الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 9 يناير 2018

الوقائع المصرية 2018

العدد 13
العدد 37
العدد 37 تابع
العدد 54 تابع
العدد 59
العدد 61
العدد 62
العدد 65
العدد 83 تابع
العدد 89
العدد 97
العدد 98
العدد 111
العدد 113
العدد 114
العدد 121 تابع
العدد 131
العدد 134
العدد 138
العدد 142
العدد 148
العدد 166
العدد 180 تابع
العدد 193
العدد 194
العدد 195
العدد 195 تابع أ
العدد 196
العدد 197
العدد 198
العدد 199
العدد 199 تابع
العدد 199 تابع أ
العدد 199 تابع ب
العدد 200
العدد 201
العدد 203
العدد 212
العدد 222
العدد 274

الاثنين، 8 يناير 2018

مذكرة إيضاحية للقانون 116 لسنة 1983 بشأن المساس بالرقعة الزراعية

أعدت وزارة الزراعة مشروع قانون بعدم المساس بالرقعة الزراعية والحفاظ على خصوبتها تناول تنظيماً جديداً شاملاً ومحكماً لجوانب هذا الموضوع سواء فيما يختص بالتجريف أو التبوير أو إقامة المباني والمنشآت على الأرض الزراعية وذلك ليحل محل المواد المتفرقة التي تنظم هذه الموضوعات في قانون الزراعة الصادر بالقانون رقم 53 لسنة 1966 والقانون رقم 3 لسنة 1983 بإصدار قانون التخطيط العمراني وليواكب ما طرأ من تطورات على ظروف البلاد وتواجه بحزم ما كشف عنه تطبيق الأحكام القائمة من ثغرات أو قصور
وقد تمت مراجعة المشروع المذكور بقسم التشريع بمجلس الدولة، كما أقرته اللجنة الوزارية للإنتاج بجلستها المعقودة في 22/4/1982 ببعض التعديلات التي استهدفت تطبيق الاستثناءات من الحظر المقرر على إقامة المباني والمنشآت على الأرض الزراعية
وبعرض الأمر على اللجنة الوزارية للشئون التشريعية رأت أنه من الأوفق تضمين أحكام هذا المشروع في قانون الزراعة تغليباً لفكرة وحدة التشريع وتكامله وعليه قامت هذه الوزارة بإعداد مشروع بتعديل قانون الزراعة بإضافة كتاب ثالث إليه يتضمن أحكام المشروع المقترح مع الأخذ في الاعتبار التعديلات التي رؤى إدخالها بتوصيات اللجنة الوزارية للإنتاج واللجنة الوزارية للشئون التشريعية وقد وافقت اللجنة الأخيرة على المشروع بجلستها المعقودة في 28/11/1982 بالصيغة المعدلة المرفقة
ويقوم المشروع في صيغة النهائية على الأسس الآتية
أولاً: حظر تجريف الأرض الزراعية ونقل الأتربة منها أو التعامل فيها أو استعمالها في غير الأغراض الزراعية مع ضبط وسائل النقل والآلات والمعدات والأتربة الزائدة الناتجة عن التجريف بالطريق الإداري مع تحديد مفهوم التجريف المحظور وتنظيم الحالات المستثناة التي يرخص فيها بقصد تحسين الأراضي أو المحافظة على خصوبتها ونيط ذلك بقرار يصدر من المحافظة المختص بشروط وإجراءات يصدر بها قرار من وزير الزراعة وذلك تدعيماً لدور أجهزة الحكم المحلي وتحقيقاً لمساهمتها في الحفاظ على خصوبة الأرض الزراعية فضلاً عن تقرير عقوبات مشددة على مخالفة هذه الأحكام
ثانياً: استحداث تنظيم جديد يواجه تبوير الأرض الزراعية سواء بالترك دون زراعة أو بإتيان أي فعل أو امتناع عن فعل يؤدي إلى ذلك وتقرير عقوبات على مخالفة ذلك تشمل إنهاء عقد إيجار المستأجر المخالف
ثالثاً: حظر إقامة المباني والمنشآت على الأرض الزراعية أو تقسيمها لإقامة مبان عليها وتنظيم الحالات المستثناة من هذا الحظر بمراعاة ما طرأ من تطورات وظروف وما كشف عنه تطبيق التنظيم الحالي من صعاب وثغرات ونيط الترخيص في هذه الحالات الاستثنائية بقرار يصدر من المحافظ المختص بشروط وضوابط بها قرار من وزير الزراعة بالاتفاق مع وزير التعمير مع تشديد العقوبات المقررة على مخالفة ذلك
رابعاً: حظر إقامة مصانع أو قمائن طوب أحمر جديدة وحظر تشغيل القائم منها باستخدام أتربة ناتجة عن تجريف أرض زراعية بالمخالفة للقانون مع المعاقبة على مخالفة ذلك، وواضح أن ذلك الحظر يستهدف وضع حد لعمليات التجريف المخالفة تبعاً لمنع الأغراض التي يستخدم فيها ناتج هذا التجريف وهو صنع الطوب الأحمر
خامساً: إنشاء شرطة خاصة بوزارة الداخلية لحماية الأراضي الزراعية ومنع وقوع الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون وضبطها وتنفيذ الأوامر والقرارات الإدارية بإزالة التعديلات ووقف المخالفات
سادساً: تقرير أيلولة حصيلة الرسوم والغرامات المنصوص عليها في هذا القانون إلى جهاز خاص بتحسين الأراضي ويودع في حساب خاص يتم الصرف منه في أغراض تحسين الأراضي وزيادة خصوبتها
ونتشرف بعرض مشروع القانون المشار إليه في صورته المعدلة المرفقة
رجاء التكرم - لدى الموافقة - باتخاذ اللازم لإصداره.



عدم دستورية نقل حضانة الصغير (القبطي) من أمه إلى أبيه إذا كان حكم الطلاق صادراً لمصلحته ( المادة 72 / 1 من لائحة الأحوال الشخصية للأقباط الأرثوذكس )

القضية رقم 151 لسنة 20 ق "دستورية "
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت 3 يونيه سنة 2000 الموافق 30 صفر سنة 1421ه
 برئاسة السيد المستشار / محمد ولى الدين جلال      رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين / حمدي محمد على والدكتور عبد المجيد فياض وماهر البحيري ومحمد على سيف الدين وعدلي محمود منصور ومحمد عبد القادر عبد الله •
وحضور السيد المستشار / عبد الوهاب عبد الرازق       رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / ناصر إمام محمد حسن           أمين السر
أصدرت الحكم الآتي
في القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 151 لسنة 20 قضائية "دستورية ".
المقامة من
السيدة / ماجدة ينى بنايوتى
ضد
    1 - السيد رئيس الجمهورية
    2 - السيد رئيس مجلس الوزراء
    3 - السيد بطريرك الأقباط الأرثوذكس
    4 - السيد / عطيه عيسى باسيلي
    5 - السيدة / نرجس اسكندر ساويرس
" الإجراءات "
بتاريخ الثاني والعشرين من يوليه سنة 1998، أودعت المدعية صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة طلباً للحكم بعدم دستورية نص المادة (72) من لائحة الأقباط الأرثوذكس فيما تضمنته من أن حضانة الأولاد تكون للزوج الذى صدر حكم الطلاق لمصلحته.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة فوضت فيها الرأي للمحكمة .
وبعد تحضير الدعوى ، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة ، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
" المحكمة "
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة .
حيث إن الوقائع -على ما يبين من صحيفة الدعوى ، وسائر الأوراق- تتحصل في أن المدعى عليه الرابع كان قد أقام ضد المدعية الدعوى رقم 113 لسنة 1998 ملي جزئي أمام محكمة بندر الجيزة ، ابتغاء القضاء بضم صغيرهما البالغ من العمر خمس سنوات إلى حضانته، قولاً منه بأنه صدر لصالحه حكم نهائي بتطليقه من المدعية لاستحكام الخلاف والنفور بينهما، وهجرها منزل الزوجية مدة تزيد على ثلاث سنوات. وأثناء نظر الدعوى ، دفعت المدعية بعدم دستورية نص المادة (72) من لائحة الأحوال الشخصية للأقباط الأرثوذكس التى تقضى بأن تكون الحضانة للزوج الذى صدر حكم الطلاق لمصلحته، وإذ قدرت محكمة الموضوع جدية الدفع، وصرحت للمدعية برفع الدعوى الدستورية ، فقد أقامتها.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن المشرّع وقد أحال فى شأن الأحوال الشخصية للمصريين غير المسلمين إلى شرائعهم مستلزماً تطبيقها دون غيرها فى كل ما يتصل بها؛ فإنه يكون قد ارتقى بالقواعد التي تتضمنها هذه الشرائع إلى مرتبة القواعد القانونية من حيث عموميتها وتجريدها؛ وتمتعها بخاصية الإلزام لينضبط بها المخاطبون بأحكامها؛ ويندرج تحتها في نطاق الأحوال الشخصية للأقباط الأرثوذكس، لائحتهم التى أقرها المجلس الملي العام في 9 مايو سنة 1938، وعمل بها اعتباراً من 8 يوليه سنة 1938، إذ تعتبر القواعد التي احتوتها هذه اللائحة - وعلى ما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة الثالثة من القانون رقم 1 لسنة 2000 بإصدار قانون تنظيم بعض أوضاع وإجراءات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية التي حلت محل الفقرة الثانية من المادة (6) من القانون رقم 462 لسنة 1955 - شريعتهم التي تنظم أصلاً مسائل أحوالهم الشخصية ، بما مؤداه: خضوعها للرقابة الدستورية التي تتولاها هذه المحكمة .
وحيث إن المادة (127) من اللائحة المشار إليها تنص على أن "الأم أحق بحضانة الولد وتربيته حال قيام الزوجية وبعدها؛ وبعد الأم تكون الحضانة للجدة لأم ثم للجدة لأب..." وتنص المادة (128) من ذات اللائحة على أنه "إذا لم يوجد للصغير قريبة من النساء أهل للحضانة تنتقل إلى الأقارب الذكور ويقدم الأب ...".
كما تنص المادة (72) - المطعون عليها - في فقرتها الأولى على أن:
"حضانة الأولاد تكون للزوج الذى صدر حكم الطلاق لمصلحته مالم يأمر المجلس بحضانة الأولاد أو بعضهم للزوج الآخر أو لمن له حق الحضانة بعده".
ومؤدى هذه النصوص مجتمعة ، ثبوت الحق في الحضانة للمحارم من النساء أولاً؛ وفى الصدارة منهن أم الصغير سواء حال قيام علاقة الزوجية أو بعد انفصامها، ولا ينتقل هذا الحق إلى أقارب الصغير من الرجال، بمن فيهم الأب، إلا عند عدم وجود قريبة له من النساء تتوافر فيها الأهلية للحضانة ؛ بيد أن اللائحة استثنت من هذا الحكم - بالنص الطعين- "الأم المطلقة " إذا كان حكم الطلاق صادراً لمصلحة أب الصغير؛ ناقلة الحضانة إليه؛ وفى هذا الاستثناء، وبقدر ارتباطه بمصلحة المدعية فى النزاع الموضوعي ، ينحصر نطاق الدعوى الماثلة .
وحيث إن المدعية تنعى على النص الطعين - فى إطاره المتقدم - تمييزه بين أبناء الوطن الواحد في مسألة لا تتعلق بجوهر العقيدة ، وإخلاله بالمساواة - فى شأن الحضانة - بين المطلقات المسلمات وأزواجهن وصغارهن من جهة ، وبين المطلقات المسيحيات وأزواجهن وصغارهن من جهة أخرى ؛ فضلاً عن إهداره مصلحة الأسرة المسيحية ؛ بالمخالفة لحكم المادتين (10، 40) من الدستور.
وحيث إن الحضانة في أصل شرعتها -وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - ولاية للتربية غايتها الاهتمام بالصغير وضمان رعايته والقيام على شئونه في الفترة الأولى من حياته التي لا يستغنى فيها عن عناية النساء ممن لهن الحق في تربيته شرعاً، والأصل فيها هو مصلحة الصغير، وهى تتحقق بأن تضمه الحاضنة إلى جناحها باعتبارها أحفظ عليه وأحرص على توجيهه، وأقدر على صيانته، ولأن انتزاعه منها طفلاً -وهى أشفق عليه وأوفر صبراً- مضرة به في هذه الفترة الدقيقة من حياته التي لا يستقل فيها بأموره. ولا تُقدّم الشريعة الإسلامية -في مبادئها المقطوع بثبوتها ودلالتها- على الأم أحداً فى شأن الحضانة ؛ فبذلك قضى الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح لامرأة احتكمت إليه في أمر مطلقها؛ وقد أراد أن ينتزع منها صغيرهما: "أنت أحق به مالم تنكحي ".
وحيث إن قوانين الأحوال الشخصية للمسلمين؛ وإن حفلت بتحديد سن الحضانة ؛ وترتيب الحاضنات - ومن بعدهم الحاضنين - مقدمة أم الصغير على من عداها من النساء؛ إلا أنها خلت من نص ينظم أحكام الأهلية للحضانة ؛ فوجب الرجوع في شأنها إلى أرجح الأقوال فى فقه المذهب الحنفي ؛ عملاً بالفقرة الأولى من المادة الثالثة من القانون رقم 1 لسنة 2000 المشار إليه. وأهم ما دل عليه فقه هذا المذهب - فضلاً عما يشترط فى الحاضنة من حيث البلوغ والعقل والكفاءة ، والأمانة على المحضون وعدم إمساكه عند غير ذى رحم محرم منه - أن طلاق أم الصغير من أبيه، حتى ولو كان الطلاق راجعاً إليها؛ لا ينفى بذاته أهليتها لحضانته. وهذا الحكم وإن تعلق بالمسلمين؛ إلا أنه - طبقاً للاعتبارات التى تقدم بيانها - أكفل تحقيقاً لمصلحة الصغير - ذكراً كان أم أنثى - وإن افترق أبواه.
وحيث إن تحديد قواعد الأهلية للحضانة لا تعد في الديانة المسيحية من أصول العقيدة التي وردت بشأنها - في مجال الأحوال الشخصية - نصوص قاطعة - كواحدية الزوجة وحظر الطلاق إلا لعلة الزنا - فتعتبر بالتالي شأنا اجتماعياً خالصاً، بما يجعل تحديدها على نحو موحد يشمل كل أبناء الوطن الواحد، أقرب إلى واقع ظروف المجتمع، وأدنى إلى تحقيق المساواة بين أفراده في مجال الحقوق التي يتمتعون بها بما يكفل الحماية التي يقررها الدستور والقانون للمواطنين جميعاً بلا تمييز بينهم. فالأسرة القبطية -فيما خلا الأصول الكلية لعقيدتها- هي ذاتها الأسرة المسلمة ، إلى مجتمعها تفي؛ وبقيمه وتقاليده تستظل؛ وبالتالي يجب أن يسقط هذا الشرط المُتحيّف بصغارها؛ لا إعراباً عن الندّيّة بين أبناء الوطن الواحد فحسب؛ بل وتوكيداً لانضوائهم في نسيج واحد تحت لوائه. يؤيد ذلك أن الدستور، قد أو رد الأحكام التي تكفل رعاية الأسرة المصرية ، فى المواد (9،10، 11، 12) منه، وقد دل بها على أن الحق فى تكوين الأسرة -أياً كان معتقدها الديني - لا ينفصل عن الحق في وجوب صونها على امتداد مراحل بقائها، وإقامة الأمومة والطفولة على أسس قويمة تكفل رعايتها، وتنمية ملكاتها.
 لما كان ذلك، وكان النص الطعين قد نقض هذا الأصل - بتمييزه بين صغار المصريين تبعاً لمعتقداتهم الدينية ، مقيماً بينهم تفرقة غير مبررة بسبب ديانتهم - مقتلعاً الطفولة من جذورها، مباعداً بينها وبين تربتها، فلا تتخلف من بعدها إلا أجساد هزيلة ، ونفوس سقيمة أظمأها الحرمان، بدلاً من أن يرويها الحنان لتشب سوية نافعة لمجتمعها؛ فإنه بذلك يكون مخالفاً لأحكام المواد (9، 10، 40) من الدستور.
وحيث إنه، وقد خلصت المحكمة ، إلى إبطال النص الطعين فإن عجزه؛ وقد أجاز تخويل الحق فى الحضانة للزوج الآخر؛ أو لمن يليه، يغدو ساقطاً فى النطاق المتقدم لوروده على غير محل.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم دستورية نص الفقرة الأولى من المادة (72) من لائحة الأحوال الشخصية للأقباط الأرثوذكس فيما تضمنه من نقل حضانة الصغير من أمه إلى أبيه إذا كان حكم الطلاق صادراً لمصلحته، وبسقوط عجز هذه الفقرة ، وألزمت الحكومة المصروفات، ومبلغ مائة جنيه مقابل أتعاب المحاماة .

عدم دستورية المادة 109 من مجموعة الأرمن الأرثوذكس لعام 1946 بشأن سن الحضانة

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت 4 ابريل سنة 1998 الموافق 7 ذو الحجة 1418 هـ .
برئاسة السيد المستشار الدكتور  عوض محمد عوض المر               رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين:  الدكتور محمد إبراهيم أبو العينين ومحمد ولى الدين جلال ونهاد عبد الحميد خلاف وفاروق عبد الرحيم غنيم وحمدى محمد على وسامى فرج يوسف
وحضور السيد المستشار الدكتور / حنفى على جبالي            رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / حمدى أنور صابر                           أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 81 لسنة 18 قضائية "دستورية "
المقامة من
السيدة / لوسى أرتين أفيديسيان
ضد
1 - السيد / رئيس الجمهورية
2 - السيد / رئيس مجلس الوزراء
3 - السيد / رئيس اللجنة التشريعية بمجلس الشعب
4 - السيد / بطريرك الأرمن الأثوذكس بالقاهرة  
5 - السيد / رفانت هواجيم أرتين سيركاجيان
6 - السيدة / أراكس تروس بورتالتيان
" الإجراءات  "
بتاريخ 20 يوليو سنة 1996، أودعت المدعية صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة ، طالبة الحكم بعدم دستورية المادتين (107، 109) من مجموعة الأحوال الشخصية لطائفة الأرمن الأرثوذكس.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم، أصلياً: بعدم قبول الدعوى ، واحتياطياً: بتفويض الرأى   للمحكمة الدستورية العليا بما تراه متفقا وأحكام الدستور.
وقدم المدعى عليهما الخامس والسادسة ، مذكرة طلبا فيها الحكم أصلياً: بعدم قبول الدعوى واحتياطياً: برفضها.
وبعد تحضير الدعوى ، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة ، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
" المحكمة "
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة .
          حيث إن الوقائع - على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - تتحصل فى أن المدعى عليهما الخامس والسادسة ، كانا قد أقاما ضد المدعية دعواهما رقم 107 لسنة 1993 التي طلبا فيها الحكم بسلب حضانتها لابنتيها ناتالى وميلانى ، وتسليمهما للمدعى عليها السادسة - جدتهما - لتتولى شئون حضانتهما تحت إشراف والدهما، المدعى عليه الخامس. وقد قررت محكمة مصر الجديدة الجزئية للأحوال الشخصية إحالة الدعوى إلى محكمة الزيتون الجزئية للأحوال الشخصية حيث قيدت برقم 1105 لسنة 1994 جزئي أحوال شخصية ملى الزيتون، وفيها قضت هذه المحكمة حضورياً بضم الطفلة ناتالي إلى جدتها لأبيها، فاستأنفت المدعية هذا الحكم، وقيد استئنافها برقم 919 لسنة 1995،  ثم دفعت أثناء نظره بعدم دستورية المادتين (107، 109) من مجموعة الأحوال الشخصية لطائفة الأرمن الأرثوذكس. وإذ قدرت محكمة الموضوع جدية هذا الدفع، وصرحت للمدعية باتخاذ إجراءات الطعن بعدم الدستورية ، فقد أقامت الدعوى الماثلة .
وحيث إن المادتين (107، 109) من مجموعة الأحوال الشخصية للأرمن الأرثوذكس، تجريان على النحو الآتي :
مادة (107)
عند حصول طلاق وعند انقضاء السن المحددة في المادة (109) يعهد بالسلطة الأبوية إلى الزوج الذي حصل على حكم الطلاق إلا إذا رأت المحكمة من الأنفع للأولاد أن تأمر -من تلقاء نفسها أو بناء على طلب العائلة أو الرئيس الديني - أن يعهد بهم جميعاً أو بعضهم إلى الزوج الآخر. أو إلى أحد الأقرباء أو إلى شخص أجنبي ".
مادة (109)
" تحضن الأم ولدها أثناء الزواج وبعد فسخه إلى أن يبلغ السابعة إذا كان ذكراً، وإلى التاسعة إذا كان أنثى . وللمحكمة أن ترفع سن الحضانة إلى التاسعة بالنسبة للذكر، وإلى الحادية عشرة بالنسبة للأنثى ".
وحيث إن المدعية تنعى على المادتين (107، 109) المشار إليهما، مخالفتهما لنص المادتين (10، 40) من الدستور تأسيساً على أن الحضانة احتياج طبيعي واجتماعي وإنساني لا توفره للصغير غير أمه بحنانها الطبيعي ، وبفطرتها التي تدنيها من الصغير، وتجعلها أرفق به من غيره. ولا يجوز التمييز فيها - وبالنظر إلى طبيعتها وانتفاء اتصالها بالعقيدة فى جوهر أحكامها - بين الصغار تبعاً لديانتهم، وعلى الأخص فى مجال علاقة   الأم بصغيرتها التي تكون أحوج إلى أمها بعد البلوغ الطبيعي لتبسط عليها رعايتها حتى الثانية عشرة من عمرها، مع جواز بقائها فى كنفها حتى تتزوج، فلا تكون أمها إلاعوناً لها على طرائق الحياة ، ومواجهة مشكلاتها، بما يهون  عليها ماشق من أمرها.
وحيث إن البين من النصوص التي نظمت بها مجموعة الأرمن الأرثوذكس للأحوال الشخصية ، شئون السلطة الأبوية والحضانة ، أنهما أمران مختلفان، فلا يعهد بالسلطة الأبوية على الولد إلا لأبيه يمارسها مباشرة عليه إلى أن يبلغ سن الرشد، إلا إذا استحال عليه من الناحية القانونية أو الفعلية مباشرتها، فإنها تنتقل عندئذ إلى الأم بقوة القانون [المادتين (103، 105) من هذه المجموعة ] والأصل - وعملا بنص المادة (107) المطعون عليها - أن يعهد بالسلطة الأبوية - عند حصول طلاق وانقضاء سن الحضانة التي حددتها المادة (109) - إلى الزوج الذى حصل على حكم به، إلا إذا رأت المحكمة أن من الأنفع للأولاد أن تأمر - من تلقاء نفسها أو بناء على طلب العائلة أو الرئيس الديني - أن يعهد بهم جميعاً أو بعضهم إلى الزوج الآخر أو إلى أحد الأقرباء أو إلى شخص أجنبي .
وحيث إن ذلك مؤداه: أن المادة (107) المطعون عليها لا صلة لها بالسن التي حددتها مجموعة الأرمن الأرثوذكس لانتهاء الحضانة ، ولا بالمقاييس التي ضبطتها بها، ولكنها تتصل بتنظيم السلطة الأبوية في بعض جوانبها، ليُتِمَّ بها الأولياء في شأن الصغار إعمالاً بدأتها حاضنتهم من النساء، حتى يصير الصغير مهيأ للحياة ، متصلاً بأسبابها.
وحيث إن دفاع المدعية في النزاع الموضوعي ، يتوخى إبقاء حضانتها لابنتيها من زوجها إلى سن الحضانة المقرر لكل صغير مسلم ؛ وكان نص المادة (109) المطعون عليها، يحول بذاته دون إجابتها إلى طلبها، فإن مصلحتها الشخصية والمباشرة تتوافر بالحكم ببطلان هذا النص.
ولا ينال من مصلحتها هذه، قالة أن المدعية غير أمينة على ابنتيها هاتين، ذلك أن النزاع حول أحقيتها فى حضانتهما، وأهليتها بالتالي لموالاة شئونهما، قد ينتهى لصالحها، فإذا ما قضى ببطلان نص المادة (109) المطعون عليها ، زال كل أثر لها، فلا تكون سن حضانتها لابنتيها محددة وفق نظم الأحوال الشخصية السارية فى شأن الأرمن الأرثوذكس، بل على ضوء القواعد التى فصلتها الفقرة الأولى من المادة (20) من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929، فى شأن حضانة الصغير المسلم.
وحيث إن ما ينعاه المدعى عليهما من أن أحكام الدستور القائم لا يجوز تطبيقها فى شأن النص المطعون فيه، لصدوره قبل العمل بهذا الدستور، مردود، بأن الطبيعة الآمرة لقواعد الدستور، وعلوها على ما دونها من القواعد القانونية ، وضبطها للقيم التي ينبغى أن تقوم عليها الجماعة ، والتي ترتبط بها الأسرة كذلك بوصفها قاعدة بنيانها ومدخل تكوينها، تقتضى إخضاع القواعد القانونية جميعها - وأياً كان تاريخ العمل بها - لأحكام الدستور، لضمان اتساقها والمفاهيم التي أتى بها ، فلا تتفرق هذه القواعد - فى مضامينها - بين نظم مختلفة يناقض بعضها البعض، بما يحول دون جريانها وفق المقاييس  الموضوعية ذاتها التى تطلبها الدستور القائم  كشرط لمشروعيتها الدستورية .
وحيث إن تحديد ما يدخل في نطاق مسائل الأحوال الشخصية - وفى مجال التمييز بينها وبين الأحوال العينية - وإن ظل أمراً مختلفاً عليه، إلا أن عقد الزواج والطلاق وآثارهما يندرجان تحتها، لتدخل حضانة صغار المطلق من زوجته فى نطاق هذه المسائل، فتحكمها قواعدها.
وحيث إن المجالس الملية هي التي كان لها اختصاص الفصل فى مسائل الأحوال الشخصية لغير المسلمين؛ وكان تطبيقها لشرائعهم الدينية مقارنا لاختصاصها بالفصل فى نزاعاتهم المتصلة بأحوالهم الشخصية ، فلا يكون قانونها الموضوعي إلا قانوناً دينياً. وظل هذا الاختصاص ثابتاً لهذه المجالس إلى أن صدر القانون رقم 462 لسنة 1955 بإلغاء المحاكم الشرعية والمحاكم الملية ، فقد قضى هذا القانون فى مادته الأولى بأن تلغى المحاكم الشرعية والملية ابتداء من 1/1/1956، على أن تحال الدعاوى التى كانت منظورة أمامها حتى 31/12/1955 إلى المحاكم الوطنية لاستمرار نظرها وفقاً لأحكام قانون المرافعات.
ولئن وحد هذا القانون بذلك جهة القضاء التى عهد إليها بالفصل فى مسائل الأحوال الشخصية للمصريين جميعهم، فحصرها - وأياً كانت ديانتهم - فى جهة القضاء الوطني ، إلا أن القواعد الموضوعية التى ينبغى تطبيقها على منازعاتهم فى شئون أحوالهم الشخصية ، لا تزال غير موحدة ،رغم تشتتها وبعثرتها بين مظان وجودها وغموض بعضها أحياناً. ذلك أن الفقرة الأولى من المادة (6) من هذا القانون، تقضى بأن تصدر الأحكام فى منازعات الأحوال الشخصية التى كانت أصلاً من اختصاص المحاكم الشرعية طبقاً لما هو مقرر بنص المادة (280) من لائحة ترتيبها. وتنص فقرتها الثانية على أنه فيما يتعلق بالمنازعات المتعلقة بالأحوال الشخصية للمصريين غير المسلمين، الذين تتحد طائفتهم وملتهم، وتكون لهم جهات قضائية ملية منظمة وقت صدور هذا القانون، فإن الفصل فيها يتم - فى نطاق النظام العام - طبقاً لشريعتهم.
وحيث إن ما تقدم مؤداه: أنه فيما عدا الدائرة المحدودة التى وحد المشرع فى نطاقها القواعد الموضوعية فى مسائل الأحوال الشخصية للمصريين جميعهم - كتلك التى تتعلق بمواريثهم ووصاياهم وأهليتهم - فإن المصريين غير المسلمين لا يحتكمون لغير شرائعهم الدينية بالشروط التى حددها القانون رقم 462 لسنة 1955 المشار إليه. بل إن المادة (7) من هذا القانون تنص على أن تغيير الطائفة أو الملة بما يخرج أحد الخصوم عن وحدة طائفية إلى أخرى أثناء سير الدعوى ، لا يؤثر فى تطبيق الفقرة الثانية من المادة (6) من هذا القانون، مالم يكن التغيير إلى الإسلام.
وحيث إن المشرع وقد أحال فى شأن الأحوال الشخصية للمصريين غير المسلمين - وفى إطار القواعد الموضوعية التى تنظمها - إلى شرائعهم مستلزماً تطبيقها دون غيرها فى كل ما يتصل بها، فإن المشرع يكون قد ارتقى بالقواعد التى تتضمنها هذه الشرائع، إلى مرتبة القواعد القانونية التى ينضبط بها المخاطبون بأحكامها، فلا يحيدون عنها فى مختلف مظاهر سلوكهم. ويندرج تحتها - وفى نطاق الأحوال الشخصية للأرمن  الأرثوذكس - لائحتهم  المعتمدة في 1946، إذ تعتبر القواعد التى احتوتها - وعلى ما تنص عليه الفقرة الثانية من المادة (6) من القانون رقم 462 لسنة 1955 المشار  إليه - شريعتهم التى تنظم أصلاً مسائل أحوالهم الشخصية ، بما مؤداه: خضوعها للرقابة الدستورية التى تتولاها هذه المحكمة .
وحيث إن الحضانة - فى أصل شرعتها - هي ولاية للتربية غايتها الاهتمام بالصغير وضمان رعايته والقيام على شئونه فى الفترة الأولى من حياته. والأصل فيها هو مصلحة الصغير، وهى تتحقق بأن تضمه الحاضنة - التى لها الحق فى تربيته - إلى جناحها باعتبارها أحفظ عليه، وأحرص على توجيهه وصيانته، ولأن انتزاعه منها - وهى أشفق عليه وأوثق اتصالاً به، وأكثر معرفة بما يلزمه وأوفر صبراً - مظلمة للصغير إبان الفترة الدقيقة التى لا يستقل فيها بأموره، والتي لا يجوز خلالها أن يعهد به إلى غير مؤتمن، يأكل من نفقته، ويطعمه نزراً، أو ينظر إليه شزراً.
ولا تقيم الشريعة الإسلامية -فى مبادئها المقطوع بثبوتها ودلالتها- ولا شريعة غير المسلمين من الأرمن الأرثوذكس -التي حدد الإنجيل المقدس ملامحها الرئيسية - لسن الحضانة تخوماً لا يجوز تجاوزها، انطلاقاً من أن تربية الصغير مسألة لها خطرها، وأن تطرق الخلل إليها -ولو في بعض جوانبها- مدعاة لضياع الولد، ومن ثم تعين أن يتحدد مداها بما يكون كافلاً لمصلحته، وأدعى لدفع المضرة عنه، وعلى تقدير أن مدار الحضانة على نفع المحضون، وأن رعايته مقدمة على أية مصلحة لغيره، حتى عند من يقولون بأن الحضانة لا تتمحض عن حق للصغير، وإنما يتداخل فيها حق من ترعاه ويعهد إليها بأمره.
وحيث إن الدستور - وفى إطار المقومات الأساسية للمجتمع التي تنتظم المصريين جميعاً، فلا يتوجهون لغيرها أو ينعزلون عنها - قد أو رد أحكاماً رئيسية ترعى الأسرة المصرية -سواء فى خصائصها، أو على صعيد الأفراد الذين يكونونها- هي تلك التي فصلتها المواد (9، 10، 11، 12) من الدستور. وقد دل بها على أن الحق في تكوين الأسرة لا ينفصل عن الحق فى صونها على امتداد مراحل بقائها، لتأمينها مما يخل بوحدتها، أو يؤثر سلباً فى ترابطها، أو فى القيم والتقاليد التى تنصهر فيها، بل يزكيها كافلاً لبنيها تراحماً أوثق، ولأطفالها إشرابهم  مبادءها، ومعاونتهم على صون أعراضهم وعقولهم وأموالهم وأبدانهم وعقيدتهم مما ينال  منها أو يقوضها، وكذلك اختيار أن ماط من الحياة يتعايشون معها، فلا تتفرق الأسرة التى تضمهم - وهى بنيان مجتمعهم - ولا تتنصل من واجباتها قبلهم، بل تتحمل مسئوليتها عنهم صحياً وتعليمياً وتربوياً.
بل إن الأسرة فى توجهاتها لا تعمل بعيداً عن الدين ولا عن الأخلاق أو الوطنية ، ولكنها تنميها - وعلى ضوء أعمق مستوياتها وأجلها شأناً - من خلال روافد لا انقطاع لجريانها، يتصدرها إرساء أمومتها وطفولتها بما يحفظها ويرعاها، والتوفيق بين عمل المرأة فى مجتمعها وواجباتها فى نطاق أسرتها، وبمراعاة طابعها الأصيل بوصفها الوحدة الأولى التى تصون لمجتمعها تلك القيم والتقاليد التى يؤمن بها، تثبيتاً لها وتمكيناً منها.
وحيث إنه متى كان ما تقدم، وكانت الأسرة المصرية لا يصلحها اختيار سن للحضانة لا يكون محدداً وفقاً لتغير الزمان والم كان. ولا يقيمها كذلك  انتزاع الصغير أو الصغيرة من حاضنته إعناتاً أو ترويعاً، أو إغفال الفروق الجوهرية بين المحضونين تبعاً لذكورتهم  وأنوثتهم، وخصائص تكوينهم التي تتحدد على ضوئها درجة احتياجهم إلى من يقومون على تربيتهم وتقويمهم ووقايتهم مما يؤذيهم، وكذلك إعدادهم لحياة أفضل ينخرطون فيها بعد تهيئتهم لمسئوليتها ؛ وكان تعهد المحضون - صغيراً كان أم صغيرة - بما يحول دون الإضرار بهما، مؤداه: أن يكون لحضانتهما سن تكفل الخير لهما فى إطار من الحق والعدل. وشرط ذلك اعتدالها، فلا يكون قِصَرها نافياً عن حضانتهم متطلباتها من الصون والتقويم وعلى الأخص من الناحيتين النفسية والعقلية ؛ ولا امتدادها مجاوزاً تلك الحدود التى تتوازن بها حضانتهم مع مصلحة أبيهم فى أن يباشر عليهم إشرافاً مباشراً ؛ بل تكون مدة حضانتهم بين هذين الأمرين قواما. وهو ما نحاه المشرع بالفقرة الأولى من المادة (20) من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 - بعد تعديلها بالقانون رقم 100 لسنة 1985 - من أن حق حضانة النساء ينتهى ببلوغ الصغير سن العاشرة وبلوغ الصغيرة   اثنتي عشرة سنة . ويجوز للقاضي بعد هذه السن إبقاء الصغير حتى سن الخامسة عشرة والصغيرة حتى تتزوج في يد الحاضنة -ودون أجر حضانة - إذا تبين أن مصلحتهما تقتضى ذلك.
وحيث إن تحديد سن الحضانة على النحو المتقدم، وإن تعلق بالمسلمين من المصريين، إلا أن هذا التحديد أوثق اتصالاً بمصلحة الصغير والصغيرة اللذين تضمهما أسرة واحدة وإن بعد أبواها عن بعضهما البعض. ولا يجوز فى مسألة لا يتعلق فيها تحديد هذه السن بأصول العقيدة وجوهر أحكامها، أن يمايز المشرع فى مجال ضبطها بين المصريين تبعاً لديانتهم، ذلك أن الأصل هو مساواتهم قانوناً ضماناً لتكافؤ الحماية التى يكفلها الدستور أو المشرع لجموعهم، سواء فى مجال الحقوق التي يتمتعون بها أو على صعيد واجباتهم. والصغير والصغيرة - في شأن حضانتهما - يحتاجان معاً لخدمة النساء وفقاً لقواعد موحدة لا تمييز فيها. والأسرة الأرمنية   هى ذاتها الأسرة المسلمة ، فيما خلا الأصول الكلية لعقيدة كل منهما، وتظلهم بالتالي القيم والتقاليد عينها. وإلى مجتمعهم يفيئون، فلا يكون تقيدهم بالأسس التي يقوم عليها -في مقوماتها وخصائصها- إلا تعبيراً عن انتمائهم إلى هذا الوطن واندماجهم فيه، تربوياً وخلقياً ودينياً. وما الدين الحق إلا رحمة للعالمين.
وكلما كفل المشرع لبعض أبناء الوطن الواحد حقوقاً حجبها عن سواهم على غير أسس موضوعية ، كان معمقاً فى وجدانهم وعقولهم اعتقاداً أو شعوراً بأنهم أقل شأناً من غيرهم من المواطنين.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى كذلك، على أن الناس لا يتمايزون فيما بينهم في مجال حقهم في اللجوء إلى قاضيهم الطبيعي ؛ ولا في نطاق القواعد الموضوعية والإجرائية التي تحكم الخصومة عينها؛ ولا في فعالية ضمانة الدفاع التي يكفلها الدستور للحقوق التي يطلبونها؛ ولا فى اقتضائها وفق مقايس واحدة عند توافر شروط طلبها؛ ولا فى طرق الطعن التي تنتظمها، بل يجب أن يكون للحقوق ذاتها، قواعد موحدة سواء فى مجال التداعي بشأنها،  أو الدفاع عنها،  أو استئدائها، أو الطعن في الأحكام الصادرة فصلاً فيها. ولا يجوز بالتالي أن يعطل المشرع إعمال هذه القواعد في شأن فئة بذاتها من المواطنين؛ ولا أن يقلص دور الخصومة القضائية التي يعتبر ضمان الحق فيها، والنفاذ إليها، طريقاً وحيداً لمباشرة حق التقاضي المنصوص عليه في المادة (68) من الدستور؛ ولا أن يجرد هذه الخصومة من الترضية القضائية التي يعتبر إهدارها أو تهوينها، إخلالاً بالحماية التى يكفلها الدستور للحقوق جميعها.
وحيث إن ما تنص عليه المادة (109) من مجموعة الأحوال الشخصية للأرمن من أن تحتضن الأم ولدها أثناء الزواج وبعد فسخه إلى أن يبلغ السابعة إذا كان ذكراً وإلى التاسعة إذا كان أنثى ، مؤداه: حرمان المحضون غير المسلم وكذلك حاضنته من حقين أساسيين:
أولهما: مساواة صغارها بالمحضونين من المسلمين الذين لا تنتهى حضانتهم وفقاً لقانون أحوالهم الشخصية إلا ببلوغ الصغير عشر سنين والصغيرة اثنتي عشرة سنة .
ثانيهما: حق الحاضنة فى أن تطلب من القاضي - وبعد انقضاء المدة الأصلية للحضانة - أن يظل الصغير تحت يدها حتى الخامسة عشرة ، والصغيرة حتى تتزوج، إذا تبين أن مصلحتهما تقتضى ذلك.
ولئن كان الحق الأول يستمد وجوده مباشرة من الدستور، إلا أن النفاذ إلى ثانيهما لا يكون إلا من خلال حق التقاضي ، فلا يصادر هذا الحق بعمل تشريعي ، وإلا كان ذلك نكولاً عن الخضوع للقانون، وإنكاراً لحقائق العدل فى أخص مقوماتها.
وحيث إنه متى كان ذلك، فإن النص المطعون فيه، يكون مخالفاً لأحكام المواد (9، 10، 40، 65، 68) من الدستور.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم دستورية المادة (109) من مجموعة الأرمن الأرثوذكس للأحوال الشخصية المعتمدة عام 1946، وألزمت الحكومة المصروفات، ومبلغ مائة جنيه مقابل أتعاب المحاماة .