برئاسة السيد القاضي الدكتور/ رفعت محمد عبد المجيد نائب رئيس المحكمة
وعضوية السادة القضاة/ صلاح سعداوي خالد، عبد العزيز إبراهيم الطنطاوي، صلاح الدين
كامل أحمد وزياد محمد غازي نواب رئيس المحكمة.
--------------
- 1 محكمة الموضوع "سلطة محكمة الموضوع في تكييف الدعوى".
تطبيق القانون على وجهه الصحيح واجب على القاضي من تلقاء نفسه دون
حاجة إلى طلب من الخصوم. التزامه بالبحث عن الحكم القانوني المنطبق على الواقعة
المطروحة وإنزاله عليها.
إن المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن تطبيق القانون على وجهه الصحيح
لا يحتاج إلى طلب من الخصوم إذ يلتزم القاضي باستظهار حكم القانون الصحيح المنطبق
على الواقعة المطروحة.
- 2 محكمة الموضوع "سلطة محكمة الموضوع في إعمال المواعيد
المسقطة".
المواعيد المسقطة. ماهيتها. القيام بعمل معين أو تحديد الوقت الذي يجب
فيه استعمال حق أو رخصة قررها القانون. للقاضي إعمالها من تلقاء نفسه. علة ذلك.
تعلقها بالنظام العام.
إن للمواعيد المسقطة مفهوم خاص - مختلف عن مفهوم مواعيد التقادم – فهي
تلك التي يجب أن يتم فيها القيام بعمل معين أو يقصد بها تحديد الوقت الذي يجب فيه
استعمال حق أو رخصة قررها القانون، فيكون للقاضي إثارتها من تلقاء نفسه دون حاجة
إلى تمسك الخصم بها ولا ينقطع ولا يتوقف سريان مواعيدها ولا يتخلف عنها التزام
طبيعي وتعد في الأصل متعلقة بالنظام العام ما لم يرد بالقانون ما يجيز الاتفاق على
إطالة مدتها أو تقصيرها.
- 3 قانون "إصدار القانون: التفويض التشريعي".
القرارات اللازمة لتنفيذ القوانين. لرئيس الجمهورية أو من يفوضه
إصدارها .شرطه. أن يكون في نطاق التفويض القانوني. الخروج عن هذا النطاق. أثره.
انعدام هذه القرارات. م 144 من الدستور.
إذ كان النص في المادة 144 من الدستور على أن (يصدر رئيس الجمهورية
اللوائح اللازمة لتنفيذ القوانين بما ليس فيه تعديل أو تعطيل لها أو إعفاء من
تنفيذها وله أن يفوض غيره في إصدارها ويجوز أن يعين القانون من يصدر القرارات
اللازمة لتنفيذه). مفاده أن القرارات التنفيذية التي تصدر ممن يفوضه القانون في
إصدارها لا تعد تشريعاً نافذاً إلا بالقدر الذي لا تنطوي فيه على ما يعد تعديلاً
أو تعطيلاً لأحكامه أو إعفاءً من تنفيذها، فإن انطوت على ما يخالف ذلك افتقدت
عناصر قوتها الملزمة كتشريع فلا تنزل منزلته ويكون لمحاكم السلطة القضائية ألاَّ
تعتد بها في مقام تطبيق القانون التي صدرت تنفيذاً له باعتبار أن مخالفة قرار
أصدرته السلطة التنفيذية لأحكام القانون الذي يفوضها في إصداره لا يشكل خروجاً على
أحكام الدستور، وإنما هو طعن بمخالفة قرار لقانون يوجب على هذه المحاكم اطراحه من
تلقاء ذاتها.
- 4 صندوق الخدمات الصحية والاجتماعية "مدد سقوط الحقوق الناشئة
عنه".
تفويض وزير العدل إصدار قرارات بتنظيم صندوق الخدمات الصحية
والاجتماعية وتحديد الخدمات وقواعد الإنفاق. م 1 من قرار وزير العدل رقم 7873 لسنة
1989م. مناطه. قراره بتقرير مواعيد سقوط للمطالبة بالحقوق التي حددها الصندوق.
خروجاً عن حدود التفويض. أثره. اعتباره عديم الأثر. مخالفة الحكم المطعون فيه هذا
النظر. خطأ ومخالفة القانون.
إذ كان النص في المادة الأولى من القانون رقم 36 لسنة 1975م بإنشاء
صندوق الخدمات الصحية والاجتماعية لأعضاء الهيئات القضائية على أن (ينشأ بوزارة
العدل صندوق يكون له الشخصية الاعتبارية ... ويصدر تنظيم الصندوق وقواعد الإنفاق
منه قرار من وزير العدل بعد موافقة المجلس الأعلى للهيئات القضائية) مؤداه أن المشرع
فوض وزير العدل في وضع المسائل المنظمة للصندوق وتحديد الخدمات والقواعد التي
يتعين إتباعها في الإنفاق من هذا الصندوق ليصدر بها قرارات منه بعد موافقة المجلس
الأعلى للهيئات القضائية بما لا يجوز معه أن تكون هذه القرارات متجاوزة لنطاق هذا
التفويض، وكان النص في المادة الأولى من قرار وزير العدل رقم 7873 لسنة 1989م على
أن (تسقط الحقوق الناشئة عن قانون صندوق الخدمات الصحية والاجتماعية لأعضاء
الهيئات القضائية والقرارات المنظمة له بمضي ثلاث سنوات من تاريخ استحقاقها فيما
عدا إعانة نهاية الخدمة فتسقط بمضي خمس سنوات) يدل على أن هذا القرار بما أورده من
مواعيد مسقطة للحقوق التي قررها قانون إنشاء الصندوق والقرارات المنظمة له يعد
متجاوزاً لنطاق التفويض الصادر لوزير العدل بما تضمنه من تعطيل للحقوق الواردة به
وإعفاء من تنفيذ البعض منها بتقرير مواعيد سقوط لها يوجب على القاضي إعمالها من
تلقاء نفسه باعتبارها متعلقة بالنظام العام وهو ما لا يتأتى إلا بتشريع يصدر من
السلطة التشريعية وليس قراراً متجاوزاً نطاق التفويض منعدم الأثر القانوني. لما
كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى سقوط حق الطاعنة في المطالبة بمبلغ
المعاش الشهري الإضافي بالتقادم الثلاثي استناداً إلى أحكام قرار وزير العدل رقم
7873 لسنة 1989م وكان هذا القرار قد أورد مدة سقوط لم تنص عليها القوانين، فإنه
يكون قد تجاوز نطاق التفويض الممنوح له، ومن ثم لا يعتد به في مقام التطبيق، وإذ
خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه.
- 5 صندوق الخدمات الصحية
والاجتماعية "مدد سقوط الحقوق الناشئة عنه".
الحقوق الناشئة عن صندوق الخدمات الصحية والاجتماعية حقوق دورية
متجددة تتقادم بخمس سنوات. الفقرة الأولى من م 375 مدني. أثره. سقوط حق الطالب في
المطالبة به فيما زاد على الخمس سنوات السابقة على تاريخ تقديم الطلب.
المقرر - في قضاء محكمة النقض – أن النص في المادة 34 مكرر (1) من
قرار وزير العدل رقم 4853 لسنة 1981م المعدل بالقرار رقم 440 لسنة 1986م على أن
"يصرف لكل من استحق معاشاً من أعضاء الهيئة القضائية المنصوص عليها في
القانون رقم 36 لسنة 1975م وانتهت خدمته فيها للعجز أو ترك الخدمة بها لبلوغ سن
التقاعد أو أمضى في عضويتها مدداً مجموعها خمسة عشر عاماً على الأقل – مبلغ شهري
إضافي مقداره ...... عن كل سنة من مدد العضوية. لما كان ذلك، وكان الثابت بالأوراق
أن مورث الطاعنة قد أمضى في عضويته بالسلطة القضائية مدة تزيد على خمسة عشر عاماً
وانتهت خدمته بالوفاة في 25 يوليه سنة 1967م ومن ثم يستحق المبلغ الشهري الإضافي
طبقاً للمادة 34 مكرر (1) سالفة البيان، ولما كانت الطاعنة تقدمت بطلبها في 20
نوفمبر سنة 2005م، وكانت المطالبة متعلقة بحق دوري متجدد فإنها تخضع للتقادم الخمسي
المنصوص عليه في المادة 375/1 من القانون المدني، وعلى ذلك يسقط حقها في المطالبة
عن المدة السابقة على 20 نوفمبر سنة 2000م، ويتعين القضاء لها بالمبلغ الشهري
الإضافي اعتباراً من 20 نوفمبر سنة 2000م حتى 30 يونيه سنة 2002م.
-----------
الوقائع
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق
تتحصل - في أن الطاعنة تقدمت لقلم كتاب محكمة النقض بالطلب رقم ... لسنة 75 ق
(رجال قضاء) بتاريخ 20 نوفمبر سنة 2005م ضد المطعون ضده بصفته وآخر "وزير
العدل" بطلب الحكم بأحقيتها في الحصول على المبلغ الشهري الإضافي المستحق
للورثة عن مورثها المرحوم/ ......... اعتباراً من الأول من أغسطس سنة 1998م وقالت
بياناً لذلك إن مورثهم توفى بتاريخ 25 يوليو سنة 1967م وقد استحق مبلغاً شهرياً من
صندوق الخدمات اعتباراً من أول أغسطس سنة 1998م إلا أنها لم تقم بصرف ذلك المبلغ
الشهري إلا اعتباراً من الأول من يوليو سنه 2002م وبتاريخ 14 نوفمبر سنة 2006م
قررت دائرة طلبات رجال القضاء بمحكمة النقض إحالة الطلب إلى محكمة استئناف القاهرة
نفاذاً للقانون رقم 142 لسنة 2006م المعدل لأحكام قانون السلطة القضائية رقم 46
لسنة 1972م وقيد الطلب أمامها برقم ...... لسنة 123 ق القاهرة، وبتاريخ 19 أبريل
سنة 2007م قضت بعدم قبول الطلب بالنسبة لوزير العدل بصفته وبقبول الطلب شكلاً
بالنسبة للمطعون ضده الأول بصفته، وفي الموضوع بسقوط حق الطاعنة في المطالبة بمبلغ
المعاش الشهري الإضافي بالتقادم الثلاثي، طعنت الأخيرة في هذا الحكم بطريق النقض،
وأودعت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء
بأحقية الطاعنة في صرف المبلغ الشهري الإضافي لمورثهم اعتباراً من الأول من أغسطس
سنة 1998م وحتى الأول من يوليو سنة 2002م، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة
مشورة حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي
المقرر، وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق
القانون إذ قضى بتقادم حقها في المطالبة بمبلغ المعاش الشهري الإضافي بالتقادم
الثلاثي مخالفاً بذلك نص المادة 374 من القانون المدني التي تنص على تقادم
الالتزام بمضي خمس عشرة سنة والمادة 375/1 من القانون المذكور التي تنص على تقادم
الحقوق الدورية المتجددة بمضي خمس سنوات وهو ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في أساسه سديد، ذلك بأن المقرر - في قضاء هذه
المحكمة – أن تطبيق القانون على وجهه الصحيح لا يحتاج إلى طلب من الخصوم إذ يلتزم
القاضي باستظهار حكم القانون الصحيح المنطبق على الواقعة المطروحة عليه وكانت
للمواعيد المسقطة مفهوم خاص - مختلف عن مفهوم مواعيد التقادم - فهي تلك التي يجب
أن يتم فيها القيام بعمل معين أو يقصد بها تحديد الوقت الذي يجب فيه استعمال حق أو
رخصة قررها القانون، فيكون للقاضي إثارتها من تلقاء نفسه دون حاجة إلى تمسك الخصم
بها ولا ينقطع ولا يتوقف سريان مواعيدها ولا يتخلف عنها التزام طبيعي وتعد في
الأصل متعلقة بالنظام العام ما لم يرد بالقانون ما يجيز الاتفاق على إطالة مدتها
أو تقصيرها، وكان النص في المادة 144 من الدستور على أن (يصدر رئيس الجمهورية
اللوائح اللازمة لتنفيذ القوانين بما ليس فيه تعديل أو تعطيل لها أو إعفاء من
تنفيذها وله أن يفوض غيره في إصدارها ويجوز أن يعين القانون من يصدر القرارات
اللازمة لتنفيذه)، مفاده أن القرارات التنفيذية التي تصدر ممن يفوضه القانون في
إصدارها لا تعد تشريعاً نافذاً إلا بالقدر الذي لا تنطوي فيه على ما يعد تعديلاً
أو تعطيلاً لأحكامه أو إعفاءً من تنفيذها، فإن انطوت على ما يخالف ذلك افتقدت
عناصر قوتها الملزمة كتشريع فلا تنزل منزلته ويكون لمحاكم السلطة القضائية ألا
تعتد بها في مقام تطبيق القانون التي صدرت تنفيذاً له باعتبار أن مخالفة قرار
أصدرته السلطة التنفيذية لأحكام القانون الذي يفوضها في إصداره لا يشكل خروجاً على
أحكام الدستور، وإنما هو طعن بمخالفة قرار لقانون يوجب على هذه المحاكم اطراحه من
تلقاء ذاتها، وكان النص في المادة الأولى من القانون رقم 36 لسنة 1975م بإنشاء
صندوق الخدمات الصحية والاجتماعية لأعضاء الهيئات القضائية على أن (ينشأ بوزارة
العدل صندوق يكون له الشخصية الاعتبارية ويصدر لتنظيم الصندوق وقواعد الإنفاق فيه
قرار من وزير العدل بعد موافقة المجلس الأعلى للهيئات القضائية) مؤداه أن المشرع
فوض وزير العدل في وضع المسائل المنظمة للصندوق وتحديد الخدمات والقواعد التي
يتعين اتباعها في الإنفاق من هذا الصندوق ليصدر بها قرارات منه بعد موافقة المجلس
الأعلى للهيئات القضائية بما لا يجوز معه أن تكون هذه القرارات متجاوزة لنطاق هذا
التفويض، وكان النص في المادة الأولى من قرار وزير العدل رقم 7873 لسنة 1989م على
أن (تسقط الحقوق الناشئة عن قانون صندوق الخدمات الصحية والاجتماعية لأعضاء
الهيئات القضائية والقرارات المنظمة له بمضي ثلاث سنوات من تاريخ استحقاقها فيما
عدا إعانة نهاية الخدمة فتسقط بمضي خمس سنوات) يدل على أن هذا القرار بما أورده من
مواعيد مسقطة للحقوق التي قررها قانون إنشاء الصندوق والقرارات المنظمة له يعد
متجاوزاً لنطاق التفويض الصادر لوزير العدل بما تضمنه من تعطيل للحقوق الواردة به
وإعفاء من تنفيذ البعض منها بتقرير مواعيد سقوط لها يوجب على القاضي إعمالها من
تلقاء نفسه باعتبارها متعلقة بالنظام العام وهو ما لا يتأتى إلا بتشريع يصدر من
السلطة التشريعية وليس قراراً متجاوزاً نطاق التفويض منعدم الأثر القانوني. لما
كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى سقوط حق الطاعنة في المطالبة بمبلغ
المعاش الشهري الإضافي بالتقادم الثلاثي استناداً إلى أحكام قرار وزير العدل رقم
7873 لسنة 1989م، وكان هذا القرار قد أورد مدة سقوط لم تنص عليها القوانين، فإنه
يكون قد تجاوز نطاق التفويض الممنوح له، ومن ثم لا يعتد به في مقام التطبيق، وإذ
خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما
يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه، ولما تقدم، وكان المقرر في قضاء هذه
المحكمة - أن النص في المادة 34 مكرر (1) من قرار وزير العدل رقم 4853 لسنة 1981م
المعدل بالقرار رقم 440 لسنة 1986م على أن "يصرف لكل من استحق معاشاً من
أعضاء الهيئة القضائية المنصوص عليها في القانون رقم 36 لسنة 1975م وانتهت خدمته
فيها للعجز أو ترك الخدمة بها لبلوغ سن التقاعد أو أمضى في عضويتها مدداً مجموعها
خمسة عشر عاماً على الأقل - مبلغ شهري إضافي مقداره ......... عن كل سنة من مدد
العضوية. لما كان ذلك، وكان الثابت بالأوراق أن مورث الطاعنة قد أمضى في عضويته
بالسلطة القضائية مدة تزيد على خمسة عشر عاماً وانتهت خدمته بالوفاة في 25 يوليو
سنة 1967م ومن ثم يستحق المبلغ الشهري الإضافي طبقاً للمادة 34 مكرر (1) سالفة
البيان، ولما كانت الطاعنة تقدمت بطلبها في 20 نوفمبر سنة 2005م، وكانت المطالبة
متعلقة بحق دوري متجدد فإنها تخضع للتقادم الخمسي المنصوص عليه في المادة 375/1 من
القانون المدني، وعلى ذلك يسقط حقها في المطالبة عن المدة السابقة على 20 نوفمبر
سنة 2000م، ويتعين القضاء لها بالمبلغ الشهري الإضافي اعتباراً من 20 نوفمبر سنة
2000م حتى 30 يونيو سنة 2002م.