الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 30 نوفمبر 2023

اَلْأَعْمَال اَلتَّحْضِيرِيَّةِ لِلْقَانُونِ اَلْمَدَنِيِّ اَلْمِصْرِيِّ / اَلْفَصْل اَلْأَوَّل اَلْقَانُونَ وَتَطْبِيقَهُ

 عودة إلى صفحة : اَلْأَعْمَال اَلتَّحْضِيرِيَّةِ لِلْقَانُونِ اَلْمَدَنِيِّ اَلْمِصْرِيِّ


اَلْفَصْل اَلْأَوَّل

اَلْقَانُونَ وَتَطْبِيقَهُ (1)

نظرة عامة :

تناول المشروع في هذا الفرع مسألتين : الأولى مصادر القانون والثانية التفريق بين الحق والرخصة . وقد عني فيما يتعلق بالمصادر بجمع أحكام متفرقة انتشرت في التشريع الراهن بين نصوص الدستور ولائحة ترتيب المحاكم الأهلية والمختلطة وتقنين المرافعات ولم يغفل في ذلك عن ترتيب هذه الأحكام ترتيباً منطقياً وتدارك ما بها من نقص وتهذيب صياغتها تمشياً مع احدث اتجاهات الفقه والقضاء والتشريع . فبدأ في المادة الأولى بيان المصادر الرسمية أو الملزمة وهي التي يتعين على القاضي أن يلجأ إليها لاستخلاص القواعد القانونية متدرجا من التشريع إلى العرف إلى مبادئ العدالة والقانون الطبيعي وبهذا الوضع ابرز مكانة العرف وأهميته كمصدر أساسي يلي التشريع في المرتبة . ولم يقتصر على ذلك بل عين للقاضي ما يستلهم في استخلاص الأحكام من هذه المصادر جميعاً فعرض المصادر التفسيرية أو مصادر الاستئناس وذكر من بينها القضاء والفقه مصريان كان أيهما أم أجنبياً وذكر مبادئ الشريعة الإسلامية وهي مصدر تاريخي لكثير من أحكام القانون ومثال رفيع من مثل الصناعة القانونية من الناحية الفنية الخالصة . وقد عقب المشروع على هذا النص بالمادة 2 الخاصة بواجب القاضي في الفصل في كل ما يعرض عليه من خصومات والا عد ناكلاً عن القضاء . ولم يشر إلى هذا الحكم إلا ضمناً في المادة 654 من تقنين المرافعات والمادتين 121 و122 من تقنين العقوبات مع أن من الطبيعي أن يهيأ له مكانه عقب النص الخاص ببيان المصادر مباشرة . ويلي ذلك نصان عالج فيهما المشروع نفاذ التشريع (م 3) ونسخه صراحة أو ضمناً (م 4) فنقل في تحديد وقت النفاذ أحكام المادة 26 من الدستور مع تعديل طفيف في صياغتها وتدارك النقص الذي عيب على المادة 4 من لائحة ترتيب المحاكم الأهلية لاقتصارها على مواجهة النسخ الصريح فواجه حالة النسخ الضمني . وقد رؤي أن النص على اعتبار نشر القانون قرينة على العلم بإصداره وبدء نفاذه (م 3) يغني عن إيراد القاعدة المأثورة المنصوص عليها في المادة 2 من لائحة ترتيب المحاكم الأهلية وهي التي تقرر انه " لا يقبل من أحد اعتذاره بعدم العلم بما تضمنته القوانين أو الأوامر من يوم وجوب العمل بمقتضاها " .

أما التفريق بين الحق والرخصة (م 5) فتمهيد منطقي لوضع القاعدة العامة التي تضمنتها المادة 6 من المشروع في شأن التعسف في استعمال الحق ، وقد اجتهد القضاء المصري في تقرير الجزاءات التي تحول دون هذا التعسف من طريق تطبيق أحكام المسئولية عن الفعل الضار (م 151 ، 212 ، 213 من التقنين المدني المصري) ، رغم أن التشريع المصري لم يتضمن سوى إشارات عابرة إلى فكرة التعسف (مثال ذلك الفقرة 2 من المادة 38 / 60 مدني وهي لا تجيز لمالك الحائط أن يهدمه لمجرد إرادته إذا كان يترتب عليه حصول ضرر للجار المستتر ملكه بحائط ما لم يكن هدمه بناء على باعث قوي) لا تصلح سنداً لاستخلاص قاعدة عامة ، ولذلك حرص المشروع على وضع هذه القاعدة العامة توخياً لتقنين ما استقر عليه القضاء ومسايرة نزعة التشريع الحديث إلى التقريب بين الحق والوظيفة الاجتماعية .

 



(1) مجموعة الأعمال التحضيرية ج 1 ص 180 .

اَلْأَعْمَال اَلتَّحْضِيرِيَّةِ لِلْقَانُونِ اَلْمَدَنِيِّ اَلْمِصْرِيِّ / بَابٌ تَمْهِيدِيٌّ أَحْكَامٌ عَامَّةٌ

عودة إلى صفحة : اَلْأَعْمَال اَلتَّحْضِيرِيَّةِ لِلْقَانُونِ اَلْمَدَنِيِّ اَلْمِصْرِيِّ


بَابٌ تَمْهِيدِيٌّ
أَحْكَامٌ عَامَّةٌ

نظرة عامة : (1)

يقصد من الأحكام التمهيدية أن ينهض القانون المدني بالتبعة التي يلقيها عليه مكانه من النظام القانوني . فهو من هذا النظام بمثابة الأصل . وما من شك في أن هذا الوضع يقتضي من التقنين المدني العناية بتنظيم مسائل عامة ، بعضها يتعلق بصياغة " القواعد القانونية بوجه عام" وبعضها يتصل بتفسير هذه القواعد وتطبيقها .

بهذه الحقيقة بصر التقنين المدني الفرنسي وقد كان أول مثال احتذته تقنينات القرن التاسع عشر ، وقد عني هذا التقنين بإبراز مكانة تلك الأحكام التمهيدية من التشريع الجامع ، بوصفها أحكاماً عامة ، يتناول تطبيقها فروع القانون الخاص باسره . وتجلت هذه العناية في تصدير القواعد الموضوعية التي توفر هذا التشريع على تفصيلها ، بباب تمهيدي جعل عنوانه " في نشر القوانين وآثارها وتطبيقها بوجه عام ".

وكان الحيز الذي خص به هذا الباب متواضعاً غاية التواضع ، ولم يجاوز ما تضمن من المواد ستاً ، بيد أنها عرضت في إيجاز لمسائل افرد المشروع الحالي للشق الأكبر منها أول فصل من الفصول الثلاثة التي وزعت بينها نصوص الباب التمهيدي منه .

وأولى هذه المسائل هي مسألة مصادر القانون . ولم يكن في وسع التقنين الفرنسي ، وقد وضع في عهد ذاع فيه الإيمان بكفاية التشريع دون غيره من المصادر لإنتاج جميع القواعد القانونية ، إلا أن يجتزئ في شأن هذه المسألة بنصين ، تناول أولهما تعيين الوقت الذي تصبح فيه القوانين نافذة : وحجر الثاني على المحاكم أن تصدر أحكاماً تنطوي على قواعد تنظيمية ، وتتعلق المسألة الثانية بالقواعد التي وضعت المحاكم لتطبيقها على ما يعرض لها من صور التنازع الدولي ما بين القوانين ، وكانت هذه القواعد في مستهل القرن التاسع عشر في حال من البداوة أبت على التقنين الفرنسي أن يفرد لها اكثر من مادة واحدة ببن النصوص التمهيدية ، هي المادة 3 .

أما المسألة الثالثة فتعرض لتعاقب القوانين في الزمان . ويراعى أن حقيقة هذه المسألة كانت تفتقر إلى الكثير من الوضوح والتحديد عند إصدار التقنين المدني الفرنسي ، حتى خيل لواضعيه أن في وسعهم إفراغ الأحكام المتعلقة بها في تلك الصيغة الفذة التي تضمنتها المادة 2 من هذا التقنين وهي صيغة مضللة وإن اتسمت في ظاهرها بالبساطة .

وقد احتذى التقنين المدني المختلط مثال الشارع الفرنسي فصدر بباب تمهيدي تضمن اربع عشرة مادة عرضت إحداها لنفاذ القوانين ونشرها ( المادة 1 ) وقررت الثانية عدم استناد القانون إلى الماضي (المادة 2) وواجهت المادة الثالثة حالة عدم انعدام النص أو قصوره أو غموضه (المادة 11) أما المواد الباقية فتسع منها عنيت برسم حدود ولاية القضاء المختلط بالنسبة إلى الأشخاص والمواد من الناحيتين الداخلية والدولية (المواد 3 ، 4 ، 5 ، 6 ، 7 ، 8 ، 9 ، 13 ، 14) وواحدة خصت بقاعدة إقليمية القوانين (المادة 10) وأخرى أفردت لتنظيم الاختصاصات التشريعية التي كانت تتمتع بها الجمعية العمومية لمستشاري محكمة الاستئناف المختلطة قبل إلغاء نظام الامتيازات الأجنبية (المادة 12) .

وقد ألغيت المواد من 1 إلى 12 بمقتضى المرسوم بقانون رقم 89 لسنة 1937 الخاص بالتشريع الذي تطبقه المحاكم المختلطة . ولم يستبق هذا المرسوم إلا المادتين 13 و14 الخاصتين ببيان حدود الاختصاص الدولي للمحاكم المختلطة وقد استتبع هذا الإلغاء إيراد الأحكام الخاصة بسرد مسائل الأحوال الشخصية وتعيين القانون الواجب تطبيقه عليها في المادتين 28 و29 من لائحة التنظيم القضائي للمحاكم المختلطة ونقل الحكم الخاص بحالة نقص القانون أو قصوره أو غموضه إلى المادة 52 من هذه اللائحة والظاهر أن نزع الأحكام المتقدمة من الباب التمهيدي يرجع إلى سببين : الأول أن تلك الأحكام كانت محلا لمناقشات في مؤتمر إلغاء الامتيازات فكان من الطبيعي أن ترد في الوثائق التي اسفر عنها.

والثاني : أن التقنين المدني الأهلي لم يتضمن باباً تمهيدياً وإنما عمد واضعه إلى لائحة ترتيب المحاكم وصدرها " بأحكام ابتدائية" تتعلق بنفاذ القوانين (المادة 1) وافتراض العلم بها (المادة 2) وعدم استنادها (المادة 3) ونسخها ، أو إلغائها (المادة 4) ، ثم أضاف إلى تلك الأحكام حكمين آخرين أحدهما افرغ في الفقرة الثانية من المادة 28 وهي الخاصة ببطلان الاتفاقات المخالفة للنظام العام والآداب والثاني وضع في المادة 29 وهي التي تحيل القاضي عند انعدام نص صريح في القانون إلى قواعد العدل والى هذه القواعد والعادات التجارية في " المواد التجارية ".

ولم يعرض التقنين الأهلي لتنازع القوانين في المكان بطريق مباشر إلا في نصوص المواد 54 ( المواريث) و55 (الوصايا) و130 (الأهلية) وهي المقابلة للمواد 77 ، 87 ، 190 من التقنين المدني المختلط .

ومهما يكن من شيء ، فمن المسلم أن القواعد العامة التي اشتمل عليها الباب التمهيدي في التقنين المدني المختلط وصنوها من الأحكام التي أدرجت في لائحتي التنظيم القضائي للمحاكم الأهلية والمختلطة تمثل عهداً قديماً من عهود صناعة التقنين ، ويتم ما بها من نقص عن تأخر لا تحمد عقباه ، ولا سيما بعد أن عانى الفقه والقضاء مشقة جسيمة في سد هذا النقص ، فالقواعد المتعلقة بمصادر القانون وتنازع القوانين في المكان والزمان قد تطورت في العصر الحديث تطوراً عظيماً في نطاق العلم والتشريع .

وقد عمد التقنين السويسري إلى وضع القواعد المتعلقة بالتنازع ما بين القوانين في المكان والزمان في الباب الختامي بعد أن عرض لمصادر القانون في الباب التمهيدي منه .

ومن المشاهد أن عدد النصوص التي تضمنها الباب التمهيدي للتقنين المدني الفرنسي قد تضاعف في الجزء المقابل من التقنين المدني الإيطالي الصادر في سنة 1863 ثم ارتفع إلى احدى وعشرين مادة في "الأحكام" التي استهل بها أول شق صدر من التقنين المدني الإيطالي الجديد في سنة 1938 ، ثم إن هذا العدد بلغ ست عشرة مادة في الباب التمهيدي من التقنين المدني الإسباني واحدى وعشرين مادة في مقدمة التقنين البرازيلي الصادر في سنة 1916 وزهاء ثلاثين مادة في قانون إصدار التقنين المدني الياباني .

على أن الأبواب التمهيدية أو العامة في تلك التقنينات لا تزال بادية القصور في جملتها رغم اتساع نطاق الأحكام الواردة بها وازدياد عدد النصوص التي أفردت لها على الوجه المتقدم بيد أن التقنينين اللذين ظفرا من الناحية الدولية بأعظم حظ من التأثير العلمي في بداية القرن العشرين اختصا هذه الأحكام بقسط أوفى من العناية وكانا في علاجها اشد منطقاً وأقوم سبيلا فالقانون التمهيدي لإصدار التقنين المدني الألماني قد تضمن عناصر تنظيم جامع لتنازع القوانين في المكان والزمان . إذ خص هذا التنظيم بطائفة من النصوص لها من القيمة العلمية ما يجاوز خصوصيات مسائل التطبيق التي قصد من هذه النصوص إلى مواجهتها .

والتقنين المدني السويسري نظم هذين النوعين من التنازع ما بين القوانين تنظيماً مفصلاً وعمد فوق ذلك إلى المساهمة بنصيب المبتدع في بناء نظرية عامة لمصادر القانون ولم يكن المشروع إلا أن ينتهج في الفصل الأول من بابه التمهيدي نهجاً ابتدعه التقنين الفرنسي وما زالت تواطئ منه التقنين المدنية اللاحقة .

ففي هذا الفصل جمعت النصوص الخاصة بمصادر القانون (المادتان 1 ، 2) وبيان حد الاستعمال الجائز ملحق (المادتان 4 ، 5) والحق به نص يضع قاعدة عامة في حساب المواعيد (المادة 2 مكررة).

وقد عني المشروع بأن يبرز الصلة بين القاعدة القانونية والحق فعرض لاستعمال الحقوق بوصفه وجها من وجوه تطبيق القانون وعالج القيود التي ترد على هذه الحقوق من جراء تزاحمها ، وقد سلك في هذا العلاج سبيلا قلما عمدت التقنينات السابقة إليه ولذلك لم يكن بد من أن يستلهم التوجيه بصورة خاصة من قضاء الدول المختلفة خلال السنوات الأخيرة ، وفي هذه الحدود يساهم المشروع بنصيب ذاتي في العمل على تمكين التقنينات المدنية من أداء رسالتها في حل المشاكل التي يثيرها تفسير القواعد القانونية بوجه عام .

أما الفرع الثاني فقد وقف على تنازع القوانين فخص تنازعها من حيث الزمان بقسم أول (المواد من 6 إلى 10) وهيأ لتنازعها من حيث المكان القسم الذي يليه (المواد من 11 إلى 31).

وقد قرر المشروع في أول هذين القسمين القاعدة التقليدية المجملة التي تقضي بعدم استناد اثر القانون (المادة 6) ثم عرض أحكاما عامة تنظم تعاقب القوانين في الزمان بالنسبة للأوضاع التي يغلب تأثرها بهذا التعاقب كالأهلية (المادة 7) والتقادم (المادتان 8 ، 9) والأدلة المهيأة (المادة 10) ، وعلى هذا النحو أتيح للمشروع في هذا القسم رسم أسس نظرية جامعة لعدم استناد القوانين فساير احدث اتجاهات الفقه والقضاء والتشريع وتدارك عيوباً ظاهرة في التقنين الحالي . أما القسم الثاني فيشتمل على تنظيم مفصل لتنازع القوانين في المكان . (2)

على أن المشروع لم يكتف بالفصل الأول، بل شفعه بفصلين آخرين أحدهما للأشخاص والآخر لتقسيم الأشياء والأموال. وقسم الأحكام الواردة في الفصل الخاص بالأشخاص إلى فرعين تناول في أولهما الأشخاص الطبيعيين فعرض لبدء الشخصية وانتهائها وخصائصها وحمايتها (م 23 - 54). وتناول في الفرع الثاني الأشخاص المعنوية فعرض لتعريفها وخصائصها وأنواعها وفصل بوجه خاص القواعد المتعلقة بالجمعيات والمؤسسات (م 55 - 82) . أما الفصل الآخر فقد عقد لتقسيم الأشياء والأموال . فعرض لجواز التعامل في الأشياء وعدم جواز ذلك (م 83) والمنقول والعقار وأنواعهما (م 84 - 85) والأشياء القابلة للاستهلاك (م 86) والأشياء المثلية (م 87) والأموال المعنوية (م 88) والأموال العامة (م 89 - 90) .

وقد انفرد المشروع بإيراد الفصلين الأخيرين المتعلقين بالأشخاص وتقسيم الأشياء والأموال مستنداً في ذلك إلى اعتبارين أحدهما خاص والثاني عام فالواقع أن خلو مشروع تنقيح التقنين المدني المصري من كتاب تجمع فيه القواعد المتعلقة بالأشخاص ، أو روابط الأحوال الشخصية بوجه عام ، يستلزم الإلمام ببعض أحكام كلية تتصل بتلك الروابط ، ويتسع لها هذا التقنين دون الشرائع التي تطبق في مسائل الأحوال الشخصية . على أن هذا الاعتبار لم يكن يكفي وحده لتوجيه مسلك المشروع . فلو قدر أن يتم تقنين القواعد المتعلقة بالأحوال الشخصية وأن تجمع هذه القواعد مع تقنين المعاملات المالية في صعيد واحد لبقي لإيراد الفصلين اللذين تقدم ذكرهما معنى التمهيد للتقنين الجامع كاملا غير منقوص .

ذلك أن التقنين المدني ينظم مركز الأشخاص بوصفهم مخاطبين بأحكام القانون الخاص من ناحية ومركز الأموال بوصفها محلا لمعاملات الأشخاص من ناحية أخرى ، فمن المنطقي إذن أن يمهد لهذا التقنين بفكرة كلية عن الأشخاص والأموال . ولا تقتصر قيمة هذا التمهيد على الناحية النظرية بل إن له مزايا عملية ظاهرة اخصها التقريب بين أحكام عامة تتجانس في طبيعتها ، وتهيئة مناسبة موفقة لعرض القواعد المتعلقة بالأشخاص المعنوية .



(1) مجموعة الأعمال التحضيرية ج 1 ص 174 .

(2) رأى واضعو المشروع أن يغفلوا الشق الخاص بالتنازع الداخلي فيما بين قوانين الأحوال الشخصية ويسقطوه من هذا الفرع وبذلك تحذف المادة 58 من المشروع لان هذه المادة لا تصلح لعلاج هذا التنازع فضلا عن أن نظام الطوائف غير الإسلامية ظل محلا لتشريعات وقواعد خاصة وقد عكفت على دراسته لجان متعاقبة بوزارة العدل لا تزال الأخيرة من بينها قائمة حتى اليوم وقد أعدت مشروعات قدمت للبرلمان .

اَلْأَعْمَال اَلتَّحْضِيرِيَّةِ لِلْقَانُونِ اَلْمَدَنِيِّ اَلْمِصْرِيِّ / مَادَّةَ 2 (إِصْدَارٌ) : نَشْرُ اَلْقَانُونِ وَنَفَاذِهِ

عودة إلى صفحة : اَلْأَعْمَال اَلتَّحْضِيرِيَّةِ لِلْقَانُونِ اَلْمَدَنِيِّ اَلْمِصْرِيِّ


مادة 2 (إصدار) (1)

على وزير العدل تنفيذ هذا القانون ويعمل به ابتداء من 15 أكتوبر سنة 1949.

نأمر بأن يبصم هذا القانون بخاتم الدولة، وأن ينشر في الجريدة الرسمية، وينفذ كقانون من قوانين الدولة.


المشروع كما قدم للبرلمان :

"مادة 2 على وزير العدل تنفيذ هذا القانون ويعمل به اعتباراً من أول نوفمبر سنة 1946.

المشروع في مجلس النواب :

تقرير لجنة الشئون التشريعية :

رأت اللجنة أن يعمل به بعد ستة أشهر من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية . وذلك حتى تكون هناك – بعد بحث مجلسي البرلمان للمشروع وإصداره – فسحة من الوقت لدى المشتغلين بالقانون لدراسته دراسة وافية .

ولذلك استبدلت عبارة " ويعمل به بعد ستة أشهر من تاريخ نشره بالجريدة الرسمية " بعبارة " ويعمل به اعتباراً من أول نوفمبر سنة 1946.".

مناقشات المجلس:

وافق المجلس على المادة كما عدلتها اللجنة. (2)

المشروع في مجلس الشيوخ :

تقرير لجنة القانون المدني :

رأت اللجنة استبدال عبارة: " ابتداء من 15 أكتوبر سنة 1949 "" بعبارة " ويعمل به بعد ستة أشهر من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية ".(3)

مناقشات المجلس:

وافق المجلس على المادة كما أقرتها اللجنة.

 



(1) مجموعة الأعمال التحضيرية ج 1 ص 171 .

(2) مجموعة الأعمال التحضيرية ج 1 ص 171 .

(3) التاريخ الذي تستكمل به البلاد سيادتها القضائية بإلغاء المحاكم المختلطة .


الأربعاء، 29 نوفمبر 2023

الطعن 3872 لسنة 86 ق جلسة 8 / 7 / 2021 مكتب فني 72 ق 87 ص 539

جلسة 8 من يوليو سنة 2021

برئاسة السيـد القاضي/ نبيل أحمد صادق "نائب رئيس المحكمة"، وعضوية السادة القضاة/ سمير حسن، محمد عاطف ثابت، إسماعيل برهان أمر الله وياسر الشريف "نواب رئيس المحكمة".

---------------

(87)

الطعن رقم 3872 لسنة 86 القضائية

(1) قانون " قانون التحكيم : نطاق تطبيقه " .

تطبيق قانون التحكيم المصري . قصره على التحكيم الذي يجرى في مصر . مؤداه . عدم سريانه على التحكيم الذي يجري خارجها . استثناء . التحكيم التجاري الدولي المتفق على إخضاعه للقانون المصري . م 1/1 ق 27 لسنة 1994 بشأن إصدار قانون التحكيم في المواد المدنية والتجارية .

(2) تحكيم " التحكيم التجاري الدولي " .

التحكيم التجاري . مقصوده . نشوء النزاع حول علاقة قانونية ذات طابع اقتصادي . أمثلة . م 2 ق 27 لسنة 1994 بشأن إصدار قانون التحكيم في المواد المدنية والتجارية . التحكيم الدولي . شرطه . تعلق موضوع النزاع بالتجارة الدولية . مناطه . الحالات المنصوص عليها وفقاً م 3 من القانون المذكور .

(3) تحكيم " التحكيم التجاري الدولي : مناط سريان قانون التحكيم المصري " .

حكم التحكيم الصادر من محكمة التحكيم الدولي في منازعات الرياضة بسويسرا . صدوره من مؤسسة تحكيم دائمة مقرها خارج مصر بين طرفين أحدهما مقره الرئيسي بالخارج والآخر يقع مركز أعماله بمصر في نزاع حول التزامات عقدية ذات طابع اقتصادي . أثره . اعتباره حكمًا تحكيمًا تجاريًّا دوليًّا . خلوه من اتفاق الطرفين على إعمال أحكام قانون التحكيم المصري . أثره . عدم سريان ق 27 لسنة 1994 بشأن إصدار قانون التحكيم في المواد المدنية والتجارية . علة ذلك .

(4- 9) تحكيم " التحكيم التجاري الدولي : تنفيذه وفقًا لاتفاقية نيويورك لتنفيذ أحكام المحكمين الأجنبية " . تنفيذ " تنفيذ أحكام المحكمين الأجنبية " .

(4) انضمام مصر إلى اتفاقية نيويورك الخاصة بأحكام المحكمين . أثره . اعتبارها نافذة كجزء من التشريع المصري .

(5) تنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية وفق اتفاقية نيويورك . تمامه . وفقًا لقواعد المرافعات المتبعة في الإقليم المطلوب إليه التنفيذ مع اتخاذ الإجراءات الأكثر يسرًا واستبعاد الإجراءات الأكثر شدة . م3 من الاتفاقية .

(6) الأحكام والأوامر والسندات الرسمية الأجنبية . تنفيذها . م 299 مرافعات . الاستثناء . م 301 مرافعات . المعاهدات المعقودة بين مصر وغيرها من الدول .

(7) اتفاقية نيويورك الخاصة بأحكام المحكمين . التزام الدول المنضمة إليها بتنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية وفقًا للقواعد الأكثر يسرًا بالدولة المتعاقدة .

(8) طلب تنفيذ الأحكام والأوامر الصادرة من بلد أجنبي . سبيله . تقديمه إلى المحكمة الابتدائية التي يراد التنفيذ بدائرتها بالأوضاع المعتادة لرفع الدعوى . م 297 مرافعات .

(9) تنفيذ أحكام المحكمين الأجنبية . سبيله . تقديم أمر على عريضة لرئيس محكمة استئناف القاهرة . وجوب التحقق من عدم معارضته لحكم سابق في مصر أو مخالفته للنظام العام وصحة إعلانه . كيفية التظلم منه . المواد 9، 56، 58 من قانون التحكيم 27 لسنة 1994 . اتفاقية نيويورك لسنة 1958 . وجوب تطبيقها ولو تعارضت مع قانون المرافعات . علة ذلك . مخالفة الحكم المطعون فيه هذا النظر . خطأ وقصور .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1- المقرر –قي قضاء محكمة النقض- أن النص في الفقرة الأولى من المادة الأولى من القانون رقم 27 لسنة 1994 المعدل بشأن التحكيم في المواد المدنية والتجارية على أنه "مع عدم الإخلال بأحكام الاتفاقيات الدولية المعمول بها في جمهورية مصر العربية تسري أحكام هذا القانون على كل تحكيم بين أطراف من أشخاص القانون العام أو القانون الخاص أيًّا كانت طبيعة العلاقة القانونية التي يدور حولها النزاع، إذا كان هذا التحكيم يجري في مصر أو كان تحكيمًا تجاريًّا دوليًّا يجري في الخارج واتفق أطرافه على إخضاعه لأحكام هذا القانون" فإن مؤدى ذلك أن المشرع قصر تطبيق أحكام قانون التحكيم رقم 27 لسنة 1994 المشار إليه على التحكيمات التي تجري في مصر دون تلك التي تجري في الخارج ما لم يكن تحكيمًا تجاريًّا دوليًّا واتفق أطرافه على إخضاعه لأحكام هذا القانون.

2- المقرر –قي قضاء محكمة النقض- أن النص في المادة الثانية من القانون (رقم 27 لسنة 1994 بشأن التحكيم في المواد المدنية والتجارية) على أن التحكيم يكون تجاريًّا في حكم هذا القانون إذا نشأ النزاع حول علاقة قانونية ذات طابع اقتصادي عقدية كانت أو غير عقدية، ويشمل ذلك على سبيل المثال توريد السلع أو الخدمات والوكالات التجارية وعقود التشييد والخبرة الهندسية أو الفنية ومنح التراخيص الصناعية والسياحية وغيرها ونقل التكنولوجيا والاستثمار وعقود التنمية وعمليات البنوك والتأمين والنقل وعمليات تنقيب واستخراج الثروات الطبيعية وتوريد الطاقة ومد أنابيب الغاز أو النفط وشق الطرق والأنفاق واستصلاح الأراضي الزراعية وحماية البيئة وإقامة المفاعلات النووية، وأنه وبموجب نص المادة الثالثة من ذات القانون يكون التحكيم دوليًّا إذا كان موضوعه نزاعًا يتعلق بالتجارة الدولية، وذلك في الأحوال الآتية: أولًا: إذا كان المركز الرئيسي لأعمال كل من طرفي التحكيم يقع في دولتين مختلفتين وقت إبرام اتفاق التحكيم، فإذا كان لأحد الطرفين عدة مراكز للأعمال، فالعبرة بالمركز الأكثر ارتباطًا بموضوع اتفاق التحكيم، وإذا لم يكن لأحد طرفي التحكيم مركز أعمال، فالعبرة بمحل إقامته المعتاد، ثانيًا: إذا اتفق طرفا التحكيم على اللجوء إلى منظمة تحكيم دائمة أو مركز للتحكيم يوجد مقره داخل جمهورية مصر العربية أو خارجها، ثالثًا: إذا كان موضوع النزاع الذي يشمله اتفاق التحكيم يرتبط بأكثر من دولة واحدة، رابعًا: إذا كان المركز الرئيسي لأعمال كل من طرفي التحكيم يقع في نفس الدولة وقت إبرام اتفاق التحكيم، وكان أحد الأماكن التالية واقعًا خارج هذه الدولة: (أ) مكان إجراء التحكيم كما عينه اتفاق التحكيم أو أشار إلى كيفية تعيينه، (ب) مكان تنفيذ جانب جوهري من الالتزامات الناشئة عن العلاقة التجارية بين الطرفين، (ج) المكان الأكثر ارتباطًا بموضوع النزاع.

3- إن كان حكم التحكيم محل المنازعة والمطلوب تنفيذه في جمهورية مصر العربية هو حكم تحكيم تجاري دولي؛ باعتباره حكمًا صادرًا من مؤسسة تحكيم دائمة (محكمة التحكيم الدولي في منازعات الرياضة (Tribunal Arbitral du Sport) بلوزان بسويسرا) يقع مقرها خارج مصر بين طرفين أحدهما مصري يقع المركز الرئيسي لأعماله في مصر وآخر شركة مساهمة سويسرية الجنسية يقع مقرها الرئيسي في مدينة لوزان بسويسرا، وكان النزاع يدور حول التزامات عقدية نشأ عنها حقوق مالية ذات طابع اقتصادي، إلا أنه لا تسري بشأنه أحكام القانون رقم 27 لسنة 1994 بشأن التحكيم في المواد المدنية والتجارية؛ كونه قد خلا من اتفاق طرفيه على إعمال أحكام قانون التحكيم سالف البيان على ما استوجبته الفقرة الأولى من المادة الأولى من قانون التحكيم سالف البيان.

4- المقرر –قي قضاء محكمة النقض- أنه لما كانت مصر قد انضمت إلى اتفاقية نيويورك 1958 بشأن الاعتراف بأحكام التحكيم الأجنبية وتنفيذها بموجب القرار الجمهوري رقم 171 لسنة 1959، وبذلك أصبحت جزءًا من التشريع المصري نافذة اعتبارًا من 8/6/1959.

5- المقرر –قي قضاء محكمة النقض- أن نص المادة الثالثة من تلك الاتفاقية (اتفاقية نيويورك 1958 بشأن الاعتراف بأحكام التحكيم الأجنبية وتنفيذها) على أن "تعترف كل من الدول المتعاقدة بحجية حكم التحكيم وتأمر بتنفيذه طبقًا لقواعد المرافعات المتبعة في الإقليم المطلوب إليه التنفيذ وطبقًا للشروط المنصوص عليها في المواد التالية، ولا تفرض للاعتراف أو تنفيذ أحكام المحكمين التي تطبق عليها أحكام الاتفاقية الحالية شروط أكثر شدة ولا رسوم قضائية أكثر ارتفاعًا بدرجة ملحوظة من تلك التي تفرض للاعتراف وتنفيذ أحكام المحكمين الوطنيين".

6- المقرر –قي قضاء محكمة النقض- أن قانون المرافعات المصري قد تضمن في الفصل الرابع من الباب الأول من الكتاب الثاني منه قواعد وإجراءات تنفيذ الأحكام والأوامر والسندات الرسمية الأجنبية في مصر، ونص في المادة 299 منه على سريان تلك الأحكام على أحكام المحكمين الصادرة في بلد أجنبي مستوجبًا أن يكون التحكيم صادرًا في مسألة يجوز فيها التحكيم طبقًا للقانون المصري، وفي المادة 301 منه على أن العمل بالقواعد المنصوص عليها في المواد السابقة لا يخل بأحكام المعاهدات المعقودة أو التي تعقد بين الجمهورية وبين غيرها من الدول في هذا الشأن.

7- المقرر –قي قضاء محكمة النقض- أن اتفاقية نيويورك (اتفاقية نيويورك 1958 بشأن الاعتراف بأحكام التحكيم الأجنبية وتنفيذها) تلقى التزامًا على الدول المتعاقدة أن تطبق على تنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية القواعد الأكثر يسرًا والتي تطبق على أحكام المحكمين الصادرة بالدولة المتعاقدة.

8- المقرر –قي قضاء محكمة النقض- أن طلب الأمر بالتنفيذ (تنفيذ الأحكام والأوامر والسندات الرسمية الأجنبية في مصر) وفقًا لحكم المادة 297 من قانون المرافعات المصري يقدم إلى المحكمة الابتدائية التي يراد التنفيذ في دائرتها، وذلك بالأوضاع المعتادة لرفع الدعوى.

9- المقرر –قي قضاء محكمة النقض- أن تنفيذ أحكام المحكمين -وفق نصوص القانون رقم 27 لسنة 1994 المعدل سالف البيان طبقًا للمواد 9، 56، 58- يتم بطلب استصدار أمر على عريضة بالتنفيذ إلى رئيس محكمة استئناف القاهرة، ويصدر الأمر بعد التحقق من عدم معارضة حكم التحكيم المطلوب تنفيذه مع حكمٍ سبق صدوره في مصر، وأنه لا يتضمن ما يخالف النظام العام، وتمام الإعلان الصحيح، مما مفاده أن التنفيذ -وفقًا للمواد المشار إليها- يتم بأمر على عريضة، ويتم التظلم منه إلى محكمة استئناف القاهرة، وهي إجراءات أكثر يسرًا من تلك الواردة في قانون المرافعات المدنية والتجارية يتعين إعمالها على إجراءات تنفيذ حكم التحكيم الأجنبي محل المنازعة، وهو ما يتفق ومؤدى التزامات جمهورية مصر العربية المترتبة على تصديقها على اتفاقية نيويورك لسنة 1958 بشأن تنفيذ أحكام المحكمين الأجنبية، والتي تُعد قانونًا واجب التطبيق في مصر حتى ولو تعارضت أحكامها مع قانون المرافعات. ويكون الحكم المطعون فيه، وإذ خالف هذا النظر قد جاء معيبًا بالقصور في التسبيب الذي أدى به إلى الخطأ في تطبيق القانون.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المحكمــة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع التقرير الـذي تـلاه السيد القاضي المقرر، والمرافعة، وبعد المداولة.

حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.

وحيث إن الوقائع -على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق- تتحصل في أن الطاعن بصفته أقام الدعوى التحكيمية رقم ... (T.A.S) بمحكمة التحكيم الدولي في منازعات الرياضة (Tribunal Arbitral du Sport) بلوزان بسويسرا ضد المطعون ضده بصفته، والتي صدر فيها الحكم بتاريخ 27/7/2010، وقد تم إيداع أصل الحكم التحكيمي وترجمة منه للغة العربية وأصل مشارطة التحكيم بقلم كتاب محكمة استئناف القاهرة وقُيد برقم ... لسنة 122 ق بتاريخ 29/7/2015، تقدم بطلب إلى السيد رئيس محكمة استئناف القاهرة قُيد برقم ... لسنة 132 ق لوضع الصيغة التنفيذية عليه، وإذ رفض الطلب بتاريخ 15/11/2015، فتظلم من القرار، وقُيد التظلم برقم ... لسنة 132 ق، بتاريخ 20/1/2016 قضت المحكمة بقبول التظلم شكلًا وفي الموضوع برفضه. طعن الطاعن بصفته في هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة العامة مذكرةً أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عُرض الطعن على هذه المحكمة -في غرفة مشورة- حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.

وحيث إن الطاعن بصفته ينعى على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه في سببين حاصلهما أن الحكم المطعون فيه رفض تظلم الطاعن بصفته من رفض تذييل حكم التحكيم محل الدعوى بالصيغة التنفيذية من قِبل القاضي المنصوص عليه بالمادة التاسعة من قانون التحكيم في المواد المدنية والتجارية رقم 27 لسنة 1994؛ كون حكم التحكيم صادرًا في تحكيم رياضي ليس تحكيمًا تجاريًّا يدخل في اختصاص القاضي المقرر بنص المادة التاسعة المشار إليه، رغم كون هذا الحكم صدر أولًا بين أحد الشركات المساهمة، وهي الشركة الطاعنة، وأن موضوع التحكيم يتعلق بعملها كشركة تجارية، ومن ثم فهو عمل تجاري، فضلًا عن أن هذه العلاقة علاقة قانونية ذات طابع اقتصادي عملًا بالمادة الثانية من ذات القانون، فضلًا عن كون حكم التحكيم صادرًا في نزاع يتعلق بالتجارة -على ما سلف بيانه- وصدر من منظمة تحكيم دائمة (بسويسرا)، وأن المركز الرئيسي لطرفي التحكيم هو في دولتين مختلفتين، بما يكون معه حكم التحكيم صادرًا في تحكيم تجاري دولي عملًا بالمادة الثالثة من قانون رقم 27 لسنة 1994 المشار إليه يختص بتذييله بالصيغة التنفيذية قاضي المادة التاسعة من قانون 27 لسنة 1994 المشار إليه، الأمر الذي يجعل الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه، بما يعيبه ويستوجب نقضه.

وحيث إن هذا النعي في أساسه سديدٌ؛ ذلك أن المقرر بنص الفقرة الأولى من المادة الأولى من القانون رقم 27 لسنة 1994 المعدل بشأن التحكيم في المواد المدنية والتجارية أنه "مع عدم الإخلال بأحكام الاتفاقيات الدولية المعمول بها في جمهورية مصر العربية تسري أحكام هذا القانون على كل تحكيم بين أطراف من أشخاص القانون العام أو القانون الخاص أيًا كانت طبيعة العلاقة القانونية التي يدور حولها النزاع، إذا كان هذا التحكيم يجري في مصر أو كان تحكيمًا تجاريًّا دوليًّا يجري في الخارج واتفق أطرافه على إخضاعه لأحكام هذا القانون" فإن مؤدى ذلك أن المشرع قصر تطبيق أحكام قانون التحكيم رقم 27 لسنة 1994 المشار إليه على التحكيمات التي تجري في مصر دون تلك التي تجري في الخارج ما لم يكن تحكيمًا تجاريًّا دوليًّا واتفق أطرافه على إخضاعه لأحكام هذا القانون. لمَّا كان ذلك، وكان المقرر بنص المادة الثانية من القانون سالف البيان أن التحكيم يكون تجاريًّا في حكم هذا القانون إذا نشأ النزاع حول علاقة قانونية ذات طابع اقتصادي عقديةً كانت أو غير عقديةٍ، ويشمل ذلك على سبيل المثال توريد السلع أو الخدمات والوكالات التجارية وعقود التشييد والخبرة الهندسية أو الفنية ومنح التراخيص الصناعية والسياحية وغيرها ونقل التكنولوجيا والاستثمار وعقود التنمية وعمليات البنوك والتأمين والنقل وعمليات تنقيب واستخراج الثروات الطبيعية وتوريد الطاقة ومد أنابيب الغاز أو النفط وشق الطرق والأنفاق واستصلاح الأراضي الزراعية وحماية البيئة وإقامة المفاعلات النووية، وأنه وبموجب نص المادة الثالثة من ذات القانون يكون التحكيم دوليًّا إذا كان موضوعه نزاعًا يتعلق بالتجارة الدولية، وذلك في الأحوال الآتية: أولًا: إذا كان المركز الرئيسي لأعمال كل من طرفي التحكيم يقع في دولتين مختلفتين وقت إبرام اتفاق التحكيم، فإذا كان لأحد الطرفين عدة مراكز للأعمال، فالعبرة بالمركز الأكثر ارتباطًا بموضوع اتفاق التحكيم، وإذا لم يكن لأحد طرفي التحكيم مركز أعمال، فالعبرة بمحل إقامته المعتاد، ثانيًا: إذا اتفق طرفا التحكيم على اللجوء إلى منظمة تحكيم دائمة أو مركز للتحكيم يوجد مقره داخل جمهورية مصر العربية أو خارجها، ثالثًا: إذا كان موضوع النزاع الذي يشمله اتفاق التحكيم يرتبط بأكثر من دولة واحدة، رابعًا: إذا كان المركز الرئيسي لأعمال كل من طرفي التحكيم يقع في نفس الدولة وقت إبرام اتفاق التحكيم وكان أحد الأماكن التالية واقعًا خارج هذه الدولة: (أ) مكان إجراء التحكيم كما عينه اتفاق التحكيم أو أشار إلى كيفية تعيينه، (ب) مكان تنفيذ جانب جوهري من الالتزامات الناشئة عن العلاقة التجارية بين الطرفين، (ج) المكان الأكثر ارتباطًا بموضوع النزاع. لمَّا كان ذلك، وإن كان حكم التحكيم محل المنازعة والمطلوب تنفيذه في جمهورية مصر العربية هو حكم تحكيم تجاري دولي؛ باعتباره حكمًا صادرًا من مؤسسة تحكيم دائمة يقع مقرها خارج مصر بين طرفين أحدهما مصري يقع المركز الرئيسي لأعماله في مصر وآخر شركة مساهمة سويسرية الجنسية يقع مقرها الرئيسي في مدينة لوزان بسويسرا، وكان النزاع يدور حول التزامات عقدية نشأ عنها حقوق مالية ذات طابع اقتصادي، إلا أنه لا تسري بشأنه أحكام القانون رقم 27 لسنة 1994 بشأن التحكيم في المواد المدنية والتجارية؛ كونه قد خلا من اتفاق طرفيه على إعمال أحكام قانون التحكيم سالف البيان على ما استوجبته الفقرة الأولى من المادة الأولى من قانون التحكيم سالف البيان، إلا أنه ولمَّا كانت مصر قد انضمت إلى اتفاقية نيويورك 1958 بشأن الاعتراف بأحكام التحكيم الأجنبية وتنفيذها بموجب القرار الجمهوري رقم 171 لسنة 1959، وبذلك أصبحت جزءًا من التشريع المصري نافذة اعتبارًا من 8/6/1959، وكان نص المادة الثالثة من تلك الاتفاقية على أن "تعترف كل من الدول المتعاقدة بحجية حكم التحكيم وتأمر بتنفيذه طبقًا لقواعد المرافعات المتبعة في الإقليم المطلوب إليه التنفيذ وطبقًا للشروط المنصوص عليها في المواد التالية، ولا تفرض للاعتراف أو تنفيذ أحكام المحكمين التي تطبق عليها أحكام الاتفاقية الحالية شروط أكثر شدةً ولا رسوم قضائية أكثر ارتفاعًا بدرجة ملحوظة من تلك التي تفرض للاعتراف وتنفيذ أحكام المحكمين الوطنيين"، وكان قانون المرافعات المصري قد تضمن في الفصل الرابع من الباب الأول من الكتاب الثاني منه قواعد وإجراءات تنفيذ الأحكام والأوامر والسندات الرسمية الأجنبية في مصر، ونص في المادة 299 منه على سريان تلك الأحكام على أحكام المحكمين الصادرة في بلد أجنبي مستوجبًا أن يكون التحكيم صادرًا في مسألة يجوز فيها التحكيم طبقًا للقانون المصري، وفي المادة 301 منه على أن العمل بالقواعد المنصوص عليها في المواد السابقة لا يخل بأحكام المعاهدات المعقودة أو التي تعقد بين الجمهورية وبين غيرها من الدول في هذا الشأن، وكان مؤدى ما سلف من قواعد ونصوص أن اتفاقية نيويورك سالفة البيان تلقى التزامًا على الدول المتعاقدة أن تطبق على تنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية القواعد الأكثر يسرًا، والتي تطبق على أحكام المحكمين الصادرة بالدولة المتعاقدة، وكان طلب الأمر بالتنفيذ -وفقًا لحكم المادة 297 من قانون المرافعات المصري- يقدم إلى المحكمة الابتدائية التي يراد التنفيذ في دائرتها، وذلك بالأوضاع المعتادة لرفع الدعوى، وكان تنفيذ أحكام المحكمين -وفق نصوص القانون رقم 27 لسنة 1994 المعدل سالف البيان طبقًا للمواد 9، 56، 58- يتم بطلب استصدار أمر على عريضة بالتنفيذ إلى رئيس محكمة استئناف القاهرة، ويصدر الأمر بعد التحقق من عدم معارضة حكم التحكيم المطلوب تنفيذه مع حكم سبق صدوره في مصر، وأنه لا يتضمن ما يخالف النظام العام، وتمام الإعلان الصحيح، مما مفاده أن التنفيذ -وفقًا للمواد المشار إليها- يتم بأمر على عريضة، ويتم التظلم منه إلى محكمة استئناف القاهرة، وهي إجراءات أكثر يسرًا من تلك الواردة في قانون المرافعات المدنية والتجارية يتعين إعمالها على إجراءات تنفيذ حكم التحكيم الأجنبي محل المنازعة، وهو ما يتفق ومؤدى التزامات جمهورية مصر العربية المترتبة على تصديقها على اتفاقية نيويورك لسنة 1958 بشأن تنفيذ أحكام المحكمين الأجنبية، والتي تُعد قانونًا واجب التطبيق في مصر حتى ولو تعارضت أحكامها مع قانون المرافعات، ويكون الحكم المطعون فيه -وإذ خالف هذا النظر- قد جاء معيبًا بالقصور في التسبيب الذي أدى به إلى الخطأ في تطبيق القانون، بما يوجب نقضه على أن يكون مع النقض الإحالة.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 300 لسنة 58 ق جلسة 20 / 2 / 1989 مكتب فني 40 ق 42 ص 262

جلسة 20 من فبراير سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ محمد أحمد حمدي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مقبل شاكر نائب رئيس المحكمة ومجدي الجندي وحامد عبد الله وفتحي الصباغ.

-----------------

(42)
الطعن رقم 300 لسنة 58 القضائية

محكمة دستورية. شريعة إسلامية. قانون "تفسيره" "تطبيقه".
القضاء بعدم دستورية نص جنائي. أثره؟
اعتبار الأحكام الصادرة استناداً إلى ذلك النص. كأن لم تكن. أساس ذلك؟
مثال.

--------------
لما كانت المادة الخامسة مكرراً من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 44 لسنة 1979 قد أوجبت على المطلق أن يعلن مطلقته بوقوع الطلاق الواقع في غيبتها وبإعلان على يد محضر لشخصها أو في محل إقامتها وقضت على عقابه في حالة المخالفة بالعقوبة الواردة بالمادة 23 مكرراً من ذات القانون سالف البيان - إلا أنه بعد صدور الحكم المطعون فيه - قضت المحكمة الدستورية العليا في الدعوى رقم 28 لسنة 2 ق "دستورية" وبتاريخ 4 من مايو سنة 1985 بعدم دستورية القرار بقانون 44 سنة 1979 بتعديل بعض أحكام قانون الأحوال الشخصية وتم نشر الحكم بالجريدة الرسمية في 16 من مايو سنة 1985 وأنه لما كان ذلك وكانت المادة 49 من القانون 48 سنة 1979 بإصدار قانون المحكمة الدستورية العليا. قد نصت في فقرتها الرابعة على أنه إذا كان الحكم بعدم الدستورية متعلقاً بنص جنائي تعتبر الأحكام التي صدرت بالإدانة استناداً إلى ذلك النص كأن لم تكن. وعلى ذلك فإن الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا. بعدم دستورية القرار بقانون 44 سنة 1979 ومن بين أحكامه النص الذي - عوقب الطاعن بمقتضاه - يعد غير دستوري ومن ثم فإنه بإنكار القيمة القانونية لنص التجريم يتجرد من الوجود القانوني فلا يكون الفعل مؤثماً جنائياً.


الوقائع

أقامت المدعية بالحقوق المدنية دعواها بطريق الادعاء المباشر ضد الطاعن أمام محكمة جنح المعادي بوصف أنه قام بتطليقها في غيبتها دون أن يعلنها بهذا الطلاق مع شخصها أو في محل إقامتها. وطلبت عقابه بالمادتين 5 مكرراً، 23 مكرراً من القانون 25 لسنة 1929 المعدل بالقانون 44 لسنة 1979 وإلزامه بأن يؤدي لها مبلغ 51 على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً اعتبارياً عملاً بمادتي الاتهام بتغريم المتهم مائة جنيه وفي الدعوى المدنية بإلزامه بأن يؤدي للمدعية بالحق المدني مبلغ 51 على سبيل التعويض المؤقت. استأنف ومحكمة جنوب القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
فطعن الأستاذ...... المحامي نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

من حيث إنه وإن كانت المادة الخامسة مكرراً من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 44 لسنة 1979 قد أوجبت على المطلق أن يعلن مطلقته بوقوع الطلاق الواقع في غيبتها وبإعلان على يد محضر لشخصها أو في محل إقامتها وقضت على عقابه في حالة المخالفة بالعقوبة الواردة بالمادة 23 مكرراً من ذات القانون سالف البيان - إلا أنه بعد صدور الحكم المطعون فيه - قضت المحكمة الدستورية العليا في الدعوى رقم 28 لسنة 2 ق "دستورية" وبتاريخ 4 من مايو سنة 1985 بعدم دستورية القرار بقانون 44 سنة 1979 بتعديل بعض أحكام قانون الأحوال الشخصية وتم نشر الحكم بالجريدة الرسمية في 16 من مايو سنة 1985 وأنه لما كان ذلك وكانت المادة 49 من القانون 48 سنة 1979 بإصدار قانون المحكمة الدستورية العليا. قد نصت في فقرتها الرابعة على أنه إذا كان الحكم بعدم الدستورية متعلقاً بنص جنائي تعتبر الأحكام التي صدرت بالإدانة استناداً إلى ذلك النص كأن لم تكن. وعلى ذلك فإن الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا. بعدم دستورية القرار بقانون 44 سنة 1979 ومن بين أحكامه النص الذي - عوقب الطاعن بمقتضاه - يعد غير دستوري ومن ثم فإنه بإنكار القيمة القانونية لنص التجريم يتجرد من الوجود القانوني فلا يكون الفعل مؤثماً جنائياً ومن ثم لا تكون له الصفة المشروعة ويتعين لذلك نقض الحكم المطعون فيه وإلغاء الحكم المستأنف وبراءة الطاعن مما أسند إليه.