الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 13 يناير 2024

الطعن 899 لسنة 7 ق جلسة 11 / 5 / 1963 إدارية عليا مكتب فني 8 ج 3 ق 107 ص 1143

جلسة 11 من مايو سنة 1963

برئاسة السيد/ الإمام الإمام الخريبي نائب رئيس المجلس وعضوية السادة مصطفى كامل إسماعيل وحسن السيد أيوب والدكتور ضياء الدين صالح ومحمد مختار العزبي المستشارين.

---------------

(107)

القضية رقم 899 لسنة 7 القضائية

طعن - صفة في الطعن 

- مخالفات مالية - الدفع بانعدام صفة رئيس ديوان المحاسبة في الطعن على حكم المحكمة التأديبية قولاً بأن ذلك من حق النيابة الإدارية وحدها - مردود بما ورد صراحة في المادتين 13 و32 من القانون رقم 117 لسنة 1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية - أساس ذلك.

---------------
أن الدفع الذي أثاره المطعون عليه بانعدام صفة رئيس ديوان المحاسبة في الطعن على حكم المحكمة التأديبية المطعون فيه، مردود بما نصت عليه صراحة كل من المادتين: (13)، (32) من القانون رقم (117) لسنة 1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية في الإقليم المصري - وتجرى المادة (13) بأن (يخطر رئيس ديوان المحاسبة بالقرارات الصادرة من الجهة الإدارية في شأن المخالفات المالية. ولرئيس الديوان خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ إخطاره بالقرار أن يطلب تقديم الموظف إلى المحاكمة التأديبية. وعلى النيابة الإدارية في هذه الحالة مباشرة الدعوى التأديبية خلال الخمسة عشر يوماً التالية). وفي ذلك تقول المذكرة الإيضاحية: "ونظراً لما للمخالفات المالية من أهمية خاصة بالنسبة إلى مالية الدولة فقد أوجب المشروع إخطار رئيس ديوان المحاسبة بقرارات الجهة الإدارية الصادرة في شأن هذه المخالفات، وأعطى لرئيس الديوان الحق في أن يطلب من النيابة الإدارية إقامة الدعوى أمام المحكمة التأديبية المختصة، وفي هذه الحالة يتعين على النيابة الإدارية مباشرة الدعوى". ومفاد ذلك أن المشرع حدد في قصد واضح صاحب الصفة في الاعتراض على قرار الجزاء الموقع من الجهة الإدارية وناط برئيس ديوان المحاسبة وحدة المصلحة، والصفة في طلب تقديم الموظف إلى المحاكمة التأديبية إذا عن له أن الجزاء الذي وقع ليس من جنس العمل وأن العقوبة الصادرة من جهة الإدارة في حق الموظف لا تتلاءم وخطورة الذنب المالي الذي انحدر إليه المتهم. ومتى طلب السيد رئيس ديوان المحاسبة تقديم الموظف إلى المحاكمة التأديبية تعين على النيابة الإدارية مباشرة الدعوى التأديبية خلال المدة المقررة. ويؤكد هذا الاتجاه، وإن كان على نحو ما تقدم، في غنى عن كل توكيد، ما نصت عليه المادة 32 من ذات القانون المشار إليه فتقول (أحكام المحاكم التأديبية نهائية، ولا يجوز الطعن فيها إلا أمام المحكمة الإدارية العليا ويرفع الطعن وفقاً لأحكام المادة 15 من القانون رقم 165 لسنة 1955 بشأن تنظيم مجلس الدولة. ويعتبر من ذوي الشأن في حكم المادة المذكورة رئيس ديوان المحاسبة، ومدير عام النيابة الإدارية والموظف الصادر ضده الحكم). وبناء عليه يكون الطعن الحالي قد أقيم ممن يملك الحق في رفعه، وقد ذكره الشارع في مقدمة أولي الشأن في الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا في أحكام المحاكم التأديبية. وقول الشارع قاطع في هذا الخصوص فيتعين الحكم برفض الدفع بعدم قبول الطعن لرفعه من غير ذي صفة.


إجراءات الطعن

في 26 من فبراير سنة 1961 أودع السيد محامي الحكومة سكرتيرية المحكمة تقرير طعن أمام هذه المحكمة قيد بجدولها تحت رقم (899) لسنة 7 القضائية في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية لوزارة الأشغال والحربية بجلسة 28 من ديسمبر سنة 1960 في الدعوى التأديبية رقم 50 لسنة 1 القضائية من النيابة الإدارية ضد محمد لبيب عطية حلبي، رئيس قسم المشتريات بمصلحة الطيران المدني، من الدرجة الخامسة. والذي قضى: (بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد) وطلب محامي الحكومة للأسباب التي استند إليها في تقرير طعنه: (الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وإحالة الموضوع إلى المحكمة التأديبية لتقضي فيه مع إلزام المطعون عليه بالمصروفات ومقابل الأتعاب). وقد أعلن هذا الطعن إلى المطعون عليه في 26 من أكتوبر سنة 1961 وعين لنظره أمام دائرة فحص الطعون جلسة 16 من فبراير سنة 1963 وفيها قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا للمرافعة بجلسة 6 من إبريل سنة 1963. حيث سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات ذوي الشأن على الوجه المبين بمحضر الجلسة ثم قررت إرجاء النطق بالحكم في الطعن إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة، حسبما يبين من أوراق الطعن تتحصل في أن مصلحة الطيران المدني كانت قد طرحت مناقصة عامة في 4 من ديسمبر سنة 1954 تضمن البند الحادي عشر منها، توريد جهاز لاسلكي للمطارات. وقد رسا العطاء على الشركة الهندسية للصناعات الالكترونية، وقد قبلت هذه الشركة توريد هذا الجهاز بأجزائه وملحقاته وقطع الغيار الموضحة بالكاتالوج المرفق بعطائها على أن يكون التسليم (سيف) بالإسكندرية بثمن قدره (7028.013) جنيهاً ويدخل في هذا التوريد 252 شريطاً للتسجيل، إلا أنه تبين عند استلام الجهاز أن عدد شرائط التسجيل الموردة منه هي (126) شريطاً فقط أي نصف العدد المتفق عليه كما اتضح وجود نقص في بعض قطع الغيار وقد تبين أن هناك إهمالاً وتقصيراً في الإجراءات التي اتخذت بشأن عملية التوريد. فأحيل الموضوع إلى النيابة الإدارية التي أجرت تحقيقاً انتهت فيه إلى مسئوليته السيد/ محمد لبيب عطية حلبي. وبعرض الموضوع على السيد مدير عام المصلحة قرر مجازاة المتهم المذكور بخصم سبعة أيام من مرتبه لما ثبت في حقه. ولما أبلغ ديوان المحاسبة بالجزاء الموقع في 12/ 4/ 1959 أعاد الأوراق ثانية في 25/ 4/ 1959 لاستيفاء بعض الملاحظات التي عنت للديوان. وقد قامت النيابة الإدارية بإجراء تحقيق تكميلي انتهت فيه إلى حصر المسئولية في المتهم وحده ثم أحيلت الأوراق ثانية إلى الديوان فوصلت إليه في 10/ 8/ 1959 فقرر السيد رئيس الديوان في 24/ 8/ 1959 عدم الموافقة على الجزاء الموقع لأنه لا يتناسب البتة مع درجة المخالفات المنسوبة وخطورتها. فقامت النيابة الإدارية بإيداع الأوراق وقرار الاتهام سكرتيرية المحكمة في 2/ 9/ 1959 وحدد لنظر الدعوى التأديبية جلسة 9/ 11/ 1959.
وبجلسة 28 من ديسمبر سنة 1960 حكمت المحكمة التأديبية (بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد). تأسيساً على أن السيد مدير عام مصلحة الطيران المدني أصدر قراراً في 2/ 2/ 1959 بمجازاة الموظف المتهم بخصم سبعة أيام من مرتبه لما ثبت في حقه من مخالفات، وقد أبلغ ديوان المحاسبة بقرار الجزاء في 12/ 4/ 1959 فأعاد الديوان الأوراق لاستيفاء بعض البيانات ثم جرى تحقيق تكميلي وبعد استيفاء المطلوب للديوان أعيدت إليه الأوراق في 10/ 8/ 1959 فاعترض على الجزاء لعدم تناسبه مع جسامة وخطورة ما وقع من الموظف المتهم. وكان ذلك في 24/ 8/ 1959 واستطرت المحكمة التأديبية تقول أن المادة (13) من القانون رقم 117 لسنة 1958 تفيد أن الحق الذي خول لرئيس الديوان بالاعتراض لا يعدو أن يكون نوعاً من الطعن، وبهذه المثابة فإن الميعاد المقرر لهذا الطعن يعتبر من مواعيد السقوط التي لا يجوز قطعها ولا وقفها ولأي سبب كان، ولا يغير من الأمر شيئاً عدم وجود كافة عناصر الموضوع تحت نظر الديوان عند التبليغ الأول لأن في مكنة الديوان أن يحصل على ما يريد من البيانات قبل فوات الميعاد المقرر، ولا محل للتحدي كذلك بأن الإدارة القضائية بالديوان تقوم بالبحث مبدئياً ثم تعرض الأمر على رئيس الديوان صاحب الاختصاص الذاتي في الاعتراض، فتنظيم العمل في المصالح الحكومية لا يجوز أن يمس المراكز الذاتية التي يكتسبها الموظف من عدم مراعاة اتخاذ إجراء أوجب القانون اتخاذه في فترة زمنية محددة، ومن ثم يعتبر السيد رئيس الديوان على علم بقرار الجزاء بمجرد وصول الإخطار به للديوان، وتضيف المحكمة التأديبية إلى ذلك أن في طبيعة المخالفة وظروف ارتكابها ما يكفي لتقدير الجزاء المناسب دون التغلغل في تفصيلات الموضوع وثابت أن الأوراق قد وصلت إلى ديوان المحاسبة في 12/ 4/ 1959 ومن هذا التاريخ يبدأ سريان الميعاد المقرر قانوناً لاعتراضه، ولما كان الاعتراض قد تم في 24/ 8/ 1959 فإن اعتراض الديوان يكون قد وقع بعد فوات مدة الخمسة عشر يوماً المقررة لذلك.
ومن حيث إن الطعن المقدم من الأستاذ محامي إدارة قضايا الحكومة نائباً عن السيد رئيس ديوان المحاسبة بصفته، يقوم على أن الميعاد المحدد لديوان المحاسبة لممارسة اختصاصه في الاعتراض على القرارات التأديبية الخاصة بالمخالفات المالية لا يمكن أن يسري في حقه إلا من اليوم الذي يتم فيه علمه بعناصر الموضوع لتمكينه من إبداء رأيه على الوجه السليم. ولا يقدح في ذلك أن يكون هذا الميعاد من مواعيد السقوط لأن مجرد قيام الديوان بطلب كافة أوراق الموضوع أو استيفاء أحد عناصره في الميعاد القانوني يعتبر بمثابة مزاولة للاختصاص خلال المدة المقررة ويكفي أن يكون الديوان قد طلب في الميعاد استكمال عناصر الموضوع ليكون له الحق في طلب الإحالة إلى المحاكمة إذا رأى وجهاً لذلك في خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ تكامل عناصر الموضوع. وخلص تقرير طعن الديوان إلى طلب الحكم بإلغاء حكم المحكمة التأديبية المطعون فيه وبإحالة الموضوع إلى المحكمة التأديبية لتقضي في موضوع الاتهام مع إلزام المطعون عليه المصروفات.
إن المطعون عليه، آثار بجلسة المرافعة أمام هذه المحكمة دفعاً بعدم قبول هذا الطعن لرفعه من غير ذي صفة مستنداً في ذلك إلى أنه بدلاً من أن تطعن النيابة الإدارية في الحكم التأديبي - الصادر بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد - فإن إدارة قضايا الحكومة أودعت تقرير الطعن نائبة عن السيد رئيس ديوان المحاسبة بصفته. وهذا الطعن في نظر المطعون عليه غير مقبول شكلاً لأن السيد رئيس ديوان المحاسبات، وإن كان يملك قانوناً بالنسبة للمخالفات المالية الاعتراض على ما تراه النيابة الإدارية أو جهة الإدارة - في شأن الجزاء الذي يقترح توقيعه على الموظف العام إلا أنه لا شأن له إطلاقاً بالدعوى التأديبية بعد تحريكها، فهو لا يملك قانوناً تحريك الدعوى التأديبية، ولا يمثل فيها، ولا سلطان له عليها وإنما الذي يمثل الادعاء في الدعوى التأديبية هو النيابة الإدارية. وفضلاً عن ذلك يقول المطعون عليه أن التسليم بحق رئيس ديوان المحاسبة في الطعن في الحكم التأديبي يفتح الباب على مصراعيه كذلك للجهة الإدارية أو لديوان الموظفين أو للسيد رئيس مجلس الدولة، ومثل هذا النظر يهدر الأساس القانوني الذي قام عليه القضاء التأديبي، ولا بد أن تنال الدعوى التأديبية حظها من الاستقلال، فلا يملك الطعن في أحكامها إلا النيابة الإدارية.
ومن حيث إن هذا الدفع الذي أثاره المطعون عليه بجلسة 6 من إبريل سنة 1963، مردود عليه بما نصت عليه صراحة كل من المادتين: (13)، (32) من القانون رقم (117) لسنة 1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية في الإقليم المصري. وتجرى المادة (13) بأن يخطر رئيس ديوان المحاسبة بالقرارات الصادرة من الجهة الإدارية في شأن المخالفات المالية، ولرئيس الديوان خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ إخطاره بالقرار أن يطلب تقديم الموظف إلى المحاكمة التأديبية. وعلى النيابة الإدارية في هذه الحالة مباشرة الدعوى التأديبية خلال الخمسة عشر يوماً التالية). وفي ذلك تقول المذكرة الإيضاحية: (ونظراً لما للمخالفات المالية من أهمية خاصة بالنسبة إلى مالية الدولة فقد أوجب المشرع إخطار رئيس ديوان المحاسبة بقرارات الجهة الإدارية الصادرة في شأن هذه المخالفات، وأعطى لرئيس الديوان الحق في أن يطلب من النيابة الإدارية إقامة الدعوى أمام المحكمة التأديبية المختصة، وفي هذه الحالة يتعين على النيابة الإدارية مباشرة الدعوى). ومفاد ذلك أن المشرع حدد في قصد واضح صاحب الصفة في الاعتراض على قرار الجزاء الموقع من الجهة الإدارية وناط برئيس ديوان المحاسبة وحده، المصلحة، والصفة في طلب تقديم الموظف إلى المحاكمة التأديبية إذا عن له الجزاء الذي وقع ليس من جنس العمل وأن العقوبة الصادرة من جهة الإدارة في حق الموظف لا تتلاءم وخطورة الذنب المالي الذي انحدر إليه المتهم. ومتى طلب السيد رئيس ديوان المحاسبة تقديم الموظف إلى المحاكمة التأديبية تعين على النيابة الإدارية مباشرة الدعوى التأديبية خلال المدة المقررة. ويؤكد هذا الاتجاه، وإن كان على نحو ما تقدم، في غنى عن كل توكيد، ما نصت عليه المادة (32) من ذات القانون المشار إليه فتقول (أحكام المحاكم التأديبية نهائية، ولا يجوز الطعن فيها إلا أمام المحكمة الإدارية العليا ويرفع الطعن وفقاً لأحكام المادة (15) من القانون رقم (165) لسنة 1955 بشأن تنظيم مجلس الدولة. ويعتبر من ذوي الشأن في حكم المادة المذكورة رئيس ديوان المحاسبة، ومدير عام النيابة الإدارية والموظف الصادر ضده الحكم. وبناء عليه. يكون الطعن الحالي قد أقيم ممن يملك الحق في رفعه، وقد ذكره الشارع في مقدمة أولي الشأن في الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا في أحكام المحاكم التأديبية. وقول الشارع قاطع في هذا الخصوص فيتعين الحكم برفض الدفع بعدم قبول الطعن لرفعه من غير ذي صفه.
ومن حيث إنه عن موضوع الطعن قد سبق لهذه المحكمة العليا (1) أن قضت بجلستها المنعقدة في 6 من يناير سنة 1962 في الطعن رقم 150 لسنة 6 القضائية - بأن فوات الميعاد المذكور (15 يوماً) بعد إخطار الديوان بالجزاء دون أن يطلب ديوان المحاسبة خلاله استكمال ما ينقصه من أوراق أو بيانات يعتبر قرينة على اكتفائه بما وصل إليه من أوراق فحص الجزاء، ومن ثم لا ترتفع هذه القرينة إلا بعمل إيجابي يصدر من الديوان خلال الميعاد المشار إليه بأن يطلب خلاله من الجهة الإدارية المختصة ما ينقصه بالتحديد من أوراق الموضوع وبياناته التي يراها لازمة لتقديره - فلا يحسب الميعاد، والحالة هذه إلا من تاريخ ورود كل ما طلبه الديوان من أوراق الموضوع وبياناته التي حددها الديوان في طلبه. وقد استقر قضاء هذه المحكمة على ذلك في أقضية متماثلة. وثابت من أوراق الطعن الراهن أن السيد رئيس الديوان قد أبلغ بالجزاء في 12/ 4/ 1959 وأنه أعاد الأوراق ثانية في 25/ 4/ 1959 إلى مصلحة الطيران المدني لاستيفاء بعض البيانات اللازمة لتقدير الديوان ومفاد هذا الإجراء السليم أن الديوان قام بعمل إيجابي خلال المدة المقررة فوردت إليه البيانات المطلوبة في 10/ 8/ 1959 فبادر الديوان إلى اتخاذ قراره في 24/ 8/ 1959 أي خلال 15 يوماً من تاريخ ورود الاستيفاء إليه، وكان قراره هو عدم الموافقة على الجزاء الإداري الموقع على الموظف المذنب في مجال المخالفات المالية.
وتأسيساً على ما تقدم يكون الطعن قد رفع في الميعاد القانوني ويكون الحكم المطعون فيه إذ قضى (بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد) قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله وخالف ما استقر عليه قضاء هذه المحكمة في الأقضية المتماثلة. ويتعين القضاء بقبول هذا الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبقبول الدعوى التأديبية وبإحالتها إلى المحكمة المختصة لتقضي في موضوعها.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة برفض الدفع بعدم قبول الطعن وبقبوله شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإعادة القضية إلى المحكمة التأديبية المختصة للفصل فيها وألزمت المطعون عليه بالمصروفات.


(1) قررت المحكمة الإدارية العليا هذا المبدأ في القضية رقم 150 لسنة 6 القضائية هو منشور بمجموعة السنة السابعة - العدد الأول تحت رقم 23.

الطعن 1371 لسنة 6 ق جلسة 11 / 5 / 1963 إدارية عليا مكتب فني 8 ج 3 ق 106 ص 1123

جلسة 11 من مايو 1963

برياسة السيد/ الإمام الإمام الخريبي نائب رئيس المجلس وعضوية السادة مصطفى كامل إسماعيل وحسن السيد أيوب والدكتور ضياء الدين صالح ومحمد مختار العزبي المستشارين.

---------------

(106)

القضية رقم 1371 لسنة 6 القضائية

(أ) موظف - معاش 

- المرسوم بقانون رقم 36 لسنة 1952 في شأن الترقيات والعلاوات والأقدميات والتعيينات الاستثنائية المعدل بالمرسوم بقانون رقم 80 لسنة 1952 - إبطاله القرارات الصادرة، خلال الفترة من 8/ 10/ 1944 حتى تاريخ العمل به، من الهيئات المذكورة في المادة الأولى منه بضم مدد انفصال للموظفين الذين فصلوا لأسباب اعتبرت سياسية - القرار الصادر من مجلس الوزراء بإبطال قرار مما سبق تطبيقاًَ للمرسوم سالف الذكر - لا يؤثر في صحته سبق صدور القانون رقم 86 لسنة 1951 الذي اعتبر في حكم الصحيحة القرارات الصادرة باحتساب مدد في المعاش استثناء من القوانين التي أشار إليها - أساس ذلك: أن هذا القانون قد نسخ بأحكام المرسومين بقانون سالفي الذكر بأثر رجعي.
(ب) موظف - معاش 

- التعويض عن الفصل في وقت غير لائق - عدم جواز الاستناد إلى الحكم بهذا التعويض للقول بأن الحكم قد اعتبر مدة خدمة الموظف متصلة ما دام الحكم قد استند في القضاء بالتعويض إلى مجرد صدور الفصل في وقت غير مناسب دون أن يقضي بعدم صحته - مثال.
(ج) موظف 

- الخصم من المرتب أو المعاش - المرسوم بقانون رقم 36 لسنة 1952 - إبطاله كل زيادة تجاوز خمسة عشر جنيهاً في الشهر في المعاشات التي ربطت على أساس مرتب زيد بسبب ترقيات أو علاوات استثنائية - إيجابه رد متجمد الفروق المنصرفة نتيجة تصحيح الترقيات والعلاوات أو التعيينات أو المعاشات الاستثنائية التي كانت أبطلت بالمرسوم بقانون رقم 148 لسنة 1944 - تحصيل هذه الفروق باستقطاع ربع المرتب أو المعاش أو المكافأة استثناء من القانون رقم 111 لسنة 1951 - خروج الزيادة في المعاشات عن حكم الاستقطاع إذا كان مقدار المعاش أو تلك الزيادة خمسة عشر جنيهاً فأقل في الشهر - حكمة ذلك.

----------------
1 - أن المرسوم بقانون رقم 36 لسنة 1952 في شأن الترقيات والعلاوات والأقدميات والتعيينات والمعاشات الاستثنائية الذي عمل به من أول إبريل سنة 1952 والمعدل بالمرسوم بقانون رقم 80 لسنة 1952 نص في مادته الأولى على أن "تبطل الترقيات والعلاوات والأقدميات الاستثنائية التي منحت للموظفين والمستخدمين خلال المدة من 8 من أكتوبر سنة 1944 إلى تاريخ العمل بهذا المرسوم بقانون من إحدى الهيئات الآتية: ( أ ) مجلس الوزراء (ب)......" كما نص في مادته الثالثة على أن "تبطل القرارات الصادرة من إحدى الهيئات المتقدم ذكرها في المادة الأولى خلال المدة المحددة فيها بضم مدد انفصال للموظفين الذين فصلوا لأسباب اعتبرت سياسية".
وإذ كانت الشروط الواردة في هاتين المادتين متوافرة في القرار الصادر من رئيس مجلس الوزراء الصادر في 11 من نوفمبر سنة 1950 بحساب مدد فصل المدعي من الخدمة من 24 من أكتوبر 1944 إلى 8 من فبراير سنة 1950 في معاشه مع التجاوز عن دفع الاحتياطي عنها على أساس أن إحالته إلى المعاش كانت لأسباب سياسية. ومن ثم فإن قرار رئيس مجلس الوزراء الصادر في 16 من سبتمبر سنة 1952 بإبطال القرار آنف الذكر وعدم حساب المدة المشار إليها في معاش المدعي بالتطبيق لأحكام المرسومين بقانون رقمي 36 و80 لسنة 1952 في شأن إلغاء الاستثناءات يكون صحيحاً سليماً مطابقاً للقانون، على أن هذا القرار قد أصبح حصيناً من الإلغاء بانقضاء ميعاد الطعن فيه دون أن يطعن فيه المدعي بطلب إلغائه وما ترتب عليه من آثار. ولا يغير من هذا كون القانون رقم 86 لسنة 1951 في شأن المدد التي تحتسب في المعاش الذي عمل به في 31 من مايو سنة 1951 قد اعتبر في حكم الصحيحة القرارات التي صدرت من مجلس الوزراء في المدة من 4 من يونيه سنة 1929 إلى تاريخ العمل به، كذلك القرارات التي تضمنت تدابير خاصة بجواز احتساب مدد في المعاش بالاستثناء من أحكام القوانين التي أشار إليها في مادته الأولى، وقضى بأن تظل هذه القرارات نافذة منتجة لآثارها، ومن بينها قرار مجلس الوزراء الصادر في 8 من مايو سنة 1950 بالموافقة على حساب مدد الخلو السياسي في حساب المعاش لمن أعيدوا للخدمة ابتداء من 15 من يناير سنة 1950. لا يغير هذا من صحة قرار رئيس مجلس الوزراء الصادر في 16 من سبتمبر سنة 1952 بعدم احتساب مدة فصل المدعي من الخدمة في معاشه ما دام المرسوم بقانون رقم 36 لسنة 1952 وكذا المرسوم بقانون رقم 80 لسنة 1952 وكلاهما تشريع لاحق صادر بأداة قانونية معادلة في قوتها لتلك التي صدر بها القانون رقم 86 لسنة 1951 قد أورد حكماً صريحاً ناسخاً بأثر رجعي لحكم هذا القانون الأخير في خصوص ما قضيا به من إبطال القرارات الصادرة بضم مدد الفصل السياسي في حساب المعاش خلال المدة من 8 من أكتوبر 1944 حتى أول إبريل سنة 1952 بما لا وجه معه للاحتجاج بعدم جواز إبطال ما سبق اعتباره في حكم الصحيح من هذه القرارات بمقتضى القانون رقم 86 لسنة 1951.
2 - لا صحة لما يذهب إليه المدعي من أن حكم محكمة القضاء الإداري الصادر بجلسة 9 من نوفمبر سنة 1950 في الدعوى رقم 503 لسنة 3 القضائية السابق رفعها منه بطلب تعويض عما أصابه من أضرار مادية وأدبية بسبب إحالته إلى المعاش قبل بلوغه السن القانونية والذي حاز قوة الأمر المقضي قد اعتبر مدة فصله بمثابة خدمة متصلة ورتب على ذلك أحقيته في تعويض يساوي الفرق بين ما كان يصرف له من معاش فيها وما كان ينبغي أن يصرف له من مرتب لو لم يصدر قرار بإحالته إلى المعاش، لا صحة لذلك لأنه بمطالعة أسباب الحكم المذكور المكملة لمنطوقه يبين أن المحكمة لم تتعرض لا مباشرة ولا بطريق غير مباشر لبحث ما إذا كانت مدة خدمة المدعي قد انقطعت بإحالته إلى المعاش أم ظلت متصلة، إذ لم يكن هذا الأمر مطروحاً عليها ولم يكن البت فيه لازماً كمسألة أولية للفصل في الدعوى، وإنما أقامت المحكمة قضاءها على أنه ولئن كان للحكومة الحق بمقتضى القوانين واللوائح المعمول بها في فصل من ترى فصله من الموظفين قبل بلوغه سن التقاعد بغير حاجة إلى بيان أسباب الفصل متى رأت ذلك ضماناً لحسن سير المرافق العامة، مع اعتبار قراراتها غير المسببة صحيحة ومنتجة لآثارها القانونية وصادرة في حدود المصلحة العامة إلى أن يقدم الموظف المفصول الدليل على صدورها مشوبة بعيب إساءة استعمال السلطة، إلا أن هذا لا يعني أن سلطتها في ذلك تحكمية تصدر فيها عن الغرض والهوى، وإنما هي سلطة تقديرية تجد حدها الطبيعي في العلة القانونية التي أملتها وهي المصلحة العامة، فإذا انحرفت الإدارة عن هذا الحد كان تصرفها مشوباً بإساءة استعمال السلطة وحق عليه الإلغاء. أما إذا كان الأمر متعلقاً بطلب تعويض عن تلك القرارات فإن قواعد العدالة توجب تضمين الموظف المفصول عن الأضرار التي لحقته بسبب قرار الفصل أو الإحالة إلى المعاش إذا كان قد صدر بغير مسوغ أو في وقت غير لائق. ولم تر المحكمة فيما استند إليه المدعي من وقائع وملابسات دليلاً كافياً على أن مرسوم إحالته إلى المعاش قد صدر ببواعث حزبية لا تمت للمصلحة العامة بسبب، إلا أنها رأت على الرغم من انتفاء عيب إساءة استعمال السلطة أن حقه في التعويض قائم لما ثبت من أنه فصل من الخدمة في وقت غير لائق دون قيام أسباب جديه تدعو لإبعاده عن وظيفته. وذكرت المحكمة أن استحقاقه للتعويض عن الضرر المادي إنما يكون بقدر ما ضاع عليه من مرتب كان يجب أن يتقاضاه أو استمر في خدمة الحكومة بعد خصم ما تقرر له من معاش، مع مراعاة ما يكون قد حققه من دخل من عمله الحر الذي كان متاحاً له والذي أقر بممارسة إياه، أما التعويض الأدبي فلا محل له بعد إذ ردت الحكومة إليه اعتباره بإعادته إلى الخدمة ثم تعيينه بعد ذلك وكيلاً لوزارة شئون السودان، ومفاد هذا الحكم أن حكم محكمة القضاء الإداري قد اعتبر قرار إحالة المدعي إلى المعاش صدر صحيحاً سليماً مطابقاً للقانون مستهدفاً تحقيق المصلحة العامة ومنتجاً لآثاره القانونية ومن هذه الآثار بطبيعة الحال، انقطاع رابطة التوظف انقطاعاً لا يمنع تحققه من الحكم بالتعويض ولا يرتفع بهذا الحكم. ومن ثم فإن استناد المدعي إلى الحكم المذكور للمطالبة باعتبار مدة خدمته متصلة ينطوي على تحصيل للحكم بما قضى بنقيضه. وإذ قضى حكم محكمة القضاء الإداري المطعون فيه برفض هذا الطلب من طلبات المدعي - وهو حساب مدة فصله من الخدمة في معاشه وما يترتب على ذلك من آثار وفروق - فإنه يكون قد أصاب الحق في قضائه.
3 - نص المرسوم بقانون رقم 36 لسنة 1952 في شأن الترقيات والعلاوات والأقدميات والتعيينات والمعاشات الاستثنائية، في مادته العاشرة على أن "يبطل بالنسبة إلى أصحاب المعاشات وإلى المستحقين عنهم كل زيادة تجاوز خمس عشر جنيهاً في الشهر في المعاشات التي ربطت على أساس مرتب زيد بسبب ترقيات أو علاوات استثنائية أبطلت أو عدلت بالتطبيق لأحكام هذا المرسوم بقانون، وفي هذه الحالة يسري المعاش على هذا الأساس إلا إذا كان لصاحب المعاش أو للمستحقين عنه مصلحة في تسوية المعاش على أساس المرتب الذي يستحقه بالتطبيق للأحكام المذكورة".. كما نص في مادته الخامسة عشرة على ما يأتي "الموظفون الذين أبطلت ترقياتهم أو علاواتهم أو تعييناتهم أو معاشاتهم الاستثنائية التي منحوها في الفترة من 6 من فبراير سنة 1942 إلى 8 من أكتوبر سنة 1944 بالتطبيق لأحكام المرسوم بقانون رقم 148 لسنة 1944 ثم ردت إليهم بعد 12 من يناير سنة 1950 وقبضوا فروقاً مجمدة عن الماضي بموجب قرارات من إحدى الهيئات المنصوص عليها في المادة الأولى يلزمون برد هذه الفروق. ويكون تحصيلها باستقطاع ربع المرتب أو المعاش أو المكافأة أو ربع الباقي بعد الجزء الذي يحجز عليه. وذلك استثناء من أحكام القانون رقم 111 لسنة 1951 المشار إليه" وقد ورد بالمذكرة الإيضاحية لهذا المرسوم بقانون ما يلي: "نصت المادة العاشرة على استبقاء المعاش الاستثنائي وكل زيادة استثنائية في المعاش القانوني إذ كان مقدار هذا المعاش أو تلك الزيادة خمسة عشر جنيهاً فأقل. وفي حالة تجاوز الزيادة هذا القدر تعاد تسوية المعاش على أساس استبعاد الجزء الزائد على هذا القدر. وقد اشتملت المادة 15 من المشروع على حكم خاص بالموظفين الذين ألغيت ترقياتهم أو علاواتهم أو معاشاتهم الاستثنائية التي منحوها في الفترة من 6 من فبراير سنة 1942 إلى 8 من أكتوبر سنة 1944 وردت إليهم بقرارات من مجلس الوزراء أو غيره من الهيئات بعد 12 من يناير سنة 1950 وصرفت إليهم فروق مجمدة عن الماضي. ويقضي هذا الحكم برد هذه الفروق التي صرفت محافظة على صالح الخزانة العامة ولما لوحظ من أن صرف هذه الفروق كان مبنياً على أسباب حزبية، إذ اقتصر على فريق معين من الموظفين وحتى يكون رد تلك الفروق عبرة وردعاً ويوضع به حد لمثل هذه التصرفات في المستقبل".
وإذ كانت المبالغ التي قبضها المدعي بمناسبة إعادته إلى الخدمة في 9 من فبراير سنة 1950 إنما صرفت إليه على أنها قيمة متجمد فرق تعديل معاش عن الماضي على أساس رد الترقيات والعلاوات الاستثنائية إليه وهي التي كان قد منحها في الفترة من 6 من فبراير سنة 1942 إلى 8 من أكتوبر سنة 1944 والتي أبطلت بالتطبيق لأحكام المرسوم بقانون رقم 148 لسنة 1944، ومن ثم فإنه نزولاً على حكم المادة 15 من المرسوم بقانون رقم 36 لسنة 1952 يكون ملزماً برد هذه الفروق، ويكون تحصيلها باستقطاع ربع المرتب أو المعاش أو المكافأة أو ربع الباقي بعد الجزء الذي يحجز عليه، وذلك استثناء من أحكام القانون رقم 111 لسنة 1951، مع مراعاة ما سبق أن قضت به هذه المحكمة من أنه يخرج من حكم الاستقطاع لاسترداد ما قبض من فروق مجمدة عن الماضي ما أبقاه المرسوم بقانون آنف الذكر في مادته العاشرة من زيادة في المعاشات الاستثنائية أو القانونية إذ كان مقدار هذا المعاش أو تلك الزيادة خمسة عشر جنيهاً فأقل في الشهر ذلك أن المشرع رأى لحكمة تشريعية خاصة الإبقاء على هذه الزيادة وعدم المساس بها رحمة بأرباب المعاشات ورعاية لحالة الأرامل واليتامى. وغنى عن البيان أن استرداد هذه الزيادة عن طريق الاستقطاع من المعاش يتنافى بداهة مع مبدأ الإبقاء عليها، وهو ما أكده الشارع من قبيل الاستثناء للحكمة الخاصة الذي أفصح عنها.


إجراءات الطعن

في يوم أول مايو سنة 1960 أودع الدكتور سعد عصفور المحامي بالنيابة عن موكله السيد/ محمود زكي الطويل سكرتيرية المحكمة عريضة طعن أمام هذه المحكمة قيد بجدولها تحت رقم 1371 لسنة 6 القضائية في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري "هيئة التسويات" بجلسة 14 من مارس سنة 1960 في الدعوى رقم 826 لسنة 13 القضائية المقامة من السيد/ محمود زكي الطويل ضد السيد وزير الخزانة بصفته، القاضي "باستحقاق المدعي صرف الفرق بين مرتبه كاملاً دون خصم احتياطي المعاش والمعاش المقرر له عن السنتين المضمومتين لخدمته وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الحكومة بالمصروفات المناسبة ورفض ما عدا ذلك من الطلبات". وطلب الطاعن للأسباب التي استند إليها في عريضة طعنه "عرض هذا الطعن على دائرة فحص الطعون بالمحكمة لتقرر بإحالته إلى المحكمة الإدارية العليا لتقضي: بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من رفض الطعنين المذكورين، والحكم بأحقية الطاعن في: أولاً - احتساب مدة خدمته من 23 من أكتوبر سنة 1944 إلى 29 من فبراير سنة 1950 في المعاش وما يترتب على ذلك من آثار وصرف الفروق. ثانياً - بإبطال الخصم الذي أجرى على المعاش المنصرف له نظير التعويض السابق صرفه له بمناسبة إعادته إلى الخدمة في فبراير سنة 1950 من تاريخ إجرائه، وما يترتب على ذلك من آثار وصرف الفروق - مع إلزام الوزارة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة". وقد أعلن هذا الطعن لوزارة الخزانة في 14 من مايو سنة 1960. وعقبت عليه هيئة مفوضي الدولة بمذكرة بالرأي القانوني مسبباً انتهت فيها لما أبدته بها من أسباب إلى أنها ترى "الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المطعون فيه. والقضاء باستحقاق المدعي في استرداد ما استقطع من معاشه زيادة عن القدر المسموح به قانوناً. وقصر الاستقطاع من المعاش على مبلغ 7.927 جنيه شهرياً، مع إلزام الحكومة المصروفات المناسبة". وبعد أن انقضت المواعيد القانونية المقررة دون أن يقدم أي من الطرفين مذكرة بملاحظاته عين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 12 من نوفمبر سنة 1961 التي أبلغ بها الطرفان في 28 من أكتوبر سنة 1961 وبجلسة 7 من يناير سنة 1962 التي أجل إليها نظر الطعن للتحري عن وفاة الطاعن قضت الدائرة بانقطاع سير الخصومة لوفاة المذكور. وبناء على طلب ورثته الشرعيين وهم كمال ونبيل وسمير وناهد محمود زكي الطويل وسهير محمود فوزي عن نفسها وبصفتها وصية على القاصر عبد الحميد محمود زكي الطويل عجل الطعن بإعلان لوزارة الخزانة في 31 من مارس سنة 1962 وعين لنظره أمام دائرة فحص الطعون جلسة 21 من إبريل سنة 1962. وقد قررت الدائرة إحالته إلى المحكمة العليا حيث عين لنظره أمام الدائرة الأولى بها جلسة 16 من فبراير سنة 1963 التي أبلغ بها الطرفان في 15 من يناير سنة 1963. وبعد أن سمعت المحكمة ما رأت لزوماً لسماعه من إيضاحات ذوى الشأن على الوجه المبين بمحضر الجلسة، قررت إرجاء النطق بالحكم في الطعن إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة حسبما يبين من أوراق الطعن، تتحصل في أن المدعي أقام الدعوى رقم 826 لسنة 13 القضائية ضد وزارة الخزانة أمام محكمة القضاء الإداري "هيئة التسويات" بصحيفة أودعها سكرتيرية المحكمة في 16 من إبريل سنة 1959 ذكر فيها أنه ينازع في المعاش الذي صرف له للأسباب الآتية: "(1) لأنه أغفل في حسابه مدة فصله السياسي من الخدمة بإحالته إلى المعاش قبل بلوغه السن القانونية في 23 من أكتوبر سنة 1944 حتى تاريخ عودته إلى الخدمة في 9 من فبراير سنة 1950. (2) للخصم الجاري من هذا المعاش نظير مبلغ التعويض الذي صرف له من الحكومة عن مدة الفصل المذكور بمناسبة إعادته إلى الخدمة. (3) لعدم مشروعية الخصم الذي أجرى على مرتبه نظير احتياطي المعاش خلال السنتين اللتين ضمتا إلى مدة خدمته بعد إحالته إلى المعاش".
أما عن السبب الأول فإن أحقيته في حساب مدة فصله السياسي في المعاش تقوم على أسانيد ثلاثة هي: - ( أ ) صدور حكم لصالحه حاز قوة الشيء المحكوم فيه من محكمة القضاء الإداري بجلسة 9 من نوفمبر سنة 1950 في الدعوى رقم 503 لسنة 3 القضائية بإلزام الحكومة بأن تدفع له مبلغ ألف جنيه والمصروفات وخمسمائة قرش مقابل أتعاب المحاماة. إذ يبين من حيثيات هذا الحكم أنه اعتبر مدة الفصل المشار إليها متصلة بخدمته ورتب على ذلك أحقيته في تعويض يساوي الفرق بين ما كان يصرف له فيها من معاش وما كان ينبغي أن يصرف له من مرتب لو لم يصدر قرار بإحالته إلى المعاش، ولم يجد محلاً لتعويضه عن الضرر الأدبي بعد أن ردت الحكومة اعتباره بإعادته إلى الخدمة بدرجته السابقة ثم بتعيينه وكيلاً للوزارة لشئون السودان. وبذا يكون من حقه أن يعتبر مدة الفصل سالفة الذكر داخله في مدة خدمته بالحكومة وواجبة الحساب في معاشه.
(ب) - صدور القانون رقم 186 لسنة 1951 بتصحيح قرارات مجلس الوزراء الخاصة بحساب مدد الخدمة في المعاش وتضمن الجدول الملحق به لقرار مجلس الوزراء الصادر في 8 من مايو سنة 1950 بالموافقة على حساب مدد الخلو السياسي في المعاش لمن أعيدوا للخدمة ابتداء من 15 من يناير سنة 1950، وهو القرار الذي ينطبق على حالته (ج) - صدور المرسوم بقانون رقم 36 لسنة 1952 المعدل بالمرسوم بقانون رقم 80 لسنة 1952 في شأن الترقيات والعلاوات والأقدميات والتعيينات والمعاشات الاستثنائية إذ يفيد منه نظراً لأنه لا يترتب على حساب مدة فصله السياسي في المعاش زيادة تجاوز خمسة عشر جنيهاً.
وأما عن السبب الثاني: فإن مجلس الوزراء قد قرر بمناسبة إعادة الموظفين المفصولين لأسباب سياسية إلى الخدمة في فبراير سنة 1950 تعويض هؤلاء الموظفين عما أصابهم من أضرار بسبب فصلهم. وقد كان التعويض الذي قرر للمدعي هو مبلغ 1282 جنيهاً، وهو مختلف عن التعويض الذي حكم به القضاء، إذ أنه كان مستنداً إلى سلطة الحكومة في تصحيح الأوضاع المخالفة للقانون مع مراعاة الترقيات والمزايا الوظيفية التي فوتت على المفصول سياسياً. بينما التعويض القضائي لم يراع فيه سوى الضرر المادي الذي أصاب هذا الموظف. وطالما أن التعويض الذي صرف من جانب الحكومة قد قام على أساس سليم فإن إجراء الخصم من المعاش استرداداً له يكون غير مستند إلى مبرر قانوني ويحق للمدعي أن يطالب بإعادة صرف كل ما خصم منه في هذا الشأن.
وأما عن السبب الثالث: فقد سبق للقضاء الإداري أن استقر على أن الخصم الذي أجرى على المرتب المنصرف لمن أحيلوا إلى المعاش في مثل حالة المدعي مع ضم سنتين إلى مدة خدمتهم نظير احتياطي المعاش يعتبر باطلاً. وخلص المدعي من هذا إلى طلب "الحكم: أولاً - باحتساب مدة خدمته من 23 أكتوبر سنة 1944 إلى 9 من فبراير سنة 1950 في المعاش وما يترتب على ذلك من آثار وصرف الفروق. ثانياً - بإبطال الخصم الذي أجرى على المعاش المنصرف له نظير التعويض السابق صرفه له بمناسبة إعادته للخدمة في فبراير سنة 1950 من تاريخ إجرائه وما يترتب على ذلك من آثار وصرف الفروق. ثالثاً - بإبطال الخصم الذي أجرى على المرتب المنصرف له خلال السنتين اللتين ضمتا إلى مدة خدمته نظير احتياطي المعاش وما يترتب على ذلك من أحقيته في استرداد هذا المبلغ الذي خصم منه. مع إلزام الجهة الإدارية بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة".
وقد ردت وزارة الخزانة على هذه الدعوى بأن المدعي أحيل إلى المعاش من 30 من أكتوبر سنة 1952 بالمرسوم الصادر في 30 من أكتوبر سنة 1952، وربط له معاش شهري قدره 21 جنيهاً و843 مليماً بعد استبعاد مبلغ 44 جنيهاً و823 مليماً قيمة ما استبدله بنقود وأطيان أثناء الخدمة، وصرف له معاش في ديسمبر سنة 1952 طبقاً للقانون رقم 37 لسنة 1929. وكان يتعين عليه التقدم بمنازعته بعد ستة أشهر من ذلك التاريخ، ولكنه لم يتقدم بها إلا في صحيفة دعواه، وعلى ذلك فلا تقبل منه هذه المنازعة: (1) لأنه تقدم بمذكرة مؤرخة 10 من نوفمبر سنة 1952 بين فيها مدد خدمته التي قرر مجلس الوزراء حسابها في المعاش بعد خصم مدة الفصل السياسي. (2) لأنه كان قد رفع دعوى وحكم له فيها بالتعويض ولم يحكم بحساب مدة خدمته في المعاش. (3) لأنه تقدم في 12 من ديسمبر سنة 1956 بطلب أوضح فيه أنه بمراجعة معاشه اتضح له أن إدارة المعاشات كانت تقوم بتحويل الفرق بين الماهية والمعاش إلى البنك ناقصاً. (4) لأنه تقدم في 3 من يونيه سنة 1957 - بطلب آخر يلتمس فيه إضافة المبالغ المستبدلة من معاشه التي انقضى عليها خمسة عشر عاماً. إذ يبين مما تقدم أنه كان يعلم يقيناً بمقدار ما ربط له من معاش والمدة المحسوبة في هذا المعاش، وهي ما نص عليه عجز المادة السادسة من المرسوم بقانون رقم 37 لسنة 1929 بقوله (متى مضت ستة أشهر من تاريخ تسليم سركي المعاش المبين فيه مقدار المعاش إلى صاحب الشأن) لأن العبرة ليست بتسليم سركي المعاش ولكن بمعرفة صاحبه بمقدار المعاش المبين بالسركي، وهذا هو روح القانون. ومن ثم فإن طلب المدعي يكون غير مقبول من الناحية الشكلية. أما عن ناحية الموضوع فإن مدة الفصل السياسي التي يطالب المذكور بإدخالها في حساب معاشه لا يجوز ضمها بأي حال من الأحوال طبقاً لنص المادة الثالثة من المرسوم بقانون رقم 36 لسنة 1952 التي تقضي بإبطال القرارات الصادرة بضم مدة انفصال للموظفين الذين فصلوا لأسباب اعتبرت سياسية. أما الخصم الجاري من المعاش نظير مبلغ 1282 جنيهاً فإن الإدارة العامة للمعاشات تقوم بتحصيل هذا المبلغ طبقاً لنص المادة 15 من المرسوم بقانون رقم 36 لسنة 1952 التي تقضي بإلزام الموظفين الذين أبطلت ترقياتهم أو علاواتهم أو تعييناتهم أو معاشاتهم الاستثنائية التي منحوها في الفترة من 6 من فبراير سنة 1942 إلى 8 من أكتوبر سنة 1944 وقبضوا فروقاً مجمدة عن الماضي برد هذه الفروق على أن يكون تحصيلها باستقطاع ربع المرتب أو المعاش أو المكافأة أو ربع الباقي بعد الجزء الذي يحجز عليه، أو بطريق الحجز الإداري. ولما كان المدعي قد أحيل إلى المعاش بالمرسوم بقانون رقم 181 لسنة 1952 - وصرف إليه الفرق بين صافي الماهية وإعانة الغلاء والمعاش وإعانة الغلاء عن مدة السنتين المضافتين وكان قرار مجلس الوزراء الصادر في 10 من ديسمبر سنة 1952 يقضي بأن يحصل الموظف خلال المدة المضافة على صافي ما كان يحصل عليه أثناء الخدمة، فإن ما قامت به الإدارة العامة للمعاشات يكون مطابقاً للقرار سالف الذكر إذ أن خصم الاحتياطي عن المدة المضافة واجب لحسابها في المعاش طبقاً لنص المادة التاسعة من قانون المعاشات رقم 37 لسنة 1929. ومن ثم فإنه يتعين عدم قبول الدعوى شكلاً. والحكم برفضها موضوعاً مع إلزام المدعي بالمصروفات.
وقد قدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً انتهت فيه لما أبدته من أسباب إلى أنها ترى "الحكم بقبول الدعوى شكلاً، وفي الموضوع برفض الطلبين الأول والثاني الواردين بعريضة الدعوى، والحكم بالنسبة للطلب الثالث بأحقية المدعي في صرف الفرق بين مرتبه كاملاً دون خصم احتياطي المعاش والمعاش المقرر له في السنتين المضمومتين إلى خدمته، وما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الطرفين بالمصروفات المناسبة"
وبجلسة 14 من مارس سنة 1960 قضت محكمة القضاء الإداري باستحقاق المدعي صرف الفرق بين مرتبه كاملاً دون خصم احتياطي المعاش والمعاش المقرر له عن السنتين (المضمومتين) لخدمته وما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الحكومة بالمصروفات المناسبة، ورفض ما عدا ذلك من الطلبات. وأقامت قضاءها فيما يتعلق بالدفع بعدم قبول الدعوى على أنه يتضح من الأوراق أن المدعي قدم في 6 من نوفمبر سنة 1952 طلباً لتسوية معاشه وصرفه على البنك الأهلي من تاريخ صدور المرسوم الذي قضى بفصله من الخدمة اعتباراً من 30 من أكتوبر سنة 1952. وقد صرف له سركي المعاش في 6 من ديسمبر 1952، ثم صدر إذن في 29 من سبتمبر سنة 1957 بتعديل ذلك السركي بحيث أصبحت مدة خدمته 25 يوم و8 شهور و36 سنة وأصبح صافي معاشه بعد استنزال الاستبدال 21.843 جنيه لغاية 24 من نوفمبر سنة 1952. وقد قدم صورة شمسية لسركي المعاش المسلم إليه في 28 من يناير سنة 1959 عن المدة المشار إليها ابتداء من 24 من سبتمبر سنة 1957، ومبين به أن أصل المعاش كان مربوطاً من 30 من أكتوبر سنة 1952 وهذا السركي هو المعول عليه إذ أنه حساب جديد لمدة خدمته. ولما كان الميعاد المنصوص عليه في المادة السادسة من القانون رقم 37 لسنة 1939 الخاص بالمعاشات الملكية المعدلة بالقانون رقم 545 لسنة 1953. وهو ستة أشهر أصبحت اثني عشر شهراً، هو ميعاد سقوط فإنه يجب عدم التوسع فيه أو القياس عليه. ومقتضى هذا أن تاريخ تسليم السركي المبين به مقدار المعاش هو المعول عليه في سريان ميعاد السنة الذي لا يجوز بعده إثارة أية منازعة في المعاش ومن ثم تكون الدعوى مقبولة شكلاً، ويكون الدفع بعدم قبولها في غير محله متعيناً رفضه. وقالت المحكمة في الموضوع عن الطلب الأول للمدعي أن نص المادة الثالثة من المرسوم بقانون رقم 36 لسنة 1952 قاطع في عدم جواز حساب مدة فصل المذكور لأسباب سياسية في معاشه، إذ أنه قضى ببطلان ضم هذه المدة التي اعتبرت الإدارة الفصل فيها سياسياً. هذا إلى أن الحكم الصادر لصالح المدعي من محكمة القضاء الإداري في الدعوى رقم 503 لسنة 3 القضائية الذي قضى له بتعويض قدره ألف جنيه لم ينكر على الإدارة حقها في تحقيق المصلحة العامة وفي الانفراد بتنظيم المرافق العامة باختيار أقدر الأشخاص على العمل في خدمة هذه المرافق. ومن ثم فإن المدعي يكون غير محق في طلب ضم المدة المذكورة استناداً إلى أحكام المرسوم بقانون المشار إليه، ويتعين رفض هذا الطلب. أما عن الطلب الثاني فإن المادة 15 من المرسوم بقانون رقم 36 لسنة 1952 الذي يشمل حالة المدعي تجيز للإدارة استرداد ما دفع إليه من فروق متجمدة عن الماضي وبذا تكون الإدارة محقة فيما اتخذته من إجراء بهذا الصدد ويكون الطلب المذكور غير قائم على أساس سليم من القانون متعيناً رفضه. وأما عن الطلب الثالث فإن الرأي قد استقر على أن المبالغ التي تؤدي وفقاً لأحكام القانون رقم 181 لسنة 1952 بشأن فصل الموظفين بغير الطريق التأديبي الذي أحيل المدعي إلى المعاش بمقتضاه عن مدة السنتين المضافتين هي تعويض جزافي عن فصله وإنهاء خدمته قبل بلوغ سن التقاعد وليست مرتباً أو معاشاً ما دامت صلته بالحكومة قد انقطعت. وقد كان الأصل في هذا التعويض الجزافي أن يدفع للموظف بمجرد تحقق الواقعة المنشئة له وهي قرار مجلس الوزراء بالفصل، إلا أنه رؤى لاعتبارات تتصل بمصلحة الخزانة العامة من جهة وبمصلحة الموظف ذاته من جهة أخرى أن يصرف التعويض خلال مدة السنتين بصفة شهرية مع المعاش وأداؤه على هذا النحو لا يغير من صفته كتعويض. وبناء على هذا فإنه يتعين إجابة المدعي إلى طلبه الثالث فقط وما يترتب على ذلك من آثار.
وبعريضة مودعة سكرتيرية هذه المحكمة في أول مايو سنة 1960 طعن المدعي في هذا الحكم طالباً القضاء "بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من رفض الطلبين المذكورين والحكم بأحقية الطاعن في: أولاً - احتساب مدة خدمته من 23 من أكتوبر سنة 1944 إلى 20
فبراير سنة 1950 في المعاش وما يترتب على ذلك من آثار وصرف الفروق ثانياً - بإبطال الخصم الذي أجرى على المعاش المنصرف له نظير التعويض السابق صرفه بمناسبة إعادته إلى الخدمة في فبراير سنة 1950 من تاريخ إجرائه، وما يترتب على ذلك من آثار وصرف الفروق - مع إلزام الوزارة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة". واستند في أسباب طعنه إلى ذات الأسانيد القانونية التي سبق أن أبداها أمام محكمة القضاء الإداري في خصوص الطلبين الأول والثاني اللذين رفضتهما المحكمة ذاكراً أن الحكم المطعون فيه قد أصاب الحق فيما قضى به إجابته إلى طلبه الثالث، ولكنه أخطأ في تطبيق القانون إذ قضى برفض الطلبين الآخرين.
وقد عقبت هيئة مفوضي الدولة على هذا الطعن بمذكرة بالرأي القانوني مسبباً انتهت فيها إلى أنها ترى "الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بتعديل الحكم المطعون فيه والقضاء باستحقاق المدعي في استرداد ما استقطع من معاشه زيادة عن القدر المسموح به قانوناً وقصر الاستقطاع من المعاش على مبلغ 7.927 جنيه شهرياً مع إلزام الحكومة المصروفات المناسبة". وأسست رأيها على أنه لما كانت الجهة الإدارية لم تطعن في هذا الحكم فقد أصبح نهائياً فيما يختص بشكل الدعوى بالطلب الذي أجيب إليه الطاعن، وبالتالي فإن البحث يقتصر على الطلبين اللذين قضى برفضهما. أما فيما يتعلق بالطلب الأول من هذين الطلبين فإنه لما كانت مدة فصل المدعي من 24 من أكتوبر سنة 1944 إلى 8 من فبراير سنة 1950 قد صدر قرار من مجلس الوزراء في 11 من نوفمبر سنة 1950 تنفيذاً لقراره الصادر في 8 من مايو سنة 1950 بحسابها في المعاش مع التجاوز عن دفع الاحتياطي عنها على أساس أن إحالته إلى المعاش كانت لأسباب سياسية. فإنه تكون قد توافرت فيها الشروط الواردة في المادة الثالثة من المرسوم بقانون رقم 36 لسنة 1952 التي تقضي بإبطال مثل هذا القرار. ومن ثم فإن القرار الصادر في 16 سبتمبر 1952 بإبطال القرار الصادر في 11 من نوفمبر سنة 1950 بحساب مدة فصل المدعي في المعاش يكون متفقاً وأحكام القانون. ولا اعتداد بما يذهب إليه المذكور من أن القانون رقم 86 لسنة 1951 قد أضفى المشروعية على قرار مجلس الوزراء الصادر في 8 من مايو سنة 1950 بالموافقة على حساب مدد الخلو السياسي في المعاش لمن أعيدوا للخدمة ابتداء من 15 من يناير سنة 1950، لأن إبطال القرارات الصادرة بضم مدد فصل المدعي إنما تم بأداة قانونية معادلة في قوتها للقانون رقم 86 لسنة 1951. هذا إلى أن حكم محكمة القضاء الإداري الصادر في الدعوى رقم 503 لسنة 3 القضائية لصالح المدعي يبين من منطوقه مكملاً بأسبابه أن المحكمة لم تتعرض إطلاقاً لبحث ما إذا كانت مدة خدمة المذكور متصلة أو منفصلة، وإنما انتهت إلى عدم ثبوت عيب إساءة استعمال السلطة في المرسوم الصادر بإحالته إلى المعاش، إلا أن حقه في التعويض قائم لما ثبت من ملف خدمته من أنه فصل في وقت غير لائق ودون وجود أسباب جدية قائمة به تدعو لإبعاده عن وظيفته، إذ لم تنسب إليه الحكومة عملاً يشين اعتباره أو يمس مصلحة الوظيفة التي كان يشغلها. وترتيباً على ما تقدم فإن قرار الفصل ظل قائماً منتجاً لآثاره وبمنأى عن نطاق الحكم الصادر في الدعوى المشار إليها، الأمر الذي ينبني عليه أن يكون استناد المدعي إلى هذا الحكم لاعتبار مدة خدمته متصلة في غير محله. وبذا يكون الحكم المطعون فيه، إذ قضى برفض طلب حساب مدة الفصل في معاشه قد أصاب الحق في قضائه. وأما فيما يختص بالطلب الثاني للمدعي فإنه يبين من الأوراق أنه تنفيذاً للمرسوم بقانون رقم 148 لسنة 1944 أعيد المدعي إلى الدرجة الثالثة اعتباراً من أول يناير سنة 1944 بمرتب قدره 47.500 جنيه وسوى معاشه بمناسبة فصله من الخدمة على هذا الأساس فاستحق معاشاً قدره 17.822 جنيه ثم أعيد تسوية معاشه في ضوء قرار مجلس الوزراء الصادر في 8 من مايو سنة 1950 فاستحق معاشاً قدره 40.749 جنيه شهرياً وصرف له الفرق وقدره 1282.141 جنيه ولما كان هذا المبلغ قد صرف إليه على أساس أنه عند إعادة تعيينه في 9 من فبراير سنة 1950 قد ردت إليه الترقيات الاستثنائية التي حصل عليها في الفترة من 6 من فبراير سنة 1942 إلى 8 من أكتوبر سنة 1944 والتي أبطلت طبقاً للمرسوم بقانون رقم 148 لسنة 1944 مما انبنى عليه تعديل معاشه، فإنه نزولاً على حكم المادة 15 من المرسوم بقانون رقم 36 لسنة 1952 يتعين عليه رد هذه الفروق وإذ قامت الجهة الإدارية باستقطاعها من المعاش المستحق له فإن تصرفها في هذا الشأن يكون سليماً لا مطعن عليه إلا أنه يخرج من حكم الاستقطاع لاسترداد ما قبض من فروق مجمدة عن الماضي ما أبقاه القانون من زيادة في المعاشات الاستثنائية أو القانونية إذا كان مقدار هذا المعاش أو تلك الزيادة خمسة عشر جنيهاً فأقل وذلك بالتطبيق لحكم المادة 10 من المرسوم بقانون آنف الذكر، إذ أن المشرع رأى لحكمة تشريعية خاصة الإبقاء على هذه الزيادة وعدم المساس بها رحمة بأرباب المعاشات ورعاية لحالة الأرامل واليتامى وغنى عن البيان أن استرداد هذه الزيادة عن طريق الاستقطاع من المعاش يتنافى بداهة مع مبدأ الإبقاء عليها ولو أعيد صاحب المعاش بعد ذلك إلى الوظيفة. ومن ثم لا يكون للجهة الإدارية سوى الحق في استرداد ما زاد على القدر الذي استبقاه القانون للمدعي من الزيادة التي أصابت معاشه نتيجة رد الترقيات الاستثنائية السابق إبطالها إليه وقدره 7.927 جنيه باعتباره الفرق بين معاشه وقدره 17.822 جنيه والزيادة التي استبقاها القانون وقدرها 15 جنيهاً وبين المعاش الاستثنائي الذي منح له وقدره 40.749 جنيهاً.
ومن حيث إن حكم محكمة القضاء الإداري المطعون فيه قد أجاب المدعي إلى الطلب الثالث من طلباته التي ضمنها صحيفة دعواه إذ قضى باستحقاقه صرف الفرق بين مرتبه كاملاً دون خصم احتياطي المعاش وبين المعاش المقرر له عن السنتين المضمومتين لخدمته وما يترتب على ذلك من آثار وبإلزام الحكومة بالمصروفات المناسبة. ولما كانت الجهة الإدارية لم تطعن في هذا الحكم فإنه يكون قد أصبح نهائياً فيما يختص بشكل الدعوى التي سبق أن دفعت بعدم قبولها ورد الحكم على هذا الدفع برفضه وبقبول الدعوى شكلاً، وكذلك فيما يتعلق بالطلب الذي أجابت المحكمة المدعى إليه. ومن ثم فإن البحث ينحصر في الطلبين الذين قضى الحكم المطعون فيه برفضهما واللذين قام عليهما الطعن الحالي المرفوع من المدعي وهما، (أولاً) حساب مدة خدمته من 23 من أكتوبر سنة 1944 إلى 29 من فبراير سنة 1950 في المعاش، وما يترتب على ذلك من آثار وصرف الفروق. و(ثانياً) بإبطال الخصم الذي أجرى على المعاش المنصرف له نظير التعويض السابق صرفه له بمناسبة إعادته إلى الخدمة في فبراير سنة 1950 من تاريخ إجرائه وما يترتب على ذلك من آثار وصرف الفروق.
ومن حيث عن الطلب الأول فإنه يبين من الأوراق أن المدعي كان قد رقى إلى الدرجة الثانية بصفة استثنائية بوزارة الأوقاف اعتباراً من 25 من مايو سنة 1942 بقرار من مجلس الأوقاف الأعلى. ثم عين وكيلاً لمصلحة الطرق والكباري بقرار من مجلس الوزراء اعتباراً من 7 من يونيه سنة 1942. وفي 4 من يناير سنة 1943 صدر مرسوم بتعيينه مديراً عاماً للمصلحة المذكورة ثم أحيل إلى المعاش بمرسوم صادر في 23 من أكتوبر سنة 1944. وفي 2 من ديسمبر سنة 1944 صدر القرار الوزاري رقم 446 من وزير المواصلات تطبيقاً للمرسوم رقم 148 لسنة 1944 الخاص بإلغاء الترقيات والعلاوات والتعيينات الاستثنائية التي منحت في المدة من 6 من فبراير سنة 1942 إلى 8 من أكتوبر سنة 1944 بإبطال ترقيته إلى الدرجة الثانية وكذا تعيينه في وظيفة مدير عام مصلحة الطرق والكباري وتسوية حالته باعتباره في الدرجة الثالثة من أول يناير سنة 1941. وفي أول أغسطس سنة 1949 أقام الدعوى رقم 503 لسنة 3 القضائية أمام محكمة القضاء الإداري ضد كل من وزارة المواصلات ومجلس الوزراء طالباً فيها الحكم بإلزامهما متضامنين بأن يدفعا له مبلغ عشرين ألف جنيه تعويضاً له عما لحقه من أضرار مادية وأدبية بسبب إحالته إلى المعاش قبل بلوغه السن القانوني باثني عشر سنة. وبجلسة 9 من نوفمبر سنة 1950 قضت الدائرة الثالثة بمحكمة القضاء الإداري في هذه الدعوى "بإلزام الحكومة بأن تدفع للمدعي مبلغ ألف جنيه والمصروفات وخمسمائة قرش مقابل أتعاب المحاماة". وفي 9 من فبراير سنة 1950 صدر مرسوم بإعادته إلى الخدمة وتعيينه مديراً عاماً بمصلحة التنظيم بدرجة مدير عام ( أ ) ثم صدر مرسوم في 28 من سبتمبر سنة 1950 بتعيينه وكيل وزارة لشئون السودان برياسة مجلس الوزراء اعتباراً من هذا التاريخ. وفي 11 من نوفمبر سنة 1950 صدر قرار رئيس مجلس الوزراء تنفيذاً لقرار المجلس الصادر في 5 من مارس سنة 1950 بإعادة جميع الموظفين المفصولين منذ 9 من أكتوبر سنة 1944 لأسباب سياسية إلى خدمة الحكومة بـ "تطبيق أحكام قراري مجلس الوزراء الصادرين في 15 من مايو و24 من يوليه سنة 1935 باحتساب مدة الانفصال من (24 أكتوبر 1944 حتى 8 فبراير سنة 1950) لحضرته في المعاش مع التجاوز عن دفع الاحتياطي عنها على اعتبار أن إحالته إلى المعاش كانت لأسباب سياسية وعلى هذا صرف له مبلغ 1282.141 جنيه قيمة متجمد فرق تعديل معاش. وفي 3 من مايو سنة 1952 صدر قرار رئيس مجلس الوزراء بتكليفه برد متجمد الفروق السابق صرفها إليه وقدرها (1282.141) جنيه على أقساط شهرية، وذلك باستقطاع ربع صافي المرتب مضافاً إليه ما يستحقه من مرتبات إضافية كإعانة الغلاء وذلك اعتباراً من ماهية شهر إبريل سنة 1952 "تطبيقاً للمرسوم بقانون رقم 36 لسنة 1952 ولكتاب وزارة المالية الدوري رقم ف 234 - 5/ 48 المؤرخ 22 من إبريل سنة 1952 بشأن إبطال الترقيات والعلاوات والأقدميات والتعيينات الاستثنائية". وفي 16 من سبتمبر سنة 1952 صدر قرار رئيس مجلس الوزراء بالتطبيق للمرسومين بقانون رقمي 36 و80 لسنة 1952 في شأن إلغاء الاستثناءات بإبطال القرار الوزاري الصادر بتاريخ 11 من نوفمبر سنة 1950 باحتساب مدة الانفصال ومن 24 أكتوبر سنة 1944 حتى 8 فبراير سنة 1950 لحضرته في المعاش مع التجاوز عن دفع الاحتياطي عنها، أي لا تحتسب تلك المدة في المعاش. وفي 30 من أكتوبر سنة 1952 صدر مرسوم بفصله من الخدمة بالاستناد إلى المرسوم بقانون رقم 181 لسنة 1952 بشأن فصل الموظفين بغير الطريق التأديبي. ونفذ اعتباراً من هذا التاريخ.
ومن حيث إن المرسوم بقانون رقم 36 لسنة 1952 في شأن الترقيات والعلاوات والأقدميات والتعيينات والمعاشات الاستثنائية الذي عمل به من أول إبريل سنة 1952 والمعدل بالمرسوم بقانون رقم 80 لسنة 1952 نص في مادته الأولى على أن "تبطل الترقيات والعلاوات والأقدميات الاستثنائية التي منحت للموظفين والمستخدمين خلال المدة 8 من أكتوبر سنة 1944 إلى تاريخ العمل بهذا المرسوم بقانون من إحدى الهيئات الآتية: ( أ ) مجلس الوزراء (ب) - ....." كما نص في مادته الثالثة على أن "تبطل القرارات الصادرة من إحدى الهيئات المتقدم ذكرها في المادة الأولى خلال المدة المحددة فيها بضم مدد انفصال للموظفين الذين فصلوا لأسباب اعتبرت سياسية".
ومن حيث إن الشروط الواردة في هاتين المادتين متوافرة في القرار الصادر من رئيس مجلس الوزراء الصادر في 11 من نوفمبر سنة 1950 بحساب مدة فصل المدعي من الخدمة من 24 من أكتوبر سنة 1944 إلى 8 من فبراير سنة 1950 في معاشه مع التجاوز عن دفع الاحتياطي عنها على أساس أن إحالته إلى المعاش كانت لأسباب سياسية. ومن ثم فإن قرار رئيس مجلس الوزراء الصادر في 16 من سبتمبر سنة 1952 بإبطال القرار آنف الذكر وعدم حساب المدة المشار إليها في معاش المدعي بالتطبيق لأحكام المرسومين بقانون رقمي 36 و80 لسنة 1952 في شأن إلغاء الاستثناءات يكون صحيحاً سليماً مطابقاً للقانون، على أن هذا القرار قد أصبح حصيناً من الإلغاء بانقضاء ميعاد الطعن فيه دون أن يطعن فيه المدعي بطلب إلغائه وما ترتب عليه من آثار. ولا يغير من هذا كون القانون رقم 86 لسنة 1951 في شأن المدد التي تحتسب في المعاش الذي عمل به في 31 من مايو سنة 1951 قد اعتبر في حكم الصحيحة القرارات التي صدرت من مجلس الوزراء في المدة من 4 من يونيه سنة 1929 إلى تاريخ العمل به، وكذلك القرارات التي تضمنت تدابير خاصة بجواز احتساب مدد في المعاش بالاستثناء من أحكام القوانين التي أشار إليها في مادته الأولى، وقضى بأن تظل هذه القرارات نافذة منتجة لآثارها، ومن بينها قرار مجلس الوزراء الصادر في 8 من مايو سنة 1950 بالموافقة على حساب مدد الخلو السياسي في حساب المعاش لمن أعيدوا للخدمة ابتداء من 15 من يناير سنة 1950. لا يغير هذا من صحة قرار رئيس مجلس الوزراء الصادر في 16 من سبتمبر سنة 1952 بعدم حساب مدة فصل المدعي من الخدمة في معاشه ما دام المرسوم بقانون رقم 36 لسنة 1952 وكذا المرسوم بقانون رقم 80 لسنة 1952 وكلاهما تشريع لاحق صادر بأداة قانونية معادلة في قوتها لتلك التي صدر بها القانون رقم 86 لسنة 1951 قد أوردا حكماً صريحاً ناسخاً بأثر رجعي لحكم هذا القانون الأخير في خصوص ما قضيا به من إبطال القرارات الصادرة بضم مدد الفصل السياسي في حساب المعاش خلال المدة من 8 من أكتوبر سنة 1944 حتى أول إبريل سنة 1952 بما لا وجه معه للاحتجاج بعدم جواز إبطال ما سبق اعتباره في حكم الصحيح من هذه القرارات بمقتضى القانون رقم 86 لسنة 1951.
ولا صحة لما يذهب إليه المدعي من أن حكم محكمة القضاء الإداري الصادر بجلسة 9 من نوفمبر سنة 1950 في الدعوى رقم 503 لسنة 3 القضائية السابق رفعها منه بطلب تعويض عما أصابه من أضرار مادية وأدبية بسبب إحالته إلى المعاش قبل بلوغه السن القانونية والذي حاز قوة الأمر المقضي قد اعتبر مدة فصله بمثابة خدمة متصلة ورتب على ذلك أحقيته في تعويض يساوي الفرق بين ما كان يصرف له من معاش فيها وما كان ينبغي أن يصرف له من مرتب لو لم يصدر قرار بإحالته إلى المعاش، لا صحة لذلك لأنه بمطالعة أسباب الحكم المذكور المكملة لمنطوقه يبين أن المحكمة لم تتعرض لا مباشرة ولا بطريق غير مباشر لبحث ما إذا كانت مدة خدمة المدعي قد انقطعت بإحالته إلى المعاش أم ظلت متصلة، إذ لم يكن هذا الأمر مطروحاً عليها ولم يكن البت فيه لازماً كمسألة أولية للفصل في الدعوى، وإنما أقامت المحكمة قضاءها على أنه ولئن كان للحكومة الحق بمقتضى القوانين واللوائح المعمول بها في فصل من ترى فصله من الموظفين قبل بلوغه سن التقاعد بغير حاجة إلى بيان أسباب الفصل متى رأت ذلك ضماناً لحسن سير المرافق العامة، مع اعتبار قراراتها غير المسببة صحيحة ومنتجة لآثارها القانونية وصادرة في حدود المصلحة العامة إلى أن يقدم الموظف المفصول الدليل على صدورها مشوبة بعيب إساءة استعمال السلطة، إلا أن هذا لا يعني أن سلطتها في ذلك تحكمية تصدر فيها عن الغرض والهوى، وإنما هي سلطة تقديرية تجد حدها الطبيعي في العلة القانونية التي أملتها وهي المصلحة العامة، فإذا انحرفت الإدارة عن هذا الحد كان تصرفها مشوباً بإساءة استعمال السلطة وحق عليها الإلغاء. أما إذا كان الأمر متعلقاً بطلب تعويض عن تلك القرارات فإن قواعد العدالة توجب تضمين الموظف المفصول عن الأضرار التي لحقته بسبب قرار الفصل أو الإحالة إلى المعاش إذا كان قد صدر بغير مسوغ أو في وقت غير لائق. ولم تر المحكمة فيما استند إليه المدعي من وقائع وملابسات دليلاً كافياً على أن مرسوم إحالته إلى المعاش قد صدر ببواعث حزبية لا تمت للمصلحة العامة بسبب، إلا أنها رأت على الرغم من انتفاء عيب إساءة استعمال السلطة أن حقه في التعويض قائم لما ثبت من أنه فصل من الخدمة في وقت غير لائق دون قيام أسباب جدية تدعو لإبعاده عن وظيفته. وذكرت المحكمة أن استحقاقه للتعويض عن الضرر المادي إنما يكون بقدر ما ضاع عليه من مرتب كان يجب أن يتقاضاه لو استمر في خدمة الحكومة بعد خصم ما تقرر له من معاش، مع مراعاة ما يكون قد حققه من دخل من عمله الحر الذي كان متاحاً له الذي أقر بممارسته إياه، أما التعويض الأدبي فلا محل له بعد إذ ردت الحكومة إليه اعتباره بإعادته إلى الخدمة ثم تعيينه بعد ذلك وكيلاً لوزارة شئون السودان ومفاد هذا الحكم أن حكم محكمة القضاء الإداري قد اعتبر قرار إحالة المدعي إلى المعاش صدر صحيحاً سليماً مطابقاً للقانون مستهدفاً تحقيق المصلحة العامة ومنتجاً لآثاره القانونية ومن هذه الآثار بطبيعة الحال انقطاع رابطة التوظف انقطاعاً لا يمنع تحققه من الحكم بالتعويض ولا يرتفع بهذا الحكم. ومن ثم فإن استناد المدعي إلى الحكم المذكور للمطالبة باعتبار مدة خدمته متصلة ينطوي على تحميل للحكم بما قضى بنقيضه. وإذ قضى حكم محكمة القضاء الإداري المطعون فيه برفض هذا الطلب من طلبات المدعي - وهو حساب مدة فصله من الخدمة في معاشه وما يترتب على ذلك من آثار وفروق - فإنه يكون قد أصاب الحق في قضائه، ويكون الطعن في غير محله في هذا الشق منه متعيناً رفضه.
ومن حيث فيما يتعلق بالطلب الثاني الذي رفضه الحكم المطعون فيه من طلبات المدعي وهو الخاص بإبطال الخصم الذي أجرى على المعاش المنصرف له نظير التعويض السابق صرفه له بمناسبة إعادته إلى الخدمة في فبراير سنة 1950 من تاريخ إجرائه وما يترتب على ذلك من آثار وصرف الفروق، فإنه يتضح من الأوراق أنه في 2 من ديسمبر سنة 1944 صدر القرار الوزاري رقم 446 من وزير المواصلات تطبيقاً للمرسوم بقانون رقم 148 لسنة 1944 الخاص بإلغاء الترقيات والعلاوات والتعيينات الاستثنائية التي منحت في المدة من 6 من فبراير سنة 1942 إلى 8 من أكتوبر سنة 1944 بإبطال ترقيات المدعي إلى الدرجة الثانية وإلغاء تعيينه في وظيفة مدير عام مصلحة الطرق والكباري وتسوية حالته برده إلى الدرجة الثالثة من أول يناير سنة 1941 بمرتب بلغ بالعلاوات في أول مايو سنة 1944 - 570 جنيهاً سنوياً. وعلى هذا الأساس ربط له بمناسبة فصله من الخدمة بالمرسوم الصادر في 23 من أكتوبر سنة 1944 معاش شهري مجرد من الاستثناءات قدره 17.822 جنيه، ثم أعيد تسوية معاشه بعد إعادته إلى الخدمة في 9 من فبراير سنة 1950 بالمرسوم الصادر في ذات التاريخ وطبق في حقه قرار مجلس الوزراء الصادر في 8 من مايو سنة 1950 القاضي برد الفروق عن الماضي لمن أحيلوا إلى المعاش لأسباب سياسية فاستحق معاشاً شهرياً معدلاً إلى 40.749 جنيهاً على أساس مرتبه قبل إلغاء الاستثناء. وقبض فروقاً مجمدة عن الماضي مقدارها 1282.141 جنيهاً.
ومن حيث إن المرسوم بقانون رقم 36 لسنة 1952 في شأن الترقيات والعلاوات والأقدميات والتعيينات والمعاشات الاستثنائية نص في مادته العاشرة على أن "يبطل بالنسبة إلى أصحاب المعاشات وإلى المستحقين عنهم كل زيادة تجاوز خمسة عشر جنيهاً في الشهر في المعاشات التي ربطت على أساس مرتب زيد بسبب ترقيات أو علاوات استثنائية أبطلت أو عدلت بالتطبيق لأحكام هذا المرسوم بقانون، وفي هذه الحالة يسوى المعاش على هذا الأساس إلا إذا كان لصاحب المعاش أو للمستحقين عنه مصلحة في تسوية المعاش على أساس المرتب الذي يستحقه بالتطبيق للأحكام المذكورة". كما نص في مادته الخامسة عشرة على ما يأتي: "الموظفون الذين أبطلت ترقياتهم أو علاواتهم أو تعييناتهم أو معاشاتهم الاستثنائية التي منحوها في الفترة من 6 من فبراير سنة 1942 إلى 8 من أكتوبر سنة 1944 بالتطبيق لأحكام المرسوم بقانون رقم 148 لسنة 1944 ثم ردت إليهم بعد 12 من يناير سنة 1950 وقبضوا فروقاً مجمدة عن الماضي بموجب قرارات من إحدى الهيئات المنصوص عليها في المادة الأولى يلزمون برد هذه الفروق. ويكون تحصيلها باستقطاع ربع المرتب أو المعاش أو المكافأة أو ربع الباقي بعد الجزء الذي يحجز عليه. وذلك استثناء من أحكام القانون رقم 111 لسنة 1951 المشار إليه". وقد ورد بالمذكرة الإيضاحية لهذا المرسوم بقانون ما يلي: "نصت المادة العاشرة على استبقاء المعاش الاستثنائي وكل زيادة استثنائية في المعاش القانوني إذا كان مقدار هذا المعاش أو تلك الزيادة خمسة عشر جنيهاً فأقل. وفي حالة تجاوز الزيادة هذا القدر تعاد تسوية المعاش على أساس استبعاد الجزء الزائد على هذا القدر". وقد اشتملت المادة 15 من المشروع على حكم خاص بالموظفين الذين ألغيت ترقياتهم أو علاواتهم أو معاشاتهم الاستثنائية التي منحوها في الفترة من 6 من فبراير سنة 1942 إلى 8 من أكتوبر سنة 1944 وردت إليهم بقرارات من مجلس الوزراء أو غيره من الهيئات بعد 12 من يناير سنة 1950 وصرفت إليهم فروق مجمدة عن الماضي. ويقضي هذا الحكم برد هذه الفروق التي صرفت محافظة على صالح الخزانة العامة ولما لوحظ من أن صرف هذه الفروق كان مبنياً على أسباب حزبية، إذ اقتصر على فريق معين من الموظفين وحتى يكون رد تلك الفروق عبرة وردعاً ويوضع به حد لمثل هذه التصرفات في المستقبل".
ومن حيث إن المبالغ التي قبضها المدعي بمناسبة إعادته إلى الخدمة في 9 من فبراير سنة 1950 إنما صرفت إليه على أنها قيمة متجمد فرق تعديل معاش عن الماضي على أساس رد الترقيات والعلاوات الاستثنائية إليه وهي التي كان قد منحها في الفترة من 6 من فبراير سنة 1942 إلى 8 من أكتوبر سنة 1944 والتي أبطلت بالتطبيق لأحكام المرسوم بقانون رقم 48 لسنة 1944، ومن ثم فإنه نزولاً على حكم المادة 15 من المرسوم بقانون رقم 36 لسنة 1952 يكون ملزماً برد هذه الفروق، ويكون تحصيلها باستقطاع ربع المرتب أو المعاش أو المكافأة أو ربع الباقي بعد الجزء الذي يحجز عليه، وذلك استثناء من أحكام القانون رقم 111 لسنة 1951، مع مراعاة ما سبق أن قضت به هذه المحكمة من أنه يخرج من حكم الاستقطاع لاسترداد ما قبض من فروق مجمدة عن الماضي ما أبقاه المرسوم بقانون آنف الذكر في مادته العاشرة من زيادة في المعاشات الاستثنائية أو القانونية إذ كان مقدار هذا المعاش أو تلك الزيادة خمسة عشر جنيهاً فأقل في الشهر ذلك أنه المشرع رأى لحكمة تشريعية خاصة الإبقاء على هذه الزيادة وعدم المساس بها رحمة بأرباب المعاشات ورعاية لحالة الأرامل واليتامى. وغنى عن البيان أن استرداد هذه الزيادة عن طريق الاستقطاع من المعاش يتنافى بداهة مع مبدأ الإبقاء عليها، وهو ما أكده الشارع من قبيل الاستثناء للحكمة الخاصة التي أفصح عنها. وعلى هذا فإنه يتعين تعديل حكم محكمة القضاء الإداري المطعون فيه في هذا الشق من طلبات مورث الطاعنين بقصر الاستقطاع من معاشه على القدر الزائد على ما استبقاه له المرسوم بقانون رقم 36 لسنة 1952 في المادة العاشرة منه من الزيادة في هذا المعاش الناتجة عن رد الترقيات والعلاوات الاستثنائية السابق إبطالها إليه، مع إلزام الحكومة بالمصروفات المناسبة وتأييد الحكم فيما عدا ذلك.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه، بتعديل الحكم المطعون فيه على الوجه المبين بأسباب هذا الحكم وتأييده فيما عدا ذلك وألزمت الحكومة بالمصروفات المناسبة.

الطعن 3488 لسنة 57 ق جلسة 19 / 10 / 1989 مكتب فني 40 ق 130 ص 780

جلسة 19 من أكتوبر سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ حسين كامل حنفي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد زايد وصلاح البرجى نائبي رئيس المحكمة ومحمد حسام الدين الغرياني وزكريا الشريف.

----------------

(130)
الطعن رقم 3488 لسنة 57 القضائية

(1) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
وزن أقوال الشهود وتقدير الدليل. موضوعي.
مفاد أخذ المحكمة بأقوال الشهود؟.
(2) نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم جواز إثارة الجدل الموضوعي لأول مرة أمام النقض.
(3) حكم "بياناته" "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
خطأ الحكم في تحديد تاريخ الواقعة. لا يؤثر في سلامته طالما أنه لا يتصل بحكم القانون فيها، وما دامت الدعوى الجنائية لم تنقض بمضي المدة.
(4) إثبات "شهود". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم التزام المحكمة بالإشارة إلى أقوال شهود النفي ما دامت لم تستند إليها.
(5) إجراءات "إجراءات المحاكمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". إثبات "شهود".
عدم التزام المحكمة بإجابة طلب سماع شاهد قدم في مذكرة بعد حجز الدعوى للحكم أو الرد عليه.
مثال: ما لا يفيد معه الطلب الجازم الذي تلتزم المحكمة بإجابته.
(6) محكمة ثاني درجة "الإجراءات أمامها". إثبات "بوجه عام" "شهود". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
محكمة ثاني درجة تحكم في الأصل على مقتضى الأوراق.
الشهود الذين تلتزم بسماعهم؟.
(7) نقض "حالات الطعن" "الخطأ في تطبيق القانون" "نظر الطعن والحكم فيه".
حق محكمة النقض أن تنقض الحكم لمصلحة المتهم من تلقاء نفسها إذا بني على مخالفة للقانون أو على خطأ في تطبيقه أو تأويله.
(8) خلو رجل. عقوبة. نقض "حالات الطعن بالنقض. مخالفة القانون".
جزاء الرد المنصوص عليه في المادة 25 من القانون رقم 136 لسنة 1981 يدور مع موجبه من بقاء المال موضوع جريمة الخلو في ذمة المتهم حتى الحكم عليه. مؤدى ذلك؟.

----------------
1 - وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب، وكان الأصل أنه متى أخذت المحكمة بأقوال الشاهد فإن ذلك يفيد إطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
2 - لما كان ما يثيره الطاعن من تشكيك في أقوال شاهدي الإثبات وما ساقه من قرائن تشير إلى تلفيق التهمة لا يعدو أن يكون من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب رداً صريحاً من الحكم فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة المحكمة في استنباط معتقدها مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
3 - لما كان الطاعن لم يدع أن تاريخ واقعة إبرام عقد الإيجار ودفع مبلغ الخلو يتصل بحكم القانون فيها أو أن الدعوى قد انقضت بمضي المدة فإن ما يثيره بشأن خطأ الحكم في بيان ذلك التاريخ لا يؤثر في سلامته وإحاطته بالواقع، وهو - من بعد - لا يعيب الحكم لأنه خارج عن موضوع استدلاله.
4 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تعرض عن قالة شهود النفي ما دامت لم تثق بما شهدوا به وهي غير ملزمة بالإشارة إلى أقوالهم ما دامت لم تستند إليها فإن منعى الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد.
5 - إن ما يثيره الطاعن بشأن إعراض محكمة الموضوع بدرجتيها عن طلب سماع شاهد نفي فإنه لما كان الثابت من الاطلاع على محاضر الجلسات وعلى المفردات التي أمرت المحكمة بضمها تحقيقاً لهذا النعي أن محكمة الدرجة الأولى بعد أن استمعت بجلسة..... لشاهد نفي - في حضور الطاعن ومحاميه ودن أن يطلب أي منهما سماع شهود آخرين - أمرت بإقفال باب المرافعة وحجزت القضية للحكم، ومن ثم فهي لا تلتزم بإجابة طلب التحقيق الذي يبديه الدفاع أو الرد عليه من بعد حجز الدعوى للحكم ولو طلب ذلك في مذكرة مصرح له بتقديمها ما دام لم يطلب ذلك بجلسة المحاكمة، هذا إلى أن الطاعن بعد أن أشار في مذكرته المقدمة بعد إقفال باب المرافعة إلى الشاهد..... أردف بقوله "ويمكن سماع شهادته إذا ما رأت عدالة المحكمة ذلك حتى تزداد اطمئناناً لصحة ما ذكرناه" وهي عبارة لا تفيد معنى الطلب الصريح الجازم مما لا تكون معه المحكمة ملزمة بإجابته لمثل هذا الطلب أو الرد عليه.
6 - الأصل أن محكمة ثاني درجة إنما تحكم على مقتضى الأوراق وهي لا تجري من التحقيقات إلا ما ترى لزوماً لإجرائه ولا تلتزم بسماع الشهود إلا من كان يجب على محكمة أول درجة سماعهم، فإذا لم تر من جانبها حاجة إلى سماعهم، وكان الطاعن قد عد متنازلاً عن حقه بسكوته عن التمسك بهذا الطلب أمام محكمة أول درجة، فإن منعاه على الحكم بدعوى الإخلال بحق الدفاع لعدم سماع الشاهد المذكور يكون على غير أساس.
7 - من المقرر أن لمحكمة النقض - طبقاً لنص المادة 35 من القانون رقم 57 سنة 1956 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض - أن تنقض الحكم من تلقاء نفسها لمصلحة المتهم إذا تبين لها مما هو ثابت فيه أنه مبني على مخالفة القانون أو خطأ في تطبيقه أو تأويله.
8 - لما كانت المادة 25 من القانون رقم 136 سنة 1981 توجب الحكم بإلزام كل من يحصل على مبالغ بالمخالفة لأحكام القوانين المنظمة للعلاقة بين المالك والمستأجر بردها إلى من أداها، وكان البين أن جزاء الرد يدور مع موجبه من بقاء المبلغ في ذمة المتهم بالحصول عليه بالمخالفة لأحكام تلك القوانين حتى الحكم عليه، وكان الثابت من الأوراق أن المجني عليه مثل أمام المحكمة الاستئنافية وأقر بأنه استرد المبلغ الذي دفعه للطاعن على سبيل خلو الرجل، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بتأييد الحكم المستأنف فيما تضمنه من إلزام الطاعن برد ألفين من الجنيهات يكون معيباً بما يؤذن لهذه المحكمة بنقضه نقضاً جزئياً وتصحيحه بإلغاء ما قضى به الحكم المستأنف من الرد.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه بصفته مؤجراً تقاضى من المستأجر مبالغ إضافية خارج نطاق عقد الإيجار على سبيل خلو الرجل. وطلبت معاقبته بالمواد 1، 26/ 1، 77 من القانون رقم 49 لسنة 1977 المعدل بالقانون رقم 136 لسنة 1981. ومحكمة أمن الدولة الجزئية بالإسكندرية قضت غيابياً عملاً بمواد الاتهام بحبس المتهم ثلاثة أشهر مع الشغل وكفالة مائة جنيه لوقف التنفيذ وتغريمه أربعة آلاف جنيه وإلزامه برد مبلغ ألفين من الجنيهات. عارض المحكوم عليه وقضي في معارضته بقبولها شكلاً ورفضها موضوعاً وتأييد الحكم المعارض فيه. استأنف ومحكمة الإسكندرية الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف والإيقاف بالنسبة لعقوبة الحبس.
فطعن الأستاذ....... المحامي نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الحصول على خلو رجل قد شابه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع، ذلك بأنه خلا من بيان الأدلة التي عول عليها في قضائه بالإدانة ولم يحفل بدفاع الطاعن أن الاتهام ملفق له بالتواطؤ بين المجني عليه الذي تأخر في الإبلاغ أكثر من سنة وبين الشاهد.....، وأورد واقعة الدعوى في صورة مبهمة تنبئ عن اختلال فكرة المحكمة عن تاريخ إبرام عقد الإيجار كما خلا الحكم من الإشارة إلى أقوال شهود النفي وأعرضت المحكمة بدرجتيها عن طلب سماع شاهد النفي الذي أصر الطاعن عليه مما يعيب الحكم المطعون فيه بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة استقاها من أقوال كل من المجني عليه والشاهد..... من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب، وكان الأصل أنه متى أخذت المحكمة بأقوال الشاهد فإن ذلك يفيد إطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وكان ما يثيره الطاعن من تشكيك في أقوال شاهدي الإثبات وما ساقه من قرائن تشير إلى تلفيق التهمة لا يعدو أن يكون من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب رداً صريحاً من الحكم فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة المحكمة في استنباط معتقدها مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك وكان الطاعن لم يدع أن تاريخ واقعة إبرام عقد الإيجار ودفع مبلغ الخلو يتصل بحكم القانون فيها أو أن الدعوى قد انقضت بمضي المدة فإن ما يثيره بشأن خطأ الحكم في بيان ذلك التاريخ لا يؤثر في سلامته وإحاطته بالواقع، وهو - من بعد - لا يعيب الحكم لأنه خارج عن موضوع استدلاله. لما كان ذلك وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تعرض عن قالة شهود النفي ما دامت لم تثق بما شهدوا به وهي غير ملزمة بالإشارة إلى أقوالهم ما دامت لم تستند إليها فإن منعى الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد. أما ما يثيره الطاعن بشأن إعراض محكمة الموضوع بدرجتيها عن طلب سماع شاهد نفي فإنه لما كان الثابت من الاطلاع على محاضر الجلسات وعلى المفردات التي أمرت المحكمة بضمها تحقيقاً لهذا النعي أن محكمة الدرجة الأولى بعد أن استمعت بجلسة..... لشاهد نفي - في حضور الطاعن ومحاميه ودون أن يطلب أي منهما سماع شهود آخرين - أمرت بإقفال باب المرافعة وحجزت القضية للحكم، ومن ثم فهي لا تلتزم بإجابة طلب التحقيق الذي يبديه الدفاع أو الرد عليه من بعد حجز الدعوى للحكم ولو طلب ذلك في مذكرة مصرح له بتقديمها ما دام لم يطلب ذلك بجلسة المحاكمة، هذا إلى أن الطاعن بعد أن أشار في مذكرته المقدمة بعد إقفال باب المرافعة إلى الشاهد..... أردف بقوله "ويمكن سماع شهادته إذا ما رأت عدالة المحكمة ذلك حتى تزداد اطمئناناً لصحة ما ذكرناه" وهي عبارة لا تفيد معنى الطلب الصريح الجازم مما لا تكون معه المحكمة ملزمة بإجابته لمثل هذا الطلب أو الرد عليه، وإذ كان الأصل أن محكمة ثاني درجة إنما تحكم على مقتضى الأوراق وهي لا تجري من التحقيقات إلا ما ترى لزوماً لإجرائه ولا تلتزم بسماع الشهود إلا من كان يجب على محكمة أول درجة سماعهم، فإذا لم تر من جانبها حاجة إلى سماعهم، وكان الطاعن قد عد متنازلاً عن حقه بسكوته عن التمسك بهذا الطلب أمام محكمة أول درجة، فإن منعاه على الحكم بدعوى الإخلال بحق الدفاع لعدم سماع الشاهد المذكور يكون على غير أساس. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة النقض - طبقاً لنص المادة 35 من القانون رقم 57 سنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض - أن تنقض الحكم من تلقاء نفسها لمصلحة المتهم إذا تبين لها مما هو ثابت فيه أنه مبني على مخالفة القانون أو خطأ في تطبيقه أو تأويله. ولما كانت المادة 25 من القانون رقم 136 سنة 1981 توجب الحكم بإلزام كل من يحصل على مبالغ بالمخالفة لأحكام القوانين المنظمة للعلاقة بين المالك والمستأجر بردها إلى من أداها، و كان البين أن جزاء الرد يدور مع موجبه من بقاء المبلغ في ذمة المتهم بالحصول عليه بالمخالفة لأحكام تلك القوانين حتى الحكم عليه، وكان الثابت من الأوراق أن المجني عليه مثل أمام المحكمة الاستئنافية وأقر بأنه استرد المبلغ الذي دفعه للطاعن على سبيل خلو الرجل، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بتأييد الحكم المستأنف فيما تضمنه من إلزام الطاعن برد ألفين من الجنيهات يكون معيباً بما يؤذن لهذه المحكمة بنقضه نقضاً جزئياً وتصحيحه بإلغاء ما قضى به الحكم المستأنف من الرد.

الطعن 8341 لسنة 54 ق جلسة 14/ 6/ 1988 مكتب فني 39 ج 1 ق 119 ص 800

جلسة 14 من يونيه سنة 1988

برئاسة السيد المستشار/ محمد أحمد حمدي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ أحمد محمود هيكل ونجاح نصار نائبي رئيس المحكمة ومحمد محمد يحيى وحسن سيد حمزه.

----------------

(119)
الطعن رقم 8341 لسنة 54 القضائية

(1) استئناف "نطاقه". معارضة. محكمة النقض "سلطتها في نظر الطعن".
استئناف الحكم القاضي بعدم جواز المعارضة يقتصر في موضوعه على هذا الحكم وحده دون الحكم الابتدائي موضوع المعارضة. أساس ذلك؟
(2) قانون "سريانه من حيث الزمان". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
القانون الذي استوفى مراحله التشريعية وتم نشره في الجريدة الرسمية - التحدي به لا يجوز إلا من التاريخ الحقيقي لهذا النشر - شرط ذلك؟
(3) قانون "سريانه من حيث الزمان". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
طرق الطعن في الأحكام الجنائية ينظمها القانون القائم وقت صدور الحكم محل الطعن. مؤدى ذلك؟

---------------
1 - لما كان الحكم المطعون فيه قد أيد الحكم المستأنف القاضي بعدم جواز المعارضة فإنه لا محل لبحث وجه النعي على الحكم الغيابي الابتدائي الذي قضى وحده في موضوع الدعوى والذي لم يستأنفه الطاعن.
2 - لما كان الثابت من الأوراق أن الحكم الغيابي الابتدائي قد صدر بتاريخ 17/ 11/ 1981 بإدانة الطاعن الذي عارض فيه فقضت المحكمة بعدم جواز المعارضة تأسيساً على ما قالته من أن "المادة 198 فقرة أولى من القانون 170 لسنة 1981 بتعديل بعض نصوص قانون الإجراءات الجنائية الصادرة بتاريخ 4/ 11/ 1981 قد نصت على "تقبل المعارضة في الأحكام الغيابية الصادرة في الجنح والمخالفات ما لم يكن استئنافها جائزاً"، وحيث إن الجنحة موضوع الدعوى مما يجوز استئنافها لذلك فلا يحق للمتهم إقامة معارضة عن هذا الحكم.
وحيث إن المادة 188 من الدستور الدائم الصادر عام 1971 بنصها على أنه "تنشر القوانين في الجريدة الرسمية خلال أسبوعين من يوم إصدارها ويعمل بها بعد شهر من اليوم التالي لنشرها إلا إذا حددت لذلك ميعاداً آخر". قد دلت على أن إصدار القانون لا يستفاد إلا من نشره، فلا تستطيع المحاكم أن تطبق قانوناً لم ينشر ما دام الدستور يقضي بأن الإصدار إنما يستفاد من النشر ولا يعتد إلا بالتاريخ الحقيقي لهذا النشر إذا ثبت حصوله في تاريخ لاحق للتاريخ المثبت بعدد الجريدة الرسمية. لما كان ذلك، وكان الثابت من كتاب الهيئة العامة للمطابع الأميرية المرفق بالأوراق أن القرار بقانون رقم 170 لسنة 1981 وإن كان قد طبع بتاريخ 5/ 11/ 1981 بالعدد رقم 44 مكرراً من الجريدة الرسمية الذي يحمل تاريخ 4/ 11/ 1981 إلا أن هذا العدد من الجريدة لم يسلم للجهة المختصة بالتوزيع إلا صباح يوم 9/ 11/ 1981 ومن ثم يتعين اعتبار التاريخ الأخير هو تاريخ نشر هذا القرار بقانون ويكون العمل به عملاً بالمادة الرابعة من قانون إصداره هو يوم 10/ 11/ 1981.
3 - لما كان قضاء محكمة النقض قد جرى على أن طرق الطعن في الأحكام الجنائية ينظمها القانون القائم وقت صدور الحكم محل الطعن، وكان الحكم الابتدائي المعارض فيه قد صدر بتاريخ 7/ 11/ 1981 قبل العمل بأحكام القرار بقانون رقم 170 لسنة 1981 - على نحو ما سلف بيانه - فإن الطعن فيه بطريق المعارضة يكون جائزاً خلافاً لما انتهى إليه الحكم المطعون فيه الذي يكون قد خالف بقضائه صحيح القانون مما يتعين معه نقضه فيما قضى به في موضوع الدعوى وتصحيحه بالقضاء في موضوع الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف القاضي بعدم جواز المعارضة وإعادة القضية لمحكمة أول درجة لنظر المعارضة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أحدث عمداً.... الإصابات المبينة بالتقرير الطبي المرفق والتي أعجزته عن أشغاله الشخصية مدة لا تزيد على عشرين يوماً. وطلبت عقابه بالمادة 242/ 1 من قانون العقوبات ومحكمة جنح مصر الجديدة قضت غيابياً في 7 من نوفمبر سنة 1981 عملاً بمادة الاتهام بحبس المتهم أسبوعين وكفالة جنيهين لوقف التنفيذ عارض في 26 من ديسمبر سنة 1981 وقضى في معارضته في 26 من ديسمبر سنة 1981 بعدم جوازها. استأنف ومحكمة شمال القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً في 27 من مايو سنة 1982 بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ أيد الحكم الصادر في معارضته الابتدائية بعدم جوازها قد شابه القصور كما أخطأ في القانون ذلك أن الحكم الغيابي الابتدائي قد خلال من الأسباب التي أقيم عليها، كما استند الحكم الصادر في المعارضة إلى أحكام القرار بقانون رقم 170 لسنة 1981 الذي أدرج بعدد الجريدة الرسمية رقم 44 مكرراً بتاريخ 4/ 11/ 1981 إلا أن تاريخ النشر الفعلي لهذا العدد كان بعد صدور الحكم المعارض فيه.
وحيث إنه لما كان الحكم المطعون فيه قد أيد الحكم المستأنف القاضي بعدم جواز المعارضة فإنه لا محل لبحث وجه النعي على الحكم الغيابي الابتدائي الذي قضى وحده في موضوع الدعوى والذي لم يستأنفه الطاعن. وحيث إن البين من الأوراق أن الحكم الغيابي الابتدائي قد صدر بتاريخ 7/ 11/ 1981 بإدانة الطاعن الذي عارض فيه فقضت المحكمة بعدم جواز المعارضة تأسيساً على ما قالته من أن المادة 398 فقرة أولى من القانون 170 لسنة 1981 بتعديل بعض نصوص قانون الإجراءات الجنائية الصادرة بتاريخ 4/ 11/ 1981 قد نصت على "تقبل المعارضة في الأحكام الغيابية الصادرة في الجنح والمخالفات ما لم يكن استئنافها جائزاً" وحيث إن الجنحة موضوع الدعوى مما يجوز استئنافها لذلك فلا يحق للمتهم إقامة معارضة عن هذا الحكم.
وحيث إن المادة 188 من الدستور الدائم الصادر عام 1971 بنصها على أنه "تنشر القوانين في الجريدة الرسمية خلال أسبوعين من يوم إصدارها ويعمل بها بعد شهر من اليوم التالي لنشرها إلا إذا حددت لذلك ميعاداً آخر". قد دلت على أن إصدار القانون لا يستفاد إلا من نشره، فلا تستطيع المحاكم أن تطبق قانوناً لم ينشر ما دام الدستور يقضي بأن الإصدار إنما يستفاد من النشر ولا يعتد إلا بالتاريخ الحقيقي لهذا النشر إذا ثبت حصوله في تاريخ لاحق للتاريخ المثبت بعدد الجريدة الرسمية. لما كان ذلك، وكان الثابت من كتاب الهيئة العامة للمطابع الأميرية المرفق بالأوراق أن القرار بقانون رقم 170 لسنة 1981 وإن كان قد طبع بتاريخ 5/ 11/ 1981 بالعدد رقم 44 مكرراً من الجريدة الرسمية الذي يحمل تاريخ 4/ 11/ 1981 إلا أن هذا العدد من الجريدة لم يسلم للجهة المختصة بالتوزيع إلا صباح يوم 9/ 11/ 1981 ومن ثم يتعين اعتبار التاريخ الأخير هو تاريخ نشر هذا القرار بقانون ويكون العمل به عملاً بالمادة الرابعة من قانون إصداره هو يوم 10/ 11/ 1981. لما كان ذلك، وكان قضاء محكمة النقض قد جرى على أن طرق الطعن في الأحكام الجنائية ينظمها القانون القائم وقت صدور الحكم محل الطعن، وكان الحكم الابتدائي المعارض فيه قد صدر بتاريخ 7/ 11/ 1981 قبل العمل بأحكام القرار بقانون رقم 170 لسنة 1981 - على نحو ما سلف بيانه - فإن الطعن فيه بطريق المعارضة يكون جائزاً خلافاً لما انتهى إليه الحكم المطعون فيه الذي يكون قد خالف بقضائه صحيح القانون مما يتعين معه نقضه فيما قضى به في موضوع الدعوى وتصحيحه بالقضاء في موضوع الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف القاضي بعدم جواز المعارضة وإعادة القضية لمحكمة أول درجة لنظر المعارضة.

الجمعة، 12 يناير 2024

الطعن 10900 لسنة 86 ق جلسة 14 / 4 / 2018

المؤلفة برئاسة القاضى / محمد محمود محاميد " نائب رئيس المحكمة " وعضوية السادة القضاة / على سليمان ، خالد الجندى ووليد عثمان " نواب رئيس المحكمة" عبد الهادي محمود

وحضور رئيس النيابة العامة لدى محكمة النقض السيد / ياسر شوقى .

وأمين السر السيد / طاهر عبد الراضى .

----------------

" المحكمة "

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة :
من حيث إن الطعن استوفي الشكل المقرر في القانون .
وحيث إن الطاعن ينعى بمذكرتي أسباب طعنه على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهم بجرائم الاشتراك في تجمهر الغرض منه ارتكاب جرائم الاعتداء على الأشخاص وتخريب الممتلكات العامة واستعراض القوة والتلويح بالعنف قبل المجني عليهم بقصد ترويعهم وتخويفهم والحاق الأذى المادي والمعنوي بهم والتأثير في إرادتهم لفرض السطوة عليهم والإتلاف العمدي لمباني عامة والسب العلني ، فقد شابه القصور في التسيب والفساد في الاستدلال فضلاً عن الإخلال بحق الدفاع كما اخطأ في الإسناد وفي تطبيق القانون ، إذ لم يبين الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجرائم التي دانه بها والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوتها في حقه ، ولم يبين دوره في ارتكابها ، وجاءت اسبابه عند تحصيل واقعة الدعوي مبهمة ومجملة ، ورتب الحكم مسئوليته والمحكوم عليهم التضامنية عن الجرائم التي دينوا بها ومنها جريمة التجمهر وتخريب الأملاك دون بيان أركانها ومدى توافرها في حقه رغم الدفع بانتفاء أركانه والاتفاق فيما بينهم على ارتكابها ، ولم يستظهر في جريمة التجمهر أن أمراً صدر بالتفرق من السلطة المختصة وعصاه المتجمهرون ، وخلت الأوراق من كيفية حدوث التلفيات والأدوات المستخدمة في إحداثها ومن بيان قيمتها والواجب القضاء بإلزامه بدفعها ، كما أن الحكم عول من بين ما عول عليه في إدانتهم على أقوال شهود الإثبات مع ما شابها من تناقض ورغم تبعيتهم إدارياً للمجني عليه بوصفه رئيس مجلس إدارة نادي الزمالك كما جاءت أقوالهم جميعاً متناقضة مع تحريات الشرطة مما يدل على تلفيق الاتهام وكونها مملاة عليهم ، وملتفته عن الدفع المبدئي في هذا الشأن . فضلا عن أي من هؤلاء الشهود لم ير وقائع التخريب والإتلاف العمدي أو حيازة أي منهم الأسلحة نارية ، وتساند في قضائه إلى تحريات غير جدية لا تنهض دليلا عليه ورد بما لا يصلح رداً على الدفع الميدئ في هذا الشأن ، كما أسند الحكم إلى ما شهد به هؤلاء الشهود في التحقيقات وبالجلسة مع أن أقوالهم لا تساند الحكم فيها حصله منها ، ولم يعرض الحكم لأقوال شاهدي النفي التي قامت على تأييده ، ولا للمستندات المقدمة منه والتي حوت إقرارات موثقه تأييداً لدفاعه بعدم تواجده بمسرح الواقعة، كما لم تجبه المحكمة لسماع شهادة محرري تلك الإقرارات ، هذا إلى أنه قضى ببراءة بعض المتهمين رغم وحدة الأدلة التي دان بمقتضاها الطاعن ، يضاف إلى ذلك ، أن إقرار المتهمين التاسع والعاشر الثابت بالصورة الرسمية الجناية رقم 15۱۳۸ لسنة 2014 والتي تساند إليها الحكم في إدانته صدر باطلاً نتيجة استجوابهما في تحقيقات النيابة في غيبة محاميهما وإنكارهما الاتهام فيها فضلاً عن القضاء فيها بالبراءة ، كما عول في فضائه على التقريرين الطبيين دون أيراد مضمونها وأعمل في حقه المادة 375 مكرر من قانون العقوبات المضافة بالمرسوم بقانون رقم 10 لسنة ۲۰۱۱ بتعديل بعض أحكام قانون العقوبات والصادر بتاريخ 10 / 3 / 2011 رغم القضاء بعدم دستوريتها ورغم انتفاء أركانها ، كما ارتكن في إدانته بجريمتي السب والإتلاف إلى تقرير الأدلة الجنائية ومعاينة النيابة العامة رغم عدم صلاحيتهما لذلك ، فضلاً عن انتفاء أركانهما في حقه وخلو الأوراق من تقديم شكوى المجني عليه بالسب ، وكل ذلك ، مما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
وحيث أن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بقولة ( أنه وبتاريخ8 / ۲ / 2014 تجمع أعضاء جماعة الوايت نايتس في تجمهر مؤلف من أكثر من خمسة أشخاص للدخول إلى نادي الزمالك عنوة وبالقوة والتهديد والترويع بأن قام المتهمون السيد على فهيم أبو المعاطى العازب وشهرته سيد مشاغب وياسر سید عبدالحافظ محمد وشهرته ياسر جوجو وأحمد جمال الدين محمد محمد عيد وأحمد سمير احمد صديق وشهرته احمد جودزيلا ومحمود محمد بسيونى على وشهرته بسيوني وفهد نجاح عبد الودود ومحمد حمدي محمد عوض وآخرين مجهولين باقتحام بوابة نادي الزمالك المطلة على شارع جامعة الدول العربية المسماة بوابة لابوار واستعرضوا القوة والعنف بالاشتراك مع آخرين مجهولين ضد المجنى عليهم مرتضی احمد محمد منصور وصلاح محمود مرسی و محمود خالد فتحي وشهرته أحمد عبد الطيف بقصد ترويعهم وتخويفهم وإلحاق الأذى بهم والحصول على منفعة وهي دخول نادي الزمالك عنوة والتأثير في إرادتهم لفرض السطوة عليهم وحملهم وأعضاء مجلس إدارة النادي على القيام بعمل هو تمكينهم من حضور فعاليات نشاط كرة القدم وبالوصول إلى هذا العرض تلقوا بالقوة والعنف والتهديد والترويع والقاء الرعب في نفوس المجنى عليهم وتكدير أمنهم وسكينتهم وتعريض حياتهم وسلامتهم للخطر والمساس بشرفهم وقاموا أيضا بالاشتراك مع آخرين مجهولين بإتلاف البوابة وكسر مزلاجها وتهشيم زجاج إحدى لوحات العرض وزجاج إحدى المطاعم وتدوين عبارات سب على جدران النادي في حق رئيسه بمرددين تلك العبارات النابية على النحو المبين بالتحقيقات " وساق الحكم على ثبوت الواقعة لديه في حق الطاعن على هذا النحو أدلة استقاها من أقوال شهود الإثبات ، مما ثبت بمعاينة النيابة العامة وتقريري الأدلة الجنائية والإدارة العامة للمعلومات والوثائق والتقريرين الطبيين الخاصين بشاهدي الإثبات الثالث والخامس وكذا من إقرار المتهمين التاسع والعاشر بالصورة الرسمية للجناية رقم 15138 لسنة 2014 قسم العجوزة ، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها . لما كان ذلك ، ، وكان يبين ما حصله الحكم . فيما نقدم . أنه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية الجرائم التي دان المطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها وجاء استعراضه لأدلة الدعوى على نحو يدل على أن المحكمة محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماما شاملا يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلا أو نمطا يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافيا في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة فإن ذلك ، يكون محققا لحكم القانون ومن ثم فإن منعی الطاعن بأن الحكم شابه الغموض والإبهام وعدم الإلمام بواقعات الدعوى لا محل له . لما كان ذلك ، ، وكان الحكم المطعون فيه قد بين أن الطاعن والمحكوم عليهم الأخرين قد اسهموا في ارتكاب الجرائم التي دانهم بها كفاعلين أصلين فيها ، فإن النعي عن الطاعن على الحكم بعدم بيان دور كل منهم في ارتكابها يكون غير مقبول . لما كان ذلك ، ، وكانت المادتان الثانية والثالثة من القانون رقم 10 لسنة 1914 بشأن التجمهر حددتا شروط قيام التجمهر قانوناً في أن يكون مؤلفاً من خمسة أشخاص على الأقل وأن يكون الغرض منه ارتكاب جريمة أو منع أو تعطيل تنفيذ القوانين أو اللوائح أو التأثير على السلطات في أعمالها أو حرمان شخص من حرية العمل باستعمال القوة أو التهديد باستعمالها وأن هذا مناط العقاب على التجمهر وشرط تضامن المتجمهرين في المسئولية عن الجرائم التي تقع تنفيذا للغرض منه هو ثبوت علمهم بهذا الغرض ، وكان يشترط إذن لقيام جريمة التجمهر المؤثم بالمادتين الثانية والثالثة من القانون سالف البيان اتجاه غرض المتجمهرين الذين يزيد عددهم على خمسة أشخاص إلى مفارقة الجرائم التي وقعت تنفيذا لهذا الغرض وأن تكون نية الأعداء قد جمعتهم وظلت تصاحبهم حتى نفذوا غرضهم المذكور وأن تكون الجرائم التي ارتكبت قد وقعت نتيجة نشاط إجرامي من طبيعة واحدة ولم تكن جرائم استقل بها أحد المتجمهرين لحسابه دون أن يؤدي إليها السير الطبيعي للأمور وقد وقعت جميعها حال التجمهر ، ولا يشترط لتوافر جريمة التجمهر وجوب قيام اتفاق سابق بين المتجمهرين إذ أن التجمع قد يبدأ بريئاً ثم يطرأ عليه ما يجعله معاقباً عليه عندما تتجه نية المشتركين فيه إلى تحقيق الغرض الإجرامي الذي يهدفون إليه مع علمهم بذلك ، . لما كان ذلك ، ، وكان الحكم المطعون فيه قد دلل بوضوح على توافر العناصر الجوهرية السالف بيانها في حق الطاعن ، وكان ما أورده الحكم في مجموعه ينبئ بجلاء على ثبوتها في حقه ، وكانت دلالة ما أستظهره الحكم في مدوناته على نحو ما سلف كافياً لبيان أركان جريمة التجمهر على ما هي معرفة به في القانون فإن الحكم لا يكون قد أخطأ في شئ وإذ كان ما أوردته المحكمة في حكمها يستفاد منه الرد على ما أثاره الدفاع بدعوی عدم توافر الجريمة في حق الطاعن فإن النعي عليها بقالة القصور في التسبيب والأخلال بحق الدفاع لا يكون سديداً . لما كان ذلك ، ، وكان النص في المادة الأولى من قانون التجمهر رقم 10 لسنة 1914 على أن " إذا كان التجمهر المؤلف من خمسة أشخاص على الأقل من شأنه أن يجعل السلم العام في خطر وأمر رجال السلطة المتجمهرين بالتفرق فكل من بلغه الأمر منهم ورفض طاعته أو لم يعمل به يعاقب بالحبس مدة لا تزيد عن ستة شهور أو بغرامة لا تتجاوز عشرين جنبها مصرياً " واضح الدلالة على أن جريمة رفض طاعة الأمر بالتفرق الصادر للمتجمهرين في التجمهر الموصوف بالنص أو عدم العمل به ، هي جريمة مستقلة بذاتها وبعقوبتها غير داخلة في أركان التجمهر أو شرطاً للعقاب عليه أو عن الجرائم التي تقع تنفيذا للغرض منه ، ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص في غير محله . لما كان ذلك ، ، وكان لا مصلحة للطاعن في عدم بيان الحكم قيمة التلفيات والواجب القضاء بإلزامه بدفعها ، وكيفية حدوثها والأدوات المستخدمة في إحداثها ، ما دام لم يلزمه بشیء عنها ، ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص في غير محله . لما كان ذلك ، ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع الحق في أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة الواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ، ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه وهي متى على أخذت بشهادتهم ، فإن ذلك ، يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وكانت الأحكام لا تلتزم بحسب الأصل بأن تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم عليه قضاءها وأن المحكمة غير ملزمة بسرد روايات الشاهد إذا تعددت وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به منها بل حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه ، ولها أن نعول على قول الشاهد في أي مرحلة من مراحل الدعوي ما دامت قد أطمانت إليها ، وكان تناقض الشاهد وتضاربه في أقواله أو مع أقوال غيره من الشهود ، على فرض حصوله . لا يعيب الحكم ، ما دام أنه قد استخلص الإدانة من أقوالهم أستخلاصا سائغا لا تناقض فيه . لما كان ذلك ، ، وكانت المحكمة قد بينت في حكمها واقعة الدعوى التي أستقرت في وجدانها وأوردت أدلة الثبوت المؤدية إليها بما استخلصته من أقوال الشهود ، وسائر عناصر الإثبات الأخرى المطروحة عليها استخلاصا سائغا لا تناقض فيه ، كما أن تبعية الشاهد إداريا للمجني عليه لا تمنع من الأخذ بأقواله متى اقتنعت المحكمة ، وكان ما يثيره الطاعن بشأن أن أيا من شهود الإثبات لم ير وقائع التخريب والإتلاف العمدي ، لا يعدو أن يكون محاولة لتجريح أدلة الدعوى على وجه معين تأدية من ذلك ، إلى مناقضة الصورة التي ارتسمت في وجدان المحكمة بالدليل الصحيح وهو ما لا يقبل أثارته أمام محكمة النقض ، كما أنه لا يشترط في شهادة الشاهد أن تكون واردة على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها وبجميع تفاصيلها على وجه دقيق ، بل يكفي أن يكون من شأن تلك الشهادة أن تؤدي إلى هذه الحقيقة استنتاج سائغ تجریه محكمة الموضوع يتلاءم به ما قاله الشاهد بالقدر الذي رواه مع عناصر الإثبات الأخرى المطروحة أمامها ومن ثم يضحى ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يتمخض إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، ، وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها من المسائل الموضوعية التي تخضع لإشراف محكمة الموضوع ، وأن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة أساسية ، وكانت المحكمة قد أيدت اطمئنانها إلى تحريات الشرطة بجانب ما ساقته من أدلة أساسية في الدعوى ، فإن ما يثيره الطاعن من عدم جدية التحريات وعدم كفايتها ينحل إلى جدل موضوعي في سلطة محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى ولا يجوز مصادرتها فيه أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان يتعين لقبول وجه الطعن أن يكون واضحا محددا مبيناً به ما يرمي إليه مقدمه حتى يتضح مدى أهميته في الدعوى المطروحة وكونه منتجاً مما تلتزم محكمة الموضوع بالتصدي ايرادا له وردا عليه ، وكان الطاعن لم يكشف بأسباب الطعن عن أوجه بما أسنده الحكم خطأ لدى إيراده أقوال الشهود والتضارب فيها بل ساق قوله مرسلا مجهلا فضلا عما هو مقرر من أنه لا يقدح في سلامة الحكم عدم اتفاق أقوال شهود الإثبات في بعض تفاصيلها ما دام الثابت أنه حصل أقوالهم بما لا تناقض فيه ولم يورد تلك التفصيلات أو يركن إليها في تكوين عقيدته كما هو الحال في الدعوى المطروحة فإن النعي على الحكم في هذا المقام فضلا عن عدم قبوله يكون غير سديد . لما كان ذلك ، ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تعرض عن قلة شهود النفي ما دامت لم تثق بما شهدوا وهي غير ملزمة بالإشارة إلى أقوالهم ما دامت لم تستند إليها ، وفي قضائها بالإدانة لأدلة الثبوت التي أوردتها دلالة على أنها لم تعتد بدفاع الطاعن ببطلان القبض عليه ولا بأقوال الشاهد التي أيدته فأطرحتها ، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الخصوص لا يكون له محل . وكانت الأدلة في المواد الجنائية اقناعية فللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها المحكمة من باقي الأدلة القائمة في الدعوى ، وكان ما أورده الحكم تأسيسا على أقوال شهود الإثبات ومعاينة النيابة العامة يسوغ به اطراح دفاع الطاعن سالف الذكر فإن ما يثيره في هذا الخصوص يكون في غير محله ويعد جدلا موضوعيا مما لا تجوز إثارته أمام محكمة ، هذا فضلا عن أنه من المقرر في أصول الاستدلال أن المحكمة غير ملزمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها وأن في إغفالها بعض الوقائع ما يفيد ضمناً أطراحها لها اطمئنانا إلى ما أثبتته من الوقائع والأدلة التي اعتمدت عليها في حكمها ، ومن ثم فلا يعيبه من بعد إغفالة الإشارة إلى ما تضمنته تلك الإقرارات طالما أنها لم تكن بذي أثر في تكوين عقيدة المحكمة ، مما يضحى معه منعى الطاعن في هذا الشأن غير سديد . لما كان ذلك ، ، وكان من المقرر أن طلب سماع شهود نفي بفرض صحة إثارته بدفاع الطاعن هو دفاع موضوعي يجب أن يكون كسائر الدفوع الموضوعية ظاهر التعلق بموضوع الدعوى ، أي أن يكون الفصل فيه لازما للفصل في ذات الموضوع وإلا فالمحكمة في حل من عدم الاستجابة إليه كما أنها ليست ملزمة بالرد عليه صراحة في حكمها، هذا إلى أنه لا جناح على المحكمة إن هي أعرضت عن هذا الطلب ما دام الطاعن لم يتبع الطريق الذي رسمه قانون الإجراءات الجنائية في المادة 214 مكررا ( أ ) فقرة ثانية لإعلان الشهود الذين يرى سماعهم ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون مقبولا . لما كان ذلك ، ، وكان من المقرر أن تقدير الأدلة بالنسبة إلى كل متهم هو من اختصاص محكمة الموضوع وحدها وهي حرة في تكوين عقيدتها حسب تقديرها لتلك الأدلة واطمئنانها إليها بالنسبة إلى متهم أخر ، و عدم اطمئنانها بالنسبة لذات الأدلة بالنسبة إلى متهم آخر، كما أن لها أن تزن أقوال الشاهد فتأخذ منها بما تطمئن إليه في حق أحد المتهمين وتطرح ما لا تطمئن إليه منها في حق متهم آخر دون أن يكون هذا تناقضا يعيب حكمها ما دام يصح في العقل أن يكون الشاهد صادقا في ناحية من أقواله و غير صادق في شطر منها وما دام تقدير الدليل موكولا إلى اقتناعها وحدها فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم من قالة التناقض والفساد في الاستدلال يكون ولا محل له . لما كان ذلك ، ، وكان الاعتراف صادرا عن المتهمين الأخرين ، فلا صفة للطاعن في النعي على الحكم بالقصور في الرد على هذا الدفاع لما هو مقرر من أنه لا صفة لغير من وقع في حقه الإجراء أن يدفع ببطلانه ولو كان يستفيد منه لأن تحقق المصلحة لاحق لوجود الصفة فيه ، هذا فضلا عما هو مقرر أن لمحكمة الموضوع سلطة مطلقة في الأخذ باعتراف المتهم في حق نفسه وعلى غيره من المتهمين متى أطمأنت إلى صحته ومطابقته للحقيقة والواقع كما أن للمحكمة الجنائية أن تستند في حكمها إلى أي عنصر من عناصر الدعوى متى كانت هذه العناصر معروضة على بساط البحث أمامها وكان في استطاعة الدفاع أن يتولى مناقشتها وتفنيدها بما يشاء . فإذا أدانت المحكمة الطاعن استنادا إلى إقرار المتهمين التاسع والعاشر في قضية جنائية قضى فيها بالبراءة فلا تثريب عليها في ذلك ، مادامت هذه القضية كانت مضمومة إلى الدعوى المطروحة أمامها ، وإذ كان الثابت من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يدفع أمام محكمة الموضوع بأن اعتراف المتهمين سالفي الذكر قد جاء نتيجة استجوابهما في تحقيقات النيابة في غبية محاميهما ، وهو ما أثاره جديدا في طعنه ، فليس للطاعن أن ينعي على المحكمة عدم ردها على دفاع لم يثر لديها ، ولا يقبل منه الدفع بشيء من ذلك ، أمام محكمة النقض لأول مرة . لما كان ذلك ، ، وكان بين من الحكم المطعون فيه أنه بنى قضاءه بصفة أصلية في موضوع الواقعة محل الجريمة على أقوال شهود الإثبات وما ثبت بمعاينة النيابة العامة وتقريري الأدلة الجنائية والإدارة العامة للمعلومات والوثائق واقرار المتهمين التاسع والعاشر بصورة الجناية رقم ۱۵۱۳۸ لسنة 2014 قسم العجوزة ، وهي دعامات صحيحة تكفي لإقامته ، فإنه لا يعيب الحكم – في خصوصية هذه الدعوی إغفاله إيراد التقريرين الطبيين الموقعين على الشاهدين الثالث والخامس بكامل أجزائهما واللذين أوردهما الحكم تزيداً ، طالما أن أيا من التقريرين لم يكن قوام جوهر الواقعة التي اعتنقتها المحكمة ولم يكن لهما من أثر في النتيجة التي انتهى إليها الحكم . لما كان ذلك ، ، ولئن كانت المحكمة الدستورية العليا قد قضت في الدعوى رقم 83 لسنة ۲۳ قضائية دستورية بجلسة 7 / 5 / 2006 بعدم دستورية القانون رقم 6 لسنة ۱۹۹۸ بإضافة باب جديد إلى أبواب الكتاب الثالث من قانون العقوبات ، إلا أنه صدر لاحقاً وقيل تاريخ ارتكاب الواقعة المرسوم بقانون رقم 10 لسنة ۲۰۱۱ بإضافة الباب السادس عشر الترويع والتخويف والمساس بالطمأنينة " البلطجة " إلى أبواب الكتاب الثالث من قانون العقوبات ونشر بالجريدة الرسمية بتاريخ 10 / 3 / 2011 والذي يتكون من المادتين رقمي 375 مكرراً و 375 مكرراً ( أ ) ، ولا زال سارياً ولم يقض بعدم دستوريته ، كما أن القانون رقم 10 لسنة 1914 بشأن التجمهر المعدل بالقانون رقم 87 لسنة 1968 لا زال ساريا ولم يقض بعدم دستوريته ، ومن ثم يكون منعى الطاعن في هذا الصدد غير قويم . لما كان ذلك ، ، وكان لا جدوى مما يثيره الطاعن مما ينصرف إلى باقي الجرائم مادام الحكم قد أثبت في حقه جريمة التخريب العمدي لنادي الزمالك للألعاب الرياضية وهي من الأملاك العامة ، ووقوع التخريب حال التجمهر مع علمه بالغرض منه بما بينه على النحو المار ذكره وأوقع عليه عقوبة واحدة تدخل في حدود العقوبة المقررة لها باعتباره أشد الجرائم موضوع المحاكمة . لما كان ذلك ، ، وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه أورد نصوص القانون التي آخذ الطاعن بها وأفصح عن أنه أنزل العقوبة بمقتضاها ، وقد أوقع عليهم عقوبة واحدة بعد أعمال المادة 17 من قانون العقوبات هي الحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة وهي تدخل في حدود العقوبة المقررة لجريمة تخريب أحد المشتركين في تجمهر مؤلف من خمسة أشخاص على الأقل المستهدف أحد الأغراض المبينة بنص المادة الثانية من القانون رقم 10 لسنة 1914 بشأن التجمهر لأحد المباني أو الأملاك العامة أو المخصصة لمصالح حكومية ، وهي الجريمة التي نظمتها المواد ۱، ۲، ۳ / فقرة ثانية ، 3 مكررا فقرة ثانية من القانون المذكور ، وفي هذا الأمر تشير هذه المحكمة إلى أن الحكم وإن أخطأ في تطبيق القانون بإغفاله القضاء بإلزام الطاعن بدفع قيمة ما حدث من تخريب أملاك عامة ، وهي العقوبة التي كان يجب توقيعها عليه إنفاذا لما قررته الفقرة الثالثة من المادة الثالثة عن قانون التجمهر المذكورة ، كما أغفل ما توجيه الفقرة الأخيرة من المادة 375 مكرر من قانون العقوبات . والتي كان الطاعن بها أيضاً من ضرورة القضاء في جميع الأحوال بوضع المحكوم عليه تحت مراقبة الشرطة مدة مساوية لمدة العقوبة المحكوم بها عليه باعتبارها عقوبة تكميلية ذات طبيعية وقائية إلا أن محكمة النقض لا تستطيع تصحيح هذا الخطأ القانوني لكون المحكوم عليه هو الطاعن وحده ، وحتى لا يضار بطعنه . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمنه يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة :
بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع برفضه .

الطعن 55 لسنة 18 ق جلسة 24 / 11 / 1949 مكتب فني 1 ق 9 ص 32

جلسة 24 من نوفمبر سنة 1949

برياسة حضرة أحمد حلمي بك وحضور حضرات: عبد العزيز محمد بك ومحمد علي رشدي بك وعبد الحميد وشاحي بك ومحمد نجيب أحمد بك المستشارين.

-----------------

(9)
القضية رقم 55 سنة 18 القضائية

نقض. 

تقديم الأوراق والمستندات. حكم منقوض. الطعن في الحكم الصادر بعد إحالة الدعوى من محكمة النقض بأنه قد اشترك في إصداره قاض اشترك في الحكم المنقوض. عدم تقديم الحكم الناقض والمنقوض. طعن من غير دليل.

---------------
على الطاعن أن يقدم الأوراق المؤيدة لطعنه. فمن ينعى على حكم أنه قد اشترك في إصداره أحد أعضاء المحكمة التي أصدرت الحكم السابق صدوره والذي قضى بنقضه يكون عليه أن يقدم ضمن أوراق الطعن صورة الحكم المنقوض وصورة الحكم الناقض، وإلا كان طعنه من غير دليل متعيناً رفضه.


الوقائع

في يوم 5 من أبريل سنة 1948 طعن بطريق النقض في حكم محكمة استئناف أسيوط الصادر يوم 7 من ديسمبر 1947 في الاستئناف رقم 173 س ق 9 وذلك بتقرير طلب فيه الطاعن قبول الطعن شكلاً وفي الموضوع نقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية على محكمة استئناف أسيوط وإلزام المطعون عليه بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة الخ الخ.


المحكمة

ومن حيث إنه بني على خمسة أسباب، حاصل أولها أن الحكم المطعون فيه قد شابه بطلان لمخالفته نص المادة 29 من قانون إنشاء محكمة النقض، ذلك أنه صدر من هيئة برياسة حضرة صاحب العزة أحمد بك محمد حسن رئيس محكمة استئناف أسيوط في حين أنه اشترك في إصدار حكم سابق في الدعوى هو الحكم الصادر في 14 من مايو سنة 1934 والقاضي بقبول الاستئناف شكلاً وإحالة الدعوى على التحقيق وإلغاء وصف النفاذ الذي كان مشمولاً به الحكم الابتدائي هذا مع أن محكمة النقض حكمت في 17 من يونيو سنة 1937 بنقض الحكم النهائي السابق صدوره في الدعوى في 16 من مارس سنة 1937 برمته وإعادة القضية إلى محكمة استئناف أسيوط لتحكم فيها دائرة أخرى من جديد.
ومن حيث إن هذا السبب مردود بأن المادة 29 من قانون إنشاء محكمة النقض إنما تمنع أن يكون من ضمن أعضاء المحكمة التي تحال عليها الدعوى بعد نقض الحكم الصادر فيها أحد القضاة الذين اشتركوا في إصدار هذا الحكم المنقوض، ولما كان الطاعن لم يقدم ضمن مستنداته حكم محكمة استئناف أسيوط المنقوض ولا الحكم الناقض له، فلا يكون هناك ثمة دليل على ما ينعاه على الحكم في هذا الخصوص.
ومن حيث إن حاصل السبب الثاني أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون، إذ قضى برفض دعوى التزوير على أساس أن الختم الموقع به على إيصال الـ40 جنيهاً - المطعون فيه هو ختم الطاعن وأنه هو الموقع به عليه، ذلك مع مخالفة هذه الواقعة لأحكام نهائية مدنية وجنائية هي حجة على الكافة عن تزوير سند آخر نسب إلى الطاعن لصالح شخص آخر وكان موقعاً عليه بنفس بصمة الختم المذكور.
ومن حيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه أن واقعة هذا السبب كانت بجميع تفاصيلها موضوع الدليلين الرابع والخامس من أدلة التزوير، وقد بحثتها المحكمة بحثاً مستفيضاً انتهت فيه إلى أن بصمة الختم الموقع بها على الإيصال المطعون فيه تختلف عن بصمة الختم التي نسبت إلى الطاعن على السند الآخر المقضي بتزويره من جهة شكل القرص والكتابة اختلافاً واضحاً للعين المجردة وأنها مطابقة ومتحدة مع بصمات ختمه المعترف به، وذلك بأدلة مستمدة من واقع الأوراق ومن عملية المضاهاة التي أجرتها المحكمة ومن تقرير الخبير الذي ندب في الدعوى، وليس في النتيجة التي استخلصتها المحكمة ما يخالف حكماً سابقاً في ذات الموضوع وبين نفس الخصوم، ومن ثم يكون هذا السبب مرفوضاً.
ومن حيث إن حاصل السبب الثالث أن الحكم المطعون فيه بني على فهم خاطئ يخالف الواقع الثابت بالتحقيقات، إذ يظهر من أسبابه أن المحكمة اعتقدت أن السند الآخر المقضي بتزويره كان موقعاً عليه بختم آخر للطاعن فقد منه وكان مكوناً من كلمتين "عبادة عوض" مع أن الواقع أنه موقع عليه بختم مكون من ثلاث كلمات "عبادة عوض عبد العال" وهو نفس الختم الموقع به على الإيصال المطعون فيه.
ومن حيث إنه وإن كانت المحكمة قد تعرضت لموضوع ختم الطاعن الفاقد فإنما كان ذلك لأنه اعتمد عليه كدليل من أدلة التزوير فكان عليها أن تفصل فيه فقضت برفضه لما وضح لها من أن بصمة ختم الإيصال المطعون فيه مكونة من ثلاث كلمات بينما بصمة الختم الفاقد تحوي كلمتين فقط، ولكن لم يرد في أسباب حكمها ما يفيد أنها فهمت أن بصمة ختم السند الآخر المقضي بتزويره مكونة من كلمتين فقط، بل إن المضاهاة التي أجرتها وانتهت فيها إلى النتيجة المشار إليها في الرد على السبب الثاني كانت بين الختم الموقع به على الإيصال المطعون فيه والختم الموقع به على السند المقضي بتزويره من ناحية أخرى، ومسلم من الطاعن بأن كلا منهما مكون من ثلاث كلمات، ولذلك يكون هذا السبب غير صحيح.
ومن حيث إن حاصل السبب الرابع أن المحكمة قضت برفض الدليل المستمد من مسلك المطعون عليه أمام المحكمة الابتدائية مسلكاً لا يتفق مع تمسكه بعد ذلك بالإيصال المطعون فيه، وذلك بقولها إن تقديمه طلباً بعد إقفال باب المرافعة بتأجيل الدعوى لتقديم مستندات يعتبر دليلاً على صحة الإيصال، مع أن المنطق السليم يقضي بأن تقديم هذا الطلب بعد إقفال باب المرافعة دليل على أن فكرة التزوير لم تتضح عنده إلا في هذه اللحظة ولذلك جاء الطلب مجهلاً كما أنه لو كان الإيصال صحيحاً لكان بادر بتقديمه أمام المحكمة الابتدائية وهو أهم بكثير من تمسكه بالدفع بعدم جواز الجمع بين طلب الفوائد ووضع اليد على العين.
ومن حيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه أن هذا السبب كان موضوع الدليل الثاني من أدلة التزوير، وقضت المحكمة برفضه لما تبين لها من مراجعة أوراق الدعوى أمام المحكمة الابتدائية من أن الحاضر عن المطعون عليه طلب حجز القضية للحكم مع التصريح له بتقديم مستندات ولما لم تجبه المحكمة إلى هذا الطلب وحجزت القضية للحكم فيها آخر الجلسة بادر المطعون عليه شخصياً بتقديم طلب كتابي قرر فيه صراحة أن لديه مخالصة لم يتمكن من تقديمها لوجودها مع ابنه الغائب بالقاهرة ولكن المحكمة لم تحفل بهذا الطلب وفصلت في الدعوى آخر الجلسة، ثم قال الحكم إن هذا كله يفيد أن المطعون عليه تمسك بوجود المخالصة خلافاً لما يقول به الطاعن وإنه على كل حال لم يكن الإيصال مخالصة بكامل الدين بل بجزء منه ولذا لا يؤدي وحده إلى رفض الدعوى برمتها بل كان لزاماً على المطعون عليه أن يقيم الدليل على أن الطاعن قد حصل من غلة العين على ما يساوي رصيد الدين - وهذا الذي حصله الحكم هو تحصيل موضوعي سائغ من واقع أوراق الدعوى.
ومن حيث إن حاصل السبب الخامس أن المحكمة، إذ قضت برفض الدليل الخاص بالواقعة التي شهد بها الشهود وهي أن المطعون عليه لم يتمسك بالإيصال المطعون فيه عند الشكوى للعمدة والبوليس بقولها إنها لا تعول على شهادتهم لأدائها بجلسة 10 من ديسمبر سنة 1946 متأخرة بعد حصول الواقعة بأربع عشرة سنة، قد بنت اعتقادها على أساس غير صحيح يناقض الواقع الثابت بالتحقيقات ذلك أنه قد فات المحكمة أن هذه الواقعة نفسها كانت محل التحقيق أمام حضرة المستشار الذي ندب في القضية وهي في مرحلتها قبل الحكم المنقوض وشهد بها هؤلاء الشهود أمامه بجلسة 3 من أبريل سنة 1935 أي بعد حصول الواقعة بزمن يسير.
ومن حيث إن هذا السبب مردود بأن المحكمة حين تحدثت عن شهادة الشهود بشأن الواقعة التي يشير إليها الطاعن قالت إنها لا تعول على شهادتهم لمضي أكثر من أربع عشرة سنة على الواقعة المذكورة وهي في هذا لم تتعد سلطتها في التقدير، ولم يقدم الطاعن ما يثبت أن نفس هؤلاء الشهود أدوا شهادتهم في محضر التحقيق الذي أجرى في 3 من أبريل سنة 1935 وأنه تحدى أمام المحكمة بأقوالهم في هذا التحقيق بالذات حتى يجوز له أن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه استبعد أقوالهم بلا مبرر مقبول ولغير سبب صحيح.
ومن حيث إنه لجميع ما تقدم يكون الطعن على غير أساس متعيناً رفضه.