الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 11 أبريل 2017

دستورية النظام القانوني المؤثم للتنظيم العصابي في المواد المخدرة

الطعن  97 لسنة 28 ق " دستورية " المحكمة الدستورية العليا جلسة 4 / 2 /2017
منشور في الجريدة الرسمية العدد 6 مكرر ب في 15 / 2 / 2017 ص 36
باسم الشعب 
المحكمة الدستورية العليا 
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الرابع من فبراير سنة 2017م، الموافق السابع من جمادى الأولى سنة 1438هـ
برئاسة السيد المستشار/ عبد الوهاب عبد الرازق رئيس المحكمة 
وعضوية السادة المستشارين: الدكتور حنفي علي جبالي والدكتور عادل عمر شريف وبولس فهمي إسكندر ومحمود محمد غنيم وحاتم حمد بجاتو والدكتور محمد عماد النجار نواب رئيس المحكمة 
وحضور السيد المستشار الدكتور/ طارق عبد الجواد شبل رئيس هيئة المفوضين 
وحضور السيد/ محمد ناجي عبد السميع أمين السر 
أصدرت الحكم الآتي 
في القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 97 لسنة 28 قضائية "دستورية".

-------------
الوقائع
بتاريخ الخامس من يونيو سنة 2006، أقام المدعي هذه الدعوى، بصحيفة أودعت قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طلباً للحكم بعدم دستورية البند (د) من المادة (33) من القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم برفض الدعوى
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها
ونظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.

----------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة
وحيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – في أن النيابة العامة كانت قد أحالت المدعي وآخرين، إلى المحاكمة الجنائية أمام محكمة جنايات القاهرة (مأمورية شرق القاهرة)، في الجناية رقم 2627 لسنة 1995 جنايات السلام، المقيدة برقم 88 لسنة 1995 كلي شرق القاهرة، بتهمة تأليف عصابة فيما بينهم من أغراضها جلب الجواهر المخدرة للبلاد والاتجار فيها في غضون الفترة من أول مارس وحتى 5 ديسمبر سنة 1993 بمحافظات القاهرة والجيزة والمنوفية وشمال سيناء وجنوب سيناء، وطلبت عقابهم بنصي المادتين (33/ أ, د)، و(42) من القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها، المستبدلة بالقانون رقم 122 لسنة 1989، وإذ تدوولت الدعوى أمام محكمة الجنايات، فقضت بجلسة 10 يناير سنة 1996 بإدانة المدعي غيابياً وآخرين بالأشغال الشاقة المؤبدة وتغريم كل منهم خمسمائة ألف جنيه، ومصادرة المبالغ النقدية المضبوطة، وإذ قبض على المدعي فقد أعيدت إجراءات محاكمته، وأثناءها دفع بعدم دستورية نص البند (د) من المادة (33) من القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها، وهو الدفع الذي قدرت تلك المحكمة جديته وصرحت له بإقامة الدعوى الدستورية، فأقام الدعوى المعروضة
وحيث إن المادة (33) من القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات تنص على أن:- 
"يعاقب بالإعدام وبغرامة لا تقل عن مائة ألف جنيه ولا تجاوز خمسمائة ألف جنيه
(أ)، (ب)، (ج
(د) كل من قام، ولو في الخارج بتأليف عصابة، أو إدارتها، أو التداخل في إدارتها، أو في تنظيمها، أو الانضمام إليها، أو الاشتراك فيها، وكان من أغراضها الاتجار في الجواهر المخدرة أو تقديمها للتعاطي أو ارتكاب أي من الجرائم المنصوص عليها في هذه المادة داخل البلاد
وتقضي المحكمة فضلاً عن العقوبتين المقررتين للجرائم المنصوص عليها في هذه المادة بالتعويض الجمركي المقرر قانوناً". 
وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة – وهي شرط لقبول الدعوى الدستورية - مناطها أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الحكم الصادر في المسألة الدستورية، لازماً للفصل في الطلبات الموضوعية المرتبطة بها، والمطروحة أمام محكمة الموضوع. متى كان ذلك، وكان المدعي قد قدم إلى المحاكمة الجنائية هو وآخرون بتهمة تأليف عصابة فيما بينهم من أغراضها جلب الجواهر المخدرة للبلاد والاتجار فيها، وهي الجريمة المؤثمة بالبند المطعون فيه وهو أساس الاتهام الموجه إليه، ومن ثم فإن الفصل في دستوريته سوف يكون له انعكاس على قضاء محكمة الموضوع في الدعوى الموضوعية بما يقيم للمدعي مصلحة شخصية ومباشرة في تلك الدعوى، ويتحدد نطاقها في صدر المادة (33) والبند (د) من قانون مكافحة المخدرات المار ذكره
وحيث إن المدعي ينعي على النص المطعون فيه عدم بيانه الركن المادي لجريمة تأليف عصابة بغرض جلب المواد المخدرة والاتجار فيها، على نحو يبلغ حد التجهيل به، وغموض مدلوله، إذ عول على مجرد الاتفاق على تكوين التشكيل العصابي ذاته، أو إدارته، أو التداخل في إدارته، أو تنظيمه، أو الانضمام إليه، سواء أتم ارتكاب هذه الأفعال أم لم يتم، وجعل منه جريمة تامة، فأتاح إقامة الدليل على هذه الجريمة استناداً إلى التحريات المجردة، وهو ما يخالف أحكام المواد (41, 66, 67) من دستور سنة 1971
وحيث إن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الرقابة على دستورية القوانين واللوائح، من حيث مطابقتها للقواعد الموضوعية التي تضمنها الدستور، إنما تخضع لأحكام الدستور القائم دون غيره – أياً كان تاريخ العمل بها – إذ أن هذه الرقابة تستهدف أصلاً صون الدستور القائم، وحمايته من الخروج على أحكامه التي تمثل دائماً القواعد والأصول التي يقوم عليها نظام الحكم، ولها مقام الصدارة بين قواعد النظام العام التي يتعين التزامها ومراعاتها وإهدار ما يخالفها من التشريعات، باعتبارها أسمى القواعد الآمرة، ومن ثم فإن المحكمة تسبغ رقابتها على النص المطعون فيه استناداً إلى نصوص الدستور الحالي الصادر عام 2014، لتستند مناعي المدعي إلى نصوص المواد (54, 95, 96) منه المقابلة لنصوص المواد (41, 66, 67) من دستور سنة 1971
وحيث إن الأصل في التجريم أن يعمد المشرع إلى تحديد الأفعال التي تنطوي على مساس مباشر بالمصلحة المحمية، إلا أن التطور الحديث في وسائل وأدوات ارتكاب الجريمة أوجب أن يواجه المشرع الجريمة المنظمة وما تمثله من مساس بتلك المصلحة، ولا سيما في الجرائم الأشد خطورة على المجتمع، والتي يتصدرها إنشاء كيان إجرامي يتخذ صورة التنظيم العصابي، الذي يكون قوام الانضمام إليه هو الإرادة الحرة للأعضاء المكونين له، والذين تتوزع بينهم الأدوار من تأليف أو إدارة أو تدخل في الإدارة أو التنظيم أو الانضمام إليه أو الاشتراك فيه، وذلك لتحقيق الغاية التي يرنو إليها التنظيم وهي الاتجار في الجواهر المخدرة أو تقديمها للتعاطي أو ارتكاب أي من الجرائم المنصوص عليها في النص المطعون فيه داخل البلاد على نحو يجعل من فعل تأليف العصابة الإجرامية سبباً ومناطاً لتأثيمه، فيكون في ترصده تجريماً ومجابهته عقاباً سياسة جنائية رشيدة
وحيث إنه، ولئن كان مؤدي ما تقدم أن المصلحة الاجتماعية تسوغ التجريم بمجرد تأليف التنظيم العصابي القائم على ارتكاب جرائم على درجة من الخطورة تبرر ذلك، إلا أن هذا التجريم من زاوية دستورية لا يسوغ للمشرع إذا ما اتخذه نموذجاً للعقاب أن ينفلت به من عقال الضوابط الدستورية المُحكمة التي تضبط شرعية الجريمة والعقوبة فيه؛ إذ يجب أن يستند هذا التجريم إلى ضرورة اجتماعية تسوغه، والتي تتمثل في شأن النص المطعون عليه في قيام التنظيم العصابي بارتكاب جرائم تنال من مصلحة المجتمع واستقراره الاجتماعي والاقتصادي، ومن أجل ذلك اعتد المشرع بتعدد أفراد التنظيم العصابي وتنوع أدوارهم على نحو تتكامل به حلقات الجريمة وتحكم نسجها من خلال أدوار متراكبة ومتميزة، ذلك أنه ولئن صح أن المشرع يعتد في غالب الأحوال بالتعدد كسبب في تشديد العقوبة تقديراً منه لما لهذا التعدد من أثر في تقوية عزيمة الجناة، إلا أن التعدد في مجال التنظيم العصابي يبلغ غايته معتمداً على تكامل الأدوار وتنوعها بما يكشف عن استقرار خطة المشروع الإجرامي بين أفراد العصابة وتوزيع الأدوار بينهم على نحو احترافي متكرر. وفضلاً عما تقدم؛ يجب أن يكون مناط التأثيم فعلاً مادياً ظاهراً، يمكن تعيينه على نحو جلي واضح لا خفاء فيه ولا إبهام في تحديده، وهو ما قرره المشرع بالنص المطعون فيه بتأثيم إنشاء التنظيم أو إدارته أو تنظيمه أو الاشتراك فيه أو الانضمام إليه
وحيث إن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن مؤدي نص المادة (66) من دستور 1971 والتي تقابل المادة (95) من الدستور القائم على أنه "لا جريمة ولا عقوبة إلا بناء على قانون، ولا عقاب إلا على الأفعال اللاحقة لتاريخ نفاذ القانون"، أن الدستور قد دل على أن لكل جريمة ركناً مادياً لا قوام لها بغيره يتمثل أساساً في فعل أو امتناع وقع بالمخالفة لنص عقابي، مفصحاً بذلك عن أن ما يركن إليه القانون الجنائي ابتداء في زواجره ونواهيه هو مادية الفعل المؤاخذ على ارتكابه، إيجابياً كان هذا الفعل أم سلبياً بما يتيح لسلطة الاتهام والمتهم إثباتها ونفيها، كما يتيح لمحكمة الموضوع أن تجيل بصرها فيها منقبة من خلال عناصرها عما قصد إليه الجاني حقيقة من وراء ارتكابها، ولا يتصور بالتالي وفقاً لأحكام الدستور أن توجد جريمة في غيبة ركنيها المادي والمعنوي، ولازم ذلك أن يعين القانون كل مظاهر التعبير عن الإرادة البشرية مناط التأثيم، وإلا كان مخالفاً لأحكام الدستور
وحيث إن النظام القانوني المؤثم للتنظيم العصابي، إذا استجمع عناصره كاملة، بأن كان قد أعد لارتكاب طائفة من الجرائم بالغة الخطورة، وكان هذا التنظيم على درجة من الإحكام تنذر بتهديد جدي للمصلحة محل الحماية الجنائية، وقد عين المشرع فيه أركان التأثيم واضحة جلية لا لبس فيها ولا غموض، بما يتيح لمن تواجهه سلطة الاتهام بهذه الجريمة أن يبسط حججه في الرد عليها إيراداً ونفياً، كان النص الجنائي المؤثم لذلك التنظيم موافقاً أحكام الدستور، ومستجمعاً لشرائط دستوريته
وحيث إنه متى كان ما تقدم، وكان التجريم في النص المطعون فيه جاء استجابة لضرورة اجتماعية حالة، تهدف إلى مكافحة جرائم تشكيل عصابات تقوم على جلب المخدرات، أو إنتاجها بكافة مراحله، أو الاتجار فيها سواء ببيعها أو بتقديمها للجمهور لتعاطيها، وهي جرائم تنال من سلامة المجتمع واستقراره وأمنه الاجتماعي والاقتصادي، وإذ حدد النص المطعون فيه الركن المادي للجريمة - كما سلف البيان – في جملة أفعال محددة حصراً، ولا يشوبها الغموض، ولا يكتنفها الإبهام، ومن ثم فإن النص المطعون فيه يكون قد عين الركن المادي لهذه الجريمة تعييناً نافياً للجهالة، على نحو يسلم به من قالة الإبهام أو التجهيل، كما استوجب توافر قصداً جنائياً خاصاً لدى مرتكب الجريمة سالفة البيان، أياً كان الغرض من ارتكابها، فإن النص المطعون فيه يكون قد استجمع عناصر التأثيم التي تستوجبها أحكام الدستور
ولا ينال من ذلك القول بأن النص المطعون فيه أتاح إقامة الدليل على هذه الجريمة استناداً إلى التحريات، إذ يظل التشكيل العصابي رهناً بضمائر أعضائه طالما لم يرتكبوا الجريمة التي تغياها التنظيم العصابي، فإن ذلك القول مردود بأن المشرع لم يستثن النيابة العامة من واجب إقامة الدليل على قيام التنظيم العصابي بأركانه متمثلة في توزيع الأدوار بين أعضائه، لغاية محددة هي ارتكاب إحدى الجرائم المار ذكرها، كما أوجب أن تثبت سلطة الاتهام دور كل متهم على حده في التنظيم العصابي سواء أكان التكوين أو التنظيم أو الإدارة أو الانضمام أو الاشتراك فيه، ولم يحل بين المتهم ونفي ما قام ضده من دليل بكافة طرق الإثبات
لما كان ذلك، وكان المشرع وإن قدر عقوبة ذات حد واحد لأي من الأفعال التي تقوم بها الجريمة المعاقب عليها بالنص المطعون فيه، هي عقوبة الإعدام، مراعياً في ذلك خطورة الفعل ومبلغ تهديده لمصلحة المجتمع، إلا أنه أعطى للمحكمة السلطة في تفريد هذه العقوبة بما نصت عليه المادة (36) من القانون ذاته بإجازة النزول بالعقوبة المنصوص عليها درجة واحدة عن العقوبة المنصوص عليها، متى رأت محكمة الموضوع مبرراً لذلك، كما أتاح لمحكمة الموضوع سلطة تفريد عقوبة الغرامة بين حدين يبلغ أدناهما مائة ألف جنيه ويبلغ أقصاهما خمسمائة ألف جنيه، مراعية في ذلك الغرض الذي يستهدفه التشكيل العصابي، والدور الذي اضطلع به الجاني في البناء التنظيمي للعصابة الإجرامية، الأمر الذي تنتفي معه مظنة مخالفة هذه العقوبة لأحكام الدستور
وحيث إنه متى كان ذلك، فإن النص المطعون فيه لا يكون قد خالف نصوص المواد (54, 95, 96) من الدستور، ولا أي حكم آخر منه، فمن ثم يتعين القضاء برفض الدعوى
فلهذه الأسباب 
حكمت المحكمة برفض الدعوى، وبمصادرة الكفالة، وألزمت المدعي المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

دستورية الالزام بسداد قيمة الاشتراكات للغرف التجارية والتعويض عن تاخيرها

الطعن  102 لسنة 31 ق " دستورية " المحكمة الدستورية العليا جلسة 4 / 2 /2017
منشور في الجريدة الرسمية العدد 6 مكرر ب في 15 / 2 / 2017 ص 44
باسم الشعب 
المحكمة الدستورية العليا 
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الرابع من فبراير سنة 2017م، الموافق السابع من جمادى الأولى سنة 1438هـ
برئاسة السيد المستشار/ عبد الوهاب عبد الرازق رئيس المحكمة 
وعضوية السادة المستشارين: السيد عبد المنعم حشيش وسعيد مرعي عمرو ورجب عبد الحكيم سليم والدكتور حمدان حسن فهمي وحاتم حمد بجاتو والدكتور عبد العزيز محمد سالمان نواب رئيس المحكمة 
وحضور السيد المستشار الدكتور/ طارق عبد الجواد شبل رئيس هيئة المفوضين 
وحضور السيد/ محمد ناجي عبد السميع أمين السر 
أصدرت الحكم الآتي 
في القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 102 لسنة 31 قضائية "دستورية"

------------
الوقائع
بتاريخ الثالث عشر من مايو سنة 2009، أقام المدعي هذه الدعوى، بإيداع صحيفتها قلم كتاب المحكمة، طالباً الحكم بعدم دستورية نص المادة (25) من القانون رقم 189 لسنة 1951 بشأن الغرف التجارية والمعدل بالقانون رقم 6 لسنة 2002، وبسقوط نص المادة (55) من اللائحة التنفيذية لقانون الغرف التجارية الصادرة بقرار وزير التموين والتجارة الداخلية رقم 25 لسنة 2002
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم برفض الدعوى
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها
ونظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة, وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.

--------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة
حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – في أن المدعى عليه الخامس كان قد أقام الدعوى رقم 451 لسنة 2007، مدني جزئي بندر سوهاج ضد المدعي، طالباً الحكم بإلزامه بمبلغ 8755 جنيهاً، قيمة الاشتراك المستحق للغرفة التجارية المصرية لمحافظة سوهاج، على سند من أن المدعي مقيد بالسجل التجاري بصفته تاجراً، ورأس ماله ستمائة ألف جنيه، وقد استحق عليه اشتراكات عن السنوات من 2002 حتى 2007 بالإضافة إلى مبلغ التعويض المستحق عن التأخير، عملاً بالمادة (25) من القانون رقم 189 لسنة 1951 بشأن الغرف التجارية والمعدل بالقانون رقم 6 لسنة 2002
وبجلسة 27/12/2008، حكمت المحكمة بإلزام المدعي بأن يؤدي للمدعى عليه الخامس مبلغ 8755 جنيهاً. استأنف المدعي هذا الحكم بالاستئناف رقم 93 لسنة 2009 مدني مستأنف سوهاج، وأثناء نظر الاستئناف دفع بعدم دستورية المادة (25) من القانون رقم 6 لسنة 2002 بشأن الغرف التجارية، وبعد تقدير المحكمة لجدية دفعه والتصريح له بإقامة دعواه الدستورية، أقام الدعوى المعروضة
وحيث إن المادة (25) من القانون رقم 189 لسنة 1951 بشأن الغرف التجارية المعدل بالقانون رقم 6 لسنة 2002، تنص على أن "يؤدي كل تاجر – شخصاً طبيعياً كان أو اعتبارياً – لكل غرفة تجارية يوجد له في دائرة اختصاصها المحل الرئيسي أو المركز العام أو فرع أو أكثر أو وكالة أو أكثر، اشتراكاً سنوياً بواقع (2) في الألف من رأس المال المدفوع والمثبت بالسجل التجاري بما لا يقل عن أربعة وعشرين جنيهاً ولا يجاوز ألفي جنيه
كما يؤدي التاجر المتأخر عن سداد الاشتراك في المواعيد المقررة في اللائحة التنفيذية لهذا القانون تعويضاً سنوياً عن هذا التأخير يعادل (25%) من قيمة الاشتراك السنوي
وتحدد اللائحة التنفيذية لهذا القانون إجراءات سداد الاشتراكات السنوية والتعويضات المستحقة". 
وتنص المادة (55) من اللائحة التنفيذية لقانون الغرف التجارية رقم 189 لسنة 1951 الصادرة بقرار وزير التموين والتجارة الداخلية رقم 25 لسنة 2002، على أنه "مع مراعاة أحكام المادة الثانية من هذه اللائحة يستحق الاشتراك السنوي المقرر للغرفة اعتباراً من أول يناير من كل سنة ويعتبر التاجر الذي لم يؤد الاشتراك لغاية آخر فبراير متأخراً عن أداء الاشتراك المقرر
ويؤدي التاجر المتأخر عن سداد الاشتراك في الموعد المحدد في الفقرة السابقة تعويضاً مقداره (25%) من قيمة الاشتراك السنوي
..................". 
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن شرط المصلحة الشخصية المباشرة يتغيا أن تفصل المحكمة الدستورية العليا في الخصومة الدستورية من جوانبها العملية وليس من معطياتها النظرية، وهو كذلك يقيد تدخلها في هذه الخصومة فلا تفصل في غير المسائل الدستورية التي يؤثر الحكم فيها على النزاع الموضوعي، ومن ثم يتحدد مفهوم هذا الشرط باجتماع عنصرين، أولهما: أن يقيم المدعي الدليل على أن ضرراً واقعياً – اقتصادياً أو غيره – قد لحق به، ويتعين دوماً أن يكون الضرر المدعى به مباشراً، منفصلاً عن مجرد مخالفة النص المطعون فيه للدستور، مستقلاً بالعناصر التي يقوم عليها، ممكناً تصوره ومواجهته بالترضية القضائية تسوية لآثاره. ثانيهما: أن يكون هذا الضرر عائداً إلى النص المطعون فيه، وليس ضرراً متوهماً أو منتحلاً أو مجهلاً، فإذا لم يكن هذا النص قد طبق أصلاً على من ادعى مخالفته للدستور، أو كان من غير المخاطبين بأحكامه أو كان الإخلال بالحقوق التي يدعيها لا يعود إليه، دل ذلك على انتفاء المصلحة الشخصية المباشرة، ذلك أن إبطال النص التشريعي في هذه الصور جميعها لن يحقق للمدعي أية فائدة عملية يمكن أن يتغير بها مركزه القانوني بعد الفصل في الدعوى الدستورية عما كان عليه قبلها
وحيث كان ما تقدم، وكانت رحى النزاع الموضوعي تدور حول إلزام المدعي بأداء الاشتراكات المقررة للغرفة التجارية المصرية لمحافظة سوهاج والتعويض عن التأخير في سداد هذه الاشتراكات، وكان نصا الفقرتين الأولى والثانية من المادة (25) من القانون رقم 189 لسنة 1951 بعد تعديلها بالقانون رقم 6 لسنة 2002 بشأن الغرف التجارية قد فرضتا هذا الاشتراك والتعويض عن التأخير فإن الفصل في دستوريتهما سوف ينعكس على الفصل في الطلبات الموضوعية، وهو ما تتحقق به المصلحة الشخصية المباشرة للمدعي، ويتحدد بهما نطاق هذه الدعوى
وحيث إن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الرقابة الدستورية على القوانين من حيث مطابقتها للقواعد الموضوعية التي تضمنها الدستور، تخضع لأحكام الدستور القائم دون غيره، إذ إن هذه الرقابة تستهدف أصلاً صون الدستور القائم وحمايته من الخروج على أحكامه، باعتبار أن نصوص هذا الدستور تمثل القواعد والأصول التي يقوم عليها نظام الحكم ولها مقام الصدارة بين قواعد النظام العام التي يتعين التزامها ومراعاتها وإهدار ما يخالفها من التشريعات باعتبارها أسمى القواعد الآمرة
وحيث إنه بالبناء على ما تقدم، فإن هذه المحكمة تباشر رقابتها على النص المطعون فيه من خلال أحكام الدستور الصادر في سنة 2014
وحيث إن المدعي ينعي على النص المطعون فيه مخالفته لمبدأ المساواة المقرر بنص المادة (40) من دستور 1971 المقابلة للمادة (53) من الدستور الحالي، إذ يلزم التاجر المقيد بالسجل التجاري بسداد الاشتراكات والتعويضات للغرفة التجارية، دون التاجر غير المقيد بالسجل التجاري، على الرغم من كونهما في مركز قانوني واحد، ممايزاً بينهما على غير أسس موضوعية، كما حدد قيمة الاشتراكات على أساس قيمة رأس مال التاجر المقيد في السجل التجاري، على الرغم من أن التجار في غالب الأحوال لا يقيدون في هذا السجل رأس مالهم الحقيقي، فضلاً عن أن ذلك النص جعل الحد الأقصى للاشتراك مبلغ ألفي جنيه، حتى في حالة رؤوس الأموال التي تتجاوز ملايين الجنيهات، بما يؤدي إلى إلزام كبار التجار وصغارهم باشتراك موحد، على نحو ينافي العدالة والمساواة، بالمخالفة لنص المادتين (4، 53) من الدستور، فضلاً عن إخلاله بالحماية المقررة لحق الملكية، ذلك أن فرض هذه الاشتراكات وسدادها إلى الغرفة التجارية يؤدي إلى اقتطاعها من رؤوس أموال التجار المقيدين بالسجل التجاري بصورة دورية ولمدة غير محددة بما ينتقص من أموالهم بغير مقتض، ويتصادم وحكم المادتين (33، 35) من الدستور
وحيث إن المقرر في قضاء المحكمة الدستورية العليا أن الدستور وإن قرن العدل بكثير من النصوص التي تضمنها، وخلا في الوقت ذاته من كل تحديد لمعناه، إلا أن مفهوم العدل – سواء بمبناه أو أبعاده – يتعين أن يكون محدداً من منظور اجتماعي باعتبار أن العدل يتغيا التعبير عن تلك القيم الاجتماعية التي لا تنفصل عن الجماعة في حركتها، والتي تتبلور مقاييسها في شأن ما يعتبر حقاً لديها، فلا يكون العدل مفهوماً مطلقاً باطراد، بل مرناً ومتغيراً وفقاً لمعايير الضمير الاجتماعي ومستوياتها، وهو بذلك لا يعدو أن يكون نهجاً متواصلاً منبسطاً على أشكال من الحياة تتعدد ألوانها، وازناً بالقسط تلك الأعباء التي يفرضها المشرع على المواطنين، فلا تكون وطأتها على بعضهم عدواناً، بل تطبيقها بينهم إنصافاً، وإلا كان القانون منهياً للتوافق في مجال تنفيذه، وغداً إلغاؤه لازماً
وحيث إن من المقرر أيضاً في قضاء هذه المحكمة أن الإخلال بالمساواة أمام القانون يتحقق بأي عمل يهدر الحماية القانونية المتكافئة تتخذه الدولة سواء من خلال سلطتها التشريعية أو عن طريق سلطتها التنفيذية، بما مؤداه أن أياً من هاتين السلطتين لا يجوز أن تفرض تغايراً في المعاملة ما لم يكن مبرراً بفروق منطقية يمكن ربطها عقلاً بالأغراض التي يتوخاها العمل التشريعي الصادر عنها، وليس بصحيح أن كل تقسيم تشريعي يعتبر تصنيفاً منافياً لمبدأ المساواة، بل يتعين دوماً أن ينظر إلى النصوص القانونية باعتبارها وسائل حددها المشرع لتحقيق أغراض يبتغيها، فلا يستقيم إعمال مبدأ المساواة أمام القانون إلا على ضوء مشروعيتها، واتصال هذه الوسائل منطقياً بها، ولا يتصور بالتالي أن يكون تقييم التقسيم التشريعي منفصلاً عن الأغراض التي تغياها المشرع، وبوجود حد أدنى من التوافق بينها وبين طرائق تحقيقها، ويستحيل بالتالي أن يكون التقدير الموضوعي لمعقولية التقسيم التشريعي منفصلاً كلياً عن الأغراض النهائية للتشريع
وحيث إن قضاء المحكمة الدستورية العليا قد جرى على أن الدستور حرص على صون الملكية الخاصة، وكفل عدم المساس بها إلا على سبيل الاستثناء، وفي الحدود وبالقيود التي أوردها باعتبارها مترتبة – في الأصل – على الجهد الخاص الذي بذله الفرد بكده وعرقه، وبوصفها حافزة إلى الانطلاق والتقدم، إذ يختص دون غيره بالأموال التي يرد عليها حق الملكية وتهيئة الانتفاع المفيد بها لتعود إليه ثمارها ومنتجاتها وملحقاتها، وكانت الأموال التي يرد عليها حق الملكية، تعد كذلك من مصادر الثروة القومية التي لا يجوز التفريط فيها، أو استخدامها على وجه يعوق التنمية، أو يعطل مصالح الجماعة. وكانت الملكية في إطار النظم الوضعية التي تزاوج بين الفردية وتدخل الدولة، لم تعد حقاً مطلقاً، ولا هي عصية على التنظيم التشريعي، وإنما يجوز تحميلها بالقيود التي تقتضيها وظيفتها الاجتماعية، وهي وظيفة يتحدد نطاقها ومرماها على ضوء طبيعة الأموال محل الملكية، والأغراض التي ينبغي توجيهها إليها، وبمراعاة الموازنة التي يجريها المشرع، ويرجح من خلالها ما يراه من المصالح أولى بالرعاية وأجدر بالحماية على ضوء أحكام الدستور، وفي ضوء ما تقدم يتعين أن ينظم القانون أداء هذه الوظيفة مهتدياً - بوجه خاص - بالقيم التي تنحاز إليها الجماعة في مرحلة معينة من مراحل تطورها، وبمراعاة أن القيود التي تفرضها الوظيفة الاجتماعية على حق الملكية للحد من إطلاقها، لا تعتبر مقصودة لذاتها، بل غايتها خير الفرد والجماعة
وحيث إنه متى كان ما تقدم، وكانت المادة (1) من القانون رقم 189 لسنة 1951 بشأن الغرف التجارية تنص على أن: "تنشأ غرف تجارية وتكون هذه الغرف من الهيئات التي تمثل في دوائر اختصاصها المصالح التجارية والصناعية والإقليمية لدى السلطات العامة وتعتبر هذه الغرف من المؤسسات العامة"، وتنص المادة (5) منه معدلة بالقانون رقم 6 لسنة 2002 على أن "لكل تاجر مصري - شخصاً طبيعياً كان أو اعتبارياً – مقيد بالسجل التجاري حق انتخاب أعضاء مجلس إدارة الغرفة التي يوجد له فيها فرع أو وكالة إذا توافرت فيه الشروط الآتية
أ- ...... ب- ...... جـ- ......... د- أن يؤدي الاشتراك المقرر بالمادة (25) من هذا القانون ......". وتنص المادة (2) من القانون رقم 34 لسنة 1976 في شأن السجل التجاري على أن: "يجب أن يقيد في السجل التجاري: 1- الأفراد الذين يرغبون في مزاولة التجارة في محل تجاري. 2- شركات الأشخاص وشركات المساهمة والتوصية بالأسهم وذات المسئولية المحدودة مهما كان غرضها. 3- ... 4- .... 5- ....". وتنص المادة (3) منه على أن "يشترط فيمن يقيد في السجل التجاري أن يكون مصرياً حاصلاً على ترخيص بمزاولة التجارة من الغرف التجارية"، وتنص المادة (17) من القانون ذاته على أنه "تحظر مزاولة التجارة في محل تجاري إلا لمن كان اسمه مقيداً في السجل الذي يقع في دائرته المحل التجاري. وتكتسب صفة التاجر من تاريخ هذا القيد ما لم تثبت الصفة بطريقة أخرى". 
وحيث إن المستفاد مما تقدم أن المشرع ربط بين مزاولة حرفة التجارة، سواء للشخص الطبيعي أو الاعتباري، وبين القيد في السجل التجاري والحصول على ترخيص بمزاولة هذه الحرفة من الغرفة التجارية المختصة، وقد أوجب النص المطعون فيه على التجار سداد اشتراكات سنوية للغرف التجارية متوخياً تدبير 
موارد مالية لها لتضطلع بالمهام الموكولة إليها على المستوى القومي في مجال التجارة والصناعة، بحسبانها مؤسسة عامة، وناط بها المشرع القيام على جمع المعلومات والإحصاءات التي تهم التجارة والصناعة وتبويبها ونشرها وإمداد الحكومة بالبيانات والمعلومات والآراء المتعلقة بالمسائل التجارية والصناعية، وتحديد العرف التجاري، وأخذ رأيها في إنشاء البورصات والسواحل والموانئ والأسواق والمعارض، وأجاز لها أن تنشئ المعارض الدائمة والمتاحف والأسواق والمدارس والمعاهد التجارية والصناعية، وإصدار الشهادات الدالة على مصدر البضاعة وجنسية المصدرين وأسعار الحاصلات، وتقديم الاقتراحات المتعلقة بالقوانين واللوائح والضرائب الخاصة بالصناعة والتجارة والتعريفة الجمركية وإنشاء وتعديل طرق النقل والأجور الخاصة بها، وتشكيل شعب من التجار الذين يزاولون في دائرة اختصاص الغرفة تجارة أو صناعة واحدة، أو تجارات أو صناعات مرتبطة، وأجاز لها المشرع أن تشكل من بين أعضائها لجاناً لفض المنازعات التي تقدم إليها باتفاق أصحاب الشأن وكل ما من شأنه تنشيط حركة التجارة في الداخل والخارج. وإزاء ما تقدم أوجب المشرع بالنص المطعون فيه على كل تاجر سداد اشتراك سنوي بواقع اثنين في الألف من رأس المال المدفوع والمثبت بالسجل التجاري واضعاً له حداً أدنى لا يقل عن أربعة وعشرين جنيهاً وحداً أقصى لا يجاوز ألفي جنيه، وألزم التاجر الذي يتراخى عن الوفاء بهذه الاشتراكات بأداء تعويض مقدر بنسبة 25% من قيمة الاشتراك السنوي طبقاً لقانون الغرف التجارية على النحو الذي نظمته المادة (55) من اللائحة التنفيذية لهذا القانون. وكان هذا التنظيم يندرج في إطار السلطة التقديرية للمشرع الذي أقام تقديراته على أسس موضوعية مراعياً العدالة والمساواة دون افتئات على الملكية الخاصة، إذ جاءت قيمة هذه الاشتراكات والتعويض مستندة إلى معيار منضبط سواء في حدودها الدنيا أو القصوى، متسمة بالمعقولية دون شطط أو إرهاق لرأس المال ولا تعوق فرص نموه، ومن ثم، فإن النص المطعون فيه يكون قد التزم بمبادئ العدالة والمساواة والحماية المقررة للملكية الخاصة في الإطار الذي حده الدستور دون خروج على أحكامه
وحيث إن النص المطعون فيه لا يخالف حكماً آخر من أحكام الدستور، فإنه يتعين القضاء برفض الدعوى
فلهذه الأسباب 
حكمت المحكمة برفض الدعوى، وبمصادرة الكفالة، وألزمت المدعي المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

اختصاص محاكم مجلس الدولة بمنازعات الرسوم الأصلية لتوثيق المحررات وشهرها وعدم اختصاصه بالرسوم التكميلية

الطعن  67 لسنة 36 ق " دستورية " المحكمة الدستورية العليا جلسة 4 / 2 /2017
منشور في الجريدة الرسمية العدد 6 مكرر ب في 15 / 2 / 2017 ص 54
باسم الشعب 
المحكمة الدستورية العليا 
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الرابع من فبراير سنة 2017م، الموافق السابع من جمادى الأولى سنة 1438هـ
برئاسة السيد المستشار/ عبد الوهاب عبد الرازق رئيس المحكمة 
وعضوية السادة المستشارين: السيد عبد المنعم حشيش وسعيد مرعي عمرو ورجب عبد الحكيم سليم وبولس فهمي إسكندر والدكتور حمدان حسن فهمي وحاتم حمد بجاتو نواب رئيس المحكمة 
وحضور السيد المستشار الدكتور/ طارق عبد الجواد شبل رئيس هيئة المفوضين 
وحضور السيد/ محمد ناجي عبد السميع أمين السر 
أصدرت الحكم الآتي 
في القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 67 لسنة 36 قضائية "دستورية"، بعد أن أحالت محكمة الإسماعيلية الابتدائية بحكمها الصادر بجلسة 27/2/2014 ملف الدعوى رقم 42 لسنة 2011 مدني كلي حكومة.

------------
الوقائع
بتاريخ الثالث من مايو سنة 2014، ورد إلى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا ملف الدعوى رقم 42 لسنة 2011 مدني كلي حكومة، من محكمة الإسماعيلية الابتدائية تنفيذاً لحكمها الصادر بجلسة 27/2/2014 بوقف الدعوى وإحالة أوراقها إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في دستورية نص الفقرة الثانية من المادة (26) من القانون رقم 70 لسنة 1964 بشأن رسوم التوثيق والشهر، والمستبدلة بالقانون رقم 6 لسنة 1991، فيما تضمنه من عقد اختصاص نظر التظلم من أمر تقدير رسوم الشهر العقاري والتوثيق للمحكمة الابتدائية الكائن بدائرتها المكتب الذي أصدر الأمر
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم برفض الدعوى
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها
ونظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.

-----------
المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة
حيث إن الوقائع تتحصل – على ما يتبين من حكم الإحالة وسائر الأوراق - في أن المدعيين كانا قد أقاما الدعوى رقم 42 لسنة 2011 مدني كلي حكومة، أمام محكمة الإسماعيلية الابتدائية، طلباً للحكم بإلغاء أمر التقدير رقم 6 لسنة 2010/ 2011 شهر عقاري الإسماعيلية، واعتباره كأن لم يكن وإلغاء كافة آثاره، وذلك على سند من القول بقيام المدعى عليهم بمطالبتهما برسوم تكميلية مقدارها (11045.30) جنيهاً عن العقد المشهر برقم 1448 لسنة 2006 شهر عقاري الإسماعيلية بتاريخ 3/10/2006، على الرغم من قيامهما بسداد الرسوم المستحقة حال تسجيل ذلك العقد. وإذ تراءى لتلك المحكمة عدم دستورية نص الفقرة الثانية من المادة (26) من القانون رقم 70 لسنة 1964 بشأن رسوم التوثيق والشهر والمستبدلة بالقانون رقم 6 لسنة 1991، فيما تضمنه من عقد اختصاص نظر التظلم من أمر تقدير رسوم الشهر العقاري والتوثيق للمحكمة الابتدائية الكائن بدائرتها المكتب الذي أصدر الأمر، لمخالفته أحكام المواد (94, 97, 184, 190) من الدستور، فقد حكمت بجلسة 27/2/2014 بوقف الدعوى وإحالة أوراقها إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في دستورية ذلك النص
وحيث إن المادة (25) من القانون رقم 70 لسنة 1964 بشأن رسوم التوثيق والشهر بعد استبدالها بالقانون رقم 6 لسنة 1991 تنص على أن "يكون للدولة – ضماناً لسداد ما لم يؤد من رسوم نتيجة الخطأ المادي أو الغش – حق امتياز على الأموال محل التصرف وتكون هذه الأموال ضامنة لسداد تلك الرسوم في أي يد تكون". 
وتنص المادة (26) منه بعد استبدالها بالقانون رقم 6 لسنة 1991 على أن "يصدر بتقدير الرسوم التي لم يتم أداؤها والمشار إليها في المادة السابقة أمر تقدير من أمين المكتب المختص، ويعلن هذا الأمر بكتاب موصى عليه مصحوب بعلم الوصول أو على يد محضر للملزم بأداء الرسم أو لطالب الإجراء حسب الأحوال
ويجوز لذوي الشأن التظلم من أمر التقدير خلال ثلاثين يوماً من تاريخ الإعلان، وإلا أصبح نهائياً ويكون للمصلحة تنفيذه بطريق الحجز الإداري، كما يجوز لها تنفيذه بالطريق القضائي بعد وضع الصيغة التنفيذية على صورة أمر التقدير من المحكمة الواقع في دائرة اختصاصها المكتب الصادر منه ذلك الأمر، ويحصل التظلم أمام المحضر عند إعلان أمر التقدير أو بتقرير في قلم الكتاب، ويرفع التظلم إلى المحكمة الابتدائية الكائن بدائرتها المكتب الذي أصدر الأمر". 
وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة في الدعوى الدستورية، وهي شرط لقبولها، مناطها – وعلى ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة – أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يؤثر الحكم في المسألة الدستورية على الطلبات المرتبطة بها والمطروحة على محكمة الموضوع، ويستوي في شأن توافر المصلحة أن تكون الدعوى قد اتصلت بالمحكمة عن طريق الدفع أو عن طريق الإحالة، والمحكمة الدستورية العليا هي وحدها التي تتحرى توافر شرط المصلحة في الدعاوى الدستورية للتثبت من شروط قبولها، بما مؤداه أن الإحالة من محكمة الموضوع إلى المحكمة الدستورية العليا لا تفيد بذاتها توافر المصلحة، بل يتعين أن يكون الحكم في المطاعن الدستورية لازماً للفصل في النزاع المثار أمام محكمة الموضوع، فإذا لم يكن للفصل في دستورية النصوص التي ثارت بشأنها شبهة عدم الدستورية لدى محكمة الموضوع انعكاس على النزاع الموضوعي؛ فإن الدعوى الدستورية تكون غير مقبولة. متى كان ذلك، وكان النزاع الموضوعي ينصب على طلب المدعيين في الدعوى الموضوعية إلغاء أمر تقدير الرسوم التكميلية المقدرة على المحرر رقم 1448 لسنة 2006 شهر عقاري الإسماعيلية، وكان النص المحال يحدد المحكمة المختصة بنظر ذلك النزاع، فإن المصلحة الشخصية والمباشرة في الدعوى المعروضة تكون متحققة، ويتحدد نطاقها بعجز الفقرة الثانية من المادة (26) من القانون رقم 70 لسنة 1964 بشأن رسوم التوثيق والشهر والمستبدلة بالقانون رقم 6 لسنة 1991، فيما تضمنه من عقد الاختصاص بنظر التظلم من أمر تقدير الرسوم التكميلية للمحكمة الابتدائية الكائن بدائرتها المكتب الذي أصدر هذا الأمر
وحيث إن مفاد نصي المادتين (25، 26) من القانون رقم 70 لسنة 1964 المتقدم ذكرهما هو فرض رسوم تكميلية بعد توثيق المحررات وشهرها، عوضاً عما كان يجب أداؤه منها مقدماً، وذلك في حالتي الخطأ المادي، والغش، مع استئدائها بطريق الحجز الإداري، أو بالطريق القضائي، وتخويل الملتزم بالرسوم التكميلية الحق في التظلم من تقدير هذه الرسوم في أساس المطالبة بها أو مقدارها، أمام المحكمة الابتدائية الكائن بدائرتها المكتب الذي أصدر أمر تقدير الرسوم التكميلية
وحيث إن المنازعات المتعلقة بتحديد الرسوم الأصلية لتوثيق المحررات وشهرها وعناصرها ومقوماتها والمحررات الخاضعة لها والملتزمين بسدادها، والقرارات الصادرة بتحديدها إنما تدخل في اختصاص محاكم مجلس الدولة، بحسبان المشرع – على ما جرى به قضاء هذه المحكمة – قد أقر بالطبيعة الإدارية للطعون في القرارات النهائية الصادرة من الجهات الإدارية في منازعات الضرائب والرسوم، بدءاً بالقانون رقم 165 لسنة 1955 في شأن تنظيم مجلس الدولة، الذي أسند بنص البند سابعاً من المادة (8) منه لمجلس الدولة بهيئة قضاء إداري الاختصاص بالفصل في تلك المنازعات، وأوضحت المذكرة الإيضاحية لهذا القانون أن الاختصاص بنظر هذه الطعون تقرر لمجلس الدولة باعتبار أنه ذو طبيعة إدارية بحتة، وقد جرى قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 55 لسنة 1959 في شأن تنظيم مجلس الدولة على هذا النهج فنص في البند سابعاً من المادة (8) منه على الحكم ذاته، وأكد هذا الاختصاص نص المادة (10) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972، الذي عقد في البند (6) منه الاختصاص لمحاكم مجلس الدولة دون غيرها بالفصل في الطعون في القرارات النهائية الصادرة من الجهات الإدارية في منازعات الضرائب والرسوم وفقاً للقانون الذي ينظم كيفية نظر هذه المنازعات أمام محاكم مجلس الدولة، صاحبة الاختصاص الولائي بنظر المنازعات المتعلقة بالضرائب والرسوم باعتبارها القاضي الطبيعي لنظر تلك المنازعات
وحيث إنه ولئن كانت رسوم توثيق المحررات وشهرها التي تحصل مقدماً تلتقي مع الرسوم التكميلية لما تم توثيقه وشهره من محررات في مصدر الالتزام بها، كونه نصوص القانون رقم 70 لسنة 1964 بشأن رسوم التوثيق والشهر، إلا أن الرسوم التكميلية تنطوي كذلك على مصدر مستقل للالتزام بها هو استيداء ما أثرى به طالب الخدمة، بعد اكتمال أداءها، دون وفاء كامل الرسوم المقررة عنها، إعمالاً لحكم المادة (179) من القانون المدني، والتي جرى نصها على أن: "كل شخص، ولو غير مميز، يثرى دون سبب مشروع على حساب شخص آخر، يلتزم في حدود ما أثرى به بتعويض الشخص عما لحقه من خسارة، ويبقى هذا الالتزام قائماً ولو زال الإثراء فيما بعد"؛ إذ المقرر أن الرسوم التكميلية لا تستحق إلا في حالتي الخطأ المادي، والغش، وكلتاها تؤديان إلى نقصان مقدار الرسوم المحصلة عن تلك المقررة، سواء كان ذلك عن عدم تبصر القائم على تحديد مقدار تلك الرسوم، وغير ذلك من ضروب الخطأ المادي، وإما لتسلب طالب الخدمة من أداء مقدارها كاملاً بتصرف ينضوي تحت مفهوم الغش قانوناً، وفي مقابل هذا النقصان يتحقق إثراء سلبي للمدين بتلك الرسوم يوجب رده للدائن بها، ومن ثم يتأدى إقرار الرسوم التكميلية، ومنازعة ذوي الشأن فيها، بالتظلم منها، إلى وجوب تكييف الحقوق العينية العقارية التي تم شهرها، بياناً لتحقق شروط صلاحيتها للتوثيق والشهر بين أطرافها، وفي مواجهة الغير، وتحديد فئة الرسوم المقررة على شهر تلك المحررات، تأصيلاً للمنازعة، وردها إلى جذورها التي أنبتتها، وما يلي ذلك من تقديم الوثائق الرسمية والعرفية المثبتة للحقوق التي أشهرت، تقصياً لوجه الخطأ المادي فيها، أو الغش المدعى إقدام طالب الخدمة عليه، وتحقيق سبب ومقدار الرسوم التي لم تؤد، بياناً للمسئولية المدنية الناشئة عن ذلك، وتحديد الملتزم بردها، سواء كان المدين بها، أو خلفه العام، أو خلفه الخاص الذي انتقل إليه الحق العيني العقاري محملاً برسوم تكميلية، على نحو دعا المشرع إلى تقرير حق امتياز على الأموال محل التصرف ضماناً لهذه الرسوم التكميلية في أي يد تكون. ويضاف إلى ما تقدم أن الرسوم التكميلية تتمايز عن الرسوم الأصلية المنصوص عليها في المادة (24) من القانون الآنف الذكر، في توقيت ووسائل اقتضائها، فالرسوم الأصلية تؤدى مقدماً متى اتجهت إرادة المدين بالرسوم إلى طلب الخدمة، بينما خير المشرع في الرسوم التكميلية جهة الإدارة، عند اقتضائها جبراً، بين ولوج طريق الحجز الإداري، أو اللجوء إلى وسائل القانون الخاص، وذلك بوضع الصيغة التنفيذية على صورة أمر التقدير من المحكمة الواقع في دائرة اختصاصها المكتب الصادر منه ذلك الأمر – بعد إعلانه قانوناً للملتزم بهذا السند التنفيذي – مع جواز التظلم أمام المحضر عند إعلان أمر التقدير أو بتقرير في قلم كتاب المحكمة الابتدائية الواقع بدائرتها المكتب الذي أصدر الأمر
وحيث إنه متى كان ما تقدم، وكان الفصل في التظلم المقدم بشأن الرسوم التكميلية لا يقف عند حدود المنازعة في مقدار هذه الرسوم، إنما يمتد بالضرورة إلى أساس الاستحقاق، ودليله، والمسئول مدنياً عنه، وهي على ما سبق بيانه أمور تتصل اتصالاً لا ينفك عن الحقوق العينية العقارية التي تم شهرها، تكييفاً وإثباتاً، وإسناداً, وكلهما من مسائل القانون الخاص التي وسد الدستور في المادة (188) منه لمحاكم جهة القضاء العادي الفصل فيها، وإذ اعتد النص المطعون فيه – محدداً نطاقاً فيما سبق بيانه – بهذا النظر، فإنه لا يكون قد خالف أحكام المواد (94، 97، 184، 190) من الدستور، كما لا يخالف أي أحكام أخرى، ويغدو من ثم الحكم برفض الدعوى متعيناً
فلهذه الأسباب 
حكمت المحكمة برفض الدعوى.

القواعد الخاصة لدعوى المضرور قبل المسئول عن الحقوق المدنية، ودعواه قبل المؤمن لديه

الطعن  35 لسنة 23 ق " دستورية " المحكمة الدستورية العليا جلسة 4 / 2 /2017
منشور في الجريدة الرسمية العدد 6 مكرر ب في 15 / 2 / 2017 ص 62
باسم الشعب 
المحكمة الدستورية العليا 
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الرابع من فبراير سنة 2017م, الموافق السابع من جمادى الأولى سنة 1438هـ
برئاسة السيد المستشار/ عبد الوهاب عبد الرازق رئيس المحكمة 
وعضوية السادة المستشارين: السيد عبد المنعم حشيش وسعيد مرعي عمرو ورجب عبد الحكيم سليم والدكتور حمدان حسن فهمي وحاتم حمد بجاتو والدكتور عبد العزيز محمد سالمان نواب رئيس المحكمة 
وحضور السيد المستشار الدكتور/ طارق عبد الجواد شبل رئيس هيئة المفوضين 
وحضور السيد/ محمد ناجي عبد السميع أمين السر 
أصدرت الحكم الآتي 
في القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 35 لسنة 23 قضائية "دستورية".

-----------
الوقائع
بتاريخ العاشر من مارس سنة 2001، أقام مورثا المدعين هذه الدعوى، بإيداع صحيفتها قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طلباً للحكم بعدم دستورية نصي المادتين (172، 752) من القانون المدني، والمادة (5) من القانون رقم 652 لسنة 1955 بشأن التأمين الإجباري من المسئولية المدنية الناشئة عن حوادث السيارات
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم برفض الدعوى
كما قدمت الشركة المدعى عليها السادسة مذكرة طلبت فيها الحكم برفض الدعوى
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها
ونظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة، حيث مثل وكيل مورثي المدعين بجلسة الثالث من ديسمبر سنة 2016 وقرر بوفاتهما، وقدم المستند الدال على ذلك، وطلب في مواجهة الحاضر عن المدعى عليهم تصحيح شكل الدعوى. وبجلسة الرابع عشر من يناير سنة 2017 مثل وكيل عن ورثتهما وقدم مذكرة صمم فيها على الطلبات الواردة بصحيفة الدعوى. وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.

---------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة
حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - في أن مورثا المدعين كانا قد أقاما الدعوى رقم 7087 لسنة 1998 مدني كلي جنوب القاهرة ضد المدعى عليهما الخامس والسادس، بطلب الحكم بإلزامهما على وجه التضامن والتضامم بدفع مبلغ خمسمائة ألف جنيه، على سند من أن المدعى عليه الخامس تسبب في وفاة مورثهما وكان ذلك ناشئاً عن إهماله وعدم احتياطه أثناء قيادته للسيارة رقم ..... جمرك السويس والمؤمن إجبارياً عليها لدى الشركة المدعى عليها السادسة، وقدم للمحاكمة الجنائية بالجنحة رقم 1298 لسنة 1993 جنح النزهة، فقضى بإدانته وأصبح الحكم باتاً، كانت وفاة نجلهما قد ألحقت بهما أضراراً مادية وأدبية وموروثة، فقد أقاما الدعوى ابتغاء القضاء لهما بالتعويض، فحكمت المحكمة بسقوط حق المدعيين في إقامة الدعوى بالتقادم الثلاثي. وإذ لم يرتضيا هذا الحكم، طعنا عليه بالاستئناف رقم 16013 لسنة 116 قضائية أمام محكمة استئناف القاهرة، ودفعاً بعدم دستورية نصي المادتين (172، 752) من القانون المدني، والمادة (5) من القانون رقم 652 لسنة 1955 بشأن التأمين الإجباري من المسئولية المدنية الناشئة عن حوادث السيارات. وإذ قدرت المحكمة جدية الدفع وصرحت لهما بإقامة الدعوى الدستورية، أقاما الدعوى المعروضة
وحيث إن المادة (172) من القانون المدني تنص على أن "1- تسقط بالتقادم دعوى التعويض الناشئة عن العمل غير المشروع بانقضاء ثلاث سنوات من اليوم الذي علم فيه المضرور بحدوث الضرر وبالشخص المسئول عنه. وتسقط هذه الدعاوى، في كل حال بانقضاء خمس عشرة سنة من يوم وقوع العمل غير المشروع
2- ........................". 
وتنص المادة (752) من القانون ذاته على أن "1- تسقط بالتقادم الدعاوى الناشئة عن عقد التأمين بانقضاء ثلاث سنوات من وقت حدوث الواقعة التي تولدت عنها هذه الدعاوى
2- ....................". 
وتنص المادة (5) من القانون رقم 652 لسنة 1955 بشأن التأمين الإجباري من المسئولية المدنية الناشئة عن حوادث السيارات على أن "يلتزم المؤمن بتغطية المسئولية المدنية الناشئة عن الوفاة أو عن أية إصابة بدنية تلحق أي شخص من حوادث السيارة إذا وقعت في جمهورية مصر العربية وذلك في الأحوال المنصوص عليها في المادة (6) من القانون رقم 449 لسنة 1955، ويكون التزام المؤمن بقيمة ما يحكم به قضائياً من تعويض مهما بلغت قيمته، ويؤدي المؤمن مبلغ التعويض إلى صاحب الحق فيه
وتخضع دعوى المضرور قبل المؤمن للتقادم المنصوص عليه في المادة (752) من القانون المدني". 
وحيث إن المقرر في قضاء المحكمة الدستورية العليا أن المصلحة الشخصية المباشرة وهي شرط لقبول الدعوى الدستورية، مناطها أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة في الدعوى الموضوعية، بما مؤداه: أن تفصل المحكمة الدستورية العليا في الخصومة من جوانبها العملية وليس من معطياتها النظرية أو تصوراتها المجردة، وهو ما يقيد تدخلها في تلك الخصومة القضائية ويرسم تخوم ولايتها فلا تمتد لغير المطاعن التي يؤثر الحكم بصحتها أو بطلانها على النزاع الموضوعي، وبالقدر اللازم للفصل فيها، وعلى ذلك لا تقبل الدعوى الدستورية من غير الأشخاص الذين يمسهم الضرر من جراء سريان النص المطعون فيه عليهم سواء أكان هذا الضرر وشيكاً يتهددهم، أو كان قد وقع فعلاً، ويتعين دوماً أن يكون الضرر منفصلاً عن مجرد مخالفة النص المطعون فيه للدستور، مستقلاً بالعناصر التي يقوم عليها، ممكناً تحديده وتسويته بالترضية القضائية، عائداً في مصدره إلى النص المطعون فيه، فإذا لم يكن النص قد طبق على من ادعى مخالفته للدستور، أو كان من غير المخاطبين بأحكامه أو كان قد أفاد من مزاياه، أو كان الإخلال بالحقوق التي يدعيها لا يعود إليه، دل ذلك على انتفاء المصلحة الشخصية المباشرة، ذلك أن إبطال النص التشريعي في هذه الصور جميعها، لن يحقق للمدعي أية فائدة عملية يمكن أن يتغير بها مركزه القانوني بعد الفصل في الدعوى الدستورية، عما كان عليه قبلها
وحيث إن المقرر كذلك في قضاء هذه المحكمة، أن الخطأ في تأويل أو تطبيق النصوص القانونية لا يوقعها في حماة المخالفة الدستورية إذا كانت صحيحة في ذاتها، وأن الفصل في دستورية النصوص القانونية المدعى مخالفتها للدستور، لا يتصل بكيفية تطبيقها عملاً، ولا بالصورة التي فهمها القائمون على تنفيذها، وإنما مرد اتفاقها مع الدستور أو خروجها عليه إلى الضوابط التي فرضها الدستور على الأعمال التشريعية جميعها
وحيث إن المستفاد من نص المادة (5) من القانون رقم 652 لسنة 1955 بشأن التأمين الإجباري من المسئولية المدنية الناشئة عن حوادث السيارات، والمادتين (172 و752) من القانون المدني، والمادتين (251 و258) من قانون الإجراءات الجنائية أن المشرع تيسيراً على المضرور من حوادث السيارات في الحصول على حقه قد استثناه من القواعد العامة المتصلة باختصاص المحاكم المدنية، وأجاز له الادعاء بحقوقه المدنية أمام المحكمة الجنائية قبل المسئول عن الحقوق المدنية، أو المؤمن لديه، ووحد في إجراءات نظر الدعويين أمام المحكمة الجنائية، كما وحد في مدة سقوط كل منهما. وإمعاناً من المشرع في بسط حمايته على حق المضرور ألزم المؤمن لديه بأداء ما يحكم به له قبل المسئول من تعويض نهائي مهما بلغت قيمته، حتى لو لم يكن ممثلاً في الدعوى التي صدر فيها الحكم. وإلزام المؤمن لديه على هذا النحو جاء استثناء من القواعد العامة في الإثبات والتي تقصر حجية الأحكام على الخصوم أطرافها. وبذلك يكون القانون قد فرض رباطاً وثيقاً بين دعوى المضرور قبل المسئول عن الحق المدني، ودعوى المضرور قبل المؤمن لديه، حماية لحق المضرور
وحيث كان ذلك، وكان الحق الذي يحميه القانون غير منفك عن وسيلة حمايته، بولوج سبيل الدعوى لطرح المطالبة بالحق على القضاء. وكان من المقرر أن الحكم بالتعويض المؤقت عن العمل غير المشروع – سواء كان صادراً من محكمة جنائية أو محكمة مدنية – إنما يحيط بالمسئولية التقصيرية في مختلف عناصرها، ويحدد مبدأ التعويض في أصله ومبناه. ومتى صار هذا الحكم حائزاً لقوة الأمر المقضي، فلا يسقط حق المضرور في إقامة دعوى المطالبة بالتعويض النهائي الجابر للأضرار التي لحقت به إلا بمضي خمس عشرة سنة، وفقاً لنص الفقرة الثانية من المادة (385) من القانون المدني، ويبدأ سريان مدة التقادم من تاريخ صيرورة حكم المحكمة الجنائية باتاً، أو من تاريخ صيرورة حكم المحكمة المدنية نهائياً. وقد بات ذلك متفقاً وما تغياه المشرع من توفير الحماية لحق المضرور، ونزولاً على الارتباط الوثيق بين دعواه قبل المسؤول عن الحقوق المدنية، ودعواه قبل المؤمن لديه عن المسئولية المدنية الناشئة عن حوادث السيارات. ولا يسوغ في هذا المقام قالة سقوط دعوى المضرور بطلب التعويض النهائي، بانقضاء ثلاث سنوات، التي رصدها المشرع في المادتين (172 و752) من القانون المدني، لمواجهة تقاعسه عن المطالبة ابتداء بحثه، سواء كانت دعواه مقامة قبل المسؤول عن الحقوق المدنية، وفقاً للنص الأول، أو كانت مقامة قبل المؤمن لديه، وفقاً للنص الثاني – المحال إلى حكمه بموجب نص الفقرة الأخيرة من المادة (5) من القانون رقم 652 لسنة 1955 المشار إليه – ذلك أن مجال إعمال مدة ذلك التقادم قاصر على حالة المطالبة بالحق لأول مرة، ولا شأن له البتة، ولا يستطيل حكمه لحالة إذا ما كان مبدأ الحق في التعويض قد تقرر بموجب حكم حاز قوة الأمر المقضي. وبهذا المفهوم تتوافر الحماية لحق المضرور، التي سعى القانون لتحقيقها
ولا يغير من ذلك القول بأن المطالبة القضائية التي تقطع التقادم المسقط هي المطالبة الصريحة أمام القضاء بالحق الذي يراد اقتضاؤه، وأن صحيفة الدعوى المرفوعة للمطالبة بحق ما لا تقطع التقادم إلا في خصوص هذا الحق، وما التحق به من توابعه، مما يجب بوجوبه أو يسقط بسقوطه، أو أنه متى تغاير الحقان أو تغاير مصدرهما فإن رفع الدعوى بطلب أحدهما لا يترتب عليه انقطاع مدة التقادم بالنسبة للحق الآخر باعتبار أن الحق في التعويض يقبل التجزئة، لأن ذلك النظر ينصرف إلى إعمال القواعد العامة في الدعاوى الأخرى، دون دعوى المضرور قبل المسئول عن الحقوق المدنية، ودعواه قبل المؤمن لديه، إذ خصهما المشرع بأحكام خالف فيها قواعد الاختصاص النوعي لنظر المحاكم المدنية للدعاوى المدنية - كما خالف فيها حجية الأحكام ونسبيتها في ألا تتعدى أطرافها – وجعل بينهما رباطاً غير مجذوذ
وحيث إن إلزام الشركة المؤمن لديها بأداء مبلغ التعويض المحكوم به للمضرور يتحقق بذات ما تحققت به مسئولية المؤمن له أو المتسبب في أدائه – وهو الحكم البات بالتعويض المؤقت الصادر من المحكمة الجنائية أو الحكم النهائي الصادر من المحكمة المدنية – ولو لم تختصم فيه الشركة المؤمن لديها، فإن لازم ذلك أنه إذا صدر الحكم بالتعويض المؤقت وأصبح حائزاً قوة الأمر المقضي فإنه لا يسقط الحق في المطالبة بالتعويض النهائي بالبناء عليه، وإعمالاً لحكم المادة (385/ 2) من القانون المدني، إلا بمدة سقوط الحق، وهي خمس عشرة سنة، سواء قبل المسئول عن الحق المدني أو المؤمن لديه؛ إذ لا وجه لاختلاف الحكم بين المسئولين عن الوفاء بالحق المحكوم به للدائن (المضرور) ترتيباً على الارتباط ووحدة الإجراءات ومدة السقوط في كل من الدعويين قبل المسئول عن الحقوق المدنية، والمؤمن لديه
وحيث كان ذلك، وكان مورثاً المدعين يهدفان بدعواهما الموضوعية القضاء لهما بالتعويض الجابر للأضرار التي أصابتهما جراء فقد مورثهما، فإن التطبيق الصحيح للنصوص المطعون فيها يكون محققاً لهما – ومن بعدهما لورثتهم - مبتغاهما من الدعوى الموضوعية، ولا يكون ثمة مصلحة في الطعن على النصوص المشار إليها بحسبان الضرر المدعى به ليس مرده إلى تلك النصوص، وإنما مرده إلى الفهم الخاطئ لها والتطبيق غير الصحيح لأحكامها، الأمر الذي تنتفي معه المصلحة في الدعوى المعروضة ويتعين من ثم القضاء بعدم قبولها
وحيث إن قضاء هذه المحكمة على النحو السالف بيانه يحوز الحجية المطلقة ويلزم كل سلطة في الدولة – بما فيها الجهات القضائية – باحترام قضائها وتنفيذ مقتضاه على وجهه الصحيح امتثالاً للمادة (195) من الدستور والفقرة الأولى من المادة (49) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979
فلهذه الأسباب 
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، وبمصادرة الكفالة، وألزمت المدعين المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.