الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 13 نوفمبر 2023

الطعن 2855 لسنة 80 ق جلسة 17 / 4 / 2018

باسم الشعب
محكمة النقض
الدائرة العمالية

برئاسة السيد المستشار / عاطف الأعصر نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين /محمد عبد الظاهر ، أحمد عبد الحميد البدوى وحبشى راجى حبشى و خالد بيومى نواب رئيس المحكمة

ورئيس النيابة السيد / أحمد محمد .
وأمين السر السيد / رامى أحمد.
فى الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالى بمدينة القاهرة .
فى يوم الثلاثاء 1 من شعبان سنة 1439ه الموافق 17 من إبريل سنة 2018 م .
أصدرت الحكم الآتى :
فى الطعن المقيد فى جدول المحكمة برقم 2855 لسنة 80 القضائية .
----------------

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر/
محمد عبد الظاهر " نائب رئيس المحكمة " والمرافعة وبعد المداولة .
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية
وحيث إن الوقائع  على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل فى أن الطاعنة أقامت الدعوى رقم 464 لسنة 2005 عمال شمال القاهرة الابتدائية على المطعون ضدها - الشركة المصرية لنقل الكهرباء - بطلب الحكم بضم مدة خدمتها العامة وما يترتب على ذلك من آثار ، وقالت بياناً لها إنها عينت بالديوان العام لوزارة الكهرباء بتاريخ 30/6/1989 ثم انتقلت إلى الشركة المطعون ضدها ولم تضم لها مدة الخدمة العامة إلى مدة خدمتها فأقامت الدعوى ، ندبت المحكمة خبيراً وبعد أن أودع تقريره حكمت بأحقية الطاعنة فى تسوية حالتها بضم مدة خدمتها العامة . استأنفت المطعون ضدها هذا الحكم بالاستئناف رقم 524 لسنة 12 ق القاهرة وبتاريخ 23/12/2009 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبسقوط حق الطاعنة فى إقامة الدعوى بالتقادم الطويل . طعنت الطاعنة فى هذا الحكم بطريق النقض وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى بنقضه ، عرض الطعن على المحكمة - فى غرفة مشورة - فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها .
وحيث إن الطعن أقيم على سببين تنعى الطاعنة بالسبب الثانى منهما على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون ، ذلك أنه فصل فى النزاع حال كون القضاء العادى غير مختص بنظره إذ إنها عينت ابتداءً لدى هيئة كهرباء مصر وهى هيئة عامة فتعتبر علاقتها بها علاقة تنظيمية بوصف إنها من الموظفين العموميين ، مما يجعل الاختصاص بنظر المنازعة الراهنة من اختصاص القضاء الإدارى دون القضاء العادى وإذ لم يفطن الحكم إلى هذا الأمر ومضى فى نظر الدعوى فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعى غير سديد ذلك أنه من المقرر - فى قضاء هذه المحكمة - أن هيئة كهرباء مصر قد تحولت إلى شركة مساهمة مصرية بموجب أحكام القانون رقم 164 لسنة 2000 المعمول به من 1/7/2000 وأصبح العاملون بها من عداد الأشخاص الخاصة وينطبق عليهم أحكام قانون العمل فيما لم يرد بشأنه نص خاص فى لوائح شركاتهم المنقولين إليها ويستتبع ذلك أنه يترتب على نقل العامل إنهاء خدمته بالجهة المنقول منها وزوال ولايتها عليه فى شأن إصدار أي قرار يتعلق بحالته العملية وانتقال هذه الولاية إلى الشركة المنقول إليها فتنظر فى أمر مظلمته بمراعاة البيانات الواردة بملف خدمته وذلك كله تحت رقابة من القضاء لمنع التعسف فى استعمال الحق وترتيباً على ذلك فإن الدعاوى التي ترفع من العاملين بالشركة المطعون ضدها اعتباراً من تاريخ سريان القانون المشار إليه فى 1/7/2000 تكون من اختصاص جهة القضاء العادى دون القضاء الإدارى وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإن ما أثير على خلاف ذلك يكون على غير أساس .
وحيث إن الطاعنة تنعى السبب الأول على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وفى بيان ذلك تقول إن الحكم قضى بسقوط حقها فى إقامة الدعوى بطلب ضم مدة خدمتها العامة بالتقادم الطويل فى حين أنها تعمل لدى المطعون ضدها ومن قبلها هيئة كهرباء مصر منذ 30/6/1989 ولا تزال تعمل لديها ولم تنته خدمتها بعد وقد طالبت المطعون ضدها ومن قبلها الهيئة المذكورة بضم مدة خدمتها العامة كتابياً ومنذ بدء تعيينها إلا أنها لم تستجب فأقامت الدعوى دون أن تتجاوز فى ذلك مواعيد السقوط المقررة قانوناً وهو ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعى فى محله ذلك أنه من الأصول المقررة أن من خصائص عقد العمل الفردى الدائم - فى الغالب الأعم - أنه من العقود المستمرة أي يستمر فى تنفيذه فترة من الزمن بما مؤداه أن حقوق العامل المترتبة على هذا العقد من حقوق مالية وترقيات وتسويات تستمر معه ويبقى متمتعاً بها طوال فترة عمله وحتى انتهاء خدمته بكل ما يطرأ عليها من تغيير أو تعديل ويحق له بالتالى أن يطالب بها فى أي وقت طالما بقى فى الخدمة ولا تسقط عنه بمضى مدة الخمس عشرة سنه المنصوص عليها فى المادة 374 من القانون المدنى وإن كانت تسقط عنه الفروق المالية المترتبة على ذلك بخمس سنوات إعمالاً للمادة 375 من القانون ذاته وذلك لحكمة ارتأها المشرع وهى عدم تراكم الديون على المدين بما ينوء به حملها فضلاً عن استقرار المعاملات . لما كان ذلك ، وكان الثابت بالأوراق - وبما لا خلاف عليه بين الطرفين أن الطاعنة عملت ابتداءً لدى هيئة كهرباء مصر قبل تحولها إلى شركة مساهمة وأسند إليها عمل دائم بتاريخ 30/6/1989 وأرجعت أقدميتها بصفة اعتبارية إلى 4/12/1985 يعد ضم مدة خدمتها المؤقتة وأن علاقة العمل تلك نقلت لاحقاً إلى الشركة المطعون ضدها ولا زالت قائمة بينهما ذلك أن الطاعنة من مواليد 16/6/1960 ولم تبلغ سن المعاش بعد وكان طلبها ضم مده خدمتها العامة من وقت تعيينها يترتب عليه إن كان حقا لها حقوقا تستمر معها طوال فترة عملها وحتى انتهاء خدمتها ومن ثم فإن هذا الطلب يعد من الحقوق المستمرة ولا يسقط بالتقادم الطويل طالما أن علاقة العمل ما زالت مستمرة وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بسقوط حق الطاعنة فى إقامة الدعوى بالتقادم الطويل فإنه يكون قد خالف القانون وقد حجبه هذا الخطأ عن بحث مدى توافر شروط ضم مدة الخدمة العامة للطاعنة إلى مدة خدمتها لدى المطعون ضدها وقت تعيينها فى 30/6/1989 فإنه يكون مشوباً أيضاً بالقصور فى التسبيب مما يوجب نقضه .
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه ولما تقدم وكانت الطاعنة قد استوفت شروط طلب ضم مدة الخدمة العامة وخلت الأوراق من وجود دليل على قيد الزميل وهو ما لا تنازعها فيه المطعون ضدها الأمر الذى يتعين معه تأييد الحكم المستأنف .
لذلك
نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه ، وألزمت المطعون ضدها المصروفات ومائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة وحكمت فى موضوع الاستئناف رقم 524 لسنة 12 ق القاهرة برفضه وتأييد الحكم المستأنف وألزمت المستأنفة الشركة المصرية لنقل الكهرباء مصروفات الاستئناف ومائة جنيه مقابل أتعاب المحاماة .

السبت، 11 نوفمبر 2023

الطعن 669 لسنة 92 ق جلسة 5 / 12 / 2022

باسم الشعب
محكمة النقض
الدائرة المدنية
دائرة الاثنين ( د ) المدنية
برئاسة السيد القاضي/ مجدي مصطفى نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ وائل رفاعي ، عصام توفيق ، رفعت هيبة و محمد راضي ، نواب رئيس المحكمة وحضور رئيس النيابة السيد/ أحمد عماد عكاشة. وأمين السر السيد/ عادل الحسيني إبراهيم.

في الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة، بدار القضاء العالي، بمدينة القاهرة.
في يوم الاثنين 11 من جمادي الأول سنة 1444 ه الموافق 5 من ديسمبر سنة 2022م.
أصدرت الحكم الآتي:
في الطعن المقيد في جدول المحكمة برقم 669 لسنة 92 ق.

المرفوع من
...........المقيمة/ ..... - قسم الرمل أول - محافظة الإسكندرية. حضر عنها الأستاذ/ ..... (المحامي).
ضد
............المقيمين / .......... - قسم المنتزة - محافظة الإسكندرية. لم يحضر أحد عنهما بالجلسة.

---------------

" الوقائع "

في يوم 12/1/2022م طُعن بطريق النقض في حكم محكمة استئناف الإسكندرية الصادر بتاريخ 10/11/2021م في الاستئناف رقم 4004 لسنة 77 ق، وذلك بصحيفة طلبت فيها الطاعنُة الحكم بقبول الطعن شكلًا وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه والإحالة.
وفي نفس اليوم أودعت الطاعنة مذكرة شارحة.
ثم أودعت النيابة مذكرتها أبدت فيها الرأي بقبول الطعن شكلًا وفي الموضوع برفضه.
وبجلسة 17/10/2022م عُرض الطعنُ على المحكمة، في غرفة مشورة، فرأت أنه جديرٌ بالنظر، فحددت لنظره جلسة 5/12/2022م وبها سُمع الطعنُ أمام هذه الدائرة، على ما هو مبينٌ بمحضر الجلسة، حيث صمم كلٌ من محامي الطاعنة والنيابة العامة كلٌ على ما جاء بمذكرته، والمحكمة أصدرت حكمها بذات الجلسة.
--------------

" المحكمة "

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر/ محمد راضي نائب رئيس المحكمة والمرافعة وبعد المداولة.
حَيْثُ إنَّ الطَّعْنَ اسْتَوْفَى أَوْضَاعَهُ الْشَّكْلِيَّةَ.
وحَيْثُ إنَّ الوقائعَ - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدها الأولى أقامت على المطعون ضده الثاني الدعوى رقم 995 لسنة 2020 مدني كلي الإسكندرية بطلب الحكم بفسخ عقد الإيجار المؤرخ 20/12/2014 وطرده من العين المؤجرة المبينة بالصحيفة، وإلزامه بأن يؤدي لها مبلغًا قدره 12000 جنيه قيمة الأجرة المستحقة عليه عن المدة من 1/3/2020 حتى 30/6/2020، وقالت بيانًا لدعواها إنه بموجب عقد الإيجار المذكور استأجر منها المطعون ضده الثاني شقة التداعي، إلا أنه امتنع عن سداد الأجرة عن الفترة سالفة البيان رغم إنذاره بالوفاء بها، بما يتحقق معه الشرط الصريح الفاسخ الوارد بالعقد، ومن ثم كانت دعواها، تدخلت الطاعنة هجوميًا في الدعوى بطلب الحكم بصورية عقد الإيجار موضوع الدعوى واعتباره كأن لم يكن، على سند من أنها زوجة المطعون ضده الثاني المالك الحقيقي لشقة التداعي التي أقامت معه فيها مع أبنائها الثلاثة منه والصادر بشأنها قرار النيابة العامة في المحضر رقم 5639 لسنة 2020 إداري رمل أول بتمكينها منها باعتبارها مسكن الزوجية، إلا أنه تواطأ مع والدته المطعون ضدها الأولى بأن اصطنعا عقد الإيجار موضوع الدعوى بغرض طردها وأولادها من تلك الشقة، حكمت بعدم قبول التدخل - لانتفاء الصفة - وفي موضوع الدعوى بفسخ عقد الإيجار والتسليم وما قدرته من أجرة متأخرة، استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 4004 لسنة 77 ق الإسكندرية , وبتاريخ 10/11/2021 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفضه، وإذ عُرض الطعنُ على المحكمة، في غرفة مشورة، فقررت استبعاد الوجه الأول من السبب الثاني، وحددت جلسة لنظر باقي الأسباب، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحَيْثُ إنَّ الطاعنة تنعى بباقي أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب ومخالفة الثابت بالأوراق والخطأ في تطبيق القانون، إذ قضى الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه بعدم قبول تدخلها لانتفاء الصفة، في حين أنها تعتبر من الغير بالنسبة لعقد الإيجار موضوع التداعي وأنه يضر بها وبمحضونيها - أبنائها من المطعون ضده الثاني - إذ إن حقهم في الاستمرار في شغل شقة التداعي مصدره المباشر نص القانون في المادة 18 مكررًا ثالثًا من القانون 25 لسنة 1920 المضافة بالقانون رقم 100 لسنة 1985 بما يحق لها بصفتها حاضنة التمسك بصورية ذلك العقد الذي تواطأ المطعون ضده الثاني - المالك الحقيقي للشقة - مع المطعون ضدها الأولى على اصطناعه بغرض طردها ومحضونيها منها، وأنها قدمت أمام محكمة الموضوع كافة المستندات التي تؤيد ذلك، مما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
وَحَيْثُ إنَّ هذا النعي في محله؛ ذلك بأنه لما كان النص في المادة 18 مكررًا ثالثًا من القانون رقم 25 لسنة 1929 المعدل بالقانون رقم 100 لسنة 1985 على أنه على الزوج المطلق أن يهيئ لصغاره من مطلقته ولحاضنتهم المسكن المستقل المناسب، فإذا لم يفعل خلال فترة العدة، استمروا في شغل مسكن الزوجية دون المطلق مدة الحضانة. وإذا كان مسكن الزوجية غير مؤجر، كان من حق الزوج المطلق أن يستقل به إذا هيأ لهم المسكن المستقل المناسب بعد انقضاء العدة. ويخير القاضي الحاضنة بين الاستقلال بمسكن الزوجية، وبين أن يقدر لها أجر مسكن مناسب للمحضونين ولها .... يدل على أنه لما كانت نفقة الصغار بأنواعها وبالقدر اللازم منها لضمان كفايتهم على ضوء ما يليق بأمثالهم مسئولية الأب لا يشاركه فيها غيره ولا تسقط عنه ولو كان معسرًا مادام قادرًا على الكسب وإن امتنع عن أدائها حبس بخلاف سائر الديون، وكان هذا الالتزام على عاتق الأب من الأصول الثابتة شرعًا التي لا تحتمل الجدال أو التأويل باعتبار أن في إنفاقه على صغاره إحياءً لهم وفي إحيائهم إحياء لنفسه لتحقق الجزئية والعصبية، وكان توفير مسكن ملائم للصغار حقًا لهم على أبيهم لأنه جزء من نفقتهم، لذلك حرص المشرع على تأكيد وتنظيم هذا الحق بوصفه من الحاجات الضرورية التي لا غنى عنها اللازمة لصيانة وحفظ الصغار وذلك بالنص في المادة 18 مكررًا ثالثًا سالفة البيان على الضوابط التي تكفل لهم استيفاء ذلك الحق فأنشأ بهذا النص التزامًا تخييريًا وجعل الخيرة للزوج المطلق بين محلين أحدهما أن يهيئ لصغاره من مطلقته وحاضنتهم المسكن المستقل المناسب والثاني استمرارهم في شغل مسكن الزوجية دونه مدة الحضانة، فإذا أسقط الزوج المطلق خياره بعدم إعداد المسكن المناسب المستقل لصغاره وحاضنتهم انقلب ذلك الالتزام التخييري إلى التزام بسيط غير موصوف له محل واحد هو استقلال المطلقة الحاضنة مع صغارها بمسكن الزوجية مدة الحضانة متى طلبت ذلك، ولا يثبت لهم هذا الحق من تاريخ إسقاط الزوج المطلق لخياره بل من تاريخ الطلاق، ذلك أن ما يترتب على هذا الإسقاط من قصر محل الالتزام على الاستمرار في مسكن الزوجية يكون له أثر رجعي بحيث يعتبر الالتزام بسيطًا منذ نشوئه له محل واحد هو مسكن الزوجية لأن حق الخيار يعد بمثابة شرط واقف متى تحقق انصرف أثره إلى الماضي، وذلك الحق للصغار وحاضنتهم في الاستمرار في شغل مسكن الزوجية مصدره المباشر نص القانون في المادة 18 مكررًا ثالثًا سالفة البيان وهو من النصوص الآمرة المتعلقة بالنظام العام باعتبار أن الأحكام التي تنظم الأحوال الشخصية في مجموعها تتعلق بالنظام العام، لما للشخص ولأسرته من اتصال وثيق بكيان الجماعة ويهدف المشرع من تنظيم أحكامها تحقيق المصلحة العامة ومن أخص هذه الأحكام تلك التي تتعلق بالحقوق والواجبات التي تنشأ من الأبوة ومنها النفقة بمختلف أنواعها لأنها تستند إلى نصوص قاطعة في الشريعة الإسلامية فلا يجوز الاتفاق على مخالفتها أو التحايل عليها، ومن ثم لا يجوز للزوج المطلق التحايل على أحكام القانون بهدف إسقاط حق الصغار وحاضنتهم في شغل مسكن الزوجية مدة الحضانة بعد ثبوته لهم عن طريق التصرف بأي صورة للغير في هذا المسكن بغية التوصل إلى طردهم منه دون أن يوفر لهم المسكن المستقل المناسب، فإن هذا التصرف لا يسري ولا ينفذ في حق الصغار وحاضنتهم متى كان لاحقًا على ثبوت حقهم في شغل مسكن الزوجية، وكان المتصرف إليه يعلم وقت إبرام التصرف بهذا الحق لأنه يعد بمثابة اتفاق على مخالفة أحكام القانون الآمرة المتعلقة بالنظام العام، ويجوز إثبات ذلك التحايل بكافة طرق الإثبات بما فيها البينة والقرائن. لما كان ذلك، وكانت الطاعنة قد تدخلت في الدعوى على سند من أنها كانت تشغل والمطعون ضده الثاني وأبناؤها منه شقة النزاع المملوكة له كمسكن زوجية حتى قيامه بطردها فتحصلت على قرار من النيابة العامة - في المحضر رقم 5639 لسنة 2020 إداري رمل أول - بتمكينها من الشقة باعتبارها مسكن زوجية، ثم قضي بتطليقها منه للضرر بالحكم الصادر في الدعوى رقم 804 لسنة 2020 بتاريخ 21/12/2020، واستمرت إقامتها ومحضونيها بشقة النزاع بعد تطليقها حتى فوجئت بالدعوى الراهنة والمقامة من المطعون ضدها الأولى والدة المطعون ضده الثاني ضد ذلك الأخير بطلب طرده من الشقة لتخلفه عن سداد الأجرة وذلك بالتواطؤ فيما بينهما، مما حدا بها للتدخل في الدعوى دفاعًا عن حقها ومحضونيها في الاحتفاظ بإقامتهم بها كمسكن حضانة، وهو ما يوفر لها الصفة والمصلحة في التدخل في الدعوى، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر بأن قضى بعدم قبول التدخل لانعدام الصفة فإنه يكون معيبًا بمخالفة القانون مما حجبه عن بحث موضوع التدخل بما يوجب نقضه، على أن يكون مع النقض الإحالة.
لذلك
نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه وأحالت القضية إلى محكمة استئناف الإسكندرية، وألزمت المطعون ضدهما المصروفات، ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

الطعن 89 لسنة 21 ق جلسة 4 / 8 / 2001 دستورية عليا مكتب فني 9 دستورية ق 128 ص 1055

جلسة 4 أغسطس سنة 2001

برئاسة السيد المستشار/ محمد ولي الدين جلال - رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: حمدي محمد علي وعبد الرحمن نصير وماهر البحيري ومحمد علي سيف الدين وعدلي محمود منصور ومحمد عبد القادر عبد الله، وحضور السيد المستشار/ سعيد مرعي عمرو - رئيس هيئة المفوضين، وحضور السيد/ ناصر إمام محمد حسن - أمين السر.

-----------------

قاعدة رقم (128)
القضية رقم 89 لسنة 21 قضائية "دستورية"

1 - دعوى دستورية "نطاقها - المصلحة الشخصية المباشرة: مناطها".
يتحدد نطاق الدعوى الدستورية بنطاق الدفع بعدم الدستورية المثار أمام محكمة الموضوع في الحدود التي تقدر فيها جديته - مناط المصلحة الشخصية المباشرة في الدعوى الدستورية هو ارتباطها عقلاً بالمصلحة التي يقوم بها النزاع الموضوعي، بأن يكون الحكم في المسألة الدستورية لازماً للفصل في الطلبات الموضوعية المرتبطة بها - تطبيق ذلك: إذا كان النزاع الموضوعي يدور حول الاختصاص بالطعن بالإلغاء في القرار النهائي الصادر من مجلس الكلية الحربية بفصل ابن المدعي من الكلية الحربية والمصدق عليه من وزير الدفاع؛ فإن نطاق الدعوى الدستورية يغدو منحصراً فيما تضمنه نص المادة (1) من القانون رقم 99 لسنة 1983 بشأن الطعن في قرارات مجالس الكليات والمعاهد العسكرية المعدة لتخريج ضباط القوات المسلحة، من عقد الاختصاص للجنة ضباط القوات المسلحة بصفة هيئة قضائية بالمنازعات الإدارية الناشئة عن القرارات التأديبية الانضباطية النهائية المصدق عليها من وزير الدفاع والتي تصدرها مجالس الكليات العسكرية.
2 - لجنة ضباط القوات المسلحة منعقدة بصفة هيئة قضائية "اختصاصها: حدوده".
سبق القضاء بعدم دستورية نص المادة (1) من القانون رقم 99 لسنة 1983 المشار إليه فيما تضمنه من إطلاق اختصاص اللجنة المذكورة دون غيرها بالنظر في المنازعات الإدارية الخاصة بالقرارات النهائية المصدق عليها من وزير الدفاع التي تصدرها مجالس المعاهد العسكرية المعدة لتخريج الضباط العاملين بالقوات المسلحة في شأن الطلاب المقيدين بها؛ لازم ذلك: أن القرارات التأديبية النهائية الصادرة في شأن هؤلاء الطلاب ينعقد الاختصاص بالطعن عليها للجنة ضباط القوات المسلحة المنعقدة بصفة هيئة قضائية دون غيرها؛ أساس ذلك: تفويض المادة 183 من الدستور للمشرع تنظيم القضاء العسكري وبيان اختصاصاته في حدود المبادئ الواردة في الدستور.

---------------
1 - يتحدد نطاق الدعوى الدستورية - على ما جرى به قضاء المحكمة الدستورية العليا - بنطاق الدفع بعدم الدستورية المثار أمام محكمة الموضوع، وبالقدر وفي الحدود التي تقدر فيها جديته؛ وكان مناط المصلحة الشخصية المباشرة - بحسبانها شرطاً لقبول الدعوى الدستورية - هو ارتباطها عقلاً بالمصلحة التي يقوم بها النزاع الموضوعي، وذلك بأن يكون الحكم في المسألة الدستورية لازماً للفصل في الطلبات الموضوعية المرتبطة بها؛ وكانت رحى النزاع الموضوعي تدور حول الاختصاص بالطعن بالإلغاء في القرار النهائي الصادر من مجلس الكلية الحربية رقم 37 لسنة 1998 بتاريخ 28/ 6/ 1998 بفصل ابن المدعي من الكلية الحربية والمصدق عليه من وزير الدفاع بتاريخ 7/ 7/ 1998، فإن النصوص التي نظم بها المشرع طريق الطعن في هذا القرار، والجهة القضائية المختصة بنظره، هي التي تحدد الدعوى الدستورية نطاقها، وفي الحدود التي تضمنها الدفع بعدم الدستورية المطروح على محكمة الموضوع والتصريح الصادر من تلك المحكمة برفع الدعوى الدستورية؛ متى كان ذلك، وكان المدعي قد ضمن صحيفة دعواه الطعن على نصوص المواد 1 و3 و4 من القانون رقم 71 لسنة 1975 بتنظيم وتحديد اختصاصات اللجان القضائية لضباط القوات المسلحة، وهي مواد يشملها دفعه أمام محكمة الموضوع، فإن نطاق الدعوى الماثلة لا يمتد إليها لانتفاء اتصالها بهذه المحكمة وفقاً للأوضاع المنصوص عليها في قانونها، كما لا يمتد أيضاً إلى نصوص المواد 54 و55 و 57 و58 و59 من قانون الأحكام العسكرية الصادر بالقانون رقم 25 لسنة 1966، ولا إلى نص المادة 2 من القانون رقم 99 لسنة 1983 بشأن الطعن في قرارات مجالس الكليات والمعاهد العسكرية المعدة لتخريج ضباط القوات المسلحة، إذ لا يستلزم الفصل في مسألة الاختصاص بالطعن المثار في الدعوى الموضوعية بحث دستورية تلك المواد؛ الأمر الذي يتعين معه القضاء بعدم قبول الدعوى بالنسبة للنصوص المتقدمة؛ ليغدو نطاقها منحصراً فيما تضمنه نص المادة (1) من القانون رقم 99 لسنة 1983 المشار إليه من عقد الاختصاص للجنة ضباط القوات المسلحة بصفة هيئة قضائية بالمناعات الإدارية الناشئة عن القرارات التأديبية الانضباطية النهائية المصدق عليها من وزير الدفع والتي تصدرها مجالس الكليات العسكري.
(2) سبق لهذه المحكمة أن قضت بجلستها المعقودة في 9 سبتمبر سنة 2000 في الدعوى رقم 224 لسنة 19 قضائية "دستورية" بعد دستورية نص المادة (1) من القانون رقم 99 لسنة 1983 فيما تضمنه من إطلاق اختصاص لجنة ضباط القوات المسلحة المنعقدة بصفة هيئة قضائية دون غيرها بالنظر في المنازعات الإدارية الخاصة بالقرارات النهائية المصدق عليها من وزير الدفاع التي تصدرها مجالس المعاهد العسكرية المعدة لتخريج الضباط العاملين بالقوات المسلحة في شأن الطلاب المقيدين بها. وأقامت المحكمة قضاءها هذا على نظر حاصلة أن النص الطعين - فيما جاوز القرارات الإدارية الصادرة في الشئون الانضباطية لهؤلاء الطلاب - قد خالف أحكام المواد (40، 65، 68، 165، 172) من الدستور. ولازم ذلك أن القرارات التأديبية النهائية الصادرة في شئون الطلاب المقيدين بالمعاهد العسكرية المعدة لتخريج الضباط العاملين بالقوات المسلحة، ينعقد الاختصاص بالطعن عليها للجنة ضباط القوات المسلحة المنعقدة بصفة هيئة قضائية دون غيرها، بحسبانها من الشئون الانضباطية، تطبيقاً للمادة 183 من الدستور الذي فوض بمقتضاها المشرع في تنظيم القضاء العسكري وبيان اختصاصاته، طالما كان ذلك في حدود المبادئ الواردة في الدستور، وعلى الأخص ما تعلق منها بمبدأ المساواة، وخضوع الدولة للقانون، وكفالة حق التقاضي وحصانته واستقلال السلطة القضائية بسائر هيئاتها، ومن بينها، مجلس الدولة بوصفه قاضي القانون العام. وإذ كان إسناد هذا الاختصاص إلى تلك اللجنة غير مجاوز حدود التفويض الدستوري المشار إليه، فإن النص الطعين لا يكون مخالفاً للدستور في هذا النطاق، وهو ما ينطبق في مجال إعماله على الطلاب المقيدين بالكليات العسكرية المعدة لتخريج الضباط العاملين بالقوات المسلحة سواء بسواء. يعزز ما تقدم ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة، من أن الدستور لا يحول دون أن يعهد المشرع بالفصل في الدعوى التأديبية في مجال العمل القضائي، إلى هيئة ذات اختصاص قضائي، ويصدق ذلك على المنازعات الإدارية التي تنشأ عن القرارات التأديبية الانضباطية النهائية المصدق عليها من وزير الدفاع التي تصدرها مجالس الكليات العسكرية، نظراً لطبيعة الأوضاع بالقوات المسلحة، وملاءمة وضع المنازعات الإدارية الخاصة بالشئون الانضباطية للطلاب المقيدين بهذه الكليات بيد أسرتهم العسكرية بحكم بصرها بدقائق هذه الشئون، وإحاطتها بخباياها، ومن ثم يغدو النص الطعين - في النطاق المتقدم ذكره - غير مخالف لأحكام الدستور.


الإجراءات

بتاريخ الخامس عشر من مايو سنة 1999 أودع المدعي صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة طلباً للحكم بعدم دستورية نصوص المواد 54 و55 و57 و58 و59 من قانون الأحكام العسكرية الصادر بالقانون رقم 25 لسنة 1966، ونص المادتين 1 و2 من القانون رقم 99 لسنة 1983 بشأن الطعن في قرارات مجالس الكليات والمعاهد العسكرية المعدة لتخريج ضباط القوات المسلحة، والمواد 1 و3 و14 من القانون رقم 71 لسنة 1975 بتنظيم وتحديد اختصاصات اللجان القضائية لضباط القوات المسلحة.
وقدمت هيئة قضايا الدولة، مذكرة طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - تتحصل في أن الكلية الحربية كانت قد أصدرت قراراً بفصل ابن الطاعن - الطالب بالكلية - لأنه سلك سلوكاً مضراً بمقتضيات النظام العسكري لتعمده ذكر بيانات مخالفة للحقيقة بوثيقتي التعارف اللتين تقدم بهما للكلية بأن أغفل ذكر بعض أشقائه وعددهم تسعة وكذلك اثنين من أعمامه والقضايا التي اتهما فيها والتي صدرت فيها أحكام نهائية ضدهما مما ترتب عليه قبوله بالكلية الحربية واستمراره فيها بطريق الغش، فأقام المدعي الدعوى رقم 9028 لسنة 52 قضائية أمام محكمة القضاء الإداري "دائرة منازعات الأفراد والهيئات"، طلب فيها الحكم بوقف تنفيذ القرار السلبي بامتناع الكلية الحربية عن تمكين ابنه من مواصلة الدراسة بها، وبعدم إعلان نتيجته عن العام 1997/ 1998 وبوقف تنفيذ قرار مجلس الكلية الحربية المصدق عليه من وزير الدفاع بتاريخ 7/ 7/ 1998 وبتمكينه من العودة إلى الدراسة في أقدميته، وفي الموضوع بإلغاء القرارين سالفي البيان، مع ما يترتب على ذلك من آثار. وأثناء نظر طلب وقف التنفيذ دفع المدعي بعدم دستورية نصوص القانون رقم 25 لسنة 1966 ونص المادتين 1 و2 من القانون رقم 99 لسنة 1983 المشار إليهما، وإذ قدرت محكمة الموضوع جدية هذا الدفع، وصرحت للمدعي بإقامة الدعوى الدستورية، فقد أقام الدعوى الماثلة.
وحيث إن نطاق الدعوى الدستورية يتحدد - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - بنطاق الدفع بعدم الدستورية المثار أمام محكمة الموضوع، وبالقدر وفي الحدود التي تقدر فيها جديته، وكان مناط المصلحة الشخصية المباشرة - بحسبانها شرطاً لقبول الدعوى الدستورية - هو ارتباطها عقلاً بالمصلحة التي يقوم بها النزاع الموضوعي، وذلك بأن يكون الحكم في المسألة الدستورية لازماً للفصل في الطلبات الموضوعية المرتبطة بها؛ وكانت رحى النزاع الموضوعي تدور حول الاختصاص بالطعن بالإلغاء في القرار النهائي الصادر من مجلس الكلية الحربية رقم 37 لسنة 1998 بتاريخ 28/ 6/ 1998 بفصل ابن المدعي من الكلية الحربية والمصدق عليه من وزير الدفاع بتاريخ 7/ 7/ 1998، فإن النصوص التي نظم بها المشرع طريق الطعن في هذا القرار، والجهة القضائية المختصة بنظره، هي التي تحدد للدعوى الدستورية نطاقها، وفي الحدود التي تضمنها الدفع بعدم الدستورية المطروح على محكمة الموضوع والتصريح الصادر من تلك المحكمة برفع الدعوى الدستورية؛ متى كان ذلك، وكان المدعي قد ضمن صحيفة دعواه الطعن على نصوص المواد 1 و3 و4 من القانون رقم 71 لسنة 1975 بتنظيم وتحديد اختصاصات اللجان القضائية لضباط القوات المسلحة، وهي مواد يشملها دفعه أمام محكمة الموضوع، فإن نطاق الدعوى الماثلة لا يمتد إليها لانتفاء اتصالها بهذه المحكمة وفقاً للأوضاع المنصوص عليها في قانونها، كما لا يمتد أيضاً إلى نصوص المواد 54 و55 و57 و58 و59 من قانون الأحكام العسكرية الصادر بالقانون رقم 25 لسنة 1966، ولا إلى نص المادة 2 من القانون رقم 99 لسنة 1983 بشأن الطعن في قرارات مجالس الكليات والمعاهد العسكرية المعدة لتخريج ضباط القوات المسلحة، إذ لا يستلزم الفصل في مسألة الاختصاص بالطعن المثار في الدعوى الموضوعية بحث دستورية تلك المواد؛ الأمر الذي يتعين معه القضاء بعدم قبول الدعوى بالنسبة للنصوص المتقدمة؛ ليغدو نطاقها منحصراً فيما تضمنه نص المادة (1) من القانون رقم 99 لسنة 1983 المشار إليه من عقد الاختصاص للجنة ضباط القوات المسلحة بصفة هيئة قضائية بالمنازعات الإدارية الناشئة عن القرارات التأديبية الانضباطية النهائية المصدق عليها من وزير الدفاع والتي تصدرها مجالس الكليات العسكري.
وحيث إن المادة (1) من القانون رقم 99 لسنة 1983 - المطعون فيها - تنص على أن تختص لجنة ضباط القوات المسلحة المنعقدة بصفة هيئة قضائية دون غيرها بالنظر في المنازعات الإدارية الخاصة بالقرارات النهائية المصدق عليها من وزير الدفاع والتي تصدرها مجالس الكليات والمعاهد العسكرية لتخريج الضباط العاملين بالقوات المسلحة. والبين من المذكرة الإيضاحية المرافقة لهذا القانون، أن المشرع آثر - توحيداً للأحكام والقواعد والإجراءات التي تسري على الطعون في القرارات الصادرة في القوات المسلحة - أن يعهد بنظر المنازعات الإدارية الناشئة عن القرارات النهائية المصدق عليها من وزير الدفاع التي تصدرها مجالس الكليات أو المعاهد العسكرية المعدة لتخريج الضباط العاملين بالقوات المسلحة، إلى لجنة ضباط القوات المسلحة المنعقدة بصفة هيئة قضائية دون غيرها، أسوة باختصاصها بالطعن في قرارات لجان الضباط بالقوات المسلحة؛ وقد استقر قضاء المحكمة العليا - والذي تُحاج به هذه المحكمة - على أن اللجنة المذكورة هي هيئة ذات اختصاص قضائي.
وحيث إنه سبق لهذه المحكمة أن قضت بجلستها المعقودة في 9 سبتمبر سنة 2000 في الدعوى رقم 224 لسنة 19 قضائية "دستورية" بعدم دستورية نص المادة (1) من القانون رقم 99 لسنة 1983 فيما تضمنه من إطلاق اختصاص لجنة ضباط القوات المسلحة المنعقدة بصفة هيئة قضائية دون غيرها بالنظر في المنازعات الإدارية الخاصة بالقرارات النهائية المصدق عليها من وزير الدفاع التي تصدرها مجالس المعاهد العسكرية المعدة لتخريج الضباط العاملين بالقوات المسلحة في شأن الطلاب المقيدين بها، وأقامت المحكمة قضاءها هذا على نظر حاصلة أن النص الطعين - فيما جاوز القرارات الإدارية الصادرة في الشئون الانضباطية لهؤلاء الطلاب - قد خالف أحكام المواد (40، 65، 68، 165، 172) من الدستور، ولازم ذلك أن القرارات التأديبية النهائية الصادرة في شئون الطلاب المقيدين بالمعاهد العسكرية المعدة لتخريج الضباط العاملين بالقوات المسلحة، ينعقد الاختصاص بالطعن عليها للجنة ضباط القوات المسلحة المنعقدة بصفة هيئة قضائية دون غيرها، بحسبانها من الشئون الانضباطية، تطبيقاً للمادة 183 من الدستور الذي فوض بمقتضاها المشرع في تنظيم القضاء العسكري وبيان اختصاصاته، طالما كان ذلك في حدود المبادئ الواردة في الدستور، وعلى الأخص ما تعلق منها بمبدأ المساواة، وخضوع الدولة للقانون، وكفالة حق التقاضي وحصانته واستقلال السلطة القضائية بسائر هيئاتها، ومن بينها، مجلس الدولة بوصفه قاضي القانون العام. وإذ كان إسناد هذا الاختصاص إلى تلك اللجنة غير مجاوز حدود التفويض الدستوري المشار إليه، فإن النص الطعين لا يكون مخالفاً للدستور في هذا النطاق، وهو ما ينطبق في مجال إعماله على الطلاب المقيدين بالكليات العسكرية المعدة لتخريج الضباط العاملين بالقوات المسلحة سواء بسواء. يعزز ما تقدم ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة، من أن الدستور لا يحول دون أن يعهد المشرع بالفصل في الدعوى التأديبية في مجال العمل القضائي، إلى هيئة ذات اختصاص قضائي، ويصدق ذلك على المنازعات الإدارية التي تنشأ عن القرارات التأديبية الانضباطية النهائية المصدق عليها من وزير الدفاع التي تصدرها مجالس الكليات العسكرية، نظراً لطبيعة الأوضاع بالقوات المسلحة، وملاءمة وضع المنازعات الإدارية الخاصة بالشئون الانضباطية للطلاب المقيدين بهذه الكليات بيد أسرتهم العسكرية بحكم بصرها بدقائق هذه الشئون، وإحاطتها بخباياها، ومن ثم يغدو النص الطعين - في النطاق ذكره - غير مخالف الأحكام الدستور، مما يتعين معه القضاء برفض الدعوى.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة برفض الدعوى، وبمصادرة الكفالة، وألزمت المدعي المصروفات ومبلغ مائة جنيه مقابل أتعاب المحاماة.


ملحق بقواعد الأحكام الصادرة في الدعاوى الدستورية.
أولاً: حكم نُشر في الجزء الثامن - بدءاً من ص 906 - ووردت به بعض أخطاء في الطباعة؛ وهو:
(1) الحكم الصادر في القضية رقم 13 لسنة 10 قضائية "دستورية" بجلسة 11/ 10/ 1997 (القاعدة رقم 129).
ثانياً: أربعة أحكام لم تُنشر - سهواً - في الجزء الثامن؛ وبيانها كالتالي:
(2) الحكم الصادر في القضية رقم 36 لسنة 17 قضائية "دستورية" بجلسة 3/ 1/ 1998 (القاعدة رقم 130).
(3) الحكم الصادر في القضية رقم 42 لسنة 19 قضائية "دستورية" بجلسة 7/ 2/ 1998 (القاعدة رقم 131).
(4) الحكم الصادر في القضية رقم 54 لسنة 19 قضائية "دستورية" بجلسة 7/ 3/ 1998 (القاعدة رقم 132).
(5) الحكم الصادر في القضية رقم 162 لسنة 19 قضائية "دستورية" بجلسة 7/ 3/ 1998 (القاعدة رقم 133).

الجمعة، 10 نوفمبر 2023

الطعن 133 لسنة 22 ق جلسة 4 / 8 / 2001 دستورية عليا مكتب فني 9 دستورية ق 127 ص 1049

جلسة 4 أغسطس سنة 2001

برئاسة السيد المستشار/ محمد ولي الدين جلال - رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: ماهر البحيري وعدلي محمود منصور ومحمد عبد القادر عبد الله وعلي عوض محمد صالح وأنور رشاد العاصي والدكتور حنفي علي جبالي، وحضور السيد المستشار/ سعيد مرعي عمرو - رئيس هيئة المفوضين، وحضور السيد/ ناصر إمام محمد حسن - أمين السر.

---------------

قاعدة رقم (127)
القضية رقم 133 لسنة 22 قضائية "دستورية"

1 - دعوى دستورية "إقامتها".
حدد المشرع طريقاً لرفع الدعوى الدستورية أمام هذه المحكمة إما بإحالة الأوراق إليها مباشرة من إحدى المحاكم أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي، أو برفعها من أحد الخصوم في الدعوى الموضوعية بعد دفع يبديه بعدم دستورية نص تشريعي وتقدر تلك المحكمة أو الهيئة ذات الاختصاص القضائي جدية هذا الدفع وتصرح له بإقامة الدعوى الدستورية.
2 - هيئات ذات اختصاص قضائي "عمل قضائي: العناصر المميزة له".
إسباغ الصفة القضائية على أعمال أية جهة عهد إليها المشرع بالفصل في نزاع معين يفترض أن يكون اختصاصها محدداً بقانون، وأن يغلب على تشكيلها العنصر القضائي، وأن يعهد إليها المشرع بسلطة الفصل في خصومة بقرارات حاسمة ودون إخلال بالضمانات القضائية الرئيسية التي لا يجوز النزول عنها.
3 - مجلس التأديب "التشكيل - الضمانات" - اتصال الدعوى الدستورية.
يتضح من استقراء نص المادة 40 من القانون رقم 52 لسنة 1970 في شأن تنظيم المعاهد العالية الخاصة أن مجلس التأديب الابتدائي لأعضاء هيئة التدريس والعاملين بالمعهد يغلب على تشكيله العنصر الإداري، ولم يتضمن القانون إلزامه باتباع الإجراءات الكفيلة بتحقيق ضمانات التقاضي أمامه، أثر ذلك: لا يعدو هذا المجلس أن يكون مجرد لجنة إدارية، وبالتالي لا تعتبر قراراته أعمالاً قضائية، ومن ثم لا تكون الدعوى الدستورية قد اتصلت بهذه المحكمة طبقاً للأوضاع المقررة بنص المادة 29 من قانونها.

---------------
1 - البين من نص المادة 29 من قانون المحكمة الدستورية العليا أن المشرع حدد طريقاً لرفع الدعوى الدستورية أمام هذه المحكمة، وذلك إما بإحالة الأوراق إليها مباشرة من إحدى المحاكم أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي إذا تراءى لها مخالفة أي نص في قانون أو لائحة - لازم للفصل في النزاع - لأحكام الدستور، وإما برفعها من أحد الخصوم بمناسبة دعوى موضوعية دفع فيها الخصم بعدم دستورية نص تشريعي، وقدرت تلك المحكمة أو الهيئة ذات الاختصاص القضائي جدية دفعه وصرحت له بإقامة الدعوى الدستورية.
2 - جرى قضاء المحكمة الدستورية العليا على أن إسباغ الصفة القضائية على أعمال أية جهة عهد إليها المشرع بالفصل في نزاع معين يفترض أن يكون اختصاص هذه الجهة محدداً بقانون، وأن يغلب على تشكيلها العنصر القضائي الذي يلزم أن تتوافر في أعضائه ضمانات الكفاية والحيدة والاستقلال، وأن يعهد إليها المشرع بسلطة الفصل في خصومة بقرارات حاسمة؛ ودون إخلال بالضمانات القضائية الرئيسية التي لا يجوز النزول عنها، والتي تقوم في جوهرها على إتاحة الفرص المتكافئة لتحقيق دفاع أطرافها وتمحيص ادعاءاتهم على ضوء قاعدة قانونية نص عليها المشرع سلفاً، ليكون القرار الصادر في النزاع مؤكداً للحقيقة القانونية مبلوراً لمضمونها في مجال الحقوق المدعى بها أو المتنازع عليها.
3 - يتضح من استقراء النص الطعين أن مجلس التأديب الابتدائي لأعضاء هيئة التدريس والعاملين بالمعهد يغلب على تشكيله العنصر الإداري، ولم يتضمن القانون إلزامه باتباع الإجراءات التي تتحقق بها ضمانات التقاضي أمامه، ومن ثم فإن هذا المجلس لا يعدو أن يكون مجرد لجنة إدارية، ولا تعتبر قراراته - بالتالي - أعمالاً قضائية. ولا يغير من ذلك اشتراك أحد رجال مجلس الدولة في عضويته، والنص على وجوب إخطار عضو هيئة التدريس أو العامل بالتهم المنسوبة إلى ودعوته للحضور، وأن يكون قرار المجلس مسبباً إذ لا يكفي ما تقدم لإضفاء الصفة القضائية عليه أو على أعماله طالما أنه لم تتوافر له باقي العناصر الرئيسية المميزة للعمل القضائي على نحو ما سلف بيانه، ومن ثم فإن مجلس التأديب المشار إليه لا يعدو جهة قضائية أو هيئة ذات اختصاص قضائي مما عنته المادة 29 من قانون المحكمة الدستورية العليا، وبالتالي لا تكون الدعوى الماثلة قد اتصلت بهذه المحكمة طبقاً للأوضاع المقررة قانوناً، مما يتعين معه الحكم بعدم قبولها.


الإجراءات

بتاريخ التاسع والعشرين من يوليو سنة 2000 أودع المدعي صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة طالباً الحكم بعدم دستورية نص الفقرة نص المادة 40 من القانون رقم 52 لسنة 1970 في شأن تنظيم المعاهد العالية الخاصة.
وقدمت هيئة قضايا الدولة، مذكرة طلبت فيها الحكم أصلياً بعدم قبول الدعوى واحتياطياً برفضها.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - تتحصل في أن المدعي كان يعمل أميناً لخزينة المعهد التكنولوجي العالي بمدينة العاشر من رمضان وإذ نسب إليه ارتكاب بعض المخالفات فقد قرر مجلس إدارة المعهد إحالته لمجلس التأديب الابتدائي لأعضاء هيئة التدريس والعاملين بالمعهد والمشكل وفقاً للمادة 40 من القانون رقم 52 لسنة 1970 في شأن تنظيم المعاهد العالية الخاصة، وأثناء نظر الدعوى التأديبية دفع المدعي بعدم دستورية هذه المادة، وإذ قدر مجلس التأديب جدية الدفع، وصرح للمدعي باتخاذ إجراءات الطعن بعدم الدستورية، فقد أقام الدعوى الماثلة.
وحيث إن المادة 40 من القانون رقم 52 لسنة 1970 المشار إليه تنص على أن:
"يشكل مجلس التأديب الابتدائي لأعضاء هيئة التدريس والعاملين بالمعهد على النحو الآتي:
( أ ) اثنان من أعضاء مجلس الإدارة يختارهما المجلس.
(ب) عضو من إدارة الفتوى المختصة بمجلس الدولة بدرجة نائب على الأقل يختاره رئيس الإدارة، وتكون الرئاسة لمن يعينه مجلس الإدارة.
ويصدر القرار بالإحالة إلى مجلس التأديب من مجلس إدارة المعهد بناء على طلب مديره. ويتضمن قرار الإحالة بياناً بالتهم المنسوبة إلى عضو هيئة التدريس أو إلى العامل.
ويجب إخطاره بخطاب موصى عليه بعلم الوصول بصورة من القرار قبل انعقاد المجلس بخمسة عشر يوماً على الأقل مع دعوته للحضور.
ويصدر قرار الإحالة بالنسبة لمدير المعهد من وكيل وزارة التعليم العالي المختص بعد التحقيق الذي تجريه الوزارة.
وتكون محاكمة مدير المعهد أمام مجلس تأديب ابتدائي يشكل على النحو الآتي...".
وينعى المدعى على النص الطعين أنه فيما تضمنه من تشكيل مجلس التأديب من اثنين من أعضاء الإدارة الذي يختص أيضاً بإصدار قرار الإحالة لمجلس التأديب - قد أخل بالحياد الواجب في القاضي، وجمع بين سلطتي الاتهام والقضاء في هيئة واحدة بما يشكل مخالفة لأحكام المادتين 65 و68 من الدستور.
وحيث إن الدستور أفرد المحكمة الدستورية العليا بتنظيم خاص حدد قواعده في الفصل الخامس من الباب الخامس المتعلق بنظام الحكم، فناط بها دون غيرها - في المادة 175 منه - مباشرة الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح، وإعمالاً لهذا التفويض - الذي يستمد أصله من الدستور - حدد قانون المحكمة الدستورية العليا القواعد الموضوعية والإجرائية التي تباشر هذه المحكمة - من خلالها على ضوئها - الرقابة القضائية على دستورية النصوص التشريعية؛ فرسم لاتصال الدعوى الدستورية بهذه المحكمة طرائق محددة فصلتها المادتين 27 و29 من قانونها باعتبار أن ولوجها وإقامة الدعوى الدستورية من خلالها يعد من الأشكال الجوهرية التي لا تجوز مخالفتها كي ينتظم التداعي في المسائل الدستورية في إطارها ووفقاً لأحكامها.
وحيث إن البين من نص المادة 29 من قانون المحكمة الدستورية العليا أن المشرع حدد طريقاً لرفع الدعوى الدستورية أمام هذه المحكمة، وذلك إما بإحالة الأوراق إليها مباشرة من إحدى المحاكم أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي إذا تراءى لها مخالفة أي نص في قانون أو لائحة - لازم للفصل في النزاع - لأحكام الدستور، وإما برفعها من أحد الخصوم بمناسبة دعوى موضوعية دفع فيها الخصم بعدم دستورية نص تشريعي، وقدرت تلك المحكمة أو الهيئة ذات الاختصاص القضائي جدية دفعه وصرحت له بإقامة الدعوى الدستورية.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن إسباغ الصفة القضائية على أعمال أية جهة عهد إليها المشرع بالفصل في نزاع معين يفترض أن يكون اختصاص هذه الجهة محدداً بقانون، وأن يغلب على تشكيلها العنصر القضائي الذي يلزم أن تتوافر في أعضائه ضمانات الكفاية والحيدة والاستقلال، وأن يعهد إليها المشرع بسلطة الفصل في خصومة بقرارات حاسمة؛ ودون إخلال بالضمانات القضائية الرئيسية التي لا يجوز النزول عنها، والتي تقوم في جوهرها على إتاحة الفرص المتكافئة لتحقيق دفاع أطرافها وتمحيص ادعاءاتهم على ضوء قاعدة قانونية نص عليها المشرع سلفاً، ليكون القرار الصادر في النزاع مؤكداً للحقيقة القانونية مبلوراً لمضمونها في مجال الحقوق المدعى بها أو المتنازع عليها.
وحيث إن يتضح من استقراء النص الطعين أن مجلس التأديب الابتدائي لأعضاء هيئة التدريس والعاملين بالمعهد يغلب على تشكيله العنصر الإداري، ولم يتضمن القانون إلزامه باتباع الإجراءات التي تتحقق بها ضمانات التقاضي أمامه، ومن ثم فإن هذا المجلس لا يعدو أن يكون مجرد لجنة إدارية، ولا تعتبر قراراته - بالتالي - أعمالاً قضائية. ولا يغير من ذلك اشتراك أحد رجال مجلس الدولة في عضويته، والنص على وجوب إخطار عضو هيئة التدريس أو العامل بالتهم المنسوبة إليه ودعوته للحضور، وأن يكون قرار المجلس مسبباً؛ إذ لا يكفي ما تقدم لإضفاء الصفة القضائية عليه أو على أعماله طالما أنه لم تتوافر له باقي العناصر الرئيسية المميزة للعمل القضائي على نحو ما سلف بيانه.
وحيث إنه متى كان ما تقدم فإن مجلس التأديب المشار إليه لا يعد جهة قضائية أو هيئة ذات اختصاص قضائي مما عنته المادة 29 من قانون المحكمة الدستورية العليا، وبالتالي لا تكون الدعوى الماثلة قد اتصلت بهذه المحكمة طبقاً للأوضاع المقررة قانوناً، مما يتعين معه الحكم بعدم قبولها.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى ومصادرة الكفالة، وألزمت المدعي المصروفات ومبلغ مائة جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

الطعن 55 لسنة 22 ق جلسة 4 / 8 / 2001 دستورية عليا مكتب فني 9 دستورية ق 126 ص 1045

جلسة 4 أغسطس سنة 2001

برئاسة السيد المستشار/ محمد ولي الدين جلال - رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: ماهر البحيري وعدلي محمود منصور ومحمد عبد القادر عبد الله وعلي عوض محمد صالح وأنور رشاد العاصي والدكتور حنفي علي جبالي، وحضور السيد المستشار/ سعيد مرعي عمرو - رئيس هيئة المفوضين، وحضور السيد/ ناصر إمام محمد حسن - أمين السر.

----------------

قاعدة رقم (126)
القضية رقم 55 لسنة 22 قضائية "دستورية"

1 - دستور "المادة الثانية: شريعة إسلامية" - تشريع "الفقرة الأولى من المادة 698 من القانون المدني".
اعتباراً من تاريخ تعديل المادة الثانية من الدستور في 22/ 5/ 1980 تتقيد السلطة التشريعية، فيما تقرره من النصوص القانونية، بمراعاة الأصول الكلية للشريعة الإسلامية، أثره: عدم امتداد الرقابة على الشرعية الدستورية في مجال تطبيق المادة الثانية من الدستور لغير النصوص القانونية الصادرة بعد تعديلها؛ مؤدى ذلك: الفقرة الأولى من المادة 698 من القانون المدني الصادرة قبل هذا التعديل لا تمتد إليها هذه الرقابة.
2 - رقابة دستورية "مناطها: مخالفة دستورية".
الرقابة التي تباشرها المحكمة الدستورية العليا على التشريعات؛ مناطها: مخالفة النصوص القانونية للدستور - أثر ذلك: لا شأن لهذه الرقابة بالتعارض بين نصين قانونيين ما لم يكن منطوياً بذاتها على مخالفة دستورية.

----------------
(1) النص في المادة الثانية من الدستور - بعد تعديلها في 22 مايو سنة 1980 - على أن الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع، يدل - وفقاً لما اطرد عليه قضاء هذه المحكمة - على أن الدستور، اعتباراً من تاريخ العمل بهذا التعديل، قد أتى بقيد على السلطة التشريعية مؤداه تقييدها فيما تقره من نصوص قانونية بمراعاة الأصول الكلية للشريعة الإسلامية، إذ هي جوهر بنيانها وركيزتها، وقد اعتبرها الدستور أصلاً ينبغي أن ترد إليه هذه النصوص، فلا تتنافر مع مبادئها المقطوع بثبوتها ودلالتها، ودون ما إخلال بالقيود الأخرى التي فرضها الدستور على السلطة التشريعية في ممارستها لاختصاصاتها الدستورية. ومن ثم لا تمتد الرقابة الدستورية التي تباشرها هذه المحكمة في مجال تطبيقها للمادة الثانية من الدستور، لغير النصوص القانونية الصادرة بعد تعديلها؛ ولا كذلك نص الفقرة الأولى من المادة 698 من القانون المدني لصدورها قبل نفاذ هذا التعديل، فلا تتناولها الرقابة القضائية على الدستورية من هذا الوجه.
(2) المسائل الدستورية التي يستنهض الفصل فيها ولاية هذه المحكمة، هي تلك التي تثير تعارضاً بين القواعد العليا التي يشتمل عليها الدستور، وغيرها من القواعد القانونية، دون التضارب بين قاعدتين قانونيتين تتحدان في مرتبتهما، ومن ثم فإن ما ينعاه المدعي على النص التشريعي الطعين من تعارضه مع غيره من نصوص القانون المدني لا يشكل - بذاته - مخالفة لأحكام الدستور.


الإجراءات

بتاريخ السابع من مارس سنة 2000 أودع المدعي صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة طالباً الحكم بعدم دستورية نص الفقرة الأولى من المادة 698 من القانون المدني.
وقدم كل من المدعى عليه الخامس وهيئة قضايا الدولة، مذكرة طلب فيها الحكم برفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - تتحصل في أن المدعي كان قد أقام الدعوى رقم 1197 لسنة 1999 عمال أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية، ضد المدعى عليهما الرابع والخامس، طالباً الحكم بأحقيته في صرف مكافأة نهاية الخدمة كاملة، وقال بياناً لذلك إنه كان يعمل بالشركة التي يمثلها المدعى عليه الخامس، وأحيل مبكراً إلى المعاش بتاريخ 2/ 8/ 1994 ولم تصرف له الشركة مكافأة نهاية الخدمة كاملة أسوة بزملائه الذين أحيلوا للمعاش بعد هذا التاريخ، وإذ قضت تلك المحكمة بسقوط حقه بالتقادم الحولي، فقد طعن على ذلك بالاستئناف رقم 985 لسنة 55 قضائية أمام محكمة استئناف الإسكندرية، وأثناء نظره دفع بعدم دستورية الفقرة الأولى من المادة 698 من القانون المدني. وبعد أن قدرت محكمة الموضوع جدية دفعه، وصرحت له بإقامة الدعوى الدستورية، فقد أقام الدعوى الماثلة.
وحيث إن المدعي ينعى على النص الطعين مناقضته لمبادئ الشريعة الإسلامية، وكذا تعارضه مع نصوص القانون المدني التي تقضي بتقادم الحقوق بمضي خمس عشرة سنة.
وحيث إن النص في المادة الثانية من الدستور - بعد تعديلها في 22 مايو سنة 1980 - على أن الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع، يدل - وفقاً لما اطرد عليه قضاء هذه المحكمة - على أن الدستور، اعتباراً من تاريخ العمل بهذا التعديل، قد أتى بقيد على السلطة التشريعية مؤداه تقييدها فيما تقره من نصوص قانونية بمراعاة الأصول الكلية للشريعة الإسلامية، إذ هي جوهر بنيانها وركيزتها، وقد اعتبرها الدستور أصلاً ينبغي أن ترد إليه هذه النصوص، فلا تتنافر مع مبادئها المقطوع بثبوتها ودلالتها، ودون ما إخلال بالقيود الأخرى التي فرضها الدستور على السلطة التشريعية في ممارستها لاختصاصاتها الدستورية. ومن ثم لا تمتد الرقابة الدستورية التي تباشرها هذه المحكمة في مجال تطبيقها للمادة الثانية من الدستور، لغير النصوص القانونية الصادرة بعد تعديلها؛ ولا كذلك نص الفقرة الأولى من المادة 698 من القانون المدني لصدورها قبل نفاذ هذا التعديل، فلا تتناولها الرقابة القضائية على الدستورية من هذا الوجه.
وحيث إن المسائل الدستورية التي يستنهض الفصل فيها ولاية هذه المحكمة، هي تلك التي تثير تعارضاً بين القواعد العليا التي يشتمل عليها الدستور، وغيرها من القواعد القانونية، دون التضارب بين قاعدتين قانونيتين تتحدان في مرتبتهما، ومن ثم فإن ما ينعاه المدعي على النص التشريعي الطعين من تعارضه مع غيره من نصوص القانون المدني لا يشكل - بذاته - مخالفة لأحكام الدستور.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة برفض الدعوى، وبمصادرة الكفالة، وألزمت المدعي المصروفات ومبلغ مائة جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

الطعن 159 لسنة 21 ق جلسة 4 / 8 / 2001 دستورية عليا مكتب فني 9 دستورية ق 125 ص 1034

جلسة 4 أغسطس سنة 2001

برئاسة السيد المستشار/ محمد ولي الدين جلال - رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: حمدي محمد علي وعبد الرحمن نصير وماهر البحيري ومحمد علي سيف الدين وعدلي محمود منصور ومحمد عبد القادر عبد الله، وحضور السيد المستشار/ سعيد مرعي عمرو - رئيس هيئة المفوضين، وحضور السيد/ ناصر إمام محمد حسن - أمين السر.

--------------

قاعدة رقم (125)
القضية رقم 159 لسنة 21 قضائية "دستورية"

1 - دعوى دستورية "المصلحة فيها: مناطها - نطاقها".
مناط المصلحة في الدعوى الدستورية، وهي شرط لقبولها، ارتباطها بصلة منطقية بالمصلحة التي يقوم بها النزاع الموضوعي - هذا النزاع يدور حول أحقية المدعي في حساب مدة خدمته السابقة على التحاقه بالقضاء عند تقدير قيمة الإعانة الإضافية المنصوص عليها بالمادة 29 مكرراً من قرار وزير العدل رقم 4853 لسنة 1981 بتنظيم صندوق الخدمات الصحية والاجتماعية لأعضاء الهيئات القضائية؛ مؤدى ذلك: يتحدد نطاق الدعوى الدستورية فيما تضمنته هذه المادة من قصر الاعتداد في حساب الإعانة الإضافية على سنوات الخدمة بالهيئات القضائية التي تزيد على خمس وعشرين سنة دون المدد التي ُقضيت بغيرها.
2 - تشريع "القانون رقم 36 لسنة 1975 بإنشاء صندوق للخدمات الصحية والاجتماعية لأعضاء الهيئات القضائية - تنظيم هذا الصندوق: وزير العدل".
نص القانون المشار إليه على إنشاء هذا الصندوق كافلاً الخدمات الصحية والاجتماعية لأعضاء الهيئات القضائية التي عينها - خلا هذا القانون من كل تحديد لهذه الخدمات سواء في نوعها أو مداها وعهد بتفصيلها وتحديد ضوابطها إلى وزير العدل ليصدر في شأنها من يناسبها من القرارات التي يوافق عليها المجلس الأعلى للهيئات القضائية؛ مؤدى ذلك: عدم اعتبار التنظيم الصادر عن وزير العدل في هذا الشأن منطوياً على حرمان من مزايا كفلها القانون ولا على تعديل لهذا القانون.
3 - مبدأ تكافؤ الفرص "مفهومه".
اتصال هذا المبدأ في مضمونه بالفرص التي تتعهد الدولة بتقديمها، فلا يثور إعماله إلا عند التزاحم عليها؛ مؤدى ذلك: انتفاء إعمال هذا المبدأ عندما تنتفي صلته بفرص يجرى التزاحم عليها.
4 - مبدأ المساواة "مفهومه".
لا يعني مبدأ المساواة أن تُعامل فئات المواطنين، على ما بينها من تفاوت في مراكزها القانونية، معاملة متكافئة.
5 - تشريع "نص المادة 29 مكرراً من قرار وزير العدل رقم 4853 لسنة 1981: إعانة إضافية - سلطة تقديرية".
تقرير النص الطعين المشار إليه الإعانة الإضافية قُصد به تكريم أعضاء الهيئات القضائية ممن قضوا في الخدمة الفعلية بها مدداً تزيد على خمس وعشرين سنة - المغايرة بين أوضاع أو مراكز أو أشخاص لا تتحد واقعاً فيما بينها، يملكها المشرع في إطار سلطته التقديرية في مجال تنظيم الحقوق طالما كان تقديره في ذلك قائماً على أسس موضوعية، مستهدفاً غايات مشروعة، وكافلاً وحدة القاعدة القانونية في شأن أشخاص تتمثل ظروفهم.
6 - رقابة دستورية "مناطها: مخالفة دستورية".
الرقابة التي تباشرها المحكمة الدستورية العليا على التشريعات؛ مناطها: مخالفة النصوص القانونية للدستور - أثر ذلك: لا شأن لهذه الرقابة بالتعارض بين نصين قانونيين ما لم يكن منطوياً بذاته على مخالفة دستورية.

--------------
1 - من المقرر أن المصلحة في الدعوى الدستورية - وهي شرط لقبولها - مناطها ارتباطها بصلة منطقية بالمصلحة التي يقوم بها النزاع الموضوعي، وذلك بأن يكون الحكم الصادر في المسألة الدستورية لازماً للفصل في الطلبات الموضوعية المرتبطة بها والمطروحة على محكمة الموضوع، وكان النزاع الموضوع يدور حول أحقية المدعي في حساب مدة خدمته السابقة على التحاقه بالقضاء عند تقدير قيمة الإعانة الإضافية المنصوص عليها بالمادة 29 مكرراً من قرار وزير العدل رقم 4853 لسنة 1981 بتنظيم صندوق الخدمات الصحية والاجتماعية لأعضاء الهيئات القضائية، فإن نطاق الطعن الماثل يتحدد فيما تضمنته هذه المادة من قصر الاعتداد في حساب الإعانة الإضافية على سنوات الخدمة بالهيئات القضائية التي تزيد على خمس وعشرين سنة دون المدد التي قضيت بغيرها، ولا يمتد إلى سوى ذلك من أحكام حواها النص الطعين.
2 - جرى قضاء هذه المحكمة على أن القانون رقم 36 لسنة 1975 المشار إليه، وإن أنشأ صندوقاً كافلاً الخدمات الصحية والاجتماعية لأعضاء الهيئات القضائية التي عينها، ونص على انصرافها إليهم وإلى أسرهم، إلا أن هذا القانون خلا من كل تحديد لها سواء في نوعها أو مداها، وعهد بتفصيلها وتحديد ضوابطها إلى وزير العدل، مصدراً في شأنها ما يناسبها من القرارات التي يوافق عليها المجلس الأعلى للهيئات القضائية. ولا يعتبر التنظيم الصادر عن وزير العدل في هذا الشأن، منطوياً على حرمان من مزايا كفلها ذلك القانون، إذ يفترض الحرمان منها أن يكون أصلها مقرراً ابتداءً بمقتضى أحكامه، وهو ما لا دليل عليه من نصوصه التي وضعها المشرع ليكل إلى وزير العدل - بعد موافقة المجلس الأعلى للهيئات القضائية - أمر بيانها وشروط اقتضائها. يؤيد هذا النظر في الدولة هي التي توفر بنفسها مصادر تمويل هذا الصندوق، وينبغي بالتالي أن يكون إنفاذ الخدمات التي يقدمها وما يترتب عليها من أعباء يتحملها، متطوراً ومرتبطاً دوماً بموارده. ومن المقرر، عملاً بنص المادة 144 من الدستور؛ أنه متى عهد القانون إلى جهة معينة بإصدار القرارات اللازمة لتنفيذه، استقل من عينه القانون دون غيره بإصدارها، وكان قانون صندوق الخدمات الصحية والاجتماعية لأعضاء الهيئات القضائية لا يتضمن تحديداً لقواعد الانتفاع بها، فإن بيان وزير العدل لشروط استحقاقها - إعمالاً لسلطته في مجال تنظيم هذا الصندوق وتقرير قواعد الإنفاق منه - لا يكون منطوياً على تعديل لهذا القانون؛ وبالتالي غير مخالف للدستور من هذا الوجه.
3 - مبدأ تكافؤ الفرص الذي تكفله الدولة للمواطنين كافة وفقاً لنص المادة (8) من الدستور يتصل في مضمونه - على ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة - بالفرص التي تتعهد الدولة بتقديمها، فلا يثور إعماله إلا عند التزاحم عليها، كما أن الحماية الدستورية لتلك الفرص غايتها تقرير أولوية - في مجال الانتفاع بها - لبعض المتزاحمين على بعض، وهي أولوية تتحدد وفقاً لأسس موضوعية يقتضيها الصالح العام؛ بما مؤداه أن إعمال هذا المبدأ في نطاق تطبيق النص الطعين يكون منتفياً، إذ لا صلة له بفرص يجرى التزاحم عليها.
4 - جرى قضاء المحكمة الدستورية العليا على أن مبدأ المساواة بين المواطنين أمام القانون لا يعني أن تعامل فئاتهم على ما بينها من تفاوت في مراكزها القانونية معاملة قانونية متكافئة، كما أنه ليس مبدأ تلقينياً جامداً منافياً للضرورة العملية، ولا هو بقاعدة صماء تنبذ صور التمييز جميعها، ذلك أن من بينها ما يستند إلى أسس موضوعية ولا ينطوي بالتالي على مخالفة لنص المادة 40 من الدستور.
5 - تقرير الإعانة الإضافية بالنص الطعين المشار إليه قُصد به تكريم أعضاء الهيئات القضائية ممن قضوا في الخدمة الفعلية بها مدداً تزيد على خمس وعشرين سنة، بحيث يتم منحهم هذه الإعانة عن الزائد من سنوات الخدمة على هذا القدر تقديراً من المشرّع لطبيعة العمل بالهيئات القضائية والذي يختلف عن العمل في غيرها، وإن بدا أنهما متشابهان، فالعمل القضائي هو عمل شاق بطبيعته، يأخذ من وقت العضو وجهده وصحته الكثير ولا يتساوى مع غيره من الأعمال، ومن ثم فإن إفراد المشرع أعضاء الهيئات القضائية الذين أمضوا في خدمتها مدداً تزيد حقيقة - لا حكماً - على خمس وعشرين سنة دون أقرانهم الذين لم تبلغ خدمتهم الفعلية بها هذا القدر، بإعانة إضافية، يكون قد قام على أساس موضوعي يبرره مبدأ المساواة ذاته وليس من شأن التساوي بين الفريقين في مدد الاشتراك في نظام التأمين الاجتماعي أن يفرض المساواة بينهما في الإعانة الإضافية، فلكل من النظامين مجاله وأغراضه فلا يختلطان. ومن ناحية أخرى؛ فإن الاعتداد ببعض مدد الخدمة السابقة في أقدمية الوظيفة عند التعيين فيها وفقاً لقوانين الهيئات القضائية؛ أو في استحقاق المبلغ الشهري الإضافي المقرر وفقاً لنظام الصندوق ذاته، لا يرتب - من زاوية دستورية - إدخال هذه المدد في حساب تلك الإعانة، على وجه الحتم واللزوم، فقد أطرد قضاء هذه المحكمة على أنه كلما كان القانون مغايراً بين أوضاع أو مراكز أو أشخاص لا تتحد واقعاً فيما بينها؛ وكان تقديره في ذلك قائماً على أسس موضوعية، مستهدفاً غايات لا نزاع في مشروعيتها، وكافلاً وحدة القاعدة القانونية في شأن أشخاص تتماثل ظروفهم بما لا يجاوز متطلبات تلك الغايات؛ كان واقعاً في إطار السلطة التقديرية التي يملكها المشرع في مجال تنظيم الحقوق ولو تمييزاً، ولا ينال من مشروعيته الدستورية أن تكون المساواة التي توخاها وسعى إليها، بعيدة حسابياً عن الكمال.
6 - ما ينعاه المدعي من مخالفة النص الطعين لنص المادة 34 مكرراً (1) من قرار وزير العدل رقم 4853 لسنة 1981 مردود بأن الرقابة القضائية التي تباشرها هذه المحكمة على دستورية التشريع، مناطها قيام تعارض بين نص قانوني أو لائحي وبين حكم في الدستور، ولا شأن لها بما يقع من تناقض بين تشريعين سواء اتحدا أم اختلفا في مرتبتيهما، ما لم يكن ذلك منطوياً - بذاته - على مخالفة دستورية.


الإجراءات

بتاريخ الحادي والثلاثين من أغسطس سنة 1999 أودع المدعي صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة طالباً الحكم بعدم دستورية نص المادة 29 مكرراً من قرار وزير العدل رقم 4853 لسنة 1981 بتنظيم صندوق الخدمات الصحية والاجتماعية لأعضاء الهيئات القضائية.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - تتحصل في أن المدعي كان قد أقام أمام محكمة النقض "دائرة طلبات رجال القضاء" الطلب رقم 61 لسنة 67 قضائية أبدى فيه أن القانون رقم 36 لسنة 1975 أنشأ صندوقاً لكفالة الخدمات الصحية والاجتماعية لأعضاء الهيئات القضائية التي عّينها، ونص على انصرافها إليهم جميعاً دون تفرقة بينهم سواء في انتفاعهم بها أثناء مدة خدمتهم أو بعد إحالتهم إلى التقاعد، إلا أن قرار وزير العدل رقم 4853 لسنة 1981 الصادر بتنظيم الانتفاع بتلك الخدمات خالف نهج ذلك القانون في شأن حساب الإعانة الإضافية التي تقرر صرفها بالمادة 29 مكرراً منه، إذ قضى بتقديرها بنسبة معينة عن كل سنة من سنوات الخدمة بالهيئات القضائية التي تزيد على خمس وعشرين سنة، ونظراً لأن المدعي كانت له مدة خدمة سابقة على التحاقه بالقضاء، إذا عمل محامياً ثم كبيراً للمحامين بإدارة القضايا بالبنك العقاري المصري منذ عام 1961، فقد طلب الحكم بأحقيته في ضم هذه المدة السابقة عن حساب قيمة تلك الإعانة، وأثناء نظر طلبه، دفع المدعي بعدم دستورية نص المادة 29 مكرراً من قرار وزير العدل رقم 4853 لسنة 1981 المشار إليه، وإذ قدرت تلك الدائرة جدية دفعه، وصرحت له بإقامة الدعوى الدستورية، فقد أقام الدعوى الماثلة.
وحيث إن قرار وزير العدل رقم 4853 لسنة 1981 بتنظيم صندوق الخدمات الصحية والاجتماعية لأعضاء الهيئات القضائية معدلاً بالقرار رقم 2276 لسنة 1996 ينص في المادة 25 منه على أن (يؤدي الصندوق إعانة نهاية خدمة تقدر "بخمسة وسبعين مثلاً" من المرتب الأساسي الشهري الأخير للعضو أو مبلغ "ثلاثون ألف جنيه" أيهما أكبر.
وتستحق هذه الإعانة في الحالات الآتية: -
1 - إحالة العضو إلى المعاش لبلوغه سن التقاعد، ولا يحول دون استحقاقها استمراره في خدمة الهيئات القضائية بعد هذه السن.
2 - إحالة العضو إلى المعاش لأسباب صحية تحول دون قيامه بوظيفته على الوجه اللائق وفقاً لأحكام قوانين الهيئات القضائية.
3 - وفاة العضو حقيقة أو حكماً وفقاً للقانون، وتستحق الإعانة في هذه الحالة لمن عينهم من زوج أو أقارب حتى الدرجة الرابعة، وإلا استحقت لورثته الشرعيين).
كما تنص المادة 29 مكرراً - المطعون فيها - على أنه (في الحالات المبينة في المادة (25) من هذا القرار يؤدي الصندوق إعانة إضافية تقدر بواقع أربعة أمثال الراتب الأساسي الشهري الأخير للعضو عن كل سنة من سنوات خدمته بالهيئات القضائية التي تزيد على خمس وعشرين سنة، ويراعى في حساب هذه الإعانة اعتبار كسور السنة سنة كاملة.
وحيث إن من المقرر أن المصلحة في الدعوى الدستورية - وهي شرط لقبولها - مناطها ارتباطها بصلة منطقية بالمصلحة التي يقوم بها النزاع الموضوعي، وذلك بأن يكون الحكم الصادر في المسألة الدستورية لازماً للفصل في الطلبات الموضوعية المرتبطة بها والمطروحة على محكمة الموضوع، وكان النزاع الموضوعي يدور حول أحقية المدعي في حساب مدة خدمته السابقة على التحاقه بالقضاء عند تقدير قيمة الإعانة الإضافية المنصوص عليها بالمادة 29 مكرراً من قرار وزير العدل رقم 4853 لسنة 1981 بتنظيم صندوق الخدمات الصحية والاجتماعية لأعضاء الهيئات القضائية، فإن نطاق الطعن الماثل يتحدد فيما تضمنته هذه المادة من قصر الاعتداد في حساب الإعانة الإضافية على سنوات الخدمة بالهيئات القضائية التي تزيد على خمس وعشرين سنة دون المدد التي قضيت بغيرها، ولا يمتد إلى سوى ذلك من أحكام حواها النص الطعين.
وحيث إن المدعي ينعى على نص المادة 29 مكرراً من قرار وزير العدل رقم 4853 لسنة 1981 آنف البيان - محدداً نطاقاً على النحو المتقدم - مخالفته للمادة 122 من الدستور التي تنص على أن يعين القانون قواعد منح المرتبات والمعاشات والتعويضات والإعانات والمكافآت التي تتقرر على خزانة الدولة، وينظم القانون حالات الاستثناء منها والجهات التي تتولى تطبيقها، تأسيساً على أن القانون رقم 36 لسنة 1975 وقد كفل لأعضاء الهيئات القضائية الخدمات الصحية والاجتماعية التي حددها - ومن ثم بينها الإعانة الإضافية - فما كان للقرار المطعون فيه، وهو أدنى مرتبة من القانون، أن يُعَّدل من قواعد استحقاقها، وإلا كان مخالفة للدستور.
وحيث إن المادة (1) من القانون رقم 36 لسنة 1975 بإنشاء صندوق للخدمات الصحية والاجتماعية لأعضاء الهيئات القضائية، تقضي بأن ينشأ بوزارة العدل صندوق تكون له الشخصية الاعتبارية، تخصص له الدولة الموارد اللازمة لتمويل وكفالة الخدمات الصحية والاجتماعية للأعضاء الحاليين والسابقين وأسرهم، على أن يصدر بتنظيم هذا الصندوق، وقواعد الإنفاق منه، قرار من وزير العدل بعد موافقة المجلس الأعلى للهيئات القضائية.
وتنفيذاً لحكم هذه المادة أصدر وزير العدل القرار رقم 4853 لسنة 1981 بتنظيم صندوق الخدمات الصحية والاجتماعية لأعضاء الهيئات القضائية، متضمناً تحديد الأغراض التي يقوم عليها هذا الصندوق ووسائل تنفيذها ومتابعتها، وصور الخدمات الصحية والاجتماعية التي يقدمها ومداها، وما يخرج من نطاق ما يتحمله الصندوق من تكلفتها.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن القانون رقم 36 لسنة 1975 المشار إليه، وإن أنشأ صندوقاً كافلاً الخدمات الصحية والاجتماعية لأعضاء الهيئات القضائية التي عينها، ونص على انصرافها إليهم وإلى أسرهم، إلا أن هذا القانون خلا من كل تحديد لها سواء في نوعها أو مداها، وعهد بتفصيلها وتحديد ضوابطها إلى وزير العدل، مصدراً في شأنها ما يناسبها من القرارات التي يوافق عليها المجلس الأعلى للهيئات القضائية. ولا يعتبر التنظيم الصادر عن وزير العدل في هذا الشأن، منطوياً على حرمان من مزايا كفلها ذلك القانون، إذ يفترض الحرمان منها أن يكون أصلها مقرراً ابتداءً بمقتضى أحكامه، وهو ما لا دليل عليه من نصوصه التي وضعها المشرع ليكل إلى وزير العدل - بعد موافقة المجلس الأعلى للهيئات القضائية - أمر بيانها وشروط اقتضائها. يؤيد هذا النظر أن الدولة هي التي توفر بنفسها مصادر تمويل هذا الصندوق، وينبغي بالتالي أن يكون إنفاذ الخدمات التي يقدمها وما يترتب عليها من أعباء يتحملها، متطوراً ومرتبطاً دوماً بموارده.
وحيث إن من المقرر، عملاً بنص المادة 144 من الدستور؛ أنه متى عهد القانون إلى جهة معينة بإصدار القرارات اللازمة لتنفيذه، استقل من عينه القانون دون غيره بإصدارها، وكان قانون صندوق الخدمات الصحية والاجتماعية لأعضاء الهيئات القضائية لا يتضمن تحديداً لقواعد الانتفاع بها، فإن بيان وزير العدل لشروط استحقاقها - إعمالاً لسلطته في مجال تنظيم هذا الصندوق وتقرير قواعد الإنفاق منه - لا يكون منطوياً على تعديل لهذا القانون؛ وبالتالي غير مخالف للدستور من هذا الوجه.
وحيث إن المدعي ينعى كذلك على النص الطعين إخلاله بمبدأي تكافؤ الفرص والمساواة المنصوص عليهما بالمادتين 8 و40 من الدستور، قولاً منه بأنه مايز في حساب الإعانة الإضافية بين عضو الهيئات القضائية الذي أمضى في خدمتها مدداً تزيد على خمس وعشرين سنة، وبين العضو الذي قلَّت مدة خدمته بها عن هذا الحد حتى ولو كانت له مدة خدمة سابقة بعمل نظير مسدد عنها اشتراكات التأمينات الاجتماعية، هذا فضلاً عن تعارضه مع نص المادة 34 مكرراً (1) من ذات القرار الذي يعتد بمدة الاشتغال بعمل نظير أو بالمحاماة في حساب المبلغ الشهري الإضافي المقرر بها.
وحيث إن مبدأ تكافؤ الفرص الذي تكفله الدولة للمواطنين كافة وفقاً لنص المادة (8) من الدستور يتصل في مضمونه - على ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة - بالفرص التي تتعهد الدولة بتقديمها، فلا يثور إعماله إلا عند التزاحم عليها، كما أن الحماية الدستورية لتلك الفرص غايتها تقرير أولوية - في مجال الانتفاع بها - لبعض المتزاحمين على بعض، وهي أولوية تتحدد وفقاً لأسس موضوعية يقتضيها الصالح العام؛ بما مؤداه أن إعمال هذا المبدأ في نطاق تطبيق النص الطعين يكون منتفياً، إذ لا صلة له بفرص يجرى التزاحم عليها.
وحيث إن قضاء المحكمة الدستورية العليا قد جرى على أن مبدأ المساواة بين المواطنين أمام القانون لا يعني أن تعامل فئاتهم على ما بينها من تفاوت في مراكزها القانونية معاملة قانونية متكافئة، كما أنه ليس مبدأ تلقينياً جامداً منافياً للضرورة العملية، ولا هو بقاعدة صماء تنبذ صور التمييز جميعها، ذلك أن من بينها ما يستند إلى أسس موضوعية ولا ينطوي بالتالي على مخالفة لنص المادة 40 من الدستور.
وحيث إن البين من قرار وزير العدل رقم 4853 لسنة 1981 بتنظيم صندوق الخدمات الصحية والاجتماعية لأعضاء الهيئات القضائية أنه قد استحدث في الفصل الأول من الباب الثالث منه نظاماً لإعانة نهاية الخدمة تُؤدَّى - على ما نصت عليه المادة 25 منه - عند إحالة العضو إلى المعاش لبلوغه سن التقاعد، أو لأسباب صحية تحول دون قيامه بوظيفته على الوجه اللائق وفقاً لأحكام قوانين الهيئات القضائية، أو عند وفاة العضو حقيقة أو حكماً وفقاً للقانون، واشترط هذا النظام لاستحقاق تلك الإعانة أن يسدد العضو الاشتراكات الشهرية المبينة بالجدولين المرافقين لقرار وزير العدل المشار إليه؛ ثم صدر قرار وزير العدل رقم 1957 لسنة 1984 معدلاً بعض أحكام نظام إعانة نهاية الخدمة لأعضاء الهيئات القضائية ومضيفاً إلى قراره رقم 4853 لسنة 1981 مادة جديدة برقم 29 مكرراً تقضي بمنح إعانة إضافية تقدر بواقع مثل ونصف الراتب الأساسي الشهري الأخير للعضو - زيدت بالقرار رقم 2276 لسنة 1996 إلى أربعة أمثال - عن كل سنة من سنوات خدمته بالهيئات القضائية الزائدة على خمس وعشرين سنة.
وحيث إن تقرير الإعانة الإضافية بالنص الطعين المشار إليه قُصد به تكريم أعضاء الهيئات القضائية ممن قضوا في الخدمة الفعلية بها مدداً تزيد على خمس وعشرين سنة، بحيث يتم منحهم هذه الإعانة عن الزائد من سنوات الخدمة على هذا القدر تقديراً من المشرّع لطبيعة العمل بالهيئات القضائية والذي يختلف عن العمل في غيرها، وإن بدا أنهما متشابهان، فالعمل القضائي هو عمل شاق بطبيعته، يأخذ من وقت العضو وجهده وصحته الكثير ولا يتساوى مع غيره من الأعمال، ومن ثم فإن إفراد المشرع أعضاء الهيئات القضائية الذين أمضوا في خدمتها مدداً تزيد حقيقة - لا حكماً - على خمس وعشرين سنة دون أقرانهم الذين لم تبلغ خدمتهم الفعلية بها هذا القدر، بإعانة إضافية، يكون قد قام على أساس موضوعي يبرره مبدأ المساواة ذاته وليس من شأن التساوي بين الفريقين في مدد الاشتراك في نظام التأمين الاجتماعي أن يفرض المساواة بينهما في الإعانة الإضافية، فلكل من النظامين مجاله وأغراضه فلا يختلطان. ومن ناحية أخرى؛ فإن الاعتداد ببعض مدد الخدمة السابقة في أقدمية الوظيفة عند التعيين فيها وفقاً لقوانين الهيئات القضائية؛ أو في استحقاق المبلغ الشهري الإضافي المقرر وفقاً للنظام الصندوق ذاته، لا يرتب - من زاوية دستورية - إدخال هذه المدد في حساب تلك الإعانة، على وجه الحتم واللزوم، فقد أطرد قضاء هذه المحكمة على أنه كلما كان القانون مغايراً بين أوضاع أو مراكز أو أشخاص لا تتحد واقعاً فيما بينها؛ وكان تقديره في ذلك قائماً على أسس موضوعية، مستهدفاً غايات لا نزاع في مشروعيتها، وكافلاً وحدة القاعدة القانونية في شأن أشخاص تتماثل ظروفهم بما لا يجاوز متطلبات تلك الغايات؛ كان واقعاً في إطار السلطة التقديرية التي يملكها المشرع في مجال تنظيم الحقوق ولو تمييزاً، ولا ينال من مشروعيته الدستورية أن تكون المساواة التي توخاها وسعى إليها، بعيدة حسابياً عن الكمال.
وحيث إن ما ينعاه المدعي من مخالفة النص الطعين لنص المادة 34 مكرراً (1) من قرار وزير العدل رقم 4853 لسنة 1981 مردود بأن الرقابة القضائية التي تباشرها هذه المحكمة على دستورية التشريع، مناطها قيام تعارض بين نص قانوني أو لائحي وبين حكم في الدستور، ولا شأن لها بما يقع من تناقض بين تشريعين سواء اتحدا أم اختلفا في مرتبتيهما، ما لم يكن ذلك منطوياً - بذاته - على مخالفة دستورية.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة برفض الدعوى، وبمصادرة الكفالة، وألزمت المدعي المصروفات ومبلغ مائة جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

الطعن 226 لسنة 20 ق جلسة 7 / 7 / 2001 دستورية عليا مكتب فني 9 دستورية ق 124 ص 1024

جلسة 7 يوليه سنة 2001

برئاسة السيد المستشار/ محمد ولي الدين جلال - رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: حمدي محمد علي وعبد الرحمن نصير وماهر البحيري ومحمد علي سيف الدين وعدلي محمود منصور وعلي عوض محمد صالح، وحضور السيد المستشار/ محمد خيري طه عبد المطلب النجار - رئيس هيئة المفوضين، وحضور السيد/ ناصر إمام محمد حسن - أمين السر.

--------------

قاعدة رقم (124)
القضية رقم 226 لسنة 20 قضائية "دستورية"

1 - رقابة دستورية "مناطها: مخالفة دستورية".
الرقابة التي تباشرها المحكمة الدستورية العليا في شأن الدستورية: مناطها: مخالفة النصوص القانونية للدستور؛ أثره: لا شأن لها بالتعارض بين نصين قانونيين ما لم ينطو على مخالفة دستورية.
2 - تشريع "رعاية الأسرة: رعاية الطفل - استثناء".
حرص المشرع - تنفيذاً لأحكام الدستور - على تقرير بعض الحقوق والمزايا للأسرة عامة من أجل رعايتها، وللمرأة العاملة خاصةً - تقريره أحقيتها في الحصول على أجازة بدون أجر لرعاية طفلها؛ فضلاً عن تحمل الجهة الإدارية باشتراكات التأمين المستحقة عليها وعلى العاملة أو منحها تعويضاً وفقاً لاختيارها؛ مؤداه: اعتبار ذلك استثناءً من القاعدة المقررة في قانون التأمين الاجتماعي في هذا الشأن.
3 - تشريع "نظام العاملين المدنيين بالدولة: الشريعة العامة - النظم الخاصة".
يعتبر قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الشريعة العامة التي تسري على جميع العاملين بالجهات الإدارية المختلفة - اقتضاء إفراد العاملين ببعض هذه الجهات بأحكام خاصة بالنظر إلى طبيعة نشاطها - تطبيق: صدور قانون خاص بالجهاز المركزي للمحاسبات يتضمن نصاً يقضي بإصدار لائحة خاصة لتنظيم شئون العاملين فيه.
4 - تشريع خاص "لائحة العاملين بالجهاز المركزي للمحاسبات: ميزة مالية".
التزام التشريعات الخاصة بأحكام الدستور لا يحول دون تضمنها أحكاماً مخالفة للشريعة العامة للتوظف - اكتفاء لائحة العاملين بالجهاز المركزي للمحاسبات بتقدير الميزة المالية المصاحبة لحق العاملة في الحصول على أجازة لرعاية طفلها والمتمثلة في تحمل الجهاز اشتراكات التأمين أو التعويض بنسبة 25% من الراتب، لمدة سنتين فقط دون باقي مدة تلك الأجازة؛ أثره: عدم مخالفة أحكام الدستور.
5 - مبدأ المساواة أمام القانون "حماية متكافئة - تمييز مبرر: النظم الخاصة".
مؤدى هذا المبدأ أنه لا يجوز لأي من السلطتين التشريعية أو التنفيذية مباشرة اختصاصاتها التشريعية بما يخل بالحماية المتكافئة التي كفلها الدستور للحقوق جميعها - مغايرة القانون بين أوضاع أو مراكز أو أشخاص لا تتحد واقعاً فيما بينها إذا كان تقديره قائماً على أسس موضوعية مستهدفاً غايات مشروعة وكافلاً وحدة القاعدة القانونية في شأن أشخاص تتماثل ظروفهم في حدود هذه الغايات؛ مؤدى ذلك: دخوله في نطاق السلطة التقديرية للمشرع ولو تضمن تمييزاً - استهداف المشرع بالنص الطعين المغايرة في المعاملة المالية للعاملة في الجهاز المركزي للمحاسبات استناداً إلى اختلاف مركزها القانوني المقرر بنظام خاص عن قريناتها من العاملات المدنيات بالدولة: أثره: اعتبار هذه المغايرة مبررة من زاوية دستورية.

-------------
1 - دفعت هيئة قضايا الدولة كما دفع الجهاز المركزي للمحاسبات بعدم اختصاص المحكمة الدستورية العليا بنظر الدعوى تأسيساً على أن مناط اختصاصها بالفصل في دستورية القوانين واللوائح أن يكون مبنى الطعن مخالفة التشريع لنص دستوري، فلا يمتد لحالات التعارض بين التشريعات ذات المرتبة الواحدة، وإذ كان جوهر الطعن الماثل هو تعارض نص المادة 51 من لائحة الجهاز مع كل من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 وقانون الطفل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 1996 وجميعها ذات مرتبة واحدة، فإنه لا اختصاص للمحكمة الدستورية العليا بنظره. وهذا الدفع مردود بأن ما رددته المدعية من مناع بشأن النص الطعين لم يقتصر على بيان تعارضه مع أحكام مناظرة وردت في نصوص تشريعية أخرى، وإنما نسبت إليه مآخذ تتعلق بعوار دستوري، الأمر الذي يستلزم أن تجيل هذه المحكمة بصرها في تلك المأخذ وأن تعرضها على أحكام الدستور لتقول كلمتها بشأن مدى توافق النص المشار إليه معها أو تعارضه.
2 - يبين من استعراض أحكام التشريعات المنظمة للعاملين المدنيين بالدولة أن المشرع - تنفيذاً لأحكام الدستور في شأن رعاية الأسرة باعتبارها أساس المجتمع وكذلك حماية الأمومة والطفولة وكفالة التوفيق بين واجبات المرأة نحو أسرتها وعملها في المجتمع - قد حرص على تقرير بعض الحقوق والمزايا للأسرة عامة وللمرأة العاملة خاصة، في مقدمتها تلك التي كان قد بدأها بالقانون رقم 46 لسنة 1964 بإصدار قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة ومن بعده القانون رقم 58 لسنة 1971 ثم القانون رقم 47 لسنة 1978، بمنح الزوج أو الزوجة أجازة بدون مرتب إذا سافر أحدهما للعمل أو الدراسة، ثم استحدث حكماً جديداً بالقانون الأخير مؤداه أحقية المرأة العاملة في الحصول على أجازة بدون أجر لرعاية طفلها بحد أقصى عامين في المرة الواحدة ولثلاث مرات طوال حياتها الوظيفية، ولم يكتف المشرع بتقرير هذا الحق وإنما زاد عليه بتقريره ميزة مالية تمثلت في تحمل الجهة الإدارية باشتراكات التأمين المستحقة عليها وعلى العاملة أو منحها تعويضاً عن أجرها يساوي 25% من المرتب الذي كانت تستحقه في تاريخ بدء مدة الأجازة وفقاً لاختيارها، وذلك استثناءً من القاعدة العامة المقررة في قانون التأمين الاجتماعي في هذا الشأن.
3 - لئن كان قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة يعد الشريعة العامة التي تسري على جميع العاملين بالجهات الإدارية المختلفة، إلا أن الطبيعة الخاصة للنشاط الذي تزاوله بعض هذه الجهات أو الاشتراطات اللازم توافرها في العاملين بها قد تقتضي إفراد هؤلاء العاملين بأحكام خاصة تختلف باختلاف ظروف ومقتضيات العمل في كل منها، ومن بين هذه الجهات الجهاز المركزي للمحاسبات حيث صدر بتنظيمه قانون خاص تضمن نصاً يقضي بإصدار لائحة خاصة لتنظيم شئون العاملين فيه، شاملة كافة القواعد المنظمة لشئونهم وتكون لها قوة القانون، وتنفيذاً لذلك صدرت لائحة العاملين بالجهاز بقرار مجلس الشعب بجلسة 14/ 1/ 1992، متضمنة النص الطعين.
4 - إن كان التزام التشريعات الخاصة في الحالات السالف الإشارة إليها بأحكام الدستور أمراً لا محيص عنه إلا أن ذلك لا يحول دون جواز تضمين هذه التشريعات أحكاماً تخالف الأحكام الواردة في الشريعة العامة للتوظف، بما قد يؤدي إلى المغايرة في بعض الأوضاع الوظيفية بين العاملين الخاضعين لهذه التشريعات وبين أقرانهم من العاملين الخاضعين لقانون نظام العاملين المدنيين بالدولة. مراعاة للطبيعة الخاصة لتلك الوظائف. وبالتالي فمتى قدر المشرع عند وضع لائحة العاملين بالجهاز المركزي للمحاسبات - مراعاة لطبيعة العمل بالجهاز والمزايا المالية المقررة للعاملين فيه - الاكتفاء بتقرير الميزة المالية المصاحبة لحق العاملة في الحصول على أجازة لرعاية طفلها والمتمثلة في تحمل الجهاز اشتراكات التأمين أو التعويض بنسبة 25% من الراتب لمدة سنتين فقط دون فقط دون باقي مدة تلك الأجازة، فإن هذا المسلك لا يشكل إخلالاً بحقوق الأسرة والمرأة العاملة، وبالتالي فلا مخالفة فيه لأحكام الدستور.
5 - استقر قضاء المحكمة الدستورية العليا على أن الإخلال بمبدأ المساواة أمام القانون يتحقق بأي عمل يهدر الحماية القانونية المتكافئة، تتخذه الدولة سواء من خلال سلطتها التشريعية أو عن طريق سلطتها التنفيذية، بما مؤداه أن أياً من هاتين السلطتين لا يجوز أن تفرض مغايرة في المعاملة ما لم يكن ذلك مبرراً بفروق منطقية يمكن ربطها عقلاً بالأغراض التي يتوخاها العمل التشريعي الصادر عنهما؛ وكان لا صحة للقول بأن كل تقسيم تشريعي يعتبر تصنيفاً منافياً لمبدأ المساواة، بل يتعين دوماً أن ينظر إلى النصوص القانونية باعتبارها وسائل حددها المشرع لتحقيق أغراض يبتغيها، فلا يستقيم إعمال مبدأ المساواة أمام القانون إلا على ضوء مشروعية تلك الأغراض، واتصال هذه الوسائل منطقياً بها؛ ولا يتصور بالتالي أن يكون تقييم التقسيم التشريعي منفصلاً عن الأغراض التي يتغياها المشرع؛ إذ أن المراكز القانونية التي يتعلق بها مبدأ المساواة أمام القانون وفقاً لنص المادة 40 من الدستور، هي التي تتحد في العناصر التي تكون كلاً منها - لا باعتبارها عناصر واقعية لم يُدخلها المشرع في اعتباره - بل بوصفها عناصر اعتد بها مرتباً عليها أثراً قانونياً محدداً، فلا يقوم هذا المركز إلا بتضاممها، بعد أن غدا وجوده مرتبطاً بها، فلا ينشأ أصلاً إلا بثبوتها. لما كان ذلك، وكان المركز القانوني للعاملة في الجهاز المركزي للمحاسبات وإن اتفق في بعض معطياته مع المركز القانوني لقريناتها من العاملات المدنيات بالدولة إلا أنه يختلف في العديد منها، ومن ثم فإن المغايرة في بعض الأحكام القانونية بينهما - طالما اتفقت مع الغرض من تقريرها بما قد يترتب عليها من مفارقة في المعاملة المالية - تغدو مبررة من زاوية دستورية، مهما بدت بعيدة حسابياً عن الكمال.


الإجراءات

بتاريخ التاسع من ديسمبر سنة 1998 أودعت المدعية صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة طالبة الحكم بعدم دستورية نص الفقرة الثالثة من البند (2) من المادة (51) من لائحة العاملين بالجهاز المركزي للمحاسبات الصادرة بقرار مجلس الشعب بجلسة 14 من يناير سنة 1992.
وقدم كل من الجهاز المركزي للمحاسبات وهيئة قضايا الدولة مذكرة بطلب الحكم أصلياً بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى، واحتياطياً برفضها.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - تتحصل في أن المدعية - كانت قد أقامت الدعوى رقم 478 لسنة 44 قضائية أمام المحكمة الإدارية لرئاسة الجمهورية، وقالت شرحاً لها أنها تعمل بالجهاز المركزي للمحاسبات، وحصلت على أجازة خاصة لرعاية طفلها لمدة ثلاث سنوات من 1/ 4/ 1990 حتى 31/ 3/ 1993 ثم لمدة سنتين من 1/ 4/ 1994 حتى 31/ 3/ 1996، ولما كانت الفقرة الثالثة من البند 2 من المادة 51 من لائحة العاملين بالجهاز المشار إليه تنص على تحمله بحصته عن العاملة في التأمين والمعاشات وباشتراكاتها فيها أو منحها تعويضاً عن أجرها يساوي 25% من مرتبها - وفقاً لاختيارها - وذلك لمدة سنتين على الأكثر طوال مدة خدمتها، فقد قام الجهاز بخصم الاشتراكات التأمينية المستحقة عليها عن السنوات الثلاث الزائدة على المدة المحددة طبقاً لتلك اللائحة، وإذ لم ترتض هذا الإجراء فقد أقامت تلك الدعوى طالبة الحكم برد ما سبق خصمه منها؛ وأثناء نظرها دفعت بعدم دستورية نص الفقرة الثالثة من البند 2 من المادة 51 من لائحة العاملين بالجهاز المركزي للمحاسبات، وإذ قدرت محكمة الموضوع جدية الدفع وصرحت للمدعية برفع الدعوى الدستورية، فقد أقامت الدعوى الماثلة.
وحيث إنه تنفيذاً للمادة 29 من قانون الجهاز المركزي للمحاسبات الصادر بالقانون رقم 144 لسنة 1988 التي كانت تنص على أن "تنظم شئون العاملين بالجهاز لائحة خاصة تصدر بقرار من مجلس الشعب له قوة القانون بناء على اقتراح أحد أعضاء أو رئيس الجهاز وتتضمن كافة القواعد المنظمة لشئونهم..."؛ فقد صدرت لائحة العاملين بالجهاز المشار إليه بقرار مجلس الشعب بجلسة 14 يناير 1992 - السارية على وقائع النزاع - متضمنة النص في المادة 51 منها على أن: "لرئيس الجهاز منح أجازة خاصة بدون أجر للمدة التي يحددها في الأحوال الآتية:
1 - ..........
2 - للعاملة لرعاية طفلها وذلك بحد أقصى عامان في المرة الواحدة ولثلاث مرات طوال حياتها الوظيفية.
ولا يجوز أن تتصل هذه الأجازة بإعارة أو بأي نوع من الأجازات.
واستثناء من حكم المادتين 125 و126 من قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975، يتحمل الجهاز بحصته عن العاملة في التأمين والمعاشات وباشتراكاتها فيها، وفقاً لأحكام قانون التأمين الاجتماعي المشار إليه، وذلك لمدة سنتين على الأكثر طوال مدة الخدمة أو تمنح تعويضاً عن أجرها يساوي 25% من المرتب الذي كانت تستحقه في تاريخ بدء الأجازة وذلك لمدة سنتين على الأكثر طوال مدة خدمتها، كل ذلك وفقاً لاختيارها.
3 - ........."
وتنعى المدعية على نص الفقرة الثالثة من البند (2) من تلك المادة أنه أهدر الحماية المقررة للأسرة والمرأة العاملة بمقتضى المواد 9 و10 و11 من الدستور؛ كما أنه حين قصر تحمل الجهاز بحصته عن العاملة في التأمين والمعاشات وباشتراكاتها فيها على مدة سنتين على الأكثر طوال مدة خدمتها، فقد أخل بمبدأ المساواة المنصوص عليه في المادة 40 من الدستور باعتبار أنه قد أوجد مغايرة في المعاملة بين العاملات في الجهاز، وأقرانهن من العاملات اللاتي يخضعن لنظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978، حيث تتحمل جهة العمل باشتراكات التأمين المستحقة عليها على العاملة، أو تُمنح تعويضاً عن أجرها يساوي 25% من المرتب - وذلك وفقاً لاختيارها - عن مدة أجازة رعاية الطفل المقررة كاملة، وقد مد قانون الطفل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 1996 هذا الحكم إلى جميع العاملات اللائي تحكمهن نظم وظيفية خاصة وكذلك العاملات بقطاع الأعمال العام.
وحيث إن هيئة قضايا الدولة الجهاز المركزي للمحاسبات دفعاً بعدم اختصاص المحكمة الدستورية العليا بنظر الدعوى تأسيساً على أن مناط اختصاصها بالفصل في دستورية القوانين واللوائح أن يكون مبنى الطعن مخالفة التشريع لنص دستوري، فلا يمتد لحالات التعارض بين التشريعات ذات المرتبة الواحدة، وإذ كان جوهر الطعن الماثل هو تعارض نص المادة 51 من لائحة الجهاز مع كل من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 وقانون الطفل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 1996 وجميعها ذات مرتبة واحدة، فإنه لا اختصاص للمحكمة الدستورية العليا بنظره.
وحيث إن هذا الدفع مردود بأن ما رددته المدعية من مناع بشأن النص الطعن لم يقتصر على بيان تعارضه مع أحكام مناظرة وردت في نصوص تشريعية أخرى، وإنما نسبت إليه مآخذ تتعلق بعوار دستوري، الأمر الذي يستلزم أن تجيل هذه المحكمة بصرها في تلك المآخذ وأن تعرضها على أحكام الدستور لتقول كلمتها بشأن مدى توافق النص المشار إليه معها أو تعارضه.
وحيث إنه يبين من استعراض أحكام التشريعات المنظمة للعاملين المدنيين بالدولة أن المشرع - تنفيذاً لأحكام الدستور في شأن رعاية الأسرة باعتبارها أساس المجتمع وكذلك حماية الأمومة والطفولة وكفالة التوفيق بين واجبات المرأة نحو أسرتها وعملها في المجتمع - قد حرص على تقرير بعض الحقوق والمزايا للأسرة عامة وللمرأة العاملة خاصة، في مقدمتها تلك التي كان قد بدأها بالقانون رقم 46 لسنة 1964 بإصدار قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة ومن بعده القانون رقم 58 لسنة 1971 ثم القانون رقم 47 لسنة 1978، بمنح الزوج أو الزوجة أجازة بدون مرتب إذا سافر أحدهما للعمل أو الدراسة، ثم استحدث حكماً جديداً بالقانون الأخير مؤداه أحقية المرأة العاملة في الحصول على أجازة بدون أجر لرعاية طفلها بحد أقصى عامين في المرة الواحدة ولثلاث مرات طوال حياتها الوظيفية، ولم يكتف المشرع بتقرير هذا الحق وإنما زاد عليه بتقريره ميزة مالية تمثلت في تحمل الجهة الإدارية باشتراكات التأمين المستحقة عليها وعلى العاملة أو منحها تعويضاً عن أجرها يساوي 25% من المرتب الذي كانت تستحقه في تاريخ بدء مدة الأجازة وفقاً لاختيارها، وذلك استثناءً من القاعدة العامة المقررة في قانون التأمين الاجتماعي في هذا الشأن.
وحيث إنه ولئن كان قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة يعد الشريعة العامة التي تسري على جميع العاملين بالجهات الإدارية المختلفة، إلا أن الطبيعة الخاصة للنشاط الذي تزاوله بعض هذه الجهات أو الاشتراطات اللازم توافرها في العاملين بها قد تقتضي إفراد هؤلاء العاملين بأحكام خاصة تختلف باختلاف ظروف ومقتضيات العمل في كل منها، ومن بين هذه الجهات الجهاز المركزي للمحاسبات حيث صدر بتنظيمه قانون خاص تضمن نصاً يقضي بإصدار لائحة خاصة لتنظيم شئون العاملين فيه، شاملة كافة القواعد المنظمة لشئونهم وتكون لها قوة القانون، وتنفيذاً لذلك صدرت لائحة العاملين بالجهاز بقرار مجلس الشعب بجلسة 14/ 1/ 1992، متضمنة النص الطعين.
وحيث إنه وإن كان التزام التشريعات الخاصة في الحالات السالف الإشارة إليها بأحكام الدستور أمراً لا محيص عنه إلا أن ذلك لا يحول دون جواز تضمين هذه التشريعات أحكاماً تخالف الأحكام الواردة في الشريعة العامة للتوظف، بما قد يؤدي إلى المغايرة في بعض الأوضاع الوظيفية بين العاملين الخاضعين لهذه التشريعات وبين أقرانهم من العاملين الخاضعين لقانون نظم العاملين المدنيين بالدولة. مراعاة للطبيعة الخاصة لتلك الوظائف. وبالتالي فمتى قدر المشرع عند وضع لائحة العاملين بالجهاز المركزي للمحاسبات - مراعاة لطبيعة العمل بالجهاز والمزايا المالية المقررة للعاملين فيه - الاكتفاء بتقرير الميزة المالية المصاحبة لحق العاملة في الحصول على أجازة لرعاية طفلها والمتمثلة في تحمل الجهاز اشتراكات التأمين أو التعويض بنسبة 25% من الراتب لمدة سنتين فقط دون باقي مدة تلك الأجازة، فإن هذا المسلك لا يشكل إخلالاً بحقوق الأسرة والمرأة العاملة، وبالتالي
فلا مخالفة فيه لأحكام الدستور.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن الإخلال بمبدأ المساواة أمام القانون يتحقق بأي عمل يهدر الحماية القانونية المتكافئة، تتخذه الدولة سواء من خلال سلطتها التشريعية أو عن طريق سلطتها التنفيذية، بما مؤداه أن أياً من هاتين السلطتين لا يجوز أن تفرض مغايرة في المعاملة ما لم يكن ذلك مبرراً بفروق منطقية يمكن ربطها عقلاً بالأغراض التي يتوخاها العمل التشريعي الصادر عنهما؛ وكان لا صحة للقول بأن كل تقسيم تشريعي يعتبر تصنيفاً منافياً لمبدأ المساواة، بل يتعين دوماً أن ينظر إلى النصوص القانونية باعتبارها وسائل حددها المشرع لتحقيق أغراض يبتغيها، فلا يستقيم إعمال مبدأ المساواة أمام القانون إلا على ضوء مشروعية تلك الأغراض، واتصال هذه الوسائل منطقياً بها؛ ولا يتصور بالتالي أن يكون تقييم التقسيم التشريعي منفصلاً عن الأغراض التي يتغياها المشرع.
وحيث إن المراكز القانونية التي يتعلق بها مبدأ المساواة أمام القانون وفقاً لنص المادة 40 من الدستور، هي التي تتحد في العناصر التي تكون كلاً منها - لا باعتبارها عناصر واقعية لم يُدخلها المشرع في اعتباره - بل بوصفها عناصر اعتد بها مرتباً عليها أثراً قانونياً محدداً، فلا يقوم هذا المركز إلا بتضاممها، بعد أن غدا وجوده مرتبطاً بها، فلا ينشأ أصلاً إلا بثبوتها. لما كان ذلك، وكان المركز القانوني للعاملة في الجهاز المركزي للمحاسبات وإن اتفق في بعض معطياته مع المركز القانوني لقريناتها من العاملات المدنيات بالدولة إلا أنه يختلف في العديد منها، ومن ثم فإن المغايرة في بعض الأحكام القانونية بينهما - طالما اتفقت مع الغرض من تقريرها بما قد يترتب عليها من مفارقة في المعاملة المالية - تغدو مبررة من زاوية دستورية، مهما بدت بعيدة حسابياً عن الكمال.
وحيث إنه لا دليل من النص الطعين - على النحو المتقدم - على إخلاله بمبدأ المساواة أو الحماية المقررة للأسرة والمرأة العاملة أو مخالفة للدستور من أي وجه آخر، فإن الحكم برفض الدعوى يكون متعيناً.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة برفض الدعوى وبمصادرة الكفالة، وألزمت المدعية المصروفات ومبلغ مائة جنيه مقابل أتعاب المحاماة.