الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 26 مايو 2018

عدم دستورية التمييز بين المقبولين في بحث التوزيع أو ورثهم في شأن تصفية بعض الأوضاع المترتبة على قوانين الإصلاح الزراعي

الطعن 236 لسنة 26 ق "دستورية" جلسة 5 / 5 / 2018 
الجريدة الرسمية العدد 19 مكرر ب في 13 / 5 / 2018 ص 19
باسم الشعب 
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الخامس من مايو سنة 2018م، الموافق التاسع عشر من شعبان سنة 1439هـ
برئاسة السيد المستشار/ عبد الوهاب عبد الرازق رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: الدكتور حنفي علي جبالي ومحمد خيري طه النجار  والدكتور عادل عمر شريف وبولس فهمي إسكندر والدكتور محمد عماد النجار والدكتور عبد العزيز محمد سالمان نواب رئيس المحكمة 
وحضور السيد المستشار/ طارق عبد العليم أبو العطا رئيس هيئة المفوضين 
وحضور السيد/ محمد ناجي عبد السميع أمين السر 
أصدرت الحكم الآتي 
في القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 236 لسنة 26 قضائية "دستورية".
-----------
الوقائع
حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - في أن المدعيين كانا قد أقاما الدعوى رقم 303 لسنة 2004 مدني، أمام محكمة فاقوس الجزئية بتاريخ 16/ 5/ 2004، ضد المدعى عليهم من السادسة حتى الأخير، طالبين الحكم: أولا: وقبل الفصل في الموضوع؛ بندب خبير مهمته الانتقال إلى أطيان التداعي وقسمتها على طرفي الدعوى بحسب الحصص الشرعية مشاعا، وتقدير قيمة حصص المدعى عليهم في العقارات المبينة بصدر العريضة، ثانيا: وفي الموضوع؛ بقسمة ما ينتهي إليه الخبير من حصص للمدعيين والمدعى عليهم وتقدير قيمة حصص المدعى عليهم مع الحكم بأيلولة أرض التداعي للمدعيين مشاعا مع التسليم، وذلك على سند من القول أن مورثهما تعاقد مع الهيئة العامة للإصلاح الزراعي على الانتفاع بقطعة أرض زراعية مساحتها فدانان وأحد عشر سهما بنظام التملك كائنة بزمام فنتيز، بناحية فاقوس، بمحافظة الشرقية، بموجب طلب الشراء المقدم منه برقم 105908 لسنة 1964، وأدرج باستمارة بحث التوزيع المحررة رفق طلب الشراء؛ من كان تحت إعالته وفي حاجة لنفقته، ومنهم المدعيان وبعض أشقائهما، في حين لم يدرج البعض الآخر، وقام مورثهما بسداد الأقساط في المواعيد المقررة، والتزم بكافة الضوابط المنصوص عليها بالمرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 بشأن الإصلاح الزراعي حتى وفاته عام 1981، وقد انحصر الميراث فيهما وجميع المدعى عليهم طبقا للثابت من الإعلام الشرعي رقم 217 لسنة 1993 ميراث فاقوس، وأنهم استمروا في سداد الأقساط حتى عام 1988، حيث تم شهر قرار الاستيلاء النهائي وتسجيل الأرض باسم مورثهم والمدرجين معه باستمارة البحث والتوزيع بالشهر العقاري في 5/ 10/ 1988 برقم 8342 لسنة 1988، إعمالا لنصي الفقرتين الثانية والثالثة من المادة (3) من القانون رقم (3) لسنة 1986 في شأن تصفية بعض الأوضاع المترتبة على قوانين الإصلاح الزراعي، على الرغم من أنه كان يتعين تسجيلها باسم جميع الورثة، وأضاف المدعيان أن نصي الفقرتين الثانية والثالثة من المادة (3) من القانون رقم 3 لسنة 1986 المشار إليهما قد حددا كيفية التوزيع والتملك على أساس الحصص المدرجة باستمارة البحث الاجتماعي، في حين أن نص الفقرة (1) من المادة (14) من القانون رقم 178 لسنة 1952 المشار إليه قد تضمن تسليم الأرض لمن آلت إليه من المنتفعين وتسجيلها دون رسوم فإذا توفى المنتفع سجلت باسم ورثته الشرعيين، وبجلسة 20/ 11/ 2004، دفع المدعيان بعدم دستورية نصي الفقرتين الثانية والثالثة من المادة (3) من القانون رقم (3) لسنة 1986 المشار إليه، وإذ قدرت محكمة الموضوع جدية الدفع؛ صرحت للمدعيين بإقامة الدعوى الدستورية، فأقاما الدعوى المعروضة
بتاريخ الثاني والعشرين من ديسمبر سنة 2004، أودع المدعيان صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبين الحكم بعدم دستورية الفقرتين الثانية والثالثة من المادة (3) من القانون رقم 3 لسنة 1986 في شأن تصفية بعض الأوضاع المترتبة على قوانين الإصلاح الزراعي، فيما نصت عليه أولاهما من عبارة "..... ومن معه من المقبولين في بحث التوزيع وإلى الورثة عنهم، وفيما نصت عليه ثانيتهما من عبارة "وبالنسبة للمنتفع المتوفى فيقتصر توزيع حصته على ورثته الشرعيين دون المساس بحصص باقي الأفراد المدرجين معه باستمارة البحث". 
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم برفض الدعوى
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرا برأيها
ونظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وبجلسة 7/ 4/ 2018 قررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم مع التصريح بتقديم مذكرات في خلال أسبوع، وفي الأجل المشار إليه قدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة حددت فيها طلباتها الختامية في الحكم؛ أصليا: بعدم قبول الدعوى، واحتياطيا: برفضها.
-------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة
وحيث إن المادة (3) من القانون رقم (3) لسنة 1986 في شأن تصفية بعض الأوضاع المترتبة على قوانين الإصلاح الزراعي تنص على أن "تتولى اللجان المنصوص عليها في المادة السابقة، حصر وتحديد المساحات الموزعة على صغار الفلاحين من الأراضي المشار إليها في المادتين السابقتين، وتتبع الوضع الحيازي فيها حتى تاريخ العمل بهذا القانون
وتعتبر التوزيعات التي تمت نهائية إذا لم تكن قد قدمت بشأنها اعتراضات أو طعون أو قدمت ورفضت بصفة انتهائية، وتصدر الهيئة العامة للإصلاح الزراعي شهادات توزيع للمنتفع ومن معه من المقبولين في بحث التوزيع أو إلى الورثة عنهم مشاعا حسب الأحوال، وذلك متى ثبت إلزامهم وقيامهم بالواجبات المقررة قانونا بالنسبة للمنتفعين وإلا اتخذت الإجراءات القانونية اللازمة لإلغاء التوزيع عليهم وبمراعاة الأحكام التي تتضمنها اللائحة التنفيذية لهذا القانون
وبالنسبة للمنتفع المتوفى فيقتصر توزيع حصته على ورثته الشرعيين دون المساس بحصص باقي الأفراد المدرجين معه باستمارة البحث". 
وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة - وهي شرط لقبول الدعوى الدستورية - مناطها أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الحكم في المسألة الدستورية مؤثرا في الطلبات الموضوعية المرتبطة بها والمطروحة على محكمة الموضوع. لما كان ذلك، وكانت رحى النزاع في الدعوى الموضوعية تدور حول طلب المدعيين تسليم الأرض محل النزاع وتسجيلها باسم الورثة الشرعيين للمنتفع دون سواهم، فمن ثم تتحقق مصلحتهما في الطعن على كل من الفقرة الثانية من المادة (3) من القانون رقم 3 لسنة 1986 المشار إليها؛ فيما نصت عليه من "ومن معه من المقبولين في بحث التوزيع أو إلى الورثة عنهم مشاعا حسب الأحوال"، والفقرة الثالثة من المادة ذاتها؛ فيما نصت عليه من "دون المساس بحصص باقي الأفراد المدرجين معه باستمارة البحث"، وفيهما ينحصر نطاق الدعوى المعروضة، دون سائر الأحكام التي يتضمنها نص تلك المادة
وحيث إن المدعيين ينعيان على النصين المطعون فيهما؛ مخالفتهما لنصوص المواد (2 و34 و40 و123) من دستور سنة 1971، والمواد (131 و145 و147) من القانون المدني، والبند (1) من المادة (14) من المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 بشأن الإصلاح الزراعي؛ على سند من أن هذين النصين قد كفلا الحق في الميراث لغير ورثة المنتفع الأصلي الشرعيين؛ بالمخالفة لمبادئ الشريعة الإسلامية، كما ينتقصان من حق الملكية الخاصة؛ بترتيبهما آثارا مالية مخالفة لإرادة المنتفع وقت إبرامه عقد الانتفاع، ويخلان بمبدأ المساواة؛ إذ ينطويان على التمييز غير المبرر بين ورثة المنتفع الأصلي رغم وحدة مركزهم القانوني، كما خالف النصان الطعينان مبدأ التصرف بالمجان في العقارات المملوكة للدولة؛ بتحديدهما مقابلا لتمليك الأراضي الزراعية محل القانون المشار إليه
وحيث إنه عن نعي المدعيين بمخالفة النصين المطعون فيهما نصوص كل من القانون المدني وقانون الإصلاح الزراعي السالف بيانها؛ فإن المقرر في قضاء المحكمة الدستورية العليا أن مناط اختصاصها بالفصل في دستورية القوانين واللوائح؛ أن يكون أساس الطعن هو مخالفة التشريع لنص دستوري، فلا يمتد لحالات التعارض بين اللوائح والقوانين، ولا بين التشريعات ذات المرتبة الواحدة، ومن ثم فإن هذا النعي - أيا كان وجه الرأي في قيام هذا التعارض - لا يعدو أن يكون نعيا بمخالفة قانون لقانون، وهو مالا تمتد إليه ولاية المحكمة؛ الأمر الذي يتعين معه الالتفات عن هذا النعي
وحيث إن الرقابة الدستورية على القوانين، من حيث مطابقتها للقواعد الموضوعية التي تضمنها الدستور، إنما تخضع لأحكام الدستور القائم دون غيره، إذ إن هذه الرقابة إنما تستهدف أصلا - على ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة - صون الدستور القائم وحمايته من الخروج على أحكامه، وأن نصوص هذا الدستور تمثل دائما القواعد والأصول التي يقوم عليها نظام الحكم ولها مقام الصدارة بين قواعد النظام العام التي يتعين التزامها ومراعاتها وإهدار ما يخالفها من التشريعات باعتبارها أسمى القواعد الآمرة
وحيث إنه بالبناء على ما تقدم، فإن هذه المحكمة تباشر رقابتها على النصين المطعون عليهما في ضوء أحكام دستور سنة 2014 القائم
وحيث إن التطور التاريخي لقوانين الإصلاح الزراعي يدل على أن الهدف من إصدار المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 المشار إليه هو توزيع أراضي الإصلاح الزراعي على المستحق من صغار الفلاحين، ويكون قد تقدم بطلب الشراء أو الانتفاع، وبعد بحث حالته في الاستمارة المعدة لذلك توزع عليه مساحة من الأرض في حدود القدر المقرر قانونا وتبعا لعدد المبحوثين معه من أسرته ومن يعولهم، ورغبة من المشرع في ترسيخ حق المنتفع في الأرض الموزعة عليه فقد أوجب في مرحلة لاحقة بعد ذلك تسجيل المساحة التي انتفع بها هذا الشخص إلا أن هذا التسجيل يجب أن يتم باسمه فقط دون المدرجين معه باستمارة البحث، ويؤكد هذا الأمر أن المشرع في المادة التاسعة من المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 سالف الذكر استهدف من توزيع الأرض على صغار الفلاحين أن تكون لكل منهم ملكية صغيرة، مما يقطع بأن التوزيع يكون لشخص مقدم طلب الانتفاع، كما اشترط المشرع فيمن يستحق التوزيع أن يكون بالغا سن الرشد وحرفته الزراعة، وهو ما ينطبق على رب الأسرة مقدم طلب الانتفاع خاصة وأن من يدرج معه في الطلب أو الاستمارة يكون غالبا من القصر، وقد لا يحترف الزراعة، وبالإضافة إلى ما تقدم فقد أفصح نص المادة (14) من القانون ذاته بأن الأرض تسجل باسم صاحبها وأوجب عليه زراعتها والعناية بها بنفسه فإن أخل بأي التزام واجب عليه قانونا؛ أحيل إلى اللجنة التي نص عليها المشرع، ويكون لها إلغاء انتفاعه واسترداد الأرض منه، الأمر الذي يخلص منه أن تسجيل الأرض يكون باسم المنتفع الأصلي مقدم طلب الانتفاع دون المدرجين معه باستمارة البحث، ذلك أن إدراجهم بها لم يكن إلا لمراعاة الأولوية في التوزيع وتحديد المساحة تبعا لعدد عائلة المنتفع المذكور، ولو أراد المشرع أن يتم التسجيل باسم الجميع لنص على ذلك صراحة كما فعل لاحقا بالقانون رقم 3 لسنة 1986 المشار إليه؛ الذي نص صراحة في المادة (3) منه على أن تصدر الهيئة العامة للإصلاح الزراعي شهادات توزيع للمنتفع ومن معه من المقبولين في بحث التوزيع، ونص في المادة (5) منه على أن يتم شهر شهادات التوزيع التي تصدر وفقا لأحكامه بطريق الإيداع بالشهر العقاري، وهو ما يتبين منه أن شهادات التوزيع الخاصة بالأرض التي تصدر وفقا لأحكام المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 المشار إليه تكون باسم المنتفع الأصلي الذي قدم طلب الشراء، ويتم تسجيلها باسمه فقط دون المدرجين معه باستمارة البحث، أما التي تصدر طبقا للقانون رقم 3 لسنة 1986 المشار إليه فإنها تكون باسم المنتفع وكل المدرجين معه بالاستمارة المذكورة وتسجل بأسمائهم جميعا، مما مؤداه أن القانون رقم 3 لسنة 1986 أضاف في العلاقة التعاقدية بين الهيئة العامة للإصلاح الزراعي والمنتفع المتعاقد معها، منتفعين جددا بأن ألزم الهيئة بإصدار شهادات توزيع للمنتفع الأصلي وجميع المدرجين معه في بحث التوزيع، يتملك بموجبها كل منهم حصته المحددة له ببحث التوزيع، ومن مات منهم تؤول حصته لورثته، ومن ثم فإن الأب أو المنتفع المتقدم بطلب الشراء للهيئة يتملك الحصة المقررة له فقط، ويتملك كل فرد من المقبولين معه في بحث التوزيع الحصة المقدرة له، ويتم إيداع تلك الشهادات الشهر العقاري لتسجيلها على المشاع ونقل الملكية لكل منهم، أما من لم يدرج من الأبناء أو الزوجات في بحث التوزيع فليس له حق في قطعة الأرض محل التوزيع ما لم يكن مورثه المبحوث قد مات فيكون نصيبه منها قاصرا على النصيب الشرعي في حصة مورثه دون تأثير على ملكية باقي المبحوثين
وحيث إن الدستور، إعلاء من جهته لدور الملكية الخاصة، كفل حمايتها لكل فرد - وطنيا كان أم أجنبيا - ولم يجز المساس بها إلا على سبيل الاستثناء، وفي الحدود التي يقتضيها تنظيمها، ليختص صاحبها دون غيره بثمارها ومنتجاتها وملحقاتها، فلا يرده عنها معتد، ولا يناجز سلطته في شأنها من ليس بيده سند ناقل لها، ليعتصم بها من دون الآخرين، وليلتمس من الدستور وسائل حمايتها التي تعينها على أداء دورها، وتقيها تعرض الأغيار لها سواء كان ذلك بنقضها أم بانتقاصها من أطرافها؛ ولم يعد جائزا بالتالي أن ينال المشرع من عناصرها، ولا أن يغير من طبيعتها أو يجردها من لوازمها، ولا أن يفصلها عن أجزائها أو يدمر أصلها، أو يقيد من مباشرة الحقوق التي تتفرع عنها في غير ضرورة تقتضيها وظيفتها الاجتماعية، ودون ذلك تفقد الملكية ضماناتها الجوهرية، ويكون العدوان عليها غصبا، وافتئاتا على كيانها أدخل إلى مصادرتها
وحيث إن الدستور يعتبر مآبا لكل سلطة وضابطا لحركتها، والأصل في النصوص التي يتضمنها أنها تؤخذ باعتبارها مترابطة فيما بينها، وبما يرد عنها التنافر والتعارض، ويكفل اتساقها في إطار وحدة عضوية تضمها، ولا تفرق بين أجزائها، بل تجعل تناغم توجهاتها لازما، وكان الدستور إذ نص في المادة (35) منه على أن الملكية الخاصة يجب صونها، وأن حمايتها تمتد إلى حق الإرث ليكون مكفولا، فقد دل بذلك على أن ما يؤول للعباد ميراثا في حدود أنصبائهم الشرعية، يعتبر من عناصر ملكيتهم التي لا يجوز لأحد أن ينال منها
وحيث إن قضاء المحكمة الدستورية العليا قد جرى على أن ما نصت عليه المادة (2) من دستور سنة 1971 - بعد تعديلها في سنة 1980 - من أن مبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع، إنما يتمحض عن قيد يجب على كل من السلطتين التشريعية والتنفيذية أن تتحراه وتنزلا عليه في تشريعاتهما الصادرة بعد هذا التعديل - ومن بينها القانون رقم (3) لسنة 1986 المشار إليه الذي يتضمن النصين المطعون فيهما - فلا يجوز لنص تشريعي أن يناقض الأحكام الشرعية القطعية في ثبوتها ودلالتها، باعتبار أن هذه الأحكام وحدها هي التي يكون الاجتهاد فيها ممتنعا؛ لأنها تمثل من الشريعة الإسلامية مبادئها الكلية، وأصولها الثابتة التي لا تحتمل تأويلا أو تبديلا، ومن غير المتصور بالتالي أن يتغير مفهومها تبعا لتغير الزمان والمكان، إذ هي عصية على التعديل، ولا يجوز الخروج عليها، أو الالتواء بها عن معناها، وتنصب ولاية المحكمة الدستورية العليا في شأنها، على مراقبة التقيد بها، وتغليبها على كل قاعدة قانونية تعارضها؛ ذلك أن المادة الثانية من الدستور، تقدم على هذه القواعد، أحكام الشريعة الإسلامية في أصولها ومبادئها الكلية، إذ هي إطارها العام، وركائزها الأصيلة التي تفرض متطلباتها دوما بما يحول دون إقرار أية قاعدة قانونية على خلافها؛ وإلا اعتبر ذلك تشهيا وإنكارا لما علم من الدين بالضرورة
ولا كذلك الأحكام الظنية غير المقطوع بثبوتها أو بدلالتها أو بهما معا، ذلك أن دائرة الاجتهاد تنحصر فيها، ولا تمتد لسواها، وهي بطبيعتها متطورة تتغير بتغير الزمان والمكان، لضمان مرونتها وحيويتها، ولمواجهة النوازل على اختلافها، تنظيما لشئون العباد بما يكفل مصالحهم المعتبرة شرعا، ولا يعطل بالتالي حركتهم في الحياة، على أن يكون الاجتهاد دوما واقعا في إطار الأصول الكلية للشريعة بما لا يجاوزها؛ ملتزما ضوابطها الثابتة، متحريا مناهج الاستدلال على الأحكام العملية، والقواعد الضابطة لفروعها، كافلا صون المقاصد العامة للشريعة بما تقوم عليه من حفاظ على الدين والنفس والعقل والعرض والمال
وحيث إن أحكام الشريعة الإسلامية هي التي تعين الورثة وتحدد أنصباءهم، وتبين قواعد انتقال ملكيتها إليهم، وكانت هذه الأحكام جميعها قطعية الثبوت والدلالة، فلا يجوز تحويرها أو الاتفاق على خلافها، بل يعتبر مضمونها ساريا في شأن المصريين جميعا، ولو كانوا غير مسلمين، وكان ما تقدم مؤداه، أن الشريعة الإسلامية تعتبر مرجعا نهائيا في كل ما يتصل بقواعد التوريث، ومن بينها ما إذا كان الشخص يعتبر وارثا أم غير وارث، ونطاق الحقوق المالية التي يجوز توزيعها بين الورثة، ونصيب كل منهم فيها، إذ يقوم الورثة مقام مورثهم في هذه الحقوق، ويحلون محله في مجموعها، وبمراعاة أن توزيعها شرعا لا يجعلها لواحد من بينهم يستأثر بها دون سواه، ولا يخول مورثهم سلطة عليها فيما يجاوز ثلثها، ليوفر بثلثيها حماية للأقربين، ولا يكون مال الأسرة بين أحادها بما يوثق العلائق بينهم ولا يوهنها، وتلك حدود الله تعالى التي حتم التقيد بها، فلا يتعداها أحد بمجاوزتها؛ وفي ذلك يقول تعالى حملا على إعمال قواعد المواريث وفقا لمضمونها (يبين الله لكم أن تضلوا، والله بكل شيء عليم). 
وحيث إن تقرير قواعد جامدة تتحدد على ضوئها حقوق الورثة الشرعية دون زيادة فيها أو نقصان، يعني أن تخلص لذويها فلا ينازعهم غيرهم فيها أو يزاحمهم أحد في طلبها، وإلا كان وارثا إضافيا على غير مقتضى الشرع، فيما عدا ما يخرج من التركة - سابقا على توزيعها - من حقوق شرعية تتمثل فيما يكون لازما لتجهيز وتكفين ونقل ودفن المورث أو سداد ما عليه من ديون أو تنفيذا لوصاياه في الحدود التي تجوز فيها الوصية
وحيث إن الله عز وجل ما شرع حكما إلا لتحقيق مصالح العباد، وما أهمل مصلحة اقتضتها أحوالهم دون أن يورد في شأنها حكما يكفلها؛ وكان ما عداها من المصالح التي تناقضها، ليس إلا مصلحة متوهمة لا اعتبار لها، أدخل إلى أن تكون تشهيا أو انحرافا، فلا يجوز تحكيمها؛ وكان أمرا مقضيا أن ما يعتبر مفروضا شرعا؛ يكون مأمورا به وجوبا، مطلوبا بالتالي طلبا لازما لا ترخص فيه
وحيث إن الأموال محل الميراث يرتبط استحقاقها بواقعة الوفاة ذاتها، وما يتصل بها من اغتناء ينجم عن تلك الحقوق المالية التي تركها المتوفى، لتؤول لورثته وفقا لقواعد آمرة بينها الله تعالى محددا لكل منهم نصيبا مفروضا يصلهم بالمتوفى باعتبارهم أحق من غيرهم بالأموال التي خلفها، وبما لا ظلم فيه لأحد من بينهم، تقديرا بأن أنصبتهم هذه - التي فصلها القرآن الكريم - هي التي اقتضاها عدل الله ورحمته بين عباده، ليظل مقدارها ثابتا باعتبارها من حدوده التي لا يجوز لأحد أن يقربها، وإلا كان باغيا، فلا تتغير ضوابطها بتغير الزمان والمكان، ولا بما يطرأ على الإنسان من أوضاع جديدة تمليها عاداتهم أو أعرافهم، بل يكون أمرها عصيا على التعديل
وحيث إن قضاء المحكمة الدستورية العليا قد جرى على أن مبدأ المساواة أمام القانون يتعين تطبيقه على المواطنين كافة؛ باعتباره أساس العدل والحرية والسلام الاجتماعي، وعلى تقدير أن الغاية التي يستهدفها تتمثل أصلا في صون حقوق المواطنين وحرياتهم في مواجهة صور التمييز التي تنال منها أو تقيد ممارستها، وأضحى هذا المبدأ - في جوهره - وسيلة لتقرير الحماية القانونية المتكافئة التي لا يقتصر نطاق تطبيقها على الحقوق والحريات المنصوص عليها في الدستور، بل يمتد مجال إعمالها كذلك إلى تلك التي كفلها المشرع للمواطنين في حدود سلطته التقديرية، وعلى ضوء ما يرتأيه محققا للصالح العام. إذ كان ذلك، وكان من المقرر أيضا أن صور التمييز المجافية للدستور، وإن تعذر حصرها، إلا أن قوامها كل تفرقة أو تقييد أو تفضيل أو استبعاد ينال بصورة تحكمية من الحقوق والحريات التي كفلها الدستور أو القانون، وذلك سواء بإنكار أصل وجودها أم تعطيل أم أنتقاص آثارها بما يحول دون مباشرتها على قدم المساواة الكاملة بين المؤهلين للانتفاع بها، فإن ذلك مؤداه أن التمييز المنهي عنه دستوريا هو ما يكون تحكميا، ذلك أن كل تنظيم تشريعي لا يعتبر مقصودا لذاته، بل لتحقيق أغراض بعينها يعتبر هذا التنظيم ملبيا لها، وتعكس مشروعية هذه الأغراض إطارا للمصلحة العامة التي يسعى المشرع لبلوغها متخذا من القواعد القانونية التي يقوم عليها هذا التنظيم سبيلا إليها، إذ أن ما يصون مبدأ المساواة ولا ينقض محتواه؛ هو ذلك التنظيم الذي يقيم تقسيما تشريعيا ترتبط فيه النصوص القانونية التي يضمها بالأغراض المشروعة التي يتوخاها، فإذا قام الدليل على انفصال هذه النصوص عن أهدافها، أو كان اتصال الوسائل بالمقاصد واهيا، كان التمييز انفلاتا وعسفا، فلا يكون مشروعا دستوريا
كما جرى قضاء هذه المحكمة على أن حرية التعاقد قاعدة أساسية يقتضيها الدستور صونا للحرية الشخصية التي لا يقتصر ضمانها على تأمينها 
ضد صور العدوان على البدن، بل تمتد حمايتها إلى أشكال متعددة من إرادة الاختيار وسلطة التقرير التي ينبغي أن يملكها كل شخص، فلا يكون بها كائن يحمل على ما لا يرضاه، بل بشرا سويا، فضلا عن كونها وثيقة الصلة بالحق في الملكية، وذلك بالنظر إلى الحقوق التي ترتبها العقود فيما بين أطرافها، أيا كان الدائن بها أو المدين بأدائها، مما مؤداه أن العقود التي يقيمها أطرافها وفق نصوص الدستور ذاتها، لا يجوز أن ينهيها المشرع، ولو عارضتها مصلحة أيا كان وزنها
وحيث إن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن ما نص عليه الدستور - وأحكامه متكاملة لا تنافر فيها - من أن الأسرة قوامها الدين والأخلاق والوطنية، وأن صون طابعها الأصيل وإرساء قيمها وتقاليدها ضرورة لا يجوز لأحد أن ينحيها، مؤداه أن الأسرة لا يصلحها شقاق استفحل مداه ومزق تماسكها ووحدتها، ودهمها بالتالي تباغض يشقها، بما يصد عنها تراحمها وتناصفها، فلا يرسيها على الدين والخلق القويم
وحيث إن الأصل في سلطة المشرع في مجال تنظيم الحقوق - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو إطلاقها؛ باعتبار أن جوهرها تلك المفاضلة التي يجريها بين البدائل المختلفة التي تتصل بالموضوع محل التنظيم التشريعي، موازنا بينها، مرجحا ما يراه أنسبها لفحواه، وأحراها بتحقيق الأغراض التي يتوخاها، وأكفلها لأكثر المصالح ثقلا في مجال إنفاذها، وليس ثمة قيد على مباشرة المشرع لسلطته هذه إلا ضوابط محددة يفرضها الدستور؛ تعتبر تخوما لها لا يجوز تجاوزها؛ مما مؤداه أن القيود التي يفرضها المشرع على التمتع بالحقوق التي كفل الدستور أصلها، لا يجوز أن يصل مداها إلى حد إهدارها كلية أو تقليصها، ولا تعدو سلطته في نطاقها مجرد تنظيمها وفق أسس موضوعية لا تؤثر في جوهرها، فإذا جاوز المشرع نطاق سلطته في مجال تنظيم الحقوق التي أحاطها الدستور بالحماية؛ وقع التشريع الصادر عنه في حومة المخالفة الدستورية، سواء 
عمل به بأثر مباشر أم بأثر رجعي
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى كذلك على أن تقرير المشرع الأثر الرجعي الموضوعي - حتى وإن توافرت شروط الأثر الرجعي الشكلي طبقا لأحكام الدستور بعيدا عن الموازين الدستورية في المجالات المتصلة بتنظيم حق الملكية - يعد مصادما للتوقع المشروع من جانب أصحابها؛ إذ يعد عمل المشرع نوعا من المداهمة والمباغتة؛ مفتقرا لمبرراته، ومناقضا مفهوم العدالة الاجتماعية، وعدوانا على الملكية الخاصة من خلال اقتطاع بعض عناصرها دون مسوغ
وحيث إنه لما كان ما تقدم، وكان المشرع قد قرر، بنصي الفقرتين الثانية والثالثة من المادة (3) من القانون رقم 3 لسنة 1986 المشار إليه، إشراك المقبولين في بحث التوزيع أو الورثة عنهم مع المنتفع الأصلي أو الورثة عنه مشاعا، حسب الأحوال، في ملكية الأرض محل العقد المبرم بين مالكها المنتفع الأصلي، والهيئة العامة للإصلاح الزراعي، فبذلك يكون المشرع قد عدل عن التنظيم القانوني الذي تضمنه المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 المشار إليه؛ الذي أبرم ذلك العقد في ظل سريان أحكامه، إلى تنظيم جديد انطوى عليه القانون رقم 3 لسنة 1986 على النحو سالف البيان، مرتبا أثرا رجعيا موضوعيا؛ مخلا بذلك بحرية المالك في التعاقد، مما أدى إلى تقسيم الملكية بين المنتفع الأصلي أو الورثة عنه من ناحية، والمقبولين في بحث التوزيع أو الورثة عنهم من ناحية أخرى، بالرغم من أن المنتفع الأصلي هو المالك دون غيره، أما المقبولون في بحث التوزيع فقد تم إدراجهم في استمارة البحث لبيان من يعولهم المنتفع الأصلي؛ من أجل تحديد أفضلية وتقدير مساحة الأرض التي آلت إليه طبقا لأحكام القانون الأول المشار إليه، بما مؤداه الانتقاص من حقوق بعض ورثة المنتفع الأصلي، ومنهم المدعيان، لصالح المقبولين في بحث التوزيع أو الورثة عنهم، مما يعد تمييزا تحكميا غير مبرر بين الورثة بالرغم من وحدة مركزهم القانوني، وشقاقا يمزق تماسك الأسرة ووحدتها واستقرارها وترسيخ قيمها، فضلا عن مصادمة التوقع المشروع من جانب وارثي المنتفع الأصلي؛ نظرا لتطبيق النصين المطعون فيهما بأثر رجعي في شأن المنتفعين الذين لم يستكملوا إجراءات تسجيل ملكيتهم، ومن بينهم مورثهم، بالإضافة إلى كفالة هذين النصين الحق في الميراث لغير ورثة المنتفع الأصلي الشرعيين، من ناحية؛ مثل مطلقة المنتفع الأصلي التي سبق أن ورد أسمها باستمارة البحث عند أيلولة ملكية الأرض إليه، ومن ناحية أخرى؛ حرمانهما الابن الذي لم يرد اسمه بتلك الاستمارة نظرا لحدوث واقعة ميلاده بعد تحريرها، وتبعا لذلك يكون النصان المطعونان فيهما قد خالفا مبادئ الشريعة الإسلامية، وانتقصا من حق الملكية الخاصة، وأخلا بمبدأ المساواة وبالحرية الشخصية، وأهدرا الحق في التوقع المشروع، ومن ثم يقع هذان النصان في حومة مخالفة المواد (2 و10 و35 و53 و54 و225) من الدستور؛ مما يتعين معه القضاء بعدم دستوريتهما
وحيث إن قضاء المحكمة الدستورية العليا قد جرى على أنه إذا ارتبط النص المطعون عليه بنصوص أخرى ارتباطا وثيقا لا يقبل التجزئة، فإنه يترتب على القضاء بعدم دستورية ذلك النص القضاء لزوما بسقوط تلك النصوص
وحيث إنه لما كان النصان المطعونان فيهما يرتبطان ارتباطا لا يقبل التجزئة بنص البند (1) من المادة (3) من اللائحة التنفيذية للقانون ذاته، الصادرة بقرار وزير الزراعة واستصلاح الأراضي رقم 877 لسنة 1986 فيما تضمنه من حصر أسماء المقبولين في البحث مع المنتفع طبقا لنتيجة البحث وعدد الوحدات المدرجة لكل منهم وبيان المساحة الموزعة ومعالمها وحدودها وضريبتها والثمن المقدر لها وملحقاته وبداية ونهاية الأقساط، وفي حالة وفاة أي من المقبولين 
معه في البحث يقتصر توزيع حصة المتوفى على ورثته الشرعيين، فإنه يتعين القضاء بسقوط ذلك النص
فلهذه الأسباب 
حكمت المحكمة
أولا: بعدم دستورية الفقرة الثانية من المادة (3) من القانون رقم 3 لسنة 1986 في شأن تصفية بعض الأوضاع المترتبة على قوانين الإصلاح الزراعي فيما نصت عليه من "ومن معه من المقبولين في بحث التوزيع أو إلى الورثة عنهم مشاعا حسب الأحوال"، وبعدم دستورية الفقرة الثالثة من المادة ذاتها فيما نصت عليه من "دون المساس بحصص باقي الأفراد المدرجين معه باستمارة البحث". 
ثانيا: بسقوط نص البند (1) من المادة (3) من اللائحة التنفيذية للقانون ذاته، الصادرة بقرار وزير الزراعة واستصلاح الأراضي رقم 877 لسنة 1986 فيما تضمنه من حصر أسماء المقبولين في البحث مع المنتفع طبقا لنتيجة البحث وعدد الوحدات المدرجة لكل منهم، وبيان المساحة الموزعة ومعالمها وحدودها وضريبتها والثمن المقدر لها وملحقاته وبداية ونهاية الأقساط، وفي حالة وفاة أي من المقبولين معه في البحث يقتصر توزيع حصة المتوفى على ورثته الشرعيين
ثالثا: بإلزام الحكومة المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة

عدم دستورية امتداد عقود إيجار الأماكن المؤجرة للأشخاص الاعتبارية لاستعمالها في غير غرض السكنى

الطعن 11 لسنة 23 ق "دستورية" جلسة 5 / 5 / 2018  
الجريدة الرسمية العدد 19 مكرر ب في 13 / 5 / 2018 ص 3
باسم الشعب 
المحكمة الدستورية العليا 
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الخامس من مايو سنة 2018م، الموافق التاسع عشر من شعبان سنة 1439هـ
برئاسة السيد المستشار/ عبد الوهاب عبد الرازق رئيس المحكمة 
وعضوية السادة المستشارين: السيد عبد المنعم حشيش وسعيد مرعي عمرو ومحمود محمد غنيم وحاتم حمد بجاتو والدكتور محمد عماد النجار 
والدكتور عبد العزيز محمد سالمان نواب رئيس المحكمة 
وحضور السيد المستشار/ طارق عبد العليم أبو العطا رئيس هيئة المفوضين 
وحضور السيد/ محمد ناجي عبد السميع أمين السر 
أصدرت الحكم الآتي 
في القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 11 لسنة 23 قضائية "دستورية"
------------
الوقائع
حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - في أنه بموجب عقد إيجار مؤرخ 1/ 10/ 1977، قام مورث المدعين بتأجير الطابقين الأرضي والأول، بالعقار ملكه الكائن بشارع الخليفة المأمون بمدينة كفر الشيخ، للبنك المدعى عليه الثالث، لاستعماله كفرع له، لمدة خمس سنوات قابلة للتجديد لمدد مماثلة، ما لم يخطر أحد الطرفين، الطرف الآخر، برغبته في إنهاء العقد، وبتاريخ 9/ 2/ 1999، قام مورث المدعين بإخطار البنك برغبته في إنهاء الإجارة، اعتبارا من نهاية المدة التي امتد لها العقد، ولعدم استجابة البنك، أقام الدعوى رقم 192 لسنة 2000 مدني کلي "مساكن"، أمام محكمة كفر الشيخ الابتدائية، طلبا للحكم بإنهاء عقد الإيجار، وإلزام البنك بتسليمه العين المؤجرة خالية، وأثناء نظر الدعوى بجلسة 26/ 11/ 2000، طلب البنك رفض الدعوى، استنادا للامتداد القانوني لمدة عقد الإيجار، المقرر بنص المادة (18) من القانون رقم 136 لسنة 1981 المشار إليه، فدفع مورث المدعين بعدم دستورية ذلك النص، وإذ قدرت محكمة الموضوع جدية هذا الدفع، وصرحت له بإقامة الدعوى الدستورية، أقام الدعوى المعروضة
وبجلسة 3/ 2/ 2018، طلب الحاضر عن الدولة الحكم بانقطاع سير الخصومة لوفاة المدعي، وبالجلسة ذاتها، حضر محام عن ورثة المدعي، وقرر بوفاته بتاريخ 29/ 6/ 2015، 
وصحح شكل الدعوى في مواجهة الحاضر عن الدولة ومحامي بنك ناصر الاجتماعي، بحلول ورثة المدعي محله، طبقا لنص المادة (130) من قانون المرافعات، وباشر الدعوى نيابة عنهم بموجب سند وكالة يبيح له ذلك، كما قدم بجلسة 3/ 3/ 2018 صحيفة تصحيح شكل الدعوى
بتاريخ الحادي والثلاثين من يناير سنة 2001، أقام مورث المدعين هذه الدعوى، بإيداع صحيفتها قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبا الحكم بعدم دستورية نص المادة (18) من القانون رقم 136 لسنة 1981 في شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، فيما انطوى عليه، وتضمنه من الامتداد القانوني المطلق لعقد الإيجار الصادر للمستأجر إذا كان شخصا اعتباريا، وعدم دستورية وسقوط نص المادتين الأولى والثانية من القانون رقم 6 لسنة 1997 بتعديل الفقرة الثانية من المادة (29) من القانون رقم 49 لسنة 1977 وببعض الأحكام الخاصة بإيجار الأماكن غير السكنية، لارتباطهما بالنص المتقدم، فيما لم يرد بهما من النص على تحديد أو تقييد الامتداد القانوني لعقد الإيجار الصادر للمستأجر إذا كان شخصا اعتباريا
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم، أصليا: بعدم قبول الدعوى: واحتياطا: برفضها
وقدم البنك المدعى عليه الثالث مذكرة، طلب فيها الحكم برفض الدعوى
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرا برأيها
ونظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
-------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة
وحيث إن ولاية المحكمة الدستورية العليا في الدعاوى الدستورية - وعلى ما جرى به قضاؤها - لا تقوم إلا باتصالها بالدعوى اتصالا مطابقا للأوضاع المقررة في قانونها، وذلك إما بإحالة الأوراق إليها من إحدى المحاكم أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي للفصل في المسألة الدستورية، وإما برفعها من أحد الخصوم بمناسبة دعوى موضوعية دفع فيها الخصم بعدم دستورية نص تشريعي، وقدرت محكمة الموضوع جدية دفعه، وصرحت له بإقامة الدعوى الدستورية، وهذه الأوضاع الإجرائية تتعلق بالنظام العام، باعتبارها شكلا جوهريا في التقاضي، تغيا به المشرع مصلحة عامة، حتى ينتظم التداعي في المسائل الدستورية بالإجراءات التي رسمها، إذ كان ذلك، وكان المدعي قد قصر دفعه بعدم الدستورية أمام محكمة الموضوع على نص المادة (18) من القانون رقم 136 لسنة 1981 المشار إليه، وقد قدرت تلك المحكمة جدية هذا الدفع، وصرحت له بإقامة الدعوى الدستورية عن ذلك النص، ومن ثم، تكون دعواه المعروضة مقبولة في هذا الشق منها، دون نص المادتين الأولى والثانية من القانون رقم 6 لسنة 1997، لانحلالها بشأنهما إلى دعوى دستورية أصلية أقيمت بالطريق المباشر، بالمخالفة للأوضاع المقررة بنص المادة (29) في قانون هذه المحكمة الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979
وحيث إنه عن الدفع المبدى من هيئة قضايا الدولة بعدم قبول الدعوى لسابقة الفصل في دستورية النص المطعون عليه، في القضية رقم 105 لسنة 19 قضائية "دستورية"، الصادر بجلسة 3/ 11/ 2002، برفض الدعوى، فمردود بما جرى عليه قضاء هذه المحكمة - بأن الحجية المطلقة للأحكام الصادرة في الدعاوى الدستورية، والمانعة من نظر أي طعن دستوري جديد، يقتصر نطاقها على النصوص التشريعية التي كانت مثارا للمنازعة حول دستوريتها، وفصلت فيها المحكمة فصلا حاسما بقضائها، أما ما لم يكن مطروحا على المحكمة، ولم يكن مثارا للنزاع أمامها ولم تفصل فيه بالفعل، فلا يمكن أن يكون موضوعا لحكم يحوز حجية الأمر المقضي، ومن ثم لا تمتد إليه الحجية المطلقة للحكم في الدعوى الدستورية السابقة، إذ كان ذلك، وكانت المحكمة الدستورية العليا قد سبق لها أن باشرت رقابتها على دستورية صدر نص الفقرة الأولى من المادة (18) من القانون رقم 136 لسنة 1981 المشار إليه - محل الطعن في الدعوى المعروضة - وذلك في القضية الدستورية رقم 105 لسنة 19 قضائية، وقضت فيها بجلسة 3/ 11/ 2002، برفض الدعوى، وكانت رحى النزاع الموضوعي، الذي انبثقت عنه تلك الدعوى الدستورية، تدور حول طلب إنهاء عقد إيجار عين سكنية مؤجرة لشخص طبيعي، وقد تأسس الحكم الصادر برفض تلك الدعوى الدستورية على إنه "وحيث إن النص الطعين لم يعمد إلى تأبيد عقد الإيجار وإنما هو قصد إلى تقرير امتداد لهذا العقد يتجاوز المدة المتفق عليها فيه، وهو امتداد وإن كان غير محدد بمدة معينة، إلا أن مدته تتحدد بوقائع عدة منها .....، ثم يتحقق التأقيت النهائي للعقد بوفاة المستأجر إذا وقعت هذه الوفاة خلال مدة الامتداد القانوني له ......". وأن "ما أملى على المشرع المصري تقرير قاعدة الامتداد القانوني لعقد الإيجار، هو ضرورة اجتماعية شديدة الإلحاح، تمثلت في خلل شديد في التوازن بين قدر المعروض من الوحدات السكنية، وبين حجم الطلب عليها، وهو خلل باشرت ضغوطه الاجتماعية آثارها منذ الحرب العالمية الثانية، وكان تجاهلها يعني تشريد ألوف من الأسر من مأواها، بما يعنيه ذلك من تفتيت في بنية المجتمع، وإثارة الحقد والكراهية بين فئاته ممن لا يملكون المأوى ومن يملكونه، وهو ما يهدر مبدأ التضامن الاجتماعي، مما دعا المشرع المصري إلى تبني قاعدة الامتداد القانوني لعقد الإيجار، منذ التشريعات الاستثنائية لإيجار الأماكن الصادرة أثناء الحرب العالمية الثانية، وحتى النص الطعين، كي يصون للمجتمع أمنه وسلامته محمولين على مبدأ التضامن الاجتماعي...". متى كان ذلك، وكانت الأسباب التي تأسس عليها ذلك الحكم، وبقدر اتصالها الحتمي بما انتهى إليه منطوقه من رفض الدعوى، مؤداه انصراف حجيته إلى اتفاق أحكام صدر الفقرة الأولى من المادة (18) من القانون رقم 136 لسنة 1981 المشار إليه وأحكام الدستور، في مجال انطباق قاعدة الامتداد القانوني لمدة عقد الإيجار المقررة به على الأماكن المؤجرة لغرض السكني للأشخاص الطبيعيين، باعتبار أن تلك المسألة كانت هي سبب النزاع في الدعوى الموضوعية، التي تولدت عنها الدعوى الدستورية، وقد فصلت المحكمة الدستورية العليا في قاعدة هذا الامتداد فصلا حاسما بقضائها، ويتعين بالتالي ألا تبرح حجية ذلك الحكم هذا النطاق، لتقتصر عليه وحده، دون أن تتجاوزه إلى ما يحمله إطلاق عبارة النص التشريعي ذاته، ليشمل الامتداد القانوني لمدة عقد إيجار الأماكن لأحد الأشخاص الاعتبارية لاستعمالها في غير غرض السكني، إذ لم يكن أمره مطروحا على المحكمة الدستورية العليا، ولم يكن مثارا للنزاع أمامها، ولم تشر المحكمة في أسباب حكمها إلى امتداد نطاقه إلى تلك الأماكن، ومن ثم لا تمتد إليه الحجية المطلقة للحكم في الدعوى الدستورية السابقة، ويظل أمره قابلا للطرح على هذه المحكمة لتقول فيه كلمتها، الأمر الذي يكون معه الدفع المبدى من هيئة قضايا الدولة مفتقدا لسنده
وحيث إن الفقرة الأولى من المادة (18) من القانون رقم 136 لسنة 1981 المشار إليه تنص على أن "لا يجوز للمؤجر أن يطلب إخلاء المكان، ولو انتهت المدة المتفق عليها في العقد، إلا لأحد الأسباب الآتية
(أ) الهدم الكلي أو الجزئي للمنشآت الآيلة للسقوط، والإخلاء المؤقت 
لمقتضيات الترميم والصيانة، وفقا للأحكام المنظمة لذلك بالقوانين السارية
(ب) إذا لم يقم المستأجر بالوفاء بالأجرة ............ 
(ج) إذا ثبت أن المستأجر قد تنازل عن المكان المؤجر، أو أجره من الباطن بغير إذن كتابي صريح من المالك للمستأجر الأصلي، أو تركه للغير بقصد الاستغناء عنه نهائيا، ............ 
(د) إذا ثبت بحكم قضائي نهائي أن المستأجر استعمل المكان المؤجر أو سمح باستعماله بطريقة مقلقة للراحة أو ضارة بسلامة المبنى أو بالصحة العامة أو في أغراض منافية للآداب العامة". 
وتنص الفقرتان الثانية والثالثة من تلك المادة على أن "ومع عدم الإخلال 
بالأسباب المشار إليها، لا تمتد بقوة القانون عقود إيجار الأماكن المفروشة
وتلغى المادة (31) من القانون رقم 49 لسنة 1977، وذلك اعتبارا من تاريخ العمل بهذا القانون". 
وحيث إنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن النصوص القانونية التي دل المشرع بعموم عباراتها على انتقاء تخصيصها، إنما تحمل على اتساعها لكل ما يندرج تحت مفهومها، ذلك أن النص التشريعي إذا ما ورد مطلقا، فإنه يحمل على إطلاقه، إلا إذا ثبت بنص أخر ما يقيده، فإن قام الدليل على تقييده، كان هذا الدليل صارفا له عن إطلاقه، ومبينا المراد منه. متى كان ذلك، وكان صدر الفقرة الأولى من المادة (18) من القانون رقم 136 لسنة 1981 المشار إليه قد جرى نصه على أن "لا يجوز للمؤجر أن يطلب إخلاء المكان، ولو أنتهت المدة المتفق عليها في العقد، إلا لأحد الأسباب الآتية:.....". ومؤدى هذا النص، أن المشرع لم يجز للمؤجر طلب إخلاء المكان المؤجر بعد انتهاء مدة الإجارة المتفق عليها في العقد، لتصير ممتدة بقوة القانون، ما لم يتحقق أحد أسباب الإخلاء المنصوص عليها حصرا بتلك المادة، وقد جاءت عبارة ذلك النص، في شأن الامتداد القانوني لمدة عقد إيجار الأماكن، بصيغة عامة ومطلقة، لتشمل الأماكن المؤجرة لغرض السكني أو لغير هذا الغرض، المؤجرة لأشخاص طبيعيين أو لأشخاص اعتبارية، عامة كانت أم خاصة. ولم يرد بنص المادة (18) من القانون رقم 136 لسنة 1981 المشار إليه تقييد لهذا الإطلاق، فيما خلا عقود إيجار الأماكن المفروشة، فلا يسري عليها الامتداد القانوني لمدة عقد الإيجار
وحيث إن قضاء المحكمة الدستورية العليا قد جرى على أن المصلحة الشخصية المباشرة تعد شرطا لقبول الدعوى الدستورية، وأن مناطها أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الحكم الصادر في المسألة الدستورية لازما للفصل في الطلبات الموضوعية المرتبطة بها، والمطروحة أمام قاضي الموضوع. متى كان ذلك، وكان النزاع الموضوعي - الذي انبثقت عنه الدعوى المعروضة - تدور رحاه حول مدى أحقية المدعين في طلب الحكم بإنهاء عقد إيجار العين المؤجرة من مورثهم للبنك المدعى عليه الثالث، لاستعمالها كفرع له بمدينة كفر الشيخ، وتسليمها لهم خالية، بعد انتهاء المدة التي حددها طرفا العقد، وضمناها نصوصه. وكان ما يحول دون إجابتهم لطلبهم ما ورد بصدر الفقرة الأولى من المادة (18) من القانون رقم 136 لسنة 1981 المشار إليه، من النص على أن "لا يجوز للمؤجر أن يطلب إخلاء المكان، ولو انتهت المدة المتفق عليها في العقد، إلا لأحد الأسباب الآتية: .......، باعتبار أن ذلك النص هو الذي قرر الامتداد القانوني لمدة كافة عقود إيجار الأماكن - عدا المفروشة - ولو انتهت المدة المتفق عليها في العقد، سواء كان المستأجر شخصا طبيعيا أم اعتباريا، ومن ثم، فإن الفصل في دستورية ما ورد بذلك النص من إطلاق وعموم عبارته لتشمل عقود إيجار الأماكن المؤجرة للأشخاص الاعتبارية لاستعمالها في غير غرض السكني سيكون له أثر مباشر وانعكاس أكيد 
على الطلبات في الدعوى الموضوعية، وقضاء محكمة الموضوع فيها، وتبعا لذلك؛ تتوافر للمدعين مصلحة شخصية ومباشرة في الطعن بعدم دستوريته، ويتحدد فيه - وحده - نطاق الدعوى المعروضة
وحيث إن مناعي المدعين على النص المطعون عليه - في النطاق السالف تحديده - يتحدد في مخالفته لنصوص المواد 
(7، 8، 32، 34، 40، 41) من دستور سنة 1971، وذلك بما قرره من امتداد قانوني لمدة عقد إيجار الأماكن لأحد الأشخاص الاعتبارية، لاستعمالها في غير غرض السكني، بعد انتهاء المدة المتفق عليها في عقد الإيجار، حتى صارت يدهم عليها مؤبدة، ونزعها من أيدي ملاكها، بما يخل بالتضامن الاجتماعي، وبمبدأ تكافؤ الفرص، ويخل بالحماية المقررة للملكية الخاصة، وينال من حرية التعاقد باعتبارها فرعا من الحرية الشخصية، فضلا عن إخلاله بمبدأ المساواة بين المؤجرين لأشخاص اعتبارية، والمؤجرين لأشخاص طبيعيين، الذين تنتهي عقود إيجارهم بوفاة صاحب حق البقاء في العين، وفقا للضوابط الواردة في الفقرة الثانية من المادة (29) من القانون رقم 49 لسنة 1977 بشأن إيجار الأماكن بعد استبدالها بالمادة الأولى من القانون رقم 6 لسنة 1997 المشار إليه
وحيث إن الرقابة على مدى مطابقة النصوص التشريعية - أيا كان تاريخ العمل بها - للقواعد الموضوعية التي تضمنها الدستور، إنما تخضع لأحكام الدستور القائم دون غيره، لكون هذه الرقابة إنما تستهدف أصلا - وعلى ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة - صون الدستور القائم وحمايته من الخروج على أحكامه، وأن نصوص هذا الدستور تمثل دائما القواعد والأصول التي يقوم عليها نظام الحكم، ولها مقام الصدارة بين قواعد النظام العام التي يتعين التزامها ومراعاتها وإهدار ما يخالفها من التشريعات، باعتبارها أسمى القواعد الآمرة، متى كان ذلك، وكانت المناعي التي وجهها المدعين للنص المطعون فيه تندرج تحت المطاعن الموضوعية التي تقوم في مبناها على مخالفة نص تشريعي لقاعدة في الدستور من حيث محتواها الموضوعي، ومن ثم، فإن هذه المحكمة تباشر رقابتها على دستورية النص المطعون فيه، الذي ما زال قائما ومعمولا بأحكامه - محددا نطاقا على النحو المتقدم - من خلال أحكام الدستور القائم الصادر سنة 2014، باعتباره الوثيقة الدستورية السارية
وحيث إن الدستور القائم لم يأت بما يخالف ما أورده المدعون في خصوص المبادئ الدستورية الحاكمة للنص المطعون عليه في دستور سنة 1971: فالثابت أن المادتين (7، 8) بشأن التضامن الاجتماعي وتكافؤ الفرص، والمادتين (32، 34) بشأن صون الملكية الخاصة وتنظيم وظيفتها الاجتماعية، والمادة (40) بشأن المساواة بين المواطنين، والمادة (41) بشأن صون الحرية الشخصية باعتبارها حقا طبيعيا، التي وردت في دستور سنة 1971، تطابق في مجملها الأحكام الواردة في المواد (4، 8، 9، 35، 53، 54) من الدستور القائم
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن حرية التعاقد قاعدة أساسية اقتضتها المادة (54) من الدستور؛ صونا للحرية الشخصية، التي لا يقتصر ضمانها على تأمينها ضد صور العدوان على البدن، بل تمتد حمايتها إلى أشكال متعددة من إرادة الاختيار وسلطة التقرير التي ينبغي أن يملكها كل شخص، فلا يكون بها كائن يحمل على ما لا يرضاه، وحرية التعاقد بهذه المثابة، فوق كونها من الخصائص الجوهرية للحرية الشخصية، فإنها كذلك وثيقة الصلة بالحق في الملكية، وذلك بالنظر إلى الحقوق التي ترتبها العقود - المبنية على الإرادة الحرة - فيما بين أطرافها. بيد أن هذه الحرية - التي لا يكفلها انسيابها دون عائق، ولا جرفها لكل قيد عليها، ولا علوها على مصالح ترجحها، وإنما يدنيها من أهدافها قدر من التوازن بين جموحها وتنظيمها - لا تعطلها تلك القيود التي تفرضها السلطة التشريعية عليها بما يحول دون انفلاتها من كوابحها، ويندرج تحتها أن يكون تنظيمها لأنواع من العقود محددا بقواعد آمرة تحيط ببعض جوانبها، غير أن هذه القيود لا يسعها أن تدهم الدائرة التي تباشر فيها الإرادة سلطانها، ولا أن تخلط بين المنفعة الشخصية التي يجنيها المستأجر من عقد الإيجار - والتي انصرفت إليها إرادة المالك عند التأجير - وبين حق الانتفاع كأحد الحقوق العينية المتفرعة عن الملكية
وحيث إن النص المطعون فيه - محددا نطاقا على النحو المتقدم - إذ أجاز للشخص الاعتباري المستأجر لعين لاستعمالها في غير غرض السكني، البقاء فيها بعد انتهاء المدة المتفق عليها 
في العقد، فإنه على هذا النحو - وباعتباره واقعا في إطار القيود الاستثنائية التي نظم بها المشرع العلائق الإيجارية - يكون قد أسقط حق المؤجر - مالك العين في الأعم من الأحوال - في استرداد العين المؤجرة بعد انتهاء مدة إجارتها، حال أن حق المستأجر لا زال حقا شخصيا مقصورا على استعمال عين بذاتها في الغرض الذي أجريت من أجله خلال المدة المتفق عليها في العقد، فلا يتم مد تلك المدة بغير موافقة المؤجر، وبالمخالفة لشرط اتصل بإجارة أبرماها معا، صريحا كان هذا الشرط أم ضمنيا
ومن ثم، فإن ما تضمنه ذلك النص من امتداد قانوني لمدة عقد إيجار الأماكن المؤجرة لأشخاص اعتبارية، لاستعمالها في غير غرض السكني، يكون متضمنا عدوانا على الحدود المنطقية التي تعمل الإرادة الحرة في نطاقها، والتي لا تستقيم الحرية الشخصية - في صحيح بنيانها - بفواتها، فلا تكون الإجارة إلا إملاء يناقض أساسها، وذلك بالمخالفة للمادة (54) من الدستور
وحيث إنه من المقرر - أيضا - في قضاء هذه المحكمة أن صون الدستور للملكية الخاصة، مؤداه أن المشرع لا يجوز له أن يجردها من لوازمها، ولا أن يفصل عنها بعض أجزائها، ولا أن ينتقص من أصلها أو يغير من طبيعتها دون ما ضرورة تقتضيها وظيفتها الاجتماعية. وكان ضمان وظيفتها هذه يفترض ألا ترهق القيود التي يفرضها المشرع عليها جوهر مقوماتها، ولا أن يكون من شأنها حرمان أصحابها من تقرير صور الانتفاع بها، ذلك أن صون الملكية وإعاقتها لا يجتمعان، وأن هدمها أو تقويض أسسها من خلال قيود تنال منها، ينحل عصفا بها منافيا للحق فيها
وحيث إن مكنة استغلال الأعيان ممن يملكونها، من خلال عقود إيجارها، إنما تعني حقهم في تحديد مدة العقد، ليكون العقد وحده - وبحسبانه تصرفا قانونيا وعملا إراديا - بديلا عن التدخل التشريعي لتحديد هذه المدة، باعتبار أن تأقيت هذا العقد يعد جزءا لا يتجزأ من حق الاستغلال الذي يباشرونه أصلا عليها. إذ كان ذلك، وكان النص المطعون فيه، بما قرره من امتداد قانوني لمدة عقد إيجار الأماكن للأشخاص الاعتبارية لاستعمالها في غير غرض السكني، قد سلب حق المؤجر في طلب إخلائها بعد انتهاء مدة الإيجار المتفق عليها في العقد، لتصير يد المستأجر على العين مؤبدة، باقية مدة بقاء الشخص الاعتباري - عاما كان أم خاصا - ولو كان المؤجر في أمس الحاجة لها، فإن هذا النص، فضلا عن إخلاله بالتوازن الواجب بين أطراف العلاقة الإيجارية، مغلبا مصالح أحد أطرافها - المستأجر - على الطرف الآخر - ولغير ضرورة تقتضيها الوظيفة الاجتماعية للملكية الخاصة - يكون قد انتقص من إحدى عناصر تلك الملكية، بما فرضه من قيود تنال جوهر مقوماتها، من شأنها حرمان أصحابها من تقرير صور الانتفاع بها واستغلالها، فضلا عما يترتب على ذلك من تصادم المصالح، والمساس بالتوافق والسلام الاجتماعي بين أفراد المجتمع، وهو ما يجاوز نطاق السلطة التقديرية المقررة للمشرع في مجال تنظيم الحقوق، لينحل التنظيم الذي أتى به تقييدا لها، بما ينال من أصل الحق في الملكية وجوهره، ويهدد التضامن الاجتماعي باعتباره أحد مقومات المجتمع، وذلك كله بالمخالفة لأحكام المواد (8، 33، 35، 92) من الدستور
وحيث إن الدستور الحالي قد اعتمد بمقتضى نص المادة (4) منه مبدأ المساواة، باعتباره إلى جانب مبدأي العدل وتكافؤ الفرص أساسا لبناء المجتمع وصيانة وحدته الوطنية، وتأكيدا لذلك حرص الدستور في المادة (53) منه على كفالة تحقيق المساواة لجميع المواطنين أمام القانون، في الحقوق والحريات والواجبات العامة، دون تمييز بينهم لأي سبب، وكان مبدأ المساواة أمام القانون - وعلى ما استقر عليه قضاء هذه المحكمة - لا يعني معاملة المواطنين جميعا وفق قواعد موحدة، ذلك أن التنظيم التشريعي قد ينطوي على تقسيم أو تصنيف أو تمييز، سواء من خلال الأعباء التي يلقيها على البعض أم من خلال المزايا التي يمنحها لفئة دون غيرها، إلا أن مناط دستورية هذا التنظيم ألا تنفصل النصوص التي ينظم بها المشرع موضوعا معينا عن أهدافها؛ ليكون اتصال الأغراض التي توخى تحقيقها بالوسائل التي لجأ إليها، منطقيا، وليس واهيا أو واهنا أو منتحلا، بما يخل بالأسس التي يقوم عليها التمييز المبرر دستوريا، كما حرص الدستور في المادة (9) منه على كفالة تكافؤ الفرص بما يستوجبه ذلك من ترتيب المتزاحمين على الفرص التي كفلها الدستور للمواطنين على ضوء قواعد يمليها التبصر والاعتدال، وهو ما يعني أن موضوعية شروط النفاذ إليها مناطها تلك العلاقة المنطقية التي تربطها بأهدافها، فلا تنفصل عنها، ولا يجوز بالتالي حجبها عمن يستحقها، ولا إنكارها لاعتبار لا يتعلق بطبيعتها ومتطلباتها
وحيث إنه من المقرر - كذلك - في قضاء هذه المحكمة أن العبرة في تقرير دستورية التشريع هي بتوافق أو تصادم نصوصه وأحكام الدستور ومقتضياتها، فإذا ما قرر المشرع حقا معينا، وجب عليه - وفقا لمبدأي المساواة وصون الملكية الخاصة، وقد أنزلهما الدستور مكانا عاليا - أن يضع القواعد التي تكفل المعاملة المتكافئة لأصحاب المراكز القانونية التي تتكافأ في العناصر المكونة لها، مع عدم المساس بحماية الملكية الخاصة، وسبيله إلى ذلك الأداة التشريعية 
الملائمة، وإنفاذها من التاريخ المناسب، فلا يسوغ - من زاوية دستورية - أن يعطى هذا الحق لفئة دون أخرى من ذوي المراكز المتحدة في أركانها وعناصرها، أو أن يعتدي على الملكية الخاصة، فالدستور يسمو ولا يسمى عليه، فإذا كان مقتضاه فتح باب إلى حق، امتنع على المشرع أن يمنحه لبعض مستحقيه ويقبضه عن البعض الآخر، إذ كان ذلك، وكان جميع مؤجري الأماكن لاستعمالها في غير غرض السكني، في علاقاتهم بمستأجريها، في خصوص الامتداد القانوني لمدة عقد الإيجار، تتكافأ مراكزهم القانونية، مما يستوجب - من زاوية دستورية - وحدة القاعدة القانونية التي ينبغي تطبيقها في حقهم. إلا أن المشرع - بموجب النص المطعون فيه - قد خالف ذلك، إذ اختص فئة المؤجرين لهذه الأماكن لأشخاص اعتبارية، بمعاملة أدنى من قرنائهم المؤجرين لها لأشخاص طبيعيين، بأن حرم الفئة الأولى، من استرداد العين المؤجرة ما بقى الشخص الاعتباري قائما عليها، سواء كان المستأجر شخصا اعتباريا عاما أم خاصا. حال أن الفئة الثانية من المؤجرين سترد إليهم العين المؤجرة بعد وفاة المستأجر الأصلي، أو انتهاء امتداد العقد، لمرة واحدة للفئات التي حددها المشرع من ورثته الذين يستعملون العين المؤجرة في النشاط ذاته الذي كان يمارسه طبقا للعقد، على نحو ما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة (29) من القانون رقم 49 لسنة 1977 المشار إليه بعد استبدالها بالمادة الأولى من القانون رقم 6 لسنة 1997، وهذا التمييز في المعاملة بين طائفتي المؤجرين لأماكن لاستعمالها في غير غرض السكني، بحسب ما إذا كان المستأجر شخصا اعتباريا أو شخصا طبيعيا، رغم تكافؤ مراكزهم القانونية، باعتبارهم جميعا مؤجرين لأماكن مخصصة لغير أغراض السكني، مما كان يوجب أن تنتظمهم جميعا قواعد قانونية واحدة، لا تقيم في مجال تطبيقها تمييزا بينهم من أي نوع، ومن ثم، فإن إقامة النص المطعون فيه هذا التمييز التحكمي بين هاتين الطائفتين من المؤجرين في هذا الخصوص، وبالنظر لكونه يعد الوسيلة التي أختارها المشرع لتنظيم العلاقة بين مؤجري ومستأجري هذه الأماكن، والتي لا ترتبط ارتباطا منطقيا وعقليا بالأهداف التي رصدها لهذا التنظيم، فإنه يكون مصادما لمبدأي المساواة وتكافؤ الفرص، ويقع - من ثم - في حومة مخالفة نصوص المواد (4، 9، 53) من الدستور
وحيث إنه لما تقدم، فإن النص المطعون عليه - في النطاق السالف تحديده - يكون مخالفا للمواد (4، 8، 9، 33، 35، 53، 54، 92) من الدستور
وحيث إنه عن طلب الحكم بسقوط نص المادتين الأولى والثانية من القانون رقم 6 لسنة 1997 المشار إليه، لارتباطهما بنص المادة (18) من القانون رقم 136 لسنة 1981، فيما لم تتضمناه من النص على تحديد أو تقييد الامتداد القانوني لمدة عقد الإيجار الصادر للمستأجر إذا كان شخصا اعتباريا، فمن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن طلب السقوط لا يعتبر طلبا جديدا منبت الصلة بما دفع به أمام محكمة الموضوع، وإنما هو من قبيل التقديرات القانونية التي تملكها المحكمة الدستورية العليا فيما لو قضت بعدم دستورية نص معين، ورتبت السقوط للمواد الأخرى المرتبطة به ارتباطا لا يقبل التجزئة، وهو أمر تقضي به المحكمة من تلقاء نفسها حتى ولو لم يطلبه الخصوم. إذ كان ذلك، وكان النص المقضي بعدم دستوريته في هذه الدعوى - في النطاق السالف تحديده، وبقدر انعكاسه على النزاع المردد أمام محكمة الموضوع - ينصرف إلى ما تضمنه ذلك النص من إطلاق عبارته لتشمل أمتدادا قانونيا لمدد عقود إيجار الأماكن المؤجرة لأشخاص اعتبارية لاستعمالها في غير غرض السكني، حال أن نص المادتين الأولى والثانية من القانون رقم 6 لسنة 1997 المشار إليه تتناولان مسألة الامتداد القانوني لمدة عقد إيجار تلك الأماكن، المؤجرة لأشخاص طبيعيين، لفريق من ورثة المستأجر الأصلي، وفقا للضوابط والشروط الواردة في ذلك القانون، فإن مؤدى ذلك، عدم وجود محل لإعمال أحكام هذين النصين على وقائع النزاع الموضوعي، لعدم ارتباط أحكامهما بالنص المقضي بعدم دستوريته في الدعوى المعروضة، ومن ثم لا يكون هناك محل للقضاء بسقوطهما تبعا لهذا القضاء
وحيث إن هذه المحكمة تقديرا منها لاتصال النص المطعون فيه بنشاط الأشخاص الاعتبارية، وتأثيره على أداء هذه الأشخاص لدورها في خدمة المجتمع، والاقتصاد الوطني، فإن المحكمة تعمل الرخصة المخولة لها بنص الفقرة الثالثة من المادة (49) من قانونها، وتحدد لإعمال أثر هذا الحكم اليوم التالي لانتهاء دور الانعقاد التشريعي العادي السنوي لمجلس النواب، التالي لتاريخ نشر هذا الحكم في الجريدة الرسمية طبقا لنص المادة (195) من الدستور، والمادة (49) من قانون هذه المحكمة الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، وهو الدور الذي سيعقد خلال عام (2018/ 2019) طبقا لنص المادة (115) من الدستور، وذلك دون إخلال باستفادة المدعي - في الدعوى المعروضة - من هذا الحكم
فلهذه الأسباب 
حكمت المحكمة
أولا: بعدم دستورية صدر الفقرة الأولى من المادة (18) من القانون رقم 136 لسنة 1981 في شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، فيما تضمنه من إطلاق عبارة "لا يجوز للمؤجر أن يطلب إخلاء المكان، ولو انتهت المدة المتفق عليها في العقد، ...، لتشمل عقود إيجار الأماكن المؤجرة للأشخاص الاعتبارية لاستعمالها في غير غرض السكنى
وألزمت الحكومة المصروفات، ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة
ثانيا: بتحديد اليوم التالي لانتهاء دور الانعقاد التشريعي العادي السنوي لمجلس النواب اللاحق لنشر هذا الحكم تاريخا لإعمال أثره.