برئاسة السيد المستشار/ أحمد محمود مكي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ خالد يحيى دراز، أحمد إبراهيم سليمان نائبي رئيس المحكمة، بليغ كمال ومجدي زين العابدين.
---------------------------
1 - مفاد نص المادتين 16، 17 من قانون المرافعات أن للطاعن متى كان موطنه في الخارج أن يضيف لميعاد الطعن ميعاد مسافة قدره ستون يوماً، ويقصد بالموطن - إذا كان الطاعن شخصاً طبيعياً - في حساب ميعاد المسافة إلى ميعاد الطعن الموطن الأصلي المبين في نصوص القانون المدني، سواء كان موطنه العام المنصوص عليه في المادة40 أو موطن أعماله المنصوص عليه في المادة 41 أو موطن من ينوب عنه قانوناً عند الغيبة ونقص الأهلية المنصوص عليه في المادة 42، ولا يقصد به موطن الطاعن المختار، لأن المشرع أراد بتقرير ميعاد المسافة المساواة بين الخصوم حتى يستفيدوا من ميعاد الطعن كاملا ً فأضاف مدة نظير ما يقتضيه الانتقال من الموطن الأصلي - حيث يقيم الطاعن فعلاً - إلى قلم كتاب المحكمة المتخذ فيه إجراءات رفع الطعن، ولقد جعل المشرع مواعيد الطعن تتعلق بالنظام العام، فلا تتأثر بإرادة الخصوم بصريح نص المادة 215 مرافعات، فلا يستقيم أن تتأثر بمجرد إرادة الطاعن باتخاذه موطناً مختاراً، كما أوجب المشرع في المادة 213 مرافعات أن يتم إعلان الحكم المجرى لميعاد الطعن في الموطن الأصلي مستبعداً الموطن المختار، وطالما لم يعتد المشرع بالإعلان في الموطن المختار مجرياً لميعاد الطعن فلا ينبغي اعتباره عند حساب ميعاد المسافة، ويؤكد هذا النظر أن المادة 17 من قانون المرافعات بعد أن بينت في فقرتها الأولى ميعاد المسافة لمن يكون موطنه في الخارج عادت فنصت في فقرتها الثالثة على ما يلي "ولا يعمل بهذا الميعاد في حق من يعلن لشخصه في الجمهورية أثناء وجوده بها، وإنما يجوز لقاضي الأمور الوقتية أو للمحكمة عند نظر الدعوى أن تأمر بمد المواعيد العادية أو تعتبرها ممتدة على ألا يجاوز في الحالين الميعاد الذي كان يستحقه لو أعلن في الخارج "فالاستثناء الوارد بالنص يدل على أن الإعلان قد يصح في مكان ما لسبب أو لآخر ومع ذلك يتعين حساب ميعاد المسافة من الموطن الأصلي دون مكان الإعلان وهو يدل على أن ميعاد المسافة لا يسقط إلا إذا تم الإعلان للشخص نفسه دون سواه ويشترط أن يتم الإعلان في داخل الجمهورية ذاتها، وحتى في هذه الحالة يكون للقاضي أن يضيف ميعاد مسافة على النحو المبين بالنص فقد يقتضي الأمر رجوع الطاعن إلى موطنه، فالعبرة دائماً هي بالموطن الأصلي ولا يستثنى من ذلك إلا أن يعلن الطاعن في مراحل التقاضي السابقة عند تخليه عن موطنه الأصلي واختياره لموطن بديل ففي هذه الحالة يعتد بإرادة الطاعن لما صاحبها من تخل وكذلك لو تعددت المواطن الأصلية فإن العبرة هي بالموطن الذي اتخذه لنفسه في مراحل التقاضي السابقة على الطعن.
2 - التثبت من موطن الطاعن تمهيداً لحساب ميعاد الطعن من المسائل الواقعية التي تتصل بإجراءات الطعن ومدى توافر شروط قبوله شكلاً والموكول إلى المحكمة فحصه والتحقق منه.
3 - إذ كان الطاعنون قد دللوا على إقامة الثلاثة الأول منهم في فرنسا والرابعة والخامسة في اليونان بالتوكيلات الصادرة منهم في هذين البلدين سنة 1974 والمصدق عليها في مصر سنة 1975 وقد خلت أوراق الدعوى في كل مراحلها من بيان موطن لإقامتهم المعتادة واقتصرت على الإشارة إلى مكتب المحامي الذي يباشر الإجراءات في كل مرحلة من مراحل التقاضي، وهو ما لا يعد تخلياً عن مواطنهم الأصلية ومن ثم يتعين إضافة ميعاد المسافة المقرر للمقيم في الخارج كاملاً ويكون الدفع بسقوط الحق في الطعن على غير أساس.
4 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - إنه متى كانت النتيجة التي انتهى إليها الحكم المطعون فيه صحيحة فلا يضره ما ورد في أسبابه من تقريرات قانونية خاطئة لا تتفق وصحيح القانون وإنما تتولى محكمة النقض تصويب ما اشتمل عليه من أخطاء قانونية دون نقضه، لما كان ذلك وكان الثابت في الأوراق أن الحكم الصادر من محكمة جنوب القاهرة الابتدائية بتاريخ 30/6/1981 هو حكم ابتدائي تم استئنافه بجميع أجزائه من قبل المحكوم عليهم فأوقفت حجيته لأن الاستئناف يعيد الدعوى كأنما لم يصدر فيها الحكم المستأنف ويكون لمحكمة الاستئناف الفصل في موضوع الدعوى من جديد في ضوء ما قدم في الدرجتين من أدلة ودفاع ودفوع. ويظل الحكم المستأنف قائماً إلى أن تفصل محكمة الاستئناف على خلافه ثم صدر القرار بقانون 141 لسنة 1981 بتصفية الأوضاع الناشئة عن الحراسة والمعمول به منذ 31/ 8/ 1981 ونص في مادته السادسة على "اختصاص محكمة القيم دون غيرها بنظر المنازعات المتعلقة بالحراسة وعلى أن تحال إليها جميع المنازعات المطروحة على المحاكم الأخرى بجميع درجاتها" فباتت المحاكم الأخرى ولو كانت من محاكم الاستئناف ملزمة بإحالة الدعوى إلى محكمة القيم لأنها أصبحت محكمة الموضوع الوحيدة التي تخلف جميع المحاكم الأخرى بجميع درجاتها ومن ثم تتابع الدعوى سيرها من حيث انتهت إجراءاتها أمام المحكمة المحيلة لكي تخلفها محكمة القيم في صلاحيتها ويتعين أن تفصل في موضوع النزاع الذي كان مطروحا على المحكمة المحيلة فلا تتقيد بالحكم المستأنف باعتبارها خلفاً لمحكمة الاستئناف ويكون لها أن تقضي على خلافه وهو ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه، ومن ثم فلا يفسده مجرد ما ذهب إليه من أن الحكم المستأنف قد زال بمجرد صدور قرار الإحالة وإنما يكون لمحكمة النقض تصحيح هذا الخطأ ورده إلى الأساس السديد دون أن تنقضه.
5 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن إبرام الدولة لمعاهدة تمت الموافقة عليها من السلطة التشريعية يجعلها قانوناً من قوانينها النافذة يجرى تطبيقها على المنازعات الخاصة بها ونصت الفقرة الأولى من المادة الثالثة من القانون 141 لسنة 1981 بتصفية الأوضاع الناشئة عن فرض الحراسة على أن "يستمر تطبيق أحكام اتفاقات التعويضات المبرمة مع بعض الدول الأجنبية على رعايا هذه الدول الذين خضعوا لتدابير الحراسة المشار إليها في المادة الأولى من هذا القانون".
6 - إذ كانت الحكومتان المصرية واليونانية قد أبرمتا اتفاقاً بتاريخ 26/9/1966 وعمل به بتاريخ 17/6/1967 بشأن تسوية التعويضات المستحقة للرعايا اليونانيين عن الأموال التي مستها الإجراءات التي اتخذت في البلاد بما في ذلك أوامر فرض الحراسة المستندة للقانون 162 لسنة 1958 وكذلك القانون 150 لسنة 1964، وكان مؤدى المادتين 2، 4 من هذه الاتفاقية التزام الحكومة المصرية بدفع التعويضات المستحقة للرعايا اليونانيين الذين مست أموالهم الحراسة سواء كانت قرارات فرض الحراسة صحيحة أو باطلة لتضحى ذمتها بريئة بمجرد الدفع وقد وقعت الحكومة اليونانية باسمها واسم المستفيدين، ونفاذاً لها قام الطاعنون بصرف التعويضات المقررة عن أموالهم وهو ما يسقط حقهم في طلب ردها إذ ليس عدلاً أن يجمع بين المال وعوضه وإذ كان ذلك فإن أحكام هذا الاتفاق تضحى هي القانون الواجب التطبيق على المنازعة المطروحة بغض النظر عن مشروعية أوامر فرض الحراسة لأن الاتفاقية استهدفت تسوية جميع الأوضاع الناشئة عن فرض الحراسة استناداً إلى القانون 162 لسنة 1958 والقانون 150 لسنة 1964 - أياً كان وجه الرأي في مشروعية تلك القرارات - ومن ثم بات الجدل في هذا الأمر غير منتج، وإذ التزم حكم محكمة القيم المؤيد بالحكم المطعون فيه هذا النظر فيما انتهى إليه من أن تعويض الطاعنين عن أموالهم التي شملتها إجراءات الحراسة من شأنه أن يبرء ذمتها ويجعل تصرفات الحراسة كلها بمنأى عن الطعن فإنه يكون قد أعمل صحيح القانون.
-------------------------
بعد الإطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعنين أقاموا على المطعون ضدهم الدعوى......... لسنة......... مدني جنوب القاهرة الابتدائية بطلب الحكم ببطلان عقود البيع المبرمة عن العقارات المبينة بالصحيفة ومحو ما أجري عليها من قيود وتسجيلات وتسليمها عينا للطاعنين وقالوا بيانا لذلك إن الحراسة فرضت على مورثيهما بقرار من رئيس الجمهورية رقم 138 لسنة 1961 - استنادا للقانون 162 لسنة 1958 - بشأن حالة الطوارئ ثم تصرفت الحراسة في هذه العقارات للمطعون ضدهن الخامسة والسادسة ولما كان قرار فرض الحراسة قد صدر باطلا فإن من حقهم استرداد هذه الأموال. حكمت المحكمة الابتدائية بالطلبات فاستأنف المحكوم عليهم هذا الحكم بالاستئنافات أرقام.......، .........، ...... لسنة...... ق القاهرة وقررت محكمة الاستئناف إحالتها لمحكمة القيم للاختصاص النوعي حيث قيدت برقم ........ لسنة...... ق قيم ومحكمة القيم حكمت برفض الدعوى. طعن الطاعنون في هذا الحكم أمام المحكمة العليا للقيم بالطعن رقم ........... لسنة...... ق قيم عليا. وبتاريخ 23/9/1995 قضت المحكمة بالتأييد. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بعدم قبول الطعن شكلا لرفعه بعد الميعاد واحتياطيا نقض الحكم المطعون فيه. وعرض الطعن على هذه المحكمة - في غرفة مشورة - فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن النيابة والمطعون ضدها السادسة دفعا بسقوط الحق في الطعن لأن صحيفته أودعت بتاريخ 15/1/1997 في حين أن المادة الثانية من القانون 1 لسنة 1997 المعمول به منذ 14/5/1997 نصت على أن ميعاد الطعن في الأحكام النهائية للمحكمة العليا للقيم السابقة على العمل بهذا القانون هو ستون يوما فتمسك الطاعنون بإضافة ميعاد مسافة لأنهم يقيمون بالخارج.
وحيث إن هذا الدفع في غير محله ذلك أن مفاد نص المادتين 16، 17 من قانون المرافعات أن للطاعن متى كان موطنه في الخارج أن يضيف لميعاد الطعن ميعاد مسافة قدره ستون يوما، ويقصد بالموطن - إذا كان الطاعن شخصا طبيعيا - في حساب ميعاد المسافة المضاف إلى ميعاد الطعن الموطن الأصلي المبين في نصوص القانون المدني، سواء كان موطنه العام المنصوص عليه في المادة 40 أو موطن أعماله المنصوص عليه في المادة 41 أو موطن من ينوب عنه قانونا عند الغيبة ونقص الأهلية المنصوص عليه في المادة 42، ولا يقصد به موطن الطاعن المختار، لأن المشرع أراد بتقرير ميعاد المسافة المساواة بين الخصوم حتى يستفيدوا من ميعاد الطعن كاملا فأضاف مدة نظير ما يقتضيه الانتقال من الموطن الأصلي حيث يقيم الطاعن فعلا إلى قلم كتاب المحكمة المتخذ فيه إجراءات رفع الطعن، ولقد جعل المشرع مواعيد الطعن تتعلق بالنظام العام، فلا تتأثر بإرادة الخصوم بصريح نص المادة 215 مرافعات، فلا يستقيم أن تتأثر بمجرد إرادة الطاعن باتخاذه موطن مختار، كما أوجب المشرع في المادة 213 مرافعات أن يتم إعلان الحكم المجرى لميعاد الطعن في الموطن الأصلي مستبعدا الموطن المختار، وطالما لم يعتد المشرع بالإعلان في الموطن المختار مجريا لميعاد الطعن فلا ينبغي اعتباره عند حساب ميعاد المسافة، ويؤكد هذا النظر أن المادة 17 من قانون المرافعات بعد أن بينت في فقرتها الأولى ميعاد المسافة لمن يكون موطنه في الخارج عادت فنصت في فقرتها الثالثة على ما يلي ولا يعمل بهذا الميعاد في حق من يعلن لشخصه في الجمهورية أثناء وجوده بها، وإنما يجوز لقاضي الأمور الوقتية أو للمحكمة عند نظر الدعوى أن تأمر بمد المواعيد العادية أو تعتبرها ممتدة على ألا يجاوز في الحالين الميعاد الذي كان يستحقه لو أعلن في الخارج، فالاستثناء الوارد بالنص يدل على أن الإعلان قد يصح في مكان ما لسبب أو لآخر ومع ذلك يتعين حساب ميعاد المسافة من الموطن الأصلي دون مكان الإعلان وهو يدل على أن ميعاد المسافة لا يسقط إلا إذا تم الإعلان للشخص نفسه دون سواه ويشترط أن يتم الإعلان في داخل الجمهورية ذاتها، وحتى في هذه الحالة يكون للقاضي أن يضيف ميعاد مسافة على النحو المبين بالنص فقد يقتضي الأمر رجوع الطاعن إلى موطنه، فالعبرة دائما هي بالموطن الأصلي ولا يستثنى من ذلك إلا أن يعلن الطاعن في مراحل التقاضي السابقة عند تخليه عن موطنه الأصلي واختياره لموطن بديل ففي هذه الحالة يعتد بإرادة الطاعن لما صاحبها من تخل وكذلك لو تعددت المواطن الأصلية فإن العبرة هي بالموطن الذي اتخذه لنفسه في مراحل التقاضي السابقة على الطعن، لما كان ذلك وكان التثبت من موطن الطاعن تمهيدا لحساب ميعاد الطعن من المسائل الواقعية التي تتصل بإجراءات الطعن ومدى توافر شروط قبوله شكلا والموكول إلى المحكمة فحصه والتحقق منه، وكان الطاعنون قد دللوا على إقامة الثلاثة الأول منهم في فرنسا والرابعة والخامسة في اليونان بالتوكيلات الصادرة منهم في هذين البلدين سنة 1974 والمصدق عليها في مصر سنة 1975 وقد خلت أوراق الدعوى في كل مراحلها من بيان موطن لإقامتهم المعتادة واقتصرت على الإشارة إلى مكتب المحامي الذي باشر الإجراءات في كل مرحلة من مراحل التقاضي، وهو ما لا يعد تخليا عن مواطنهم الأصلية ومن ثم يتعين إضافة ميعاد المسافة المقرر للمقيم في الخارج كاملا ويكون الدفع بسقوط الحق في الطعن على غير أساس.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعنون بالسببين الأولين منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، ذلك أنهم أقاموا دعواهم أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية المختصة فحكمت لهم بطلباتهم بتاريخ 30/6/1981 فاستأنف المحكوم عليهم هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة بالاستئنافات........، ....، ..... لسنة 98 ق ثم صدر القانون 141 لسنة 1981 بتصفية الأوضاع الناشئة عن الحراسة المعمول به منذ 31/8/1981 وعملا بالمادة السادسة قررت محكمة الاستئناف إحالة هذه الاستئنافات إلى محكمة القيم التي حكمت في الدعوى على خلاف الحكم الصادر من محكمة جنوب القاهرة الابتدائية وأسست قضاءها على أن حكم محكمة جنوب القاهرة قد زال بإحالة الدعوى إلى محكمة القيم وأصبح لا حجية له وأيده الحكم المطعون فيه لأسبابه في حين أن حكم المحكمة الابتدائية لا زال قائما ولا يملك المشرع نفسه أن يسقط حجيته وإذ خالفه الحكم المطعون فيه فإنه يكون معيبا بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير منتج ذلك أنه متى كانت النتيجة التي انتهى إليها الحكم المطعون فيه صحيحة فلا يضره ما ورد في أسبابه من تقريرات قانونية خاطئة لا تتفق وصحيح القانون وإنما تتولى محكمة النقض تصويب ما اشتمل عليه من أخطاء قانونية دون نقضه. لما كان ذلك، وكان الثابت في الأوراق أن الحكم الصادر من محكمة جنوب القاهرة الابتدائية بتاريخ 30/6/1981 هو حكم ابتدائي تم استئنافه بجميع أجزائه من قبل المحكوم عليهم فأوقفت حجيته لأن الاستئناف يعيد الدعوى كأنما لم يصدر فيها الحكم المستأنف ويكون لمحكمة الاستئناف الفصل في موضوع الدعوى من جديد في ضوء ما قدم في الدرجتين من أدلة ودفاع ودفوع. ويظل الحكم المستأنف قائما إلى أن تفصل محكمة الاستئناف على خلافه ثم صدر القرار بقانون 141 لسنة 1981 بتصفية الأوضاع الناشئة عن الحراسة والمعمول به منذ 31/8/1981 ونص في مادته السادسة على اختصاص محكمة القيم دون غيرها بنظر المنازعات المتعلقة بالحراسة وعلى أن تحال إليها جميع المنازعات المطروحة على المحاكم الأخرى بجميع درجاتها" فباتت المحاكم الأخرى ولو كانت من محاكم الاستئناف ملزمة بإحالة الدعوى إلى محكمة القيم لأنها أصبحت محكمة الموضوع الوحيدة التي تخلف جميع المحاكم الأخرى بجميع درجاتها ومن ثم تتابع الدعوى سيرها من حيث انتهت إجراءاتها أمام المحكمة المحيلة لكي تخلفها محكمة القيم في صلاحيتها ويتعين أن تفصل في موضوع النزاع الذي كان مطروحا على المحكمة المحيلة فلا تتقيد بالحكم المستأنف باعتبارها خلفا لمحكمة الاستئناف ويكون لها أن تقضي على خلافه وهو ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه، ومن ثم فلا يفسده مجرد ما ذهب إليه من أن الحكم المستأنف قد زال بمجرد صدور قرار الإحالة وإنما يكون لمحكمة النقض تصحيح هذا الخطأ ورده إلى الأساس السديد دون أن تنقضه ويكون هذا النعي غير مقبول.
وحيث إن الطاعنين ينعون على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون ذلك أنه طبق على النزاع أحكام الاتفاقية العربية اليونانية في حين أن الحراسة الإدارية فرضت على مورثهم بقرار معدوم استند للقانون 162 لسنة 1958 بشأن حالة الطوارئ فلا ينتج أثرا، كما أن القانون 150 لسنة 1964 بأيلولة أموال الخاضعين للحراسة لملكية الدولة قد قضى بعدم دستوريته وهو ما يقتضي بقاء الأموال على ملكهم فلا تسري أحكام الاتفاقية على النزاع وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون معيبا بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن إبرام الدولة لمعاهدة تمت الموافقة عليها من السلطة التشريعية يجعلها قانونا من قوانينها النافذة يجرى تطبيقها على المنازعات الخاصة بها ونصت الفقرة الأولى من المادة الثالثة من القانون 141 لسنة 1981 بتصفية الأوضاع الناشئة عن فرض الحراسة على أن "يستمر تطبيق أحكام اتفاقات التعويضات المبرمة مع بعض الدول الأجنبية على رعايا هذه الدول الذين خضعوا لتدابير الحراسة المشار إليها في المادة الأولى من هذا القانون". لما كان ذلك، وكانت الحكومتان المصرية واليونانية قد أبرمتا اتفاقا بتاريخ 26/9/1966 وعمل به بتاريخ 17/6/1967 بشأن تسوية التعويضات المستحقة للرعايا اليونانيين عن الأموال التي مستها الإجراءات التي اتخذت في البلاد بما في ذلك أوامر فرض الحراسة المستندة للقانون 162 لسنة 1958 وكذلك القانون 150 لسنة 1964، وكان مؤدى المادتين 2، 4 من هذه الاتفاقية التزام الحكومة المصرية بدفع التعويضات المستحقة للرعايا اليونانيين الذين مست أموالهم الحراسة سواء كانت قرارات فرض الحراسة صحيحة أو باطلة لتضحى ذمتها بريئة بمجرد الدفع وقد وقعت الحكومة اليونانية باسمها واسم المستفيدين، ونفاذا لها قام الطاعنون بصرف التعويضات المقررة عن أموالهم وهو ما يسقط حقهم في طلب ردها إذ ليس عدلا أن يجمع بين المال وعوضه وإذ كان ذلك فإن أحكام هذا الاتفاق تضحى هي القانون الواجب التطبيق على المنازعة المطروحة بغض النظر عن مشروعية أوامر فرض الحراسة لأن الاتفاقية استهدفت تسوية جميع الأوضاع الناشئة عن فرض الحراسة استنادا إلى القانون 162 لسنة 1958 والقانون 150 لسنة 1964 - أيا كان وجه الرأي في مشروعية تلك القرارات - ومن ثم بات الجدل في هذا الأمر غير منتج، وإذ التزم حكم محكمة القيم المؤيد بالحكم المطعون فيه هذا النظر فيما انتهى إليه من أن تعويض الطاعنين عن أموالهم التي شملتها إجراءات الحراسة من شأنه أن يبرء ذمتها ويجعل تصرفات الحراسة كلها بمنأى عن الطعن فإنه يكون قد أعمل صحيح القانون ويضحى النعي عليه بما جاء بهذا السبب على غير أساس.