جلسة 26 من ديسمبر سنة 1955
برياسة السيد الأستاذ حسن داود المستشار، وحضور السادة الأساتذة
محمود إبراهيم إسماعيل ومصطفى كامل ومحمود محمد مجاهد ومحمد محمد حسنين المستشارين.
-------------------
(452)
القضية
رقم 832 سنة 25 القضائية
دعوى مدنية. اختصاص.
مناط اختصاص المحكمة الجنائية بنظر الدعوى المدنية.
---------------
الأصل في توزيع الاختصاص
بين المحاكم الجنائية والمحاكم المدنية هو أن تنظر المحاكم المدنية الدعاوى
المدنية والمحاكم الجنائية الدعاوى الجنائية ولم يخرج الشارع عن هذا الأصل إلا
بقدر ما خول المحاكم الجنائية من حق نظر دعاوى التعويض عن الأضرار الناشئة عن
الجرائم المرفوعة إليها باعتبار أن ذلك متفرع عن إقامة الدعوى أمامها على متهمين
معينين بجرائم معينة منسوبة اليهم بالذات قام عليها طلب المحاكمة الجنائية وطلب
التعويض معا، فلا اختصاص للمحكمة الجنائية في الحكم بالتعويض عن وقائع لم يثبت
وقوعها من المتهم الذى تحاكمه مهما يكن قد صح عندها أنها وقعت من غيره ما دام هذا
الغير لم تقم عليه الدعوى الجنائية بالطريق القانوني.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة زكى شلبي الشريف بأنه: تسبب بغير قصد ولا تعمد
في إصابة فريده مكسيموس عبد الملاك وعادل إسكندر وكان ذلك ناشئاً عن إهماله وعدم
احتياطه بأن أعطى لهما إشارة المرور وسمح لهما بذلك قبل أن يتحقق من خلو الطريق
فتحرك القطار إلى الخلف فصدم المجنى عليهما فأحدث بهما الإصابات الموضحة بالكشف الطبي.
وطلبت عقابه بالمادة 244 من قانون العقوبات. وقد ادعى كل من السيدة فريده مكسيموس وإسكندر
يوسف بصفته وليا شرعياً على ابنه عادل بحق مدنى قدره 8000 جنيه تعويضاً قبل المتهم
ومصلحة السكة الحديد بصفتها مسئولة عن الحقوق المدنية بالتضامن. ومحكمة سمالوط
الجزئية نظرت هذه الدعوى وقضت حضوريا ببراءة المتهم مما أسند إليه بلا مصاريف
جنائية ورفض الدعوى المدنية وإلزام رافعيها بالمصاريف المدنية. فاستأنف المدعيان
مدنيا هذا الحكم كما استأنفته النيابة، ومحكمة المنيا الابتدائية بعد أن أتمت
سماعهما قضت حضوريا بقبولهما شكلا وفى الموضوع برفضهما وتأييد الحكم المستأنف
وإلزام المدعين بالحق المدني بالمصاريف المدنية الاستئنافية. فطعن الطاعنان في هذا
الحكم بطريق النقض... الخ.
المحكمة
وحيث إن مبنى الوجه الأول من الطعن هو أن الحكم المطعون فيه شابه
قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال إذ ذكرت المحكمة في أسباب حكمها أنه على فرض
صحة ثبوت الواقعة المدعى بها من أن المتهم سمح للمجنى عليهما بالمرور بإشارة منه
فإن الخطأ خطؤهما إذ كان ينبغي عليهما أن يقدرا أن إشارة المتهم لهم بالمرور قد
تكون عن خطأ أو جهل منه.
وحيث إن الحكم المطعون
فيه بعد أن بين واقعة الدعوى عرض للخطأ المسند للمطعون ضده فقال "أما عن
القول بأن المتهم أشار على المجنى عليهما بالعبور فيقدم على ذلك قول المجنى عليهما
وقول شاهديهما اسحق فهمى ووليم مكسيموس وهو مردود بما جاء على لسان ملاحظ البلوك
راغب خله من أن المتهم كان وقت الحادث على رصيف المحطة أمام مكتب ناظر المحطة وأنه
هو الذى نبه المتهم للحادث بعد اكتشافه كما ينفى هذا القول ما جاء على لسان محمود
أحمد سعيد وهو الشاهد الذى جاء به والد المصاب وزوج المصابة ليشهد على هذه الواقعة
فقرر أنه لم ير المتهم وقت الحادث وإنما رآه على الرصيف ومع الفانوس وذلك تأييدا
لما قرره المتهم على نفسه - كما ينفى هذا القول طبيعة تصوير المجنى عليهما لوقوع
الحادث وقولهما بأن المتهم وقت الحادث كان يمسك بذراع المجنى عليها إذ يستغرب مع
هذا الوضع عدم إصابة المتهم الذي كان يلاحق المجني عليهما وفق أقوالهما".
وحيث إن المحكمة أجرت
معاينة لمكان الحادث تبين منها أن مكان الحادث على قول المتهم يقع على بعد حوالى
ستة أمتار إلى الشمال الشرقي من البلوك وعلى بعد حوالى ستة أمتار كذلك من المكان
الذى أرشد عنه المتهم ويبعد عن المكان الذى أرشد عنه المجنى عليهما بحوالي أثنى
عشر مترا وأنه ليس بالمحطة من الناحية القبلية طريق ممهد يوصل إلى المنفذ القبلي
وليس بالمحطة كوبرى يربط بين الرصيفين". لما كان ذلك وكان فيما أوردته
المحكمة من أسباب سائغة ما يكفى لما رتبته عليها من براءة المطعون ضده بعد أن
اطمأنت إلى عدم وقوع خطأ منه وإلى أن الخطأ كان من جانب المجنى عليهما لأنهما عبرا
طريق السكة الحديد في غير المكان المخصص للعبور ودون أن ينتظرا انتهاء المناورة -
فإن ما يثيره الطاعنان لا يعدو أن يكون جدلا في موضوع الدعوى وتقدير الأدلة فيما
مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
وحيث إن مبنى الوجه الثاني
من الطعن هو أن الحكم المطعون فيه خالف القانون إذ قضى برفض الدعوى المدنية
المرفوعة من الطاعن مع ما هو ثابت في أسبابه من أن مساعد الكمساري المنوط به
مراقبة الطريق في عودته للخلف لم يكن يؤدى - وقت حصول الحادث - واجبه المنوط به بل
كان مشغولا عنه بعمل كتابي وكان مقتضى ذلك أن تقضى المحكمة على المطعون ضدها
الثانية بمبلغ التعويض المطالب به باعتبارها مسئولة عن أعمال تابعيها حتى ولو لم
يعرف من منهم هو الذى ارتكب الخطأ الذى نشأ عنه الحادث.
وحيث إن الأصل في توزيع
الاختصاص بين المحاكم الجنائية والمحاكم المدنية هو أن تنظر المحاكم المدنية
الدعاوى المدنية والمحاكم الجنائية الدعاوى الجنائية ولم يخرج الشارع عن هذا الأصل
إلا بقدر ما خول المحاكم الجنائية في حق نظر دعاوى التعويض عن الأضرار الناشئة عن
الجرائم المرفوعة إليها باعتبار أن ذلك متفرع عن إقامة الدعوى أمامها على متهمين
معينين بجرائم معينة منسوبة إليهم بالذات قام عليها طلب المحاكمة الجنائية وطلب
التعويض معا - فلا اختصاص للمحكمة الجنائية بالحكم بالتعويض عن وقائع لم يثبت
وقوعها من المتهم الذى تحاكمه مهما يكن قد صح عندها أنها وقعت من غيره ما دام هذا
الغير لم تقم عليه الدعوى الجنائية بالطريق القانوني - لما كان ذلك وكانت الدعوى
الجنائية لم ترفع على مساعد الكمساري فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الوجه من الطعن
لا يكون له محل.
وحيث إنه لما تقدم جميعه
يكون الطعن على غير أساس وبتعين رفضه موضوعاً.