الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 5 ديسمبر 2023

اَلْأَعْمَال اَلتَّحْضِيرِيَّةِ لِلْقَانُونِ اَلْمَدَنِيِّ اَلْمِصْرِيِّ / مَادَّةً 13 : اَلْقَانُونُ اَلْمُطَبَّقُ عَلَى آثَارِ اَلزَّوَاجِ وَالطَّلَاقِ

عودة إلى صفحة : اَلْأَعْمَال اَلتَّحْضِيرِيَّةِ لِلْقَانُونِ اَلْمَدَنِيِّ اَلْمِصْرِيِّ


مادة 13 (1)

1 - يسري قانون الدولة التي ينتمي إليها الزوج وقت انعقاد الزواج على الآثار التي يرتبها عقد الزواج ، بما في ذلك من أثر بالنسبة إلى المال.

2 - أما الطلاق فيسري عليه قانون الدولة التي ينتمي إليها الزوج وقت الطلاق ، ويسري على التطليق والانفصال قانون الدولة التي ينتمي إليها الزوج وقت رفع الدعوى.


التقنين المدني السابق :

لا مقابل لها . ولكن يقابلها المادة 29 من لائحة التنظيم القضائي للمحاكم المختلطة فقرة 3: (ويرجع) إلى قانون بلد الزوج وقت عقد الزواج في المسائل الخاصة بعلاقات الزوجين بما فيها التفريق والطلاق والتطليق وكذلك في آثار تلك العلاقات بشأن الأموال ".


المشروع التمهيدي

المادة 29 – يسري قانون الدولة التي ينتمي إليها الزوج وقت انعقاد الزواج على العلاقات ما بين الزوجين بما في ذلك الانفصال والطلاق وما يترتب عليها من أثر بالنسبة للمال .". (2)

المذكرة الإيضاحية للمشروع :

جاء بمذكرة المشروع التمهيدي: مادة (29): تقرر المادة 29 حكم الاختصاص التشريعي بالنسبة إلى علاقات الزوجين" بما في ذلك الانفصال والطلاق وما يترتب علي هذه العلاقات من أثر بالنسبة إلي المال " فتخضع كل أولئك لقانون الزوج وقت انعقاد الزواج وهذا هو حكم الفقرة الثالثة من المادة 29 من لائحة التنظيم القضائي للمحاكم المختلطة وهو يتفق مع كثير من أحكام التشريعات الحديثة في هذا الشأن (أنظر المادتين 8 و9 من التقنين الإيطالي الجديد والمواد 14 و15 و16 من القانون البولوني الصادر في سنة 1926 وقارن المادة 16 من قانون إصدار التقنين الألماني) . على أن ولاية القانون الشخصي للزوج فيما يتعلق بنظام الأموال بين الزوجين (وهو نظام لا تعرفه الشريعة الإسلامية ولا الطوائف غير الإسلامية المصرية) لا تخل باختصاص القانون المصري بوصفه قانوناً لموقع الأموال وهذا ما عنته الفقرة الأخيرة من المادة 29 من لائحة التنظيم القضائي للمحاكم المختلطة في نصها على أن قواعد هذه المادة لا تخل "بالأحكام المتعلقة بنظام الملكية العقارية في القطر المصري" ويتفرع على هذا التحفظ أنه لا يجوز الحكم في مصر باعتبار البائنة مالاً غير قابل للتصرف فيه وفقاً للقانون الشخصي للزوج لأن هذه الناحية مسألة تتعلق بنظام الأموال ولا يرجع فيها إلا لقانون موقع المال (وقد قضت محكمة الاستئناف المختلطة بغير ذلك في أحكام قليلة منها 22 يونيه 1914 ب 26 ص 179 ثم عدلت عن قضائها هذا في أحكامها الأخيرة).


المشروع في لجنة المراجعة :

تليت المادة 29 واقترح معالي السنهوري باشا تعديلها تعديلا يجعل حكم الطلاق غير حكم الزواج فوافقت اللجنة على ذلك وأصبح نصها كالآتي : 1 - يسري قانون الدولة التي ينتمي إليها الزوج وقت انعقاد الزواج على الآثار التي يرتبها عقد الزواج ، بما في ذلك من أثر بالنسبة إلى المال.

2 - أما الطلاق فيسري عليه قانون الزوج وقت الطلاق ، ويسري على التطليق والانفصال قانون الزوج وقت رفع الدعوى.

 وأصبح رقم المادة 14 في المشروع النهائي .


المشروع في مجلس النواب :

وافق المجلس على المادة دون تعديل تحت رقم 14.


المشروع في مجلس الشيوخ :

مناقشات لجنة القانون المدني :

محضر الجلسة الخمسين

تليت المادة ١٤ التي تتعرض للقانون الواجب التطبيق على آثار عقد الزواج فانقسم الرأي قسمين :

فرأى سعادة العشماوي باشا أنه لا يمكن الفصل بين الزواج وآثاره ، وأن القانون الذي يطبق على صحة الزواج يجب أن يطبق على آثاره وهذا يقتضي إضافة فقرة جديدة تستثني حالة ما إذا كان أحد الزوجين مصرياً فيطبق القانون المصري وحده تمشيا مع تعديل المادة السابقة حتى يكون القانون الذي يطبق في إنشاء العقد هو الذي يحكم الآثار.

وكان من رأي أباظة بك إخضاع آثار الزواج خصوصاً المالية منها إلى قانون الزوج لأن هذه الآثار ليست من النظام العام في شيء.

ولكن رأت الأغلبية الأخذ برأي سعادة العشماوي باشا واستثناء حالة ما إذا كان أحد الزوجين مصرياً فيطبق القانون المصري .

ثم رأت سحب هذا الاستثناء على الفقرة الثانية أيضا الخاصة بالطلاق .

ولما تعرضت اللجنة لصياغة الاستثناء اتجهت الفكرة إلى إفراد حكم تطبيق القانون المصري إذا كان أحد الزوجين مصرياً بمادة مستقلة . ووافقت اللجنة على النص التالي على أن يكون المادة ١٤ مكرراً .

« في الأحوال المنصوص عليها في المادتين السابقتين إذا كان أحد الزوجين مصرياً يسري القانون المصري وحده فيما عدا شرط الأهلية للزواج ».

ويترتب على ذلك حذف الفقرة الثانية المضافة إلى المادة ١٣ .

محضر الجلسة الستين

تساءل سعادة توفيق دوس باشا عما إذا كانت القواعد الخاصة بتنازع القوانين في المكان تسري على التنازع الداخلي ما بين القوانين فأجاب الدكتور بغدادي مندوب الحكومة أن هذه القواعد قاصرة على التنازع الذي تطبق في شأنه قواعد القانون الدولي الخاص أو على دائرة الروابط التي تنطوي على عنصر أجنبي أما التنازع الداخلي فيما بين القوانين المصرية فلا شأن للقواعد المتقدم ذكرها به ولا أدل على ذلك من أن المذكرة الإيضاحية لمشروع القانون تضمنت العبارة الآتية:

« رأى واضعو المشروع أن يغفلوا الشق الخاص بالتنازع الداخلي فيما بين قوانين الأحوال الشخصية ويسقطوه من هذا الفرع »

ويتصل بهذا التساؤل استيضاح سعادته أيضا عن المقصود من اصطلاح قانون الزوج ، أو قانون الأب ، وقد أجاب على ذلك حضرة مندوب الحكومة الدكتور بغدادي أن العرف التشريعي قد استقر على أن أمثال هذه العبارات يقصد بها قانون الجنسية التي ينتمي إليها الزوج أو الأب ولعل صيغة المادة 11 من المشروع لا تدع مجالاً لأي شك في حقيقة هذا المعنى المقصود إذ تنص على أن الحالة المدنية للأشخاص وأهليتهم يسري عليها قانون الدولة التي ينتمون إليها بجنسيتهم ، فهي بهذا الوضع تضع القاعدة العامة في مسائل الأحوال الشخصية وما ورد بعد ذلك من نصوص لا يعدو أن يكون مجرد تفصيل أو تحديد.

قرار اللجنة :

الموافقة على هذا التفسير وتعديل الفقرة الثانية من المادة ١٣ باستبدال عبارة «قانون الدولة التي ينتمي إليها الزوج » بعبارة « قانون الزوج » توخيا لتوحيد التعبير الوارد في فقرتي المادة دون قصد إلى المساس بالمقصود من عبارة « قانون الشخص » عند الإطلاق فهي تنصرف دائما إلى قانون الجنسية دون قانون الموطن أو الدين .

تقرير اللجنة :

وافقت اللجنة على المادة كما وردت في قرارها وأصبح رقمها ١٣ .

مناقشات المجلس :

ووافق المجلس على المادة دون تعديل . 



(1) مجموعة الأعمال التحضيرية ج 1 ص 253 .

(2) هذه المادة من المواد التي ناقشتها لجنة المرحوم كامل صدقي باشا وفيما يلي مناقشات تلك اللجنة عنها :

محضر جلسة ۱۹ مارس ۱۹۳۷

تلا المسيو بنيتا المادة ۱۱ من المشروع التمهيدي ونصها كالآتي :

»إذا ترتب على تغيير جنسية أحد الزوجين أثناء قيام الزوجية اختلاف جنسية أحدهما عن جنسية الآخر فإن علاقاتهما الشخصية والمالية تخضع لقانون بلد كل منهما« .

»فإذا لم يكن الزوجان متحدي الجنسية في وقت ما فإن علاقاتهما الشخصية والمالية تخضع لقانون الدولة التي ينتمى إليها الزوج وقت عقد الزواج  . «

»ومع ذلك إذا تغيرت جنسية الزوج أثناء الزواج فإن قانونه الجديد هو الذي يسري إذا ترتب على هذا التغيير اتحاد جنسية الزوجين « .

وذكر المسيو بنيتا أن هذا النص يعالج في الوقت ذاته العلاقات الشخصية وكذا المالية بين الزوجين . ولو أن اللجنة الفرعية تذهب إلى إيثار الفصل بين هذين النوعين من العلاقات وجعل كل منهما موضوع نصوص مستقلة طبقاً للمنهج الذي أخذ به مؤتمر لاهاي واقترح النص التالي الوارد في مشروع القانون المدني الروماني :

« »يسري على العلاقات الشخصية ما بين الزوجين المختلفي الجنسية آخر قانون مشترك لهما فإذا لم يكن لهما قانون مشترك سرى على هذه العلاقات قانون الدولة التي ينتمي إليها الزوج وقت انعقاد الزواج « .

وعقب المسيو باسار بأنه قد يكون هناك محل للنص صراحة على القانون الواجب التطبيق في حالة تراخي علاقات الزوجية أو انفصام روابطها عند اختلاف جنسية الزوجين .

وأبان المسيو بنيتا أن النص الذي اقترحته اللجنة الفرعية والذي أقره مؤتمر لاهاي وأخذت به أغلب الدول قد اتفق على اعتباره وافياً بالغرض في تنظيم مجموعة العلاقات الناتجة عن الزواج .

وقال المسيو باسار بأنه إذا رأت اللجنة أن هذا النص كاف وأنه لا يحتاج إلى تكملة على النحو الذي رآه فليكن معلوماً أنه في حالة الطلاق والتفريق الجسماني بين زوجين من جنسيات مختلفة يكون القانون الواجب التطبيق هو قانون الدولة التي ينتمى إليها الزوج وقت انعقاد الزواج .

ووافقت اللجنة على هذا الرأي .

ثم تلا المسيو بنيتا نص المادتين ۱۲ و ۱۳ اللتين اقترحتهما اللجنة الفرعية بشأن العلاقات المالية بين الزوجين وأخذ بهما مؤتمر لاهاي .

المادة ١٢ - « في حالة عدم وجود عقد يسري على العلاقات المالية بين الزوجين قانون الدولة التي ينتمي إليها الزوج وقت انعقاد الزواج .

« ولا يؤثر تغيير جنسية الزوجين أو أحدهما على العلاقات المتصلة بالمال«

مادة ١٣ - « قانون الدولة التي ينتمي إليها الزوجان هو الذي يقرر ما إذا كان لهما إبان الزوجية أن يبرما عقد زواج أو يفسخا أو يعدلا اتفاقاتهما المالية .

« فإذا لم يكن الزوجان متحدي الجنسية في وقت ما خلال الزوجية كان قانون الزوج هو وحده الواجب التطبيق .

« وكل تغيير بالنسبة لنظام الأموال لا يمكن أن يكون له أثر رجعي إضراراً بالغير».

وعلق فؤاد بك حسني على هذين النصين بأنهما يطابقان الفقه والقضاء الأجنبي إذ يرى الفقيهان أسر وريفيه أن القانون الذي سرى من بادئ الأمر على أموال الزوجين هو الذي يجب أن يسري على هذه الأموال رغم تغيير الجنسية وعلى هذا الرأي العلامة سافيني وجمهور الشراح الحديثين وهو ما جرى عليه أيضاً القضاء الفرنسي . ويقال تعزيزاً لهذا الرأي بأنه لا يجدر الاعتراف بأثر رجعي لقانون الجنسية التالية بالنسبة لأموال الزوجين الموجودة بالفعل وإلا لأمكن لهذا القانون الجديد أن يعدل الآثار القانونية لتصرف تم في وقت لم يكن الطرفان فيه خاضعين لسلطانه .

وقد وافقت اللجنة على اقتباس هذين النصين بحالتهما .

تم تلا المسيو بنيتا المادة ۱۲ من مشروع المسيو لينان دي بلفون التمهيدي ونصها كما يلي :

« يسري على العلاقات بين الآباء والأبناء إذا كانوا خاضعين لقوانين دول مختلفة ينتمون إليها قانون دولة الأب أو دولة الأم إذا كانت الأم هي المعروفة وحدها ويسري على العلاقات بين المتبني والمتبنى قانون الدولة التي ينتمي إليها المتبني » .

وذكر أن اللجنة الفرعية اقترحت الأخذ بهذا النص بعد استبعاد عبارة « إذا كانوا خاضعين لقوانين دول مختلفة ينتمون إليها  » .

وقال المستر جراهام إنه يرى الاستعاضة عن عبارة « إذا كانت الأم هي المعروفة وحدها » بعبارة أخرى .

وعقب الرئيس بأن هذا التعبير الذي اصطلحت عليه التقنينات في دول عديدة يلوح له أنه أكرم من عبارة « إذا كان الأب مجهولا »

وقد وافقت اللجنة على أن يكون نص المادة ١٤ كالآتي :

« يسري على العلاقات بين الآباء والأبناء قانون الدولة التي ينتمي إليها الأب أو التي تنتمي إليها الأم إذا كانت الأم هي المعروفة وحدها .

« ويسري على العلاقات بين المتبني والمتبنى قانون الدولة التي ينتمي إليها المتبني » .

ثم تلا المسيو بديتا المادة ١٣ من المشروع التمهيدي للمسيو لينان دي بلفون ونصها :

« يسري قانون عديم الأهلية أو الشخص الواجب حمايته على الوصاية على عديمي الأهلية وغيرها من النظم المماثلة كالقوامة على القاصر الذي تم تحريره والسفيه » .

وأردف أن اللجنة الفرعية اقترحت النص التالي :

« يسري قانون الشخص الواجب حمايته على الوصاية وما شابها من النظم الخاصة بحماية عديمي الأهلية» .

وعقب فؤاد بك حسني بأن هذا النص يجب أن يتضمن حكمه مركز الغائبين الذين ليسوا من عديمي الأهلية وعليه فقد رأى إضافة لفظة « والغائبين » بعد لفظة « عديمي الأهلية».

وأشار صليب بك سامي إلى أنه يقترح تبسيط النص حتى يصبح « يسري قانون عديمي الأهلية أو الغائبين على الوصاية أو القوامة الخاصة بهم ».

وقال المستر جراهام إنه يقترح النص التالي :

« يسري قانون عديم الأهلية أو الشخص الواجب حمايته على الوصاية والقوامة وكل نظام آخر مماثل » .

وذكر المسيو دوفيه أن من المناسب إضافة عبارة « والسفهاء » إلى النص الذي اقترحته اللجنة الفرعية حيث أن هؤلاء ليسوا عديمي الأهلية بمعنى الكلمة ومع ذلك فهو ينضم إلى رأي اللجنة إذا كانت ترى أن النص يشملهم .

وقررت اللجنة أن النص المقترح تدخل فيه ضمناً حالة السفهاء وعليه فقد أقرت نص المادة ١٥ من الباب التمهيدي على النحو التالي :

« يسري قانون الشخص الواجب حمايته على الوصاية وغيرها من النظم الموضوعة لحماية عديمي الأهلية والغائبين » .

الاثنين، 4 ديسمبر 2023

الطعن 978 لسنة 8 ق جلسة 10 / 1 / 1965 إدارية عليا مكتب فني 10 ج 1 ق 43 ص 392

جلسة 10 من يناير 1965

برئاسة السيد الأستاذ/ الدكتور محمود سعد الدين الشريف نائب رئيس المجلس وعضوية السادة الأساتذة/ الدكتور أحمد موسى وعلي محسن مصطفى وعبد الفتاح نصار ومحمد طاهر عبد الحميد المستشارين.

----------------

(43)

القضية رقم 978 لسنة 8 القضائية

(أ) موظف 

- فصله لصدور حكم عليه في جناية من محكمة الثورة - القرار الصادر بالفصل قرار إداري منشئ, وليس عملاً تنفيذياً يترتب بقوة القانون - أساس ذلك وأثره - تحصن هذا القرار بفوات المواعيد.
(ب) موظف 

- فصله - إعادته إلى الخدمة بعد العفو عنه - نص قرار رئيس الجمهورية رقم 128 لسنة 1960 الصادر بالعفو عن باقي العقوبات المحكوم بها من محكمة الثورة ومن كافة الآثار والعقوبات التبعية المترتبة عليها - أثر ذلك - عدم انصراف أثر هذا العفو إلى ما ترتب على الحكم من آثار مدنية وإدارية - عدم اعتبار قرار الإعادة إلى الخدمة سحباً لقرار الفصل - أساس هذا كله.
(جـ) موظف - فصله 

- إعادته إلى الخدمة لا تعطيه حقاً في الطعن في قرارات الترقية التي تناولت زملاءه خلال مدة فصله, ما دام قرار فصله قد تحصن بفوات ميعاد الطعن فيه.

----------------
1 - إن ما يذهب إليه المدعي في الطعن من أن القرار الصادر بفصله ليس إلا عملاً تنفيذياً يترتب بقوة القانون على صدور حكم محكمة الثورة ضد المدعي وأنه بهذا الوصف لا يعد قراراً إدارياً يتحصن بميعاد الستين يوماً الذي حدده الشارع أجلاً للتظلم، لا اعتداد بذلك ما دام أن المركز القانوني الخاص بإنهاء رابطة التوظف لا ينشأ إلا بقرار الفصل المشار إليه الذي يقوم على واقعة قانونية هي صدور الحكم عليه في جناية كسبب لإصداره شأنه في ذلك شأن أي قرار إداري يقوم على سببه، وإذا كانت الفقرة الثامنة من المادة 107 من قانون موظفي الدولة قد أوردت في هذا الشأن حكماً تنظيمياً عاماً فإن المركز القانوني للموظف لا يتغير تلقائياً بمجرد صدور الحكم على الموظف في جناية وإنما تتدخل الإدارة بعمل إيجابي تنزل به حكم القانون على وضعه الفردي متى قدرت توافر شروط انطباقه في حقه، وهي بسبيل ذلك إنما تتدخل بسلطتها التقديرية في بيان طبيعة الجريمة والعقوبة المقضى بها، ومن الجلي الواضح في حالة المدعي بالذات بالنسبة لما نسب إليه وحوكم من أجله أن دور جهة الإدارة في التقدير والإنشاء حيال ما أثير حول طبيعة تلك الجرائم وما قام من جدل بشأن تكييفها - كان واضحاً أكيداً - كما أنه ليس صحيحاً ما يقول به المدعي من أن قرار الفصل الباطل لمخالفة القانون لا يتحصن أبداً بفوات مواعيد الطعن فيه بالإلغاء إذا أن هذا النوع من القرارات هو الذي يتقرر له وحدة الحصانة بفوات المواعيد، طالما أن القرارات المشروعة تولد صحيحة وتستمد حصانتها من صدورها موافقة لأحكام القانون.
2 - إن المدعي لا يجديه نفعاً - بالنسبة إلى ما طلبه من ترقيته إلى الدرجتين الثالثة والثانية في المدة التي كان فيها مفصولاً وقائماً بتنفيذ عقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة الصادرة ضده أن يستند إلى قرار رئيس الجمهورية رقم 128 لسنة 1960 وهو على التحديد الوارد به لم يتناول النص على سقوط الآثار المدنية والإدارية الناشئة عن الحكم بالعقوبة المقضى بها في الجريمة المسندة إليه. ويؤكد القول بعدم إمكان مجازاة المدعي فيما يزعمه من إسقاط العفو المنصوص عليها بالقرار الجمهوري سالف الذكر لكافة الآثار والعقوبات التبعية ومن بينها الأثر الإداري المترتب على حكم محكمة الثورة، وهو قرار الفصل، أن قرار العفو وهو مصدر حقه في تعيين هذه الآثار - لا ينصب بحسب الإطار الذي وضعه فيه رئيس الجمهورية وطبقاً للحدود التي رسمتها له المادتان 74 و75 من قانون العقوبات إلا على محو باقي العقوبة الأصلية والعقوبات التبعية والآثار الجنائية المترتبة على الحكم بالعقوبة المعفو عنها وليس في هاتين المادتين أية إشارة إلى أن قرار العفو يجوز أن يتضمن الآثار المدنية أو الإدارية للحكم بالعقوبة المقضى بها بل لم يتضمن قرار العفو - وما كان له أن يتضمن - نصاً صريحاً قاضياً بسقوط الآثار المدنية أو الإدارية الناشئة عن الجرائم التي قضي فيها بإدانة من شملهم هذا القرار وتأسيساً على ذلك فإنه لا محيص عن التسليم بأن قرار العفو الذي يتمسك به المدعي لم يتعرض لقرار الفصل من الوظيفة، آية ذلك أن قرار العفو في العقوبة يفترق عن العفو الشامل في أنه لا يميط عن الفعل وصفه الجنائي ولا يمحو معرة الجريمة ومؤدى ذلك أن الحكم الصادر ضد المدعي لا يزال يحوز الحجية الكاملة أمام القضاء الإداري فيما تناوله من ثبوت الجريمة عليه وثبوت الوقائع التي صدرت بشأنها تلك العقوبة وصحة إسنادها إليه وأن العقوبة المقضية قبل صدور قرار العفو تظل مشروعة في سببها وأثار تنفيذها. أما الآثار الجنائية والعقوبات التبعية فهي التي تكفل قرار العفو عن العقوبة بمحوها دون غيرها، وسواء اعتبر العفو غير ذي موضوع بالنسبة لأحكام محكمة الثورة لصدورها على غير ما يتبقى قياساً على الجنايات الواردة في قانون العقوبات أو أنه تناول محو الآثار الجنائية التي يصح ترتيبها على العقوبات المقضى بها من تلك المحكمة فهو لا يتعدى قطعاً إلى الآثار المدنية والإدارية للحكم القاضي بأدائه من تناوله قرار العفو وغني عن البيان أنه لا وجه للقول بأن الإدارة بإعادة المدعي إلى الخدمة بالتطبيق لحكم المادة 23 من قانون موظفي الدولة قد سحبت قرار الفصل إذ لم يتجه في الحقيقة قصدها إلى هذا السحب بدليل أنها ما زالت تتمسك بأثره الحتمي وهو انقطاع خدمة المدعي وعدم اتصالها وأنها ما زالت تصر على سلامة قرارها المنوه عنه تطبيقاً للفقرة الثامنة من المادة 107 من قانون نظام موظفي الدولة مما لا يتفق مع القول بانصراف نيتها إلى سحب القرار.
3 - لا يحق للموظف بالبداهة حساب مدة بقائه مفصولاً في أقدمية الدرجة الرابعة التي نالها قبل قرار الفصل إلا إذا أفلح في إلغاء هذا القرار، وما دام قرار الفصل ما يزال قائماً بحكم تحصنه وفوات ميعاد الطعن فيه. فطلب المدعي إلغاء قرار الترقية إلى الدرجتين الثالثة والثانية المترتب على عدم قيام الفصل وعلى كونه هو ما يزال موظفاً خلال مدة هذا الفصل هو طلب تبعي متعين الرفض إذ ليس للموظف المفصول أن يترتب له حق في قرارات ترقية تناولت أنداده. خلال مدة انسلاخه عن الوظيفة ما دام قد امتنع بفعله عن الطعن بالإلغاء في قرار فصله من الخدمة، ولم يزل تبعاً لذلك العقبة التي تحول بينه وبين الظفر بمبتغاه من حيث اعتبار مدة خدمته متصلة.


إجراءات الطعن

بتاريخ 3/ 4/ 1962 أودع السيد/ أحمد محمود نصيف عريضة طعن في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (هيئة الترقيات والتعيينات) بجلسة 8/ 2/ 1962 في الدعوى رقم 188 لسنة 15 ق المرفوعة منه ضد وزارة العدل القاضي "بعدم قبول طلب إلغاء القرار الصادر في 24/ 10/ 1953 بفصل المدعي من الخدمة لعدم التظلم منه في الميعاد القانوني وبرفض طلب إلغاء القرارين الصادرين في 31/ 10/ 1954 وفي 28/ 8/ 1958 بالترقية إلى الدرجتين الثالثة والثانية وألزمت المدعي بالمصروفات" وطلب المدعي للأسباب المبينة بصحيفة الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء للمدعي بطلباته الواردة في عريضة الدعوى مع إلزام الوزارة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين. وقد أعلن الطعن إلى الحكومة في 7/ 5/ 1962 وعين لنظره أمام دائرة فحص الطعون جلسة 30/ 6/ 1962 وأخطرت الحكومة والمدعي في 17/ 6/ 1962 بميعاد هذه الجلسة، ثم قررت المحكمة إحالة الدعوى إلى المحكمة الإدارية العليا وحددت لذلك جلسة 12/ 4/ 1964. وبعد أن سمعت المحكمة ما رأت لزوماً لسماعه من ملاحظات ذوي الشأن على الوجه الموضح تفصيلاً بالمحاضر قررت إصدار الحكم في 28/ 6/ 1964. ثم أعيدت الدعوى إلى المرافعة لمناقشة المدعي في بعض نقاط الدعوى التي وردت بمذكرة المدعي الختامية مع تكليف هيئة المفوضين بإعداد تقرير تكميلي تعقيباً على تصدير المدعي لدعواه الوارد في هذه المذكرة. وبجلسة 22/ 11/ 1964 وبعد أن استوفيت الدعوى قررت المحكمة إرجاء النطق بالحكم إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الدعوى قد استوفيت أوضاعها الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل حسبما يبين من أوراق الطعن في أن المدعي أقام دعواه طالباً الحكم بتسوية حالته بجعل مدة خدمته متصلة وهي المدة التي تبدأ من 11/ 7/ 1934 تاريخ عمله بالحكومة إلى مدة خدمته الحالية التي بدأت في 21/ 7/ 1960 مع ما يترتب على ذلك من آثار وعلى الأخص منحه الدرجات التي تخطى فيها في الترقية إلى الدرجة الثالثة في 31/ 10/ 1954 والدرجة الثانية في 28/ 8/ 1958 مع صرف الفروق المالية المترتبة على ذلك. وقال في بيان دعواه إنه التحق بخدمة الحكومة في 11/ 7/ 1934 وبتاريخ 15 فبراير سنة 1938 عين خبيراً زراعياً بوزارة العدل، وحصل على الدرجة الخامسة الفنية العالية في 1/ 10/ 1945. ثم رقي إلى الدرجة الرابعة بتاريخ 1/ 10/ 1949 وفي 27/ 9/ 1953 قبض عليه وقدم إلى محكمة الثورة فقضت عليه بالأشغال الشاقة المؤبدة وصدق مجلس قيادة الثورة على الحكم في 11/ 10/ 1953، ثم أفرج عنه إفراجاً صحياً، وبتاريخ 26/ 2/ 1960 صدر القرار الجمهوري رقم 128 لسنة 1960 بالعفو عن بعض المحكوم عليهم من محكمة الثورة بالنسبة لباقي العقوبة مع العفو عن كافة الآثار المترتبة على أحكام محكمة الثورة وجميع العقوبات التبعية وكان المدعي من بين هؤلاء. وعلى إثر ذلك صدر قرار بإعادته إلى وظيفته التي كان يشغلها بمرتبه الذي كان يتقاضاه في سنة 1953، غير أن ذلك لا يتفق مع ما نص عليه القرار الجمهوري المذكور وقد تضمن العفو عن كافة الآثار والعقوبات التبعية ومن أهم الآثار تخطي المدعي في الترقية بالأقدمية المطلقة إلى الدرجات التي كان يستحق الترقية إليها، خاصة وأن القرار رقم 649 الصادر في 24/ 11/ 1953 بفصله من الخدمة على أثر الحكم عليه من محكمة الثورة بالحكم السالف الذكر بالاستناد إلى المادة 107 من القانون رقم 210 لسنة 1951 في شأن نظام موظفي الدولة قد بني على خطأ في تطبيق القانون وتأويله طالما أن الأحكام الصادرة بعقوبة الجناية من محكمة الثورة لا تسري عليها أحكام الكتاب الأول من قانون العقوبات أي لا يطبق في شأنها حكم المادة 25 عقوبات التي تقضي بحرمان المحكوم عليه في جناية من حق تولي الوظائف العامة وبالتالي فإنها لا تندرج تحت الجنايات التي أشارت إليها المادة 107 من قانون الموظفين وهذا التكييف هو ما يتفق مع ما انتهت إليه محكمة النقض من أن محكمة الثورة من أعمال السيادة وأن الأمر الصادر بها لم يتبع في شأن القوانين واللوائح من النشر في الجريدة الرسمية كما أن الجرائم التي تنظرها قد أثمها أمر السيادة العليا - ومن ثم فإن القرار الصادر بإعادة المدعي إلى الخدمة في 21/ 7/ 1960 وقد استند إلى قرار الفصل سابق الذكر فيما يختص بتحديد الدرجة وأقدميته فيها فإنه يكون قد أخل بحقه في الترقية ومنحه الدرجات التي تخطى فيها بعد أن زال أثر الحكم الصادر عليه بالقرار الجمهوري المنوه عنه وأصبح من المتعين تسوية حالته بزميله المهندس محمد أمين عبد السلام الذي رقي إلى الدرجة الثالثة في 31/ 10/ 1954 وإلى الدرجة الثانية بالأقدمية في 28/ 8/ 1958.
وأجابت الجهة الإدارية على الدعوى بأن المدعي حصل على الدرجة الرابعة في 1/ 10/ 1949، ثم صدر قرار في 4/ 10/ 1953 بوقفه عن العمل مع صرف مرتبه اعتباراً من 27/ 9/ 1953 تاريخ انقطاعه عن العمل. وبتاريخ 24/ 10/ 1953 صدر قرار بإنهاء خدمته من تاريخ وقفه عملاً بحكم المادة 107 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بعد الحكم عليه من محكمة الثورة بمعاقبته بالأشغال الشاقة المؤبدة. وعلى أثر صدور القرار الجمهوري رقم 128 لسنة 1960 التمس المدعي إعادته إلى الخدمة فصدر القرار رقم 776 في 21/ 7/ 1960 بإعادته إلى وظيفته التي كان يشغلها ودرجته التي كان بها وقت إنهاء خدمته وذلك استناداً إلى المادة 23 من القانون رقم 210 لسنة 1951 واستطردت الوزارة إلى أن إنهاء خدمة المدعي بالقرار رقم 649 الصادر في 24/ 10/ 1953 اقتضى رفع اسمه من كشوف الأقدميات ومن ثم فلم يكن محلاً للتخطي كما أنه ليس محقاً في طلب صرف أي فروق مالية لأنه لم يقم بعمل يستحق عليه أجراً من تاريخ فصله إلى تاريخ إعادته إلى الخدمة، وطلبت الوزارة رفض الدعوى.
وبجلسة 8/ 2/ 1962، قضت المحكمة بعدم قبول طلب إلغاء القرار الصادر في 24/ 10/ 1953 بفصل المدعي من الخدمة لعدم التظلم منه في الميعاد القانوني وبرفض طلب إلغاء القرارين الصادرين في 31/ 10/ 1954 وفي 28/ 8/ 1958 بالترقية إلى الدرجتين الثالثة والثانية وألزمت المدعي بالمصروفات وأقامت المحكمة قضاءها على أن المدعي إنما يستهدف من دعواه الحكم بإلغاء القرار رقم 649 لسنة 1953 الصادر في 24/ 10/ 1953 بفصله من الخدمة وبإلغاء القرار الصادر في 31/ 10/ 1954 بالترقية إلى الدرجة الثالثة والقرار الصادر في 28/ 8/ 1958 بالترقية إلى الدرجة الثانية فيما تضمنه كل من هذين القرارين من تخطيه في الترقية وما يترتب على ذلك كله من آثار. وإذ كان الثابت من الأوراق أن المدعي تقدم إلى الإدارة العامة للمعاشات في أول فبراير سنة 1958 بطلب صرف المكافأة التي يستحقها عن مدة خدمته السابقة على فصله من الخدمة بتاريخ 20/ 10/ 1953 بناء على الحكم الصادر من محكمة الثورة في قضية الإشاعات، فإن المدعي من هذا التاريخ كان على علم بقرار فصله من الخدمة ومحتوياته، وكان يتعين عليه أن يتظلم منه خلال الستين يوماً التالية لعلمه به، إلا أنه لم يتظلم منه إلا في 6/ 8/ 1960 ومن ثم يكون طلب إلغاء قرار الفصل غير مقبول لرفعه دون التظلم منه في الميعاد الذي شرطه الشارع. ثم رتبت المحكمة على هذا أن طلب المدعي إلغاء القرارين الصادرين في 31/ 10/ 1954 وفي 28/ 8/ 1958 بالترقية إلى الدرجتين الثالثة والثانية أصبح على غير أساس من القانون والواقع ومتعين الرفض طالما أن قرار فصل المدعي من الخدمة قد تحصن من الإلغاء بسبب انقضاء المواعيد القانونية دون التظلم منه والطعن فيه ولا يجوز تبعاً لذلك ترقية المدعي في مدة الفصل طالما أن اسمه كان قد رفع من كشوف أقدميات موظفي وزارة العدل نتيجة لقرار الفصل المشار إليه.
ومن حيث إن طعن المدعي يقوم على أن الحكم المطعون فيه انطوى على خطأ في تطبيق القانون وتأويله، واستندت في ذلك إلى أن القرار الباطل والمخالف للقانون لا يتحصن من الإلغاء بمضي أية مدة، وأنه يجوز لصاحب الشأن الطعن فيه دون التقيد بالمواعيد القانونية وإهدار الآثار غير المشروعة التي ترتبت عليه. وقد صدر قرار الوزارة رقم 649 في 24/ 10/ 1953 بفصل المدعي من الخدمة طبقاً لحكم المادة 107 فقرة 8 من القانون رقم 210 لسنة 1951 لما قضت به محكمة الثورة من معاقبته بالأشغال الشاقة وذلك باعتبار أن محكمة الثورة كالمحاكم العادية تخضع أحكامها والآثار المترتبة عليها لأحكام القوانين المعمول بها جنائية كانت أو مدنية وذلك على خلاف ما قضت به محكمة النقض في حكمها الصادر في 23/ 6/ 1955 من أن محكمة الثورة هي محكمة ذات سيادة لا تسري على الجرائم التي تحكم فيها القواعد المنصوص عليها في قانون العقوبات سواء أكانت الجريمة التي عاقبت عليها هي مما أثمه لأول مرة الأمر الصادر بتشكيلها أو من الجرائم المنصوص عليها في قانون العقوبات أو في القوانين الأخرى لأنها في كلتا الحالتين تمارس سيادة عليا تسمو على القوانين العادية، وعلى ذلك لا تكون معاقبة المدعي بحكم من محكمة الثورة بالأشغال الشاقة المؤبدة حكماً في جناية عادية. وأضاف المدعي أنه كان ثمة موانع تحول دون تظلمه من القرار الصادر بفصله، منها وجوده بالسجن تنفيذاً للعقوبة كما أن التظلم لم يكن يجدي شيئاً من قيام الحكم عليه بالعقوبة المذكورة. واستطرد إلى أن وزارة العدل أصدرت القرار رقم 776 لسنة 1960 بإعادته إلى الخدمة بذات درجته ومرتبه السابقين مخالفة بذلك القرار الجمهوري رقم 128 لسنة 1960 الذي أسقط كافة الآثار المترتبة على الحكم بالعقوبة وقضى بالعفو عن جميع العقوبات التبعية. ثم أورد المدعي في مذكرته الختامية التي قدمها في الطعن أن الدعوى - بحسب طلبات المدعي فيها هي دعوى تسوية لأن طلبه الأساسي فيها هو اعتبار عودته إلى الخدمة في الدرجة الرابعة بالأقدمية التي كانت له قبل فصله من وظيفته أي من 1/ 10/ 1949 بدلاً من 10/ 7/ 1956 والقضاء له بذلك هو سنده في باقي الطلبات، والمدعي يستند في ذلك إلى القرار الجمهوري رقم 128 لسنة 1960 الذي يعتبر مصدر حقه في استعادة مركزه الوظيفي السابق بعد أن قرر في العفو الذي انطوى عليه إلغاء كافة الآثار والعقوبات التبعية المترتبة على العقوبة، وبهذه المثابة فإن المدعي لم يطعن أصلاً بالإلغاء في القرار الصادر بإنهاء خدمته في سنة 1953 ولا مصلحة له في الطعن عليه بعد أن أعيد للخدمة فعلاً وتكفل القرار الجمهوري المذكور بالعفو عن كافة الآثار المترتبة على حكم محكمة الثورة ومنها الفصل الذي صدر على أساسه وفضلاً عن ذلك فإن قرار الفصل المشار إليه وقد صدر بالتطبيق للمادة 107 من قانون موظفي الدولة لا يعدو أن يكون عملاً تنفيذياً يترتب على صدور الحكم على الموظف في جناية لأن إنهاء الخدمة وفقاً لهذه المادة يقع بقوة القانون ونتيجة حتمية للحكم على الموظف في جناية، ومن ثم فإنه لا يتحصن بميعاد الستين يوماً الخاصة بالقرارات الإدارية. كما أن قرارات الفصل الباطلة التي تصدر مخالفة للقانون كقرار الفصل الخاص بالمدعي الذي صدر تطبيقاً للمادة 107 في غير حالات انطباقها لا تتحصن بالميعاد بمعنى أنه يجوز لصاحب الشأن الطعن فيه دون التقيد بالمواعيد القانونية وإهدار الآثار غير المشروعة التي تترتب عليه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه أصاب الحق في قضائه للأسباب التي قام عليها والتي تأخذ بها هذه المحكمة. وتضيف المحكمة إليها أن ما ذهب إليه المدعي في الطعن من أن القرار الصادر بفصله ليس إلا عملاً تنفيذياً ترتب بقوة القانون على صدور حكم محكمة الثورة ضد المدعي وأنه بهذا الوصف لا يعد قراراً إدارياً يتحصن بميعاد الستين يوماً الذي حدده الشارع أجلاً للتظلم، لا اعتداد بذلك ما دام أن المركز القانوني الخاص بإنهاء رابطة التوظف لا ينشأ إلا بقرار الفصل المشار إليه الذي يقوم على واقعة قانونية هي صدور الحكم عليه في جناية كسبب لإصداره شأنه في ذلك شأن أي قرار إداري يقوم على سببه، وإذا كانت الفقرة الثامنة من المادة 107 من قانون موظفي الدولة قد أوردت في هذا الشأن حكماً تنظيمياً عاماً فإن المركز القانوني للموظف لا يتغير تلقائياً بمجرد صدور الحكم على الموظف في جناية وإنما تتدخل الإدارة بعمل إيجابي تنزل به حكم القانون على وضعه الفردي متى قدرت توافر شروط انطباقه في حقه، وهي بسبيل ذلك إنما تتدخل بسلطتها التقديرية في بيان طبيعة الجريمة والعقوبة المقضى بها، ومن الجلي الواضح في حالة المدعي بالذات بالنسبة لما نسب إليه وحوكم من أجله أن دور جهة الإدارة في التقدير والإنشاء حيال ما أثير حول طبيعة تلك الجرائم وما أقام من جدول بشأن تكييفها - كان واضحاً أكيداً - كما أنه ليس صحيحاً ما يقول به المدعي من أن قرار الفصل الباطل لمخالفته القانون لا يتحصن أبداً بفوات مواعيد الطعن فيه بالإلغاء إذا أن هذا النوع من القرارات هو الذي يتقرر له وحدة الحصانة بفوات المواعيد طالما أن القرارات المشروعة تولد صحيحة وتستمد حصانتها من صدورها موافقة لأحكام القانون، وأياً كانت الموانع التي يزعم المدعي قيامها حائلاً دون مباشرته هذا الطعن في قرار الفصل بسبب تنفيذ العقوبة عليه فقد ارتفعت عنه عندما أفرج عنه صحياً، وقدم طلباً في أول فبراير 1958 بصرف مكافأة نهاية خدمته بسبب فصله من الوظيفة في 24 من أكتوبر 1953 بل لقد زالت عنه بعد ذلك كل أسباب التهديد التي يزعمها بصدور قرار رئيس الجمهورية في 6 من فبراير 1960. بالعفو عن باقي العقوبة المحكوم بها عليه ومع ذلك فإنه لم يتظلم بعد هذا التاريخ من قرار الفصل ولم يقم دعوى بإلغائه في الميعاد بل لا يزال يماري بغير حق في فصله لزوم هذا الإلغاء مع أنه يتمسك بعدم قيام قرار الفصل في حقه، وبسقوط الآثار المترتبة على هذا القرار.
ومن حيث إنه فضلاً عما تقدم فإن المدعي لا يجديه نفعاً - بالنسبة إلى ما طلبه من ترقيته إلى الدرجتين الثالثة والثانية في المدة التي كان فيها مفصولاً وقائماً بتنفيذ عقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة الصادرة ضده أن يستند إلى قرار رئيس الجمهورية رقم 128 لسنة 1960 وهو على التحديد الوارد به لم يتناول النص على سقوط الآثار المدنية والإدارية الناشئة عن الحكم بالعقوبة المقضى بها في الجريمة المسندة إليه. ويؤكد القول بعدم إمكان مجاراة المدعي فيما يزعمه من إسقاط العفو المنصوص عليه بالقرار الجمهوري سالف الذكر لكافة الآثار والعقوبات التبعية ومن بينها الأثر الإداري المترتب على حكم محكمة الثورة، وهو قرار الفصل، أن قرار العفو وهو مصدر حقه في تعيين هذه الآثار - لا ينصب، بحسب الإطار الذي وضعه فيه رئيس الجمهورية وطبقاً للحدود التي رسمتها له المادتان 74 و75 من قانون العقوبات، إلا على محو باقي العقوبة الأصلية والعقوبات التبعية والآثار الجنائية المترتبة على الحكم بالعقوبة المعفو عنها وليس في هاتين المادتين أية إشارة إلى أن قرار العفو يجوز أن يتضمن الآثار المدنية أو الإدارية للحكم بالعقوبة المقضى بها بل لم يتضمن قرار العفو - وما كان له أن يتضمن - نصاً صريحاً قاضياً بسقوط الآثار المدنية أو الإدارية الناشئة عن الجرائم التي قضي فيها بإدانة من شملهم هذا القرار وتأسيساً على ذلك فإنه لا محيص عن التسليم بأن قرار العفو الذي يتمسك به المدعي لم يتعرض لقرار الفصل من الوظيفة، آية ذلك أن قرار العفو يفترق عن العفو الشامل في أنه لا يميط عن الفعل وصفه الجنائي ولا يمحو معرة الجريمة ومؤدى ذلك أن الحكم الصادر ضد المدعي لا يزال يحوز الحجية الكاملة أمام القضاء الإداري فيما تناوله من ثبوت الجريمة عليه وثبوت الوقائع التي صدرت بشأنها تلك العقوبة وصحة إسنادها إليه وأن العقوبة المقضية قبل صدور قرار العفو تظل مشروعة في سببها وآثار تنفيذها. أما الآثار الجنائية والعقوبات التبعية فهي التي تكفل قرار العفو عن العقوبة بمحوها دون غيرها، وسواء اعتبر العفو غير ذي موضوع بالنسبة لأحكام محكمة الثورة لصدورها على غير ما ينبغي قياسه على الجنايات الواردة في قانون العقوبات أو أنه اعتبر تناول محو الآثار الجنائية التي يصح ترتيبها على العقوبات المقضى بها من تلك المحكمة فهو لا يتعدى قطعاً إلى الآثار المدنية والإدارية للحكم القاضي بإدانة من تناوله قرار العفو - وغني عن البيان أنه لا وجه للقول بأن الإدارة بإعادة المدعي إلى الخدمة بالتطبيق لحكم المادة 23 من قانون موظفي الدولة قد سحبت قرار الفصل إذ لم يتجه في الحقيقة قصدها إلى هذا السحب بدليل أنها ما زالت تتمسك بأثره الحتمي وهو انقطاع خدمة المدعي وعدم اتصالها وأنها ما زالت تصر على سلامة قرارها المنوه عنه تطبيقاً للفقرة الثامنة من المادة 107 من قانون نظام موظفي الدولة مما لا يتفق مع القول بانصراف نيتها إلى سحب القرار.
ومن حيث إنه لا اعتداد بما يتمسك به المدعي من عدم تقيده بميعاد دعوى الإلغاء بذريعة أن طلباته إنما تدور حول تسوية أقدميته في الدرجة الرابعة وما يترتب على ذلك من آثار لا صحة في ذلك لأنه إذا كان تكييف الطلبات في الدعوى من توجيه الخصوم فإن مراقبة هذا التكييف من تصريف المحكمة، فلها بحكم ولايتها أن تصوب التكييف الخاطئ كما تصوب تصرفات الإدارة المخالفة للقانون. أما أن يصور المدعي دعواه بأنها دعوى تسوية بغية التنصل من واجب مراعاة الميعاد فهذا ما لا تستطيع هذه المحكمة متابعته فيه، لأنه لا يحق بالبداهية حساب مدة بقائه مفصولاً في أقدمية الدرجة الرابعة التي نالها قبل قرار الفصل إلا إذا أفلح في إلغاء هذا القرار وما دام قرار الفصل ما يزال قائماً بحكم تحصنه وفوات ميعاد الطعن فيه. فطلب المدعي إلغاء قرار الترقية إلى الدرجتين الثالثة والثانية المترتب على عدم قيام الفصل وعلى كونه هو ما يزال موظفاً خلال مدة هذا الفصل هو طلب تبعي متعين الرفض إذ ليس للموظف المفصول أن يترتب له حق في قرارات ترقية تناولت أنداده خلال مدة انسلاخه عن الوظيفة ما دام قد امتنع بفصله عن الطعن بالإلغاء في قرار فصله من الخدمة، ولم يزل تبعاً لذلك العقبة التي تحول بينه وبين الظفر بمبتغاه من حيث اعتبار مدة خدمته متصلة.
ومن حيث إنه متى كان الأمر كذلك وكان الفصل الذي تم هو قراراً حصيناً لا محيص عن ترتيب آثاره، فإن ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه من عدم قبول مجادلة المدعي في هذا القرار، ومن رفض مزعمه أنه تخطي بغير حق في الترقية إلى الدرجتين الثالثة والثانية يكون قضاء صحيحاً، ويكون الطعن على غير أساس متعين الرفض مع إلزام المدعي بالمصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وألزمت المدعي بالمصروفات.

الطعن 1556 لسنة 7 ق جلسة 10 / 1 / 1965 إدارية عليا مكتب فني 10 ج 1 ق 42 ص 385

جلسة 10 من يناير سنة 1965

برئاسة السيد الأستاذ/ الدكتور محمود سعد الدين الشريف نائب رئيس المجلس وعضوية السادة الأساتذة/ أحمد موسى وعلي محسن مصطفى وحسنين رفعت حسنين ومحمد طاهر عبد الحميد المستشارين.

--------------

(42)

القضية رقم 1556 لسنة 7 القضائية

(أ) اختصاص - إدارة قضايا الحكومة 

- قضاء إداري - القانون رقم 75 لسنة 1963 في شأن تنظيم إدارة قضايا الحكومة - نص المادة 25 منه على اختصاص لجنة التأديب والتظلمات بالفصل في طلبات إلغاء القرارات الإدارية المتعلقة بشئون أعضاء إدارة قضايا الحكومة وفي طلبات التعويض المترتبة عليها - يعد من القوانين المتعلقة بالاختصاص - تعديله لاختصاص مجلس الدولة - بهيئة قضاء إداري في هذا المجال - القانون هو الأداة التي أنشأت مجلس الدولة وحددت اختصاصه وهو الأداة التي قد توسع من هذا الاختصاص أو تضيقه.
(ب) مرافعات - اختصاص - قضاء إداري 

- صدور قانون جديد بإلغاء ولاية القضاء الإداري في نوع من المنازعات - سريانه على المنازعات التي لم يفصل فيها ما دام لم يقفل فيها باب المرافعة قبل العمل به - أساس ذلك من قانون المرافعات.
(جـ) إدارة قضايا الحكومة - قضاء إداري 

- نص المادة 25 من القانون رقم 75 لسنة 1963 على اختصاص لجنة التأديب والتظلمات بالفصل في طلبات إلغاء القرارات الإدارية المتعلقة بشئون أعضاء إدارة قضايا الحكومة وفي طلبات التعويض المترتبة عليها - سريانه بأثر حال على الدعاوى التي لم يفصل فيها حتى تاريخ العمل بهذا القانون ولم يقفل باب المرافعة فيها قبل هذا التاريخ.

------------------
1 - إن القانون رقم 75 لسنة 1963 في شأن تنظيم إدارة قضايا الحكومة فيما تضمنه من النص في المادة 25 منه على اختصاص لجنة التأديب والتظلمات بالفصل في طلبات إلغاء القرارات الإدارية المتعلقة بشئون أعضاء إدارة قضايا الحكومة وفي طلبات التعويض المترتبة عليها. وهو في حقيقته قانون متعلق بالاختصاص بالنسبة إلى الحكم الوارد في المادة آنفة الذكر. لأنه يتضمن تقرير حكم معدل للاختصاص مستخدماً لذلك عبارة واضحة معبرة عن المعنى المقصود فهو بذلك قد عدل من اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بإلغاء ولايته في نظر الدعاوى المتعلقة بإلغاء القرارات الإدارية الخاصة بشئون أعضاء إدارة قضايا الحكومة وبطلبات التعويض المترتبة عليها ومن المعلوم أن هذا الاختصاص يحدده القانون سواء بالزيادة أو بالنقصان فالقانون هو الإدارة التي أنشأته كهيئة وحددت اختصاصه، وهو الأداة التي تقيد تنظيمه وتوسع من اختصاصه أو تضيقه.
2 - إن المادة الأولى من قانون المرافعات قد رددت في صدرها أصلاً مسلماً وهو أن نصوص قوانين المرافعات الجديدة تسري بأثر حال على ما لم يكن قد فصل فيه من الدعاوى أو تم من الإجراءات قبل تاريخ العمل به ثم أخرجت تلك المادة من هذا النطاق الاستثناءات التي نصت عليها في فقراتها الثلاث بالقيود والشروط التي ذكرتها الحكمة التشريعية التي كشفت عنها المذكرة الإيضاحية من ذلك ما أشارت إليه الفقرة الأولى من أن القوانين المعدلة للاختصاص لا تسري بأثرها الفوري متى كان تاريخ العمل بها بعد إقفال باب المرافعة في الدعوى المنظورة... وترتيباً على ما تقدم إذا جاء القانون الجديد ملغياً ولاية القضاء الإداري في نوع من المنازعات فإنه يسري على المنازعات التي لم يفصل فيها ما دام لم يقفل فيها باب المرافعات قبل العمل به لأن هذه الحالة تخضع صراحة لحكم الفقرة الأولى من المادة الأولى من قانون المرافعات.
3 - إن نص المادة 25 من القانون رقم 75 سنة 1963 وهو نص معدل لاختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري وملغ لولايته في نظر الدعاوى المتعلقة بإلغاء القرارات الإدارية الخاصة بشئون أعضاء إدارة قضايا الحكومة وفي طلبات التعويض المترتبة عليها يسري في الدعوى الحالية التي لم يفصل فيها حتى تاريخ العمل بهذا القانون، ولم يقفل فيها باب المرافعة قبل هذا التاريخ أيضاً ولا عبرة إطلاقاً بكون هذه الدعوى مقامة قبل تاريخ العمل بالقانون رقم 75 لسنة 1963 ما دام هذا القانون المعدل للاختصاص يسري عليها بأثره الحال حسبما سلف الإيضاح.


إجراءات الطعن

في أول أغسطس سنة 1961 أودع السيد محمد البدراوي محمد أحمد زكي المحامي بإدارة قضايا الحكومة طعناً في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 15 من يونيو سنة 1961 في الدعوى رقم 550 لسنة 12 القضائية المقامة منه ضد وزارة العدل القاضي بقبول الدعوى شكلاً ورفضها موضوعاً وإلزام المدعي المصروفات وطلب للأسباب المبينة بصحيفة الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وبإلغاء الحكم المطعون فيه وإلغاء القرار الوزاري الصادر من السيد وزير العدل رقم 60 لسنة 1957 بتاريخ 3/ 9/ 1957 فيما تضمنه من عدم تحديد أقدميته بين أغلبية زملائه من خريجي سنة 1949. على أن يكون تالياً للسيد الأستاذ محمد علي البدري مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الحكومة المدعى عليها بالمصاريف عن الدرجتين - وقد أعلن الطعن إلى وزير العدل في 12 من أغسطس سنة 1961 وإلى إدارة قضايا الحكومة في 13 من أغسطس سنة 1961 وعين لنظره أمام دائرة فحص الطعون جلسة 11 من يناير سنة 1964 قررت المحكمة إحالة الدعوى إلى المحكمة الإدارية العليا وحددت لذلك جلسة 6/ 12/ 1964 وبعد أن سمعت المحكمة ما رأت لزوماً لسماعه من ملاحظات ذوي الشأن على الوجه المبين بالمحضر قررت إرجاء النطق بالحكم إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل حسبما يبين من أوراق الطعن في أن المدعي أقام دعواه طالباً الحكم بإلغاء القرار الإداري الصادر من وزير العدل رقم 60 لسنة 1957 بتاريخ 3 سبتمبر سنة 1957 فيما تضمنه من عدم تحديد أقدمية المدعي بين أغلبية زملائه بإدارة قضايا الحكومة من خريجي سنة 1949 تالياً السيد الأستاذ محمد علي البدري مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الحكومة المصروفات وأتعاب المحاماة. وقال في بيان الدعوى إنه حصل على إجازة الحقوق في يونيو سنة 1949 وقيد بجدول المحامين العام في أغسطس من ذلك العام ثم قيد محامياً أمام المحاكم الابتدائية في مارس سنة 1953 ثم تقرر قيده كمحام أمام الاستئناف في إبريل سنة 1956 وكان قد التحق كمحام بقسم قضايا مديرية التحرير في يوليو سنة 1955 وظل كذلك حتى 3 من سبتمبر سنة 1957 حيث عين محامياً بإدارة قضايا الحكومة وحدد مكان عمله بالمنصورة ولكن لم يرد في قرار التعيين تحديد لأقدميته كما يقضي بذلك القانون ولذلك فهو يطلب تطبيق المادة 22 من المرسوم بقانون رقم 188 لسنة 1952 الخاص باستقلال القضاء وتحديد أقدميته من زملائه من خريجي دفعة سنة 1949. وردت وزارة العدل على الدعوى بأن المدعي لم يكن محامياً عند تعيينه بإدارة القضايا وإنما كان موظفاً فنياً بمديرية التحرير وهو بهذه المثابة لا يمكنه الاحتجاج بالحكم الوارد في الفقرة الأخيرة من المادة 22 من القانون رقم 188 لسنة 1952. ورفضها موضوعاً وألزمت المدعي المصروفات. وأقامت المحكمة قضاءها على أن المدعي عند تعيينه بإدارة قضايا الحكومة كان موظفاً عاماً وليس محامياً إذ أن موظفو مؤسسة مديرية التحرير إنما هم موظفين عموميين. وبجلسة 15 من يونيو سنة 1961 قضت المحكمة بقبول الدعوى شكلاً.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن المقصود بأغلبية الزملاء هم أمثالهم من المحامين الذين سبق تعيينهم في الكادر القضائي وضابط تحديد الزمالة لا يكفي أن يكون الدفعة وحدها إنما هو تاريخ القيد بالجدول العام للمحامين لأنه هو التاريخ الذي تتحدد به هذه الزمالة وتبدأ به.
قدم مفوض الدولة تقريراً بالرأي القانوني انتهى فيه إلى أنه قد صدر القانون رقم 75 لسنة 1963 في شأن تنظيم إدارة قضايا الحكومة ونص في المادة 25 منه على أن لجنة التأديب والتظلمات، تختص بالفصل في طلبات إلغاء القرارات الإدارية المتعلقة بأعضاء إدارة قضايا الحكومة وفي طلبات التعويض المترتبة عليها مما يدخل أصلاً في اختصاص القضاء، ولما كان هذا القانون من قوانين الاختصاص فإنه يسري على الدعاوى المنظورة، وبالتالي فلا يختص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بنظر هذه الدعوى ويتعين الحكم بعدم الاختصاص.
ومن حيث إنه قد استبان لهذه المحكمة أنه قد صدر في شأن تنظيم إدارة قضايا الحكومة القانون رقم 75 لسنة 1963 والعمل به من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية في 12 من أغسطس سنة 1963 وقد استحدث هذا القانون أوضاعاً جديدة في شأن الاختصاص بتأديب أعضاء الإدارة والنظر في قضايا الإلغاء أو التعويض المتعلقة بشئونهم تجعل هذا وذلك من أحد عشر عضواً هم أعضاء المجلس الأعلى بإدارة قضايا الحكومة منضماً إليهم ستة من المستشارين حسب ترتيب أقدميتهم والنظام مستمد في جوهره فيما هو متبع في مجلس الدولة ويجري نص المادة 25 من القانون رقم 75 لسنة 1963 بما يأتي:
"تشكيل لجنة التأديب والتظلمات من أعضاء المجلس الأعلى منضماً إليه ستة من المستشارين بحسب ترتيبهم في الأقدمية.
وتختص هذه اللجنة بتأديب أعضاء الإدارة وبالفصل في طلبات إلغاء القرارات الإدارية المتعلقة بشئونهم وفي طلبات التعويض المترتبة عليها مما يدخل أصلاً في اختصاص القضاء وتفصل اللجنة فيما ذكر بعد سماع أقوال العضو والاطلاع على ما يبديه من ملاحظات وتصدر قرارها بالأغلبية المطلقة إلا في حالة التأديب فتصدر قراراتها بأغلبية ثلثي أعضائها ويكون قرار اللجنة في جميع ما تقدم نهائياً ولا يقبل الطعن بأي وجه من الوجوه أمام أية جهة".
ومن حيث إن القانون رقم 75 لسنة 1963 في شأن تنظيم إدارة قضايا الحكومة فيما تضمنه من النص في المادة 25 منه على اختصاص لجنة التأديب والتظلمات بالفصل في طلبات إلغاء القرارات الإدارية المتعلقة بشئون أعضاء إدارة قضايا الحكومة وفي طلبات التعويض المترتبة عليها. وهو في حقيقته قانون متعلق بالاختصاص بالنسبة إلى الحكم الوارد في المادة آنفة الذكر. لأنه يتضمن تقرير حكم معدل للاختصاص مستخدماً لذلك عبارة واضحة معبرة عن المعنى المقصود فهو بذلك قد عدل من اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بإلغاء ولايته في نظر الدعاوى المتعلقة بإلغاء القرارات الإدارية الخاصة بشئون أعضاء إدارة قضايا الحكومة وبطلبات التعويض المترتبة عليها ومن المعلوم أن هذا الاختصاص يحدده القانون سواء بالزيادة أو بالنقصان. فالقانون هو الأداة التي أنشأته كهيئة وحددت اختصاصه، وهو الأداة التي قد تقيد تنظيمه وتوسع من اختصاصه أو تضيقه.
ومن حيث إن المادة الأولى من قانون المرافعات قد رددت في صدرها أصلاً مسلماً وهو أن نصوص قوانين المرافعات الجديدة تسري بأثر حال على ما لم يكن قد فصل فيه من الدعاوى أو تم من الإجراءات قبل تاريخ العمل به ثم أخرجت تلك المادة من هذا النطاق الاستثناءات التي نصت عليها في فقراتها الثلاث بالقيود والشروط التي ذكرتها للمحكمة التشريعية التي كشفت عنها المذكرة الإيضاحية من ذلك ما أشارت إليه الفقرة الأولى من أن القوانين المعدلة للاختصاص لا تسري بأثرها الفوري متى كان تاريخ العمل بها بعد إقفال باب المرافعة في الدعوى المنظورة.. وترتيباً على ما تقدم إذا جاء القانون الجديد ملغياً ولاية القضاء الإدارية في نوع من المنازعات فإنه يسري على المنازعات التي لم يفصل فيها مادام لم يقفل فيها باب المرافعة قبل العمل به لأن هذه الحالة تخضع صراحة لحكم الفقرة الأولى من المادة الأولى من قانون المرافعات.
ومن حيث إن القانون رقم 75 لسنة 1963 لم يتضمن حكماً خاصاً لا صراحة ولا ضمناً يتخصص به أثر سريانه على الدعوى التي لم يفصل فيها بعد وعندئذ كان يجب النزول على هذا الحكم كما لو نقل الاختصاص بالنسبة إلى دعاوى معينة من جهة إلى أخرى ولكن قضى في الوقت ذاته أن تستمر الجهة الأولى في نظر الدعاوى التي كانت منظورة لديها حتى يتم الفصل فيها فيتخصص الحكم المعدل للاختصاص والحالة هذه بالدعاوى الجديدة التي ترفع أمام الجهة الأخيرة بعد نفاذ القانون الجديد وكما لو استحدث القانون الجديد تنظيماً جديداً للقرارات الإدارية يكفل لذوي الشأن بمقتضاه ضمانات معينة أمام السلطات الإدارية وكان ظاهر أن قصد المشرع هو ألا يسري إلغاء هذا التعقيب إلا بالنسبة لما يصدر من قرارات في ظل التنظيم الجديد فعندئذ يسري القانون الجديد المعدل للاختصاص بالنسبة للقرارات الجديدة دون القرارات السابقة على نفاذه ما دام الشارع قد خصص آثر القانون على هذا النحو وغني عن البيان أن التخصيص على الوجه المتقدم لم يرد إطلاقاً في صلب القانون رقم 75 لسنة 1963 حسبما تبين ذلك بوضوح من نصوصه.
ومن حيث إنه لا وجه لقياس الحكم الوارد في المادة 25 من القانون رقم 75 لسنة 1963 على فكرة عدم قابلية قرارات تعيين رجال القضاء والنيابة للطعن فيها تطبيقاً لنص المادة 90 من القانون رقم 56 لسنة 1959 بشأن السلطة القضائية وما يستتبع ذلك من عدم سريان هذا الحكم الموضوعي على القرارات السابقة على تاريخ العمل بالقانون المذكور لأن قياس حكم المادة 25 على تلك الفكرة قياس مع الفارق، ذلك أن إغفال تحديد أقدمية المدعي عند تعيينه محامياً بإدارة قضايا الحكومة هو قرار قابل بطبيعته للطعن بالإلغاء سواء قبل العمل بالقانون رقم 75 لسنة 1963 أو بعد ذلك التاريخ وغاية الأمر أن الاختصاص بنظر هذه المنازعة قد نقل من ولاية القضاء الإداري إلى اختصاص لجنة التأديب والتظلمات بإدارة القضايا - تمكيناً لهذه الإدارة من الاستقلال بشئون رجالها ولا جدال في أن هذه اللجنة هي هيئة لها اختصاص قضائي بل لقد شكلت بموجب القانون رقم 75 لسنة 1963 تشكيلاً يتماثل في جوهره مع تأليف لجنة التأديب والتظلمات بمجلس الدولة ولم يقل أحد أن لجنة التظلمات بمجلس الدولة لم تحل محل محكمة القضاء الإداري فيما وكل إليها من اختصاصات أو أن القانون رقم 165 لسنة 1955 المنشئ لاختصاصها لم يكن قانوناً معدلاً لاختصاص القضاء الإداري بالنسبة لما أفرغ عليها من اختصاص قضائي وإذن فلجنة التأديب والتظلمات بإدارة القضايا هي هيئة لها ولاية قضائية والقانون المرتب لاختصاصها بالنسبة إلى رجال إدارة القضايا هو بلا مراء قانون معدل لاختصاص القضاء الإداري وليس كمثله ذلك القانون رقم 73 لسنة 1957 الذي استحدث تنظيماً جديداً للتظلم من بعض القرارات كفل لذوي الشأن بمقتضاه ضمانات أمام السلطات الإدارية استغنى بها عن تعقيب القضاء الإداري لأن القرارات التي تصدر في تلكم التظلمات إنها تصدر من سلطات إدارية بحتة ليس لها نصيب من الولاية القضائية ومن ثم كان متساوياً مع هذا الاعتبار، أن ينص شارع القانون رقم 73 لسنة 1957 على ألا يسري إلغاء هذا التعقيب القضائي على القرارات السابقة على العمل لهذا القانون وهو نص غير قائم على كل حال في القانون رقم 75 لسنة 1963 بسبب تباين الأساس التشريعي الذي يقوم عليه كل من هذين القانونين.
ومن حيث إنه قد تبين على هدي ما تقدم أن نص المادة 25 من القانون رقم 75 لسنة 1963 وهو نص معدل لاختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري وملغى لولايته في نظر الدعاوى المتعلقة بإلغاء القرارات الإدارية الخاصة لشئون أعضاء إدارة قضايا الحكومة وفي طلبات التعويض المترتبة عليها يسري على الدعوى الحالية التي لم يفصل فيها حتى تاريخ العمل بهذا القانون، ولم يقفل فيها باب المرافعة قبل هذا التاريخ أيضاً ولا عبرة إطلاقاً بكون هذه الدعوة الحالية مقامة قبل تاريخ العمل بالقانون رقم 75 لسنة 1963 وما دام هذا القانون المعدل للاختصاص يسري عليها بأثره الحال حسبما سلف الإيضاح.
ومن حيث إنه لكل ما تقدم يتعين إلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء بعدم اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بنظر الدعوى مع إلزام الحكومة بمصروفاتها ما دام هذا المنع قد شرع بعد رفعها بموجب قانون جديد معدل للاختصاص وكان واجباً رفع الدعوى الحالية أمام القضاء الإداري قبل العمل بالقانون رقم 75 لسنة 1963.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبعدم اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بنظر الدعوى وألزمت الحكومة بالمصروفات.

الطعن 1201 لسنة 58 ق جلسة 27 / 2 / 1989 مكتب فني 40 ق 54 ص 341

جلسة 27 من فبراير سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ نجاح نصار نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مقبل شاكر نائب رئيس المحكمة وحامد عبد الله وجاد المتولي وفتحي الصباغ.

---------------

(54)
الطعن رقم 1201 لسنة 58 القضائية

(1) استئناف. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
إحالة الحكم الاستئنافي إلى أسباب الحكم المستأنف. كفايته تسبيباً لقضائه.
(2) ضرب "ضرب بسيط". جريمة "أركانها". قصد جنائي. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
القصد الجنائي العام في جريمة إحداث جرح عمداً. توافره؟
التحدث عن هذا القصد. غير لازم. متى كان مستفاداً مما أورده الحكم من وقائع.
(3) ضرب "ضرب بسيط". إثبات "شهود". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
جريمة الضرب المنصوص عليها في المادة 242 عقوبات. توافرها؟
الحكم بالإدانة بمقتضى المادة 242 عقوبات. بيان موضع الإصابات بالمجني عليه وعلاقتها بفعل الضرب. غير لازم لصحته.
(4) دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". دفوع "الدفع بتلفيق التهمة". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الدفع بتلفيق التهمة. موضوعي. لا يستوجب رداً صريحاً ما دام الرد مستفاداً ضمناً من القضاء بالإدانة.

---------------
1 - من المقرر أن المحكمة الاستئنافية إذا ما رأت تأييد الحكم المستأنف للأسباب التي بني عليها فليس في القانون ما يلزمها أن تذكر تلك الأسباب في حكمها، بل يكفي أن تحيل عليها، إذ الإحالة على الأسباب تقوم مقام إيرادها وتدل على أن المحكمة قد اعتبرتها كأنها صادرة منها.
2 - من المقرر أن جريمة إحداث الجروح عمداً لا تتطلب غير القصد الجنائي العام وهو يتوفر كلما ارتكب الجاني الفعل عن إرادة وعن علم بأن هذا الفعل يترتب عليه المساس بسلامة جسم المجني عليه أو صحته ولا تلتزم المحكمة في هذه الجريمة بأن تتحدث استقلالاً عن القصد الجنائي بل يكفي أن يكون هذا القصد مستفاداً من وقائع الدعوى كما أوردها الحكم - وهو ما تحقق في واقعة الدعوى.
3 - من المقرر أنه لا يشترط لتوافر جريمة الضرب البسيط التي تقع تحت نص المادة 242 من قانون العقوبات أن يحدث الاعتداء جرحاً أو ينشأ عنه مرض أو عجز بل يعد الفعل ضرباً ولو حصل باليد مرة واحدة سواء أترك أثراً أم لم يترك، وعلى ذلك فإنه لا يلزم لصحة الحكم بالإدانة بمقتضى تلك المادة أن يبين الحكم موقع الإصابات التي أنزلها المتهم بالمجني عليه ولا علاقتها بفعل الضرب.
4 - من المقرر أن الدفع بتلفيق الاتهام أو كيديته من الدفوع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل رداً صريحاً من الحكم ما دام الرد مستفاداً ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها.


الوقائع.

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أحدث عمداً بـ....... الإصابات المبينة بالتقرير الطبي والتي تقرر لعلاجها مدة لا تزيد على عشرين يوماً. وطلبت عقابه بالمادة 242/ 1 من قانون العقوبات وادعت المجني عليها مدنياً قبل المتهم بمبلغ مائة جنيه على سبيل التعويض. ومحكمة مركز دير مواس قضت حضورياً عملاً بمادة الاتهام بحبس المتهم شهراً مع الشغل وكفالة عشر جنيهات لإيقاف التنفيذ وإلزامه بأن يؤدي للمدعية بالحق المدني مبلغ جنيهين على سبيل التعويض النهائي. استأنف. ومحكمة المنيا الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وأمرت بوقف تنفيذ العقوبة. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض وقيد بجدول محكمة النقض برقم...... لسنة...... القضائية. وهذه المحكمة قضت بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية إلى محكمة المنيا الابتدائية لتحكم فيها من جديد هيئة استئنافية أخرى. ومحكمة الإعادة قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وأمرت بوقف تنفيذ العقوبة.
فطعن المحكوم عليه "للمرة الثانية" في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الضرب البسيط قد انطوى على بطلان في الإجراءات وشابه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع ذلك بأن كانت الجلسة مثل في درجتي المحاكمة. وأن الحكم الاستئنافي لم يبين واقعة الدعوى وأركانها مكتفياًَ بالإحالة إلى الحكم الابتدائي. كما لم يستظهر الحكم القصد الجنائي ورابطة السببية بين فعل الطاعن وإصابة المجني عليها. فضلاً عن أن محكمتي الموضوع أغفلت دفاع الطاعن بتلفيق الاتهام له. وكل ذلك مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إنه لما كان القانون لم يحظر حضور كاتب الجلسة في درجتي المحاكمة التي نظرت فيها الدعوى ابتدائياً واستئنافياً كما هو الحال بالنسبة للقاضي، فإن منعى الطاعن في هذا الخصوص غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن المحكمة الاستئنافية إذا ما رأت تأييد الحكم المستأنف للأسباب التي بني عليها فليس في القانون ما يلزمها أن تذكر تلك الأسباب في حكمها، بل يكفي أن تحيل عليها، إذ الإحالة على الأسباب تقوم مقام إيرادها وتدل على أن المحكمة قد اعتبرتها كأنها صادرة منها، وكان الحكم الابتدائي قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها، وأقام في حقه أدلة سائغة تؤدي إلى ما رتبه عليها، وكانت جريمة إحداث الجروح عمداً لا تتطلب غير القصد الجنائي العام وهو يتوفر كلما ارتكب الجاني الفعل عن إرادة وعن علم بأن هذا الفعل يترتب عليه المساس بسلامة جسم المجني عليه أو صحته ولا تلتزم المحكمة في هذه الجريمة بأن تتحدث استقلالاً عن القصد الجنائي بل يكفي أن يكون هذا القصد مستفاداً من وقائع الدعوى كما أوردها الحكم - وهو ما تحقق في واقعة الدعوى المطروحة - وكان من المقرر أنه لا يشترط لتوافر جريمة الضرب البسيط التي تقع تحت نص المادة 242 من قانون العقوبات أن يحدث الاعتداء جرحاً أو ينشأ عنه مرض أو عجز بل يعد الفعل ضرباً ولو حصل باليد مرة واحدة سواء أترك أثراً أم لم يترك، وعلى ذلك فإنه لا يلزم لصحة الحكم بالإدانة بمقتضى تلك المادة أن يبين الحكم موقع الإصابات التي أنزلها المتهم بالمجني عليه ولا علاقتها بفعل الضرب، ولما كان الحكم المطعون فيه قد أثبت على الطاعن اعتداءه على المجني عليها، وأخذه بالمادة سالفة الذكر، فإن ذلك حسبه، ويكون الحكم برأ من قالة القصور في شأن كل ما تقدم. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض للدفع المبدى من الطاعن بتلفيق الاتهام له ورد عليه بما مجمله أن دليلاً لم يقم بالأوراق على المجني عليها تلاقت وأخيها المقيد حريته قانوناً واتفاقهما على تلفيق الاتهام للطاعن، وهو رد سائغ، فضلاً عن أن الدفع بتلفيق الاتهام أو كيديته من الدفوع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل رداً صريحاً من الحكم ما دام الرد مستفاداً ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها. فإن ما يثيره الطاعن من دعوى الإخلال بحق الدفاع لا يكون لها محل. ولما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس مفصحاً عن عدم قبوله موضوعاً.

الطعن 1362 لسنة 7 ق جلسة 10 / 1 / 1965 إدارية عليا مكتب فني 10 ج 1 ق 41 ص 380

جلسة 10 من يناير 1965

برئاسة السيد الأستاذ/ الدكتور محمود سعد الدين الشريف نائب رئيس المجلس وعضوية السادة الأساتذة/ الدكتور أحمد موسى وعبد الفتاح بيومي نصار وحسنين رفعت حسنين ومحمد طاهر عبد الحميد المستشارين.

---------------

(41)

القضية رقم 1362 لسنة 7 القضائية

(أ) موظف - تعيين 

- شرط اللياقة الطبية للخدمة - هو شرط جوهري للتعيين في الوظيفة والاستمرار في الخدمة - ترديد تعليمات المالية الصادرة في عام 1922 المتضمنة الأحكام التي وافق عليها قرار مجلس الوزراء في 8/ 5/ 1922, هذا الأصل بالنسبة لعمال اليومية الدائمين من قبل صدور كادر العمال.
(ب) عامل دائم - تعيينه 

- شرط اللياقة الطبية للخدمة - عدم توقيع الكشف الطبي على العامل - لا يعتبر بمثابة إعفاء ضمني منه - متى يعتبر بهذه المثابة - أساس ذلك وأثره: تطاول العهد على التعيين دون استيفاء هذا الشرط لا يفيد الإعفاء منه.
(جـ) عامل دائم 

- تعيين, واستمرار في الخدمة - شرط اللياقة الطبية للخدمة - نص التعليمات المالية على ذلك كشرط لبقاء العامل في الخدمة - اعتباره من الأمور المكملة لأحكام كادر العمال ما دام لم يرد في أحكامه ما يتعارض معه.

----------------
1 - إن ثبوت لياقة الموظف الطبية للخدمة هو شرط من الشروط الجوهرية للتعيين والاستمرار في خدمة الحكومة وهذا الشرط يقتضيه بداهة ضمان التثبت من قدرة الموظف على النهوض بأعباء الوظيفة المعين فيها بكفاية واقتدار وقد رددت هذا الأصل بالنسبة لعمال اليومية الدائمين ومن قبل صدور كادر العمال تعليمات المالية الصادرة في عام 1922 والمتضمنة الأحكام التي وافق عليها مجلس الوزراء في 8 من مايو 1922. إذ نصت الفقرة 29 من هذه التعليمات على ما يلي "لا يعاد إلى الخدمة أحد عمال اليومية المفصولين لعدم اللياقة الطبية ما لم يقرر لياقته القومسيون الطبي العام أو أية سلطة طبية ينتدبها القومسيون لهذا الغرض".
2 - ليس صحيحاً ما قام عليه الحكم المطعون فيه من تسوية حالة المدعي طبقاً لأحكام كادر العمال على وصف أنه عامل دائم دون توقيع الكشف الطبي عليه يعتبر بمثابة إعفاء ضمني له من الكشف الطبي إذ الأصل أن يتجسم مثل هذا القصد في صورة قرار صريح يعبر عن إرادة مصدره في الشكل الذي رسمه القانون ويصدر عن الجهة التي خولها القانون عن رخصة الإعفاء. أما تطاول العهد على تعيين المدعي دون استيفاء شرط اللياقة الطبية فلا يفيد إعفاء ضمنياً من هذا الشرط.
3 - لا شبهة في أن اللياقة الجسمانية كشرط لبقاء العامل في وظيفته الدائمة طبقاً للتعليمات المالية هي من الأمور التي يتعين اعتبارها مكملة لأحكام كادر عمال اليومية ما دام لم يرد في هذه الأحكام ما يتعارض معها.


إجراءات الطعن

في يوم السبت 24 من يونيه سنة 1961 أودعت إدارة قضايا الحكومة بالنيابة عن وزارة الأشغال سكرتيرية المحكمة عريضة طعن في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لوزارة الأشغال بجلسة 24/ 4/ 1961 في القضية رقم 628 لسنة 7 ق المقامة من السيد/ عبد العزيز محمود هيكل ضد وزارة الأشغال والقاضي "بإلغاء القرار الصادر في 22/ 4/ 1959 بتحويل المدعي من سلك اليومية المستديمة إلى سلك اليومية المؤقتة وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الحكومة المصروفات ومبلغ مائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة" وطلبت إدارة قضايا الحكومة للأسباب التي استندت إليها في عريضة الطعن والحكم "قبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه ورفض دعوى المطعون ضده وإلزامه المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين".
وبعد اتخاذ الإجراءات المقررة قانوناً وإحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا ونظره على الوجه الموضح بمحاضر الجلسات عين لإصدار الحكم فيه جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من أوراق الطعن - تتحصل في أن المدعي بعد أن حصل على قرار المعافاة من رسوم دعواه أودع عريضتها سكرتيرية المحكمة الإدارية في 10 من أغسطس سنة 1960 طالباً الحكم بإلغاء القرار الإداري الصادر في 22/ 4/ 1959 بتحويله من اليومية المستديمة إلى اليومية المؤقتة وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الحكومة المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة، وقال شرحاً لدعواه إنه عين باليومية المستديمة بتفتيش قناطر الدلتا في سنة 1942، وبتاريخ 22/ 4/ 1959 أصدرت الإدارة قراراً بفصله من الخدمة وتحويله إلى اليومية المؤقتة بمقولة إنه لم يوقع عليه الكشف الطبي قبل التحاقه بالخدمة، ولما كان هذا القرار قد صدر مخالفاً القانون فقد تظلم منه إلى الجهة الإدارية ولما لم يجد تظلمه نفعاً اضطر بعد أن حصل على قرار بإعفائه من الرسوم إلى إقامة هذه الدعوى طالباً إلغاءه، وقد طلبت الجهة الإدارية - رفض الدعوى تأسيساً على أن المدعي بعد أن سوت لجنة تطبيق كادر العمال حالته على وصف أنه عامل دائم ووضعته في درجة مساعد جنايني في الفئة 100/ 240 أصبح من الضروري استيفاء مسوغات تعيينه وضمنها ثبوت لياقته طبياً وقد طولب وزملاؤه مراراً بقبول توقيع الكشف الطبي عليهم، وبعد أن أعيتهم الحيل في تعطيل الكشف عليهم طبياً وتهديدهم بإيقافهم عن العمل إذ هم لم يمتثلوا للأمر تم توقيع الكشف الطبي على المدعي واتضح عدم لياقته طبياً للخدمة وعلى هذا تقرر تحويله إلى سلك اليومية المؤقتة بأجره الذي كان قد وصل إليه وذلك ضمن العمال الصادر بتحويلهم إلى سلك اليومية المؤقتة بالقرار محل الطعن وبجلسة 24/ 4/ 1961 حكمت المحكمة الإدارية لوزارة الأشغال بإلغاء القرار المطعون فيه الصادر في 22/ 4/ 1959 بتحويل المدعي من سلك اليومية المستديمة إلى سلك اليومية المؤقتة وما يترتب على ذلك من آثار وألزمت الحكومة المصروفات وبأن تدفع للمدعي مبلغ مائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة، وقد أقامت المحكمة قضاءها على أنه وإن كانت الوظائف العامة تتطلب قدراً من اللياقة الطبية إلا أن عدم توافر هذا الشرط لا يعتبر عيباً جسيماً في قرار تعيين الموظف ينحدر به إلى درجة الانعدام وعلى هذا لا يجوز للإدارة أن تسحب قرار تعيين هذا الموظف بعد فوات ستين يوماً على صدوره وإن كانت الإدارة تملك فصل الموظف لعدم اللياقة الطبية بل إن ذلك سبب من أسباب انتهاء الخدمة بحكم القانون إلا أن مناط ذلك ألا يكون الموظف قد أعفى من شرط اللياقة الطبية سواء بقرار صريح أو ضمناً كما لو عين الموظف أو العامل باليومية المستديمة دون أن يتوفر فيه شرط اللياقة الطبية أو يطلب منه استيفاؤه عند التعيين أو بعده بوقت قصير، وإذا كان الثابت أن المدعي التحق باليومية - المؤقتة قبل صدور كادر العمال، وبعد صدور الكادر قررت لجنة تطبيق الكادر اعتباره ضمن العمال الدائمين وطبقت عليه أحكام الكادر دون استيفاء شرط اللياقة الطبية مما يعتبر إعفاء ضمنياً من الكشف الطبي فلا يجوز فصله بعد ذلك إذا تبين عدم لياقته الطبية للخدمة ويكون القرار الصادر بتحويله من سلك اليومية الدائمة إلى سلك اليومية المؤقتة قد وقع والحالة هذه مخالفاً القانون متعين الإلغاء وعلى أساس ما تقدم انتهت المحكمة إلى إلغاء القرار المطعون فيه على الوجه آنف الذكر.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن التكييف القانوني السليم للقرار المطعون فيه والذي قضى بتحويل المدعي من سلك اليومية الدائمة إلى سلك اليومية المؤقتة بأجره الحالي هو في حقيقته قرار بفصله من الخدمة ثم إعادة تعيينه في سلك اليومية المؤقتة وسبب الفصل هو عدم استيفاء المدعي شرط اللياقة الطبية وهذا الشرط من الشروط الجوهرية اللازمة للاستمرار في الوظيفة وتخلفه سبب من أسباب انتهاء الخدمة بحكم القانون، ولا سند للقول بأن المدعي قد أعفى ضمناً من الكشف الطبي لأن الإعفاء من هذا الشرط يجب أن يكون صريحاً وبقرار من الجهة التي تملك ذلك، هذا وقد نص منشور وزارة المالية رقم 6/ 31/ 13 الصادر في سبتمبر سنة 1950 على فصل من لم ينجح في الكشف الطبي من عمال اليومية الذين كانوا يعينون فيما مضى بدون مسوغات، على أن الجهة الإدارية رأفة بالمدعي أعادت تعيينه باليومية المؤقتة وبأجره الذي كان يتقاضاه عند الفصل، وإذ جرى الحكم المطعون فيه على خلاف هذا النظر فإنه يكون قد خالف القانون وقامت به إحدى حالات الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا.
ومن حيث إن ثبوت لياقة الموظف الطبية للخدمة هو شرط من الشروط الجوهرية للتعيين والاستمرار في خدمة الحكومة وهذا الشرط يقتضيه بداهة ضمان التثبت من قدرة الموظف على النهوض بأعباء الوظيفة المعين فيها بكفاية واقتدار وقد رددت هذا الأصل بالنسبة لعمال اليومية الدائمين ومن قبل صدور كادر العمال تعليمات المالية الصادرة في عام 1922 والمتضمنة الأحكام التي وافق عليها مجلس الوزراء في 8 من مايو سنة 1922 إذ نصت الفقرة 29 من هذه التعليمات على ما يلي "لا يعاد إلى الخدمة أحد عمال اليومية المفصولين لعدم اللياقة الطبية ما لم يقرر لياقته القومسيون الطبي العام أو أية سلطة طبية ينتدبها القومسيون لهذا الغرض".
ومن ثم فإنه إذا كان الثابت من الاطلاع على ملف خدمة المدعي أنه قد كشف عليه طبياً ثلاث مرات وتبين عدم لياقته طبياً للخدمة، فإن الإدارة إذ قررت إنهاء خدمته كعامل دائم ورأت رأفة بحاله التحاقه بعمل مؤقت بذات الأجر الذي كان يتقاضاه وهو العمل الذي تنتهي بانتهائه خدمة العامل ولا يتطلب في شاغله الشروط الواجب توافرها في العمل الدائم، تكون في الحق قد تصرفت في شأن المدعي على مقتضى أحكام القانون ويكون القرار الصادر منها في هذا الشأن قد صدر سليماً لا مطعن عليه، ليس صحيحاً ما قام عليه الحكم المطعون فيه من تسوية حالة المدعي طبقاً لأحكام كادر العمال على وصف أنه عامل دائم دون توقيع الكشف الطبي عليه يعتبر بمثابة إعفاء ضمني له من الكشف الطبي إذ الأصل أن يتجسم مثل هذا القصد في صورة قرار صريح يعبر عن إرادة مصدره في الشكل الذي رسمه القانون ويصدر عن الجهة التي خولها القانون، عن رخصة الإعفاء. أما تطاول العهد على تعيين المدعي دون استيفاء شرط اللياقة الطبية فلا يفيد إعفاءه ضمنياً من هذا الشرط.
ومن حيث إن إنهاء الإدارة لخدمة المدعي بالقرار المطعون فيه مع تحويله إلى سلك اليومية المؤقتة. لا يعدو أن يكون إنفاذاً صائباً للحكم القاضي بإنهاء خدمة العامل الدائم عند ثبوت عدم لياقته الطبية وبالتالي عجزه عن القيام بأعباء وظيفته فالعجز قائم به بثبوت عدم لياقته الطبية. وعدم ادعائه لطلب الإدارة إعادة الكشف عليه لتقرير هذه اللياقة وإسقاط قرينة العجز المبرر لانتهاء خدمته الدائمة ولا شبهة في أن اللياقة الجسمانية كشرط لبقاء العامل في وظيفته الدائمة طبقاً للتعليمات المالية هي من الأمور التي يتعين اعتبارها مكملة لأحكام كادر عمال اليومية ما دام لم يرد في هذه الأحكام ما يتعارض معها وإذ ذهب الحكم المطعون فيه مذهباً مخالفاً فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله ويتعين من ثم إلغاؤه والقضاء برفض الدعوى مع إلزام المدعي بالمصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وألزمت المدعي بالمصروفات.

الطعن 11454 لسنة 7 ق جلسة 10 / 1 / 1965 إدارية عليا مكتب فني 10 ج 1 ق 40 ص 370

جلسة 10 من يناير 1965

برئاسة السيد الأستاذ/ الدكتور محمود سعد الدين الشريف نائب رئيس المجلس وعضوية السادة الأساتذة الدكتور أحمد موسى وعبد الفتاح نصار وحسنين رفعت ومحمد طاهر عبد الحميد المستشارين.

-----------------

(40)

القضية رقم 1154 لسنة 7 القضائية

موظف - تقرير سري 

- وضعه - تعديل رئيس المصلحة تقدير الكفاية تعقيباً على تقدير الرئيس المباشر والمدير المحلي, مجملاً وليس على أساس الدرجات - صحيح يتفق مع النظام الجديد المقرر بالقانون رقم 73 لسنة 1957 المعدل للمادة 31 من القانون رقم 210 لسنة 1951 - التزامه بتأييد رأيه بأسانيد تعزيزه إذا كان التقدير بدرجة ضعيف أو ممتاز - أساس ذلك.

---------------
إن ما ذهبت إليه المحكمة الإدارية من أن التقرير صدر باطلاً تأسيساً على أن التعديل الذي أدخله رئيس المصلحة على تقريري الرئيس المباشر والمدير المحلي جاء مجملاً وليس على أساس الدرجات التي قدرها كل من الرئيس المباشر والمدير المحلي للمدعية على النحو السالف بيانه، أن هذا الذي ذهبت إليه المحكمة المذكورة قد جانبه الصواب، ذلك أن تقدير كفاية الموظف على مقتضى المادة 30 من القانون 210 لسنة 1951 قبل تعديلها بالقانون رقم 73 لسنة 1957 كان على أساس تقدير الموظف بدرجات نهايتها القصوى مائة درجة، بينما يقضي نص هذه المادة بعد تعديلها بالقانون 73 لسنة 1957 بأن يكون تقدير كفاية الموظف بمرتبة ممتاز أو جيد أو مرضي أو ضعيف، وقد نصت المادة المذكورة بأن تكتب التقارير على النماذج وبحسب الأوضاع التي يقررها وزير المالية والاقتصاد، وبناء على ذلك صدر القرار رقم 629 لسنة 1957 في 3 من ديسمبر سنة 1957 في شأن النموذج الخاص بالتقارير السرية السنوية وبمطالعة هذا النموذج يتضح أنه قد أفردت به خانة لتقدير الرئيس المباشر وحده دون غيره، ودون أن تخصص به خانات أخرى للمدير المحلي ولرئيس المصلحة، بينما النموذج القديم الملحق بقرار وزير المالية رقم 4 بتاريخ 4 من يناير سنة 1954 خصصت به خانتان للمدير المحلي فرئيس المصلحة مما يستفاد منه أن تقدير الدرجات الموزعة على عناصر الكفاية في هذا النموذج الجديد إنما يلتزم به الرئيس المباشر دون غيره من الرؤساء بخلاف ما كان عليه الحال في النموذج القديم، وأن ما ورد في ذيل النموذج الجديد من إفراد مكان لرأي المدير المحلي وآخر لتعقيب رئيس المصلحة وثالث لتقدير اللجنة يدل على أن هذا المكان مخصص لرأي كل منهم تعقيباً على تقدير الرئيس، وطبيعة هذا التنظيم يقتضي بأن يكون التعقيب مجملاً وليس تفصيلياً وهذا النهج الذي التزمه النموذج الجديد يتفق مع كون الرئيس المباشر باعتباره ألصق الرؤساء بالموظفين في وضع يمكنه من الإحاطة بتقدير عناصر درجة الكفاية الموضحة بالتقدير، أما رئيس المصلحة فإنما يستوحي عقيدته عن الموظف من سلوكه العام داخل الوظيفة وخارجها أو مما يستنبطه من تقرير الرئيس المباشر أو مما يكون له أصل ثابت في ملف الخدمة، أو يستند إلى تقارير رسمية أخرى وكل ما ألزمه القانون في هذا الصدد أن يكون رأيه مؤيداً بأسانيد تعززه وآية ذلك ما نصت عليه المادة الخامسة من التعليمات المدونة في التقارير من أنه "لما كان التقرير بدرجتي ضعيف وممتاز له أثر ضخم في مستقبل الموظف هبوطاً وصعوداً, فإنه يتعين أن يؤيد هذا التقدير بأسانيد تعززه، مستمدة بطبيعة الحال من أعمال الموظف وسلوكه طوال الفترة موضوع التقرير" ومن ثم وعلى هذا الأساس لا تثريب قانوناً على رئيس المصلحة أو لجنة شئون الموظفين أن يرد رأيها مجملاً ما دام يستند إلى ما يعززه.


إجراءات الطعن

بتاريخ 4 من مايو سنة 1961 أودعت إدارة قضايا الحكومة نيابة عن السيد مدير عام هيئة المواصلات السلكية واللاسلكية عريضة طعن في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لصالح الحكومة بمدينة الإسكندرية في الدعوى رقم 1406 لسنة 7 القضائية والصادر بجلسة 6 من مارس سنة 1961 والقاضي بإلغاء القرار الصادر بتقدير كفاية المدعية عن عام سنة 1958 بدرجة ضعيف وإلغاء القرار الصادر بحرمانها من العلاوة الدورية المستحقة في أول مايو سنة 1960 إلغاء مجرداً مع إلزام الإدارة المصروفات, وطلبت الطاعنة إلغاء الحكم المطعون فيه ورفض دعوى المدعية مع إلزامها بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة, وقد نظر هذا الطعن أمام دائرة فحص الطعون بجلسة 25 من مايو سنة 1963 وأبلغ بها الخصوم في 14 من أول إبريل سنة 1963, فأحالتها إلى المحكمة الإدارية العليا ونظرت بجلسة 15 من نوفمبر سنة 1964 وأبلغ بها الخصوم 16 من سبتمبر سنة 1964, وفي هذه الجلسة نظرت الدعوى على الوجه المبين بالمحاضر وأرجأ النطق بالحكم لجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.
ومن حيث إن الدعوى قد استوفت أوضاعها الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة حسبما يبين من أوراقها تجمل في أن المدعية أقامت هذه الدعوى بعريضة أودعت قلم كتاب المحكمة الإدارية بالإسكندرية في 10 من أغسطس سنة 1960 بعد أن تقرر في 18 من يوليو سنة 1960 قبول طلب الإعفاء من الرسوم القضائية منها في 12 من أكتوبر سنة 1959 والمقيد برقم 8 لسنة 7 القضائية. طالبة الحكم بإلغاء القرار الصادر بحرمانها من العلاوة الدورية اعتباراً من أول مايو سنة 1959 وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الإدارة المصروفات، وقالت شرحاً لدعوها إنها أخطرت بالتقرير السري السنوي لسنة 1958 وكان تقدير كفايتها فيه بدرجة مرضي من جانب الرئيس المباشر والمدير المحلي وبدرجة ضعيف من جانب مدير المصلحة ولجنة شئون الموظفين وقد ترتب على هذا التقرير حرمان المدعية من العلاوة الدورية لسنة 1959، وأن هذا التقرير باطل لازدواج العقوبة لأنه بني على ذات الأسباب التي قام عليها التقرير الموضوع لها عن سنة 1957، وأن المدعية قد تظلمت من هذا التقرير وأجابها مفوض الدولة برفض تظلمها في 4 من أكتوبر سنة 1959 - وعقبت الإدارة على الدعوى فقالت إن المدعية تشغل الدرجة السابعة الفنية 144/ 204 في وظيفة مساعدة رئيسة مكتب تليفون، وقد حصلت على تقرير بمرتبة ضعيف عن أعمالها خلال سنة 1958، ونظراً لأنها لم تكن تستحق علاوة سنة 1959 فقد صدر القرار رقم 762 في 23 من إبريل سنة 1960 بحرمانها من العلاوة الدورية المستحقة في أول مايو سنة 1960 باعتبارها أول علاوة مستحقة لها بعد حصولها على درجة ضعيف في تقرير سنة 1958، وقد قدرت لجنة شئون الموظفين بجلستها المنعقدة في 25 من إبريل سنة 1959 درجة كفاية المدعية بمرتبة - ضعيف - وكانت المدعية قد تظلمت من قرار حرمانها من العلاوة الدورية موضوع النزاع وتقرر رفضه في 4 من أكتوبر سنة 1959 كما أحيلت إلى المحاكمة التأديبية في القضية رقم 100 ت/ 59 لحصولها على تقريرين بدرجة ضعيف في السنتين 1957 و1958 وحكم في هذه القضية بنقلها إلى وظيفة أخرى بذات درجتها ومرتبها، وقد نظر هذا الحكم، ومن ذلك يتضح أن الدعوى على غير أساس سليم من القانون.
وبجلسة التحضير في 4 من أكتوبر سنة 1960 قررت الطالبة أنها تعدل طلباتها إلى طلب الحكم بإلغاء التقرير السري الموضوع لها عن سنة 1958 وبأحقيتها في العلاوة الدورية التي حل ميعادها في أول مايو سنة 1960 ثم أكدت المدعية في جلسة التحضير المنعقدة في 15 من نوفمبر سنة 1960 هذه الطلبات - فقضت المحكمة الإدارية بالإسكندرية بإلغاء القرار الصادر بتقدير درجة كفاية المدعية عن عام سنة 1958 بدرجة ضعيف، وإلغاء القرار الصادر بحرمانها من العلاوة المستحقة في أول مايو سنة 1960 إلغاء مجرداً مع إلزام الإدارة المصروفات - وأثبت حكمها من ناحية الشكل، بأن المدعية تطلب الحكم في صحيفة افتتاح الدعوى بإلغاء إقرار الصادر بحرمانها من العلاوة الدورية اعتباراً من أول مايو سنة 1959 وما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الإدارة المصروفات وهي تقيم هذا الطلب على أساس أن التقرير السري السنوي المقدم عنها لعام سنة 1958 باطل ومخالف للقانون ويتعين إهدار آثاره - ثم أردف الحكم بأن المدعية كانت قد طلبت بجلسة الإعفاء المنعقدة في 18 من يوليو سنة 1960 إلغاء التقرير السري المقدم عنها لسنة 1958، فضلاً عن استحقاقها العلاوة الدورية في أول مايو سنة 1959 وقد صدر قرار الإعفاء بقبول الطلبين معاً، كما أنها عادت بجلسة التحضير وفسرت طلباتها الموضوعية بأنها تشمل طلب الحكم بإلغاء التقرير السري المقدم عنها لسنة 1958 لمخالفته للقانون، وطلب الحكم بإلغاء القرار الصادر بحرمانها من العلاوة الدورية اعتباراً من أول مايو سنة 1959 وبأحقيتها في العلاوة المذكورة وأردفت المحكمة بأن الثابت من الأوراق أن المدعية حصلت على تقرير سنوي بدرجة ضعيف عن أعمالها لسنة 1958، وقد ترتب على هذا التقرير أن صدر قرار الإدارة رقم 762 في 23 من إبريل سنة 1960 بحرمانها من أول علاوة استحقت لها بعد حصولها على التقرير المذكور اعتباراً من أول مايو سنة 1960 وإذ كان الثابت أن المدعية تظلمت من التقرير السري المقدم عنها لسنة 1958 بدرجة ضعيف ومن الآثار المترتبة عليه بتظلمها المقدم في 22 من يونيو سنة 1959، ومتى كانت لجنة شئون الموظفين قد وافقت بجلستها المنعقدة في 25 من إبريل سنة 1959 على تقدير كفاية المدعية بدرجة ضعيف عن أعمالها لسنة 1958 - فإن المدعية إذ تظلمت من هذا التقرير في 22 من يونيو سنة 1959 فإنها تكون قد التزمت المواعيد المقررة للتظلم، وإذ انتظرت المدعية فوات المواعيد المقررة قانوناً للبت في التظلم وقدمت طلبات لإعفائها من الرسوم القضائية في 12 من أكتوبر سنة 1959 خلال الميعاد المقرر للطعن بالإلغاء، وقد تقرر قبول هذا الطلب في 18 من يوليو سنة 1960، وفي 10 من أغسطس سنة 1960 أقامت المدعية هذه الدعوى خلال الستين يوماً التالية لقبول طلب الإعفاء المذكور، وإذ جاءت عريضتها مستوفاة لشروطها القانونية فإن الدعوى تكون مقبولة شكلاً - ثم استعرضت المحكمة قرار المحكمة التأديبية سالف الذكر بأن قرار هذه المحكمة لا يعدو أن يكون قراراً قضائياً صادراً من المحكمة المذكورة بناء على سلطتها الولائية ومن ثم لا يحوز قوة الأمر المقضي ولا يحول دون تصدي المحكمة الإدارية للفصل موضوعياً في مشروعية هذين التقريرين ومدى مطابقتهما للقانون، ثم أشارت المحكمة إلى المادة 31 من القانون رقم 210 لسنة 1951 والمراحل التي تمر بها التقارير وأضافت أنه نظراً لما يرتبه القانون رقم 210 لسنة 1951 على التقارير السنوية من آثار بعيدة المدى في مركز الموظف سواء من حيث العلاوات أو الترقيات أو صلته بالوظيفة، فإن أي تعديل يدخله المدير المحلي أو رئيس المصلحة على تقديرات الرئيس المباشر يجب أن يكون على أساس الدرجات التي تقدرها كل منها للموظف وأن المقصود بعد ذلك هو توفر أكبر قسط من الضمانات للموظف حتى يكون التقرير مبنياً على أسس دقيقة واضحة، ووارداً على العناصر التفصيلية التي يتألف منها تقدير الكفاية حسب النماذج المقررة للتقارير السنوية، فإذا حصل تعديل في تقدير الرئيس المباشر سواء من المدير المحلي أو من رئيس المصلحة بالمخالفة لهذه الأوضاع التي رسمها القانون والقرار الوزاري المنفذ له وقع هذا التعديل باطلاً ولا ينتج أثارة القانونية، وأنه باطلاع المحكمة الإدارية على التقرير المقدم عن المدعية لسنة 1958 أنها حصلت في تقدير رئيسها المباشر على 53 درجة من مائة درجة وبذلك يكون تقديرها العام مرضي ودون الرئيس المباشر الدرجات التي قدرها أمام البنود التفصيلية للتقرير وعند عرض هذا التقرير على المدير المحلي وافق موافقة كاملة على تقديرات الرئيس المباشر التفصيلية والعامة فقدرت كفاية المدعية في نظره بدرجة مرضي 53 درجة، وبعرض التقرير على رئيس المصلحة هبط بتقدير كفاية المدعية إلى درجة ضعيف، ولم يكن تعديله لدرجة كفاية المدعية على أساس الدرجات التفصيلية التي قدرها كل من الرئيس المباشر والمدير المحلي في البنود المخصصة لذلك في التقرير، وإنما جاء هذا التعديل مجملاً وعاماً، وخلصت لجنة شئون الموظفين إلى الموافقة على تقدير كفاية المدعية بدرجة ضعيف، وأضافت المحكمة الإدارية، أنه متى كان التعديل الذي أدخله رئيس المصلحة على تقديري الرئيس المباشر والمحلي مجملاً وليس على أساس الدرجات التي قدرها كل منهما للمدعية ومن ثم فإن تقدير رئيس المصلحة المذكور قد تم على خلاف القانون رقم 210 لسنة 1951 الذي أوجب في المادة 30 منه أن تكتب التقارير على النماذج وبحسب الأوضاع التي يقررها وزير المالية والاقتصاد بقرار يصدر منه بعد أخذ رأي ديوان الموظفين ومتى كان الأمر كذلك فإن التقرير المقدم عن المدعية لعام 1958 يكون قد أغفل إجراء جوهرياً وأخل بضمانة رئيسية للمدعية، ومن ثم يتعين الحكم بإلغائه - ثم أردفت المحكمة أنه ولئن تقرر الحكم بإلغاء التقرير السنوي المقدم عن المدعية لسنة 1958، إلا أنه لا يترتب على هذا الإلغاء بحكم اللزوم استحقاق المدعية العلاوة الدورية لسنة 1960 لأن مناط استحقاق الموظف للعلاوة طبقاً لأحكام المواد 42 - 44 من القانون 210 لسنة 1951 وتعديلاته أن يقوم الموظف بعمله بكفاية ومناط الحرمان منها أو تأجيلها ألا يكون كذلك، وهذه أو تلك ملائمة تقديرية متروكة للجنة شئون الموظفين تعتمد في ذلك أساساً على التقارير السنوية، وللجنة أن تأخذ في الاعتبار العناصر الأخرى التي تثبت لديها ولم تتضمنها التقارير، وأنه على هذا الأساس فإنه يترتب على إلغاء التقرير السري لسنة 1958 أن يعود الأمر ثانية إلى لجنة شئون الموظفين لتقدر من جديد استحقاق المدعية لعلاوتها لسنة 1960 في ضوء التقرير السنوي الذي يقدم من جديد عن أعمال المدعية عن عام سنة 1958، وخلصت المحكمة إلى إلغاء القرار رقم 762 بتاريخ 24 من إبريل سنة 1960 بحرمان المدعية من العلاوة اعتباراً من أول مايو سنة 1960 إلغاء مجرداً فطعنت الجهة الإدارية على هذا الحكم مؤسسة طعنها من ناحية الشكل إلى أن المدعية علمت بتقدير كفايتها لعام سنة 1958 بدرجة ضعيف في 25 من إبريل سنة 1959 فتظلمت من هذا التقرير في 22 من يونيو سنة 1959 فكان لزاماً عليها أن تقيم دعواها بعد ذلك في مدى ستين يوماً من الرفض الحكمي للتظلم، وأنه إذ كان المطعون ضدها تقدمت في 12 من أكتوبر سنة 1959 بطلب معافاتها من رسوم الدعوى المزمع رفعها لطلب الحكم بإلغاء القرار الصادر بحرمانها من العلاوة الدورية اعتباراً من أول مايو سنة 1959 دون أن تشير في دعواها إلى إلغاء التقرير السري المشار إليه إلا في جلسة المعافاة المنعقدة في 18 من يوليو سنة 1960، ولهذا تعد دعواها غير مقبولة شكلاً في هذا الشق من الطلبات وإذ كان تقدير الكفاية وهو سبب الحرمان من العلاوة.. قد أصبح حصيناً من الإلغاء فمن ثم يتحتم إعمال الآثار القانونية المترتبة عليه وهي الحرمان من العلاوة - ثم تعرض الجهة الطاعنة للموضوع فقالت إنه بالاطلاع على النموذج الذي وضع بناء على قرار وزير المالية رقم 629 لسنة 1957 في 3 من ديسمبر سنة 1957 تنفيذاً للمادة 30 من القانون رقم 210 لسنة 1951 يتضح أنه قد ذكر خانة لتقدير الرئيس المباشر فقط دون أن تخصص به خانات أخرى للمدير المحلي ورئيس المصلحة بعكس النماذج القديمة الملحقة بقرار وزير المالية رقم 4 بتاريخ 4 من يناير سنة 1954 مما يؤخذ منه أن تقدير الدرجات في هذا النموذج الجديد ينفرد به الرئيس المباشر دون غيره وأورد في أسفل النموذج مكان لرأي المدير المحلي وآخر لرأي مدير المصلحة وثالث لتقدير اللجنة بمعنى أن هذا المكان المخصص لرأي كل منهم في التقدير تعقيباً على تقدير الرئيس المباشر وأنه طبيعي كون هذا التقدير مجملاً وليس تفصيلياً يؤيد ذلك نص المادة 31 من القانون 210 لسنة 1951 سالف الذكر والتي نصت على أن يقدم التقرير السري عن الموظف من الرئيس المباشر ثم يعرض على كل من المدير المحلي ورئيس المصلحة لإيداع ملاحظاتهما ومن ثم فإن التقرير المقدم عن المدعية عن سنة 1958 قد اتبعت فيه الأوضاع المقررة قانوناً وما دامت المدعية لم تطعن عليه بإساءة استعمال السلطة يكون قد برأ من العيوب ويكون الحرمان من العلاوة هو النتيجة المترتبة عليه - فقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً عن هذا الطعن خلصت فيه إلى رفضه.
( أ ) قبول الدعوى:
ومن ناحية قبول دعوى المدعية شكلاً فإن النتيجة التي انتهت إليها المحكمة الإدارية صادفت وجه الحق للأسباب التي أسست عليها قضاءها وتضيف هذه المحكمة إليها أن الثابت من مطالعة تظلم المدعية بتاريخ 22 من يونيو سنة 1959 أنها طلبت بطلان التقرير لسنة 1958 ومبنى التظلم من تقدير الكفاية هو عدم الرضاء به وبالتالي مما يترتب عليه من آثار تتبعه وجوداً وعدماً، فإذا جاءت المدعية وأقامت دعوى المعافاة من الرسوم القضائية في 12 من أكتوبر سنة 1958 خلال الميعاد المقرر للإلغاء طالبة إلغاء قرار حرمانها من العلاوة الدورية اعتباراً من المعافاة من الرسوم القضائية في 12 من أكتوبر سنة 1958 خلال الميعاد أول مايو سنة 1959 (وصحة ذلك سنة 1960) وما يترتب على ذلك من آثار وذلك لبطلان التقرير السنوي لعام سنة 1958 وقد صدر قرار المعافاة بجلسة 18 من يوليو سنة 1960 بقبول الطلب بالنسبة لإلغاء التقرير السنوي والآثار المترتبة عليه ومنها حرمان المدعية من العلاوة، فأودعت المدعية صحيفة الدعوى في الميعاد بتاريخ 10 من أغسطس سنة 1960 نوهت فيها إلى بطلان تقريرها السنوي، وانتهت فيها إلى طلب إلغاء قرار حرمانها من العلاوة، وأوضحت المدعية مقصودها سواء في جلسات المعافاة أو الدعوى الموضوعية على هذا النحو سالف الذكر بمعنى أن المدعية أسست طلب قرار حرمانها من العلاوة على بطلان التقرير المقدم عنها بدرجة ضعيف، لأن قرار الحرمان لا يمكن إلغاؤه مع وجود التقرير بدرجة ضعيف، ولأن هذا التقرير هو الهدف الأصلي الذي يرمي إليه طلب الإلغاء بحسب مفهوم تكييف المدعية له، لو قضى بإلغائه لتحقق غرض هذه الأخيرة من طلب إلغاء قرار الحرمان من العلاوة إذ يصبح هذا الحرمان فاقداً لأحد أركانه بل لسببه وعلة وجوده وهو ضعف الكفاية - وعلى هذا الأساس المتقدم تكون دعوى المدعية مقبولة شكلاً حسبما انتهى إليه حكم المحكمة الإدارية المطعون فيه.
ومن حيث إنه فيما يتعلق بما ذهبت إليه المحكمة الإدارية من أن التقرير صدر باطلاً تأسيساً على أن التعديل الذي أدخله رئيس المصلحة على تقديري الرئيس المباشر والمدير المحلي جاء مجملاً وليس على أساس الدرجات التي قدرها كل من الرئيس المباشر والمدير المحلي للمدعية على النحو السالف بيانه، أن هذا الذي ذهبت إليه المحكمة المذكورة قد جانبه الصواب، ذلك أن تقدير كفاية الموظف على مقتضى المادة 30 من القانون 210 لسنة 1951 قبل تعديلها بالقانون رقم 73 لسنة 1957 كان على أساس تقدير الموظف بدرجات نهايتها القصوى مائة درجة، بينما يقضي نص هذه المادة بعد تعديلها بالقانون 73 لسنة 1958 بأن يكون تقدير كفاية الموظف بمرتبة ممتاز أو جيد أو مرضي أو ضعيف، وقد نصت المادة المذكورة بأن تكتب التقارير على النماذج وبحسب الأوضاع التي يقررها وزير المالية والاقتصاد، وبناء على ذلك صدر القرار رقم 629 لسنة 1957 في 3 من ديسمبر سنة 1957 في شأن النموذج الخاص بالتقارير السرية السنوية، وبمطالعة هذا النموذج يتضح أنه قد أفردت به خانة لتقدير الرئيس المباشر وحده دون غيره، ودون أن تخصص به خانات أخرى للمدير المحلي ولرئيس المصلحة، بينما النموذج القديم الملحق بقرار وزير المالية رقم 4 بتاريخ 4 من يناير سنة 1954 خصصت به خانتان للمدير المحلي فرئيس المصلحة مما يستفاد منه أن تقدير الدرجات الموزعة على عناصر الكفاية في هذا النموذج الجديد إنما يلتزم به الرئيس المباشر دون غيره من الرؤساء بخلاف ما كان عليه الحال في النموذج القديم، وأن ما ورد في ذيل النموذج الجديد من إفراد مكان لرأي المدير المحلي وآخر يقتضي بأن يكون التعقيب مجملاً وليس تفصيلياً وهذا النهج الذي التزمه مخصص لرأي كل منهم تعقيباً على تقدير الرئيس، وطبيعة هذا التنظيم يقتضي بأن يكون التعقيب مجملاً وليس تفصيلياً وهذا النموذج الذي التزمه النموذج الجديد يتفق مع كون الرئيس المباشر باعتباره ألصق الرؤساء بالموظفين في وضع يمكنه من الإحاطة بتقدير عناصر درجة الكفاية الموضحة بالتقرير، أما رئيس المصلحة فإنما يستوحي عقيدته عن الموظف من سلوكه العام داخل الوظيفة وخارجها. أو مما يستنبطه من تقرير الرئيس المباشر أو مما يكون له أصل ثابت في ملف الخدمة، أو يستند إلى تقارير رسمية أخرى وكل ما ألزمه القانون في هذا الصدد أن يكون رأيه مؤيداً بأسانيد تعززه وآية ذلك ما نصت عليه المادة الخامسة من التعليمات المدونة في التقارير من أنه "لما كان التقرير بدرجتي "ضعيف وممتاز" له أثر ضخم في مستقبل الموظف هبوطاً وصعوداً, فإنه يتعين أن يؤيد هذا التقدير بأسانيد تعززه، مستمدة بطبيعة الحال من أعمال الموظف وسلوكه طوال الفترة موضوع التقرير" ومن ثم وعلى هذا الأساس لا تثريب قانوناً على رئيس المصلحة أو لجنة شئون الموظفين أن يرد رأيها مجملاً ما دام يستند إلى ما يعززه.
(ب) الموضوع:
ومن حيث إنه بالنسبة للموضوع فإن المادة 31 من القانون 210 لسنة 1951 معدلة بالقانون رقم 73 لسنة 1957 تنص على "أن يقدم التقرير السنوي عن الموظف من رئيسه المباشر ثم يعرض على المدير المحلي للإدارة، فرئيس المصلحة لإبداء ملاحظاتهما ثم يعرض بعد ذلك على لجنة شئون الموظفين لتقدير درجة الكفاية التي تراها، ويعلن الموظف الذي يقدم عنه تقرير بدرجة ضعيف بصورة منه، ويترتب على تقديم تقرير بدرجة ضعيف حرمان الموظف من أول علاوة دورية مع تخطيه في الترقية في السنة التي قدم فيها هذا التقرير" - ومتى كان التقرير السنوي بمثابة قرار إداري نهائي يؤثر مآلا في منح العلاوة أو الترقية أو في الفصل فإنه ينبغي أن يجري على السند ويمر بالمراحل التي رسمها القانون فيقدم التقرير ابتداء من الرئيس المباشر ثم يعقبه المدير المحلي ويتلوه رئيس المصلحة ولكل منهما أن يعدل في تقدير كفاية الموظف ويبدي ملاحظاته، وأخيراً يعرض التقرير السري على لجنة شئون الموظفين لتقدير درجة الكفاية التي تراها.
ومن حيث إنه بمطالعة صورة التقرير السري الموضوع عن المدعية عن سنة 1958 يبين أن الرئيس المباشر وضع للمدعية ثلاثاً وخمسين درجة من مائة مقدراً لكفايتها بمرتبة مرضي ثم عرض على المدير المحلي فوافق على تقدير الرئيس المباشر، وعند عرض الأمر على رئيس المصلحة خفض تقدير كفاية المدعية إلى درجة ضعيف ثم عرض الأمر على لجنة شئون الموظفين فأقرت مدير المصلحة على تقديره كفاية المدعية بمرتبة ضعيف، ويبين من مطالعة خانة الملاحظات بالتقرير أن رئيس المصلحة أسس وجهة نظره على ما ثبت من توقيع الجزاءات التالية على المدعية خلال عام 1958 (1) خصم خمسة أيام من مرتبها لسبها وضربها زميلتها في العمل مضافاً إلى ذلك أيام الانقطاع عن العمل من 7 إلى 9/ 11/ 1957، وذلك في 12 من يناير سنة 1958، وبمراجعة هذا الجزاء على الثابت من ملف خدمة المدعية تبين أن هذا الجزاء كان نتيجة لقضية النيابة الإدارية رقم 583 لسنة 1957، قد توقع هذا الجزاء بقرار الدكتور مدير الهيئة في 28 من ديسمبر سنة 1957 وأرسل للتنفيذ بتاريخ 12 من يناير سنة 1958 أما الخصم عن أيام الانقطاع فقد رفع عن المدعية بالأمر الإداري في 6 من نوفمبر سنة 1958 (2) بناء على أن القسم الطبي قد اعتمد هذه المدة إجازة مرضية (2) خصم 10 قروش في 27 من إبريل سنة 1958 لعدم مراقبتها العمل مما أدى إلى التأخير في الرد على خطوط الدليل بتاريخ 13 من مارس سنة 1958 وهذا الجزاء ثابت من ملف الخدمة (3) خصم نصف يوم من المدعية في 7 من يونيو سنة 1958 لتأخيرها في العودة من الراحة مدة ربع ساعة في 22 من مايو سنة 1958 وهذا الجزاء له أساس في ملف الخدمة، (4) خصم خمسة أيام من مرتب المدعية بتاريخ 13 من أغسطس سنة 1958 لتقديمها شكوى ضد رئيسها مدير أعمال الحركة تبين فيما بعد أنها غير صحيحة، وبمراجعة ملف خدمتها تبين أن هذا الجزاء جاء نتيجة لتحقيق النيابة الإدارية في القضية رقم 351 لسنة 1958 وهو تحقيق أسفر عن حفظ شكوى المدعية لعدم الصحة مع التنبيه عليها بالكف عن هذا المسلك المعيب، وإذا كان الثابت مما سلف أن التقرير قد مر بالمراحل التي استنها المشرع وبني خفض مرتبة الكفاية إلى درجة ضعيف على أسباب لها أصل ثابت في الأوراق فإن هذا التقرير قد صدر صحيحاً مطابقاً لحكم القانون.
ومن حيث إنه لكل ما تقدم يكون التقرير عن المدعية عن عام 1958 قد تم وفق أحكام القانون ومن ثم ينتج آثاره التي رتبها عليه القانون ومنها حرمان المدعية من علاوتها عن سنة 1960، وإذ يكون قد أخطأ في تفسير القانون وتأويله مما يتعين معه إلغاؤه ورفض دعوى المدعية وإلزامها بالمصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وألزمت المدعية بالمصروفات.