الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

الأحد، 9 مارس 2025

الدعوى 112 لسنة 36 ق دستورية عليا "دستورية" جلسة 8 / 2 / 2025

باسم الشعب

المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الثامن من فبراير سنة 2025م، الموافق التاسع من شعبان سنة 1446ه.

برئاسة السيد المستشار/ بولس فهمي إسكندر رئيس المحكمة

وعضوية السادة المستشارين: محمود محمد غنيم والدكتور عبد العزيز محمد سالمان وطارق عبد العليم أبو العطا وعلاء الدين أحمد السيد وصلاح محمد الرويني

ومحمد أيمن سعد الدين عباس نواب رئيس المحكمة

وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشري رئيس هيئة المفوضين

وحضور السيد/ عبد الرحمن حمدي محمود أمين السر

أصدرت الحكم الآتي

في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 112 لسنة 36 قضائية "دستورية"

المقامة من

شركة الاتحاد العربي للنقل البحري – فامكو (تحت التصفية)

ضد

1 – رئيس الجمهورية

2- وزير التأمينات

3- رئيس مجلس الوزراء

4- أحمد طه محمد خالد

5- نادر عبد اللطيف محمد عمران

---------------

الإجراءات

بتاريخ الثامن والعشرين من يونيه سنة 2014، أودعت الشركة المدعية صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبة الحكم بعدم دستورية عبارة "وأن إيجاد التوازن بينهما يخرج عن الإمكانيات المالية للجهة المنشئة له" الواردة بالبند (أ) من الفقرة الأولى من المادة (12) من القانون رقم 64 لسنة 1980 بشأن أنظمة التأمين الاجتماعي الخاص البديلة، وعبارة "فإذا تبين وجود عجز في أموال الصندوق ولم تكف الاحتياطات والمخصصات المختلفة لتسويته التزمت به المنشأة" الواردة بالفقرة الثانية من المادة (22) من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 64 لسنة 1980 السالف الذكر، الصادرة بقرار وزير التأمينات رقم 52 لسنة 1985، وسقوط الأحكام المقابلة لهما في نظام التأمين الاجتماعي للعاملين بشركة الاتحاد العربي للنقل البحري (فامكو) الصادر بقرار وزير التأمينات رقم 98 لسنة 1985، وبخاصة الفقرة الثانية من المادة (103) فيما نصت عليه من أنه "وإذا تبين من فحص المركز المالي للصندوق أن موارده لا تتحمل كلًّا أو جزءًا من الزيادات المشار إليها بالفقرة السابقة، فتتحمل الشركة تلك الزيادة أو الجزء الزائد عن قدرة الصندوق وتؤديها وفقًا للقواعد التي يتفق عليها مع الشركة والتي يكون لها أن تسترد ما تتحمله إذا ما أسفر فحص المركز المالي للصندوق في السنوات التالية عن وجود مال فائض". وبموجب صحيفة تعديل طلبات أمام هيئة المفوضين، أضافت الشركة طلبًا جديدًا بعدم دستورية البند (12) من المادة ( 1 ) من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 64 لسنة 1980 السالف الذكر، فيما نصت عليه من "التزام الجهة المنشئة للصندوق بسداد العجز الذي يسفر عنه الفحص الاكتواري"، وسقوط الأحكام المقابلة لها بنظام التأمين الاجتماعي للعاملين بشركة الاتحاد العربي للنقل البحري (فامكو) السالف الإشارة إليه، وخاصة الفقرة الثانية من المادة (9) فيما نصت عليه من أنه "ولم تكف الاحتياطات والمخصصات المختلفة لتسويته التزمت الشركة بأدائه".

وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرتين، طلبت في الأولى الحكم برفض الدعوى، وطلبت في الثانية الحكم بعدم قبول الطلبات المعدلة.

وقدم المدعى عليه الخامس مذكرة، طلب فيها الحكم برفض الدعوى.

وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.

ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وفيها قدمت الشركة المدعية مذكرة بطلباتها السابقة، وقررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم.

--------------

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.

حيث إن الوقائع تتحصل – على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – في أن المدعى عليهما الرابع والخامس أقاما أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية الدعوى رقم 2589 لسنة 2002 عمال كلي، ضد الشركة المدعية وآخرين، طلبًا للحكم بإلزامهم بالزيادة المقررة لأصحاب المعاشات وقدرها 10٪ اعتبارًا من 1/7/2000، للمدعى عليه الخامس، ومن 1/7/2001، للمدعى عليه الرابع، على أن تُضم تلك الزيادة للمعاش شهريًّا، وإلزامهم مبلغ عشرة آلاف جنيه تعويضًا ماديًّا وأدبيًّا لكل منهما، على سند من أنهما كانا من العاملين بالشركة المدعية، وأحيلا للتقاعد لبلوغ سن المعاش، ويستحقان زيادة معاشيهما بما لا يقل عن الزيادات التي تقررت بالتطبيق لقانون التأمين الاجتماعي، عملًا بنص المادة (103) من نظام صندوق التأمين الخاص بالشركة، وفي حال عدم قدرة الصندوق على تحمل تلك الزيادة أو جزء منها فإن الشركة تتحمل تلك الزيادة، أو الجزء الزائد، وإذ امتنع الصندوق عن صرف ما يقابل الزيادة المقررة بقانون التأمين الاجتماعي، ورفضت الشركة المدعية تحملها؛ فأقاما دعواهما بطلباتهما السالفة البيان. ومن جانب آخر، أقامت الشركة المدعية وآخر دعوى فرعية طالبين الحكم بإلزام المدعى عليهما الرابع والخامس مبلغ 64484,22 جنيهًا، و136189,05 جنيهًا، على الترتيب، بخلاف ما يستجد، على سند من أنه وقع خطأ في حساب المستحقات التأمينية لكل منهما. وبجلسة 29/3/2009، حكمت المحكمة في الدعوى الأصلية برفضها، وفي الدعوى الفرعية بسقوط حق المدعيين في إقامتها. استأنف الطرفان الحكم أمام محكمة استئناف الاسكندرية بالاستئنافين رقمي 1035 و1150 لسنة 65 قضائية. وبجلسة 10/2/2010، حكمت المحكمة برفضهما وتأييد الحكم المستأنف. طعن المدعى عليهما الرابع والخامس على الحكم أمام محكمة النقض بالطعن رقم 5665 لسنة 80 قضائية. وبجلسة 5/1/2014، نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه، وأحالت الدعوى إلى محكمة استئناف الإسكندرية، وحال تداول الاستئناف دفعت الشركة بعدم دستورية الفقرة الأولى من المادة (12) من القانون رقم 64 لسنة 1980 بشأن أنظمة التأمين الاجتماعي الخاصة البديلة، والفقرة الثانية من المادة (22) من اللائحة التنفيذية للقانون ذاته، الصادرة بقرار وزير التأمينات رقم 52 لسنة 1985. وإذ قدرت المحكمة جدية الدفع، وصرحت لها بإقامة الدعوى الدستورية؛ فأقامت الدعوى المعروضة.

وحيث إن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن نطاق الدعوى الدستورية التي أتاح المشرع للخصوم إقامتها، يتحدد بنطاق الدفع بعدم الدستورية الذي أثير أمام محكمة الموضوع، وفي الحدود التي تقدر فيها المحكمة جديته. إذ كان ذلك، وكان الدفع بعدم الدستورية المبدى من الشركة المدعية قد انصب على الفقرة الأولى من المادة (12) من القانون رقم 64 لسنة 1980 السالف الذكر، والفقرة الثانية من المادة (22) من اللائحة التنفيذية للقانون ذاته، الصادرة بقرار وزير التأمينات رقم 52 لسنة 1985، وهو ما ورد عليه تقدير الجدية من محكمة الموضوع وتصريحها بإقامة الدعوى الدستورية؛ ومن ثم فإن الطعن على دستورية البند (12) من المادة (1) من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 64 لسنة 1980 المار بيانه، المقدم أمام هيئة المفوضين، يعد بمثابة دعوى دستورية أصلية أُقيمت بالطريق المباشر، بالمخالفة لنص المادة (29/ب) من قانون هذه المحكمة الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، مما يتعين معه الحكم بعدم قبول الدعوى في هذا الشق منها.

وحيث إن البند (أ) من الفقرة الأولى من المادة (12) من القانون رقم 64 لسنة 1980 سالف الذكر ينص على أن "يصدر وزير التأمينات قرارًا بحل صندوق التأمين الاجتماعي الخاص وتصفيته في الأحوال الآتية: (أ) إذا تبين من نتيجة فحص المركز المالي للصندوق أن أمواله لا تكفي للوفاء بالتزاماته وأن إيجاد التوازن بينها يخرج عن الإمكانيات المالية للجهة المنشئة له".

وتنص الفقرة الثانية من المادة (22) من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 64 لسنة 1980، الصادرة بقرار وزير التأمينات رقم 52 لسنة 1985 على أنه "ويجب أن يتناول الفحص قيمة الالتزامات القائمة. فإذا تبين وجود عجز في أموال الصندوق ولم تكف الاحتياطات والمخصصات المختلفة لتسويته التزمت به المنشأة وعلى الخبير أن يوضح في هذه الحالة أسباب العجز والوسائل الكفيلة بتلافيه".

وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن مناط المصلحة في الدعوى الدستورية – وهي شرط لقبولها – أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة في الدعوى الموضوعية؛ وذلك بأن يكون الفصل في المسألة الدستورية لازمًا للفصل في الطلبات المرتبطة بها المطروحة على محكمة الموضوع، وأن الدعوى الدستورية، وإن كانت تستقل بموضوعها عن الدعوى الموضوعية، باعتبار أن أولاهما تتوخى الفصل في التعارض المدعى به بين نص تشريعي وقاعدة في الدستور، في حين تطرح ثانيتهما – في صورها الأغلب وقوعًا – الحقوق المدعى بها في نزاع موضوعي يدور حولها إثباتًا أو نفيًا، إلا أن هاتين الدعويين لا تنفكان عن بعضهما من زاويتين، أولاهما: أن المصلحة في الدعوى الدستورية مناطها ارتباطها بالمصلحة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الحكم في المسألة الدستورية مؤثرًا في الطلب الموضوعي المرتبط بها، وثانيتهما: أن يصبح الفصل في الدعوى الموضوعية متوقفًا على الفصل في الدعوى الدستورية، بما مقتضاه أن يكون النزاع الموضوعي ما زال قائمًا عند الفصل في الدعوى الدستورية، وإلا أصبح قضاء المحكمة الدستورية العليا دائرًا في فلك الحقوق النظرية البحتة بزوال المحل الموضوعي الذي يمكن إنزاله عليه.

وحيث إن المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه لا يكفي توافر شرط المصلحة عند رفع الدعوى الدستورية، وإنما يتعين أن تظل هذه المصلحة قائمة حتى الفصل في الدعوى الدستورية، فإذا زالت المصلحة بعد رفع الدعوى الدستورية وقبل الفصل فيها، فلا سبيل للتطرق إلى موضوعها.

لما كان ما تقدم، وكان البند (أ) من الفقرة الأولى من المادة (12) من القانون رقم 64 لسنة 1980 السالف الذكر، يخص إحدى حالات حل صندوق التأمين الاجتماعي الخاص وتصفيته، وهو أمر غير مطروح على محكمة الموضوع؛ ومن ثم فلا يكون للفصل في دستورية هذا البند انعكاس على الطلبات المطروحة في الدعوى الموضوعية؛ الأمر الذي تنتفي معه مصلحة الشركة في الطعن عليه؛ مما يتعين معه الحكم بعدم قبول الدعوى في هذا الشق منها.

وحيث إن المادة (9) من القانون رقم 64 لسنة 1980 السالف الذكر، تنص على أن "يؤدي صندوق التأمين الاجتماعي الخاص إلى وزارة التأمينات رسمًا سنويًّا بواقع 1٪ من جملة الموارد والاشتراكات السنوية، ويحتفظ بهذا الرسم في حساب خاص لا يجوز التصرف فيه إلا في الأغراض الآتية: (أ) سداد العجز في الاحتياطيات المحولة إلى الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية في حالات حل الصناديق أو تصفيتها ..........".

كما تنص المادة (12) من القانون ذاته على أن " يصدر وزير التأمينات قرارًا بحل صندوق التأمين الاجتماعي الخاص وتصفيته في الأحوال الآتية: أ-.....ب-.... ج – إذا صُفيت المنشأة".

 وتنص المادة (13) من القانون السالف الذكر على أنه " في حالة حل صندوق التأمين الاجتماعي الخاص وتصفيته تؤول احتياطياته إلى الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية وتحدد المزايا التي تلتزم بها الهيئة وفقًا لما يلي:

1. تحسب الالتزامات القائمة المقابلة لحقوق أصحاب المعاشات والذين نشأ استحقاقهم قبل تاريخ إجراء الحل والتصفية، وتجنب المبالغ اللازمة للوفاء بها، وكذلك قيمة مزايا الدفعة الواحدة التي استحقت قبل هذا التاريخ من الاحتياطيات المحولة إلى الهيئة.

2. تلتزم الهيئة بأداء المزايا إلى الأعضاء الموجودين في الخدمة بعد تاريخ الحل والتصفية في الحدود التي تسمح بها الاحتياطيات المتبقية والرسم المنصوص عليه في المادة (9) من هذا القانون بما لا يقل عن المزايا المقررة بقانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975".

وحيث إن قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 2906 لسنة 2016 قد نص في مادته الأولى على أنه "ووفق على التصديق على قرار الجمعية العمومية غير العادية لشركة الاتحاد العربي (فامكو) رقم (1) بتاريخ 26/12/2013 بتصفية الشركة لعدم قدرتها على الوفاء بالتزاماتها الدورية، وتوقف النشاط الأساسي لها".

كما نصت المادة الثالثة من القرار ذاته على أن "يكون لمستحقات العاملين السابقين والحاليين بشركة الاتحاد العربي للنقل البحري (فامكو) أو المستحقين عنهم من أجور، ومعاشات، وتعويضات، امتياز على جميع أموال الشركة وتستوفى هذه المبالغ قبل المصروفات القضائية والمبالغ المستحقة للخزانة العامة ومصروفات الحفظ والترميم".

ونصت المادة الرابعة من القرار السالف على أن "تستمر وزارة التضامن الاجتماعي في إتاحة المعاشات المستحقة للمشتركين بصندوق التأمين والمعاشات والتعويضات للعاملين بشركة الاتحاد العربي للنقل البحري (فامكو) من رصيد الصندوق لدى بنك الاستثمار القومي، على أن يُرحَّل قيمة المنصرف ليضاف على العجز لحين إنهاء إجراءات التصفية".

وعلى إثر ذلك، أصدر وزير التضامن الاجتماعي القرار رقم 551 لسنة 2016، ناصًّا في المادة الأولى منه على أن " يُحل صندوق التأمين والمعاشات والتعويضات للعاملين بشركة الاتحاد العربي للنقل البحري (فامكو) وتُصفَّى كافة أمواله وممتلكاته".

وتنص المادة الثانية من القرار الوزاري السالف ذكره، على أن "يتحمل صندوق التأمين الاجتماعي للعاملين بقطاعي الأعمال العام والخاص بكافة التزامات الصندوق البديل وتؤول إليه احتياطيات صندوق التأمين والمعاشات والتعويضات بشركة الاتحاد العربي للنقل البحري (فامكو) سواء في ذلك المودعة لدى بنك الاستثمار القومي أو أية أوراق مالية أو أسهم أو سندات وكذا الأصول والممتلكات الأخرى التي تخص الصندوق في تاريخ الحل والتصفية".

لما كان ما تقدم، وكانت رحى النزاع في الدعوى الموضوعية تدور حول إلزام صندوق التأمين الاجتماعي للعاملين بشركة الاتحاد العربي للنقل البحري (فامكو)، ومن بعده الشركة ذاتها، بالزيادات المقررة لأصحاب المعاشات، وباستقراء النصوص السالفة، يتبين أنه تم حل الشركة المدعية وتصفيتها، والأمر ذاته بشأن صندوق التأمين الاجتماعي للعاملين بها، وتحمُّل صندوق التأمين الاجتماعي للعاملين بقطاع الأعمال العام والخاص كافة حقوق والتزامات الصندوق الذي تم تصفية كافة أمواله، بما يحقق للشركة غرضها من دعواها الموضوعية بعدم تحمل عبء الزيادة في معاشات المدعى عليهما الرابع والخامس، الذي انتقل إلى صندوق التأمين الاجتماعي للعاملين بقطاع الأعمال العام والخاص -على ما سلف بيانه- ومن ثم يضحى الفصل في دستورية نص الفقرة الثانية من المادة (22) من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 64 لسنة 1980 المشار إليها، غير لازم للفصل في الطلبات المطروحة في الدعوى الموضوعية، بما مؤداه زوال مصلحة الشركة المدعية في الطعن على هذا النص؛ الأمر الذي يتعين معه القضاء بعدم قبول الدعوى برمتها.

وحيث إنه عن طلب سقوط بعض أحكام نظام التأمين الاجتماعي بالشركة المدعية الصادر بقرار وزير التأمينات رقم 98 لسنة 1995، فقد صار غير ذي محل؛ إعمالًا لقضاء هذه المحكمة بعدم قبول الدعوى المعروضة.

فلهذه الأسباب

 حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، ومصادرة الكفالة، وألزمت الشركة المدعية المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

الطعن 4058 لسنة 78 ق جلسة 26 / 1 / 2021 مكتب فني 72 ق 20 ص 125

جلسة 26 من يناير سنة 2021
برئاسة السيـد القاضي/ إبراهيم الضبع "نائب رئيس المحكمة"، وعضوية السادة القضاة/ حسن أبو عليو، عبد الرحيم الشاهد، محمد خيري "نواب رئيس المحكمة" وعلي ياسين.
---------------
(20)
الطعن رقم 4058 لسنة 78 القضائية
(1) محكمة الموضوع " سلطتها بشأن تكييف الدعوى " .
محكمة الموضوع . التزامها بإعطاء الدعوى وصفها الحق وتكييفها القانوني الصحيح . عدم تقيدها بتكييف الخصوم لها .
(2) دعوى " تكييف الدعوى " .
تكييف الدعوى بأنها دعوى بأصل الحق . مناطه . حقيقة المطلوب فيها . لا عبرة بالعبارات التي صيغت بها الطلبات أو عدم طلب الحكم بالملكية .
(3) نقض " سلطة محكمة النقض " .
تكييف الدعوى . من المسائل القانونية . أثره . خضوع محكمة الموضوع فيها لرقابة محكمة النقض . للأخيرة إعطاء الوقائع الثابتة تكييفها القانوني الصحيح . شرطه . عدم اعتمادها على غير ما حصلته محكمة الموضوع منها .
(4) حيازة " دعاوى الحيازة " .
دعوى الطاعن بطرد المطعون ضده من محل النزاع الذي يحوزه لاغتصابه له على سند من ملكيته له . تكييفها الصحيح . دعوى الحق ذاته وليست دعوى باسترداد الحيازة . انتهاء الحكم المطعون فيه إلى اعتبارها من دعاوى الحيازة . خطأ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- المقرر - في قضاء محكمة النقض- أن محكمة الموضوع ملزمة بإعطاء الدعوى وصفها الحق وإسباغ التكييف القانوني الصحيح وبإنزال حكم القانون عليها دون تقيد بتكييف الخصوم.
2- المقرر –في قضاء محكمة النقض- أن العبرة في تكييف الدعوى بأنها دعوى مرفوعة بأصل الحق هي بحقيقة المطلوب فيها بصرف النظر عن العبارات التي صيغت بها الطلبات أو عدم طلب الحكم بالملكية.
3- المقرر –في قضاء محكمة النقض– أن تكييف الدعوى من المسائل القانونية التي تخضع فيها محكمة الموضوع لرقابة محكمة النقض التي لها في هذا الصدد أن تعطي الوقائع الثابتة تكييفها القانوني الصحيح ما دامت لا تعتمد فيه على غير ما حصلته محكمة الموضوع منها.
4- إذ كان الواقع في الدعوى أن الطاعن رفعها وطلب فيها طرد المطعون ضده من محل النزاع الذي بحوزته لاغتصابه له مؤسسًا طلبه على ملكيته له، ونازع المطعون ضده في ذلك، وذهب إلى حيازته له، فإن هذه الدعوى بالنظر إلى الطلبات فيها والأساس الذي أُقيمت عليه ليست دعوى باسترداد الحيازة قُصِد بها مجرد حماية حيازة عقار تحت يد الطاعن من أعمال غصب تمت من قبل المطعون ضده، وإنما هي بحسب تكييفها الصحيح دعوى الحق ذاته الهدف منها رد العقار محل النزاع وتمكين الطاعن منه، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى اعتبار هذه الدعوى من دعاوى الحيازة، فإنه يكون قد أخطأ فهمه واقعها، مما أدى به إلى الخطأ في تطبيق القانون.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر، والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع –على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق- تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم ... لسنة 2006 مدني الإسكندرية الابتدائية على المطعون ضده بطلب الحكم بطرده من المحل المبين بصحيفة الدعوى وتسليمه إليه خاليًا من الأشخاص والشواغل ومنعه من التعرض له في ملكيته، وقال بيانًا لذلك: إنه يمتلك ذلك المحل بموجب العقد الابتدائي المؤرخ 1/3/2002، وقد صدر بشأنه حكم بصحة التوقيع في الدعوى رقم ... لسنة 2002 شمال القاهرة، وقد آلت الملكية للبائع له بموجب العقد الابتدائي المؤرخ 1/5/1985، وصدر بشأنه حكم بصحة التوقيع في الدعوى رقم ... لسنة 1994 الإسكندرية، وقد استصدر حكمًا في الدعوى رقم ... لسنة 2004 مدني كلي بتسليمه محل التداعي، وتم تنفيذه، إلا أن المطعون ضده وضع يده عليه بطريق الغصب، فأقام الدعوى. حكمت المحكمة بالطلبات. استأنف المطعون ضده هذا الحكم بالاستئناف رقم ... لسنة 63 ق الإسكندرية، وبتاريخ 15/1/2008 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عُرض الطعن على هذه المحكمة، في غرفة المشورة، حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون؛ إذ أقام قضاءه برفض دعواه على أنها من دعاوى الحيازة، وأن المطعون ضده هو الحائز لمحل التداعي امتدادًا لحيازة مورثه بموجب العقد العرفي المؤرخ 2/4/1984 في حين أن طلباته فيها هي طرد المطعون ضده من محل النزاع المملوك له بموجب عقدي البيع المؤرخين 1/5/1985، 1/3/2002 لغصبه، وبالتالي فإنها ليست دعوى استرداد حيازة، وإنما هي دعوى الحق ذاته الهدف منها رد العقار المغتصب وتمكينه منه، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون، بما يعيبه ويستوجب نقضه.

وحيث إن هذا النعي في محله؛ ذلك أنه من المقرر – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة– أن محكمة الموضوع ملزمة بإعطاء الدعوى وصفها الحق وإسباغ التكييف القانوني الصحيح، وبإنزال حكم القانون عليها دون تقيد بتكييف الخصوم، وأن العبرة في تكييف الدعوى بأنها مرفوعة بأصل الحق هي بحقيقة المطلوب فيها، بصرف النظر عن العبارات التي صيغت بها الطلبات أو عدم طلب الحكم بالملكية، وتكييف الدعوى من المسائل القانونية التي تخضع فيها محكمة الموضوع لرقابة محكمة النقض التي لها في هذا الصدد أن تعطي الوقائع الثابتة تكييفها القانوني الصحيح ما دامت لا تعتمد فيه على غير ما حصلته محكمة الموضوع منها. لمَّا كان ذلك، وكان الواقع في الدعوى أن الطاعن رفعها وطلب فيها طرد المطعون ضده من محل النزاع الذي بحوزته؛ لاغتصابه له، مؤسسًا طلبه على ملكيته له، ونازع المطعون ضده في ذلك، وذهب إلى حيازته له، فإن هذه الدعوى بالنظر إلى الطلبات فيها والأساس الذي أُقيمت عليه ليست دعوى باسترداد الحيازة قُصِد بها مجرد حيازة عقار تحت يد الطاعن من أعمال غصب تمت من قِبل المطعون ضده، وإنما هي بحسب تكييفها الصحيح دعوى الحق ذاته الهدف منها رد العقار محل النزاع، وتمكين الطاعن منه، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى اعتبار هذه الدعوى من دعاوى الحيازة، فإنه يكون قد أخطأ فهمه واقعها، مما أدى به إلى الخطأ في تطبيق القانون، بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجه إلى بحث باقي أسباب الطعن.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه، ولِما تقدم، يتعين القضاء في موضوع الاستئناف رقم ... لسنة 63 ق الإسكندرية برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 24841 لسنة 88 ق جلسة 11 / 11 / 2021 مكتب فني 72 ق 88 ص 942

جلسة 11 من نوفمبر سنة 2021
برئاسة السيد القاضي / د. علي فرجاني نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / محمد الخطيب ، هشام عبد الهادي ، نادر خلف وحسام محمد جمعة نواب رئيس المحكمة .
----------------
(88)
الطعن رقم 24841 لسنة 88 القضائية
(1) حكم " بيانات حكم الإدانة " " بيانات التسبيب " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
حكم الإدانة . بياناته ؟
عدم رسم القانون شكلًا خاصًا لصياغة الحكم .
بيان الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها وإيراده مؤدى الأدلة التي استخلص منها الإدانة . لا قصور .
مثال .
(2) استدلالات . تفتيش " إذن التفتيش . إصداره " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير جدية التحريات " .
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالتفتيش . موضوعي .
مثال .
(3) مأمورو الضبط القضائي " سلطاتهم " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
تولي رجل الضبط القضائي بنفسه التحريات التي يؤسس عليها طلب الإذن بالتفتيش . غير لازم . له الاستعانة بمعاونيه من رجال السلطة العامة والمرشدين السريين أو غيرهم .
ما دام اقتنع شخصياً بصحة ما نقلوه إليه . المجادلة في ذلك أمام محكمة النقض . غير جائزة .
(4) دفوع " الدفع بصدور إذن التفتيش بعد الضبط والتفتيش " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
الدفع بصدور الإذن بعد الضبط . موضوعي . كفاية اطمئنان المحكمة بأدلة سائغة إلى وقوعه بناءً على الإذن ردًا عليه .
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض.
(5) حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " .
إغفال الحكم التحدث عن أقوال الطاعن بالتحقيقات . غير قادح في سلامته . علة ذلك ؟
اطمئنان المحكمة لحدوث الضبط والتفتيش في زمان معين . موضوعي .
إشارة المحكمة صراحة إلى عدم أخذها بقالة الطاعن . غير لازم . قضاؤها بالإدانة اطمئنانًا لصدق رواية شاهد الإثبات . مفاده : اطراحها .
(6) إثبات " أوراق رسمية " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
الأدلة في المواد الجنائية إقناعية . للمحكمة الالتفات عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية . حد ذلك ؟
مثال .
(7) حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب".
إيراد المحكمة مؤدى أقوال ضابط الواقعة في بيانٍ وافٍ للتدليل على ثبوت الصورة التي اقتنعت بها . لا قصور .
(8) مواد مخدرة . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير توافر القصد الجنائي " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
لمحكمة الموضوع أن ترى في تحريات وأقوال الضابط ما يكفي لإسناد واقعة إحراز المخدر للطاعن ولا ترى ما يقنعها بأن الإحراز بقصد الاتجار.
(9) محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " " سلطتها في تقدير أقوال الشهود ". إثبات " شهود ". نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها ".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى . موضوعي . ما دام سائغًا .
وزن أقوال الشهود وتقديرها . موضوعي.
سكوت الضابط عن الإدلاء بأسماء القوة المرافقة له . لا ينال من سلامة أقواله وكفايتها كدليل في الدعوى .
المنازعة في صورة الواقعة . جدل موضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض.
(10) نقض" أسباب الطعن . تحديدها".
وجه الطعن . وجوب أن يكون واضحًا محددًا .
مثال .
(11) قانون " تفسيره". نقض" حالات الطعن . الخطأ في تطبيق القانون" . محكمة النقض " سلطتها". مصادرة .
المادة 395 /1 إجراءات جنائية المستبدلة بالقانون 95 لسنة 2003 . مفادها ؟
العبرة بتشديد العقوبة أو تخفيفها بدرجتها في ترتيب العقوبات . تشديد الحكم العقوبة المقضي بها غيابياً من السجن إلى السجن المشدد وإضافة عقوبات . خطأ في تطبيق القانون . يوجب تصحيحه .
المصادرة طبقًا للمادة 30 عقوبات . ماهيتها ؟
وجوب القضاء بمصادرة الجواهر المخدرة والنباتات والأدوات ووسائل النقل المضبوطة المستخدمة في ارتكاب الجريمة . قضاء الحكم بمصادرة الميزان الحساس رغم نفي قصد الاتجار . خطأ في تطبيق القانون . لمحكمة النقض تصحيحه . أساس ذلك ؟
مثال .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله :- (( ... تتحصل في أن التحريات السرية التي أجراها .... معاون مباحث مركز شرطة .... توصلت إلى أن المتهم .... يحوز ويحرز مواد مخدرة في غير الأحوال المصرح بها قانونًا ، ولما تأكد من هذه التحريات سطرها في محضر دفع به إلى النيابة العامة التي أذنت له بتاريخ .... لضبط وتفتيش شخص ومسكن المتهم لضبط ما يحوزه ويحرزه من مواد مخدرة في غير الأحوال المصرح بها قانونًا ، ونفاذًا لهذا الإذن انتقل على رأس قوة من رجال الشرطة السريين إلى حيث يتواجد المتهم بناء على إخبارية من مصدره السري ، فتمكن من ضبطه ، وأجرى تفتيشه ، فعثر على عدد ثماني قطع لجوهر الحشيش ، وعدد إثنين قرص لجوهر الترامادول ، وسلاح أبيض ، وأقر له المتهم بإحرازه للمضبوطات . )) ودلل الحكم على ثبوت الواقعة في حق الطاعن بأدلة مستقاة من أقوال .... معاون مباحث مركز شرطة .... ، وما ورد بتقرير المعمل الكيماوي بمصلحة الطب الشرعي . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن القانون أوجب على كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة ، والظروف التي وقعت فيها ، وأن يورد مؤدى الأدلة التي استخلص منها الإدانة ، حتى يتضح وجه استدلاله بها ، وسلامة مأخذها ، ولم يرسم القانون شكلًا خاصًا يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة ، وكان الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها ، وأورد مؤدى الأدلة التي استخلص منها الإدانة ، فإنه ينحسر عن الحكم قالة القصور في التسبيب ، ويكون منعى الطاعن في هذا الصدد في غير محله .
2- من المقرر أن تقدير جدية التحريات ، وكفايتها لإصدار الأمر بالتفتيش ، هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع ، فإذا كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن التفتيش ، وكفايتها لتسويغ إصداره ، وأقرت النيابة على تصرفها في هذا الشأن – كما هو الحال في الدعوى المطروحة – ، فلا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون ، ولما كانت المحكمة قد سوغت الأمر بالتفتيش ، وردت على شواهد الدفع ببطلانه لعدم جدية التحريات التي سبقته بأدلة منتجة لا ينازع الطاعن في أن لها أصلًا ثابتًا بالأوراق ، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد لا يكون سديدًا .
3- من المقرر أن القانون لا يوجب حتمًا أن يتولى رجل الضبط القضائي بنفسه التحريات والأبحاث التي يؤسس عليها الطلب بالإذن بالتفتيش أو أن يكون على معرفة سابقة بالمتحرى عنه ، بل له أن يستعين فيما يجريه من تحريات وأبحاث أو ما يتخذه من وسائل التنقيب بمعاونيه من رجال السلطة العامة ، والمرشدين السريين ، ومن يتولون إبلاغه عما وقع بالفعل من جرائم ،ما دام أنه اقتنع شخصيًا بصحة ما نقلوه إليه ، وبصدق ما تلقاه من معلومات ، وكانت المحكمة قد اقتنعت بما جاء بمحضر التحريات ، وأقوال شاهد الإثبات ، بجدية هذه التحريات ، فلا تجوز المجادلة في ذلك أمام محكمة النقض .
4- من المقرر أن الدفع بصدور الإذن بعد الضبط ، إنما هو دفاع موضوعي ، يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط بناء على الإذن أخذًا بالأدلة التي أوردتها ، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شاهد الإثبات ، وصحة تصويره للواقعة ، وأن الضبط كان بناء على إذن النيابة العامة بالتفتيش استنادًا لأقواله ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل ، وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ، ولا يجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض .
5- من المقرر إنه لا يقدح في سلامة الحكم ، إغفاله التحدث عن أقوال الطاعن بالتحقيقات ، لما هو مقرر من أن المحكمة غير ملزمة بالتحدث في حكمها ، إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها ، ولا عليها إن هي التفتت عن أي دليل آخر ، لأن في عدم إيرادها له ما يفيد اطراحه وعدم التعويل عليه ، وكان اطمئنان المحكمة إلى حدوث الضبط والتفتيش في زمان معين ، هو من المسائل الموضوعية التي تستقل بالفصل فيها ، وكانت المحكمة غير ملزمة بأن تشير صراحة في حكمها إلى عدم أخذها بقالة الطاعن ، ما دام قضاؤها بالإدانة اطمئنانًا منها إلى صدق رواية شاهد الإثبات يفيد دلالة إطراح أقواله ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد.
6- لما كان لا ينال من سلامة الحكم ، إطراحه البرقية التلغرافية والتي يتساند إليها الطاعن للتدليل على أن الضبط كان سابقًا على إذن النيابة ، ذلك أن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية ، فللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ، ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة القائمة في الدعوى ، هذا فضلًا عن أن الثابت من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يقدم ثمة مستندات في الدعوى - خلافًا لما يزعمه بأسباب طعنه - ، ومن ثم فإن ما يثيره في هذا الصدد لا يكون له محل .
7- لما كان الحكم المطعون فيه قد أورد مؤدى أقوال .... معاون مباحث مركز .... - ضابط الواقعة – التي كانت من بين الأدلة التي استخلص منها الإدانة في بيانٍ وافٍ يكفي للتدليل على ثبوت الصورة التي اقتنعت بها المحكمة ، واستقرت في وجدانها ، فإنه ينحسر عنه دعوى القصور في التسبيب ، ويضحى ما يثيره الطاعن في هذا الصدد في غير محله .
8- من المقرر إنه ليس ما يمنع محكمة الموضوع بما لها من سلطة تقديرية من أن ترى في تحريات وأقوال الضابط ما يكفي لإسناد واقعة إحراز المخدر إلى الطاعن ، ولا ترى فيها ما يقنعها بأن هذا الإحراز كان بقصد الاتجار ، دون أن يعد ذلك تناقضًا في حكمها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون في غير محله .
9- من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود ، وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث ، الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها ، وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ، ما دام استخلاصها سائغًا مستندًا إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ، ولها أصلها الثابت في الأوراق ، وكان وزن أقوال الشهود ، وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم ، وتعويل القضاء على أقوالهم ، مهما وجه إليها من مطاعن ، وحام حولها من الشبهات ، كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع ، تنزله المنزلة التي تراها ، وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه ، كما أن سكوت الضابط عن الإدلاء بأسماء القوة المرافقة له ، لا ينال من سلامة أقواله ، وكفايتها كدليل في الدعوى ، ولما كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شاهد الإثبات ، وصحة تصويره للواقعة ، فإن ما يثيره الطاعن من منازعة في صورة الواقعة بدعوى عدم معقوليتها ، ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل ، مما يدخل في سلطة محكمة الموضوع ، ولا يجوز إثارته أمام محكمة النقض .
10- من المقرر إنه يجب لقبول وجه الطعن ، أن يكون واضحًا ومحددًا ، وكان الطاعن لم يكشف في أسباب طعنه عن ماهية أوجه الدفاع والدفوع التي ساقها أمام محكمة الموضوع ، ولم يعرض لها الحكم ، حتى يتضح مدى أهميتها في الدعوى المطروحة ، فإن ما يثيره في هذا الخصوص لا يكون مقبولًا .
11- لما كانت الفقرة الأولى من المادة 395 من قانون الإجراءات الجنائية المستبدلة بالقانون رقم 95 لسنة ٢٠٠٣ قد نصت على أنه : (( إذا حضر المحكوم عليه في غيبته أو قبض عليه قبل سقوط العقوبة بمضي المدة ، يحدد رئيس محكمة الاستئناف أقرب جلسة لإعادة نظر الدعوى ، ويعرض المقبوض عليه محبوسًا بهذه الجلسة ، وللمحكمة أن تأمر بالإفراج عنه أو حبسه احتياطيًا حتى الانتهاء من نظر الدعوى ، ولا يسقط الحكم الغيابي سواء فيما يتعلق بالعقوبة أو التعويضات إلا بحضور من صدر ضده الحكم جلسات المحاكمة ، ولا يجوز للمحكمة في هذه الحالة التشديد عما قضى به الحكم الغيابي . )) وكانت العبرة بتشديد العقوبة أو تخفيفها ، هي بدرجة العقوبة في ترتيب العقوبات . لما كان ذلك ، وكان البين من مطالعة الشهادة الصادرة من نيابة .... الكلية أن محكمة الجنايات سبق وأن قضت غيابيًا بتاريخ .... بمعاقبة الطاعن بالسجن لمدة خمس سنوات وتغريمه مـائة ألف جنيه ومصادرة السلاح والمخدر المضبوط ، وكان الحكم المطعون فيه قد شدد العقوبة بمناسبة إعادة إجراءات محاكمته بالعقوبة المقيدة للحرية إلى السجن المشدد لمدة ثلاث سنوات بالنسبة للتهمتين الأولى والثانية ، وأضاف عقوبة الحبس والغرامة للتهمة الثالثة ، فإنه يكون قد خالف القانون ، وأخطأ في تطبيقه ، بما يؤذن لمحكمة النقض بتصحيحه ، باستبدال عقوبة السجن بعقوبة السجن المشدد المقضي بها ولذات المدة ، بالإضافة إلى عقوبتي الغرامة ومصادرة المخدر والسلاح المقضي بهما ، وإلغاء ما قضى به من عقوبة الحبس والغرامة للتهمة الثالثة . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن المصادرة طبقًا لنص المادة 30 من قانون العقوبات ، إجراء الغرض منه تمليك الدولة أشياء مضبوطة ذات صلة بالجريمة قهرًا عن صاحبها ، وبغير مقابل ، وهي عقوبة اختيارية تكميلية في الجنايات والجنح ، إلا إذا نص القانون على غير ذلك ، وقد تكون المصادرة وجوبية يقتضيها النظام العام ، لتعلقها بشيء خارج بطبيعته عن دائرة التعامل ، وهي على هذا الاعتبار ، تدبير وقائي لا مفر من اتخاذه في مواجهة الكافة ، وكانت المادة ٤٢ من القانون رقم ١٨٢ لسنة 1960 لا توجب سوى القضاء بمصادرة الجواهر المخدرة ، والنباتات المضبوطة ، والأدوات ، ووسائل النقل المضبوطة التي تكون قد استخدمت في ارتكاب الجريمة ، وكان الحكم المطعون فيه قد نفى قصد الاتجار عن الطاعن ، بما ينفي الصلة بين الميزان الحساس المضبوط ، وإحراز المخدر مجردًا من غير قصد ، فإنه إذ قضى بمصادرة الميزان الحساس ، يكون قد جانب التطبيق القانوني السليم . لما كان ذلك ، وكان لمحكمة النقض طبقًا لنص المادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض رقم 57 لسنة 1959 أن تنقض الحكم من تلقاء نفسها لمصلحة المتهم ، إذا تبين مما هو ثابت فيه أنه مبني على مخالفة القانون أو خطأ في تطبيقه أو تأويله ، فإنه يتعين إعمالًا لنص المادة 39 من القانون المذكور القضاء بتصحيح الحكم المطعون فيه .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه :-
1- أحرز بقصد الاتجار جوهر الحشيش المخدر في غير الأحوال المصرح بها قانونًا .
2- أحرز بقصد الاتجار جوهرًا مخدرًا ( مادة الترامادول ) في غير الأحوال المصرح بها قانونًا .
3- أحرز بغير ترخيص سلاحاً أبيض ( سكيناً ) بـدون مـسـوغ من الضرورة المهنيـة والحرفية .
وأحالته إلى محكمة جنايات .... لمعاقبته طبقًا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضت غيابيًا عملًا بالمواد 1 ، 2 ، 7/ 1 ، 34 /1 بند أ ، 42 /1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 والبندين رقمي ( 56 ، 152) من القسم الثاني من الجدول رقم (1) الملحق بالقانون والمستبدل بقرار وزير الصحة رقم 46 لسنة 1997 ، والمواد 1/1 ، 25 مكرراً/1 ، 30 /1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقمي 26 لسنة 1978 ، 165 لسنة 1981 والبند رقم 5 من الجدول رقم 1 المرفق بالقانون والمعدل بقرار وزير الداخلية 1756 لسنة 2007 ، مع إعمال نص المادة 32 من قانون العقوبات ، بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة خمس سنوات وتغريمه مبلغ مائة ألف جنيه عما نسب إليه ومصادرة السلاح الأبيض والمخدر المضبوطين .
فأعاد المحكوم عليه الإجراءات أمام ذات المحكمة ، وقضت حضوريًـا عملًا بالمواد ۱ ، ۲ ، ۳۸/۱ ، 42/ 1 من القانون رقم ١٨٢ لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم ١٢٢ لسنة ١٩٨٩ والبندين رقمي (56 ، ١٥٢) من القسم الثاني من الجدول رقم (1) الملحق بالقانون الأول والمستبدل بقرار وزير الصحة رقم 46 لسنة ۱۹۹۷ ، والمواد ۱/۱ ، ٢٥ مكرراً /۱ ، 30/1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقمي ٢٦ لسنة 1978 ، 165 لسنة 1981 ، والبند رقم (5) من الجدول رقم (1) المرفق بالقانون المعدل بقرار وزير الداخليـة رقم 1756 لسنة ۲۰۰7 ، مع إعمـال نص المادة ٣٢ من قانون العقوبات بالنسبة للتهمتين الأولى والثانية المسندتين للمتهم ، بمعاقبته بالسجن المشدد لمدة ثلاث سنوات وتغريمه مائة ألف جنيه عن التهمتين الأولى والثانية ، وبالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة وتغريمه ألف جنيه عن التهمة الثالثة ، وبمصادرة المخدر والسلاح الأبيض والميزان الديجتال المضبوطين ، وألزمته المصاريف الجنائية ، وذلك باعتبار أن قصد إحراز المخدر مجرد من القصود المسماة قانونًا .
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـة
ومن حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم إحراز جوهري (الحشيش ، والترامادول) المخدرين بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي ، وإحراز سلاح أبيض – مطواة - بغير مسوغ من الضرورة الحرفية أو المهنية ، قد شابه القصور والتناقض في التسبيب ، والفساد في الاستدلال ، والإخلال بحق الدفاع ، ذلك بأنه لم يبين واقعة الدعوى بيانًا كافيًا تتحقق به أركان الجرائم التي دانه بها ، ولم يورد مؤدى الأدلة التي عول عليها في الإدانة ، وجاءت أسبابه مجهلة وفي عبارات عامة ومعماة ، ورد الحكم بما لا يسوغ على دفعيه ببطلان إذن التفتيش لابتنائه على تحريات غير جدية لم تتم مراقبة الطاعن بمعرفة مجريها ، وبطلان القبض والتفتيش لوقوعهما قبل صدور الإذن بهما بدلالة أقواله بالتحقيقات ، والبرقية التلغرافية التي قدمها والتي التفت عنهما الحكم إيرادًا أو ردًا ، وعول في قضائه على تحريات وأقوال ضابط الواقعة رغم عدم اطمئنانه إليها في مقام التدليل على توافر قصد الاتجار ، وعول في الإدانة على أقوال ضابط الواقعة رغم عدم معقولية تصويره ، وانفراده بالشهادة ، وحجبه أفراد القوة المرافقة ، ولم يورد مؤدى أقواله في بيانٍ وافٍ ، وأخيرًا فقد التفت الحكم عن أوجه الدفاع العديدة التي أثارها ، مما يعيبه ويستوجب نقضه .
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله :- (( ... تتحصل في أن التحريات السرية التي أجراها .... معاون مباحث مركز شرطة .... توصلت إلى أن المتهم .... يحوز ويحرز مواد مخدرة في غير الأحوال المصرح بها قانونًا ، ولما تأكد من هذه التحريات سطرها في محضر دفع به إلى النيابة العامة التي أذنت له بتاريخ .... لضبط وتفتيش شخص ومسكن المتهم لضبط ما يحوزه ويحرزه من مواد مخدرة في غير الأحوال المصرح بها قانونًا ، ونفاذًا لهذا الإذن انتقل على رأس قوة من رجال الشرطة السريين إلى حيث يتواجد المتهم بناء على إخبارية من مصدره السري ، فتمكن من ضبطه ، وأجرى تفتيشه ، فعثر على عدد ثماني قطع لجوهر الحشيش ، وعدد إثنين قرص لجوهر الترامادول ، وسلاح أبيض ، وأقر له المتهم بإحرازه للمضبوطات . )) ودلل الحكم على ثبوت الواقعة في حق الطاعن بأدلة مستقاة من أقوال .... معاون مباحث مركز شرطة .... ، وما ورد بتقرير المعمل الكيماوي بمصلحة الطب الشرعي . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن القانون أوجب على كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة ، والظروف التي وقعت فيها ، وأن يورد مؤدى الأدلة التي استخلص منها الإدانة ، حتى يتضح وجه استدلاله بها ، وسلامة مأخذها ، ولم يرسم القانون شكلًا خاصًا يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة ، وكان الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها ، وأورد مؤدى الأدلة التي استخلص منها الإدانة ، فإنه ينحسر عن الحكم قالة القصور في التسبيب ، ويكون منعى الطاعن في هذا الصدد في غير محله . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات ، وكفايتها لإصدار الأمر بالتفتيش ، هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع ، فإذا كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن التفتيش ، وكفايتها لتسويغ إصداره ، وأقرت النيابة على تصرفها في هذا الشأن – كما هو الحال في الدعوى المطروحة – ، فلا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون ، ولما كانت المحكمة قد سوغت الأمر بالتفتيش ، وردت على شواهد الدفع ببطلانه لعدم جدية التحريات التي سبقته بأدلة منتجة لا ينازع الطاعن في أن لها أصلًا ثابتًا بالأوراق ، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد لا يكون سديدًا . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن القانون لا يوجب حتمًا أن يتولى رجل الضبط القضائي بنفسه التحريات والأبحاث التي يؤسس عليها الطلب بالإذن بالتفتيش أو أن يكون على معرفة سابقة بالمتحرى عنه ، بل له أن يستعين فيما يجريه من تحريات وأبحاث أو ما يتخذه من وسائل التنقيب بمعاونيه من رجال السلطة العامة ، والمرشدين السريين ، ومن يتولون إبلاغه عما وقع بالفعل من جرائم ، ما دام أنه اقتنع شخصيًا بصحة ما نقلوه إليه ، وبصدق ما تلقاه من معلومات ، وكانت المحكمة قد اقتنعت بما جاء بمحضر التحريات ، وأقوال شاهد الإثبات ، بجدية هذه التحريات ، فلا تجوز المجادلة في ذلك أمام محكمة النقض .

لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الدفع بصدور الإذن بعد الضبط ، إنما هو دفاع موضوعي ، يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط بناء على الإذن أخذًا بالأدلة التي أوردتها ، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شاهد الإثبات ، وصحة تصويره للواقعة ، وأن الضبط كان بناء على إذن النيابة العامة بالتفتيش استنادًا لأقواله ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل ، وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ، ولا يجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان من المقرر إنه لا يقدح في سلامة الحكم ، إغفاله التحدث عن أقوال الطاعن بالتحقيقات ، لما هو مقرر من أن المحكمة غير ملزمة بالتحدث في حكمها ، إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها ، ولا عليها إن هي التفتت عن أي دليل آخر ، لأن في عدم إيرادها له ما يفيد اطراحه وعدم التعويل عليه ، وكان اطمئنان المحكمة إلى حدوث الضبط والتفتيش في زمان معين ، هو من المسائل الموضوعية التي تستقل بالفصل فيها ، وكانت المحكمة غير ملزمة بأن تشير صراحة في حكمها إلى عدم أخذها بقالة الطاعن ، ما دام قضاؤها بالإدانة اطمئنانًا منها إلى صدق رواية شاهد الإثبات يفيد دلالة إطراح أقواله ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان لا ينال من سلامة الحكم ، إطراحه البرقية التلغرافية والتي يتساند إليها الطاعن للتدليل على أن الضبط كان سابقًا على إذن النيابة ، ذلك أن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية ، فللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ، ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة القائمة في الدعوى ، هذا فضلًا عن أن الثابت من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يقدم ثمة مستندات في الدعوى - خلافًا لما يزعمه بأسباب طعنه - ، ومن ثم فإن ما يثيره في هذا الصدد لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد أورد مؤدى أقوال .... معاون مباحث مركز .... - ضابط الواقعة – التي كانت من بين الأدلة التي استخلص منها الإدانة في بيانٍ وافٍ يكفي للتدليل على ثبوت الصورة التي اقتنعت بها المحكمة ، واستقرت في وجدانها ، فإنه ينحسر عنه دعوى القصور في التسبيب ، ويضحى ما يثيره الطاعن في هذا الصدد في غير محله . لما كان ذلك ، وكان من المقرر إنه ليس ما يمنع محكمة الموضوع بما لها من سلطة تقديرية من أن ترى في تحريات وأقوال الضابط ما يكفي لإسناد واقعة إحراز المخدر إلى الطاعن ، ولا ترى فيها ما يقنعها بأن هذا الإحراز كان بقصد الاتجار ، دون أن يعد ذلك تناقضًا في حكمها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون في غير محله . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود ، وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث ، الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها ، وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ، ما دام استخلاصها سائغًا مستندًا إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ، ولها أصلها الثابت في الأوراق ، وكان وزن أقوال الشهود ، وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم ، وتعويل القضاء على أقوالهم ، مهما وجه إليها من مطاعن ، وحام حولها من الشبهات ، كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع ، تنزله المنزلة التي تراها ، وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه ، كما أن سكوت الضابط عن الإدلاء بأسماء القوة المرافقة له ، لا ينال من سلامة أقواله ، وكفايتها كدليل في الدعوى ، ولما كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شاهد الإثبات ، وصحة تصويره للواقعة ، فإن ما يثيره الطاعن من منازعة في صورة الواقعة بدعوى عدم معقوليتها ، ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل ، مما يدخل في سلطة محكمة الموضوع ، ولا يجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان من المقرر إنه يجب لقبول وجه الطعن ، أن يكون واضحًا ومحددًا ، وكان الطاعن لم يكشف في أسباب طعنه عن ماهية أوجه الدفاع والدفوع التي ساقها أمام محكمة الموضوع ، ولم يعرض لها الحكم ، حتى يتضح مدى أهميتها في الدعوى المطروحة ، فإن ما يثيره في هذا الخصوص لا يكون مقبولًا . لما كان ذلك ، وكانت الفقرة الأولى من المادة 395 من قانون الإجراءات الجنائية المستبدلة بالقانون رقم 95 لسنة ٢٠٠٣ قد نصت على أنه : (( إذا حضر المحكوم عليه في غيبته أو قبض عليه قبل سقوط العقوبة بمضي المدة ، يحدد رئيس محكمة الاستئناف أقرب جلسة لإعادة نظر الدعوى ، ويعرض المقبوض عليه محبوسًا بهذه الجلسة ، وللمحكمة أن تأمر بالإفراج عنه أو حبسه احتياطيًا حتى الانتهاء من نظر الدعوى ، ولا يسقط الحكم الغيابي سواء فيما يتعلق بالعقوبة أو التعويضات إلا بحضور من صدر ضده الحكم جلسات المحاكمة ، ولا يجوز للمحكمة في هذه الحالة التشديد عما قضى به الحكم الغيابي . )) وكانت العبرة بتشديد العقوبة أو تخفيفها ، هي بدرجة العقوبة في ترتيب العقوبات . لما كان ذلك ، وكان البين من مطالعة الشهادة الصادرة من نيابة .... الكلية أن محكمة الجنايات سبق وأن قضت غيابيًا بتاريخ .... بمعاقبة الطاعن بالسجن لمدة خمس سنوات وتغريمه مـائة ألف جنيه ومصادرة السلاح والمخدر المضبوط ، وكان الحكم المطعون فيه قد شدد العقوبة بمناسبة إعادة إجراءات محاكمته بالعقوبة المقيدة للحرية إلى السجن المشدد لمدة ثلاث سنوات بالنسبة للتهمتين الأولى والثانية ، وأضاف عقوبة الحبس والغرامة للتهمة الثالثة ، فإنه يكون قد خالف القانون ، وأخطأ في تطبيقه ، بما يؤذن لمحكمة النقض بتصحيحه ، باستبدال عقوبة السجن بعقوبة السجن المشدد المقضي بها ولذات المدة ، بالإضافة إلى عقوبتي الغرامة ومصادرة المخدر والسلاح المقضي بهما ، وإلغاء ما قضى به من عقوبة الحبس والغرامة للتهمة الثالثة . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن المصادرة طبقًا لنص المادة 30 من قانون العقوبات ، إجراء الغرض منه تمليك الدولة أشياء مضبوطة ذات صلة بالجريمة قهرًا عن صاحبها ، وبغير مقابل ، وهي عقوبة اختيارية تكميلية في الجنايات والجنح ، إلا إذا نص القانون على غير ذلك ، وقد تكون المصادرة وجوبية يقتضيها النظام العام ، لتعلقها بشيء خارج بطبيعته عن دائرة التعامل ، وهي على هذا الاعتبار ، تدبير وقائي لا مفر من اتخاذه في مواجهة الكافة ، وكانت المادة ٤٢ من القانون رقم ١٨٢ لسنة 1960 لا توجب سوى القضاء بمصادرة الجواهر المخدرة ، والنباتات المضبوطة ، والأدوات ، ووسائل النقل المضبوطة التي تكون قد استخدمت في ارتكاب الجريمة ، وكان الحكم المطعون فيه قد نفى قصد الاتجار عن الطاعن ، بما ينفي الصلة بين الميزان الحساس المضبوط ، وإحراز المخدر مجردًا من غير قصد ، فإنه إذ قضى بمصادرة الميزان الحساس ، يكون قد جانب التطبيق القانوني السليم . لما كان ذلك ، وكان لمحكمة النقض طبقًا لنص المادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض رقم 57 لسنة 1959 أن تنقض الحكم من تلقاء نفسها لمصلحة المتهم ، إذا تبين مما هو ثابت فيه أنه مبني على مخالفة القانون أو خطأ في تطبيقه أو تأويله ، فإنه يتعين إعمالًا لنص المادة 39 من القانون المذكور القضاء بتصحيح الحكم المطعون فيه .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 11856 لسنة 88 ق جلسة 6 / 3 / 2021 مكتب فني 72 ق 22 ص 294

جلسة 6 من مارس سنة 2021
برئاسة السيد القاضي / محمد متولي عامر نائب رئيـس المحكمة وعضوية السادة القضاة / ناجي عز الدين ، كمال صقر ، محسن البكري وعبد الحميد جابر نواب رئيس المحكمة .
--------------------
(22)
الطعن رقم 11856 لسنة 88 القضائية
(1) حكم " بيانات التسبيب " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
بيان الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وإيراده على ثبوتها في حقه أدلة سائغة تؤدي لما رتبه عليها . لا قصور .
عدم رسم القانون شكلاً لصياغة الحكم . كفاية أن يكون ما أورده مؤدياً إلى تفهم الواقعة بأركانها وظروفها .
(2) محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
منازعة الطاعن في سلامة ما استخلصته المحكمة من أوراق الدعوى . جدل موضوعي في سلطتها في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها . غير جائز أمام محكمة النقض.
(3) إثبات " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
وزن أقوال الشهود وتقديرها . موضوعي . لها الأخذ من الأدلة ما تطمئن إليه واطراح ما عداه دون بيان العلة . اطمئنانها إلى أقوالهم . مفاده ؟
تناقض الشاهد أو اختلاف رواية شهود الإثبات في بعض تفاصيلها . لا يعيب الحكم . حد ذلك ؟
سكوت الضابط عن الإدلاء بأسماء القوة المصاحبة له . لا ينال من سلامة أقواله وكفايتها كدليل في الدعوى .
الجدل الموضوعي . غير جائز أمام محكمة النقض .
(4) إجراءات " إجراءات المحاكمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
النعي على المحكمة قعودها عن القيام بإجراء لم يطلب منها ولم تر هي لزوماً لإجرائه . غير مقبول .
مثال .
(5) استدلالات . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير جدية التحريات " .
تقدير جدية التحريات وكفايتها . موضوعي .
للمحكمة التعويل على تحريات الشرطة باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة أساسية .
(6) حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
نعي الطاعن على الحكم بشأن جريمة الاعتياد على عمليات استبدال العملة . غير مقبول . ما دام لم يدنه بها .
(7) إثبات " أوراق رسمية " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
الأدلة في المواد الجنائية إقناعية . للمحكمة الالتفات عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية . حد ذلك ؟
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض.
(8) محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير حالة التلبس " . دفوع " الدفع ببطلان القبض والتفتيش " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
وجود مظاهر تنبئ بذاتها عن وقوع الجريمة . كفايته لقيام حالة التلبس . تقدير توافرها . موضوعي . ما دام سائغاً .
التفات الحكم عن الدفع ببطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس . لا يعيبه . علة ذلك ؟
مثال .
(9) دفوع " الدفع بعدم قبول الدعوى " . نقد . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
مثال لاطراح سائغ للدفع بعدم قبول الدعوى لإجراء التحقيق قبل الحصول على طلب محافظ البنك المركزي عن جريمة التعامل في النقد الأجنبي من غير طريق البنوك المعتمدة .
(10) نقض " المصلحة في الطعن " .
نعي الطاعن بعدم وجود إذن من النيابة العامة . غير مجد . ما دام قد أوجد نفسه طواعية بحالة تلبس .
(11) مأمورو الضبط القضائي " سلطاتهم " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير صحة الاعتراف " .
لمأمور الضبط القضائي سؤال المتهم عما أسند إليه وأن يثبت ما يجيبه به في محضره بما في ذلك اعترافه بالتهمة دون استجوابه . المادة 29 إجراءات جنائية .
الاعتراف في المسائل الجنائية . من عناصر الاستدلال . لمحكمة الموضوع تقدير صحته وقيمته في الإثبات والأخذ به في أي من أدوار التحقيق . متى اطمأنت لصدقه . أثر ذلك ؟
مثال .
(12) دفوع " الدفع ببطلان أمر الإحالة " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
إثارة بطلان قرار الإحالة لأول مرة أمام محكمة النقض . غير جائزة . علة ذلك ؟
(13) قانون " تطبيقه " .
لا يصح الاعتداد بالتعليمات في مقام تطبيق القانون . النعي بعدم إثبات الضابط المأمورية بدفتر الأحوال . غير مقبول .
(14) دفوع " الدفع بتلفيق التهمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
الدفع بخلو الأوراق من دليل وكيدية الاتهام. موضوعي . لا يستوجب رداً . استفادته من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم .
(15) نقد . غرامة . نقض " المصلحة في الطعن " .
لا مصلحة للطاعن في النعي على الحكم بعدم بيانه الملزم بالغرامة . ما دامت العقوبة المنصوص عليها بالمادة 126 من القانون 88 لسنة 2003 المعدل من الغرامات النسبية . ورودها بصيغة الجمع بينه والمحكوم عليه الآخر . يفيد تضامنهما في سدادها . علة وأساس ذلك ؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الحكم المطعون فيه قد بيّن واقعة الدعوى بما توافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأقام على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها مستمدة من أقوال شاهدي الإثبات وتحريات الشاهد الثالث ضابط مباحث قسم الأموال العامة وأقواله في شأنها . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد بيّن واقعة الدعوى وأركان الجريمة ومضمون الأدلة - خلافاً لقول الطاعن - وكان ومن المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها فمتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة ، فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون ، ومن ثم فإن منعى الطاعن على الحكم بالقصور في هذا الصدد يكون ولا محل له.
2- لما كان ما أورده الحكم ودلل به على مقارفة الطاعن للجريمة التي دين بها كاف وسائغ ولا يتنافر مع الاقتضاء العقلي والمنطقي فإن ما يثيره الطاعن من منازعة في سلامة ما استخلصته المحكمة من أوراق الدعوى وما تم فيها من تحقيقات لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض .
3- من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة وتعويل القضاء عليها مرجعه إلى محكمة الموضوع تقدره التقدير الذي تطمئن إليه دون معقب ولها أن تأخذ من الأدلة ما تطمئن إليه وأن تطرح ما عداه دون إلزام عليها ببيان علة ما ارتأته وفي اطمئنانها إلى أقوال الشهود ما يفيد ضمناً أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، كما أن تناقض الشاهد أو اختلاف رواية شهود الإثبات في بعض تفاصيلها لا يعيب الحكم ولا يقدح في سلامته ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه - كما هو الحال في الدعوى المطروحة – وكان سكوت الضابط عن الإدلاء بأسماء أفراد القوة المصاحبة له لا ينال من سلامة أقواله وكفايتها كدليل في الدعوى ، وكان الحكم قد كشف عن اطمئنانه إلى شاهدي الإثبات واقتناعه بحدوث الواقعة على الصورة التي شهدا بها ، وكان ما أورده سائغاً في العقل ومقبولاً في بيان كيفية حصول الواقعة ، ومن ثم يكون منعى الطاعن بشأن تناقض أقوال ضابطي الواقعة – بفرض صحته – وعدم إيراد الحكم علة اطمئنانه إلى أقوالهما لا يعدو أن يكون جدلاً في موضوع الدعوى لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض .
4- لما كان البين من محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعن لم يطلب إلى المحكمة تحقيق دفاعه بتناقض أقوال ضابطي الواقعة ، فليس له – من بعد - النعي عليها قعودها عن إجراء لم يطلب منها ، ولم تر هي من جانبها لزوماً لإجرائه ما دامت الواقعة قد وضحت لديها ، فإن ما ينعاه في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً .
5- من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها من المسائل الموضوعية التي تخضع لإشراف محكمة الموضوع ، وأن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة أساسية ، وكانت المحكمة قد أبدت اطمئنانها إلى تحريات الشرطة بجانب ما ساقته من أدلة أساسية في الدعوى ، فإن كل ما يثيره الطاعن في شأن التحريات يكون غير سديد .
6- لما كان الحكم المطعون فيه لم يدن الطاعن على أساس من جريمة الاعتياد على عمليات استبدال العملة ومن ثم فإن ما يثيره بهذا النعي لا يكون مقبولاً .
7- من المقرر أن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية ، وللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة في الدعوى ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في شأن التفات الحكم عن المستند الرسمي الذي يفيد كذب شاهدي الإثبات والتحريات لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض .
8- من المقرر أنه يكفي لقيام حالة التلبس أن تكون هناك مظاهر خارجية تنبئ بذاتها عن وقوع الجريمة ، وكان تقدير الظروف التي تلابس الجريمة وتحيط بها وقت ارتكابها أو بعد ارتكابها ، وتقدير كفايتها لقيام حالة التلبس أمراً موكولاً إلى محكمة الموضوع ، دون معقب عليها ، ما دامت الأسباب والاعتبارات التي بنت عليها هذا التقدير صالحة لأن تؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها – كما هو الحال في الدعوى الراهنة - ، ومن ثم فإنه لا يعيب الحكم التفاته عن الرد على دفع الطاعن ببطلان القبض عليه وتفتيشه وما ترتب عليهما لانتفاء حالة التلبس طالما أنه - في صورة الدعوى – دفع قانوني ظاهر البطلان . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد أثبت صحة القبض على الطاعن وتفتيشه فإن في هذا ما يتضمن بذاته الرد على ما أثاره الطاعن في شأن بطلان الدليل المستمد مما أسفر عنه الضبط والتفتيش .
9- لما كان الثابت من الاطلاع على المفردات – المضمومة - أن طلب محافظ البنك المركزي قد صدر قبل مباشرة النيابة العامة لإجراءات التحقيق وكان الحكم قد اطرح دفاع الطاعن بعدم قبول الدعوى لإجراء التحقيق قبل الحصول على طلب محافظ البنك المركزي بإقامة الدعوى الجنائية – بعد أن أورد مبادئ قانونية - بقوله : " ... وكان الثابت أن تحقيقات النيابة العامة في الدعوى الماثلة قد بدأت في تاريخ .... في حين أن تاريخ صدور طلب رفع الدعوى الجنائية من محافظ البنك المركزي كان في تاريخ .... ، بما يكون معه هذا الدفع لم يصادف صحيح القانون متعيناً رفضه " ، فإن هذا الذي أورده الحكم يكون كافياً وسائغاً في اطراح ذلك الدفع ، ومن ثم يكون منعاه في هذا الصدد غير مقبول .
10- لما كان البين مما أورده الحكم المطعون فيه في بيانه لواقعة الدعوى وأدلتها أن الطاعن هو الذي أوجد نفسه طواعية واختياراً في حالة من حالات التلبس بالجريمة المسندة إليه ، مما يجعل القبض عليه وتفتيشه صحيحاً منتجاً لأثرهما دون حاجة لصدور إذن من النيابة العامة ، ومن ثم فإن نعى الطاعن على الحكم المطعون فيه في هذا الشأن يكون غير سديد .
11- من المقرر طبقاً لنص المادة ٢٩ من قانون الإجراءات الجنائية أن لمأمور الضبط القضائي أن يسأل المتهم عن التهمة المسندة إليه دون أن يستجوبه تفصيلاً وأن يثبت في محضره ما يجيب به المتهم بما في ذلك اعترافه بالتهمة ويكون هذا المحضر عنصراً من عناصر الدعوى تحقق النيابة ما ترى تحقيقه منه ، وللمحكمة أن تستند في حكمها إلى ما ورد به ما دام قد عرض مع باقي أوراق الدعوى على بساط البحث والتحقيق أمامها بالجلسة ولها أيضاً أن تعول على ما يتضمنه محضر جمع الاستدلالات من اعترافات ما دامت قد اطمأنت إليها لما هو مقرر من أن الاعتراف في المسائل الجنائية من عناصر الاستدلالات التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات بغير معقب ما دامت تقيمه على أسباب سائغة ولها سلطة مطلقة في الأخذ باعتراف المتهم في أي دور من أدوار التحقيق بما في ذلك محضر ضبط الواقعة متى اطمأنت إلى صدقه ومطابقته للواقع ، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر في رده على الدفع ببطلان اعتراف الطاعن بالجريمة المسندة إليه فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون ويكون النعي عليه في هذا الخصوص غير سديد .
12- لما كان الثابت من مطالعة محضر جلسة المحاكمة ومذكرة الدفاع – المرفقة بالمفردات المضمومة - أن أياً من الطاعن أو المدافع عنه لم يثر شيئاً في شأن بطلان قرار الإحالة ، وكان هذا القرار إجراء سابقاً على المحاكمة ، فإنه لا يقبل منه إثارة أمر بطلانه لأول مرة أمام محكمة النقض ما دام أنه لم يدفع به أمام محكمة الموضوع .
13- من المقرر أنه لا يصح الاعتداد بالتعليمات في مقام تطبيق القانون ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في شأن عدم إثبات المأمورية في دفتر أحوال القسم يكون غير سديد .
14- لما كان الدفع بخلو الأوراق من دليل وكيدية الاتهام ، إنما هو دفاع موضوعي لا يستوجب في الأصل من المحكمة رداً خاصاً أو صريحاً ، طالما أن الرد عليها يستفاد ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم – كما هو الحال في هذه الدعوى - ومن ثم ، فلا على محكمة الموضوع إن هي لم ترد في حكمها على تلك الدفوع أو أن تكون قد اطرحتها وسائر الدفوع الأخرى بالرد عليها إجمالاً ويكون معه ما يثيره الطاعن في هذا الشأن غير سديد .
15- لما كانت المادة 44 من قانون العقوبات تنص على أنه " إذا حكم على جملة متهمين بحكم واحد لجريمة واحدة فاعلين كانوا أو شركاء فالغرامات يحكم بها على كل منهم على انفراد خلافاً للغرامات النسبية ، فإنهم يكونون متضامنين في الالتزام بها ما لم ينص في الحكم على خلاف ذلك " وكان من المقرر أن الغرامة التي نصت عليها المادة 126 من القانون رقم 88 لسنة ٢٠٠٣ بشأن البنك المركزي والجهاز المصرفي والنقد المعدلة بالقانون رقم 66 لسنة 2016 الذي يسرى على الواقعة وإن كان الشارع قد ربط لها حداً أدنى لا يقل عن مليون جنيه إلا أنها من الغرامات النسبية التي أشارت إليها المادة 44 سالفة البيان والتي يجب الحكم بها على المتهمين معاً ولا يستطاع التنفيذ عليهم بأكثر من مقدارها المحدد في الحكم سواء في ذلك أن يلزمهم الحكم بهذا المقدار متضامنين أو يخص كلاً منهم بنصيب منه ، ومن ثم فلا مصلحة للطاعن على هذا النحو فيما يثيره من عدم بيان الحكم من الملزم بالغرامة النسبية الطاعن أو المحكوم عليه الآخر لجواز التنفيذ عليه بالغرامة النسبية كلها ، هذا فضلاً عن أن البين من مدونات الحكم المطعون فيه ومنطوقه أن ما ورد بالنسبة لعقوبة الغرامة كان بصيغة الجمع - تغريمهما مبلغ مليون جنيه مصري - وهو ما ينصرف دلالته إلى المتهمين معاً بالتضامن فيما بينهما ، ومن ثم ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون له محل .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخر بأنهما وهما شخصان طبيعيان تعاملا في النقد الأجنبي على خلاف الشروط والأوضاع المقررة قانونا بأن اتجرا فيه من غير طريق البنوك المعتمدة للتعامل في النقد الأجنبي علي النحو المبين بالتحقيقات .
وأحالتهما إلى محكمة جنايات .... لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً للطاعن وغيابياً للثاني عملاً بالمواد 31 /2،1 ، 111 /2،1، 118 ، 119 /1 ، 126/ 4،1 ، 129 ، 131 من القانون رقم 88 لسنة 2003 بشأن البنك المركزي والجهاز المصرفي والنقد المعدل بالقانون رقم 66 لسنة 2016 مع إعمال المواد 17، 55 ، 56 من قانون العقوبات ، حضورياً للطاعن وغيابياً للمتهم الثاني بمعاقبتهما بالحبس لمدة سنة مع الشغل وأمرت بوقف تنفيذ عقوبة الحبس لمدة ثلاث سنوات تبدأ من تاريخ الحكم وتغريمهما مبلغ مليون جنيه مصري ومصادرة المبالغ المضبوطة بحوزتهما ، وألزمتهما بالمصاريف الجنائية .
فطعن المحكوم عليه الأول في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
حيث ينعى الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة القيام بعملية من عمليات النقد الأجنبي خارج نطاق القنوات والمصارف الشرعية قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق وانطوى على الإخلال بحق الدفاع ؛ ذلك بأنه لم يبين واقعة الدعوى المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة التي دانه بها والظروف التي وقعت فيها ، وجاء استخلاصه لها غير سائغ ينبئ عن اضطرابها وعدم ثبوتها في عقيدتها ، ولم يورد مضمون أدلة الإدانة التي عول عليها ومؤداها ووجه استدلاله بها ، وعول الحكم على أقوال ضابطي الواقعة رغم تناقضها وحجبهما أفراد القوة المرافقة لهما عن الشهادة ، ولم يعن برفع ذلك التناقض ملتفتاً عن دفاعه في هذا الشأن ، وعلى التحريات رغم عدم جديتها بدلالة خلوها من ثمة دليل على اعتياده القيام بعمليات استبدال النقد الأجنبي أو سبق اتهامه في هذا الصدد ومخالفتها الثابت في المستندات التي قدمها الطاعن والتقت عنها الحكم من أنه يعمل مؤذن مسجد وليس صاحب محل بقالة كما جرت على ذلك التحريات ، واطرح بما لا يسوغ دفعه ببطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس وما يستتبعه ذلك من بطلان الأدلة الناجمة عنهما التي عول عليها الحكم ، كما اطرح الحكم بما لا يسوغ دفوعه بعدم قبول الدعوى الجنائية لإجراء التحقيق قبل الحصول على طلب من محافظ البنك المركزي بإقامتها ، وخلو الأوراق من إذن النيابة العامة ، وبطلان الاعتراف المنسوب للطاعن ، وبطلان القيد والوصف في إسناد الاتهام له ، وعدم إثبات المأمورية بدفتر الأحوال أو الإدارة المختصة ، وخلو الأوراق من ثمة دليل قبله ، وكيدية الاتهام وتلفيقه ، وإجمال الحكم دفوعه والرد عليها بطريقة مبتذلة ، وأن الحكم قضى بتغريم الطاعن والمحكوم عليه الآخر دون أن يبين منه ما إذا كانا متضامنين في سدادها أم كل منهما ملزما بها ، مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه .
حيث إن الحكم المطعون فيه قد بيّن واقعة الدعوى بما توافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأقام على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها مستمدة من أقوال شاهدي الإثبات وتحريات الشاهد الثالث ضابط مباحث قسم الأموال العامة وأقواله في شأنها . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد بيّن واقعة الدعوى وأركان الجريمة ومضمون الأدلة - خلافاً لقول الطاعن - وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها فمتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة ، فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون ، ومن ثم فإن منعى الطاعن على الحكم بالقصور في هذا الصدد يكون ولا محل له . لما كان ذلك ، وكان ما أورده الحكم ودلل به على مقارفة الطاعن للجريمة التي دين بها كاف وسائغ ولا يتنافر مع الاقتضاء العقلي والمنطقي فإن ما يثيره الطاعن من منازعة في سلامة ما استخلصته المحكمة من أوراق الدعوى وما تم فيها من تحقيقات لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة وتعويل القضاء عليها مرجعه إلى محكمة الموضوع تقدره التقدير الذي تطمئن إليه دون معقب ولها أن تأخذ من الأدلة ما تطمئن إليه وأن تطرح ما عداه دون إلزام عليها ببيان علة ما ارتأته وفي اطمئنانها إلى أقوال الشهود ما يفيد ضمناً أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، كما أن تناقض الشاهد أو اختلاف رواية شهود الإثبات في بعض تفاصيلها لا يعيب الحكم ولا يقدح في سلامته ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه - كما هو الحال في الدعوى المطروحة – وكان سكوت الضابط عن الإدلاء بأسماء أفراد القوة المصاحبة له لا ينال من سلامة أقواله وكفايتها كدليل في الدعوى ، وكان الحكم قد كشف عن اطمئنانه إلى شاهدي الإثبات واقتناعه بحدوث الواقعة على الصورة التي شهدا بها ، وكان ما أورده سائغاً في العقل ومقبولاً في بيان كيفية حصول الواقعة ، ومن ثم يكون منعى الطاعن بشأن تناقض أقوال ضابطي الواقعة – بفرض صحته – وعدم إيراد الحكم علة اطمئنانه إلى أقوالهما لا يعدو أن يكون جدلاً في موضوع الدعوى لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك، وكان البين من محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعن لم يطلب إلى المحكمة تحقيق دفاعه بتناقض أقوال ضابطي الواقعة ، فليس له - من بعد - النعي عليها قعودها عن إجراء لم يطلب منها ، ولم تر هي من جانبها لزوماً لإجرائه ما دامت الواقعة قد وضحت لديها ، فإن ما ينعاه في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها من المسائل الموضوعية التي تخضع لإشراف محكمة الموضوع ، وأن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة أساسية ، وكانت المحكمة قد أبدت اطمئنانها إلى تحريات الشرطة بجانب ما ساقته من أدلة أساسية في الدعوى ، فإن كل ما يثيره الطاعن في شأن التحريات يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه لم يدن الطاعن على أساس من جريمة الاعتياد على عمليات استبدال العملة ومن ثم فإن ما يثيره بهذا النعي لا يكون مقبولاً . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية ، وللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة في الدعوى ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في شأن التفات الحكم عن المستند الرسمي الذي يفيد كذب شاهدي الإثبات والتحريات لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه يكفي القيام حالة التلبس أن تكون هناك مظاهر خارجية تنبئ بذاتها عن وقوع الجريمة ، وكان تقدير الظروف التي تلابس الجريمة وتحيط بها وقت ارتكابها أو بعد ارتكابها ، وتقدير كفايتها لقيام حالة التلبس أمراً موكولاً إلى محكمة الموضوع ، دون معقب عليها ، ما دامت الأسباب والاعتبارات التي بنت عليها هذا التقدير صالحة لأن تؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها - كما هو الحال في الدعوى الراهنة - ، ومن ثم فإنه لا يعيب الحكم التفاته عن الرد على دفع الطاعن ببطلان القبض عليه وتفتيشه وما ترتب عليهما لانتفاء حالة التلبس طالما أنه - في صورة الدعوى – دفع قانوني ظاهر البطلان . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد أثبت صحة القبض على الطاعن وتفتيشه فإن في هذا ما يتضمن بذاته الرد على ما أثاره الطاعن في شأن بطلان الدليل المستمد مما أسفر عنه الضبط والتفتيش . لما كان ذلك ، وكان الثابت من الاطلاع على المفردات المضمومة أن طلب محافظ البنك المركزي قد صدر قبل مباشرة النيابة العامة لإجراءات التحقيق وكان الحكم قد اطرح دفاع الطاعن بعدم قبول الدعوى لإجراء التحقيق قبل الحصول على طلب محافظ البنك المركزي بإقامة الدعوى الجنائية – بعد أن أورد مبادئ قانونية - بقوله : " ... وكان الثابت أن تحقيقات النيابة العامة في الدعوى الماثلة قد بدأت في تاريخ .... في حين أن تاريخ صدور طلب رفع الدعوى الجنائية من محافظ البنك المركزي كان في تاريخ ....، بما يكون معه هذا الدفع لم يصادف صحيح القانون متعيناً رفضه " ، فإن هذا الذي أورده الحكم يكون كافياً وسائغاً في اطراح ذلك الدفع ، ومن ثم يكون منعاه في هذا الصدد غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان البين مما أورده الحكم المطعون فيه في بيانه لواقعة الدعوى وأدلتها أن الطاعن هو الذي أوجد نفسه طواعية واختياراً في حالة من حالة التلبس بالجريمة المسندة إليه ، مما يجعل القبض عليه وتفتيشه صحيحاً منتجاً لأثرهما دون حاجة لصدور إذن من النيابة العامة ، ومن ثم فإن نعى الطاعن على الحكم المطعون فيه في هذا الشأن يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر طبقاً لنص المادة ٢٩ من قانون الإجراءات الجنائية أن لمأمور الضبط القضائي أن يسأل المتهم عن التهمة المسندة إليه دون أن يستجوبه تفصيلاً وأن يثبت في محضره ما يجيب به المتهم بما في ذلك اعترافه بالتهمة ويكون هذا المحضر عنصراً من عناصر الدعوى تحقق النيابة ما ترى تحقيقه منه ، وللمحكمة أن تستند في حكمها إلى ما ورد به ما دام قد عرض مع باقي أوراق الدعوى على بساط البحث والتحقيق أمامها بالجلسة ولها أيضاً أن تعول على ما يتضمنه محضر جمع الاستدلالات من اعترافات ما دامت قد اطمأنت إليها لما هو مقرر من أن الاعتراف في المسائل الجنائية من عناصر الاستدلالات التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات بغير معقب ما دامت تقيمه على أسباب سائغة ولها سلطة مطلقة في الأخذ باعتراف المتهم في أي دور من أدوار التحقيق بما في ذلك محضر ضبط الواقعة متى اطمأنت إلى صدقه ومطابقته للواقع ، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر في رده على الدفع ببطلان اعتراف الطاعن بالجريمة المسندة إليه فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون ويكون النعي عليه في هذا الخصوص غير سديد . لما كان ذلك ، وكان الثابت من مطالعة محضر جلسة المحاكمة ومذكرة الدفاع – المرفقة بالمفردات المضمومة - أن أياً من الطاعن أو المدافع عنه لم يثر شيئاً في شأن بطلان قرار الإحالة ، وكان هذا القرار إجراء سابقاً على المحاكمة ، فإنه لا يقبل منه إثارة أمر بطلانه لأول مرة أمام محكمة النقض ما دام أنه لم يدفع به أمام محكمة الموضوع . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه لا يصح الاعتداد بالتعليمات في مقام تطبيق القانون ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في شأن عدم إثبات المأمورية في دفتر أحوال القسم يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان الدفع بخلو الأوراق من دليل وكيدية الاتهام ، إنما هو دفاع موضوعي لا يستوجب في الأصل من المحكمة رداً خاصاً أو صريحاً ، طالما أن الرد عليها يستفاد ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم – كما هو الحال في هذه الدعوى - ومن ثم ، فلا على محكمة الموضوع إن هي لم ترد في حكمها على تلك الدفوع أو أن تكون قد اطرحتها وسائر الدفوع الأخرى بالرد عليها إجمالاً ويكون معه ما يثيره الطاعن في هذا الشأن غير سديد. لما كان ذلك ، وكانت المادة 44 من قانون العقوبات تنص على أنه " إذا حكم على جملة متهمين بحكم واحد لجريمة واحدة فاعلين كانوا أو شركاء فالغرامات يحكم بها على كل منهم على انفراد خلافاً للغرامات النسبية ، فإنهم يكونون متضامنين في الالتزام بها ما لم ينص في الحكم على خلاف ذلك " وكان من المقرر أن الغرامة التي نصت عليها المادة 126 من القانون رقم 88 لسنة ٢٠٠٣ بشأن البنك المركزي والجهاز المصرفي والنقد المعدلة بالقانون رقم 66 لسنة 2016 - الذي يسرى على الواقعة - وإن كان الشارع قد ربط لها حداً أدنى لا يقل عن مليون جنيه إلا أنها من الغرامات النسبية التي أشارت إليها المادة 44 سالفة البيان والتي يجب الحكم بها على المتهمين معاً ولا يستطاع التنفيذ عليهم بأكثر من مقدارها المحدد في الحكم سواء في ذلك أن يلزمهم الحكم بهذا المقدار متضامنين أو يخص كلاً منهم بنصيب منه ، ومن ثم فلا مصلحة للطاعن على هذا النحو فيما يثيره من عدم بيان الحكم من الملزم بالغرامة النسبية الطاعن أو المحكوم عليه الآخر لجواز التنفيذ عليه بالغرامة النسبية كلها ، هذا فضلاً عن أن البين من مدونات الحكم المطعون فيه ومنطوقه أن ما ورد بالنسبة لعقوبة الغرامة كان بصيغة الجمع - تغريمهما مبلغ مليون جنيه مصري - وهو ما ينصرف دلالته إلى المتهمين معاً بالتضامن فيما بينهما، ومن ثم ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون له محل . ولما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 12812 لسنة 88 ق جلسة 3 / 4 / 2021 مكتب فني 72 ق 31 ص 427

جلسة 3 من أبريل سنة 2021
برئاسة السيد القاضي / محمد متولي عامر نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / ناجى عز الدين ، كمال صقر ، محسن البكري ومحمود عبد المجيد نواب رئيس المحكمة .
-----------------
(31)
الطعن رقم 12812 لسنة 88 القضائية
(1) فاعل أصلي . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
تدليل الحكم بما يسوغ اتفاق الطاعنين على ارتكاب جريمتي قتل دواب الركوب والجر عمداً وإحراز أسلحة بيضاء دون مسوغ . كفايته لاعتبارهم فاعلين أصليين . أساس ذلك ؟
(2) محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " . إثبات " شهود " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى . موضوعي . ما دام سائغاً .
وزن أقوال الشهود وتقديرها . موضوعي .
أخذ المحكمة بشهادة شاهد . مفاده ؟
تجريح أدلة الدعوى تأدياً لمناقضة صورتها . غير جائز أمام محكمة النقض .
(3) استدلالات . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير جدية التحريات " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
للمحكمة التعويل على تحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة .
مثال لاطراح سائغ للدفع بعدم جدية التحريات .
(4) فاعل أصلي . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
نعي الطاعنين بعدم بيان دور كلٍ منهم في الجريمتين اللتين دينوا بهما . غير مقبول . ما دام الحكم بيَّن الأفعال المادية التي أتاها كل منهم .
(5) دفوع " الدفع بنفي التهمة " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
إثارة الطاعنين الدفع بانتفاء أركان جريمة قتل دواب الركوب والجر وانتفاء العلة العقابية كونها مملوكة لهم وأنهم لم يقوموا بذبحها بدلالة وجودها في حالة تيبس رمي لأول مرة أمام محكمة النقض . غير جائزة . حد ذلك ؟
(6) أسباب الإباحة وموانع العقاب " استعمال الحق " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
اطراح الحكم سائغاً دفاع الطاعِنِين بمشروعية فعلهم من سلخ جلود الدواب لتصديرها إلى دولة الصين طبقاً لقرار وزير الصناعة وَالتجارة 692 لِسَنة 2012 . كفايته رداً عليه .
مثال .
(7) مأمورو الضبط القضائي " اختصاصاتهم " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير حالة التلبس " . دفوع " الدفع ببطلان القبض والتفتيش " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
واجبات مأموري الضبط القضائي في دوائر اختصاصهم بشأن إبلاغهم عن الجرائم . ماهيتها ؟
المادتان 29 و 34 إجراءات جنائية . مؤداهما ؟
تقدير توافر حالة التلبس . موضوعي . حد ذلك ؟
مثال لاطراح سائغ للدفع ببطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس .
(8) محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " " سلطتها في تقدير أقوال الشهود ".
تقدير الدليل . موضوعي . ما دام سائغاً .
قول متهم على آخر . شهادة . للمحكمة التعويل عليها وإن عدل عنها . حد ذلك ؟
(9) دفوع " الدفع بنفي التهمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
الدفع بانتفاء الصلة بالواقعة . موضوعي . لا يستأهل رداً . استفادته من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم .
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الحكم المطعون فيه بَيَّنَ واقِعةَ الدعوى بِما تَتَوافَر بِهِ كافةُ الْعناصِرِ القانونية لجريمتي قَتْل حيوانات مِنْ دَوابِّ الركوب وَالجَر " حمير " عَمْدًا بِدُون مُقْتَضَى لَيْلًا ، وَإحْرازحَقِّهِم أَدِلَّةً سائِغةً مِنْ شَأْنِها أَنْ تُؤَدِّى إلى ما رَتَّبَهُ الحُكْمُ عليها ، مُسْتَمَدَّة مِنْ أَقْوالِ شُهُودِ الإثبات ، وَمِمَّا ثَبَتَ بِمُعايَنةِ الوحدة المحلية ، مُورِدًا مُؤَدَّاها فِى بَيانٍ جَلِىٍّ وافٍ – خِلافًا لِما يَزْعمه الطاعِنون بِأسبابِ طَعْنِهِم – ، وَبِما يَكْفِى لِلتدلِيلِ عَلَى ثُبُوتِ الصورة التى اقْتَنَعَت بِها المحكمةُ ، وَاسْتَقَرَّت فِى وِجْدانِها ، وَجَاءَ اسْتِعراضُ المحكمة لِتِلْكَ الواقعة ، وَهذه الأدلة ، عَلَى نَحْوٍ يَدُلُّ عَلَى أنها مَحَّصَتها التمْحِيصَ الكافي وَأَلَمَّت بِها إلمامًا شامِلًا ، يُفِيدُ أنها قامَت بِما ينبغي عليها مِنْ تَدْقِيقِ الْبَحْث لِتعرف الحقيقة ، وَمَتَى كَانَ مجموعُ ما أَوْرَدَهُ الْحُكْمُ – كَما هُوَ الْحال فِى الدعوى – كافِيًا لِتَفَهُّمِ الواقِعةِ بِأركانِها وَظُرُوفِها ، حَسْبما اسْتَخْلَصَتها المحكمة ، وَتَتَوافَرُ بِهِ جميعُ الأركان القانونية لِلْجَرِيمَتَيْنِ اللتين دَانَ الطاعِنِين بِهِما ، وَقد أَثْبَتَ فِى حَقِّهِم ، تَواجُدهم معًا عَلَى مَسْرَحِ الجريمة ، وَاسْتَظْهَرَ نِيَّة تَدَخُّلِهِم فِى اقْتِرافِ الجرِيمَتَيْن ، وَإتْيان كُلٍّ مِنْهُم عَمَلًا تنفيذِيًّا فِيهما مِنْ مَعِيَّتِهِم فِى الزمانِ وَالمكان ، وَنوع الصِّلَةِ بينهم ، وَصُدُور الجرِيمَتَيْن عن باعِثٍ واحِد ، وَاتجاههم وِجْهَة وَاحِدة فِى تَنْفِيذِهما ، وَأَنَّ كُلًّا مِنْهُم قد قَصَدَ قَصْدَ الآخَر فِى إيقاعِهما ، وَقَارَفَ فِعْلًا مِنَ الأفعالِ الْمُكَوِّنة لَهما ، بِالإضافةِ إلى وحدة الْحَقِّ الْمُعْتَدَى عليه ، وَمِنْ ثمَّ يَصِح طِبْقًا لِلمادة 39 مِنْ قانونِ الْعُقُوبات اعْتِبارهم فاعِلِين أَصْلِيِّين فِى هاتَيْن الجَريمَتَيْن ، فَإنَّ الْحُكْمَ إذْ انْتَهَى إلى اعْتِبارِهِم مُتَضامِنِين فِى المسئولِية الْجِنائِية ، وَدَانَ كُلًّا مِنْهُم بِوَصْفِهِ فاعِلًا أَصْلِيًّا فِى الجرِيمَتَيْن اللتَيْن أُسْنِدَتا إليهم يكون قد اقْتَرَنَ بِالصواب ، بِما يَضْحَى مَنْعَى الطاعِنِين فِى هذا الخصوص غير قويم .
2- مِنَ الْمُقَرَّر أَنَّ لِمَحكمةِ الموضوعِ أَنْ تَسْتَخلِصَ مِنْ أقوالِ الشهودِ وَسائِر العناصرِ المطروحةِ أمامها عَلَى بساطِ الْبَحْثِ الصورةَ الصحيحة لِواقِعةِ الدعوى حَسْبَما يُؤَدِّى إليه اقتناعُها ، وَأَنْ تَطْرَحَ ما يُخالِفها مِنْ صُوَرٍ أُخْرَى ما دَامَ اسْتِخْلاصُها سائِغًا مُسْتَنِدًا إلى أَدِلَّةٍ مَقْبُولَةٍ في العَقْلِ وَالمَنْطِق ، وَلَها أَصْلها في الأوراق ، وَكَانَ وَزْنُ أقوال الشهود ، وَتَقْدِيرُ الظُرُوف التى يُؤَدُّونَ فِيها الشَهادة مَتْرُوكًا لِتَقْدِيرِ محكمةِ الموضوع ، وَمَتَى أَخَذَت بِشَهادَةِ شاهِد فَإنَّ ذَلِكَ يُفِيدُ أنها اطْرَحَت جَمِيع الاعتبارات التى ساقها الدِّفاعُ لِحَمْلِها عَلَى عَدَم الأخذ بِها ، وَإذْ كَانَت المحكمةُ قد اطْمَأَنَّت إلى أقوالِ شُهُودِ الإثبات ، وَصِحَّةِ تَصْويرهم لِلواقِعة ، فَإنَّ ما يُثِيرُهُ الطاعِنون مِنْ مُنازَعَةٍ فِى هذه الصورة بِقالَةِ أنَّ الشُهودَ لَمْ يُشاهِدُوا واقِعةَ الذَّبْح ، لا يَعْدُو أَنْ يَكُون مُحاوَلَة لِتَجْرِيحِ أَدِلَّةِ الدعوى عَلَى وَجْهٍ مُعَيَّن تَأَدِّيًا مِنْ ذَلِكَ إلى مُناقَضَةِ الصورة التى ارْتَسَمَت فِى وِجْدانِ المحكمة بِالدليلِ الصحيح ، وَهُوَ ما لا يُقْبَل إثارته أمام محكمةِ النقض .
3 - مِنَ الْمُقَرَّر أَنَّ لِمحكمةِ الموضوعِ أَنْ تُعَوِّلَ فِى تَكْوِينِ عقيدَتِها عَلَى ما جَاءَ بتحريات الشُّرْطة بِاعْتِبارِها قرينة مُعَزِّزة لِما سَاقْتهُ مِنْ أَدِلَّةٍ أساسِية ، وَإذْ كَانَ الْحُكْمُ قد عَوَّلَ عَلَى أَقْوالِ النقيب/ .... – مُعاوِن مَباحِث مركز شُرْطة .... – وَالذى شَهدَ بِأَنَّ تحرياتَه أَكَّدَت صِحَّةَ الواقِعة وَما قَرَّرَه شُهودُ الإثبات مِنْ قِيامِ الطاعِنِين بِتَحْمِيلِ الدَّوابِّ إلى مَحلِّ الواقِعة ، وَقِيامِهِم بِذَبْحِها ، وَفَصْلِ جُلُودِها عنها تَمْهِيدًا لِبَيْعِ لُحُومِها وَجُلودِها مُسْتَخْدِمِين فِى ذَلِكَ أَسْلِحةً بَيْضاء ضُبِطَت بِحِيازَتِهِم ، وَكَانَ ما أَوْرَدَهُ الْحُكْمُ رَدًّا عَلَى الدَّفْعِ الْمُبْدَى مِنَ الطاعِنِين بِعَدَم جِدِّية التحريات سائِغًا وَكافِيًا لِحَمْلِ قضائِه ، فَإنَّ ما يَنْعاهُ الطاعِنون عَلَى الْحُكْمِ فِى هذا الشأنِ يَكُونُ غيرَ سَدِيد .
4- لَمَّا كَانَ البَيِّنُ أَنَّ تحصيلَ المحكمة لِلواقِعةِ فِى حُدُودِ الدعوى المطروحة قد جَاءَ وافِيًا فِى شَأْنِ بَيان الأفعال المادِّيَّة التى أَتاها كُلُّ مُتهم بِما يُفْصِحُ عن الدور الذي قَامَ بِهِ كُلُّ مِنْهم فِى الجريمَتَيْن اللتين أَدانَهُم الحُكْمُ بِهِما ، فَإنَّ النعي عَلَى الحُكْمِ فِى هذا الصَّدَد يَكُون في غيرِ محله .
5- لما كَانَ الثابت مِنْ مَحْضَرِ جلسة المُحاكَمة أَنَّ دِفاعَ الطاعِنِين مِنَ الأول إلى الخامِس لَمْ يُثِرْ ثمَّة مُنازَعة بِشأنِ حالة التَّيَبُّسِ الرِّمِّى التى وُجِدَت بِها الجُلود المضبوطة ، وَدلالتها بِخُصوصِ المُدَّة الزمنية التى مَضَت عَلَى وفاة الدَّوابّ ، وَكَذا انْتِفاء العِلَّة العِقابِيَّة كون تِلْكَ الدَّوابّ مملوكة لِلطاعِنِين عَلَى نَحْوِ ما يَزْعُموه بِأَسْبابِ طَعْنِهِم ، وَمَنْ ثمَّ لا يَجُوز لَهُم – مِنْ بَعْد – إثارة هذا الدفاع لأول مَرَّة أمام محكمة النقض ما دَامَ أنهم لَمْ يَتَمَسَّكُوا بِهِ أمام محكمة الموضوع لِما يَتَطَلَّبَهُ مِنْ تَحْقِيقٍ مَوْضُوعِىٍّ يَخْرُج عن وظيفة هذه المحكمة .
6- لما كَانَ الحُكْمُ المطعونُ فِيه قد تَناوَلَ دِفاعَ الطاعِنِين المُؤَسَّس عَلَى مَشْرُوعِيَّة فِعْلِهم مِنْ سَلْخِ الجُلُودِ الخاصة بِالدَّوابّ لِتَصْدِيرِها إلى دولة الصين طِبْقًا لِقَرارِ وزير الصناعة وَالتجارة رقم 692 لِسَنة 2012 ، وَاطرحه فِى قَوْلِه : ( وحيث إنه عن مَشْرُوعِيَّة فِعْل المُتهمِيِن فَلَمَّا كَانَ ذَلِكَ الفِعْل مُجَرَّمًا بِمُوجب نَص عقابي ، وَكَانَ ذَلِكَ هُوَ الأَصْل ، وَلَمْ يُقَدِّم أَىٌّ مِنَ المُتهمِين ثمَّة رُخْصَة تُبِيح ذَلِكَ الفِعْل حَتَّى يُسْتَثْنَى ، وَكَانت الأوراقُ قد خَلَت مِنْ ثمَّة سَبَب مِنْ أسبابِ الإباحة . الأَمْرُ الذي يَكُون معه ذَلِكَ القَوْل باطِلًا ، وَرُدَّ عَلَى صاحِبِه ) ، وَهُوَ مِنَ الحُكْمِ رَد سائِغ وَكاف لِحَمْلِ قضائِه ، فَإنَّ ما يَنْعاهُ الطاعِنون عَلَى الْحُكْمِ فِى هذا الشأنِ يَكُونُ غيرَ مُقْتَرِنٍ بِالصواب .
7- لَمَّا كَانَ الحُكْمُ قد عَرَضَ لِلدَّفْعِ بِبُطْلانِ القَبْضِ وَالتفتيش لانْتِفاءِ حالة التَّلَبُّس ، وَاطرحه فِى قَوْلِه : ( وَحيث إنه عن الدَّفْعِ بِبُطْلانِ القَبْضِ وَالتفتيش لِعَدَم تَوافُر حالة مِنْ حالاتِ التَّلَبُّس ، فَإنه مِنَ المُقَرَّر أنه ..... ، وَكَانَ الثابِتُ مِنْ أوراقِ الدعوى أَنَّ الشاهِدَ الأول أثناء تَواجُده بِأَرْضِهِ الزراعِية لَيْلًا فُوجِئَ بِالمتهمين فِى الصحراءِ المُقارِبة لأَرْضِه ، وَسَمعَ صُوت دَوابّ " حمير " ، فَاتَّصَلَ هاتِفِيًّا بِالشاهِدَيْن الثاني وَالثالِث ، وَحَالَ حُضُورهما تَتَبَّعُوا المُتهمِين لِتَشَكُّكِهِم فِى أَمْرِهِم، وَالوُقُوف عَلَى ما يَفْعَلُونه ، وَآنذاك فُوجِئُوا بِالمُتهمِين وَبِجِوارِهِم دَوابّ مَذْبُوحة " عَدَد اثنين وَأربعين حِمارًا " مَسْلُوخ جُلود بَعْضهم ، فَأَخْبَرُوا الشُرْطة ، وَتَمَكَّنُوا مِنْ ضَبْطِهِم . الأَمْر الذي تَتَوافَر معه حالة التَّلَبُّس بِالجريمةِ لِقِيامِ الدلائِل الكافِية عَلَى الاتهام مِنَ المَظاهِر الخارِجِية التى أَنْبَأَت بِذاتِها عن وُقُوعِ الجريمة، وَعليه يَضْحَى الدَّفْعُ جَدِيرًا بِالرَّفْض ) . لَمَّا كَانَ ذَلِك ، وَكَانَ مِنَ المُقَرَّر أَنَّ مِنَ الواجِباتِ المفروضة قانُونًا عَلَى مأموري الضَّبْطِ القَضائِى فِى دَوائِر اخْتِصاصِهِم أَنْ يَقْبَلُوا التبليغات وَالشَّكاوَى التى تَرِدُ إليهم بِشَأْنِ الجرائِم ، وَأَنْ يَقُوموا بِأنفِسِهِم أو بِواسِطة مَرْؤُسِيهم بِإجراءِ التحريات اللازِمة عن الوَقائِع التى يَعْلَمُونَ بِها بِأَيَّة كيفية كانَت ، وَأَنْ يَسْتَحْصِلُوا عَلَى جَمِيعِ الإيضاحات وَالاسْتِدْلالات المُؤَدِّية لِثُبُوتِ أو نَفْىِ الوَقائِع المُبَلَّغ بِها إليهم أو التى يُشاهِدُونها بِأَنْفِسِهِم ، كَما أَنَّ المادة 29 مِنْ قانونِ الإجراءاتِ الجِنائِية تُخَوِّل مأموري الضَّبْط القَضائِى أثناء جَمْع الاسْتِدْلالات أَنْ يَسْمَعُوا أقوال مَنْ يَكُون لديهم معلومات عن الوقائِع الجِنائية وَمُرْتَكِبِيها ، وَأَنْ يَسْألوا المتهم عن ذلك ، كَما أَنَّ المادة 34 مِنْ قانونِ الإجراءاتِ الجِنائِية المُسْتَبْدَلَة بِالقانون رقم 37 لِسَنة 1972 المُتَعَلِّق بِضَمانِ حُرِّيات المُواطِنِين ، قد أَجازَت لمأموري الضَّبْطِ القَضائِى فِى أحوالِ التَّلَبُّسِ بِالجِنايات أَنْ يَقْبِضَ عَلَى المتهم الحاضِر الذى تُوجَد دَلائل كافِية عَلَى اتهامِه ، وَكَانَ تقديرُ تَوافُر حالة التَّلَبُّس أو عَدَم تَوافُرها مِنَ الأُمُورِ الموضوعِية البَحْت التى تُوكَلُ بَداءَةً لِرَجُلِ الضَّبْطِ القضائي عَلَى أَنْ يَكُون تقديره خاضِعًا لِرقابةِ سُلْطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع – وِفْقَ الوقائِع المَعْرُوضة عليها بِغيرِ مُعَقِّب ، ما دَامَت النتيجةُ التى انْتَهَت إليها تَتَّفِق مَنْطِقِيًّا مَعَ المُقَدِّماتِ وَالوَقائِع التى أَثْبَتَتْها فِى حُكْمِها – كَما هُوَ الحال فِى الدعوى المطروحة - ، فَإنَّ الحُكْمَ يَكُون سَلِيمًا فِيما انْتَهَى إليه مِنْ رَفْضِ الدَّفْع بِبُطْلانِ القَبْضِ تأسِيسًا عَلَى تَوافُر حالة التَّلَبُّس التى تُبِيحه ، وَيَكُون مَنْعَى الطاعِن السادِس فِى هذا الصَّدَد غير سَدِيد .
8- مِنَ المُقَرَّر أَنَّ تَقْدِيرَ الدليل مَوْكُولٌ إلى محكمةِ الموضوع ، وَمَتَى اقْتَنَعَت بِهِ وَاطْمَأَنَّت عليه ، فَلا مُعَقِّبَ عليها فِى ذَلِك ، كَما أنه مِنَ المُقَرَّر أَنَّ قَوْلَ مُتَّهَم عَلَى آخَر هُوَ فِى حَقِيقةِ الأَمْر شَهادة يَسُوغ لِلْمحكمةِ أَنْ تُعَوِّلَ عليها فِى الإدانة ما دَامَت قد اطْمَأَنَّت إليها وَارْتاحَت لَها ، وَأَنَّ تَعْتَمِدَ عَلَى أقوالِ المتهم وَلَو عَدَلَ عنها مَتَى رَأَت أنها صَحِيحة وَصَادِقة بِغيرِ أَنْ تَلْتَزِم بِبَيان عِلَّة ما ارْتَأَتْه ، إذْ مَرْجِع الأَمْر اطْمِئنانها إلى ما تأْخُذ بِهِ دُونَ ما تعْرِض عنه ، وَمِنْ ثمَّ فَإنَّ نَعْىَ الطاعِن السابِع عَلَى الحُكْمِ تَعْويله فِى إدانَتِهِ إلى ما أَقَرَّ بِهِ الطاعِنُ السادِس بِتحقيقاتِ النيابة مِنْ جَلْبِهِ لِلدَّوابِّ مَعَ المتهم الأول وَهِىَ عَلَى قيدِ الحياة لا يَكُونُ مَقْبُولًا .
9- لما كان النعي بِالْتِفاتِ الْحُكْمِ عن دِفاعِ الطاعِنَيْن السادِس وَالسابِع القائِم عَلَى انْتِفاءِ صِلةِ كُلٍّ مِنْهما بِالواقعة كونهما مُجَرَّد سائِقَيْن اقْتَصَرَ دورهما عَلَى نَقْلِ الجُلُودِ لِقاء أَجْرٍ مادِّىّ ، مَرْدُودًا بِأَنَّ ذَلِكَ الدَّفاع مِنْ أَوْجُهِ الدِّفاعِ الموضوعية التى لا تَسْتأهِلُ رَدًّا طَالَما كَانَ الرَّدُ عليها مُسْتفادًا مِنْ أَدِلَّةِ الثُّبُوتِ التى أَوْرَدَها الْحُكْم – كَما هُوَ الْحال فِى الدعوى – ، وَمِنْ ثَمَّ فَإنَّ ما يُثِيرُه الطاعِنان المَذكوران فِى هذا الصَّدَد لا يَعْدُو أَنْ يَكُونَ جَدَلًا موضوعِيًّا فِى تقديرِ الدليل ، وَفِى سُلْطةِ محكمة الموضوع فِى وَزْن عناصِر الدعوى وَاسْتِنباط مُعْتَقدها وَهُوَ ما لا يَجُوز إثارته أمام محكمة النقض .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم 1- قتلوا عمداً بدون مقتض حيوانات من دواب الركوب والجر " حمير " بأن قاموا بذبحهم ليلاً على النحو المبين بالتحقيقات . 2- أحرزوا أسلحة بيضاء " سكاكين " بدون مسوغ قانوني .
وأحالتهم إلى محكمة جنايات .... لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 355 / أولاً ، 356 من قانون العقوبات والمواد 1 ، 28/ أولاً ، 84 ، 101 من القانون رقم 4 لسنة 1994 فى شأن البيئة المعدل والمادة 24 من اللائحة التنفيذية والمواد 1/1 ، 25 مكرراً /1 ، 30/1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل والبند رقم 6 من الجدول رقم (1) الملحق به ، مع إعمال نص المادتين 17، 32 من قانون العقوبات ، بمعاقبة المتهمين جميعاً بالحبس مع الشغل لمدة خمس سنوات لكل منهم وإلزامهم بالمصاريف الجنائية ومصادرة المضبوطات .
فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
حيث إنَّ الطاعِنِين يَنْعُون عَلَى الْحُكْمِ الْمَطْعُونِ فيه – بِمُذَكِّراتِ أسبابِ طَعْنِهِم الثلاث – أنه إذْ أَدَانَهم بجريمتي قَتْل حيوانات مِنْ دَوابِّ الركوب وَالجَر " حمير" عَمْدًا بِدُون مُقْتَضَى لَيْلًا ، وَإحْراز أَسْلِحة بَيْضاء " سكاكِين " دُونَ مُسَوِّغ ، قَدْ شَابَهُ الْقُصُورُ فِى التسبيب ، وَالْفسادُ فِى الاستدلال ، وَالإخلال بِحَقِّ الدِّفاع ؛ ذَلِكَ بِأنَّه صِيغَ فِى عِبارةٍ قاصِرةٍ يَشُوبها الإبْهامُ وَالغُموضُ وَالإجْمال ، فَلَمْ يُبَيِّن الواقِعةَ الْمُسْتَوجِبة لِلْعُقوبةِ بَيانًا تَتَحَقَّق بِهِ أركانُ الجَرِيمَتَيْن اللتين أَدانَهُم بِهِما، وَالظُرُوفَ التى وَقَعَتا فِيها ، وَمُؤَدَّى أَدِلَّةِ ثُبُوتِهِما ، وَلَمْ يُبَيِّن دُور كُلٍّ مِنْهم فِى ارْتِكابِ الْواقِعة ، وَعَوَّلَ عَلَى أقوالِ شُهُودِ الإثبات رغم أنهم لَمْ يُشاهِدُوا واقِعةَ الذَّبْح ، وَتَسانَدَ إلى تحرياتِ الشُّرْطة ، وَشهادة مُجْرِيها مُطْرِحًا الدَّفْع بِعَدَم جِدِّيَّتِها كونها مَجْهُولة المَصْدَر ، وَلَمْ يُواجِه الحُكْمُ دِفاعَ الطاعِنِين مِنَ الأول إلى الخامِس القائِم عَلَى انْتِفاءِ الرُّكْنِ المادي لِجَرِيمةِ قَتْل الدَّوابّ سِيَّما وَقد وُجِدَت الجُلُودُ فِى حالةِ تَعَفُّنٍ رِمِّىٍّ وِفْقَ الثابِت بِتَقْرِيرِ الطِّبِّ البيطري مِمَّا يُؤَكِّد أَنَّ هذه الحيوانات مَرَّ عَلَى وَفاتِها أَكْثَر مِنْ ثمان وَأربعين ساعة ، وَلَمْ يتِم ذَبْحها بِمَعْرِفة الطاعِنِين ، وَانْتِفاء العِلَّة العِقابِيَّة كون تِلْكَ الدَّوابّ مملوكة لَهُم ، وَكَذا دِفاعهم المُؤَسَّس عَلَى مَشْرُوعِيَّة فِعْلِهم مِنْ سَلْخِ الجُلُودِ الخاصة بِالدَّوابّ لِتَصْدِيرِها إلى دولة الصين طِبْقًا لِقَرارِ وزير الصناعة وَالتجارة رقم 692 لِسَنة 2012 ، وَيُضِيفُ الطاعِنُ السادِس أَنَّ الحُكْمَ المطعونَ فِيه رَدَّ بِما لا يَسُوغه عَلَى الدَّفْعِ بِبُطْلانِ القَبْضِ وَالتفتيش لانْتِفاءِ حالة التَّلَبُّس ، كَما الْتَفَتَ – إيرادًا أو رَدًّا – عن أَوْجُه دِفاعِهِ الجوهرية ، وَيزِيدُ الطاعِنُ السابِعُ أَنَّ الحُكْمَ عَوَّلَ فِى إدانتهِ إلى ما أَقَرَّ بِهِ الطاعِنُ السادِس بِتحقيقاتِ النيابة مِنْ جَلْبِهِ لِلدَّوابِّ مَعَ المتهم الأول وَهِىَ عَلَى قيدِ الحياة رغم عَدَم صلاحِيته لِلإدانة ، أَخِيرًا أَعْرَضَ الحُكْمُ عن دِفاعِ الطاعِنَيْن السادِس وَالسابِع القائِم عَلَى انْتِفاءِ صِلةِ كُلٍّ مِنْهما بِالواقعة كونهما مُجَرَّد سائِقَيْن اقْتَصَرَ دورهما عَلَى نَقْلِ الجُلُودِ لِقاء أَجْرٍ مادِّىّ ، وَكُل ذَلِكَ يعِيبُ الْحُكْمَ وَيَسْتَوْجِبُ نَقْضه .
وَمِنْ حَيْثُ إنَّ الْحُكْمَ الْمَطْعُونَ فيه قد بَيَّنَ واقِعةَ الدعوى بِما تَتَوافَر بِهِ كافةُ الْعناصِرِ القانونية لجريمتي قَتْل حيوانات مِنْ دَوابِّ الركوب وَالجَر " حمير " عَمْدًا بِدُون مُقْتَضَى لَيْلًا ، وَإحْراز أَسْلِحة بَيْضاء " سكاكِين " دُونَ مُسَوِّغ ، اللتين أَدَانَ الطاعِنِين بِهِما ، وَأَوْرَدَ عَلَى ثُبُوتِهِما فِى حَقِّهِم أَدِلَّةً سائِغةً مِنْ شَأْنِها أَنْ تُؤَدِّى إلى ما رَتَّبَهُ الحُكْمُ عليها ، مُسْتَمَدَّة مِنْ أَقْوالِ شُهُودِ الإثبات ، وَمِمَّا ثَبَتَ بِمُعايَنةِ الوحدة المحلية ، مُورِدًا مُؤَدَّاها فِى بَيانٍ جَلِىٍّ وافٍ – خِلافًا لِما يَزْعمه الطاعِنون بِأسبابِ طَعْنِهِم – ، وَبِما يَكْفِى لِلتدلِيلِ عَلَى ثُبُوتِ الصورة التى اقْتَنَعَت بِها المحكمةُ ، وَاسْتَقَرَّت فِى وِجْدانِها ، وَجَاءَ اسْتِعراضُ المحكمة لِتِلْكَ الواقعة ، وَهذه الأدلة ، عَلَى نَحْوٍ يَدُلُّ عَلَى أنها مَحَّصَتها التمْحِيصَ الكافي وَأَلَمَّت بِها إلمامًا شامِلًا ، يُفِيدُ أنها قامَت بِما ينبغي عليها مِنْ تَدْقِيقِ الْبَحْث لِتعرف الحقيقة ، وَمَتَى كَانَ مجموعُ ما أَوْرَدَهُ الْحُكْمُ – كَما هُوَ الْحال فِى الدعوى – كافِيًا لِتَفَهُّمِ الواقِعةِ بِأركانِها وَظُرُوفِها ، حَسْبما اسْتَخْلَصَتها المحكمة ، وَتَتَوافَرُ بِهِ جميعُ الأركان القانونية لِلْجَرِيمَتَيْنِ اللتين دَانَ الطاعِنِين بِهِما ، وَقد أَثْبَتَ فِى حَقِّهِم ، تَواجُدهم معًا عَلَى مَسْرَحِ الجريمة ، وَاسْتَظْهَرَ نِيَّة تَدَخُّلِهِم فِى اقْتِرافِ الجرِيمَتَيْن ، وَإتْيان كُلٍّ مِنْهُم عَمَلًا تنفيذِيًّا فِيهما مِنْ مَعِيَّتِهِم فِى الزمانِ وَالمكان ، وَنوع الصِّلَةِ بينهم ، وَصُدُور الجرِيمَتَيْن عن باعِثٍ واحِد ، وَاتجاههم وِجْهَة وَاحِدة فِى تَنْفِيذِهما ، وَأَنَّ كُلًّا مِنْهُم قد قَصَدَ قَصْدَ الآخَر فِى إيقاعِهما ، وَقَارَفَ فِعْلًا مِنَ الأفعالِ الْمُكَوِّنة لَهما ، بِالإضافةِ إلى وحدة الْحَقِّ الْمُعْتَدَى عليه ، وَمِنْ ثمَّ يَصِح طِبْقًا لِلمادة 39 مِنْ قانونِ الْعُقُوبات اعْتِبارهم فاعِلِين أَصْلِيِّين فِى هاتَيْن الجَريمَتَيْن ، فَإنَّ الْحُكْمَ إذْ انْتَهَى إلى اعْتِبارِهِم مُتَضامِنِين فِى المسئولِية الْجِنائِية ، وَدَانَ كُلًّا مِنْهُم بِوَصْفِهِ فاعِلًا أَصْلِيًّا فِى الجرِيمَتَيْن اللتَيْن أُسْنِدَتا إليهم يكون قد اقْتَرَنَ بِالصواب ، بِما يَضْحَى مَنْعَى الطاعِنِين فِى هذا الخصوص غير قويم . لَمَّا كَانَ ذَلِك ، وَكَانَ مِنَ الْمُقَرَّر أَنَّ لِمَحكمةِ الموضوعِ أَنْ تَسْتَخلِصَ مِنْ أقوالِ الشهودِ وَسائِر العناصرِ المطروحةِ أمامها عَلَى بساطِ الْبَحْثِ الصورةَ الصحيحة لِواقِعةِ الدعوى حَسْبَما يُؤَدِّى إليه اقتناعُها ، وَأَنْ تَطْرَحَ ما يُخالِفها مِنْ صُوَرٍ أُخْرَى ما دَامَ اسْتِخْلاصُها سائِغًا مُسْتَنِدًا إلى أَدِلَّةٍ مَقْبُولَةٍ فِى العَقْلِ وَالمَنْطِق ، وَلَها أَصْلها فِى الأوراق ، وَكَانَ وَزْنُ أقوال الشهود ، وَتَقْدِيرُ الظُرُوف التى يُؤَدُّونَ فِيها الشَهادة مَتْرُوكًا لِتَقْدِيرِ محكمةِ الموضوع ، وَمَتَى أَخَذَت بِشَهادَةِ شاهِد فَإنَّ ذَلِكَ يُفِيدُ أنها اطْرَحَت جَمِيع الاعتبارات التى ساقها الدِّفاعُ لِحَمْلِها عَلَى عَدَم الأخذ بِها ، وَإذْ كَانَت المحكمةُ قد اطْمَأَنَّت إلى أقوالِ شُهُودِ الإثبات ، وَصِحَّةِ تَصْويرهم لِلواقِعة ، فَإنَّ ما يُثِيرُهُ الطاعِنون مِنْ مُنازَعَةٍ فِى هذه الصورة بِقالَةِ أنَّ الشُهودَ لَمْ يُشاهِدُوا واقِعةَ الذَّبْح ، لا يَعْدُو أَنْ يَكُون مُحاوَلَة لِتَجْرِيحِ أَدِلَّةِ الدعوى عَلَى وَجْهٍ مُعَيَّن تَأَدِّيًا مِنْ ذَلِكَ إلى مُناقَضَةِ الصورة التى ارْتَسَمَت فِى وِجْدانِ المحكمة بِالدليلِ الصحيح ، وَهُوَ ما لا يُقْبَل إثارته أمام محكمةِ النقض . لَمَّا كَانَ ذَلِك ، وَكَانَ مِنَ الْمُقَرَّر أَنَّ لِمحكمةِ الموضوعِ أَنْ تُعَوِّلَ فِى تَكْوِينِ عقيدَتِها عَلَى ما جَاءَ بِتَحرياتِ الشُّرْطة بِاعْتِبارِها قرينة مُعَزِّزة لِما سَاقْتهُ مِنْ أَدِلَّةٍ أساسِية ، وَإذْ كَانَ الْحُكْمُ قد عَوَّلَ عَلَى أَقْوالِ النقيب/ .... – مُعاوِن مَباحِث مركز شُرْطة .... – وَالذى شَهدَ بِأَنَّ تحرياتَه أَكَّدَت صِحَّةَ الواقِعة وَما قَرَّرَه شُهودُ الإثبات مِنْ قِيامِ الطاعِنِين بِتَحْمِيلِ الدَّوابِّ إلى مَحلِّ الواقِعة ، وَقِيامِهِم بِذَبْحِها ، وَفَصْلِ جُلُودِها عنها تَمْهِيدًا لِبَيْعِ لُحُومِها وَجُلودِها مُسْتَخْدِمِين فِى ذَلِكَ أَسْلِحةً بَيْضاء ضُبِطَت بِحِيازَتِهِم ، وَكَانَ ما أَوْرَدَهُ الْحُكْمُ رَدًّا عَلَى الدَّفْعِ الْمُبْدَى مِنَ الطاعِنِين بِعَدَم جِدِّية التحريات سائِغًا ، وَكافِيًا لِحَمْلِ قضائِه ، فَإنَّ ما يَنْعاهُ الطاعِنون عَلَى الْحُكْمِ فِى هذا الشأنِ يَكُونُ غيرَ سَدِيد . لَمَّا كَانَ يَقُوموا بِأنفِسِهِم أو بِواسِطة مَرْؤُسِيهم بِإجراءِ التحريات اللازِمة عن الوَقائِع التى يَعْلَمُونَ بِها بِأَيَّة كيفية كانَت ، وَأَنْ يَسْتَحْصِلُوا عَلَى جَمِيعِ الإيضاحات وَالاسْتِدْلالات المُؤَدِّية لِثُبُوتِ أو نَفْىِ الوَقائِع المُبَلَّغ بِها إليهم أو التى يُشاهِدُونها بِأَنْفِسِهِم ، كَما أَنَّ المادة 29 مِنْ قانونِ الإجراءاتِ الجِنائِية تُخَوِّل مأموري الضَّبْط القضائي أثناء جَمْع الاسْتِدْلالات أَنْ يَسْمَعُوا أقوال مَنْ يَكُون لديهم معلومات عن الوقائِع الجِنائية وَمُرْتَكِبِيها ، وَأَنْ يَسْألوا المتهم عن ذلك ، كَما أَنَّ المادة 34 مِنْ قانونِ الإجراءاتِ الجِنائِية المُسْتَبْدَلَة بِالقانون رقم 37 لِسَنة 1972 المُتَعَلِّق بِضَمانِ حُرِّيات المُواطِنِين ، قد أَجازَت لمأموري الضَّبْطِ القضائي فِى أحوالِ التَّلَبُّسِ بِالجِنايات أَنْ يَقْبِضَ عَلَى المتهم الحاضِر الذى تُوجَد دَلائل كافِية عَلَى اتهامِه ، وَكَانَ تقديرُ تَوافُر حالة التَّلَبُّس أو عَدَم تَوافُرها مِنَ الأُمُورِ الموضوعِية البَحْت التى تُوكَلُ بَداءَةً لِرَجُلِ الضَّبْطِ القضائي عَلَى أَنْ يَكُون تقديره خاضِعًا لِرقابةِ سُلْطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع – وِفْقَ الوقائِع المَعْروُضة عليها بِغيرِ مُعَقِّب ، ما دَامَت النتيجةُ التى انْتَهَت إليها تَتَّفِق مَنْطِقِيًّا مَعَ المُقَدِّماتِ وَالوَقائِع التى أَثْبَتَتْها فِى حُكْمِها – كَما هُوَ الحال فِى الدعوى المطروحة - ، فَإنَّ الحُكْمَ يَكُون سَلِيمًا فِيما انْتَهَى إليه مِنْ رَفْضِ الدَّفْع بِبُطْلانِ القَبْضِ تأسِيسًا عَلَى تَوافُر حالة التَّلَبُّس التى تُبِيحه ، وَيَكُون مَنْعَى الطاعِن السادِس فِى هذا الصَّدَد غير سَدِيد . لَمَّا كَانَ ذَلِك ، وَكَانَ مِنَ المُقَرَّر أَنَّ تَقْدِيرَ الدليل مَوْكُولٌ إلى محكمةِ الموضوع ، وَمَتَى اقْتَنَعَت بِهِ وَاطْمَأَنَّت عليه ، فَلا مُعَقِّبَ عليها فِى ذَلِك ، كَما أنه مِنَ المُقَرَّر أَنَّ قَوْلَ مُتَّهَم عَلَى آخَر هُوَ فِى حَقِيقةِ الأَمْر شَهادة يَسُوغ لِلْمحكمةِ أَنْ تُعَوِّلَ عليها فِى الإدانة ما دَامَت قد اطْمَأَنَّت إليها وَارْتاحَت لَها ، وَأَنَّ تَعْتَمِدَ عَلَى أقوالِ المتهم وَلَو عَدَلَ عنها – مَتَى رَأَت أنها صَحِيحة وَصَادِقة بِغيرِ أَنْ تَلْتَزِم بِبَيان عِلَّة ما ارْتَأَتْه ، إذْ مَرْجِع الأَمْر اطْمِئنانها إلى ما تأْخُذ بِهِ دُونَ ما تعْرِض عنه ، وَمِنْ ثمَّ فَإنَّ نَعْىَ الطاعِن السابِع عَلَى الحُكْمِ تَعْويله فِى إدانَتِهِ إلى ما أَقَرَّ بِهِ الطاعِنُ السادِس بِتحقيقاتِ النيابة مِنْ جَلْبِهِ لِلدَّوابِّ مَعَ المتهم الأول وَهِىَ عَلَى قيدِ الحياة لا يَكُونُ مَقْبُولًا . لَمَّا كَانَ ذَلِك ، وَكَانَ النَّعْىُ بِالْتِفاتِ الْحُكْمِ عن دِفاعِ الطاعِنَيْن السادِس وَالسابِع القائِم عَلَى انْتِفاءِ صِلةِ كُلٍّ مِنْهما بِالواقعة كونهما مُجَرَّد سائِقَيْن اقْتَصَرَ دورهما عَلَى نَقْلِ الجُلُودِ لِقاء أَجْرٍ مادِّىّ ، مَرْدُودًا بِأَنَّ ذَلِكَ الدَّفاع مِنْ أَوْجُهِ الدِّفاعِ الموضوعية التى لا تَسْتأهِلُ رَدًّا طَالَما كَانَ الرَّدُ عليها مُسْتفادًا مِنْ أَدِلَّةِ الثُّبُوتِ التى أَوْرَدَها الْحُكْم – كَما هُوَ الْحال فِى الدعوى – ، وَمِنْ ثَمَّ فَإنَّ ما يُثِيرُه الطاعِنان المَذكوران فِى هذا الصَّدَد لا يَعْدُو أَنْ يَكُونَ جَدَلًا موضوعِيًّا فِى تقديرِ الدليل ، وَفِى سُلْطةِ محكمة الموضوع فِى وَزْن عناصِر الدعوى وَاسْتِنباط مُعْتَقدها وَهُوَ ما لا يَجُوز إثارته أمام محكمة النقض .
لَمَّا كَانَ ما تَقَدَّم ، فَإنَّ الطَّعْنَ بِرُمَّتِه يَكُونُ عَلَى غيرِ أساسٍ مُتَعَيَّنا رَفْضه مَوْضُوعًا .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ