الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 5 فبراير 2015

الطعن 17271 لسنة 68 ق جلسة 4 / 10 / 1999 مكتب فني 50 ق 115 ص 498

جلسة 4 من أكتوبر سنة 1999

برئاسة السيد المستشار/ مجدي منتصر نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ حسن حمزة وحامد عبد الله وجاب الله محمد جاب الله وشبل حسن نواب رئيس المحكمة.

--------------  

(115)
الطعن رقم 17271 لسنة 68 القضائية

(1) حكم "بياناته".
عدم رسم القانون شكلاً خاصاً لصياغة الحكم. كفاية أن يكون ما أورده مؤدياً لتفهم الواقعة بأركانها وظروفها.
(2)
سبق إصرار. ظروف مشددة. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير سبق الإصرار".
سبق الإصرار. حالة ذهنية تقوم بنفس الجاني. استفادتها من وقائع وظروف خارجية.
البحث في توافر ظرف سبق الإصرار. موضوعي. ما دام سائغاً.
 (3)
إثبات "بوجه عام".
الدليل في المواد الجنائية لا يشترط أن يكون صريحاً ودالاً مباشرة على الواقعة. كفاية أن يكون استخلاص ثبوتها منه عن طريق الاستنتاج.
 (4)
سبق إصرار. ظروف مشددة. مسئولية جنائية. ضرب "أفضى إلى موت". تضامن. فاعل أصلي. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
توافر سبق الإصرار في حق الطاعنين. يرتب تضامناً بينهم في المسئولية الجنائية عن جريمة الضرب المفضي إلى الموت التي وقعت تنفيذاً لقصدهم المشترك باعتبارهم فاعلين أصليين طبقاً للمادة 39 عقوبات. سواء أكان محدث الإصابة التي أدت إلى الوفاة معلوماً ومعيناً من بينهم أو غير معلوم.
(5)
اتفاق. اشتراك. مساهمة جنائية. مسئولية جنائية. فاعل أصلي حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". ضرب "أفضى إلى موت".
تقابل إرادة المتهمين. كفايته لتحقق الاتفاق بينهم. انقضاء زمن بين الاتفاق وارتكاب الجريمة. غير لازم.
ما يكفي قانوناً لاعتبار الشخص فاعلاً أصلياً في الجريمة؟
استظهار الحكم اتفاق المتهمين على ارتكاب الجريمة في معيتهم في الزمان والمكان ونوع الصلة بينهم وصدور الجريمة عن باعث واحد واتجاههم وجهة واحدة في تنفيذها وأن كلاً منهم قصد قصد الآخر في إيقاعها وقارف أفعالاً من الأفعال المكونة لها وترتيبه تضامنهم في المسئولية عنها باعتبارهم فاعلين أصليين فيها. صحيح.
(6)
إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعي. ما دام سائغاً.
 (7)
إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
وزن أقوال الشهود وتقديرها. موضوعي.
أخذ المحكمة بأقوال الشهود. مفاده؟
 (8)
إثبات "شهود". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل".
تناقض روايات الشهود في بعض تفاصيلها. لا يعيب الحكم. ما دام استخلص الحقيقة منها بما لا تناقض فيه.
(9)
إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
النعي ببعد المسافة وتعذر الرؤية وتحديد الضاربين من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب رداً صريحاً من المحكمة. استفادة الرد عليها من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
تقدير أدلة الدعوى. موضوعي.
عدم التزام محكمة الموضوع بتتبع المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي والرد على كل شبهة يثيرها.
 (10)
إجراءات "إجراءات المحاكمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها. غير مقبول.
مثال.
(11)
إجراءات "إجراءات المحاكمة". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تعييب الإجراءات السابقة على المحاكمة. أمام النقض. غير جائز. مثال.
 (12)
إثبات "شهود" "خبرة". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تطابق أقوال الشهود مع الدليل الفني. غير لازم. كفاية أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصي على الملاءمة والتوفيق.
(13)
إثبات "شهود". خبرة. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
إيراد الحكم ما أثاره الدفاع بوجود تناقض بين الدليلين القولي والفني. غير لازم. ما دامت مدوناته تتضمن الرد على ذلك الدفاع. علة ذلك؟
(14)
حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". بطلانه.
التناقض الذي يعيب الحكم ويبطله. ماهيته؟
 (15)
رابطة السببية. مسئولية جنائية. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". ضرب "أفضى إلى الموت". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تقدير قيام رابطة السببية بين الإصابات والوفاة في جريمة ضرب أفضى إلى الموت. موضوعي. ما دام سائغاً.
مسئولية المتهم في جريمة الضرب المفضي إلى الموت عن جميع النتائج المحتمل حصولها لفعله ولو كانت عن طريق غير مباشر للتراخي في العلاج أو الإهمال فيه ما لم تكن وليدة تعمد من جانب المجني عليه.
مثال لتسبيب سائغ في توافر رابطة السببية في جريمة ضرب أفضى إلى الموت.
 (16)
إجراءات "إجراءات التحقيق" "إجراءات المحاكمة". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
ليس للطاعنين أن ينعوا على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها.
مثال.
 (17)
إثبات "خبرة". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم التزام المحكمة باستدعاء كبير الأطباء الشرعيين لمناقشته. متى وضحت الواقعة لديها أو كان الأمر المطلوب تحقيقه غير منتج في الدعوى.
(18)
إثبات "خبرة". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل".
عدم إيراد الحكم نص تقرير الخبير بكامل أجزائه. لا يعيبه.
 (19)
إثبات "خبرة". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير. موضوعي.
لمحكمة الموضوع الجزم بما لم يجزم به الخبير في تقريره.
 (20)
إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم التزام المحكمة أن تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم عليه قضاءها. لها تجزئة أقوال الشهود والأخذ منها بما تطمئن إليه وإطراح ما عداه دون بيان العلة.
الجدل الموضوعي في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها. غير جائز أمام النقض.
 (21)
قانون "سريانه من حيث الزمان" "القانون الأصلح". أحداث. دستور. نقض "حالات الطعن. الخطأ في تطبيق القانون".
لا جريمة ولا عقوبة إلا بناء على قانون. ولا عقاب إلا على الأفعال اللاحقة لنفاذ القانون. المادة 66 من الدستور.
توقيع عقوبة أشد واردة في القانون الجديد على أفعال وقعت في ظل قانون سابق ذات عقوبة أخف. غير جائز. أساس ذلك؟
(22)
محكمة النقض "سلطتها". نقض "حالاته" "الخطأ في تطبيق القانون". عقوبة "تقديرها".
لمحكمة النقض أن تنقض الحكم لمصلحة المتهم إذا بني على خطأ في تطبيق القانون أو تأويله. أساس ذلك؟
اتصال الخطأ بتقدير العقوبة. يوجب النقض والإعادة.

-------------
1 - من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون.
2 - من المقرر أن سبق الإصرار حالة ذهنية تقوم بنفس الجاني فلا يستطيع أحد أن يشهد بها مباشرة بل تستفاد من وقائع خارجية يستخلصها منها القاضي استخلاصاًً، وكان البحث في توافر ظرف سبق الإصرار من إطلاقات قاضي الموضوع يستنتجه من ظروف الدعوى وعناصرها ما دام موجب تلك الظروف وهذه العناصر لا يتنافر عقلاً مع ذلك الاستنتاج.
3 - لا يشترط في الدليل في المواد الجنائية أن يكون صريحاً ودالاً مباشرة على الواقعة المراد إثباتها بل يكفي أن يكون استخلاص ثبوتها منه عن طريق الاستنتاج مما يتكشف من الظروف والقرائن وترتيب النتائج على المقدمات، ولما كان ما أورده الحكم في تدليله على توافر ظرف سبق الإصرار في حق الطاعنين كافياً وسائغاً في تحقق هذا الظرف كما هو معرف به في القانون، فإن منعى الطاعنين في هذا الشأن لا يكون له محل.
4 - لما كان الحكم المطعون فيه وقد أثبت توافر سبق الإصرار في حق الطاعنين فإن ذلك يرتب في صحيح القانون تضامناً بينهم وباقي المتهمين في المسئولية الجنائية ويكون كل منهم مسئولاً عن جريمة الضرب المفضي إلى الموت التي وقعت تنفيذاً لقصدهم المشترك الذي بيتوا النية عليه باعتبارهم فاعلين أصليين طبقاً لنص المادة 39 من قانون العقوبات يستوي في هذا أن يكون محدث الإصابة التي أدت إلى الوفاة معلوماً ومعيناً من بينهم أو غير معلوم، فإن منعى الطاعنين في هذا الشأن يكون غير مقبول.
5 - الاتفاق على ارتكاب الجريمة لا يقتضي في الواقع أكثر من تقابل إرادة كل من المساهمين ولا يشترط لتوافره مضي وقت معين، ومن الجائز عقلاً وقانوناً أن تقع الجريمة بعد الاتفاق عليها مباشرة أو لحظة تنفيذها تحقيقاً لقصد مشترك بين المساهمين هو الغاية النهائية من الجريمة، أي أن يكون كل منهم قصد قصد الآخر في إيقاع الجريمة المعنية وأسهم فعلاً بدور في تنفيذها بحسب الخطة التي وضعت أو تكونت لديهم فجأة. وأنه يكفي في صحيح القانون لاعتبار الشخص فاعلاً أصلياً في الجريمة أن يساهم فيها بفعل من الأفعال المكونة لها، وكان ما أورده الحكم رداً على الدفع بعدم توافر ظرف سبق الإصرار وانتفاء الاتفاق بين المتهمين وفي بيان واقعة الدعوى وما ساقه من أدلة الثبوت فيها كافياً بذاته للتدليل على اتفاق المتهمين على ارتكاب الجريمة من معيتهم في الزمان والمكان ونوع الصلة بينهم وباقي المتهمين وصدور الجريمة عن باعث واحد واتجاههم وجهة واحدة في تنفيذها وأن كلاً منهم وباقي المتهمين قصد قصد الآخر في إيقاعها وقارف أفعلاً من الأفعال المكونة لجريمة الضرب المفضي إلى الموت، فإن ما انتهى إليه الحكم من ترتيب التضامن في المسئولية بينهم واعتبارهم فاعلين أصليين لجريمة الضرب المفضي إلى الموت طبقاً لنص المادة 39 من قانون العقوبات يكون سديداً.
6 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق.
7 - من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب، ومتى أخذت بأقوال الشهود فإن ذلك يفيد أنها اطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وكان الحكم قد كشف عن اطمئنانه إلى أقوال الشهود واقتناعه بوقوع الحادث على الصورة التي وردت بأقوالهم وأيدها التقرير الطبي، وكان ما أورده في هذا الخصوص سائغاً في العقل والمنطق ومقبولاً في بيان كيفية وقوع الحادث، فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الصدد يكون غير سديد.
8 - لما كان الطاعنون لا ينازعون في صحة ما نقله الحكم من أقوال شهود الإثبات، فإن تناقض روايات الشهود في بعض تفاصيلها - بفرض وجوده - لا يعيب الحكم ولا يقدح في سلامته ما دام قد استخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه، ومن ثم فإنه لا يكون هناك محل لتعييب الحكم في صورة الواقعة التي اعتنقتها المحكمة بدعوى تعدد رواياتهم وتضارب أقوالهم ويكون منعى الطاعنين في هذا الصدد غير مقبول.
9 - لما كان ما أثاره الدفاع بشأن بعد المسافة وتعذر الرؤية وتحديد الضاربين يعد من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل من المحكمة رداً صريحاً ما دام الرد مستفاداً ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم، ذلك أن تقدير أدلة الدعوى من إطلاقات محكمة الموضوع التي لها أن تكون عقيدتها من كافة العناصر المطروحة على بساط البحث وهي غير ملزمة بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي والرد على كل شبهة يثيرها ما دام الرد مستفاداً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
10 - لما كان الثابت من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة من أن الطاعنين لم يطلبوا من المحكمة إجراء معاينة لمكان الحادث فليس لهم من بعد أن ينعوا عليها قعودها عن إجراء لم يطلب منها ولم تر هي حاجة إلى اتخاذه، ويضحى منعاهم في هذا الصدد في غير محله.
11 - لما كان من المقرر أن تعييب الإجراءات السابقة على المحاكمة لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. وإذ كان الثابت من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعنين أو باقي المتهمين لم يدفعوا أمام محكمة الموضوع بثمة قصور في تحقيقات النيابة بشأن استبعاد..... من الاتهام فليس لهم أن ينعوا على المحكمة عدم ردها على دفاع لم يثر أمامها ولا يقبل منهم الدفع بشيء من ذلك أمام محكمة النقض لأول مرة.
12 - لما كان الأصل أنه ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفني، بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي كما أخذت به المحكمة غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصى على الملائمة والتوفيق، ذلك أن مؤدى ما حصله الحكم من أقوال شهود الإثبات أن المتهم......... ضرب المجني عليه بسوط فسقط على الأرض ونهض فأمسك به وشل حركته وتعدى عليه المتهمين بالضرب بالأسلحة البيضاء التي يحملونها محدثين إصابتيه بالفخذ الأيسر، لا يتعارض مع ما نقله الحكم من تقرير الصفة التشريحية لجثة المجني عليه من أن وفاته إصابية ناشئة عن الإصابتين الطعينتين بالفخذ الأيسر وما أحدثته من تمزق بالأنسجة والأوعية الدموية وما صاحبه من نزيف دموي غزير، فإن ما يثيره الطاعنون من دعوى التناقض بين الدليلين القولي والفني يكون في غير محله.
13 - لما كان من المقرر أنه ليس بلازم أن يورد الحكم ما أثاره الدفاع من وجود تناقض بين الدليلين القولي والفني ما دام أن ما أورده في مدوناته يتضمن الرد على ذلك الدفاع إذ المحكمة، لا تلتزم بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه المختلفة والرد عليها على استقلال طالما أن الرد يستفاد من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم، ومن ثم يضحي ما ينعاه الطاعنون في هذا الخصوص ولا محل له.
14 - لما كان التناقض الذي لا يعيب الحكم ويبطله هو الذي يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة وكان مفاد ما أورده الحكم من جماع أقوال شهود الإثبات من أن المتهمين جميعاً ضربوا المجني عليه في استخلاص سائغ لا تناقض فيه، فإن النعي في هذا الصدد يكون على غير أساس.
15 - لما كان من المقرر أن رابطة السببية بين الإصابات والوفاة في جريمة الضرب المفضي إلى الموت من الأمور الموضوعية البحتة التي تخضع لتقدير قاضي الموضوع ومتى فصل في شأنها إثباتاً أو نفياً فلا رقابة لمحكمة النقض عليه ما دام قد أقام قضاءه في ذلك على أسباب تؤدي إلى ما انتهى إليه - كما هو الشأن في الدعوى المطروحة - وكان الحكم المطعون فيه اعتماداً على الأدلة السائغة التي أوردها قد خلص إلى إحداث الإصابتين الطعنيتين بالفخذ الأيسر للمجني عليه والتي نقل عن التقرير الطبي الشرعي أنها السبب في وفاته لما أحدثتاه من تمزق بالأنسجة والأوعية الدموية وما صاحبه من نزيف دموي غزير، فإن الطاعنين يكونون مسئولين عن جناية الضرب المفضي إلى الموت التي أثبت الحكم مقارفتهم إياها ولا يجديهم ما يثيرونه من إهمال في علاج المجني عليه، لأنه - بفرض صحته - لا يقطع رابطة السببية لأن المتهم في جريمة الضرب يكون مسئولاً عن جميع النتائج المحتمل حصولها من الإصابة ولو كانت عن طريق غير مباشر كالتراخي في العلاج أو الإهمال فيه ما لم يثبت أنه كان متعمداً لتجسيم المسئولية وهو ما لم يقل به الطاعنون ولا سند له من الأوراق، ومن ثم فإن منعاهم على الحكم في هذا الصدد يكون غير سديد.
16 - لما كان لا يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعنين طلبوا استدعاء كبير الأطباء الشرعيين لمناقشته - فليس لهم من بعد النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تر هي من جانبها لزوماً لإجرائه، فإن النعي في هذا الصدد يكون غير سديد.
17 - من المقرر أن محكمة الموضوع لا تلتزم باستدعاء كبير الأطباء الشرعيين لمناقشته متى وضحت الواقعة لديها ولم تر هي من جانبها حاجة إلى اتخاذ هذا الإجراء أو كان الأمر المطلوب تحقيقه غير منتج في الدعوى، ولما كانت المحكمة قد اطمأنت إلى صورة الواقعة حسبما استخلصتها من تقرير الصفة التشريحية، فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون على غير أساس.
18 - لما كان الحكم قد أورد في مؤدى التقرير الطبي الشرعي بالصفة التشريحية لجثة المجني عليه من أن المعالم الإصابية للمذكور تغيرت بالتداخل الجراحي وأنه حكماً على ما جاء بالأوراق الطبية المرسلة ومن فحص الجثة والملابس التي كان يرتديها لحظة إصابته بالفخذ الأيسر كانت أصلاً ذات طبيعة طعنية حيوية حدثت من المصادمة بجسم أو أجسام صلبة حادة أياً كان نوعها مثل مطواة أو سنجة أو ما شابه ذلك ولا يوجد ما يتعارض فنياً وجواز حدوثها من مثل التصوير الوارد بمذكرة النيابة وفي تاريخ معاصر لتاريخ الواقعة وأن وفاته إصابية ناشئة عن الإصابتين الطعنيتين بالفخذ الأيسر وما أحدثته من تمزق بالأنسجة والأوعية الدموية وما صاحبه من نزيف دموي غزير، فإن ما ينعاه الطاعنون بعدم إيراد مضمون التقرير الطبي الشرعي للصفة التشريحية كاملاً لا يكون له محل، لما هو مقرر أن لا ينال من سلامة الحكم عدم إيراد نص تقرير الخبير بكامل أجزائه.
19 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير المقدم إليها وما دامت قد اطمأنت إلى ما جاء به فلا يجوز مصادرتها في ذلك ولا يؤثر في ذلك ما يثيره الطاعن الأول من أن الحكم عول على تقرير الصفة التشريحية لجثة المجني عليه برغم تغير المعالم الإصابية بجثة المجني عليه بالتداخل الجراحي وعدم متابعة المحكمة للمرحلة العلاجية التي مر بها المجني عليه عقب الحادث حتى وفاته، ذلك أن لمحكمة الموضوع سلطة الجزم بما لم يجزم به الخبير في تقريره، فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون غير سديد.
20 - لما كانت المحكمة لا تلتزم بحسب الأصل بأن تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم قضاءها عليه إذ لها في سبيل استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى أن تجزئ أقوالهم فتأخذ بما تطمئن إليه منها وتطرح ما عداه دون إلزام عليها ببيان العلة، وكان الطاعن لا ينازع في صحة ما نقله الحكم المطعون فيه من أقوال شهود الإثبات، كما أن ما أورده الحكم ودلل به على مقارفة الطاعن لجريمة الضرب المفضي إلى الموت التي دين الطاعن بها وكان كافياً وسائغاً، فإن ما يثيره الطاعن الثالث من منازعة في سلامة تحصيلها لأقوال شاهدي الإثبات الرائد/ ...... بشأن دور كل من الطاعنين في المشاجرة لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
21 - لما كانت المادة 66 من الدستور تنص على أنه (.... لا جريمة ولا عقوبة إلا بناء على قانون.... ولا عقاب إلا على الأفعال اللاحقة لتاريخ نفاذ القانون....) كما نصت المادة 5/ 1 من قانون العقوبات على أنه (يعاقب على الجرائم بمقتضى القانون المعمول به وقت ارتكابها....) لما كان ذلك، وكان المستفاد من تلك النصوص وفقاً للقواعد الأساسية لمشروعية العقاب أنه لا يجوز أن يعاقب شخص بعقوبة أشد صدر بها قانون آخر بعد ارتكاب الفعل في ظل قانون سابق كانت العقوبة فيه أخف، فإذا ما تعاقب قانونان ولم يكن الثاني أصلح للمتهم فيجب دائماً تطبيق القانون الأول على الأفعال التي وقعت قبل تعديله لامتناع تطبيق الثاني على واقعة سبقت صدوره. لما كان ذلك، وكانت المادة رقم 15 من القانون رقم 31 لسنة 1974 بشأن الأحداث - الذي وقعت الجريمة في ظله - قد نصت على أنه (إذا ارتكب الحدث الذي تزيد سنه على خمس عشرة سنة ولا تجاوز ثماني عشرة سنة جريمة ..... عقوبتها الأشغال الشاقة المؤقتة أو السجن تبدل هذه العقوبة بعقوبة الحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر، وإذا كانت عقوبتها السجن تبدل هذه العقوبة بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر...). لما كان ذلك، وكانت المادة 112 من القانون رقم 12 لسنة 1996 بشأن الطفل قد نصت على أنه (لا يحكم بالإعدام ولا بالأشغال الشاقة المؤبدة أو المؤقتة على المتهم الذي زاد سنه على ست عشرة سنة ميلادية ولم يبلغ الثامنة عشرة ميلادية كاملة وقت ارتكاب الجريمة وفي هذه الحالة إذا ارتكب المتهم جريمة..... عقوبتها الأشغال الشاقة المؤقتة يحكم عليه بالسجن.....) وخلت تلك المادة من النص على أي تخفيض للعقوبة للمتهم في هذه المرحلة العمرية في حالة ما إذا كانت العقوبة المقررة لجريمته هي السجن، ومن ثم يبين القانون رقم 12 لسنة 1996 ليس هو القانون الأصلح للطاعن وبالتالي يمتنع تطبيقه بأثر رجعي على الجريمة المنسوبة إلى الطاعن والتي وقعت في تاريخ سابق على سريانه، بل تظل محكومة بالقانون الذي وقعت في ظل أحكامه وهو قانون الأحداث رقم 31 لسنة 1974، وإذ كانت المحكمة قد أخضعت الطاعن لأحكام القانون رقم 12 لسنة 1996 على خلاف القانون، فإنها تكون قد جانبت الصواب وران على حكمها الخطأ في تطبيق القانون بالنسبة للطاعن بتوقيع عقوبة تجاوز العقوبة المقررة على الفعل الذي ارتكبه طبقاً للقانون الساري على هذا الفعل على النحو آنف البيان.
22 - لما كان ذلك، وكانت الفقرة الثانية من المادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 تخول لمحكمة النقض أن تنقض الحكم لمصلحة المتهم من تلقاء نفسها إذا تبين لها مما هو ثابت منه أنه مبني على مخالفة القانون أو على خطأ في تطبيقه أو تأويله، وكان ما وقع فيه الحكم من خطأ يتصل بتقدير العقوبة اتصالاً وثيقاً مما حجب محكمة الموضوع عن إعمال هذا التقدير في الحدود القانونية الصحيحة، فإنه يتعين لذلك نقض الحكم المطعون فيه والإعادة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين وآخر بأنهم 1 - ضربوا..... مع سبق الإصرار بأن بيتوا النية وعقدوا العزم على إيذائه وأعدوا لهذا الغرض أسلحة بيضاء (سيوف، سنج، سكاكين) وانهالوا عليه ضرباً بها في أماكن متفرقة من جسده فأحدثوا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته ولم يقصدوا من ذلك قتلاً ولكن الضرب أفضى إلى موته. 2 - أحرزوا دون مقتضى من الضرورة الشخصية أو الحرفية أسلحة بيضاء (سيوف، سنج، سكاكين) على النحو المبين بالتحقيقات. وأحالتهم إلى محكمة جنايات الجيزة لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة وادعى والد المجني عليه مدنياً قبل المتهمين بمبلغ خمسمائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادة 236/ 1، 2 من قانون العقوبات والمادتين 1/ 1، 25/ 1 مكرراً من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقوانين أرقام 26 لسنة 1978، 165 لسنة 1981، 97 لسنة 1992 والجدول رقم 1 الملحق والمادتين 112، 122/ 1 من القانون رقم 12 لسنة 1996 بإصدار قانون الطفل مع إعمال المادة 32/ 2 من قانون العقوبات بمعاقبة كل من المتهمين بالسجن لمدة خمس سنوات عما نسب إليهم. ثانياً: بإلزام المتهمين بأن يؤدوا متضامنين للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ خمسمائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

أولاً: الطعن المقدم من المحكوم عليهم الأول والثاني والثالث:
حيث إن الطاعنين ينعون على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهم بجريمتي الضرب المفضي إلى الموت وإحراز أسلحة بيضاء بدون مقتضى قد شابه القصور والتناقض في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع والخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأن بيانه لواقعة الدعوى جاء مبتسراً وأطرح الدفع بعدم توافر ظرف سبق الإصرار لديهم وانتفاء الاتفاق السابق بينهم بما لا يسوغ اطراحه، كما تمسك الدفاع باستحالة حدوث الواقعة طبقاً لتصوير شهود الإثبات التي تناقضت شهادتهم بشأن صورة الواقعة لوجودهم خلف أسوار الجامعة وغلق الأبواب وبعد المسافة وتعذر الرؤية مما كان يتعين معه على المحكمة أن تجري معاينة لمكان الحادث، فضلاً عن أن هذا التناقض قد تحقق بشأن كيفية الاعتداء والآلات التي كانوا يحملونها وتحديد محدث إصابات المجني عليه، إلا أن الحكم لم يعرض لدفاعهم إيراداً ورداً، كما أن النيابة ومن بعدها المحكمة أسقطت الاتهام المسند للمدعو/ ...... رغم إجماع شهود الإثبات على أنه قام بنقل المتهمين بسيارته إلى مكان الحادث، كما التفتت المحكمة عن دفاعهم بشأن تناقض الدليل القولي لشهود الإثبات مع الدليل الفني، إذ ورد بتقرير الصفة التشريحية لجثة المجني عليه أن إصابته بساقه اليسرى حدثت من جسم صلب، كما دفعوا بانقطاع رابطة السببية بين إصابة المجني عليه ووفاته التي تعزى إلى الإهمال الجسيم في علاجه، وكان يتعين على المحكمة أن تندب كبير الأطباء الشرعيين لمناقشته في ذلك إلا أن الحكم أطرح هذا الدفاع بما لا يسوغ إطراحه، وأضاف الطاعن الأول بأن الحكم عول على تقرير الطب الشرعي للمجني عليه رغم أنه أورد نتيجته فقط دون بيان مضمونه ورغم ما ورد به من تغيير المعالم الإصابية بجثة المجني عليه بالتداخل الجراحي وعدم متابعة أوراق علاجه، ونوه الطاعن الثالث إلى أن الحكم عول على أقوال شهود الإثبات رغم أنهم شهدوا بأنه لم يشارك في إحداث إصابة المجني عليه، كما أن تحصيله لأقوال كل من الرائد/ ..... و..... جاءت قاصرة بشأن دوره في المشاجرة ومن البادئ بها مما يشير إلى أن المحكمة لم تحط بصورة الدعوى وأركان الجريمة التي دانته بها على وجهها الصحيح، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعنين بهما وساق على صحة إسنادهما إليهم وثبوتهما في حقهم أدلة استمدها من شهادة كل من/ .... و...... و..... و...... والرائد/ ....... ومما ثبت بتقرير الصفة التشريحية لجثة المجني عليه، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصته المحكمة - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون، ومن ثم فإن منعى الطاعنين في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن سبق الإصرار حالة ذهنية تقوم بنفس الجاني فلا يستطيع أحد أن يشهد بها مباشرة بل تستفاد من وقائع خارجية يستخلصها منها القاضي استخلاصاًً، وكان البحث في توافر ظرف سبق الإصرار من إطلاقات قاضي الموضوع يستنتجه من ظروف الدعوى وعناصرها ما دام موجب تلك الظروف وهذه العناصر لا يتنافر عقلاً مع ذلك الاستنتاج، وكان لا يشترط في الدليل في المواد الجنائية أن يكون صريحاً ودالاً مباشرة على الواقعة المراد إثباتها بل يكفي أن يكون استخلاص ثبوتها منه عن طريق الاستنتاج مما يتكشف من الظروف والقرائن وترتيب النتائج على المقدمات، ولما كان ما أورده الحكم في تدليله على توافر ظرف سبق الإصرار في حق الطاعنين كافياً وسائغاً في تحقق هذا الظرف كما هو معرف به في القانون، فإن منعي الطاعنين في هذا الشأن لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه وقد أثبت توافر سبق الإصرار في حق الطاعنين فإن ذلك يرتب في صحيح القانون تضامناً بينهم وباقي المتهمين في المسئولية الجنائية ويكون كل منهم مسئولاً عن جريمة الضرب المفضي إلى الموت التي وقعت تنفيذاً لقصدهم المشترك الذي بيتوا النية عليه باعتبارهم فاعلين أصليين طبقاً لنص المادة 39 من قانون العقوبات يستوي في هذا أن يكون محدث الإصابة التي أدت إلى الوفاة معلوماً ومعيناً من بينهم أو غير معلوم، فإن منعى الطاعنين في هذا الشأن يكون غير مقبول، هذا فضلاً عما هو مقرر من أن الاتفاق على ارتكاب الجريمة لا يقتضي في الواقع أكثر من تقابل إرادة كل من المساهمين ولا يشترط لتوافره مضي وقت معين، ومن الجائز عقلاً وقانوناً أن تقع الجريمة بعد الاتفاق عليها مباشرة أو لحظة تنفيذها تحقيقاً لقصد مشترك بين المساهمين هو الغاية النهائية من الجريمة، أي أن يكون كل منهم قصد قصد الآخر في إيقاع الجريمة المعنية وأسهم فعلاً بدور في تنفيذها بحسب الخطة التي وضعت أو تكونت لديهم فجأة، وأنه يكفي في صحيح القانون لاعتبار الشخص فاعلاً أصلياً في الجريمة أن يساهم فيها بفعل من الأفعال المكونة لها، وكان ما أورده الحكم رداً على الدفع بعدم توافر ظرف سبق الإصرار وانتفاء الاتفاق بين المتهمين وفي بيان واقعة الدعوى وما ساقه من أدلة الثبوت فيها كافياً بذاته للتدليل على اتفاق المتهمين على ارتكاب الجريمة من معيتهم في الزمان والمكان ونوع الصلة بينهم وباقي المتهمين وصدور الجريمة عن باعث واحد واتجاههم وجهة واحدة في تنفيذها وأن كلاً منهم وباقي المتهمين قصد قصد الآخر في إيقاعها وقارف فعلاً من الأفعال المكونة لجريمة الضرب المفضي إلى الموت، فإن ما انتهى إليه الحكم من ترتيب التضامن في المسئولية بينهم واعتبارهم فاعلين أصليين لجريمة الضرب المفضي إلى الموت طبقاً لنص المادة 39 من قانون العقوبات يكون سديداً. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، كما أن وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب، ومتى أخذت بشهادة الشهود فإن ذلك يفيد اطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وكان الحكم قد كشف عن اطمئنانه إلى أقوال الشهود واقتناعه بوقوع الحادث على الصورة التي وردت بأقوالهم وأيدها التقرير الطبي، وكان ما أورده في هذا الخصوص سائغاً في العقل والمنطق ومقبولاً في بيان كيفية وقوع الحادث، فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان الطاعنون لا ينازعون في صحة ما نقله الحكم من أقوال شهود الإثبات، فإن تناقض روايات الشهود في بعض تفاصيلها - بفرض وجوده - لا يعيب الحكم ولا يقدح في سلامته ما دام قد استخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه، ومن ثم فإنه لا يكون هناك محل لتعييب الحكم في صورة الواقعة التي اعتنقتها المحكمة بدعوى تعدد رواياتهم وتضارب أقوالهم ويكون منعى الطاعنين في هذا الصدد غير مقبول. لما كان ذلك، وكان ما أثاره الدفاع بشأن بعد المسافة وتعذر الرؤية وتحديد الضاربين يعد من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل من المحكمة رداً صريحاً ما دام الرد مستفاداً ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم، ذلك أن تقدير أدلة الدعوى من إطلاقات محكمة الموضوع التي لها أن تكون عقيدتها من كافة العناصر المطروحة على بساط البحث وهي غير ملزمة بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي والرد على كل شبهة يثيرها ما دام الرد مستفاداً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم، هذا فضلاً عما هو ثابت من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة من أن الطاعنين لم يطلبوا من المحكمة إجراء معاينة لمكان الحادث فليس لهم من بعد أن ينعوا عليها قعودها عن إجراء لم يطلب منها ولم تر هي حاجة إلى اتخاذه، ويضحى منعاهم في هذا الصدد في غير محله. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تعييب الإجراءات السابقة على المحاكمة لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض، وإذ كان الثابت من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعنين أو باقي المتهمين لم يدفعوا أمام محكمة الموضوع بثمة قصور في تحقيقات النيابة بشأن استبعاد..... من الاتهام فليس لهم أن ينعوا على المحكمة عدم ردها على دفاع لم يثر أمامها ولا يقبل منهم الدفع بشيء من ذلك أمام محكمة النقض لأول مرة. لما كان ذلك، وكان الأصل أنه ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفني، بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي كما أخذت به المحكمة غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصي على الملائمة والتوفيق، ذلك أن مؤدى ما حصله الحكم من أقوال شهود الإثبات أن المتهم..... ضرب المجني عليه بسوط فسقط على الأرض ونهض فأمسك به وشل حركته وتعدى عليه المتهمين بالضرب بالأسلحة البيضاء التي يحملونها محدثين إصابتيه بالفخذ الأيسر، لا يتعارض مع ما نقله الحكم من تقرير الصفة التشريحية لجثة المجني عليه من أن وفاته إصابية ناشئة عن الإصابتين الطعنيتين بالفخذ الأيسر وما أحدثتاه من تمزق بالأنسجة والأوعية الدموية وما صاحبه من نزيف دموي غزير، فإن ما يثيره الطاعنون من دعوى التناقض بين الدليلين القولي والفني يكون في غير محله، هذا فضلاً عن أنه من المقرر أنه ليس بلازم أن يورد الحكم ما أثاره الدفاع من وجود تناقض بين الدليلين القولي والفني ما دام أن ما أورده في مدوناته يتضمن الرد على ذلك الدفاع - إذ المحكمة، لا تلتزم بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه المختلفة والرد عليها على استقلال طالما إن الرد يستفاد من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم، ومن ثم يضحى ما ينعاه الطاعنون في هذا الخصوص ولا محل له. لما كان ذلك، وكان التناقض الذي يعيب الحكم ويبطله هو الذي يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة وكان مفاد ما أورده الحكم من جماع أقوال شهود الإثبات من أن المتهمين جميعاً ضربوا المجني عليه في استخلاص سائغ لا تناقض فيه، فإن النعي في هذا الصدد يكون على غير أساس. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن رابطة السببية بين الإصابات والوفاة في جريمة الضرب المفضي إلى الموت من الأمور الموضوعية البحتة التي تخضع لتقدير قاضي الموضوع ومتى فصل في شأنها إثباتاً أو نفياً فلا رقابة لمحكمة النقض عليه ما دام قد أقام قضاءه في ذلك على أسباب تؤدي إلى ما انتهى إليه - كما هو الشأن في الدعوى المطروحة - وكان الحكم المطعون فيه اعتماداً على الأدلة السائغة التي أوردها قد خلص إلى إحداث الإصابتين الطعنيتين بالفخذ الأيسر للمجني عليه والتي نقل عن التقرير الطبي الشرعي أنها السبب في وفاته لما أحدثتاه من تمزق بالأنسجة والأوعية الدموية وما صاحبه من نزيف دموي غزير، فإن الطاعنين يكونون مسئولين عن جناية الضرب المفضي إلى الموت التي أثبت الحكم مقارفتهم إياها ولا يجديهم ما يثيرونه من إهمال في علاج المجني عليه، لأنه - بفرض صحته - لا يقطع رابطة السببية لأن المتهم في جريمة الضرب يكون مسئولاً عن جميع النتائج المحتمل حصولها من الإصابة ولو كانت عن طريق غير مباشر كالتراخي في العلاج أو الإهمال فيه ما لم يثبت أنه كان متعمداً لتجسيم المسئولية وهو ما لم يقل به الطاعنون ولا سند له من الأوراق، ومن ثم فإن منعاهم على الحكم في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان لا يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعنين طلبوا استدعاء كبير الأطباء الشرعيين لمناقشته - فليس لهم من بعد النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تر هي من جانبها لزوماً لإجرائه، فإن النعي في هذا الصدد يكون غير سديد، هذا فضلاً عن أن محكمة الموضوع لا تلتزم باستدعاء كبير الأطباء الشرعيين لمناقشته متى وضحت الواقعة لديها ولم تر هي من جانبها حاجة إلى اتخاذ هذا الإجراء أو كان الأمر المطلوب تحقيقه غير منتج في الدعوى، ولما كانت المحكمة قد اطمأنت إلى صورة الواقعة حسبما استخلصتها من تقرير الصفة التشريحية، فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون على غير أساس. لما كان ذلك، وكان الحكم قد أورد مؤدى التقرير الطبي الشرعي بالصفة التشريحية لجثة المجني عليه من أن المعالم الإصابية للمذكور تغيرت بالتداخل الجراحي وأنه حكماً على ما جاء بالأوراق الطبية المرسلة ومن فحص الجثة والملابس التي كان يرتديها لحظة إصابته بالفخذ الأيسر كانت أصلاً ذات طبيعة طعنية حيوية حدثت من المصادمة بجسم أو أجسام صلبة حادة أياً كان نوعها مثل مطواة أو سنجة أو ما شابه ذلك ولا يوجد ما يتعارض فنياً وجواز حدوثها من مثل التصوير الوارد بمذكرة النيابة وفي تاريخ معاصر لتاريخ الواقعة وأن وفاته إصابية ناشئة عن الإصابتين الطعنيتين بالفخذ الأيسر وما أحدثتاه من تمزق بالأنسجة والأوعية الدموية وما صاحبه من نزيف دموي غزير، فإن ما ينعاه الطاعنون بعدم إيراد مضمون التقرير الطبي الشرعي للصفة التشريحية كاملاً لا يكون له محل، لما هو مقرر أن لا ينال من سلامة الحكم عدم إيراد نص تقرير الخبير بكامل أجزائه. لما كان ذلك، وكان لمحكمة الموضوع كامل الحرية في تقرير القوة التدليلية لتقرير الخبير المقدم إليها وما دامت قد اطمأنت إلى ما جاء به فلا يجوز مصادرتها في ذلك ولا يؤثر في ذلك ما يثيره الطاعن الأول من أن الحكم عول على تقرير الصفة التشريحية لجثة المجني عليه برغم تغير المعالم الإصابية بجثة المجني عليه بالتداخل الجراحي وعدم متابعة المحكمة للمرحلة العلاجية التي مر بها المجني عليه عقب الحادث حتى وفاته، ذلك أن لمحكمة الموضوع سلطة الجزم بما لم يجزم به الخبير في تقريره، فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكانت المحكمة لا تلتزم بحسب الأصل بأن تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم قضاءها عليه إذ لها في سبيل استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى أن تجزئ أقوالهم فتأخذ بما تطمئن إليه منها وتطرح ما عداه دون إلزام عليها ببيان العلة، وكان الطاعن لا ينازع في صحة ما نقله الحكم المطعون فيه من أن أقوال شهود الإثبات، كما أن ما أورده الحكم ودلل به على مقارفة الطاعن لجريمة الضرب المفضي إلى الموت التي دين الطاعن بها وكان كافياً وسائغاً، فإن ما يثيره الطاعن من منازعة في سلامة تحصيلها لأقوال شاهدي الإثبات الرائد/ .... و... بشأن دون كل من الطاعنين في المشاجرة لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم، فإن الطعن المقدم من المحكوم عليهم الأول والثاني والثالث يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.


ثانياً: الطعن المقدم من المحكوم عليه الرابع:
حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي الضرب المفضي إلى موت وإحراز سلاح أبيض بغير مقتضى قد اعتوره البطلان وران عليه الخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأن المحكمة أعملت في حقه قانون الطفل رقم 12 لسنة 1996 - باعتباره القانون الأصلح له - وأجرت بنفسها بذات الجلسة التي صدر فيها الحكم بحثاً لظروفه - تنفيذاً لما أوجبته المادة 122/ 2 من ذات القانون - جاء على نحو شكلي اقتصر على ما أدلى به الطاعن نفسه من معلومات سطحية لم يتضمنها الحكم ولا يتحقق بها ما استهدفه المشرع من فرض هذا الإجراء الجوهري على المحكمة وهو ما يعيب إجراءات المحاكمة بالبطلان، هذا إلى أن المحكمة ألزمته - بالتضامن مع باقي المتهمين - بالتعويض المدني رغم توافر شروط قبول الدعوى المدنية قبله - طبقاً لنص المادة 253 من قانون الإجراءات الجنائية - لكونه قاصراً في تاريخ الحادث، وهو ما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد دان الطاعن بجريمة الضرب المفضي إلى الموت مع سبق الإصرار المعاقب عليه بالمادة 236/ 1، 2 من قانون العقوبات بالأشغال الشاقة المؤقتة أو السجن، وعاقبه بالسجن لمدة خمس سنوات تأسيساً على ما ثبت من أنه من مواليد 3/ 8/ 1978، وبالتالي لم يكن في تاريخ الحادث - وهو 31/ 10/ 1995 - قد بلغ الثامنة عشر من عمره، ورتب على ذلك أن قانون الطفل رقم 12 لسنة 1996 - النافذ اعتباراً من 29/ 3/ 1996 - يسري في حقه باعتبار أنه القانون الأصلح له. لما كان ذلك، وكانت المادة 66 من الدستور تنص على أنه (...... لا جريمة ولا عقوبة إلا بناء على قانون...... ولا عقاب إلا على الأفعال اللاحقة لتاريخ نفاذ القانون....) كما نصت المادة 5/ 1 من قانون العقوبات على أنه (يعاقب على الجرائم بمقتضى القانون المعمول به وقت ارتكابها...) لما كان ذلك، وكان المستفاد من تلك النصوص وفقاً للقواعد الأساسية لمشروعية العقاب أنه لا يجوز أن يعاقب شخص بعقوبة أشد صدر بها قانون آخر بعد ارتكاب الفعل في ظل قانون سابق كانت العقوبة فيه أخف، فإذا ما تعاقب قانونان ولم يكن الثاني أصلح للمتهم فيجب دائماً تطبيق القانون الأول على الأفعال التي وقعت قبل تعديله لامتناع تطبيق الثاني على واقعة سبقت صدوره. لما كان ذلك، وكانت المادة رقم 15 من القانون رقم 31 لسنة 1974 بشأن الأحداث - الذي وقعت الجريمة في ظله - قد نصت على أنه (إذا ارتكب الحدث الذي تزيد سنه على خمس عشرة سنة ولا تجاوز ثماني عشرة سنة جريمة........ عقوبتها الأشغال الشاقة المؤقتة أو السجن تبدل هذه العقوبة بعقوبة الحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر، وإذا كانت عقوبتها السجن تبدل هذه العقوبة بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر......). لما كان ذلك، وكانت المادة 112 من القانون رقم 12 لسنة 1996 بشأن الطفل قد نصت على أنه (لا يحكم بالإعدام ولا بالأشغال الشاقة المؤبدة أو المؤقتة على المتهم الذي زاد سنه على ست عشرة سنة ميلادية ولم يبلغ الثامنة عشرة ميلادية كاملة وقت ارتكاب الجريمة وفي هذه الحالة إذا ارتكب المتهم جريمة...... عقوبتها الأشغال الشاقة المؤقتة يحكم عليه بالسجن.....) وخلت تلك المادة من النص على أي تخفيض للعقوبة للمتهم في هذه المرحلة العمرية في حالة ما إذا كانت العقوبة المقررة لجريمته هي السجن، ومن ثم يبين القانون رقم 12 لسنة 1996 ليس هو القانون الأصلح للطاعن وبالتالي يمتنع تطبيقه بأثر رجعي على الجريمة المنسوبة إلى الطاعن والتي وقعت في تاريخ سابق على سريانه، بل تظل محكومة بالقانون الذي وقعت في ظل أحكامه وهو قانون الأحداث رقم 31 لسنة 1974، وإذ كانت المحكمة قد أخضعت الطاعن لأحكام القانون رقم 12 لسنة 1996 على خلاف القانون، فإنها تكون قد جانبت الصواب وران على حكمها الخطأ في تطبيق القانون بالنسبة للطاعن بتوقيع عقوبة تجاوز العقوبة المقررة على الفعل الذي ارتكبه طبقاً للقانون الساري على هذا الفعل على النحو آنف البيان. لما كان ذلك، وكانت الفقرة الثانية من المادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 تخول لمحكمة النقض أن تنقض الحكم لمصلحة المتهم من تلقاء نفسها إذا تبين لها مما هو ثابت منه أنه مبني على مخالفة القانون أو على خطأ في تطبيقه أو تأويله، وكان ما وقع فيه الحكم من خطأ يتصل بتقدير العقوبة اتصالاً وثيقاً مما حجب محكمة الموضوع عن إعمال هذا التقدير في الحدود القانونية الصحيحة، فإنه يتعين لذلك نقض الحكم المطعون فيه والإعادة بالنسبة للطاعن الرابع.

الطعن 16595 لسنة 63 ق جلسة 4 / 10 / 1999 مكتب فني 50 ق 114 ص 49

جلسة 4 من أكتوبر سنة 1999

برئاسة السيد المستشار/ مجدي منتصر نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ حسن حمزة وحامد عبد الله وفتحي حجاب وجاب الله محمد جاب الله نواب رئيس المحكمة.

---------------

(114)
الطعن رقم 16595 لسنة 63 القضائية

(1) إثبات "قوة الأمر المقضي". دعوى جنائية "انقضاؤها لسبق صدور حكم نهائي فيها". حكم "حجيته".
انقضاء الدعوى الجنائية بالنسبة للمتهم والوقائع المنسوبة إليه بصدور حكم نهائي فيها بالبراءة أو بالإدانة. المادة 454 إجراءات.
حظر محاكمة الشخص عن الفعل ذاته مرتين.
(2) ارتباط. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير توافر الارتباط". محكمة النقض "سلطتها". عقوبة "عقوبة الجرائم المرتبطة".
القول بوحدة الجريمة أو بتعددها. تكييف قانوني. خاضع لرقابة محكمة النقض.
قيام الارتباط الذي لا يقبل التجزئة بين جرائم متفاوتة. يوجب توقيع العقوبة المقررة لأشدها. وتوقيع عقوبة واحدة منها متى تساوت عقوبتها.
(3) إثبات "قوة الأمر المقضي". حكم "حجيته". نقض "حالات الطعن. الخطأ في تطبيق القانون". محكمة النقض "سلطتها".
رفع الدعوى عن واقعة معينة سبق الحكم فيها بالبراءة ولو بوصف جديد. غير جائز. مخالفة ذلك. خطأ في القانون. لمحكمة النقض أن تصحح هذا الخطأ وتقضي بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها. المادة 39/ 1 من القانون 57 لسنة 1959.
مثال.

---------------
1 - لما كانت المادة 454 من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أنه "تنقضي الدعوى الجنائية بالنسبة للمتهم المرفوعة عليه والوقائع المسندة فيها إليه بصدور حكم نهائي فيها بالبراءة أو بالإدانة، وإذا صدر حكم في موضوع الدعوى الجنائية، فلا يجوز إعادة نظرها إلا بالطعن في هذا الحكم بالطرق المقررة في القانون" ومن ثم كان محظوراً محاكمة الشخص عن الفعل ذاته مرتين.
2 - من المقرر أن القول بوحدة الجريمة أو بتعددها هو من التكييف القانوني الذي يخضع لرقابة محكمة النقض، وكانت الفقرة الثانية من المادة 32 من قانون العقوبات إذ نصت على أنه "إذا وقعت عدة جرائم لغرض واحد وكانت مرتبطة ببعضها بحيث لا تقبل التجزئة وجب اعتبارها كلها جريمة واحدة والحكم بالعقوبة المقررة لأشد تلك الجرائم". فقد دلت صراحة على أنه حيث يقوم الارتباط الذي لا يقبل التجزئة بين الجرائم وجب توقيع عقوبة واحدة هي تلك المقررة لأشدها إذا تفاوتت العقوبات المقررة لها، كما دلت حتماً وبطريق اللزوم على أنه إذا تساوت عقوبات الجرائم المرتبطة لا توقع سوى عقوبة واحدة منها ويتأدى من ذلك صدور حكم نهائي في جريمة يمنع من نظر الدعوى الجنائية عن الجريمة أو الجرائم المرتبطة بها ارتباطاً لا يقبل التجزئة إذا كان ذلك الحكم قد صدر في أشد الجرائم عقوبة أو في جريمة عقوبتها مساوية للعقوبة المقررة لسائر الجرائم المرتبطة بها.
3 - من المقرر أنه إذا رفعت الدعوى عن واقعة معينة بوصف معين وحكم فيها بالبراءة لا يجوز بعد ذلك رفع الدعوى عن تلك الواقعة ذاتها بوصف جديد أمام القضاء عن ذات الفعل وضد ذات المتهم. لما كان ذلك، وكانت الواقعة التي طلب المدعي بالحق المدني محاكمة الطاعن عنها في الجنحة موضوع الطعن الماثل ومحلها العريضة رقم... لسنة... والمقيدة تحت رقم... لسنة... إداري قصر النيل هي بذاتها التي سبق طرحها على المحكمة - التي خولها القانون سلطة الفصل فيها - في الجنحة رقم.... لسنة.... عابدين والتي قضي فيها ببراءة الطاعن والمؤسسة أيضاً على ذات العريضة رقم..... لسنة.... المشار إليها، والتي لا ينازع المدعي بالحق المدني في أنها هي الأصل في الدعويين - فإن المحكمة إذ عادت إلى نظر الدعوى بوصف آخر للفعل وفصلت في موضوعها من جديد بالنسبة للطاعن بعد أن زالت ولايتها بإصدار الحكم الأول - يكون حكمها المطعون فيه قد أخطأ في القانون خطأ يؤذن لمحكمة النقض عملاً بنص المادة 39/ 1 من القانون رقم 57 لسنة 1959 أن تصحح الحكم على مقتضى القانون بالقضاء بنقص الحكم المطعون فيه وبعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها في الجنحة رقم.... لسنة.... عابدين.


الوقائع

أقام المدعي بالحقوق المدنية دعواه بطريق الادعاء المباشر ضد الطاعن بوصف أنه: أسند إليه أموراً لو صحت لاستوجبت عقابه. وطلب عقابه بالمادتين 303، 305 من قانون العقوبات وإلزامه بأن يؤدي له مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت والمحكمة قضت حضورياً اعتبارياً بحبس المتهم سنة مع الشغل وكفالة ألفي جنيه لإيقاف التنفيذ وإلزامه بأن يؤدي للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. استأنف ومحكمة جنوب القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت غيابياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفض الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها في الجنحة رقم..... لسنة..... عابدين وبجواز نظرها وبتعديل الحكم المستأنف بالاكتفاء بتغريم المتهم مائتي جنيه والتأييد فيما عدا ذلك. عارض وقضي بقبولها شكلاً وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه. فطعن الأستاذ..... المحامي عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

وحيث إن الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة القذف قد شابه الخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأنه دفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها بالحكم رقم.... لسنة.... جنح عابدين والتي قضي فيها ببراءته لكون الدعويين السابقة والراهنة ناتجتين عن نشاط واحد هو البلاغ رقم...... لسنة..... عرائض قسم قصر النيل ومن ثم تتحقق حالة التعدد الصوري المنصوص عليها في القانون، إلا أن الحكم لم يأخذ بهذا الدفع وأطرحه بما لا يتفق وصحيح القانون، مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم الابتدائي المؤيد والمكمل لأسبابه بالحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى عرض للدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها في الدعوى رقم..... لسنة..... جنح عابدين وأطرحه تأسيساً على أن الثابت من أوراق تلك الجنحة أن المدعي بالحق المدني أقامها استناداً إلى ما ورد بالعريضة رقم 5 لسنة 1987 والتي تضمنت أن المتهم يتهمه فيها بعدم حصوله على درجة الدكتوراه رغم أنه يلقب نفسه بذلك أما الجنحة الماثلة فقد أقامها قبل المتهم مستنداً إلى تحقيقات النيابة في الشكوى رقم.... لسنة 1987 إداري قصر النيل والتي أجريت بناء على العريضة رقم.... لسنة.... والتي اتهمه فيها بتقاضي رشوة وتسهيل تقاضيها لآخرين وحفظت هذه الشكوى، الأمر الذي يكون معه السبب في الدعويين مختلفاً. لما كان ذلك، وكانت المادة 454 من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أنه "تنقضي الدعوى الجنائية للمتهم المرفوعة عليه والوقائع المسندة فيها إليه بصدور حكم نهائي فيها بالبراءة أو بالإدانة، وإذا صدر حكم في موضوع الدعوى الجنائية فلا يجوز إعادة نظرها إلا بالطعن في هذا الحكم بالطرق المقررة في القانون". ومن ثم كان محظوراً محاكمة الشخص عن الفعل ذاته مرتين. لما كان ذلك، وكان القول بوحدة الجريمة أو بتعددها هو من التكييف القانوني الذي يخضع لرقابة محكمة النقض، وكانت الفقرة الثانية من المادة 32 من قانون العقوبات إذ نصت على أنه "إذا وقعت عدة جرائم لغرض واحد وكانت مرتبطة ببعضها بحيث لا تقبل التجزئة وجب اعتبارها كلها جريمة واحدة والحكم بالعقوبة المقررة لأشد تلك الجرائم". فقد دلت صراحة على أنه حيث يقوم الارتباط الذي لا يقبل التجزئة بين الجرائم وجب توقيع عقوبة واحدة هي تلك المقررة لأشدها إذا تفاوتت العقوبات المقررة لها، كما دلت حتماً وبطريق اللزوم على أنه إذا تساوت عقوبات الجرائم المرتبطة لا توقع سوى عقوبة واحدة منها ويتأدى من ذلك صدور حكم نهائي في جريمة يمنع من نظر الدعوى الجنائية عن الجريمة أو الجرائم المرتبطة بها ارتباطاً لا يقبل التجزئة إذا كان ذلك الحكم قد صدر في أشد الجرائم عقوبة أو في جريمة عقوبتها مساوية للعقوبة المقررة لسائر الجرائم المرتبطة بها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أيضاً أنه إذا رفعت الدعوى عن واقعة معينة بوصف معين وحكم فيها بالبراءة لا يجوز بعد ذلك رفع الدعوى عن تلك الواقعة ذاتها بوصف جديد أمام القضاء عن ذات الفعل وضد ذات المتهم. لما كان ذلك، وكانت الواقعة التي طلب المدعي بالحق المدني محاكمة الطاعن عنها في الجنحة موضوع الطعن الماثل ومحلها العريضة رقم.... لسنة..... والمقيدة تحت رقم...... لسنة...... إداري قصر النيل هي بذاتها التي سبق طرحها على المحكمة - التي خولها القانون سلطة الفصل فيها - في الجنحة رقم...... لسنة...... عابدين والتي قضي فيها ببراءة الطاعن والمؤسسة أيضاً على ذات العريضة رقم..... لسنة..... المشار إليها، والتي لا ينازع المدعي بالحق المدني في أنها هي الأصل في الدعويين - فإن المحكمة إن عادت إلى نظر الدعوى بوصف آخر للفعل وفصلت في موضوعها من جديد بالنسبة للطاعن بعد أن زالت ولايتها بإصدار الحكم الأول - يكون حكمها المطعون فيه قد أخطأ في القانون خطأ يؤذن لمحكمة النقض عملاً بنص المادة 39/ 1 من القانون رقم 57 لسنة 1959 أن تصحح الحكم على مقتضى القانون بالقضاء بنقص الحكم المطعون فيه وبعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها في الجنحة رقم..... لسنة.... عابدين.

الطعن 22708 لسنة 60 ق جلسة 4 / 10 / 1999 مكتب فني 50 ق 113 ص 490

جلسة 4 من أكتوبر سنة 1999

برئاسة السيد المستشار/ محمد حسام الدين الغرياني نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد شتا ومحمد الصيرفي نائبي رئيس المحكمة وهشام البسطويسي ورفعت حنا.

--------------

(113)
الطعن رقم 22708 لسنة 60 القضائية

تهريب جمركي. مواد مخدرة. تفتيش "التفتيش بغير إذن". مأمورو الضبط القضائي. دفوع "الدفع ببطلان القبض والتفتيش".
لموظفي الجمارك تفتيش الأماكن والأشخاص والبضائع ووسائل النقل داخل الدائرة الجمركية أو في حدود نطاق الرقابة الجمركية. شرط ذلك. أن تقوم لديهم دواعي الشك في البضائع والأمتعة أو مظنة التهريب فيمن يوجدون بداخل تلك المناطق.
عدم اشتراط توافر قيود القبض والتفتيش المنظمة بقانون الإجراءات الجنائية. بالنسبة إلى الأشخاص إلا أن ذلك مشروط بأن يقوم لدى موظف الجمارك المنوط به المراقبة والتفتيش، هو نفسه مظنة التهريب. لا يكفي تلقى نبأها عن الغير.

----------------
ماهية الشبهة المقصودة في توافر التهريب الجمركي قبل المشتبه فيه؟
مثال. لتسبيب معيب للقضاء ببطلان التفتيش في جريمة تهريب مخدر.
لما كان البين من استقراء نصوص المواد من 26 إلى 30 من قانون الجمارك رقم 66 لسنة 1963 بإصدار قانون الجمارك أن الشارع منح موظفي الجمارك الذين أسبغت عليهم القوانين صفة الضبط القضائي في أثناء قيامهم بتأدية وظائفهم حق تفتيش الأماكن والأشخاص والبضائع ووسائل النقل داخل الدائرة الجمركية أو في حدود نطاق الرقابة الجمركية إذا ما قامت لديهم دواعي الشك في البضائع والأمتعة أو مظنة التهريب فيمن يوجدون بداخل تلك المناطق، باعتبار أنها دوائر معينة ومغلقة حددها القانون سلفاً لإجراء الكشف والتفتيش والمراجعة فيها، وأن الشارع - بالنظر إلى طبيعة التهريب الجمركي وصلته المباشرة بصالح الخزانة العامة ومواردها وبمدى الاحترام الواجب للقيود المنظمة للاستيراد والتصدير - لم يتطلب بالنسبة إلى الأشخاص توافر قيود القبض والتفتيش المنظمة بقانون الإجراءات الجنائية أو اشتراط وجود المراد تفتيشه في إحدى الحالات المبررة له في نطاق الفهم القانوني للمبادئ المقررة في القانون المذكور إلا أن الواضح من نصوصه أنه يتطلب أن يقوم لدى موظف الجمارك المنوط به المراقبة والتفتيش في تلك المناطق، هو نفسه مظنة التهريب - لا تلقى نبأها عن الغير - فيمن يوجدون داخلها، وهي حالة تنم عن شبهة في توافر التهريب الجمركي قبل المشتبه فيه - على السياق المتقدم - في الحدود المعرف بها في القانون - حتى يثبت له حق الكشف عنها وضبطها، والشبهة المقصودة في هذا المقام هي حالة ذهنية تقوم بنفس المنوط بهم تنفيذ القوانين الجمركية يصح معها في العقل القول بقيام مظنة التهريب من شخص موجود في حدود دائرة الرقابة الجمركية وتقدير ذلك منوط بالقائم بالتفتيش تحت إشراف محكمة الموضوع، أما خارج نطاق الدائرة الجمركية فليس لموظفي الجمارك حق ما في تفتيش الأشخاص والأماكن والبضائع بحثاً عن مهربات، فإن الحكم المطعون فيه إذ انتهى إلى قبول الدفع ببطلان التفتيش الحاصل من ضابط الشرطة لإجرائه بغير إذن من النيابة العامة المختصة دون أن يستجلي صفة من قام بالتفتيش وهل هو موظف الجمارك أم ضابط الشرطة أو أن الأخير قد أجراه تحت إشراف الأول، وما إذا كان الإذن الصادر من رئيس قطاع الجمارك قد تضمن تكليفاً للأول بالتفتيش أم لا، كما لم يستظهر أن أياً من رئيس القطاع المذكور والموظف القائم بالمراقبة والتفتيش وهو مأمور الجمرك قد قامت لديه شبهة في توافر مظنة التهريب الجمركي في حق المطعون ضده أم أنه تلقى نبأها عن الغير وأثر تحريات الشرطة في قيامها لديه، وما إذا كان الضبط قد تم داخل نطاق الدائرة الجمركية أو منطقة الرقابة الجمركية بعد تحديد مداها أم خارج هذا النطاق بما يستقيم معه لمن قام بالضبط عدم مراعاة قيود التفتيش المنظمة بقانون الإجراءات الجنائية أو التقيد بقيودها، فإنه يكون قد حال دون تمكين محكمة النقض من مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها بالحكم وأن تقول كلمتها في شأن ما تثيره النيابة العامة بوجه الطعن بما يعيبه بالقصور في البيان.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بوصف أنه أولاً: شرع في تصدير جوهر مخدر (حشيش) دون ترخيص كتابي من الجهة الإدارية المختصة وأوقف أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه هو ضبطه والجريمة متلبس بها. ثانياً: شرع في تهريب البضائع المبينة بالتحقيقات وموضوع التهمة الأولى خارج جمهورية مصر العربية وأوقف أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه هو ضبطه والجريمة متلبس بها. وأحالته إلى محكمة جنايات السويس لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة والمحكمة المذكورة قضت حضورياً ببراءته وبمصادرة المخدر المضبوط.
فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

من حيث إن مما تنعاه النيابة العامة على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضي ببراءة المطعون ضده من تهمتي الشروع في تصدير جوهر وتهريبه قد شابه الفساد في الاستدلال والخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأنه التزم في قضائه ببطلان تفتيش المطعون ضده وما أسفر عنه من إجراءات بقيود القبض والتفتيش المقررة بقانون الإجراءات الجنائية - من استيجاب الحصول على إذن من النيابة العامة قبل إجرائهما - مع أن القانون في واقعة الدعوى لا يلزمه هذا التقيد لتمام التفتيش داخل الدائرة الجمركية وبناء على تكليف من رجال الجمارك وتحت إشرافهم وفي حدود ما يخوله القانون رقم 66 لسنة 1963 لهم، وذلك مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه أورد بمدوناته أن الرائد.... بمباحث ميناء السويس شهد بأن تحرياته السرية دلت على أن المطعون ضده يحوز كمية من المواد المخدرة وينوي ترويجها بالمملكة العربية السعودية فاستصدر إذناً من رئيس قطاع الجمارك بالسويس لضبطه وتفتيشه وضبط ما يحوزه أو يحرزه من مواد مخدرة وانتقل بصحبة الشاهد الثاني (مأمور الجمرك....) حيث تم ضبط المطعون ضده على الباخرة "العريش" المتجهة إلى المملكة العربية السعودية محرزاً المخدر المضبوط، وأن مأمور الجمرك المذكور شهد بما لا يخرج عما شهد به الشاهد الأول - وخلص إلى تبرئة المطعون ضده من تهمتي الشروع في تصدير جوهر مخدر وتهريبه المسندتين إليه تأسيساً على بطلان التفتيش وما ترتب عليه من إجراءات لصدور الإذن به ممن لا يملكه. لما كان ذلك، وكان البين من استقراء نصوص المواد من 26 إلى 30 من قانون الجمارك رقم 66 لسنة 1963 بإصدار قانون الجمارك أن الشارع منح موظفي الجمارك الذين أسبغت عليهم القوانين صفة الضبط القضائي في أثناء قيامهم بتأدية وظائفهم حق تفتيش الأماكن والأشخاص والبضائع ووسائل النقل داخل الدائرة الجمركية أو في حدود نطاق الرقابة الجمركية إذا ما قامت لديهم دواعي الشك في البضائع والأمتعة أو مظنة التهريب فيمن يوجدون بداخل تلك المناطق، باعتبار أنها دوائر معينة ومغلقة حددها القانون سلفاً لإجراء التفتيش والمراجعة فيها، وأن الشارع - بالنظر إلى طبيعة التهريب الجمركي وصلته المباشرة بصالح الخزانة العامة ومواردها وبمدى الاحترام الواجب للقيود المنظمة للاستيراد والتصدير - لم يتطلب بالنسبة إلى الأشخاص توافر قيود القبض والتفتيش المنظمة بقانون الإجراءات الجنائية أو اشتراط وجود المراد تفتيشه في إحدى الحالات المبررة له في نطاق الفهم القانوني للمبادئ المقررة في القانون المذكور إلا أن الواضح من نصوصه أنه يتطلب أن يقوم لدى موظف الجمارك المنوط به المراقبة والتفتيش في تلك المناطق، هو نفسه مظنة التهريب - لا تلقى نبأها عن الغير - فيمن يوجدون داخلها، وهي حالة تنم عن شبهة في توافر التهريب الجمركي قبل المشتبه فيه - على السياق المتقدم - في الحدود المعرف بها في القانون - حتى يثبت له حق الكشف عنها وضبطها، والشبهة المقصودة في هذا المقام هي حالة ذهنية تقوم بنفس المنوط بهم تنفيذ القوانين الجمركية يصح معها في العقل القول بقيام مظنة التهريب من شخص موجود في حدود دائرة الرقابة الجمركية وتقدير ذلك منوط بالقائم بالتفتيش تحت إشراف محكمة الموضوع، أما خارج نطاق الدائرة الجمركية فليس لموظفي الجمارك حق ما في تفتيش الأشخاص والأماكن والبضائع بحثاً عن مهربات، فإن الحكم المطعون فيه إذ انتهى إلى قبول الدفع ببطلان التفتيش الحاصل من ضابط الشرطة لإجرائه بغير إذن من النيابة العامة المختصة دون أن يستجلي صفة من قام بالتفتيش وهل هو موظف الجمارك أم ضابط الشرطة أو أن الأخير قد أجراه تحت إشراف الأول، وما إذا كان الإذن الصادر من رئيس قطاع الجمارك قد تضمن تكليفاً للأول بالتفتيش أم لا، كما لم يستظهر أن أياً من رئيس القطاع المذكور والموظف القائم بالمراقبة والتفتيش وهو مأمور الجمرك قد قامت لديه شبهة في توافر مظنة التهريب الجمركي في حق المطعون ضده أم أنه تلقى نبأها عن الغير وأثر تحريات الشرطة في قيامها لديه، وما إذا كان الضبط قد تم داخل نطاق الدائرة الجمركية أو منطقة الرقابة الجمركية بعد تحديد مداها أم خارج هذا النطاق بما يستقيم معه لمن قام بالضبط عدم مراعاة قيود التفتيش المنظمة بقانون الإجراءات الجنائية أو التقيد بقيودها، فإنه يكون قد حال دون تمكين محكمة النقض من مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها بالحكم وأن تقول كلمتها في شأن ما تثيره النيابة العامة بوجه الطعن بما يعيبه بالقصور في البيان ويوجب نقضه والإعادة.

الأربعاء، 4 فبراير 2015

الطعنان 16 و 21 لسنة 2014 جلسة 17 / 1 / 2014

 برئاسة السيد القاضي /  محمد عبدالرحمن الجراح– رئيس الدائرة . وعضوية السادة القضاة / رانفي محمد ابراهيم وأحمد عبدالحميد حامد. 
----------------
(1) سب . قصد جنائي . جريمة " أركانها ". حكم " تسبيب سائغ ". 
- السب في الاصطلاح القانوني . معناه؟
- القصد الجنائي في جريمة السب . عام . مناط تحققه؟
- جريمة السب . العبرة فيها بمدلول اللفظ وما يتضمنه من لفظ صريح دالا على التحقير والحط من شخص المجني عليه . حدوثها بواسطة موقع الكتروني . كفايته لتحقق القصد الجنائي فيها.
- مثال.
(2) وصف التهمة . محكمة الموضوع " سلطتها في تكييف الواقعة ". الشبكة المعلوماتية. حكم " مخالفة القانون ". سب.
- تكييف الدعوى . من مسائل القانون . خضوعها لتقدير محكمة الموضوع تحت رقابة النقض . أساس ذلك؟
- تغير وصف التهمة . حق لمحكمة الموضوع دون تقيدها بوصف النيابة العامة . شرط ذلك؟
- جريمة السب عن طريق الشبكة المعلوماتية طبقا لنص المادة 20 من المرسوم بقانون رقم 5 لسنة 2012 . مناط تحقق العقاب عنها؟ قضاء الحكم المطعون فيه وفق نص المادة 373 من قانون العقوبات دون النص في المادة 20 سالفة الذكر . مخالفة القانون يعيبه.
_____
    1-  لما كان من المقرر أن السب يعني الشتم بإطلاق اللفظ الصريح الدال عليه وهو المعنى الملحوظ في اصطلاح القانون الذي اعتبر السب كل الصاق لعيب أو تعبير يحط من قدر الشخص أن يخدش شخصه ، والمرجع في تعرف حقيقة ألفاظ السب بما يطمئن إليه القاضي في تحصيله لفهم الواقع في الدعوى ولايتطلب القانون ولقيام الجريمة قصدا خاصا بل يكفي توافر القصد العام الذي يتحقق بعلم الجاني أن الأمور المتضمنة للسب تحط من قدر الشخص كما أن الإسناد في جريمة السب قد يكون صريحا أو بطريق التورية أو المداورة والعبرة بمدلول الألفاظ ، لما كان ذلك وكانت العبارة التي اسندتها الطاعنة للمجني عليه" soB " والتي تعنى ترجمتها " ابن العاهرة " أو أنت ولد كبير سخيف كما عللتها الطاعنة تحمل لفظا صريحا دالا على التحقير والحط من شخص المجني عليه وحدثت بواسطة موقع الكتروني وقد توافر القصد الجنائي ومن ثم تكون الجريمة قد تكاملت أركانها ويكون منعى الطاعنة برمته على غير أساس متعين الرفض .
2- لما كان من المقرر- وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن تكييف الدعوى هو من مسائل القانون التي يخضع قضاء الموضوع بصددها لرقابة محكمة النقض وان لمحكمة ثاني درجة عملا بحقها المقرر في المادة 214/1 من قانون الإجراءات الجزائية ان تغير في حكمها الوصف القانوني للواقعة المسندة إلى المتهم ولها تعديل التهمة حسبما تراه وفقا لما يثبت لها من تحقيق أو من المرافعة في الجلسة غير مقيده في ذلك بالوصف الذي اسبغته النيابة العامة على الواقعة في أمر الاحالة شرط ذلك أن يكون تكييفها للواقعة صحيحا له سنده من الواقع والقانون . لما كان ذلك وكانت جريمة سب المجني عليه عن طريق شبكة المعلومات المسندة إلى المتهمة قد نصت عليها المادة 20 من المرسوم بقانون رقم 5 لسنة 2012 التي جرى نصها " مع عدم الاخلال بأحكام جريمة القذف المقررة في الشريعة الاسلامية ، يعاقب بالحبس والغرامة .. كل من سب الغير أو أسند إليه واقعة من شأنها أن تجعله محلا للعقاب أو الازدراء من قبل الآخرين وذلك باستخدام شبكة معلوماتية أو وسيلة تقنية معلومات " وكانت الواقعة المنسوبة إلى المتهمة قد وقعت بواسطة شبكة المعلومات حسبما هي ثابته بالأوراق ومن اعتراف المتهمة فيما ان المادة 373 من قانون العقوبات تسرى على الوقائع في غير تلك الحالة.. ولما كان الحكم المطعون فيه قد أعمل المادة 373 من قانون العقوبات دون اعمال نص المادة 20 سالفة الذكر والمنطبقة على واقعة الدعوى الأمر الذي يعيبه بمخالفة القانون .
المحكمة
_____
حيث إن الوقائع - علي ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعنين- تتحصل في أن النيابة العامة أحالت ........ إلى المحاكمة الجزائية بوصف أنها بتاريخ 14/7/2013 بدائرة الفجيرة:- سبت المجني عليه .......... عن طريق شبكة المعلومات بأن قالت له ابن عاهرة على النحو المبين بالتحقيقات. وطلبت النيابة العامة معاقبتها طبقا لنص المادتين 20،1/1 من المرسوم بقانون رقم 5 لسنة 2012 في شأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات ، ومحكمة أول درجة قضت بتاريخ 28/10/2013 بحبس المتهمة شهرا عن التهمة المسندة اليها وأحالت الدعوى المدنية للمحكمة المختصة ، استأنفت المتهمة قضاء ذلك الحكم بالاستئناف رقم 702لسنة 2013 مستأنف جزاء الفجيـرة ، ومحكمة الفجيرة الإتحادية الإستئنافية قضت بتاريخ 16/12/2013 بتعديل الحكم المستأنف بتغريم المتهمة ثلاثمائة درهم عما أسند إليها .
أولاً: الطعن رقم 16 لسنة 2014 نقض جزائي المرفوع من الطاعنة ......
حيث إن جملة ما تنعى به الطاعنة على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب حينما أدان الطاعنة عن تهمة السب دون بيان اركان الجريمة ومدى تحققها تجاه الطاعنة ، ذلك ان الطاعنة انكرت منذ فجر التحقيقات قيامها بسب الشاكي وان العبارات التي حواها الموقع الإلكتروني تحتمل عدة معان لم تقصد الطاعنة معنى السب ، وإذ لم يفطن الحكم المطعون فيه لذلك الأمر الذي يعيبه بالفساد في الاستدلال بما يستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك انه من المقرر أن السب يعني الشتم بإطلاق اللفظ الصريح الدال عليه وهو المعنى الملحوظ في اصطلاح القانون الذي اعتبر السب كل الصاق لعيب أو تعبير يحط من قدر الشخص أن يخدش شخصه ، والمرجع في تعرف حقيقة ألفاظ السب بما يطمئن إليه القاضي في تحصيله لفهم الواقع في الدعوى ولايتطلب القانون ولقيام الجريمة قصدا خاصا بل يكفي توافر القصد العام الذي يتحقق بعلم الجاني أن الأمور المتضمنة للسب تحط من قدر الشخص كما أن الإسناد في جريمة السب قد يكون صريحا أو بطريق التورية أو المداورة والعبرة بمدلول الألفاظ ، لما كان ذلك وكانت العبارة التي اسندتها الطاعنة للمجني عليه" soB " والتي تعنى ترجمتها " ابن العاهرة " أو أنت ولد كبير سخيف كما عللتها الطاعنة تحمل لفظا صريحا دالا على التحقير والحط من شخص المجني عليه وحدثت بواسطة موقع الكتروني وقد توافر القصد الجنائي ومن ثم تكون الجريمة قد تكاملت أركانها ويكون منعى الطاعنة برمته على غير أساس متعين الرفض .
ثانياً: الطعن رقم 21 لسنة 2014 نقض جزائي المرفع من النيابة العامة:
وحيث إن الطاعنة تنعى على الحكم المطعون فيه مخالفة لقانون والخطأ في تأويله حينما عاقبت المتهمة بموجب المادة 373 من قانون العقوبات بينما المواد المنطبقة على الواقعة وحسبما احالت النيابة العامة بها الدعوى هي المادة 20 من المرسوم بقانون رقم 5 لسنة 2012 في شأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات الامر الذي يعيبه بمخالفة القانون مما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أنه من المقرر- وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن تكييف الدعوى هو من مسائل القانون التي يخضع قضاء الموضوع بصددها لرقابة محكمة النقض وان لمحكمة ثاني درجة عملا بحقها المقرر في المادة 214/1 من قانون الإجراءات الجزائية ان تغير في حكمها الوصف القانــــوني للواقـــعة المسندة إلى المتهم ولها تعديل التهمة حسبما تراه وفقا لما يثبت لها من تحقيق أو من المرافعة في الجلسة غير مقيده في ذلك بالوصف الذي اسبغته النيابة العامة على الواقعة في أمر الاحالة شرط ذلك أن يكون تكييفها للواقعة صحيحا له سنده من الواقع والقانون . لما كان ذلك وكانت جريمة سب المجني عليه عن طريق شبكة المعلومات المسندة إلى المتهمة قد نصت عليها المادة 20 من المرسوم بقانون رقم 5 لسنة 2012 التي جرى نصها " مع عدم الاخلال بأحكام جريمة القذف المقررة في الشريعة الاسلامية ، يعاقب بالحبس والغرامة .. كل من سب الغير أو أسند إليه واقعة من شأنها أن تجعله محلا للعقاب أو الازدراء من قبل الآخرين وذلك باستخدام شبكة معلوماتية أو وسيلة تقنية معلومات " وكانت الواقعة المنسوبة إلى المتهمة قد وقعت بواسطة شبكة المعلومات حسبما هي ثابته بالأوراق ومن اعتراف المتهمة فيما ان المادة 373 من قانون العقوبات تسرى على الوقائع في غير تلك الحالة.. ولما كان الحكم المطعون فيه قد أعمل المادة 373 من قانون العقوبات دون اعمال نص المادة 20 سالفة الذكر والمنطبقة على واقعة الدعوى الأمر الذي يعيبه بمخالفة القانون بما يستوجب نقضه.

الطعن رقم 45 لسنة 2013 جلسة 20 / 1 / 2014

 برئاسة السيد القاضي /  محمد عبدالرحمن الجراح– رئيس الدائرة . وعضوية السادة القضاة / رانفي محمد ابراهيم وأحمد عبدالحميد حامد. 
-------------------
(1) محكمة الموضوع " سلطتها التقديرية ". استدلالات . تفتيش.
- تقدير جدية التحريات وكفايتها لاصدار إذن التفتيش . حق لمحكمة الموضوع . متى اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بنى عليها . المجادلة في ذلك . أمام المحكمة العليا . غير جائزة.
(2) محكمة النقض " سلطتها ". حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " " تصحيحه" . عقوبة " تطبيقها ". ارتباط.
- التناقض الذي يعيب الحكم . ماهيته؟
- الخطأ المادي الواقع فيه الحكم . لا يعد تناقضا وتصححه محكمة النقض دون نقضها للحكم. مادام لا يترتب ضرر بالمتهم.
- انزال عقوبة واحدة على المتهم في جريمتي تعاطي مواد مخدرة وحيازتها بقصد التعاطي طبق المادة 88 من قانون العقوبات . صحيح.
- الأصل في الاجراءات الصحة . الادعاء بخلافها . يوجب اثباته.
_____
1- لما كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة – أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الاذن بالقبض والتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت اشراف محكمة الموضوع فإذا كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بنى عليها الاذن وكفايتها لتسويغ اجرائه فلا يجوز المجادلة في ذلك أمام المحكمة العليا لتعلقه بالواقع لا بالقانون 
2- لما كان التناقض الذي يعيب الحكم هو الذي يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما اثبته البعض الأخر ولا يعرف أي الامرين قصدته المحكمة، ولما كانت العبرة هو بحقيقة الواقع وان الخطأ المادي الذي يقع لا يعد تناقضا وإنما تصححه محكمة النقض دون أن تنقض الحكم هذا إذا كان لا يترتب عليه ثمة ضرر بالمتهم ولما كانت حقيقة الواقعة هو أنه ضبط بذور الحشيش والتي ثبت أيضا بذور نبات الحشيش القابلة للإنبات والوارد تأثيمها في القسم الثاني من الجدول الرابع المرفق بقانون مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية رقم 14 لسنة 1995 وكان الخشخاش هو بذات القسم وبذات الجدول ويأخذ نفس العقوبة ومن ثم فإن هذه المحكمة تنتهي إلى تصحيح الخطأ المادي الذي وقعت فيه النيابة العامة وسايرتها المحكمة باعتبار ان المادة المضبوطة هي نبات الحشيش مادام أن الوصف في الحالين يحمل ذات العقوبة ولا يضار المتهم بهذا التصحيح ومن ثم يضحى تعييبه في هذا الشأن ليس له محل ، ولما كان المتهم قد نسب إليه التعاطي والحيازة بغرض التعاطي وهما وصفين مرتبطين طبقا للمادة  88 من قانون العقوبات ارتباطا لا يقبل التجزئة وإذ انزلت محكمة الموضوع على المتهم عقوبة واحده وهي الحبس أربع سنوات فإنها تكون قد طبقت صحيح القانون، ولا ينال من ذلك ما يتذرع به الطاعن من ان عينة البول لا تعود لـه إذ الأصل في الاجراء الصحة وعلى من يدعى خلاف ذلك تقديم الدليل على صحة ما يدعيه وإلا كان تعييبه خال من دليله ويكون غير مقبول . 
المحكمة
_____
حيث إن وقائع الدعوى - علي ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن النيابة العامة أسندت إلى الطاعن على أنه بتاريخ 26/8/2012 بدائرة الشارقة :- 1- جلب بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي مادة مخدرة   (بذور الخشاش) في غير الأحوال المرخص بها قانونا.2-تعاطى مادة مخدرة (تفتويك اندرل) في غير الأحوال المرخص بها قانونا . وطلبت النيابة العامة معاقبته طبقاً لأحكام الشريعة الاسلامية والمواد 6،39،1/48،1/56،1/65،63،1 من القانون الاتحادي رقم 14 لسنة 1995 في شأن مكافحة المواد المخدرة والمؤثرات العقلية المعدل والبند 105 من الجدول الأول والقسم الثاني من الجدول الرابع الملحق بذات القانون . بجلسة 14/11/2012 قضت محكمة أول درجة حضوريا بإدانة المتهم ومعاقبته بالسجن سبع سنوات وتغريمه خمسين ألف درهم عن تهمة جلب بذور الخشخاش المنسوبة إليه والسجن أربع سنوات عن تهمة التعاطي المسندة إليه وابعاده عن البلاد بعد تنفيذ العقوبة . استأنف المحكوم عليه هذا الحكم بالاستئناف رقم 3602/2012 وبتاريخ 10/1/2013 قضت محكمة استئناف الشارقة الاتحادية بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف والاكتفاء بمعاقبة المستأنف بالسجن أربع سنوات عن التهمتين المسندتين إليه ، التهمة الأولى بعد تعديلها والثانية للارتباط وبتأييده فيما قضى به بشأن ابعاده عن البلاد ومصادرة المواد المخدرة المضبوطة – لم يلق الحكم قبولا لدى الطاعن فطعن عليه بالطعن الماثل . قدمت النيابة العامة مذكرة برأيها طلبت فيها رفض الطعن.
وحيث إن حاصل ما ينعى به الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق والاخلال بحق الدفاع ذلك أن الحكم المطعون فيه دانه بالجريمة المسندة إليه رغم تمسكه في دفاعه ببطلان القبض والتفتيش لابتنائه على تحريات غير جديه ودانه بجريمة جلب بذور الخشخاش بغير قصد علما بأن بذور الخشخاش لم تضبط مع المتهم ولا وجود لها بأوراق الدعوى إذ أن تقرير المختبر الجنائي الخاص بفحص المضبوطات قد خلا من وجود بذور الخشخاش وانما اثبت وجود بذور الحشيش بالمضبوطات الأمر الذي يمتنع معه محاكمة المتهم عنها لعدم ورودها بأمر الاحالة وقد جاء الحكم المطعون فيه متناقضا حيث أنه يتحدث تارة عن جلب بذور الخشخاش وأخرى عن بذور الحشيش ولا يفهم عن أي التهمتين دان بها الطاعن وان المتهم ادين بجريمة التعاطي رغم تمسكه في دفاعه بأن عينة البول لا تعود له وإذ قضى الحكم المطعون فيه بإدانته فإنه يكون معيبا بما يستوجب نقضه .
وحيث إن النعي في شقه الأول المتعلق ببطلان القبض والتفتيش لعدم جدية التحريات مردود ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة – أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الاذن بالقبض والتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت اشراف محكمة الموضوع فإذا كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بنى عليها الاذن وكفايتها لتسويغ اجرائه فلا يجوز المجادلة في ذلك أمام المحكمة العليا لتعلقه بالواقع لا بالقانون – لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد اطمأن إلى صحة الضبط والتفتيش وجدية التحريات مما استخلصه من الأوراق من ورود معلومات إلى إدارة مكافحة المخدرات بالشارقة من أن المتهم الطاعن روسلان كوفتون أوكراني الجنسية يحوز كمية من المواد المخدرة بقصد التعاطي والترويج وتم ضبطه بتاريخ 26/8/2011 بالقرب من سكنه بمنطقة الفيحاء بالشارقة وبتفتيشه ذاتيا لم يعـــثر على شيء وبتفتيش منزله تم العثور على المضبوطات بالإحراز الأول والثانــي والثالـــث والخامس، والتي وجدت خاليه من المواد المخدرة وبتفتيش سيارته تم العثور على كيس ثبت من خلال تقرير المختبر الجنائي احتوائه على بذور الخشخاش القابلة للإنبات ووجد بعينة بوله مادة مخدرة وانتهى الحكم صائبا إلى جدية التحريات ومن ثم فإن نعي الطاعن يكون على غير أساس متعين الرفض.
وحيث إن ما ينعاه الطاعن بالشق الثاني المتعلق بتناقض الحكم وادانة الطاعن بتهمة الحيازة دون قصد لمادة الخشخاش ، رغم خلو المضبوطات من المخدر وإدانته بجلب وحيازة الحشيش دون توجيه تهمة من النيابة العامة إليه غير سديد ، ذلك أن التناقض الذي يعيب الحكم هو الذي يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما اثبته البعض الأخر ولا يعرف أي الامرين قصدته المحكمة، ولما كانت العبرة هو بحقيقة الواقع وان الخطأ المادي الذي يقع لا يعد تناقضا وإنما تصححه محكمة النقض دون أن تنقض الحكم هذا إذا كان لا يترتب عليه ثمة ضرر بالمتهم ولما كانت حقيقة الواقعة هو أنه ضبط بذور الحشيش والتي ثبت أيضا بذور نبات الحشيش القابلة للإنبات والوارد تأثيمها في القسم الثاني من الجدول الرابع المرفق بقانون مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية رقم 14 لسنة 1995 وكان الخشخاش هو بذات القسم وبذات الجدول ويأخذ نفس العقوبة ومن ثم فإن هذه المحكمة تنتهي إلى تصحيح الخطأ المادي الذي وقعت فيه النيابة العامة وسايرتها المحكمة باعتبار ان المادة المضبوطة هي نبات الحشيش مادام أن الوصف في الحالين يحمل ذات العقوبة ولا يضار المتهم بهذا التصحيح ومن ثم يضحى تعييبه في هذا الشأن ليس له محل ، ولما كان المتهم قد نسب إليه التعاطي والحيازة بغرض التعاطي وهما وصفين مرتبطين طبقا للمادة  88 من قانون العقوبات ارتباطا لا يقبل التجزئة وإذ انزلت محكمة الموضوع على المتهم عقوبة واحده وهي الحبس أربع سنوات فإنها تكون قد طبقت صحيح القانون، ولا ينال من ذلك ما يتذرع به الطاعن من ان عينة البول لا تعود لـه إذ الأصل في الاجراء الصحة وعلى من يدعى خلاف ذلك تقديم الدليل على صحة ما يدعيه وإلا كان تعييبه خال من دليله ويكون غير مقبول . ومن ثم فان الطعن في مجمله يكون على غير أساس متعين الرفض.

دعوى البطلان 2 لسنة 2013 جلسة 21 / 1 / 2014

برئاسة السيد القاضي الدكتور/ عبدالوهاب عبدول – رئيس المحكمة . وعضوية السادة القضاة / محمد أحمد عبدالقادر وعبد الرسول طنطاوي.
------------------
(1) اجراءات التقاضي. حكم "إصداره" "بطلان". بطلان المحكمة الاتحادية العليا " سلطتها" نظام عام. قضاة "صلاحيتهم".
- الأصل في التقاضي. أنه متى خرجت الدعوى من حوزة المحكمة لاستنفاذها ولايتها القضائية امتنع عليها العودة لنظرها من جديد. حد ذلك وأساسه؟
- للخصم طلب إلغاء الحكم الصادر في طعن بالنقض أمام المحكمة الاتحادية العليا. ونظرها أمام دائرة أخرى لا يكون منها القاضي الذي يتعلق به سبب البطلان.
- عدم صلاحية القاضي لنظر الدعوى. حالاته وعلته؟ المادة 114 من قانون الاجراءات المدنية والمادة 206 من قانون الاجراءات الجزائية.
- وجوب خلو ذهن القاضي الذي ينظر الدعوى من موضوعها. علة ذلك؟
- صدور حكم النقض من قاضي يرأس دائرة للنقض. سبق له نظر الدعوى استئنافياً يبطله: أثر ذلك؟
(2)مسئولية جزائية. خطأ. جريمة " أركانها". محكمة الموضوع" سلطتها التقديرية"
- تقدير الخطأ لمسئولية مرتكبه جنائياً أو مدنياً في جريمة الإصابة الخطأ. موضوعي. مادام سائغاً.
- لمحكمة الموضوع أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه. مادام له مأخذة من الأوراق.
- وزن أقوال الشاهد وتقدير التي يؤدي فيها شهادته والتعويل عليها. حق لمحكمة الموضوع. ومتى أخذت بأقوال الشاهد. مفاده. طرحها. جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها. ولها استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى وطرح ما عداها من صور أخرى. ما دام سائغاً. المجادلة في ذلك. أمام المحكمة الاتحادية العليا. غير جائزة.
- مثال لتسبيب لحكم بالإدانة في جريمة إصابة خطأ تدليلاً على توافر عناصر المسئولية الجنائية في حق الطاعن.
_____
 1- لما كان الأصل في نظام التقاضي انه متى صدر الحكم في الدعوى خرجت من حوزة المحكمة لاستنفادها ولايتها القضائية وامتنع عليها العودة الى نظرها من جديد .... الا أنه إزاء ما نص عليه البند 3 من المادة 114 من قانون الاجراءات المدنية أنه "إذا وقع بطلان في حكم صدر في طعن بالنقض جاز للخصم أن يطلب من المحكمة الغاء هذا الحكم واعاده نظر الطعن امام دائرة لا يكون فيها القاضي الذي قام به سبب البطلان" ولما كان البين من الاطلاع على الاحكام الصادرة في الدعوى أن القاضي /....... رئيس الهيئة التي أصدرت الحكم في الطعن رقم 128 لسنة 2012 نقض جزائي بجلسة 21/1/2013 قد سبق له أن ترأس الهيئة الاستئنافية التي أصدرت الحكم الغيابي الاستئنافي القاضي بإلغاء الحكم المستأنف وبإدانة المتهم –الطاعن- وهو ما يعني أنه سبق أن أبدى رأيا في موضوع الدعوى، ولما كانت المادة 114 من قانون الاجراءات المدنية – ونصها عام في بيان احوال عدم الصلاحية- قد نصت في فقرتها " ذ " على ان القاضي يكون غير صالح لنظر الدعوى ممنوعا من سماعها ولو لم يرده أحد من الخصوم. "اذا كان قد أفتى او ترافع عن أحد الخصوم او كتب فيها ... أو كان قد سبق له نظرها قاضيا ... الخ" ولما كان ما ورد في المادة المذكورة هو مما يتعلق بالنظام العام، وهو نفس حكم المادة 206 من قانون الاجراءات الجزائية التي تنص في فقرتها الثانية على انه " يمتنع عليه كذلك أن يشترك في الحكم في الطعن اذا كان الحكم المطعون فيه صادراً منه" واساس وجوب امتناع القاضي عن نظر الدعوى هو قيامه بعمل يجعل له رأيا في الدعوى او معلومات شخصية تتعارض مع ما يشترط في القاضي من خلو الذهن عن موضوع الدعوى ليستطيع ان يزن حجج الخصوم وزناً مجرداً. لما كان ذلك ، وكان رئيس الهيئة التي أصدرت الحكم في الطعن الماثل قد سبق وان نظرها قاضيا- رئيس الهيئة الاستئنافية –في الاستئناف رقم 120 لسنة 2010 والغي الحكم الصادر بالبراءة وبإدانة الطاعن، وكان القانون قد أوجب امتناع القاضي عن ذلك فان الحكم الصادر في الطعن المطروح يكون باطلا متعينا إلغاءه وإعادة نظر الطعن امام دائرة لا يكون فيها القاضي الذي قام به سبب البطلان.
 2- لما كان من المقرر أن تقدير الخطأ المستوجب لمسؤلية مرتكبه جنائيا أو مدنيا في جريمة الإصابة الخطأ مما يتعلق بموضوع الدعوى، واذ كان الحكم المطعون فيه قد استخلص في تدليل سائغ ومنطق مقبول مما أخذ به واطمأن إليه من أقوال الشاهد ........  والذي شاهد الحادث وجزم بوقوعه نتيجة اصطدام الطراد بالدراجة وأنه حسب مشاهدته ورؤيته للحادث فإن قائد الطراد هو المخطئ كونه كان يقود الطراد بسرعة عالية وعند استخدامه للفرامل لإيقاف الطراد شاهد شخصان كانا برفقته يطيران في الهواء ويسقطان في البحر، وأنه بغض النظر عن مكان حدوث التلفيات في القارب والدراجة إن كان في المقدمة أو الجوانب أو بكليهما فإن المتسبب في وقوعها هو المتهم قائد القارب وفق ما ذكره الشاهد سالف الذكر والذي تطمئن المحكمة لشهادته وتطرح شهادة........ والتي استقاها من أقوال شخص يعمل لدى مالك الطراد والدراجة لم تستطع المحكمة سماع شهادته لقيام كفيله بإلغاء اقامته ومغادرة الدولة" فإن ما ساقه الحكم المطعون فيه فيما سلف إنما يتوافر به ثبوت ركن الخطأ في جانب الطاعن وتنتفى به عن الحكم قاله الفساد في الاستدلال وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع ان تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن اليه طالما ان هذا الدليل له مأخذه الصحيح من الأوراق وأن وزن أقوال الشاهد وتقدير الظروف التي يؤدي فيها شهادته وتعويل القضاء على أقواله مهما وجه إليها من مطاعن و حام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه الى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن اليه، وهي متى أخذت بشهادته، فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، فإن ما يثيره الطاعن في شأن استناد الحكم في الادانة الى اقوال الشاهد عبد الرحمن وطرح ما جاء بأقوال الشاهد محمود حميد والمتهم يكون في غير محله. وكان من المقرر أن من حق محكمة الموضوع ان تستخلص من أقوال شهود الاثبات وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعه الدعوى حسبما يؤدي اليه اقتناعها وان تطرح ما يخالفها من صور اخرى مادام استخلاصها سائغا مستنداً الى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق– كما هي الحال في الدعوى الماثلة- فإن ما يثيره الطاعن من ان مرد الحادث الى خطأ المجني عليه لا يعدو أن يكون مجادلة في شأن تصوير وقوع الحادث مما يكفي في الرد عليه ما أوردته المحكمة تدليلا على ثبوت الصورة التي اقتنعت بها و استقرت في وجدانها.
المحكمة
_____
 حيث إن الوقائع –حسبما يبين من الأوراق- تتحصل في ان الطاعن اقام الدعوى رقم 2 لسنة 2013 كليا امام المحكمة الاتحادية العليا بموجب صحيفة اودعت قلم كتاب هذه المحكمة بتاريخ 14/4/2013 طالباً في ختامها قبول دعوى البطلان شكلا وفي الموضوع بإلغاء الحكم الصادر من المحكمة الاتحادية العليا –دائرة النقض الجزائي- في الطعن رقم 128 لسنة 2012 –جزائي- بجلسة 21/1/2013 وإعادة نظر الطعن أمام دائرة اخرى وذلك استناداً على أن القاضي رئيس الهيئة التي نظرت الطعن قد سبق له ابداء الرأي والحكم في موضوع الدعوى عندما نظرها كرئيس لمحكمة استئناف الفجيرة في الاستئناف رقم 120 لسنة 2010 جزاء الفجيرة. لما كان ذلك، وكان الأصل في نظام التقاضي انه متى صدر الحكم في الدعوى خرجت من حوزة المحكمة لاستنفادها ولايتها القضائية وامتنع عليها العودة الى نظرها من جديد .... الا أنه إزاء ما نص عليه البند 3 من المادة 114 من قانون الاجراءات المدنية أنه "إذا وقع بطلان في حكم صدر في طعن بالنقض جاز للخصم أن يطلب من المحكمة الغاء هذا الحكم واعاده نظر الطعن امام دائرة لا يكون فيها القاضي الذي قام به سبب البطلان" ولما كان البين من الاطلاع على الاحكام الصادرة في الدعوى أن القاضي /...... رئيس الهيئة التي أصدرت الحكم في الطعن رقم 128 لسنة 2012 نقض جزائي بجلسة 21/1/2013 قد سبق له أن ترأس الهيئة الاستئنافية التي أصدرت الحكم الغيابي الاستئنافي القاضي بإلغاء الحكم المستأنف وبإدانة المتهم –الطاعن- وهو ما يعني أنه سبق أن أبدى رأيا في موضوع الدعوى، ولما كانت المادة 114 من قانون الاجراءات المدنية – ونصها عام في بيان احوال عدم الصلاحية- قد نصت في فقرتها " ذ " على ان القاضي يكون غير صالح لنظر الدعوى ممنوعا من سماعها ولو لم يرده أحد من الخصوم. "اذا كان قد أفتى او ترافع عن أحد الخصوم او كتب فيها ... أو كان قد سبق له نظرها قاضيا ... الخ" ولما كان ما ورد في المادة المذكورة هو مما يتعلق بالنظام العام، وهو نفس حكم المادة 206 من قانون الاجراءات الجزائية التي تنص في فقرتها الثانية على انه " يمتنع عليه كذلك أن يشترك في الحكم في الطعن اذا كان الحكم المطعون فيه صادراً منه" واساس وجوب امتناع القاضي عن نظر الدعوى هو قيامه بعمل يجعل له رأيا في الدعوى او معلومات شخصية تتعارض مع ما يشترط في القاضي من خلو الذهن عن موضوع الدعوى ليستطيع ان يزن حجج الخصوم وزناً مجرداً. لما كان ذلك ، وكان رئيس الهيئة التي أصدرت الحكم في الطعن الماثل قد سبق وان نظرها قاضيا- رئيس الهيئة الاستئنافية –في الاستئناف رقم 120 لسنة 2010 والغي الحكم الصادر بالبراءة وبإدانة الطاعن، وكان القانون قد أوجب امتناع القاضي عن ذلك فان الحكم الصادر في الطعن المطروح يكون باطلا متعينا إلغاءه وإعادة نظر الطعن امام دائرة لا يكون فيها القاضي الذي قام به سبب البطلان وهو ما تقضي به هذه المحكمة على النحو الوارد بمنطوقها. 
-المحكمة-
    من حيث إن الطعن استوفى اوضاعه الشكلية.
    وحيث ان الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الاوراق-تتحصل في ان النيابة العامة احالت الطاعن الى المحاكمة الجنائية بوصف انه بتاريخ 30/11/2009 بدائرة الفجيرة 1- تسبب بخطئه في المساس بسلامة جسم "..........." وكان ذلك ناشئا عن رعونته وعدم احترازه فاصطدم قاربه بدراجه المجني عليه فأحدث بالأخير الاصابات الموصوفة بالتقرير الطبي. 2-اتلف الدراجة والقارب المملوكين للعريش لتأجير السفن والدراجات المائية وأعمال الغوص -..........- وجعلهما غير صالحين للاستعمال .. وطلبت عقابه طبقا لأحكام الشريعة الاسلامية الغراء والمادتين 443/ 1، 424/ 1 من قانون العقوبات الاتحادي. ومحكمة  اول درجة قضت بجلسة 16/2/2010 حضورياً ببراءة المتهم من التهمتين المسندتين إليه. استأنفت النيابة العامة قضاء الحكم المذكور بالاستئناف رقم 120 لسنة 2010 ، ومحكمة استئناف الفجيرة قضت بجلسة 22/3/2010 غيابيا وبالإجماع بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبإدانة المتهم ومعاقبته بتغريمه خمسمائة درهم عن التهمتين للارتباط، وإذ عارض المحكوم عليه، فقضت المحكمة الاستئنافية بجلسة 9/8/2010 وبالإجماع بقبول المعارضة شكلا ورفضها موضوعا وتأييد الحكم المعارض فيه –اقام الطاعن الطعن رقم 200 لسنة 2010 نقض جزائي والمحكمة الاتحادية العليا قضت بجلسة 19/4/2010 بنقض الحكم المطعون فيه والاحالة للقصور في التسبيب، ومحكمة الاحالة قضت بجلسة 22/2/2012 حضوريا وبالإجماع وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجدداً بمعاقبة المتهم بتغريمه خمسمائة درهم عما أسند اليه. اقام الطاعن طعنه –للمرة الثانية- والنيابة العامة قدمت مذكرة برأيها طلبت فيها رفض الطعن .
حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بالجريمتين المسندتين اليه قد شابه الفساد في الاستدلال ذلك انه عول على أقوال الشاهد ....... بمفرده رغم تناقضها مع ما جاء بالمعاينة وأقوال الشاهد ...... وأقوال المتهم التي تمسك فيها أن المجني عليه هو المتسبب في وقوع الحادث –مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
    وحيث إن هذا النعي في مجمله غير سديد، ذلك أنه من المقرر أن تقدير الخطأ المستوجب لمسؤلية مرتكبه جنائيا او مدنيا في جريمة الإصابة الخطأ مما يتعلق بموضوع الدعوى، واذ كان الحكم المطعون فيه قد استخلص في تدليل سائغ ومنطق مقبول مما أخذ به واطمأن اليه من أقوال الشاهد .......  والذي شاهد الحادث وجزم بوقوعه نتيجة اصطدام الطراد بالدراجة وأنه حسب مشاهدته ورؤيته للحادث فإن قائد الطراد هو المخطئ كونه كان يقود الطراد بسرعة عالية وعند استخدامه للفرامل لإيقاف الطراد شاهد شخصان كانا برفقته يطيران في الهواء ويسقطان في البحر، وأنه بغض النظر عن مكان حدوث التلفيات في القارب والدراجة إن كان في المقدمة أو الجوانب أو بكليهما فإن المتسبب في وقوعها هو المتهم قائد القارب وفق ما ذكره الشاهد سالف الذكر والذي تطمئن المحكمة لشهادته وتطرح شهادة ..... والتي استقاها من أقوال شخص يعمل لدى مالك الطراد والدراجة لم تستطع المحكمة سماع شهادته لقيام كفيله بإلغاء اقامته ومغادرة الدولة" فإن ما ساقه الحكم المطعون فيه فيما سلف إنما يتوافر به ثبوت ركن الخطأ في جانب الطاعن وتنتفى به عن الحكم قاله الفساد في الاستدلال وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع ان تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن اليه طالما ان هذا الدليل له مأخذه الصحيح من الأوراق وأن وزن أقوال الشاهد وتقدير الظروف التي يؤدي فيها شهادته وتعويل القضاء على أقواله مهما وجه إليها من مطاعن و حام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه الى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن اليه، وهي متى أخذت بشهادته، فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، فإن ما يثيره الطاعن في شأن استناد الحكم في الادانة الى اقوال الشاهد عبد الرحمن وطرح ما جاء بأقوال الشاهد محمود حميد والمتهم يكون في غير محله. وكان من المقرر أن من حق محكمة الموضوع ان تستخلص من اقوال شهود الاثبات وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعه الدعوى حسبما يؤدي اليه اقتناعها وان تطرح ما يخالفها من صور اخرى مادام استخلاصها سائغا مستنداً الى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق  – كما هي الحال في الدعوى الماثلة- فإن ما يثيره الطاعن من ان مرد الحادث الى خطأ المجني عليه لا يعدو أن يكون مجادلة في شأن تصوير وقوع الحادث مما يكفي في الرد عليه ما اوردته المحكمة تدليلا على ثبوت الصورة التي اقتنعت بها و استقرت في وجدانها .لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس مما يتعين رفضه مع مصادرة التأمين.