جلسة 13 من أبريل سنة 1964
برياسة السيد المستشار/
محمود إسماعيل، وبحضور السادة المستشارين: مختار مصطفى رضوان، ومحمد صبري، ومحمد
محمد محفوظ، وبطرس زغلول.
----------------
(56)
الطعن رقم 2388 لسنة 33
القضائية
(أ، ب) علامة تجارية.
محكمة الموضوع.
(أ) الغرض من العلامة
التجارية: أن تكون وسيلة لتمييز المنتجات والسلع. تحقق هذا الغرض بالمغايرة بين
العلامات التي تستخدم في تمييز سلعة معينة بحيث يرتفع اللبس بينها ولا يقع جمهور
المستهلكين في الخلط والتضليل. العبرة بالصورة العامة التي تنطبع في الذهن نتيجة لتركيب
الصور والحروف والرموز مع بعضها والشكل الذي تبرز به في علامة أو أخرى بغض النظر
عن العناصر التي تركبت منها وعما إذا كانت الواحدة تشترك في جزء أو أكثر مما
تحتويه الأخرى.
(ب) وحدة التشابه بين
العلامتين أو عدمه. أمر موضوعي. دخوله في سلطة قاضي الموضوع بلا معقب عليه من
محكمة النقض. متى كانت أسباب قضائه سائغة.
------------
1 - الغرض من العلامة
التجارية على ما يستفاد من المادة الأولى من القانون 57 لسنة 1939 أن تكون العلامة
وسيلة لتمييز المنتجات والسلع، ويتحقق هذا الغرض بالمغايرة بين العلامات التي
تستخدم في تمييز سلعة معينة بحيث يرتفع اللبس بينها ولا يقع جمهور المستهلكين في
الخلط والتضليل. ومن أجل ذلك يجب لتقدير ما إذا كانت للعلامة ذاتية خاصة متميزة عن
غيرها النظر إليها في مجموعها لا إلى كل من العناصر التي تتركب منها. ولا عبرة
باحتواء العلامة على حروف أو رموز أو صور مما تحتويه العلامة الأخرى، بل العبرة
بالصورة العامة التي تنطبع في الذهن نتيجة لتركيب الصور والحروف والرموز مع بعضها
والشكل الذي تبرز به في علامة أو أخرى بغض النظر عن العناصر التي تركبت منها وعما
إذا كانت الواحدة تشترك في جزء أو أكثر مما تحتويه الأخرى.
2 - من المقرر أن وحدة
التشابه بين العلامتين الذي ينخدع به جمهور المستهلكين أو عدمه هو من المسائل
الموضوعية التي تدخل في سلطة قاضي الموضوع بلا معقب عليه من محكمة النقض، متى كانت
الأسباب التي أقيم عليها الحكم تبرر النتيجة التي انتهى إليها.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة
المطعون ضده بأنه في يوم 16/ 5/ 1957 بدائرة قسم شبرا: أولاً - وضع بسوء القصد على
منتجاته المبينة بالمحضر (المواد الغذائية) من الزيوت الحيوانية والنباتية
المتجمدة علامة مملوكة لمحمد محمد خضر. ثانياً - صنع وحاز بقصد البيع المواد
الغذائية سالفة الذكر وهي غير مطابقة للمواصفات القانونية بأن وضع عليها العلامة
المبينة بوصف التهمة الأولى والتي لا تتفق وحقيقة البضاعة وطبيعتها وصفاتها
الجوهرية مع علمه بذلك وطلبت عقابه بالمواد 1 و3 و26 و27 و33 و36 و36 مكرر و42 من
القانون رقم 57 لسنة 1939 المعدل بالقوانين 143 لسنة 1949 و591 لسنة 1953 و569
لسنة 1954 واللائحة التنفيذية والمواد 1 و2 و5 و8 و9 من القانون 48 لسنة 1941
المعدل بالقانون 522 لسنة 1955 والمادة 30 من قانون العقوبات. وقد ادعى المجني
عليه بحق مدني قبل المتهم بمبلغ خمسة آلاف جنيه على سبيل التعويض. كما ادعى المتهم
قبل المدعي المدني (الطاعن) بحق مدني بمبلغ عشرة آلاف جنيه على سبيل التعويض.
ومحكمة شبرا الجزئية قضت حضورياً بتاريخ 10 مايو سنة 1961 عملاً بالمادتين 304/ 1
و381/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية: أولاً - ببراءة المتهم من التهمة المسندة
إليه ورفض دعوى المدعي بالحق المدني قبله مع إلزامه بمصروفاتها. ثانياً - رفض
الدعوى المدنية المقامة من المتهم ضد المدعي بالحق المدني مع إلزامه بمصروفاتها
وأمرت بالمقاصة في أتعاب المحاماة. فاستأنف هذا الحكم كل من النيابة العامة
والمدعي المدني (الطاعن) والمدعي المدني المتهم. ومحكمة القاهرة الابتدائية -
بهيئة استئنافية - قضت بتاريخ 30 من أكتوبر سنة 1962 غيابياً للمتهم بقبول
الاستئنافات شكلاً وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم المستأنف وألزمت المدعي بالحق
المدني والمتهم بالمصاريف المدنية الاستئنافية كل عن دعواه. فطعن الطاعن في هذا
الحكم بطريق النقض ... إلخ.
المحكمة
حيث إن مبنى الطعن الخطأ
في تطبيق القانون ذلك لأن الثابت من الأوراق أن الطاعن تقدم بطلب تسجيل علامة
الميزان باسمه في 31/ 7/ 1951 وحصل على تنازل من ورثة المرحوم محمد حسين الرشيدي
المسجلة تلك العلامة باسمهم بتاريخ 26/ 4/ 1952 قبل حصول المطعون عليه على كتاب
التنازل المقدم منه رقم تسجيل علامة الميزان باسم الطاعن في 29/ 1/ 1957 بعد أن
اعترض المطعون عليه على هذا التسجيل ورفض اعتراضه وبذلك أصبح الطاعن مالكاً لعلامة
الميزان من تاريخ تقديم طلبه لأن القانون لا يستلزم منه إجراء تسجيل آخر إذ أن
العلامة باسم الميزان هي بمثابة الرسم الذي يمثلها كما أن العبرة في تقليد
العلامات التجارية هي بأوجه الشبه بين العلامة الصحيحة وبين العلامة المقلدة لا
بأوجه الاختلاف بينهما ولكن الحكم المطعون فيه خالف هذا النظر وقضى ببراءة المطعون
عليه ورفض الدعوى المدنية قبله استناداً إلى انعدام التطابق بين العلامة التي
يستعملها المطعون عليه وبين العلامة المسجلة باسم الطاعن لأنها تغاير العلامة التي
أدخل تعديلاً عليها والتي كان يجب تسجيلها في وضعها الجديد المعدل مما يعيب الحكم
المطعون فيه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون
فيه حصل واقعة الدعوى في قوله "إن المدعي بالحق المدني (الطاعن) تقدم بطلب
إلى إدارة العلامات التجارية في 31/ 7/ 1951 لتسجيل علامة الميزان ذي المؤشر على
منتجات مصنعه المخصص لإنتاج الزيوت النباتية والحيوانية المعدة للتغذية فرفعت شركة
الملح والصودا المصرية معارضة في تسجيلها كما رفعت معارضة أخرى من شركة مصانع
الصابون والمواد الغذائية وهي الشركة التي يمثلها المتهم (المطعون عليه) وبتاريخ
14/ 12/ 1952 صدر قرار مراقبة العلامات التجارية برفض المعارضتين وفى 29/ 1/ 1975
تم تسجيل العلامة تحت رقم 23788 وكان شكلها وفق الرسم الموضح بملف هذه العلامة
يمثل ميزاناً ذا مؤشر موضوع على إحدى كفتيه أثار (برطمان) وعلى كفته الأخرى وضعت
صنجة وكتب أسفل الرسم كلمة (نباتين) باللغتين العربية والأجنبية ثم دون تحت هذه
الكلمة عبارة إنتاج الحاج محمد محمد خضر وقد أحيط هذا الرسم بإطار مربع الشكل
وبتاريخ 12/ 3/ 1957 قد المدعي بالحق المدني (الطاعن) طلباً بإضافة الميزان إلى
العلامة التي سجلت فأقامت الشركة التي يديرها المتهم (المطعون عليه) معارضة في
تسمية العلامة بهذه الإضافة لتماثلها مع علامة خاصة بمنتجات الصابون والمسجلة برقم
3307 فرأت مراقبة العلامات التجارية المرفوع إليها المعارضة إرسال صورتين من
العلامتين إلى مراقبة الدمغ والموازين للإفادة عن الرسم الذي يطلق على كل ميزان من
الميزانين الموضحين بعلامة المدعي بالحق المدني (الطاعن) وعلامة الشركة المتهم
(المطعون عليه) الخاصة بمنتجات الصابون فأفادت مراقبة الدمغ والموازين بأن ميزان
العلامة الأولى يطلق عليه اسم الميزان ذو الكفتين أما العلامة الثانية الخاصة
بشركة المتهم (المطعون عليه) فالميزان فيها يسمى ميزان القب وفى 2/ 11/ 1957 صدر
القرار في المعارضة بقبول طلب التعديل المقدم من المدعي بالحق المدني (الطاعن)
بشرط إضافة كلمة (ذي الكفتين) إلى كلمة نباتين الميزان وبتاريخ 1/ 4/ 1957 كان
المدعي بالحق المدني (الطاعن) قد قدم طلباً آخر لتسجيل علامة تجارية ورسمها عبارة
عن ميزان قائم قب داخل إطار دائري وأسفل الميزان كتب عبارة ماركة الميزان هولاندي
إنتاج خضر وقيد طلبه هذا برقم 32979 ثم بتاريخ 27/ 4/ 1957 طلب إضافة رسم فتاة
بيدها مقلاة بجوار الميزان مع استبدال كلمتي نموذج هولاندي بكلمة (هولاندي)
وبتاريخ 24/ 4/ 1957 أي قبل أن يقدم المجني عليه (الطاعن) طلبه الأخير كانت شركة
المتهم (المطعون عليه) قدمت طلباً آخر لتسجيل علامة تجارية على منتجاتها من المسلي
الصناعي وهي علامة تشابه تلك التي أوضحها المدعي بالحق المدني في طلبه الأخير
وثابت من الملف الخاص بهذين الطلبين إنهما ما زالا تحت الفحص ولم تصدر الموافقة
بعد من إدارة العلامات التجارية بتسجيل أي من هاتين العلامتين" ثم خلص الحكم
المطعون فيه إلى القضاء ببراءة المطعون عليه ورفض الدعوى المدنية قبله استناداً
إلى قوله "وحيث إن الذي يبين مما سلف من وقائع أن العلامة التجارية التي يملكها
المدعي بالحق المدني الذي تقتصر على تلك العلامة التي تم تسجليها في 29/ 1/ 1957
برقم 23788 وهي وحدها التي يحق للمدعي بالحق المدني (الطاعن) الاستئثار بها ومنع
الغير من استعمالها وهي التي فرض القانون الجزاء لحمايتها أما العلامة الأخرى التي
قدم المدعي (الطاعن) رسماً عنها لإدارة العلامات التجارية بتاريخ 27/ 4/ 1957 فلا
يعتد بها في هذا المقام طالما أن تسجيلها لم يتم حتى الآن كما لم يثبت أن المدعي
بالحق المدني كان يستعملها على منتجات من قبل هذا التاريخ الذي تقدم فيه بطلبه حتى
يمكن القول بأنه تملكها بهذا الاستعمال بل إن الثابت من الأوراق على نقيض ذلك.
وحيث إنه متى كان الأمر وفق ما تقدم فإنه يتعين في هذا الصدد أن تتخذ المحكمة من
العلامة المسجلة برقم 23788 أساساً للمقارنة بالعلامة المدعي بتقليدها من الشركة
التي كان المتهم (المطعون عليه) يديرها. وحيث إنه يبين أن العلامة التجارية التي
يملكها المدعي بالحق المدني (الطاعن) والمسجلة برقم 23788 تختلف في مجموعها
اختلافاً شاملاً عن العلامة التي تستعملها الشركة التي كان المتهم (المطعون عليه)
يديرها فالعلامة الأولى عبارة عن ميزان المؤشر ذي الكفتين ومرسوم على إحدى كفتيه
إناء (برطمان) والكفة الأخرى (سنجه) ومحاط بإطار مربع الشكل وكتب أسفل الرسم كلمتي
(نباتين الميزان) أما العلامة الثانية فتحمل رسم الميزان القائم (القب) داخل إطار
دائري وبجواره فتاة ممسكة بمقلاة ودون أسفل الرسم كلمتي (ماركة الميزان) ومن ثم
فإن التطابق بين العلامتين يصبح منعدماً إلا في الجزء الخاص باتخاذ كل منهما لفظ
الميزان ضمن العناصر الأخرى التي تتركب فيها العلامتان إلا أن اتحادهما في هذا
العنصر غير ذى اعتبار طالما أن لكل من العلامتين ذاتية خاصة مستقلة عن الأخرى وقام
بينهما اختلاف ظاهر في الشكل الذي تبرز به كل علامة مما لا يؤدي إلى تضليل جمهور
المستهلكين" لما كان ذلك، وكان الغرض من العلامة التجارية على ما يستفاد من
المادة الأولى من القانون 57 لسنة 1939 أن تكون العلامة وسيلة لتمييز المنتجات
والسلع ويتحقق هذا الغرض بالمغايرة بين العلامات التي تستخدم في تمييز سلعة معينة
بحيث يرتفع اللبس بينها ولا يقع جمهور المستهلكين في الخلط والتضليل ومن أجل ذلك
يجب لتقدير ما إذا كانت العلامة ذاتية خاصة متميزة عن غيرها النظر إليها في
مجموعها لا إلى كل من العناصر التي تتركب منها ولا عبرة باحتواء العلامة على حروف
أو رموز أو صور مما تحتويه العلامة الأخرى بل العبرة بالصورة العامة التي تنطبع في
الذهن نتيجة لتركيب الصور والحروف والرموز مع بعضها والشكل الذي تبرز به في علامة
أو أخرى بغض النظر عن العناصر التي تركبت منها وعما إذا كانت الواحدة تشترك في جزء
أو أكثر مما تحتويه الأخرى. ولما كان الحكم المطعون فيه قد نفى عن الطاعن استعمال
العلامة الأخيرة بحيث يصبح له حق ملكيتها وطلب التعويض عن الاعتداء عليها كما أنه
لم بتسجيلها باسمه لكي يكون تقليدها محلاً للمسئولية الجنائية كما أثبت الحكم أنه
لا وجه للتشابه بين العلامة المسجلة باسم الطاعن وبين العلامة التي استعملها المطعون
عليه ووضعها على منتجاته بأسباب صحيحة تبرره مستمدة من مقارنة العلامتين على الوجه
الثابت بالحكم وكان من المقرر أن وحدة التشابه بين العلامتين الذي ينخدع به جمهور
المستهلكين أو عدمه هو من المسائل الموضوعية التي تدخل في سلطة قاضي الموضوع بلا
معقب عليه من محكمة النقض متى كانت الأسباب التي أقيم عليها الحكم تبرر النتيجة
التي انتهى إليها كما هو الحال في الدعوى الحالية. لما كان ذلك، فإن ما ينعاه
الطاعن يكون في جملته على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق