ورئيس النيابة السيد / محمد الغضيبي .
وأمين السر السيد / محمد إسماعيل .
صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ عَلَى رَوْحٌ وَالِدِيَّ رَحِمَهُمَا اللَّهُ وَغَفَرَ لَهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا وَقْفِيَّة عِلْمِيَّة مُدَوَّنَةٌ قَانُونِيَّةٌ مِصْرِيّة تُبْرِزُ الْإِعْجَازَ التَشْرِيعي لِلشَّرِيعَةِ الْإِسْلَامِيَّةِ وروائعِ الْفِقْهِ الْإِسْلَامِيِّ، مِنْ خِلَالِ مَقَاصِد الشَّرِيعَةِ . عَامِلِةَ عَلَى إِثرَاءٌ الْفِكْرِ القَانُونِيِّ لَدَى الْقُضَاة. إنْ لم يكن للهِ فعلك خالصًا فكلّ بناءٍ قد بنيْتَ خراب ﴿وَلَقَدۡ وَصَّلۡنَا لَهُمُ ٱلۡقَوۡلَ لَعَلَّهُمۡ يَتَذَكَّرُونَ﴾ القصص: 51
ورئيس النيابة السيد / محمد الغضيبي .
وأمين السر السيد / محمد إسماعيل .
جلسة 30 من مارس سنة 1987
برياسة السيد المستشار/ الدكتور أحمد حسني نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد طموم، زكي المصري نائبي رئيس المحكمة، منير توفيق وعبد المنعم إبراهيم.
----------------
(109)
الطعن رقم 514 لسنة 51 القضائية
(1، 2) إفلاس "وكيل الدائنين". وكالة. حكم "تسبيب الحكم".
(1) وكيل الدائنين. يعتبر وكيلاً عن جماعة الدائنين في إدارة أموال التفليسة وتصفيتها كما يعتبر أيضاً وكيلاً عن المفلس.
(2) قيام وكيل الدائنين بأعمال الدلالة كخبير مثمن بمناسبة بيع البضائع المملوكة للتفليسة واحتجازه جزءاً من الثمن لنفسه كعمولة نظير ذلك. يعتبر من قبيل التعاقد مع النفس. عدم إجازة جماعة الدائنين هذا التصرف. قضاء الحكم المطعون فيه بعدم استحقاق وكيل الدائنين للمبلغ الذي احتجزه. صحيح.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده الأول بصفته وكيلاً لدائني تفليسة الشركة........ أقام الدعوى رقم 140 سنة 1973 تجاري كلي جنوب القاهرة بطلب الحكم بإلزام الطاعن في مواجهة المطعون ضدهما الثاني والثالث بأن يؤدي له مبلغ 5847.130 جنيه والفوائد، وقال بياناً لذلك أنه عين وكيلاً لدائني التفليسة سالفة البيان خلفاً للطاعن وكان قد صدر أمر من مأمور التفليسة ببيع البضائع المرهونة لدى البنك البلجيكي الدولي الذي أدمج في بنك بورسعيد ثم في البنك المطعون ضده الثاني ورسا مزاد هذه البضاعة على الشركة المطعون ضدها الثالثة بمبلغ 106300 جنيه ووافق مأمور التفليسة على رسو المزاد وإيداع الثمن خزانة البنك المرتهن على ذمة تحقيق دينه فقام الطاعن تنفيذاً لذلك بإيداع الثمن بعد خصم مبلغ 5315 احتجزها لنفسه دون إذن من مأمورية التفليسة بزعم أنها عمولة دلالة على الثمن الذي رسا به المزاد. كما تبين من مراجعة الكشوف المقدمة من الطاعن أن ذمته مشغولة بمبلغ 532.130 لصالح التفليسة. لذا فقد أقام الدعوى للمطالبة بالمبلغين سالفي البيان. وبتاريخ 28/ 12/ 1974 ندبت محكمة أول درجة خبيراً في الدعوى وبعد أن أودع تقريره حكمت في 22/ 12/ 1979 بإجابة المطعون ضده الأول إلى طلباته. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 52 سنة 97 ق أمام محكمة استئناف القاهرة التي حكمت في 28/ 12/ 1980 بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى الطاعن بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم أقام قضاءه بتأييد الحكم المستأنف على أن المبلغ الذي احتجزه الطاعن لنفسه كعمولة دلالة على ثمن بيع البضائع المرهونة لم يصدر به إذن من المحكمة بناء على تقرير مأمور التفليسة طبقاً للمادة 249 من قانون التجارة، في حين أن الطاعن يستحق هذا المبلغ كعمولة دلالة باعتباره مقيداً بجدول الخبراء المثمنين فهو بذلك يخرج عن نطاق الأجر الذي يستحق عن إدارة التفليسة.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أنه لما كان وكيل الدائنين يعتبر وكيلاً عن جماعة الدائنين في إدارة أموال التفليسة وتصفيتها كما يعتبر وكيلاً عن المفلس - وكان مؤدى نص المادة 108 من القانون المدني أن المشرع حرم على الوكيل أن يتعاقد باسم موكله مع نفسه ورتب البطلان عن ذلك ما لم يجز الموكل هذا التصرف لما كان ذلك وكان الثابت في الدعوى أن الطاعن وهو وكيل للدائنين قد قام بأعمال الدلالة كخبير مثمن بمناسبة بيع البضائع المملوكة للتفليسة واحتجز جزءاً من الثمن كعمولة نظير ذلك وهو ما يعتبر من قبيل التعاقد مع النفس المحظور على الوكيل القيام به، وكانت جماعة الدائنين لم تجز هذا التصرف فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بعدم استحقاق الطاعن للمبلغ الذي احتجزه لا يكون قد خالف القانون ويكون النعي بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة الثابت بالأوراق والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول أن الحكم قضى بإلزامه بالمبلغ المطالب به، وفي حين أن الثابت من تقرير الخبير أن النزاع انحصر في مبلغ 532.131 ج قيمة المتبقي في ذمته من كشوف الحساب.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أنه لما كان الحكم المطعون فيه لم يركن في قضائه على تقرير الخبير المنتدب في الدعوى لما لمحكمة الموضوع من سلطة تقدير الدليل فإن النعي لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع التقديرية وهو ما تنحسر عنه رقابة محكمة النقض.
جلسة 3 من مارس سنة 1986
برياسة السيد المستشار: محمد حلمي راغب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: مسعد الساعي وأحمد سعفان والصاوي يوسف وعادل عبد الحميد.
---------------
(68)
الطعن رقم 2346 لسنة 55 القضائية
(1) مجلس القضاء الأعلى "اختصاصاته". قضاة. نيابة عامة. دعوى جنائية "قيود تحريكها".
رفع الدعوى الجنائية على القاضي في جناية أو جنحة. غير جائز إلا بإذن من مجلس القضاء الأعلى. أساس ذلك؟
لمجلس القضاء الأعلى أن يشكل من بين أعضائه لجنة أو أكثر وأن يفوضها في بعض اختصاصاته عدا ما يتعلق بالتعيين أو الترقية أو النقل. المادة 77 مكرراً 4 من القانون 46 لسنة 1972.
القرارات التي يصدرها مجلس القضاء الأعلى أو اللجنة التي يفوضها في بعض اختصاصاته. غير نهائية. أساس ذلك؟
(2) دعوى جنائية "تحريكها". محكمة الموضوع "اتصالها بالدعوى" "نظرها الدعوى والحكم فيها".
اتصال المحكمة بالدعوى الجنائية المرفوعة ممن لا يملك. معدوم. مؤدى ذلك؟
(3) قانون "تفسيره" "تطبيقه". مجلس القضاء الأعلى "اختصاصاته". تفويض. قضاة. نيابة عامة. دعوى جنائية "قيود تحريكها". بطلان.
صياغة النص في عبارات واضحة جلية. اعتبارها تعبيراً صادقاً عن إرادة المشرع. عدم جواز الانحراف عنها عن طريق التفسير أو التأويل.
نص المادة 77 مكرراً 4 من قانون السلطة القضائية. مفاده. أن المشرع لم يجز لمجلس القضاء الأعلى التفويض في اختصاصاته المتعلقة بالتعيين أو الترقية أو النقل وأجاز له التفويض في بعض اختصاصاته الأخرى.
صدور الإذن برفع الدعوى الجنائية من لجنة لم تفوض في إصداره تفويضاً سليماً. يبطله.
(4) نقض "ما لا يجوز الطعن فيه من الأحكام".
القضاء الغير منه للخصومة في الدعوى. عدم جواز الطعن فيه بطريق النقض.
مثال.
(5) جريمة "أركانها". عقوبة "توقعيها". فاعل أصلي. اشتراك. قضاة. نيابة عامة. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "حالات الطعن. الخطأ في القانون".
معاقبة الشريك بالعقوبة المقررة للجريمة. واجب. ولو امتنع ذلك على الفاعل لسبب من أسباب الإباحة أو لعدم وجود القصد الجنائي أو لأحوال خاصة به.
صفة القاضي أو عضو النيابة ليست من الأحوال التي تمنع من معاقبة الفاعل لكن تحول دون رفع الدعوى عليه إلا بعد إذن إقامة الدعوى الجنائية على الشريك - غير ممتنعة.
القضاء بعدم قبول الدعوى الجنائية بالنسبة لمن لا يشترط الحصول على إذن مجلس القضاء الأعلى لتحريك الدعوى الجنائية ضده. خطأ في القانون.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة المطعون ضدهم بأنهم: أولاً: المتهم الأول: عرض مبلغ 1800 جنيهاً على موظف عام هو الرائد شرطة..... بإدارة جوازات ميناء القاهرة الجوي - على سبيل الرشوة - للإخلال بواجبات وظيفته بأن يغض الطرف عن التغيير الحاصل في اسم كل من المتهمين الثاني والثالث في تذكرتي مرورهما وعند عدم حصولهما على ختم بيانات الوصول ومدة الإقامة الممنوحة لهما على هاتين التذكرتين من مصلحة وثائق السفر والهجرة والجنسية وذلك لتسهيل مغادرتهما أراضي البلاد من مطار القاهرة رغم كونهما مدرجين على قوائم الممنوعين من السفر لاتهامهما في الجناية رقم 905 لسنة 1981 إحراز مخدرات بدائرة قسم شرطة الدرب الأحمر ولكن الموظف المذكور لم يقبل الرشوة منه على النحو المبين بالتحقيقات. ثانياً: المتهمان الثاني والثالث: - 1 - اشتركا مع المتهم الأول بطريقي الاتفاق والمساعدة في ارتكاب الجناية سالفة الذكر بأن اتفقا معه على ارتكابها وأمداه بالمال والبيانات الخاصة بهما وموعد سفرهما لموطنهما وتوجها في صحبته إلى المطار في الموعد المتفق عليه مع الضابط سالف الذكر فتظاهر الأخير لدى تقديمهما إليه أوراق سفرهما بحضور المتهم الأول بتسهيل الإجراءات وتمكنا بذلك من الصعود إلى الطائرة ومكثا فيها حتى تم ضبطهما قبل إقلاعها عقب ضبط المتهم الأول متلبساً بالجرم فوقعت الجريمة بناء على ذلك الاتفاق وتلك المساعدة. 2 - تسمى كل منهما في تذكرة المرور الصادرة من القنصلية السعودية بالقاهرة باسم غير اسمه الحقيقي بأن اتخذا لجدهما اسم..... بدلاً من اسمه الحقيقي...... وأمرت بإحالتهم إلى محكمة أمن الدولة العليا لمحاكمتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمرها.
ومحكمة أمن الدولة العليا قضت حضورياً عملاً بالمادة 96 من قانون السلطة القضائية بعدم قبول الدعوى لرفعها بغير اتخاذ الإجراءات القانونية.
فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.
المحكمة
من حيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى بعدم قبول الدعوى لرفعها بغير اتخاذ الإجراءات القانونية قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وشابه فساد في الاستدلال وانطوى على قصور في التسبيب، ذلك أن القرارات الصادرة من مجلس القضاء الأعلى نهائية ولا يجوز الطعن عليها بأي طريق من طرق الطعن، كما أن الحكم بقضائه ببطلان القرار الصادر من مجلس القضاء الأعلى بتفويض اللجنة الثلاثية في بعض اختصاصاته يكون قد فصل في مسألة تخرج عن اختصاصه لتجاوزه نطاق الخصومة الجنائية والمسائل التي يتوقف عليها الفصل في الدعوى، فضلاً عن أن هذا التفويض يعتبر وارداً على بعض اختصاصات المجلس طالما بقى من اختصاصاته التي لم يفوض فيها اللجنة اختصاصه بالتعيين والترقية والنقل دون أن يعتبر تفويضاً شاملاً في كل اختصاصاته. هذا إلى أن المطعون ضدهما الثاني والثالث شريكين للمطعون ضده الأول في الجريمة المسندة إليه ومن ثم فإنهما لا يستفيدان من القيد الوارد على حرية النيابة العامة في تحريك الدعوى الجنائية بالنسبة له إلا أن الحكم رغم ذلك - وبغير سند من القانون قضى بعدم قبول الدعوى بالنسبة لهما أيضاً للارتباط كل ذلك مما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الدعوى الجنائية رفعت على المطعون ضدهم بوصف أن الأول - وهو مساعد للنيابة العامة - عرض رشوة على موظف عام للإخلال بواجبات وظيفته وأن الثاني والثالث اشتركا مع الأول بطريق الاتفاق والمساعدة في ارتكاب الجناية سالفة الذكر وتسمى كل منهما في تذكرة مرور باسم غير اسمه الحقيقي، وقضت محكمة أمن الدولة العليا حضورياً بعدم قبول الدعوى لرفعها بغير اتخاذ الإجراءات القانونية. وأقامت قضاءها بالنسبة للمطعون ضده الأول على أن اللجنة التي أذنت برفع الدعوى الجنائية عليه فوضها مجلس القضاء الأعلى في كل اختصاصاته عدا التعيين والترقية والنقل وهي أمور حظر المشرع التفويض فيها وبذلك يكون هذا التفويض قد صدر على خلاف القانون ويكون الإذن برفع الدعوى الجنائية قد صدر مخالفاً للإجراءات القانونية وبالتالي لم تتصل المحكمة بالدعوى اتصالاً سليماً. لما كان ذلك، وكان قانون السلطة القضائية الصادر بالقانون رقم 46 لسنة 1972 والمعدل بالقانون رقم 35 لسنة 1984 قد نص في المادة 96 منه على أنه لا يجوز رفع الدعوى الجنائية على القاضي في جناية أو جنحة إلا بإذن من مجلس القضاء الأعلى ثم عطف تلك الحماية على أعضاء النيابة العامة في المادة 130 منه، كما نص في المادة 77 مكرراً (4) من ذات القانون على أنه: "يضع المجلس لائحة بالقواعد التي يسير عليها في مباشرة اختصاصاته ويجوز للمجلس أن يشكل من بين أعضائه لجنة أو أكثر وأن يفوضها في بعض اختصاصاته عدا ما يتعلق منها بالتعيين أو الترقية أو النقل" كما يبين من الأوراق أن مجلس القضاء الأعلى قد أصدر بجلسته المنعقدة بتاريخ الخامس من إبريل سنة 1984 قراراً جرى نصه كالآتي: "وقد قرر المجلس الموافقة على تشكيل لجنة من السيد رئيس المجلس ورئيس محكمة استئناف القاهرة والنائب العام فوضها بالفصل في المسائل التي من اختصاص المجلس فيما عدا ما يتعلق منها بالتعيين أو الترقية أو النقل". وقد صدر الإذن برفع الدعوى الجنائية على المطعون ضده الأول من تلك اللجنة بناء على التفويض سالف الذكر. لما كان ذلك، وكانت نصوص قانون السلطة القضائية قد خلت من النص على نهائية القرارات الصادرة من مجلس القضاء الأعلى أو اللجنة التي يفوضها في بعض اختصاصاته في هذا الشأن ولو أراد المشرع ذلك لما أعوزه النص عليه صراحة على غرار ما نص عليه في المادة 81 من قانون السلطة القضائية والتي نصت على أن يكون قرار مجلس القضاء الأعلى في شأن تقدير الكفاية أو التظلم منه نهائياً، ومن ثم فلا تثريب على محكمة الموضوع التي تنظر الدعوى إن هي قضت ببطلان ذلك الإذن لعدم صدوره من الجهة المختصة بإصداره ذلك أنه من المقرر أن الدعوى الجنائية إذا كانت قد أقيمت على المتهم ممن لا يملك رفعها قانوناً فإن اتصال المحكمة في هذه الحالة بالدعوى يكون معدوماً قانوناً ولا يحق لها أن تتعرض لموضوعها فإن هي فعلت فإن حكمها وما بني عليه من إجراءات معدوم الأثر، ولا يحول دون ذلك صدور هذا الإذن من جهة قضائية إذ أن هذا الإذن مهما كانت طبيعته القانونية يعتبر إجراءً جنائياً بالنظر إلى أثره اللازم في تحريك الدعوى الجنائية ومن ثم فهو يخضع لرقابة القضاء. لما كان ذلك، وكانت القاعدة العامة أنه متى كانت عبارة القانون واضحة لا لبس فيها فإنه يجب أن تعتبر تعبيراً صادقاً عن إرادة الشارع ولا يجوز الانحراف عنها عن طريق التفسير والتأويل أياً كان الباعث على ذلك، ولما كان مفاد نص المادة 77 مكرراً (4) من قانون السلطة القضائية آنف البيان أن المشرع قد استبعد اختصاصات مجلس القضاء الأعلى المتعلقة بالتعيين أو الترقية أو النقل من جواز التفويض فيها، أما فيما يتعلق بباقي اختصاصات المجلس فقد أجاز له المشرع أن يفوض في بعضها لجنة أو أكثر يشكلها من بين أعضائه، ولو أراد المشرع أن يكون التفويض شاملاً لباقي تلك الاختصاصات لنص على جواز أن يكون التفويض في اختصاصات المجلس عدا ما يتعلق منها بالتعيين أو الترقية أو النقل وليس في بعضها. لما كان ذلك، وكان الإذن برفع الدعوى الجنائية على المطعون ضده الأول قد صدر من لجنة لم تفوض في إصداره تفويضاً سليماً طبقاً للقانون فإنه يكون باطلاً، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون ولا يعيبه بعد ذلك ما أورده من أن التفويض كان شاملاً لاختصاصات المجلس لأن ذلك لم يكن له أثر في النتيجة التي خلص إليها لما كان ذلك، وكان الطعن بطريق النقض لا ينفتح بابه إلا بعد أن يكون قد صدر في موضوع الدعوى حكم منه للخصومة، وكان الحكم المطعون فيه بالنسبة للمطعون ضده الأول لا يعد منهياً للخصومة وإذا اتصلت المحكمة بعد ذلك بالدعوى اتصالاً صحيحاً فلها أن تفصل فيها وتكون إجراءات المحاكمة مبتدأه فإن الطعن بالنقض فيه في هذا الخصوص لا يكون جائزاً ومن ثم فإنه يتعين الحكم بعدم جواز الطعن بالنسبة للمطعون ضده الأول.
وحيث إن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه بعدم قبول الدعوى بالنسبة للمطعون ضدهما الثاني والثالث على قوله: "وبما أنه بالنسبة للمتهمين الثاني والثالث ولما كان ما نسب إليهما يرتبط بما نسب للمتهم الأول - المطعون ضده الأول - لذلك يتعين الحكم بعدم قبول الدعوى برمتها". لما كان ذلك، وكان نص المادة 42 من قانون العقوبات قد جرى على أنه: "إذا كان فاعل الجريمة غير معاقب لسبب من أسباب الإباحة أو لعدم وجود القصد الجنائي أو لأحوال أخرى خاصة به وجب مع ذلك معاقبة الشريك بالعقوبة المنصوص عليها قانوناً" وكان من الأحوال الخاصة ما لا يمنع من معاقبة الفاعل ولكنه يحول دون رفع الدعوى عليه إلا بعد إذن كصفة القاضي أو عضو النيابة وهذه الأحوال شخصية بحتة يستفيد منها الفاعل ولكنها لا تمنع من إقامة الدعوى الجنائية على الشريك - وذلك ما عدا جريمة الزنا لاعتبارات تتعلق بالحكمة التي دعت إلى تقييد حرية النيابة في رفع الدعوى عنها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بعدم قبول الدعوى الجنائية بالنسبة للمطعون ضدهما الثاني والثالث اللذين لا تتوافر لهما الصفة التي توافرت للمطعون ضده الأول واستلزمت صدور إذن من مجلس القضاء الأعلى لإمكان رفع الدعوى الجنائية عليه فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ويكون الحكم المطعون فيه بالنسبة لهما منه للخصومة على خلاف ظاهره ويكون الطعن فيه جائزاً فضلاً عن استيفائه الشكل المقرر في القانون. لما كان ما تقدم، وكانت المحكمة قد أخطأت في قضائها بعدم قبول الدعوى بالنسبة للمطعون ضدهما الثاني والثالث وقد حجبها هذا الخطأ عن نظر الموضوع فإنه يتعين الحكم بقبول الطعن بالنسبة لهما شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه والإحالة.
جلسة 30 من مارس سنة 1987
برياسة السيد المستشار/ الدكتور أحمد حسني نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد طموم، زكي المصري نائبي رئيس المحكمة، منير توفيق وعبد المنعم إبراهيم.
----------------
(108)
الطعن رقم 983 لسنة 50 القضائية
(1) إعلان. نقض "السبب الجديد".
النعي بعدم صحة إعلان الطاعنين بصحيفة الدعوى في موطنهما. دفاع يخالطه واقع غير متعلق بالنظام العام. إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض. غير مقبول.
(2) دعوى "الخصوم في الدعوى".
اختصام الطاعنين بصفتهما ممثلين لشركة وليس بصفتهما الشخصية. تضمين منطوق الحكم إلزامهم وآخر بالدين. لا ينصرف إليهم بصفاتهم الشخصية بل قضاء ضد الشركة.
(3) تقادم. أوراق تجارية.
التقادم الخمسي المنصوص عليه في المادة 194 من قانون التجارة لا يسري إلا على الدعاوى الصرفية التي تنشأ مباشرة عن الورقة التجارية. الدعاوى غير الصرفية خضوعها للتقادم العادي.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الشركة المطعون ضدها الأولى أقامت على شركة........ ويمثلها الطاعن الأول عن نفسه وبصفته ولياً طبيعياً على ابنتيه المطعون ضدهما الثالثة والرابعة والطاعن الثاني والمطعون ضده الثاني - الدعوى رقم 46 لسنة 1971 تجاري كلي جنوب القاهرة طالبة الحكم بإلزامهم بصفتهم بأن يؤدوا لها مبلغ 5924.445 جنيه وبياناً لذلك قالت أنه بتاريخ 19/ 3/ 1962 عهدت إليها الشركة المذكورة بتوريد أعمدة خرسانية مسلحة وتركيبها بمنطقة وادي النطرون بلغت قيمتها 17403.750 جنيه يخصم 10% كنسبة سماح فضلاً عما سدد من دفعات نقدية فيتبقى للمطعون ضدها الأولى في ذمة تلك الشركة المبلغ المطالب به. وبجلسة 28/ 11/ 1972 قضت محكمة أول درجة بندب خبير. وبعد أن قدم تقريره حكمت في 27/ 1/ 1976 بإلزام الطاعنين والمطعون ضدهم الثلاثة الأخيرين بأن يؤدوا للشركة المطعون ضدها الأولى مبلغ 5435.055 جنيه. استأنف الطاعنان هذا الحكم بالاستئناف رقم 136 لسنة 94 ق أمام محكمة استئناف القاهرة التي قضت بتاريخ 29/ 4/ 1979 بندب خبير. وبعد أن قدم تقريره حكمت في 24/ 2/ 1980 بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض. وقدمت النيابة العامة مذكرة طلبت فيها رفض الطعن، عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على أسباب أربعة ينعى الطاعنان بالوجه الثاني من السبب الأول على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، وفي بيان ذلك يقولان أنه لما كانت الشركة المطعون ضدها الأولى قد خاصمتهما في الدعوى بصفتهما ممثلين لشركة........ فقد كان يتعين عليها إعلانهما بالصحيفة في مركز إدارة تلك الشركة عملاً بالمادة 13 من قانون المرافعات وإذ اعتد الحكم المطعون فيه بإعلانهما في موطنهما رغم تمسكهما بعدم صحة هذا الإعلان، فإنه يكون قد خالف القانون.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول ذلك أنه لما كان الثابت أن الطاعنين حينما تمسكا أمام محكمة الاستئناف ببطلان صحيفة الدعوى قد أسسا ذلك على عدم إعلانهما أصلاً بهذه الصحيفة وإذ كان الحكم المطعون فيه قد واجه هذا الدفع ورد عليه بأسباب سائغة ومقبولة وكان ما أثاره الطاعنان بوجه النعي من عدم صحة إعلانهما بصحيفة الدعوى في موطنهما لا يتعلق بالنظام العام وينطوي على دفاع يخالطه واقع لم يثبت أنهما تمسكا به أمام محكمة الموضوع ومن ثم فلا يقبل منهما إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
وحيث إن حاصل الوجه الأول من السبب الأول والخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقولان أنهما تمسكا في دفاعهما بخطأ الحكم الابتدائي لقضائه بإلزامهما بالدين بصفتهما الشخصية في حين أن الطاعن الثاني - وهو ليس شريكاً في شركة........ - والطاعن الأول كانا مختصمين في الدعوى بصفتهما ممثلين لهذه الشركة وإذ رفض الحكم المطعون فيه هذا الدفاع تأسيساً على أن الشركة المذكورة هي المحكوم عليها لأنها المقصودة بالخصومة فإن يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن البين من مدونات الحكم الابتدائي أن اختصام الطاعنين في الدعوى لم يكن بصفتهما الشخصية، بل كان بصفتهما ممثلين لشركة........ وإذ كان لا يؤثر في صحة اختصام هذه الشركة مجرد الخطأ في اسم ممثلها ومن ثم فإن ما ورد بمنطوق ذلك الحكم من إلزام الطاعنين وآخر بالدين لا ينصرف إليهم بصفاتهم الشخصية، بل هو قضاء ضد الشركة دون غيرها وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر عند الرد على دفاع الطاعنين في هذا الشأن فإن النعي عليه بالخطأ في تطبيق القانون يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالوجهين الثالث والرابع من السبب الأول والوجه الثاني من السبب الثاني القصور في التسبيب والخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقولان أنهما تمسكا في دفاعهما أمام محكمة الاستئناف بسقوط الدين المطالب به بالتقادم الخمسي. أولاً: لعدم المطالبة به خلال الخمس سنوات التالية لتصفية الشركة عملاً بالمادة 65 من القانون التجارة. وثانياً: لانقضاء أكثر من خمس سنوات على استحقاقه وإذ أغفل الحكم المطعون فيه الرد على هذا الدفاع وقضى بإلزامهما بالدين فإنه يكون مشوباً بالقصور في التسبيب والخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي في شقه الأول غير مقبول إذ أنه دفاع جديد يخالطه واقع لم يثبت أن الطاعنين تمسكا به أمام محكمة الموضوع، ومن ثم فلا يقبل منهما إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض. والنعي في شقه الثاني مردود ذلك أنه لما كان قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن الأصل في الالتزام مدنياً كان أو تجارياً أن يتقادم بانقضاء خمس عشرة سنة وفقاً لنص المادة 374 من القانون المدني إلا أن المشرع التجاري خرج على هذا الأصل في المادة 194 من قانون التجارة وقرر تقادماً قصيراً مدته خمس سنوات بالنسبة للدعاوى المتعلقة بالأوراق التجارية. وهذا التقادم اقتضته الطبيعة الخاصة للالتزامات الصرفية مما يتعين معه عدم جريانه إلا على الدعاوى التي يناط بها حماية أحكام قانون الصرف وهي تلك الناشئة مباشرة عن الورقة التجارية، أما إذا كانت الدعوى لا تمت بسبب إلى قانون الصرف أي لا تتصل مباشرة بالورقة التجارية فتخضع للتقادم العادي لما كان ذلك وكان الدين المطالب به في الدعوى ليس ناشئاً عن ورقة تجارية، بل ناشئاً عن عقد مقاولة فإنه لا يخضع لأحكام التقادم الخمس المشار إليه وإنما يخضع لأحكام القانون العادي مما يضحي معه دفاع الطاعنين بسقوط الدين بالتقادم الخمسي على غير أساس، ومن ثم فلا تثريب على الحكم المطعون فيه إن هو أغفل الرد عليه.
وحيث إن حاصل الوجه الأول من السبب الثاني والسببين الثالث والرابع القصور في التسبيب ومخالفة الثابت من الأوراق، وفي بيان ذلك يقولان أنهما اعترضا على تقريري الخبيرين المنتدبين لأنه رغم أن الشركة المطعون ضدها الأولى لم تقدم ثمة مستندات تظاهر بها دعواها فإنهما انتهيا إلى دائنتيهما لهما بالمبلغ المحكوم به وهو ما يناقض الفاتورة المقدمة من تلك الشركة والمؤرخة 13/ 10/ 1962 وإذ لم يرد الحكم على تلك الاعتراضات ولا على أسباب الاستئناف المتعلقة بها ولم يعن بخصم قيمة التأمين الذي لهما لدى الشركة المذكورة فإنه يكون قد اعتراه القصور في التسبيب ومخالفة الثابت في الأوراق.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول ذلك أنه لما كان من المقرر وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة أن محكمة الموضوع لها السلطة التامة في فهم الواقع في الدعوى وفي تفسير الإقرارات والاتفاقات والمشارطات وسائر المحررات، بما تراه أدنى إلى نية عاقديها أو أصحاب الشأن فيها مستهدية بوقائع الدعوى وظروفها دون رقابة لمحكمة النقض عليها في ذلك ما دامت لم تخرج في تفسيرها عن المعنى الذي تحتمله عبارات المحرر ولا تثريب عليها في الأخذ بأي دليل تكون قد اقتنعت به ما دام هذا الدليل من طرق الإثبات قانوناً ولها أن تأخذ بتقرير الخبير كله كما لها أن تأخذ ببعض ما جاء به وتطرح بعضه إذ هي لا تقضي إلا على أساس ما تطمئن إليه فيه وحسبها أن تبين الحقيقة التي اقتنعت بها وأن تقيم قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله وهي غير ملزمة بتتبع الخصومة في مختلف أقوالهم وحججهم وترد استقلالاً على كل مستند قدموه أو كل حجة أو قول أثاروه ما دام قيام الحقيقة التي اقتنعت بها وأوردت دليلها فيه الرد الضمني المسقط لتلك المستندات والأقوال والحجج وإذ كان الحكم المطعون فيه قد تكفل بالرد على أسباب استئناف الطاعنين واستخلص مما أثبته الخبيرين من صدور الأمر الجمهوري رقم 203 لسنة 1968 برفع الحراسة عن شركة........ وعن أموال الشركاء فيها، وقرار الإفراج النهائي رقم 562 لسنة 1968 ومن استلام وكيل الشركاء في 27/ 11/ 1968 موجودات الشركة ودفاترها أنه لم يتم تصفيتها - وهو ما لم تنفه الشهادة الصادرة من جهاز تصفية الحراسات - وخلص من تعاقد هذه الشركة مع الهيئة العامة لتعمير الصحاري على قيام الأولى بتوريد وتركيب الأدوات والمهمات اللازمة لاستصلاح 3000 فدان بمنطقة وادي النطرون وتقدم الشركة المذكورة إلى المطعون ضدها الأولى بالعطاء المؤرخ 19/ 3/ 1962 لتقوم الشركة الثانية بتوريد وتركيب أعمدة خرسانية لهذه المنطقة ومن المكاتبات المتبادلة بين هاتين الشركتين ومستخلصات تنفيذ موضوع العطاء وأحدها عليه بصحة خاتم شركة........ أن الأخيرة مدينة بالمبلغ المحكوم به ضدها. وهو من الحكم استخلاص سائغ له أصله الثابت بالأوراق ومن شأنه أن يؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها ولا ينال منه ما يثيره الطاعنان عن الفاتورة الصادرة من الشركة المطعون ضدها الأولى رقم 579 إذ أن الثابت أن صافي الرصيد الوارد بها ليس هو النتيجة النهائية للمديونية وإنما استخرج بعد خصم قيمة ما أصدرته من فواتير سابقة عن تنفيذ المراحل السابقة من العملية وغير مقبول التحدي لأول مرة أمام محكمة النقض بمديونية الشركة المطعون ضدها بقيمة التأمين لما يخالطه من واقع، ومن ثم فإن النعي في جملته لا يعدو أن يكون جدلاً في تقدير محكمة الموضوع للدليل مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.