جلسة 9 من يناير سنة 1965
برئاسة السيد الأستاذ/ حسن السيد أيوب وكيل مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ الدكتور ضياء الدين صالح وعادل عزيز وعبد الستار آدم وأبو الوفا زهدي المستشارين.
--------------
(38)
القضية رقم 1431 لسنة 8 القضائية
(أ) موظف - ترقية
- محاكمة جنائية - إحالة الموظف إلى المحاكمة - حظر ترقيته في مدة الإحالة سواء أكانت المحاكمة تأديبية أم جنائية - إعمال هذه القاعدة في ظل قانون نظام موظفي الدولة رقم 210 لسنة 1951 أو القانون رقم 46 لسنة 1964 بإصدار قانون نظام العاملين المدنيين - أساس ذلك.
(ب) موظف - محاكمة تأديبية
- نيابة إدارية - الإحالة إلى المحاكمة إجراء قانوني يتم بصدور القرار به من الجهة التي ناط بها القانون هذا الإجراء - النيابة الإدارية هي وحدها منذ صدور القانون رقم 117 لسنة 1958 التي تصدر قرار الإحالة إلى المحاكمة التأديبية وتحمل أمانة الدعوى التأديبية أمام المحكمة.
(جـ) موظف - دعوى تأديبية
- ترقية - الدعوى التأديبية تعتبر مرفوعة بإيداع قرار الإحالة وأوراق التحقيق سكرتيرية المحكمة - آثار الإحالة إلى المحاكمة التأديبية ومنها حظر ترقية الموظف - لا يجوز ترتيبها إذا كان الموظف يدور في فلك التحقيق ولم يخرج عن مرحلته.
(د) محاكمة جنائية
- الإحالة إلى المحاكمة الجنائية - تتم بصدور أمر الإحالة من قاضي التحقيق أو من مستشار الإحالة أو بتكليف المتهم بالحضور أمام المحكمة المختصة من قبل النيابة العامة أو المدعي بالحق المدني.
----------------
1 - تنص المادة 106 من قانون نظام موظفي الدولة رقم 210 لسنة 1951 على أنه "لا يجوز ترقية موظف محال إلى المحاكمة التأديبية أو موقوف عن العمل في مدة الإحالة أو الوقف. وفي هذه الحالة يسري حكم المادة 104 فإذا استطالت المحاكمة لأكثر من سنة, وثبتت عدم إدانة الموظف وجب عند ترقيته احتساب أقدميته في الدرجة المرقى إليها من التاريخ الذي كانت تتم فيه لو لم يحل إلى المحاكمة التأديبية" وجاءت المادة 70 من القانون رقم 46 لسنة 1964 بإصدار قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة تنص على أنه "ولا تجوز ترقية عامل محال إلى المحاكمة التأديبية أو المحاكمة الجنائية أو موقوف عن العمل في مدة الإحالة أو الوقف, وفي هذه الحالة تحجز للعامل الدرجة..." فواضح من مقابلة ومقارنة عبارات هذين النصين: القديم والمستحدث أن المشرع إنما نهى مؤقتاً عن ترقية موظف أو عامل يكون في أي من الوضعين:
( أ ) محالاً إلى المحاكمة, سواء أكانت تأديبية أم جنائية.
(ب) أو موقوفاً عن العمل.
2 - إن الإحالة إلى المحاكمة إنما هي إجراء قانوني يتم بصدور قرار الإحالة من الجهة التي ناط بها القانون ذلك الإجراء. ففي المحاكمة التأديبية إنما هي النيابة الإدارية التي تصدر قرار الإحالة منذ صدور القانون رقم 117 لسنة 1958 في 11 من أغسطس سنة 1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية.
والنيابة الإدارية سواء أكانت قد أقامت الدعوى مختارة أم أقامتها ملزمة بناء على طلب الجهة الإدارية أو الجهاز المركزي للمحاسبات فهي وحدها التي تقيم الدعوى وتتولى الادعاء, وهي وحدها التي تحمل أمانة الدعوى التأديبية أمام المحكمة.
3 - تعتبر الدعوى التأديبية مرفوعة بإيداع قرار الإحالة وأوراق التحقيق سكرتيرية المحكمة. ومتى تم الإيداع تعلق اختصاص المحكمة بنظر الدعوى. واقتضى ذلك ألا تترتب آثار الإحالة إلى المحاكمة التأديبية ومنها عدم جواز الترقية (م 106 قانون 210 لسنة 1951 أو مادة 70 من قانون 46 لسنة 1964) إذا كان الموظف العامل يدور في فلك التحقيق ولم يخرج عن مرحلته.
4 - في المحاكمة الجنائية, يوجد مدلول قانوني دقيق خاص لاصطلاح "محال إليها" لتحدده القواعد الراسخة المستقرة في قانون الإجراءات الجنائية. حاصلها أن الإحالة إلى المحاكمة الجنائية تتم بصدور أمر الإحالة من قاضي التحقيق أو من مستشار الإحالة أو تتم بتكليف المتهم بالحضور أمام المحكمة المختصة من قبل النيابة العامة أو المدعي بالحق المدني.
إجراءات الطعن
في 26 من يوليو سنة 1962 أودع السيد محامي الحكومة سكرتيرية المحكمة تقرير طعن أمام هذه المحكمة قيد بجدولها تحت رقم 1431 لسنة 8 القضائية, في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لوزارات الخزانة والاقتصاد والصناعة والزراعة والتموين بجلسة 27 من مايو سنة 1962 في الدعوى رقم 237 لسنة 8 القضائية المقامة من يعقوب كامل يعقوب ضد وزارة الخزانة, والذي قضى: "بأحقية المدعي في تسوية حالته, في الدرجة الخامسة اعتباراً من 2 من سبتمبر سنة 1956, وفي الدرجة الرابعة اعتباراً من 26 من مارس سنة 1960 عملاً بأحكام المادة 40 مكرر من القانون رقم 210 لسنة 1951 مع ما يترتب على ذلك من آثار, وألزمت الوزارة المصروفات وثلاثة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة". وقد طلب السيد محامي الحكومة للأسباب التي استند إليها في تقرير طعنه: "الحكم بقبول الطعن شكلاً, وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه, ورفض الدعوى مع إلزام المطعون عليه المصروفات ومقابل الأتعاب". وقد أعلن هذا الطعن إلى المطعون عليه في 29 من يوليو سنة 1962 وعين لنظره أمام دائرة فحص الطعون جلسة 2 من نوفمبر سنة 1963 وفيها قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا للمرافعة بجلسة 11 من يناير سنة 1964 ومنها إلى جلسة 22 من فبراير ثم إلى جلسة 16 من مايو سنة 1964 بناء على طلب الخصوم وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات ذوي الشأن على الوجه المبين بمحضر الجلسة ثم قررت المحكمة إرجاء النطق بالحكم إلى جلسة 20 من يونيو سنة 1964 وكلفت الحكومة ضم ملف تحقيق النيابة في الجناية رقم 2181 لسنة 1956 بندر دمنهور وليس ملف تحقيق الجناية رقم 186 لسنة 1956 وملف قضية الجنحة رقم 2186 لسنة 1956 بندر دمنهور. وفي 3 من يونيو سنة 1964 قدم المطعون عليه مذكرة بدفاعه خلص منها إلى طلب الحكم برفض الطعن وإلزام الوزارة الطاعنة المصروفات. وبجلسة 20 من يونيو سنة 1964 قررت المحكمة إعادة الطعن إلى المرافعة بجلسة 14 من نوفمبر سنة 1964 لتضم نيابة دمنهور ملف التحقيق الجنائي الذي سبق التقرير بضمه ولم يكن قد ضم. وقد أودع الحاضر عن المطعون عليه شهادة معتمدة من السيد رئيس القسم الجنائي بنيابة بندر دمنهور في 18 من إبريل سنة 1964 بنتيجة المضاهاة في الجناية رقم 2181 لسنة 1956 جنايات بندر دمنهور. وفي 6 من سبتمبر سنة 1964 أودع المطعون عليه شهادة من نيابة دمنهور تفيد أنه لم يتم التصرف في الجناية المطلوبة رقم 2181 لسنة 1956 حتى تاريخ صدور الشهادة المقدمة بملف هذا الطعن. وبجلسة 14 من نوفمبر سنة 1964 سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات إضافية على ضوء ما جاء بكتاب السيد رئيس نيابة دمنهور إلى السيد رئيس هيئة المفوضين في 22 من أكتوبر سنة 1964 رداً على طلب ملف تحقيق القضية رقم 2186 لسنة 1956 بندر دمنهور وقد جاء فيه (أن قضايا جنح سنة 1956 قد أرسلت للدشت). وقدم المطعون عليه مذكرة أخيرة قال فيها إنه قد أعيد إلى وظيفته بعد فصله منها بغير الطريق التأديبي وأنه لا يمكن اعتباره محالاً إلى محاكمة جنائية يترتب عليها وقف ترقياته إلى ما شاء الله. وخلص إلى طلب الحكم برفض طعن الحكومة, وبالجلسة الأخيرة قررت المحكمة إرجاء النطق بالحكم في الطعن إلى جلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق, وسماع الإيضاحات, وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة, حسبما يبين من أوراق الطعن, تتحصل في أن المطعون عليه أقام الدعوى رقم 237 لسنة 8 القضائية بعريضة أودعها سكرتيرية المحكمة الإدارية لوزارات الخزانة والاقتصاد والصناعة والزراعة والتموين في 20 من إبريل سنة 1961 ضد وزارة الخزانة طلب فيها الحكم بأحقيته في تسوية حالته بالتطبيق لنص المادة 40 مكرر من القانون رقم 210 لسنة 1951 والقانون رقم 120 لسنة 1960 المعدل لأحكام قانون نظام موظفي الدولة, وذلك بترقيته إلى الدرجتين الخامسة والرابعة الشخصيتين من تاريخ تمضية المدة المقررة قانوناً لاستحقاق الترقية إلى كل منهما مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الوزارة المصروفات ومقابل الأتعاب. وقال شرحاً لدعواه إنه في عام 1956 جرى معه تحقيق في نيابة دمنهور إثر شكوى من مصلحة الأموال المقررة فيها اتهام بالتلاعب والاختلاسات من معاشات السلطة العسكرية, وقررت المصلحة وقف المدعي عن العمل اعتباراً من 12 من أغسطس سنة 1956, وقيدت الواقعة تحت رقم 2181 لسنة 1956 جنايات بندر دمنهور. وحدث أن استحق المدعي - بعد صدور قرار وقفه عن العمل - الترقية إلى الدرجة الخامسة الشخصية اعتباراً من 2/ 9/ 1956 بالتطبيق لحكم المادة 40 مكرر من قانون 210 لسنة 1951 وذلك لقضائه ثلاثين سنة في ثلاث درجات, ولكن المصلحة لم ترقه استناداً إلى المادة 106 من قانون التوظف. وبسبب بطء التحقيق في شكوى المصلحة للنيابة العامة كانت المصلحة تعرض من وقت لآخر, أمر تجديد وقف المدعي عن عمله على مجلس التأديب كلما انتهت مدة الوقف المقررة, وكان مجلس التأديب يوافق على تجديد الوقف إلى أن قرر بجلسته التي عقدها في 14 من أكتوبر سنة 1957 إنهاء حالة وقفه وإعادته إلى العمل في جهة بعيدة عن مديرية البحيرة. ولقد نفذت المصلحة قرار مجلس التأديب, وأصدرت في 16 من أكتوبر سنة 1957 القرار رقم (3 - 2/ 40) برفع الإيقاف عنه ونقله إلى مديرية قنا. ولما كانت المخالفة موضوع التحقيق تعتبر من قبيل المخالفات المالية, ففقد أخطرت مصلحة الأموال المقررة ديوان المحاسبات بأمرها وذلك بالتطبيق لأحكام القانون رقم 132 لسنة 1952 الخاص بإنشاء المجلس التأديبي للمخالفات المالية. ولكن الديوان لم يشر باتخاذ أي إجراء تأديبي ضد المدعي وإنما طلب في نوفمبر سنة 1957 موافاته بأوراق التحقيق, وكافة المستندات المتعلقة به, بعد انتهاء النيابة العامة من بحث الموضوع ليتسنى له التصرف فيه طبقاً للمادة 81 مكرر من قانون التوظف. وقد طلب المدعي بعد رفع الإيقاف عنه, ترقيته إلى الدرجة الخامسة الشخصية بالتطبيق لحكم المادة 40 مكرر لعدم وجود ما يمنع من ترقيته استناداً إلى حكم المادة 106 من قانون التوظف إذ هو غير محال إلى المحاكمة التأديبية, وأنه غير موقوف عن عمله - فطالبته المصلحة بموافاتها بنتيجة تحقيق النيابة العامة معه فاستخرج في 3/ 11/ 1959 شهادة من نيابة بندر دمنهور بأن القضية 2181 لسنة 1956 جنايات بندر دمنهور ما زالت تحت التصرف بالنيابة المذكورة. ولم يستوف التحقيق فيها بعد, ولم يعط لها خط سيرها القانوني وبالتالي لم تقدم إلى غرفة الاتهام, ولا إلى محكمة الجنايات. وعندئذ رأت مصلحة الأموال المقررة أن تستطلع رأي ديوان الموظفين في جواز ترقية المدعي إلى الدرجة الخامسة تطبيقاً لحكم المادة 40 مكرر وفي نفس الوقت تظلم المدعي إلى الديوان من إرجاء ترقيته طيلة هذه المدة مع أنه لم يصدر قرار بتقديمه إلى المحاكمة التأديبية, أو برفع الدعوى الجنائية عليه, وفي نفس الوقت لم يعد موقوفاً عن عمله. ولكن ديوان الموظفين كتب إلى المصلحة بما يفيد أنه يرى أن الإحالة إلى النيابة العامة أو إلى المحاكمة الجنائية تعتبر بمثابة إحالة إلى المحاكمة التأديبية, ومن ثم لا يجوز النظر في ترقية المدعي إلى الدرجة الخامسة الشخصية. وتجري صحيفة الدعوى بأن القانون رقم 120 لسنة 1960 صدر بتعديل بعض أحكام قانون التوظف, وتضمن النص على أحقية الموظف الذي يقضي في الخدمة إحدى وثلاثين سنة في أربع درجات, في أن يرقى إلى الدرجة التالية, بصفة شخصية من تاريخ العمل بقانون سنة 1960 أو من التاريخ التالي لتمضيته المدة المذكورة مستقبلاً. فانطبقت أحكامه على المدعي لأنه كان وقت صدوره قد أمضى أكثر من 31 سنة في ثلاث درجات. فكرر مطالبته المصلحة بترقيته بصفة شخصية, إلى الدرجتين الخامسة والرابعة بالتطبيق لأحكام التشريعين المنوه عنهما. وأيد المدعي طلبه بشهادة ثانية استخرجها من نيابة بندر دمنهور بأن القضية رقم 2181 لسنة 1956 جنايات بندر دمنهور ما زالت تحت التصرف بالنيابة, ولم يستوف التحقيق فيها بعد - ولم يعط لها خط سيرها القانوني وبالتالي لم يقدم المدعي للمحاكمة لا بغرفة الاتهام, ولا بمحكمة الجنايات. وتاريخ هذه الشهادة هو 27/ 7/ 1960 ولكن مصير هذا الطلب كان ذات مصير الطلبات السابقة عليه. وجدير بالذكر أن مصلحة الأموال المقررة كانت قد قررت حرمان المدعي من علاوته الدورية المستحقة له اعتباراً من أول مايو سنة 1957 استناداً إلى أن تقرير درجة كفاية المدعي عن سنة 1956 كان بدرجة (ضعيف). فأقام المدعي ضد المصلحة والوزارة الدعوى رقم 224 لسنة 5 القضائية أمام المحكمة الإدارية لوزارات الخزانة والاقتصاد والزراعة, بالطعن بالإلغاء في القرار المذكور والأساس الذي استند إليه, وقد صدر الحكم في تلك الدعوى بجلسة 21 من مارس سنة 1960 لصالح المدعي وقضى بإلغاء القرار الصادر من مصلحة الأموال المقررة بحرمانه من علاوته الدورية التي يستحقها في أول مايو سنة 1957 وما يترتب على ذلك من آثار وتقول صحيفة الدعوى إن المدعي بقى إلى الآن من غير ترقية. ويضيف المدعي إلى ذلك أن المادة 106 من قانون التوظف تقرر استثناء من قواعد الترقية, فلا يجوز القياس على الاستثناء أو التوسع في تفسيره. فالمادة المذكورة قد نصت على عدم جواز ترقية الموظف إذا قامت به إحدى الحالتين: الإحالة إلى المحاكمة التأديبية, أو الوقف عن العمل - والإحالة إلى المحاكمة التأديبية لا تعتبر قائمة إلا إذا صدر قرار الاتهام من النيابة الإدارية, وأقيمت بموجبه الدعوى التأديبية. وعلى كل حال فإن النيابة العامة لم تتصرف حتى تاريخ رفع هذه الدعوى إلى المحكمة الإدارية, في الشكوى الجنائية, ولم يكن يدور في خلد المشرع أن ترجأ ترقية الموظف كلما قدمت ضده شكوى حتى يمكن أن يمتد الإرجاء إلى بضع سنين. وانتهت صحيفة الدعوى إلى طلب الحكم للمدعي بأحقيته في تسوية حالته بالتطبيق لنص المادة 40 مكرر والقانون المعدل لها وذلك بترقيته إلى الدرجتين الخامسة والرابعة الشخصيتين من تاريخ انقضاء المدة المقررة قانوناً لاستحقاق الترقية إلى كل منهما.
وقد ردت مصلحة الأموال المقررة على الدعوى بأن المدعي - المطعون عليه - كان, وهو يشغل وظيفة رئيس القلم من الدرجة السادسة، مستحقاً للترقية إلى الدرجة الخامسة بصفة شخصية اعتباراً من 2/ 9/ 1956، وذلك لقضائه ثلاثين سنة في ثلاث درجات متتالية طبقاً لنص المادة (40 مكرر من قانون التوظف) قبل تعديلها بالقانون رقم 120 لسنة 1960 ولكن المدعي سبق أن اتهم في قضية الجناية رقم 2181 لسنة 1956 بندر دمنهور في حادث اختلاس معاشات السلطة العسكرية وأوقف عن العمل من 12/ 8/ 1956 وبالتطبيق لحكم المادة 106 من قانون التوظف فقد تقرر إرجاء ترقيته إلى الدرجة الخامسة بصفة شخصية وقد أخطرت المصلحة ديوان المحاسبة بما نسب إلى المدعي من مخالفات مالية نزولاً على حكم القانون رقم 132 لسنة 1952 وطلب الديوان في نوفمبر سنة 1957 موافاته بأوراق التحقيق وبكافة المستندات المتعلقة به بعد انتهاء النيابة العامة من بحث الموضوع ليتسنى له التصرف فيه طبقاً للمادة 89 مكرر من قانون التوظف. وقد تقدم المدعي بشهادة مؤرخة 3/ 11/ 1959 من نيابة بندر دمنهور تتضمن أن القضية رقم 2181 لسنة 1956 جنايات بندر دمنهور المتهم فيها الموظف المذكور ما زالت تحت تصرف نيابة دمنهور, ولم يستوف التحقيق فيها بعد, ولم يعط لها خط سيرها القانوني, وبالتالي لم تقدم لغرفة الاتهام أو لمحكمة الجنايات. وتقول المصلحة في مذكرتها بدفاعها أنه نظراً لأن المدعي لم يصدر ضده قرار اتهام يقضي بإحالته إلى المحاكمة التأديبية, فقد استطلعت المصلحة رأي ديوان الموظفين في 29/ 11/ 1959 عن مدى جواز ترقيته إلى الدرجة الخامسة بصفة شخصية. وقد أشار الديوان بكتابه رقم 22/ 1/3 م 9 في 13/ 2/ 1960 بأن الرأي قد استقر على أن الإحالة إلى النيابة العامة أو المحاكمة الجنائية تعتبر بمثابة إحالة إلى المحاكمة التأديبية. وكذلك أشار الديوان بكتابه رقم 22/ 1/ 3 م في 26/ 12/ 1960 بمثابة الشكوى المقدمة من الموظف المذكور - المدعي - إلى الديوان بأن إعادة الموظف المذكور إلى عمله بعد رفع الإيقاف عنه في 14/ 10/ 1957 لا تعني أن الإدارة قد صرفت النظر عن محاكمته لأن طلب الجهة الإدارية إلى النيابة العامة السير في المحاكمة الجنائية يقوم مقام الإحالة إلى المحاكمة التأديبية, ولذلك فإنه يجب انتظار نتيجة تصرف النيابة العامة في القضية ويرى ديوان الموظفين عدم جواز النظر في ترقية المدعي إلى الدرجة الخامسة بصفة شخصية. ومن أجل ذلك تطلب المصلحة الحكم برفض دعوى المدعي لأنها قائمة على غير أساس سليم من القانون خليقة بالرفض - وبعد ذلك قدم المدعي شهادة ثالثة من نيابة دمنهور الكلية المؤرخة 14/ 2/ 1962 جاء فيها أن الجناية رقم 2181 لسنة 1956 بندر دمنهور المتهم فيها يعقوب كامل يعقوب وآخرين لم يتم التصرف فيها بعد, وأن آخر تحقيق أجري فيها هو بتاريخ 13/ 10/ 1958 ولم تطلب الجهة الإدارية المختصة من النيابة العامة السير في محاكمته جنائياً.
وبجلسة 27 من مايو سنة 1962 حكمت المحكمة الإدارية لوزارات الخزانة والاقتصاد والزراعة, بأحقية المدعي في تسوية حالته في الدرجة الخامسة اعتباراً من 2/ 9/ 1956 وفي الدرجة الرابعة اعتباراً من 26/ 3/ 1960 عملاً بأحكام المادة 40 مكرر من القانون رقم 210 لسنة 1951 وما يترتب على ذلك من آثار وألزمت الوزارة المصروفات. وأقامت قضاءها هذا على أن حكم المادة 106 من قانون نظام موظفي الدولة رقم 210 لسنة 1951 يسري على جميع الترقيات سواء العادية منها أم تلك التي تتم وفقاً لحكم المادة 40 مكرر من القانون المذكور ومع ذلك فإن المادة 106 تقرير انتظار البت في ترقية الموظف المحال إلى المحاكمة التأديبية أو الموقوف عن العمل في مدة الإحالة أو الوقف. وبهذه المثابة فإن حكمها لا يسري إلا على الموظف المحال إلى المحاكمة التأديبية, أو الموقوف عن العمل, ذلك في مدة الإحالة أو الوقف, وذلك دون المحال إلى المحاكمة الجنائية. فضلاً عن أن كلاً من الجريمة التأديبية, والجريمة الجنائية لها نطاقها وأحكامها الخاصة فإن ما ورد بها قد جاء على سبيل الحصر لا على سبيل التمثيل لأنه قيد على الترقية يجب تحديده حتى لا تخرج جهة الإدارة عن هذا المجال بما يبعد بها عن القصد, ويحرم الموظفين من حقوقهم لأسباب لا تتصل بالنطاق الإداري. وما دام حكم المادة 106 يعتبر قيداً على الترقية, فإن طبائع الأشياء, واستقامة الأمور الإدارية تقتضي ألا يكون محلاً للقياس في هذا الخصوص... واستطرد الحكم المطعون فيه في أسبابه قائلاً إنه حتى مع الأخذ بحكم القياس, فإنه يجب أن يكون قياساً سليماً أساسه التطابق والتماثل في الإجراء مما يستتبع التماثل في الحكم. فإن صح القول بأن الإحالة إلى المحاكمة الجنائية تعتبر بمثابة الإحالة للمحاكمة التأديبية في خصوص تطبيق المادة 106 من قانون موظفي الدولة فإنه لا يستساغ القول بأن طلب الجهة الإدارية السير في المحاكمة الجنائية يعتبر بمثابة الإحالة إلى المحاكمة التأديبية, لأن هذا الطلب لا يعتبر من إجراءات الإحالة إلى المحاكمة الجنائية التي تملكها النيابة العامة باعتبارها أمينة على الدعوى الجنائية, وصاحبة الحق أصلاً في اتخاذ هذه الإجراءات. ولا مجال للتوسع في التفسير, وللأخذ بالقياس. ذلك أن الجرائم الموجبة للعقوبة الجنائية محددة في قانون العقوبات والقوانين الأخرى حصراً ونوعاً, أما الأفعال المكونة للذنب الإداري والجريمة التأديبية فإنها ليست كذلك إذ مردها الإخلال بواجبات الوظيفة أو الخروج عن مقتضياتها وفي مكنة الجهة الإدارية, بل ومن السهولة, والحالة هذه, أن تطلب إحالة الموظف الذي ارتكب ذنباً إدارياً إلى المحاكمة التأديبية, ولعل هذا هو ما دعا المشرع إلى النص في المادة 106 على الإحالة إلى المحاكمة التأديبية فحسب باعتبارها أسهل طلباً وأوسع مجالاً. ولما كان المدعي قد تحقق له مركز قانوني أكسبه حقاً ذاتياً في اعتباره مرقى إلى الدرجة الخامسة اعتباراً من 2/ 9/ 1956 لأنه قضى ثلاثين سنة في ثلاث درجات متتالية طبقاً لنص المادة 40 مكرر من القانون رقم 210 لسنة 1951 قبل تعديلها, وذلك طبقاً لما جاء برد الوزارة على هذه الدعوى كما أنه لم يقم به مانع يزعزع مركزه القانوني المستقر حسبما سلف من الأسباب. وإذ كان المدعي قد قضى 31 سنة في أربع درجات متتالية قبل صدور القانون رقم 120 لسنة 1960 ومن ثم فإنه يعتبر مرقى إلى الدرجة التالية (الرابعة) من تاريخ صدور القانون المذكور أي في 26/ 3/ 1960 عملاً بأحكام المادة الثانية منه.
ومن حيث إن طعن وزارة الخزانة يقوم على أن الحكم المطعون فيه قد خالف وأخطأ في تطبيق وتأويل نص المادة 106 من قانون نظام موظفي الدولة. فهذا النص, في نظر تقرير الطعن, قد جاء عاماً ومطلقاً بحيث يشمل كل أنواع الترقية حتى تلك التي تتم وفقاً لأحكام المادة أربعين مكرراً من قانون التوظف. وكذلك ينعي تقرير الطعن على الحكم المطعون فيه أنه لم يأخذ في الاعتبار أن الحكم في الدعوى الجنائية قد يغني عن السير في الدعوى التأديبية في كثير من الأحيان, وأن الجهة الإدارية عندما تطلب من النيابة العامة رفع الدعوى الجنائية أو إخطارها بالمخالفات إنما تقرر في صراحة إحالة المتهم إلى المحاكمة التأديبية من باب أولى. وتأسيساً على ذلك يكون الحكم المطعون فيه قد أخطأ فيما ذهب إليه من أنه لا يجوز القياس بين الإحالة إلى المحاكمة التأديبية, والإحالة إلى المحاكمة الجنائية قولاً منه بأن النيابة العامة هي وحدها التي تملك تحريك وإقامة الدعوى الجنائية وخلص من ذلك تقرير الطعن إلى طلب القضاء بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى مع إلزام المطعون عليه بالمصروفات.
ومن حيث إن دفاع مصلحة الأموال المقررة, كما هو ثابت في مذكرتها المؤرخة 21 من مايو سنة 1961 والتي بعث بها السيد مديرها العام إلى السيد رئيس المحكمة الإدارية لوزارة الخزانة, ينحصر على وجه التحديد في أن المدعي كان مستحقاً للترقية إلى الدرجة الخامسة بصفة شخصية اعتباراً من 2/ 9/ 1956 لقضائه ثلاثين سنة في ثلاث درجات متتالية. إلا أنه نظراً لأن هذا الموظف سبق أن اتهم في قضية جنائية رقم 2181 لسنة 1956 بندر دمنهور في حادث اختلاس معاشات السلطة العسكرية, وأوقف عن العمل من 12/ 8/ 1956 وأن نيابة دمنهور قد أفادت بشهادة مؤرخة في 3/ 11/ 1959 وأن القضية رقم 2181 لسنة 1956 ما زالت تحت تصرفها ولم يستوف التحقيق فيها بعد, ولم يعط لها خط سيرها القانوني وبالتالي لم تقدم إلى غرفة الاتهام أو إلى محكمة الجنايات. ونظراً لأن الموظف المذكور لم يصدر ضده قرار اتهام بإحالته إلى المحاكمة التأديبية ونظراً لكل ذلك فقد تقرر إرجاء ترقية المدعي طبقاً للمادة 106 من قانون التوظف أخذاً بما ارتآه ديوان الموظفين.
ومن حيث إن ملف هذا الطعن وما انطوى عليه من ملفات خدمة المطعون عليه المودعة من قبل مصلحة الأموال المقررة وغيرها من مكاتبات إدارية وأوراق رسمية قد خلا من كافة التحقيقات المتعلقة بحادث اختلاس معاشات السلطة العسكرية موضوع القضية رقم 2181 لسنة 1956 بندر دمنهور. وليس في جماع هذه الأوراق أصل ولا صورة الكتاب الذي به طلبت مصلحة الأموال المقررة من نيابة دمنهور التحقيق مع المطعون عليه في حادث التلاعب والاختلاسات من معاشات السلطة العسكرية. وثابت من الملفات أن المحكمة الإدارية قد حاولت مراراً, ولكن دون جدوى, ضم أوراق تحقيق حادث ذلك التلاعب أو المكاتبات الإدارية المتبادلة حوله. وإنما في الأوراق - المستند رقم 312 من ملف خدمة المطعون عليه وهو الملف عام جزء أول - قرار السيد المدير العام بالنيابة لمصلحة الأموال المقررة صادر في 16 من أكتوبر سنة 1957 يفيد: رفع الإيقاف عن السيد/ يعقوب كامل يعقوب, رئيس القلم من الدرجة السادسة بمديرية البحيرة مع نقله إلى مديرية قنا. وجاء في ديباجة هذا القرار أنه صدر بعد الاطلاع على قرار المصلحة رقم (3 - 2/ 40) بإيقاف المذكور اعتباراً من 12/ 8/ 1957 لاتهامه في حادث اختلاس المعاشات العسكرية. وعلى قرار مجلس تأديب المصلحة الصادر بجلسة 14/ 10/ 1957 بإعادته إلى العمل مع التوصية بأن يحدد له عمل في منطقة بعيدة عن مديرية البحيرة التي كان يعمل بها, وأن يكون هذا العمل بعيداً عن الاتصال بالجمهور. وبعد الاطلاع على كتاب مديرية البحيرة رقم 1920 بتاريخ 28/ 9/ 1957 المتضمن أن النيابة العامة لا زالت مستمرة في إجراء تحقيق هذا الحادث. ومفاد ذلك أن قرار الوقف الصادر في 12 من أغسطس سنة 1957. قد انتهى أثره وزالت حالته ابتداء من 16 من أكتوبر سنة 1957. أما تحقيق النيابة العامة في الجناية رقم 2181 لسنة 1956 بندر دمنهور فلم يضم إلى ملف الدعوى ولا إلى ملف هذا الطعن رغم التقرير مراراً بضمه دون جدوى. بل إنه لم يعرف مآل هذا التحقيق وما انتهى إليه. ومع ذلك فقد أفادت نيابة دمنهور في 14 من فبراير سنة 1962 بأن الجناية رقم 2181 لسنة 1956 المتهم فيها يعقوب كامل يعقوب وآخرين لم يتم التصرف فيها بعد, وأن آخر تحقيق أجري فيها هو بتاريخ 13/ 10/ 1958 وأن الجهة الإدارية المختصة لم تطلب من النيابة العامة السير في محاكمة يعقوب كامل جنائياً. وفي 2/ 6/ 1963 رد السيد رئيس نيابة دمنهور بكتابه رقم 6599 على السيد مفوض الدولة أمام هذه المحكمة يقول: "بالإحالة إلى كتابكم رقم (4937) في 25/ 5/ 1963 والخاص بملف الطعن رقم 1431 لسنة 8 عليا باسم يعقوب كامل يعقوب. نفيد أن الجناية رقم 2181 لسنة 1956 جنايات بندر دمنهور لم يتم التصرف فيها بعد". وفي 10/ 9/ 1963 أرسلت نيابة دمنهور تقول "يبين من الاطلاع على الجناية رقم 2181 لسنة 1956 أنه لم يتم التصرف فيها بعد, وأن آخر تحقيق أجري هو 13/ 10/ 1958 وأن النيابة العامة لم توجه فيها اتهاماً بعد. كما وأن الجهة الإدارية المختصة لم تطلب من النيابة العامة السير في محاكمة المذكور جنائياً" وبالملف شهادة رسمية من نيابة بندر دمنهور عن نتيجة المضاهاة في الجناية رقم 2181 لسنة 1956 جنايات بندر دمنهور جاء فيها إنه بتاريخ 1/ 3/ 1958 ورد تقرير المضاهاة من مصلحة الطب الشرعي بالإسكندرية, قسم أبحاث التزييف والتزوير في أوراق الجناية رقم 2181 لسنة 1956 وجاء بنتيجة التقرير ما يلي "أن خط التوقيعات المنسوبة إلى عباس الكحكي, وهاشم شكر الواردة بإقرارات الحالة الاجتماعية السالفة الذكر موضوع البحث تختلف عن خط كل من عوض جرجس شحاته, ويعقوب كامل, بورقتي استكتابهما والأوراق المحررة بخطهما المرسلة للمضاهاة. توقيع الكيماوي الشرعي بالإسكندرية في 23/ 2/ 1958". ثم في 6/ 9/ 1964 شهادة أخرى من رئيس القلم الجنائي بنيابة دمنهور تفيد "نفيد بأن الجناية المذكورة لم يتم التصرف فيها بعد". وفي 22 من أكتوبر سنة 1964 بعث السيد رئيس نيابة دمنهور الكلية إلى السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة يفيد "أن قضايا سنة 1956 قد أرسلت للدشت". وحاصل هذه المكاتبات والتي لا يوجد في الأوراق ولا في دفاع المصلحة ما ينقضها أو يتعارض معها أن الجهة الإدارية لم تطلب من النيابة العامة السير في محاكمة المتهم جنائياً وأن أوراق القضية رقم 2181 لسنة 1956 ظلت واستمرت بين يدي نيابة دمنهور العامة من عام 1957 دون أن يتخذ فيها إجراء قانوني إلى أن أرسلت أوراقها للدشت في أكتوبر سنة 1964.
ومن حيث إن الجهة الإدارية الطاعنة - مصلحة الأموال المقررة - ولئن سلمت في دفاعها بأن المطعون عليه كان مستحقاً للترقية إلى الدرجات التالية للدرجة السادسة التي كانت يشغلها ترقيات بصفة شخصية اعتباراً من سبتمبر سنة 1956 لقضائه ثلاثين سنة في ثلاث درجات متتالية بالتطبيق لحكم المادة 40 مكرر من قانون نظام موظفي الدولة قبل تعديلها بالقانون رقم 120 لسنة 1960, ومن باب أولى بعد تعديلها بالقانون المذكور, إلا أنها - المصلحة الطاعنة - قررت إرجاء هذه الترقيات نزولاً على ما أشار به ديوان الموظفين بكتابه رقم (22 - 1/ 3 م 9) في 13/ 2/ 1960 - من تأويل لحكم المادة 106 من القانون رقم 210 لسنة 1951 وأكدت المصلحة المذكورة في صلب دفاعها بأن المدعي لم يصدر ضده قرار اتهام بإحالته إلى المحاكمة التأديبية.
تنص المادة 106 من قانون نظام موظفي الدولة رقم 210 لسنة 1951 تنص على أنه لا يجوز ترقية موظف محال إلى المحاكمة التأديبية أو موقوف عن العمل في مدة الإحالة أو الوقف. وفي هذه الحالة يسري حكم المادة 104 فإذا استطالت المحاكمة لأكثر من سنة, وثبتت عدم إدانة الموظف وجب عند ترقيته احتساب أقدميته في الدرجة المرقى إليها من التاريخ الذي كانت تتم فيه لو لم يحل إلى المحاكمة التأديبية وجاءت المادة 70 من القانون رقم 46 لسنة 1964 بإصدار قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة تنص على أنه "ولا تجوز ترقية عامل محال إلى المحاكمة التأديبية أو المحاكمة الجنائية أو موقوف عن العمل في مدة الإحالة أو الوقوف, وفي هذه الحالة تحجز للعامل الدرجة..." فواضح من مقابلة ومقارنة عبارات هذين النصين: القديم, والمستحدث أن المشروع إنما نهى مؤقتاً عن ترقية موظف أو عامل يكون في أي من الوضعين:
( أ ) محالاً إلى المحاكمة, سواء كانت تأديبية أم جنائية.
(ب) أو موقوفاً عن العمل وغني عن البيان أن الإحالة إلى المحاكمة إنما هي إجراء قانوني يتم بصدور قرار الإحالة من الجهة التي ناط بها القانون ذلك الإجراء. ففي المحاكمة التأديبية إنما هي النيابة الإدارية التي تصدر قرار الإحالة منذ صدور القانون رقم 117 لسنة 1958 في 11 من أغسطس سنة 1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية. والنيابة الإدارية سواء كانت قد أقامت الدعوى مختارة أم أقامتها ملزمة بناء على طلب الجهة الإدارية أو الجهاز المركزي للمحاسبات فهي وحدها التي تقيم الدعوى وتتولى الادعاء, وهى وحدها التي تحمل أمانة الدعوى التأديبية أمام المحكمة فالمادة 2 من القانون رقم 117 لسنة 1958 تنص على أن تتولى النيابة الإدارية مباشرة الدعوى التأديبية أمام المحاكم التأديبية بالنسبة إلى الموظفين والمادة 22 من القانون المذكور تقرر أن يتولى الادعاء أمام المحاكم التأديبية أحد أعضاء النيابة الإدارية. والمادة 23 منه تقضي بأن: "ترفع الدعوى التأديبية من النيابة الإدارية بإيداع أوراق التحقيق وقرار الإحالة لسكرتيرية المحكمة المختصة. ويتضمن قرار الإحالة بياناً بالمخالفات المنسوبة إلى الموظف..." وأشارت المذكرة الإيضاحية لهذا القانون إلى اختصاص النيابة الإدارية بمباشرة الدعوى التأديبية في كل الأحوال التي تحال فيها الدعوى إلى المحكمة لما في ذلك من سرعة السير بالدعوى وإيضاح جوانبها بواسطة الجهة التي تولت فحصها وتحقيقها. فالنيابة الإدارية بأمر صريح من الشارع هي التي تصدر قرار الإحالة ويتضمن هذا القرار اتهامات محددة تنسبها النيابة إلى موظف أو عامل معين بذاته, وتطلب من المحكمة مؤاخذته عنها. وتعتبر الدعوى التأديبية مرفوعة بإيداع قرار الإحالة وأوراق التحقيق سكرتيرية المحكمة. ومتى تم الإيداع تعلق اختصاص المحكمة بنظر الدعوى. واقتضى ذلك ألا تترتب آثار الإحالة إلى المحاكمة التأديبية, ومنها عدم جواز الترقية (م 106 قانون 210 لسنة 1951 أو مادة 70 قانون 46 لسنة 1964) إذا كان الموظف أو العامل يدور في فلك التحقيق ولم يخرج عن مرحلته. أما قبل صدور القانون رقم 117 لسنة 1958 فقد كان قرار الإحالة يصدر كقاعدة عامة, من الجهة الإدارية مستهدفاً الإحالة إلى مجلس التأديب. وبالنسبة إلى مجالس التأديب التي لا تزال قائمة فيعتبر العامل الذي يخضع لاختصاصها محالاً إلى المحاكمة بصدور قرار الإحالة من السلطة المختصة قانوناً بذلك.. وذلك ما تنطوي عليه قانوناً الإحالة إلى المحاكمة التأديبية.
وفي المحاكمة الجنائية, يوجد مدلول قانوني دقيق خاص لاصطلاح "محال إليها" تحدده القواعد الراسخة المستقرة في قانون الإجراءات الجنائية. حاصلها أن الإحالة إلى المحاكمة الجنائية تتم بصدور أمر الإحالة من قاضي التحقيق أو من مستشار الإحالة أو تتم بتكليف المتهم بالحضور أمام المحكمة المختصة من قبل النيابة العامة أو المدعي بالحق المدني. وإذ كان الثابت بالأوراق أن شيئاً من ذلك لم يتم في شأن المطعون عليه بل أفادت نيابة دمنهور السيد مفوض الدولة في الطعن الراهن بأن الجهة الإدارية لم تطلب السير في محاكمة المطعون عليه جنائياً وأن الأمر لم يعد إجراء تحقيق قامت به النيابة العامة في شكوى بعثت بها إليها الجهة الإدارية منذ عام 1956 واستطال أمره دون تصرف فيه أو اتخاذ قرار بشأنه وكان آخر كتاب من نيابة دمنهور إلى السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة في 22 من أكتوبر سنة 1964 صريح في عبارته "أن قضايا سنة 1956 قد أرسلت للدشت". فلا يمكن والحالة هذه، اعتبار المطعون عليه (محال إلى المحاكمة الجنائية". وهو يخرج ولا شك من مجال تطبيق حكم المادة 106 من قانون رقم 210 لسنة 1951 بعد إذ أكدت مصلحة الأموال المقررة أن حالة وقفه عن العمل, والتي لم تستمر بشأنه لفترة أكثر من شهرين, قد زايلته بصدور قرار السيد رئيس المصلحة في 16 من أكتوبر سنة 1957.
وإذ قضى الحكم المطعون فيه بأحقية المطعون عليه في تسوية حالته في الدرجة الخامسة اعتباراً من 2/ 9/ 1956 وفي الدرجة الرابعة اعتباراً من 26/ 3/ 1960 - عملاً بأحكام المادة 40 مكرر من القانون رقم 210 لسنة 1951 مع ما يترتب على ذلك من آثار فإنه بذلك يكون قد أصاب وجه الحق فيما انتهى إليه, ويكون الطعن فيه والحالة هذه, قد قام على غير أساس سليم من القانون متعيناً رفضه.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وألزمت الحكومة المصروفات.