الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 2 ديسمبر 2023

الطعن 496 لسنة 58 ق جلسة 22 / 2 / 1989 مكتب فني 40 ق 50 ص 316

جلسة 22 من فبراير سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ إبراهيم حسين رضوان نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ ناجي أسحق، فتحي خليفة نائبي رئيس المحكمة وسري صيام وإبراهيم عبد المطلب.

------------------

(50)
الطعن رقم 496 لسنة 58 القضائية

(1) دعوى مدنية "نظرها والحكم فيها". نقض "ما لا يجوز الطعن فيه من الأحكام".
إغفال المحكمة الجنائية الفصل في الدعوى المدنية. يبقى اختصاصها قائماً بالفصل فيها. عند الرجوع إليها. الطعن في الحكم بالنقض في خصوص ما لم تفصل فيه المحكمة غير جائز.
(2) محاماة. دعوى جنائية "تحريكها". بطلان.
عدم حصول المحامي على الإذن المنصوص عليه في المادة 133 من القانون 61 لسنة 1968. مخالفة مهنية لا تجرد العمل الإجرائي من آثاره القانونية. أساس ذلك؟
(3) دعوى جنائية "سقوط الحق في تحريكها". سب وقذف. دفوع "الدفع بعدم قبول الدعوى الجنائية". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
بدء سريان الميعاد المنصوص عليه في المادة 3/ 2 إجراءات من يوم علم المجني عليه بالجريمة ومرتكبها علماً يقينياً لا ظنياً ولا افتراضياً. المنازعة في تاريخ العلم. جدل موضوعي لا يقبل أمام النقض.
(4) سب وقذف. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
المادة 309 عقوبات. تطبيق لمبدأ حرية الدفاع بالقدر الذي يستلزمه الفصل في موضوع الدعوى.
تقدير ما إذا كانت عبارات السب والقذف مما يستلزمه الدفاع. موضوعي.
(5) سب وقذف. جريمة "أركانها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تقديم مذكرة تحوي عبارات تخدش الشرف والاعتبار في دعوى. يتحقق به ركن العلانية في جريمة السب. علة ذلك؟

---------------
1 - لما كان الحكم الابتدائي المذكور قد عرض لدعوى الطاعن المدنية المرفوعة منه على المطعون ضده (المدعي بالحقوق المدنية) ورفضها في قوله: "ومتى كان ذلك فإن دعوى المتهم المدنية قبل المدعي بالحق المدني في الدعوى المطروحة والمؤسسة على تعمد الإساءة إليه بغير حق تكون على غير أساس من الواقع والقانون ومن ثم يتعين القضاء برفضها وإلزام رافعها المصروفات"، فإن ما يدعيه الطاعن أن الحكم أغفل الإشارة إلى دعواه المدنية ولم يفصل فيها يكون غير صحيح، هذا فضلاً عن أنه على فرض صحة ما يدعيه الطاعن في هذا الشأن فإن الطرق السوية أمامه هي أن يرجع إلى ذات المحكمة التي نظرت الدعوى وأن يطلب منها الفصل فيما أغفلته، وما دام أنها لم تفصل في شق من الدعوى فإن اختصاصها يكون ما زال باقياً بالنسبة له، ويكون الطعن في الحكم بالنقض في خصوص ما لم تفصل فيه المحكمة غير جائز.
2 - من المقرر أن مخالفة حكم المادة 133 من قانون المحاماة رقم 61 لسنة 1968 والمطبقة على واقعة الدعوى - بفرض حصولها - لا تعدو أن تكون مخالفة مهنية لا تستتبع تجريد العمل الإجرائي من آثاره القانونية، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد.
3 - لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفع الطاعن بعدم قبول الدعويين الجنائية والمدنية لمرور أكثر من ثلاثة أشهر على تاريخ علم المدعي بالحقوق المدنية بالجريمة وعول في إطراحه على أن علم الأخير بجريمة السب قد تحقق بتقديم المذكرة التي تضمنت عباراته إلى المحكمة بجلسة 23 من فبراير سنة 1980 وأنه أودع صحيفة الادعاء المباشر في 21 من إبريل وأعلنت للطاعن في 5 من مايو من العام ذاته، وكان من المقرر أن علم المجني عليه بالجريمة ومرتكبها الذي يبدأ منه سريان مدة الثلاثة أشهر التي نصت عليها المادة 3/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية - والتي يترتب على مضيها عدم قبول الدعوى - يجب أن يكون علماً يقينياً لا ظنياً ولا افتراضياًًً فلا يجرى الميعاد في حق المجني عليه إلا من اليوم الذي يثبت فيه قيام هذا العلم اليقيني، فإن سائر ما يثيره الطاعن في شأن المنازعة في تاريخ العلم ذاك ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير محكمة الموضوع لهذه الواقعة لا تلتزم بالرد عليه ولا يقبل أمام محكمة النقض.
4 - من المقرر أن حكم المادة 309 من قانون العقوبات ليس إلا تطبيقاً لمبدأ عام هو حرية الدفاع بالقدر الذي يستلزمه، وأن هذا الحق أشد ما يكون ارتباطاً بالضرورة الداعية إليه، وأن الفصل فيما إذا كانت عبارات السب والقذف مما يستلزمه الدفاع متروك لمحكمة الموضوع، وكان ما ساقه الحكم في مقام استخلاصه أن العبارات الواردة بالمذكرة المشار إليها تعد سباً وليست من مستلزمات الدفاع في الدعوى التي قدمت فيها سائغاً وصحيحاً ومتفقاً مع القانون فإن منازعته في هذا الخصوص لا تكون مقبولة.
5 - لما كان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه والمكمل بالحكم المطعون فيه قد استظهر ركن العلانية في قوله "وحيث إن المتهم محام وقدم مذكرته التي تتضمن عبارات القذف والسب للمحكمة واستلم محامي المتهم..... صورتها واطلع عليها ومكتوبة على الآلة الكاتبة واطلع عليها كاتبها كما اطلع عليها كاتب الجلسة وأن المتهم وهو محام لا يجهل تداول المذكرة بين هؤلاء وقاموا بإذاعتها ووقعت الإذاعة بفعله فمن ثم يتعين عقابه بمادتي الاتهام سالفتي البيان" وكان العبارات الواردة بالمذكرة تلك والتي وصفت المدعي بالحقوق المدنية بأنه "كذاب ومزور وجبان ورعديد وأشر" هي عبارات تنطوي على خدش للشرف والاعتبار وقد توافر ركن العلانية قانوناً بتقديم المذكرة للمحكمة وتداولها بين أيدي كاتبها والموظفين المختصين كنتيجة لإيداعها ملف الدعوى، فإن ما يدعيه الطاعن في شأن عدم توافر ركن العلانية يكون على غير سند.


الوقائع

أقام المدعي بالحقوق المدنية دعواه بطريق الادعاء المباشر أمام محكمة الجيزة ضد الطاعن بوصف أنه ارتكب جريمة السب العلني على النحو المبين بعريضة الدعوى. وطلب عقابه بالمادتين 306، 171 من قانون العقوبات، وإلزامه بأن يدفع له مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. كما ادعى المتهم (الطاعن) مدنياً قبل المدعي بالحقوق المدنية بمبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت وذلك عن الضرر الذي لحقه بسبب إساءته استعمال حقوق الادعاء المدني، والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بمادتي الاتهام بتغريم المتهم خمسين جنيهاً وألزمته بأن يؤدي للمدعي بالحق المدني مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت، ورفض دعوى المتهم المدنية. استأنف المحكوم عليه ومحكمة الجيزة الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً، وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض. ومحكمة النقض قضت بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة القضية إلى محكمة الجيزة الابتدائية للفصل فيها مجدداً من هيئة أخرى، وألزمت المطعون ضده مصاريف دعواه المدنية ودعوى المتهم الطاعن عليه. ومحكمة الإعادة قضت غيابياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
عارض، وقضى في معارضته بقبولها شكلاً وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه.
فطعن الأستاذ....... المحامي عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض (للمرة الثانية)... إلخ.


المحكمة

من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة السب العلني ولم يفصل في دعواه المدنية قد شابه قصور في التسبيب وإخلال بحق الدفاع وخطأ في تطبيق القانون وخالف الثابت بالأوراق، ذلك بأنه خلا من بيان تاريخ الواقعة رغم أهميته في تحديد الميعاد الذي حدده القانون لقبول الشكوى، وأغفل الإشارة إلى دعوى الطاعن المدنية ولم يفصل فيها، وأطرح بأسباب غير سائغة دفوعه بعدم قبول الدعويين الجنائية والمدنية المرفوعتين ضده بطريق الادعاء المباشر لعدم استئذان نقابة المحامين الفرعية وببطلان صحيفة الدعوى المباشرة أمام محكمة الجنح لتوقيعها من المطعون ضده الأستاذ بكلية الحقوق المقبول أمام محكمة النقض، وبعدم قبول الدعوى الجنائية عن جريمة السب لرفعها بعد الميعاد المقرر قانوناً، وعول في رفض الدفع الأخير على التاريخ الذي ادعى المطعون ضده بعلمه بجريمة السب فيه رغم تناقضه مع الثابت بأوراق الدعوى وعدم تأييده بدليل، والتفت عن تحقيق دفاع الطاعن الجوهري القائم على منازعته في ذلك التاريخ، وعن دفاعه أنه لم يقم بتحرير أو توقيع المذكرة التي تضمنت العبارات المعتبرة سباً وإنما عهد بها إلى محام، وأن العبارات المشار إليها مما يستلزمه الدفاع ولا يتوافر بكتابتها في مذكرة دفاعه ركن العلانية. مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إنه يبين من الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه والمكمل بالحكم المطعون فيه أنه بين تاريخ واقعة السب العلني التي دان الطاعن بها، وذلك في قوله إن المدعي بالحقوق المدنية تسلم مذكرة محررة بمعرفة المتهم (الطاعن) في القضيتين رقمي.... جنح قسم الجيزة وذلك بجلسة 23 من فبراير سنة 1980 وهي المذكرة المتضمنة للعبارات التي اعتبرها سباً في حقه، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه من قصور في بيان تاريخ الواقعة في غير محله. لما كان ذلك، وكان الحكم الابتدائي المذكور قد عرض لدعوى الطاعن المدنية المرفوعة منه على المطعون ضده (المدعي بالحقوق المدنية) ورفضها في قوله: "ومتى كان ذلك فإن دعوى المتهم المدنية قبل المدعي بالحق المدني في الدعوى المطروحة والمؤسسة على تعمد الإساءة إليه بغير حق تكون على غير أساس من الواقع والقانون ومن ثم يتعين القضاء برفضها وإلزام رافعها المصروفات"، فإن ما يدعيه الطاعن أن الحكم أغفل الإشارة إلى دعواه المدنية ولم يفصل فيها يكون غير صحيح، هذا فضلاً عن أنه على فرض صحة ما يدعيه الطاعن في هذا الشأن فإن الطرق السوية أمامه هي أن يرجع إلى ذات المحكمة التي نظرت الدعوى وأن يطلب منها الفصل فيما أغفلته، وما دام أنها لم تفصل في شق من الدعوى فإن اختصاصها يكون ما زال باقياً بالنسبة له، ويكون الطعن في الحكم بالنقض في خصوص ما لم تفصل فيه المحكمة غير جائز، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفع الطاعن بعدم قبول الدعويين المدنية والجنائية لعدم حصول المدعي بالحقوق المدنية على إذن من النقابة لتحريكهما وأطرحه، وكان من المقرر أن مخالفة حكم المادة 133 من قانون المحاماة رقم 61 لسنة 1968 والمطبقة على واقعة الدعوى - بفرض حصولها - لا تعدو أن تكون مخالفة مهنية لا تستتبع تجريد العمل الإجرائي من آثاره القانونية، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أطرح دفع الطاعن ببطلان صحيفة الادعاء المباشر لتوقيعها من محام يمتنع عليه مباشرة حقوق المحامين أمام غير محكمة النقض المقيد أمامها وذلك في قوله "وحيث إنه عن الدفع ببطلان صحيفة الادعاء المباشر طبقاً لنص المادة 53 من القانون رقم 61 لسنة 1968 لكون المدعي المدني أستاذاً بكلية الحقوق ومقيداً أمام محكمة النقض فهو فاقد لحقوق المحامين أمام المحكمة الأدنى والمبدى من الدفاع فإن المادة 53 من القانون 61 لسنة 1968 لم ترتب البطلان على مخالفتها ومن ثم كان الدفع في غير محله خليقاً بالرفض" وكان ما أورده الحكم - على السياق المتقدم - يتفق وصحيح القانون، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفع الطاعن بعدم قبول الدعويين الجنائية والمدنية لمرور أكثر من ثلاثة أشهر على تاريخ علم المدعي بالحقوق المدنية بالجريمة وعول في إطراحه على أن علم الأخير بجريمة السب قد تحقق بتقديم المذكرة التي تضمنت عباراته إلى المحكمة بجلسة 23 من فبراير سنة 1980 وأنه أودع صحيفة الادعاء المباشر في 21 من إبريل وأعلنت للطاعن في 5 من مايو من العام ذاته، وكان من المقرر أن علم المجني عليه بالجريمة ومرتكبها الذي يبدأ منه سريان مدة الثلاثة أشهر التي نصت عليها المادة 3/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية - والتي يترتب على مضيها عدم قبول الدعوى - يجب أن يكون علماً يقينياً لا ظنياً ولا افتراضياً فلا يجرى الميعاد في حق المجني عليه إلا من اليوم الذي يثبت فيه قيام هذا العلم اليقيني، فإن سائر ما يثيره الطاعن في شأن المنازعة في تاريخ العلم ذاك ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير محكمة الموضوع لهذه الواقعة لا تلتزم بالرد عليه ولا يقبل أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الثابت من المفردات المضمومة أن المذكرة التي تضمنت وقائع السب المقدمة في جلسة 23 من فبراير سنة 1980 صادرة عن الطاعن وموقعة بتوقيع منسوب إليه، فإن ما يدعيه من أنه عهد بهذه المذكرة إلى محام غيره يكون غير مقبول. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن حكم المادة 309 من قانون العقوبات ليس إلا تطبيقاً لمبدأ عام هو حرية الدفاع بالقدر الذي يستلزمه، وأن هذا الحق أشد ما يكون ارتباطاً بالضرورة الداعية إليه، وأن الفصل فيما إذا كانت عبارات السب والقذف مما يستلزمه الدفاع متروك لمحكمة الموضوع، وكان ما ساقه الحكم في مقام استخلاصه أن العبارات الواردة بالمذكرة المشار إليها تعد سباً وليست من مستلزمات الدفاع في الدعوى التي قدمت فيها سائغاً وصحيحاً ومتفقاً مع القانون فإن منازعته في هذا الخصوص لا تكون مقبولة. لما كان ذلك، وكان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه والمكمل بالحكم المطعون فيه قد استظهر ركن العلانية في قوله "وحيث إن المتهم محام وقدم مذكرته التي تتضمن عبارات القذف والسب للمحكمة واستلم محامي المتهم...... صورتها واطلع عليها ومكتوبة على الآلة الكاتبة واطلع عليها كاتبها كما اطلع عليها كاتب الجلسة وأن المتهم وهو محام لا يجهل تداول المذكرة بين هؤلاء وقاموا بإذاعتها ووقعت الإذاعة بفعله فمن ثم يتعين عقابه بمادتي الاتهام سالفتي البيان". وكان العبارات الواردة بالمذكرة تلك والتي وصفت المدعي بالحقوق المدنية بأنه "كذاب ومزور وجبان ورعديد وأشر" هي عبارات تنطوي على خدش للشرف والاعتبار وقد توافر ركن العلانية قانوناً بتقديم المذكرة للمحكمة وتداولها بين أيدي كاتبها والموظفين المختصين كنتيجة لإيداعها ملف الدعوى، فإن ما يدعيه الطاعن في شأن عدم توافر ركن العلانية يكون على غير سند. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً عدم قبوله ومصادرة الكفالة مع إلزام الطاعن المصاريف المدنية.

الطعن 1431 لسنة 8 ق جلسة 9 / 1 / 1965 إدارية عليا مكتب فني 10 ج 1 ق 38 ص 349

جلسة 9 من يناير سنة 1965

برئاسة السيد الأستاذ/ حسن السيد أيوب وكيل مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ الدكتور ضياء الدين صالح وعادل عزيز وعبد الستار آدم وأبو الوفا زهدي المستشارين.

--------------

(38)

القضية رقم 1431 لسنة 8 القضائية

(أ) موظف - ترقية 

- محاكمة جنائية - إحالة الموظف إلى المحاكمة - حظر ترقيته في مدة الإحالة سواء أكانت المحاكمة تأديبية أم جنائية - إعمال هذه القاعدة في ظل قانون نظام موظفي الدولة رقم 210 لسنة 1951 أو القانون رقم 46 لسنة 1964 بإصدار قانون نظام العاملين المدنيين - أساس ذلك.
(ب) موظف - محاكمة تأديبية 

- نيابة إدارية - الإحالة إلى المحاكمة إجراء قانوني يتم بصدور القرار به من الجهة التي ناط بها القانون هذا الإجراء - النيابة الإدارية هي وحدها منذ صدور القانون رقم 117 لسنة 1958 التي تصدر قرار الإحالة إلى المحاكمة التأديبية وتحمل أمانة الدعوى التأديبية أمام المحكمة.
(جـ) موظف - دعوى تأديبية 

- ترقية - الدعوى التأديبية تعتبر مرفوعة بإيداع قرار الإحالة وأوراق التحقيق سكرتيرية المحكمة - آثار الإحالة إلى المحاكمة التأديبية ومنها حظر ترقية الموظف - لا يجوز ترتيبها إذا كان الموظف يدور في فلك التحقيق ولم يخرج عن مرحلته.
(د) محاكمة جنائية 

- الإحالة إلى المحاكمة الجنائية - تتم بصدور أمر الإحالة من قاضي التحقيق أو من مستشار الإحالة أو بتكليف المتهم بالحضور أمام المحكمة المختصة من قبل النيابة العامة أو المدعي بالحق المدني.

----------------
1 - تنص المادة 106 من قانون نظام موظفي الدولة رقم 210 لسنة 1951 على أنه "لا يجوز ترقية موظف محال إلى المحاكمة التأديبية أو موقوف عن العمل في مدة الإحالة أو الوقف. وفي هذه الحالة يسري حكم المادة 104 فإذا استطالت المحاكمة لأكثر من سنة, وثبتت عدم إدانة الموظف وجب عند ترقيته احتساب أقدميته في الدرجة المرقى إليها من التاريخ الذي كانت تتم فيه لو لم يحل إلى المحاكمة التأديبية" وجاءت المادة 70 من القانون رقم 46 لسنة 1964 بإصدار قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة تنص على أنه "ولا تجوز ترقية عامل محال إلى المحاكمة التأديبية أو المحاكمة الجنائية أو موقوف عن العمل في مدة الإحالة أو الوقف, وفي هذه الحالة تحجز للعامل الدرجة..." فواضح من مقابلة ومقارنة عبارات هذين النصين: القديم والمستحدث أن المشرع إنما نهى مؤقتاً عن ترقية موظف أو عامل يكون في أي من الوضعين:
( أ ) محالاً إلى المحاكمة, سواء أكانت تأديبية أم جنائية.
(ب) أو موقوفاً عن العمل.
2 - إن الإحالة إلى المحاكمة إنما هي إجراء قانوني يتم بصدور قرار الإحالة من الجهة التي ناط بها القانون ذلك الإجراء. ففي المحاكمة التأديبية إنما هي النيابة الإدارية التي تصدر قرار الإحالة منذ صدور القانون رقم 117 لسنة 1958 في 11 من أغسطس سنة 1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية.
والنيابة الإدارية سواء أكانت قد أقامت الدعوى مختارة أم أقامتها ملزمة بناء على طلب الجهة الإدارية أو الجهاز المركزي للمحاسبات فهي وحدها التي تقيم الدعوى وتتولى الادعاء, وهي وحدها التي تحمل أمانة الدعوى التأديبية أمام المحكمة.
3 - تعتبر الدعوى التأديبية مرفوعة بإيداع قرار الإحالة وأوراق التحقيق سكرتيرية المحكمة. ومتى تم الإيداع تعلق اختصاص المحكمة بنظر الدعوى. واقتضى ذلك ألا تترتب آثار الإحالة إلى المحاكمة التأديبية ومنها عدم جواز الترقية (م 106 قانون 210 لسنة 1951 أو مادة 70 من قانون 46 لسنة 1964) إذا كان الموظف العامل يدور في فلك التحقيق ولم يخرج عن مرحلته.
4 - في المحاكمة الجنائية, يوجد مدلول قانوني دقيق خاص لاصطلاح "محال إليها" لتحدده القواعد الراسخة المستقرة في قانون الإجراءات الجنائية. حاصلها أن الإحالة إلى المحاكمة الجنائية تتم بصدور أمر الإحالة من قاضي التحقيق أو من مستشار الإحالة أو تتم بتكليف المتهم بالحضور أمام المحكمة المختصة من قبل النيابة العامة أو المدعي بالحق المدني.


إجراءات الطعن

في 26 من يوليو سنة 1962 أودع السيد محامي الحكومة سكرتيرية المحكمة تقرير طعن أمام هذه المحكمة قيد بجدولها تحت رقم 1431 لسنة 8 القضائية, في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لوزارات الخزانة والاقتصاد والصناعة والزراعة والتموين بجلسة 27 من مايو سنة 1962 في الدعوى رقم 237 لسنة 8 القضائية المقامة من يعقوب كامل يعقوب ضد وزارة الخزانة, والذي قضى: "بأحقية المدعي في تسوية حالته, في الدرجة الخامسة اعتباراً من 2 من سبتمبر سنة 1956, وفي الدرجة الرابعة اعتباراً من 26 من مارس سنة 1960 عملاً بأحكام المادة 40 مكرر من القانون رقم 210 لسنة 1951 مع ما يترتب على ذلك من آثار, وألزمت الوزارة المصروفات وثلاثة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة". وقد طلب السيد محامي الحكومة للأسباب التي استند إليها في تقرير طعنه: "الحكم بقبول الطعن شكلاً, وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه, ورفض الدعوى مع إلزام المطعون عليه المصروفات ومقابل الأتعاب". وقد أعلن هذا الطعن إلى المطعون عليه في 29 من يوليو سنة 1962 وعين لنظره أمام دائرة فحص الطعون جلسة 2 من نوفمبر سنة 1963 وفيها قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا للمرافعة بجلسة 11 من يناير سنة 1964 ومنها إلى جلسة 22 من فبراير ثم إلى جلسة 16 من مايو سنة 1964 بناء على طلب الخصوم وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات ذوي الشأن على الوجه المبين بمحضر الجلسة ثم قررت المحكمة إرجاء النطق بالحكم إلى جلسة 20 من يونيو سنة 1964 وكلفت الحكومة ضم ملف تحقيق النيابة في الجناية رقم 2181 لسنة 1956 بندر دمنهور وليس ملف تحقيق الجناية رقم 186 لسنة 1956 وملف قضية الجنحة رقم 2186 لسنة 1956 بندر دمنهور. وفي 3 من يونيو سنة 1964 قدم المطعون عليه مذكرة بدفاعه خلص منها إلى طلب الحكم برفض الطعن وإلزام الوزارة الطاعنة المصروفات. وبجلسة 20 من يونيو سنة 1964 قررت المحكمة إعادة الطعن إلى المرافعة بجلسة 14 من نوفمبر سنة 1964 لتضم نيابة دمنهور ملف التحقيق الجنائي الذي سبق التقرير بضمه ولم يكن قد ضم. وقد أودع الحاضر عن المطعون عليه شهادة معتمدة من السيد رئيس القسم الجنائي بنيابة بندر دمنهور في 18 من إبريل سنة 1964 بنتيجة المضاهاة في الجناية رقم 2181 لسنة 1956 جنايات بندر دمنهور. وفي 6 من سبتمبر سنة 1964 أودع المطعون عليه شهادة من نيابة دمنهور تفيد أنه لم يتم التصرف في الجناية المطلوبة رقم 2181 لسنة 1956 حتى تاريخ صدور الشهادة المقدمة بملف هذا الطعن. وبجلسة 14 من نوفمبر سنة 1964 سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات إضافية على ضوء ما جاء بكتاب السيد رئيس نيابة دمنهور إلى السيد رئيس هيئة المفوضين في 22 من أكتوبر سنة 1964 رداً على طلب ملف تحقيق القضية رقم 2186 لسنة 1956 بندر دمنهور وقد جاء فيه (أن قضايا جنح سنة 1956 قد أرسلت للدشت). وقدم المطعون عليه مذكرة أخيرة قال فيها إنه قد أعيد إلى وظيفته بعد فصله منها بغير الطريق التأديبي وأنه لا يمكن اعتباره محالاً إلى محاكمة جنائية يترتب عليها وقف ترقياته إلى ما شاء الله. وخلص إلى طلب الحكم برفض طعن الحكومة, وبالجلسة الأخيرة قررت المحكمة إرجاء النطق بالحكم في الطعن إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق, وسماع الإيضاحات, وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة, حسبما يبين من أوراق الطعن, تتحصل في أن المطعون عليه أقام الدعوى رقم 237 لسنة 8 القضائية بعريضة أودعها سكرتيرية المحكمة الإدارية لوزارات الخزانة والاقتصاد والصناعة والزراعة والتموين في 20 من إبريل سنة 1961 ضد وزارة الخزانة طلب فيها الحكم بأحقيته في تسوية حالته بالتطبيق لنص المادة 40 مكرر من القانون رقم 210 لسنة 1951 والقانون رقم 120 لسنة 1960 المعدل لأحكام قانون نظام موظفي الدولة, وذلك بترقيته إلى الدرجتين الخامسة والرابعة الشخصيتين من تاريخ تمضية المدة المقررة قانوناً لاستحقاق الترقية إلى كل منهما مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الوزارة المصروفات ومقابل الأتعاب. وقال شرحاً لدعواه إنه في عام 1956 جرى معه تحقيق في نيابة دمنهور إثر شكوى من مصلحة الأموال المقررة فيها اتهام بالتلاعب والاختلاسات من معاشات السلطة العسكرية, وقررت المصلحة وقف المدعي عن العمل اعتباراً من 12 من أغسطس سنة 1956, وقيدت الواقعة تحت رقم 2181 لسنة 1956 جنايات بندر دمنهور. وحدث أن استحق المدعي - بعد صدور قرار وقفه عن العمل - الترقية إلى الدرجة الخامسة الشخصية اعتباراً من 2/ 9/ 1956 بالتطبيق لحكم المادة 40 مكرر من قانون 210 لسنة 1951 وذلك لقضائه ثلاثين سنة في ثلاث درجات, ولكن المصلحة لم ترقه استناداً إلى المادة 106 من قانون التوظف. وبسبب بطء التحقيق في شكوى المصلحة للنيابة العامة كانت المصلحة تعرض من وقت لآخر, أمر تجديد وقف المدعي عن عمله على مجلس التأديب كلما انتهت مدة الوقف المقررة, وكان مجلس التأديب يوافق على تجديد الوقف إلى أن قرر بجلسته التي عقدها في 14 من أكتوبر سنة 1957 إنهاء حالة وقفه وإعادته إلى العمل في جهة بعيدة عن مديرية البحيرة. ولقد نفذت المصلحة قرار مجلس التأديب, وأصدرت في 16 من أكتوبر سنة 1957 القرار رقم (3 - 2/ 40) برفع الإيقاف عنه ونقله إلى مديرية قنا. ولما كانت المخالفة موضوع التحقيق تعتبر من قبيل المخالفات المالية, ففقد أخطرت مصلحة الأموال المقررة ديوان المحاسبات بأمرها وذلك بالتطبيق لأحكام القانون رقم 132 لسنة 1952 الخاص بإنشاء المجلس التأديبي للمخالفات المالية. ولكن الديوان لم يشر باتخاذ أي إجراء تأديبي ضد المدعي وإنما طلب في نوفمبر سنة 1957 موافاته بأوراق التحقيق, وكافة المستندات المتعلقة به, بعد انتهاء النيابة العامة من بحث الموضوع ليتسنى له التصرف فيه طبقاً للمادة 81 مكرر من قانون التوظف. وقد طلب المدعي بعد رفع الإيقاف عنه, ترقيته إلى الدرجة الخامسة الشخصية بالتطبيق لحكم المادة 40 مكرر لعدم وجود ما يمنع من ترقيته استناداً إلى حكم المادة 106 من قانون التوظف إذ هو غير محال إلى المحاكمة التأديبية, وأنه غير موقوف عن عمله - فطالبته المصلحة بموافاتها بنتيجة تحقيق النيابة العامة معه فاستخرج في 3/ 11/ 1959 شهادة من نيابة بندر دمنهور بأن القضية 2181 لسنة 1956 جنايات بندر دمنهور ما زالت تحت التصرف بالنيابة المذكورة. ولم يستوف التحقيق فيها بعد, ولم يعط لها خط سيرها القانوني وبالتالي لم تقدم إلى غرفة الاتهام, ولا إلى محكمة الجنايات. وعندئذ رأت مصلحة الأموال المقررة أن تستطلع رأي ديوان الموظفين في جواز ترقية المدعي إلى الدرجة الخامسة تطبيقاً لحكم المادة 40 مكرر وفي نفس الوقت تظلم المدعي إلى الديوان من إرجاء ترقيته طيلة هذه المدة مع أنه لم يصدر قرار بتقديمه إلى المحاكمة التأديبية, أو برفع الدعوى الجنائية عليه, وفي نفس الوقت لم يعد موقوفاً عن عمله. ولكن ديوان الموظفين كتب إلى المصلحة بما يفيد أنه يرى أن الإحالة إلى النيابة العامة أو إلى المحاكمة الجنائية تعتبر بمثابة إحالة إلى المحاكمة التأديبية, ومن ثم لا يجوز النظر في ترقية المدعي إلى الدرجة الخامسة الشخصية. وتجري صحيفة الدعوى بأن القانون رقم 120 لسنة 1960 صدر بتعديل بعض أحكام قانون التوظف, وتضمن النص على أحقية الموظف الذي يقضي في الخدمة إحدى وثلاثين سنة في أربع درجات, في أن يرقى إلى الدرجة التالية, بصفة شخصية من تاريخ العمل بقانون سنة 1960 أو من التاريخ التالي لتمضيته المدة المذكورة مستقبلاً. فانطبقت أحكامه على المدعي لأنه كان وقت صدوره قد أمضى أكثر من 31 سنة في ثلاث درجات. فكرر مطالبته المصلحة بترقيته بصفة شخصية, إلى الدرجتين الخامسة والرابعة بالتطبيق لأحكام التشريعين المنوه عنهما. وأيد المدعي طلبه بشهادة ثانية استخرجها من نيابة بندر دمنهور بأن القضية رقم 2181 لسنة 1956 جنايات بندر دمنهور ما زالت تحت التصرف بالنيابة, ولم يستوف التحقيق فيها بعد - ولم يعط لها خط سيرها القانوني وبالتالي لم يقدم المدعي للمحاكمة لا بغرفة الاتهام, ولا بمحكمة الجنايات. وتاريخ هذه الشهادة هو 27/ 7/ 1960 ولكن مصير هذا الطلب كان ذات مصير الطلبات السابقة عليه. وجدير بالذكر أن مصلحة الأموال المقررة كانت قد قررت حرمان المدعي من علاوته الدورية المستحقة له اعتباراً من أول مايو سنة 1957 استناداً إلى أن تقرير درجة كفاية المدعي عن سنة 1956 كان بدرجة (ضعيف). فأقام المدعي ضد المصلحة والوزارة الدعوى رقم 224 لسنة 5 القضائية أمام المحكمة الإدارية لوزارات الخزانة والاقتصاد والزراعة, بالطعن بالإلغاء في القرار المذكور والأساس الذي استند إليه, وقد صدر الحكم في تلك الدعوى بجلسة 21 من مارس سنة 1960 لصالح المدعي وقضى بإلغاء القرار الصادر من مصلحة الأموال المقررة بحرمانه من علاوته الدورية التي يستحقها في أول مايو سنة 1957 وما يترتب على ذلك من آثار وتقول صحيفة الدعوى إن المدعي بقى إلى الآن من غير ترقية. ويضيف المدعي إلى ذلك أن المادة 106 من قانون التوظف تقرر استثناء من قواعد الترقية, فلا يجوز القياس على الاستثناء أو التوسع في تفسيره. فالمادة المذكورة قد نصت على عدم جواز ترقية الموظف إذا قامت به إحدى الحالتين: الإحالة إلى المحاكمة التأديبية, أو الوقف عن العمل - والإحالة إلى المحاكمة التأديبية لا تعتبر قائمة إلا إذا صدر قرار الاتهام من النيابة الإدارية, وأقيمت بموجبه الدعوى التأديبية. وعلى كل حال فإن النيابة العامة لم تتصرف حتى تاريخ رفع هذه الدعوى إلى المحكمة الإدارية, في الشكوى الجنائية, ولم يكن يدور في خلد المشرع أن ترجأ ترقية الموظف كلما قدمت ضده شكوى حتى يمكن أن يمتد الإرجاء إلى بضع سنين. وانتهت صحيفة الدعوى إلى طلب الحكم للمدعي بأحقيته في تسوية حالته بالتطبيق لنص المادة 40 مكرر والقانون المعدل لها وذلك بترقيته إلى الدرجتين الخامسة والرابعة الشخصيتين من تاريخ انقضاء المدة المقررة قانوناً لاستحقاق الترقية إلى كل منهما.
وقد ردت مصلحة الأموال المقررة على الدعوى بأن المدعي - المطعون عليه - كان, وهو يشغل وظيفة رئيس القلم من الدرجة السادسة، مستحقاً للترقية إلى الدرجة الخامسة بصفة شخصية اعتباراً من 2/ 9/ 1956، وذلك لقضائه ثلاثين سنة في ثلاث درجات متتالية طبقاً لنص المادة (40 مكرر من قانون التوظف) قبل تعديلها بالقانون رقم 120 لسنة 1960 ولكن المدعي سبق أن اتهم في قضية الجناية رقم 2181 لسنة 1956 بندر دمنهور في حادث اختلاس معاشات السلطة العسكرية وأوقف عن العمل من 12/ 8/ 1956 وبالتطبيق لحكم المادة 106 من قانون التوظف فقد تقرر إرجاء ترقيته إلى الدرجة الخامسة بصفة شخصية وقد أخطرت المصلحة ديوان المحاسبة بما نسب إلى المدعي من مخالفات مالية نزولاً على حكم القانون رقم 132 لسنة 1952 وطلب الديوان في نوفمبر سنة 1957 موافاته بأوراق التحقيق وبكافة المستندات المتعلقة به بعد انتهاء النيابة العامة من بحث الموضوع ليتسنى له التصرف فيه طبقاً للمادة 89 مكرر من قانون التوظف. وقد تقدم المدعي بشهادة مؤرخة 3/ 11/ 1959 من نيابة بندر دمنهور تتضمن أن القضية رقم 2181 لسنة 1956 جنايات بندر دمنهور المتهم فيها الموظف المذكور ما زالت تحت تصرف نيابة دمنهور, ولم يستوف التحقيق فيها بعد, ولم يعط لها خط سيرها القانوني, وبالتالي لم تقدم لغرفة الاتهام أو لمحكمة الجنايات. وتقول المصلحة في مذكرتها بدفاعها أنه نظراً لأن المدعي لم يصدر ضده قرار اتهام يقضي بإحالته إلى المحاكمة التأديبية, فقد استطلعت المصلحة رأي ديوان الموظفين في 29/ 11/ 1959 عن مدى جواز ترقيته إلى الدرجة الخامسة بصفة شخصية. وقد أشار الديوان بكتابه رقم 22/ 1/3 م 9 في 13/ 2/ 1960 بأن الرأي قد استقر على أن الإحالة إلى النيابة العامة أو المحاكمة الجنائية تعتبر بمثابة إحالة إلى المحاكمة التأديبية. وكذلك أشار الديوان بكتابه رقم 22/ 1/ 3 م في 26/ 12/ 1960 بمثابة الشكوى المقدمة من الموظف المذكور - المدعي - إلى الديوان بأن إعادة الموظف المذكور إلى عمله بعد رفع الإيقاف عنه في 14/ 10/ 1957 لا تعني أن الإدارة قد صرفت النظر عن محاكمته لأن طلب الجهة الإدارية إلى النيابة العامة السير في المحاكمة الجنائية يقوم مقام الإحالة إلى المحاكمة التأديبية, ولذلك فإنه يجب انتظار نتيجة تصرف النيابة العامة في القضية ويرى ديوان الموظفين عدم جواز النظر في ترقية المدعي إلى الدرجة الخامسة بصفة شخصية. ومن أجل ذلك تطلب المصلحة الحكم برفض دعوى المدعي لأنها قائمة على غير أساس سليم من القانون خليقة بالرفض - وبعد ذلك قدم المدعي شهادة ثالثة من نيابة دمنهور الكلية المؤرخة 14/ 2/ 1962 جاء فيها أن الجناية رقم 2181 لسنة 1956 بندر دمنهور المتهم فيها يعقوب كامل يعقوب وآخرين لم يتم التصرف فيها بعد, وأن آخر تحقيق أجري فيها هو بتاريخ 13/ 10/ 1958 ولم تطلب الجهة الإدارية المختصة من النيابة العامة السير في محاكمته جنائياً.
وبجلسة 27 من مايو سنة 1962 حكمت المحكمة الإدارية لوزارات الخزانة والاقتصاد والزراعة, بأحقية المدعي في تسوية حالته في الدرجة الخامسة اعتباراً من 2/ 9/ 1956 وفي الدرجة الرابعة اعتباراً من 26/ 3/ 1960 عملاً بأحكام المادة 40 مكرر من القانون رقم 210 لسنة 1951 وما يترتب على ذلك من آثار وألزمت الوزارة المصروفات. وأقامت قضاءها هذا على أن حكم المادة 106 من قانون نظام موظفي الدولة رقم 210 لسنة 1951 يسري على جميع الترقيات سواء العادية منها أم تلك التي تتم وفقاً لحكم المادة 40 مكرر من القانون المذكور ومع ذلك فإن المادة 106 تقرير انتظار البت في ترقية الموظف المحال إلى المحاكمة التأديبية أو الموقوف عن العمل في مدة الإحالة أو الوقف. وبهذه المثابة فإن حكمها لا يسري إلا على الموظف المحال إلى المحاكمة التأديبية, أو الموقوف عن العمل, ذلك في مدة الإحالة أو الوقف, وذلك دون المحال إلى المحاكمة الجنائية. فضلاً عن أن كلاً من الجريمة التأديبية, والجريمة الجنائية لها نطاقها وأحكامها الخاصة فإن ما ورد بها قد جاء على سبيل الحصر لا على سبيل التمثيل لأنه قيد على الترقية يجب تحديده حتى لا تخرج جهة الإدارة عن هذا المجال بما يبعد بها عن القصد, ويحرم الموظفين من حقوقهم لأسباب لا تتصل بالنطاق الإداري. وما دام حكم المادة 106 يعتبر قيداً على الترقية, فإن طبائع الأشياء, واستقامة الأمور الإدارية تقتضي ألا يكون محلاً للقياس في هذا الخصوص... واستطرد الحكم المطعون فيه في أسبابه قائلاً إنه حتى مع الأخذ بحكم القياس, فإنه يجب أن يكون قياساً سليماً أساسه التطابق والتماثل في الإجراء مما يستتبع التماثل في الحكم. فإن صح القول بأن الإحالة إلى المحاكمة الجنائية تعتبر بمثابة الإحالة للمحاكمة التأديبية في خصوص تطبيق المادة 106 من قانون موظفي الدولة فإنه لا يستساغ القول بأن طلب الجهة الإدارية السير في المحاكمة الجنائية يعتبر بمثابة الإحالة إلى المحاكمة التأديبية, لأن هذا الطلب لا يعتبر من إجراءات الإحالة إلى المحاكمة الجنائية التي تملكها النيابة العامة باعتبارها أمينة على الدعوى الجنائية, وصاحبة الحق أصلاً في اتخاذ هذه الإجراءات. ولا مجال للتوسع في التفسير, وللأخذ بالقياس. ذلك أن الجرائم الموجبة للعقوبة الجنائية محددة في قانون العقوبات والقوانين الأخرى حصراً ونوعاً, أما الأفعال المكونة للذنب الإداري والجريمة التأديبية فإنها ليست كذلك إذ مردها الإخلال بواجبات الوظيفة أو الخروج عن مقتضياتها وفي مكنة الجهة الإدارية, بل ومن السهولة, والحالة هذه, أن تطلب إحالة الموظف الذي ارتكب ذنباً إدارياً إلى المحاكمة التأديبية, ولعل هذا هو ما دعا المشرع إلى النص في المادة 106 على الإحالة إلى المحاكمة التأديبية فحسب باعتبارها أسهل طلباً وأوسع مجالاً. ولما كان المدعي قد تحقق له مركز قانوني أكسبه حقاً ذاتياً في اعتباره مرقى إلى الدرجة الخامسة اعتباراً من 2/ 9/ 1956 لأنه قضى ثلاثين سنة في ثلاث درجات متتالية طبقاً لنص المادة 40 مكرر من القانون رقم 210 لسنة 1951 قبل تعديلها, وذلك طبقاً لما جاء برد الوزارة على هذه الدعوى كما أنه لم يقم به مانع يزعزع مركزه القانوني المستقر حسبما سلف من الأسباب. وإذ كان المدعي قد قضى 31 سنة في أربع درجات متتالية قبل صدور القانون رقم 120 لسنة 1960 ومن ثم فإنه يعتبر مرقى إلى الدرجة التالية (الرابعة) من تاريخ صدور القانون المذكور أي في 26/ 3/ 1960 عملاً بأحكام المادة الثانية منه.
ومن حيث إن طعن وزارة الخزانة يقوم على أن الحكم المطعون فيه قد خالف وأخطأ في تطبيق وتأويل نص المادة 106 من قانون نظام موظفي الدولة. فهذا النص, في نظر تقرير الطعن, قد جاء عاماً ومطلقاً بحيث يشمل كل أنواع الترقية حتى تلك التي تتم وفقاً لأحكام المادة أربعين مكرراً من قانون التوظف. وكذلك ينعي تقرير الطعن على الحكم المطعون فيه أنه لم يأخذ في الاعتبار أن الحكم في الدعوى الجنائية قد يغني عن السير في الدعوى التأديبية في كثير من الأحيان, وأن الجهة الإدارية عندما تطلب من النيابة العامة رفع الدعوى الجنائية أو إخطارها بالمخالفات إنما تقرر في صراحة إحالة المتهم إلى المحاكمة التأديبية من باب أولى. وتأسيساً على ذلك يكون الحكم المطعون فيه قد أخطأ فيما ذهب إليه من أنه لا يجوز القياس بين الإحالة إلى المحاكمة التأديبية, والإحالة إلى المحاكمة الجنائية قولاً منه بأن النيابة العامة هي وحدها التي تملك تحريك وإقامة الدعوى الجنائية وخلص من ذلك تقرير الطعن إلى طلب القضاء بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى مع إلزام المطعون عليه بالمصروفات.
ومن حيث إن دفاع مصلحة الأموال المقررة, كما هو ثابت في مذكرتها المؤرخة 21 من مايو سنة 1961 والتي بعث بها السيد مديرها العام إلى السيد رئيس المحكمة الإدارية لوزارة الخزانة, ينحصر على وجه التحديد في أن المدعي كان مستحقاً للترقية إلى الدرجة الخامسة بصفة شخصية اعتباراً من 2/ 9/ 1956 لقضائه ثلاثين سنة في ثلاث درجات متتالية. إلا أنه نظراً لأن هذا الموظف سبق أن اتهم في قضية جنائية رقم 2181 لسنة 1956 بندر دمنهور في حادث اختلاس معاشات السلطة العسكرية, وأوقف عن العمل من 12/ 8/ 1956 وأن نيابة دمنهور قد أفادت بشهادة مؤرخة في 3/ 11/ 1959 وأن القضية رقم 2181 لسنة 1956 ما زالت تحت تصرفها ولم يستوف التحقيق فيها بعد, ولم يعط لها خط سيرها القانوني وبالتالي لم تقدم إلى غرفة الاتهام أو إلى محكمة الجنايات. ونظراً لأن الموظف المذكور لم يصدر ضده قرار اتهام بإحالته إلى المحاكمة التأديبية ونظراً لكل ذلك فقد تقرر إرجاء ترقية المدعي طبقاً للمادة 106 من قانون التوظف أخذاً بما ارتآه ديوان الموظفين.
ومن حيث إن ملف هذا الطعن وما انطوى عليه من ملفات خدمة المطعون عليه المودعة من قبل مصلحة الأموال المقررة وغيرها من مكاتبات إدارية وأوراق رسمية قد خلا من كافة التحقيقات المتعلقة بحادث اختلاس معاشات السلطة العسكرية موضوع القضية رقم 2181 لسنة 1956 بندر دمنهور. وليس في جماع هذه الأوراق أصل ولا صورة الكتاب الذي به طلبت مصلحة الأموال المقررة من نيابة دمنهور التحقيق مع المطعون عليه في حادث التلاعب والاختلاسات من معاشات السلطة العسكرية. وثابت من الملفات أن المحكمة الإدارية قد حاولت مراراً, ولكن دون جدوى, ضم أوراق تحقيق حادث ذلك التلاعب أو المكاتبات الإدارية المتبادلة حوله. وإنما في الأوراق - المستند رقم 312 من ملف خدمة المطعون عليه وهو الملف عام جزء أول - قرار السيد المدير العام بالنيابة لمصلحة الأموال المقررة صادر في 16 من أكتوبر سنة 1957 يفيد: رفع الإيقاف عن السيد/ يعقوب كامل يعقوب, رئيس القلم من الدرجة السادسة بمديرية البحيرة مع نقله إلى مديرية قنا. وجاء في ديباجة هذا القرار أنه صدر بعد الاطلاع على قرار المصلحة رقم (3 - 2/ 40) بإيقاف المذكور اعتباراً من 12/ 8/ 1957 لاتهامه في حادث اختلاس المعاشات العسكرية. وعلى قرار مجلس تأديب المصلحة الصادر بجلسة 14/ 10/ 1957 بإعادته إلى العمل مع التوصية بأن يحدد له عمل في منطقة بعيدة عن مديرية البحيرة التي كان يعمل بها, وأن يكون هذا العمل بعيداً عن الاتصال بالجمهور. وبعد الاطلاع على كتاب مديرية البحيرة رقم 1920 بتاريخ 28/ 9/ 1957 المتضمن أن النيابة العامة لا زالت مستمرة في إجراء تحقيق هذا الحادث. ومفاد ذلك أن قرار الوقف الصادر في 12 من أغسطس سنة 1957. قد انتهى أثره وزالت حالته ابتداء من 16 من أكتوبر سنة 1957. أما تحقيق النيابة العامة في الجناية رقم 2181 لسنة 1956 بندر دمنهور فلم يضم إلى ملف الدعوى ولا إلى ملف هذا الطعن رغم التقرير مراراً بضمه دون جدوى. بل إنه لم يعرف مآل هذا التحقيق وما انتهى إليه. ومع ذلك فقد أفادت نيابة دمنهور في 14 من فبراير سنة 1962 بأن الجناية رقم 2181 لسنة 1956 المتهم فيها يعقوب كامل يعقوب وآخرين لم يتم التصرف فيها بعد, وأن آخر تحقيق أجري فيها هو بتاريخ 13/ 10/ 1958 وأن الجهة الإدارية المختصة لم تطلب من النيابة العامة السير في محاكمة يعقوب كامل جنائياً. وفي 2/ 6/ 1963 رد السيد رئيس نيابة دمنهور بكتابه رقم 6599 على السيد مفوض الدولة أمام هذه المحكمة يقول: "بالإحالة إلى كتابكم رقم (4937) في 25/ 5/ 1963 والخاص بملف الطعن رقم 1431 لسنة 8 عليا باسم يعقوب كامل يعقوب. نفيد أن الجناية رقم 2181 لسنة 1956 جنايات بندر دمنهور لم يتم التصرف فيها بعد". وفي 10/ 9/ 1963 أرسلت نيابة دمنهور تقول "يبين من الاطلاع على الجناية رقم 2181 لسنة 1956 أنه لم يتم التصرف فيها بعد, وأن آخر تحقيق أجري هو 13/ 10/ 1958 وأن النيابة العامة لم توجه فيها اتهاماً بعد. كما وأن الجهة الإدارية المختصة لم تطلب من النيابة العامة السير في محاكمة المذكور جنائياً" وبالملف شهادة رسمية من نيابة بندر دمنهور عن نتيجة المضاهاة في الجناية رقم 2181 لسنة 1956 جنايات بندر دمنهور جاء فيها إنه بتاريخ 1/ 3/ 1958 ورد تقرير المضاهاة من مصلحة الطب الشرعي بالإسكندرية, قسم أبحاث التزييف والتزوير في أوراق الجناية رقم 2181 لسنة 1956 وجاء بنتيجة التقرير ما يلي "أن خط التوقيعات المنسوبة إلى عباس الكحكي, وهاشم شكر الواردة بإقرارات الحالة الاجتماعية السالفة الذكر موضوع البحث تختلف عن خط كل من عوض جرجس شحاته, ويعقوب كامل, بورقتي استكتابهما والأوراق المحررة بخطهما المرسلة للمضاهاة. توقيع الكيماوي الشرعي بالإسكندرية في 23/ 2/ 1958". ثم في 6/ 9/ 1964 شهادة أخرى من رئيس القلم الجنائي بنيابة دمنهور تفيد "نفيد بأن الجناية المذكورة لم يتم التصرف فيها بعد". وفي 22 من أكتوبر سنة 1964 بعث السيد رئيس نيابة دمنهور الكلية إلى السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة يفيد "أن قضايا سنة 1956 قد أرسلت للدشت". وحاصل هذه المكاتبات والتي لا يوجد في الأوراق ولا في دفاع المصلحة ما ينقضها أو يتعارض معها أن الجهة الإدارية لم تطلب من النيابة العامة السير في محاكمة المتهم جنائياً وأن أوراق القضية رقم 2181 لسنة 1956 ظلت واستمرت بين يدي نيابة دمنهور العامة من عام 1957 دون أن يتخذ فيها إجراء قانوني إلى أن أرسلت أوراقها للدشت في أكتوبر سنة 1964.
ومن حيث إن الجهة الإدارية الطاعنة - مصلحة الأموال المقررة - ولئن سلمت في دفاعها بأن المطعون عليه كان مستحقاً للترقية إلى الدرجات التالية للدرجة السادسة التي كانت يشغلها ترقيات بصفة شخصية اعتباراً من سبتمبر سنة 1956 لقضائه ثلاثين سنة في ثلاث درجات متتالية بالتطبيق لحكم المادة 40 مكرر من قانون نظام موظفي الدولة قبل تعديلها بالقانون رقم 120 لسنة 1960, ومن باب أولى بعد تعديلها بالقانون المذكور, إلا أنها - المصلحة الطاعنة - قررت إرجاء هذه الترقيات نزولاً على ما أشار به ديوان الموظفين بكتابه رقم (22 - 1/ 3 م 9) في 13/ 2/ 1960 - من تأويل لحكم المادة 106 من القانون رقم 210 لسنة 1951 وأكدت المصلحة المذكورة في صلب دفاعها بأن المدعي لم يصدر ضده قرار اتهام بإحالته إلى المحاكمة التأديبية.
تنص المادة 106 من قانون نظام موظفي الدولة رقم 210 لسنة 1951 تنص على أنه لا يجوز ترقية موظف محال إلى المحاكمة التأديبية أو موقوف عن العمل في مدة الإحالة أو الوقف. وفي هذه الحالة يسري حكم المادة 104 فإذا استطالت المحاكمة لأكثر من سنة, وثبتت عدم إدانة الموظف وجب عند ترقيته احتساب أقدميته في الدرجة المرقى إليها من التاريخ الذي كانت تتم فيه لو لم يحل إلى المحاكمة التأديبية وجاءت المادة 70 من القانون رقم 46 لسنة 1964 بإصدار قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة تنص على أنه "ولا تجوز ترقية عامل محال إلى المحاكمة التأديبية أو المحاكمة الجنائية أو موقوف عن العمل في مدة الإحالة أو الوقوف, وفي هذه الحالة تحجز للعامل الدرجة..." فواضح من مقابلة ومقارنة عبارات هذين النصين: القديم, والمستحدث أن المشروع إنما نهى مؤقتاً عن ترقية موظف أو عامل يكون في أي من الوضعين:
( أ ) محالاً إلى المحاكمة, سواء كانت تأديبية أم جنائية.
(ب) أو موقوفاً عن العمل وغني عن البيان أن الإحالة إلى المحاكمة إنما هي إجراء قانوني يتم بصدور قرار الإحالة من الجهة التي ناط بها القانون ذلك الإجراء. ففي المحاكمة التأديبية إنما هي النيابة الإدارية التي تصدر قرار الإحالة منذ صدور القانون رقم 117 لسنة 1958 في 11 من أغسطس سنة 1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية. والنيابة الإدارية سواء كانت قد أقامت الدعوى مختارة أم أقامتها ملزمة بناء على طلب الجهة الإدارية أو الجهاز المركزي للمحاسبات فهي وحدها التي تقيم الدعوى وتتولى الادعاء, وهى وحدها التي تحمل أمانة الدعوى التأديبية أمام المحكمة فالمادة 2 من القانون رقم 117 لسنة 1958 تنص على أن تتولى النيابة الإدارية مباشرة الدعوى التأديبية أمام المحاكم التأديبية بالنسبة إلى الموظفين والمادة 22 من القانون المذكور تقرر أن يتولى الادعاء أمام المحاكم التأديبية أحد أعضاء النيابة الإدارية. والمادة 23 منه تقضي بأن: "ترفع الدعوى التأديبية من النيابة الإدارية بإيداع أوراق التحقيق وقرار الإحالة لسكرتيرية المحكمة المختصة. ويتضمن قرار الإحالة بياناً بالمخالفات المنسوبة إلى الموظف..." وأشارت المذكرة الإيضاحية لهذا القانون إلى اختصاص النيابة الإدارية بمباشرة الدعوى التأديبية في كل الأحوال التي تحال فيها الدعوى إلى المحكمة لما في ذلك من سرعة السير بالدعوى وإيضاح جوانبها بواسطة الجهة التي تولت فحصها وتحقيقها. فالنيابة الإدارية بأمر صريح من الشارع هي التي تصدر قرار الإحالة ويتضمن هذا القرار اتهامات محددة تنسبها النيابة إلى موظف أو عامل معين بذاته, وتطلب من المحكمة مؤاخذته عنها. وتعتبر الدعوى التأديبية مرفوعة بإيداع قرار الإحالة وأوراق التحقيق سكرتيرية المحكمة. ومتى تم الإيداع تعلق اختصاص المحكمة بنظر الدعوى. واقتضى ذلك ألا تترتب آثار الإحالة إلى المحاكمة التأديبية, ومنها عدم جواز الترقية (م 106 قانون 210 لسنة 1951 أو مادة 70 قانون 46 لسنة 1964) إذا كان الموظف أو العامل يدور في فلك التحقيق ولم يخرج عن مرحلته. أما قبل صدور القانون رقم 117 لسنة 1958 فقد كان قرار الإحالة يصدر كقاعدة عامة, من الجهة الإدارية مستهدفاً الإحالة إلى مجلس التأديب. وبالنسبة إلى مجالس التأديب التي لا تزال قائمة فيعتبر العامل الذي يخضع لاختصاصها محالاً إلى المحاكمة بصدور قرار الإحالة من السلطة المختصة قانوناً بذلك.. وذلك ما تنطوي عليه قانوناً الإحالة إلى المحاكمة التأديبية.
وفي المحاكمة الجنائية, يوجد مدلول قانوني دقيق خاص لاصطلاح "محال إليها" تحدده القواعد الراسخة المستقرة في قانون الإجراءات الجنائية. حاصلها أن الإحالة إلى المحاكمة الجنائية تتم بصدور أمر الإحالة من قاضي التحقيق أو من مستشار الإحالة أو تتم بتكليف المتهم بالحضور أمام المحكمة المختصة من قبل النيابة العامة أو المدعي بالحق المدني. وإذ كان الثابت بالأوراق أن شيئاً من ذلك لم يتم في شأن المطعون عليه بل أفادت نيابة دمنهور السيد مفوض الدولة في الطعن الراهن بأن الجهة الإدارية لم تطلب السير في محاكمة المطعون عليه جنائياً وأن الأمر لم يعد إجراء تحقيق قامت به النيابة العامة في شكوى بعثت بها إليها الجهة الإدارية منذ عام 1956 واستطال أمره دون تصرف فيه أو اتخاذ قرار بشأنه وكان آخر كتاب من نيابة دمنهور إلى السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة في 22 من أكتوبر سنة 1964 صريح في عبارته "أن قضايا سنة 1956 قد أرسلت للدشت". فلا يمكن والحالة هذه، اعتبار المطعون عليه (محال إلى المحاكمة الجنائية". وهو يخرج ولا شك من مجال تطبيق حكم المادة 106 من قانون رقم 210 لسنة 1951 بعد إذ أكدت مصلحة الأموال المقررة أن حالة وقفه عن العمل, والتي لم تستمر بشأنه لفترة أكثر من شهرين, قد زايلته بصدور قرار السيد رئيس المصلحة في 16 من أكتوبر سنة 1957.
وإذ قضى الحكم المطعون فيه بأحقية المطعون عليه في تسوية حالته في الدرجة الخامسة اعتباراً من 2/ 9/ 1956 وفي الدرجة الرابعة اعتباراً من 26/ 3/ 1960 - عملاً بأحكام المادة 40 مكرر من القانون رقم 210 لسنة 1951 مع ما يترتب على ذلك من آثار فإنه بذلك يكون قد أصاب وجه الحق فيما انتهى إليه, ويكون الطعن فيه والحالة هذه, قد قام على غير أساس سليم من القانون متعيناً رفضه.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وألزمت الحكومة المصروفات.

الطعن 494 لسنة 58 ق جلسة 22 / 2 / 1989 مكتب فني 40 ق 49 ص 310

جلسة 22 من فبراير سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ إبراهيم حسين رضوان نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ ناجي أسحق وفتحي خليفة نائبي رئيس المحكمة وسري صيام وإبراهيم عبد المطلب.

--------------

(49)
الطعن رقم 494 لسنة 58 القضائية

(1) إجراءات "إجراءات المحاكمة". حكم "وصف الحكم". محكمة ثاني درجة "الإجراءات أمامها". نقض "ما يجوز الطعن فيه من الأحكام".
وصف الحكم. العبرة فيه بحقيقة الواقع لا بما تذكره المحكمة عنه.
وجوب حضور المتهم بنفسه بجنحة معاقب عليها بالحبس الذي يوجب القانون تنفيذه فور صدور الحكم به. جواز إنابته وكيلاً عنه في الأحوال الأخرى. المادة 237 إجراءات.
استئناف الطاعن وحده للحكم الابتدائي القاضي بمعاقبته بالغرامة وحضور وكيل عنه. أثره: صدور الحكم حضورياً. جواز الطعن فيه بالنقض.
(2) حكم "بيانات حكم الإدانة" "تسبيبه. تسبيب معيب" بلاغ كاذب. مسئولية مدنية.
بيانات حكم الإدانة؟ المادة 310 إجراءات.
ما يشترط لتحقق جريمة البلاغ الكاذب؟
- إغفال حكم الإدانة في جريمة البلاغ الكاذب بيان واقعة الدعوى وعدم استظهاره أركان تلك الجريمة والتدليل على توفراها في حق الطاعن وإلزامه بالتعويض المدني المؤقت دون الإحاطة بأركان المسئولية المدنية. قصور.

---------------
1 - لما كان الحكم المطعون فيه، وإن وصف بأنه غيابي، إلا أن العبرة في ذلك هي بحقيقة الواقع، لا بما تذكره المحكمة عنه، وكانت المادة 237 من قانون الإجراءات الجنائية المعدلة بالقانون رقم 170 لسنة 1981 توجب على المتهم بجنحة معاقب عليها بالحبس الذي يوجب القانون تنفيذه، فور صدور الحكم به، الحضور بنفسه أمام المحكمة وأجازت في الأحوال الأخرى أن ينيب وكيلاً عنه، ولما كان الثابت من الحكم الابتدائي الذي استأنفه الطاعن وحده، أنه قضى بتوقيع عقوبة الغرامة عليه، فإنه يجوز له في هذه الحالة إنابة محام في الحضور عنه، لما كان ذلك، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه حضور محام كوكيل عن الطاعن وأبدى دفاعه في الاتهام المسند إليه، فإن الحكم المطعون فيه يكون في حقيقته حكماً حضورياً، ويجوز من ثم الطعن فيه بالنقض عملاً بالمادة 30 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959.
2 - لما كانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت أن يشتمل كل حكم بالإدانة على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها، والأدلة التي استخلصت منها المحكمة الإدانة حتى يتضح وجه استدلاله بها وسلامة مأخذها تمكيناً لمحكمة النقض من مراقبة صحة التطبيق القانوني على الواقعة كما صار إثباتها بالحكم وإلا كان قاصراً، وكان من المقرر قانوناً أنه يشترط لتحقق جريمة البلاغ الكاذب، توافر ركنين هما ثبوت كذب الوقائع المبلغ عنها، وأن يكون الجاني عالماً بكذبها ومنتوياً السوء والإضرار بالمجني عليه، وأن يكون الأمر المبلغ به مما يستوجب عقوبة فاعله، ولو لم تقم دعوى بما أخبر به، وكان الحكم المطعون فيه لم يبين واقعة الدعوى المستوجبة للعقوبة، ولم يستظهر أركان جريمة البلاغ الكاذب - كما هي معرفة به في القانون - ولم يدلل على توافرها في حق الطاعن، كما ألزم الطاعن بالتعويض المدني المؤقت، دون أن يحيط بأركان المسئولية المدنية من خطأ وضرر وعلاقة السببية، فإنه يكون معيباً بالقصور.


الوقائع

أقام المدعون بالحقوق المدنية دعواهم بطريق الادعاء المباشر أمام محكمة جنح بندر كفر الشيخ ضد الطاعن بوصف أنه أبلغ قسم شرطة..... ضدهم كذباً مع سوء القصد بأنهم شرعوا في قتله بأن أطلقوا عليه أعيرة نارية قاصدين من ذلك قتله وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادتهم فيه. وطلبوا عقابه بالمادة 305 من قانون العقوبات وإلزامه بأن يؤدي لهم مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت، والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بمادة الاتهام بتغريم المتهم عشرين جنيهاً وإلزامه بأن يؤدي للمدعين بالحقوق المدنية مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. استأنف المحكوم عليه ومحكمة كفر الشيخ الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت غيابياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض...... إلخ.


المحكمة

من حيث إن الحكم المطعون فيه، وإن وصف بأنه غيابي، إلا أن العبرة في ذلك هي بحقيقة الواقع، لا بما تذكره المحكمة عنه، وكانت المادة 237 من قانون الإجراءات الجنائية المعدلة بالقانون رقم 170 لسنة 1981 توجب على المتهم بجنحة معاقب عليها بالحبس الذي يوجب القانون تنفيذه، فور صدور الحكم به، الحضور بنفسه أمام المحكمة وأجازت في الأحوال الأخرى أن ينيب وكيلاً عنه، ولما كان الثابت من الحكم الابتدائي الذي استأنفه الطاعن وحده، أنه قضى بتوقيع عقوبة الغرامة عليه، فإنه يجوز له في هذه الحالة إنابة محام في الحضور عنه، لما كان ذلك، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه حضور محام كوكيل عن الطاعن وأبدى دفاعه في الاتهام المسند إليه، فإن الحكم المطعون فيه يكون في حقيقته حكماً حضورياً، ويجوز من ثم الطعن فيه بالنقض عملاً بالمادة 30 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959.
ومن حيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر في القانون.
ومن حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة البلاغ الكاذب، وقضى بإلزامه بالتعويض المدني المؤقت، قد شابه القصور في التسبيب، ذلك بأنه خلا من بيان واقعة الدعوى المستوجبة للعقوبة، ولم يورد مضمون الأدلة التي استخلص منها ثبوتها في حق الطاعن، ودون أن يستظهر أركان المسئولية المدنية من خطأ وضرر وعلاقة السببية، مما يعيبه ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم الابتدائي - المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد اقتصر في بيانه لواقعة الدعوى والتدليل على ثبوتها في حق الطاعن على قوله "من حيث إن التهمة المسندة إلى المتهم ثابتة في حقه مما ورد في محضر الضبط من ارتكابه المخالفة بوصف النيابة وتنطبق عليها مواد الاتهام، ومن ثم يتعين معاقبة المتهم بالعقوبة المقررة فيها عملاً بنص المادة 304/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية". لما كان ذلك، وكانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت أن يشتمل كل حكم بالإدانة على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها، والأدلة التي استخلصت منها المحكمة الإدانة حتى يتضح وجه استدلاله بها وسلامة مأخذها تمكيناً لمحكمة النقض من مراقبة صحة التطبيق القانوني على الواقعة كما صار إثباتها بالحكم وإلا كان قاصراً، وكان من المقرر قانوناً أنه يشترط لتحقق جريمة البلاغ الكاذب، توافر ركنين هما ثبوت كذب الوقائع المبلغ عنها، وأن يكون الجاني عالماً بكذبها ومنتوياً السوء والإضرار بالمجني عليه، وأن يكون الأمر المبلغ به مما يستوجب عقوبة فاعله، ولو لم تقم دعوى بما أخبر به، وكان الحكم المطعون فيه لم يبين واقعة الدعوى المستوجبة للعقوبة، ولم يستظهر أركان جريمة البلاغ الكاذب - كما هي معرفة به في القانون - ولم يدلل على توافرها في حق الطاعن، كما ألزم الطاعن بالتعويض المدني المؤقت، دون أن يحيط بأركان المسئولية المدنية من خطأ وضرر وعلاقة السببية، فإنه يكون معيباً بالقصور الذي يبطله ويوجب نقضه والإعادة، مع إلزام المطعون ضدهم - المدعين بالحقوق المدنية - المصاريف المدنية.

الطعن 488 لسنة 58 ق جلسة 22 / 2 / 1989 مكتب فني 40 ق 48 ص 305

جلسة 22 من فبراير سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ إبراهيم حسين رضوان نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ ناجي أسحق وفتحي خليفة نائبي رئيس المحكمة وسري صيام وإبراهيم عبد المطلب.

----------------

(48)
الطعن رقم 488 لسنة 58 القضائية

(1) نقض "المصلحة في الطعن" "ما لا يجوز الطعن فيه من الأحكام".
حق الطعن بالنقض. مناطه. أن يكون الطاعن طرفاً في الحكم النهائي الصادر من آخر درجة وأن يكون هذا الحكم قد أضر به.
(2) دعوى مدنية "تركها".
للمدعي بالحقوق المدنية ترك دعواه في أية حالة كانت عليها الدعوى. المادة 260 إجراءات.
خضوع الدعوى المدنية المرفوعة أمام القضاء الجنائي للقواعد الواردة في مجموعة الإجراءات الجنائية. ما دام يوجد بها نصوص خاصة تتعارض مع ما يقابلها في قانون المرافعات المدنية. إعمال هذا القانون الأخير إذا لم يوجد نص خاص في قانون الإجراءات الجنائية المادة 266 إجراءات.
ترك الخصومة. إجراءاته؟ المادة 141 مرافعات.

---------------
1 - من المقرر أن مناط الحق في الطعن بالنقض هو أن يكون الطاعن طرفاً في الحكم النهائي الصادر من آخر درجة وأن يكون هذا الحكم قد أضر به، فإذا تخلف هذا الشرط - كما هو الحال في الدعوى بالنسبة للطاعن الأول...... إذ قضى الحكم بإثبات ترك المدعي بالحقوق المدنية لدعواه المدنية قبله - وكانت الدعوى المدنية وحدها هي المطروحة على المحكمة - فإن طعنه يكون غير جائز.
2 - لما كانت المادة 260 من قانون الإجراءات الجنائية تنص أن "للمدعي بالحقوق المدنية أن يترك دعواه في أية حالة كانت عليها الدعوى ويلزم بدفع المصاريف السابقة على ذلك......" وكان من المقرر ووفقاً للمادة 266 من القانون ذاته أنه يتبع في الفصل في الدعاوى المدنية التي ترفع أمام المحاكم الجنائية الإجراءات المقررة في القانون المذكور فتخضع الدعوى المدنية أمام القضاء الجنائي للقواعد الواردة في مجموعة الإجراءات الجنائية فيما يتعلق بالمحاكمة والأحكام وطرق الطعن فيها ما دام يوجد في مجموعة الإجراءات نصوص خاصة بذلك تتعارض مع ما يقابلها في قانون المرافعات المدنية أما إذا لم يوجد نص خاص في قانون الإجراءات الجنائية فليس هناك ما يمنع من إعمال نص قانون المرافعات، وإذ كانت المادة 141 من قانون المرافعات المدنية والتجارية تنص على أن يكون ترك الخصومة بإعلان التارك لخصمه على يد محضر أو ببيان صريح في مذكرة موقعة من التارك أو من وكيله مع اطلاع خصمه عليها أو بإبدائه شفوياً في الجلسة وإثباته في المحضر، وكان قانون الإجراءات الجنائية قد خلا من نص يتعارض مع ذلك النص، وكان المدعي بالحقوق المدنية قد ترك دعواه المدنية بإقرار صريح موقع عليه منه - على السياق المتقدم - فإنه يتعين القضاء بنقض الحكم المطعون فيه وإثبات ترك المدعي بالحقوق المدنية لدعواه المدنية.


الوقائع

أقام المدعي بالحقوق المدنية دعواه بطريق الادعاء المباشر أمام محكمة جنح كوم حمادة ضد الطاعن بوصف أنهم امتنعوا عمداً عن تنفيذ قرار قاضي الحيازة الصادر بتاريخ...... في المحضر رقم 2421 لسنة 1982 إداري كوم حمادة رغم إخطار النيابة العامة لهم بتنفيذه ولو باستخدام القوة الجبرية. وطلب عقابهم بالمادة 123 من قانون العقوبات وبإلزامهم بأن يدفعوا لهم مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادة 304/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية. أولاً: بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى الجنائية والمدنية قبل المدعى عليه الأول وببراءة المتهمين الثاني والثالث ورفض الدعوى المدنية. استأنف المدعي بالحقوق المدنية ومحكمة دمنهور الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع وبإجماع الآراء إلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به في الدعوى المدنية وبإثبات ترك المدعي بالحقوق المدنية لدعواه المدنية بالنسبة للمدعى عليه الأول - وبإلزام المدعى عليهما الثاني والثالث بأن يؤديا للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت.
فطعن المحكوم عليهما الثاني والثالث في هذا الحكم بطريق النقض.... كما طعنت إدارة قضايا الحكومة نيابة عن الطاعنين.


المحكمة

من حيث إن المدعي بالحقوق المدنية أقام الدعوى بطريق الادعاء المباشر ضد الطاعن الأول.... والطاعنين الآخرين فقضت المحكمة الابتدائية بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى بالنسبة للأول وبراءة الثاني والثالث ورفض الدعوى المدنية قبلهما، فاستأنف المدعي بالحقوق المدنية الحكم وقضت محكمة الدرجة الثانية بإلغاء الحكم المستأنف وإثبات ترك المدعي بالحقوق المدنية لدعواه قبل الطاعن الأول وإلزام الطاعنين الثاني والثالث بالتعويض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن مناط الحق في الطعن بالنقض هو أن يكون الطاعن طرفاً في الحكم النهائي الصادر من آخر درجة وأن يكون هذا الحكم قد أضر به، فإذا تخلف هذا الشرط - كما هو الحال في الدعوى بالنسبة للطاعن الأول...... إذ قضى الحكم بإثبات ترك المدعي بالحقوق المدنية لدعواه المدنية قبله - وكانت الدعوى المدنية وحدها هي المطروحة على المحكمة - فإن طعنه يكون غير جائز.
ومن حيث إن طعن كل..... و..... استوفى الشكل المقرر في القانون.
ومن حيث إن الطاعنين قدما حافظة مستندات اشتملت من بين ما اشتملت عليه - على إقرار مؤرخ في..... يفيد تنازل المطعون ضده المدعي بالحقوق المدنية عن الحكم المطعون فيه وتنازله عن حقوقه المدنية المقضى له بها بالحكم المذكور - وموقع عليه من المدعي بالحقوق المدنية بتوقيع مماثل لتوقيعه على الصورة الكربونية لمحضر التسليم والمقدم بذات الحافظة. لما كان ذلك، وكانت المادة 260 من قانون الإجراءات الجنائية تنص أن "للمدعي بالحقوق المدنية أن يترك دعواه في أية حالة كانت عليها الدعوى ويلزم بدفع المصاريف السابقة على ذلك....." وكان من المقرر ووفقاً للمادة 266 من القانون ذاته أنه يتبع في الفصل في الدعاوى المدنية التي ترفع أمام المحاكم الجنائية الإجراءات المقررة في القانون المذكور فتخضع الدعوى المدنية أمام القضاء الجنائي للقواعد الواردة في مجموعة الإجراءات الجنائية فيما يتعلق بالمحاكمة والأحكام وطرق الطعن فيها ما دام يوجد في مجموعة الإجراءات نصوص خاصة بذلك تتعارض مع ما يقابلها في قانون المرافعات المدنية أما إذا لم يوجد نص خاص في قانون الإجراءات الجنائية فليس هناك ما يمنع من إعمال نص قانون المرافعات، وإذ كانت المادة 141 من قانون المرافعات المدنية والتجارية تنص على أن يكون ترك الخصومة بإعلان التارك لخصمه على يد محضر أو ببيان صريح في مذكرة موقعة من التارك أو من وكيله مع اطلاع خصمه عليها أو بإبدائه شفوياً في الجلسة وإثباته في المحضر، وكان قانون الإجراءات الجنائية قد خلا من نص يتعارض مع ذلك النص، وكان المدعي بالحقوق المدنية قد ترك دعواه المدنية بإقرار صريح موقع عليه منه - على السياق المتقدم - فإنه يتعين القضاء بنقض الحكم المطعون فيه وإثبات ترك المدعي بالحقوق المدنية لدعواه المدنية.

الطعن 278 لسنة 9 ق جلسة 3 / 1 / 1965 إدارية عليا مكتب فني 10 ج 1 ق 37 ص 341

جلسة 3 من يناير 1965

برئاسة السيد الأستاذ/ الدكتور محمود سعد الدين الشريف نائب رئيس المجلس وعضوية السادة الأساتذة/ الدكتور أحمد موسى وعلي محسن مصطفى وعبد الفتاح نصار ومحمد طاهر عبد الحميد المستشارين.

---------------

(37)

القضية رقم 278 لسنة 9 القضائية

اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري 

- هيئات عامة - الهيئة العامة لتنفيذ برنامج السنوات الخمس للصناعة - تحديد وضعها القانوني - الرابطة بينها وبين موظفيها من روابط القانون العام - لا يؤثر في مركزهم اللائحي أن يكون التعيين بعقد عمل فردي - ليس ثمة ما يمنع من استعارة بعض الأحكام التي تنظم العلاقات العقدية.

----------------
يبين من الرجوع إلى قرار رئيس الجمهورية رقم 1097 لسنة 1957 الصادر بإنشاء الهيئة العامة لتنفيذ برنامج السنوات الخمس للصناعة أنه قد نص في المادة الأولى منه على أن "تنشأ مؤسسة عامة يطلق عليها الهيئة العامة لتنفيذ برنامج السنوات الخمس للصناعة ويكون مركزها مدينة القاهرة", ونصت المادة الثانية منه على أن "تختص الهيئة بتنفيذ مشروعات برنامج السنوات الخمس للصناعة إما بنفسها مباشرة أو بواسطة غيرها من الهيئات أو المؤسسات أو الأفراد أو المصالح" ونصت المادة الثالثة على أن "يشكل مجلس إدارة الهيئة من رئيس وعشرة أعضاء على الأقل وعشرين عضواً على الأكثر يصدر بتعيينهم وتحديد مدتهم ومكافأتهم قرار من رئيس الجمهورية ويختار من بين أعضاء المجلس عضواً منتدباً تكون له اختصاصات المدير المنصوص عنها في القانون رقم 32 لسنة 1957 الخاص بالمؤسسات العامة". ونصت المادة الرابعة من القرار على أنه "يتولى مجلس الإدارة الاختصاصات المنصوص عليها في القانون رقم 32 لسنة 1957 سالف الذكر" ونصت المادة السادسة على أن "تصدر قرارات المجلس بأغلبية عدد الأصوات وعند التساوي يرجح الجانب الذي منه الرئيس وتعتمد القرارات من رئيس الجمهورية" ونصت المادة الثامنة على أن "تكون للهيئة ميزانية مستقلة عن ميزانية الدولة وتتبع الهيئة في أنظمتها المالية والإدارية طرق الإدارة والاستغلال المناسبة وفقاً لما هو متبع في المشروعات التجارية والصناعية وذلك دون الإخلال برقابة ديوان المحاسبة" ونصت المادة التاسعة على أن "يضع مجلس إدارة الهيئة اللوائح الإدارية والمالية دون التقيد بالقواعد والنظم التي تجري عليها المصالح والهيئات الحكومية". وبمقتضى السلطة المخولة لمجلس الإدارة في المادة الأخيرة وضع المجلس لائحة في شأن أساس الاعتماد والصرف والتجاوز وذلك لتنظيم العلاقة بين الهيئة وجهات التنفيذ متضمنة قواعد وإجراءات الصرف وقد نص البند الخامس من هذه القواعد على أن يتم الإعلان عن جميع الوظائف المطلوبة في الجرائد العامة مرتين على الأقل وتشكل لجنة لفحص الطلبات واختبار المتقدمين وإعداد تقرير بنتيجة الاختبار مع اقتراح المكافآت. ويعتمد التقرير من السلطة المختصة في جهة التنفيذ على أن ترسل صورة منه بعد اعتماده للهيئة موضحاً به أسماء المرشحين من المتقدمين حسب أولويتهم مع بيان مؤهلاتهم وخبراتهم السابقة والمرتبات التي كانوا يتقاضونها, ثم بيان الوظائف والمرشحون لشغلها والمرتبات المقترحة والأسس التي روعيت في اختيارهم واستفادة الآخرين وتتولى جهة التنفيذ - بعد اعتماد تقرير لجنة الاختبار - التعاقد مع المرشحين بعقود مؤقتة قابلة للتجديد, وطبقاً لقوانين عقد العمل الفردي، وترسل صورة من كل عقد للهيئة.
ويتضح مما تقدم بيانه في معرض سرد نصوص القرار الصادر بإنشاء الهيئة العامة لتنفيذ برنامج السنوات الخمس للصناعة أن هذه الهيئة بحكم التسمية التي أطلقها عليها القرار الصادر بإنشائها وبحسب الأغراض التي أنشئت أساساً من أجل تحقيقها والمرافق التي قامت على أدائها وتنفيذها, وبالنظر إلى ما أضفاه عليها القانون من سلطات ومنحها من صلاحيات ومقومات هي هيئة عامة تقوم على إدارة مرفق عام من أهم مرافق الدولة معتد به أساساً وجه المصلحة العامة عن طريق النهوض بالإنتاج الصناعي ومضاعفته وما يستتبعه من زيادة الدخل القومي، وقد أكد ذلك قرار رئيس الجمهورية العربية المتحدة رقم 1476 لسنة 1964 والذي استبدل باسم الهيئة العامة لتنفيذ برنامج السنوات الخمس للصناعة للهيئة العامة للتصنيع ونقل إليها اختصاصات مصلحة التنظيم الصناعي إذ نص القرار المذكور في المادة الثالثة منه على أن "تعتبر الهيئة العامة للتصنيع هيئة عامة في مفهوم أحكام القانون رقم 61 لسنة 1963 في شأن الهيئات العامة".
ومتى تبين ذلك تحدد وضع الهيئة العامة لتنفيذ برنامج السنوات الخمس للصناعة على النحو السابق, ويجب اعتبار الرابطة بينها وبين موظفيها رابطة تنظيمية عامة من روابط القانون العام وتبعاً لذلك يعتبر موظفوها من الموظفين العموميين طبقاً للمدلول الشامل لهذا الاصطلاح متى كانت العلاقة التي تربطهم بها صفة الاستقرار والدوام وقد أيد هذا الأصل وأكد القانون رقم 61 لسنة 1963 بإصدار قانون الهيئات العامة إذ نص في المادة الثالثة عشرة منه على أن "تسري على موظفي وعمال الهيئات العامة أحكام القوانين المتعلقة بالوظائف العامة فيما لم يرد بشأنه نص خاص في القرار الصادر بإنشاء الهيئة واللوائح التي يصفها مجلس الإدارة". وهذا النص صريح في اعتبار الرابطة بين الهيئات العامة وموظفيها رابطة تنظيمية من روابط القانون العام إذ لا يتصور أن يكون قانون الوظائف العامة مرجعاً عاماً في هذا الشأن إلا إذا كانت لهذه الرابطة تلك الطبيعة وإذا كان ذلك فإن المدعية تعتبر بهذه المثابة وعلى مقتضى النظر من عداد الموظفين العموميين, ويختص بالتالي مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بنظر المنازعات التي قد تثور بين أولئك الموظفين وبين الهيئة في مجال الوظيفة العامة, ولا يغير من هذا النظر أن مجلس إدارة هذه الهيئة قد أصدر قراراً نص فيه على أن تتولى جهة التنفيذ بعد اعتماد تقرير لجنة الاختبار للتعاقد مع المرشحين بعقود مؤقتة قابلة للتجديد وطبقاً لقانون عقد العمل الفردي, ذلك لأن استعارة القواعد المعمول بها في قانون عقد العمل الفردي في شأن تعيين موظفي الهيئة إنما يضفي على هذه القواعد بعد إذ أقرها مجلس الإدارة بما له من سلطة في هذا الخصوص حسبما سلف البيان وصف القواعد التنظيمية التي تنظم شئون موظفي الهيئة ويبقى هؤلاء الموظفين في مركز لائحي خاضعين لأحكام القانون العام, وغني عن البيان أنه ليس ثمة ما يمنع قانون من استعارة بعض الأحكام التي تنظم العلاقات العقدية لتحكم حالات خاصة بموظفي الحكومة والهيئات العامة وأن هذه الأحكام المستعارة تعتبر بمقتضى النص عليها في القوانين أو القرارات المنظمة لحالات أولئك الموظفين بمقتضى الإحالة إليها أحكاماً تنظيمية عامة بكل ما يترتب على ذلك من آثار.


إجراءات الطعن

في يوم الأربعاء 20 من فبراير سنة 1963 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة سكرتيرية هذه المحكمة تقرير الطعن في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 2 من يناير سنة 1963 في الدعوى رقم 1305 لسنة 14 القضائية المرفوعة من السيدة/ بثينة يوسف فخر ضد السيد وزير الصناعة والسيد عضو مجلس الإدارة المنتدب للهيئة العامة لتنفيذ برنامج السنوات الخمس للصناعة والقاضي بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى وإلزام المدعية بالمصروفات, وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين للأسباب المبينة بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإحالة الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري المختصة للفصل فيها. وبعد اتخاذ الإجراءات المقررة قانوناً وإحالة الطعن إلى المحكمة العليا ونظره على الوجه الموضح بمحاضر الجلسات عين لإصدار الحكم فيه جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
من حيث إن عناصر هذه المنازعة حسبما يبين من أوراق الطعن, تتحصل في أن المدعية أقامت الدعوى رقم 1305 لسنة 14 القضائية أمام محكمة القضاء الإداري بصحيفة أودعت سكرتيريتها في 27 من يوليو سنة 1960 طالبة الحكم بإلغاء القرار الإداري الصادر في 3 من إبريل سنة 1960 من السيد وكيل وزارة الصناعة بقبول استقالة الطالبة وما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام المدعى عليهما المصروفات والأتعاب, وبمذكرة مودعة في 5 من يونيه سنة 1961 عدلت المدعية طلباتها بعد إذ سحبت الوزارة القرار المطعون فيه إلى طلب الحكم باستحقاقها لراتبها عن المدة من أول إبريل لغاية سبتمبر 1960 مع إلزام المدعى عليهما بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة وبجلسة 2 من يناير سنة 1963 قضت محكمة القضاء الإداري بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وألزمت المدعية المصروفات, وأقامت المحكمة قضاءها على أن الهيئة العامة لبرنامج السنوات الخمس للصناعة أن تطبق على موظفيها الأحكام الواردة في قانون عقد العمل الفردي وإذ نصت المادة العاشرة من القانون رقم 91 لسنة 1959 بإصدار قانون العمل الموحد على أن يختص بنظر جميع القضايا الناشئة عن تطبيق أحكامه القاضي الجزئي المختص, فإنه يتعين من ثم القضاء بعدم اختصاص القضاء الإداري بنظر هذه المنازعة.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الهيئة العامة لتنفيذ برنامج السنوات الخمس للصناعة هي مؤسسة عامة, فيعتبر موظفوها من الموظفين العموميين, وأنه لا صحة لما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أن نص المادة العاشرة من القانون رقم 91 لسنة 1959 بإصدار قانون العمل يعتبر سالباً لاختصاص مجلس الدولة من النظر في المنازعات الناشئة بين المؤسسات العامة وموظفيها وعمالها حتى لو كانت تلك المؤسسات تطبق عليهم قانون عقد العمل... ذلك أن هذا النص عندما قضى بأن يختص بنظر جميع القضايا الناشئة عن تطبيق أحكام هذا القانون القاضي الجزئي المختص لم يكن يتحدث عن الاختصاص الوظيفي إنما كان بصدد تحديد المحكمة المختصة في القضاء العادي بنظر القضايا الناشئة عن تطبيق أحكام القانون المذكور, دون أن يقصد من ذلك إلى سلب اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بنظر المنازعات الإدارية الخاصة بمسائل الموظفين متى كانت داخلة في اختصاصه بحكم قانون تنظيمه, ويؤيد ذلك ما ورد بالمذكرة الإيضاحية للقانون رقم 192 لسنة 1959 والذي ألغى المادة العاشرة من القانون 91 لسنة 1959 من أنه لا محل لبقاء المادة المذكورة في قانون الإصدار خاصة وأن بقاءها بعد ذلك قد يفهم منه أنه قصد التعديل في قواعد الاختصاص التي كان معمولاً بها قبل نفاذ قانون العمل المشار إليه, وأن الحكم المطعون فيه إذ ذهب خلافاً لما تقدم فإنه يكون قد خالف القانون وقامت به إحدى حالات الطعن في الأحكام أمام المحكمة الإدارية العليا.
ومن حيث إنه تبين من الرجوع إلى قرار رئيس الجمهورية رقم 1097 لسنة 1957 الصادر بإنشاء الهيئة العامة لتنفيذ برنامج السنوات الخمس للصناعة أنه قد نص في المادة الأولى منه على أن تنشأ مؤسسة عامة يطلق عليها "الهيئة العامة لتنفيذ برنامج السنوات الخمس للصناعة" ويكون مركزها مدينة القاهرة, ونصت المادة الثانية منه على أن "تختص الهيئة بتنفيذ مشروعات برنامج السنوات الخمس للصناعة إما بنفسها مباشرة أو بواسطة غيرها من الهيئات أو المؤسسات أو الأفراد أو المصالح" ونصت المادة الثالثة على أن "يشكل مجلس إدارة الهيئة من رئيس وعشرة أعضاء على الأقل وعشرين عضواً على الأكثر يصدر بتعيينهم وتحديد مدتهم ومكافآتهم قرار من رئيس الجمهورية ويختار أعضاء المجلس من بينه عضواً منتدباً تكون له اختصاصات المدير المنصوص عنها في القانون رقم 32 لسنة 1957 الخاص بالمؤسسات العامة". ونصت المادة الرابعة من القرار على أنه "يتولى مجلس الإدارة الاختصاصات المنصوص عنها في القانون رقم 32 لسنة 1957 سالف الذكر" ونصت المادة السادسة على أن "تصدر قرارات المجلس بأغلبية عدد الأصوات وعند التساوي يرجح الجانب الذي منه الرئيس وتعتمد القرارات من رئيس الجمهورية" ونصت المادة الثامنة على أن "تكون للهيئة ميزانية مستقلة عن ميزانية الدولة وتتبع الهيئة في أنظمتها المالية والإدارية طرق الإدارة والاستغلال المناسبة وفقاً لما هو متبع في المشروعات التجارية والصناعية وذلك دون الإخلال برقابة ديوان المحاسبة" ونصت المادة التاسعة على أن "يضع مجلس إدارة الهيئة اللوائح الإدارية والمالية دون التقيد بالقواعد والنظم التي تجري عليها المصالح والهيئات الحكومية". وبمقتضى السلطة المخولة لمجلس الإدارة في المادة الأخيرة وضع المجلس لائحة في شأن أساس الاعتماد والصرف والتجاوز وذلك لتنظيم العلاقة بين الهيئة وجهات التنفيذ متضمنة قواعد وإجراءات الصرف وقد نص البند الخامس من هذه القواعد على أن "يتم الإعلان عن جميع الوظائف المطلوبة في الجرائد العامة مرتين على الأقل وتشكل لجنة لفحص الطلبات واختبار المتقدمين وإعداد تقرير بنتيجة الاختبار مع اقتراح المكافآت. ويعتمد التقرير من السلطة المختصة في جهة التنفيذ على أن ترسل صورة منه بعد اعتماده للهيئة موضحاً به أسماء المرشحين من المتقدمين حسب أولويتهم مع بيان مؤهلاتهم وخبراتهم السابقة والمرتبات التي كانوا يتقاضونها, ثم بيان الوظائف المرشحون لشغلها والمرتبات المقترحة والأسس التي روعيت في اختيارهم واستفادة الآخرين - وتتولى جهة التنفيذ بعد اعتماد تقرير لجنة الاختبار - التعاقد مع المرشحين بعقود مؤقتة قابلة للتجديد، وطبقاً لقانون عقد العمل الفردي - وترسل صورة من كل عقد للهيئة على مقتضى هذه القواعد - وعلى إثر الإعلان عن وظائف جيولوجية بمشروع الفحم التابع للهيئة والذي تقوم بتنفيذه مصلحة الأبحاث الجيولوجية والتعدينية تقدمت المدعية بطلب الالتحاق بهذا المشروع وبعد اجتيازها الامتحان صدر قرار مكتب الهيئة في 31/ 3/ 1959 بتعيينها براتب شهري شامل قدره 45 جنيهاً واستلمت العمل في 2 من إبريل سنة 1959 وظلت تباشر عملها حتى تقدمت باستقالتها في يوم 24 من مارس سنة 1960 وصدر قرار السيد وكيل الوزارة بقبولها في 3 من إبريل سنة 1960 وهو القرار محل الطعن.
ويتضح مما تقدم بيانه في معرض سرد نصوص القرار الصادر بإنشاء الهيئة العامة لتنفيذ برنامج السنوات الخمس للصناعة أن هذه الهيئة بحكم التسمية التي أطلقها عليها القرار الصادر بإنشائها وبحسب الأغراض التي أنشئت أساساً من أجل تحقيقها والمرافق التي قامت على أدائها وتنفيذها, وبالنظر إلى ما أضفاه عليها القانون من سلطات ومنحها من صلاحيات ومقومات هي هيئة عامة تقوم على إدارة مرفق عام من أهم مرافق الدولة معتد به أساساً وجه المصلحة العامة عن طريق النهوض بالإنتاج الصناعي ومضاعفته وما يستتبعه من زيادة الدخل القومي, وقد أكد ذلك قرار رئيس الجمهورية العربية المتحدة رقم 1476 لسنة 1964 والذي استبدل باسم الهيئة العامة لتنفيذ برنامج السنوات الخمس للصناعة للهيئة العامة للتصنيع" ونقل إليها اختصاصات مصلحة التنظيم الصناعي إذ نص القرار المذكور في المادة الثالثة فيه على أن "تعتبر الهيئة العامة للتصنيع هيئة عامة في مفهوم أحكام القانون رقم 61 لسنة 1963 في شأن الهيئات العامة".
ومتى تبين ذلك وتحدد وضع الهيئة العامة لتنفيذ برنامج السنوات الخمس للصناعة على النحو السابق, وجب اعتبار الرابطة بينها وبين موظفيها رابطة تنظيمية عامة من روابط القانون العام وتبعاً لذلك يعتبر موظفوها من الموظفين العموميين طبقاً للمدلول الشامل لهذا الاصطلاح متى كانت العلاقة التي تربطهم بها صفة الاستقرار والدوام وقد أيد هذا الأصل وأكده القانون رقم 61 لسنة 1963 بإصدار قانون الهيئات العامة إذ نص في المادة الثالثة عشرة منه على أن "تسري على موظفي وعمال الهيئات العامة أحكام القوانين المتعلقة بالوظائف العامة فيما لم يرد بشأنه نص خاص في القرار الصادر بإنشاء الهيئة أو اللوائح التي يصفها مجلس الإدارة". وهذا النص صريح في اعتبار الرابطة بين الهيئات العامة وموظفيها رابطة تنظيمية من روابط القانون العام إذ لا يتصور أن يكون قانون الوظائف العامة مرجعاً عاماً في هذا الشأن إلا إذا كانت لهذه الرابطة تلك الطبيعة وإذا كان ذلك فإن المدعية تعتبر بهذه المثابة وعلى مقتضى النظر المتقدم من عداد الموظفين العموميين, ويختص بالتالي مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بنظر المنازعات التي قد تثور بينها وبين الهيئة في مجال الوظيفة العامة, ولا يغير من هذا النظر أن مجلس إدارة هذه الهيئة قد أصدر قراراً نص فيه على أن تتولى جهة التنفيذ بعد اعتماد تقرير لجنة الاختبار للتعاقد مع المرشحين بعقود مؤقتة قابلة للتجديد وطبقاً لقانون عقد العمل الفردي, ذلك لأن استعارة القواعد المعمول بها في قانون عقد العمل الفردي في شأن تعيين موظفي الهيئة إنما يضفي على هذه القواعد بعد إذ أقرها مجلس الإدارة بما له من سلطة في هذا الخصوص حسبما سلف البيان وصف القواعد التنظيمية التي تنظم شئون موظفي الهيئة ويبقى هؤلاء الموظفين في مركز لائحي خاضعين لأحكام القانون العام, وغني عن البيان أنه ليس ثمة ما يمنع قانوناً من استعارة بعض الأحكام التي تنظم العلاقات العقدية لتحكم حالات خاصة بموظفي الحكومة والهيئات العامة وأن هذه الأحكام المستعارة تعتبر بمقتضى النص عليها في القوانين أو القرارات المنظمة لحالات أولئك الموظفين أو بمقتضى الإحالة إليها أحكاماً تنظيمية عامة بكل ما يترتب على ذلك من آثار إذ ذهب الحكم المطعون فيه مذهباً مخالفاً وانتهى إلى القضاء بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله ويتعين لذلك إلغاؤه والقضاء باختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بنظرها, ولما كانت المدعية حاصلة على درجة البكالوريوس من كلية العلوم سنة 1952, وقد تعينت بالهيئة العامة لتنفيذ برنامج السنوات الخمس للصناعة في وظيفة فنية براتب شهري قدره 45 جنيهاً وهذا الراتب يوازي في الجدول الملحق بالقانون رقم 210 لسنة 1951 بنظام موظفي الدولة أول مربوط الدرجة الثالثة فإنها تعتبر بهذه المثابة في حكم موظفي الفئة العليا ومن ثم ينعقد الاختصاص بنظر دعواها لمحكمة القضاء الإداري.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وباختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بنظر الدعوى وبإحالتها إلى محكمة القضاء الإداري للفصل فيها.

الطعن 6803 لسنة 58 ق جلسة 21 / 2 / 1989 مكتب فني 40 ق 47 ص 300

جلسة 21 من فبراير سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ أحمد محمود هيكل نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عوض جادو نائب رئيس المحكمة وطلعت الاكيابى ومحمود إبراهيم عبد العال وجابر عبد التواب.

-------------

(47)
الطعن رقم 6803 لسنة 58 القضائية

(1) نقض "المصلحة في الطعن". نيابة عامة.
للنيابة العامة الطعن في الحكم لمصلحة المحكوم عليه. ولو لم يكن لها كسلطة اتهام مصلحة في ذلك. أساس ذلك؟
(2) قانون تفسيره". محال صناعية. عقوبة "توقيعها".
العقوبة المقررة لإقامة محل صناعي بدون ترخيص. هي الغرامة التي لا تقل عن مائة جنيه. المادة 17 من القانون 453 لسنة 1954 المعدل.
قضاء الحكم المطعون فيه بمعاقبة الطاعن بالحبس مع الشغل لمدة شهر والغلق والإزالة. خطأ في القانون. تصححه محكمة النقض.

--------------
1 - من المقرر أن النيابة العامة في مجال المصلحة أو الصفة في الطعن هي خصم عادل تختص بمركز قانوني خاص بمثابتها تمثل الصالح العام وتسعى إلى تحقيق موجبات القانون فلها أن تطعن في الأحكام وإن لم يكن لها كسلطة اتهام مصلحة خاصة في الطعن بل كانت المصلحة هي للمحكوم عليه، ومن ثم فإن مصلحتها في الطعن تكون قائمة ولو أن الحكم قد قضى بإدانة المطعون ضده.
2 - لما كانت المادة 17 من القانون رقم 453 لسنة 1954 بعد تعديلها بالقانون رقم 177 لسنة 1981 تنص على أن "كل مخالفة لأحكام هذا القانون أو القرارات المنفذة له يعاقب مرتكبها بغرامة لا تقل عن مائة جنيه وتتعدد العقوبة بتعدد المخالفات ولو كانت لسبب واحد" وتنص المادة 18 من القانون ذاته بعد تعديلها بالقانون 359 لسنة 1956 على أنه "مع عدم الإخلال بالمادة السابقة يجوز للقاضي أن يحكم بإغلاق المحل المدة التي يحددها في الحكم أو إغلاقه أو إزالته نهائياً ويجب الحكم بالإغلاق أو الإزالة في حالة مخالفة أحكام الفقرة الثالثة من المادة 1 والمادتين 3، 11" ولما كان الحكم المطعون فيه قد قضى بمعاقبة المطعون ضده بالحبس مع الشغل لمدة شهر والغلق والإزالة على الرغم من أن العقوبة المقررة لتلك الجريمة هي الغرامة التي لا تقل عن مائة جنيه والإزالة، فإنه يكون قد خالف القانون. وإذ كان العيب الذي شاب الحكم مقصوراً على هذه المخالفة فإنه يتعين إعمالاً للقاعدة المنصوص عليها في المادة 39 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 تصحيح الحكم المطعون فيه وفقاً للقانون - إلى تغريم المطعون ضده مائة جنيه والإزالة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه أقام محلاً صناعياً بغير ترخيص من الجهة المختصة وطلبت عقابه بالمواد 1، 2، 17، 18/ 2 من القانون رقم 453 لسنة 1954 المعدل ومحكمة جنح مركز المحلة قضت عملاً بمواد الاتهام بحبس المتهم شهراً مع الشغل والغلق والإزالة والمصاريف. استأنف المحكوم عليه والنيابة العامة ومحكمة طنطا الابتدائية - مأمورية المحلة الكبرى بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إنه من المقرر أن النيابة العامة في مجال المصلحة أو الصفة في الطعن هي خصم عادل تختص بمركز قانوني خاص بمثابتها تمثل الصالح العام وتسعى إلى تحقيق موجبات القانون فلها أن تطعن في الأحكام وإن لم يكن لها كسلطة اتهام مصلحة خاصة في الطعن بل كانت المصلحة هي للمحكوم عليه، ومن ثم فإن مصلحتها في الطعن تكون قائمة ولو أن الحكم قد قضى بإدانة المطعون ضده وإذ كان ذلك، وكان هذا الطعن قد استوفى باقي أوجه الشكل المقررة في القانون فإنه يكون مقبولاً شكلاً.
وحيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه دان المطعون ضده بجريمة إقامة محل صناعي - قمينة طوب دون ترخيص - قد أخطأ في تطبيق القانون ذلك أنه قضى بمعاقبته بالحبس مع الشغل لمدة شهر والغلق والإزالة، على الرغم من أن العقوبة المقررة لتلك الجريمة هي الغرامة التي لا تقل عن مائة جنيه والغلق والإزالة.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على الأوراق أن النيابة العامة أقامت الدعوى الجنائية ضد المطعون ضده بوصف أنه أقام محلاً صناعياً - قمينة طوب دون ترخيص، ومحكمة أول درجة قضت غيابياً بمعاقبة المطعون ضده بالحبس مع الشغل لمدة شهر والغلق والإزالة عملاً بالمواد 1، 2، 17،18 من القانون رقم 453 لسنة 1954 في شأن المحال الصناعية والتجارية المعدل فاستأنف المطعون ضده ومحكمة ثاني درجة قضت بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. لما كان ذلك، وكانت المادة 17 من القانون رقم 453 لسنة 1954 بعد تعديلها بالقانون رقم 177 لسنة 1981 تنص على أن "كل مخالفة لأحكام هذا القانون أو القرارات المنفذة له يعاقب مرتكبها بغرامة لا تقل عن مائة جنيه وتتعدد العقوبة بتعدد المخالفات ولو كانت لسبب واحد" وتنص المادة 18 من القانون ذاته بعد تعديلها بالقانون 359 لسنة 1956 على أنه "مع عدم الإخلال بالمادة السابقة يجوز للقاضي أن يحكم بإغلاق المحل المدة التي يحددها في الحكم أو إغلاقه أو إزالته نهائياً ويجب الحكم بالإغلاق أو الإزالة في حالة مخالفة أحكام الفقرة الثالثة من المادة 1 والمادتين 3، 11" ولما كان الحكم المطعون فيه قد قضى بمعاقبة المطعون ضده بالحبس مع الشغل لمدة شهر والغلق والإزالة على الرغم من أن العقوبة المقررة لتلك الجريمة هي الغرامة التي لا تقل عن مائة جنيه والإزالة، فإنه يكون قد خالف القانون. وإذ كان العيب الذي شاب الحكم مقصوراً على هذه المخالفة فإنه يتعين إعمالاً للقاعدة المنصوص عليها في المادة 39 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 تصحيح الحكم المطعون فيه وفقاً للقانون - إلى تغريم المطعون ضده مائة جنيه والإزالة.

الطعن 1056 لسنة 7 ق جلسة 3 / 1 / 1965 إدارية عليا مكتب فني 10 ج 1 ق 36 ص 334

جلسة 3 من يناير 1965

برئاسة السيد الأستاذ/ الدكتور محمود سعد الدين الشريف نائب رئيس المجلس وعضوية السادة الأساتذة/ الدكتور أحمد موسى ومحمد طاهر عبد الحميد وعبد الفتاح نصار وحسنين رفعت حسنين المستشارين.

--------------

(36)

القضية رقم 1056 لسنة 7 القضائية

أ - حكم 

- صدوره من أربعة قضاة خلافاً لما تقضي به الفقرة الأخيرة من المادة الخامسة من القانون رقم 55 لسنة 1959 في شأن تنظيم مجلس الدولة من أن تصدر الأحكام من المحاكم الإدارية من دائرة ثلاثية, مبطل للحكم - أساس ذلك.
ب - موظف - تقرير سنوي

 - مبدأ سنوية التقرير - المخالفات التي وقعت في سنوات سابقة لا أثر لها في تقدير درجة الكفاية في غير السنة التي وقعت فيها - أساس ذلك.

--------------
1 - ثابت في ديباجة نسخة الحكم الأصلية أنه قد صدر من أربعة قضاة. ويبين من الاطلاع على محضر الجلسة التي نظرت فيها الدعوى وحجزت للحكم أن هؤلاء القضاة الأربعة هم من سمعوا المرافعة في الدعوى, وبالرجوع إلى مسودة الحكم المشتملة على أسبابه ومنطوقه يتضح أنهم جميعاً قد وقعوا على المسودة وعلى المنطوق. وإذ نص قانون مجلس الدولة رقم 55 لسنة 1959 في الفقرة الأخيرة من المادة الخامسة منه على أن تصدر الأحكام من المحاكم الإدارية من دائرة ثلاثية وبذلك عين على وجه التحديد كيفية تشكيل المحكمة الإدارية.
فإن حضور عضو زائد على العدد المقرر الذي عينه القانون على الوجه سالف الذكر وسماعه المرافعة واشتراكه في إصدار الحكم من شأنه أن يبطل الحكم وذلك طبقاً للمبادئ العامة في الإجراءات القضائية, لما في ذلك من اعتداء على حقوق الدفاع إذ قد يكون لهذا العضو الرابع أثر في اتجاه الرأي في مصير الدعوى, وهو بطلان يتعلق بالنظام العام.
2 - إنه وإن كان قد احتوى ملف خدمة المدعي على جزاءات إلا أن هذه الجزاءات قد وقعت عليه لأمور نسبت إليه في غير العام الموضوع عنه التقرير المطعون فيه (1951/ 1955) ومن المسلم به أن التقرير السري كما ينص القانون يعد سنوياً ليكون ترجماناً عن حالة الموظف في سنة بعينها وإذن لا شأن للتقرير الموضوع عن سنة بذاتها بما فرط من الموظف في الأعوام السابقة وإلا انهار مبدأ سنوية التقرير إذ يكفى إدانة الموظف في عام من الأعوام في مخالفة معينة - ليظل موصوماً بوزر هذه المخالفة طيلة حياته الوظيفية وليظل مهدداً بخفض تقدير كفايته في تقاريره السنوية عن السنوات المقبلة وهو ما تأباه العدالة ولا يسيغه القانون فضلاً عن مجافاته للأساس الذي أقام عليه الشارع نظام التقارير السنوية.


إجراءات الطعن

في يوم الأربعاء 5/ 4/ 1961 أودع السيد الأستاذ يحيي أبو علم المحامي بإدارة قضايا الحكومة باعتباره نائباً عن السيد وزير التموين بصفته سكرتيرية هذه المحكمة تقرير طعن في الحكم الصادر بجلسة 4/ 2/ 1961 في الدعوى رقم 243 لسنة 7 القضائية والذي قضى برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى وباختصاصها وبقبولها شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار الصادر من لجنة شئون الموظفين في 27/ 4/ 1959 فيما تضمنه من تقدير كفاية المدعي عن عام 1958 بدرجة ضعيف وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الوزارة المصروفات وطلب الطاعن للأسباب الواردة في تقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه ورفض دعوى المدعي مع إلزامه المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وقد أعلن الطعن.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
من حيث إنه يبين من الاطلاع على الأوراق أن المدعي - المطعون ضده - أقام الدعوى رقم 234 لسنة 7 القضائية أمام المحكمة الإدارية لوزارة التموين طالباً الحكم بإلغاء قرار لجنة شئون الموظفين الصادر بتخفيض درجة كفايته إلى تقدير ضعيف بدلاً من جيد في عام 1958 وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الوزارة المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وبجلسة 4/ 2/ 1961 أجابت المحكمة الإدارية المدعي إلى طلبه وقضت للأسباب الواردة في الحكم برفض الدفع بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وباختصاصها وبقبولها شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار الصادر من لجنة شئون الموظفين بوزارة التموين بتاريخ 27/ 4/ 1959 فيما تضمنه من تقدير كفاية المدعي عن عام 1958 بدرجة ضعيف وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الوزارة المصروفات.
ومن حيث إن وجه الطعن على الحكم هو الخطأ في تطبيق القانون وفي تأويله وذلك تأسيساً على أن اللجنة لم تتعد حدود اختصاصها حينما انتهت, بعد المناقشة, من تعديل درجة كفاية المدعي إلى درجة ضعيف, كما وأنه ولئن كانت المادة 32 من القانون رقم 210 لسنة 1951 تنص على أن يكون تقدير كفاية الموظف من واقع ملف خدمته إلا أنه ينبغي ألا يغيب عن البال أن هناك عناصر للتقدير لا تثبت في الأوراق ولا يكون لها في الغالب صدى في ملف الخدمة وهي تدخل مع ذلك في حساب التقدير.
ومن حيث إنه قد تبين للمحكمة بالاطلاع على أوراق الدعوى أن الحكم المطعون فيه على ما هو ثابت في ديباجة نسخة الحكم الأصلية قد صدر من أربعة قضاة هم السيد الأستاذ صادق حسن مبروك رئيساً والسادة الأساتذة علي محمد علي ومصطفى أحمد خفاجي ومحمد عبد الحميد حسن الشيمي أعضاء. وبالاطلاع على محضر الجلسة التي نظرت فيها الدعوى وحجزت للحكم يتبين أن هؤلاء القضاة الأربعة هم من سمعوا المرافعة في الدعوى, وبالرجوع إلى مسودة الحكم المشتملة على أسبابه ومنطوقه يتضح أنهم جميعاً قد وقعوا على المسودة وعلى المنطوق. وإذ كان قانون مجلس الدولة رقم 55 لسنة 1959 في الفقرة الأخيرة من المادة الخامسة فيه على أن تصدر الأحكام من المحاكم الإدارية من دائرة ثلاثية وبذلك عين على وجه التحديد كيفية تشكيل المحكمة الإدارية فإن حضور عضو زائد على العدد المقرر الذي عينه القانون على الوجه سالف الذكر وسماعه المرافعة واشتراكه في إصدار الحكم من شأنه أن يبطل الحكم وذلك طبقاً للمبادئ العامة في الإجراءات القضائية, لما في ذلك من اعتداء على حقوق الدفاع إذ قد يكون لهذا العضو الرابع أثر في اتجاه الرأي في مصير الدعوى فضلاً عما فيه من تجهيل بأعضاء المحكمة الذين أصدروا الحكم, والبطلان في هذه الحالة متعلق بالنظام العام تقضي به المحكمة من تلقاء نفسها ومن ثم يتعين القضاء ببطلان الحكم المطعون فيه.
ومن حيث إن الدعوى مهيأة كيما يفصل في موضوعها.
ومن حيث إنه يبين من الأوراق أن المدعي أقام دعواه طالباً الحكم بإلغاء قرار لجنة شئون الموظفين الصادر بتخفيض درجة كفايته إلى تقدير ضعيف بدلاً من جيد عام 1958 وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الوزارة المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة, وقال شرحاً لها إنه فوجئ بتاريخ 9/ 5/ 1959 بإبلاغه صورة التقرير السري السنوي لعام 1958 رقم 606 بتقدير ضعيف ونظراً لأن هذا التقدير جاء مجحفاً به ومخالفاً للقانون ونتيجة خطأ وإساءة استعمال السلطة فقد بادر بالتظلم إلى الوزارة في المواعيد القانونية ثم أعقبه برفع الدعوى. ويطعن المدعي في تقدير لجنة شئون الموظفين لأنه بالاطلاع على التقدير تبين أن الرئيس المباشر له قد قام بتقدير كفايته عن أعماله بـ 89 درجة أي بتقدير جيد ووافق وكيل المدير العام وهو المدير المحلي على التقدير ثم عرض التقرير على رئيس المصلحة مخفضة إلى 74 درجة أي بتقدير مرضي دون أن يبدي أسباب التخفيض ثم جاءت لجنة شئون الموظفين بجلسة 27/ 4/ 1959 وقررت تسجيل درجة الكفاية بتقدير ضعيف بعد الاطلاع على ملف الخدمة والتحريات والمعلومات التي عرضت على اللجنة دون أن تبدي ما هي المعلومات وما هي التحريات التي عرضت وينعى المدعي على قرار اللجنة إبداء أسباب التخفيض بحسب المعايير المختلفة فإنما يكون تقديرها (باطل) عمله, وإذ جاءت اللجنة وخفضت التقدير من جيد إلى ضعيف دون إبداء أسباب التخفيض بحسب المعايير المختلفة فإنما يكون تقديرها (باطل) لمخالفة القانون وتكون قد أساءت استعمال سلطتها مما يوجب إلغاءه سيما أنه قد ترتب عليه حرمانه من العلاوة الدورية المستحقة له في 1/ 5/ 1959.
ومن حيث إن الوزارة أودعت مذكرة في 12/ 12/ 1959 دفعت الدعوى من ناحية الشكل بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى لأن قرار لجنة شئون الموظفين في تقدير كفاية الموظف في التقرير السنوي لا يعتبر من القرارات الإدارية التي حددها القانون رقم 55 لسنة 1959 بشأن المسائل التي تدخل في اختصاص القضاء الإداري. وفي الموضوع دفعت الوزارة الدعوى بقولها إن الأحكام قد استقرت على أن تقدير درجة كفاية الموظف إنما هو من اختصاص الإدارة دون معقب عليها من القضاء, وأن المادة 31 من القانون رقم 210 لسنة 1951 جعلت تقدير لجنة شئون الموظفين لدرجة الكفاية مطلق ونهائي أما تقدير الرئيس المباشر أو المدير المحلي للإدارة أو رئيس المصلحة فلا يعدو أن يكون رأياً استشارياً للجنة شئون للموظفين أن تأخذ به أو تخفضه أو تعلو به إلى درجة أعلى, أما فيما يتعلق بحرمان المدعي من العلاوة الدورية فإن المادة 31 من قانون موظفي الدولة تنص على أنه يترتب على منح الموظف تقدير بدرجة ضعيف حرمانه من أول علاوة دورية مع تخطيه في الترقية في السنة التي قدم فيها التقرير وطبقاً لهذا النص تقرر حرمان المدعي من علاوته الدورية المستحقة له في 1/ 5/ 1959 لأنه منح تقدير ضعيف في التقرير السنوي عن عام 1958.
ومن حيث إنه يتعين البحث فيما إذا كان قرار لجنة شئون الموظفين بتقدير كفاية المدعي بدرجة ضعيف عام 1958 يعتبر من القرارات الإدارية بالمعنى المفهوم للقرار الإداري وفيما بعد إذا كان هذا القرار هو من القرارات التي يختص بإلغائها مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد استقر على اعتبار التقرير السنوي المقدم عن الموظف بعد استيفاء مراحله هو بمثابة قرار إداري نهائي يؤثر مآلا في الترقية أو في منح العلاوة أو في خفض الدرجة أو المرتب أو في النقل إلى كادر أدنى أو في الفصل من الوظيفة وأن ولاية التعقيب على تقدير الكفاية في التقرير السنوي - وهو قرار إداري نهائي - إنما هي لقضاء الإلغاء, فهو القضاء الذي شرعه القانون للطعن في القرارات الإدارية (القاعدة رقم 49 القضية رقم 223 لسنة 6 القضائية).
ومن حيث إن القرار المطعون فيه صدر في 27/ 4/ 1959 وعلم به المدعي في 9/ 5/ 1959 وتظلم منه في 10/ 5/ 1959 ولما لم ترد الإدارة عليه في الستين يوم التالية تقدم بطلب إعفاءه من الرسوم القضائية ثم رفع هذه الدعوى في 28/ 4/ 1960 في مواعيدها القانونية.
ومن حيث إنه عن الموضوع يبين من الاطلاع على القرار المطعون فيه أن الرئيس المباشر للمدعي قد قدر كفايته عن عام 1958 بدرجة جيد ووافق المدير المحلي على هذا التقدير ثم قدر رئيس المصلحة له درجة مرضي وبتاريخ 27/ 4/ 1959 قدرت لجنة شئون الموظفين كفاية المدعي بدرجة ضعيف وقد أسس القرار على ما يأتي: "بعد الاطلاع على ملف خدمته والتحريات والمعلومات التي عرضت على اللجنة بشأنه قررت اللجنة الموافقة على تسجيل كفاية المدعي بدرجة ضعيف", ثم تقرر حرمان المدعي من العلاوة الدورية المستحقة له في 1/ 5/ 1959 نتيجة لهذا التقدير.
ومن حيث إنه يبين من ملف خدمة المدعي أنه التحق بالخدمة في 9/ 10/ 1942, ومنح الدرجة السادسة في الكادر الفني المتوسط من 7/ 11/ 1954 وأنه يشغل وظيفة كاتب بإدارة العلاقات العامة من 3/ 3/ 1959 وأن الجزاءات التي وقعت عليه هي إنذار للتأخير في الحضور (أمر رقم 165 لسنة 1951) وخصم يومين من ماهيته لصرف بطاقات تموين مستجدة لعائلات بالرغم من انتهاء الموعد الذي حددته الوزارة لقبول الطلبات إلى آخر المخالفات المبينة في القرار رقم 720 لسنة 1953, وبالقرار رقم 510 لسنة 1955 أنذر لارتكابه خطأ في تحويل بطاقة وبالقرار رقم 636 لسنة 1955 خصم منه يومين لما نسب إليه من تصرف غير لائق إذ طلب كمية من السكر من أحد البقالين في دائرة عمله بواسطة عسكري المكتب دون أن يرسل الثمن مقدماً بحجة حاجة أحد أصدقائه إلى هذا السكر الأمر الذي يهين كرامة الوظيفة ويحط من قدره كرئيس مكتب.
كما يبين من الملف أن المدعي قد حصل في تقدير كفايته على 91 درجة من 100 عن عام 1953 وعلى 94 درجة من 100 عن عام 1954, 92 درجة من 100 عن عام 1955 وعلى 97 درجة من 100 عن عام 1956 بدرجة ممتاز.
ومن حيث إن المادة 30 من القانون رقم 210 لسنة 1951 تقضي بأن يخضع لنظام التقارير السرية جميع الموظفين لغاية الدرجة الثالثة, وتعد التقارير في شهر فبراير من كل عام أو في أي شهر آخر يصدر بتحديده قرار من الوزير المختص بعد أخذ رأي ديوان الموظفين ويكون ذلك على أساس تقدير كفاية الموظف بمرتبة ممتاز أو جيد أو مرضي أو ضعيف، وتكتب هذه التقارير على النماذج وبحسب الأوضاع التي يقررها وزير المالية والاقتصاد بقرار يصدر منه بعد أخذ رأي ديوان الموظفين. وتتضمن المادة 31 من القانون أن يقدم التقرير السري عن الموظف من رئيسه المباشر ثم يعرض على المدير المحلي للإدارة فرئيس المصلحة لإبداء ملاحظاتهما ثم يعرض بعد ذلك على لجنة شئون الموظفين لتقدير درجة الكفاية التي تراها ويعلن الموظف الذي يقدم عنه تقرير بدرجة ضعيف بصورة منه.
ومن حيث إنه يبين من النصوص السابقة أن الشارع قد استوجب أن ينشأ لكل موظف ملف خاص اعتبره سجل حياته الوظيفية على أن يودع به البيانات والمعلومات التي تتصل بوظيفته كما يودع به الملاحظات المتعلقة بعمله والتقارير السنوية المقدمة عنه. ونظم القانون كيفية إعداد التقارير السنوية ورسم المراحل والإجراءات التي تمر بها ليكفل لهذه التقارير سياجاً قوياً يحميها من تدخل الأهواء ويجعلها بمعزل عن أن تؤثر فيها نزاع الهوى - ذلك أن ما شرطه الشارع من أن يعرض التقرير حتى يستكمل شكله النهائي على المدير المحلي فرئيس المصلحة فلجنة شئون الموظفين من شأنه أن يجعل القرير النهائي لدرجة كفاية الموظف ليس صادراً من الرئيس المباشر فحسب بل من عدة آراء متباينة أبداها كل من هؤلاء الذين يعرض عليهم التقرير في حدود اختصاصهم وبقدر معلوماتهم عن الموظف.
ومن حيث إنه وإن كانت الجهة الإدارية غير ملزمة بتسبيب قراراتها إلا أنه إذا أفصحت الجهة الإدارية عن أسباب القرار فإنه على المحكمة أن تسلط رقابتها على تلك الأسباب كي تتأكد من سلامتها وتطمئن إلى أنها مبنية على وقائع صحيحة ومستمدة من أصول ثابتة في الأوراق.
ومن حيث إن لجنة شئون الموظفين قد أسست قراراها في تقدير كفاية المدعي بدرجة ضعيف في التقرير المقدم عن عام 1958 على ما حواه ملف خدمته وعلى المعلومات والتحريات التي عرضت عليها ولذلك يتعين على هذه المحكمة أن تتحرى هذه الأسباب لتستوثق من أنها مستمدة من أصول ثابتة بالأوراق.
ومن حيث إنه بالنسبة لملف خدمة المدعي فإنه وإن كان قد احتوى ملف خدمة المدعي على جزاءات إلا أن هذه الجزاءات قد وقعت عليه لأمور نسبت إليه في غير العام الموضوع عنه التقرير المطعون فيه (1951/ 1955) ومن المسلم به أن التقرير السري كما ينص القانون يعد سنوياً ليكون ترجماناً عن حالة الموظف في سنة بعينها وإذن لا شأن للتقرير الموضوع عن سنة بذاتها بما فرط من الموظف في الأعوام السابقة وإلا انهار مبدأ سنوية التقرير إذ يكفي إدانة الموظف في عام من الأعوام في مخالفة معينة ليظل موصوماً بوزر هذه المخالفة طيلة حياته الوظيفية وليظل مهدداً بخفض تقدير كفايته في تقاريره السنوية عن السنوات المقبلة وهو ما تأباه العدالة ولا يسيغه القانون فضلاً عن مجافاته للأساس الذي أقام عليه الشارع نظام التقارير السنوية.
ومن حيث إنه بالنسبة للمعلومات والتحريات التي تدعي جهة الإدارة أنها عرضت عليها فإن الثابت من الأوراق أن الوزارة المعنية قد امتنعت عن تقديم هذه المعلومات وتلك التحريات التي لا أثر لها أو صدى في ملف خدمة المدعي وبذلك يكون تقدير المدعي بدرجة ضعيف غير قائم على أساس يمكن مراقبته من جانب هذه المحكمة والاطمئنان إلى أثره في إنتاج هذا التقدير.
ومن حيث إنه يبين مما تقدم أن الأسباب التي استندت إليها اللجنة في تقديرها كفاية المدعي بدرجة ضعيف غير مستخلصة استخلاصاً سائغاً من الأوراق. مما يتعين معه الحكم بإلغائه وما يترتب على ذلك من آثار وأخصها حرمانه من أول علاوة دورية مستحقة بعد وضع التقدير المشار إليه.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه ببطلان الحكم المطعون فيه وبإلغاء قرار لجنة شئون الموظفين في 27 من إبريل سنة 1959 بتقدير كفاية المدعي عن عام 1958 بدرجة ضعيف وما يترتب على ذلك من آثار وألزمت الحكومة بكامل المصروفات.

الطعن 1779 لسنة 6 ق جلسة 3 / 1 / 1965 إدارية عليا مكتب فني 10 ج 1 ق 35 ص 327

جلسة 3 من يناير 1965

برئاسة السيد الأستاذ/ الدكتور محمود سعد الدين الشريف نائب رئيس المجلس وعضوية السادة الأساتذة/ الدكتور أحمد موسى وعبد الفتاح بيومي نصار وحسنين رفعت حسنين ومحمد طاهر عبد الحميد المستشارين.

----------------

(35)

القضية رقم 1779 لسنة 6 القضائية

موظف - مرتب - فرق الكادرين 

- استقطاعه من إعانة غلاء المعيشة المستحقة - منوط بأن يكون هناك تحسين بالزيادة في الماهية سواء عند النقل إلى الكادر الجديد, أو نتيجة ترقية أو منح علاوة - كيفية تبين هذا التحسين - سريان الاستقطاع على من يعينون في ظل النظام الجديد ولو على الدرجات الخصوصية - أساس ذلك.

----------------
بالرجوع إلى قرارات مجلس الوزراء الصادرة في شأن إعانة غلاء المعيشة يبين أنه تخفيفاً من أعباء الميزانية صدر بعضها بتثبيت هذه الإعانة بصفة عامة وبتخفيضها في بعض الأحوال ثم باقتطاع ما يوازي الزيادة التي انتفع بها الموظفون عند تطبيق الكادر الجديد من تلك الإعانة وذلك بالقرارين الصادرين من مجلس الوزراء في 17 من أغسطس سنة 1952 و8 من أكتوبر سنة 1952، وقد استند القرار الأول الصادر في 17 من أغسطس سنة 1952 إلى أنه لما كان بعض الموظفين سينتفعون عند نقلهم إلى الكادر الجديد الملحق بالقانون رقم 210 لسنة 1952 الخاص بنظام موظفي الدولة بزيادة في ماهياتهم الحالية فقد رئي استقطاع ما يوازي هذه الزيادة مما يحصلون عليه من إعانة غلاء المعيشة ولن تتأثر حالتهم بهذا الإجراء ما دام جملة الأجر والإعانة لن تتغير، وأن ما سينالونه من تحسين بتطبيق الكادر سيضم إلى ماهياتهم الأصلية ويدخل مستقبلاً في حساب معاشهم بدلاً من علاوة مؤقتة للغلاء تكون خاضعة للتخفيض في أي وقت. وكذلك الحال فيمن يحصلون على زيادة في الماهية نتيجة الترقية أو منح علاوة وفقاً لنظام الكادر الجديد فيخصم من إعانة غلاء المعيشة التي يحصلون عليها وقت الترقية أو العلاوة مقدار فرق العلاوة وفقاً لأحكام الكادر الجديد وبين العلاوة التي كانوا يحصلون عليها وفقاً لقواعد الكادر السابق. ثم صدر قرار مجلس الوزراء في 8 من أكتوبر سنة 1952 بعدم قصر قاعدة الاستقطاع المتقدم ذكرها على أصحاب الكادر الملحق بالقانون رقم 210 لسنة 1952 الخاص بالموظفين المدنيين وسريانها على كل من ضباط الجيش والبوليس والكونستبلات وعلى من يعينون في ظل النظام الجديد حتى يكون الاستقطاع شاملاً للزيادات المترتبة على تنفيذ النظام الجديد بشتى نواحيه. ومفاد هذين القرارين الأخيرين أن مناط الاستقطاع الذي قرراه إنما يتحقق كلما كان هناك تحسين بالزيادة في ماهية الموظف سواء عند نقله إلى الكادر الجديد أو نتيجة ترقيته أو منحه علاوة، وأن هذا الحكم يسري أيضاً على من يعينون في ظل النظام الجديد - ومن الواضح أن التحسين في هذا الشأن يمكن تبينه من مقارنة المرتب الذي يتقاضاه الموظف في الدرجة التي عين عليها في ظل أحكام القانون رقم 210 لسنة 1952 بذلك الذي كان محدداً لذات الدرجة في الكادر السابق على صدور قانون الموظفين سالف الذكر والذي كان يسوده نظام تسعير الشهادات تسعيراً إلزامياً يعتبر أساساً للقيمة المالية لكل شهادة عند التعيين. ولئن كانت الدرجة التي عين عليها قد سميت بالدرجة الخصوصية إلا أن هذه التسمية قد قرنت بأنها من الفئة (108/ 138) جنيهاً وهي فئة تقابل الدرجة الثامنة الواردة في جدول الدرجات والمرتبات الملحق بالقانون رقم 210 لسنة 1952 ذات المربوط (108/ 168 جنيهاً) هذه الدرجة لا شك شملها التحسين بزيادة أول مربوطها في الكادر الجديد من 6 إلى 9 جنيهات كما أن القول بغير ذلك يجعل للموظفين المعينين على درجات خصوصية ميزة على غيرهم في حين أن قراري مجلس الوزراء الصادرين في 17 من أغسطس و8 من أكتوبر سنة 1952 المشار إليهما آنفاً من العموم والشمول فيما يتعلق بسريانهما على كل من يعين في ظل النظام الجديد بحيث يكون الاستقطاع شاملاً على حد تعبيرهما - للزيادات المترتبة على تنفيذ هذا النظام بشتى نواحيه، ومن ثم فلا محل لأفراد فئة الموظفين المعينين على درجات خصوصية بالاستثناء من تطبيق قراري مجلس الوزراء المشار إليهما بعد أن جاءت أحكامهما مطلقة، والمطلق يجري على إطلاقه ما لم يقم دليل التقييد نصاً أو دلالة.


إجراءات الطعن

بتاريخ 26/ 6/ 1960 أودع السيد رئيس إدارة قضايا الحكومة عريضة طعن في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لوزارة المواصلات والهيئة العامة للسكك الحديدية بجلسة 27/ 4/ 1960 في الدعوى رقم 335 لسنة 6 القضائية المرفوعة من السيد/ محمد الطاهر عبد الرحمن الزنكلوني ضد السكة الحديد القاضي "بأحقية المدعي في عدم خصم فرق الكادرين من إعانة غلاء المعيشة المستحقة له وما يترتب على ذلك من آثار ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات وألزمت الحكومة بالمصروفات ومائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة". وطلبت إدارة قضايا الحكومة للأسباب المبينة بصحيفة الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وإلزام المدعي بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين - وقد أعلن الطعن إلى المدعي في 14/ 5/ 1961, وعين لنظره أمام دائرة فحص الطعون جلسة 9/ 2/ 1963, وأخطرت الحكومة والمدعي في 14/ 1/ 1963 بميعاد هذه الجلسة, وفيها قررت المحكمة إحالة الدعوى إلى المحكمة الإدارية العليا وحددت لذلك جلسة 29/ 11/ 1964. وبعد أن سمعت المحكمة ما رأت لزوماً لسماعه من ملاحظات ذوي الشأن على الوجه الموضح تفصيلاً بالمحضر إصدار الحكم بجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل حسبما يبين من أوراق الطعن في أن المدعي أقام دعواه - بطريق المعافاة - طالباً الحكم بأحقيته في إعانة غلاء المعيشة المقررة على أول مربوط الدرجة الخصوصية التي عين عليها في 9/ 2/ 1957 وما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام جهة الإدارة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وقال في بيان ذلك إنه التحق في فبراير سنة 1957 بوظيفة إمام وخطيب مسجد منيا القمح بوصفه من حملة الشهادة الثانوية الأزهرية، وعين على الدرجة الخصوصية بمرتب شهري قدره 9 جنيهات يضاف إليها علاوة الغلاء، وقد قامت الجهة الإدارية بحساب علاوة غلاء المعيشة على أساس مرتب 6 جنيهات فقط كما قامت بخصم مبلغ ثلاثة جنيهات من مرتبه كفرق كادرين وذلك بمقولة إن علاوة الغلاء تم تثبيتها بموجب القرار الصادر في 30/ 11/ 1950 على أساس المرتب الذي كان يصرف لحملة الشهادات المتوسطة في نوفمبر سنة 1950 في حين أن الدرجة الخصوصية لها تقدير ثابت في الميزانية لم يتغير حتى الآن فضلاً عن أنها درجة لم يكن لها وجود من قبل ولذلك فإنه لا يسري على شاغلها قرار مجلس الوزراء الخاص بخصم فرق الكادرين وبالتالي فإنه كان يتعين أن تحتسب علاوة الغلاء الخاصة به على مرتبه الفعلي الذي يتقاضاه وقدره 9 جنيهات.
وأجابت الجهة الإدارية على الدعوى بأن المدعي عين على الدرجة الخصوصية (108/ 138 جنيهاً) المنشأة بميزانية إدارة الحركة عام 1955/ 1956 المخصصة لوظيفة إمام وخطيب مسجد محطة اعتباراً من 9/ 2/ 1957 بماهية شهرية قدرها 9 جنيهات من ذلك التاريخ وألحق بمسجد منيا القمح، وقد احتسبت إعانة غلاء المعيشة المستحقة له على أساس مرتب 6 جنيهات أسوة بزملائه الذين يحملون نفس مؤهله كما خصم منها ما يوازي فرق الكادرين بالتطبيق لقرار مجلس الوزراء الصادر في هذا الشأن وقدره ثلاثة جنيهات.
وبجلسة 27/ 4/ 1960 قضت المحكمة بأحقية المدعي في عدم خصم فرق الكادرين من إعانة غلاء المعيشة المستحقة له وما يترتب على ذلك من آثار ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات وألزمت الحكومة بالمصروفات ومائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة. وأقامت المحكمة قضاءها على أنه فيما يتعلق بالمرتب الذي تحسب على أساسه إعانة غلاء المعيشة للمدعي فإنه يتعين معاملته بمقتضى قرار مجلس الوزراء الصادر في 3 من ديسمبر سنة 1950 بتثبيت إعانة غلاء المعيشة على الماهيات والمرتبات والأجور المستحقة للموظفين والمستخدمين والعمال في آخر نوفمبر سنة 1950، ومن ثم فإنها تمنح لمن كانوا في الخدمة وقت التثبيت على أساس المرتبات الفعلية التي كانوا يتقاضونها في 30 نوفمبر سنة 1950 وتمنح لمن عينوا بعد 30 نوفمبر سنة 1950 على أساس المرتبات التي كانت مقررة لمؤهلاتهم في التاريخ المذكور، وإذ كان المدعي قد عين بتاريخ 6 فبراير سنة 1957 بوظيفة إمام وخطيب مسجد بأقسام حركة القناة بالزقازيق بالدرجة الخصوصية (108/ 138) وهو حاصل على الشهادة الثانوية الأزهرية لذلك فإنه وفقاً لقاعدة التثبيت المشار إليها يستحق إعانة غلاء معيشة على أساس المرتب المقرر لهذا المؤهل في 30/ 11/ 1955 وما دام أنه كان مقرراً لهذا المؤهل مبلغ 6 جنيهات شهرياً طبقاً لقواعد الإنصاف فإن إعانة الغلاء المستحقة له تحسب على هذا المبلغ ومن ثم فإن ما قامت به الجهة الإدارية من احتساب إعانة غلاء المعيشة للمدعي على أساس هذا المبلغ يكون قد تم صحيحاً ومطابقاً للقانون وبالتالي يكون طلب المدعي احتساب هذه الإعانة على أساس 9 جنيهات غير قائم على أساس سليم ويتعين لذلك رفضه. أما فيما يتعلق بطلب المدعي الخاص بعدم خصم فرق الكادرين من إعانة غلاء المعيشة فإن المدعي وقد عين في الدرجة الخصوصية (108/ 138 جنيهاً) وهي درجة لم ترد بالجدول المرافق للقانون رقم 210 لسنة 1951 الخاص بنظام موظفي الدولة فإن قرار مجلس الوزراء الصادر في 17 من أغسطس سنة 1952 بتقرير قاعدة خصم فرق الكادرين من إعانة الغلاء لا يسري على المدعي لأن مجال تطبيق هذا القرار يقتصر على الموظفين الشاغلين للدرجات المنصوص عليها في الكادر الملحق بقانون الموظفين فهم الذين انتفعوا بزيادة مرتباتهم نتيجة تطبيق الكادر المذكور عليهم. وفضلاً عن ذلك فإن الدرجة الخصوصية التي عين عليها المدعي وهي درجة جديدة أنشئت لأول مرة في ميزانية 1955/ 1956. ولم يكن لها تقدير سابق حتى يمكن أن يقال بأن المدعي استفاد نتيجة رفع أول مربوطها. واستناداً لذلك فإن المدعي يكون على حق في هذا الطلب ويتعين الحكم لصالحه فيما يختص به.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أنه فيما يتعلق بتطبيق قرار مجلس الوزراء الخاص بخصم فرق الكادرين من إعانة غلاء المعيشة فإنه بالنسبة للموظفين الذين يعينون بعد 1/ 7/ 1952 تخصم من الإعانة التي تستحق لهم مقدار الزيادة بين المرتب الذي كان مقرراً لتعيينهم به في الكادر السابق وبينه في الكادر الحالي، والمعيار في التعرف على ما إذا كان الموظف قد استفاد بزيادة في مرتبه نتيجة تطبيق الكادر الجديد من عدمه هو بالنظر إلى المرتب الذي كان مقرراً لمؤهله في ظل النظام السابق وبين المرتب المقرر للوظيفة التي عين فيها بالكادر الجديد، وليس بالنظر إلى أول مربوط الدرجة في الكادر كما ذهب إلى ذلك خطأ الحكم المطعون فيه، كما أن الدرجة الخصوصية التي عين فيها المدعي والتي أنشئت في ميزانية 1955/ 1956 أي في ضوء تنظيمات الكادر الجديد تقابل الدرجة الثامنة الواردة بهذا الكادر، وقد منح المدعي عند تعيينه فيها أول مربوطها وقدره 9 جنيهات، ولما كان المقرر لتعيينه بحسب المؤهل الحاصل عليه في ظل النظام القديم الذي كان معمولاً به قبل 1/ 7/ 1952 هو 6 جنيهات شهرياً فإنه يكون قد استفاد بزيادة في ماهيته قدرها 3 جنيهات ويتعين لذلك خصمها تنفيذاً لقرار مجلس الوزراء المشار إليه من إعانة غلاء المعيشة المستحقة له.
ومن حيث إنه بالرجوع إلى قرارات مجلس الوزراء الصادرة في شان إعانة غلاء المعيشة يبين أنه تخفيفاً من أعباء الميزانية صدر بعضها بتثبيت هذه الإعانة بصفة عامة وبتخفيضها في بعض الأحوال ثم باستقطاع ما يوازي الزيادة التي انتفع بها الموظفين عند تطبيق الكادر الجديد من تلك الإعانة وذلك بالقرارين الصادرين من مجلس الوزراء في 17 من أغسطس سنة 1952 و8 من أكتوبر سنة 1952، وقد استند القرار الأول الصادر في 17 من أغسطس سنة 1952 إلى أنه لما كان بعض الموظفين سينتفعون عند نقلهم إلى الكادر الجديد الملحق بالقانون رقم 210 لسنة 1952 الخاص بنظام موظفي الدولة بزيادة في ماهياتهم الحالية فقد رئي استقطاع ما يوازي هذه الزيادة مما يحصلون عليه من إعانة غلاء المعيشة ولن تتأثر حالتهم بهذا الإجراء ما دام جملة الأجر والإعانة لن تتغير، وأن ما سينالونه من تحسين بتطبيق الكادر سيضم إلى ماهياتهم الأصلية ويدخل مستقبلاً في حساب معاشهم بدلاً من علاوة مؤقتة للغلاء تكون خاضعة للتخفيض في أي وقت. وكذلك الحال فيمن يحصلون على زيادة في الماهية نتيجة الترقية أو منح علاوة وفقاً لنظام الكادر الجديد فيخصم من إعانة غلاء المعيشة التي يحصلون عليها وقت الترقية أو العلاوة مقدار فرق العلاوة وفقاً لأحكام الكادر الجديد بين العلاوة التي كانوا يحصلون عليها وفقاً لقواعد الكادر السابق. ثم صدر قرار مجلس الوزراء في 8 من أكتوبر سنة 1952 بعدم قصر قاعدة الاستقطاع المتقدم ذكرها على أصحاب الكادر الملحق بالقانون رقم 210 لسنة 1952 الخاص بالموظفين المدنيين وسريانها على كل من ضباط الجيش والبوليس والكونستبلات وعلى من يعينون في ظل النظام الجديد حتى يكون الاستقطاع شاملاً للزيادات المترتبة على تنفيذ النظام الجديد بشتى نواحيه. ومفاد هذين القرارين الأخيرين أن مناط الاستقطاع الذي قرراه إنما يتحقق كلما كان هناك تحسين بالزيادة في ماهية الموظف سواء عند نقله إلى الكادر الجديد أو نتيجة ترقيته أو منحه علاوة وأن هذا الحكم يسري أيضاً على من يعينون في ظل النظام الجديد - ومن الواضح أن التحسين في هذا الشأن يمكن تبينه من مقارنة المرتب الذي يتقاضاه الموظف في الدرجة التي عين عليها في ظل أحكام القانون رقم 210 لسنة 1952 بذلك الذي كان محدداً لذات الدرجة في الكادر السابق على صدور قانون الموظفين سالف الذكر والذي كان يسوده نظام تسعير الشهادات تسعيراً إلزامياً يعتبر أساساً للقيمة المالية لكل شهادة عند التعيين، وإذ كان الثابت أن المرتب الشهري المقرر لتعيين زملاء المدعي ممن يحملون ذات مؤهله في ظل النظام القديم طبقاً لقواعد الإنصاف هو ستة جنيهات وهو بعينه المرتب الذي أقام عليه الحكم المطعون فيه قضاءه عندما انتهى إلى إقرار تصرف الجهة الإدارية في تثبيت إعانة غلاء المعيشة للمدعي على أساس ستة جنيهات باعتباره المرتب الذي كان يتقاضاه حملة الشهادة الثانوية الأزهرية من زملائه فعلاً في 30 من نوفمبر سنة 1950، وكان الثابت أيضاً أن المدعي عين في 6 من فبراير سنة 1957 بوظيفة إمام وخطيب بأقسام حركة القناة بمرتب 9 جنيهات شهرياً وأن هذا التعيين بهذه الماهية روعي فيه حصوله على الشهادة الثانوية الأزهرية، فإنه يكون قد ناله تحسين بالزيادة في مرتبه قدره ثلاثة جنيهات وبهذه المثابة فإنه يتعين استقطاعها من إعانة غلاء معيشته بالتطبيق لقراري مجلس الوزراء سالفي الذكر الصادرين في هذا الخصوص - ولا وجه بعد ذلك لما يستند إليه المدعي والحكم المطعون فيه من أنه عين على الدرجة الخصوصية وهي درجة جديدة أنشئت لأول مرة في ميزانية 55/ 1956 ولم يكن لها تقدير سابق حتى يمكن أن يقال بأن المدعي استفاد نتيجة رفع أول مربوطها، ما دام أنه ولئن كانت الدرجة التي عين عليها قد سميت بالدرجة الخصوصية إلا أن هذه التسمية قد قرنت بأنها من الفئة (108/ 138) جنيهاً وهي فئة تقابل الدرجة الثامنة الواردة في جدول الدرجات والمرتبات الملحق بالقانون رقم 210 لسنة 1952 ذات المربوط (108/ 168 جنيهاً) هذه الدرجة لا شك شملها التحسين بزيادة أول مربوطها في الكادر الجديد من 6 إلى 9 جنيهات كما أن القول بغير ذلك يجعل للموظفين المعينين على درجات خصوصية ميزة على غيرهم في حين أن قراري مجلس الوزراء الصادرين في 17 من أغسطس و8 من أكتوبر سنة 1952 المشار إليها آنفاً من العموم والشمول فيما يتعلق بسريانها على كل من يعين في ظل النظام الجديد بحيث يكون الاستقطاع شاملاً على حد تعبيرهما - للزيادات المترتبة على تنفيذ هذا النظام بشتى نواحيه، ومن ثم فلا محل لأفراد فئة الموظفين المعينين على درجات خصوصية بالاستثناء من تطبيق قراري مجلس الوزراء المشار إليهما بعد أن جاءت أحكامهما مطلقة، والمطلق يجري على إطلاقه ما لم يقم دليل التقييد نصاً أو دلالة.
ومن حيث إنه لما تقدم يكون الحكم المطعون فيه إذ ذهب غير هذا المذهب على خلاف ما يقضي به التطبيق السليم للقانون، ويتعين من أجل ذلك القضاء بإلغاء وبرفض الدعوى مع إلزام رافعها بالمصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وألزمت المدعي بالمصروفات.