الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 28 سبتمبر 2016

الطعن 47778 لسنة 75 ق جلسة 11 / 11 /2012 مكتب فني 63 ق 119 ص 666

جلسة 11 من نوفمبر سنة 2012

برئاسة السيد المستشار/ طه قاسم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ حسن الغزيري، محمد رضوان، محمد السعدني نواب رئيس المحكمة وعادل عمارة.

----------------

(119)
الطعن رقم 47778 لسنة 75 القضائية

(1) تزوير "أوراق رسمية". جريمة "أركانها". قصد جنائي. اشتراك. إثبات "بوجه عام". دفوع "الدفع بانتفاء القصد الجنائي". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير توافر القصد الجنائي". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
القصد الجنائي في جريمة التزوير والاشتراط فيه. موضوعي. تحدث الحكم صراحة واستقلالاً عنه. غير لازم. ما دام قد أورد من الوقائع ما يدل عليه.
مثال لتسبيب سائغ للرد على الدفع بانتفاء القصد الجنائي في جريمة اشتراك في تزوير محررات رسمية.
(2) إثبات "بوجه عام" "أوراق رسمية". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
للمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية. ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي أطمأنت إليها من سائر الأدلة.
(3) استدلالات. إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
للمحكمة الأخذ بتحريات رجال المباحث باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة.
(4) تزوير "أوراق رسمية". اشتراك. أسباب الإباحة وموانع العقاب "موانع العقاب" "الإعفاء من العقوبة". عقوبة "الإعفاء منها". مسئولية جنائية. قانون "تفسيره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
نص المادة 210 عقوبات. مفاده؟
مثال لتسبيب سائغ لإطراح دفاع الطاعن باستحقاقه للإعفاء من العقاب عن جريمة الاشتراك في تزوير محررات رسمية.
(5) تزوير "أوراق رسمية". تقليد. عقوبة "العقوبة المبررة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "المصلحة في الطعن". ارتباط.
نعي الطاعن على الحكم بشأن جناية التزوير في أوراق رسمية. غير مجد. ما دام قد عاقبه بعقوبة تدخل في نطاق المقرر لهذه الجناية وجناية تقليد أختام لجهات حكومية وأعمل نص المادة 32 عقوبات للارتباط.
(6) حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل" "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الخطأ في الإسناد. لا يعيب الحكم. ما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة.
مثال لما لا يعد خطأ من الحكم في الإسناد.
----------------
1- لما كان الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى بما مفاده أن المتهم الأول المحكوم عليه غيابياً حرر للمدعى بالحق المدني ..... ثلاث شيكات بغير رصيد وصدر في حقه بشأنها أحكام بالحبس في القضايا أرقام ....., ...., .... لسنة ..... جنح مستأنف .... وتفادياً لتبعات تلك الأحكام فقد اتفق والطاعن مع آخر مجهول على تزوير التوكيل رقم .... لسنة .... رسمي عام والمنسوب صدوره لمكتب توثيق .... وأمداه بالبيانات اللازمة. فقام ذلك المجهول باصطناعه على غرار الصحيح منه وأثبت فيه أنه صادر من ..... المدعى بالحق المدني للطاعن بصفته محامياً ومهره بتوقيعات وأختام نسبها زوراً للعاملين بتلك الجهة ولأختامها. ثم قام الطاعن باستخدام هذا التوكيل بأن أقر بموجبه أمام الضابط المختص في قسم شرطة .... في المحاضر أرقام ....., ....., ..... أحوال القسم في يوم ..... و....., ..... أحوال القسم في يوم ..... بتصالح المدعى بالحق المدني المار ذكره مع المتهم الأول خلافاً للحقيقة ثم قام الأخير بالاحتجاج بتلك المحاضر أمام محكمة جنح مستأنف ..... في الاستئناف رقم ..... لسنة ..... جنح مستأنف ..... مدعياً تصالحه. فقضت المحكمة بانقضاء الدعوى الجنائية بالتصالح وساق الحكم على ثبوت الواقعة بهذه الصورة في حق الطاعن والمحكوم عليه الآخر أدلة مستمدة من أقوال المدعى بالحق المدني ..... والذي شهد بأنه لم يصدر توكيلاً للطاعن ولم يتصالح مع المحكوم عليه الأول في القضايا المتداولة بينهما, ومن أقوال ..... رئيس مكتب توثيق شهر عقاري ..... التي شهدت بأن التوكيل رقم ..... لسنة ..... رسمي عام ..... موضوع الاتهام مزور وغير صحيح وأن الأختام والتوقيعات الممهورة به مقلدة. ومن أقوال ..... أمين سر محكمة جنح مستأنف ..... من أن المتهم الأول حضر بالجلسة وقرر بتصالحه مع المدعى بالحق المدني في الدعوى رقم ..... لسنة ..... جنح مستأنف ..... مستنداً في ذلك إلى المحضر رقم ..... أحوال قسم شرطة ..... بتاريخ ..... والمحرر بمعرفة الطاعن, ومن أقوال كل من النقيب ..... والملازم أول ..... واللذان شهدا بأن تحرياتهما السرية دلت على أن الطاعن والمحكوم عليه الآخر اتفقا مع آخر مجهول على تزوير التوكيل سالف الذكر واستعمله بأن أقر بموجبه خلافاً للحقيقة أمام الضابط المختص بقسم شرطة ..... في المحاضر المار بيانها بتصالح المدعى بالحق المدني مع الأخير. ومما ثبت بتقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير والذي أثبت أن الأختام الممهور بها التوكيل رقم ..... لسنة ..... رسمي عام ..... مقلدة وغير صحيحة. لما كان ذلك، وكان القصد الجنائي في جريمة التزوير والاشتراك فيه هو من المسائل المتعلقة بوقائع الدعوى التي تفصل فيها محكمة الموضوع في ضوء الظروف المطروحة عليها وليس بلازم أن يتحدث الحكم عنه صراحة وعلى استقلال مادام قد أورد من الوقائع ما يدل عليه, وكان ما ساقه الحكم في بيانه لواقعة الدعوى وأدلة ثبوتها على نحو ما سلف يتوافر به في حق الطاعن القصد الجنائي في جريمة الاشتراك في التزوير التي دانه بها ويستقيم به إطراح ما أثاره من دفاع أمام المحكمة من انتفاء علمه بالتزوير. ومن ثم فإن النعي على الحكم بالقصور في هذا الصدد لا يكون له محل.
2- من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية مادام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من سائر الأدلة القائمة في الدعوى التي تكفي لحمل قضائها ومن ثم فلا على المحكمة إن هي أعرضت عن مستندات قدمها الطاعن للتشكيك في أدلة الإثبات التي اطمأنت إليها المحكمة وللتدليل على نفي علمه بالتزوير فإن النعي على الحكم في هذا الصدد لا يكون سديداً.
3- من المقرر أنه لا تثريب على المحكمة إن هي أخذت بتحريات رجال المباحث ضمن الأدلة التي استندت إليها باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة كما هو الحال في الحكم المطعون فيه ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا محل له.
4- من المقرر أن مفاد نص المادة 210 من قانون العقوبات أن المشرع اشترط لإعفاء المتهم من العقاب عن أي من جرائم التزوير الواردة بالمواد من 206 وحتى المادة 209 من ذات القانون أن يكون قد بادر بإخبار الحكومة بها قبل تمامها وقبل البحث عنه أو أن يخبر عن غيره من الجناة أو يسهل للسلطات القبض عليهم, باعتبار أن هذا الإعفاء نوع من المكافأة منحها الشارع لكل من يؤدى خدمة للعدالة, فإذا لم يكن للإبلاغ أو الإخبار فائدة ولم يتحقق صدقه, بأن كان غير متسم بالجدية والكفاية فلا يستحق صاحبه الإعفاء لانتفاء مقوماته وعدم تحقق حكمة التشريع لعدم بلوغ النتيجة التي يُجزى عنها بالإعفاء وهي ضبط الواقعة قبل تمامها أو تمكن السلطات من القبض على الجناة, وإذ كان الثابت من الأوراق أن الأقوال التي أدلى بها الطاعن في هذا الشأن والتي جاءت بعد ضبط المحرر المزور لم تتعد مجرد قول مرسل عار عن دليله بأن شخصاً سماه - هو والد المحكوم عليه الآخر - سلمه التوكيل موضوع الاتهام بحالته, وقد وردت هذه الأقوال من الطاعن في نطاق نفي علمه بتزوير ذلك التوكيل, وهو دفاع على ما سلف قد اطرحه الحكم وما دامت لم تسهم أقواله هذه في تحقق غرض الشارع بضبط أحد ممن يكون قد ساهم في اقتراف الجريمة فإنه لا يتحقق بها موجب الإعفاء من العقاب المقرر بتلك المادة لتخلف المقابل المبرر له.
5- لما كانت العقوبة التي أوقعها الحكم على الطاعن تدخل في نطاق العقوبة المقررة لأي من جنايتي تقليد أختام لجهات حكومية, وكذا التزوير في أوراق رسمية, وأنه أعمل في حقه نص المادة 32 من قانون العقوبات للارتباط وقضى عليه بعقوبة مبررة لتهمة التزوير في أوراق رسمية, ومن ثم يكون الحكم قد جاء صحيحاً, ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص غير مقبول.
6- من المقرر أن الخطأ في الإسناد لا يعيب الحكم ما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة, وكان البين من الحكم المطعون فيه أن ما ينعاه الطاعن من خطئه في الإسناد في بيان عدد الشيكات التي أقام بها المدعى بالحق المدني دعاوى جنائية قبل المحكوم عليه الآخر بقالة أنهما اثنان بدلاً من ثلاث - على نحو ما أشار إليه بأسباب طعنه - وعلى فرض وجوده لم يكن له أثر في منطق الحكم واستدلاله على ارتكاب الطاعن للحادث فإن ما يثيره في هذا الشأن لا يكون مقبولاً.

الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخر قضت بمحاكمته غيابياً بأنهما: المتهمان الأول والثاني: أـ وهما ليسا من أرباب الوظائف العمومية اشتركا بطريقي الاتفاق والمساعدة مع آخر مجهول في ارتكاب تزوير في محرر رسمي هو التوكيل رقم ..... لسنة ...... رسمي عام ..... والمنسوب صدوره لمكتب توثيق ..... بأن اتفقا معه على تزويره وساعداه بأن أمداه بالبيانات اللازم إدراجها به فقام المجهول باصطناعه على غرار الصحيح منه ووقع عليه بإمضاءات عزاها زوراً للموظفين المختصين بالجهة سالفة البيان وبصم عليه بأختام مقلدة فوقعت الجريمة بناء على ذلك الاتفاق وتلك المساعدة على النحو المبين بالتحقيقات. ب -بصفتهما سالفة البيان قلدا بواسطة الغير أختام إحدى المصالح الحكومية وهو الخاتم الكودي لمكتب توثيق ..... واستعملاه بأن بصما به التوكيل المزور موضوع التهمة سالفة البيان مع عملهما بأمر تقليده. 2- المتهم: وهو ليس من أرباب الوظائف العمومية اشترك بطريق المساعدة مع موظفين عموميين حسنى النية وهم ..... أمين شرطة بقسم شرطة ..... و..... ملازم أول شرطة بقسم شرطة ..... في ارتكاب تزوير في محررات رسمية هي المحاضر أرقام ..... أحوال في .....، ..... أحوال في .....، ..... أحوال في ....، ..... أحوال في......، ..... أحوال في ..... وذلك بجعل واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة بأن مثل أمام سالفي الذكر بموجب التوكيل الزور موضوع التهمة الأولى وأثبت تخالصه عن المجني عليه وأدلى على خلاف الحقيقة بأن موكله قد تصالح مع المتهم الأول في الدعاوى سالفة البيان فوقعت الجريمة بناء على تلك المساعدة على النحو المبين بالتحقيقات. 3- المتهمان: استعملا المحرر المزور موضوع التهمة الأولى فيما زور من أجله مع علمهما بتزويره وذلك بأن احتج به الثاني في حضوره لتحرير محاضر جمع الاستدلالات المزورة سالفة البيان في إثبات وكالته عن المجني عليه ..... واستعملها الأول بأن احتج بها أمام محكمة جنح مستأنف ..... و...... في إثبات تخالصه مع المجني عليه في الدعاوى سالفة البيان. وأحالتهما إلى محكمة جنايات ..... لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعى المجني عليه ..... مدنياً قبل المتهمين بمبلغ 2001 جنيه على سبيل التعويض المدني المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً غيابياً للأول وحضورياً للثاني وعملاً بالمواد 40/ 2، 3، 41، 206/ 3، 4، 211، 212، 213، 214 من قانون العقوبات مع إعمال المادتين رقمي 17، 32 من قانون العقوبات. أولاً: بمعاقبة الأول غيابياً بالسجن المشدد لمدة خمس سنوات عما أسند إليه. ثانياً: بمعاقبة الثاني حضورياً بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة عما أسند إليه. ثالثاً: ألزمت المتهمين بالمصاريف الجنائية وبمصادرة المحررات المزورة المضبوطة. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض ..... إلخ.

المحكمة

حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم الاشتراك في تزوير محرر رسمي وتقليد خاتم لإحدى الجهات الحكومية واستعمالها قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والخطأ في القانون ومخالفة الثابت بالأوراق، ذلك أنه دفع بانتفاء القصد الجنائي في حقه وعدم علمه بتزوير المحرر محل الاتهام وأن والد المتهم الآخر هو الذي سلمه إياه بحالته دون أن يعلم حقيقة تزويره ودلل على ذلك بأنه أبلغ الشرطة فور اكتشافه الواقعة وبما قدمه من مستندات تؤيد دفاعه. إلا أن الحكم التفت عن هذا الدفاع ولم يعن بتحقيقه ولم يدلل على توافر العلم لديه، واستند في ذلك إلى تحريات الشرطة رغم عدم صلاحيتها، وعاقبه دون أن يعمل في حقه الإعفاء المقرر بمقتضى نص المادة 210 من قانون العقوبات لإبلاغه عن الفاعل الحقيقي، وأخيراً فإن المحكمة أوردت في أسبابها أن المتهم الآخر حرر للمدعى بالحق المدني ثلاث شيكات بغير رصيد خلافاً للثابت من الأوراق من أنه حرر له شيكين فقط أقام بهما ثلاث قضايا. ذلك مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه. وحيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى بما مفاده أن المتهم الأول المحكوم عليه غيابياً حرر للمدعى بالحق المدني ..... ثلاث شيكات بغير رصيد وصدر في حقه بشأنها أحكام بالحبس في القضايا أرقام ...., ....., ..... لسنة ..... جنح مستأنف .... وتفادياً لتبعات تلك الأحكام فقد اتفق والطاعن مع آخر مجهول على تزوير التوكيل رقم .... لسنة .... رسمي عام والمنسوب صدوره لمكتب توثيق ..... وأمداه بالبيانات اللازمة. فقام ذلك المجهول باصطناعه على غرار الصحيح منه وأثبت فيه أنه صادر من ..... المدعى بالحق المدني للطاعن بصفته محامياً ومهره بتوقيعات وأختام نسبها زوراً للعاملين بتلك الجهة ولأختامها. ثم قام الطاعن باستخدام هذا التوكيل بأن أقر بموجبه أمام الضابط المختص في قسم شرطة .... في المحاضر أرقام ....., ....., ..... أحوال القسم في يوم ..... و....., ..... أحوال القسم في يوم ..... بتصالح المدعى بالحق المدني المار ذكره مع المتهم الأول خلافاً للحقيقة ثم قام الأخير بالاحتجاج بتلك المحاضر أمام محكمة جنح مستأنف ..... في الاستئناف رقم ..... لسنة ..... جنح مستأنف ..... مدعياً تصالحه. فقضت المحكمة بانقضاء الدعوى الجنائية بالتصالح وساق الحكم على ثبوت الواقعة بهذه الصورة في حق الطاعن والمحكوم عليه الآخر أدلة مستمدة من أقوال المدعى بالحق المدني ..... والذي شهد بأنه لم يصدر توكيلاً للطاعن ولم يتصالح مع المحكوم عليه الأول في القضايا المتداولة بينهما, ومن أقوال ..... رئيس مكتب توثيق شهر عقاري ..... التي شهدت بأن التوكيل رقم ..... لسنة ..... رسمي عام ..... موضوع الاتهام مزور وغير صحيح وأن الأختام والتوقيعات الممهورة به مقلدة. ومن أقوال ..... أمين سر محكمة جنح مستأنف ..... من أن المتهم الأول حضر بالجلسة وقرر بتصالحه مع المدعى بالحق المدني في الدعوى رقم ..... لسنة ..... جنح مستأنف ..... مستنداً في ذلك إلى المحضر رقم ..... أحوال قسم شرطة ..... بتاريخ ..... والمحرر بمعرفة الطاعن, ومن أقوال كل من النقيب ..... والملازم أول ..... واللذان شهدا بأن تحرياتهما السرية دلت على أن الطاعن والمحكوم عليه الآخر اتفقا مع آخر مجهول على تزوير التوكيل سالف الذكر واستعمله بأن أقر بموجبه خلافاً للحقيقة أمام الضابط المختص بقسم شرطة ..... في المحاضر المار بيانها بتصالح المدعى بالحق المدني مع الأخير. ومما ثبت بتقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير والذي أثبت أن الأختام الممهور بها التوكيل رقم ..... لسنة ..... رسمي عام ..... مقلدة وغير صحيحة. لما كان ذلك، وكان القصد الجنائي في جريمة التزوير والاشتراك فيه هو من المسائل المتعلقة بوقائع الدعوى التي تفصل فيها محكمة الموضوع في ضوء الظروف المطروحة عليها وليس بلازم أن يتحدث الحكم عنه صراحة وعلى استقلال مادام قد أورد من الوقائع ما يدل عليه, وكان ما ساقه الحكم في بيانه لواقعة الدعوى وأدلة ثبوتها على نحو ما سلف يتوافر به في حق الطاعن القصد الجنائي في جريمة الاشتراك في التزوير التي دانه بها ويستقيم به إطراح ما أثاره من دفاع أمام المحكمة من انتفاء علمه بالتزوير. ومن ثم فإن النعي على الحكم بالقصور في هذا الصدد لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية مادام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من سائر الأدلة القائمة في الدعوى التي تكفي لحمل قضائها ومن ثم فلا على المحكمة إن هي أعرضت عن مستندات قدمها الطاعن للتشكيك في أدلة الإثبات التي اطمأنت إليها المحكمة وللتدليل على نفي علمه بالتزوير فإن النعي على الحكم في هذا الصدد لا يكون سديداً. لما كان ذلك، وكان لا تثريب على المحكمة إن هي أخذت بتحريات رجال المباحث ضمن الأدلة التي استندت إليها باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ـ كما هو الحال في الحكم المطعون فيه ـ ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا محل له. لما كان ذلك، وكان مفاد نص المادة 210 من قانون العقوبات أن المشرع اشترط لإعفاء المتهم من العقاب عن أي من جرائم التزوير الواردة بالمواد من 206 وحتى المادة 209 من ذات القانون أن يكون قد بادر بإخبار الحكومة بها قبل تمامها وقبل البحث عنه أو أن يخبر عن غيره من الجناة أو يسهل للسلطات القبض عليهم, باعتبار أن هذا الإعفاء نوع من المكافأة منحها الشارع لكل من يؤدى خدمة للعدالة, فإذا لم يكن للإبلاغ أو الإخبار فائدة ولم يتحقق صدقه, بأن كان غير متسم بالجدية والكفاية فلا يستحق صاحبه الإعفاء لانتفاء مقوماته وعدم تحقق حكمة التشريع لعدم بلوغ النتيجة التي يُجزى عنها بالإعفاء وهي ضبط الواقعة قبل تمامها أو تمكن السلطات من القبض على الجناة, وإذ كان الثابت من الأوراق أن الأقوال التي أدلى بها الطاعن في هذا الشأن والتي جاءت بعد ضبط المحرر المزور لم تتعد مجرد قول مرسل عار عن دليله بأن شخصاً سماه هو والد المحكوم عليه الآخر سلمه التوكيل موضوع الاتهام بحالته, وقد وردت هذه الأقوال من الطاعن في نطاق نفي علمه بتزوير ذلك التوكيل, وهو دفاع على ما سلف قد اطرحه الحكم وما دامت لم تسهم أقواله هذه في تحقق غرض الشارع بضبط أحد ممن يكون قد ساهم في اقتراف الجريمة فإنه لا يتحقق بها موجب الإعفاء من العقاب المقرر بتلك المادة لتخلف المقابل المبرر له، هذا إلى أنه لما كانت العقوبة التي أوقعها الحكم على الطاعن تدخل في نطاق العقوبة المقررة لأي من جنايتي تقليد أختام لجهات حكومية, وكذا التزوير في أوراق رسمية, وأنه أعمل في حقه نص المادة 32 من قانون العقوبات للارتباط وقضى عليه بعقوبة مبررة لتهمة التزوير في أوراق رسمية, ومن ثم يكون الحكم قد جاء صحيحاً, ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص غير مقبول. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الخطأ في الإسناد لا يعيب الحكم ما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة, وكان البين من الحكم المطعون فيه أن ما ينعاه الطاعن من خطئه في الإسناد في بيان عدد الشيكات التي أقام بها المدعى بالحق المدني دعاوى جنائية قبل المحكوم عليه الآخر بقالة أنهما اثنان بدلاً من ثلاث - على نحو ما أشار إليه بأسباب طعنه - وعلى فرض وجوده لم يكن له أثر في منطق الحكم واستدلاله على ارتكاب الطاعن للحادث فإن ما يثيره في هذا الشأن لا يكون مقبولاً. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 46766 لسنة 75 ق جلسة 11 / 11 / 2012 مكتب فني 63 ق 118 ص 656

جلسة 11 من نوفمبر سنة 2012

برئاسة السيد المستشار/ طه قاسم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ حسن الغزيري، عادل أبو النجا، محمد رضوان نواب رئيس المحكمة وعاطف عبد السميع.
-------------

(118)
الطعن رقم 46766 لسنة 75 القضائية

(1) هتك عرض. جريمة "أركانها". إثبات "بوجه عام".
تحدث الحكم عن أركان جريمة هتك العرض استقلالاً. غير لازم. متى كان فيما أورده من وقائع وظروف ما يكفي للدلالة على قيامها.
(2) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير أقوال الشهود". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
إحالة الحكم في بيان شهادة الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر. لا يعيبه. ما دامت أقوالهم متفقة مع ما استند إليه الحكم منها.
محكمة الموضوع غير ملزمة بسرد روايات كل الشهود إن تعددت وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به. حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه.
لمحكمة الموضوع تجزئة أقوال الشاهد والأخذ منها بما يطمئن إليه وإطراح ما عداه. مثال.
(3) هتك عرض. جريمة "أركانها". إكراه. إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
جريمة هتك العرض. مناط توافرها؟
ركن القوة في جريمة هتك العرض بالقوة. مناط توافره؟
للمحكمة استخلاص حصول الإكراه على المجني عليه في جريمة هتك العرض بالقوة من الوقائع التي شملها التحقيق وأقوال الشهود.
تحدث الحكم عن ركن القوة في جريمة هتك العرض بالقوة استقلالاً. غير لازم. متى كان ما أورده من وقائع وظروف ما يكفي لقيامه.
مثال.
(4) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير أقوال الشهود". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
وزن أقوال الشهود وتقديرها. موضوعي.
أخذ محكمة الموضوع بشهادة الشهود. مفاده؟
تناقض المجني عليه أو الشهود في بعض التفاصيل. لا يعيب الحكم. ما دام قد استخلص الحقيقة من أقوالهم بما لا تناقض فيه ولم يورد تلك التفاصيل أو يركن إليها في تكوين عقيدته.
الجدل الموضوعي في تقدير الأدلة. غير جائز لدى محكمة النقض.
(5) إجراءات "إجراءات المحاكمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
النعي على المحكمة قعودها عن الرد على دفع لم يثر أمامها. غير جائز.
مثال.
(6) إثبات "بوجه عام" "قرائن". استدلالات. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على تحريات الشرطة باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة.
(7) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعي. ما دام سائغاً.
(8) إثبات "بوجه عام". دفوع "الدفع بتلفيق التهمة" "الدفع بعدم معقولية تصوير الواقعة". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الدفع بعدم معقولية الواقعة أو تلفيق الاتهام. موضوعي. لا تستأهل رداً. طالما كان الرد مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
الأدلة في المواد الجنائية إقناعية. للمحكمة الالتفات عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية. ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي أطمأنت إليها المحكمة من باقي الأدلة.
الجدل الموضوعي. غير جائز أمام محكمة النقض.
(9) إثبات "بوجه عام". دفوع "الدفع بنفي التهمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
الدفع بنفي التهمة. موضوعي. لا يستأهل رداً. طالما كان الرد عليه مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
(10) دعوى مدنية "نظرها والحكم فيها". نقض "أثر الطعن".
نقض الحكم. أثره: عودة الدعوى إلى سيرتها الأولى قبل صدور الحكم المنقوض واستئناف سيرها من النقطة التي وقفت عندها.
مثال.
(11) دعوى مدنية "نظرها والحكم فيها". إجراءات "إجراءات المحاكمة".
عدم سداد رسم الدعوى المدنية. لا يتعلق بإجراءات المحاكمة من حيث صحتها أو بطلانها.
(12) عقوبة "تطبيقها". محكمة النقض "سلطتها". نقض "عدم جواز مضارة الطاعن بطعنه".
تطبيق الحكم عقوبة على الطاعن تقل عن العقوبة الواجبة التطبيق. خطأ. لا تملك محكمة النقض تصحيحه. علة وأساس ذلك؟
مثال.
-------------
1- لما كان الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة هتك عرض المجني عليهما بغير رضائهما التي دين الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه عليها وكان ما أورده الحكم كافياً لإثبات توافر هذه الجريمة بأركانها بما فيها ركناها المادي والمعنوي, ولا يلزم أن يتحدث الحكم عنهما على استقلال متى كان فيما أورده من وقائع وظروف ما يكفي للدلالة على قيامها - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يكون له محل.
2- من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في بيان شهادة الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر مادامت أقوالهم متفقة مع ما استند إليه الحكم منها، كما أنه من المقرر أن محكمة الموضوع غير ملزمة بسرد روايات كل الشهود إن تعددت وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به بل حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه. وكان البين من مدونات الحكم المطعون أنه أحال في بيان أقوال المجني عليها ..... إلى ما أورده من أقوال المجني عليها ..... وأن مفاد إحالة الحكم في بيان أقوالها إلى ما حصله من أقوال الثانية فيما اتفقتا بشأنه طالما أنه لم يستند في قضائه إلى ما زادت فيه المجني عليها الأولى من أقوال لا سيما أنه من حق محكمة الموضوع تجزئة أقوال الشاهد والأخذ منها بما تطمئن إليه وإطراح ما عداه دون أن يعد هذا تناقضاً في حكمها, ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الشأن لا يكون له محل.
3- من المقرر أنه يكفي لتوافر جريمة هتك العرض أن يقوم الجاني بكشف جزء من جسم المجني عليه يعد من العورات التي يحرص على صونها وحجبها عن الأنظار ولو لم يقترن ذلك بفعل مادي آخر من أفعال الفحش لما في ذلك الفعل من خدش لعاطفة الحياء العرضي للمجني عليه من ناحية المساس بتلك العورات التي لا يجوز العبث بحرمتها والتي هي جزء داخل في خلق كل إنسان وكيانه الفطري وأنه لا يشترط قانوناً لتوافر جريمة هتك العرض أن يترك الفعل أثراً في جسم المجني عليه. كما أنه يشترط لتوافر ركن القوة في هذه الجريمة أن يكون الفعل قد ارتكب ضد إرادة المجني عليه وبغير رضائه وكان للمحكمة أن تستخلص من الوقائع التي شملها التحقيق ومن أقوال الشهود حصول الإكراه على المجني عليه، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت من أقوال المجني عليهما وقوع الجريمة من الطاعن وأن الذي أورده الحكم كاف لإثبات توافر جريمة هتك العرض بأركانها بما فيها ركن القوة ولا يلزم أن يتحدث الحكم عنه على استقلال متى كان ما أورده من وقائع وظروف ما يكفي لقيامه, ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يكون له محل.
4- من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه, وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها كما أن تناقض المجني عليه أو الشهود في بعض التفاصيل لا يعيب الحكم أو يقدح في سلامته مادام قد استخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه ومادام لم يورد تلك التفاصيل أو يركن إليها في تكوين عقيدته, ومن ثم فإن منعي الطاعن في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير المحكمة للأدلة القائمة في الدعوى وهو من إطلاقاتها ولا يجوز مصادرتها فيه لدى محكمة النقض.
5- لما كان لا يبين من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن أو المدافع عنه قد دفعاً بعدم جدية التحريات فلا يجوز النعي على الحكم إغفال الرد على دفع لم يثر أمام المحكمة.
6- من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة أساسية فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير مقبول.
7- من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها, وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى مادام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق.
8- من المقرر أن الدفع بعدم معقولية الواقعة أو تلفيق الاتهام من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم, وكان من المقرر أن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية فللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية مادام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها المحكمة مع باقي الأدلة القائمة في الدعوى, ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
9- لما كان النعي على الحكم المطعون فيه التفاته عن الرد عن دفاع الطاعن بأنه يعمل مدرساً بالمدرسة منذ 1991 ومشهود له بحسن السمعة مردوداً بأن نفى التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم, ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير مقبول.
10- لما كان البين من الاطلاع على المفردات المضمومة أنه قد ثبت بها ادعاء والد المجني عليها الثانية مدنياً قبل الطاعن بمبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت, وكان من المقرر أن الدعوى بعد نقض الحكم تعود إلى سيرتها الأولى قبل صدور الحكم المنقوض وتستأنف سيرها من النقطة التي وقفت عندها, ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه بدعوى الخطأ في الإسناد لإيراده واقعة لها أصل في الأوراق وهي حضور محام عن الولي الطبيعي للمجني عليها الثانية وادعاؤه مدنياً قبل الطاعن وبأن المجني عليها بلغت أربعة وعشرين عاماً وليس لها ولي طبيعي لا يكون له محل.
11- لما كان البين أن عدم سداد رسم الدعوى المدنية بفرض صحة ذلك لا تعلق له بإجراءات المحاكمة من حيث صحتها أو بطلانها, ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد, ويكون الطعن برمته واجب الرفض.
12- لما كان الحكم المطعون فيه بعد تطبيقه المادتين 267/ 1, 2, 268/ 1, 2 من قانون العقوبات وإعماله المادة 17 من ذات القانون قد أوقع على الطاعن عقوبة الحبس لمدة سنتين حالة أن العقوبة الواجبة التطبيق هي السجن, إلا أنه لما كان الطعن مرفوعاً من المحكوم عليه, فإن محكمة النقض لا تملك تصحيحه في هذه الحالة لأن من شأن ذلك الإضرار بالطاعن, وهو ما لا يجوز عملاً بمقتضى المادة 43 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959.

الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: هتك عرض الصبيتين ...... اللتين لم تبلغ أي منهما ستة عشر عاماً ميلادياً كاملاً بالقوة والتهديد وبغير رضائهما بأن لامس جسديهما بيديه وأخرج لهما عضو تذكيره واحتضنهما بغير رضائهما في توقيتين مختلفين حال كونه ممن له سلطة عليهما ومن المتولين رعايتهما حيث يعمل مدرساً لهما في مدرستهما على النحو المبين تفصيلاً بالأوراق. وأحالته إلى محكمة جنايات ..... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعى والد المجني عليها الثانية قبل المتهم بمبلغ قرش صاغ واحد على سبيل الدعوى المدنية المؤقتة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادتين 267/ 2، 268/ 1، 2 من قانون العقوبات مع إعمال المادتين 17، 32 من ذات القانون بمعاقبته بالحبس مع الشغل لمدة سنتين وألزمته بأن يؤدى للمدعى المدني مبلغ قرش واحد على سبيل التعويض المؤقت. فطعن الأستاذ .... نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض ..... إلخ.

المحكمة

حيث ينعي الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة هتك العرض بالقوة والتهديد قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق والإخلال بحق الدفاع. ذلك بأنه أحال في بيان أقوال المجني عليها ...... إلى ما شهدت به المجني عليها ..... رغم اختلاف في أقوالها بشأن ما قررته الأولى من تعدى الطاعن عليها أربع مرات والذي أسقطه الحكم من أقوالها مع أنه يستفاد منه رضاء المجني عليها وانتفاء ركن القوة في الجريمة، وعول الحكم في الإدانة على تحريات وأقوال الضابط مجريها رغم تناقضها مع أقوال المجني عليها والشهود واختلافها مع ماديات الدعوى ملتفتاً عن الدفع بعدم جديتها والتفت عما دفع به الطاعن بعدم معقولية تصوير الواقعة وكيدية الاتهام وتلفيقه من حيث مكان وزمان وتاريخ الواقعة المؤيد بمستندات رسمية تثبت عدم تواجد الطاعن بالمدرسة في الفترة التي قيل بحدوث الواقعة فيها. كما أن الطاعن يعمل بالمدرسة منذ 1991 ويتمتع بسمعة ممتازة بشهادة ناظر المدرسة والأخصائي الاجتماعي كما أورد الحكم واقعة ليس لها أصل في الأوراق وهي حضور محام عن الولي الطبيعي للمجني عليها ..... والادعاء مدنياً قبل الطاعن فضلاً عن أن المجني عليها المذكورة تبلغ من العمر أربعة وعشرين عاماً حسبما هو ثابت بالأوراق وليس لها ولي طبيعي. كما خلت الأوراق مما يفيد سداد رسم الادعاء المدني. مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه. وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة هتك عرض المجني عليهما بغير رضائهما التي دين الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه عليها وكان ما أورده الحكم كافياً لإثبات توافر هذه الجريمة بأركانها بما فيها ركناها المادي والمعنوي, ولا يلزم أن يتحدث الحكم عنهما على استقلال متى كان فيما أورده من وقائع وظروف ما يكفي للدلالة على قيامها كما هو الحال في الدعوى المطروحة ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في بيان شهادة الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر مادامت أقوالهم متفقة مع ما استند إليه الحكم منها، كما أنه من المقرر أن محكمة الموضوع غير ملزمة بسرد روايات كل الشهود إن تعددت وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به بل حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه. وكان البين من مدونات الحكم المطعون أنه أحال في بيان أقوال المجني عليها ..... إلى ما أورده من أقوال المجني عليها ..... وأن مفاد إحالة الحكم في بيان أقوالها إلى ما حصله من أقوال الثانية فيما اتفقتا بشأنه طالما أنه لم يستند في قضائه إلى ما زادت فيه المجني عليها الأولى من أقوال لا سيما أنه من حق محكمة الموضوع تجزئة أقوال الشاهد والأخذ منها بما تطمئن إليه وإطراح ما عداه دون أن يعد هذا تناقضاً في حكمها, ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الشأن لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه يكفي لتوافر جريمة هتك العرض أن يقوم الجاني بكشف جزء من جسم المجني عليه يعد من العورات التي يحرص على صونها وحجبها عن الأنظار ولو لم يقترن ذلك بفعل مادي آخر من أفعال الفحش، لما في ذلك الفعل من خدش لعاطفة الحياء العرضي للمجني عليه من ناحية المساس بتلك العورات التي لا يجوز العبث بحرمتها والتي هي جزء داخل في خلق كل إنسان وكيانه الفطري، وأنه لا يشترط قانوناً لتوافر جريمة هتك العرض أن يترك الفعل أثراً في جسم المجني عليه. كما أنه يشترط لتوافر ركن القوة في هذه الجريمة أن يكون الفعل قد ارتكب ضد إرادة المجني عليه وبغير رضائه، وكان للمحكمة أن تستخلص من الوقائع التي شملها التحقيق ومن أقوال الشهود حصول الإكراه على المجني عليهما، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت من أقوال المجني عليهما وقوع الجريمة من الطاعن وأن الذي أورده الحكم كاف لإثبات توافر جريمة هتك العرض بأركانها بما فيها ركن القوة ولا يلزم أن يتحدث الحكم عنه على استقلال متى كان ما أورده من وقائع وظروف ما يكفي لقيامه, ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه, وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، كما أن تناقض المجني عليه أو الشهود في بعض التفاصيل لا يعيب الحكم أو يقدح في سلامته مادام قد استخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه ومادام لم يورد تلك التفاصيل أو يركن إليها في تكوين عقيدته, ومن ثم فإن منعي الطاعن في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير المحكمة للأدلة القائمة في الدعوى وهو من إطلاقاتها ولا يجوز مصادرتها فيه لدى محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان لا يبين من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن أو المدافع عنه قد دفعاً بعدم جدية التحريات فلا يجوز النعي على الحكم إغفال الرد على دفع لم يثر أمام المحكمة. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة أساسية فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير مقبول. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها, وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى مادام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وكان الدفع بعدم معقولية الواقعة أو تلفيق الاتهام من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم, وكان من المقرر أن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية فللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية مادام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها المحكمة مع باقي الأدلة القائمة في الدعوى, ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان النعي على الحكم المطعون فيه التفاته عن الرد عن دفاع الطاعن بأنه يعمل مدرساً بالمدرسة منذ 1991 ومشهود له بحسن السمعة مردوداً بأن نفى التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم, ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير مقبول. لما كان ذلك، وكان البين من الاطلاع على المفردات المضمومة أنه قد ثبت بها ادعاء والد المجني عليها الثانية مدنياً قبل الطاعن بمبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت, وكان من المقرر أن الدعوى بعد نقض الحكم تعود إلى سيرتها الأولى قبل صدور الحكم المنقوض وتستأنف سيرها من النقطة التي وقفت عندها, ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه بدعوى الخطأ في الإسناد لإيراده واقعة لها أصل في الأوراق وهي حضور محام عن الولي الطبيعي للمجني عليها الثانية وادعاؤه مدنياً قبل الطاعن وبأن المجني عليها بلغت أربعة وعشرين عاماً وليس لها ولي طبيعي لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان عدم سداد رسم الدعوى المدنية ـ بفرض صحة ذلك ـ لا تعلق له بإجراءات المحاكمة من حيث صحتها أو بطلانها, ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد, ويكون الطعن برمته واجب الرفض. لما كان ما تقدم، ولئن كان الحكم المطعون فيه بعد تطبيقه المادتين 267/ 1, 2, 268/ 1, 2 من قانون العقوبات وإعماله المادة 17 من ذات القانون قد أوقع على الطاعن عقوبة الحبس لمدة سنتين حالة أن العقوبة الواجبة التطبيق هي السجن, إلا أنه لما كان الطعن مرفوعاً من المحكوم عليه, فإن محكمة النقض لا تملك تصحيحه في هذه الحالة لأن من شأن ذلك الإضرار بالطاعن, وهو ما لا يجوز عملاً بمقتضى المادة 43 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959.

الطعن 14420 لسنة 75 ق جلسة 11 / 11 / 2012 مكتب فني 63 ق 117 ص 652

جلسة 11 من نوفمبر سنة 2012

برئاسة السيد المستشار/ طه قاسم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ حسن الغزيري، محمد رضوان نائبي رئيس المحكمة، عادل عمارة ويحيى رياض.

---------------

(117)
الطعن رقم 14420 لسنة 75 القضائية

(1) ارتباط. عقوبة "عقوبة الجرائم المرتبطة". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الارتباط". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". محكمة النقض "سلطتها". نقض "حالات الطعن. الخطأ في تطبيق القانون".
تقدير قيام الارتباط بين الجرائم. موضوعي.
انتهاء الحكم إلى عدم قيام الارتباط بين الجرائم وتوقيعه عقوبة مستقلة عن كل منها. خطأ قانوني يستوجب تصحيح محكمة النقض له. علة ذلك؟
مثال.
(2) عقوبة "تطبيقها". نقض "المصلحة في الطعن".
نقض الحكم المطعون فيه والإعادة لخطئه في إعمال المادة 17 عقوبات. غير مجد. ما دام قد تم تنفيذ العقوبة المقضي بها. علة ذلك؟
مثال.
---------------
1- من المقرر أنه وإن كان الأصل أن تقدير قيام الارتباط بين الجرائم مما يدخل في حدود السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع، إلا أنه متى كانت وقائع الدعوى على النحو الذي حصله الحكم لا تتفق قانوناً مع ما انتهى إليه من عدم قيام الارتباط بين الجرائم وتوقيعه عقوبة مستقلة عن كل منها فإن ذلك يكون من قبيل الأخطاء القانونية التي تستوجب تدخل محكمة النقض لإنزال حكم القانون على وجهه الصحيح، ولما كان الحكم المطعون فيه قد قضى بمعاقبة الطاعن بعقوبة مستقلة عن كل من جريمتي إحراز نبات البانجو المخدر بغير قصد من القصود المسماة في القانون وإحراز جوهر الهيروين المخدر بقصد التعاطي اللتين دانه بهما رغم أن الجريمتين اللتين دين بهما قد نشأتا عن فعل واحد هو إحراز المخدر وان تعددت أنواعه واختلفت القصود بما كان يتعين معه وفق صحيح القانون تطبيق نص الفقرة الأولى من المادة 32 من قانون العقوبات والحكم عليه بالعقوبة المقررة لجريمة إحراز نبات البانجو المخدر بغير قصد من القصود المسماة في القانون باعتبارها الجريمة الأشد دون العقوبة المقررة لجريمة إحراز مخدر الهيروين بقصد التعاطي، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وأوقع على الطاعن عقوبة مستقلة عن كل تهمة من التهمتين المسندتين إليه فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون، ومن ثم فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه نقضاً جزئياً وتصحيحه بإلغاء عقوبتي الحبس والغرامة المقضي بهما عن التهمة الثانية والاكتفاء بالعقوبة المقضي بها عن التهمة الأولى باعتبارها الجريمة الأشد.
2- لما كان الثابت أن المحكمة قد أخطأت في تطبيق القانون حين أعملت المادة 17 من قانون العقوبات بالنسبة للتهمة الثانية ولم تعملها بالنسبة للتهمة الأولى حيث أوقعت على الطاعن عقوبة السجن المشدد وهي العقوبة المقررة لهذه التهمة طبقاً للمادة 38 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدلة بالقانون رقم 122 لسنة 1989, إذ كان عليها أن تنزل بعقوبة السجن المشدد إلى عقوبة السجن الذي لا تقل مدته عن ست سنوات, إلا أنه يبين من الأوراق أن العقوبة المقضي بها على الطاعن قد تم تنفيذها, ولم يعد يُرجى من القضاء بنقض الحكم المطعون فيه والإعادة حتى يتسنى تصحيحه على النحو السالف ذكره بحسبان أن تقدير العقوبة أمر موضوعي أي أثر تتحقق به ثمة مصلحة للطاعن بما يغدو معه نقض الحكم المطعون فيه والإعادة غير منتج.

الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: 1- أحرز بقصد الاتجار جوهراً مخدراً "هيروين" في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. 2- أحرز بقصد الاتجار نبات الحشيش المخدر "بانجو" في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وأحالته إلى محكمة جنايات ...... لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1، 2، 29، 37/ 1، 38/ 1، 42/ 1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانونين رقمي 61 لسنة 1977، 122 لسنة 1989 والبندين رقمي 2 من القسم الأول من الجدول رقم 1، 1 من الجدول رقم 5 الملحقين بالقانون الأول مع تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات وذلك باعتبار الإحراز مجرد من كافة القصود بالنسبة لإحراز نبات الحشيش المخدر "البانجو" والإحراز بقصد التعاطي لمخدر الهيروين بمعاقبته أولا: عن التهمة الأولى بالسجن المشدد لمدة ثلاث سنوات وتغريمه خمسين ألف جنيه ومصادرة النبات المخدر المضبوط. ثانياً: عن التهمة الثانية بمعاقبته بالحبس مع الشغل لمدة ستة أشهر وتغريمه عشرة آلاف جنيه ومصادرة الجوهر المخدر المضبوط. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض ...... إلخ.

المحكمة

من حيث إن الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي إحراز نبات البانجو المخدر بغير قصد من القصود المسماة في القانون وإحراز جوهر الهيروين المخدر بقصد التعاطي قد أخطأ في تطبيق القانون، إذ قضى بعقوبة مستقلة عن كل جريمة من الجريمتين اللتين دانه بهما، في حين أن الجريمتين نشأتا عن فعل واحد هو إحراز المخدر، وكان واجباً لذلك تطبيق المادة 32 من قانون العقوبات. وحيث إنه من المقرر أنه وإن كان الأصل أن تقدير قيام الارتباط بين الجرائم مما يدخل في حدود السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع، إلا أنه متى كانت وقائع الدعوى على النحو الذي حصله الحكم لا تتفق قانوناً مع ما انتهى إليه من عدم قيام الارتباط بين الجرائم وتوقيعه عقوبة مستقلة عن كل منها فإن ذلك يكون من قبيل الأخطاء القانونية التي تستوجب تدخل محكمة النقض لإنزال حكم القانون على وجهه الصحيح، ولما كان الحكم المطعون فيه قد قضى بمعاقبة الطاعن بعقوبة مستقلة عن كل من جريمتي إحراز نبات البانجو المخدر بغير قصد من القصود المسماة في القانون وإحراز جوهر الهيروين المخدر بقصد التعاطي اللتين دانه بهما رغم أن الجريمتين اللتين دين بهما قد نشأتا عن فعل واحد هو إحراز المخدر وأن تعددت أنواعه واختلفت القصود بما كان يتعين معه وفق صحيح القانون تطبيق نص الفقرة الأولى من المادة 32 من قانون العقوبات والحكم عليه بالعقوبة المقررة لجريمة إحراز نبات البانجو المخدر بغير قصد من القصود المسماة في القانون باعتبارها الجريمة الأشد دون العقوبة المقررة لجريمة إحراز مخدر الهيروين بقصد التعاطي، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وأوقع على الطاعن عقوبة مستقلة عن كل تهمة من التهمتين المسندتين إليه فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون، ومن ثم فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه نقضاً جزئياً وتصحيحه بإلغاء عقوبتي الحبس والغرامة المقضي بهما عن التهمة الثانية والاكتفاء بالعقوبة المقضي بها عن التهمة الأولى باعتبارها الجريمة الأشد. وحيث أنه لا يفوت المحكمة أن تنوه عن أن ما ذكرته نيابة النقض من أن المحكمة قد أخطأت في تطبيق القانون حين أعملت المادة 17 من قانون العقوبات بالنسبة للتهمة الثانية ولم تعملها بالنسبة للتهمة الأولى حيث أوقعت على الطاعن عقوبة السجن المشدد وهي العقوبة المقررة لهذه التهمة طبقاً للمادة 38 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدلة بالقانون رقم 122 لسنة 1989, إذ كان عليها أن تنزل بعقوبة السجن المشدد إلى عقوبة السجن الذي لا تقل مدته عن ست سنوات, إلا أنه يبين من الأوراق أن العقوبة المقضي بها على الطاعن قد تم تنفيذها, ولم يعد يُرجى من القضاء بنقض الحكم المطعون فيه والإعادة حتى يتسنى تصحيحه على النحو السالف ذكره بحسبان أن تقدير العقوبة أمر موضوعي أي أثر تتحقق به ثمة مصلحة للطاعن بما يغدو معه نقض الحكم المطعون فيه والإعادة غير منتج.

الطعن 7730 لسنة 75 ق جلسة 11 / 11 / 2012 مكتب فني 63 ق 116 ص 646

جلسة 11 من نوفمبر سنة 2012

برئاسة السيد المستشار/ أحمد على عبد الرحمن نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ السعيد برغوث, محمد عيد محجوب, هاشم النوبي وتوفيق سليم نواب رئيس المحكمة.

---------------

(116)
الطعن رقم 7730 لسنة 75 القضائية

(1) نقض "الصفة في الطعن ".
عدم ادعاء الطاعنة مدنيًا أمام محكمة الموضوع. أثره؟
(2) دعوى مدنية "نظرها والحكم فيها" "تركها". نقض "ما لا يجوز الطعن فيه من الأحكام ".
الطعن بالنقض من المدعي بالحقوق المدنية والمسئول عنها. حدة؟ المادة 30 من القانون رقم 57 لسنة 1959.
الحكم بعدم قبول الدعوى المدنية يستوي مع الحكم بتركها. أثر ذلك؟
مثال.
(3) إثبات "بوجه عام". حكم "بيانات التسبيب" "تسبيبه. تسبيب غير معيب". دعوى مدنية "نظرها والحكم فيها ".
القاضي الجنائي ليس ملزمًا ببيان الواقعة الجنائية في حالة القضاء بالبراءة ورفض الدعوى المدنية. حد ذلك؟
إشارة القاضي إلى مادة القانون الذي حكم بموجبها. واجب في أحكام الإدانة. المادة 310 إجراءات.
عدم إشارة حكم البراءة ورفض الدعوى المدنية لمواد الاتهام وبيانه للواقعة. لا يعيبه.
(4) إثبات " بوجه عام ". حكم " تسبيبه. تسبيب غير معيب ". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن ما لا يقبل منها".
محكمة الموضوع غير ملزمة في أحكام البراءة بالرد على كل دليل من أدلة الاتهام. علة ذلك؟
الجدل في سلطة محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى. غير جائز أمام محكمة النقض.
(5) نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها" "أسباب الطعن. تحديدها" "المصلحة في الطعن ".
مناط قبول الطعن. أن يكون متصلاً بشخص الطاعن.
وجه الطعن. وجوب أن يكون واضحًا محددًا.

---------------
1 - لما كانت الطاعنة لم تدع مدنيًا أمام محكمة الموضوع حسبما هو ثابت بمحاضر جلسات المحاكمة وكان من المقرر أنه يشترط لقبول الطعن وجود صفه للطاعنة ومناط توافر الصفة أن تكون طرفا في الحكم المطعون فيه، فإنه يتعيّن الحكم بعدم قبول الطعن لرفعه من غير ذى صفة، مع مصادرة الكفالة عملاً بنص الفقرة الثانية من المادة 36 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959.
2 - لما كان الثابت بمحضر جلسة..... أن الأستاذ المحامي قد حضر عن المدعى بالحقوق المدنية.... وادعى مدنيًا قبل المتهمين الثلاثة.... وذلك بمبلغ.... جنيه على سبيل التعويض المؤقت وسدد الرسوم المقررة عاد بجلسة.... وقصر دعواه المدنية قبل المتهم الثاني فقط دون المتهمين الآخرين لأنهما طفلان وبجلسة.... حكمت المحكمة ببراءة المتهمين الثلاثة مما أسند إليهم وفى الدعوى المدنية بعدم قبولها بالنسبة للمتهمين الأول والثالث وبرفضها بالنسبة للمتهم الثاني وإلزامه بمصروفات الدعوى المدنية ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة. لما كان ذلك، وكان نص الفقرة الثانية من المادة 30 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمه النقض رقم 57 لسنة 1959 قد جرى على أنه " لا يجوز الطعن من المدعى بالحقوق المدنية والمسئول عنها إلا فيما يتعلق بحقوقهما المدنية وكان الطاعن وإن ادعى مدنيًا قبل المتهمين الأول والثالث إلا أنه عاد وترك دعواه بالنسبة لهما فإنه أيًا كان وجه الرأي في قضاء الحكم بعدم قبول الدعوى المدنية قبلها فإنه يلتقى في النتيجة مع اعتباره تاركًا لدعواه المدنية قبلهما وهو ما كان يتعيّن القضاء به في منطوق الحكم ومن ثمّ فإن طعنه قبلهما يكون غير جائز ومن ثم يتعيّن القضاء بعدم جواز الطعن.
3 - من المقرر أن القاضى الجنائي عملاً بمفهوم المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية ليس ملزمًا قانونًا ببيان الواقعة الجنائية التى قضى فيها بالبراءة، كما أنه غير ملزم ببيانها إذا قضى بالبراءة ورفض الدعوى المدنية المقامة من المدعي المدني معًا، وحسبه أن يكون حكمه مسببًا تسبيبًا كافيًا ومقنعًا، كما أن هذه المادة لا توجب الإشارة إلى نص مادة القانون الذى حكم بموجبه إلا في حاله الحكم بالإدانة، فإذا كان الحكم قد صدر بالبراءة ورفض الدعوى فإنه لا يلزم بطبيعة الحال الإشارة إلى مواد الاتهام، ومن ثم فإنه لا يعيب الحكم المطعون فيه خلوه من بيان الواقعة ومن الإشارة إلى نصوص القانون التى طلبت النيابة العامة تطبيقها عليها ويكون النعي على الحكم في هذا الجانب غير سديد.
4 - من المقرر أن محكمة الموضوع غير ملزمة وهى تقضى بالبراءة وما يترتب على ذلك من رفض الدعوى المدنية، بأن ترد على كل دليل من أدلة الاتهام لأنه في إغفالها التحدث عنه ما يفيد حتما أنها اطرحته ولم تر فيه ما يطمئن إليه للحكم بالأدلة متى كانت قد أحاطت بالدعوى عن بصر وبصيرة - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - ومن ثم فلا يعيب الحكم عدم تصديه لما ساقه في أسباب طعنه من وقائع لم تستعرضها المحكمة أو تركن إليها لإدانة المطعون ضده ما دامت المحكمة قد قطعت في أصل الواقعة وتشككت في إسناد التهمة إلى المتهم والآخرين ويكون ما يثيره الطاعن في أسباب طعنه مجرد جدل في سلطة محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى وتكوين عقيدتها مما لا يجوز إثارته أمام هذه المحكمة محكمه النقض.
5 - لما كان منعى الطاعن المتعلق بحريق محتويات الجراج والسيارة التى كانت به والتى لا تخصه ومن ثم فإن وجه الطعن لا يتصل به ويكون لا محل له، هذا فضلاً أن البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه قد عرض للواقعة كما أوردها الطاعن في أسباب طعنه حريق الجراج وما نجم عنه من إتلاف كامل محتوياته - على خلاف ما يزعمه - ونعيه في هذا الشأن في غير محله. لما كان ذلك، وكان الطاعن لم يبين طلباته التى أغفلها الحكم وكان يتعيّن أن يكون وجه الطعن واضحًا ومحددًا، بحيث يتيسر للمطلع عليه أن يدرك لأول وهلة موطن العيب الذى شاب الحكم، فإن منعى الطاعن يكون ولا محل له.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضدهم الثلاثة الأول بأنهم:- وضعوا النار عمدًا في المبنى "جراج" الغير للسكن وكذا السيارة المبينة الوصف والقيمة بالأوراق والمملوكة للمجني عليها ..... وكان ذلك بأن قام المتهم الأول بسكب مادة معجلة للاشتعال "بنزين" عليها وقام المتهم الثاني بإلقاء عود ثقاب مشتعل فحدث الحريق وكان ذلك بالاشتراك مع المتهم الثالث على النحو المبين بالتحقيقات. وأحالتهم إلى محكمة جنايات ..... بمعاقبتهم طبقًا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعى .... مدنيًا قبل المتهم الثاني بمبلغ ..... جنيه على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضوريًا أولاً: ببراءة المتهمين مما أسند إليهم. ثانيًا: بعدم قبول الادعاء المدني بالنسبة للمتهمين الأول والثالث ورفضها بالنسبة للمتهم الثاني.
فطعن الأستاذ .... عن المدعين بالحق المدني في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ.


المحكمة

أولا: الطعن المقدم من .......
حيث إن الطاعنة لم تدع مدنيًا أمام محكمة الموضوع حسبما هو ثابت بمحاضر جلسات المحاكمة وكان من المقرر أنه يشترط لقبول الطعن وجود صفه للطاعنة ومناط توافر الصفة أن تكون طرفا في الحكم المطعون فيه، فإنه يتعيّن الحكم بعدم قبول الطعن لرفعه من غير ذى صفة، مع مصادرة الكفالة عملاً بنص الفقرة الثانية من المادة 36 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959.


ثانيًا: الطعن المقدم من ......, قبل المطعون ضدهما الأول والثالث.
من حيث إن الثابت بمحضر جلسة..... أن الأستاذ المحامي قد حضر عن المدعى بالحقوق المدنية..... وادعى مدنيًا قبل المتهمين الثلاثة..... وذلك بمبلغ..... جنيه على سبيل التعويض المؤقت وسدد الرسوم المقررة عاد بجلسة..... وقصر دعواه المدنية قبل المتهم الثاني فقط دون المتهمين الآخرين لأنهما طفلان وبجلسة..... حكمت المحكمة ببراءة المتهمين الثلاثة مما أسند إليهم وفى الدعوى المدنية بعدم قبولها بالنسبة للمتهمين الأول والثالث وبرفضها بالنسبة للمتهم الثاني وإلزامه بمصروفات الدعوى المدنية ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة. لما كان ذلك، وكان نص الفقرة الثانية من المادة 30 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمه النقض رقم 57 لسنة 1959 قد جرى على أنه " لا يجوز الطعن من المدعى بالحقوق المدنية والمسئول عنها إلا فيما يتعلق بحقوقهما المدنية وكان الطاعن وإن ادعى مدنيًا قبل المتهمين الأول والثالث إلا أنه عاد وترك دعواه بالنسبة لهما فإنه أيًا كان وجه الرأي في قضاء الحكم بعدم قبول الدعوى المدنية قبلها فإنه يلتقى في النتيجة مع اعتباره تاركًا لدعواه المدنية قبلهما وهو ما كان يتعيّن القضاء به في منطوق الحكم ومن ثمّ فإن طعنه قبلهما يكون غير جائز ومن ثم يتعيّن القضاء بعدم جواز الطعن.


ثالثًا: طعن المدعى بالحقوق المدنية قبل......
حيث إن الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه أنه إذا قضى ببراءة المتهم الثاني من جناية وضع النار عمدًا في مبنى جراج, ورفض دعواه المدنية, قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ذلك بأنه قد خلا من بيان الواقعة ولم يفطن للأدلة التي ساقتها النيابة العامة ومضمونها ومؤداها ونصوص الاتهام التي يتعين إعمالها, كما لم يعرض لواقعة حريق الجراج وما نتج عنها من تلفيات لكل محتوياته والتفت عن طلباته. كل ذلك, مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن القاضى الجنائي, عملاً بمفهوم المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية ليس ملزمًا قانونًا ببيان الواقعة الجنائية التى قضى فيها بالبراءة، كما أنه غير ملزم ببيانها إذا قضى بالبراءة ورفض الدعوى المدنية المقامة من المدعي المدني معًا، وحسبه أن يكون حكمه مسببًا تسبيبًا كافيًا ومقنعًا، كما أن هذه المادة لا توجب الإشارة إلى نص مادة القانون الذى حكم بموجبه إلا في حاله الحكم بالإدانة، فإذا كان الحكم قد صدر بالبراءة ورفض الدعوى فإنه لا يلزم بطبيعة الحال الإشارة إلى مواد الاتهام، ومن ثم فإنه لا يعيب الحكم المطعون فيه خلوه من بيان الواقعة ومن الإشارة إلى نصوص القانون التى طلبت النيابة العامة تطبيقها عليها ويكون النعي على الحكم في هذا الجانب غير سديد, لما كان ذلك, وكانت محكمة الموضوع غير ملزمة وهى تقضى بالبراءة وما يترتب على ذلك من رفض الدعوى المدنية، بأن ترد على كل دليل من أدلة الاتهام لأنه في إغفالها التحدث عنه ما يفيد حتما أنها أطرحته ولم تر فيه ما يطمئن إليه للحكم بالأدلة متى كانت قد أحاطت بالدعوى عن بصر وبصيرة - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - ومن ثم فلا يعيب الحكم عدم تصديه لما ساقه في أسباب طعنه من وقائع لم تستعرضها المحكمة أو تركن إليها لإدانة المطعون ضده ما دامت المحكمة قد قطعت في أصل الواقعة وتشككت في إسناد التهمة إلى المتهم والآخرين ويكون ما يثيره الطاعن في أسباب طعنه مجرد جدل في سلطة محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى وتكوين عقيدتها مما لا يجوز إثارته أمام هذه المحكمة - محكمه النقض – لما كان ذلك, وكان منعى الطاعن المتعلق بحريق محتويات الجراج والسيارة التي كانت به والتي لا تخصه ومن ثم فإن وجه الطعن لا يتصل به ويكون لا محل له، هذا فضلاً أن البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه قد عرض للواقعة كما أوردها الطاعن في أسباب طعنه حريق الجراج وما نجم عنه من إتلاف كامل محتوياته - على خلاف ما يزعمه - ونعيه في هذا الشأن في غير محله. لما كان ذلك، وكان الطاعن لم يبين طلباته التي أغفلها الحكم وكان يتعيّن أن يكون وجه الطعن واضحًا ومحددًا، بحيث يتيسر للمطلع عليه أن يدرك لأول وهلة موطن العيب الذى شاب الحكم، فإن منعى الطاعن يكون ولا محل له. لما كان ما تقدم, فإن الطعن برمته يكون على غير أساس ويتعيّن رفضه موضوعًا وإلزام الطاعن المصاريف المدنية ومصادرة الكفالة

الطعن 33614 لسنة 74 ق جلسة 10 / 11 / 2012 مكتب فني 63 ق 115 ص 641

جلسة 10 من نوفمبر سنة 2012

برئاسة السيد المستشار/ إبراهيم الهنيدي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مصطفى محمد أحمد، خالد الجندي، عباس عبد السلام، جمال حسن جودة نواب رئيس المحكمة.

---------------

(115)
الطعن رقم 33614 لسنة 74 القضائية

(1) قانون "تفسيره" "تطبيقه".
متى كانت عبارة القانون واضحة لا لبس فيها. اعتبارها تعبيراً صادقاً عن إرادة الشارع. عدم جواز الانحراف عنها عن طريق التفسير أو التأويل أياً كان الباعث على ذلك.
(2) مأمورو الضبط القضائي "سلطاتهم". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". مواد مخدرة.
حق رجل الضبط في استيقاف المركبات وفق قانون المرور دون تخصيص أو قيد من هذا القانون أو أي قانون آخر.
مثال.
(3) مواد مخدرة. تلبس. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". قبض. تفتيش "التفتيش بغير إذن" "مأمورو الضبط القضائي "سلطاتهم". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تقدير توافر حالة التلبس أو انتفائها. موضوعي. ما دام سائغا.
مثال.
(4) إجراءات "إجراءات التحقيق". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تعييب الإجراءات السابقة على المحاكمة. غير جائز لأول مرة أمام النقض.
(5) أمر الإحالة. إجراءات "إجراءات المحاكمة". حكم "بطلانه". بطلان. إعلان. نظام عام. دفوع "الدفع ببطلان إجراءات الإعلان".
عدم إعلان أمر الإحالة. لا يرتب بطلانه.
أوجه البطلان المتعلقة بإجراءات التكليف بالحضور. ليست من النظام العام. للمتهم الحاضر بالجلسة أو وكيله طلب تصريح التكليف ومنحه ميعاد لتحضير دفاعه. إثارة الدفع ببطلان أمر الإحالة لأول مرة أمام محكمة النقض. غير جائز.
---------------
1- من المقرر أن الأصل أنه متى كانت عبارة القانون واضحة لا لبس فيها فإنه يجب أن تُعد تعبيراً صادقاً عن إرادة المُشرع ولا يجوز الانحراف عنها عن طريق التفسير أو التأويل أياً كان الباعث على ذلك، ولا الخروج على النص متى كان واضحاً جلي المعنى قاطعاً في الدلالة على المراد منه.
2- من المقرر أن نصوص قانون المرور واضحة لا لبس فيها في حق رجل الضبط في استيقاف المركبات - دون تخصيص - للاستعلام عن رخصة قائدها ورخصة تسييرها، وأوجبت على قائد المركبة أن يقدمها له حين طلبها - مُطلقة هذا الحق من أي قيد سواء في هذا القانون أو أي قانون آخر. لما كان ذلك، كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه والتي لا يمارى فيها الطاعن - أن ضابط الواقعة استوقفه للاستعلام منه عن تراخيص المركبة التي كان يقودها - فإن ما أتاه الضابط كان نفاذاً لحكم القانون وليس مخالفاً له ومن ثم فإنه لا تثريب على المحكمة إن هي التفتت عن دفاع قانوني ظاهر البطلان.
3- من المقرر أن القول بتوافر حالة التلبس أو عدم توافرها هو من المسائل الموضوعية التي تستقل بها محكمة الموضوع بغير مُعقب عليها ما دامت قد أقامت قضاءها على أسباب سائغة، وكان البيِّن من مدونات الحكم المطعون فيه أنه استظهر أن الطاعن قد تخلى عن اللفافة التي تحوي المادة المخدرة من تلقاء نفسه - أي طواعية واختياراً - إثر مطالبة الضابط له بتقديم تراخيص المركبة، فإن ذلك مما يرتب حالة التلبس التي تبيح القبض والتفتيش وهو ما انتهى إليه - صحيحاً - الحكم المطعون فيه، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد.
4- لما كان لا يبين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن أو المدافع عنه قد أبدى اعتراضاً على تقرير المعمل الكيماوي، فإن النعي بتعييب هذا التقرير - والذي اطمأنت إليه المحكمة وهو من إطلاقاتها - لا يعدو أن يكون دفاعاً بتعييب إجراء من إجراءات التحقيق التي تمت في المرحلة السابقة على المحاكمة لا يصح إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
5- من المقرر أن عدم إعلان أمر الإحالة لا ينبني عليه بطلانه، وأن أوجه البطلان المتعلقة بإجراءات التكليف بالحضور ليست من النظام العام فإذا حضر المتهم الجلسة بنفسه أو بوكيل عنه فليس له أن يتمسك بهذا البطلان، وإنما له أن يطلب تصحيح التكليف واستيفاء أي نقص فيه وإعطائه ميعاداً ليحضر دفاعه قبل البدء في سماع الدعوى وإذ كان البيِّن من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن حضر بها ولم يثر شيئا عن أمر الإحالة فإن منعاه في هذا الخصوص يكون غير مقبول.

الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: أحرز بقصد التعاطي جوهراً مخدراً "هيروين" في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وأحالته إلى محكمة جنايات ..... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1/ 1، 2، 37/ 1، 42/ 1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانونين رقمي 61 لسنة 1977، 122 لسنة 1989 والبند رقم (2) من القسم الأول من الجدول رقم (1) الملحق بالقانون الأول والمستبدل بالقانون الأخير والمعدل بقرار وزير الصحة رقم 46 لسنة 1997 مع إعمال نص المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبته بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة وتغريمه عشرة آلاف جنيه وبمصادرة المخدر المضبوط.
فطعن المحكوم عليه بشخصه في هذا الحكم بطريق النقض في ...... إلخ.

المحكمة

حيث إن الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إحراز جوهر الهيروين المخدر بقصد التعاطي قد شابه قصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وران عليه البطلان في الإجراءات ذلك أن الحكم التفت عن دفاعه بانتفاء مبررات استيقافه، كما وأن سقوط لفافة المادة المخدر من جيب قميصه حال تقديمه الرخصة لا يُعتبر تخلياً إرادياً عنها، وتمسك دفاعه ببطلان القبض والتفتيش لأن الجريمة لم تكن في حالة تلبس غير أن الحكم اطرح دفاعه بما لا يسوغ، وعوَّل على تقرير المعمل الكيماوي على قصوره، هذا فضلاً عن بطلان إعلانه بأمر الإحالة لعدم اشتماله على البيانات المقررة قانوناً، بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان الأصل أنه متى كانت عبارة القانون واضحة لا لبس فيها فإنه يجب أن تُعد تعبيراً صادقاً عن إرادة المُشرع ولا يجوز الانحراف عنها عن طريق التفسير أو التأويل أياً كان الباعث على ذلك، ولا الخروج على النص متى كان واضحاً جلي المعنى قاطعاً في الدلالة على المراد منه. لما كان ذلك، وكانت نصوص قانون المرور واضحة لا لبس فيها في حق رجل الضبط في استيقاف المركبات - دون تخصيص - للاستعلام عن رخصة قائدها ورخصة تسييرها، وأوجبت على قائد المركبة أن يقدمها له حين طلبها - مُطلقة هذا الحق من أي قيد سواء في هذا القانون أو أي قانون آخر. لما كان ذلك، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه والتي لا يمارى فيها الطاعن - أن ضابط الواقعة - استوقفه للاستعلام منه عن تراخيص المركبة التي كان يقودها - فإن ما أتاه الضابط كان نفاذاً - لحكم القانون وليس مخالفاً له ومن ثم فإنه لا تثريب على المحكمة إن هي التفتت عن دفاع قانوني ظاهر البطلان. لما كان ذلك، وكان القول بتوافر حالة التلبس أو عدم توافرها هو من المسائل الموضوعية التي تستقل بها محكمة الموضوع بغير مُعقب عليها ما دامت قد أقامت قضاءها على أسباب سائغة، وكان البيِّن من مدونات الحكم المطعون فيه أنه استظهر أن الطاعن قد تخلى عن اللفافة التي تحوي المادة المخدرة من تلقاء نفسه - أي طواعية واختياراً - إثر مطالبة الضابط له بتقديم تراخيص المركبة، فإن ذلك مما يرتب حالة التلبس التي تبيح القبض والتفتيش وهو ما انتهى إليه - صحيحاً - الحكم المطعون فيه، فإن ما يثيره الطاعن - في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان لا يبين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن أو المدافع عنه قد أبدى اعتراضاً على تقرير المعمل الكيماوي، فإن النعي بتعييب هذا التقرير - والذي اطمأنت إليه المحكمة وهو من إطلاقاتها - لا يعدو أن يكون دفاعاً بتعييب إجراء من إجراءات التحقيق التي تمت في المرحلة السابقة على المحاكمة لا يصح إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن عدم إعلان أمر الإحالة لا ينبنى عليه بطلانه، وأن أوجه البطلان المتعلقة بإجراءات التكليف بالحضور ليست من النظام العام فإذا حضر المتهم الجلسة بنفسه أو بوكيل عنه فليس له أن يتمسك بهذا البطلان، وإنما له أن يطلب تصحيح التكليف واستيفاء أي نقص فيه وإعطائه ميعاداً ليحضر دفاعه قبل البدء في سماع الدعوى وإذ كان البيِّن من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن حضر بها ولم يثر شيئا عن أمر الإحالة فإن منعاه في هذا الخصوص يكون غير مقبول. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يضحى على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 22180 لسنة 75 ق جلسة 8 / 11 / 2012 مكتب فني 63 ق 114 ص 635

جلسة 8 من نوفمبر سنة 2012

برئاسة السيد المستشار/ عمر بريك نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عبد الله فتحي، علاء الدين البغدادي، سامح حامد ومحمد فريد بعث الله نواب رئيس المحكمة.

--------------

(114)
الطعن رقم 22180 لسنة 75 القضائية

(1) دعوى جنائية "انقضاؤها بمضي المدة". تقادم. نظام عام.
الدفع بانقضاء الدعوى الجنائية بالتقادم. جواز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض لتعلقه بالنظام العام. حد ذلك؟ 
إجراءات المحاكمة. من الإجراءات التي تقطع مدة التقادم. أساس ذلك؟
مثال.
(2) دفوع "الدفع بصدور الإذن بعد الضبط والتفتيش". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". مأمورو الضبط القضائي "سلطاتهم". تفتيش "إذن التفتيش. تنفيذه".
الدفع بصدور الإذن بالتفتيش بعد الضبط. موضوعي. يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط بناء على الإذن أخذا بالأدلة التي أوردتها.
لرجل الضبطية القضائية المنتدب لتنفيذ إذن النيابة بالتفتيش تخير الظرف والوقت والطريقة المناسبة لتنفيذه. شرط ذلك؟
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
(3) تفتيش "إذن التفتيش. إصداره" "إذن التفتيش. بياناته". استدلالات. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير جدية التحريات".
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار إذن التفتيش. موضوعي.
عدم اشتراط القانون شكلاً معيناً لإذن التفتيش.
خلو إذن التفتيش من بيان سن المأذون بتفتيشه. لا ينال من صحته. طالما هو المقصود بالإذن.
(4) حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". دفوع "الدفع بنفي التهمة".
نفي التهمة. من أوجه الدفاع الموضوعي. لا يستوجب رداً صريحاً. استفادة الرد عليه من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
(5) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". إثبات "اعتراف".
تقدير الدليل تستقل به محكمة الموضوع. لا يجوز مجادلتها أو مصادرة عقيدتها فيه أمام محكمة النقض.
مثال.
--------------
1- لما كان يبين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة التي صدر فيها الحكم المطعون فيه أن الطاعن أو المدافع عنه لم يدفع أيهما بانقضاء الدعوى الجنائية بالتقادم، وكان من المقرر أن الدفع بانقضاء الدعوى الجنائية من الدفوع المتعلقة بالنظام العام ويجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض ما دامت مدونات الحكم ترشح له، فإنه لما كان الثابت من مطالعة الشهادة الصادرة من نيابة ..... الكلية والحكم الصادر في الطعن رقم .... أن الجريمة ارتكبت في يوم 11/ 12/ 1991 ومحكمة جنايات .... قضت في 5/ 12/ 1994 حضورياً بإدانته، فقرر المتهم بالطعن بطريق النقض في الحكم المطعون فيه بتاريخ 6 من ديسمبر سنة 1994 وأودع أسبابه بتاريخ 24 من يناير 1995، وبجلسة 19/ 7/ 2004 قضي بنقض الحكم المطعون فيه والإعادة، وبجلسة 12 من يناير سنة 1995 تم نظر الدعوى أمام محكمة الإعادة وبذات الجلسة قضت حضورياً لمعاقبته بالسجن المشدد لمدة ثلاث سنوات وتغريمه خمسين ألف جنيه عما أسند إليه ومصادرة البذور والنباتات المخدرة المضبوطة وألزمته المصروفات الجنائية، وكانت المادة 17 من قانون الإجراءات الجنائية وقد جرى نصها بعموم لفظه على أن إجراءات المحاكمة من الإجراءات التي تقطع مدة تقادم الدعوى الجنائية، وكان الثابت - على ما تقدم - أن إجراءات المحاكمة في هذه الدعوى قد تلاحقت أمام محكمة الموضوع مرة أخرى دون أن تمضي بين أي إجراء منها والإجراء الذي سبقه أو تلاه المدة المقررة لانقضاء الدعوى الجنائية في مواد الجنايات المنصوص عليها في المادة 15 من قانون الإجراءات الجنائية، فإن الدفع المبدى من الطاعن بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة يكون على غير سند.
2- من المقرر أن الدفع بصدور الإذن بالتفتيش بعد الضبط إنما هو دفاع موضوعي يكفي للرد عليه اطمئنان يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط بناء على الإذن أخذاً الأدلة التي أوردتها، وكما أن من المقرر أن لرجل الضبطية القضائية المنتدب لتنفيذ إذن النيابة بالتفتيش تخير الظرف المناسب لإجرائه بطريقة مثمرة وفي الوقت الذي يراه مناسباً ما دام أن ذلك يتم في خلال الفترة المحددة بالإذن، وكان من المقرر أيضاً أنه متى كان التفتيش الذي قام به رجل الضبطية القضائية مأذوناً به قانوناً فطريقة إجرائه متروكة لرأي القائم به، ولما كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شهود الإثبات وصحة تصويرهم للواقعة وأن الضبط كان بناء على إذن النيابة العامة بالتفتيش استناداً إلى أقوالهم وكان الطاعن لا ينازع في أن ما حصله الحكم منها مأخذه الصحيح في الأوراق فإن ما يثيره في هذا الصدد يكون غير سديد.
3- من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع وكانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره وأقرت النيابة على تصرفها في هذا الشأن فإنه لا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون، وكان من المقرر أيضاَ أن القانون لا يشترط شكلاً معيناً لإذن التفتيش فلا ينال من صحته خلوه من بيان سن المأذون بتفتيشه طالما أنه الشخص المقصود بالإذن.
4- لما كان ما يثيره الطاعن في اطراح الحكم لإنكاره الاتهام المسند إليه مردوداً بأن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم فإن ما ينعاه في هذا الشأن يكون غير سديد.
5- لما كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه لم ينسب إلى الطاعن صدور اعتراف مستقل عنه وإنما عول في قضائه على أقوال الضباط الثلاثة الذين قاموا بالضبط بما تضمنته من إقرار الطاعن لهم بملكيته للمضبوطات وبزراعة المخدر المضبوط، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد ولا يعد ما يثيره في هذا الشأن، أن يكون محاولة للتشكيك في صحة إقراره للضباط الثلاثة بما ينحل ذلك إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.

الوقائع

اتهمت النيابة الطاعن بأنه: زرع نباتات من النباتات المبينة بالجدول رقم 5 "نبات القنب الهندي" وكان ذلك بقصد الاتجار في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. حاز بذوراً ونباتات من المذكورة في الجدول رقم 5 "بذور القنب الهندي وبذور الخشخاش" وكان ذلك بقصد الاتجار في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وأحالته إلى محكمة جنايات ...... لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 28، 29، 38/ 1، 42/ 1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 والبندين رقمي 1، 2 من الجدول رقم 5 الملحق بالقانون والمعدل بقرار وزير الصحة رقم 295 لسنة 1976 بالسجن المشدد لمدة ثلاث سنوات وبتغريمه مبلغ خمسين ألف جنيه ومصادرة البذور والنباتات المخدرة المضبوطة.
فطعن المحكوم عليه ...... في هذا الحكم بطريق النقض ...... إلخ.

المحكمة

من حيث الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة زراعة نبات القنب الهندي المخدر بغير قصد من القصود المسماة، قد شابه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق والإخلال بحقه، ذلك أنه دفع بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة لانقضاء أكثر من عشر سنوات من تاريخ التقرير بالطعن بالنقض في الطعن رقم ..... في 5/ 12/ 1994 مروراً بقضاء محكمة النقض بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة محاكمته حتى أولى جلسات محاكمته أمام محكمة الإعادة في 12/ 1/ 2005 دون اتخاذ إجراء قاطع للتقادم في مواجهته، ودفع ببطلان القبض والتفتيش لحصولهما قبل الإذن بهما من النيابة العامة مدللاً على ذلك بأقوال المتهم وتلاحق الإجراءات بين استصدار الإذن وتنفيذه إلا أن المحكمة التفتت عنهما، كما دفع ببطلان إذن النيابة العامة بالقبض والتفتيش لخلوه من سن المتهم وعدم جدية التحريات إلا أن الحكم اطرحه بما لا يسوغ، كما أطرح الحكم إنكار الطاعن للاتهام المستند إليه أمام الشرطة وبتحقيقات النيابة، وأخيراً أورد الحكم في مدوناته أن الطاعن قد اعترف بالجريمة أمام الشرطة على خلاف الثابت بالأوراق، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة زراعة نبات القنب الهندي المخدر التي دان بها الطاعن، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها. لما كان ذلك، وكان يبين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة التي صدر فيها الحكم المطعون فيه أن الطاعن أو المدافع عنه لم يدفع أيهما بانقضاء الدعوى الجنائية بالتقادم، وكان من المقرر أن الدفع بانقضاء الدعوى الجنائية من الدفوع المتعلقة بالنظام العام ويجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض ما دامت مدونات الحكم ترشح له، فإنه لما كان الثابت من مطالعة الشهادة الصادرة من نيابة ..... الكلية والحكم الصادر في الطعن رقم ..... أن الجريمة ارتكبت في يوم 11/ 12/ 1991 ومحكمة جنايات ....... قضت في 5/ 12/ 1994 حضورياً بإدانته، فقرر المتهم بالطعن بطريق النقض في الحكم المطعون فيه بتاريخ 6 من ديسمبر سنة 1994 وأودع أسبابه بتاريخ 24 من يناير 1995، وبجلسة 19/ 7/ 2004 قضي بنقض الحكم المطعون فيه والإعادة، وبجلسة 12 من يناير سنة 1995 تم نظر الدعوى أمام محكمة الإعادة وبذات الجلسة قضت حضورياً لمعاقبته بالسجن المشدد لمدة ثلاث سنوات وتغريمه خمسين ألف جنيه عما أسند إليه ومصادرة البذور والنباتات المخدرة المضبوطة وألزمته المصروفات الجنائية، وكانت المادة 17 من قانون الإجراءات الجنائية وقد جرى نصها بعموم لفظه على أن إجراءات المحاكمة من الإجراءات التي تقطع مدة تقادم الدعوى الجنائية، وكان الثابت - على ما تقدم - أن إجراءات المحاكمة في هذه الدعوى قد تلاحقت أمام محكمة الموضوع مرة أخرى دون أن تمضي بين أي إجراء منها والإجراء الذي سبقه أو تلاه المدة المقررة لانقضاء الدعوى الجنائية في مواد الجنايات المنصوص عليها في المادة 15 من قانون الإجراءات الجنائية، فإن الدفع المبدى من الطاعن بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة يكون على غير سند. لما كان ذلك، وكان الدفع بصدور الإذن بالتفتيش بعد الضبط إنما هو دفاع موضوعي يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط بناء على الإذن أخذاً من الأدلة التي أوردتها، وكما أن من المقرر أن لرجل الضبطية القضائية المنتدب لتنفيذ إذن النيابة بالتفتيش تجيز الظرف المناسب لإجرائه بطريقة مثمرة وفي الوقت الذي يراه مناسباً ما دام أن ذلك يتم في خلال الفترة المحددة بالإذن، وكان من المقرر أيضاً أنه متى كان التفتيش الذي قام به رجل الضبطية القضائية مأذوناً به قانوناً فطريقة إجرائه متروكة لرأي القائم به، ولما كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شهود الإثبات وصحة تصويرهم للواقعة وأن الضبط كان بناء على إذن النيابة العامة بالتفتيش استناداً إلى أقوالهم وكان الطاعن لا ينازع في أن ما حصله الحكم منها مأخذه الصحيح في الأوراق فإن ما يثيره في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع وكانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره وأقرت النيابة على تصرفها في هذا الشأن فإنه لا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون، وكان من المقرر أيضاً أن القانون لا يشترط شكلاً معيناً لإذن التفتيش فلا ينال من صحته خلوه من بيان سن المأذون بتفتيشه طالما أنه الشخص المقصود بالإذن. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن في اطراح الحكم لإنكاره الاتهام المسند إليه مردوداً بأن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم فإن ما ينعاه في هذا الشأن يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه لم ينسب إلى الطاعن صدور اعتراف مستقل عنه وإنما عول في قضائه على أقوال الضباط الثلاثة الذين قاموا بالضبط بما تضمنته من إقرار الطاعن لهم بملكيته للمضبوطات وبزراعة المخدر المضبوط، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد ولا يعد ما يثيره في هذا الشأن، يكون محاولة للتشكيك في صحة إقراره للضباط الثلاثة بما ينحل ذلك إلى جدل موضوعي في تقرير الدليل لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 9647 لسنة 75 ق جلسة 8 / 11 / 2012 مكتب فني 63 ق 113 ص 632

جلسة 8 من نوفمبر سنة 2012

برئاسة السيد المستشار/ عمر بريك نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عبد الله فتحي وعلاء البغدادي، محمد فريد، حسين حجازي نواب رئيس المحكمة.

-------------

(113)
الطعن رقم 9647 لسنة 75 القضائية

حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". عقوبة "تطبيقها". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير العقوبة".
إعمال المحكمة حكم المادة 17 عقوبات. دون الإشارة إليها. لا يعيب الحكم. ما دامت العقوبة التي أوقعتها تدخل في الحدود التي رسمها القانون.
مثال.
-------------
لما كان الحكم المطعون فيه دان المحكوم عليه بجريمة الاختلاس المرتبط بجنايتي التزوير في محررات رسمية واستعمالها، وذلك حال كونه من الأمناء على الودائع، وطبق في حقه الفقرة الثانية من المادة 32 من قانون العقوبات لما استظهره من أن ما نسب إليه عن جرائم ترتبط ببعضها البعض لا يقبل التجزئة، وعاقب المطعون ضده بالسجن لمدة ثلاث سنوات فضلاً عن الغرامة والرد، مما مفاده أن المحكمة انتهت إلى أخذه بالرأفة ومعاملته بالمادة 17 من ذات القانون ونزلت بالعقوبة إلى حد تسمح به هذه المادة. ولما كان إنزال المحكمة حكم المادة 17 من قانون العقوبات، دون الإشارة إليها لا يعيب الحكم، ما دامت العقوبة التي أوقعتها تدخل في الحدود التي رسمها القانون، ومادام تقدير العقوبة هو من إطلاقات محكمة الموضوع، دون أن تكون ملزمة ببيان الأسباب التي من أجلها أوقعت العقوبة بالقدر الذي ارتأته. ومن ثم، فإن ما تثيره النيابة من خطأ الحكم في تطبيق القانون يكون غير سديد.

الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه: بصفته موظفاً عمومياً أمين عهدة بنك .... اختلس "المبلغ النقدي البالغ قدره .....، والمملوكة لجهة عمله سالف الذكر والذي وجد في حيازته بسبب وظيفته، حال كونه من الأمناء على الودائع، وسلم إليه المال بهذه الصفة وقد ارتبطت هذه الجريمة بجريمة تزوير في محررات رسمية واستعمالها ارتباطاً لا يقبل التجزئة. كما أنه في ذات الزمان والمكان سالفي الذكر: أ- بصفته آنفة البيان ارتكب تزويراً في محررات رسمية إيصالات صرف السلف نموذج 5، 6 بنك القرية حال تحريرها المختص بوظيفته وذلك بجعل واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة بأن أثبت فيها على خلاف الحقيقة توقيع العملاء على تلك الإيصالات، بما يفيد صرفهم المبالغ المثبت بها مع علمه بذلك على النحو المبين بالأوراق. ب- استعمل المحررات المزورة سالفة الذكر فيما زورت من أجله بأن قدمها للمختص بجهة عمله للاعتداد بما جاء بها مع علمه بذلك على النحو المبين بالأوراق. وأحالته إلى محكمة جنايات ....... لمعاقبته طبقاً لمواد الاتهام. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 112/ 1، 2، أ، ب، 118، 118 مكرراً، 119/ ب، 119 مكرر/ هـ، 211، 213، 214 عقوبات وبعد إعمال المادة 32 من ذات القانون بمعاقبته بالسجن لمدة ثلاث سنوات وبرد مبلغ تسعة وأربعين ألفا ومائة وثلاثة عشر جنيهاً ومائة وثمانية عشر مليماً وبتغريمه مثلهم والعزل.
فطعنت النيابة العامة في ذلك الحكم بطريق النقض ..... إلخ.

المحكمة

حيث إن النيابة العامة تنعي على الحكم المطعون فيه أنه إذ دان المطعون ضده بجريمة الاختلاس المرتبطة بجناية تزوير في محررات رسمية واستعمالها، قد أخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأن أوقع عليه عقوبة السجن لمدة ثلاث سنوات، بيد أن العقوبة المقررة لهذه الجريمة هي السجن المؤبد، بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه دان المحكوم عليه بجريمة الاختلاس المرتبط بجنايتي التزوير في محررات رسمية واستعمالها، وذلك حال كونه من الأمناء على الودائع، وطبق في حقه الفقرة الثانية من المادة 32 من قانون العقوبات لما استظهره من أن ما نسب إليه عن جرائم ترتبط ببعضها البعض لا يقبل التجزئة، وعاقب المطعون ضده بالسجن لمدة ثلاث سنوات فضلاً عن الغرامة والرد، مما مفاده أن المحكمة انتهت إلى أخذه بالرأفة ومعاملته بالمادة 17 من ذات القانون ونزلت بالعقوبة إلى حد تسمح به هذه المادة. ولما كان إنزال المحكمة حكم المادة 17 من قانون العقوبات، دون الإشارة إليها لا يعيب الحكم، ما دامت العقوبة التي أوقعتها تدخل في الحدود التي رسمها القانون، ومادام تقدير العقوبة هو من إطلاقات محكمة الموضوع، دون أن تكون ملزمة ببيان الأسباب التي من أجلها أوقعت العقوبة بالقدر الذي ارتأته. ومن ثم، فإن ما تثيره النيابة من خطأ الحكم في تطبيق القانون يكون غير سديد، ويضحى معه طعنها برمته على غير أساس متعيناً القضاء برفضه موضوعاً.

الثلاثاء، 27 سبتمبر 2016

الطعن 81646 لسنة 75 ق جلسة 7 / 11 / 2012 مكتب فني 63 ق 111 ص 617

جلسة 7 من نوفمبر سنة 2012
برئاسة السيد المستشار/ حسين الجيزاوي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ فؤاد حسن، رضا سالم، منتصر الصيرفي نواب رئيس المحكمة وحسام مطر.
---------------
(111)
الطعن 81646 لسنة 75 ق
عقوبة "تطبيقها". ظروف مخففة. قانون "تفسيره". مواد مخدرة. نقض "حالات الطعن. الخطأ في تطبيق القانون". محكمة الجنايات" الإجراءات أمامها".
المادتان 36، 38 من القانون رقم 182 لسنة 1960 بشأن مكافحة المخدرات المعدل. مفادهما؟ المادة 17 عقوبات تجيز إبدال العقوبات المقيدة للحرية في مواد الجنايات بعقوبة مقيدة للحرية أخف. 
عدم التزام الحكم عند توقيع العقوبة المقيدة للحرية الحد الأدنى المقرر لها. خطأ في تطبيق القانون يوجب تصحيحه. 
عدم جواز زيادة العقوبة المحكوم بها عند إعادة الإجراءات بمحاكمة المحكوم عليه غيابياً عما قضى به الحكم الغيابي. أساس ذلك؟ 
مثال.
-----------
لما كان الحكم المطعون فيه دان المطعون ضده بجريمة إحراز جوهر مخدر "هيروين" بغير قصد الإتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي وقضي بمعاقبته بالسجن المشدد لمدة ثلاث سنوات وتغريمه خمسين ألف جنيه ومصادرة المخدر المضبوط. لما كان ذلك، وكانت المادة 36 من القانون رقم 182 لسنة 1960 بشأن مكافحة المخدرات المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 قد نصت على أنه استثناء من أحكام المادة 17 من قانون العقوبات لا يجوز في تطبيق المواد السابقة والمادة 38 النزول عن العقوبة التالية مباشرة للعقوبة المقررة للجريمة فإذا كانت العقوبة التالية هي السجن المشدد أو السجن فلا يجوز أن تقل المدة المحكوم بها عن ست سنوات. لما كان ذلك، وكانت المادة 38 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المشار إليه تقضي بأن يعاقب على كل من حاز أو أحرز أو اشترى أو سلم أو نقل أو زرع أو أنتج أو استخرج أو فصل أو صنع جوهراً مخدراً وكان ذلك بغير قصد الإتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي وفي غير الأحوال المصرح بها قانوناً بالسجن المؤبد والغرامة التي لا تقل عن مائة ألف جنيه ولا تجاوز خمسمائة ألف جنيه إذا كان الجوهر المخدر محل الجريمة من الكوكايين أو الهيروين. وكان مقتضى تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات جواز تعديل العقوبات المقيدة للحرية وحدها في مواد الجنايات بعقوبات مقيدة للحرية أخف منها إذا قضت الأحوال رأفة القضاء بالإضافة إلى عقوبة الغرامة التي يجب الحكم بها، فإن الحكم المطعون فيه إذ لم يلتزم عند توقيع العقوبة المقيدة للحرية الحد الأدنى المقرر لها، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون. بما يوجب تصحيحه بجعل عقوبة السجن المشدد المقضي بها ست سنوات بالإضافة إلى عقوبتي الغرامة والمصادرة المقضي بهما، وإن كانت الغرامة المقضي بها تقل عن الغرامة الواجبة التطبيق على الجريمة التي دين الطاعن بها، إلا أنه لما كان البين من مطالعة إفادة نيابة ..... المرفقة بملف الطعن أن محكمة الجنايات سبق وأن قضت في ذات الدعوى بجلسة ..... غيابياً بمعاقبة المطعون ضده بالسجن المشدد لمدة ست سنوات وتغريمه خمسين ألف جنيه ومصادرة المخدر المضبوط. لما كان ذلك، وكانت المادة 395 من قانون الإجراءات الجنائية المعدل بالقانون رقم 95 لسنة 2003 والتي دين الطاعن في ظل العمل بها قد جرى نصها على أنه "إذا حضر المحكوم عليه في غيبته أو قبض عليه قبل سقوط العقوبة بمضي المدة، يحدد رئيس محكمة الاستئناف أقرب جلسة لإعادة نظر الدعوى، ويعرض المقبوض عليه محبوساً بهذه الجلسة، وللمحكمة أن تأمر بالإفراج عنه أو حبسه احتياطياً حتى الانتهاء من نظر الدعوى، ولا يسقط الحكم الغيابي سواء فيما يتعلق بالعقوبة أو التعويضات إلا بحضور من صدر ضده الحكم جلسات المحاكمة، ولا يجوز للمحكمة في هذه الحالة التشديد عما قضى به الحكم الغيابي، وكان نص المادة 395 المار ذكره وإن كان في ظاهره إجرائي إلا أنه يتضمن قاعدة موضوعية تقيد محكمة الموضوع عند إعادة الإجراءات بمحاكمة المحكوم عليه غيابياً ألا تزيد بالعقوبة التي حكم بها عما قضى به الحكم الغيابي وهي قاعدة واجبة الإعمال على واقعة الدعوى، فإنه لا سبيل إلى تصحيح هذا الخطأ الذي وقع فيه الحكم الغيابي.
-----------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه: أحرز بقصد الاتجار جوهراً مخدراً "هيروين" في غير الأحوال المصرح بها قانوناً وأحالته إلى محكمة جنايات ...... والتي قضت حضورياً عملاً بالمواد 1/1، 2، 38/1، 42/1 من القانون 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون 122 لسنة 1989 والبند رقم 2 من القسم الأول من الجدول رقم 1 الملحق به معاقبة بالسجن المشدد لمدة ثلاث سنوات وبتغريمه خمسين ألف جنيه ومصادرة المخدر المضبوط باعتبار أن الإحراز مجرد من القصود المسماة قانوناً
فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض ...... إلخ.
------------
المحكمة
من حيث إن النيابة العامة تنعي على الحكم المطعون فيه أنه إذ دان المطعون ضده بجريمة إحراز جوهر المخدر "هيروين" بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي، قد أخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأنه نزل بالعقوبة المقيدة للحرية عن الحد الأدنى المقرر لها قانوناً مما يعيبه ويستوجب نقضه
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه دان المطعون ضده بجريمة إحراز جوهر مخدر "هيروين" بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي وقضي بمعاقبته بالسجن المشدد لمدة ثلاث سنوات وتغريمه خمسين ألف جنيه ومصادرة المخدر المضبوط. لما كان ذلك، وكانت المادة 36 من القانون رقم 182 لسنة 1960 بشأن مكافحة المخدرات المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 قد نصت على أنه استثناء من أحكام المادة 17 من قانون العقوبات لا يجوز في تطبيق المواد السابقة والمادة 38 النزول عن العقوبة التالية مباشرة للعقوبة المقررة للجريمة فإذا كانت العقوبة التالية هي السجن المشدد أو السجن فلا يجوز أن تقل المدة المحكوم بها عن ست سنوات. لما كان ذلك، وكانت المادة 38 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المشار إليه تقضي بأن يعاقب على كل من حاز أو أحرز أو اشترى أو سلم أو نقل أو زرع أو أنتج أو استخرج أو فصل أو صنع جوهراً مخدراً وكان ذلك بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي وفي غير الأحوال المصرح بها قانوناً بالسجن المؤبد والغرامة التي لا تقل عن مائة ألف جنيه ولا تجاوز خمسمائة ألف جنيه إذا كان الجوهر المخدر محل الجريمة من الكوكايين أو الهيروين. وكان مقتضى تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات جواز تعديل العقوبات المقيدة للحرية وحدها في مواد الجنايات بعقوبات مقيدة للحرية أخف منها إذا قضت الأحوال رأفة القضاء بالإضافة إلى عقوبة الغرامة التي يجب الحكم بها، فإن الحكم المطعون فيه إذ لم يلتزم عند توقيع العقوبة المقيدة للحرية الحد الأدنى المقرر لها، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون. بما يوجب تصحيحه بجعل عقوبة السجن المشدد المقضي بها ست سنوات بالإضافة إلى عقوبتي الغرامة والمصادرة المقضي بهما، وإن كانت الغرامة المقضي بها تقل عن الغرامة الواجبة التطبيق على الجريمة التي دين الطاعن بها، إلا أنه لما كان البين من مطالعة إفادة نيابة ..... المرفقة بملف الطعن أن محكمة الجنايات سبق وأن قضت في ذات الدعوى بجلسة ..... غيابياً بمعاقبة المطعون ضده بالسجن المشدد لمدة ست سنوات وتغريمه خمسين ألف جنيه ومصادرة المخدر المضبوط. لما كان ذلك، وكانت المادة 395 من قانون الإجراءات الجنائية المعدل بالقانون رقم 95 لسنة 2003 والتي دين الطاعن في ظل العمل بها قد جرى نصها على أنه "إذا حضر المحكوم عليه في غيبته أو قبض عليه قبل سقوط العقوبة بمضي المدة، يحدد رئيس محكمة الاستئناف أقرب جلسة لإعادة نظر الدعوى، ويعرض المقبوض عليه محبوساً بهذه الجلسة، وللمحكمة أن تأمر بالإفراج عنه أو حبسه احتياطياً حتى الانتهاء من نظر الدعوى، ولا يسقط الحكم الغيابي سواء فيما يتعلق بالعقوبة أو التعويضات إلا بحضور من صدر ضده الحكم جلسات المحاكمة، ولا يجوز للمحكمة في هذه الحالة التشديد عما قضى به الحكم الغيابي، وكان نص المادة 395 المار ذكره وإن كان في ظاهره إجرائي إلا أنه يتضمن قاعدة موضوعية تقيد محكمة الموضوع عند إعادة الإجراءات بمحاكمة المحكوم عليه غيابياً ألا تزيد بالعقوبة التي حكم بها عما قضى به الحكم الغيابي وهي قاعدة واجبة الإعمال على واقعة الدعوى، فإنه لا سبيل إلى تصحيح هذا الخطأ الذي وقع فيه الحكم الغيابي.