جلسة 16 من فبراير سنة 1998
برئاسة السيد المستشار/ نجاح سليمان نصار نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مجدي منتصر وحسن حمزة ومصطفى كامل نواب رئيس المحكمة وشبل حسن.
--------------
(38)
الطعن رقم 24598 لسنة 65 القضائية
(1) دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
التفات الحكم عن الرد على الدفاع القانوني ظاهر البطلان. لا يعيبه.
مثال.
(2) تفتيش "التفتيش بإذن". دفوع "الدفع ببطلان التفتيش". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
إثارة أساس جديد للدفع ببطلان التفتيش لأول مرة أمام النقض. غير جائز. ما لم يكن قد أثير أمام محكمة الموضوع أو كانت مدونات الحكم ترشح لقيام ذلك البطلان. أساس ذلك؟
(3) تفتيش "إذن التفتيش. تنفيذه". بطلان.
حصول التفتيش بغير حضور المتهم. لا بطلان. أساس ذلك؟
(4) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
العبرة في المحاكمات الجنائية باقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة عليه. عدم جواز مطالبته بالأخذ بدليل معين. إلا إذا قيده القانون بذلك.
(5) إثبات "بوجه عام" "أوراق رسمية". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
للمحكمة الالتفات عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية. ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها.
(6) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
حق محكمة الموضوع أن تجزئ شهادة الشاهد فتأخذ منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير جائز أمام النقض.
(7) وصف التهمة. محكمة الموضوع "سلطتها في تعديل وصف التهمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
عدم تقيد المحكمة بالوصف القانوني الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم. حقها في تعديله متى رأت أن ترد الواقعة إلى الوصف القانوني السليم.
اقتصار التعديل على استبعاد ظرفي حمل السلاح والإكراه في السرقة.
لا يقتضى تنبيه المتهم أو المدافع عنه إلى هذا التعديل. أساس ذلك؟
(8) إجراءات "إجراءات المحاكمة". محكمة الجنايات "نظرها الدعوى والحكم فيها". اختصاص النوعي".
نظر محكمة الجنايات في الجنحة والفصل فيها. صحيح. ما دام لم يتبين لها أنها كذلك إلا بعد التحقيق. أساس ذلك؟
(9) عقوبة "تقديرها". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير العقوبة".
تقدير العقوبة وتقدير مناسبتها بالنسبة إلى كل متهم. موضوعي.
(10) حكم "بيانات الديباجة". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
النعي ببطلان الحكم لخلو صدره من تاريخ إصداره. غير مقبول ما دام قد أثبت هذا البيان بنهايته.
2 - إن ما ينعاه الطاعن بشأن أنه لم يثبت أن التفتيش قد تم بحضور أحد من الأشخاص الذين عددتهم المادة 92 من قانون الإجراءات الجنائية فمردوداً بما هو مقرر من أنه لا يصح إثارة أساس جديد للدفع ببطلان التفتيش لأول مرة أمام محكمة النقض ما دام أنه في عداد الدفوع القانونية المختلطة بالواقع ما لم يكن قد أثير أمام محكمة الموضوع أو كانت مدونات الحكم ترشح لقيام ذلك البطلان، ولما كانت مجادلة الطاعن في هذا الشأن تقتضى تحقيقاً موضوعياً، وكان الطاعن لم يتمسك بذلك أمام محكمة الموضوع ومن ثم فلا يقبل منه إثارة ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض.
3 - من المقرر أن حصول التفتيش بغير حضور المتهم لا يترتب عليه البطلان ذلك أن القانون لم يجعل حضور المتهم - أو من ينيبه عنه - التفتيش الذي يجرى في مسكنه شرطاً جوهرياً لصحته.
4 - من المقرر أن العبرة في المحاكمات الجنائية هي باقتناع قاضي الموضوع بناء على الأدلة المطروحة بإدانة المتهم أو ببراءته، فلا يصح مطالبته بالأخذ بدليل معين فقد جعل القانون من سلطته أن يزن قوة الإثبات وأن بأخذ من أي بينة أو قرينة يرتاح إليها دليلاً لمحكمة إلا إذا قيده القانون بدليل معين ينص عليه.
5 - من المقرر أن للمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها.
6 - لما كان من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تجزئ شهادة الشاهد فتأخذ منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه لتعلق ذلك بسلطتها في تقدير الدعوى، فإن ما يثيره الطاعن في صدد أخذ الحكم بأقوال متهمين سبق الحكم عليهما وإلى شهادة شاهدي الإثبات الأول والثاني بالنسبة لثبوت تهمة حيازة السلاح الناري التي دانه بها وإطراحه لأقوالهم بالنسبة لتهمة إحراز الذخيرة التي قضى ببراءته منها لا يخرج عن كونه جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها، وهو ما لا يجوز إثارته أو الخوض فيه أمام محكمة النقض.
7 - لما كان الثابت من مدونات الحكم أن الدعوى الجنائية رفعت على الطاعن بتهم السرقة مع حمل سلاح والسرقة بالإكراه وإحراز سلاح ناري دون ترخيص وحيازة ذخيرة مما تستعمل في سلاح ناري دون أن يكون مرخصاً له في حيازته فعدلت المحكمة وصف التهمتين الأولى والثانية إلى جنحة السرقة والشروع فيها، وكان الأصل أن المحكمة لا تتقيد بالوصف القانوني الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم لأن هذا الوصف ليس نهائياً بطبيعته وليس من شأنه أن يمنع المحكمة من تعديله متى رأت أن ترد الواقعة بعد تمحيصها إلى الوصف القانوني السليم الذي ترى انطباقه عليها وإذ كانت الواقعة المبينة بأمر الإحالة والتي كانت مطروحة بالجلسة هي بذاتها الواقعة التي اتخذها الحكم المطعون فيه أساساً للوصف الجديد الذي دان الطاعن به، وكان مرد التعديل هو استبعاد ظرفي حمل السلاح والإكراه في السرقة دون أن يتضمن إسناد واقعة مادية أو عناصر جديدة تختلف عن الأولى، فإن الوصف المعدل الذي نزلت إليه المحكمة حين اعتبرت الطاعن مرتكباً لجنحتي السرقة والشروع فيها لا يجافى التطبيق السليم في شيء ولا يعطي الطاعن حقاً في إثارة دعوى الإخلال بحق الدفاع، إذ أن المحكمة لم تكن ملزمة في مثل هذه الحالة بتنبيهه أو المدافع إلى ما أجرته من تعديل في الوصف ما دام قد اقتصرت على استبعاد أحد عناصر الجريمة التي رفعت بها الدعوى ومن ثم قد انحسرت عن الحكم قاله الإخلال بحق الدفاع.
8 - لما كانت المادة 382 من قانون الإجراءات الجنائية قد نصت على أنه "إذا رأت محكمة الجنايات أن الواقعة كما هي مبينة في أمر الإحالة وقبل تحقيقها بالجلسة تعد جنحة، فلها أن تحكم بعدم الاختصاص وتحيلها إلى المحكمة الجزئية. أما إذا لم تر ذلك إلا بعد التحقيق، تحكم فيها" ومفاد ذلك وفقاً للفقرة الأولى من هذه المادة أنه إذا تبين لمحكمة الجنايات قبل إجراء التحقيق أن الواقعة المطروحة تشكل جنحة وليست جناية، فقد جعل لها القانون اختصاصاً جوازياً بين أن تنظر الدعوى وتفصل فيها أو تحيلها إلى المحكمة الجزئية. وفي الحالتين على السواء يكون قضاؤها متفقاً مع القانون. ومن ثم إذ تصدت محكمة الجنايات لنظر جنحتي السرقة والشروع فيها وأصدرت حكمها المطعون فيه فإنها لا تكون قد أخطأت في القانون.
9 - من المقرر أن تقدير العقوبة في الحدود المقررة قانوناً وتقدير مناسبة العقوبة بالنسبة إلى كل متهم هو من إطلاقات محكمة الموضوع دون معقب ودون أن تسأل حساباً عن الأسباب التي من أجلها أوقعت العقوبة بالقدر الذي ارتأته فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون مقبولاً.
10 - لما كان البين من مطالعة الحكم المطعون فيه أنه يحمل تاريخ إصداره في نهايته - وهو ما لا يماري فيه الطاعن - وكان القانون لم يشترط إثبات هذا البيان في صدر الحكم دون نهايته فإن منعى الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخرين (سبق الحكم عليهم) بأنهم: المتهمون جميعاً أولاً: سرقوا السيارة رقم..... نقل غربية المملوكة لـ ..... حالة كونه "الطاعن" حاملاً لسلاح ناري "فرد بلدي صناعة محلية". ثانياً: سرقوا الحديد المبين وصفاً وقيمة بالأوراق المملوك لـ ..... بطريق الإكراه الواقع عليه وذلك بإطلاق عيارين ناريين من السلاح الناري الذي كان محرزاً له عليه حال تتبع المجني عليه وآخرين لهم - وتمكنوا بهذه الوسيلة من الفرار بالمسروقات. المتهم الطاعن: 1 - أحرز وحاز بغير ترخيص سلاحاًَ نارياً غير مششخن "فرد بلدي صناعة محلية". 2 - حاز ذخائر نارية "عدد 2 طلقة" لسلاح ناري دون أن يكون مرخصاً له في حيازته. وأحالته إلى محكمة جنايات طنطا لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 45، 47، 317/ رابعاً وخامساً، 321 من قانون العقوبات والمواد 1/ 1، 26/ 1، 30/ 1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقمي 26 لسنة 1978، 165 لسنة 1981 والجدول رقم (2) المرافق مع إعمال المادة 32 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم "الطاعن" بالسجن لمدة ثلاث سنوات وبتغريمه مائه جنيه وبمصادرة السلاح الناري المضبوط عن تهمة حيازة السلاح الناري وبحبسه مع الشغل لمدة ثلاث سنوات عن تهمة سرقة السيارة والشروع في سرقة الحديد. وبراءته من تهمة إحراز الذخيرة المنسوبة إليه باعتبار أن التهمتين الأولى جنحة سرقة والثانية شروع فيها.
فطعن الأستاذ/.... المحامي نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض...... إلخ.
المحكمة
حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم حيازة سلاح ناري بغير ترخيص والسرقة والشروع فيها قد شابه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع والخطأ في تطبيق القانون ذلك أنه دفع ببطلان التفتيش استناداً إلى أن ضابط الواقعة لم يتأكد من أن المنزل الذي تم تفتيشه هو منزل الطاعن، كما لم يثبت أن التفتيش تم بحضور أحد من الأشخاص الذين عددتهم المادة 92 من قانون الإجراءات الجنائية الأمر الذي كان يتعين معه على الحكم عدم الاستناد إلى الدليل المستمد من هذا الإجراء الباطل كما دفع بعدم ارتكابه لما أسند إليه وقدم تأكيداً لذلك بطاقة تثبت إقامته بأحد الأحياء بدولة أخرى وقت وقوع الحادث، ولم يعرض الحكم لهذين الدفعين. واستند الحكم في إدانة الطاعن بتهمة حيازة السلاح الناري إلى شهادة متهمين سبق الحكم عليهما وإلى شهادة شاهدي الإثبات الأول والثاني على الرغم من إفصاح الحكم عن عدم الاطمئنان إلى أقوالهما عند القضاء ببراءة الطاعن من تهمة إحراز الذخيرة وقامت المحكمة بتعديل وصف تهمة السرقة من جناية سرقة بإكراه وحمل سلاح إلى جنحة سرقة وشروع فيها دون أن تلفت نظر الدفاع إلى هذا التعديل أو قضى بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وبإحالتها إلى محكمة الجنح، وقضى الحكم على الطاعن بالحد الأقصى للعقوبة بالنسبة لتهمة حيازة السلاح الناري على الرغم مما يحيط بها من شكوك، وخلا صدر الحكم من تاريخ إصداره مكتفياً بإثبات تاريخه بنهايته مما يبطله، وكل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها. لما كان ذلك، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن النقيب..... معاون مباحث مركز كفر الزيات قام بتنفيذ الإذن الصادر من النيابة العامة بتفتيش مسكن الطاعن وقد أسفر ذلك عن ضبط سلاح ناري في حيازته. وكان الطاعن لا ينازع في مذكرة أسباب الطعن في أن ما جرى تفتيشه هو منزله ومن ثم فلا ينال من سلامة الحكم التفاته عن الرد على ما دفع به الطاعن بشأن عدم تأكد الضابط من أن المنزل الذي جرى تفتيشه هو منزله لأنه دفاع ظاهر البطلان لا يسانده واقع، وإما ما ينعاه الطاعن بشأن أنه لم يثبت أن التفتيش قد تم بحضور أحد من الأشخاص الذين عددتهم المادة 92 من قانون الإجراءات الجنائية فمردود بدوره بما هو مقرر من أنه لا يصح إثارة أساس جديد للدفع ببطلان التفتيش لأول مرة أمام محكمة النقض ما دام أنه في عداد الدفوع القانونية المختلطة بالواقع ما لم يكن قد أثير أمام محكمة الموضوع أو كانت مدونات الحكم ترشح لقيام ذلك البطلان، ولما كانت مجادلة الطاعن في هذا الشأن تقتضى تحقيقاً موضوعياً، وكان الطاعن لم يتمسك بذلك أمام محكمة الموضوع ومن ثم فلا يقبل منه إثارة ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض. هذا فضلاً عن أنه من المقرر أن حصول التفتيش بغير حضور المتهم لا يترتب عليه البطلان ذلك أن القانون لم يجعل حضور المتهم - أو من ينيبه عنه - التفتيش الذي يجرى في مسكنه شرطاً جوهرياً لصحته. لما كان ذلك، وكانت العبرة في المحاكمات الجنائية هي باقتناع قاضي الموضوع بناء على الأدلة المطروحة بإدانة المتهم أو ببراءته، فلا يصح مطالبته بالأخذ بدليل معين فقد جعل القانون من سلطته أن يزن قوة الإثبات وأن يأخذ من أي بينة أو قرينة يرتاح إليها دليلاً لمحكمة إلا إذا قيده القانون بدليل معين ينص عليه، كما أن من المقرر أن للمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها، فإن النعي على الحكم التفاته عن البطاقة التي قدمها الطاعن للتدليل على عدم ارتكابه لواقعة الدعوى يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تجزئ شهادة الشاهد فتأخذ منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه لتعلق ذلك بسلطتها في تقدير أدلة الدعوى، فإن ما يثيره الطاعن في صدد أخذ الحكم بأقوال متهمين سبق الحكم عليهما وإلى شهادة شاهدي الإثبات الأول والثاني بالنسبة لثبوت تهمة حيازة السلاح الناري التي دانه بها وإطراحه لأقوالهم بالنسبة لتهمة إحراز الذخيرة التي قضى ببراءته منها لا يخرج عن كونه جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها، وهو ما لا يجوز إثارته أو الخوض فيه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الثابت من مدونات الحكم أن الدعوى الجنائية رفعت على الطاعن بتهم السرقة مع حمل سلاح والسرقة بالإكراه وإحراز سلاح ناري دون ترخيص وحيازة ذخيرة مما تستعمل في سلاح ناري دون أن يكون مرخصاً له في حيازته فعدلت المحكمة وصف التهمتين الأولى والثانية إلى جنحة السرقة والشروع فيها، وكان الأصل أن المحكمة لا تتقيد بالوصف القانوني الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم لأن هذا الوصف ليس نهائياً بطبيعته وليس من شأنه أن يمنع المحكمة من تعديله متى رأت أن ترد الواقعة بعد تمحيصها إلى الوصف القانوني السليم الذي ترى انطباقه عليها وإذ كانت الواقعة المبينة بأمر الإحالة والتي كانت مطروحة بالجلسة هي بذاتها الواقعة التي اتخذها الحكم المطعون فيه أساساً للوصف الجديد الذي دان الطاعن به، وكان مرد التعديل هو استبعاد ظرفي حمل السلاح والإكراه في السرقة دون أن يتضمن إسناد واقعة مادية أو عناصر جديدة تختلف عن الأولى، فإن الوصف المعدل الذي نزلت إليه المحكمة حين اعتبرت الطاعن مرتكباً لجنحتي السرقة والشروع فيها لا يجافى التطبيق السليم في شيء ولا يعطي الطاعن حقاً في إثارة دعوى الإخلال بحق الدفاع، إذ أن المحكمة لم تكن ملزمة في مثل هذه الحالة بتنبيهه أو المدافع عنه إلى ما أجرته من تعديل في الوصف ما دام قد اقتصرت على استبعاد أحد عناصر الجريمة التي رفعت بها الدعوى ومن ثم قد انحسرت عن الحكم قالة الإخلال بحق الدفاع، لما كان ذلك، وكانت المادة 382 من قانون الإجراءات الجنائية قد نصت على أنه "إذ رأت محكمة الجنايات أن الواقعة كما هي مبينة في أمر الإحالة وقبل تحقيقها بالجلسة تعد جنحة، فلها أن تحكم بعدم الاختصاص وتحيلها إلى محكمة الجزئية. أما إذا لم تر ذلك إلا بعد التحقيق، تحكم فيها" ومفاد ذلك وفقاً للفقرة الأولى من هذه المادة أنه إذا تبين لمحكمة الجنايات قبل إجراء التحقيق أن الواقعة المطروحة تشكل جنحة وليست جناية، فقد جعل لها القانون اختصاصاً جوازياً بين أن تنظر الدعوى وتفصل فيها أو تحيلها إلى المحكمة الجزئية. وفي الحالتين على السواء يكون قضاؤها متفقاً مع القانون. ومن ثم إذ تصدت محكمة الجنايات لنظر جنحتي السرقة والشروع فيها وأصدرت حكمها المطعون فيه فإنها لا تكون قد أخطأت في القانون. لما كان ذلك، وكان تقدير العقوبة في الحدود المقررة قانوناً وتقدير مناسبة العقوبة بالنسبة إلى كل متهم هو من إطلاقات محكمة الموضوع دون معقب ودون أن تسأل حساباً عن الأسباب التي من أجلها أوقعت العقوبة بالقدر الذي ارتأته فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك، وكان البين من مطالعة الحكم المطعون فيه أنه يحمل تاريخ إصداره في نهايته - وهو ما لا يماري فيه الطاعن - وكان القانون لم يشترط إثبات هذا البيان في صدر الحكم دون نهايته فإن منعى الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.