جلسة 22 من يونيه سنة 1976
برياسة السيد المستشار أحمد حسن هيكل نائب رئيس محكمة النقض وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم السعيد ذكرى؛ ومحمد صدقي العصار؛ ومحمود عثمان دوريش؛ ومحمد إبراهيم الدسوقي.
--------------
(265)
الطعن رقم 729 لسنة 41 القضائية
إثبات "الإثبات بالكتابة" إرث. صورية.
طعن الوارث بصورية التصرف الصادر من مورثه إلى وارث آخر وأنه في حقيقته وصية إضرار بحقه في الميراث، أو أن التصرف صدر في مرض الموت. جواز إثبات الصورية بكافة الطرق. طعن الوارث بصورية هذا التصرف صورية مطلقة. وجوب تقيده في هذه الحالة بما كان يجوز لمورثه من طرق الإثبات.
---------------
الوارث لا يعتبر في حكم الغير بالنسبة للتصرف الصادر من المورث إلى وارث آخر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة [(1)] - إلا إذا كان طعنه على هذا التصرف هو أنه وإن كان في ظاهره بيعاً منجزاً إلا أنه في حقيقته يخفي وصية إضراراً بحقه في الميراث أو أنه صدر في مرض موت المورث فيعتبر إذ ذاك في حكم الوصية لأنه في هاتين الصورتين يستمد الوارث حقه من القانون مباشرة حماية له من تصرفات مورثه التي قصد بها الاحتيال على قواعد الإرث التي تعتبر من النظام العام، أما إذا كان مبنى الطعن في العقد أنه صوري صورية مطلقة وأن علة تلك الصورية ليست هي الاحتيال على قواعد الإرث، فإن حق الوارث في الطعن في التصرف في هذه الحالة إنما يستمده من مورثه لا من القانون، ومن ثم لا يجوز له إثبات طعنه إلا بما كان يجوز لمورثه من طرق الإثبات ولما كانت الطاعنة قد طعنت بالصورية المطلقة على عقد البيع الرسمي المسجل - الصادر من المورث إلى المطعون عليها - ودللت على تلك الصورية بقيام علاقة الزوجية بين البائع والمشترية، ومن أنها كانت عالمة بحصول التصرف الصادر إلى مورث الطاعنة منذ صدوره ولم تشر الطاعنة إلى أن هذا التصرف فيه مساس بحقها في الميراث، ودفعت المطعون عليها بعدم جواز إثبات الصورية المطلقة إلا بالكتابة، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر، فإن النعي عليه بالخطأ في تطبيق القانون يكون غير سديد.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المرحوم......... مورث الطاعنة عن نفسها وبصفتها وصية على أولاده القصر وكذلك..... أولاد المرحوم..... أقاموا الدعوى رقم 227 سنة 1964 مدني الزقازيق الابتدائية ضد والدهم بطلب الحكم بإثبات صحة ونفاذ العقد المؤرخ 10/ 6/ 1960 والمتضمن بيعه لهم 21 فداناً و20 سهم و5 قراريط أطياناً زراعية مبينة الحدود والمعالم بالعقد وبصحيفة الدعوى بثمن مقبوض قدره 6350 جنيه، وقالوا بياناً لدعواهم إن المدعى عليه باع لهم الأطيان سالفة الذكر واختص الولد منهم بمساحة 3 أفدنة و23 قيراط و14 سهم والبنت بمساحة 2 فدان و18 سهم و15 قيراط، وإذ سوف في نقل ملكيتها إليهم فقد أقاموا الدعوى بصحيفة سجلت في 5/ 11/ 1964 للحكم لهم بطلباتهم وبتاريخ 19/ 1/ 65 حكمت المحكمة بانقطاع سير الخصومة بوفاة المرحوم....... مورث الطاعنة ثم توفى المدعى عليه المرحوم..... من بعده وعجلت الطاعنة عن نفسها وبصفتها والسيدات....... بنات المرحوم........ الدعوى واختصموا فيها ورثة البائع المرحوم....... وضمن صحيفتها أنه نما إلى علمهن أن المطعون عليها استغلت ضعف زوجها وهو في مرض الموت واستصدرت منه عقد بيع رسمي مسجل في 27/ 2/ 1966 برقم 1183 شرقية ببيعه لها 3 أفدنة و14 سهم و2 قيراط أطياناً زراعية تدخل في القدر الذي تصرف فيه بالبيع إلى مورثهن........، وطلبن الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 10/ 6/ 1966 بالنسبة لمساحة 3 أفدنة و14 سهم و23 قيراط المبيعة إلى مورثهن مقابل ثمن مقبوض قدره 1194 جنيه و500 مليم مع التسليم وبطلان عقد البيع المسجل رقم 1183 لسنة 1966 وإلغاء كافة التسجيلات والآثار المترتبة على هذا العقد، وتدخلت........ وكانت زوجة أخرى للمرحوم....... طالبة الحكم بصحة ونفاذ العقد المؤرخ 10/ 6/ 1960 بالنسبة لنصيبها في القدر المبيع وبتاريخ 16/ 4/ 1968 حكمت المحكمة بندب مكتب الخبراء الحكوميين بالزقازيق لمعاينة الأطيان موضوع عقد البيع المؤرخ 10/ 6/ 1960 وبيان ما إذا كانت حصة كل من المشترين شائعة أم مفرزة وتطبيق عقد البيع الرسمي المؤرخ 27/ 2/ 1961 على الطبيعة لبيان ما إذا كان يدخل ضمن المساحة التي اختص بها المرحوم....... مورث المدعين بموجب العقد المؤرخ 10/ 6/ 1960 وبعد أن أودع الخبير تقريره وانتهى فيه إلى أن القدر موضوع عقد البيع الرسمي يدخل ضمن المساحة المبيعة إلى مورث المدعين عادت المحكمة وبتاريخ 13/ 1/ 1970 فحكمت (أولاً) بصحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 13/ 1/ 1960 بالنسبة إلى المساحة التي آلت إلى المرحوم....... مورث المدعين البالغ قدرها 3 أفدنة و23 قيراط و14 سهماً الموضحة الحدود والمعالم بالعقد وصحيفة الدعوى والتسليم (ثانياً) ببطلان عقد البيع الرسمي المسجل برقم 1183 سنة 1966 شرقية الصادر للمطعون عليها الأولى عن نفسها وبصفتها من المرحوم....... وإلغاء كافة التسجيلات والآثار المترتبة على هذا العقد وشملت الحكم بالنفاذ المعجل وبلا كفالة. استأنفت المطعون عليها عن نفسها وبصفتها هذا الحكم أمام محكمة استئناف المنصورة بالاستئناف رقم 30 سنة 13 ق مدني المنصورة (مأمورية الزقازيق) طالبة الحكم بإلغائه ورفض الدعوى. وبتاريخ 28/ 6/ 1970 حكمت المحكمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق لتثبت المطعون عليها أن عقد البيع المؤرخ 10/ 6/ 60 سند الدعوى عقد صوري ينطوي على الإيصاء ولم يقترن بوضع اليد، وبعد أن سمعت المحكمة شهود الطرفين حكمت بتاريخ 28/ 6/ 1971 (أولاً) بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض دعوى الطاعنة فيما يتعلق بمقدار 3 أفدنة وقيراطان و14 سهماً الوارد بعقد المطعون عليها المسجل بتاريخ 27/ 2/ 1966 برقم 1183 وحددت جلسة لمناقشة الخصوم فيما ورد بأسباب هذا الحكم. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرتين أبدت فيهما الرأي بنقض الحكم المطعون فيه في خصوص السبب الثالث. وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير النظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاث أسباب تنعى الطاعنة بالسببين الأولين منها على الحكم المطعون فيه مخالفة الثابت بالأوراق والقصور في التسبيب، وفي بيان السبب الأول تقول إن الحكم أقام قضاءه بأن عقد البيع الصادر إلى مورثها في 10/ 6/ 1690 يخفي وصية على ما قرره من أن البائع المرحوم....... ظل يضع اليد على الأطيان موضوع العقد حتى تاريخ وفاته واستدل على ذلك بأنه رهن منها فدان و16 قيراطاً رهناً حيازياً إلى من يدعى...... بمقتضى العقد المشهر بتاريخ 9/ 5/ 1964 برقم 1853 شرقية وأن الدائن المرتهن استلم القدر المرهون وأنه لو كان التصرف موضوع النزاع قصد به البيع لاقتران بوضع يد المشتري، وأشار الحكم في ذلك إلى ما جاء بتقرير الخبير، في حين أن الثابت بالأوراق أن الدائن المرتهن المذكور لم يتسلم الأطيان المرهونة بل كانت في حيازة مورثها المرحوم..... وورثته من بعده منذ التصرف إليه بالبيع يؤيد ذلك (1) ما قرره البائع المرحوم......... بمحضر جرد تركة ابنه المرحوم إبراهيم المؤرخ 22/ 3/ 1966 من أن ابنه ترك أطياناً زراعية مساحتها أربعة أفدنة تملكها بعقد بيع عرفي وأنها في وضع يد الطاعنة، كما أنه قدم طلباً إلى نيابة الأحوال الشخصية ذكر فيه أن ابنه المرحوم...... باع الأطيان المذكورة إلى ابنتيه القاصرتين وأنه يطلب تنحيه عن الولاية لكبر سنه وتعيين الطاعنة وصية عليهما، كما أن البائع المذكور وقع شاهداً على عقد البيع الصادر للقاصرين، ولم يحضر جلسات الدعوى الحالية مما يدل على أنه يقر عقد البيع المؤرخ 10/ 6/ 1960 (2) أن المرحوم....... وأخاه...... استأجرا بمقتضى عقد تاريخه 15/ 10/ 1960 الأطيان الزراعية التي آلت إلى إخوتهم بمقتضى عقد البيع المؤرخ 10/ 6/ 1960 وأن المؤجرين استصدروا ضدهما أمر حجز وتقدموا بطلب إلى لجنة فض المنازعات الزراعية لطردهما من الأطيان بسبب عدم وفائهما الأجرة (3) أرادت المطعون عليها استلام الأطيان بموجب عقد البيع الرسمي المسجل في 27/ 2/ 1966 فاستشكلت الطاعنة في التنفيذ وقضى برفضه، كما قضى بإلغاء الحجوز التي وقعتها المطعون عليها على الزراعة القائمة بالأطيان، هذا إلى أنها أدخلت الطاعنة خصماً في الدعوى التي أقامها عليها الدائن المرتهن..... يطلب دين الرهن باعتبارها واضعة اليد على الأطيان، كذلك طلبت المطعون عيها وضع الأطيان تحت الحراسة لأن الطاعنة تضع اليد عليها وقضى برفض هذه الدعوى، وقد شهد شهود الطاعنة والمطعون عليها أمام محكمة الاستئناف أن الطاعنة ومورثها من قبل كانا يضعان اليد على الأطيان. (4) انتهى الخبير في تقريره إلى أن الأرض المبيعة إلى المرحوم...... كانت في وضع يده من تاريخ مشتراها حتى وفاته ثم حلت الطاعنة محله في وضع اليد. (5) قدمت الطاعنة شهادة من الجمعية التعاونية..... مركز الزقازيق تفيد أن الأطيان كانت في وضع يد مورثها ونقلت الحيازة إليها بعد وفاته ثم إلى المستأجرين منها، كما أنها استصدرت الحكم رقم 250 سنة 1967 مستعجل الزقازيق بعدم الاعتداد بالحجز الذي أوقعه بنك الائتمان الزراعي على الأرض لدين على مورثها لتعامله على الأرض حال حياته مما يؤيد وضع يده عليها، وإذ قرر الحكم أن البائع المرحوم..... ظل يضع يده على الأطيان موضوع النزاع وأغفل الأدلة المتقدمة فإنه يكون قد خالف الثابت بالأوراق وشابه القصور وتقول الطاعنة بياناً للسبب الثاني أن الحكم المطعون فيه استدل على أن عقد البيع المؤرخ 10/ 6/ 1960 صوري ينطوي على وصية بما قررته الطاعنة عند إعادة جرد تركة مورثها من أنه لم يترك سوى منزلاً بناجية منيا القمح وأن....... وهو أحد المشترين في هذا العقد أقر بأنه عقد صوري ولم يقصد به البيع، في حين أنه لم يكن هناك مقتضى لتثبت الطاعنة الأطيان التي اشتراها مورثها من والده بمحضر إعادة الجرد لأنه كان قد تصرف فيها بالبيع إلى بنتيه القاصرتين، أما عن إقرار..... فقد عدل عنه ولم يحفل الحكم بعدوله وهو ما يعيبه بالقصور.
وحيث إن النعي بهذين السببين مردود، ذلك أنه لما كان الحكم المطعون فيه قد أسس قضاءه بأن العقد المؤرخ 10/ 6/ 1960 يخفي وصية على قوله "(أولاً) أن الأعيان المتصرف فيها لم تخرج قط من حيازة البائع (المرحوم......) وأية ذلك أنه قام برهن جزء منها في سنة 1964 (أي بعد البيع رهناً حيازياً لمن يدعى..... واستلم هذا الدائن المرتهن القدر المرهون مساحة 1 فدان و16 قيراطاً على ما هو ثابت من عقد الرهن الحيازي المشهر بتاريخ 9/ 5/ 1964 برقم 1853 ولو كان التصرف موضوع الدعوى قد قصد المتعاقدان فيه إلى البيع الصحيح لاقترن بوضع اليد لأن من حق المشتري الحصول على ثمرات المبيع ونمائه من يوم انعقاد البيع ولو كان عرفياً لم يسجل، أما وإن هذا لم يحصل فالعقد المسمى بيعاً لا يكون قد تنفذ في أهم أثر من آثاره وهو التسليم وذلك يحمل على انطوائه على نية الإيصاء (يراجع تقرير الخبير في الدعوى الابتدائية وعقد البيع المشهر في 27/ 2/ 1966 برقم 1183). (ثانياً) إن المستأنف عليها الأولى - الطاعنة - لدى إعادة جرد تركة المرحوم...... زوجها بتاريخ 16/ 4/ 1967 (إحدى المشترين في العقد موضوع الدعوى) أقرت بأن مورثها المذكور لم يخلف تركة سوى منزلاً بناحية منيا القمح ولم تذكر أن له أموالاً أخرى وقد كان ذلك معاصراً لتعجيل الدعوى المستأنفة بعد انقطاع سير الخصومة فيها بوفاة مورثها وهذا الإقرار الوارد على لسانها قاطع في الدلالة على أن مورثها لم تكن له صفة المشتري حقيقة في العقد سند الدعوى والتمسك به فيها للقضاء بصحته ونفاذه فيما يتعلق بنصيب مورثها إذ لو كانت واقعة الشراء صحيحة لبادرت إلى التمسك بالعقد الذي ينهض على صحتها لدى حصول إعادة الجرد وبيان مفردات التركة الذي تم بإملائها وبتوقيعها وهذا الذي جاء بمحضر إعادة الجرد على لسان المستأنف عليها الأولى لحجة داحضة لما جاء بمحضر الجرد الأول المؤرخ 22/ 3/ 1966 إذ ما ورد في هذا المحضر الأخير على لسان جد القاصرتين وبوصفه ولياً شرعياً عليهما (وهو البائع في العقد سند الدعوى) من أن والدهما المرحوم..... يمتلك 4 أفدنه لا يعدو أن يكون إقراراً مجرداً لا يضفي على عقد البيع المزعوم شيئاً فالمقر هو ذات البائع والتلازم قائم بين الأمرين وكلاهما يدور في فلك واحد وجوداً وعدماً كذلك يدحض إقرار المستأنف عليها الأول الوارد على لسانها لدى إعادة الجرد عقد البيع المقول بصدوره من المرحوم..... مورث المستأنف عليها الأولى لولديه القاصرين بتاريخ 4/ 1/ 1964 إذ لو كان هذا العقد له وجود قانوني لما تراخت المستأنف عليها الأولى في إثبات ما ورد به محافظة على حق قاصريها وهي أم لهما (ثالثاً) إن أحد المشترين في العقد (.....) وهو في الوقت ذاته أحد أولاد البائع قد أقر بالإقرار الصادر منه أن عقد البيع الصادر من والده إليه وإلى أخوته ومنهم مورث المستأنف عليها الأولى (المرحوم....) هو عقد صوري ولم يقصد به البيع الحقيقي وهذا الإقرار وإن كانت حجيته تقف عند حد المقر فيه إلا أن لمحكمة تستشف منه قرينة تضيفها للقرائن السابقة على أن حقيقة التصرف وصية لا بيعاً ولا يقلل من شأن الإقرار موقف المقر ذاته من تأييده المطلق للمستأنف عليها في جميع مراحل الدعوى وإقراره بأن العقد بيع لا وصية على خلاف إقراره المكتوب والصادر منه لوالده ذلك الموقف الذي تمليه ظروف الخصومة وملابساتها إذا ما أخذ في الاعتبار أن المستأنفة - المطعون عليها - هي زوجة أبيه وأولاد المستأنف عليها الأولى أولاد أخيه الشقيق، وكان يبين من الحكم أنه اتخذ من رهن البائع المرحوم....... قدراً من الأطيان المبيعة رهناً حيازياً بعد صدور التصرف بالبيع إلى مورث الطاعنة، ومن استلام الدائن المرتهن الأطيان المرهونة على ما هو مبين بعقد الرهن الحيازي قرينة على أن العين المبيعة ظلت في وضع يد البائع بعد البيع، وأن هذا العقد لم ينفذ، أما إشارة الحكم في نهاية البند الأول من أسبابه إلى تقرير الخبير فقد كان ذلك لبيان المصدر الذي استقى منه هذه الواقعة، كما استند الحكم في قضائه إلى إقرار الطاعنة بمحضر إعادة جرد تركة مورثها 16/ 4/ 1967 بأنه لم يترك سوى منزلاً بمنيا القمح وأن هذا الإقرار كان معاصراً لتعجيلها الدعوى بعد انقطاع سير الخصومة فيها بوفاة مورثها إذ أنها عجلتها مع باقي الورثة وطلبن الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 10/ 6/ 1960 بالنسبة للحصة المبيعة إلى مورثهن وذكر الحكم أنه لو كانت واقعة الشراء صحيحة لبادرت الطاعنة إلى التمسك بهذا العقد في محضر إعادة جرد التركة وأن هذا الإقرار يدحض ما جاء بمحضر الجرد الأول على لسان المرحوم....... من أن ابنه ترك أربعة أفدنة كما أنه يدحض ما قررته الطاعنة من أن مورثها باع نصيبه إلى ابنتيه القاصرتين في 4/ 1/ 1964 إذ كان يتعين عليها إزاء ذلك أن تسارع إلى المحافظة على حقهما، واستدل الحكم كذلك تأييداً لوجهة نظره بإقرار....... وهو أخ مورث الطاعنة من أن عقد البيع المؤرخ 10/ 6/ 1960 الصادر إليه وإلى أشقائه صوري لم يقصد به البيع ولو أنه عدل عن هذا الإقرار فيما بعده، وكان لا محل لتعييب الحكم المطعون فيه بأنه خالف الثابت بأقوال شهود الطاعنة والمطعون عليها، ذلك أنه فضلاً عن أن الحكم لم يعول في قضائه على الشهود إثباتاً ونفياً فإنه بالرجوع إلى أقوال..... شاهدي المطعون عليها يبين أنهما قررا أن المرحوم....... ظل حتى وفاته يشرف على الأطيان الزراعية نيابة عن ولده الذي كان يأخذ ريعها، ولما كان لمحكمة الموضوع وهي تباشر سلطتها في تقدير الأدلة أن تأخذ بنتيجة دون أخرى ولو كانت محتمة متى أقامت قضاءها على أدلة سائغة تكفي لحمل الحكم، وكان تقدير القرائن مما يستقل به قاضي الموضوع ولا شأن لمحكمة النقض فيما يستنبطه منها متى كان استنباطه سائغاً، ولما كانت القرائن التي استند عليها الحكم سائغة وتكفي لحمله فيما انتهى إليه من أن العقد المؤرخ 10/ 6/ 1960 الصادر من المرحوم..... إلى أولاده هو تصرف مضاف إلى ما بعد الموت قصد به الاحتيال على قواعد الإرث وتسري عليه أحكام الوصية، فلا عليه إن هو لم يرد على القرائن التي استدلت بها الطاعنة على أن التصرف المذكور هو بيع بات منجز؛ لما كان ذلك فإن ما تثيره الطاعنة بسببي الطعن لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل مما لا يجوز قبوله أمام محكمة النقض.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الثالث أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون، ذلك أن الحكم اعتبر التصرف بالبيع الصادر إلى المرحوم....... مورث الطاعنة بمقتضى العقد المؤرخ 10/ 6/ 1960 ساتراً لوصية وأنه يسقط عن المورث المذكور وعن ورثته من بعده صفة المشتري وتصبح الطاعنة مجرد وارثة يمتنع عليها الطعن بالصورية المطلقة على عقد البيع الرسمي من المرحوم..... إلى المطعون عليها والمسجل في 27/ 2/ 1966 إلا إذا قومت الدليل الكتابي على صحة طعنها، في حين أن الوارث يعتبر من الغير فيما يمس حقه في الميراث ويجوز له إثبات الصورية بكافة طرق الإثبات.
وحيث إن هذا النعي غير صحيح ذلك أن الوارث لا يعتبر في حكم الغير بالنسبة للتصرف الصادر من المورث إلى وارث آخر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - إلا إذا كان طعنه على هذا التصرف هو أنه وإن كان في ظاهره بيعاً منجزاً إلا أنه في حقيقته يخفي إضراراً بحقه في الميراث أو أنه صدر في مرض موت المورث فيعتبر إذ ذاك في حكم الوصية لأنه في هاتين الصورتين يستمد الوارث حقه من القانون مباشرة حماية له من تصرفات مورثه التي قصد بها الاحتيال على قواعد الإرث التي تعتبر من النظام العام، أما إذا كان معنى الطعن في العقد أنه صوري صورية مطلقة وأن علة تلك الصورية ليست هي الاحتيال على قواعد الإرث فإن حق الوارث في الطعن في التصرف في هذه الحالة إنما يستمد من مورثه لا من القانون، ومن ثم لا يجوز له إثبات طعنه إلا بما كان يجوز لمورثه من طرق الإثبات، لما كانت الطاعنة قد طعنت بالصورية المطلقة على عقد البيع الرسمي المسجل في 27/ 2/ 1966 الصادر من المرحوم...... إلى المطعون عليها ببيعه لها أطياناً زراعية مساحتها 3 فدان، 2 قيراط، 14 سهماً ودللت على تلك الصورية بقيام علاقة الزوجية بين البائع والمشتري ومن أنها كانت عالمة بحصول التصرف الصادر إلى مورث الطاعنة منذ صدوره في 10/ 6/ 1960 ولم تشر الطاعنة إلى أن هذا التصرف فيه مساس بحقها في الميراث ودفعت عليها بعدم جواز إثبات الصورية المطلقة إلا بالكتابة، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإن النعي عليه بالخطأ في تطبيق القانون يكون غير سديد.
[(1)] نقض 9/ 4/ 1964 مجموعة المكتب الفني السنة 15 ص 525.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق