الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 28 مارس 2024

الطعن 2515 لسنة 52 ق جلسة 27 / 5 / 1986 مكتب فني 37 ج 1 ق 125 ص 600

جلسة 27 من مايو سنة 1986

برئاسة السيد المستشار: جلال الدين أنسي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد راسم، مدحت المراغي نائبي رئيس المحكمة وجرجس اسحق ود/ رفعت عبد المجيد.

----------------

(125)
الطعن رقم 2515 لسنة 52 القضائية

(1) إثبات "مبدأ الثبوت بالكتابة".
مبدأ الثبوت بالكتابة. ماهيته.
(2) دعوى" الدفاع في الدعوى". محكمة الموضوع.
عدم التزام المحكمة بتكليف الخصم بتقديم دليل دفاعه أو لفت نظره إلى مقتضيات هذا الدفاع.
(3) إثبات "الإثبات بالبينة". التزام "الوفاء بالالتزام".
الوفاء. تصرف قانوني. عدم جواز إثباته بغير الكتابة أو ما يقوم مقامها متى كانت قيمته تزيد على عشرين جنيهاً. العبرة في الوفاء الجزئي بقيمة الالتزام الأصلي. م. 60 إثبات.

----------------
1 - مبدأ الثبوت بالكتابة هو كل كتابه تصدر من الخصم ويكون من شأنها أن تجعل وجود التصرف المدعى به قريب الاحتمال.
2 - المحكمة غير ملزمة بتكليف الخصم بتقدير الدليل على دفاعه أو لفت نظره لمقتضيات هذا الدفاع.
3 - الوفاء باعتباره تصرفاً قانونياً لا يجوز إثباته بغير الكتابة أو ما يقوم مقامها إذا كانت قيمته تزيد على عشرين جنيهاً طبقاً لنص المادة 60 من قانون الإثبات، مما تكون العبرة فيه بقيمة الالتزام الأصلي إذا كان الوفاء جزئياً.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر ... والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدها أقامت الدعوى رقم 2234 لسنة 1979 مدني كلي شبين الكوم ضد الطاعنين بطلب الحكم بإلزام الأول مديناً والثاني ضامناً بأن يدفعا لها مبلغ ستمائة جنيه وبفسخ عقد الرهن المؤرخ 12/ 9/ 1974. وقالت شرحاً للدعوى أن الطاعن الأول اقترض منها هذا المبلغ بضمانة الطاعن الثاني ورهن لها بموجب ذلك العقد أطياناً زراعية مساحتها 21 ط موضحة بالصحيفة رهناً حيازياً ضماناً للوفاء بالمبلغ ملتزماً بسداده عند الطلب مع التصريح لها بالانتفاع بالعين المرهونة وإذ تقاعس الطاعنان عن الوفاء وحالا بينها وبين وضع يدها على العين، فقد أقامت الدعوى. حكمت المحكمة بإلزام الطاعن الأول بضمانه الثاني بأن يؤدي للمطعون ضدها مبلغ 600 جنيه وبفسخ عقد الرهن المذكور. استأنف الطاعنان هذا الحكم بالاستئناف رقم 165 سنة 13 ق مأمورية شبين الكوم. حكمت محكمة الاستئناف بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت الطاعن الأول بكافة طرق الإثبات القانونية بما فيها البينة أنه دفع للمطعون ضدها قيمة الرهن المؤرخ 12/ 4/ 1974 ومقدار ما دفعه وتاريخ أدائه غير أن هذا الحكم لم ينفذ بعد أن دفعت المطعون ضدها بعدم جواز الإثبات بالبينة. وفي 20/ 5/ 1982 حكمت المحكمة بقبول هذا الدفع وبتأييد الحكم المستأنف، طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بعدم قبول الطعن من الطاعن الثاني وبرفض الطعن بالنسبة للطاعن الأول وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إنه لما كان يبين من الأوراق أن المحامي الذي رفع الطعن لم يقدم سند وكالته عن الطاعن الثاني حتى حجز الطعن للحكم فإن الطعن بالنسبة للأخير يكون غير مقبول لرفعه من غير ذي صفة.
وحيث إن الطعن بالنسبة للطاعن الأول استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والإخلال بحق الدفاع وفي بيان ذلك يقول أنه تمسك أمام محكمة الموضوع بأنه أبرم مع المطعون ضدها عقداً أودع لديها أتفق فيه على استلامها العين المرهونة استلاماً حكمياً على أن يتولى هو زراعتها وتسليمها جزءاً من محصولها تخصم قيمته من دين الرهن وهو ما أقرت به المطعون ضدها في أقوالها بتحقيقات الشكوى رقم 747 سنة 1979 إداري تلا مما يعد مبدأ ثبوت بالكتابة يجوز تكملته بشهادة الشهود، ورغم أنه قدم مذكرة لمحكمة الاستئناف طلب فيها إعادة الدعوى للمرافعة لتقديم صورة رسمية من أوراق تلك الشكوى إلا أنها لم تستجب لطلبه بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان مبدأ الثبوت بالكتابة هو كل كتابة تصدر من الخصم ويكون من شأنها أن تجعل وجود التصرف المدعى به قريب الاحتمال، وكان الطاعن لم يقدم إلى محكمة الموضوع صورة رسمية من الشكوى الإداري التي قال أنها تعد مبدأ ثبوت بالكتابة بالنسبة للاتفاق المشار إليه بسبب النعي أو أي كتابه صادرة من المطعون ضدها تجعل ذلك الاتفاق قريب الاحتمال، وكانت المحكمة غير ملزمة بتكليف الخصم بتقديم الدليل على دفاعه أو لفت نظره لمقتضيات هذا الدفاع، فإنه لا على الحكم المطعون فيه إذ هو لم يعرض لدفاع الطاعن في هذا الصدد وقد جاء مرسلاً عن دليله. ولا عليه كذلك إن هو لم يعرض لطلبه إعادة الدعوى للمرافعة لتقديم دليل دفاعه لما هو مقرر من أن إجابة هذا الطلب أو برفضه من إطلاقات المحكمة فلا يعاب عليها عدم إجابته ما دام أن الفرصة كانت أمام الطالب لتقديم ما يشاء من أدلة قبل إقفال باب المرافعة في الدعوى، لما كان ذلك فإن النعي يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقول الطاعن أنه برغم أن دافعة تسليمه المطعون ضدها جزءاً من المحصول الناتج من زراعة العين المرهونة هي واقعة مادية وليست تصرفاً قانونياً مما يجوز له إثباتها بكافة طرق الإثبات إلا أن الحكم قضى بقبول الدفع المبدى من المطعون ضدها بعدم جواز الإثبات بالبينة مما يعيبه ويوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أنه لما كان دفاع الطاعن بتسليمه المطعون ضدها جزءاً من المحصول خصماً لقيمته من دين الرهن ينطوي على ادعاء بالوفاء بهذه القيمة، وكان الوفاء باعتباره تصرفاً قانونياً لا يجوز إثباته بغير الكتابة أو ما يقوم مقامها إذا كانت قيمته تزيد على عشرين جنيهاً طبقاً لنص المادة 60 من قانون الإثبات مما تكون العبرة فيه بقيمة الالتزام الأصلي إذا كان الوفاء جزئياً - لما كان ذلك وكانت قيمة الدين تجاوز نصاب الإثبات بالبينة، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بقبول الدفع المبدى من المطعون ضدها بعدم جواز الإثبات ما ادعاه الطاعن في هذا الخصوص بشهادة الشهود يكون قد التزم صحيح القانون ويكون النعي على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

الأربعاء، 27 مارس 2024

الطعن 16471 لسنة 87 ق جلسة 9 / 10 / 2018 مكتب فني 69 ق 94 ص 736

جلسة 9 من أكتوبر سنة 2018
برئاسة السيد القاضي / عادل الكناني نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / يحيى عبد العزيز ماضي، عصمت عبد المعوض عدلي، مجدي تركي وأيمن العشري نواب رئيس المحكمة .
----------------
( 94 )
الطعن رقم 16471 لسنة 87 القضائية
(1) إعدام . نيابة عامة . محكمة النقض " سلطتها " .
إثبات تاريخ تقديم مذكرة النيابة في قضايا الإعدام وتوقيعها من محام عام بتوقيع مقروء . غير لازم . اتصال محكمة النقض بالدعوى بمجرد عرضها عليها دون التقيد بمبنى الرأي الذي ضمنته النيابة العامة مذكرتها . أساس ذلك ؟
(2) سبق إصرار . قتل عمد . حكم " تسبيبه . تسبيب معيب " . نقض " أسباب الطعن . ما يقبل منها " .
سبق الإصرار . حالة ذهنية تقوم بنفس الجاني . استفادته من وقائع خارجية يستخلصها القاضي . ما دام سائغاً . توافره في حق الجاني . شرطه ؟
استظهار المحكمة ظرف سبق الإصرار في عبارات مرسلة تعد ترديداً لوقائع الدعوى واتخاذها من التحريات وأقوال مجريها دون التحقق من صدقها دليلاً أساسياً في إثباته . قصور يوجب نقض الحكم . علة ذلك ؟
تدليل غير سائغ على توافر ظرف سبق الإصرار في جريمة قتل عمد .
(3) استدلالات . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير جدية التحريات " .
تقدير جدية التحريات . موضوعي .
للمحكمة التعويل في تكوين عقيدتها على التحريات باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة أساسية .
(4) إثبات " اعتراف " " شهود " " خبرة " .
تطابق أقوال الشهود واعترافات المتهمين مع مضمون الدليل الفني . غير لازم . كفاية أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني تناقضا يستعصي على الملاءمة والتوفيق .
مثال .
(5) جريمة " أركانها " . باعث .
الباعث على القتل ليس ركناً من أركان الجريمة أو عنصراً من عناصرها .
(6) محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " .
دفاع المتهم بأن الواقعة جنحة قتل خطأ . منازعة في الصورة التي اعتنقتها المحكمة للواقعة . إيراد أدلة الثبوت . كفايته رداً عليه .
(7) حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
رد المحكمة على الدفع ببطلان الاستجواب . غير لازم . ما دامت لم تعول في قضائها على دليل مستمد منه .
(8) محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير صحة الاعتراف " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
الاعتراف في المسائل الجنائية . من عناصر الاستدلال . تقدير صحته وقيمته في الإثبات . موضوعي . ما دام سائغاً .
مثال .
(9) إثبات " اعتراف " " شهود " .
أقوال متهم على آخر . شهادة . للمحكمة الأخذ باعتراف المتهم في حق نفسه وعلى غيره من المتهمين . حد ذلك ؟
(10) سبق إصرار . محكمة النقض " نظرها موضوع الدعوى " . قتل عمد .
سبق الإصرار . حالة ذهنية تقوم بنفس الجاني . استفادته من وقائع خارجية يستخلصها القاضي .
مثال لاستبعاد ظرف سبق الإصرار من محكمة النقض لدى نظرها موضوع الدعوى في جريمة قتل عمد .
(11) قتل عمد . قصد جنائي . محكمة النقض " نظرها موضوع الدعوى " .
قصد القتل . أمر خفي . إدراكه بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه . استخلاص توافره . موضوعي .
مثال لحكم صادر بالإدانة من محكمة النقض لدى نظرها موضوع الدعوى في جريمة قتل عمد .
(12) رابطة السببية . محكمة النقض " نظرها موضوع الدعوى " .
رابطة السببية . علاقة مادية تبدأ بالفعل الذي قارفه الجاني وترتبط من الناحية المعنوية بما يجب أن يتوقعه من النتائج المألوفة لفعله إذا ما أتاه عمداً . تقديرها موضوعي .
تدليل سائغ على توافر رابطة السببية في جريمة قتل عمد .
(13) اشتراك . فاعل أصلي . مسئولية جنائية . اتفاق . قانون " تفسيره " .
المواد 40 و 41 و 42 و 43 عقوبات . مؤداها ؟
معاقبة المتهم عن فعل ارتكبه غيره . شرطه : أن يكون فاعلاً أصلياً في الجريمة أو شريكاً فيها . مجرد توارد خواطر الجناة دون اتفاق سابق بينهم على ارتكاب الفعل . لا يوجب مساءلتهم عن فعل ارتكبه بعضهم إلَّا في الأحوال المبينة حصراً في القانون .
مسئولية المتهم عما اقترفه شخصياً من حيازة وإحراز سلاح ناري وذخيرة دون جريمة القتل العمد . ما دام لم يثبت بدليل يقيني اتفاقه مع المتهم الآخر أو إمداده بالسلاح بقصد ارتكابها . لا يقدح في ذلك قول الضابط لإثبات هذا الاتفاق . علة ذلك ؟
(14) دعوى مدنية . محكمة النقض " نظرها موضوع الدعوى " .
إحالة محكمة الجنايات الدعوى المدنية إلى المحكمة المختصة . أثره : عدم اطراحها على محكمة النقض للفصل في موضوعها .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 – لما كانت النيابة العامة عرضت القضية علي محكمة النقض مشفوعة بمذكرة برأيها ارتأت فيها إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم علية الأول .... إعمالاً لنص المادة 46 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض المعدل دون إثبات تاريخ تقديمها بحيث يستدل منه علي مراعاة المواعيد الخاصة في هذا الشأن – الَّا أنه لما كان تجاوز هذا الميعاد – علي ماجري به قضاء هذه المحكمة – لا يترتب علية عدم قبول عرض النيابة بل إن محكمة النقض تتصل بالدعوي بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها وتستبين من تلقاء نفسها – دون التقيد بالرأي الذي ضمنته النيابة مذكرتها – ما عسي ان يكون قد شاب الحكم من عيوب يستوي في ذلك أن يكون عرض النيابة في الميعاد المحدد أو بعد فواتة أو أن تكون مذكرتها موقعة من محام عام أو من رئيس نيابة أو أن يكون هذا التوقيع غير مقروء ، ومن ثم يتعين قبول عرض النيابة العامة للقضية .
2- من المقرر أن سبق الإصرار حاله ذهنية تقوم بنفس الجاني فلا يستطيع أحد أن يشهد بها مباشرة بل تستفاد من وقائع خارجية يستخلصها القاضي منها استخلاصاً ما دام موجب هذه الوقائع والظروف لا يتنافر عقلاً مع هذا الاستنتاج ويشترط لتوافره في حق الجاني أن يكون في حالة يتسنى له فيها التفكير في عمله والتصميم علية في رويه وهدوء . لما كان ذلك ، وكان ما اوردة الحكم في مدوناته من سبق الإصرار وأن توافرت له في ظاهر الأمر مقومات هذا الظرف كما هو معرف به في القانون إلَّا أن ما ساقة الحكم في هذا الشأن من عبارات مرسلة ليس في حقيقته الَّا ترديداً لوقائع الدعوي كما أوردها في صدره وبسطاً لمعنى سبق الإصرار وشروطه ، ولا يعدو أن يكون تعبيراً عن تلك الحالة التي تقوم بنفس الجاني والتي يتعين علي المحكمة أن تستظهرها بما يدل عليها وأن تبين الوقائع والأمارات والمظاهر الخارجية التي تكشف عنها مما كان ينبغي علي المحكمة معه أن توضح كيف انتهت الي ثبوت توافر ظرف سبق الإصرار في حق الطاعن ، وذلك بعد أن خلت أدلة الدعوي المتمثلة في إقرار الطاعنين مما يدل علي ذلك يقيناً ، ولا يقدح فيما تقدم ما استند الية الحكم من أقوال شاهد الإثبات التي جاءت ترديداً لتحرياته ؛ لما هو مقرر من أنه وإن كان يجوز للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها علي التحريات بحسبانها قرينة تعزز ما ساقته من أدلة ، إلَّا أنها لا تصلح بمفرها أن تكون دليلاً كافياً بذاته أو قرينة مستقلة علي ثبوت الاتهام ، وهي من بعد لا تعدو أن تكون مجرد رأي لصاحبها يخضع لاحتمالات الصحة والبطلان والصدق والكذب ، الي أن يعرف مصدرها ويتحدد حتي يتحقق القاضي بنفسه من هذا المصدر ويستطيع أن يبسط رقابته علي الدليل ويقدر قيمته القانونية في الإثبات . لما كان ذلك ، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه ، أن المحكمة قد اتخذت من التحريات دليلاً أساسياً في إثبات ظرف سبق الإصرار ، دون أن تورد من الأدلة والقرائن ما يساندها ، كما أنها لم تشر في حكمها الي مصدر التحريات تلك علي نحو تمكنت معه من تحديده والتحقق من ثم من صدق ما نقل عنه ، فان حكمها يكون قد تعيب بالفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب بما يبطله ويوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن أو عرض النيابة العامة للقضية .
3- من المقرر أن تقدير جدية التحريات من المسائل الموضوعية التي تستقل بها محكمة الموضوع التي لها أن تعول على ما جاء بها باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة أساسية ما دامت قد عرضت على بساط البحث – كما هو الحال في الدعوى – وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى ما أخذت به من تحريات الشرطة وعولت عليها كقرينة معززة لما ساقته من أدلة أخرى ، ومن ثم فإن ما أثاره المتهم الأول في هذا الصدد يكون غير مقبول متعيناً رفضه .
4- من المقرر أنه ليس بلازم أن تتطابق أقوال الشهود واعترافات المتهمين ومضمون الدليل الفني على الحقيقة التي وصلت إليها المحكمة بجميع تفاصيلها على وجه دقيق بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع جوهر الدليل الفني تناقضاً يستعصى علي الملائمة والتوفيق ، ولما كانت أقوال شاهد الاثبات وإقرار المتهمين على النحو السالف سرده لا تتعارض بل تتلاءم مع الدليل الفني المتمثل في تقريري الصفة التشريحية والأدلة الجنائية وخلت الأوراق مما يظاهر دعوى الخلاف بين الدليلين القولي والفني ، فإن ما يثيره المتهم الأول في هذا المنحى يكون على غير أساس حرياً بالرفض .

5- لما كان الباعث علي القتل ليس ركناً من أركان الجريمة أو عنصراً من عناصرها ، فإن ما أثاره المتهم الأول في هذا الخصوص لا يكون له محل وتلتفت المحكمة عنه .
6- لما كان ما أثاره المتهم الأول من أن الواقعة لا تعدو أن تكون جنحة قتل خطأ ، لا يعدو أن تكون منازعة في الصورة التي اعتنقتها المحكمة يكفي للرد عليها أدلة الثبوت التي أوردتها تدليلاً علي ثبوت الصورة التي اقتنعت بها علي السياق المتقدم .
7- لما كانت هذه المحكمة لم تستند في قضائها الي دليل مستمد من الاستجواب المدعى ببطلانه ، ومن ثم فإنها تكون في حل من الرد عليه .
8- من المقرر أن الاعتراف في المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات بغير معقب ما دامت تقيمه على أسباب سائغه ، وكان ما أثاره المتهم الأول في هذا الشأن مجرد قول مرسل عارٍ من الدليل وخلت الأوراق مما يظاهره ، وكانت المحكمة – فيما أخذت به من ذلك الدليل- تطمئن الى صدور ذلك الإقرار طواعية واختيارا وسلامته مما يشوبه من العيوب ومطابقته للحقيقة والواقع في الدعوى وصلاحيته كدليل إدانة يعزز باقي أدلة الدعوى ، ومن ثم فإن ما يثيره المتهم الأول يكون علي غير سند متعيناً رفضه .
9- لما كان قول متهم على متهم آخر هو في حقيقة الأمر شهاده يسوغ للمحكمة أن تعول عليها ، وكان الأصل أن لمحكمة الموضوع سلطة مطلقة بالأخذ بأقوال المتهم في حق نفسه وعلى غيره من المتهمين متى اطمأنت الى صحتها ومطابقتها للحقيقة والواقع ، وكانت المحكمة تطمئن الى ما أخذت به من إقرار المتهم الثاني في حق نفسه وفي حق المتهم الأول وصلاحيته – مع باقي الأدلة – كدليل إدانة ، فإن ما يثيره المتهم الأول في هذا المنحى لا يكون مقبولاً متعيناً رفضه .
10- من المقرر أن سبق الإصرار حالة ذهنية تقوم بنفس الجاني فلا يستطيع أحد أن يشهد بها مباشرة ، بل تستفاد من وقائع خارجية يستخلصها منها القاضي . لما كان ذلك ، وكانت الواقعة كما استقرت في وجدان المحكمة لا تنبئ عن أن المتهم الأول تدبر أمر الجريمة وصمم عليها وأعد لها بل الواضح للمحكمة أنها كانت وليد اللحظة ولم تكن نتيجة تصميم سابق ، ومن ثم فإن ظرف سبق الإصرار يكون غير متوافر .
11- لما كان قصد القتل أمراً خفياً لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه ، وكان استخلاص هذا القصد موكول الى محكمة الموضوع في حدود سلطتها التقديرية ، وكان هذ القصد ثابت في حق المتهم الأول من وجود الخلافات السابقة بينه وبين المجني عليه – على النحو السالف بيانه – ومما شهد به شاهد الإثبات الأول من أن المتهم المذكور أطلق العيار الناري علي المجني عليه بقصد قتله ومما أقر به المتهم الثاني من أن المتهم أفصح له عن نيته في الاجهاز علي المجني عليه ومن استعماله سلاحاً نارياً قاتل بطبيعته وإطلاق النار في اتجاه الصدر والقلب وهو موضع قاتل من جسم المجني عليه ، ومن ثم فإن نية القتل تكون متوافره في حق المتهم الأول ، ويضحى منعاه في هذا الخصوص غير قويم .
12- لما كانت رابطة السببية وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة هي علاقة مادية تبدأ بالفعل الضار الذي قارفه الجاني وترتبط من الناحية المعنوية بما يجب أن يتوقعه من النتائج المألوفة لفعله إذا ما أتاه عمداً ، وثبوت هذه العلاقة من المسائل الموضوعية التي ينفرد قاضي الموضوع بتقديرها ، وكان الثابت من أدلة الثبوت السالف بيانها أن المتهم أطلق النار على المجني عليه فأحدث به الإصابة الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته ، ومن ثم فإن المتهم الأول يكون مسئول جنائياً عن جريمة القتل العمد .
13- لما كان يبين من مطالعة نصوص القانون العامة في الاشتراك (المواد 40 ، 41 ، 42 ، 43 من قانون العقوبات) أنها تتضمن أن قصد الاشتراك يجب أن ينصب على جريمة أو جرائم معينة ، فإذا لم يثبت الاشتراك في جريمة معينة أو في فعل معين فلا تعتبر الجريمة التي ارتكبها الفاعل نتيجة مباشرة للاشتراك لأنه لم يقع عليها ، وكان من المقرر أن الاتفاق يتطلب تقابل الإرادات تقابلاً صريحاً على ارتكاب الواقعة الجنائية التي تكون محلاً له ، وهو غير التوافق الذي لا يعدو مجرد توارد خواطر الجناة على ارتكاب فعل معين ينتويه كل واحد منهم في نفسه مستقلاً عن الآخرين دون أن يكون بينهم اتفاق سابق ولو كان كل منهم على حده قد أصر على ما تواردت الخواطر عليه وهو ما لا يستوجب مساءلة سائر من توافقوا على فعل ارتكبه بعضهم إلَّا في الأحوال المبينة في القانون علي سبيل الحصر كالشأن فيما نصت عليه المادة 234 من قانون العقوبات أما في غير تلك الأحوال ، فإنه يجب لمعاقبة المتهم عن فعل ارتكبه غيره أن يكون فاعلاً اصلياً فيه أو شريكاً بالمعنى المحدد في القانون . لما كان ذلك ، وكان الثابت أن الأوراق خلت من ثمة دليل يقيني على وجود اتفاق بين المتهم الثاني والمتهم الأول على ارتكاب جريمة القتل أو أنه قد أمده بالسلاح بقصد ارتكابها ، ومن ثم فإنه لا يسئل إلَّا عن فعله الشخصي المتمثل في حيازة وإحراز الأسلحة النارية والذخيرة ، ولا يقدح في ذلك ما تضمنته أقوال الضابط التي جاءت ترديداً لتحرياته من اتفاق المتهمين على ارتكاب الجريمة وإمداد المتهم الثاني المتهم الأول بالسلاح لاستخدامه في ارتكابها لأنها لا تصلح بمجردها لإثبات ذلك ، لما هو مقرر أن الاحكام يجب أن تبنى على الأدلة التي يقتنع منها القاضي بإدانة المتهم او ببراءته صادراً في ذلك عن عقيدة يحصلها هو مما يجريه من التحقيق مستقلاً في تحصيل هذه العقيدة بنفسه لا يشاركه فيها غيره ولا يصح في القانون أن يدخل في تكوين عقيدته بصحة الواقعة التي أقام قضاءه عليها أو بعدم صحتها حكماً لسواه ، وأنه وإن كان الأصل أن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على التحريات باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة طالما أنها كانت مطروحة على بساط البحث إلَّا أنها لا تصلح وحدها لأن تكون قرينة معينة أو دليلاً أساسياً على ثبوت التهمة .
14- لما كانت محكمة الجنايات قد تخلت عن الدعوى المدنية بإحالتها إلى المحكمة المدنية المختصة ، فإن تلك الدعوى لا تكون مطروحة على هذه المحكمة للفصل في موضوعها .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين في قضية الجناية بأنهما :ــــــ
أولاً : المتهم الأول :
قتل عمداً المجني عليه بأن اطلق صوبه عياراً نارياً فأحدث به الإصابة الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته .
ثانياً: المتهمان الأول والثاني :ـــ
1- حازا وأحرزا أسلحة نارية غير مششخنة "بندقية وفردي خرطوش " بدون ترخيص .
2- حازا وأحرزا ذخيرة (طلقة) مما تستخدم على الأسلحة النارية موضوع التهمة السابقة بغير ترخيص.
وأحالتهما إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
وادعى ورثة المجني عليه قبل المتهمين مدنياً بمبلغ عشرة آلاف جنيه وواحد على سبيل التعويض المؤقت .
والمحكمة المذكورة قررت بإجماع آراء أعضائها بإحالة أوراق القضية إلى فضيلة مفتي الجمهورية لإبداء الرأي الشرعي فيها وحددت جلسة .... للنطق بالحكم ، وبالجلسة المحددة قضت المحكمة حضورياً بإجماع آراء أعضائها عملاً بالمواد 39، 40/1 ، 2 ،41/1 ، 230، 231 ، 235 من قانون العقوبات ، والمواد 1/1 ، 6 ، 26/1 ، 4 ، 30/1من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقمي 26 لسنة 1978 ، 165 لسنة 1981 والبنود ارقام ( 5 ، 6 ، 7 ) من الجدول رقم 2 الملحق بالقانون الأول ، مع إعمال نص المادة 32 من قانون العقوبات أولاً : بمعاقبة .... بالإعدام شنقاً عما أسند إليه والزمته بالمصاريف الجنائية. ثانياً : ـ بمعاقبة .... بالسجن المشدد خمس عشرة سنة عما أسند إليه . ثالثاً وفي الدعوى المدنية بإحالتها للمحكمة المدنية المختصة .
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
كما عرضت النيابة العامة القضية على محكمة النقض مشفوعة بمذكرة برأيها .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
حيث إن النيابة العامة عرضت القضية علي محكمة النقض مشفوعة بمذكرة برأيها ارتأت فيها إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم علية الأول .... إعمالاً لنص المادة 46 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض المعدل دون إثبات تاريخ تقديمها بحيث يستدل منه علي مراعاة المواعيد الخاصة في هذا الشأن – الَّا أنه لما كان تجاوز هذا الميعاد – علي ماجري به قضاء هذه المحكمة – لا يترتب علية عدم قبول عرض النيابة بل إن محكمة النقض تتصل بالدعوي بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها وتستبين من تلقاء نفسها – دون التقيد بالرأي الذي ضمنته النيابة مذكرتها – ما عسي ان يكون قد شاب الحكم من عيوب يستوي في ذلك أن يكون عرض النيابة في الميعاد المحدد أو بعد فواتة أو أن تكون مذكرتها موقعة من محام عام أو من رئيس نيابة أو أن يكون هذا التوقيع غير مقروء ، ومن ثم يتعين قبول عرض النيابة العامة للقضية .
وحيث إن مما ينعاه الطاعنان علي الحكم المطعون فيه أنه اذ دانهما بجرائم القتل العمد مع سبق الإصرار واحراز وحيازة أسلحة نارية مششخنة وذخيرة بدون ترخيص قد شابة القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ، ذلك أنه دلل علي توافر ظرف سبق الإصرار بما لا ينتجه ، مما يعيبه ويستوجب نقضه .
وحيث إنه لما كان من المقرر أن سبق الإصرار حاله ذهنية تقوم بنفس الجاني فلا يستطيع أحد أن يشهد بها مباشرة بل تستفاد من وقائع خارجية يستخلصها القاضي منها استخلاصاً ما دام موجب هذه الوقائع والظروف لا يتنافر عقلاً مع هذا الاستنتاج ويشترط لتوافره في حق الجاني أن يكون في حالة يتسنى له فيها التفكير في عمله والتصميم علية في رويه وهدوء . لما كان ذلك ، وكان ما اوردة الحكم في مدوناته من سبق الإصرار وأن توافرت له في ظاهر الأمر مقومات هذا الظرف كما هو معرف به في القانون إلَّا أن ما ساقة الحكم في هذا الشأن من عبارات مرسلة ليس في حقيقته الَّا ترديداً لوقائع الدعوي كما أوردها في صدره وبسطاً لمعنى سبق الإصرار وشروطه ، ولا يعدو أن يكون تعبيراً عن تلك الحالة التي تقوم بنفس الجاني والتي يتعين علي المحكمة أن تستظهرها بما يدل عليها وأن تبين الوقائع والأمارات والمظاهر الخارجية التي تكشف عنها مما كان ينبغي علي المحكمة معه أن توضح كيف انتهت الي ثبوت توافر ظرف سبق الإصرار في حق الطاعن ، وذلك بعد أن خلت أدلة الدعوي المتمثلة في إقرار الطاعنين مما يدل علي ذلك يقيناً ، ولا يقدح فيما تقدم ما استند الية الحكم من أقوال شاهد الإثبات التي جاءت ترديداً لتحرياته ؛ لما هو مقرر من أنه وإن كان يجوز للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها علي التحريات بحسبانها قرينة تعزز ما ساقته من أدلة ، إلَّا أنها لا تصلح بمفرها أن تكون دليلاً كافياً بذاته أو قرينة مستقلة علي ثبوت الاتهام ، وهي من بعد لا تعدو أن تكون مجرد رأي لصاحبها يخضع لاحتمالات الصحة والبطلان والصدق والكذب ، الي أن يعرف مصدرها ويتحدد حتي يتحقق القاضي بنفسه من هذا المصدر ويستطيع أن يبسط رقابته علي الدليل ويقدر قيمته القانونية في الإثبات . لما كان ذلك ، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه ، أن المحكمة قد اتخذت من التحريات دليلاً أساسياً في إثبات ظرف سبق الإصرار ، دون أن تورد من الأدلة والقرائن ما يساندها ، كما أنها لم تشر في حكمها الي مصدر التحريات تلك علي نحو تمكنت معه من تحديده والتحقق من ثم من صدق ما نقل عنه ، فان حكمها يكون قد تعيب بالفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب بما يبطله ويوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن أو عرض النيابة العامة للقضية .
وحيث إن الدعوي بحالتها صالحة للفصل في موضوعها ولا تحتاج الي تحقيق موضوعي .
وحيث إن واقعات الدعوي حسبما استقرت في يقين المحكمة مستخلصة من أوراقها وما تم فيها من تحقيقات وما دار بشأنها بجلسات المحاكمة تتحصل في أن المتهم الأول .... اتفق والمجني علية .... علي الاشتراك في تجارة الماشية ونفاذاً لذلك سلم الأول المجني علية أربعة آلاف جنية بيد أن الأخير لم يقم بتنفيذ ما تم الاتفاق علية وعندما طالبة الأول برد المبلغ العديد من المرات ماطله وأعطاه مواد ممنوعة ( بندقية خرطوش ومواد مخدرة ) لبيعها والحصول علي مالة من بيعها ، وفي ذات يوم الواقعة اتصل به هاتفياً وطلب منة الحضور فتوجه إلية حاملاً فرد خرطوش معمر بطلقة نارية كان قد حصل عليهما من المتهم الثاني بعد أن سلمه البندقية التي سبق أن أعطاها له المجني عليه وبعد أن تقابلا توجها سوياً الي محل الواقعة حيث أطلق صوب المجني علية طلقة من سلاحه الناري أحدثت به الإصابة الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته ، وبعد القبض علية أقر لضابط الواقعة بارتكاب الجريمة وأرشده عن السلاح المستخدم بمسكنة فتم ضبطه ، كما تم ضبط المتهم الثاني حائزاً لسلاحين ناريين غير مششخنين بمسكنه بإرشاده .
وحيث إن الواقعة علي النحو المتقدم قد استقام الدليل علي صحتها ونسبتها الي المتهمين من شهادة النقيب / .... وإقرار المتهمين بتحقيقات النيابة العامة ومن تقريري الصفة التشريحية والأدلة الجنائية .
فشهد النقيب/ .... بأنه توجد خلافات مالية بين المتهم الأول والمجني علية ، وأن المتهم بعد أن حصل علي سلاح ناري مذخر من المتهم الثاني اصطحب المجني علية الي محل الحادث واطلق صوبة عياراً نارياً قاصد قتلة فارداه قتيلاً ، وأنه قام بضبطه وبمواجهته أقر له بارتكاب الواقعة وأرشده عن السلاح المستخدم حيث تم ضبطه بمسكنه ، كما قام بضبط المتهم الثاني وسلاحين ناريين بحوزته بإرشاده أقر له بحيازتهما .
وأقر المتهم الأول بأن المجني علية اخذ منه مبلغ أربعة آلاف جنيها لمشاركته في تجارة الماشية ولكنه لم ينفذ ما تم الاتفاق علية وماطل في رد المبلغ وأعطاه مواد ممنوعة ( بندقية خرطوش ومواد مخدرة ) لبيعها واستيفاء حقه من ثمنها ، وأنه قبل ثلاث ساعات من حدوث الواقعة حصل علي السلاح والذخيرة المستخدمين في الحادث من المتهم الثاني وسلمة البندقية السابق حصوله عليها من المجني عليه ، وأن الأخير هاتفة وطلب منة الحضور فتوجه إليه حاملاً السلاح المذخر واتجها سوياً الي محل الحادث ، وأن إصابة المجني عليه التي أودت بحياته حدثت من السلاح الناري خاصته وأن السلاح المضبوط بمسكنه هو المستخدم في الحادث .
وأقر المتهم الثاني .... بتحقيقات النيابة بحيازة البندقية والفرد الخرطوش المضبوطين بمسكنه وتسليم المتهم الأول السلاح الناري والذخيرة المستخدمين في ارتكاب الجريمة ، وأن المتهم الأول افصح عن نيته في الخلاص من المجني عليه .
وثبت من تقرير الصفة التشريحية أن إصابة المجني عليه بالصدر عبارة عن جرح ناري دخولي لمقذوف رشي (خرطوش 12مم) وتعزى الوفاة إلى الإصابة النارية الرشية بالصدر وما أحدثته من تهتكات بالقلب والمعدة ومنديل البطن وما صاحب ذلك من صدمة نزفيه غير مرتجعه انتهت بالوفاة .
وثبت من تقرير الأدلة الجنائية أن السلاح المضبوط مع المتهم الأول عبارة عن سلاح ناري خرطوش يدوي التعمير والتفريغ مصنع محلياً بماسورة واحدة غير مششخنة طولها 16 سم عيار 12 سليم وصالح للاستعمال ، وأن السلاحين المضبوطين مع المتهم الثاني عبارة عن بندقية خرطوش صناعة أجنبية عيار 12 بماسورة غير مششخنة سليمة وصالحة للاستعمال وفرد خرطوش يدوي التعمير والتفريغ مصنع محلياً بماسورة واحدة غير مششخنة طولها16,5 سم عيار 12 سليم وصالح للاستعمال .
وحيث إن المتهمين حضرا أمام محكمة الموضوع ، وأنكرا ما أسند إليهما ودفع الحاضر مع الأول بعدم جدية التحريات ، وبتناقض الدليلين القولي والفني ، وبانتفاء الباعث على القتل ، وأن الواقعة لا تعدو أن تكون مجرد قتل خطأ ، وببطلان الاستجواب الذي تم بمعرفة ضابط الواقعة ، وببطلان الإقرار المنسوب للطاعن الثاني لصدوره وليد اكراه وعدم صلاحية أقواله كدليل إدانة ، وعدم توافر ظرف سبق الإصرار ونية القتل .
ودفع الحاضر مع الثاني بعدم وجود دليل على اشتراكه مع المتهم الأول في ارتكاب جريمة القتل ، كما مثل المدعي بالحقوق المدنية بوكيل وصمم على طلب التعويض .
وحيث إنه لما كان من المقرر أن تقدير جدية التحريات من المسائل الموضوعية التي تستقل بها محكمة الموضوع التي لها أن تعول على ما جاء بها باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة أساسية ما دامت قد عرضت على بساط البحث – كما هو الحال في الدعوى – وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى ما أخذت به من تحريات الشرطة وعولت عليها كقرينة معززة لما ساقته من أدلة أخرى ، ومن ثم فإن ما أثاره المتهم الأول في هذا الصدد يكون غير مقبول متعيناً رفضه .
وحيث إنه لما كان من المقرر أنه ليس بلازم أن تتطابق أقوال الشهود واعترافات المتهمين ومضمون الدليل الفني على الحقيقة التي وصلت إليها المحكمة بجميع تفاصيلها على وجه دقيق بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع جوهر الدليل الفني تناقضاً يستعصى علي الملائمة والتوفيق ، ولما كانت أقوال شاهد الاثبات وإقرار المتهمين على النحو السالف سرده لا تتعارض بل تتلاءم مع الدليل الفني المتمثل في تقريري الصفة التشريحية والأدلة الجنائية وخلت الأوراق مما يظاهر دعوى الخلاف بين الدليلين القولي والفني ، فإن ما يثيره المتهم الأول في هذا المنحى يكون على غير أساس حرياً بالرفض .
وحيث إنه لما كان الباعث علي القتل ليس ركناً من أركان الجريمة أو عنصراً من عناصرها ، فإن ما أثاره المتهم الأول في هذا الخصوص لا يكون له محل وتلتفت المحكمة عنه .
وحيث إن ما أثاره المتهم الأول من أن الواقعة لا تعدو أن تكون جنحة قتل خطأ ، لا يعدو أن تكون منازعة في الصورة التي اعتنقتها المحكمة يكفي للرد عليها أدلة الثبوت التي أوردتها تدليلاً علي ثبوت الصورة التي اقتنعت بها علي السياق المتقدم .
وحيث إنه عن الدفع ببطلان الاستجواب الذي تم بمعرفة ضابط الواقعة ، فإنه لما كانت هذه المحكمة لم تستند في قضائها الي دليل مستمد من الاستجواب المدعى ببطلانه ، ومن ثم فإنها تكون في حل من الرد عليه.
وحيث إنه عن الدفع ببطلان الإقرار المعزو الى المتهم الثاني لصدوره وليد اكراه ، فإنه من المقرر أن الاعتراف في المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات بغير معقب ما دامت تقيمه على أسباب سائغه ، وكان ما أثاره المتهم الأول في هذا الشأن مجرد قول مرسل عارٍ من الدليل وخلت الأوراق مما يظاهره ، وكانت المحكمة – فيما أخذت به من ذلك الدليل- تطمئن الى صدور ذلك الإقرار طواعية واختيارا وسلامته مما يشوبه من العيوب ومطابقته للحقيقة والواقع في الدعوى وصلاحيته كدليل إدانة يعزز باقي أدلة الدعوى ، ومن ثم فإن ما يثيره المتهم الأول يكون علي غير سند متعيناً رفضه .
وحيث إنه عما أثاره المتهم الأول من عدم صلاحية إقرار المتهم الثاني عليه كدليل إدانة ، فإنه لما كان قول متهم على متهم آخر هو في حقيقة الأمر شهاده يسوغ للمحكمة أن تعول عليها ، وكان الأصل أن لمحكمة الموضوع سلطة مطلقة بالأخذ بأقوال المتهم في حق نفسه وعلى غيره من المتهمين متى اطمأنت الى صحتها ومطابقتها للحقيقة والواقع ، وكانت المحكمة تطمئن الى ما أخذت به من إقرار المتهم الثاني في حق نفسه وفي حق المتهم الأول وصلاحيته – مع باقي الأدلة – كدليل إدانة ، فإن ما يثيره المتهم الأول في هذا المنحى لا يكون مقبولاً متعيناً رفضه .
وحيث إنه لما كان من المقرر أن سبق الإصرار حالة ذهنية تقوم بنفس الجاني فلا يستطيع أحد أن يشهد بها مباشرة ، بل تستفاد من وقائع خارجية يستخلصها منها القاضي . لما كان ذلك ، وكانت الواقعة كما استقرت في وجدان المحكمة لا تنبئ عن أن المتهم الأول تدبر أمر الجريمة وصمم عليها وأعد لها بل الواضح للمحكمة أنها كانت وليد اللحظة ولم تكن نتيجة تصميم سابق ، ومن ثم فإن ظرف سبق الإصرار يكون غير متوافر .
وحيث إنه عما أثاره المتهم الأول من انتفاء نية القتل لديه ، فإنه لما كان قصد القتل أمراً خفياً لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه ، وكان استخلاص هذا القصد موكول الى محكمة الموضوع في حدود سلطتها التقديرية ، وكان هذ القصد ثابت في حق المتهم الأول من وجود الخلافات السابقة بينه وبين المجني عليه – على النحو السالف بيانه – ومما شهد به شاهد الإثبات الأول من أن المتهم المذكور أطلق العيار الناري علي المجني عليه بقصد قتله ومما أقر به المتهم الثاني من أن المتهم أفصح له عن نيته في الاجهاز علي المجني عليه ومن استعماله سلاحاً نارياً قاتل بطبيعته وإطلاق النار في اتجاه الصدر والقلب وهو موضع قاتل من جسم المجني عليه ، ومن ثم فإن نية القتل تكون متوافره في حق المتهم الأول ، ويضحى منعاه في هذا الخصوص غير قويم .
وحيث إنه لما كانت رابطة السببية وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة هي علاقة مادية تبدأ بالفعل الضار الذي قارفه الجاني وترتبط من الناحية المعنوية بما يجب أن يتوقعه من النتائج المألوفة لفعله إذا ما أتاه عمداً ، وثبوت هذه العلاقة من المسائل الموضوعية التي ينفرد قاضي الموضوع بتقديرها ، وكان الثابت من أدلة الثبوت السالف بيانها أن المتهم أطلق النار على المجني عليه فأحدث به الإصابة الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته ، ومن ثم فإن المتهم الأول يكون مسئول جنائياً عن جريمة القتل العمد .
وحيث إنه عما آثاره المتهم الثاني من عدم مسئوليته عن جريمة القتل العمد لعدم توافر عناصر المساهمة الجنائية في حقه ، فإنه لما كان يبين من مطالعة نصوص القانون العامة في الاشتراك (المواد 40 ، 41 ، 42 ، 43 من قانون العقوبات) أنها تتضمن أن قصد الاشتراك يجب أن ينصب على جريمة أو جرائم معينة ، فإذا لم يثبت الاشتراك في جريمة معينة أو في فعل معين فلا تعتبر الجريمة التي ارتكبها الفاعل نتيجة مباشرة للاشتراك لأنه لم يقع عليها ، وكان من المقرر أن الاتفاق يتطلب تقابل الإرادات تقابلاً صريحاً على ارتكاب الواقعة الجنائية التي تكون محلاً له ، وهو غير التوافق الذي لا يعدو مجرد توارد خواطر الجناة على ارتكاب فعل معين ينتويه كل واحد منهم في نفسه مستقلاً عن الآخرين دون أن يكون بينهم اتفاق سابق ولو كان كل منهم على حده قد أصر على ما تواردت الخواطر عليه وهو ما لا يستوجب مساءلة سائر من توافقوا على فعل ارتكبه بعضهم إلَّا في الأحوال المبينة في القانون علي سبيل الحصر كالشأن فيما نصت عليه المادة 234 من قانون العقوبات أما في غير تلك الأحوال ، فإنه يجب لمعاقبة المتهم عن فعل ارتكبه غيره أن يكون فاعلاً اصلياً فيه أو شريكاً بالمعنى المحدد في القانون . لما كان ذلك ، وكان الثابت أن الأوراق خلت من ثمة دليل يقيني على وجود اتفاق بين المتهم الثاني والمتهم الأول على ارتكاب جريمة القتل أو أنه قد أمده بالسلاح بقصد ارتكابها ، ومن ثم فإنه لا يسئل إلَّا عن فعله الشخصي المتمثل في حيازة وإحراز الأسلحة النارية والذخيرة ، ولا يقدح في ذلك ما تضمنته أقوال الضابط التي جاءت ترديداً لتحرياته من اتفاق المتهمين على ارتكاب الجريمة وإمداد المتهم الثاني المتهم الأول بالسلاح لاستخدامه في ارتكابها لأنها لا تصلح بمجردها لإثبات ذلك ، لما هو مقرر أن الاحكام يجب أن تبنى على الأدلة التي يقتنع منها القاضي بإدانة المتهم او ببراءته صادراً في ذلك عن عقيدة يحصلها هو مما يجريه من التحقيق مستقلاً في تحصيل هذه العقيدة بنفسه لا يشاركه فيها غيره ولا يصح في القانون أن يدخل في تكوين عقيدته بصحة الواقعة التي أقام قضاءه عليها أو بعدم صحتها حكماً لسواه ، وأنه وإن كان الأصل أن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على التحريات باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة طالما أنها كانت مطروحة على بساط البحث إلَّا أنها لا تصلح وحدها لأن تكون قرينة معينة أو دليلاً أساسياً على ثبوت التهمة .

وحيث إنه لما كانت المحكمة قد اطمأنت الى أدلة الثبوت في الدعوى فإنها تعرض عن انكار المتهمين وتلتفت عن باقي ما اثاروه من أوجه دفاع موضوعية .
ومن ثم يكون قد ثبت للمحكمة على وجه القطع أن :
أولاً - المتهم الأول : ـ
قتل عمداً المجني عليه .... بأن أطلق صوبه عياراً نارياً فأحدث به الإصابة الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته .
ثانياً - المتهمان الأول والثاني :
1- حازا وأحرزا أسلحة نارية غير مششخنة "بندقية وفردي خرطوش " بدون ترخيص .
2- حازا وأحرزا ذخيرة (طلقة) مما تستخدم على الأسلحة النارية موضوع التهمة السابقة بغير ترخيص .

ومن ثم يتعين إدانتهما عملاً بالمادة 304/2 من قانون الإجراءات الجنائية ومعاقبتهما بالمادة 234/1 من قانون العقوبات ، والمواد 1/1 ، 3 ، 6 ، 26 /1 ، 4 ، 30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقوانين أرقام 26 لسنة 1978 ، 101 لسنة 1980 ، 165 لسنة 1981 ، 95 لسنة 2003 والمرسوم بقانون رقم 6 لسنة 2012 والجدول رقم (2) الملحق بالقانون الأول .
وحيث إن جميع الجرائم المسندة إلى كل من المتهمين مرتبطة ببعضها ارتباطاً لا يقبل التجزئة ، ومن ثم فإنه يتعين الحكم بالعقوبة المقررة لأشدها عملا بالمادة 32 من قانون العقوبات .
حيث إنه عن الدعوى المدنية ، فإنه لما كانت محكمة الجنايات قد تخلت عنها بإحالتها إلى المحكمة المدنية المختصة ، فإن تلك الدعوى لا تكون مطروحة على هذه المحكمة للفصل في موضوعها .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 6446 لسنة 88 ق جلسة 14 / 10 / 2018 مكتب فني 69 ق 95 ص 751

جلسة 14 من أكتوبر سنة 2018
برئاسة السيد القاضي / طه قاسم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / عادل عمارة، عاطف عبد السميع، يحيى رياض وهشام رضوان عبد العليم نواب رئيس المحكمة .
--------------
( 95 )
الطعن رقم 6446 لسنة 88 القضائية
صيادلة . مواد مخدرة . دفوع " الدفع ببطلان القبض والتفتيش " . حكم " تسبيبه . تسبيب معيب " . نقض " حالات الطعن . الخطأ في تطبيق القانون " . نقض " نظر الطعن والحكم فيه " .
لمفتشي الصيادلة دون غيرهم صفة الضبطية القضائية في دوائر اختصاصهم ممن لهم الحق في دخول الاماكن العامة لمراقبة تنفيذ القوانين واللوائح باعتباره إجراء إداري مقيد بذلك الغرض . التعرض إلى حرية الاشخاص واستكشاف الأشياء المغلقة غير الظاهرة . غير جائز . حد ذلك ؟
التفتيش المحظور . ماهيته ؟
حرمة الصيدلية . مستمدة من اتصالها بشخص صاحبها . إجازة تفتيشه يشمل بالضرورة تفتيش محل تجارته .
ضبط الأقراص المخدرة داخل درج سحري أعلى باب الصيدلية بعد فتحه بمعرفة الشاهد . انحراف بالسلطة وتجاوز لحدود التفتيش يبطله . مخالفة الحكم هذا النظر . يوجب نقضه وبراءة الطاعن . أساس وعلة ذلك ؟
مثال لرد معيب على الدفع ببطلان القبض والتفتيش .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لما كان الحكم المطعون فيه برر قضاءه بالإدانة ورفض الدفع ببطلان التفتيش بقوله " وحيث إنه عما أثاره دفاع المتهم عن بطلان القبض والتفتيش ، فمردود ذلك بأنه لما كان الثابت بالأوراق من أقوال الشاهد الأول أنه بتاريخ .... وحال قيامه بمباشرة مهام عمله بالحملة التموينية وبالدلوف إلى صيدلية " .... " تقابل مع المتهم – صاحبها ومديرها المسئول – وبتفتيشه للصيدلية إدارياً عثر أعلى باب الصيدلية من الداخل بداخل درج سحري على عدد (90) تسعين قرصاً لعقار التامول وعدد (100) مائة قرص لعقار الترامادول المخدرين والمدرجين بالجدول الأول من قانون المخدرات وكذا عدد (20) عشرين قرص لعقار الكلوزيبام ، وعدد (70) سبعين قرص لعقار الأبتريل وعدد (30) ثلاثين قرصاً لعقار الأموتريل ، وعدد (40) أربعين قرصاً لعقار (lexotanil ( وعدد (60) ستين قرصاً لعقار كمالمبيام وعدد (110) مائة وعشرة قرص لعقار روستولام وعدد (140) مائة وأربعين قرص لعقار برازولام وعدد (90) تسعين قرص لعقار طيبة رولاكس وعدد (10) عشرة أقراص لعقار زولام وعدد (30) ثلاثين قرصاً لعقار فالينيل والمدرجين بالجدول الثالث الملحق بقانون المخدرات ، وكذا عدد من الأدوية والمنشطات الجنسية المهربة وبمواجهة المتهم بالمضبوطات أقر بحيازته لها وهو الأمر الذى بات يقيناً للمحكمة توافر حالة التلبس المنصوص عليها قانوناً ، ويكون منعى الدفاع في هذا الصدد غير سديد . لما كان ذلك ، وكانت المادة 85 من القانون رقم 127 لسنة 1955 في شأن مزاولة مهنة الصيدلة قد نصت على أنه " يعتبر من مأموري الضبط القضائي في تطبيق أحكام هذا القانون الصيادلة الرؤساء ومساعدوهم من مفتشى الصيدليات بوزارة الصحة العمومية وكذلك كل من يندبه وزير الصحة العمومية من الصيادلة لهذا الغرض " كما نصت المادة 50 من القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن قانون مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها على أنه".. لمفتشي الصيدلة دخول مخازن ومستودعات الاتجار في الجواهر المخدرة والصيدليات والمستشفيات والمصحات والمستوصفات والعيادات ومصانع المستحضرات الإقرباذنييه ومعامل التحاليل الكيميائية والصناعية والمعاهد العلمية المعترف بها ، وذلك للتحقق من تنفيذ أحكام هذا القانون ، ولهم الاطلاع على الدفاتر والأوراق المتعلقة بالجواهر المخدرة ، ويكون لهم صفة رجال الضبط القضائي فيما يتعلق بالجرائم التي تقع بهذه المحال " لما كان ذلك ، و كان المستفاد مما نصت عليه المادتان سالفتا الذكر أنهما منحا مفتشى الصيادلة دون غيرهم صفة الضبطية القضائية في دوائر اختصاصهم ممن لهم الحق في دخول الاماكن العامة لمراقبة تنفيذ القوانين واللوائح وهو إجراء إداري مقيد بالغرض سالف البيان ولا يجاوزه إلى التعرض إلى حرية الاشخاص واستكشاف الأشياء المغلقة غير الظاهرة ما لم يدرك المفتش الصيدلي بحسه وقبل التعرض لها كنه ما فيها مما يجعل أمر حيازتها أو إحرازها جريمة تبيح التفتيش ، فيكون التفتيش في هذه الحالة قائماً على حالة التلبس لا على حق ارتياد المحال العامة والإشراف على تنفيذ القوانين واللوائح ، وكان من المقرر أيضاً أن التفتيش المحظور هو الذى يقع على الأشخاص والمساكن بغير مبرر من القانون ، أما حرمة المتجر – الصيدلية – فمستمدة من اتصاله بشخص صاحبه ، ومن ثم فإن إجازة تفتيش الشخص يشمل بالضرورة تفتيش محل تجارته . لما كان ذلك ، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه ومن رده على الدفع ببطلان القبض والتفتيش – أن الشاهدين قررا بضبط الأقراص المخدرة داخل درج سحري أعلى باب الصيدلية بعد فتحه بمعرفة الشاهد الأول يكون باطلاً لمخالفته للقواعد المنظمة لعمل مفتشى إدارة الصيدلة أثناء التفتيش على الصيدليات ، كما أن التفتيش الحاصل من مفتش الصيادلة على صيدلية الطاعن تم بغير إذن من السلطة المختصة وفى غير حالات التلبس ودون أن تكون هناك ثمة دلائل كافية على اتهامه تسوغ لمفتش الصيدلة التفتيش بغير إذن ، وأنه تجاوز في مباشرته لهذا الإجراء الإداري حدود غرض المشرع من منحه هذه الصلاحية ولم يلتزم في مباشرتها بالقواعد الدستورية والقانونية بأن تعرض لحرية لأشخاص واستكشاف الأشياء المغلقة غير الظاهرة دون مبرر ، فإن تجاوزه لحدود التفتيش والغرض منه يتسم بعدم المشروعية وينطوي على انحراف بالسلطة ، وإذ كان الحكم المطعون فيه خالف هذا النظر وجرى في قضائه على صحة هذا الإجراء ، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله بما يوجب نقضه . لما كان ما تقدم ، وكان بطلان التفتيش مقتضاه قانوناً عدم التعويل في الحكم بالإدانة على أي دليل يكون مستمداً منه ، وبالتالي فلا يعتد بشهادة من قام بهذا الإجراء الباطل ، ولما كانت الدعوى حسبما حصلها الحكم المطعون فيه لا يوجد فيها من دليل سواه ، فإنه يتعين الحكم ببراءة الطاعن عملاً بالفقرة الأولى من المادة 39 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض وبمصادرة الأقراص المخدرة المضبوطة عملاً بالمادة 42 من قانون مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها الصادر بالقانون رقم 182 لسنة 1960 المعدلة بالقانون رقم 122 لسنة 1989 .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه : 1- حاز بقصد الاتجار جوهراً مخدراً مادة " ترامادول هيدروكلوريد " في غير الأحوال المصرح بها قانوناً .
2- حاز بقصد الاتجار مواد " الكلونازيبام ، برومازيبام ، البرازولام ، ديازيبام " مشتقات " البنزوديازبين " في غير الأحوال المصرح بها قانوناً .
وأحالته إلى محكمة جنايات .... لمحاكمته طبقا للقيد والوصف الواردین بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1 ، 2 ، 27/1 ، 38/1 ، 42/1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 ، والبند رقم (150) من القسم الثانى من الجدول رقم (1) الملحق بالقانون الأول ، والبند (د) من الجدول الثالث الملحق بالقانون الأول وبعد أن أعملت المادتين 17 ، 32 من قانون العقوبات بمعاقبة .... بالسجن المشدد ثلاث سنوات عما أسند إليه وتغريمه خمسين ألف جنيه ، ومصادرة الاقراص المخدرة المضبوطة ، وألزمته بالمصاريف الجنائية وذلك بعد أن عدلت وصف الاتهام إلى أن المتهم حاز الأقراص المخدرة بغير قصد من القصود المسماه فى القانون .
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـة
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي حيازة عقار الترامادول المخدر وأقراص الكلونازيبام و البرومازيبام و البرازولام و الديازيبام التي تخضع لبعض قيود الجواهر المخدرة بغير قصد من القصود المسماة في القانون ، قد شابه الخطأ في تطبيق القانون ، والقصور في التسبيب ، وران عليه البطلان ، وذلك بأنه دفع ببطلان إجراءات القبض والتفتيش لحصوله بغير إذن من النيابة العامة ولانتفاء حالة التلبس ولمخالفتها لنص المادة 85 من القانون رقم 127 لسنة 1955 في شأن مزاولة مهنة الصيدلة لتجاوز مأمور الضبط حدود التفتيش الإداري ، إلا أن الحكم اطرح هذا الدفع برد غير سائغ ، مما يعيبه ويستوجب نقضه .
حيث إن الحكم المطعون فيه برر قضاءه بالإدانة ورفض الدفع ببطلان التفتيش بقوله " وحيث إنه عما أثاره دفاع المتهم عن بطلان القبض والتفتيش ، فمردود ذلك بأنه لما كان الثابت بالأوراق من أقوال الشاهد الأول أنه بتاريخ .... وحال قيامه بمباشرة مهام عمله بالحملة التموينية وبالدلوف إلى صيدلية " .... " تقابل مع المتهم – صاحبها ومديرها المسئول – وبتفتيشه للصيدلية إدارياً عثر أعلى باب الصيدلية من الداخل بداخل درج سحري على عدد (90) تسعين قرصاً لعقار التامول وعدد (100) مائة قرص لعقار الترامادول المخدرين والمدرجين بالجدول الأول من قانون المخدرات وكذا عدد (20) عشرين قرص لعقار الكلوزيبام ، وعدد (70) سبعين قرص لعقار الأبتريل وعدد (30) ثلاثين قرصاً لعقار الأموتريل ، وعدد (40) أربعين قرصاً لعقار (lexotanil ( وعدد (60) ستين قرصاً لعقار كمالمبيام وعدد (110) مائة وعشرة قرص لعقار روستولام وعدد(140) مائة وأربعين قرص لعقار برازولام وعدد (90) تسعين قرص لعقار طيبة رولاكس وعدد (10) عشرة أقراص لعقار زولام وعدد (30) ثلاثين قرصاً لعقار فالينيل والمدرجين بالجدول الثالث الملحق بقانون المخدرات ، وكذا عدد من الأدوية والمنشطات الجنسية المهربة وبمواجهة المتهم بالمضبوطات أقر بحيازته لها وهو الأمر الذى بات يقيناً للمحكمة توافر حالة التلبس المنصوص عليها قانوناً ، ويكون منعى الدفاع في هذا الصدد غير سديد . لما كان ذلك ، وكانت المادة 85 من القانون رقم 127 لسنة 1955 في شأن مزاولة مهنة الصيدلة قد نصت على أنه " يعتبر من مأموري الضبط القضائي في تطبيق أحكام هذا القانون الصيادلة الرؤساء ومساعدوهم من مفتشى الصيدليات بوزارة الصحة العمومية وكذلك كل من يندبه وزير الصحة العمومية من الصيادلة لهذا الغرض " كما نصت المادة 50 من القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن قانون مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها على أنه ".. لمفتشي الصيدلة دخول مخازن ومستودعات الاتجار في الجواهر المخدرة والصيدليات والمستشفيات والمصحات والمستوصفات والعيادات ومصانع المستحضرات الإقرباذنييه ومعامل التحاليل الكيميائية والصناعية والمعاهد العلمية المعترف بها ، وذلك للتحقق من تنفيذ أحكام هذا القانون ، ولهم الاطلاع على الدفاتر والأوراق المتعلقة بالجواهر المخدرة ، ويكون لهم صفة رجال الضبط القضائي فيما يتعلق بالجرائم التي تقع بهذه المحال " لما كان ذلك ، وكان المستفاد مما نصت عليه المادتان سالفتا الذكر أنهما منحا مفتشى الصيادلة دون غيرهم صفة الضبطية القضائية في دوائر اختصاصهم ممن لهم الحق في دخول الاماكن العامة لمراقبة تنفيذ القوانين واللوائح وهو إجراء إداري مقيد بالغرض سالف البيان ولا يجاوزه إلى التعرض إلى حرية الاشخاص واستكشاف الأشياء المغلقة غير الظاهرة ما لم يدرك المفتش الصيدلي بحسه وقبل التعرض لها كنه ما فيها مما يجعل أمر حيازتها أو إحرازها جريمة تبيح التفتيش ، فيكون التفتيش في هذه الحالة قائماً على حالة التلبس لا على حق ارتياد المحال العامة والإشراف على تنفيذ القوانين واللوائح ، وكان من المقرر أيضاً أن التفتيش المحظور هو الذى يقع على الأشخاص والمساكن بغير مبرر من القانون ، أما حرمة المتجر – الصيدلية – فمستمدة من اتصاله بشخص صاحبه ، ومن ثم فإن إجازة تفتيش الشخص يشمل بالضرورة تفتيش محل تجارته . لما كان ذلك ، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه ومن رده على الدفع ببطلان القبض والتفتيش – أن الشاهدين قررا بضبط الأقراص المخدرة داخل درج سحري أعلى باب الصيدلية بعد فتحه بمعرفة الشاهد الأول يكون باطلاً لمخالفته للقواعد المنظمة لعمل مفتشى إدارة الصيدلة أثناء التفتيش على الصيدليات ، كما أن التفتيش الحاصل من مفتش الصيادلة على صيدلية الطاعن تم بغير إذن من السلطة المختصة وفى غير حالات التلبس ودون أن تكون هناك ثمة دلائل كافية على اتهامه تسوغ لمفتش الصيدلة التفتيش بغير إذن ، وأنه تجاوز في مباشرته لهذا الإجراء الإداري حدود غرض المشرع من منحه هذه الصلاحية ولم يلتزم في مباشرتها بالقواعد الدستورية والقانونية بأن تعرض لحرية لأشخاص واستكشاف الأشياء المغلقة غير الظاهرة دون مبرر ، فإن تجاوزه لحدود التفتيش والغرض منه يتسم بعدم المشروعية وينطوي على انحراف بالسلطة ، وإذ كان الحكم المطعون فيه خالف هذا النظر وجرى في قضائه على صحة هذا الإجراء ، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله بما يوجب نقضه .
لما كان ما تقدم ، وكان بطلان التفتيش مقتضاه قانوناً عدم التعويل في الحكم بالإدانة على أي دليل يكون مستمداً منه ، وبالتالي فلا يعتد بشهادة من قام بهذا الإجراء الباطل ، ولما كانت الدعوى حسبما حصلها الحكم المطعون فيه لا يوجد فيها من دليل سواه ، فإنه يتعين الحكم ببراءة الطاعن عملاً بالفقرة الأولى من المادة 39 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض وبمصادرة الأقراص المخدرة المضبوطة عملاً بالمادة 42 من قانون مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها الصادر بالقانون رقم 182 لسنة 1960 المعدلة بالقانون رقم 122 لسنة 1989.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 8614 لسنة 88 ق جلسة 15 / 10 / 2018 مكتب فني 69 ق 96 ص 757

جلسة 15 من أكتوبر سنة 2018
برئاسة السيد القاضي / إبراهيم الهنيدي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / مصطفى محمد، هشام الشافعي، حسين النخلاوي وعباس عبد السلام نواب رئيس المحكمة .
----------------
( 96 )
الطعن رقم 8614 لسنة 88 القضائية
(1) حكم " وصفه " . قانون " تفسيره " . إجراءات " إجراءات المحاكمة " .
المواد 237 فقرة أولى و 397 إجراءات جنائية و 30 و 32 من القانون 57 لسنة 1959 . مؤداها ؟
تخلف المتهم عن الحضور في جنحة معاقب عليها بالحبس وجوباً وحضور وكيل عنه ومرافعته . لا يجعل الحكم حضورياً . علة ذلك ؟
تخلف الطاعنين عن حضور جلسات محاكمتهم أمام محكمة الجنايات عن جنحة وحضور أحدهم بعضها . أثره : اعتبار الحكم غيابياً لهم وحضورياً اعتبارياً للأخيرين ولو وصفته المحكمة بالحضوري أو حضر محامٍ عنهم . خلو الأوراق مما يفيد إعلانهم بالحكم . أثره : عدم جواز الطعن فيه بالنقض . لا يغير من ذلك تعديل المادة 384 إجراءات جنائية بالقانون 11 لسنة ۲۰۱۷ والمادة 40 من قانون الصحافة الملغي . علة ذلك ؟
(2) قانون " تفسيره " . دعوى جنائية " قيود تحريكها " . مجلس القضاء الأعلى .
عدم جواز رفع الدعوى الجنائية أو اتخاذ إجراءات فيها في جرائم المادة 184 عقوبات إلا بطلب كتابي من الهيئة أو رئيس المصلحة المجني عليها . عدم تحديد القانون شكلاً أو صيغة معينة لاتخاذ الإجراءات . أساس ذلك ؟
تأشير السيد رئيس مجلس القضاء الأعلى على الشكاوى المقدمة من قضاة بإحالتها للنيابة . مفاده : طلب اتخاذ الإجراءات القانونية ورفع الدعوى . نعي الطاعنين في هذا الشأن . غير مقبول .
(3) مجلس القضاء الأعلى . دعوى جنائية " قيود تحريكها " .
المادتان 77 مكرراً(1) و 77 مكرراً(2) من قانون السلطة القضائية 46 لسنة 1972 . مفادهما ؟
مجلس القضاء الأعلى ممثلاً في رئيسه . يختص دون غيره بإصدار الطلب بتحريك الدعوى الجنائية في الجريمة المنصوص عليها في المادة 184 عقوبات باعتباره رئيساً للسلطة القضائية . نعي الطاعنين في هذا الشأن . غير مقبول .
(4) أمر الإحالة . إجراءات " إجراءات المحاكمة " .
القصور في أمر الإحالة . لا يُبطل المحاكمة ولا ينال من صحة الإجراءات . إعادة الدعوى إلى مرحلة الإحالة بعد دخولها في حوزة محكمة الموضوع واتصالها بها . غير جائز . علة ذلك ؟
(5) إجراءات " إجراءات التحقيق " . دفوع " الدفع ببطلان التحقيق " .
نعي الطاعنين ببطلان قرار ندب قضاة التحقيق لعدم صدوره من الجمعية العامة للمحكمة ولتفويض رئیسها بغالبية الاختصاصات ولندب أكثر من قاض للتحقيق ولخلوه من رئاسة أحدهم للباقين . غير مقبول . ما دام أن القانون لم يشترط ذلك وأن كل طاعن استقل بجريمته عمن سواه بما لا يتعارض مع ندب أكثر من قاض للتحقيق .
(6) حكم " بيانات التسبيب " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
بيان الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعنين بها وإيراده على ثبوتها في حقهم أدلة سائغة استعرضتها المحكمة على نحو يدل أنها قامت بما ينبغي عليها لتعرف الحقيقة . لا قصور .
عدم رسم القانون شكلاً خاصاً لصياغة الحكم . متى كان مجموع ما أورده كافياً لتَفَهُم الواقعة بأركانها وظروفها .
(7) إهانة محكمة قضائية . سب وقذف . قصد جنائي .
القصد الجنائي في جريمة إهانة وسب المحاكم والسلطة القضائية . مناط تحققه ؟
إظهار الاستياء من أمر مكدر . لا يخرج السب عن وصفه . نعي الطاعنين بتوافر حسن النية فيما وجهوه من عبارات إهانة . غير مقبول .
(8) حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
نعي الطاعنين على الحكم جَمعه بينهم رغم اختلاف مراكزهم القانونية . غير مقبول . ما دام أورد بمدوناته ما نسب لكل منهم على حده .
(9) حكم " بيانات حكم الإدانة " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
إشارة الحكم المطعون فيه لمواد القانون التي أخذ الطاعنين بها . كفايته لتحقيق حكم القانون .
(10) دفوع " الدفع بانتفاء القصد الجنائي " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
نعي الطاعنين بانتفاء القصد الجنائي لديهم وركن العلانية . غير مقبول . ما دام الحكم اطرحه بأسباب سائغة .
(11) إهانة محكمة قضائية . سب وقذف . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " .
المرجع في تعرف حقيقة ألفاظ السب أو القذف أو الإهانة . لقاضي الموضوع دون رقابة من محكمة النقض . حد ذلك ؟
اطمئنان المحكمة أن العبارات الصادرة من الطاعنين تفيد إهانة السلطة القضائية . النعي عليها في هذا الشأن . غير مقبول .
(12) دعوى جنائية " قيود تحريكها " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . إهانة محكمة قضائية .
صور تقييد حق النيابة العامة في رفع الدعوى الجنائية . ماهيتها والقصد منها ؟
الإجراء الواجب لرفع الدعوى الجنائية أو اتخاذ إجراءات فيها في الجريمة المنصوص عليها في المادة 184 عقوبات هو الطلب وليس الشكوى أو الإذن . أساس ذلك ؟
تقديم الطلب خلال فترة زمنية معيَّنة من وقت الجريمة . غير لازم . الحق فيه يظل قائمًا حتى سقوط الدعوى الجنائية بمضي المدة . انصرافه إلى الجريمة ذاتها دون اعتبار لمرتكبها . مباشرة الإجراءات وإسناد التهمة ورفع الدعوى . إجراءات تالية لا اتصال لها به .
طلب مجلس القضاء الأعلى تحريك الدعوى الجنائية عن الجريمة المؤثمة بالمادة 184 عقوبات المرفوعة بشأنها الدعوى الجنائية على الطاعنين . كاف لزوال القيد الوارد على النيابة العامة في رفعها على من يسفر التحقيق عن إسناد الجريمة إليه .
نعي الطاعنين على الحكم بشأن جريمة سب موظف عام بسبب أداء وظيفته المؤثمة بالمادة 185 عقوبات . غير مقبول . ما دام دانهم بجريمة إهانة المحاكم والسلطة القضائية المؤثمة بالمادة 184 عقوبات فقط .
(13) مجلس القضاء الأعلى . دعوى جنائية " تحريكها " .
نعي الطاعنين بتنازل عدد من الشاكين عن شكواهم قبل بعض المتهمين . غير مقبول . ما دامت الأوراق قد خلت من تنازل مجلس القضاء الأعلى عن طلب تحريك الدعوى الجنائية قبلهم .
(14) دفوع " الدفع بعدم الدستورية " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدفع بعدم الدستورية " .
حق محكمة الموضوع في تقدير جدية الدفع بعدم الدستورية . لها مطلق التقدير في وقف نظر الدعوى المنظورة أمامها وتحديد ميعاد لرفع الدعوى بعدم الدستورية . إعراض المحكمة عنه . صحيح . علة وأساس ذلك ؟
(15) اختصاص " الاختصاص الولائي " . دفوع " الدفع بعدم الاختصاص الولائي " .
اختصاص المحاكم العادية بمحاكمة رئيس الجمهورية والوزراء عما يرتكبونه من جرائم يجرمها القانون العام أو القانون 247 لسنة 1956 تشاركها فيه المحكمة العليا المشكلة بالقانون الأخير دون انفرادها به . التزام الحكم هذا النظر في اطراحه الدفع بعدم الاختصاص الولائي . صحيح . تنظيم المادة 159 من الدستور لمحاكمتهم . لا ينال من ذلك . علة ذلك ؟
(16) إجراءات " إجراءات المحاكمة " " إجراءات التحقيق " . محاماة . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
عدم الفصل بين المتهم ومحاميه حال استجوابه بتحقيق النيابة العامة . من الضمانات المقررة لصالحه . أساس ذلك ؟
الالتفات عن دفع الطاعن ببطلان إجراءات المحاكمة لعدم سماح المحكمة باتصاله بدفاعه . لا يعيب الحكم . وجوده خلف حاجز زجاجي وتقييد دخول القاعة . لا يتنافى مع العلانية . حد وعلة ذلك ؟
(17) إجراءات " إجراءات التحقيق " . نيابة عامة . أمر بألا وجه . دعوى جنائية " قيود تحريكها " . مجلس القضاء الأعلى .
الأمر الصادر من النيابة العامة بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية . لا يمنع من العودة إلى التحقيق . أساس وحد ذلك ؟
إصدار نيابة الاستئناف أمراً بحفظ الأوراق إدارياً لخلو الأوراق من طلب رئيس مجلس القضاء الأعلى بتحريك الدعوى . هو في حقيقته أمر بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية . ورود الطلب من بعد . يعد دليلاً جديداً يجيز للنيابة العامة العودة إلى التحقيق ويطلق يدها في رفع الدعوى . أساس ذلك ؟
(18) حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
نعي الطاعن على الحكم عدم بيانه تاريخ الشكوى المقدمة ضده . غير مقبول . ما دام لم يدع أن المدة المقررة للشكوى قد انقضت .
(19) دفوع " الدفع بكيدية الاتهام " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
الدفع بكيدية الاتهام . موضوعي . كفاية قضاء المحكمة بالإدانة اطمئناناً لأدلة الدعوى رداً عليه .
(20) إهانة محكمة قضائية . مسئولية جنائية .
انتهاء الحكم لمسئولية الطاعن بصفته رئيساً لمجلس الشعب عن نشر ما أُذيع من عبارات إهانة وسب من باقي الطاعنين . صحيح . أساس ذلك ؟
(21) دعوى مدنية . إهانة محكمة قضائية . قانون " تفسيره " .
حق الادعاء المدني شُرع لمن يدعي حصول ضرر له سواء أكان مجنياً عليه أو شخصًا آخر خلافه . للقاضي رئيس نادي القضاة بصفته الحق في الدفاع عن رجال القضاء . قضاء الحكم بقبول الدعوى المدنية المرفوعة منه لثبوت تضرره لارتكاب الطاعنين جرائم إهانة وسب المحاكم والسلطة القضائية بطريق النشر والإخلال بمقام القضاة وهيبتهم وارتكاب أمور من شأنها التأثير عليهم . لا مخالفة فيه للقانون . علة وأساس ذلك ؟
(22) كفالة . محكمة النقض " سلطتها " .
القضاء بعدم جواز الطعن المرفوع من المحكوم عليهم أو رفضه . أثره : مصادرة الكفالة وتغريمهم مبلغاً مساوياً لها .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان نص المادة 30 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض قد جرى على أنه " لا يجوز الطعن بطريق النقض إلا في الأحكام النهائية الصادرة من آخر درجة في مواد الجنايات والجنح ، كما تقضي المادة ۳۲ من القانون ذاته على " عدم قبول الطعن بالنقض ما دام الطعن فيه بالمعارضة جائزاً " ، وكانت الفقرة الأولى من المادة 237 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت حضور المتهم بنفسه في الجنح المعاقب عليها بالحبس الذي يوجب القانون تنفيذه فور صدور الحكم به - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - باعتبار أن الأحكام الصادرة من محكمة الجنايات واجبة التنفيذ فوراً بطبيعتها - ولو كان الحبس جوازياً لا وجوبياً - رغم ما بالنص من مفارقة حين أباح الشارع للمتهم بجناية أن يوكل عنه محامياً في الحضور وحرم منها المتهم بجنحة ، فإن حضور وكيل عنه خلافاً لذلك لا يجعل الحكم حضورياً ؛ لأن مهمة الوكيل في هذه الحالة ليست المرافعة وإنما تقتصر على مجرد تقديم عذر لتبرير غياب المتهم ، وحتى إذا ترافع الوكيل خطأ فإن هذه المرافعة باطلة ولا تغير من اعتبار الحكم غيابياً ، فحضوره عديم الأثر ولا يعتد به ، وكان نص المادة 397 من قانون الإجراءات الجنائية قد جرى على أنه " إذا غاب المتهم بجنحة مقدمــــة إلى محكمــــة الجنايات تتبع في شأنـــــه الإجراءات المعــــــمول بها أمام محكمة الجنح ويكون الحكم الصادر فيها قابلاً للمعارضة . لما كان ذلك ، وكانت التهمة المسندة إلى الطاعنين والتي رفعت بها الدعوى الجنائية عليهم ودانتهم بها المحكمة - وعلى ما أفصحت عنه مدونات الحكم المطعون فيه - هي جنحة وصفاً وكيفاً معاقب عليها بالحبس والغرامة أو بإحدى هاتين العقوبتين ، وكان الطاعنون قد تخلفوا عن حضور كافة جلسات المحاكمة عدا الطاعن السابع الذي حضر بعضها إلى أن صدر الحكم المطعون فيه ، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد صدر في حقيقة الأمر حضورياً اعتبارياً للسابع وغيابياً للباقين وإن وصفته المحكمة بأنه حضوري على خلاف الواقع ، ولا يغير من ذلك حضور محام عن كل منهم باعتبار حضوره لا يعتد به عديم الأثر . لما كان ذلك ، وكانت الأوراق قد خلت مما يفيد إعلان الطاعنين بالحكم المطعون فيه ، وكان الإعلان هو الذي ينفتح به باب المعارضة وبه يبدأ سريان الميعاد المحدد لها ، فإن باب المعارضة في هذا الحكم بالنسبة للطاعنين المذكورين لم يزل مفتوحاً ، ويكون الطعن فيه بطريق النقض غير جائز ، ولا يفوت المحكمة أن تنوه إلى أن التعديل الوارد على نص المادة 384 من قانون الإجراءات الجنائية بموجب القانون رقم 11 لسنة ۲۰۱۷ حين أجاز حضور وكيل خاص عن المتهم في جناية إجراءات المحاكمة واعتبر الحكم الصادر فيها حضورياً - أن هذا التعديل نصاً ومعنى - قصر إجازة الحضور عن المتهم بوكيل في الجرائم المعدة من الجنايات دون غيرها من سائر الجرائم والتي قد تكون مرتبطة بجناية أو في جرائم النشر ، وأن الشارع لو أراد غير ذلك لما أعوزه النص على إجازة الحضور بوكيل في كافة الجرائم المحالة إلى محكمة الجنايات ، ولما قصر النص على الجرائم المعدة جناية فقط ، هذا فضلاً عن أن القانون قد اشترط أن يكون الحضور بموجب توكيل خاص ، كما وأن المحكمة تشير إلى أن المشرع قصد - حين أجاز حضور وكيل عن المتهم بموجب المادة 40 من قانون الصحافة رقم 96 لسنة 1996 الملغي - قصد بالمتهم الصحفي الذي تتعلق بعمله الجريمة المنسوبة إليه بل وألغي عقوبة الحبس بالنسبة لتلك الجريمة بموجب القانون رقم ۱۸۰ لسنة ۲۰۱۸ وهو ما لا يتوافر جميعه بهذه الدعوى .
2- من المقرر وفقاً لنص المادة التاسعة من قانون الإجراءات الجنائية أنه " لا يجوز رفع الدعوى الجنائية أو اتخاذ إجراءات فيها في الجرائم المنصوص عليها في المادة 184 من قانون العقوبات إلا بناء على طلب كتابي من الهيئة أو رئيس المصلحة المجني عليها " ، وكان الطلب وفق نص المادة آنفة البيان هو تعبير عن إرادة سلطة عامة في أن تتخذ الإجراءات الناشئة عن جريمة ارتكبت بحقها أو إخلالاً بقوانین تختص هذه السلطة بالسهر على تنفيذها ، فإن القانون لم يحدد نمطاً أو شكلاً أو صيغة معينة تعبر بها تلك السلطة عن إرادتها في اتخاذ هذه الإجراءات . لما كان ذلك ، وكان الثابت من الأوراق أنه بتاريخ .... قام السيد القاضي رئيس مجلس القضاء الأعلى بالتأشير على الشكاوى المقدمة من بعض السادة القضاة بالإحالة إلى النيابة العامة - قبل تاريخ البدء في إجراءات التحقيق - وألحق بها كتاب السيد القاضي الأمين العام لمجلس القضاء الأعلى - مكتب الرئيس - وهو ما يفيد نصاً ومعنى الطلب من النيابة العامة صاحبة الاختصاص اتخاذ الإجراءات القانونية ورفع الدعوى وفق ما نصت عليه المادة التاسعة آنفة الذكر . لما كان ذلك ، وكان أي من الطاعنين أو المدافعين عنهم لم ينازع في أن السيد القاضي رئيس مجلس القضاء الأعلى هو صاحب التأشيرة على الشكاوى المقدمة ، فإن إجراءات التحقيق والتي تلت صدور هذا الطلب تكون قد تمت صحيحة ويصح التعويل على الأدلة التي تنتجها وتكون الدعوى قد رفعت وفق صحيح القانون ، ومن ثم فلا جدوى مما يثيره الطاعنون نعياً على الحكم في هذا الشأن .
3- لما كان النص في المادة 77 مكرراً/1 من قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة ۱۹۷۲ المضافة بالقانون رقم 35 لسنة 1984 على أن " يشكل مجلس القضاء الأعلى برئاسة رئيس محكمة النقض .... " ، وفي المادة 77 مكرراً/۲ من القانون سالف الذكر على أن : " يختص مجلس القضاء الأعلى بنظر كل ما يتعلق بتعيين ونقل وإعارة رجال القضاء والنيابة العامة وكذلك سائر شئونهم على النحو المبين في هذا القانون .... " يدل - وعلى ما ورد في المذكرة الإيضاحية لمشروع القانون رقم 35 لسنة ۱۹۸٤ وتقرير لجنة الشئون الدستورية والتشريعية بشأنه - على أنه تأكيداً لاستقلال القضاء فقد رُئِىَ إنشاء مجلس القضاء الأعلى الذى يشكل بكامله من كبار رجال القضاء أنفسهم لتكون له الهيمنة على شئون القضاة ورجال النيابة العامة من تعيين وترقية ونقل وندب وغير ذلك من الشئون المبينة في القانون ، ذلك أن من أهم دعائم استقلال القضاء أن يقوم القضاء ذاته علي شئون رجاله دون مشاركة أو تدخل من سلطة أخرى ، فأصبح القضاء متفرداً بتصريف شئون رجاله على النحو الذي يحقق الاستقلال الكامل للسلطة القضائية . وإذ كان ذلك ، وكان من شئون رجال القضاء النظر في أمر الشكاوى التي تقدم منهم ضد المؤسسات والأفراد ، ومن ثم فإن مجلس القضاء الأعلى ممثلاً في رئیسه يكون هو المختص - دون غيره - بإصدار الطلب بتحريك الدعوى الجنائية في الجريمة المنصوص عليها في المادة 184 من قانون العقوبات باعتباره رئيساً للسلطة القضائية ويكون النعي في هذا الشأن لا محل له .
4- من المقرر أن أمر الإحالة هو عمل من أعمال التحقيق فلا محل لإخضاعه لما يجري على الأحكام من قواعد البطلان ، ومن ثم فإن القصور في أمر الإحالة لا يبطل المحاكمة ولا يؤثر على صحة إجراءاتها ، كما أن إبطال أمر إحالة الدعوى إلى محكمة الموضوع بعد اتصالها بها يقتضى إعادتها إلى المرحلة السابقة على الإحالة وهو أمر غير جائز باعتبار تلك المرحلة لا تخرج عن كونها جهة تحقيق فلا يجوز إعـــادة الدعوى إليها بعد دخولها في حوزة المحكمة ، وكان الثابت من الأوراق أن أمر الإحالة قد بيّن الجرائم المنسوبة إلى الطاعنين وصفاً وكيفاً ، ومن ثم فإن ما يثار في هذا الصدد يكون دفاعاً ظاهر البطلان .
5- لما كان الحكم المطعون فيه قد أورد أن السيد القاضي رئيس محكمة استئناف القاهرة قد أصدر قراراً - بموجب التفويض الممنوح له من جمعية المحكمة - بندب ثلاثة من قضاة المحكمة للتحقيق ، وكانت نصوص القانون لم تشترط أن يكون الندب لقاض واحد وأن يوقع أمر الإحالة قاض معين ممن ندبوا أو ينهى عن تفويض جمعية المحكمة لرئيسها في ندب عدد من القضاة للتحقيق ، كما وأن الجرائم المنسوبة للطاعنين والتي تم إدانتهم بموجبها وإن جمعتهم نصوص عقابية واحدة إلا أن كل طاعن استقل بجريمته عمن سواه مشكلاً بفعله جريمة لا يشاركه فيها غيره وهو ما لا يتعارض مع ندب أكثر من قاض للتحقيق ، ومن ثم فإن النعي ببطلان التحقيقات لهذا السبب لا يكون مقبولاً .
6- لما كان الحكم المطعون فيه قد بيّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعنين بها ، وأورد على ثبوتها في حقهم أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي الى ما رتبه الحكم عليها ، وكان يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أن المحكمة استعرضت الأدلة القائمة في الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث للتعرف على الحقيقة ، كما أوردت مؤداها في بيان واف يكفي للتدليل على ثبوت الصورة التي اقتنعت بها المحكمة واستقرت في وجدانها . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة - كما هو الحال في الدعوى الراهنة - فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون ، ومن ثم فإن منعى الطاعنين على الحكم في هذا الشأن لا يكون له محل .
7- لما كان الطاعنون لا يمارون فيما نسبه الحكم إليهم بشأن الركن المادي وإنما يدفعون الاتهام بتوافر حسن النية ، وكان من المقرر أن القصد الجنائي في جريمة الإهانة يتحقق متى كانت العبارة بذاتها تحمل الإهانة ولا عبرة بالبواعث ، وأن السب سب لا يخرجه عن هذا الوصف أي شيء ولو كان الباعث عليه إظهار الاستياء من أمر مكدر ، فإن ما ينعاه الطاعنون علي الحكم من توافر حسن النية فيما وجهوه من عبارات إهانة لا يكون سديداً .
8- لما كان الحكم قد أورد بمدوناته ما نسب لكل طاعـــن على حده - خلافاً لما يقول به الطاعنون بأسباب طعنهم - فإن منعاهم في هذا الصدد لا يكون له وجه .
9- لما كان الثابت أن الحكم المطعون فيه بعد أن بيّن واقعة الدعوى قد أشار إلى نصوص القانون التي أخذ الطاعنين بها بقوله " وهو الأمر المؤثم بالمواد ۱۸4، 185، 186، ۱۸۷، 307 من قانون العقوبات ويتعين إدانتهم بموجبها عملاً بالمادة 304/2 إجراءات جنائية مع مصادرة المضبوطات المتحصلة من الجريمة عملاً بالمادة 30/1 قانون العقوبات " فإن ما أورده الحكم يكفي في بيان مواد العقاب التي حكم بمقتضاها بما يحقق حكم القانون .
10- لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع بانتفاء القصد الجنائي وركن العلانية في حق الطاعنين ورد عليه رداً كافياً وسائغاً ويتفق وصحيح القانون ، فإن ما يثيرونه من انحسار المسئولية الجنائية عنهم وانتفاء القصد الجنائي لديهم لا يكون سديداً .
11- لما كان الأصل أن المرجع في تعرف حقيقة ألفاظ السب أو القذف أو الإهانة هو بما يطمئن إليه القاضي من تحصيله لفهم الواقع في الدعوى ولا رقابة عليه في ذلك لمحكمة النقض ما دام لم يخطئ في التطبيق القانوني على الواقعة ، ولما كانت المحكمة قد اطمأنت في فهم سائغ لواقعة الدعوى أن العبارات التي صدرت من الطاعنين في حق السلطة القضائية المعتدى عليها تفيد بذاتها قصد الإهانة ، ومن ثم فإن النعي على الحكم المطعون فيه بعدم حصول الإهانة من الطاعنين يكون على غير أساس .
12- لما كان المشرع قد أفصح بما أورده في المذكرة الإيضاحية لمشروع قانون الإجراءات الجنائية عن قصده من تقييد حق النيابة في رفع الدعوى الجنائية على صور ثلاث " الشكوى والطلب والإذن " ، فأما الشكوى قد قصد بها حماية صالح المجني عليه الشخصي ، وأما الطلب فهو يصدر من هيئة عامة بقصد حمایتها سواء بصفتها مجنياً عليها أو بصفتها أمينة علي مصالح الدولة العليا ، وأما الإذن فقد أُريد به حماية شخص معين ينتسب إلى إحدى الهيئات التي يكون في رفع الدعوى عليه مساس بما لها من استقلال . لما كان ذلك ، وكانت المادة التاسعة مـــن قانون الإجراءات الجنائية آنفة الذكر بنصها على أنه " لا يجوز رفع الدعوى الجنائية أو اتخاذ إجراءات فيها في الجرائم المنصوص عليها في المادة 184 من قانون العقوبات إلا بناء على طلب كتابي من الهيئة أو رئيس المصلحة المجني عليها " فقد أفصح المشرع بصريح هذا النص على أن هذا الإجراء الواجب في الجريمة المنصوص عليها في المادة 184 هو الطلب وليس الشكوى ولا الإذن . لما كان ذلك ، وكان القانون لم يتطلب تقديم الطلب في خلال فترة زمنية معينة من وقت الجريمة - كما فعل في صدد الشكوى - فإن الحق في الطلب يظل قائماً حتى تسقط الدعوى الجنائية بمضي المدة المقررة قانوناً في المادة 15 من قانون الإجراءات الجنائية . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أيضاً أن الطلب ينصرف إلى الجريمة ذاتها فينطوي علي تصريح بإجراءات التحقيق أو رفع الدعوى عنها دون اعتبار لمرتكبها ، أما مباشرة الإجراءات قبل شخص معين وإسناد التهمة إليه ورفع الدعوى عليه فهي إجراءات تالية ولا اتصال لها بالطلب الصادر عنها الذي يكفي لصحته اشتماله على البيانات التي تحدد الجريمة ذاتها التي صدر من أجلها تحديداً كافياً دون اعتبار لشخص من يسفر التحقيق عن إسنادها إليها ورفع الدعوى عنها عليه ، وكان الثابت بكتاب مجلس القضاء الأعلى المشار إليه سلفاً أنه طلب تحريك الدعوى الجنائية عن الجريمة ذاتها التي رفعت بشأنها الدعوى الجنائية على الطاعنين وهو ما يكفي لزوال القيد الوارد علي النيابة العامة والرجوع إلى حقها المطلق في رفع الدعوى على من يسفر التحقيق عن إسناد الجريمة إليه . لما كان ما تقدم جميعه ، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه دان الطاعنين أصحاب وجه النعي عن جريمة إهانة المحاكم والسلطة القضائية والمنصوص عليها في المادة 184 عقوبات ولم يدنهم بجريمة سب موظف عام بسبب أداء وظيفته المنصوص عليها في المادة 185 عقوبات - والتي دان بها الطاعن السابع عشر وحده - فإن كل ما يثيره الطاعنون أصحاب وجه النعي في هذا الصدد يكون على غير أساس .
13- لما كانت الأوراق قد خلت مما يفيد أن مجلس القضاء الأعلى قد رأى التنازل عن طلب تحريك الدعوى الجنائية قبل الطاعنين - على ما يبين من المفردات المضمومة - ومن ثم فإن ما یثار في هذا الشأن يكون في غير محله .
14- لما كان القانون رقم 48 لسنة ۱۹۷۹ بإصدار قانون المحكمة الدستورية العليا قد نص في المادة ۲۹ منه على أن تتولى هذه المحكمة الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح علي الوجه التالي :ـــــ أ...... ب ـــ إذا دفع أحد الخصوم أثناء نظر الدعوى أمام إحدى المحاكم أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة ورأت المحكمة أو الهيئة أن الدفع جدي أجلت نظر الدعوى وحددت لمن أثار الدفع میعاد .... " وكان مفاد هذا النص أن لمحكمة الموضوع وحدها تقدير جدية الدفع بعدم الدستورية وأن الأمر بوقف الدعوى المنظورة أمامها وتحديد ميعاد لرفع الدعوى بعدم الدستورية جوازي لها ومتروك لمطلق تقديرها ، وكان البين من الحكم المطعون فيه أن المحكمة في حدود سلطتها التقديرية رأت أن دفع الطاعنين بعدم الدستورية غير جدي ولا محل لوقف الدعوى المنظورة أمامها لرفع الدعوى بعدم الدستورية ، فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الشأن غير سديد دفعاً ومنعى ولا على المحكمة من سبيل إن هي أعرضت عنه ، لما هو مقرر من أن جرائم النشر التي أسقط عنها المشرع عقوبة الحبس بموجب القانون رقم ۱۸۰ لسنة ۲۰۱٨ - وعلى ما سلف ذكره - هي تلك الجرائم المتعلقة بعمل الصحفي ذاته دون سواها من جرائم تقع بطريق النشر .
15- لما كانت المادة الأولى من القانون رقم 247 لسنة 1956 بشأن محاكمة رئيس الجمهورية والوزراء قد نصت على أن " تتولى محاكمة رئيس الجمهورية والوزراء محكمة عليا .... إلخ " وكان هذا القانون أو أي تشريع آخر قد جاء خلواً من أي نص بإفراد هذه المحكمة العليا دون غيرها بالاختصاص ولائياً بنظر الجرائم التي يرتكبها رئيس الجمهورية أو الوزراء أثناء تأدية وظيفتهم أو بسببها ، ومن ثم فإن محاكمتهم عما يقع منهم من جرائم سواء تلك التي يجرمها القانون العام أو التي نص عليها القانون رقم 247 لسنة 1956 تختص بها أصلاً المحاكم العادية بحسبانها صاحبة الولاية العامة ، وأن المحكمة الخاصة التي نص عليها القانون سالف الذكر تشاركها الاختصاص دون أن تسلبها إياه ، ويكون ما خلص إليه الحكم المطعون فيه من رفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى متفقاً وصحيح القانون ، ويضحى النعي في هذا الصدد غير قویم ، هذا فضلاً عن أن البين من استقراء نص المادة 159 من الدستور أنها تنظم كيفية اتهام ومحاكمة رئيس الجمهورية الذي لا يزال يشغل منصبه بدلالة ما ورد بعقبها من أنه إذا حكم بإدانة رئيس الجمهورية أعفي من منصبه وكذلك ما ورد بوسطها من أن إجراءات المحاكمة تعتبر مانعاً مؤقتاً يحول دون مباشرته لاختصاصه حتى صدور حكم في الدعوى .
16- لما كان المشرع في المادتين 124، 125 إجراءات جنائية قد أحاط استجواب المتهم حال التحقيق معه بمعرفة النيابة بضمانات قررها لصالحه وحده من بينها عدم الفصل بينه وبين محاميه أما ما يثيره الطاعن السادس عشر في شأن بطلان إجراءات المحاكمة لعدم سماح المحكمة للدفاع بالاتصال به فهذا الإجراء لا يترتب على مخالفته بطلان إجراءات المحاكمة ، إذ إن القانون لا يرتب البطلان إلا في الأحوال التي نص عليها في المادتين سالفتي الذكر، كما وأن البين من الاطلاع على محاضر الجلسات والحكم المطعون فيه أن المحاكمة جرت في جلسة علنية وأن الحكم صدر وتلي علناً ومن ثم فلا جناح على المحكمة إن هي التفتت عما أثاره هذا الطاعن في هذا الشأن ولم ترد عليه ، لأنه دفاع قانوني ظاهر البطلان ، فضلاً عما هو مقرر من أن الأصل في الإجراءات الصحة وعلى من يدعي العكس أن يدلل عليه ، أما تقييد المحكمة لأمر الدخول بقاعة الجلسة لأهلية الطاعن ووجوده خلف حاجز زجاجي لا يتنافى مع العلانية ، لأن المقصود في هذا كله هو تنظيم أحوال الجلسة وتأمين الدخول لحضورها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن السادس عشر في هذا الصدد يكون غير قویم .
17- لما كانت المادة ۲۱۳ من قانون الإجراءات الجنائية قد جرى نصها على أن الأمر الصادر من النيابة العامة بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية وفقاً لنص المادة ۲۰۹ منه لا يمنع العودة الى التحقيق إذا ظهرت أدلة جديدة طبقاً لنص المادة ۱۹۷ منه وذلك قبل انتهاء المدة المقررة لسقوط الدعوى الجنائية ، وقوام الدليل الجديد هو أن يلتقي به المحقق لأول مرة بعد التقرير في الدعوى بألا وجه لإقامتها . لما كان ذلك ، وكان الثابت من الاطلاع على المفردات المضمومة أنه وبعد أن قيدت الأوراق برقم .... أصدرت نيابة استئناف .... أمراً بحفظ الأوراق بدفتر الشكاوى الإدارية ، وهو في حقيقته أمر بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية لخلو الأوراق من طلب كتابي بتحريك الدعوى الجنائية من السيد القاضي رئيس مجلس القضاء الأعلى بصفته رئيس السلطة القضائية ، وإذ تبين ورود خطاب مجلس القضاء الأعلى بعد ذلك من مكتب الرئيس إلى النيابة العامة بما يفيد معنى الطلب كما عبرت عنه المادة التاسعة من قانون الإجراءات وهو ما يعد دليلاً جديداً على صحة إجراءات الدعوى الجنائية لم يكن قد عرض على نيابة استئناف .... عند إصدارها القرار الصادر ، فإن ذلك مما يجيز للنيابة العامة العودة إلى التحقيق ويطلق الحق في رفع الدعوى الجنائية على الجناة بناء على ذلك الدليل الذي جد في الأوراق ، ويضحى معه ما يثيره الطاعنون في هذا الصدد غير سديد .
18- لما كان الطاعن السابع عشر لم يدع أن المدة المقررة للشكوى قد انقضت كما خلت الأوراق مما يشير إلى ذلك ، فإن ما ينعاه بشأن الشكوى المقدمة ضده من القاضي .... لا يكون له محل .
19- لما كان الطاعن لم يبين ماهية أوجه الدفاع والمستندات التي أغفلها الحكم ولم يرد عليها ، وكان الدفع بكيدية الاتهام دفاعاً موضوعياً يكفي للرد عليه قضاء المحكمة بالإدانة اطمئناناً منها للأدلة القائمة في الدعوى ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في كل ذلك لا وجه له .
20– لما كانت المادة 410 من اللائحة الداخلية لمجلس الشعب الصادرة في 16/10/1976 والسارية في تاريخ الواقعة تنص على أنه " ينظم رئيس المجلس الإجراءات الخاصة بمتابعة نشر وإذاعة ما يجري في الجلسات العلنية للمجلس ولجانه عن طريق وسائل الإعلام المختلفة .... " فإن ما انتهى إليه الحكم من مسئولية الطاعن الثالث بصفته رئيس المجلس عن نشر ما أذيع من عبارات إهانة وسب من باقي الطاعنين يصادف صحيح القانون ، ويضحى المنعى في هذا الشأن غير سديد .
21- لما كانت الفقرة الأولى من المادة 251 من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أنه " لمن لحقه ضرر من الجريمة أن يقيم نفسه مدعياً بحقوق مدنية أمام المحكمة المنظورة أمامها الدعوى الجنائية في أي مرحلة كانت عليها الدعوى حتى صدور القرار بإقفال باب المرافعة .... " وكان المستفاد من هذا النص أن حق الادعاء المدني قد شرعه القانون للمدعي بالحقوق المدنية الذي يدعي حصول ضرر له سواء أكان مجنياً عليه أو شخصاً آخر خلافه ، إذ ليس في القانون ما يمنع أن يكون المضرور من الجريمة أي شخص ولو كان غير المجنى عليه ما دام قد أثبت قيام هذا الضرر وكان ناتجاً عن الجريمة ، ذلك أن المناط في صفة المدعي المدني ليس وقوع الجريمة عليه وإنما هو إلحاق الضرر الشخصي به بسبب وقوع الجريمة ، وإذ كانت طبيعة العمل القضائي الذي يتولاه رجال القضاء والنيابة العامة تفرض عليهم سلوكاً معيناً في حياتهم العامة والخاصة التي تعد وثيقة الصلة بعملهم وبكرامة القضاء وهيبته ومنها أن يكون لهم ناد خاص بهم يجتمعون فيه للنظر في المسائل التي تعنيهم ويباشرون من خلاله أنشطتهم الاجتماعية والثقافية ويتلقون عن طريقه الخدمات التي يقدمها لهم طبقاً للأغراض التي أنشئ من أجلها والتي أوردتها المادة الثانية من النظام الأساسي لنادي القضاة - ذلك النظام الذي وضعه مؤسسوه من رجال القضاء والنيابة العامة يوم السبت الموافق 11 من فبراير سنة ۱۹۳۹ - وسرت أحكامه بما احتوته مواده من تحديد الغرض من إنشائه ونطاق نشاطه . لما كان ذلك ، وكانت المادة الثالثة من لائحة نادي القضاة تنص على أنه " تم إنشاء النادي لتحقيق الأهداف الآتية .... ۳ـــ الدفاع عن أعضاء النادي أمام جميع سلطات الدولة .... " وإذ كان ما تقدم وكان السيد القاضي رئيس نادي القضاة - بصفته هذه - له الحق في الدفاع عن رجال القضاء وقد لحق به الضرر بسبب وقوع الجريمة التي أثبتها الحكم في حق الطاعنين ، ومن ثم فإن ما قضى به الحكم من قبول الدعوى المدنية المرفوعة من السيد القاضي رئيس نادي القضاة - بصفته - لا يكون قد خالف القانون .
22- لما كان الطاعنون العاشر/ .... ، والحادي عشر/ .... ، والرابع عشر/ .... ، والسادس عشر/ .... قد قضى بعدم جواز طعنهم أو برفضه فقد تعين مصادرة ما سددوه من كفالة وتغريمهم مبلغاً مساوياً لها .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائـع
اتهمت النيابــة العامة الطاعنين وآخرين بأنهم :ــــ
المتهمون جميعاً:ـــ أولاً : أهانوا وسبوا بطريق النشر والإدلاء بأحاديث في القنوات التليفزيونية والإذاعية ومواقع التواصل الاجتماعي الإلكترونية عبارات تحمل الإساءة والازدراء والكراهية للمحاكم والسلطة القضائية .
ثانياً: أخلوا بذات الطرق سالفة الذكر بمقام القضاة وهيبتهم من خلال إدلائهم بتصريحات وأحاديث إعلامية تبث الكراهية والازدراء لرجال القضاء .
ثالثاً: المتهمون الثامن عشر والثالث والعشرون والرابع والعشرون :ـــ
ـــــ نشروا بطريق الإدلاء بأحاديث بثت علانية في القنوات التليفزيونية والفضائية المختلفة أموراً من شأنها التأثير في القضاة المنوط بهم الفصل في دعوی مطروحة أمامهم والمعروفة إعلاميّاً ( .... ) وعلى الشهود الذين قد يطلبون لأداء الشهادة وعلى الرأي العام ضد المتهمين في تلك الدعوى .
رابعاً: المتهم الثالث والعشرون:ـــ سب وقذف موظفاً عاماً وذو صفة نيابية ( القاضي/ .... ) بأن وصفه في خطابه الرئاسي المؤرخ .... المذاع علانية على القنوات التليفزيونية والفضائية المختلفة بكونه قاضياً مزوراً ومازال يجلس على منصة القضاء معرضاً به بأنه أحد قضاة محاكمة خصها وحددها في حديثه وهي دعوی المحاكمة المعروفة إعلامياً ( بقضية .... ) وكان ذلك جميعه بسبب أدائه وظيفته كقاض وأدائه لخدمة عامة وهي الإشراف القضائي على الانتخابات البرلمانية عام .... .
وأحالتهم إلى محكمة جنايات .... لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
وادعى مدنياً القاضيان / .... ، .... بوكيل بصفتهما رئيسي مجلس إدارة نادي قضاة مصر السابق والحالي قبل جميع المتهمين عدا العاشر والسابع عشر بإلزام كل منهم بأن يؤدوا مبلغ مليون جنيه على سبيل التعويض المؤقت .
كما ادعى مدنياً السيد القاضي / .... قبل المتهم الثالث والعشرين ( .... ) بإلزامه بأن يؤدي له مبلغ مليون جنيه على سبيل التعويض المؤقت .
والمحكمة المذكورة قضت حضوريا للأول والثاني والثالث والرابع والخامس والسادس والسابع والثامن والتاسع والعاشر والحادي عشر والثالث عشر والرابع عشر والسابع عشر والثامن عشر والحادي والعشرين والثاني والعشرين والثالث والعشرين والرابع والعشرين ، وغيابياً للثاني عشر والخامس عشر والسادس عشر والتاسع عشر والعشرين والخامس والعشرين عملاً بالمواد ۱۸٤ ، 185 ، 186 ، ۱۸۷ ، ۳۰۷ من قانون العقوبات ، مع إعمال نص المادة ۳۲ من القانون ذاتــــه أولاً: بمعاقبة كل من .... ، .... ، .... ، .... ، .... ، .... ، .... ، .... ، .... ، .... ، .... ، .... ، .... ، .... ، .... ، .... ، .... ، .... ، .... ، .... بالحبس مع الشغل لمدة ثلاث سنوات لما أسند إليه وألزمته المصاريف الجنائية . ثانياً: بمعاقبة كل من .... ، .... ، .... ، .... ، .... بتغريمه ثلاثين ألف جنيه لما أسند إليه وألزمته المصاريف الجنائية . ثالثاً: في الدعوى المدنية المقامة من السيد القاضي رئيس مجلس إدارة نادي قضاة مصر بصفته بإلزام المحكوم عليهم جميعاً عدا المحكوم عليه العاشر/ .... ، والمحكوم عليه السابع عشر/ .... بأن يؤدي كل منهم له بصفته مبلغ مليون جنيه مصري على سبيل التعويض المؤقت وألزمته مصاريفها ومبلغ خمسمائة جنيه مقابل أتعاب المحاماة . رابعاً: في الدعوى المدنية المقامة من السيد القاضي/ .... بإلزام المحكوم عليه/ .... بأن يؤدي له مبلغ مليون جنيه مصري على سبيل التعويض المؤقت وألزمته مصاريف الدعوى المدنية ومبلغ خمسمائة جنيه مقابل أتعاب المحاماة . خامساً : بمصادرة المضبوطات.
فطعن المحكوم عليهم من الأول للحادي عشر ، والثالث عشر والرابع عشر والثامن عشر ، ومن الحادي والعشرون للرابع والعشرون بأمر الإحالة في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـة
أولا:ـــ بالنسبة للطعن المقدم من الطاعنين:ــــ السادس / .... ، والسابع/ .... ، والثامن/ .... ، والتاسع/ .... ، والعاشر/ .... ، والحادي عشر/ .... ، والثاني عشر/ .... ، والثالث عشر/ .... ، والرابع عشر/ .... ، الخامس عشر/ .... :ــــ
وحيث إن نص المادة 30 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض قد جرى على أنه " لا يجوز الطعن بطريق النقض إلا في الأحكام النهائية الصادرة من آخر درجة في مواد الجنايات والجنح ، كما تقضي المادة ۳۲ من القانون ذاته على " عدم قبول الطعن بالنقض ما دام الطعن فيه بالمعارضة جائزاً " ، وكانت الفقرة الأولى من المادة 237 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت حضور المتهم بنفسه في الجنح المعاقب عليها بالحبس الذي يوجب القانون تنفيذه فور صدور الحكم به - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - باعتبار أن الأحكام الصادرة من محكمة الجنايات واجبة التنفيذ فوراً بطبيعتها - ولو كان الحبس جوازياً لا وجوبياً - رغم ما بالنص من مفارقة حين أباح الشارع للمتهم بجناية أن يوكل عنه محامياً في الحضور وحرم منها المتهم بجنحة ، فإن حضور وكيل عنه خلافاً لذلك لا يجعل الحكم حضورياً ؛ لأن مهمة الوكيل في هذه الحالة ليست المرافعة وإنما تقتصر على مجرد تقديم عذر لتبرير غياب المتهم ، وحتى إذا ترافع الوكيل خطأ فإن هذه المرافعة باطلة ولا تغير من اعتبار الحكم غيابياً ، فحضوره عديم الأثر ولا يعتد به ، وكان نص المادة 397 من قانون الإجراءات الجنائية قد جرى على أنه " إذا غاب المتهم بجنحة مقدمة إلى محكمة الجنايات تتبع في شأنه الإجراءات المعمول بها أمام محكمة الجنح ويكون الحكم الصادر فيها قابلاً للمعارضة . لما كان ذلك ، وكانت التهمة المسندة إلى الطاعنين والتي رفعت بها الدعوى الجنائية عليهم ودانتهم بها المحكمة - وعلى ما أفصحت عنه مدونات الحكم المطعون فيه - هي جنحة وصفاً وكيفاً معاقب عليها بالحبس والغرامة أو بإحدى هاتين العقوبتين ، وكان الطاعنون قد تخلفوا عن حضور كافة جلسات المحاكمة عدا الطاعن السابع الذي حضر بعضها إلى أن صدر الحكم المطعون فيه ، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد صدر في حقيقة الأمر حضورياً اعتبارياً للسابع وغيابياً للباقين وإن وصفته المحكمة بأنه حضوري على خلاف الواقع ، ولا يغير من ذلك حضور محام عن كل منهم باعتبار حضوره لا يعتد به عديم الأثر . لما كان ذلك ، وكانت الأوراق قد خلت مما يفيد إعلان الطاعنين بالحكم المطعون فيه ، وكان الإعلان هو الذي ينفتح به باب المعارضة وبه يبدأ سريان الميعاد المحدد لها ، فإن باب المعارضة في هذا الحكم بالنسبة للطاعنين المذكورين لم يزل مفتوحاً ، ويكون الطعن فيه بطريق النقض غير جائز ، ولا يفوت المحكمة أن تنوه إلى أن التعديل الوارد على نص المادة 384 من قانون الإجراءات الجنائية بموجب القانون رقم 11 لسنة ۲۰۱۷ حين أجاز حضور وكيل خاص عن المتهم في جناية إجراءات المحاكمة واعتبر الحكم الصادر فيها حضورياً - أن هذا التعديل نصاً ومعنى - قصر إجازة الحضور عن المتهم بوكيل في الجرائم المعدة من الجنايات دون غيرها من سائر الجرائم والتي قد تكون مرتبطة بجناية أو في جرائم النشر ، وأن الشارع لو أراد غير ذلك لما أعوزه النص على إجازة الحضور بوكيل في كافة الجرائم المحالة إلى محكمة الجنايات ، ولما قصر النص على الجرائم المعدة جناية فقط ، هذا فضلاً عن أن القانون قد اشترط أن يكون الحضور بموجب توكيل خاص ، كما وأن المحكمة تشير إلى أن المشرع قصد - حين أجاز حضور وكيل عن المتهم بموجب المادة 40 من قانون الصحافة رقم 96 لسنة 1996 الملغي - قصد بالمتهم الصحفي الذي تتعلق بعمله الجريمة المنسوبة إليه بل وألغي عقوبة الحبس بالنسبة لتلك الجريمة بموجب القانون رقم ۱۸۰ لسنة ۲۰۱۸ وهو ما لا يتوافر جميعه بهذه الدعوى .
ثانیاً: بالنسبة للطعن المقدم من الطاعنين الأول / .... والثاني/ .... والثالث/ .... والرابع / .... والخامس / .... والسادس عشر/ .... والسابع عشر/ .... والثامن عشر/ .... قد استوفى الشكل المقرر قانوناً.
وحيث إن مبنى الطعن - حسبما ورد بمذكرات الأسباب المقدمة من الطاعنين - هو أن الحكم المطعون فيه إذ دانهم بجريمتي إهانة المحاكم والسلطة القضائية علناً عن طريق النشر في القنوات التلفزيونية والإذاعية ومواقع التواصل الاجتماعي والإخلال بمقام القضاة وهيبتهم في صدد دعوى ، ودان الطاعنين السابع عشر والثامن عشر بجريمة نشر أمور عن طريق الإدلاء بأحاديث في القنوات الفضائية مـن شأنها التأثير في القضاة المنوط بهم الفصل في دعوى مطروحة أمامهم ، ودان الطاعن السابع عشر بجريمة سب قاض وكان ذلك بسبب أداء وظيفته ، قد شابه بطلان في الإجراءات ، وخطأ في تطبيق القانون ، وقصور في التسبيب ، وتناقض في الأسباب ، وفساد في الاستدلال ، کما انطوى على إخلال بحق الدفاع وخطأ في الإسناد ، وفي بيان ذلك يقول الطاعنون إنهم دفعوا ببطلان التحقيقات التي تمت معهم قبل صدور طلب كتابي من السلطة القضائية وأن التأشيرة المؤرخة .... لا تعد طلباً بتحريك الدعوى الجنائية ، فضلاً عن أن الموافقة اللاحقة الصادرة من مجلس القضاء الأعلى في .... لا تصحح الإجراء الباطل ، كما أن المختص بإصدار الطلب هو السيد وزير العدل ، كما دفع الطاعنون ببطلان أمر الإحالة لصدوره مجهلاً وخالياً من الوقائع محل الاتهام ومن تاريخ ارتكاب کل طاعن للفعل المنسوب إليه ولانتفاء صفة مصدره وتوقيعه من قاض واحد رغم اشتراك أكثر من قاض في التحقيق ، كما دفعوا ببطلان قرار ندب قضاة التحقيق لعدم صدور قرار الندب من الجمعية العامة للمحكمة ، ولتفويض رئیسها بغالبية الاختصاصات ، ولندب أكثر من قاض للتحقيق وكذلك لخلو قرار الندب من رئاسة أحدهم للباقين ، إلا أنه اطرح تلك الدفوع دون رد أو برد غیر سائغ ، كما ينعى الطاعنون على الحكم المطعون فيه أنه صيغ في عبارات عامة معماة ولم يبين واقعة الدعوى المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها بياناً تتحقق به أركان الجرائم التي دانهم بها وأدلة الإثبات ومؤدى كل دليل منها ، كما لم يبين الألفاظ والعبارات والأفعال المادية المنسوبة إلى كل منهم ، وجمع بين الطاعنين رغم اختلاف مراكزهم القانونية ، كما لم يبين نص القانون الذي حكم بموجبه ، ولم يستظهر القصد الجنائي وركن العلانية في حق الطاعنين ، كما أن ما نسب إليهم من عبارات كان بحسن نية ، وأضاف الطاعنون أن الحكم دانهم دون أن يبين تواریخ الشكاوى المقدمة ضدهم وتاريخ علم الشاكين ، فضلاً عن خلو مدونات الحكم من بيان أسماء المشكو في حقهم ، وأنه لا صفة للشاكين ، كما وأن عدداً من الشاكين قد تنازل عن شكواه قبل بعض المتهمين بما لازمه انقضاء الدعوى الجنائية قبل الطاعنين ، كما دفع الطاعنون بعدم دستورية المواد ۱۸٤، 185، 186، ۱۸۷ من قانون العقوبات ، والمواد ۱۸، 214، 215، 216 من قانون الإجراءات الجنائية ابتغاء إلغاء العقوبة السالبة للحرية في جرائم النشر وجاء رد الحكم بأن الدفع لم يكن جازماً ملتفتاً عما ورد بمذكرات الدفاع تأصيلاً لهذا الدفع ، وأضاف الطاعن السابع عشر أنه دفع ببطلان إجراءات محاكمته لعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى بحسبانه كان يشغل منصب رئيس الجمهورية في تاريخ الواقعة ، وأضاف الطاعن السادس عشر أن الحكم التفت عن دفاعه ببطلان إجراءات محاكمتهم لوضعهم داخل القفص الزجاجي أثناء المحاكمة ، كما لم تسمح المحكمة بالدخول إلا للمحامين والصحفيين وهو ما يخل بمبدأ علانية الجلسات ، وأضاف الطاعنون أنهم دفعوا بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها في القضية رقم .... ، وأضاف الطاعن السابع عشر أن الحكم لم يبين تاريخ الشكوى المقدمة من القاضي .... ، والتفت عن دفاعه والمستندات المقدمة منه ، كما دفع بكيدية الاتهام غير أن الحكم رد على كافة دفاعه برد غير سائغ ، وأضاف الطاعن الثالث أن الحكم التفت عن دفاعه بعدم مسؤوليته عن إذاعة جلسات مجلس الشعب التي قيلت فيها عبارات الإهانة ، وأخيراً دفع الطاعنون بانعدام صفة المدعي بالحق المدني رئيس نادي القضاة ورد الحكم على الدفع برد غير سائغ ، كل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
وحيث إنه ولئن كان من المقرر وفقاً لنص المادة التاسعة من قانون الإجراءات الجنائية أنه " لا يجوز رفع الدعوى الجنائية أو اتخاذ إجراءات فيها في الجرائم المنصوص عليها في المادة 184 من قانون العقوبات إلا بناء على طلب كتابي من الهيئة أو رئيس المصلحة المجني عليها " ، وكان الطلب وفق نص المادة آنفة البيان هو تعبير عن إرادة سلطة عامة في أن تتخذ الإجراءات الناشئة عن جريمة ارتكبت بحقها أو إخلالاً بقوانین تختص هذه السلطة بالسهر على تنفيذها ، فإن القانون لم يحدد نمطاً أو شكلاً أو صيغـــة معينة تعبر بها تلك السلطة عن إرادتها في اتخاذ هذه الإجراءات . لما كان ذلك ، وكان الثابت من الأوراق أنه بتاريخ .... قام السيد القاضي رئيس مجلس القضاء الأعلى بالتأشير على الشكاوى المقدمة من بعض السادة القضاة بالإحالة إلى النيابة العامة - قبل تاريخ البدء في إجراءات التحقيق - وألحق بها كتاب السيد القاضي الأمين العام لمجلس القضاء الأعلى - مكتب الرئيس - وهو ما يفيد نصاً ومعنى الطلب من النيابة العامة صاحبة الاختصاص اتخاذ الإجراءات القانونية ورفع الدعوى وفق ما نصت عليه المادة التاسعة آنفة الذكر . لما كان ذلك ، وكان أي من الطاعنين أو المدافعين عنهم لم ينازع في أن السيد القاضي رئيس مجلس القضاء الأعلى هو صاحب التأشيرة على الشكاوى المقدمة ، فإن إجراءات التحقيق والتي تلت صدور هذا الطلب تكون قد تمت صحيحة ويصح التعويل على الأدلة التي تنتجها وتكون الدعوى قد رفعت وفق صحيح القانون ، ومن ثم فلا جدوى مما يثيره الطاعنون نعياً على الحكم في هذا الشأن . لما كان ذلك ، وكان النص في المادة 77 مكرراً/1 من قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة ۱۹۷۲ المضافة بالقانون رقم 35 لسنة 1984 على أن " يشكل مجلس القضاء الأعلى برئاسة رئيس محكمة النقض .... " ، وفي المادة 77 مكرراً/۲ من القانون سالف الذكر على أن : " يختص مجلس القضاء الأعلى بنظر كل ما يتعلق بتعيين ونقل وإعارة رجال القضاء والنيابة العامة وكذلك سائر شئونهم على النحو المبين في هذا القانون .... " يدل - وعلى ما ورد في المذكرة الإيضاحية لمشروع القانون رقم 35 لسنة ۱۹۸٤ وتقرير لجنة الشئون الدستورية والتشريعية بشأنه - على أنه تأكيداً لاستقلال القضاء فقد رُئِىَ إنشاء مجلس القضاء الأعلى الذى يشكل بكامله من كبار رجال القضاء أنفسهم لتكون له الهيمنة على شئون القضاة ورجال النيابة العامة من تعيين وترقية ونقل وندب وغير ذلك من الشئون المبينة في القانون ، ذلك أن من أهم دعائم استقلال القضاء أن يقوم القضاء ذاته علي شئون رجاله دون مشاركة أو تدخل من سلطة أخرى ، فأصبح القضاء متفرداً بتصريف شئون رجاله على النحو الذي يحقق الاستقلال الكامل للسلطة القضائية . وإذ كان ذلك ، وكان من شئون رجال القضاء النظر في أمر الشكاوى التي تقدم منهم ضد المؤسسات والأفراد ، ومن ثم فإن مجلس القضاء الأعلى ممثلاً في رئیسه يكون هو المختص - دون غيره - بإصدار الطلب بتحريك الدعوى الجنائية في الجريمة المنصوص عليها في المادة 184 من قانون العقوبات باعتباره رئيساً للسلطة القضائية ويكون النعي في هذا الشأن لا محل له . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن أمر الإحالة هو عمل من أعمال التحقيق فلا محل لإخضاعه لما يجري على الأحكام من قواعد البطلان ، ومن ثم فإن القصور في أمر الإحالة لا يبطل المحاكمة ولا يؤثر على صحة إجراءاتها ، كما أن إبطال أمر إحالة الدعوى إلى محكمة الموضوع بعد اتصالها بها يقتضى إعادتها إلى المرحلة السابقة على الإحالة وهو أمر غير جائز باعتبار تلك المرحلة لا تخرج عن كونها جهة تحقيق فلا يجوز إعادة الدعوى إليها بعد دخولها في حوزة المحكمة ، وكان الثابت من الأوراق أن أمر الإحالة قد بيّن الجرائم المنسوبة إلى الطاعنين وصفاً وكيفاً ، ومن ثم فإن ما يثار في هذا الصدد يكون دفاعاً ظاهر البطلان . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد أورد أن السيد القاضي رئيس محكمة استئناف القاهرة قد أصدر قراراً - بموجب التفويض الممنوح له من جمعية المحكمة - بندب ثلاثة من قضاة المحكمة للتحقيق ، وكانت نصوص القانون لم تشترط أن يكون الندب لقاض واحد وأن يوقع أمر الإحالة قاض معين ممن ندبوا أو ينهى عن تفويض جمعية المحكمة لرئيسها في ندب عدد من القضاة للتحقيق ، كما وأن الجرائم المنسوبة للطاعنين والتي تم إدانتهم بموجبها وإن جمعتهم نصوص عقابية واحدة إلا أن كل طاعن استقل بجريمته عمن سواه مشكلاً بفعله جريمة لا يشاركه فيها غيره وهو ما لا يتعارض مع ندب أكثر من قاض للتحقيق ، ومن ثم فإن النعي ببطلان التحقيقات لهذا السبب لا يكون مقبولاً . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد بيّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعنين بها ، وأورد على ثبوتها في حقهم أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي الى ما رتبه الحكم عليها ، وكان يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أن المحكمة استعرضت الأدلة القائمة في الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث للتعرف على الحقيقة ، كما أوردت مؤداها في بيان واف يكفي للتدليل على ثبوت الصورة التي اقتنعت بها المحكمة واستقرت في وجدانها . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة - كما هو الحال في الدعوى الراهنة - فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون ، ومن ثم فإن منعى الطاعنين على الحكم في هذا الشأن لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكان الطاعنون لا يمارون فيما نسبه الحكم إليهم بشأن الركن المادي وإنما يدفعون الاتهام بتوافر حسن النية ، وكان من المقرر أن القصد الجنائي في جريمة الإهانة يتحقق متى كانت العبارة بذاتها تحمل الإهانة ولا عبرة بالبواعث ، وأن السب سب لا يخرجه عن هذا الوصف أي شيء ولو كان الباعث عليه إظهار الاستياء من أمر مكدر ، فإن ما ينعاه الطاعنون على الحكم من توافر حسن النية فيما وجهوه من عبارات إهانة لا يكون سديداً . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد أورد بمدوناته ما نسب لكل طاعـــن على حده - خلافاً لما يقول به الطاعنون بأسباب طعنهم - فإن منعاهم في هذا الصدد لا يكون له وجه . لما كان ذلك ، وكان الثابت أن الحكم المطعون فيه بعد أن بيّن واقعة الدعوى قد أشار إلى نصوص القانون التي أخذ الطاعنين بها بقوله " وهو الأمر المؤثم بالمواد ۱۸4، 185، 186، ۱۸۷، 307 من قانون العقوبات ويتعين إدانتهم بموجبها عملاً بالمادة 304/2 إجراءات جنائية مع مصادرة المضبوطات المتحصلة من الجريمة عملاً بالمادة 30/1 قانون العقوبات " فإن ما أورده الحكم يكفي في بيان مواد العقاب التي حكم بمقتضاها بما يحقق حكم القانون . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع بانتفاء القصد الجنائي وركن العلانية في حق الطاعنين ورد عليه رداً كافياً وسائغاً ويتفق وصحيح القانون ، فإن ما يثيرونه من انحسار المسئولية الجنائية عنهم وانتفاء القصد الجنائي لديهم لا يكون سديداً . لما كان ذلك ، وكان الأصل أن المرجع في تعرف حقيقة ألفاظ السب أو القذف أو الإهانة هو بما يطمئن إليه القاضي من تحصيله لفهم الواقع في الدعوى ولا رقابة عليه في ذلك لمحكمة النقض ما دام لم يخطئ في التطبيق القانوني على الواقعة ، ولما كانت المحكمة قد اطمأنت في فهم سائغ لواقعة الدعوى أن العبارات التي صدرت من الطاعنين في حق السلطة القضائية المعتدى عليها تفيد بذاتها قصد الإهانة ، ومن ثم فإن النعي على الحكم المطعون فيه بعدم حصول الإهانة من الطاعنين يكون على غير أساس . لما كان ذلك ، وكان المشرع قد أفصح بما أورده في المذكرة الإيضاحية لمشروع قانون الإجراءات الجنائية عن قصده من تقييد حق النيابة في رفع الدعوى الجنائية على صور ثلاث " الشكوى والطلب والإذن " ، فأما الشكوى قد قصد بها حماية صالح المجني عليه الشخصي ، وأما الطلب فهو يصدر من هيئة عامة بقصد حمایتها سواء بصفتها مجنياً عليها أو بصفتها أمينة علي مصالح الدولة العليا ، وأما الإذن فقد أُريد به حماية شخص معين ينتسب إلى إحدى الهيئات التي يكون في رفع الدعوى عليه مساس بما لها من استقلال . لما كان ذلك ، وكانت المادة التاسعة من قانون الإجراءات الجنائية آنفة الذكر بنصها على أنه " لا يجوز رفع الدعوى الجنائية أو اتخاذ إجراءات فيها في الجرائم المنصوص عليها في المادة 184 من قانون العقوبات إلا بناء على طلب كتابي من الهيئة أو رئيس المصلحة المجني عليها " فقد أفصح المشرع بصريح هذا النص على أن هذا الإجراء الواجب في الجريمة المنصوص عليها في المادة 184 هو الطلب وليس الشكوى ولا الإذن . لما كان ذلك ، وكان القانون لم يتطلب تقديم الطلب في خلال فترة زمنية معينة من وقت الجريمة - كما فعل في صدد الشكوى - فإن الحق في الطلب يظل قائماً حتى تسقط الدعوى الجنائية بمضي المدة المقررة قانوناً في المادة 15 من قانون الإجراءات الجنائية . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أيضاً أن الطلب ينصرف إلى الجريمة ذاتها فينطوي علي تصريح بإجراءات التحقيق أو رفع الدعوى عنها دون اعتبار لمرتكبها ، أما مباشرة الإجراءات قبل شخص معين وإسناد التهمة إليه ورفع الدعوى عليه فهي إجراءات تالية ولا اتصال لها بالطلب الصادر عنها الذي يكفي لصحته اشتماله على البيانات التي تحدد الجريمة ذاتها التي صدر من أجلها تحديداً كافياً دون اعتبار لشخص من يسفر التحقيق عن إسنادها إليها ورفع الدعوى عنها عليه ، وكان الثابت بكتاب مجلس القضاء الأعلى المشار إليه سلفاً أنه طلب تحريك الدعوى الجنائية عن الجريمة ذاتها التي رفعت بشأنها الدعوى الجنائية على الطاعنين وهو ما يكفي لزوال القيد الوارد علي النيابة العامة والرجوع إلى حقها المطلق في رفع الدعوى على من يسفر التحقيق عن إسناد الجريمة إليه . لما كان ما تقدم جميعه ، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه دان الطاعنين أصحاب وجه النعي عن جريمة إهانة المحاكم والسلطة القضائية والمنصوص عليها في المادة 184 عقوبات ولم يدنهم بجريمة سب موظف عام بسبب أداء وظيفته المنصوص عليها في المادة 185 عقوبات - والتي دان بها الطاعن السابع عشر وحده - فإن كل ما يثيره الطاعنون أصحاب وجه النعي في هذا الصدد يكون على غير أساس . لما كان ذلك ، وكانت الأوراق قد خلت مما يفيد أن مجلس القضاء الأعلى قد رأى التنازل عن طلب تحريك الدعوى الجنائية قبل الطاعنين - على ما يبين من المفردات المضمومة - ومن ثم فإن ما یثار في هذا الشأن يكون في غير محله . لما كان ذلك ، وكان القانون رقم 48 لسنة ۱۹۷۹ بإصدار قانون المحكمة الدستورية العليا قد نص في المادة ۲۹ منه على أن تتولى هذه المحكمة الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح علي الوجه التالي :- أ...... ب - إذا دفع أحد الخصوم أثناء نظر الدعوى أمام إحدى المحاكم أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة ورأت المحكمة أو الهيئة أن الدفع جدي أجلت نظر الدعوى وحددت لمن أثار الدفع میعاد .... " وكان مفاد هذا النص أن لمحكمة الموضوع وحدها تقدير جدية الدفع بعدم الدستورية وأن الأمر بوقف الدعوى المنظورة أمامها وتحديد ميعاد لرفع الدعوى بعدم الدستورية جوازي لها ومتروك لمطلق تقديرها ، وكان البين من الحكم المطعون فيه أن المحكمة في حدود سلطتها التقديرية رأت أن دفع الطاعنين بعدم الدستورية غير جدي ولا محل لوقف الدعوى المنظورة أمامها لرفع الدعوى بعدم الدستورية ، فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الشأن غير سديد دفعاً ومنعى ولا على المحكمة من سبيل إن هي أعرضت عنه ، لما هو مقرر من أن جرائم النشر التي أسقط عنها المشرع عقوبة الحبس بموجب القانون رقم ۱۸۰ لسنة ۲۰۱٨ - وعلى ما سلف ذكره - هي تلك الجرائم المتعلقة بعمل الصحفي ذاته دون سواها من جرائم تقع بطريق النشر . لما كان ذلك ، وكانت المادة الأولى من القانون رقم 247 لسنة 1956 بشأن محاكمة رئيس الجمهورية والوزراء قد نصت على أن " تتولى محاكمة رئيس الجمهورية والوزراء محكمة عليا .... إلخ " وكان هذا القانون أو أي تشريع آخر قد جاء خلواً من أي نص بإفراد هذه المحكمة العليا دون غيرها بالاختصاص ولائياً بنظر الجرائم التي يرتكبها رئيس الجمهورية أو الوزراء أثناء تأدية وظيفتهم أو بسببها ، ومن ثم فإن محاكمتهم عما يقع منهم من جرائم سواء تلك التي يجرمها القانون العام أو التي نص عليها القانون رقم 247 لسنة 1956 تختص بها أصلاً المحاكم العادية بحسبانها صاحبة الولاية العامة ، وأن المحكمة الخاصة التي نص عليها القانون سالف الذكر تشاركها الاختصاص دون أن تسلبها إياه ، ويكون ما خلص إليه الحكم المطعون فيه من رفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى متفقاً وصحيح القانون ، ويضحى النعي في هذا الصدد غير قویم ، هذا فضلاً عن أن البين من استقراء نص المادة 159 من الدستور أنها تنظم كيفية اتهام ومحاكمة رئيس الجمهورية الذي لا يزال يشغل منصبه بدلالة ما ورد بعقبها من أنه إذا حكم بإدانة رئيس الجمهورية أعفي من منصبه وكذلك ما ورد بوسطها من أن إجراءات المحاكمة تعتبر مانعاً مؤقتاً يحول دون مباشرتـــه لاختصاصه حتى صدور حكم في الدعوى . لما كان ذلك ، وكان المشرع في المادتين 124، 125 إجراءات جنائية قد أحاط استجواب المتهم حال التحقيق معه بمعرفة النيابة بضمانات قررها لصالحه وحده من بينها عدم الفصل بينه وبين محاميه أما ما يثيره الطاعن السادس عشر في شأن بطلان إجراءات المحاكمة لعدم سماح المحكمة للدفاع بالاتصال به فهذا الإجراء لا يترتب على مخالفته بطلان إجراءات المحاكمة ، إذ إن القانون لا يرتب البطلان إلا في الأحوال التي نص عليها في المادتين سالفتي الذكر، كما وأن البين من الاطلاع على محاضر الجلسات والحكم المطعون فيه أن المحاكمة جرت في جلسة علنية وأن الحكم صدر وتلي علناً ومن ثم فلا جناح على المحكمة إن هي التفتت عما أثاره هذا الطاعن في هذا الشأن ولم ترد عليه ، لأنه دفاع قانوني ظاهر البطلان ، فضلاً عما هو مقرر من أن الأصل في الإجراءات الصحة وعلى من يدعي العكس أن يدلل عليه ، أما تقييد المحكمة لأمر الدخول بقاعة الجلسة لأهلية الطاعن ووجوده خلف حاجز زجاجي لا يتنافى مع العلانية ، لأن المقصود في هذا كله هو تنظيم أحوال الجلسة وتأمين الدخول لحضورها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن السادس عشر في هذا الصدد يكون غير قویم . لما كان ذلك ، وكانت المادة ۲۱۳ من قانون الإجراءات الجنائية قد جرى نصها علي أن الأمر الصادر من النيابة العامة بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية وفقاً لنص المادة ۲۰۹ منه لا يمنع العودة الى التحقيق إذا ظهرت أدلة جديدة طبقاً لنص المادة ۱۹۷ منه وذلك قبل انتهاء المدة المقررة لسقوط الدعوى الجنائية ، وقوام الدليل الجديد هو أن يلتقي به المحقق لأول مرة بعد التقرير في الدعوى بألا وجه لإقامتها . لما كان ذلك ، وكان الثابت من الاطلاع على المفردات المضمومة أنه وبعد أن قيدت الأوراق برقم .... أصدرت نيابة استئناف .... أمراً بحفظ الأوراق بدفتر الشكاوى الإدارية ، وهو في حقيقته أمر بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية لخلو الأوراق من طلب كتابي بتحريك الدعوى الجنائية من السيد القاضي رئيس مجلس القضاء الأعلى بصفته رئيس السلطة القضائية ، وإذ تبين ورود خطاب مجلس القضاء الأعلى بعد ذلك من مكتب الرئيس إلى النيابة العامة بما يفيد معنى الطلب كما عبرت عنه المادة التاسعة من قانون الإجراءات وهو ما يعد دليلاً جديداً على صحة إجراءات الدعوى الجنائية لم يكن قد عرض على نيابة استئناف .... عند إصدارها القرار الصادر ، فإن ذلك مما يجيز للنيابة العامة العودة إلى التحقيق ويطلق الحق في رفع الدعوى الجنائية على الجناة بناء على ذلك الدليل الذي جد في الأوراق ، ويضحى معه ما يثيره الطاعنون في هذا الصدد غير سديد . لما كان ذلك ، وكان الطاعن السابع عشر لم يدع أن المدة المقررة للشكوى قد انقضت كما خلت الأوراق مما يشير إلى ذلك ، فإن ما ينعاه بشأن الشكوى المقدمة ضده من القاضي .... لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكان الطاعن لم يبين ماهية أوجه الدفاع والمستندات التي أغفلها الحكم ولم يرد عليها ، وكان الدفع بكيدية الاتهام دفاعاً موضوعياً يكفي للرد عليه قضاء المحكمة بالإدانة اطمئناناً منها للأدلة القائمة في الدعوى ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في كل ذلك لا وجه له . لما كان ذلك ، وكانت المادة 410 من اللائحة الداخلية لمجلس الشعب الصادرة في 16/10/1976 والسارية في تاريخ الواقعة تنص على أنه " ينظم رئيس المجلس الإجراءات الخاصة بمتابعة نشر وإذاعة ما يجري في الجلسات العلنية للمجلس ولجانه عن طريق وسائل الإعلام المختلفة .... " فإن ما انتهى إليه الحكم من مسئولية الطاعن الثالث بصفته رئيس المجلس عن نشر ما أذيع من عبارات إهانة وسب من باقي الطاعنين يصادف صحيح القانون ، ويضحى المنعى في هذا الشأن غير سديد . لما كان ذلك ، وكانت الفقرة الأولى من المادة 251 من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أنه " لمن لحقه ضرر من الجريمة أن يقيم نفسه مدعياً بحقوق مدنية أمام المحكمة المنظورة أمامها الدعوى الجنائية في أي مرحلة كانت عليها الدعوى حتى صدور القرار بإقفال باب المرافعة .... " وكان المستفاد من هذا النص أن حق الادعاء المدني قد شرعه القانون للمدعي بالحقوق المدنية الذي يدعي حصول ضرر له سواء أكان مجنياً عليه أو شخصاً آخر خلافه ، إذ ليس في القانون ما يمنع أن يكون المضرور من الجريمة أي شخص ولو كان غير المجنى عليه ما دام قد أثبت قيام هذا الضرر وكان ناتجاً عن الجريمة ، ذلك أن المناط في صفة المدعي المدني ليس وقوع الجريمة عليه وإنما هو إلحاق الضرر الشخصي به بسبب وقوع الجريمة ، وإذ كانت طبيعة العمل القضائي الذي يتولاه رجال القضاء والنيابة العامة تفرض عليهم سلوكاً معيناً في حياتهم العامة والخاصة التي تعد وثيقة الصلة بعملهم وبكرامة القضاء وهيبته ومنها أن يكون لهم ناد خاص بهم يجتمعون فيه للنظر في المسائل التي تعنيهم ويباشرون من خلاله أنشطتهم الاجتماعية والثقافية ويتلقون عن طريقه الخدمات التي يقدمها لهم طبقاً للأغراض التي أنشئ من أجلها والتي أوردتها المادة الثانية من النظام الأساسي لنادي القضاة - ذلك النظام الذي وضعه مؤسسوه من رجال القضاء والنيابة العامة يوم السبت الموافق 11 من فبراير سنة ۱۹۳۹ - وسرت أحكامه بما احتوته مواده من تحديد الغرض من إنشائه ونطاق نشاطه . لما كان ذلك ، وكانت المادة الثالثة من لائحة نادي القضاة تنص على أنه " تم إنشاء النادي لتحقيق الأهداف الآتية .... ۳ـــ الدفاع عن أعضاء النادي أمام جميع سلطات الدولة .... " وإذ كان ما تقدم وكان السيد القاضي رئيس نادي القضاة - بصفته هذه - له الحق في الدفاع عن رجال القضاء وقد لحق به الضرر بسبب وقوع الجريمة التي أثبتها الحكم في حق الطاعنين ، ومن ثم فإن ما قضى به الحكم من قبول الدعوى المدنية المرفوعة من السيد القاضي رئيس نادي القضاة - بصفته - لا يكون قد خالف القانون . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يضحى على غير أساس متعیناً رفضه موضوعاً .
ثالثاً:ــ بالنسبة للطاعنين العاشر/ .... ، والحادي عشر/ .... ، والرابع عشر/ .... ، والسادس عشر/ .... ، فلما كان قد قضى بعدم جواز طعنهم أو برفضه فقد تعين مصادرة ما سددوه من كفالة وتغريمهم مبلغاً مساوياً لها .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ