الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 4 مايو 2013

محكمة الجنح المستأنفة منعقدة فى غرفة المشورة، تعد درجة ثانية لقضاء التحقيق


قضية رقم 52 لسنة 27  قضائية  المحكمة الدستورية العليا "دستورية"

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد الثالث من مارس سنة 2013م، الموافق الحادى والعشرين من ربيع الآخر سنة 1434ه.
برئاسة السيد المستشار / ماهر البحيرى                       رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين : عدلى محمود منصور وأنور رشاد العاصى وعبد الوهاب عبد الرازق والدكتور حنفى على جبالى ومحمد عبد العزيز الشناوى وماهر سامى يوسف                                                                                   نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور / محمد عماد النجار        رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / محمد ناجى عبد السميع                      أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم52 لسنة 27 قضائية" دستورية ".
المقامة من
...............................
ضد
1.     السيد رئيس الجمهورية
2.     السيد رئيس مجلس الوزراء
3.     السيد رئيس مجلس الشعب
4.     السيد وزير العدل
5.     السيدة/ ..........................
6.     السيد/ ......................
الإجراءات
بتاريخ الثالث من شهر مارس سنة 2005 أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى،  قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا طالباً الحكم بعدم دستورية الفقرة الأولى من المادة (210) من قانون الإجراءات الجنائية فيما تضمنته من إجازة الطعن فى الأمر الصادر من النيابة العامة بأن لا وجه لإقامة الدعوى، دون الأمر بالحفظ، ونص الشق الأول من الفقرة الأولى من المادة (167) من القانون ذاته فيما تضمنته من رفع الاستئناف عن الأمر الصادر بأن لا وجه لإقامة الدعوى الجنائية إلى محكمة الجنح المستأنفة منعقدة فى غرفة المشورة، وما ورد بالمادة ذاتها فى فقرتها الثالثة من اختصاص غرفة المشورة عند إلغاء الأمر بألا وجه لإقامة الدعوى أن تعيد القضية معينة الجريمة المكونة لها والأفعال المرتكبة ونص القانون المنطبق عليها وذلك لإحالتها إلى المحكمة المختصة، وكذلك ما انطوى عليه نص الفقرة الأخيرة من المادة (167) السالفة الذكر من نهائية القرارات الصادرة من غرفة المشورة، وكذا عدم دستورية نص المادة (169) من قانون الإجراءات الجنائية.
          وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة بدفاعها، طلبت فيها أصلياً: الحكم بعدم قبول الدعوى، واحتياطياً: عدم قبولها بالنسبة لنص المادة (210/1) من قانون الإجراءات الجنائية، ورفضها فيما عدا ذلك.
          وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها .
          ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة .
حيث إن الوقائع - على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - تتحصل فى أن النيابة العامة كانت قد باشرت التحقيق فى الشكوى المقدمة من المدعى ضد المدعى عليهما الخامسة والسادس بتهمة ارتكابهما جريمة الزنا، ثم أمرت بحفظ الأوراق إدارياً، فأستأنف المدعى هذا الأمر أمام محكمة الجنح المستأنفة بالإسماعيلية – منعقدة فى غرفة مشورة – طالباً الحكم بتوجيه الإتهام للمشكو فيهما بعد استكمال التحقيقات، مع وقف نظر استئناف الأمر المرفوع منه لحين الفصل فى دعويين منظورتين أمام محكمة الأسرة بالإسماعيلية، ودفع بعدم دستورية المواد ( 167 و 169 و 210/1) من قانون الإجراءات الجنائية، وإذ قدرت المحكمة جدية هذا الدفع، وصرحت له بإقامة الدعوى الدستورية، فقد أقام الدعوى الماثلة.
وحيث إن المادة (167) من قانون الإجراءات الجنائية – المستبدلة بالقرار بقانون رقم 107 لسنة 1962 وبالقانون رقم 170 لسنة 1981 قبل تعديلها بالقانونين رقمى 145 لسنة 2006 و 153 لسنة 2007 – تنص فى الشطر الأول من فقرتها الأولى على أنه "  يرفع الاستئناف إلى محكمة الجنح المستأنفة منعقدة في غرفة المشورة... " ونصت فى فقرتها الثالثة على أنه " وعلى غرفة المشورة عند إلغاء الأمر بألا وجه لإقامة الدعوى أن تعيد القضية معينة الجريمة المكونة لها والأفعال المرتكبة ونص القانون المنطبق عليها، وذلك لإحالتها إلى المحكمة المختصة" . وتنص فى فقرتها الأخيرة على أنه: " وتكون القرارات الصادرة من غرفة المشورة في جميع الأحوال نهائية". وتنص المادة (169) من قانون الإجراءات الجنائية المستبدلة بالقرار بقانون رقم 107 لسنة 1962، على أنه :  "إذا رُفض الاستئناف المرفوع من المدعي بالحقوق المدنية عن الأمر الصادر بألا وجه لإقامة الدعوى جاز للجهة المرفوع إليها الاستئناف أن تحكم عليه للمتهم بالتعويضات الناشئة عن رفع الاستئناف إذا كان لذلك محل". كما ينص الشطر الأول من الفقرة الأولى من المادة (210) من قانون الإجراءات الجنائية – المستبدلة بالقانون رقم 107 لسنة 1962 والمعدلة بالقانون رقم 37 لسنة 1972 – على أنه: " للمدعي بالحقوق المدنية الطعن في الأمر الصادر من النيابة العامة بألا وجه لإقامة الدعوى".
وحيث إن المقرر فى قضاء المحكمة الدستورية العليا أن المصلحة الشخصية المباشرة وهى شرط لقبول الدعوى الدستورية، مناطها أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة فى الدعوى الموضوعية، بما مؤداه أن تفصل  المحكمة الدستورية العليا فى الخصومة من جوانبها العملية وليس من معطياتها النظرية أو تصوراتها المجردة، وهو ما يقيد تدخلها فى تلك الخصومة القضائية، ويرسم تخوم ولايتها، فلا تمتد لغير المطاعن التى يؤثر الحكم بصحتها أو بطلانها على النزاع الموضوعى وبالقدر اللازم للفصل فيها، مما مؤداه ألا تقبل الخصومة الدستورية من غير الأشخاص الذين يمسهم الضرر من جراء سريان النص المطعون فيه عليهم، سواء أكان هذا الضرر وشيكاً يتهددهم، أم كان قد وقع فعلاً، ويتعين دوماً أن يكون الضرر منفصلاً عن مجرد مخالفة النص المطعون فيه للدستور، مستقلاً بالعناصر التى يقوم عليها، ممكنا تحديده وتسويته بالترضية القضائية، عائداً فى مصدره إلى النص المطعون فيه، فإذا لم يكن هذا النص قد طبق على المدعى أصلاً، أو كان من غير المخاطبين بأحكامه، أو كان قد أفاد من مزاياه، أو كان الإخلال بالحقوق التى يدعيها لا يعود إليه. فإن المصلحة الشخصية المباشرة تكون منتفية، ذلك أن إبطال النص التشريعى فى هذه الصور جميعها لن يحقق للمدعى أية فائدة عملية يمكن أن يتغير بها مركزه القانونى بعد الفصل فى الدعوى الدستورية عما كان عليه عند رفعها.
لما كان ما تقدم، وكان المدعى يهدف بدعواه الدستورية أن يكون له ذات الحق المخول للمدعين بالحقوق المدنية والمتهمين فى القضايا التى تحال إلى المحكمة الجنائية لنظرها والفصل فيها بأحكام قضائية يتوافر لهم حق الطعن فيها، وليس كما هو الحال بالنسبة للقرار الصادر من غرفة المشورة، التى يُرفع أمامها استئناف المدعى بالحقوق المدنية والذى أسبغ عليه القانون وصف النهائية، ومن ثم فإن المصلحة الشخصية المباشرة للمدعى فى الدعوى الماثلة تتحقق بالطعن على عبارة " يرفع الاستئناف إلى محكمة الجنح المستأنفة منعقدة فى غرفة المشورة". الواردة بالشطر الأول من نص الفقرة الأولى من المادة (167) من قانون الإجراءات الجنائية، ونص الفقرتين الثالثة والأخيرة من المادة ذاتها قبل تعديلها بالقانونين رقمى 145 لسنة 2006 و 53 لسنة 2007، بينما تنحسر مصلحته عن الطعن على المادة (169) من القانون السالف الذكر، بما مؤداه عدم قبول دعواه بالنسبة لهذا النص، بحسبانه لا ينطبق عليه أصلاً، بعدما أمسك المدعى عليهما الخامسة والسادس – المستأنف ضدهما أمام غرفة المشورة – عن طلب التعويض من المدعى لرفعه ذلك الاستئناف. كما تنحسر مصلحة المدعى عن الطعن على نص الشطر الأول من الفقرة الأولى من المادة (210) من قانون الإجراءات الجنائية، باعتبار أن التكييف القانونى الصحيح للأمر الصادر من النيابة العامة فى القضية المعروضة على غرفة المشورة، هو أمر بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية، وليس أمراً بالحفظ، بما لازمه عدم قبول الدعوى الماثلة عن هذا النص أيضاً، ولا محاجة بحجية الحكم الصادر فى الدعوى رقم (19) لسنة 8 قضائية " دستورية " بجلسة 18/4/1992 فى شأن الفقرة الأولى من المادة (210) وفق نطاقه المبين به، ذلك أن حقيقة ما صدر من النيابة العامة فى القضية السالفة الذكر – كما سبق بيانه – أنه أمر بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية بعد تحقيق قضائى أجرته السلطة المختصة لعناصر الدعوى المطروحة عليها، مما يضحى معه الضرر المدعى به، غير عائد إلى النص المطعون فيه، ومن ثم يتحدد نطاق الدعوى الدستورية الماثلة فى نصوص الفقرات الثلاث للمادة (167) من قانون الإجراءات الجنائية – فى الحدود المشار إليها- دون غيرها.
وحيث إن المدعى ينعى على النصوص المطعون عليها، أن أولها جاء مخالفًا لمبدأى تكافؤ الفرص والمساواة المنصوص عليهما بالمادتين ( 8 و 40) من دستور سنة 1971 ( المقابلتين للمادتين 9 و 33 من دستور سنة 2012)، كونه قد مايز بين فئتين من المدعين بالحقوق المدنية فى الدعاوى الجنائية، أولهما: المدعون الذين صدر فى دعاواهم أمر من النيابة العامة بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية، يمكن استئنافه أمام محكمة الجنح المستأنفة منعقدة فى غرفة المشورة لتصدر فيه قراراً نهائيًا، دون أن يكون لها مكنة استكمال التحقيق، أو تتاح فرصة الطعن فى هذا القرار، وثانيهما: من تحال دعاواهم إلى المحاكم الجنائية لنظرها، واستكمال ما نقص من تحقيقات، ثم الفصل فيها بحكم قابل للطعن، وبالإضافة إلى ماسلف فإن هذا النص ونصا الفقرتين المطعون عليهما تضمنوا إهدارًا لحقى التقاضى والدفاع بحرمانهم الفئة الأولى من الولوج إلى قضاء الحكم بما يحققه من ترضية قضائية منصفة بالمخالفة للمادتين ( 68 و 69) من دستور سنة 1971 (المقابلتين للمادتين 75 و 78 من دستور سنة 2012).
وحيث إن الرقابة على دستورية القوانين، من حيث مطابقتها للقواعد الموضوعية التى تضمنها الدستور، إنما تخضع لأحكام الدستور القائم دون غيره، إذ إن هذه الرقابة إنما تستهدف أصلاً – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – صون الدستور القائم وحمايته من الخروج على أحكامه، وأن نصوص هذا الدستور تمثل دائماً القواعد والأصول التى يقوم عليها نظام الحكم، ولها مقام الصدارة بين قواعد النظام العام التى يتعين التزامها ومراعاتها وإهدار ما يخالفها من التشريعات، باعتبارها أسمى القواعد الآمرة.
وحيث إنه بالبناء على ما تقدم، فإن هذه المحكمة تباشر رقابتها على النصوص المطعون عليها من خلال دستور سنة 2012 الذى تبنت مواده أرقام (9 و33 و 75 و 78) ذات الأحكام المقررة بالمواد ( 8 و 40 و 68 و 69) من دستور سنة 1971.
وحيث إن النعى على الشطر الأول من الفقرة الأولى من المادة (167) المار ذكره، إخلاله بمبدأ تكافؤ الفرص مردود، ذلك أن المقرر فى قضاء هذه المحكمة – أن المبدأ المذكور يتصل فى مضمونه بالفرص التى تتعهد الدولة بتقديمها، فلايثور إعماله إلا عند التزاحم عليها، لما كان ذلك، وكان تنظيم المشرع لطرق الطعن فى الأحكام والقرارات القضائية لا يندرج – بذاته – ضمن مدلول الفرص التى تكفلها الدولة، فإن قالة إخلال النص المطعون عليه بهذا المبدأ، تكون فاقدة لأساسها، حرية بالرفض.
وحيث إن مبدأ المساواة بين المواطنين فى الحقوق لا يعنى أن تعامل فئاتهم على ما بينها من تفاوت فى مراكزها القانونية معاملة متكافئة، كذلك لا يقوم هذا المبدأ على معارضة صور التمييز جميعها، ذلك أن من بينها ما يستند إلى أسس موضوعية، بما مؤداه – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن التمييز المنهى عنه دستوريًا هو الذى يكون تحكميًا، وأساس ذلك أن كل تنظيم تشريعى لا يعتبر مقصودًا لذاته، بل لتحقيق أغراض بعينها تعكس مشروعيتها إطارًا للمصلحة العامة التى يسعى المشرع إلى تحقيقها من وراء هذا التنظيم، فإذا كان النص المطعون عليه- بما انطوى عليه من تمييز – مصادمًا لهذه الأغراض بحيث يستحيل منطقيًا ربطه بها أو اعتباره مدخلاً إليها، فإن التمييز يكون تحكميًا، وغير مستند – تبعاً لذلك - إلى أسس موضوعية.
وحيث إنه من المقرر قانونًا أن الدعوى المدنية التابعة للدعوى الجنائية، تتمتع بأحكام خاصة تتفق وطبيعتها، فيتحدد موضوعها على أساس الهدف الذى أراد المشرع تحقيقه بتخويل المحكمة الجنائية سلطة الفصل فى الدعوى المدنية، ومؤدى ذلك أن قضاءها فى الدعوى المدنية لا يجاوز تعويض المدعى المدنى عن الأضرار التى لحقت به من جرم المتهم. أما مباشرة الدعوى الجنائية أمام المحكمة المختصة فهو للنيابة العامة وحدها، بينما تقف خصومة المدعى المدنى مع المتهم عند حدود دعواه المدنية فقط، التى يتعلق بها حقه فى التعويض، وإن لم ترفع النيابة العامة الدعوى الجنائية المرتبطة بها، باعتبار أن الأوامر الصادرة بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية من النيابة العامة، وإن تأيدت من غرفة المشورة بمحكمة الجنح المستأنفة، لا تحوز حجية الأحكام الجنائية النهائية الفاصلة فى موضوع الدعوى الجنائية أمام القضاء المدنى وفق نص المادة (456) من قانون الإجراءات الجنائية، ولا تحول بذاتها بين المدعى المدنى وبين ولوج طريق المحاكم المدنية لرفع دعواه المدنية.
متى كان ذلك، وكان النص التشريعى المطعون عليه، لم يحظر على المدعى بالحق المدنى اللجوء إلى المحاكم المدنية لجبر الضرر الذى يدعيه من جرم الذى اتهمه، وإن قررت سلطة التحقيق ألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية عن ذلك الجرم، وكان اتصال الدعوى المدنية الناشئة عن الجريمة بقاضيها الطبيعى - فى المحاكم المدنية أو الجنائية – والفصل فى موضوعها، يعد الغاية النهائية من الادعاء بالحقوق المدنية، ومن ثم، فإن النص المطعون فيه لا يكون قد أقام فى حدود الدعوى المدنية التابعة للدعوى الجنائية أية تمييز منهى عنه بين فئتى المدعين بالحقوق المدنية المار ذكرهما، بما يضحى معه النعى على النص التشريعى السالف البيان بالإخلال بمبدأ المساواة لا سند له متعينًا رفضه.
وحيث إن – المقرر فى قضاء المحكمة الدستورية العليا – أن سلطة المشرع فى تنظيمه لحق التقاضى هى سلطة تقديرية، جوهرها المفاضلة التى يجريها بين البدائل المختلفة التى تتصل بالموضوع محل التنظيم لاختيار أنسبها لفحواه، وأحراها بتحقيق الأغراض التى يتوخاها، وأكفلها للوفاء بأكثر المصالح وزنًا، وليس من قيد على مباشرة المشرع لهذه السلطة إلا أن يكون الدستور ذاته قد فرض فى شأن مباشرتها ضوابط محددة تعتبر تخومًا لها ينبغى التزامها، وفى إطار قيامه بهذا التنظيم لا يتقيد المشرع باتباع أشكال جامدة لا يريم عنها تفرغ قوالبها فى صورة صماء لا تبديل فيها، بل يجوز له أن يغاير فيما بينها، وأن يقدر لكل حال ما يناسبها، على ضوء مفاهيم متطورة تقتضيها الأوضاع التى يباشر الحق فى التقاضى فى نطاقها، وبما لا يصل إلى حد إهداره، ليظل هذا التنظيم مرنًا، فلايكون إفراطًا يطلق الخصومة القضائية من عقالها انحرافًا بها عن أهدافها، ولا تفريطًا مجافيًا لمتطلباتها، بل بين هذين الأمرين قوامًا، التزامًا بمقاصدها باعتبارها شكلاً للحماية القضائية للحق فى صورتها الأكثر اعتدالاً.
وحيث إن من المقرر قانوناً، أن إجراءات التحقيق الابتدائى التى تتولاها سلطة التحقيق، سواء أكانت قاضى التحقيق أو النيابة العامة تتميز بأنها ذات طبيعة قضائية، بها تتحرك الدعوى الجنائية، ويتحدد بمقتضاها التصرف فى هذه الدعوى، إما بإحالتها إلى المحكمة المختصة، أو بالأمر فيها بألا وجه لإقامتها، ومن ثم فإن محكمة الجنح المستأنفة منعقدة فى غرفة المشورة، تعد درجة ثانية لقضاء التحقيق، ويتاح أن يستأنف أمامها القرار القضائى بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية وفق الضوابط وبالشروط المحددة فى المادة (167) من قانون الإجراءات الجنائية.
لما كان ذلك، وكان نص الشطر الأول من الفقرة الأولى من المادة (167) السالف بيانه، قد أعتد بالطبيعة القضائية للأمر الصادر بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية، واتخذ من استئنافه طريقًا للطعن عليه أمام الدرجة الثانية لقضاء التحقيق، ومن ثم يكون قد التزم الضوابط القانونية المقررة فى شأن الطعن على الأعمال القضائية- أحكامًا كانت أو أوامر – ويضحى النعى على ذلك النص بالإخلال بحق التقاضى، وما يرتبط به من حق الدفاع منتحلاً.
وحيث إن من المقرر فى قضاء المحكمة الدستورية العليا، أن تنظيم المشرع لحق التقاضى لا يتقيد بأشكال جامدة لا يجوز أن يتحول المشرع عنها، وبأنماط محددة تفرغ قوالبها فى صورة صماء لا تبديل فيها، وإنما يقدر المشرع لكل حالة ما يناسبها على ضوء الأوضاع التى يباشر هذا الحق فى إطارها، وبما لا يصل إلى حد إهداره، كما وأن الحق فى الدفاع، وقد كفله الدستور، لا تكتمل مقوماته إلا بالوصول إلى ترضية قضائية منصفة، هى بافتراض اتساقها مع أحكام الدستور والقانون تشكل جزءًا غير منفصم عن حق التقاضى، وترتبط بالأغراض النهائية التى يعمل لبلوغها، خاصة وأن الخصومة القضائية لا تقام للدفاع عن محض مصالح نظرية، بل غايتها اقتضاء منفعة يقرها القانون، وتبلور حقيقتها نطاق المسائل المتنازع بشأنها.
وحيث إن – من المقرر قانوناً- أن لمحكمة الجنح المستأنفة منعقدة فى غرفة المشورة عند نظرها الاستئناف المرفوع إليها عن أمر النيابة العامة بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية أن تمحص الوقائع المطروحة أمامها والأدلة المقدمة إليها، وتصدر أمرها بناء على ما تراه من كفاية الأدلة أو عدم كفايتها، فإذا قررت الجهة الاستئنافية إلغاء الأمر بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية بناء على سبب موضوعى، كان معنى ذلك كفاية الأدلة قبل المتهم لتقديمه إلى المحاكمة وعلى النيابة العامة اتخاذ الإجراءات اللازمة لذلك.
لما كان ما تقدم، وكان نص الفقرة الثالثة من المادة (167) من قانون الإجراءات الجنائية المار بيانه، لا يحول بذاته بين غرفة المشورة بمحكمة الجنح المستأنفة وبحث أسباب الاستئناف المرفوع إليها من المدعى بالحقوق المدنية، وما ارتبط بهذه الأسباب من مناع وجهها إلى تحقيقات النيابة العامة، فيكون لغرفة المشورة بتلك المحكمة تمحيص الأدلة التى قدرت النيابة العامة عدم كفايتها لإقامة الدعوى الجنائية، وتحقيق مالم تستوف النيابة العامة تحقيقه، وفحص ما توافر من أدلة أو دلائل أعرضت عنها النيابة العامة فى أسباب أمرها بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية، وذلك استجلاء لوجه الحق فى الدعوى بعد سبر أغوارها، وإماطة اللثام عما قد يكون قد اكتنف التحقيق الابتدائى من غموض وإبهام، ومن ثم تغدو أوجه النعى التى ساقها المدعى فى شأن دستورية النص المطعون عليه خليقة بالرفض.
وحيث إن المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن المشرع غير مقيد – فى مجال ضمانة حق اللجوء إلى القضاء- باشكال محددة تمثل أنماطاً جامدة لا تقبل التغيير أو التبديل، بل يجوز أن يختار من الصور الإجرائية لإنفاذ هذا الحق ما يكون فى تقديره الموضوعى أكثر اتفاقًا مع طبيعة المنازعة التى يعهد بالفصل فيها إلى محكمة أو هيئة ذات اختصاص قضائى، ودون ما إخلال بضماناتها الرئيسية التى تكفل إيصال الحقوق لأصحابها وفق قواعد محددة تكون منصفة فى ذاتها، ومن ثم فإن قصر التقاضى فى بعض الدعاوى على درجة واحدة لا يناقض حق التقاضى. لما كان ذلك، وكان إسباغ النهائية على قرارات غرفة المشورة بمحكمة الجنح المستأنفة، وفق عبارة النص المطعون فيه، يسوغه الطبيعة القضائية لتلك القرارات، على نحو يجيز حظر الطعن عليها، فى نطاق المسائل المتعلقة بالدعوى الجنائية التى فصلت فيها، فضلاً عن أن اللجوء إلى القضاء الجنائى للفصل فى الحقوق المدنية – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – لا يعدو أن يكون استثناء من أصل اختصاص القضاء المدنى بنظر الدعوى المتعلقة به، ومن ثم كانت الدعوى المدنية المنظورة أمام القضاء الجنائى تابعة للدعوى الجنائية، وكان المدعى بالحقوق المدنية بالخيار بين ولوج أحد الطريقين المدنى أو الجنائى إذا كان كلاهما متاحًا أمامه، فإذا انغلق الطريق الاستثنائى بالنسبة إليه، ظل حقه فى طلب تعويض الأضرار الناشئة عن الجريمة قائمًا أمام القضاء المدنى، بوصفه حقًا أصيلاً لا استثنائيًا، بما مؤداه أن الأصل هو أن يكون الفصل فى الدعوى المدنية بيد هذا القضاء قاضيها الطبيعى، الأمر الذى يكون معه نعى المدعى على نص الفقرة الأخيرة من المادة (167) بمصادرة حق التقاضى لا أساس له.
وحيث إن النصوص المطعون فيها، لا تخالف من أوجه أخرى، أى حكم من أحكام دستور سنة 2012.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة:
أولاً:- بعدم قبول الدعوى بالنسبة للمادة (169) وصدر الفقرة الأولى من المادة (210) من قانون الإجراءات الجنائية.
ثانياً:- برفض الدعوى بالنسبة إلى الطعن على نصوص الفقرات الأولى والثالثة والأخيرة من المادة (167) من قانون الإجراءات الجنائية، قبل تعديلها بالقانونين رقمى 145 لسنة 2006 و 153 لسنة 2007.
ثالثاً:- بمصادرة الكفالة ، وألزمت المدعى المصروفات ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة

انتفاء المصلحة في الطعن بدستورية نص الغي باثر رجعي

قضية رقم 146 لسنة 18  قضائية  المحكمة الدستورية العليا "دستورية"

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد، الثالث من فبراير سنة 2013م، الموافق الثانى والعشرين من ربيع أول سنة 1434 ه .
برئاسة السيد المستشار / ماهر البحيرى               رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين/ عدلى محمود منصور وعبد الوهاب عبد الرازق والدكتور / حنفى على جبالى وماهر سامى يوسف والسيد عبد المنعم حشيش ومحمد خيرى طه            نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور / محمد عماد النجار        رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / محمد ناجى عبد السميع                                أمين السر
 
أصدرت الحكم الآتى
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 146 لسنة 18 قضائية " دستورية " .
 
المقامة من
السيدة / فايزة محمد عبد القادر
ضد
1       السيد رئيس الجمهورية
2       السيد الدكتور رئيس مجلس الشعب
3       السيد رئيس مجلس الوزراء
4       السيد وزير المالية
5       السيد المستشار وزير العدل
6       السيد رئيس مصلحة الضرائب
 
الإجراءات
          بتاريخ الثامن عشر من ديسمبر سنة 1996 أودعت المدعية صحيفة الدعوى الماثلة قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا طالبة الحكم بعدم دستورية القانون رقم 11 سنة 1991 وعلى الأخص المواد أرقام ( 3 و18 و19 و43 و44 ) من القانون ذاته .
­          وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم أصليًا بعدم قبول الدعوى واحتياطيًا برفضها .
          وبعد تحضير الدعوى أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها .
          ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
 
المحكمة
          بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة .
          حيث إن الوقائع حسبما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق تتحصل فى أن النيابة العامة كانت قد قدمت المدعية إلى المحاكمة الجنائية فى القضية رقم 1631 لسنة 1995 جنح الجمالية بتهمة التهرب من سداد الضريبة العامة على المبيعات عن نشاطها فى بيع المشغولات الذهبية والفضية . وبجلسة 13/5/1996 قضت تلك المحكمة بمعاقبة المتهمة بالحبس سنة مع الشغل وكفالة خمسمائة جنيه، فطعنت المدعية على هذا الحكم بالاستئناف رقم 5326 لسنة 1996 أمام محكمة جنح مستأنف الجمالية . وبجلسة 18/11/1996 دفعت المدعية بعدم دستورية القانون رقم 11 لسنة 1991 وقدمت مذكرة ضمنتها دفعًا بعدم دستورية المواد ( 3 و18 و19 و43 و44 ) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991، فصرحت لها تلك المحكمة بإقامة الدعوى الدستورية فأقامت دعواها الماثلة مبدية فى صحيفتها أنها كانت تعمل فى تشغيل المعادن لحساب الغير، ولم ينص القانون رقم 11 لسنة 1991 على فرض ضريبة على هذا النشاط، إلا أن رئيس الجمهورية أصدر قراره رقم 77 لسنة 1992 بإضافة خدمات التشغيل للغير إلى الجدول المرافق للقانون المذكور إعمالاً للتفويض الذى منحه إياه القانون رقم 11 لسنة 1991 فى المادة (3) منه، ونعت المدعية على هذه المادة أنها تخالف أحكام المواد ( 38 و108 و119 ) من دستور عام 1971 .
 
          وحيث إن المادة (29) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 تنص على أن " تتولى المحكمة الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح على الوجه التالى :
( أ ) إذا تراءى لإحدى المحاكم أو الهيئات ذات الاختصاص القضائى أثناء نظر إحدى الدعاوى عدم دستورية نص فى قانون أو لائحة لازم للفصل فى النزاع، أوقفت الدعوى وأحالت الأوراق بغير رسوم إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل فى المسألة الدستورية .
( ب ) إذا دفع أحد الخصوم أثناء نظر دعوى أمام إحدى المحاكم أو الهيئات ذات الاختصاص القضائى بعدم دستورية نص فى قانون أو لائحة ورأت المحكمة أو الهيئة أن الدفع جدى أجلت نظر الدعوى وحددت لمن أثار الدفع ميعادًا لا يجاوز ثلاثة أشهر لرفع الدعوى بذلك أمام المحكمة الدستورية العليا، فإذا لم ترفع الدعوى فى الميعاد اعتبر الدفع كأن لم يكن " .
 
          كما نصت المادة (30) من القانون ذاته على أنه " يجب أن يتضمن القرار الصادر بالإحالة إلى المحكمة الدستورية العليا أو صحيفة الدعوى المرفوعة إليها وفقًا لحكم المادة السابقة بيان النص التشريعى المطعون بعدم دستوريته والنص الدستورى المدعى بمخالفته وأوجه المخالفة " .
 
          وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أنه يتعين أن يتضمن قرار الإحالة أو صحيفة الدعوى الدستورية المرفوعة أمامها البيانات الجوهرية التى تكشف بذاتها عن ماهية المسألة الدستورية المعروضة بما ينفى التجهيل عنها، كالتحديد المباشر للنص التشريعى المطعون بعدم دستوريته والنص الدستورى المدعى بمخالفته وأوجه المخالفة الدستورية فى إفصاح جلى الدلالة والوضوح .
 
          وحيث إن المدعية طلبت فى صحيفة دعواها الماثلة الحكم بعدم دستورية القانون رقم 11 لسنة 1991 والأخص المواد ( 3 و18 و19 و43 و44 ) من القانون ذاته ولم تذكر فى تلك الصحيفة أسباب الطعن بعدم الدستورية فى القانون المذكور برمته، وكذا أسباب الطعن فى نصوص المواد ( 18 و19 و43 و44 ) من القانون ذاته، أو أوجه المخالفة الدستورية، واقتصرت مناعيها على نص الفقرتين الثالثة والرابعة من المادة (3) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 وقرار رئيس الجمهورية رقم 77 لسنة 1992، ومن ثم فإن دعواها فيما جاوز نص المادة (3) من قانون الضريبة العامة على المبيعات وقرار رئيس الجمهورية رقم 77 لسنة 1992، يكون قد شابها قصور فى البيانات الجوهرية المنصوص عليها فى المادتين (29 و30) من قانون المحكمة الدستورية العليا، مما يتعين معه القضاء بعدم قبول هذا الشق من الدعوى .
 
          وحيث إن قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 كان يتضمن فى المادة (3) منه خمس فقرات يجرى نصها على النحو الآتى :
الفقرة الأولى :
          " يكون سعر الضريبة على السلع 10%، وذلك عدا السلع المبينة فى الجدول رقم (1) المرافق فيكون سعر الضريبة على النحو المحدد قرين كل منها " .
الفقرة الثانية :
          " ويحدد الجدول رقم (2) المرافق سعر الضريبة على الخدمات " .
الفقرة الثالثة :
          " ويجوز بقرار من رئيس الجمهورية إعفاء بعض السلع من الضريبة وتعديل سعر الضريبة على بعض السلع " .
الفقرة الرابعة :
          " كما يجوز لرئيس الجمهورية تعديل الجدولين رقمى (1) و(2) المرافقين " .
الفقرة الخامسة :
          " وفى جميع الأحوال يعرض قرار رئيس الجمهورية على مجلس الشعب خلال خمسة عشر يومًا من تاريخ صدوره إذا كان المجلس قائمًا، وإلا ففى أول دورة لانعقاده، فإذا لم يقره المجلس زال ما كان له من أثر، وبقى نافذًا بالنسبة إلى المدة الماضية " .
 
          وحيث إن القانون رقم 2 لسنة 1997 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 11 لسنة 1991 نص فى المادة (11) منه على أن " تلغى قرارات رئيس الجمهورية أرقام 180 لسنة 1991 و206 لسنة 1991 و77 لسنة 1992 و295 لسنة 1993 و304 لسنة 1993 و39 لسنة 1994 و65 لسنة 1995 و305 لسنة 1996 وذلك اعتبارًا من تاريخ العمل بكل منها " .
 
          كما نصت المادة (12) من القانون ذاته على أن " تلغى الفقرتان الثالثة والرابعة من المادة (3) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 المشار إليه " .
 
          وحيث إن النزاع المطروح على محكمة الموضوع يتصل بنص الفقرة الرابعة من المادة (3) من قانون الضريبة العامة على المبيعات، وكذا بقرار رئيس الجمهورية رقم 77 لسنة 1992، وإذ ألغيت هذه الفقرة منذ تاريخ العمل بالقانون رقم 2 لسنة 1997 فى 29/1/1997 اليوم التالى لتاريخ نشره كما ألغى القانون ذاته ما صدر عن رئيس الجمهورية من قرارات استنادًا إليها من تاريخ العمل بكل منها، ومن بينها قرار رئيس الجمهورية رقم 77 لسنة 1992، ومن ثم فإنه لم تعد ثمة آثار قانونية قائمة يمكن أن تكون النصوص المطعون فيها قد رتبتها خلال فترة نفاذها بعد أن تم إلغاؤها بأثر رجعى، وبذلك تغدو المصلحة فى الطعن عليها منتفية، مما يتعين معه الحكم باعتبار الخصومة فى هذا الشق من الدعوى منتهية .
 
فلهذه الأسباب
          حكمت المحكمة باعتبار الخصومة منتهية .

الطعن 1 لسنة 30 ق جلسة 17/ 12/ 1960 مكتب فني 11 ج 3 هيئة عامة ق 1 ص 643

جلسة 17 من ديسمبر سنة 1960
برئاسة السيد مصطفى فاضل رئيس المحكمة، وبحضور السيدين محمود إبراهيم إسماعيل، ومحمود عياد نائبي رئيس المحكمة، السادة: صبحي الصباغ، ومحمد عبد الرحمن يوسف، ومحمود محمد مجاهد، والسيد أحمد عفيفي، ومحمد عطية إسماعيل، ومحمد زعفراني سالم، وعادل يونس، وتوفيق أحمد الخشن المستشارين.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)
الطعن 1 لسنة 30 ق "هيئة عامة"
(1) محكمة الجنايات . سقوط الأحكام الغيابية الصادرة منها في جناية . ماهية إعادة الإجراءات
هي محاكمة مبتدأه وليست تظلماً . أثر ذلك . سلطة محكمة الإعادة في الفصل في الدعوى بكامل حريتها . لها أن تشدد العقوبة في غير طعن من النيابة على الحكم الغيابي. المادة 333 أصول محاكمات سوري.
(2) نقض . اختصاص الهيئة العامة للمواد الجزائية :
سلطتها في الفصل في الدعوى المحالة إليها للعدول عن مبدأ قانوني قررته أحكام سابقة . المادة 4 من قانون السلطة القضائية . في فقرتها الأخيرة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 – (*) مفاد النص الصريح للمادة 333 من قانون أصول المحاكمات السوري أنه يترتب على حضور المحكوم عليه أو القبض عليه سقوط الحكم الغيابي حتماً وبقوة القانون، وعلة ذلك أن إعادة الإجراءات لم تبن على تظلم مرفوع من المحكوم عليه - بل هي بحكم القانون محاكمة مبتدأة، وترتيباً على ذلك جاء نص المادة 33 من القانون رقم 57 لسنة 1959 مقصوراً على تخويل الطعن في مثل هذا الحكم للنيابة العامة والمدعي بالحقوق المدنية والمسئول عنها - كل فيما يختص به - وفي هذا يختلف الحكم الصادر غيابياً من محكمة الجنايات في جناية عن الحكم الصادر غيابياً من محكمة الجنح والمخالفات - فقد أجاز القانون المعارضة في الحكم الأخير، ولم يجز أن يضار معارض بناء على معارضة رفعها - أما الحكم الأول فلا يتعلق به حق للمتهم ولا يجوز له التمسك بقبوله - وإنما هو يسقط حتماً بحضوره أو القبض عليه، ومتى تقرر ذلك فإنه لا يقبل من المتهم الذي قبض عليه بعد حكم غيابي صادر عليه في جناية من محكمة الجنايات أن يتمسك بالعقوبة المقضي بها غيابياً - بل إن محكمة الإعادة تفصل في الدعوى بكامل حريتها - غير مقيدة بشيء مما جاء بالحكم الغيابي، فلها أن تشدد العقوبة في غير طعن من النيابة على الحكم المذكور، كما أن لها أن تخفف العقوبة - وحكمها في كلا الحالين صحيح قانوناً - الأمر الذي ترى معه الهيئة العامة للمواد الجزائية (**) العدول عما يكون قد صدر من أحكام مخالفة لهذا النظر، والفصل في الدعوى المحالة إليها على هذا الأساس.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة المتهم (الطاعن) وآخر بأنهما سرقا محل المجني عليه ليلاً بعد دخول منزل ... ونقب جدار مشترك، ودخلا منزل ...بدون إذنها. وطلبت إلى قاضي الإحالة بدرعا إحالتهما إلى محكمة جنايات درعا لمعاقبتهما طبقاً للمواد 625/557/2و204 من قانون العقوبات السوري، فقرر بذلك. ومحكمة جنايات درعا قضت بتاريخ 22 سبتمبر (أيلول) سنة 1955 غيابياً للمتهم الأول (الطاعن) وحضوريا للمتهم الثاني بوضعهما بسجن الأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات عن جناية السرقة وحبسهما ثلاثة أشهر عن جريمة دخول المنزل وإدغامها بالعقوبة الأشد عملاً بمواد الاتهام وتضمينهما الرسوم البالغة سبعة وثلاثين ليرة سورية ونصف رسوم هذه المحاكمة بما فيه خرج التحقيق ونفقات الشهود، ولا حاجة لتضمينهما أجرة الكشف المدفوعة من المدعي الذي أسقط حقه الشخصي عنهما وتسطير كتاب للنيابة العامة بدرعا لتسليم المتهم ... إلى السلطات القضائية في لبنان لإجراء محاكمته هناك بناء على وجود قرار بذلك بعد اكتساب الحكم لدرجة القطعية. ثم أعيدت محاكمة المتهم الأول (الطاعن) بعد أن قبض عليه فقضت محكمة الجنايات المذكورة بتاريخ 16 فبراير (شباط) سنة 1959 حضورياً (وجاهياً) بتجريم المتهم الأول بجناية السرقة والحكم عليه بسجن الأشغال الشاقة مدة ثلاث سنوات، ولأنه مكرر وعملاً بالمادة 248 من قانون العقوبات تقرر رفع العقوبة والحكم عليه بسجن الأشغال الشاقة خمسة عشر سنة. وبحبس المتهم ثلاثة أشهر عملا بالمادة 557 من قانون العقوبات لدخول دار ... بدون إذنها، ونظراً لأنه مكرر وعملاً بالمادة 249 من قانون العقوبات تقرر رفع العقوبة إلى الحبس ثلاث سنوات وإدغام هذه العقوبة بالعقوبة الأولى الأشد عملاً بالمادة 204 من القانون نفسه، وللأسباب المخففة التقديرية تقرر تنزيل العقوبة إلى الحبس مع الأشغال الشاقة مدة سبع سنوات ونصف عملاً بالمادة 13 من المرسوم 85 في 28/9/1953 وحجزه وتجريده وعفوه من عقوبة منع الإقامة لعدم وجود محظور عملا بالمواد 63/49/82 من قانون العقوبات و329/338 من الأصول الجزائية وتضمينه اثنا وأربعين ليرة سورية ونصف رسوم المحاكمة الأولية - وهذه نفقات الشهود. فطعن المحكوم عليه والنيابة في هذا الحكم بطريق النقض. فقضت المحكمة المذكورة بتاريخ 6 سبتمبر (أيلول) سنة 1959 بنقض الحكم بالنسبة للطاعن والإحالة وبرد طعن النيابة شكلاً. ومحكمة جنايات درعا قضت بتاريخ 24 أكتوبر (تشرين الأول) حضورياً (وجاهياً) بالإصرار على حكمها السابق الصادر منها بتاريخ 16 فبراير (شباط) سنة 1959 عملاً بأحكام المادة 333 من قانون أصول المحاكمات الجزائية السوري وتضمينه الرسوم الأولية وهذه البالغة اثنا وسبعين ليرة سورية ونصف. فطعن المتهم (الطاعن) بطريق النقض للمرة الثانية كما طعنت النيابة العامة، وفي 26 يونيه (حزيران) سنة 1960 قررت الدائرة الجزائية بمحكمة النقض (دائرة دمشق) عرض القضية على الهيئة العامة للمواد الجزائية...الخ.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
من حيث إن الطاعن... قد وقع بنفسه على أسباب الطعن خلافا لما تقضي به الفقرة الأخيرة من المادة 34 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض فيكون طعنه غير مقبول شكلا.
وحيث إن الطعن المقدم من النيابة العامة قد استوفى الشكل المقرر بالقانون.
وحيث إن مبنى وجه الطعن المقدم من النيابة أن الحكم المطعون فيه اعتبر المحكوم عليه... عائدا (مكررا) وضاعف عقوبته إلى حد تجاوز العقوبة المقضي بها غيابيا من محكمة الجنايات بحكمها الذي لم يتعرض لحالة العود (التكرار) ولم تطعن فيه النيابة العامة فاكتسب المحكوم عليه المذكور حقا لا يسوغ معه تشديد عقوبته، ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه - إذ شدد العقوبة - مخطئا في تطبيق القانون.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على الأوراق أن النيابة العامة رفعت الدعوى العمومية على المتهم ... وآخر حكم عليه حضوريا (وجاهيا) لأنهما بتاريخ 29 من نوفمبر سنة 1954 - أولا - سرقا أشياء من محل ...ليلا بعد دخول منزل ... ونقب جدار مشترك. ثانيا - دخلا منزل ... بدون إذنها، وقضت محكمة جنايات درعا بتاريخ 22 من سبتمبر سنة 1959 بمعاقبة المتهم... غيابيا بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات عن جناية السرقة وحبسه ثلاثة أشهر عن جريمة دخول منزل... وإدغام هذه العقوبة الأشد عملا بالمواد 625 و557/2 و204 من قانون العقوبات السوري، ولما قبض على المحكوم عليه... أعيدت المحاكمة فقضت المحكمة المذكورة بتاريخ 16 من فبراير سنة 1959 بتشديد عقوبة الأشغال الشاقة وجعلها سبع سنوات ونصف - لما ثبت من أن المتهم عائد لسبق الحكم عليه بحبسه لمدة سنة في سرقة من محكمة جنايات درعا بتاريخ 25 من يونيه سنة 1950 تطبيقا للمادة 248 من القانون المذكور.
طعن المحكوم عليه والنيابة في هذا الحكم فقضت الدائرة الجزائية بمحكمة النقض بتاريخ 6 من سبتمبر سنة 1959 بعدم قبول طعن النيابة العامة شكلا وبقبول الطعن المقدم من المحكوم عليه ونقض الحكم على أساس أن تشديد العقوبة المحكوم بها غيابيا أمر غير جائز قانونا ما دام الحكم الغيابي لم يرد عليه طعن من النيابة ولم يتعرض لحالة العود، ويكون المحكوم عليه قد اكتسب به حقا لا يجوز معه زيادة العقوبة، وقد قدمت القضية مرة أخرى لمحكمة الجنايات فقضت بتاريخ 24 تشرين أول سنة 1959 (24 من أكتوبر سنة 1959) بالإصرار على حكمها السابق المؤرخ 16 من فبراير سنة 1959، فطعنت النيابة العامة والمحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض، فقررت الدائرة الجزائية بتاريخ 26 حزيران سنة 1960 (26 من يونيه) بإحالة القضية على الهيئة العامة للمواد الجزائية لتقضي فيها وفقا للمادة الرابعة من القانون رقم 56 لسنة 1959 بشأن السلطة القضائية.
وحيث إن المادة 333 من قانون أصول المحاكمات السوري قد نصت على اعتبار الحكم وسائر المعاملات الجارية بعد القبض على المتهم الغائب ملغاة، ومفاد هذا النص الصريح أنه يترتب على حضور المحكوم عليه أو القبض عليه سقوط الحكم الغيابي حتما وبقوة القانون، وعلة ذلك أن إعادة الإجراءات لم تبن على تظلم مرفوع من المحكوم عليه - بل هي بحكم القانون بمثابة محاكمة مبتدأه، وترتيباً على ذلك جاء نص المادة 33 من القانون رقم 57 لسنة 1959 مقصوراً على تخويل الطعن في مثل هذا الحكم للنيابة العامة والمدعي بالحقوق المدنية والمسئول عنها - كل فيما يختص به - وفي هذا يختلف الحكم الصادر غيابياً من محكمة الجنايات في جناية عن الحكم الصادر غيابياً من محكمة الجنح والمخالفات - فقد أجاز القانون المعارضة في الحكم الأخير ولم يجز أن يضار معارض بناء على معارضة رفعها - أما الحكم الأول فلا يتعلق به حق للمتهم ولا يجوز له التمسك بقبوله، وإنما هو يسقط حتماً بحضوره أو القبض عليه، ومتى تقرر ذلك فإنه لا يقبل من المتهم الذي قبض عليه بعد حكم غيابي صادر عليه في جناية من محكمة الجنايات أن يتمسك بالعقوبة المقضي بها غيابياً - بل إن محكمة الإعادة تفصل في الدعوى بكامل حريتها - غير مقيدة بشيء مما جاء بالحكم الغيابي، فلها أن تشدد العقوبة في غير طعن من النيابة على الحكم المذكور، كما أن لها أن تخفف العقوبة - وحكمها في كلا الحالين صحيح قانوناً. لما كان ذلك، وكانت الهيئة العامة ترى العدول عما يكون قد صدر من أحكام مخالفة لهذا النظر ، وكانت محكمة الجنايات بحكمها الصادر بتاريخ 16 من فبراير سنة 1959 - إذ قدرت العقوبة بأشد مما سبق الحكم به غيابيا إنما كان ذلك منها في حدود سلطتها، وكانت الفقرة الأخيرة من المادة 4 من القانون رقم 56 لسنة 1959 قد خولت هذه الهيئة الفصل في الدعوى المحالة إليها، وكان الحكم الصادر من محكمة الجنايات بتاريخ 24 من أكتوبر (تشرين أول) سنة 1959 صحيحا مطابقا للقانون، فإن الطعن المقدم من النيابة العامة يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا - وقد صدر هذا الحكم بالإجماع.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(**) المبدأ المقرر بالقرارين 59 ، 561 الصادرين من محكمة التمييز بتاريخ 28 /1/ 1958 و25/ 6/ 1958 – مجلة القانون الصادرة عن وزارة العدل السورية السنة التاسعة ص 107 و519 ، والحكم السابق صدوره من محكمة النقض (دائرة دمشق) بتاريخ 6 أيلول – سبتمبر 1959 . 

الطعن 4164 لسنة 57 ق جلسة 24/ 3/ 1988 مكتب فني 39 ق 71 ص 493

جلسة 24 من مارس سنة 1988

برئاسة السيد المستشار/ قيس الرأي عطيه نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد نجيب صالح وعوض جادو نائب رئيس المحكمة وصلاح عطيه وعبد اللطيف أبو النيل.

---------------

(71)
الطعن رقم 4164 لسنة 57 القضائية

شهادة سلبية. نقض "التقرير بالطعن وإيداع الأسباب. ميعاده". نيابة عامة. حكم "إيداعه".
ميعاد الطعن بالنقض وإيداع أسبابه في حالة عدم إيداع الحكم الصادر بالبراءة خلال الثلاثين يوماً المحددة. امتداده عشرة أيام من تاريخ إعلان النيابة بإيداع الحكم قلم الكتاب. مشروط بحصول النيابة على شهادة سلبية. المادة 34/ 2 من القانون 57 لسنة 1959.
الشهادة السلبية التي يعتد بها. هي التي تصدر بعد انقضاء ثلاثين يوماً من اليوم التالي لتاريخ صدور الحكم.
الشهادة الصادرة في اليوم الثلاثين. حتى في نهاية ساعات العمل. لا تصلح. أساس ذلك؟

التأشير على الحكم بما يفيد إيداعه في تاريخ لاحق على الثلاثين يوماً. لا ينفي حصول الإيداع الأجل المحدد قانوناً.
استناد النيابة العامة. في تبرير تجاوزها الميعاد المقرر قانوناً للطعن بالنقض. إلى شهادة سلبية صادرة في اليوم الثلاثين وإلى تأشيرة قلم الكتاب على الحكم المطعون فيه بتاريخ إيداع الحكم. لا يجدي. وجوب الحكم بعدم قبول الطعن شكلاً.

-----------------------
لما كان البين من الأوراق أن الحكم المطعون فيه صدر حضورياً في 25 من نوفمبر سنة 1986 ببراءة المطعون ضده - من تهمتي إحراز سلاح ناري وذخيرته بدون ترخيص - فقررت النيابة العامة بالطعن فيه بطريق النقض بتاريخ 28 من يناير سنة 1987 وقدمت الأسباب في ذات التاريخ متجاوزة في الأمرين الميعاد الذي حددته المادة 34 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان لا يجدي النيابة الطاعنة الاستناد في تبرير تجاوزها هذا الميعاد إلى الشهادة المقدمة منها الصادرة من قلم الكتاب بتاريخ 25 من ديسمبر سنة 1986 متضمنة عدم إيداع الحكم حتى هذا التاريخ كما لا يجديها قولها بأن الحكم قد أودع في 18 من يناير سنة 1986 وفقاً لما تأشر به من قلم الكتاب على الشهادة ذاتها - ذلك بأن ابتداء ميعاد الطعن وتقديم الأسباب المنصوص عليه في الفقرة الأولى من المادة 34 سالفة البيان مشروط - على ما نصت عليه الفقرة الثانية من هذه المادة - بأن تكون الطاعنة قد حصلت على شهادة بعدم إيداع الحكم الصادر بالبراءة قلم الكتاب خلال ثلاثين يوماً من تاريخ صدوره - وعندئذ يقبل الطعن وأسبابه خلال عشرة أيام من تاريخ إعلان الطاعنة بإيداع الحكم قلم الكتاب. وقد جرى قضاء هذه المحكمة على أن الشهادة التي يعتد بها في هذا الشأن هي التي تصدر بعد انقضاء الثلاثين يوماً المقررة في القانون متضمنة أن الحكم لم يكن وقت تحريرها قد أودع ملف الدعوى موقعاً عليه رغم انقضاء هذا الميعاد، وأن الشهادة الصادرة في اليوم الثلاثين حتى نهاية ساعات العمل لا تنفي إيداع الحكم بعد ذلك لأن تحديد ميعاد العمل في أقلام الكتاب ليس معناه أن هذه الأقلام يمتنع عليها أن تؤدي عملاً بعد انتهاء الميعاد، كما استقر قضاء هذه المحكمة على حساب مضي الثلاثين يوماً كاملة من اليوم التالي للتاريخ الذي صدر الحكم فيه. ولما كانت الشهادة السلبية المقدمة من النيابة الطاعنة قد حصلت عليها من قلم الكتاب في اليوم الثلاثين من تاريخ صدور الحكم - على ما سلف بيانه - وكانت الإفادة المذيلة بها محررة بتاريخ 18 من يناير سنة 1987 بعد انقضاء ميعاد الطعن وإيداع الأسباب فضلاً عن أنها ليست سلبية بل تتضمن تحديد تاريخ إيداع الحكم وهو ما لم تعد الشهادة لإثباته فإن هذه الشهادة لا تكسب الطاعنة حقاً في امتداد الميعاد، ولا يغير من ذلك ما هو مؤشر به على هامش الحكم من وروده في 18 من يناير سنة 1987 لأن التأشير على الحكم بما يفيد إيداعه ملف الدعوى في تاريخ لاحق على ميعاد الثلاثين يوماً التالية لصدوره لا يجدي بدوره على ما جرى به قضاء هذه المحكمة في نفي حصول هذا الإيداع في الميعاد القانوني. لما كان ما تقدم وكانت النيابة الطاعنة لم تقرر بالطعن بالنقض وتقدم أسباب طعنها إلا بعد انتهاء الميعاد المحدد في القانون، فإن الطعن يكون غير مقبول شكلاً.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه أولاً: أحرز بغير ترخيص سلاحاً نارياً مششخناً (مسدس بريتا إيطالي عيار 9 مم) ثانياً: أحرز بغير ترخيص ذخائر مما تستعمل في السلاح الناري سالف الذكر حالة كونه غير مرخص له بحمل وإحراز تلك السلاح الناري. ثالثاً: سرق السلاح والذخيرة المبينة الوصف والقيمة بالتحقيقات المملوكة لوزارة الداخلية والمسلمة إلى الملازم أول...... كعهدة أميرية وكذلك الأشياء الأخرى المبينة الوصف والقيمة بالتحقيقات المملوكة له ولشقيقه...... وكان ذلك من مسكنه بطريق التسور. وأحالته إلى محكمة جنايات الجيزة لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة، والمحكمة المذكورة قضت حضورياً ببراءة المتهم مما أسند إليه.
فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

من حيث إن البين من الأوراق أن الحكم المطعون فيه صدر حضورياً في 25 من نوفمبر سنة 1986 ببراءة المطعون ضده - من تهمتي إحراز سلاح ناري وذخيرته بدون ترخيص - فقررت النيابة العامة بالطعن فيه بطريق النقض بتاريخ 28 من يناير سنة 1987 وقدمت الأسباب في ذات التاريخ متجاوزة في الأمرين الميعاد الذي حددته المادة 34 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان لا يجدي النيابة الطاعنة الاستناد في تبرير تجاوزها هذا الميعاد إلى الشهادة المقدمة منها الصادرة من قلم الكتاب بتاريخ 25 من ديسمبر سنة 1986 متضمنة عدم إيداع الحكم حتى هذا التاريخ كما لا يجديها قولها بأن الحكم قد أودع في 18 من يناير سنة 1986 وفقاً لما تأشر به من قلم الكتاب على الشهادة ذاتها - ذلك بأن ابتداء ميعاد الطعن وتقديم الأسباب المنصوص عليه في الفقرة الأولى من المادة 34 سالفة البيان مشروط - على ما نصت عليه الفقرة الثانية من هذه المادة - بأن تكون الطاعنة قد حصلت على شهادة بعدم إيداع الحكم الصادر بالبراءة قلم الكتاب خلال ثلاثين يوماً من تاريخ صدوره - وعندئذ يقبل الطعن وأسبابه خلال عشرة أيام من تاريخ إعلان الطاعنة بإيداع الحكم قلم الكتاب. وقد جرى قضاء هذه المحكمة على أن الشهادة التي يعتد بها في هذا الشأن هي التي تصدر بعد انقضاء الثلاثين يوماً المقررة في القانون متضمنة أن الحكم لم يكن وقت تحريرها قد أودع ملف الدعوى موقعاً عليه رغم انقضاء هذا الميعاد، وأن الشهادة الصادرة في اليوم الثلاثين حتى في نهاية ساعات العمل لا تنفي إيداع الحكم بعد ذلك لأن تحديد ميعاد العمل في أقلام الكتاب ليس معناه أن هذه الأقلام يمتنع عليها أن تؤدي عملاً بعد انتهاء الميعاد، كما استقر قضاء هذه المحكمة على حساب مضي الثلاثين يوماً كاملة من اليوم التالي للتاريخ الذي صدر الحكم فيه. ولما كانت الشهادة السلبية المقدمة من النيابة الطاعنة قد حصلت عليها من قلم الكتاب في اليوم الثلاثين من تاريخ صدور الحكم - على ما سلف بيانه - وكانت الإفادة المذيلة بها محررة بتاريخ 18 من يناير سنة 1987 - بعد انقضاء ميعاد الطعن وإيداع الأسباب فضلاً عن أنها ليست سلبية بل تتضمن تحديد تاريخ إيداع الحكم وهو ما لم تعد الشهادة لإثباته فإن هذه الشهادة لا تكسب الطاعنة حقاً في امتداد الميعاد، ولا يغير من ذلك ما هو مؤشر به على هامش الحكم من وروده في 18 من يناير سنة 1987 لأن التأشير على الحكم بما يفيد إيداعه ملف الدعوى في تاريخ لاحق على ميعاد الثلاثين يوماً التالية لصدوره لا يجدي بدوره - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - في نفي حصول هذا الإيداع في الميعاد القانوني. لما كان ما تقدم وكانت النيابة الطاعنة لم تقرر بالطعن بالنقض وتقديم أسباب طعنهما إلا بعد انتهاء الميعاد المحدد في القانون فإن الطعن يكون غير مقبول شكلاً.

الطعن 6875 لسنة 55 ق جلسة 23/ 3/ 1988 مكتب فني 39 ق 70 ص 487

جلسة 23 من مارس سنة 1988

برئاسة السيد المستشار/ إبراهيم حسين نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد رفيق البسطويسي نائب رئيس المحكمة وناجي اسحق وفتحي خليفة وسري صيام.

---------------

(70)
الطعن رقم 6875 لسنة 55 القضائية

(1) اختصاص "الاختصاص الولائي". محاكم عسكرية. قانون "تفسيره".
المحاكم العادية هي صاحبة الولاية العامة بالفصل في الجرائم كافة إلا ما استثنى بنص خاص. أساس ذلك؟
إجازة بعض القوانين إحالة جرائم معينة إلى محاكم خاصة لا يسلب المحاكم العادية ولايتها في الفصل في تلك الجرائم ما دام أن القانون الخاص لم يرد به أي نص على انفراد المحكمة الخاصة بالاختصاص. سواء أكان معاقباً عليها بمقتض قانون عام أم خاص.
(2) اختصاص "الاختصاص الولائي". محاكم عسكرية. قانون "تفسيره". قوة الأمر المقضي.
قانون الأحكام العسكرية الصادر بالقانون رقم 25 لسنة 1966 خول المحاكم العسكرية الاختصاص بنوع معين من الجرائم ومحاكمة فئة خاصة من المتهمين إلا أنه لم يؤثرها في غير نطاق الأحداث الخاضعين لأحكامه بهذه المحاكمة وذلك الاختصاص أو يحظرهما على المحاكم العادية إذ لم يرد فيه ولا في أي تشريع آخر على انفراد القضاء العسكري في هذا النطاق بالاختصاص على مستوى كافة مراحل الدعوى. مفاد ذلك؟
الاختصاص يكون مشتركاً بين المحاكم العادية وبين المحاكم العسكرية ولا يمنع نظر أيهما فيها من نظر الأخرى إلا أن تحول دون ذلك قوة الأمر المقضي.
(3) دعوى مباشرة. دعوى مدنية. دعوى جنائية. نقض "حالات الطعن. الخطأ في القانون".
الدعوى الجنائية التي ترفع مباشرة من المدعي بالحقوق المدنية ودعواه المدنية التابعة لها لا تنعقد الخصومة بينه وبين المتهم إلا عن طريق تكليفه بالحضور أمام المحكمة تكليفاً صحيحاً وعدم انعقاد الخصومة بالطريق الصحيح أثره. عدم قبول الدعويين المدنية والجنائية.
مثال.

-------------------
1 - من المقرر أن المحاكم العادية هي صاحبة الولاية العامة بالفصل في الجرائم كافة إلا ما استثنى بنص خاص عملاً بنص الفقرة الأولى من المادة الخامسة عشر من قانون السلطة القضائية الصادر بالقرار بقانون رقم 46 لسنة 1972، في حين أن غيرها من المحاكم ليست إلا محاكم استثنائية وخاصة وأنه وإن أجازت القوانين في بعض الأحوال، إحالة جرائم معينة إلى محاكم خاصة، إلا أن هذا لا يسلب المحاكم العادية ولايتها في الفصل في تلك الجرائم ما دام أن القانون لم يرد به أي نص على انفراد المحكمة الخاصة بالاختصاص، يستوي في ذلك أن تكون الجريمة معاقباً عليها بموجب القانون العام أو بمقتضى قانون خاص.
2 - من المقرر أن المحاكم العسكرية المنصوص عليها في القانون رقم 25 لسنة 1966 بإصدار قانون الأحكام العسكرية ليست إلا محاكم خاصة ذات اختصاص خاص، وأنه وإن ناط بها هذا القانون الاختصاص بنوع معين من الجرائم، ومحاكمة فئة خاصة من المتهمين، إلا أنه لم يؤثرها بهذه المحاكمة وذلك الاختصاص أو يحظرهما على المحاكم العادية، وأنه لا يحول بين المحاكم العادية وبين الاختصاص بالفصل في الجرائم المنصوص عليها فيه عدا جرائم الأحداث الخاضعين لأحكامه - مانع من القانون، ويكون الاختصاص في شأنها مشتركاً بين القضاء العسكري وبين المحاكم العادية ولا يمنع نظر أيهما فيها من نظر الأخرى، إلا أن تحول دون ذلك قوة الأمر المقضي.
3 - من المقرر أن الدعوى الجنائية التي ترفع مباشرة من المدعي بالحقوق المدنية ودعواه المدنية التابعة لها المؤسسة على الضرر الذي يدعي أنه لحقه من الجريمة لا تنعقد الخصومة بينه وبين المتهم - وهو المدعى عليه فيهما - إلا عن طريق تكليفه بالحضور أمام المحكمة تكليفاً صحيحاً، وما لم تنعقد هذه الخصومة بالطريق الذي رسمه القانون فإن الدعويين الجنائية والمدنية لا تكونان مقبولتين من المدعي بالحقوق المدنية بالجلسة، وكانت المفردات المضمومة خلواً من قيام المدعية بالحقوق المدنية بتكليف الطاعن بالحضور بالنسبة للدعويين الجنائية والمدنية المقامتين منها في الجلسة فإن الخصومة - على السياق المتقدم - لا تكون قد انعقدت بشأنهما بالنسبة للطاعن ويتعين نقض الحكم المطعون فيه والقضاء بعدم قبولهما.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلاً من 1 -..... 2 -..... 3 -...... 4 -..... بأنهم 1 - أحدثوا عمداً..... (الطاعن) الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي والتي أعجزته عن أشغاله الشخصية مدة لا تزيد على عشرين يوماً وكان ذلك باستخدام الأداة المبينة بالمحضر (طوب) 2 - أتلفوا عمداً الأشياء المبينة وصفاً وقيمة بالمحضر. وطلبت عقابهم بالمادتين 242/ 1، 3، 361/ 1، 2 من قانون العقوبات. وادعى المجني عليه (الطاعن) مدنياً قبل المتهم بإلزامهم بأن يدفعوا له مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت كما أقامت..... دعواها بطريق الادعاء المباشر أمام ذات المحكمة ضد...... (الطاعن) بوصف أنه اعتدى عليها بالضرب بآلة (طوب) وإلزامه بأن يؤدي لها مبلغ مائة وواحد جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة جنح مصر الجديدة قضت حضورياً عملاً بمادتي الاتهام أولاً: في الدعوى..... بتغريم كل من المتهمين ثلاثين جنيهاً عن كل تهمة وبإلزامهم بأن يدفعوا للطاعن مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. ثانياً في الجنحة المباشرة المقامة من المطعون ضدها (المدعية بالحقوق المدنية) بتغريم..... (الطاعن) ثلاثين جنيهاً. وإلزامه بأن يؤدي لها مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. استأنفت النيابة العامة والمحكوم عليهم جميعاً ومحكمة شمال القاهرة الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف والقضاء بحبس كل من المتهمين شهراً مع الشغل وأمرت بوقف تنفيذ العقوبة لمدة ثلاث سنوات وإلزام المتهمين الثلاث الأول بأن يؤدوا....... (الطاعن) متضامنين مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت، وبإلزام المتهم الرابع....... (الطاعن) بأن يؤدي إلى المتهمة....... (المدعية بالحقوق المدنية) مبلغ مائة وواحد جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت.
فطعن المحكوم عليه...... في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

من حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الضرب قد أخطأ في القانون وانطوى على بطلان، ذلك بأن الطاعن دفع بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعويين الجنائية والمدنية قبله - استناداً إلى أنه من أفراد القوات المسلحة الخاضعين لقانون الأحكام العسكرية إلا أن الحكم أغفل هذا الدفع ولم يرد عليه وقضى بمعاقبته وإلزامه بالتعويض المدني رغم خلو الأوراق من تكليفه بالحضور، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن المحاكم العادية هي صاحبة الولاية العامة بالفصل في الجرائم كافة إلا ما استثنى بنص خاص عملاً بنص الفقرة الأولى من المادة الخامسة عشر من قانون السلطة القضائية الصادر بالقرار بقانون رقم 46 لسنة 1972، في حين أن غيرها من المحاكم ليست إلا محاكم استثنائية وخاصة وأنه وإن أجازت القوانين في بعض الأحوال، إحالة جرائم معينة إلى محاكم خاصة، إلا أن هذا لا يسلب المحاكم العادية ولايتها في الفصل في تلك الجرائم ما دام أن القانون لم يرد به أي نص على انفراد المحكمة الخاصة بالاختصاص، يستوي في ذلك أن تكون الجريمة معاقباً عليها بموجب القانون العام أو بمقتضى قانون خاص، وأن المحاكم العسكرية المنصوص عليها في القانون رقم 25 لسنة 1966 بإصدار قانون الأحكام العسكرية ليست إلا - محاكم خاصة ذات اختصاص خاص، وأنه وإن ناط بها هذا القانون الاختصاص بنوع معين من الجرائم، ومحاكمة فئة خاصة من المتهمين، إلا أنه لم يؤثرها بهذه المحاكمة وذلك الاختصاص أو يحظرهما على المحاكم العادية، وأنه لا يحول بين المحاكم العادية وبين الاختصاص بالفصل في الجرائم المنصوص عليها فيه - عدا جرائم الأحداث الخاضعين لأحكامه - مانع من القانون، ويكون الاختصاص في شأنها مشتركاً بين القضاء العسكري وبين المحاكم العادية ولا يمنع أيهما فيها من نظر الأخرى، إلا أن تحول دون ذلك قوة الأمر المقضي، فإن ما يثيره الطاعن من عدم اختصاص المحكمة المطعون في حكمها بنظر الدعوى يكون على غير سند من القانون، ويتضمن دفاعاً قانونياً ظاهر البطلان لا يستأهل إيراداً أو رداً. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الدعوى الجنائية التي ترفع مباشرة من المدعي بالحقوق المدنية ودعواه المدنية التابعة لها المؤسسة على الضرر الذي يدعي أنه لحقه من الجريمة لا تنعقد الخصومة بينه وبين المتهم - وهو المدعى عليه فيهما - إلا عن طريق تكليفه بالحضور أمام المحكمة تكليفاً صحيحاً، وما لم تنعقد هذه الخصومة بالطريق الذي رسمه القانون فإن الدعويين الجنائية والمدنية لا تكونان مقبولتين من المدعي بالحقوق المدنية بالجلسة، وكانت المفردات المضمومة خلواً من قيام المدعية بالحقوق المدنية بتكليف الطاعن بالحضور بالنسبة للدعويين الجنائية والمدنية المقامتين منها في الجلسة، فإن الخصومة - على السياق المتقدم - لا تكون قد انعقدت بشأنهما بالنسبة للطاعن ويتعين نقض الحكم المطعون فيه والقضاء بعدم قبولهما مع إلزام المدعية بالحقوق المدنية بالمصاريف المدنية.

الطعن 6432 لسنة 55 ق جلسة 23/ 3/ 1988 مكتب فني 39 ق 69 ص 481

جلسة 23 من مارس سنة 1988

برئاسة السيد المستشار/ إبراهيم حسين رضوان نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد رفيق البسطويسي نائب رئيس المحكمة وسري صيام وعلي الصادق عثمان وإبراهيم عبد المطلب.

---------------

(69)
الطعن رقم 6432 لسنة 55 القضائية

(1) موظفون عموميون. قانون "تفسيره". قطاع عام. مؤسسات عامة. شركات القطاع العام.
استقلال شركة القطاع العام عن المؤسسة العامة في أداء نشاطها.
علاقة رئيس مجلس الإدارة بالشركة. علاقة تعاقدية. أساس ذلك وأثره؟
(2) امتناع عن تنفيذ حكم. موظفون عموميون. شركات القطاع. محكمة النقض "سلطتها". نقض "حالات الطعن. الخطأ في القانون" "نظر الطعن والحكم فيه".
إيراد المشرع نصاً باعتبار العاملين في شركات القطاع العام في حكم الموظفين العامين في كل موطن يرى فيه موجباً لذلك وعدم إيراد هذا النص في شأن العاملين بالقطاع العام. أثره انتفاء تطبيق المادة 123 عقوبات.
مخالفة ذلك توجب النقض والتصحيح بالقضاء ببراءة الطاعن ورفض الدعوى المدنية.

---------------
1 - من المقرر طبقاً لأحكام كل من قانون المؤسسات العامة وشركات القطاع العام الصادر بالقرار بقانون رقم 60 لسنة 1971 وقانون نظام العاملين بالقطاع العام الصادر بالقرار بقانون رقم 61 لسنة 1971 - المعمول بهما في تاريخ واقعة الدعوى، واللذين حل محلهما قانون هيئات القطاع العام وشركاته الصادر بالقانون رقم 97 لسنة 1983 وقانون نظام العاملين بالقطاع العام الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1978 - أن شركات القطاع العام تستقل عن المؤسسة العامة آنذاك في أداء نشاطها وأن عمل رئيس مجلس إدارة الشركة يعد وظيفة من وظائفها يتقاضى شاغلها منها أجراً وبدل تمثيل مقابل انصرافه إلى عمله بها والتفرغ لشئونها شأنه في ذلك شأن سائر العاملين مما يجعل علاقته بهذه الشركة ليست تنظيمية بل علاقة تعاقدية تتميز بعنصر التبعية المميزة لعقد العمل وتنتفي عنه صفة الموظف العام وليس من شأن إشراف المؤسسة العامة وما لها من سلطة التخطيط والتنسيق والمتابعة والتقييم أن يضفي على الوحدة الاقتصادية وصف السلطة العامة وإنما تظل هذه الوحدة ذات شخصية اعتبارية مستقلة تمارس نشاطها في نطاق القانون الخاص تربطها بموظفيها علاقة تعاقدية يحكمها قانون العمل كما تخضع لأحكام قانون نظام العاملين بالقطاع العام الصادر بالقرار بقانون رقم 61 لسنة 1971 ولا يغير من طبيعة هذه العلاقة ما نصت عليه المادة 48 من هذا القانون من أن تعيين رئيس مجلس إدارة الشركة يكون بقرار من رئيس الجمهورية لأن ذلك لا يعدو في حقيقته أن يكون تنظيماً للعلاقة التعاقدية القائمة بين رئيس مجلس الإدارة وبين الشركة التي يعمل بها بالإضافة إلى أن أداة التعيين لا تسبغ عليه صفة الموظف العام ما دامت عناصرها غير متوافرة في جانبه وهي أن يعهد إلى الشخص بعمل دائم في خدمة مرفق عام تديره الدولة أو أحد أشخاص القانون العام الأخرى بأسلوب الاستغلال المباشر عن طريق شغله وظيفة تندرج في التنظيم الإداري لهذا المرفق مما مؤداه أن رئيس مجلس الإدارة لا يعد موظفاً عاماً في المفهوم العام للموظف العام.
2 - لما كان المشرع كلما رأى اعتبار العاملين في شركات القطاع العام في حكم الموظفين العامين في موطن ما أورد فيه نصاً كالشأن في جرائم الرشوة وغيرها من الجرائم الواردة في البابين الثالث والرابع من الكتاب الثاني من قانون العقوبات، وكان المشرع لم يورد نصاً من شأنه أن يجعل العاملين في شركات القطاع العام وعلى رأسهم رئيس مجلس الإدارة في حكم الموظف العام في تطبيق المادة 123 من قانون العقوبات ومن ثم فلا مجال لإنزال حكم هذه المادة على رئيس مجلس الإدارة الذي تنحسر عنه صفة الموظف العام، فإن الطاعن الذي يشغل رئيس مجلس إدارة شركات القطاع العام لا يعد موظفاً عاماً في حكم المادة 123 من قانون العقوبات. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر. فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يتعين معه على هذه المحكمة إعمالاً بنص الفقرة الأولى من المادة 39 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 أن تصحح الخطأ وتحكم بمقتضى القانون بنقضه وإلغاء الحكم المستأنف وبراءة الطاعن مما أسند إليه وهو ما يفيد لزوماً حتماً رفض الدعوى المدنية وإلزام المطعون ضده المدعي بالحقوق المدنية المصاريف المدنية.


الوقائع

أقام المدعي بالحقوق المدنية دعواه بطريق الادعاء المباشر أمام محكمة جنح إمبابة ضد الطاعن بوصف أنه: امتنع عن تنفيذ الأحكام القضائية المبينة بالصحيفة وطلب عقابه بالمادة 123 من قانون العقوبات وإلزامه بأن يؤدي له مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بمادة الاتهام بحبس المتهم شهراً مع الشغل وعزله من وظيفته وكفالة عشرة جنيهات لإيقاف التنفيذ وإلزامه بأن يؤدي للمدعي بالحق المدني مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. استأنف المحكوم عليه. ومحكمة الجيزة الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وأمرت بوقف تنفيذ عقوبة الحبس لمدة ثلاث سنوات.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

من حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الامتناع عن تنفيذ أحكام قضائية المعاقب عليها بالمادة 123 من قانون العقوبات تأسيساً على أنه موظف عام في حكم هذه المادة قد أخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأن شغله منصب رئيس مجلس إدارة شركة...... وهي إحدى شركات القطاع العام لا يوفر له هذه الصفة التي تلزم لقيام تلك الجريمة، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن المدعي بالحقوق المدنية أقام الدعوى بطريق الادعاء المباشر قبل الطاعن بوصف أنه بتاريخ...... بصفته رئيس مجلس إدارة شركة....... امتنع عن تنفيذ الأحكام القضائية المبينة بصحيفة الدعوى وطلبت عقابه بالمادة 123 من قانون العقوبات، ويبين من الحكم الابتدائي الذي اعتنق أسبابه الحكم المطعون فيه، أنه أقام قضاءه بإدانة الطاعن بالجريمة المذكورة على قوله أن "الشركات قد أصبحت تابعة للمؤسسات العامة التي هي بدورها موظفوها موظفون عموميون ومن ثم فإن أعضاء مجلس الإدارة ومدير ومستخدمي المؤسسات والشركات يعتبرون موظفين عموميين الأمر الذي يجعل الدفع بعدم كون المتهم موظفاً عمومياً في غير محله خليقاً بالرفض". لما كان ذلك، وكان من المقرر طبقاً لأحكام كل من قانون المؤسسات العامة وشركات القطاع العام الصادر بالقرار بقانون رقم 60 لسنة 1971 وقانون نظام العاملين بالقطاع العام الصادر بالقرار بقانون رقم 61 لسنة 1971 - المعمول بهما في تاريخ واقعة الدعوى، واللذين حل محلهما قانون هيئات القطاع العام وشركاته الصادر بالقانون رقم 97 لسنة 1983 وقانون نظام العاملين بالقطاع العام الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1978 - أن شركات القطاع العام تستقل عن المؤسسة العامة آنذاك في أداء نشاطها وأن عمل رئيس مجلس إدارة الشركة يعد وظيفة من وظائفها يتقاضى شاغلها منها أجراً وبدل تمثيل مقابل انصرافه إلى عمله بها والتفرغ لشئونها شأنه في ذلك شأن سائر العاملين مما يجعل علاقته بهذه الشركة ليست تنظيمية بل علاقة تعاقدية تتميز بعنصر التبعية المميزة لعقد العمل وتنتفي عنه صفة الموظف العام وليس من شأن إشراف المؤسسة العامة وما لها من سلطة التخطيط والتنسيق والمتابعة والتقييم أن يضفي على الوحدة الاقتصادية وصف السلطة العامة وإنما تظل هذه الوحدة ذات شخصية اعتبارية مستقلة تمارس نشاطها في نطاق القانون الخاص تربطها بموظفيها علاقة تعاقدية يحكمها قانون العمل كما تخضع لأحكام قانون نظام العاملين بالقطاع العام الصادر بالقرار بقانون رقم 61 لسنة 1971 ولا يغير من طبيعة هذه العلاقة ما نصت عليه المادة 48 من هذا القانون من أن تعيين رئيس مجلس إدارة الشركة يكون بقرار من رئيس الجمهورية لأن ذلك لا يعدو في حقيقته أن يكون تنظيماً للعلاقة التعاقدية القائمة بين رئيس مجلس الإدارة وبين الشركة التي يعمل بها بالإضافة إلى أن أداة التعيين لا تسبغ عليه صفة الموظف العام ما دامت عناصرها غير متوافرة في جانبه وهي أن يعهد إلى الشخص بعمل دائم في خدمة مرفق عام تديره الدولة أو أحد أشخاص القانون العام الأخرى بأسلوب الاستغلال المباشر عن طريق شغله وظيفة تندرج في التنظيم الإداري لهذا المرفق مما مؤداه أن رئيس مجلس الإدارة لا يعد موظفاً عاماً في المفهوم العام للموظف العام. لما كان ذلك وكان المشرع كلما رأى اعتبار العاملين في شركات القطاع العام في حكم الموظفين العامين في موطن ما أورد فيه نصاً كالشأن في جرائم الرشوة وغيرها من الجرائم الواردة في البابين الثالث والرابع من الكتاب الثاني من قانون العقوبات، وكان المشرع لم يورد نصاً من شأنه أن يجعل العاملين في شركات القطاع العام وعلى رأسهم رئيس مجلس الإدارة في حكم الموظف العام في تطبيق المادة 123 من قانون العقوبات ومن ثم فلا مجال لإنزال حكم هذه المادة على رئيس مجلس الإدارة الذي تنحسر عنه صفة الموظف العام، فإن الطاعن الذي يشغل رئيس مجلس إدارة شركات القطاع العام لا يعد موظفاً عاماً في حكم المادة 123 من قانون العقوبات. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يتعين معه على هذه المحكمة إعمالاً بنص الفقرة الأولى من المادة 39 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 أن تصحح الخطأ وتحكم بمقتضى القانون بنقضه وإلغاء الحكم المستأنف وبراءة الطاعن مما أسند إليه وهو ما يفيد لزوماً حتماً رفض الدعوى المدنية وإلزام المطعون ضده المدعي بالحقوق المدنية المصاريف المدنية.

الجمعة، 3 مايو 2013

الطعن 4262 لسنة 57 ق جلسة 22/ 3/ 1988 مكتب فني 39 ج 1 ق 68 ص 473

جلسة 22 من مارس سنة 1988
برئاسة السيد المستشار/ محمد أحمد حمدي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ أحمد محمود هيكل ونجاح نصار نائبي رئيس المحكمة ومحمد محمد يحيى وحسن سيد حمزه.
--------------
(68)
الطعن رقم 4262 لسنة 57 القضائية
 (1)تفتيش "التفتيش بغير إذن بقصد التوقي". إثبات "بوجه عام". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تفتيش الضابط للأشخاص المغادرين للبلاد بحثاً عن الأسلحة والذخائر والمفرقعات تأميناً لسلامة الطائرات وركابها من حوادث الإرهاب يعتبر إجراءاً إدارياً وقائياً. وليس من أعمال التحقيق.
جواز التعويل على ما يسفر عنه هذا التفتيش من أدلة كاشفة عن جريمة معاقب عليها بمقتضى القانون العام.
التزام الحكم هذا النظر ورفض الدفع ببطلان التفتيش. صحيح في القانون.
(2) مواد مخدرة. قصد جنائي. جريمة "أركانها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
التحقق من علم المتهم بكنة المادة المضبوطة. موضوعي. ما دام سائغاً.
مثال لتسبيب سائغ على توفر هذا العلم.
(3) دفوع "الدفع ببطلان التفتيش". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
حصول التفتيش في غير حضور المتهم. لا بطلان.
(4) مواد مخدرة. جلب. قصد جنائي. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
جلب المخدر هو استيراده لطرحه للتداول خارج الخط الجمركي. ملازمة هذا المعنى للفعل المادي المكون للجريمة.
متى لا يلتزم الحكم بالتحدث عن هذا المعنى استقلالاً؟
 (5)مسئولية جنائية "الإعفاء منها". مواد مخدرة. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
مناط الإعفاء من المسئولية وفقاً للمادة 48 من القانون 182 لسنة 1960؟
----------------
1 - من المقرر أن التفتيش الذي يجريه الضابط بحثاً عن أسلحة ومفرقعات تأميناً للمطارات من حوادث الإرهاب لا مخالفة فيه للقانون. إذ هو من الواجبات التي تمليها عليه الظروف التي يؤدي فيها هذا الواجب بناء على التعليمات الصادرة إليه في هذا الشأن - فهو بهذه المثابة لا يعد تفتيشاً بالمعنى الذي قصد الشارع اعتباره عملاً من أعمال التحقيق يهدف إلى الحصول على دليل من الأدلة ولا تملكه إلا سلطة التحقيق أو بإذن سابق منها. وإنما هو إجراء إداري تحفظي لا ينبغي أن يختلط مع التفتيش القضائي ولا يلزم لإجرائه أدلة كافية أو إذن سابق من سلطة التحقيق - ولا يلزم صفة الضبط القضائي فيمن يقوم بإجرائه - فإذا أسفر التفتيش عن دليل يكشف عن جريمة معاقب عليها بمقتضى القانون العام فإنه يصح الاستشهاد بهذا الدليل على اعتبار أنه ثمرة إجراء مشروع في ذاته ولم يرتكب في سبيل الحصول عليه أية مخالفة. وأنه إذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر - ورد على الدفع ببطلان القبض والتفتيش بما يسايره - فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون.
2 - لما كان تقصي العلم بحقيقة الجوهر المخدر هو من شئون محكمة الموضوع وحسبها في ذلك أن تورد من الوقائع والظروف ما يكفي في الدلالة على توافره بما لا يخرج عن موجب الاقتضاء العقلي والمنطقي وإذ كانت المحكمة قد استظهرت من ظروف الدعوى وملابساتها على النحو المتقدم بيانه علم الطاعن بوجود المخدر المضبوط في الحقائب الخاصة به وعلى علمه بكونها وردت في الوقت ذاته على دفاعه في هذا الخصوص رداً سائغاً في العقل والمنطق يتحقق به توافر ذلك العلم في حقه - توافراً فعلياً - فإنه لا يجوز مصادرتها في عقيدتها ولا المجادلة في تقديرها أمام محكمة النقض.
3 - من المقرر أن حصول التفتيش في غير حضور المتهم لا يترتب عليه البطلان ذلك بأن القانون لم يجعل حضور المتهم شرطاً جوهرياً لصحته.
4 - من المقرر أن القانون 182/ 1960 المعدل بالقانون 40/ 66 إذ عاقب في المادة 33 على جلب المواد المخدرة فقد دل على أن المراد بالجلب هو استيراده بالذات أو بالواسطة ملحوظاً في ذلك طرحه أو تداوله بين الناس سواء كان الجالب قد استورده لحساب نفسه أم لحساب غيره متى تجاوز بفعله الخط الجمركي قصداً من الشارع إلى القضاء على انتشار المخدرات في المجتمع الدولي - وهذا المعنى يلازم الفعل المادي المكون للجريمة ولا يحتاج في تقريره إلى بيان ولا يلزم الحكم أن يتحدث عنه على استقلال إلا إذا كان الجوهر المجلوب لا يفيض عن حاجة الشخص أو استعماله الشخصي أو دفع المتهم بقيام قصد التعاطي لديه أو لدى من نقل المخدر لحسابه - وكان ظاهر الحال من ظروف الدعوى وملابساتها يشهد له - ويدل على ذلك فوق دلالة المعنى اللغوي والاصطلاحي للفظ الجلب أن المشرع نفسه لم يقرن نصه على الجلب بالإشارة إلى القصد منه بعكس ما استنه في الحيازة أو الإحراز لأن ذلك يكون ترديداً للمعنى المتضمن في الفعل مما يتنزه عنه الشارع إذ الجلب بطبيعته لا يقبل تفاوت القصود ولا كذلك حيازة المخدر أو إحرازه.
5 - إن الفقرة الثانية من المادة 48 من القانون 182/ 1966 لم ترتب الإعفاء من العقوبة بعد علم السلطات العامة بالجريمة إلا بالنسبة للمتهم الذي يوصل إبلاغه فعلاً إلى ضبط باقي الجناة.

الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه جلب لجمهورية مصر العربية جوهراً مخدراً (هيروين) دون الحصول على ترخيص كتابي من الجهة الإدارية المختصة. وأحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة ومحكمة جنايات القاهرة - قضت حضورياً........ عملاً بالمواد 1، 2، 3، 33/ 1، 42/ 1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 40 لسنة 1966 والبند رقم 103 من الجدول رقم واحد الملحق بالقانون الأول مع تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم (الطاعن) بالأشغال الشاقة المؤبدة وبتغريمه عشرة آلاف جنيه ومصادرة المخدر المضبوط.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ.

المحكمة
حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة جلب جواهر مخدرة إلى داخل الجمهورية دون ترخيص كتابي من السلطة المختصة بذلك. قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والخطأ في الإسناد وانطوى على خطأ في تطبيق القانون - ذلك أن الحكم المطعون فيه رد دفعه ببطلان القبض والتفتيش - وكذلك الدفع بعدم العلم وانتفاء القصد الجنائي بما لا يسوغ إطراحهما، ورد على الدفع ببطلان التفتيش في غيبة الطاعن بما لا أصل له في الأوراق، ولم يستظهر قصد الجلب ولم يعمل في حقه الإعفاء المنصوص عليه في المادة 48 من القانون 182/ 1960، ورد على الدفع به بما لا يصلح رداً، كل ذلك يعيبه مما يستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه - قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر معه العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال المقدم......، ومما ثبت من تقرير المعامل الكيماوية، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن التفتيش الذي يجريه الضابط بحثاً عن أسلحة ومفرقعات تأميناً للمطارات من حوادث الإرهاب لا مخالفة فيه للقانون. إذ هو من الواجبات التي تمليها عليه الظروف التي يؤدى فيها هذا الواجب بناء على التعليمات الصادرة إليه في هذا الشأن - فهو بهذه المثابة لا يعد تفتيشاً بالمعنى الذي قصد الشارع اعتباره عملاً من أعمال التحقق يهدف إلى الحصول على دليل من الأدلة ولا تملكه إلا سلطة التحقيق أو بإذن سابق منها. وإنما هو إجراء إداري تحفظي لا ينبغي أن يختلط مع التفتيش القضائي ولا يلزم لإجرائه أدلة كافية أو إذن سابق من سلطة التحقيق - ولا يلزم صفة الضبط القضائي فيمن يقوم بإجرائه - فإذا أسفر التفتيش عن دليل يكشف عن جريمة معاقب عليها بمقتضى القانون العام فإنه يصح الاستشهاد بهذا الدليل على اعتبار أنه ثمرة إجراء مشروع في ذاته ولم يرتكب في سبيل الحصول عليه أية مخالفة. وأنه إذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر - ورد على الدفع ببطلان القبض والتفتيش بما يسايره - فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون. لما كان ذلك - وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت "ومن حيث إنه عن الدفع بانتفاء القصد الجنائي لدى المتهم بشقيه العلم والإرادة فإن ذلك مردود بما تطمئن إليه المحكمة تمام الاطمئنان أنه على علم كامل بما تحويه إذ أن لهذه الحقيبة التي كان يحملها قاع ثابتة وهذه القاع ظاهرة الانتفاخ بوضع غير عادي على النحو الذي ساقه شاهد الواقعة وتطمئن إلى شهادته المحكمة - وما قرره المتهم من أنه بادعاء مرسل غير مستساغ بنقل الحقيبة خدمة لصديق له في الهيئة لتوصيلها إلى لا جوس دون سبب فضلاً عن طريقة إخفاء المخدر كل ذلك يقطع بأن المتهم كان على علم كاف بما تحويه الحقيبة من مخدر وأن إرادته قد أسهمت إلى ارتكاب جريمة الجلب مع علمه بكنية هذه المادة".
ولما كان تقصي العلم بحقيقة الجوهر المخدر هو من شئون محكمة الموضوع وحسبها في ذلك أن تورد من الوقائع والظروف ما يكفي في الدلالة على توافره بما لا يخرج عن موجب الاقتضاء العقلي والمنطقي وإذ كانت المحكمة قد استظهرت من ظروف الدعوى وملابستها على النحو المتقدم بيانه علم الطاعن بوجود المخدر المضبوط في الحقائب الخاصة به وعلى علمه بكونها وردت في الوقت ذاته على دفاعه في هذا الخصوص رداً سائغاً في العقل والمنطق يتحقق به توافر ذلك العلم في حقه - توافراً فعلياً - فإنه لا يجوز مصادرتها في عقيدتها ولا المجادلة في تقديرها أمام محكمة النقض. لما كان ذلك وكان من المقرر أن حصول التفتيش في غير حضور المتهم لا يترتب عليه البطلان ذلك بأن القانون لم يجعل حضور المتهم شرطاً جوهرياً لصحته - ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه على فرض صحة ما يزعمه من أن التفتيش تم في غيبته - بقالة الخطأ في الإسناد ومخالفة لثابت في الأوراق في هذا الخصوص - غير منتج. لما كان ذلك - وكان من المقرر أن القانون 182/ 1960 المعدل بالقانون 40/ 66 إذ عاقب في المادة 33 على جلب المواد المخدرة فقد دل على أن المراد بالجلب هو استيراده بالذات أو بالواسطة ملحوظاً في ذلك طرحه أو تداوله بين الناس سواء كان الجالب قد استورده لحساب نفسه أم لحساب غيره متى تجاوز بفعله الخط الجمركي قصداً من الشارع إلى القضاء على انتشار المخدرات في المجتمع الدولي - وهذا المعنى يلازم الفعل المادي المكون للجريمة ولا يحتاج في تقريره إلى بيان ولا يلزم الحكم أن يتحدث عنه على استقلال إلا إذا كان الجوهر المجلوب لا يفيض عن حاجة الشخص أو استعماله الشخصي أو دفع المتهم بقيام قصد التعاطي لديه أو لدى من نقل المخدر لحسابه - وكان ظاهر الحال من ظروف الدعوى وملابساتها يشهد له - يدل على ذلك فوق دلالة المعنى اللغوي والاصطلاحي للفظ الجلب أن المشرع نفسه لم يقرن نصه على الجلب بالإشارة إلى القصد منه بعكس ما استنه في الحيازة أو الإحراز لأن ذلك يكون ترديداً للمعنى المتضمن في الفعل مما يتنزه عنه الشارع إذ الجلب بطبيعته لا يقبل تفاوت القصود ولا كذلك حيازة المخدر أو إحرازه - لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت أن المخدر يزن ثلاثة كيلو جرامات لمخدر الهيروين أخفاه الطاعن في قاع الحقيبة التي كانت بها ملابسه ودخل به إلى ميناء القاهرة الدولي قادماً من الهند - فإن ما أثبته الحكم من ذلك هو الجلب بعينه كما هو معروف في القانون - بما يضمنه من طرح الجوهر للتعامل - وإذ التزم الحكم هذا النظر فإنه يكون أصاب صحيح القانون ويكون النعي عليه في هذا الخصوص غير سديد. لما كان ذلك - وكانت الفقرة الثانية من المادة 48 من القانون 182/ 1966 لم ترتب الإعفاء من العقوبة بعد علم السلطات العامة بالجريمة إلا بالنسبة للمتهم الذي يوصل إبلاغه فعلاً إلى ضبط باقي الجناة - وكان الحكم قد عرض لما أشاره الطاعن في شأن إعفائه من العقاب عملاً بالفقرة الثانية من المادة 48 سالفة الذكر ورد عليه من أن ما ذكره الطاعن من أنه تسلم الحقيبة من شخص في الهند - فضلاً على أنه لم يتحقق صدقه - فإن ذلك كان بعد ضبط الجريمة - ولم يتم فعلاً القبض على ذلك الشخص الذي سماه - ومن ثم فلا يكون ثمة محل لتعييب الحكم في هذا الصدد. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه.

الطعن 4158 لسنة 57 ق جلسة 22/ 3/ 1988 مكتب فني 39 ق 67 ص 470

جلسة 22 من مارس سنة 1988

برئاسة السيد المستشار/ محمد أحمد حمدي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ أحمد محمود هيكل ونجاح نصار نائبي رئيس المحكمة ومحمد محمد يحيى وحامد عبد النبي.

---------------

(67)
الطعن رقم 4158 لسنة 57 القضائية

(1) نقض "التقرير بالطعن وإيداع الأسباب. ميعاده".
التقرير بالطعن بالنقض في الميعاد دون تقديم أسبابه. أثره: عدم قبول الطعن شكلاً.
(2) عقوبة "العقوبة الأصلية والتكميلية". نقض "حالات الطعن. الخطأ في تطبيق القانون" "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
إغفال الحكم القضاء بالتعويض المنصوص عليه في المادة 164 عقوبات. خطأ في تطبيق القانون.
خلو الأوراق من تحديد عناصر التعويض الواجب الحكم به. وجوب نقض الحكم والإحالة.

----------------
1 - لما كان المحكوم عليه وإن كان قد قرر بالطعن بالنقض في الميعاد بيد أنه لم يقدم أسباباً لطعنه ومن ثم يكون الطعن المقدم منه غير مقبول شكلاً.
2 - لما كانت المادة 164 من قانون العقوبات تنص على أن "كل من تسبب عمداً في انقطاع المراسلات التلغرافية بقطعه الأسلاك الموصلة أو كسر شيئاً من العدد أو عوازل الأسلاك أو القوائم الرافعة لها أو بأي كيفية كانت يعاقب بالسجن مع عدم الإخلال في كلتا الحالتين بالتعويض عن الخسارة". ثم نصت المادة 166 عقوبات على سريان حكم المادة المذكورة على الخطوط التليفونية - وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بمعاقبة المطعون ضده عن الجريمة فقط ولم يقض بإلزامه بالتعويض عن الخسارة إعمالاً لنص المادة سالفة البيان وهي عقوبة تكميلية وجوبيه يقضى بها في جميع الأحوال فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون - لما كان ذلك وكانت عناصر التعويض الواجب الحكم به غير محددة بالأوراق فإن محكمة النقض لا تستطيع تصحيح هذا الخطأ مما يتعين معه أن يكون مع النقض الإحالة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه تسبب عمداً في انقطاع الخطوط التليفونية المبينة بالتحقيقات بأن قام بكسر البوكس الخاص بتلك الخطوط مما ترتب عليه انقطاعها على النحو المبين بالتحقيقات. وأحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. ومحكمة جنايات دمياط قضت حضورياً...... عملاً بالمواد 164، 166، 17، 55، 56، من قانون العقوبات بمعاقبته بالحبس مع الشغل لمدة ستة أشهر وأمرت بوقف تنفيذ العقوبة لمدة ثلاث سنوات.
فطعن المحكوم عليه والنيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض...... إلخ.


المحكمة

حيث إن المحكوم عليه وإن كان قد قرر بالطعن بالنقض في الميعاد بيد أنه لم يقدم أسباباً لطعنه ومن ثم يكون الطعن المقدم منه غير مقبول شكلاً.
وحيث إن الطعن المقدم من النيابة العامة قد استوفى الشكل المقرر في القانون.
وحيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دان المطعون ضده بجريمة تسببه عمداً في انقطاع المراسلات التليفونية دون أن يقضى بإلزامه بالتعويض عن الخسارة إعمالاً لحكم المادة 164 من قانون العقوبات يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه.
حيث إن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان المطعون ضده بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها - لما كان ذلك وكانت المادة 164 من قانون العقوبات تنص على أن "كل من تسبب عمداً في انقطاع المراسلات التلغرافية بقطعه الأسلاك الموصلة أو كسر شيئاً من العدد أو عوازل الأسلاك أو القوائم الرافعة لها أو بأي كيفية كانت يعاقب بالسجن مع عدم الإخلال في كلتا الحالتين بالتعويض عن الخسارة." ثم نصت المادة 166 عقوبات على سريان حكم المادة المذكورة على الخطوط التليفونية - وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بمعاقبة المطعون ضده عن الجريمة فقط ولم يقض بإلزامه بالتعويض عن الخسارة إعمالاً لنص المادة سالفة البيان وهي عقوبة تكميلية وجوبيه يقضى بها في جميع الأحوال فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون - لما كان ذلك وكانت عناصر التعويض الواجب الحكم به غير محددة بالأوراق فإن محكمة النقض لا تستطيع تصحيح هذا الخطأ مما يتعين معه أن يكون مع النقض الإحالة.

الطعن 4466 لسنة 57 ق جلسة 21/ 3/ 1988 مكتب فني 39 ق 66 ص 466

جلسة 21 من مارس سنة 1988

برئاسة السيد المستشار/ صلاح نصار نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مسعد الساعي نائب رئيس المحكمة والصاوي يوسف وعادل عبد الحميد وأحمد عبد الرحمن.

--------------

(66)
الطعن رقم 4466 لسنة 57 القضائية

(1) دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". محاماة. إجراءات "إجراءات المحاكمة". بطلان.
حتمية الاستعانة بمحام لكل متهم بجناية. علة ذلك: حتى يكفل له دفاعاً حقيقياً لا دفاعاً شكلياً.
حضور المحامي أثناء المحاكمة ليشهد إجراءاتها معاوناً المتهم معاونة إيجابية بما يرى تقديمه من دفاع. واجب.
(2) دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". إجراءات "إجراءات المحاكمة". بطلان. نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها" "الحكم في الطعن". محاماة.
إصرار المتهم هو والمحامي الحاضر على طلب حضور محاميه الموكل. التفات المحكمة عن هذا الطلب ومضيها في نظر الدعوى وحكمها على الطاعن بالعقوبة مكتفية بمثول المحامي الحاضر. دون الإفصاح في الحكم عن علة عدم إجابة هذا الطلب. إخلال بحق الدفاع.

----------------
1 - من القواعد الأساسية التي أوجبها القانون أن تكون الاستعانة بالمحامي إلزامية لكل متهم بجناية أحيلت لنظرها على محكمة الجنايات حتى يكفل له دفاعاً حقيقياً لا مجرد دفاع شكلي، تقديراً بأن الاتهام بجناية أمر له خطره ولا تؤتى ثمرة هذا الضمان إلا بحضور محام أثناء المحاكمة ليشهد إجراءاتها وليعاون المتهم معاونة إيجابية بكل ما يرى تقديمه من وجوه الدفاع عنه.
2 - من المقرر أن للمتهم مطلق الحرية في اختيار المحامي الذي يتولى الدفاع عنه، وحقه في ذلك حق أصيل مقدم على حق المحكمة في تعين محامي له، وكان يبين مما تقدم أن الطاعن مثل أمام المحكمة وقال أن محاميه الموكل لم يحضر وحضر عنه محام آخر طلب تأجير نظر الدعوى لليوم التالي حتى يتسنى لمحاميه الأصيل أن يحضر للدفاع عنه، غير أن المحكمة التفتت عن هذا الطلب وندبت من قبلها محامياً كلفته بالاطلاع على ملف الدعوى وسمعت مرافعته ثم قضت بإدانة الطاعن دون أن تفصح في حكمها عن العلة التي تبرر عدم إجابته وأن تشير إلى اقتناعها بأن الغرض من طلب التأجيل عرقلة سير الدعوى، فإن ذلك منها إخلال بحق الدفاع مبطل لإجراءات المحاكمة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه واقع........ بغير رضاها بأن باغتها أثناء جلوسها بحقلها وأمسك بذراعها وشدها وأدخلها عنوة زراعة الذرة الخاصة به فقاومته إلا أنه تمكن بقوته العضلية من التغلب عليها فأرقدها أرضاً وانتزع سروالها وأولج قضيبه في فرجها. وأحالته إلى محكمة جنايات أسيوط لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعى..... والد المجني عليها مدنياً قبل المتهم بمبلغ 501 جنيهاً تعويض مؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً في....... عملاً بالمادة 267/ 1 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة المؤقتة لمدة عشر سنوات وألزمته بأن يؤدي للمدعي بالحقوق المدنية بصفته مبلغ 501 جنيه على سبيل التعويض المؤقت.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة مواقعة أنثى بغير رضاها قد انطوى على إخلال بحق الدفاع ذلك بأن محاميه الموكل لم يحضر جلسة المحاكمة التي صدر بها الحكم المطعون فيه لعذر طرأ عليه وحضر عنه محام آخر التمس تأجيل نظر الدعوى لليوم التالي لحضوره غير أن المحكمة لم تجبه إلى طلبه وندبت له محامياً كلفته بالاطلاع على ملف الدعوى والمرافعة في الجلسة ذاتها دون أن تتيح له الوقت الكافي للدراسة والاستعداد، وانتهت من تلك الإجراءات المبتسرة إلى القضاء بمعاقبته على الرغم من تمسكه بحضور محاميه الموكل، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من محضر جلسة المحاكمة التي صدر بها الحكم المطعون فيه أن الطاعن مثل أمام المحكمة وقال إن محاميه الموكل لم يحضر وحضر عنه محامي آخر طلب التأجيل لليوم التالي لحضور زميله المحامي الموكل غير أن المحكمة لم تستجب إلى طلبه وندبت للحضور مع المتهم - الطاعن - محامياً آخر كلفته بالاطلاع على ملف الدعوى واستمرت في السير في إجراءات المحاكمة وسمعت مرافعة المحامي المنتدب ثم قضت بالإدانة. لما كان ذلك، وكان من القواعد الأساسية التي أوجبها القانون أن تكون الاستعانة بالمحامي إلزامية لكل متهم بجناية أحيلت لنظرها على محكمة الجنايات حتى يكفل له دفاعاً حقيقياً لا مجرد دفاع شكلي، تقديراً بأن الاتهام بجناية أمر له خطره ولا تؤتى ثمرة هذا الضمان إلا بحضور محام أثناء المحاكمة ليشهد إجراءاتها وليعاون المتهم معاونة إيجابية بكل ما يرى تقديمه من وجوه الدفاع عنه، وكان من المقرر أن للمتهم مطلق الحرية في اختيار المحامي الذي يتولى الدفاع عنه، وحقه في ذلك حق أصيل مقدم على حق المحكمة في تعيين محامي له، وكان يبين مما تقدم أن الطاعن مثل أمام المحكمة وقال إن محاميه الموكل لم يحضر وحضر عنه محام آخر طلب تأجير نظر الدعوى لليوم التالي حتى يتسنى لمحاميه الأصيل أن يحضر للدفاع عنه، غير أن المحكمة التفتت عن هذا الطلب وندبت من قبلها محامياً كلفته بالاطلاع على ملف الدعوى وسمعت مرافعته ثم قضت بإدانة الطاعن دون أن تفصح في حكمها عن العلة التي تبرر عدم إجابته وأن تشير إلى اقتناعها بأن الغرض من طلب التأجيل عرقلة سير الدعوى، فإن ذلك منها إخلال بحق الدفاع مبطل لإجراءات المحاكمة وموجب لنقض الحكم والإعادة بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.