليه، وإذ قدرت محكمة الموضوع جدية هذا الدفع، فقد صرحت للمدعية برفع الدعوى الدستورية ، فأقامتها. وبجلسة 27/2/1996 قضت بوقف الدعوى تعليقاً لحين الفصل فى الطعن الراهن بعدم الدستورية .
وحيث إن المادة (51) من القانون رقم 67 لسنة 1974 بإنشاء نقابة المهن الفنية التطبيقية تنص على أن " تتكون إيرادات النقابة من:
"خامساً": حصيلة رسم قدره مليم واحد على إنتاج الشيكارة من الإسمنت وزن 50 كيلو جرام.......".
وحيث إن من المقرر -وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن الضريبة فريضة مالية تقتضيها الدولة جبراً من المكلفين بأدائها، إسهاماً من جهتهم فى أعبائها وتكاليفها العامة وهم يدفعونها لها بصفة نهائية ، ودون أن يعود عليهم نفع خاص من وراء التحمل بها، فلا تقابلها خدمة محددة بذاتها، يكون الشخص العام قد بذلها من أجلهم، وعاد عليهم مردودها ومن ثم كان فرضها مرتبطاً بمقدرتهم التكليفية ، ولا شأن لها بما آل إليهم من فائدة بمناسبتها، وإلا كان ذلك خلطاً بينها وبين الرسم، إذ يستحق مقابلاً لنشاط خاص أتاه الشخص العام - وعوضاً عن تكلفته - وإن لم يكن بمقدارها متى كان ذلك، وكان الرسم المفروض بمقتضى قانون نقابة المهن الفنية التطبيقية على إنتاج الشيكارة الواحدة من الإسمنت، لا تقابله خدمة فعلية ، تكون النقابة قد بذلتها لمن يتحملون بها، فإنها تنحل إلى ضريبة من الناحية القانونية ، وهى بعد ضريبة لا يقتصر نطاق تطبيقها على رقعة إقليمية معينة تمتد إليها دون سواها، ويتحدد المخاطبون بها في إطار هذه الدائرة وحدها، بل يعتبر تحقق الواقعة المنشئة لها على امتداد النطاق الإقليمي للدولة - وبغض النظر عن تقسيماتها الإدارية - مرتباً لدينها في ذمة الممول، مما مؤداه: تكافؤ الممولين في الخضوع لها دون تمييز، وسريانها بالتالي - و بالقوة ذاتها - كلما توافر مناطها في أية جهة داخل حدودها الإقليمية ، وهو ما يعنى أنها ضريبة عامة يقوم التماثل فيما بين الممولين بصددها، على وحدة تطبيقها من الناحية الجغرافية ،وليس بالنظر إلى مقدار الضريبة التي يؤدونها، ذلك أن التعادل بينهم في نطاقها ليس فعلياً، بل جغرافياً.
وحيث إن من المقرر أن الضريبة التي يكون أداؤها واجباً وفقاً للقانون - وعلى ما تدل عليه المادتان (61، 119) من الدستور - هي التي تتوافر لها قوالبها الشكلية والأسس الموضوعية التي لا تقوم إلا بها، وبشرط أن تكون العدالة الاجتماعية التي ينبني عليها النظام الضريبي ضابطاً لها في الحدود المنصوص عليها في المادة (38) من الدستور، فإن أصل الحق في الضريبة محل النزاع الماثل، يكون مطروحاً على المحكمة الدستورية العليا بقوة النصوص الدستورية ذاتها، لتقول كلمتها في شأن دستوريتها.
وحيث إن الضريبة العامة يحكمها أمران لا ينفصلان عنها، بل تتحدد دستوريتها على ضوئهما معاً:
أولهما: أن الأموال التي تجبيها الدولة من ضرائبها وثيقة الاتصال بوظائفها الحيوية ، وبوجه خاص ما تعلق منها بتأمين مجتمعها، والعمل على تطويره. وقيامها على وظائفها هذه، يقتضيها أن توفر بنفسها -ومن خلال الضريبة وغيرها من الموارد- المصادر اللازمة لتمويل خططها وبرامجها. والرقابة التي تفرضها السلطة التشريعية -بوسائلها- على هذه الموارد ضبطاً لمصارفها، هي الضمان لإنفاذ سياستها المالية التي لا يجنح الاقتصاد معها نحو أعاصير لا تؤمن عواقبها، وبوجه خاص في نطاق العمالة ، وضمان استقرار الأسعار، وصون معدل معقول للتنمية ، وكذلك حد أدنى لمواجهة أعباء الحياة .
وهذه القواعد والضوابط التي تهيمن بها السلطة التشريعية على الإنفاق العام، هي التي يتعين أن تنزل عليها السلطة التنفيذية ، فلا تحيد عنها أو تعدل فيها، لضمان ألا يكون هذا الإنفاق إسرافاً أو تبديداً أو إرشاءً أو إغواء، بل أميناً، مقتصداً ورشيداً. وهى بعد قواعد لا يجوز على ضوئها جر مبالغ من الخزانة العامة قبل تخصيصها وفقاً للقانون، بما يكفل رصدها على الأغراض التي حددها، والتي لا يجوز أن تتحول السلطة التنفيذية عنها، ولا أن تعدل فيها بإرادتها المنفردة
بما مؤداه: أن ربط الموارد في جملتها، بمصارفها تفصيلاً، وإحكام الرقابة عليها، يعد إلتزاماً دستورياً يقيد السلطة التشريعية ، فلا يجوز لها أن تناقض فحواه بعمل من جانبها، إذ هو جوهر اختصاصها في مجال ضبطها لمالية الدولة ، وإرساء قواعدها وفقاً لأحكام المواد (115، 116، 120) من الدستور.
ثانيهما: أن الضريبة العامة -وبغض النظر عن جوانبها التنظيمية التي تعتبر من آثارها العرضية غير المباشرة - لا تزال مورداً مالياً، بل هي كذلك أصلاً وابتداءً. ومن ثم تتضافر مع غيرها من الموارد التي تستخدمها الدولة لمواجهة نفقاتها الكلية ، سواء في ذلك تلك التي يكون طابعها منتظماً أو طارئاً، بما مؤداه: أن استخدامها لمواردها تلك، لا ينفصل عن واجباتها الدستورية التي تقتضيها أن تكون مصارفها مسخرة لتحقيق النفع العام لمواطنيها.
ومن ثم يكون النفع العام -أو ما يعبر عنه أحياناً بأكبر منفعة جماعية - قيداً على إنفاقها لإيراداتها، وكذلك شرطاً أولياً لاقتضائها لضرائبها ورسومها.
وحيث إن ما تقدم مؤداه: أن أغراض التمويل تعتبر قيداً على السلطة الضرائبية يقارنها ولا يفارقها، وحدا من الناحية الدستورية على ضوابط إنفاق المال العام. ولا يعنى ما تقدم أن الدولة لا تستطيع تحويل بعض مواردها إلى الجهة التي تراها لتعينها بها على النهوض بمسئولياتها وتطوير نشاطها، بل يجوز ذلك بشرطين:
أولهما: أن تكون الأغراض التي تقوم عليها هذه الجهة وفقاً لقانون إنشائها، وثيقة الاتصال بمصالح المواطنين في مجموعهم، أولها آثارها على قطاع عريض من بينهم، مما يجعل دورها في الشئون التي تعنيهم حيوياً.
ثانيهما: أن يكون دعمها مالياً مطلوباً لتحقيق أهدافها، على أن يتم ذلك - لا عن طريق الضريبة التي تفرضها السلطة التشريعية ابتداء لصالحها لتعود إليها مباشرة غلتها - بل من خلال رصد ما يكفيها بقانون الموازنة العامة وفقاً للقواعد التي نص عليها الدستور، وفى إطار الأسس الموضوعية التي يتحدد مقدار هذا الدعم على ضوئها.
وحيث إن الأصل فى الضريبة - وباعتبار أن حصيلتها تعد إيراداً عاماً- أن يؤول مبلغها إلى الخزانة العامة ليندمج مع غيره من الموارد التي تم تدبيرها، لتفقد كل منها ذاتيتها، ولتشكل جميعها نهراً واحداً لإيراداتها الكلية Consolidated Funds؛ وكان النص المطعون فيه قد فرض الضريبة المتنازع عليها لصالح نقابة بذاتها، واختصها بحصيلتها التى تؤول مباشرة إليها، فلا تدخل خزانة الدولة ، أو تقع ضمن مواردها ليمتنع استخدامها فى مجابهة نفقاتها، فإنها تكون فى حقيقتها معونة مالية رصدتها الدولة لتلك النقابة - لا عن طريق الضوابط التى فرضها الدستور فى شأن الإنفاق العام - ولكن من خلال قيام الضريبة المطعون عليها بدور يخرجها عن مجال وظائفها، ويفقدها مقوماتها لتنحل عدماً، وهو ما يقتضى الحكم بعدم دستوريتها لمخالفتها أحكام المواد (61، 115، 116، 119، 120) من الدستور.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم دستورية البند "خامساً" من المادة (51) من القانون رقم 67 لسنة 1974 بإنشاء نقابة المهن الفنية التطبيقية ، فيما نص عليه من تخويلها حق اقتضاء رسم قدره مليم واحد على إنتاج الشيكارة من الأسمنت وزن 50 كيلو جرام، وألزمت الحكومة المصروفات ومبلغ مائة جنيه مقابل أتعاب المحاماة .