جلسة 15 من مايو سنة 1969
برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: الدكتور محمد حافظ هريدي، والسيد عبد المنعم الصراف، وعثمان زكريا، وعلي عبد الرحمن.
----------
(125)
الطعن رقم 261 لسنة 35 القضائية
إثبات. "عبء الإثبات". حكم. "قصور". "ما يعد كذلك". تنفيذ. "تسليم صورة تنفيذية ثانية".
عدم جواز تسليم صورة تنفيذية ثانية لذات الخصم إلا في حالة ضياع الصورة الأولى. منازعة المحكوم عليه في ضياعها. وجوب تكليف الخصم بإثبات واقعة فقدها. جواز إثباتها بكافة طرق الإثبات. اقتناع الحكم بصحتها استناداً إلى ما قرره المدعي نفسه في صحيفة دعواه من ضياعها وعدم قيام دليل ينقض هذا الادعاء. مخالف للقانون بمخالفته قواعد الإثبات ومشوب بالقصور في التسبيب.
-------------
تقضي المادة 353 من قانون المرافعات السابق بأنه لا يجوز تسليم صورة تنفيذية ثانية لذات الخصم إلا في حالة ضياع الصورة الأولى، وقد قصد المشرع من هذا الشرط تفادي تكرار التنفيذ بمقتضى سند تنفيذي واحد وصيانة حق المحكوم عليه الذي يكون قد أوفى بالمحكوم به أو بجزء منه واكتفى به في إثبات هذا الوفاء بالتأشير بحصوله بخط الدائن على صورة الحكم التنفيذية طبقاً لما تجيزه المادة 399 من القانون المدني، فإذا نازع المحكوم عليه في فقد الصورة التنفيذية الأولى فلا يجوز تسليم صورة تنفيذية ثانية للخصم الذي يطلبها إلا إذا أثبت هو فقد الصورة الأولى منه لأنه هو الذي يدعي واقعة الفقد فيتحمل عبء إثبات ما يدعيه وله أن يثبت ذلك بكافة طرق الإثبات لأنه إنما يثبت واقعة مادية وشأنه في ذلك شأن الدائن الذي يطلب إثبات دينه بغير الكتابة لفقد سنده الكتابي وإن كان المشرع لا يشترط في حالة فقد الصورة التنفيذية ما اشترطه في حالة فقد السند الكتابي من وجوب إثبات أن الفقد كان بسبب أجنبي لا يد للدائن فيه. وإذ كان الحكم المطعون فيه لم يتحقق من فقد الصورة التنفيذية الأولى واعتبر فقدها ثابتاً مما قرره المدعي نفسه في صحيفة دعواه من ضياعها وعدم قيام دليل ينقض هذا الادعاء، فإنه يكون قد خالف القانون بمخالفة قواعد الإثبات وشابه قصور في التسبيب بما يستوجب نقضه.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر وبعد المرافعة والمداولة.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 307 سنة 1963 مدني كلي سوهاج على الطاعنة بصفتها قيمة على المحجور عليه محمد رشاد السيد وطلب الحكم بتسليمه صورة تنفيذية ثانية من الحكم الصادر بتاريخ 10 مايو سنة 1953 في القضية رقم 224 سنة 1953 مدني كلي سوهاج. وقال بياناً للدعوى أنه صدر له في تلك القضية حكم قضى بإلزام محمد رشاد السيد المشمول حالياً بقوامة الطاعنة بأن يدفع له مبلغ 1600 ج والمصروفات مع النفاذ المعجل بلا كفالة. وأنه اتخذ بموجب هذا الحكم إجراءات الحجز التنفيذي على منقولات للمدين وعين الأخير حارساً عليها ولكنه بدد المحجوزات وحكم عليه نهائياً بالعقوبة في الجنحة رقم 476 سنة 1954 جرجا ونظراً لأن الصورة التنفيذية للحكم الصادر له بالدين قد فقدت منه ولم يستوف شيئاً من المبلغ المحكوم به فقد أقام دعواه هذه بطلب تسليمه صورة تنفيذية ثانية من هذا الحكم. ونازعت الطاعنة في ضياع الصورة التنفيذية الأولى قائلة أن المحجور عليه المشمول بقوامتها كان قد أوفى المطعون ضده أربعة آلاف جنيه من المبلغ المقضى له بموجب ذلك الحكم وحكم آخر هو الحكم رقم 226 لسنة 1953 كلي سوهاج وأن المطعون ضده أشر بخطه وبتوقيعه على الصورة التنفيذية التي يدعي فقدها بما يفيد قبضه هذا المبلغ وأنه يبغي من طلبه صورة تنفيذية ثانية التنفيذ بكامل المبلغ المحكوم له به وأن يضيع على المحجوز عليه وسيلة إثبات ما أوفاه من هذا المبلغ. وبتاريخ 30 من أكتوبر سنة 1963 قضت محكمة سوهاج الابتدائية بالتصريح للمطعون ضده باستخراج صورة تنفيذية ثانية من الحكم الصادر في القضية رقم 224 سنة 1953 مدني كلي سوهاج. استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 150 سنة 38 ق سوهاج وتمسكت فيه بدفاعها المشار إليه ونعت على الحكم الابتدائي أخذه بادعاء المطعون ضده بضياع الصورة على الرغم من عدم قيام الدليل عليه. وبتاريخ 6 من مارس سنة 1965 قضت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف فطعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه وبالجلسة المحددة لنظر الطعن أصرت النيابة على هذا الرأي.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك تقول أنها أنكرت أمام محكمة الموضوع واقعة فقد الصورة التنفيذية الأولى من المطعون ضده وعارضت في تسليمه صورة تنفيذية ثانية على أساس أن محجورها كان قد أوفاه بجزء من المبلغ المحكوم به وأشر المطعون ضده بخطه وبتوقيعه على الصورة التي ادعى فقدها بما يفيد حصول هذا الوفاء الجزئي وأن ادعاءه فقد هذه الصورة ما هو إلا حيلة منه للحصول على صورة تنفيذية ثانية يستطيع بها التنفيذ بكل المبلغ المحكوم به وحرمان الطاعنة من وسيلة إثبات ما استوفاه من هذا المبلغ، ولما صدر الحكم الابتدائي بإجابة المطعون ضده إلى طلبه نعت عليه في صحيفة استئنافها عدم تحقق المحكمة من ضياع الصورة التنفيذية الأولى واعتبارها واقعة ضياع هذه الصورة ثابتة من أقوال المطعون ضده على الرغم من عدم تقديمه أي دليل على صحة هذه الأقوال وإذ كان الحكم المطعون فيه قد أخذ بما قرره الحكم الابتدائي من أن أقوال المطعون ضده الواردة في صحيفة دعواه تكفي لإثبات فقد الصورة التنفيذية الأولى ما دام لم يقم الدليل على ما يخالف هذه الأقوال فإن الحكم المطعون فيه يكون قد خالف القانون وشابه القصور، لأن عبء إثبات فقد الصورة التنفيذية الأولى يقع على عاتق المطعون ضده ولا يجوز اعتبار مجرد ادعائه بفقد هذه الصورة دليلاً على فقدها ما دام هذا الادعاء لم يتأيد بأي دليل آخر إذ لا يصح للخصم أن يخلق الدليل لنفسه.
وحيث إن هذا النعي صحيح، ذلك أن الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه وأحال إلى أسبابه أقام قضاءه في هذا الخصوص على قوله "وحيث إن الثابت من مطالعة القضية رقم 224 سنة 1953 مدني كلي سوهاج أن المدعي الحالي أحمد على السمان المطعون ضده خصم للمدعى عليه في الدعوى المذكورة ويتضمن الحكم الصادر في هذه القضية والجائز التنفيذ، منفعة تعود عليه من وراء تنفيذه وكان الثابت أيضاً الذي لم يقم دليل على ما يخالفه أن الصورة التنفيذية الأولى المسلمة للمدعي قد فقدت حسبما جاء بعريضة دعواه الأمر الذي يجوز معه الحكم بتسليمه صورة تنفيذية ثانية للحكم المذكور عملاً بمقتضى نص المادة 353 مرافعات" ولما كانت المادة 353 من قانون المرافعات السابق تقتضي بأنه لا يجوز تسليم صورة تنفيذية ثانية لذات الخصم إلا في حالة ضياع الصورة الأولى وقد قصد المشرع من هذا الشرط تفادي تكرار التنفيذ بمقتضى سند تنفيذي واحد وصيانة حق المحكوم عليه الذي يكون قد أوفى بالمحكوم به أو بجزء منه واكتفى في إثبات هذا الوفاء بالتأشير بحصوله بخط الدائن على صورة الحكم التنفيذية طبقاً لما تجيزه المادة 399 من القانون المدني، فإنه إذا نازع المحكوم عليه في فقد الصورة التنفيذية الأولى فلا يجوز تسليم صورة تنفيذية ثانية للخصم الذي يطلبها إلا إذا أثبت هو فقد الصورة الأولى منه لأنه هو الذي يدعي واقعة الفقد فيتحمل عبء إثبات ما يدعيه، وله أن يثبت ذلك بكافة طرق الإثبات لأنه إنما يثبت واقعة مادية وشأنه في ذلك شأن الدائن الذي يطلب إثبات دينه بغير الكتابة لفقد سنده الكتابي، وإن كان المشرع لا يشترط في حالة فقد الصورة التنفيذية ما اشترطه في حالة فقد السند الكتابي من وجوب إثبات أن الفقد كان بسبب أجنبي لا يد للدائن فيه. لما كان ذلك وكان مجرد ادعاء الخصم بواقعة لا ينهض دليلاً على صحتها إذا نازعه خصمه فيها وأنكر حصولها بل يجب عندئذ لاعتبار هذه الواقعة ثابتة أن يقيم مدعيها الدليل على صحتها، وكان الثابت أن الطاعنة نازعت أمام محكمة الموضوع بدرجتيها في فقد الصورة التنفيذية الأولى التي ادعى المطعون ضده فقدها واعترضت على تسليمه صورة تنفيذية ثانية للحكم بحجة أن محجورها كان قد أوفى المطعون ضده جزءاً من المبلغ المحكوم به واكتفى بإثبات هذا الوفاء بالتأشير بحصوله بخط المطعون ضده وبتوقيعه على الصورة التنفيذية التي يدعي فقدها وأن ادعاءه بفقد هذه الصورة ليس إلا حيلة منه للحصول على صورة تنفيذية ثانية يستطيع بها التنفيذ بكل المبلغ المحكوم به واستيفاء الجزء المدفوع منه مرة ثانية وحرمان الطاعنة من وسيلة إثبات هذا الوفاء الجزئي. لما كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه لم إذ لم يتحقق من فقد الصورة التنفيذية الأولى واعتبر فقدها ثابتاً مما قرره المدعي نفسه في صحيفة دعواه عن ضياعها وعدم قيام دليل ينقض هذا الادعاء يكون قد خالف القانون بمخالفته قواعد الإثبات وشابه قصور في التسبيب بما يستوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق