الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 1 أبريل 2023

الطعن 41 لسنة 31 ق جلسة 16 / 11 / 1965 مكتب فني 16 ج 3 ق 168 ص 1082

جلسة 16 من نوفمبر سنة 1965

برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمد عبد اللطيف، وأحمد حسن هيكل، وأمين فتح الله، والسيد عبد المنعم الصراف.

-----------------

(168)
الطعن رقم 41 لسنة 31 القضائية

(أ) مسئولية. "مسئولية جهة الإدارة عن إدارة المرافق العامة". "مسئولية تقصيرية". مرافق عامة.
حرية جهة الإدارة في إدارة المرافق العامة لا تمنع القضاء من تقرير مسئوليتها عن الضرر الذي يصيب الغير نتيجة إهمالها أو تقصيرها في تنظيم شئون المرفق العام والإشراف عليه.
(ب) مسئولية. "ما يدفع المسئولية". "سبب أجنبي".
ثبوت حصول الضرر نتيجة خطأ تابع الوزارة رغم الجهالة به. استخلاص الحكم بأسباب سائغة أن هذا الفاعل ليس أجنبياً عن طرفي المشاجرة التي نشبت بين عمال مصلحة السكة الحديد ومستخدميها العاملين بالقطار وعدم تطبيقه حكم المادة 165 مدني. لا خطأ.

---------------
1 - وإن كان لجهة الإدارة حرية إدارة المرافق العامة وحق تنظيمها والإشراف عليها إلا أن ذلك لا يمنع المحاكم - على ما جرى به قضاء محكمة النقض - من حق التدخل لتقرير مسئولية الإدارة عن الضرر الذي يصيب الغير متى كان ذلك راجعاً إلى إهمالها أو تقصيرها في تنظيم شئون المرفق العام أو الإشراف عليه.
2 - متى كان مفاد ما قرره الحكم أن إصابة المطعون ضدها جاءت نتيجة لخطأ تابعي الطاعنة (وزارة المواصلات) من مستخدمين وعمال وأنه رغم الجهالة بالفاعل الذي ألقى بالحجر الذي أصاب المطعون عليها فأفقدها إبصار أحد عينيها فقد قطع الحكم في نطاق سلطته الموضوعية وبأسباب سائغة بأن هذا الفاعل ليس أجنبياً عن طرفي المشاجرة التي نشبت بين عمال مصلحة السكك الحديد ومستخدميها العاملين بالقطار فإن النعي على الحكم خطأه في تطبيق المادة 165 من القانون المدني يكون على غير أساس.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليها أقامت أصلاً الدعوى رقم 1443 لسنة 1953 أمام محكمة الدرب الأحمر الجزئية ضد الطاعنة وقالت شرحاً لدعواها إنه بتاريخ 23/ 8/ 1951 كانت تركب القطار المتجه من القاهرة إلى ميت غمر، كان به بعض الركاب من عمال مصلحة السكة الحديد يركبون بغير تذاكر، وقد حرر كمساري القطار لبعضهم المحاضر وسلمهم بمحطتين متعاقبتين، ولما وصل القطار إلى محطة سند نهور وأراد الكمساري تحرير المحاضر للباقين وتسليمهم بالمحطة قاوموه وحدثت مشاجرة بينهم وبين مستخدمي القطار وأخذت مقاومتهم مظهر قذف القطار بالحجارة فأصابها حجر في عينها اليسرى إصابة أفقدتها الإبصار وقيدت الواقعة برقم 1123 سنة 1951 جنايات بنها ضد مجهول، وطلبت المطعون عليها الحكم بإلزام الطاعنة - وزارة المواصلات - بأن تدفع لها مبلغ 5000 ج تعويضاً لها عما لحقها من ضرر، وقضت المحكمة بإلزام الطاعنة بأن تدفع للمطعون عليها مبلغ 1000 ج، فاستأنفت الطاعنة هذا الحكم لدى محكمة القاهرة الابتدائية التي قضت بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم اختصاص محكمة الدرب الأحمر بنظر الدعوى وإحالتها إلى محكمة القاهرة الابتدائية حيث قيدت بجدولها برقم 3154 سنة 1953 كلي مصر وصممت المطعون عليها أمامها على طلباتها، وفي 31/ 5/ 1959 حكمت المحكمة بإلزام الطاعنة بأن تدفع للمطعون عليها مبلغ 1000 ج، استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 1124 سنة 76 ق القاهرة طالبة أصلياً الحكم بسقوط الدعوى بالتقادم واحتياطياً برفضها، كما استأنفته المطعون عليها بالاستئناف رقم 1453 سنة 77 ق فرعي القاهرة وطلبت تعديل الحكم إلى مبلغ 5000 ج، وفي 27/ 12/ 1960 حكمت المحكمة برفض الاستئنافين وتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض بتقرير في 23/ 1/ 1961، وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 30/ 5/ 1964 وفيها صممت النيابة على ما جاء بمذكرتها التي طلبت فيها رفض الطعن، وقررت دائرة الفحص إحالة الطعن إلى هذه الدائرة وبالجلسة المحددة لنظره تمسكت النيابة برأيها السابق.
وحيث إن الطعن بني على أسباب ثلاثة، حاصل السبب الأول منها أن الحكم المطعون فيه شابه البطلان لتناقض أسبابه ومخالفته الثابت بالأوراق والقصور في التسبيب من ثلاثة أوجه (الأول) أن الحكم عند تحصيله الوقائع نفى حصول اشتباك بين موظفي القطار والعمال الذين كانوا يركبونه بدون تذاكر عندما قرر أنه لما أراد موظفو القطار إمساك العمال نزل هؤلاء عند أول محطة وأخذوا يقذفون القطار بالحجارة، وأن إصابة المطعون عليها نتجت عن رد الفعل الذي قام لدى هؤلاء العمال عند محاولة موظفي المصلحة الإمساك بهم - إلا أن الحكم عاد فأرجع سبب الإصابة إلى وقوع اشتباك بين رجال القوة الضئيلة المرافقة للقطار عندما أرادت مطاردة العدد الكبير من العمال الذين كانوا يركبونه بالمخالفة للوائح. وفي نفي الحكم حصول تشابك ثم استناده في قضائه إلى حصوله تناقض يفسده (والثاني) أن الحكم إذ قرر بوقوع اشتباك بين موظفي القطار والعمال بسبب مطالبتهم بالأجرة قد خالف الثابت بالأوراق ذلك أن الثابت بها أن العمال قد نزلوا من القطار بعد مطالبتهم في أول محطة وقف بها وأخذوا يقذفونه بالحجارة وذلك لحقدهم على موظفي المصلحة مما يجعل الاعتداء منبت الصلة عن المطالبة بالأجرة وينفي علاقة السببية بين المشاجرة والإصابة (والثالث) أن الحكم لم يرد على دفاع الطاعنة الذي أبدته أمام محكمة الاستئناف في خصوص إسناد الخطأ إلى المطعون عليها لأنها أطلت من نافذة القطار فعرضت نفسها للخطر وفي ذلك قصور يفسد الحكم.
وحيث إن هذا النعي مردود في وجهه الأول بأن الحكم المطعون فيه إذ جاء في تقريراته الواقعية "أن الثابت من أوراق تحقيقات الجناية 1443 سنة 1951 مركز بنها المتضمن أن بعضاً من عمال السكة الحديد كانوا يركبون القطار بدون تذاكر خلافاً للأنظمة واللوائح وعندما جرت مطالبتهم وأراد موظفوا القطار والقوة المرافقة الإمساك بالعمال لتحرير محاضر بمخالفاتهم انتهزوا فرصة وقوف القطار عند أول محطة ونزلوا بالرصيف وأخذوا يقذفون القطار وموظفيه بالحجارة فأصابت إحداها عين المستأنف ضدها - المطعون عليها - مما نجم عنه فقد إبصارها" ثم قرر الحكم بعد ذلك "إن الحادث حصل نتيجة اشتباك وقع بين رجال القوة الضئيلة المرافقة للقطار والمؤلفة من خمسة أفراد عندما أرادت مطاردة ذلك العدد الكبير من عمال ذات المصلحة المتمردين عليها" فإنه لا يكون قد تناقض في أسبابه ذلك أن التقرير الثاني يعتبر تحصيلاً من الحكم مكملاً للأول ومستخلصاً منه، فكل من التقريرين يتضمن واقعة عدم امتثال العمال لموظفي القطار عندما أرادوا تحرير محاضر مخالفات لهم وتسليمهم بالمحطة بسبب ركوبهم بدون تذاكر، وما ترتب على ذلك من مطاردة موظفي القطار للعمال للإمساك بهم ومقاومة هؤلاء لهم بقذف القطار بالحجارة، ومردود في وجهه الثاني بأن ما حصله الحكم من أن الحادث وقع بسبب أن بعضاً من العمال كانوا يركبون القطار بدون تذاكر لمطالبتهم بقيمتها - هو تحصيل منه لوقائع الدعوى الثابتة من أوراق التحقيقات كلها وإذ لم تقدم الطاعنة إلا صورة رسمية من تحقيقات النيابة دون محضر ضبط الواقعة المحرر بمعرفة رجال الشرطة فإن النعي في هذا الخصوص يكون عار عن الدليل، ومردود في وجهه الثالث بأن الحكم المطعون فيه وقد أقام قضاءه على أن الحادث وقع نتيجة شجار بين رجال القوة المرافقة للقطار والعمال وأن علاقة السببية متوافرة بين حادث الشجار وإصابة المطعون عليها، ومسئولية الإدارة قائمة في عدم اتخاذ الحيطة الكافية وتسرعها في مطاردة العمال دون تفكير بالنتائج التي قد يتطور إليها الحادث يكون قد أقام قضاءه على أسباب كافية لحمله فلا عليه بعد ذلك إن هو لم يتعقب جميع أوجه دفاع الخصوم والرد على كل منها استقلالاً.
وحيث إن حاصل السبب الثاني أن الحكم المطعون فيه خالف القانون إذ أقام قضاءه في مساءلة الطاعنة على أن القوة التي كانت بالقطار ضئيلة، وأن الإدارة لم تتخذ الحيطة الكافية لدرء ما عسى أن يقع من العدد الكبير من العمال المخالفين لأنظمتها ذلك أن تنظيم المرافق العامة منوط بالسلطة التنفيذية وحدها وليس للمحاكم مراجعتها فيه وإلا تكون قد خرجت عن اختصاصها وخالفت مبدأ فصل السلطات هذا بجانب ما ثبت من أن عدد موظفي القطار كان كافياً لأداء المهمة المنوط بهم أداؤها، وأنهم قاموا بها فعلاً وأنزلوا الركاب المخالفين في محطتي شبرا وقليوب ولم يقع الحادث إلا بسبب حقد العمال الذين أنزلوا من القطار بمحطة سندنهور وتجمهرهم خارجه وقذفه بالحجارة.
وحيث إن هذا النعي مردود بأنه وإن كان لجهة الإدارة حرية إدارة المرافق العامة وحق تنظيمها والإشراف عليها, إلا أن ذلك لا يمنع المحاكم - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - من حق التدخل لتقرير مسئولية الإدارة عن الضرر الذي يصيب الغير متى كان ذلك راجعاً إلى إهمالها أو تقصيرها في تنظيم شئون المرفق العام أو الإشراف عليه، وإذ أقام الحكم قضاءه بمساءلة الطاعنة تأسيساً على ما استظهره من تحقق الخطأ في جانبها بقوله "إن الحادث حصل نتيجة اشتباك وقع بين رجال القوة الضئيلة المرافقة للقطار والمؤلفة من خمسة أفراد عندما أرادت مطاردة ذلك العدد الكبير من عمال ذات المصلحة المتمردين عليها، وعليه تكون علاقة السببية بين حادث الشجار والإصابة التي أفقدت إبصار عين المستأنف عليها واضح لا لبس فيه، ومسئولية الإدارة قائمة في عدم اتخاذ الحيطة الكافية مقابل ذلك العدد الكبير من العمال المخالفين لأنظمتها، وأن عدم تقدير تلك القوة الضئيلة المرافقة للقطار لحقيقة الموقف وتسرعها في مطاردة العمال دون تفكير بالنتائج التي قد تتطور إليه هو وجه مساءلة الإدارة عن الحادث..." وكان هذا الذي قرره الحكم قد استخلصه في حدود سلطته التقديرية من وقائع الدعوى وأوراقها، وهو استخلاص سائغ يؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها من مساءلة الطاعنة عن الحادث، لما كان ذلك، فإن النعي على الحكم بمخالفة القانون على النحو الذي تثيره الطاعنة يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل السبب الثالث أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون، وتقول الطاعنة في بيان ذلك أنه يشترط طبقاً للمادة 163 من القانون المدني أن يكون الفعل الذي سبب الضرر للغير فعلاً خاطئاً، وإذ لم يقع من الطاعنة أو أحد موظفيها أي خطأ في حق المطعون عليها على النحو الوارد بالسبب الثاني من أسباب الطعن، وانتفى ركن الخطأ فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أخطأ في تطبيق المادة 163 السالفة الذكر إذ حصل علاقة السببية بين الخطأ والضرر مكتفياً في إقامة مسئولية الطاعنة على مجرد وقوع ضرر من فعل لا يعتبر خطأ، كما أخطأ الحكم في تطبيق المادة 165 مدني عندما نفى عن عمال السكة الحديد الذين نزلوا من القطار واعتدوا عليه وصف الغير في حكم هذه المادة، ولم يعتد بأن الضرر قد نشأ عن سببي أجنبي لا يد للطاعنة فيه وبأن الاشتباك الذي حدث بين مستخدمي وعمال المصلحة لا يعتبر سبباً مباشراً لوقوع الحادث بعد مطالبة العمال بالأجرة ونزولهم فعلاً من القطار.
وحيث إن هذا النعي مردود في شقه الأول ذلك أن الطاعنة اتخذت قواماً له انتفاء ركن الخطأ استناداً إلى ما أوردته بالسبب الثاني من أسباب الطعن، وإذ تبين على ما جاء بالرد على هذا السبب أن الخطأ قائم في جانب الطاعنة، فإن النعي في هذا الشق يكون على غير أساس - والنعي مردود في باقي ما ورد بهذا السبب بما سبق الرد به على الوجهين الثاني والثالث من السبب الأول من أسباب الطعن وبما جاء بالحكم المطعون فيه مما أقام عليه قضاءه بمساءلة الطاعنة عن الضرر الذي أصاب المطعون عليها إذ قال "إن فحوى التحقيق الذي اشتملت عليه القضية الجنائية 1443 سنة 1951 الدرب الأحمر قاطع في أن النزاع حصل بين عمال السكة الحديد الذين كانوا يربون على المائتين من جهة وبين موظفي السكة القائمين على قطع التذاكر وقوة المراقبة المرافقة للقطار، وليس من المنطق في شيء أن تسند هذه الإصابة إلى تدخل شخص غريب لا علاقة له بالخلاف الحاصل بين عمال الإدارة وموظفي القطار والتابعين لهذه الإدارة... وأن عدم الاهتداء إلى شخص الفاعل الذي صدرت عنه الحجرة الجانية التي أصابت عين المستأنف ضدها والقول بجهالة الفاعل لا يعني أن الحادث صدر من شخص غريب عن نطاق فئتي الشجار الذي نشب آنئذ بين عمال السكة وموظفيها فلا مجال إذن لإعمال المادة 165 من القانون المدني توصلاً لرفع المسئولية عن الإدارة المستأنفة" ومفاد هذا الذي قرره الحكم أن إصابة المطعون ضدها جاءت نتيجة لخطأ تابعي الطاعنة من مستخدمين وعمال، وأنه رغم الجهالة بالفاعل الذي ألقى بالحجر الذي أصاب المطعون عليها فأفقدها إبصار أحد عينيها فقد قطع الحكم في نطاق سلطته الموضوعية وبأسباب سائغة بأن هذا الفاعل ليس أجنبياً عن طرفي المشاجرة التي نشبت بين عمال مصلحة السكك الحديد ومستخدميها من العاملين بالقطار, ومن ثم يكون النعي بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 27 لسنة 31 ق جلسة 16 / 11 / 1965 مكتب فني 16 ج 3 ق 167 ص 1075

جلسة 16 من نوفمبر سنة 1965

برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: إميل جبران، وأحمد حسن هيكل، وأمين فتح الله، وعثمان زكريا.

------------------

(167)
الطعن رقم 27 لسنة 31 القضائية

مسئولية "مسئولية تقصيرية". ضرر. بطلان. تعويض.
بطلان الإجراء لا يستتبع حتماً المساءلة بالتعويض إلا إذا ترتب عليه ضرر بالمعنى المفهوم في المسئولية التقصيرية. توافر الضرر في معنى المادة 25/ 2 من قانون المرافعات لا يكفي لمغايرته لمعنى الضرر كشرط للحكم بالتعويض.

----------------
بطلان الإجراء لا يستتبع حتماً المساءلة بالتعويض إلا إذا ترتب عليه لمن وقعت المخالفة في حقه ضرر بالمعنى المفهوم في المسئولية التقصيرية ومن ثم لا يكفي توافر الضرر في معنى المادة 25/ 2 من قانون المرافعات الذي يتمخض في ثبوت تخلف الغاية من الإجراء الجوهري الذي نص عليه المشرع إذ أن الضرر بهذا المعنى شرط لترتيب بطلان الإجراء وعدم الاعتداد به وليس للحكم بالتعويض.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعنين أقاما الدعوى رقم 683 سنة 1955 تجاري كلي الإسكندرية ضد محمد عبد الرحمن نصير شخصياً وبصفته مديراً لبنك الأمة العربية وآخرين هم المطعون عليهم يطلبان الحكم بإلزام الأولين في مواجهة الأخير بأن يدفعا لهما متضامنين مبلغ 25884 جنيهاً. وقالا شرحاً لدعواهما إنهما يملكان مع شقيقهما المطعون عليه الثالث مصنعاً لتقشير وتجهيز وتعبئة الفول السوداني وقد رهنوا مقومات محلهم التجاري بما يحويه من سيارات مقابل 9500 جنيه تأميناً للحساب الجاري المفتوح لدى بنك الأمة العربية المطعون عليه الأول - وفي 26/ 2/ 1953 استصدر البنك أمرا من قاضي الأمور المستعجلة بيع مقومات المحل التجاري والسيارات الموجودة به بالمزاد العلني وتعيين المطعون عليه الثاني حارساً عليها مع تكليفه ببيعها، ثم أوقفت إجراءات البيع إثر تقديم المدينين طلباً بالصلح الواقي من الإفلاس، وأقام البنك الدعوى رقم 613 سنة 1953 مستعجل الإسكندرية ضد مدينيه طلب فيها إثبات حالة السيارات المرهونة وتعيين حارس عليها لبيعها وقضى في 10/ 3/ 1953 بندب المطعون عليه الثاني لأداء هذه المهمة، وبعد أن قضى برفض دعوى الصلح استصدر المطعون عليه الثاني أمراً من قاضي الأمور المستعجلة بتحديد يوم 27/ 8/ 1953 لإجراء البيع فأقام الطاعنان والمطعون عليه الثالث إشكالاً قيد برقم 2604 سنة 1953 مستعجل الإسكندرية طلبوا فيه وقف البيع كما استصدروا بتاريخ 26/ 8/ 1953 أمراً من قاضي الأمور الوقتية بوقف البيع حتى يتم الفصل في الإشكال وأعلنوا المطعون عليهما الأولين بهذا الأمر في الساعة العاشرة من صباح يوم 27/ 8/ 1953 المحدد للبيع ولكن المطعون عليهما حررا محضراً برسو المزاد على من يدعى محمد نصر لقاء ثمن قدره 5850 ج ثم أوقفا تنفيذ البيع لصدور الأمر الوقتي بوقف إجراءاته وبعد أن قضى برفض دعوى الإشكال في 8/ 12/ 1953 قام المطعون عليه الثاني بالنشر عن الاستمرار في إجراءات البيع وحدد للمزايدة يوم 14/ 12/ 1953 واتبع ذلك بمزايدة رسا فيها البيع على من كان قد رسا عليه المزاد بجلسة البيع الأولى، مما حدا بالطاعنين إلى استصدار حكم في الدعوى رقم 2622 سنة 1954 مستعجل الإسكندرية بعدم الاعتداد بالبيع وقد صار هذا الحكم نهائياً، وأضاف الطاعنان أن هذا البيع باطل لمخالفته أحكام القانون رقم 11 سنة 1940 الخاص ببيع المحال التجارية ورهنها ولأنه تم نتيجة تواطؤ من المطعون عليهما الأولين وقد لحقهما من ذلك ضرر يقدر بمبلغ 25884 ج منه مبلغ 18884 ج جملة ثمن السيارات حسب مشتراها بعد استنزال مقابل استهلاكها ومبلغ 2000 ج ثمن موجودات بالجراج ومبلغ 5000 ج قيمة ما لحقهما من ضرر. وبتاريخ 24/ 4/ 1956 حكمت محكمة أول درجة برفض الدعوى واستأنف الطاعنان هذا الحكم لدى محكمة استئناف الإسكندرية بالاستئناف رقم 265 سنة 12 ق، وأثناء نظره توفى محمد عبد الرحمن نصير المستأنف عليه الأول وقضى بانقطاع سير الخصومة لوفاته ولما عجلت الدعوى تنازل الطاعنان عن مخاصمة ورثته. ومحكمة الاستئناف قضت بتاريخ 14/ 12/ 1960 بإثبات تنازل الطاعنين عن مخاصمة ورثة محمد عبد الرحمن نصير وبرفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف. وفي 14/ 1/ 1961 طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 16/ 6/ 1964 وفيها صممت النيابة العامة على رأيها الذي أبدته بمذكرتها متضمناً طلب رفض الطعن، وقررت دائرة الفحص إحالة الطعن إلى هذه الدائرة. وبالجلسة المحددة لنظره تمسكت النيابة برأيها السابق.
وحيث إن الطعن أقيم على خمسة أسباب ينعى الطاعنان على الحكم المطعون فيه بالسبب الرابع والوجه الثاني من السبب الخامس مخالفة الثابت في الأوراق والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقولان إن الحكم استند في نفي الضرر عنهما إلى أنهما والمطعون عليه الثالث لم يحركوا ساكناً بعد أن تسلموا الإنذار الذي أرسله إليهم الراسي عليه المزاد في 15/ 12/ 1953 بإبلاغهم بأنه قد رسا عليه مزاد شراء سياراتهم بمبلغ 5850 ج واستعداده للتخلي عنها لهم مقابل دفعهم هذا الثمن، في حين أن الطاعنين والمطعون عليه الثالث ردوا على هذا الإنذار وقدموا إلى المحكمة دليل اعتراضهم وهو إنذار أعلنوه إلى المطعون عليهما الأولين في 17/ 12/ 1953 يتضمن أن البيع الذي جرى يوم 27/ 8/ 1953 بيع باطل وغير منتج لأي أثر، وإذ قرر الحكم أن المطعون عليهم اتخذوا موقفاً سلبياً والتفتوا عن إنذارهم فإنه يكون قد خالف الثابت في الأوراق وجاء مشوباً بالقصور. كما اعتمد الحكم في نفي وقوع ضرر مادي لحق الطاعنين على تقرير قدمه المطعون عليه الثاني في دعوى إثبات الحالة يتضمن أن السيارات وجدت بحالة سيئة مع أن ذلك يخالف الثابت من محاضر تسليم السيارات إلى المطعون عليه الثاني كما يخالف ما قرره هذا الأخير في القضية رقم 1611 سنة 1953 جنح محرم بك من أن حالة السيارات جيدة. فضلاً عن أن الحكم قد استند إلى التقرير المقدم من المطعون عليه الثاني بتقدير قيمة السيارات بمبلغ 3000 جنيه وأطرح ما جاء بتقرير الرقيب في دعوى الصلح الواقي من الإفلاس الذي قدر السيارات بمبلغ 12000 جنيه مما يعيبه بالقصور.
وحيث إنه يبين من الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه وأحال إلى أسبابه أنه أقام قضاءه في نفي الضرر عن الطاعنين على ما قرره من أن "الثابت من تقرير الخبير المعين في دعوى إثبات الحالة أنه وجد بالمحل المرهون - الجراج - خمس سيارات أثبت أنها في حالة سيئة وأقرب إلى التلف منها إلى الإصلاح ثم عثر على خمس أخرى كانت بالطريق... على حالة من السوء تجعلها في حاجة لإصلاح كبير وأن هذه الحالة مردها سوء الاستعمال وكثرته وعدم الصيانة. وقد قدم هذا التقرير في دعوى بين الطرفين ولم يعترض المدعيان - الطاعنان - أو المدعى عليه الثالث - المطعون عليه الثالث - على شيء مما فيه مع أن الظاهر منه أن ثمن السيارات ثلاثة آلاف جنيه فلا محل للتباكي بعد ذلك على قيمة السيارات إزاء رسو المزاد بمبلغ ستة آلاف جنيه وعدم الاعتراض على التقرير في حينه أو عدم حضور المزاد ومما يؤيد هذا الرأي أن المدعى عليه الثاني - المطعون عليه الثاني - قد اشترط على الراسي عليه المزاد ضرورة إخطار المدعى عليه الثالث - المطعون عليه الثالث مدير الشركة الراهنة على حقه في استرداد السيارات إذا دفع في موعد حدده له الثمن الذي رسا به المزاد عليه وقد أعلن هذا الإنذار لشخصه فلم يحرك ساكناً ولو كان في قرارة نفسه يعتقد أن هذا الثمن بخس بالنسبة لحقيقة ثمن السيارات لما وقف هذا الموقف السلبي إما بدفع هذا الثمن واسترداد السيارات أو الاعتراض عليه في حينه". "ولا يقدح في صحة هذا الثمن التقرير المقدم في طلب الصلح الواقي المقدم من المدعى عليه الثالث بأن قيمة هذه السيارات اثنا عشر ألفاً من الجنيهات فإن هذه القيمة دفترية بمعنى أنها نظرية أساسها احتساب الثمن مخصوماً منه 20% كل سنة نظير الاستهلاك ولكن هذا التقدير النظري غالباً ما يكون بعيداً عن الواقع.. وإذا كان تقدير الرقيب أساسه نظري بحت فإن تقرير الخبير في دعوى إثبات الحالة الذي لم يعترض عليه أحد من الخصوم والذي تم على أساس المعاينة الفعلية الواقعية يجعل المحكمة تطمئن إليه وتأخذ به" ويبين من هذا الذي قرره الحكم أنه أقام قضاءه في نفي الضرر على عدم بخس الثمن الذي رسا به المزاد واستند إلى تقرير المطعون عليه بوصفه خبيراً منتدباً في دعوى إثبات الحالة ولم يعول على تقرير الرقيب في طلب الصلح الواقي وأورد الأسباب التي اعتمد عليها في ذلك وهي تؤدي إلى النتيجة التي استخلصها منها، ولما كان تقدير الدليل في الدعوى مما يستقل به قاضي الموضوع فإن النعي على الحكم بالقصور إذ أخذ بتقرير الخبير دون تقرير الرقيب يكون في غير محله. أما ما نعاه الطاعنان على الحكم من مخالفة الثابت في الأوراق حين قرر أنهما لم يحركا ساكناً إزاء الإنذار الذي وجهه إليهما الراسي عليه المزاد فمردود بأن المستفاد من الحكم على ما سلف بيانه أنه لم يعول على هذا الإنذار إذ اعتبره غير متضمن ما يواجه الرد على ما عرضه الراسي عليه المزاد في إنذاره لأنهما لم يدفعا الثمن الذي رسا به المزاد لاسترداد السيارات واتخذ الحكم من ذلك بما له من السلطة في تقدير الأدلة قرينة على اعتقاد الطاعنين بعدم بخس هذا الثمن بالإضافة إلى القرائن الأخرى التي أوردها في هذا الخصوص. وما يقوله الطاعنان من أن ما جاء بتقرير الخبير عن سوء حالة السيارات يخالف الثابت من محاضر التسليم إلى المطعون عليه الثاني هو نعي عار عن الدليل إذ لم يقدم الطاعنان في هذه المحاضر. كذلك النعي بتناقض التقرير فيما أثبته من سوء حالة السيارات على ما شهد به المطعون عليه الثاني في القضية رقم 1611 سنة 1953 جنح محرم بك من أن حالة السيارات جيدة فهو مردود بما هو واضح من تقريرات الحكم في هذا الخصوص من أن شهادة الخبير كانت بصدد نفي تهمتي الإتلاف والتبديد المنسوبتين للمطعون عليه الثالث ولم تكن بصدد تقدير ثمنها..... وحيث إن حاصل الوجه الثالث من السبب الخامس أن الحكم المطعون فيه استند في نفي ثبوت قصد المطعون عليهما الأولين الإضرار بالطاعنين والمطعون عليه الثالث إلى أن المطعون عليه الثاني شهد لصالح المطعون عليه الثالث في القضية رقم 1611 سنة 1953 جنح محرم بك وكان متهماً فيها بالتبديد، ولا يقوم هذا الاستدلال حجة على نفي قصد الإضرار إذ لو شهد المطعون عليه الثاني بغير الحق لعد مرتكباً لجريمة شهادة الزور، وهو ما يعيب الحكم بالقصور.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه وأخذ بأسبابه أقام قضاءه في نفي ادعاء الطاعنين والمطعون عليه الثالث بتواطؤ المطعون عليهما الأولين على الإضرار بهم - على أنهم لم يقدموا أي دليل على ذلك وأن المطعون عليه الثاني شهد في القضية رقم 1611 سنة 1953 جنح محرم بك لصالح المطعون عليه الثالث وكان متهماً فيها بتبديد وإتلاف محتويات المحل التجاري المرهون للمطعون عليه الأول وقضى ببراءته، وأضاف الحكم المطعون فيه أن الراسي عليه المزاد اشترى السيارات بأكثر من الثمن الذي قدره الخبير في تقريره كما أنه أخطر الطاعنين والمطعون عليه الثالث برغبته في تسليم السيارات إليهم إذا ما دفعوا له ثمنها الراسي به المزاد مما ينفي قصد الإضرار، ولما كان من شأن هذه الأدلة التي ساقتها المحكمة أن تؤدي إلى النتيجة التي استخلصتها منها وكانت محكمة الموضوع هي صاحبة السلطة في تقدير الدليل واستخلاص النتيجة التي تستقيم لها منه، فإن النعي بهذا الوجه يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل الأسباب الثلاثة الأولى والوجه الأول من السبب الخامس أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه من وجوه (أولها) أقام الحكم قضاءه برفض الدعوى على أن البيع المحدد له يوم 27/ 8/ 1953 قد وقع صحيحاً ولم يعترض عليه أحد، بينما الثابت أن الطاعنين والمطعون عليه الثالث استشكلوا في تنفيذ أمر البيع بالدعوى رقم 2604 سنة 1953 مستعجل الإسكندرية ومن شأنها وقف تنفيذ البيع، كما استصدروا أمراً من قاضي الأمور الوقتية بتاريخ 26/ 8/ 1953 بإيقاف تنفيذ إجراءات البيع حتى يفصل في الإشكال وأعلن هذا الأمر إلى المطعون عليه الثاني في الساعة العاشرة من صباح يوم 27/ 8/ 1953 أي قبل البيع الذي حدد لإجرائه الساعة الحادية عشرة صباحاً من هذا اليوم، فيكون البيع الذي جرى رغم ذلك باطلاً وغير منتج لأي أثر (ثانيها) اعتبر الحكم أن البيع الثاني الواقع في 14/ 12/ 1953 امتداداً للبيع الأول ومكملاً له بعد أن قضى برفض الإشكال والاستمرار في التنفيذ بينما هو بيع باطل لأنه بني على البيع الأول وهو إجراء باطل سابق عليه (ثالثها) انتهى الحكم إلى عدم حجية الحكم المستعجل رقم 2622 سنة 1954 الإسكندرية بعدم الاعتداد بالبيع أمام محكمة الموضوع مع أن هذا الحكم له حجية بين أطراف الدعوى ما دامت مراكزهم الواقعية أو القانونية لم تتغير (رابعها) أنه على فرض استقلال الإجراءات التي اتخذت بعد البيع الأول الباطل فقد لحقها بطلان جوهري لمخالفتها أحكام المادة 14 من القانون رقم 11 سنة 1940 بشأن بيع المحال التجارية ورهنها، إلا أن الحكم انتهى إلى أن هذا القانون لم ينص صراحة على البطلان وأنه يتحتم لتقرره أن يترتب على مخالفة الإجراء الجوهري ضرر للخصم عملاً بنص المادة 25/ 2 من قانون المرافعات الأمر الذي لم يتوفر في الدعوى، في حين أن المقصود بالضرر في حكم هذه المادة هو عدم تحقق الغرض الذي قصده القانون من الإجراء وبحيث تفوت على الخصم المصلحة التي أراد الشارع حمايتها بقطع النظر عن توفر الضرر المادي، وقد تحقق الضرر في الدعوى بتخلف الغاية من عدم اتباع المواعيد والإجراءات المنصوص عليها في القانون رقم 11 سنة 1940.
وحيث إن هذا النعي في جملته غير منتج ذلك أن بطلان الإجراء لا يستتبع حتماً المساءلة بالتعويض إلا إذا ترتب عليه لمن وقعت المخالفة في حقه ضرر بالمعنى المفهوم في المسئولية التقصيرية. ولا يكفي توافر الضرر في معنى المادة 25/ 2 من قانون المرافعات الذي يتمخض في ثبوت تخلف الغاية من الإجراء الجوهري الذي نص عليه المشرع, إذ أن الضرر بهذا المعنى شرط لترتيب بطلان الإجراء وعدم الاعتداد به وليس للحكم بالتعويض، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه على ما سلف بيانه قد أسس قضاءه في رفض دعوى الطاعنين بالتعويض على أنه لم يلحقهما من بيع سياراتهما ضرر يوجب مساءلة المطعون عليهما الأولين، وفي ذلك ما يكفي لحمل الحكم فإنه لا يقدح في سلامته ما يكون قد ورد فيه من أسباب خاطئة لا تمس جوهر قضائه مما كان محلاً لنعي الطاعنين في الأسباب الثلاثة الأولى والوجه الأول من السبب الخامس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 205 لسنة 36 ق جلسة 8 / 12 / 1970 مكتب فني 21 ج 3 ق 196 ص 1197

جلسة 8 من ديسمبر سنة 1970

برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: بطرس زغلول، وأحمد حسن هيكل، وعباس حلمي عبد الجواد، وإبراهيم علام.

------------------

(196)
الطعن رقم 205 لسنة 36 القضائية

(أ) إثبات. "إجراءات الإثبات". إرث.
نفي الوارث علمه بتوقيع مورثه على الورقة العرفية وحلفه اليمين على ذلك. يزيل عن الورقة مؤقتاً قوتها في الإثبات. المتمسك بالورقة يقع عليه عبء إثبات صحتها.
(ب) إثبات. "إجراءات الإثبات".
الإجراءات المنصوص عليها في المادة 262 من قانون المرافعات السابق. تنطبق في حالة إنكار التوقيع أو طعن الوارث عليه بالجهالة. لقاضي الموضوع أن يحكم بعدم صحة الورقة دون إجراء تحقيق.
(ج) محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". نقض. "سلطة محكمة النقض".
لقاضي الموضوع سلطة بحث الدلائل، واستخلاص ما يراه متفقاً مع واقع الدعوى. لا رقابة لمحكمة النقض عليه في ذلك متى كان استخلاصه سليماً.
(د) إثبات. "القرائن". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". نقض. "سلطة محكمة النقض".
محكمة النقض لا شأن لها فيما يستنبطه قاضي الموضوع من القرائن. له أن يأخذ - عند تقدير الدليل - بنتيجة دون أخرى ولو كانت محتملة متى أقام قضاءه على أسباب سائغة.
(هـ) حكم. "عيوب التدليل. قصور". إيجار. "إيجار الأماكن".
تمسك الطاعن أمام محكمة الاستئناف بأن أجرة العقار تخضع للتخفيض المقرر بالقانون 55 لسنة 1958. إغفال الحكم هذا الدفاع الجوهري. قصور.

----------------
1 - أباح المشرع في المادة 394 من القانون المدني للوارث الاكتفاء بنفي علمه بأن الخط أو الإمضاء أو الختم أو بصمة الأصبع لمورثه دون أن يطعن في هذه الأوراق بطريق الادعاء بالتزوير، أو حتى يقف موقف الإنكار صراحة، فإذا نفى الوارث علمه بأن الإمضاء التي على الورقة العرفية المحتج بها عليه لمورثه وحلف اليمين المنصوص عليها في المادة 394 سالفة الذكر زالت عن هذه الورقة مؤقتاً قوتها في الإثبات وتعين على الخصم المتمسك بها أن يقيم الدليل على صحتها، وذلك باتباع الإجراءات المنصوص عليها في المادة 262 من قانون المرافعات السابق.
2 - المستفاد من المادة 262 من قانون المرافعات السابق أنها تطبق سواء في حالة إنكار التوقيع على الورقة العرفية من المنسوب إليه التوقيع، أو إنكار خلفه ذك أو طعنه عليها بالجهالة، ولا يلتزم قاضي الموضوع في أي من هذه الحالات بإجراء التحقيق المشار إليه في هذه المادة، بل إن له إذا رأى في وقائع الدعوى ومستنداتها ما يكفي لاقتناعه بأن التوقيع المذكور غير صحيح، أن يحكم بعدم صحة الورقة عن غير إجراء هذا التحقيق.
3 - لقاضي الموضوع السلطة في بحث الدلائل والمستندات المقدمة له تقديماً صحيحاً، وترجيح ما يطمئن إليه منها، وفي استخلاص ما يراه متفقاً مع واقع الدعوى دون رقابة عليه لمحكمة النقض في ذلك متى كان استخلاصه سليماً.
4 - لا شأن لمحكمة النقض فيما يستنبطه قاضي الموضوع من القرائن في الدعوى متى كان استنباطه سائغاً، ولمحكمة الموضوع وهي تباشر سلطتها في تقدير الأدلة أن تأخذ بنتيجة دون أخرى، ولو كانت محتملة متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة كافية لحمله.
5 - إذ كان يبين من الاطلاع على مذكرة الطاعن التي قدمها أمام محكمة الاستئناف أنه تمسك في دفاعه بأن العقار موضوع النزاع تم بناؤه في آخر ديسمبر سنة 1956 فتخضع أجرته للتخفيض الذي قرره القانون رقم 55 لسنة 1958، وكان الحكم المطعون فيه لم يرد على هذا الدفاع، وهو دفاع جوهري قد يتغير به وجه الرأي في الدعوى، فإنه يكون معيباً بالقصور في هذا الخصوص بما يستوجب نقضه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليه الأول عن نفسه وبصفته أقام الدعوى رقم 2427 لسنة 1963 مدني الإسكندرية الابتدائية ضد الطاعن، وفي مواجهة باقي المطعون عليهم طلب فيها الحكم بإلزام الطاعن بأن يدفع له مبلغ 2006 ج و846 م، وقال شرحاً لدعواه إن المرحومة إحسان علي كامل مورثته ومورثة المطعون عليهما الثاني والثالثة كانت تشارك الطاعن والمطعون عليها الرابعة في المنزل المبين بصحيفة الدعوى بواقع النصف للمورثة والربع لكل من الشريكين الآخرين، وإذ هدم هذا المنزل وأعيد بناؤه من مال الشركاء وتمت المحاسبة بينهم على التكاليف تم توفيت المورثة في 10/ 8/ 1961، وكان الطاعن يضع اليد على هذا العقار ولم يدفع له ولا لمورثته من قبل نصيبهما في الريع ابتداء من أول يناير سنة 1957 وقد أقر في الإنذار الذي وجهه إليه بتاريخ 21/ 12/ 1963، بأن في ذمته من الريع مبلغ 2736 ج و615 مليماً قيمة نصيب المورثة حتى ديسمبر سنة 1963، وإن ادعى على خلاف الحقيقة أنها لم تسدد ما عليها من تكاليف هدم المنزل وإعادة بنائه رغم المحاسبة عليها، وكان نصيبه في مبلغ الريع الذي أقر به الطاعن في الإنذار هو مبلغ 2006 ج و846 مليماً فقد أقام دعواه للحكم له به، وبتاريخ 10/ 2/ 1963 حكمت محكمة أول درجة بندب خبير هندسي لمعاينة العقار وتقدير صافي ريعه بعد خصم المصروفات الضرورية والنافعة في المدة من 1/ 1/ 1957 حتى آخر ديسمبر سنة 1963، وتحديد نصيب المطعون عليه الأول فيه، وبعد أن قدم الخبير تقريره حكمت المحكمة بتاريخ 31/ 10/ 1964 بإلزام الطاعن بأن يدفع إلى المطعون عليه الأول مبلغ 1802 ج و565 مليماً، وأقام الطاعن من جانبه الدعوى رقم 164 سنة 1964 مدني الإسكندرية الابتدائية ضد المطعون عليهم الثلاثة الأولين طلب فيها الحكم بإلزامهم متضامنين بأن يدفعوا له من تركة مورثتهم المرحومة إحسان علي كامل مبلغ 1835 ج و215 م وقال شرحاً لهذه الدعوى إنه في سنة 1956 اتفق مع المرحومة إحسان علي كامل والمطعون عليها الرابعة شريكتيه في المنزل على أن يقوم هو بهدمه وإعادة بنائه، ثم يستوفي ما يخصهما في التكاليف من حصتهما في الريع. وقد خص المرحومة إحسان علي كامل في هذه التكاليف مبلغ 4319 ج و275 مليماً وبلغ نصيبها في الريع في المدة من 1/ 1/ 1957 إلى ديسمبر سنة 1963 مبلغ 2484 ج و60 مليماً فيكون الباقي في ذمتها مبلغ 1835 ج و215 مليماً وإذ نازعه ورثتها المطعون عليهم الثلاثة الأول في أحقيته لهذا المبلغ فقد أقام دعواه للحكم له به، وبتاريخ 3/ 6/ 1964 حكمت محكمة أول درجة برفض هذه الدعوى. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 531 سنة 20 ق الإسكندرية، كما استأنف الحكم الصادر في الدعوى الأولى رقم 2427 سنة 1963 مدني الإسكندرية الابتدائية في الاستئناف رقم 639 سنة 20 ق الإسكندرية، وقررت المحكمة ضم الاستئنافين ليصدر فيهما حكم واحد. قدم الطاعن إقراراً مؤرخاً 1/ 6/ 1957 عليه بصمة ختم منسوب صدورها إلى المرحومة إحسان علي كامل ويتضمن أنها فوضت الطاعن في خصم ما استحق عليها من تكاليف إعادة بناء المنزل من نصيبها في غلته. دفع المطعون عليه الأول بأنه يجهل توقيع مورثته على هذا الإقرار وحلف اليمين على ذلك، وبتاريخ 21/ 2/ 1966 حكمت المحكمة برد وبطلان الإقرار سالف الذكر وبرفض الاستئنافين وتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وبالجلسة المحددة لنظره التزمت النيابة برأيها.
وحيث إن الطعن على الحكم المطعون فيه فيما قضى به في الاستئناف رقم 531 سنة 20 ق أقيم على خمسة أسباب ينعى الطاعن بالأول والثالث والرابع منها على هذا الحكم الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع من خمسة أوجه (أولاً) قدم الطاعن إقراراً مؤرخاً 1/ 6/ 1957 موقعاً عليه بختم المرحومة إحسان علي كامل مورثة المطعون عليهم الثلاثة الأول يتضمن أنها فوضت الطاعن في خصم ما هو مستحق عليها في تكاليف إعادة بناء المنزل من نصيبها في غلته، ولكن الحكم المطعون فيه حمل الطاعن عبء إثبات توقيع المورثة عليه تأسيساً على أن المطعون عليه الأول أنكر علمه بتوقيع مورثته عليه وحلف اليمين على ذلك طبقاً لنص المادة 394 من القانون المدني، وهو من الحكم خطأ في تطبيق القانون لأن المطعون عليه الأول لم يحلف اليمين على عدم علمه بأن الختم على الإقرار هو لمورثته كما تتطلب المادة 394 سالفة الذكر وإنما حلف يميناً على عدم علمه بتوقيع المورثة على الإقرار. (ثانياً) رفض الحكم طلب الطاعن إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات صحة الختم على الإقرار سالف الذكر، واستند في ذلك إلى ما تقضي به المادة 262 من قانون المرافعات من أن الأمر بالتحقيق لا يكون إلا إذا كانت أوراق الدعوى ومستنداتها لا تكفي لتكوين الاقتناع بصحة التوقيع أو عدم صحته في حين أن هذه المادة تطبق فقط في حالة إنكار التوقيع من جانب صاحبه أو الوارث له، ولا تطبق في حالة الطعن بالجهالة، كما هو الحال في الدعوى (ثالثاً) قدم الطاعن عدا الإقرار سالف الذكر مستندات خاصة بإعادة بناء العقار، غير أن الحكم لم يأخذ بها تأسيساً على أنها لا تدل على أن الطاعن هو الذي قام بالإنفاق من ماله الخاص. في حين أن هذه المستندات باسم الطاعن وتثبت بحكم الظاهر فيها أنه هو الذي دفع تكاليف البناء من ماله الخاص، وإذ تطلب الحكم من الطاعن أن يثبت أن المبالغ التي أنفقها لم تكن من مال الشركاء وأنها من ماله الخاص، فإنه يكون قد خالف قواعد الإثبات التي تقضي بأن من يدعي خلاف الظاهر يقع عليه عبء الإثبات. (رابعاً) طلب الطاعن إحالة الدعوى إلى التحقيق أو ندب أهل الخبرة لإثبات أعمال الهدم والبناء التي قام بها وتقدير قيمتها وتحديد نصيب كل من الشركاء فيها، وهي من الوقائع المادية التي يجوز إثباتها بكافة الطرق، غير أن الحكم المطعون فيه لم يستجب لهذا الطلب بحجة أن مستندات الدعوى وأوراقها كافية للفصل فيما يتنازع فيه الخصوم وهو ما يعيبه بمخالفة قواعد الإثبات. (خامساً) استند الحكم في قضائه إلى إقرار قدمه المطعون عليه الأول نسب صدوره إلى المطعون عليها الرابعة يتضمن أنها تحاسبت مع الطاعن فور إتمام البناء، ودفعت له ما خصها في التكاليف. واستدل الحكم بهذا الإقرار على فساد دفاع الطاعن بأن الشركة اتفقوا على أن يتولى هو الصرف على البناء ثم يستوفي ما يصرفه من ريع المنزل، في حين أن الطاعن تمسك بأن هذه الورقة ما هي إلا صورة شمسية لا قيمة لها في الإثبات، وإن صحت فهي دليل على أن الطاعن قام بالإنفاق على البناء من ماله الخاص. وقد تأيد ذلك بالإقرار الصحيح الصادر من المطعون عليها الرابعة، والذي قدمه الطاعن في الدعوى وهو ما لم يناقشه الحكم.
وحيث إن هذا النعي في وجهه الأول مردود، ذلك أنه لما كان المشرع قد أباح في المادة 394 من القانون المدني للوارث الاكتفاء ينفي علمه بأن الخط أو الإمضاء أو الختم أو بصمة الأصبع لمورثه دون أن يطعن في هذه الأوراق بطريق الادعاء بالتزوير أو حتى يقف موقف الإنكار صراحة، فإذا نفى الوارث علمه بأن الإمضاء التي على الورقة العرفية المحتج بها عليه لمورثه وحلف اليمين المنصوص عليها في المادة 394 سالفة الذكر، زالت عن هذه الورقة مؤقتاً قوتها في الإثبات، وتعين على الخصم المتمسك بها أن يقيم الدليل على صحتها وذلك باتباع الإجراءات المنصوص عليها في المادة 262 من قانون المرافعات السابق، وكان يبين من الحكم المطعون فيه أنه بعد أن أثبت مضمون الإقرار المؤرخ 1/ 6/ 1957 الذي قدمه الطاعن والمنسوب صدوره إلى مورثة المطعون عليهم الثلاثة الأول حصل أن المطعون عليه الأول طعن بأنه يجهل توقيع مورثته على الإقرار المشار إليه وحلف على ذلك اليمين المنصوص عليها في المادة 394 من القانون المدني، فأوجب على الطاعن الذي تمسك بهذه الورقة أن يقيم الدليل على صحتها باتباع الإجراءات الخاصة بتحقيق الخطوط اعتباراً بأن حجية الورقة المذكورة قد زالت مؤقتاً بحلف اليمين المشار إليها، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد اتبع صحيح القانون. والنعي في الوجه الثاني مردود بأنه لما كان المستفاد من المادة 262 من قانون المرافعات السابق أنها تطبق على سواء، في حالة إنكار التوقيع على الورقة العرفية من المنسوب إليه التوقيع أو إنكار خلفه ذلك أو طعنه عليه بالجهالة، ولا يلتزم قاضي الموضوع في أي من هذه الحالات بإجراء التحقيق المشار إليه في هذه المادة، بل إن له إذا رأى في وقائع الدعوى ومستنداتها ما يكفي لاقتناعه بأن التوقيع المذكور غير صحيح، أن يحكم بعدم صحة الورقة من غير إجراء هذا التحقيق، وكان يبين من الحكم المطعون فيه أن محكمة الاستئناف قد وجدت في وقائع الدعوى ومستنداتها والقرائن التي ساقتها ما يكفي لتكوين عقيدتها في شأن عدم صحة التوقيع المنسوب إلى مورثة المطعون عليه الأول، وما يغنيها عن الالتجاء إلى التحقيق، فلا عليها بعد ذلك، إن هي لم تأمر بهذا الإجراء، لأن الغرض منه هو اقتناعها برأي ترتاح إليه في حكمها. فإذا كان هذا الاقتناع موجوداً بدونه، فلا لزوم له، ويكون النعي بهذا الوجه على غير أساس. والنعي في وجهه الثالث مردود، بأن لقاضي الموضوع السلطة في بحث الدلائل والمستندات المقدمة له تقديماً صحيحاً وترجيح ما يطمئن إليه منها وفي استخلاص ما يراه متفقاً مع واقع الدعوى، دون رقابة عليه لمحكمة النقض في ذلك متى كان استخلاصه سليماً. وإذ يبين من الحكم المطعون فيه أنه رأى أن المستندات التي قدمها الطاعن لا تدل على أنه هو الذي قام بالإنفاق من ماله الخاص على هدم المنزل وإعادة بنائه، وإن دلت تجوزاً على أنه هو الذي باشر ذلك العمل لأن شريكتيه في المنزل سيدتان، وكان هذا من الحكم استخلاصاً سائغاً، فإن النعي بهذا الوجه يكون في غير محله - والنعي في الوجه الرابع مردود بأنه يبين من الحكم المطعون فيه أن محكمة الاستئناف رفضت إحالة الدعوى إلى التحقيق أو ندب خبير لإثبات أعمال الهدم والبناء التي يدعي الطاعن أنه قام بها، وتقدير قيمتها وتحديد نصيب كل من الشركاء فيها تأسيساً على أنه لا جدوى من اتخاذ هذا الإجراء، بعد أن ثبت لها أن الطاعن عجز عن إقامة الدليل على أنه هو الذي قام بالهدم وإعادة البناء من ماله الخاص. والنعي في الوجه الخامس مردود، ذلك أنه لما كان المحرر الذي استند إليه الحكم المطعون فيه هو ذلك المقدم من الطاعن ويتضمن إقرار الشريكة الثالثة - المطعون عليها الرابعة - بأنها تحاسبت معه ودفعت له ما خصها في المصروفات التي أنفقتها فور إتمام البناء ولم يستند الحكم إلى المحرر الآخر الذي أشار إليه الحكم الابتدائي الصادر في الدعوى رقم 2427 سنة 1963 الإسكندرية الابتدائية، والذي يقول الطاعن إن المطعون عليه الأول قدم صورته الشمسية، وكانت محكمة الاستئناف في حدود سلطتها الموضوعية قد فسرت الإقرار سالف البيان الذي قدمه الطاعن، بأن ما تضمنه من أن الشريكة الثالثة قد دفعت له ما استحق عليها فور إتمام البناء، يخالف مؤدى دفاعه من أنه اتفق مع شركائه، على أن يقوم بهدم المنزل وإعادة بنائه على أن يستوفي قيمة هذه التكاليف من ريع المنزل، وكان هذا الذي استخلصته المحكمة سائغاً ويؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها، فإن النعي على الحكم بهذا الوجه يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم قضى برد وبطلان الإقرار المؤرخ 1/ 6/ 1957 الصادر من المرحومة إحسان علي كامل والمتضمن تفويض الطاعن في خصم ما استحق عليها في تكاليف إعادة بناء المنزل من نصيبها في غلته استناداً إلى أن الطاعن ذكر في دفاعه أن الاتفاق مع شركائه بهذا الخصوص كان شفوياً، وأن الإقرار المشار إليه لم يقدم إلا في 19/ 10/ 1965، مع أن النزاع ثار بين الطرفين منذ سنة 1963، في حين أن هذا الإقرار المحكوم برده وبطلانه له حجيته في الإثبات قبل المطعون عليه الأول لأنه لم يحلف اليمين وفقاً للقانون، فما كان يجوز للحكم أن يأخذ بأدلة أخرى على عدم صحة هذه الورقة، هذا إلى أن قول الطاعن أن الاتفاق كان شفوياً لا يؤثر على صحة الورقة التي تثبته إذا وجدت بعد ضياعها منه، وإنما السبيل إلى ذلك يكون باتخاذ الوسائل الخاصة بتحقيق الخطوط، بل إنه كان يتعين على الحكم أن يتخذ من سكوت باقي الورثة عن الطعن بالجهالة وسكوتهم جميعاً ومورثتهم من قبل عن المطالبة بالريع سبع سنوات كاملة قرينة على صحة الإقرار.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان الحكم المطعون فيه على ما سلف بيانه في الرد على السبب الأول، لم يخطئ في تطبيق القانون فيما أورده عن طعن المطعون عليه الأول بجهالة توقيع مورثته على الإقرار المنسوب صدوره منها وحلفه اليمين على ذلك، وكان الحكم قد استند في قضائه برد وبطلان هذه الورقة إلى أن الطاعن وجه إنذاراً إلى المطعون عليه الأول وباقي الورثة في 21/ 12/ 1963 ذكر فيه أن الاتفاق بين الشركاء على قيام الطاعن بهدم وإعادة بناء المنزل بمصاريف من عنده كان اتفاقاً شفوياً، وأن الطاعن أقام ضد هؤلاء الورثة الدعوى رقم 164 سنة 1964 مدني الإسكندرية الابتدائية يطالبهم بما هو مستحق عليهم في المصروفات دون أن يشير إلى هذا الإقرار وإلى أن الورثة أنكروا في تلك الدعوى حصول ذلك الاتفاق، فرد الطاعن بأن هذا الاتفاق كان شفوياً ولم يقدم الإقرار المشار إليه مع أنه قدم مستندات أخري في الدعوى، ولو كان هذا الإقرار بين يديه وقتذاك لبادر إلى تقديمه لأنه حاسم في النزاع، كما أنه حين استأنف الحكم الصادر في تلك الدعوى ذكر في صحيفة الاستئناف أن الاتفاق بينه وبين الشركاء كان شفوياً، كذلك لم يشر الطاعن إلى الإقرار المذكور في الدعوى رقم 4823 سنة 1965 مستعجل الإسكندرية التي رفعها المطعون عليه الأول لفرض الحراسة على المنزل ولا في الدعوى رقم 2427 مدني سنة 1963 الإسكندرية الابتدائية التي رفعها المطعون عليه الأول للمطالبة بنصيبه في الريع أو في صحيفة استئنافها ولم يظهر هذا الإقرار إلا بجلسة 19/ 10/ 1965 مع أن النزاع ثار بين الطرفين منذ سنة 1963، وإلى أنه لا محل لما ذهب إليه الطاعن من إلقاء تبعه عدم تقديم الإقرار على محاميه لأن الطاعن لم يشر إلى الإقرار في الإنذار المؤرخ 21/ 12/ 1963 الذي أرسله بنفسه إلى الورثة، لما كان ذلك وكانت القرائن سالفة الذكر سائغة وتؤدي في مجموعها إلى النتيجة التي انتهى إليها الحكم وتكفي لحمل قضائه في هذا الخصوص، وكان لا شأن لمحكمة النقض فيما يستنبطه قاضي الموضوع من القرائن في الدعوى متى كان استنباطه سائغاً، وكان لمحكمة الموضوع وهي تباشر سلطتها في تقدير الأدلة أن تأخذ بنتيجة دون أخرى ولو كانت محتملة متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة كافية لحمله، فإن ما يثيره الطاعن بهذا السبب لا يعدو أن يكون مجادلة موضوعية في تقدير محكمة الموضوع للأدلة بغية الوصول إلى نتيجة أخرى غير التي أخذت بها تلك المحكمة وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. ومن ثم يكون النعي بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن السبب الخامس يتحصل في النعي على الحكم المطعون فيه بتناقض أسبابه ويقول الطاعن في بيان ذلك إن الحكم أحال إلى أسباب الحكم الابتدائي الذي بنى قضاءه على أن الطاعن لم يقدم الاتفاق المبرم بينه وبين شركائه ولا المستندات التي تثبت قيامه بعملية الهدم والبناء، وإذ قدم الطاعن مستنداته أمام محكمة الاستئناف وقرر الحكم المطعون فيه أن هذه المستندات لا تدل على أنه قام بالإنفاق على البناء من ماله الخاص، فما كان للحكم المطعون فيه أن يحيل إلى أسباب الحكم الابتدائي لقيام التعارض بينهما، فضلاً عن أن هذا القول من الحكم المطعون فيه يتناقض مع استناده إلى إقرار الشريكة الثالثة المطعون عليها الرابعة - والذي يتضمن أن الطاعن هو الذي قام بالإنفاق على البناء من ماله الخاص.
وحيث إن هذا النعي في شقه الأول مردود، ذلك أنه لما كان يبين من الحكم المطعون فيه أنه قرر أن المستندات التي قدمها الطاعن الأول لا تدل على أنه هو الذي قام بهدم العقار وإعادة بنائه من ماله الخاص، فإنه لا يعيبه إحالته إلى أسباب الحكم الابتدائي التي تقوم على عدم تقديم الطاعن المستندات المؤيدة لدعواه، إذ أن إحالة الحكم المطعون فيه إلى أسباب الحكم الابتدائي لا تنصرف إلا إلى ما لا يتعارض من هذه الأسباب مع أسبابه هو، والنعي في شقه الثاني مردود بأن الحكم المطعون فيه - على ما سلف بيانه في الرد على الوجه الخامس من السبب الأول - إنما استند إلى إقرار المطعون عليها الرابعة للتدليل على عدم صحة دفاع الطاعن من أنه اتفق مع شركائه على أن يقوم بهدم المنزل وإعادة بنائه على أن يستوفي قيمة هذه التكاليف من ريع المنزل.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن على الحكم المطعون فيه فيما قضى به في الاستئناف رقم 531/ 20 ق الإسكندرية.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه فيما قضى به في الاستئناف رقم 639 سنة 20 ق القصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك أمام محكمة الموضوع بأن العقار موضوع الدعوى تم بناؤه في آخر ديسمبر سنة 1956 ويتعين أن تخفض أجرته بنسبة 20% من شهر يوليه سنة 1958 نفاذاً للقانون رقم 55 سنة 1958، وإذ لم يرد الحكم المطعون فيه على هذا الدفاع الجوهري فإنه يكون معيباً بالقصور.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه لما كانت المادة الخامسة مكرراً (4) المضافة بالقانون رقم 55 لسنة 1958 تقضي بأن تخفض بنسبة 20% أجور الأماكن التي أنشئت منذ 18/ 9/ 1952 وذلك ابتداء من الأجرة المستحقة عن شهر يوليه سنة 1958، وكان يبين من الاطلاع على مذكرة الطاعن التي قدمها أمام محكمة الاستئناف لجلسة 21/ 2/ 1966 أنه تمسك في دفاعه بأن العقار موضوع النزاع تم بناؤه في آخر ديسمبر سنة 1956 فتخضع أجرته للتخفيض الذي قرره القانون رقم 55 لسنة 1958، وكان الحكم المطعون فيه لم يرد على هذا الدفاع وهو دفاع جوهري قد يتغير به وجه الرأي في الدعوى، فإنه يكون معيباً بالقصور في هذا الخصوص بما يستوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.

الطعن 241 لسنة 36 ق جلسة 26 / 11 / 1970 مكتب فني 21 ج 3 ق 195 ص 1194

جلسة 26 من نوفمبر سنة 1970

برياسة السيد المستشار/ إبراهيم عمر هندي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: الدكتور محمد حافظ هريدي، والسيد عبد المنعم الصراف، ومحمد صدقي البشبيشي، ومحمد سيد أحمد حماد.

----------------

(195)
الطعن رقم 241 لسنة 36 القضائية

نقض. "المصلحة في الطعن". "الخصوم في الطعن".
لا يكفي لقبول الطعن بالنقض أن يكون الطاعن طرفاً في الخصومة. وجوب أن يكون أيضاً قد تنازع الطرفان في مزاعمهما وطلباتهما.

-----------------
لا يكفي لقبول الطعن في الأحكام بطريق النقض أن يكون الطاعن طرفاً في الخصومة أمام المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه، بل يجب أيضاً أن يكون قد نازع خصمه أمامها في مزاعمه وطلباته أو نازعه خصمه في مزاعمه هو وطلباته، وأن يكون قد بقى على هذه المنازعة مع خصمه ولم يتخل عنها حتى صدور الحكم عليه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن متولي محمد متولي (المطعون عليه الثاني) أقام التظلم رقم 6204 سنة 62 كلي القاهرة ضد محمد سليم محيسن (المطعون عليه الأول) وسيد إبراهيم حرب (الطاعن) وكبير كتاب محكمة القاهرة (المطعون عليه الثالث) طالباً الحكم في مواجهة قلم الكتاب بقبول تظلمه شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الأمر رقم 1179 سنة 1962 الصادر من رئيس محكمة القاهرة الابتدائية بتاريخ 25/ 10/ 1962 بصفته قاضياً للأمور الوقتية، والمتضمن تسليم المتظلم ضده الأول الصورة التنفيذية من حكم مرسى المزاد رقم 38 سنة 1955 بيوع كلي القاهرة لعدم اختصاصه بإصداره واعتباره كأن لم يكن، مع كل ما يترتب على ذلك من آثار، وقال في بيان دعواه إن المتظلم ضده الثاني (الطاعن) باع له المنزل الموصوف بالعريضة بعقد حكم بصحته ونفاذه في الدعوى رقم 871 سنة 1952 مدني كلي القاهرة التي سجل عريضتها، ولم يسجل الحكم الصادر فيها، ولمديونية هذا البائع للمتظلم ضده الأول فقد اتخذ هذا الأخير إجراءات نزع ملكية المنزل المبيع إليه، وأعلنه باعتباره حائزاً في الدعوى رقم 38 سنة 1955 بيوع القاهرة التي حكم فيها بتاريخ 20/ 3/ 1962 برسو مزاد المنزل على الدائن مباشر الإجراءات نظير ثمن قدره 800 ج ولم يعف من إيداعه خزانة المحكمة، ورغم عدم الإيداع فقد تسلم في 29/ 10/ 1962 الصورة التنفيذية لحكم مرسى المزاد بمقتضى الأمر المتظلم منه وأعلنه محدداً يوم 7/ 11/ 1962 لاستلام المنزل، ولما كان هذا في غير محله فقد تظلم منه استناداً إلى حكم المادة 686 من قانون المرافعات. وبتاريخ 28/ 4/ 1963 حكمت المحكمة بقبول التظلم شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الأمر المتظلم منه. استأنف المتظلم (المطعون عليه الثاني) هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة طالباً إلغاءه والحكم له بطلباته، وقيد هذا الاستئناف برقم 1228 سنة 80 ق وبتاريخ 8/ 3/ 1966 حكمت المحكمة برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف. طعن سيد إبراهيم حرب في هذا الحكم بطريق النقض للأسباب الواردة بالتقرير، وعرض الطعن على هذه الدائرة حيث أصر الطاعن على طلب نقض الحكم وقدم المطعون عليه الأول مذكرة دفع فيها بعدم قبول الطعن لانعدام مصلحة الطاعن فيه أو رفضه موضوعاً، وقدمت النيابة العامة مذكرة دفعت فيها بعدم قبول الطعن ومن باب الاحتياط رفضه موضوعاً.
وحيث إن مبنى الدفع بعدم قبول الطعن، أن كلاً من الطاعن والمطعون عليه الأول لم ينازع الآخر في طلباته أو مزاعمه، سواء عند نظر التظلم أمام محكمة أول درجة أو أمام محكمة ثاني درجة عند نظر الاستئناف المرفوع من المطعون عليه الثاني عن الحكم الصادر برفض التظلم مما يجعل الطعن غير مقبول.
وحيث إن هذا الدفع في محله، ذلك أنه لا يكفي لقبول الطعن في الأحكام بطريق النقض أن يكون الطاعن طرفاً في الخصومة أمام المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه، بل يجب أيضاً أن يكون قد نازع خصمه أمامها في مزاعمه وطلباته أو نازعه خصمه في مزاعمه هو وطلباته، وأن يكون قد بقى على هذه المنازعة مع خصمه ولم يتخل عنها حتى صدور الحكم عليه، وإذ كان الثابت أن المطعون عليه الثاني هو الذي رفع التظلم ضد الطاعن والمطعون عليه الأول بطلب إلغاء الأمر رقم 1179 سنة 1962، الصادر من رئيس محكمة القاهرة بصفته قاضياًً للأمور الوقتية بتسليم المطعون عليه الأول الصورة التنفيذية لحكم مرسى المزاد رقم 38 سنة 1955 بيوع كلي القاهرة، ولما صدر الحكم الابتدائي برفض التظلم استأنفه المطعون عليه الثاني، واختصم الطاعن في استئنافه، وكان الطاعن لم ينازع خصمه المطعون عليه الأول في مزاعمه وطلباته سواء أمام محكمة أول درجة أو أمام محكمة الاستئناف، كما لم يرفع استئنافاً عن الحكم الابتدائي الصادر في التظلم، ومن ثم فإن الطعن منه بالنقض في صورة الدعوى يكون غير مقبول.
وحيث إنه لما تقدم يتعين الحكم بعدم قبول الطعن.

الطعن 424 لسنة 30 ق جلسة 16 / 11 / 1965 مكتب فني 16 ج 3 ق 166 ص 1066

جلسة 16 من نوفمبر سنة 1965

برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمد عبد اللطيف، وإميل جبران، وأمين فتح الله، وعثمان زكريا.

---------------

(166)
الطعن رقم 424 لسنة 30 القضائية

(أ) نقض. "الخصومة في الطعن".
اختصام من كان خصماً في الدعوى التي صدر فيها الحكم المطعون فيه. وجوب أن تكون له مصلحة في الدفع عن الحكم حين صدوره.
(ب) استئناف. "طريقة رفع الاستئناف". سند إذني. "دعاوى السندات الإذنية".
الأصل رفع الاستئناف بعريضة مقدمة إلى قلم الكتاب. يستثنى من ذلك الدعاوى المنصوص عليها بالمادة 118 مرافعات ومنها دعاوى السندات الإذنية. وجوب رفعها بتكليف بالحضور. دعاوى السندات الإذنية هي التي تقوم على أساس المطالبة بالحق الناشئ مباشرة عن التوقيع على السند الإذني. ليس منها دعوى الرجوع على البنك لا بوصفه ملزماً في السندات الإذنية بل باعتباره وكيلاً في تحصيل قيمتها.
(ج) دعوى. "انقطاع سير الخصومة". تأميم. "تأميم بنك مصر". مؤسسات عامة. أشخاص اعتبارية. أهلية. "أهلية التقاضي".
تأميم بنك مصر واعتباره مؤسسة عامة وانتقال ملكيته إلى الدولة مع بقائه كبنك تجاري له مباشرة الأعمال المصرفية. احتفاظه بشخصيته المعنوية. عدم فقده - بالتأميم - أهليته القانونية في مباشرة الخصومة المرفوعة من قبل. لا انقطاع لسير الخصومة.
(د) حكم. "بيانات الحكم".
تحديد المادة 349 مرافعات البيانات الواجب اشتمال الحكم عليها على سبيل الحصر. ليس منها رقم الدعوى التي صدر فيها الحكم. الخطأ في هذا البيان لا يؤثر على سلامة الحكم ولا يجهل به.

----------------
1 - لا يكفي فيمن يختصم في الطعن أن يكون خصماً للطاعن في الدعوى التي صدر فيها الحكم المطعون فيه بل يجب أن تكون له مصلحة في الدفاع عن الحكم حين صدوره فإذا كان الثابت من الأوراق أن الطاعن قد اختصم مورث المطعون ضدهم عدا الأول أمام محكمة الموضوع ليصدر الحكم في مواجهته وأن المورث المذكور وورثته من بعده قد وقفوا من الخصومة موقفاً سلبياً ولم يبدوا دفاعاً فيها ولم يحكم بشيء ضدهم وكان الطاعن قد أسس طعنه على أسباب لا تعلق لها إلا بالمطعون ضده الأول ومن ثم فيكون اختصامهم في الطعن غير مقبول.
2 - تقضي المادة 405 من قانون المرافعات المعدلة بالقانون رقم 264 لسنة 1953 بأن يرفع الاستئناف بعريضة تقدم إلى قلم كتاب المحكمة المختصة بنظره واستثنت من ذلك الدعاوى المنصوص عليها في المادة 118 مرافعات ومن بينها دعاوى السندات الإذنية فأوجبت رفع الاستئناف عنها بتكليف بالحضور بالأوضاع المقررة بصحيفة افتتاح الدعوى. وإذ كان المقصود بدعاوى السندات الإذنية الدعاوى التي تقوم أساساً على المطالبة بالحق الناشئ مباشرة عن التوقيع على السند الإذني وكان الثابت من الأوراق أن المطعون ضده أقام دعواه على البنك الطاعن لا بوصفه ملتزماً في السندات الإذنية بل باعتباره وكيلاً عنه في تحصيل قيمتها أخل بالمهمة المعهودة إليه بأن أهمل إعلان المدين ببرتستو عدم الدفع وحبس السندات لديه وطلب المطعون ضده الحكم له بتعويض أدخل في تقديره قيمة السندات فإن هذه الدعوى لا تعتبر من دعاوى السندات الإذنية وإذا كان المطعون ضده قد أقام استئنافه بعريضة قدمت لقلم كتاب المحكمة وقضى الحكم المطعون فيه بقبول الاستئناف شكلاً فإنه لا يكون قد خالف القانون.
3 - ينقطع سير الخصومة - بقوة القانون - بوفاة أ حد الخصوم أو بفقده أهلية الخصومة أو بزوال صفة من كان يباشر الخصومة عنه، وإذ كان القانون رقم 39 لسنة 1960 في شأن انتقال ملكية بنك مصر إلى الدولة قد نص في مادته الأولى على أن يعتبر بنك مصر مؤسسة عامة وتنتقل ملكيته إلى الدولة ونص في مادته السادسة على أن يظل بنك مصر مسجلاً كبنك تجاري ويجوز له أن يباشر كافة الأعمال المصرفية التي كان يقوم بها قبل صدور هذا القانون وكان مفاد هذين النصين أن البنك قد ظل محتفظاً بشخصيته المعنوية واستمر يباشر نشاطه كما كان الحال قبل القانون المذكور فإن مقتضى ذلك أنه لم تزل عن البنك (الطاعن) أهليته القانونية في مباشرة الخصومة المرفوعة قبله ومن ثم يكون النعي ببطلان الحكم المطعون فيه بدعوى صدوره أثناء انقطاع سير الخصومة على غير أساس.
4 - إذ أوردت المادة 349 من قانون المرافعات البيانات الواجب أن يشتمل عليها الحكم على سبيل الحصر ولم يرد من بينها رقم الدعوى التي صدر فيها فإن مقتضى ذلك أن الخطأ الوارد في الحكم المطعون فيه في خصوص هذا البيان لا يؤثر على سلامته ولا يجهل بالحكم ويكون النعي ببطلانه لهذا السبب على غير أساس.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام الدعوى رقم 79 سنة 1957 تجاري كلي إسكندرية على الطاعن والسيد/ خليل ختعن بطلب الحكم بإلزامهما متضامنين بأن يدفعا له مبلغ 6100 ج، وقال بياناًً لدعواه إنه يداين السيد/ خليل ختعن في مبلغ 7600 ج بمقتضى سندات إذنية ظهرها إلى بنك مصر فرع الإسكندرية الذي يمثله الطاعن لتحصيل قيمتها لحسابه من المدين المذكور، أو عمل بروتستو عنها عند عدم الدفع في الميعاد القانوني، إلا أن البنك لم يف بالتزاماته وحبس السندات المذكورة عنه وتواطأ مع المدين بأن ارتهن أملاكه تأميناً لديون في ذمته للبنك مما زاد في إعساره، وانتهى المطعون ضده الأول إلى طلب الحكم له بالمبلغ السالف الذكر، منه مبلغ 2000 ج تعويض ومبلغ 4100 ج الباقي له من قيمة السندات الإذنية بعد خصم الديون المستحقة عليه، دفع الطاعن الدعوى بأن بعض السندات الإذنية التي ظهرها له المطعون ضده الأول كانت تأميناً لعقد فتح الاعتماد المبرم بينهما في 22/ 9/ 1955 ولا يلزم بعمل أي بروتستو عنها طبقاً لشرط الاعتماد، وأن باقي السندات التي قدمت للتحصيل أجرى "البنك" عنها بروتستو عدم الدفع أعلن للمدين في الميعاد القانوني. وأدخل الطاعن مورث المطعون ضدهم الثلاثة الأخيرين المرحوم شلبي أحمد شلبي خصماً في الدعوى باعتباره ضامناً للمطعون ضده الأول في عقد فتح الاعتماد المذكور ليصدر الحكم في مواجهته. ومحكمة أول درجة قضت في 26/ 1/ 1958 بندب خبير حسابي لفحص مستندات الطرفين وتحقيق سبب تحرير السندات الإذنية المذكورة، وبعد أن قدم الخبير تقريره تنازل المطعون ضده الأول عن مخاصمة المدين السيد/ خليل ختعن لصدور حكم بإشهار إفلاسه وقصر طلباته قبل الطاعن - وبتاريخ 25/ 11/ 1959 حكمت المحكمة برفض الدعوى. استأنف المطعون ضده الأول هذا الحكم بالاستئناف رقم 402 سنة 15 ق الإسكندرية وقضت محكمة الاستئناف في 26/ 10/ 1960 في الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبإلزام الطاعن بأن يدفع للمطعون ضده الأول مبلغ 5000 ج طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض بتقرير في 24 يونيه سنة 1960 وقدمت النيابة مذكرة طلبت فيها رفض الطعن، وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت إحالته إلى هذه الدائرة. وبعد إعلان الطعن أودع المطعون ضدهم الثلاثة الأخيرون مذكرة دفعوا فيها بعدم قبول الطعن بالنسبة لهم لانتفاء مصلحتهم فيه وأيدتهم النيابة في مذكرتها التكميلية في هذا الدفع، وبالجلسة المحددة لنظر الطعن التزمت رأيها السابق.
وحيث إن المطعون ضدهم الثلاثة الأخيرين يبنون دفعهم بعدم قبول الطعن بالنسبة لهم على أنه لم توجه أي طلبات ضد مورثهم أمام محكمة الموضوع، ولانتفاء المصلحة في إدخالهم في الطعن.
وحيث إن هذا الدفع في محله، ذلك أنه لا يكفي فيمن يختصم في الطعن أن يكون خصماً للطاعن في الدعوى التي صدر فيها الحكم المطعون فيه, بل يجب أن تكون له مصلحة في الدفاع عن الحكم حين صدوره. ولما كان الثابت من الأوراق أن الطاعن قد اختصم مورث المطعون ضدهم الثانية والثالثة والرابع أمام محكمة الموضوع ليصدر الحكم في مواجهته وأن المورث المذكور وورثته من بعده قد وقفوا من الخصومة موقفاً سلبياً ولم يبدوا أي دفاع فيها، ولم يحكم بشيء ضدهم, لما كان ذلك, وكان الطاعن قد أسس طعنه على أسباب لا تعلق لها إلا بالمطعون ضده الأول فلا يقبل من الطاعن اختصامهم في الطعن ويتعين لذلك قبول الدفع وعدم قبول الطعن بالنسبة إلى المطعون ضدهم المذكورين.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية بالنسبة للمطعون ضده الأول.
وحيث إن الطعن أقيم على خمسة أسباب حاصل أولها مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون بقضائه بقبول الاستئناف شكلاً, ذلك أن المطعون ضده أقام دعواه تأسيساً على سندات إذنية طالباً الحكم بإلزام الطاعن متضامناً مع المدين بدفع قيمة هذه السندات مع التعويض، وبنى مسئولية الطاعن فيها على إخلاله بالتزامه كمظهر إليه في تحصيل قيمة السندات المذكورة وإعلان المدين ببروتستو عدم الدفع وهذه الدعوى تعتبر من دعاوى السندات الإذنية لأن الخصومة قد انعقدت بين الدائن والمدين والمظهر إليه وهم أطراف السند الإذني مما كان يتعين معه رفع الاستئناف فيها بورقة تكليف بالحضور طبقاً للمادتين 118، 405 من قانون المرافعات وإلا اعتبر باطلاً وإذ أقام المطعون ضده استئنافه بصحيفة أودعت قلم كتاب محكمة الاستئناف وقضى الحكم المطعون فيه بقبول هذا الاستئناف شكلاً فإنه يكون قد خالف القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن المادة 405 من قانون المرافعات المعدلة بالقانون رقم 264 لسنة 1953 تقضي بأنه يجب أن يرفع الاستئناف بعريضة تقدم إلى قلم كتاب المحكمة المختصة بنظره واستثنت من ذلك الدعاوى المنصوص عليها في المادة 118 مرافعات, ومن بينها دعاوى السندات الإذنية فأوجبت رفع الاستئناف عنها بتكليف بالحضور بالأوضاع المقررة بصحيفة افتتاح الدعوى - ولما كان المقصود بدعاوى السندات الإذنية الدعاوى التي تقوم أساساً على المطالبة بالحق الناشئ مباشرة عن التوقيع على السند الإذني وكان الثابت من الأوراق أن المطعون ضده أقام دعواه على الطاعن لا بوصفه ملتزماًً في السندات الإذنية - بل باعتباره وكيلاً عنه في تحصيل قيمتها أخل بالمهمة المعهودة إليه بأن أهمل إعلان المدين ببرتستو عدم الدفع وحبس السندات لديه وطلب المطعون ضده الحكم له بتعويض أدخل في تقديره قيمة السندات، فإن هذه الدعوى لا تعتبر من دعاوى السندات الإذنية التي أوجب المشرع رفع الاستئناف عنها بورقة تكليف بالحضور, وإذ أقام المطعون ضده استئنافه بعريضة قدمت لقلم كتاب المحكمة وقضى الحكم المطعون فيه بقبول الاستئناف شكلاً, فإنه لا يكون قد خالف القانون.
وحيث إن حاصل السبب الثاني وقوع بطلان في الإجراءات أثر في الحكم، وفي بيان ذلك يقول الطاعن بأن المطعون ضده أقام دعواه على بنك مصر وقت أن كان شركة مساهمة، غير أنه أثناء سير الخصومة أمام محكمة الاستئناف صدر القرار الجمهوري رقم 39 سنة 1960 في 11 فبراير سنة 1960 باعتبار البنك مؤسسة عامة ونقل ملكيته إلى الدولة مما يترتب عليه انقضاء الشركة المساهمة وزوال صفتها في التقاضي ويستتبع ذلك انقطاع سير الخصومة بحكم القانون طبقاً للمادة 294 مرافعات، ومع ذلك فقد واصل المطعون ضده السير في استئنافه ضد الشركة المساهمة المنقضية ولم يدخل المؤسسة العامة التي حلت محلها بمقتضى القرار الجمهوري المذكور فصدر بذلك الحكم المطعون فيه أثناء انقطاع الخصومة وهو مما يعيبه بالبطلان.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن الخصومة ينقطع سيرها بقوة القانون بوفاة أحد الخصوم أو بفقده أهلية الخصومة أو بزوال صفة من كان يباشر الخصومة عنه، ولما كان القانون رقم 39 لسنة 1960 في شأن انتقال ملكية بنك مصر إلى الدولة قد نص في مادته الأولى على أن يعتبر بنك مصر مؤسسة عامة وتنتقل ملكيته إلى الدولة، ونص في مادته السادسة على أن يظل بنك مصر مسجلاً كبنك تجاري ويجوز له أن يباشر كافة الأعمال المصرفية التي كان يقوم بها قبل صدور هذا القانون - وكان مفاد هذين النصين أن البنك قد ظل محتفظاً بشخصيته المعنوية واستمر يباشر نشاطه كما كان الحال قبل القانون المذكور، فإن مقتضى ذلك أنه لم تزل عن البنك أهليته القانونية في مباشرة الخصومة, ومن ثم يكون النعي ببطلان الحكم لصدوره أثناء انقطاع الخصومة على غير أساس.
وحيث إن حاصل السبب الثالث وقوع بطلان في الحكم للخطأ في إحدى بياناته، ذلك أنه ذكر في ديباجة الحكم أن الاستئناف المرفوع هو عن الدعوى رقم 117 سنة 1956 تجاري إسكندرية في حين أن الرقم الصحيح لهذه الدعوى هو 79 سنة 1957 كلي إسكندرية - وإذ كان هذا البيان من البيانات الواجب أن يشتمل عليها الحكم طبقاً للمادة 349 مرافعات فإنه بذلك يكون الحكم المطعون فيه قد وقع باطلاً.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أنه لما كانت المادة 349 من قانون المرافعات قد أوردت البيانات الواجب أن يشتمل عليها الحكم على سبيل الحصر، ولم يرد من بينها رقم الدعوى فإن مقتضى ذلك أن الخطأ الوارد في الحكم المطعون فيه في خصوص هذا البيان لا يؤثر على سلامته ولا يجهل بالحكم ومن ثم يكون النعي ببطلان الحكم لهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن السبب الرابع يتحصل في النعي على الحكم بالخطأ في الإسناد ومخالفة الثابت في الأوراق ذلك أنه أقام قضاءه بمساءلة الطاعن على أنه لم يعلن المدين باحتجاجات عدم الدفع عن السندات التي سلمت إليه للتحصيل بينما الثابت من الأوراق أن السندات التي قدمت للتحصيل عددها سبعة ومجموع قيمتها 4000 جنيه تحمل الأرقام الآتية 5867، 5868، 6129، 6130، 6131، 6132، 6133 وقد استبعد منها المطعون ضده السندين الأول والثاني وقيمتهما 1500 ج مقابل دين في ذمته لمدينه السيد/ خليل ختعن أما السندات الباقية وهي الخمس سندات الأخيرة فقد قام الطاعن بإعلان المدين ببروتستو عدم الدفع عنها في الميعاد القانوني وأودعت أصول هذه البروتستات بملف الدعوى وأشار إليها الحكم الابتدائي، وإذ قضى الحكم المطعون فيه بمساءلة الطاعن لعدم قيامه بإعلان المدين باحتجاجات عدم الدفع، فإنه يكون قد خالف الثابت في الأوراق.
وحيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه قرر في هذا الخصوص ما يأتي: "وحيث إن الثابت من تقرير الخبير أن المستأنف "المطعون ضده" سلم بنك مصر فرع الإسكندرية ثلاث عشرة كمبيالة قيمتها 7600 ج منها ست كمبيالات وقيمتها 3000 ج قدمها المستأنف إلى البنك فرع الإسكندرية ائتماناً لعقد فتح الاعتماد الخاص به بمبلغ 2000 ج المحرر لصالحه بتاريخ 30/ 9/ 1955. أما السبع كمبيالات الأخرى وقيمتها 4600 ج فهي لا علاقة لها بعقد فتح الاعتماد المشار إليه بل قدمها المستأنف "المطعون ضده" إلى بنك مصر فرع الإسكندرية برسم التحصيل وأن البنك قام بعمل البروتستو عن الست كمبيالات الأولى فقط أما السبع كمبيالات الأخرى فلم يقدم البنك ما يفيد عمل بروتستو عنها أو أنه قام بتحصيلها لحساب المستأنف الدائن، "المطعون ضده" وهذا الذي قرره الحكم من أن السندات التي قدمها المطعون ضده للتحصيل لم يعمل عنها بروتستو لا مخالفة فيه للثابت في الأوراق ذلك أن الثابت من أصول البروتستات المودعة من الطاعن بملف الطعن أنها عن سندات تحمل الأرقام الآتية: 5076، 4562، 5350، 5640، 7580، 3915، 3568، 4447 بينما السندات التي قدمت للتحصيل - كما قرر الطاعن في مذكراته أمام محكمة الموضوع - تحمل الأرقام الآتية 5867، 5868، 6129، 6130، 6131، 6132، 6133 وهذه السندات لم يقدم عنها الطاعن ما يدل على أنه قام بتحصيلها من المدين أو عمل بروتستو عنها. ومن ثم يكون النعي بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن السبب الخامس يتحصل في النعي على الحكم المطعون فيه بمخالفة القانون والقصور في التسبيب ذلك أنه أقام قضاءه بالتعويض على عدم قيام الطاعن بإعلان المدين ببروتستو عدم الدفع وامتناعه عن تسليم السندات الإذنية إلى المطعون ضده، في حين أن جميع السندات الإذنية التي قدمها المطعون ضده سواء للتأمين أو للتحصيل تعتبر - طبقاً لشروط عقد فتح الاعتماد ضامنة لحقوق البنك تأمينياً فلا يحق للمطعون ضده استلامها. ثم قرر الطاعن أن عدم تسليم المستندات للمطعون ضده لم يمنعه من مطالبة المدين بقيمة تلك السندات، فقد أقام الدعوى الحالية ضد كل من الطاعن والسيد/ خليل ختعن المدين بطلب الحكم بإلزامهما متضامنين بقيمة هذه السندات ثم تنازل عن مخاصمة هذا الأخير أمام محكمة الدرجة الأولى لصدور حكم بإشهار إفلاسه مع أن حكم الإفلاس لم يكن ليحول دون مواصلة السير في الخصومة ضد وكيل الدائنين الذي يمثل المدين المذكور.
وحيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه بمساءلة الطاعن على ما قرره من أنه "كان عليه بوصفه وكيلاً عن المطعون ضده في تحصيل قيمة السندات الإذنية التي ظهرت إليه أن يقوم بما توجبه عليه مقتضيات هذه الوكالة من المطالبة بقيمة السندات المذكورة واتخاذ كافة الإجراءات التحفظية لصيانة حقوق العميل عند امتناع المدين عن الدفع كعمل البروتستو وإذ أهمل الطاعن في مطالبة المدين بقيمة السندات المذكورة وعمل بروتستو عدم الدفع عنها في الميعاد القانوني وترتب على هذا الإهمال ضرر للمطعون ضده، إذ لم يعد في إمكانه مطالبة مدينه بقيمة تلك السندات بسبب الحكم بإشهار إفلاسه كان مسئولاً قبل المطعون ضده" هذا فضلاً عما قرره الحكم من "أن الطاعن احتجز السندات المذكورة ولم يسلمها إلى المطعون ضده رغم إنذاره في 7/ 2/ 1957 وقبل الحكم بإشهار إفلاس المدين، بل وقبل توقفه عن الدفع بتسلمه تلك السندات لاتخاذ الإجراءات ضد مدينه" ولما كان هذا الذي قرره الحكم هو استخلاص سائغ ولا مخالفة فيه للقانون ويؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها، فإن النعي بهذا السبب يكون على غير أساس. ولا يغير من هذه النتيجة قول الطاعن إن السندات المذكورة ضامنة لحقوقه تأمينياً وأنه لا يحق للمطعون ضده استلامها طالما أنه ملتزم قانوناً كوكيل عن المظهر في التحصيل بالمحافظة على حقوق موكله.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 223 لسنة 36 ق جلسة 26 / 11 / 1970 مكتب فني 21 ج 3 ق 194 ص 1189

جلسة 26 من نوفمبر سنة 1970

برياسة السيد المستشار/ الدكتور محمد حافظ هريدي، وعضوية السادة المستشارين: السيد عبد المنعم الصراف، ومحمد صدقي البشبيشي، ومحمد سيد أحمد حماد، وعلي عبد الرحمن.

---------------

(194)
الطعن رقم 223 لسنة 36 القضائية

(أ) خبرة. "بطلان عمل الخبير". محكمة الموضوع. نقض. "أسباب الطعن". "السبب الجديد".
الادعاء ببطلان عمل الخبير. عدم التمسك به أمام محكمة الموضوع. لا تجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
(ب) تعويض. "تقدير التعويض". مسئولية. "المسئولية العقدية". "ركن الضرر".
بيان الحكم في أسبابه عناصر الضرر. لا يعيبه بعد ذلك تقدير تعويض إجمالي عن تلك العناصر.

--------------
1 - إذا لم يثر الطاعن أمام محكمة الموضوع البطلان الذي يدعيه في عمل الخبير فإنه لا يقبل منه التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض.
2 - إذا أوضح الحكم في أسبابه عناصر الضرر الذي لحق المطعون عليه بسبب خطأ الطاعن وبين وجه أحقيته في التعويض عن كل عنصر منها، فإنه لا يعيبه تقدير تعويض إجمالي عن تلك العناصر، إذ لا يوجد في القانون نص يلزم باتباع معايير معينة في خصوصه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الدكتور عوض الله يوسف (المطعون عليه) أقام الدعوى رقم 265 سنة 1952 كلي الزقازيق ضد يوسف اسحق غبريال (الطاعن)، طالباً إلزامه بأن يدفع له مبلغ 2500 ج، وقال في بيان دعواه إنه تعاقد مع المدعى عليه على أن يقيم له عمارة طبقاً للشروط والقيود والمواصفات المبينة بالعقدين المؤرخين في 16 و20/ 7/ 1950 والرسوم الملحقة بهما الموقع عليها من المدعى عليه الذي تعهد بتسليم العمارة كاملة في ميعاد غايته 10/ 11/ 1950، وإلا التزم بدفع غرامة يومية قدرها 2 ج حتى التسليم، إلا أنه خالف الشروط والمواصفات المتفق عليها كما لم ينجز العمل في الموعد المحدد رغم إنذاره، ولما رفع عليه دعوى إثبات الحالة رقم 49/ 1951 مستعجل الزقازيق، تعهد بتاريخ 21/ 5/ 1951 بإتمام ما لم يتم من العمل ونزع المخالف للمواصفات، حتى إذا ما أتم ذلك كان على المدعي أن يدفع له ما جملته 1693 ج من ذلك 233 ج عند تسليم العمارة، 730 ج في 1/ 1/ 1952، 730 ج في 1/ 6/ 1952 وتحرر بكل من المبلغين الأخيرين سند، إلا أنه لم ينفذ ما تعهد به، وأقام ضده دعوى طالبه فيها بمبلغ الـ 233 ج المتفق على سداده عند تسليم العمارة، وإذ أثبت خبير دعوى إثبات الحالة ما ارتكبه المدعى عليه من مخالفات، فقد أقام هذه الدعوى بما يستحقه من تعويض عنها بينما أقام المدعى عليه الدعويين 281 سنة 1952، 367 سنة 1952 كلي الزقازيق، طلب في الأولى إلزامه بأن يدفع له مبلغ 1460 ج موضوع السندين المؤرخين 21/ 5/ 1951 وفوائده بواقع 7% من تاريخ الاستحقاق حتى السداد، وطلب في الثانية إلزامه أيضاً بأن يدفع له مبلغ 233 ج المتفق على سداده عند التسليم، وبعد أن قررت المحكمة ضم الدعاوى الثلاث ليصدر فيهم حكم واحد، حكمت فيها قبل الفصل في الموضوع بندب خبير دعوى إثبات الحالة، للانتقال إلى العمارة محل التداعي ومعاينتها وتقدير قيمة الأعمال الناقصة أو المخالفة للشروط والمواصفات المتفق عليها على أساس ما أورده بتقريره المودع في دعوى إثبات الحالة ولما قدم الخبير تقريره الذي قدر فيه قيمة المخالفات الناقصة بمبلغ 614 ج و539 م اعترض عليه الطرفان، وحكمت المحكمة بتاريخ 8/ 3/ 1956 بإعادة المأمورية للخبير المندوب لبيان أوجه الصحة في اعتراضات الطرفين على تقريره ولتقدير التعويض اللازم للمدعي أصلاً إذا ما أعاد الأعمال وفق شروط الاتفاق والفرق الذي يلتزم به مقابل استبدال الأعمال والأخشاب والأدوات، حتى تأتي العمارة في الصورة المتفق عليها، وإجمالاً تقدير الأضرار التي أصابت صاحبها نتيجة عدم مراعاة الشروط المتفق عليها، وبعد أن قدم الخبير ملحق تقريره الذي قدر فيه ما يستحقه المدعي من تعويض بمبلغ 446 ج و869 م حكمت المحكمة بتاريخ 26/ 4/ 1960 (أولاً) وفي الدعوى رقم 265 سنة 1952 كلي الزقازيق برفضها (ثانياً) وفي الدعوى رقم 281 سنة 1952 كلي الزقازيق بإلزام المدعى عليه فيها بأن يدفع لمدعيها مبلغ 1246 ج و131 م وفوائده القانونية بواقع 4% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة في 18/ 1/ 1952 حتى السداد (ثالثاً) وفي الدعوى رقم 367 سنة 1952 كلي الزقازيق برفضها، وذلك استناداً إلى أن ما يستحقه المدعي في الدعوى الأولى من تعويض هو 446 ج و869 م خصم منه مبلغ الـ 233 ج موضوع الدعوى رقم 367 سنة 1952 وخصم الباقي وقدره 213 ج 869 م من مبلغ الـ 1460 ج موضوع الدعوى رقم 281 سنة 1952 استأنف المطعون ضده الحكم الصادر في الدعويين 265 و281 سنة 1952 كلي الزقازيق لدى محكمة استئناف المنصورة (مأمورية الزقازيق) طالباً (أولاً) إلغاء الحكم المستأنف الصادر في الدعوى رقم 265 سنة 1952 كلي الزقازيق والحكم بإلزام المستأنف عليه (الطاعن) بأن يدفع له مبلغ 2500 ج (ثانياً) إلغاء الحكم المستأنف الصادر في الدعوى رقم 281 سنة 1952 كلي الزقازيق والحكم بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة أو من غير ذي مصلحة أو رفضها، وقيد هذا الاستئناف برقم 179 سنة 3 ق، وبتاريخ 10/ 12/ 1962 حكمت المحكمة (أولاً) ببطلان الاستئناف المرفوع عن الحكم الصادر في الدعوى رقم 281 سنة 1952 كلي الزقازيق (ثانياً) بالنسبة للاستئناف المرفوع عن الحكم الصادر في الدعوى رقم 265 سنة 1952 كلي الزقازيق بقبوله شكلاً وقبل الفصل في موضوعه بندب مكتب الخبراء الحكوميين بالزقازيق لتكليف من يرى ندبه من خبرائه المختصين لفحص اعتراضات المستأنف على أعمال خبير الدرجة الأولى، وبيان المخالفات التي وقعت في تنفيذ المقاولة المتفق عليها بين الطرفين بموجب الأوراق المحررة فيها، وتقدير ما يكون قد لحق المستأنف من خسارة أو فات عليه من كسب في القيمة الإيجارية، نتيجة لما يثبت من إخلال بتلك المقاولة، وعلى الخبير تحقيق الوقت الذي تم فيه تسليم العمارة بحالتها، وتقدير قيمة الضرر الذي ترتب على تأخير التسليم عن الوقت المتفق عليه إن كان ثمة تأخير، وعليه كذلك تحقيق ما يكون المستأنف قد قام به من أعمال على حسابه داخلاً أصلاً في اتفاق المقاولة وتقدير قيمة ما أنفقه في هذه الأعمال، وبعد أن قدم الخبير تقريره حكمت المحكمة بتاريخ 24/ 4/ 1966 في موضوع الاستئناف المرفوع عن الحكم الصادر في الدعوى رقم 265 سنة 1952 كلي الزقازيق بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من رفض طلب التعويض فيما زاد عن مبلغ 446 ج و869 م وإلزام المستأنف ضده (الطاعن) بأن يدفع للمستأنف مبلغ ألف جنيه، وطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض للسببين الواردين بالتقرير، وعرض الطعن على هذه الدائرة حيث أصر الطاعن على طلب نقض الحكم، ولم يحضر المطعون عليه ولم يبد دفاعاً وأصرت النيابة العامة على رأيها الذي أبدته بمذكرتها وطلبت رفض الطعن.
وحيث إن الطاعن ينعى في السبب الأول على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، والخطأ في تطبيقه من وجهين، أولهما أنه وقد قضت المحكمة ببطلان الاستئناف المرفوع عن الحكم الصادر في الدعوى رقم 281 سنة 1952 كلي الزقازيق التي طلب الطاعن فيها إلزام المطعون عليه بقيمة السندين المؤرخين في 21/ 5/ 1952 والتي تمثل باقي ثمن أعمال المقاولة، وأصبح ذلك الحكم نهائياً، فإنه ما كان يجوز إثارة الجدل ثانية حول مدى مطابقة تنفيذه لشروط المقاولة، إذ تحول قوة الأمر المقضي دون ذلك، وثانيهما أن الحكم المطعون فيه قد اعتمد جزئياً التقرير المقدم من الخبير أمام محكمة الاستئناف رغم بطلان عمل الخبير لعدم إخطار الطاعن بالجلسات التي حددها لأداء المأمورية ومباشرتها في غيبته دون علم منه.
وحيث إن النعي مردود في الوجه الأول، ذلك أن الحكم الابتدائي الصادر في الدعوى رقم 281 لسنة 1952 كلي الزقازيق، والذي أصبح نهائياً بالقضاء ببطلان الاستئناف المرفوع عنه قد أكد خطأ الطاعن وإخلاله بما التزم به في عقد المقاولة واستحقاق المطعون عليه للتعويض الجابر للضرر والناشئ عن هذا الضرر والذي قدره بمبلغ 446 ج و829 م، وأجري خصمه من المبالغ المستحقة للطاعن والمطالب بها في الدعويين رقم 281 و367 سنة 1952 كلي الزقازيق، وإذ كان ذلك فلا على المطعون عليه إن نازع في مقدار التعويض المقضى له به وطلب زيادته، إذ لا تحول قوة الأمر المقضي دون ذلك. والنعي غير مقبول في الوجه الثاني، ذلك أنه لما كان الثابت من الأوراق أن الطاعن لم يثر أمام محكمة الموضوع البطلان الذي يدعيه، فإنه لا يقبل منه التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض.
وحيث إن الطاعن ينعى في السبب الثاني على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم اكتفى عند بحثه مسئولية الطاعن وتقدير ما لحق المطعون عليه من ضرر بالإحالة إلى تقرير الخبير الذي ندبه. وإلى تقرير خبير محكمة أول درجة وملحقه رغم قيام التعارض بينها، ولم يبين ما اعتمد به من تلك التقارير وما أطرحه منها، كما لم يبين مفردات التعويض المحكوم عليه به فجاء مشوباً بالتناقض والفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب.
وحيث إن النعي مردود في شقه الأول، بأن الحكم المطعون فيه على ما أفصحت عنه أسبابه أقام قضاءه على ما ثبت له من تقرير خبير محكمة ثاني درجة الذي أورد مضمونه، ولم يشر إلى تقرير خبير محكمة أول درجة أو خبير دعوى إثبات الحالة مما مؤداه أنه لم يعول في قضائه على أي منهما. والنعي مردود في شقه الثاني بأن الحكم المطعون فيه وقد أوضح بأسبابه عناصر الضرر الذي لحق المطعون عليه بسبب خطأ الطاعن وبين وجه أحقيته في التعويض عن كل عنصر منها، فإنه لا يعيبه تقدير تعويض إجمالي عن تلك العناصر، إذ لا يوجد في القانون نص يلزم باتباع معايير معينة في خصوصه.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 317 لسنة 30 ق جلسة 16 / 11 / 1965 مكتب فني 16 ج 3 ق 165 ص 1059

جلسة 16 من نوفمبر سنة 1965

برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمد عبد اللطيف، وإميل جبران، وأمين فتح الله، والسيد عبد المنعم الصراف.

------------------

(165)
الطعن رقم 317 لسنة 30 القضائية

تموين. استيلاء. "الاستيلاء الناقل للملكية". ملكية. ضريبة. "فرضها بالطريق القانوني".
الاستيلاء الناقل للملكية لا يتحقق من مجرد صدور قرار الاستيلاء في ذاته. يشترط أن يكون الاستيلاء فعلياً مقترناً بالتسليم للمواد المستولى عليها بجردها جرداً وصفياً في حضور ذوي الشأن أو بعد دعوتهم للحضور بخطاب مسجل. عدم توافر هذه الشروط. اعتبار قرار الاستيلاء إجراءاً تنظيمياً قصد به العدالة في التوزيع ومنع المضاربة في السلعة لا تنتقل به الملكية ولا الحيازة إلى الحكومة. تحصيل الحكومة حصيلة من ثمن السلعة. اعتباره نوعاً من الضريبة أو الرسوم المفروضة بغير الطريق القانوني والتي لا يصح الاتفاق عليها (1).

-----------------
الاستيلاء الذي تنتقل بموجبه ملكية الشيء المستولى عليه إلى الحكومة لا يتحقق من مجرد صدور قرار الاستيلاء في ذاته وإنما يشترط - على ما جرى به قضاء محكمة النقض - الاستيلاء الفعلي المقترن بالتسليم للمواد المستولى عليها ويكون ذلك بجردها جرداً وصفياً في حضور ذوي الشأن أو بعد دعوتهم للحضور بخطاب مسجل فإذا لم تتوافر هذه الشروط فإن قرار الاستيلاء لا يعدو أن يكون إجراءاً تنظيمياً قصد به تحقيق العدالة في التوزيع على المستهلكين ومنع المضاربة في السلعة وتحديد الكميات الواجب صرفها منها وليس من شأن مثل هذا القرار نقل ملكية السلعة أو نقل حيازتها إلى الحكومة ولا تملك الحكومة بموجبه وبمجرد صدوره اقتضاء حصيلة من ثمن السلعة فإن فعلت عدت الحصيلة التي تستولى عليها نوعاً من الضريبة أو الرسوم المفروضة بغير الطريق القانوني.
ولا يصح الاتفاق على فرض هذه الحصيلة لمخالفة ذلك للنظام العام إذ الضريبة لا تفرض بالاتفاق.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وغيره من الأوراق - تتحصل في أن الطاعنة أقامت الدعوى رقم 2987 لسنة 1946 كلي القاهرة طالبة الحكم بإلزام المطعون عليهم متضامنين أن يدفعوا لها مبلغ 56982 ج و964 م مع الفوائد القانونية والمصروفات، وقالت شرحاً لها إن وزارة التموين أصدرت ثلاثة قرارات بالاستيلاء على جميع الأخشاب التي استوردها من الخارج - أو يستوردها مستقبلاً - الشركة الطاعنة وتجار آخرون، وبعد صدور هذه القرارات جرت محادثات شفوية بين الطاعنة ووزارة التموين وتبودلت بينهما المكاتبات وانتهى الأمر إلى بقاء الأخشاب في حيازة الطاعنة، تبيعها للجمهور بثمن قدره 52 ج للمتر المكعب من خشب السويد و28 ج و250 م للمتر المكعب من الخشب الفاليرى، وتأخذ لنفسها 35 ج من ثمن كل متر من النوع الأول و20 ج من ثمن كل متر من النوع الثاني، وتدفع الباقي للوزارة - وتقول الطاعنة إنها بسبب هذه الإجراءات التي اتخذتها معها وزارة التموين، اضطرت إلى أن تدفع لحسابها في البنك المبلغ الذي من أجله أقامت هذه الدعوى بطلب استرداده - وتبني الطاعنة دعواها على أن قرارات الاستيلاء ليست صحيحة قانوناً وأن المبالغ التي دفعتها للبنك لحساب وزارة التموين ليست في حقيقتها إلا ضريبة قصد بها مقاسمة التجار أرباحهم بغير سند من القانون - دفع المطعون عليهم الدعوى بعدة دفوع، وطلبوا الحكم برفضها موضوعاً، وأقاموا من جانبهم دعوى فرعية بالمبلغ الباقي على الطاعنة - وبتاريخ 7/ 6/ 1958 حكمت المحكمة برفض الدفوع وبرفض دعوى الطاعنة، وندبت في الدعوى الفرعية خبيراً لإجراء الحساب - استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالنسبة لقضائه برفض دعواها وقيد استئنافها برقم 74 لسنة 76 ق القاهرة، وكذلك استأنفه المطعون عليهم بالنسبة لقضائه برفض الدفوع وقيد استئنافهم برقم 715 لسنة 77 ق. وبتاريخ 19/ 5/ 1960 حكمت المحكمة برفض الاستئنافين وبتأييد الحكم المستأنف - طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة برأيها متضمنة طلب نقض الحكم، وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون وبتاريخ 2/ 2/ 1964 قررت إحالته إلى هذه الدائرة، وفي الجلسة المحددة لنظره صممت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إن مما تنعاه الشركة الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والخطأ في الإسناد والقصور في الأسباب - وفي بيان ذلك تقول إن الحكم المطعون فيه الذي أيد الحكم الابتدائي لأسبابه وللأسباب الأخرى التي أضافها قائم في موضوع الدعوى على أن قرارات الاستيلاء ينبني عليها نقل ملكية الأخشاب إلى الحكومة وبذلك تكون هي صاحبة الحق في بيعها وفي توزيعها على الجمهور بالثمن الذي تراه مناسباً - هذا في حين أن الاستيلاء الذي صدرت به هذه القرارات هو - على خلاف ما ذكره الحكم المطعون فيه - استيلاء عام مجرد ليس من شأنه أن ينقل الملكية ولا الحيازة إلى الحكومة، وقد بقيت الأخشاب حيث هي، تبيعها الطاعنة، وتدفع من ثمن البيع - في البنك ولحساب وزارة التموين - الحصة التي فرضتها عليها، مع أن حصيلة هذه الحصة ليست إلا ضريبة مفروضة بغير الطريق القانوني - أما الاتفاقات التي فرضت على الطاعنة عقب صدور قرار الاستيلاء وكان من مقتضاها دفع الطاعنة - لحساب الحكومة - المبالغ المستقطعة من الثمن، فهي اتفاقات عديمة الأثر قانوناً، إذ الضريبة لا تقرر اتفاقاً بين الفرد والحكومة - وما دام الأساس الوحيد لهذه الاتفاقات هو قرار الاستيلاء فإنها تسقط بسقوطه، وما ذكره الحكم المطعون فيه من أن الأخشاب المستولى عليها قد حددت تحديداً دقيقاًًًًًًً بموجب قرارات الاستيلاء الثلاثة هو قول غير صحيح، إذ لم يرد في القرار الأول أي تحديد لكمية الأخشاب ولا أي تحديد لنوعها - والقراران الثاني والثالث لم يجيئا إلا توكيداً لهذا القرار - هذا إلى أنه يتعين لصحة قرار الاستيلاء عمل جرد وصفي للبضاعة المستولى عليها، ولم يبين الحكم المطعون فيه ما إذا كان هذا الشرط قد توافر أم لا، وما قرره من أن الأخشاب سعرت بالطريق القانوني تسعيراً جبرياً تلتزم به الطاعنة لا سند له من الأوراق إذ لم يصدر قرار بتسعير الأخشاب ولم يكن قيام الطاعنة بدفع حصة من ثمن بيع الخشب لحساب الحكومة، سببه صدور قرار بالتسعير - وتقول الطاعنة أيضاً أنه لا صحة لما قرره الحكم المطعون فيه من أنه بفرض أن قرارات الاستيلاء تنطوي على ضريبة فرضت بغير الطريق القانوني فليست الطاعنة هي التي تطالب باستردادها لأن دافع الزيادة في السعر هو المستهلك، وهو بهذه الصفة صاحب الحق في طلب استردادها - لا صحة لهذا القول لأن الحكومة معترفة في المذكرات المقدمة منها إلى محكمة الموضوع، بأن الطاعنة كانت تبيع الخشب من قبل صدور قرارات الاستيلاء بنفس السعر الذي حددته وزارة التموين بعدها، وقدره 52 جنيهاً للمتر من خشب السويد و30 جنيهاً للمتر من خشب الفاليرى، وهو ما يدل على أن المستهلك لم تلحقه أية خسارة ولم تفرض عليه أية زيادة في الثمن - ولو أن قرارات الاستيلاء لم تصدر لاستمرت الطاعنة في قبض الثمن كاملاً بالأسعار التي كانت تبيع بها من قبل - أما وقد حرمت من المبالغ التي استقطعت من الثمن لحساب الحكومة، نتيجة صدور قرارات الاستيلاء الباطلة، فإنها تكون صاحبة الحق في طلب استرداد هذه المبالغ - وأخيراً تقول الطاعنة أنها تمسكت بهذا الدفاع أمام محكمة الاستئناف وقدمت أدلتها على صحته، لكن المحكمة أغفلته ولم ترد عليه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه يستفاد من الاطلاع على أسباب الحكم الابتدائي المؤيد استئنافياً وعلى الأسباب الأخرى التي أضافها الحكم المطعون فيه، أنه قضى برفض دعوى الطاعنة تأسيساً على أن قرارات الاستيلاء صحيحة، ينبني عليها نقل ملكية الأخشاب إلى الحكومة وبذلك تكون هي صاحبة الحق في بيعها وفي توزيعها على الجمهور بالثمن الذي تراه مناسباً ويحق لها أن تتفق على هذا الثمن فيما بينها وبين الطاعنة، صاحبة الخشب أصلاً - ويبين من الاطلاع على قرارات الاستيلاء أنه بتاريخ 19/ 9/ 1945 أصدر وزير التموين قرار الاستيلاء رقم 475 لسنة 1945 ونص في المادة الأولى منه على أنه (يستولى على جميع الأخشاب الواردة من السويد برسم دائرة أسعد باسيلي وعلى الأخشاب التي وردت أو سترد مستقبلاً برسم اتحاد مستوردي الأخشاب أو برسم أي مستورد آخر سواء كانت في الدوائر الجمركية أو بأي مكان تكون هذه الأخشاب قد نقلت إليه بجميع أنحاء المملكة المصرية) وبتاريخ 6/ 10/ 1945 أصدر وزير التموين قرار الاستيلاء رقم 525 لسنة 1945 ونص في مادته الأولى على أنه (يستمر الاستيلاء استيلاءً عاماً على المواد الآتية:... جميع الأخشاب التي وردت أو سترد مستقبلاً برسم اتحاد مستوردي الأخشاب أو برسم أي مستورد آخر سواء كانت بالدوائر الجمركية أو بأي مكان تكون هذه الأخشاب قد نقلت إليه بجميع أنحاء المملكة المصرية) وأصدر وزير التموين بتاريخ 9/ 10/ 1945 قرار الاستيلاء رقم 535 لسنة 1945، وقد نص فيه على أنه (بعد الاطلاع على القرارين سالفي الذكر، وحيث إنه صدر القرار رقم 475 لسنة 1945 بالاستيلاء على رسالة خشب السويد الواردة باسم دائرة أسعد باسيلي وقدرها 5000 متر مكعب وصدر القرار رقم 525 لسنة 1945 باستمرار الاستيلاء على هذه الرسالة. وحيث إن دائرة أسعد باسيلي أبدت وقت صدور القرار الأول ولدى الشروع في تنفيذه أنه متبق لديها كمية قدرها 2291 متراً مكعباً من الرسالة المذكورة. وحيث إنه قد اتضح أن هناك كمية أخرى قدرها 2500 متر مكعب من خشب السويد لا تزال باقية من الرسالة المذكورة بالدائرة علاوة على كمية الـ 2291 متراً مكعباً التي تنفذ عليها الاستيلاء - قررنا: مادة (1) يستمر الاستيلاء على 2500 متر من رسالة الخشب الواردة من السويد برسم دائرة أسعد باسيلي وهي المتبقية لدى الدائرة علاوة على كمية الـ 2291 متراً مكعباً من خشب السويد التي سبق تنفيذ قرار الاستيلاء عليها من الرسالة سواء كانت هذه الكمية موجودة بدائرة أسعد باسيلي أو بأي مكان تكون قد نقلت إليه) ولما كان الاستيلاء الذي تنتقل بموجبه ملكية الشيء المستولى عليه إلى الحكومة لا يتحقق من مجرد صدور قرار الاستيلاء في ذاته، وإنما يشترط - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - الاستيلاء الفعلي المقترن بالتسليم للمواد المستولى عليها, ويكون ذلك بجردها جرداً وصفياً في حضور ذوي الشأن أو بعد دعوتهم للحضور بخطاب مسجل, فإذا لم تتوافر هذه الشروط فإن قرار الاستيلاء لا يعدو أن يكون إجراءاً تنظيمياً قصد به تحقيق العدالة في التوزيع على المستهلكين ومنع المضاربة في السلعة وتحديد الكميات الواجب صرفها منها, وليس من شأن مثل هذا القرار, نقل ملكية السلعة, أو نقل حيازتها, إلى الحكومة, ولا تملك الحكومة بموجبه وبمجرد صدوره اقتضاء حصيلة من ثمن السلعة, فإن فعلت عدت الحصيلة التي تستولى عليها نوعاً من الضريبة أو الرسوم المفروضة بغير الطريق القانوني - كما أنه لا يصح الاتفاق على فرض هذه الحصيلة لمخالفة ذلك للنظام العام، إذ الضريبة لا تفرض بالاتفاق - لما كان ذلك، وكانت عبارة قرار الاستيلاء الأول - على ما سبق بيانه - جاءت عامة شاملة لما ورد من الأخشاب، ولما سيرد منها في المستقبل لحساب الطاعنة أو لحساب غيرها ممن لم يعينهم القرار بالاسم، ولم يرد بها أي تحديد للكميات ولا لنوع الأخشاب، ولم يصدر القراران الثاني والثالث إلا توكيداً للقرار الأول - وإذ اعتبر الحكم المطعون فيه أن من شأن قرارات الاستيلاء، هذه، نقل ملكية الأخشاب إلى الحكومة وقرر "أن الأخشاب المستولى عليها قد حددت تحديداً دقيقاً" دون أن يستظهر تحقق شرط جرد الأخشاب جرداً وصفياً، مع أن توافر هذا الإجراء - على ما سبق بيانه وما تقضي به المادتان 45 و46 من القانون رقم 95 لسنة 1945 الخاص بشئون التموين - لازم حتى يكون الاستيلاء ناقلاً للملكية - وإذ كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد قرر أنه بفرض أن قرارات الاستيلاء تنطوي على ضريبة فرضت بغير الطريق القانوني فليست الشركة الطاعنة هي التي تطالب باستردادها لأنها لم تتحمل عبئها، فلا حق لها في التحدث عنها وأن دافع هذه الضريبة - وهو المستهلك - هو صاحب الحق في طلب استردادها - هذا في حين أنه يبدو مما سلف، أن الطاعنة هي التي كانت تقوم بدفع هذه الضريبة من ثمن الأخشاب المملوكة لها - وقد تمسكت بهذا الدفاع في المذكرة المقدمة منها إلى محكمة الاستئناف، لجلسة 19/ 5/ 1960، والمودعة صورة لها بملف هذا الطعن - كما تمسكت أيضاً في هذه المذكرة بأن وزارة التموين قد أقرت بأن المستهلك كان يشتري الخشب قبل صدور قرارات الاستيلاء بنفس السعر الذي حددته الوزارة بعد صدور هذه القرارات - ولم يتناول الحكم هذا الدفاع الجوهري بالرد - إذ كان ما تقدم، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد خالف القانون، وجاء مشوباً بالخطأ في الإسناد والقصور في التسبيب، بما يستوجب نقضه بغير حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.


(1) راجع: نقض 12 ديسمبر سنة 1963 بمجموعة المكتب الفني س 14 ص 1139 ونقض 13/ 12/ 1962 س 13 ص 113 ونقض 21/ 12/ 1961 س 18 ص 810.

الطعن 161 لسنة 36 ق جلسة 26 / 11 / 1970 مكتب فني 21 ج 3 ق 193 ص 1181

جلسة 26 من نوفمبر سنة 1970

برياسة السيد المستشار/ إبراهيم عمر هندي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: الدكتور محمد حافظ هريدي، والسيد عبد المنعم الصراف، ومحمد صدقي البشبيشي، ومحمد سيد أحمد حماد.

-----------------

(193)
الطعن رقم 161 لسنة 36 القضائية

(أ) عقد. "فسخ العقد". "الشرط الفاسخ الصريح".
مناط سلب سلطة القاضي التقديرية في صدد الفسخ عند الاتفاق على أن يكون العقد مفسوخاً من تلقاء نفسه دون حاجة إلى تنبيه أو إنذار. وجوب تحققه من توافر شروط الفسخ الاتفاقي. لا يبقى للدائن عند عدم تحقق ذلك سوى التمسك بالفسخ القضائي.
(ب) عقد. "فسخ العقد". "الشرط الفاسخ الصريح". بيع.
اختلاف شرط الفسخ الصريح وشرطه الضمني طبيعة وحكماً. مثال في عقد بيع.

---------------
1 - لئن كان الاتفاق على أن يكون العقد مفسوخاً من تلقاء نفسه دون حاجة إلى تنبيه أو إنذار عند الإخلال بالالتزامات الناشئة عنه من شأنه أن يسلب القاضي كل سلطة تقديرية في صدد الفسخ، إلا أن ذلك منوط بتحقق المحكمة من توافر شروط الفسخ الاتفاقي ووجوب إعماله، ذلك أن للقاضي الرقابة التامة للتثبت من انطباق الشرط على عبارة العقد، كما أن له عند التحقق من قيامه مراقبة الظروف الخارجية التي تحول دون إعماله، فإن تبين له أن الدائن قد أسقط خياره في طلب الفسخ بقبوله الوفاء بطريقة تتعارض مع إرادة فسخ العقد أو كان الدائن هو الذي تسبب بخطئه في عدم تنفيذ المدين لالتزامه، أو كان امتناع المدين عن الوفاء مشروعاً بناء على الدفع بعدم التنفيذ في حالة توافر شروطه، تجاوز عن شرط الفسخ الاتفاقي، فلا يبقى للدائن سوى التمسك بالفسخ القضائي طبقاً للمادة 157 من القانون المدني.
2 - متى انتهى الحكم إلى اعتبار العقد مفسوخاً من تلقاء نفسه، في حين أن الثابت أن العقد لم يتضمن النص على الفسخ بإرادة الدائن، وإنما نص فقط في البند الثاني على حلول الأقساط المتفق عليها عند التخلف عن دفع إحداها في موعده مع استحقاق فائدة بواقع 4% سنوياً من تاريخ التخلف حتى السداد، ومن ثم فلا يترتب على مخالفة هذا البند سوى فسخ العقد بناء على الشرط الفاسخ الضمني المفترض في العقود الملزمة للجانبين. ولما كان شرط الفسخ الصريح وشرطه الضمني يختلفان طبيعة وحكماً وكان الشرط الضمني لا يستوجب الفسخ حتماً بمجرد حصول الإخلال بالالتزام، إذ هو خاضع لتقدير القاضي، وللقاضي أن يمهل المدين كما أن للمدين أن يتفادى الفسخ إذا قام بتنفيذ الالتزام قبل صدور الحكم النهائي فإن الحكم المطعون فيه، إذ استند في قضائه باعتبار العقد مفسوخاً من تلقاء نفسه إلى ما ورد بالبند الثاني من العقد، يكون قد خالف الثابت بالأوراق ومسخ اتفاق الطرفين، مما يعيبه ويستوجب نقضه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن السيدة/ هانم عبده الجيار أقامت الدعوى رقم 103 سنة 1964 كلي المنصورة ضد الطاعنين تطلب الحكم باعتبار عقد البيع المؤرخ 17/ 2/ 1962 مفسوخاً واعتبار مبلغ العربون المدفوع وقدره ثلاثة آلاف جنيه حقاً خالصاً لها وتسليم الأطيان المبيعة وقالت بياناً للدعوى إنه بمقتضى العقد المذكور اشترى منها الطاعنون 50 فداناً موضحة الحدود والمعالم بالعقد وبصحيفة الدعوى مقابل ثمن قدره 15000 ج، دفع منه وقت التعاقد 500 ج والتزم المشترون بدفع مبلغ 2500 ج قبل استلام الأطيان المحدد له أول نوفمبر سنة 1962، وإلا يصبح العقد مفسوخاً من تلقاء نفسه بدون تنبيه أو إنذار واعتبار العربون المدفوع حقاً مكتسباً للبائعة، أما الباقي وقدره 12 ألف جنيه فقد التزم المشترون بدفعه على سبعة أقساط سنوية متساوية ابتداء من 31/ 10/ 1963 على أن تحل باقي الأقساط فوراً وبدون تنبيه أو إنذار أو حكم، إذا تخلف المشترون عن دفع أي قسط أو جزء منه في موعده مع استحقاق الفوائد بواقع 4% سنوياً من تاريخ التأخير حتى تمام السداد، ولما كان المشترون لم يدفعوا للمدعية غير المبلغ المذكور بالعقد وقدره 500 ج ومبلغ 1500 ج من مقدم الثمن الواجب دفعه قبل استلام الأطيان المبيعة وقاموا بالاستيلاء على هذه الأطيان بدون رضاها، فقد اضطرت إلى رفع الدعوى رقم 747 سنة 1963 مستعجل بندر المنصورة للحكم بتعيينها أو بتعيين من ترشحه حارساً على هذه الأطيان لإدارتها وتحصيل الغلة لنفسها حتى تستوفي باقي حقوقها قبل المدعى عليهم، ولدى نظر دعوى الحراسة بجلسة 22/ 1/ 1964 عرض المشترون على المدعية مبلغ ألف جنيه فتسلمته، مع احتفاظها بحقها في اعتباره العقد مفسوخاً. وإذ كانت المبالغ التي قبضتها المدعية وقدرها ثلاثة آلاف جنيه قد دفعها المشترون على سبيل العربون وكان المتفق عليه اعتبار العقد مفسوخاً بلا تنبيه أو إنذار واعتبار العربون حقاً خالصاً للبائعة بمجرد تراخي المدعى عليهم في تنفيذ التزاماتهم طبقاً لما ورد بالبندين الثاني والتاسع من عقد البيع - وكانت المدعية رغم ذلك قد قامت بإعذار المدعى عليهم بتاريخ 9/ 12/ 1963 بحلول الثمن جميعه وكلفتهم بضرورة السداد في مدى ثمانية أيام، وإلا اعتبر العقد مفسوخاً كما أعادت إعذارهم في صحيفة الدعوى بتكليفهم بوفاء الثمن وفوائده في مدى يومين من إعلانهم بها، وإلا حق لها أن تؤكد انفساخ العقد إعمالاً لنصوصه فقد انتهت إلى طلب الحكم لها بطلباتها سالفة البيان، وبجلسة 31/ 3/ 1965 عرض المشترون على المدعية مبلغ 1500 ج خصماً من الثمن وإذ رفضت استلامه أودعوه على ذمتها بخزينة المحكمة، وقدموا مذكرة بدفاعهم طلبوا فيها الحكم بصحة العرض والإيداع الحاصلين بالنسبة للمبلغ المشار إليه، وبتقسيط باقي الثمن على عشرة أقساط سنوية، كما طلبوا الحكم برفض الدعوى استناداً إلى أن الشرط الصريح الفاسخ الوارد بالعقد قاصر فقط على حالة عدم سداد مبلغ ثلاثة آلاف جنيه من الثمن، وإذ تم سداد هذا المبلغ للمدعية قبل رفع الدعوى، فإن حقها في إعمال الشرط يكون قد سقط ولا يكون لها سوى المطالبة بباقي الثمن وفوائده طبقاً للبند الثاني من العقد أو التمسك بأحكام القواعد العامة في الفسخ طبقاً لنص المادة 157 من القانون المدني في حالة ثبوت الامتناع عن الوفاء بدون مقتض، وفي 28/ 4/ 1965 حكمت المحكمة (أولاً) بفسخ عقد البيع العرفي المحرر في 17/ 2/ 1962 وبإلزام المدعى عليهم بتسليم الخمسين فداناً الموضحة الحدود به وبالصحيفة وملحقاتها للمدعية واعتبار مبلغ العربون وقدره 500 ج حقاً خالصاً لها. (ثانياً) بإلزام المدعية بأن تدفع للمدعى عليهم مبلغ 2500 ج. (ثالثاً) بإلزام المدعى عليهم المصروفات المناسبة ومبلغ 500 قرش مقابل أتعاب المحاماة، ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات. واستأنف المدعى عليهم هذا الحكم لدى محكمة استئناف المنصورة طالبين إلغاءه والحكم برفض الدعوى وقيد هذا الاستئناف برقم 188 سنة 17 ق. كما استأنفته المدعية طالبة إلغاءه فيما قضى به من إلزامها بدفع مبلغ 2500 ج للمدعى عليهم وقيد استئنافها برقم 266 سنة 17 ق. وفي أثناء نظر الاستئنافين عرض المشترون بجلسة 31/ 3/ 1965 على البائعة مبلغ 2086 ج و150 مليماً، مبلغ 2913 ج و850 مليماً، وإذ رفضت قبولهما فقد تم إيداع المبلغين على ذمتها بخزينة المحكمة ليصرف أولهما بدون قيد أو شرط وليصرف الثاني بعد شطب ما على الأطيان المبيعة من قيود وتسجيلات، وتمسك الطاعنون بدفاعهم الذي أبدوه لدى محكمة أول درجة وأضافوا إليه أن عقد البيع موضوع النزاع بما تضمنه من شرط فاسخ صريح قد تم العدول عنه باتفاق الطرفين عند إعداد مشروع العقد النهائي الموقع من محامي البائعة بتاريخ 16/ 6/ 1963، وفي 5/ 3/ 1966 حكمت المحكمة بقبول الاستئنافين شكلاً وفي الموضوع (أولاً) برفض الاستئناف رقم 188 سنة 17 ق وإلزام رافعيه المصروفات ومبلغ 500 قرش مقابل أتعاب المحاماة. (ثانياً) بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من إلزام المستأنفة في الاستئناف رقم 266 سنة 17 ق بأن تدفع للمستأنف عليهم مبلغ 2500 ج وبإلزام المستأنف عليهم مصروفات هذا الاستئناف. (ثالثاً) بتأييد الحكم المستأنف فيما عدا ذلك. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض للأسباب الواردة في التقرير وعرض الطعن على هذه الدائرة حيث أصر الطاعنون على طلب نقض الحكم وطلبت المطعون عليها رفض الطعن وقدمت النيابة العامة مذكرة برأيها وطلبت رفض الطعن.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنون في السببين الأول والرابع على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون ومخالفة الثابت بالأوراق والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقولون إن الحكم قضى باعتبار العقد مفسوخاً من تلقاء نفسه، استناداً إلى تحقق الشرط الفاسخ الصريح الوارد في البند التاسع من عقد البيع لعدم قيام الطاعنين بسداد مقدم الثمن المتفق عليه حتى أول نوفمبر سنة 1962 من جهة، ولتخلفهم عن أداء الثمن رغم إعذارهم بحلول جميع الأقساط طبقاً لنص البند الثاني من العقد من جهة أخرى، وأنه لا يحول دون وقوع هذا الفسخ قيام الطاعنين بسداد مقدم الثمن للبائعة لحصول هذا السداد بعد موعده، هذا في حين أن المحكمة إذ واجهت النزاع الحالي لم تكن أمام الحالة المنصوص عليها في البند التاسع من العقد لأن المشترين (الطاعنين) كانوا قد دفعوا فعلاً للبائعة ما يكمل 60 ج عن كل فدان من الأطيان المبيعة قبل رفع دعوى الفسخ، كما أن المحكمة لم تنظر إلى نية المطعون عليها في إسقاط خيارها بالفسخ ورغبتها في تنفيذ العقد، وذلك لقبولها تسليم الأطيان للطاعنين اكتفاء بقبض مبلغ 1500 ج ومطالبتها في إنذارها المؤرخ 9/ 12/ 1963 بجميع الثمن لحلول أقساطه طبقاً لنص البند الثاني من العقد، ولرفع دعوى الحراسة طبقاً لما ورد بهذا البند لاستلام الأطيان وإدارتها حتى تستوفي حقوقها أو تباع الأطيان وقبولها مبلغ ألف جنيه من الثمن عند نظر دعوى الحراسة بجلسة 22/ 1/ 1964، وأنه بالرغم من تمسك الطاعنين بعدول المطعون عليها عن إعمال البند التاسع من العقد استناداً إلى الوقائع الثابتة سالفة الذكر، والتي تدل بوضوح على أن نية البائعة قد انصرفت نهائياً إلى تنفيذ العقد لا فسخه، فإن الحكم المطعون فيه أغفل بحث هذا الدفاع بحجة أن البائعة احتفظت بحقها كاملاً في اعتبار العقد مفسوخا إعمالاً لنصوصه، وهو رد يقصر عن مواجهة دفاع الطاعنين، هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإنهم أوضحوا لمحكمة الاستئناف أن جملة المستحق للمطعون عليها في العقد موضوع النزاع حتى 31/ 10/ 1965 هو 8142 ج، وأن ما دفعوه لها هو 9500 ج وطلبوا لذلك رفض طلب الفسخ وتقسيط باقي الثمن على آجال معقولة طبقاً لنص المادة 346/ 2 من القانون المدني، وأهدر الحكم المطعون فيه هذين الطلبين بمقولة إن المبالغ المذكورة دفعت بعد الميعاد وأن حكم القضاء بالفسخ بعد تمسك البائعة به يعتبر كاشفاً لا منشئاً، وأن القاضي لا يملك في هذه الحالة أن يمنح المشتري أجلاً للدفع، إذ لا تصبح له سلطة تقديرية في حين أن التأخير في سداد الثمن جميعه لحلول أقساطه بسبب التراخي في دفع إحداها لا يترتب عليه طبقاً للبند الثاني من العقد سوى تطبيق أحكام الفسخ القضائي وفقاً للقواعد العامة إذا رغبت البائعة ذلك، وبذلك يكون الحكم قد أخطأ في تطبيق القانون ومسخ اتفاق الطرفين، وقد ترتب على هذا الخطأ أن حجبت المحكمة نفسها عن ممارسة سلطتها الموضوعية التي طولبت باستعمالها في رفض طلب الفسخ القضائي لقيام المشترين (الطاعنين) بالوفاء بجميع الأقساط التي استحقت حتى تاريخ الحكم النهائي وطلب منح المشترين نظرة الميسرة التي تتفق وحالتهم.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه وإن كان صحيحاً ما قرره الحكم المطعون فيه من أن الاتفاق على أن يكون العقد مفسوخاً من تلقاء نفسه دون حاجة إلى تنبيه أو إنذار عند الإخلال بالالتزامات الناشئة عنه من شأنه أن يسلب القاضي كل سلطة تقديرية في صدد الفسخ، إلا أن ذلك منوط بتحقق المحكمة من توافر شرط الفسخ الاتفاقي ووجوب إعماله، ذلك أن للقاضي الرقابة التامة للتثبت من انطباق الشرط على عبارة العقد، كما أن له عند التحقق من قيامه مراقبة الظروف الخارجية التي يمكن أن تحول دون إعماله، فإن تبين له أن الدائن قد أسقط خياره في طلب الفسخ بقبوله الوفاء بطريقة تتعارض مع إرادة فسخ العقد أو كان الدائن هو الذي تسبب بخطئه في عدم تنفيذ المدين لالتزامه، أو كان امتناع المدين عن الوفاء مشروعاً بناء على الدفع بعدم التنفيذ في حالة توافر شروطه، تجاوز عن شرط الفسخ الاتفاقي، فلا يبقى للدائن سوى التمسك بالفسخ القضائي طبقاً لنص المادة 157 من القانون المدني، لما كان ذلك وكان الثابت من تقريرات الحكم المطعون فيه أن اتفاق الطرفين على اعتبار العقد مفسوخاً من تلقاء نفسه بلا حاجة إلى تنبيه أو إنذار لم يرد إلا في حالة عدم قيام الطاعنين بسداد ما يكمل 60 ج عن كل فدان في أول نوفمبر سنة 1962 طبقاً للبند التاسع من عقد البيع وأن التخلف عن وفاء أي قسط في موعده لا يترتب عليه طبقاً للبند الثاني من العقد سوى "حلول باقي الأقساط واستحقاق فائدة قدرها 4% سنوياً من تاريخ التخلف حتى السداد مع حق البائعة (المطعون عليها) في طلب وضع الأطيان المبيعة تحت الحراسة القضائية حتى تستوفي حقوقها أو تباع الأطيان" وكان الطاعنون قد تمسكوا لدى محكمة الموضوع بعدول المطعون عليها عن إعمال شروط الفسخ الاتفاقي نظراً للثقة المتبادلة بينهم، واستدلوا على ذلك بقيام المطعون عليها بتسليمهم الأطيان في 1/ 11/ 1962، اكتفاء بقبول مبلغ 1500 ج فقط من مقدم الثمن، وبطلبها فرض الحراسة على هذه الأطيان لاستيفاء الثمن بدلاً من المطالبة بطردهم من الأرض كذلك، وبقبضها مبلغ الألف جنيه الباقية من مقدم الثمن في 22/ 1/ 1964 أثناء نظر دعوى الحراسة وبعد يوم أول نوفمبر سنة 1962 المحدد لوقوع الفسخ الاتفاقي بمدة تجاوز السنة، وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى وجوب إعمال الشرط الفاسخ الصريح رغم قيام هذه الظروف والاعتبارات التي قد تحمل على القول بعدول المطعون عليها عن التمسك بهذا الشرط ودون مناقشة دفاع الطاعنين في هذا الخصوص، مع أنه دفاع جوهري قد يتغير به وجه الرأي في الدعوى، فإنه يكون مشوباً بقصور يبطله، ولا يغير من ذلك قول الحكم إن البائعة قد احتفظت بحقها كاملاً في اعتبار العقد مفسوخاً عند قبولها مقدم الثمن بعد فوات موعده لأن قبولها الأداء على هذا النحو رغم قيام الشرط الفاسخ الصريح، مما يتعارض مع اتجاه إرادتها إلى فسخ العقد، كما لا يغير منه قول المطعون عليها إنها كانت تعتقد عند قبض هذا المبلغ أن من حقها الحصول عليه بوصفه عربوناً ما دام الثابت من الوقائع التي أوردها الحكم أن العربون المتفق عليه وقدره 500 ج قد دفع بتمامه وقت تحرير العقد. والنعي في شقه الثاني صحيح كذلك، إذ يبين من الحكم المطعون فيه أنه بعد أن انتهى إلى اعتبار العقد مفسوخاً من تلقاء نفسه إعمالاً لنص البند التاسع أضاف إلى ذلك قوله "هذا فضلاً عن أن المستأنف عليها (البائعة) قامت رغم ذلك بإنذار المستأنفين (الطاعنين) مرتين الأولى في 9/ 12/ 1962 والثانية بعريضة الدعوى في 30/ 1/ 1964، دون أن يسدد المستأنفون بقية الثمن جميعه لحلول جميع الأقساط تطبيقاً لنص البند الثاني من عقد البيع وفوائدها بواقع 4% سنوياً ليوم الوفاء بمبلغ 2500 ج حتى 1/ 11/ 1962" في حين أن الثابت من الوقائع التي أوردها الحكم أن البند الثاني من العقد لم يتضمن النص على الفسخ بإرادة الدائن، وإنما نص فقط على حلول الأقساط المتفق عليها عند التخلف عن دفع إحداها في موعده، مع استحقاق فائدة بواقع 4% سنوياً من تاريخ التخلف حتى السداد، ومن ثم فلا يترتب على مخالفة هذا البند سوى فسخ العقد بناء على الشرط الفاسخ الضمني المفترض في العقود الملزمة للجانبين، ولما كان شرط الفسخ الصريح وشرطه الضمني يختلفان طبيعة وحكماً، وكان الشرط الضمني لا يستوجب الفسخ حتماً بمجرد حصول الإخلال بالالتزام، إذ هو خاضع لتقدير القاضي، وللقاضي أن يمهل المدين كما أن للمدين أن يتفادى الفسخ إذا قام بتنفيذ الالتزام قبل صدور الحكم النهائي، فإن الحكم المطعون فيه، إذ استند في قضائه باعتبار العقد مفسوخاً من تلقاء نفسه إلى ما ورد بالبند الثاني من العقد، يكون قد خالف الثابت بالأوراق ومسخ اتفاق الطرفين، مما يعيبه ويستوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي الأسباب.