الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 9 سبتمبر 2023

الطعن 7625 لسنة 75 ق جلسة 9 / 1 / 2019 مكتب فني 70 ق 5 ص 87

باسم الشعب

محكمة النقض
الدائرة المدنية والتجارية
دائرة الأربعاء (أ) إيجارات
برئاسة السيد القاضي/ حسني عبد اللطيف نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ ربيع محمد عمر، محمد شفيع الجرف ومصطفى محمد عبد العليم وحاتم إبراهيم الضهيري نواب رئيس المحكمة
بحضور رئيس النيابة السيد/ أحمد أنور.
والسيد أمين السر/ عاطف أحمد خليل.
في الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالي بمدينة القاهرة.
في يوم الأربعاء 3 من جمادى الأولى سنة 1440 هـ الموافق 9 من يناير سنة 2019 م.
أصدرت الحكم الآتي:
في الطعن المقيد في جدول المحكمة برقم 7625 لسنة 75 ق.

------------

المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أنه لما كان بيع المتجر أو المصنع يقتضي أن يكون مملوكا لمستأجر العين التي أنشئ فيها فلا يسري في شأنه الاستثناء الوارد بالمادة 594 من القانون المدني متى كانت عناصر المتجر أو المصنع مملوكة كلها أو بعضها للمؤجر ويكون تصرف المستأجر فيه بالبيع ينطوي على تنازل عن الإيجار. لما كان ذلك، وكان الطاعن (المؤجر) قد أقام الدعوى بطلب إنهاء عقد الإيجار المؤرخ 20/ 8/ 1988 لانتهاء مدته استنادا إلى أنه وارد على عين مفروشة مزودة بمنقولات مملوكة له وبالتالي يخضع عقد إيجارها لأحكام القانون المدني ودلل على دفاعه بما ورد بعقد الإيجار ذاته وقائمة المنقولات الملحقة به، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض دعواه بقالة إن المطعون ضده الأول اتخذ من عين النزاع مقرا لشركته وأنه صدر حكم ضده بشهر إفلاسه وتعيين المطعون ضده الثاني وكيلا للدائنين والذي قام ببيع العين بالمزاد وإيداع النسبة المقررة للمالك بموجب نص المادة 20 من القانون رقم 136 لسنة 1981 باعتبار أن العين تعد متجرا طبقا لنص المادة 594 من القانون المدني ملتفتا عن دفاعه المتمثل في أن عين التداعي لم تؤجر خالية وإنما مفروشة بمنقولات مملوكة له بوصفه المؤجر رغم أنه دفاع جوهري إذ يشترط في بيع المتجر أو المصنع أن تكون عناصره كلها مملوكة للمستأجر المتصرف بالبيع وإلا كان تصرفه بمثابة تنازل عن الإجارة وقد حجبه هذا عن بحث طلبات الطاعن بانتهاء العقد سند الدعوى لانتهاء مدته وإخلاء العين مما يعيبه ويوجب نقضه على أن يكون مع النقض الإحالة.

-----------

الوقائع

وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن أقام على المطعون ضدهم الدعوى رقم 3297 لسنة 2003 أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية بطلب الحكم بانتهاء عقد الإيجار المؤرخ 20/ 8/ 1988 لانتهاء مدته وإخلاء عين النزاع مع التسليم وإلزامهم بأداء مبلغ 17000 جنيه قيمة الأجرة المتأخرة عن المدة من 20/ 8/ 1991 حتى 20/ 12/ 2002 وما يستجد وقال بيانا لدعواه إنه بموجب هذا العقد استأجر منه المطعون ضده الأول بصفته شقة التداعي مفروشة واستخدمها مقرا للشركة التي يملكها لمدة ثلاث سنوات تبدأ من 20/ 8/ 1988 وتنتهي في 20/ 8/ 1991 لقاء مبلغ 1500 جنيه عن كامل المدة، وإذ استصدر البنك المطعون ضده الأخير حكما بشهر إفلاس المطعون ضده الأول في الدعوى رقم 277 لسنة 1992 إفلاس الإسكندرية وقام المطعون ضده الثاني بصفته بتنفيذه بوضع الأختام على العين رغم عدم دخولها ضمن أموال التفليسة فأنذر المطعون ضده الأول باعتبار العقد منتهيا وأقام الدعوى، حكمت المحكمة برفضها. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 4945 لسنة 60 ق الإسكندرية وبتاريخ 21/ 2/ 2005 قضت المحكمة بالتأييد. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابية مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة - في غرفة مشورة - حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
في يوم 23/ 4/ 2015 طعن بطريق النقض في حكم محكمة استئناف الإسكندرية الصادر بتاريخ 21/ 2/ 2005 في الاستئناف رقم 4945 لسنة 60 ق وذلك بصحيفة طلب فيها الطاعن الحكم بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه والإحالة.
وفي اليوم نفسه أودع الطاعن مذكرة شارحة.
وفي 15/ 5/ 2005 أعلن المطعون ضده الأول بصفته بصحيفة الطعن.
وفي 17/ 5/ 2005 أعلن المطعون ضدهما الثاني والثالث بصفتيهما بصحيفة الطعن.
وفي 4/ 6/ 2005 أودع المطعون ضده الثاني بصفته مذكرة بدفاعه طلب فيها رفض الطعن.
ثم أودعت النيابة مذكرتها وطلبت فيها: نقض الحكم المطعون فيه.
وبجلسة 24/ 10/ 2018 عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر فحددت لنظره جلسة للمرافعة.
وبجلسة 12/ 12/ 2018 سمعت الدعوى أمام هذه الدائرة على نحو ما هو مبين بمحضر الجلسة حيث صمم محامي الطاعن والنيابة العامة كل على ما جاء بمذكرته والمحكمة أرجأت إصدار الحكم إلى جلسة اليوم.

------------

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر/ حاتم إبراهيم الضهيري "نائب رئيس المحكمة" والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن حاصل ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والإخلال بحق الدفاع وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك أمام محكمة الموضوع بأن المطعون ضده الأول استأجر شقة النزاع مفروشة بكافة محتوياتها مما يخضع الإجارة لأحكام القانون المدني ودلل على دفاعه بما ورد بعقد الإيجار سند الدعوى وقائمة المنقولات إلا أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه برفض دعواه استنادا إلى أن العين تعد متجرا طبقا للمادة 594 من القانون المدني وأن المستأجر قد صدر ضده حكم بشهر إفلاسه وأنه يحق لوكيل الدائنين - المطعون ضده الثاني بصفته - بيعها بالمزاد العلني بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أن من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أنه لما كان بيع المتجر أو المصنع يقتضي أن يكون مملوكا لمستأجر العين التي أنشئ فيها فلا يسري في شأنه الاستثناء الوارد بالمادة 594 من القانون المدني متى كانت عناصر المتجر أو المصنع مملوكة كلها أو بعضها للمؤجر ويكون تصرف المستأجر فيه بالبيع ينطوي على تنازل عن الإيجار. لما كان ذلك، وكان الطاعن (المؤجر) قد أقام الدعوى بطلب إنهاء عقد الإيجار المؤرخ 20/ 8/ 1988 لانتهاء مدته استنادا إلى أنه وارد على عين مفروشة مزودة بمنقولات مملوكة له وبالتالي يخضع عقد إيجارها لأحكام القانون المدني ودلل على دفاعه بما ورد بعقد الإيجار ذاته وقائمة المنقولات الملحقة به، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض دعواه بقالة إن المطعون ضده الأول اتخذ من عين النزاع مقرا لشركته وأنه صدر حكم ضده بشهر إفلاسه وتعيين المطعون ضده الثاني وكيلا للدائنين والذي قام ببيع العين بالمزاد وإيداع النسبة المقررة للمالك بموجب نص المادة 20 من القانون رقم 136 لسنة 1981 باعتبار أن العين تعد متجرا طبقا لنص المادة 594 من القانون المدني ملتفتا عن دفاعه المتمثل في أن عين التداعي لم تؤجر خالية وإنما مفروشة بمنقولات مملوكة له بوصفه المؤجر رغم أنه دفاع جوهري إذ يشترط في بيع المتجر أو المصنع أن تكون عناصره كلها مملوكة للمستأجر المتصرف بالبيع وإلا كان تصرفه بمثابة تنازل عن الإجارة وقد حجبه هذا عن بحث طلبات الطاعن بانتهاء العقد سند الدعوى لانتهاء مدته وإخلاء العين مما يعيبه ويوجب نقضه على أن يكون مع النقض الإحالة.

فلهذه الأسباب

نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه، وأحالت القضية إلى محكمة استئناف الإسكندرية، وألزمت المطعون ضدهم المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

الطعن 16302 لسنة 79 ق جلسة 6 / 1 / 2019 مكتب فني 70 ق 2 ص 67

باسم الشعب
محكمة النقض
الدائرة المدنية
دائرة "الأحد" (د) المدنية
برئاسة السيد القاضي/ أحمد عبد الحميد حامد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ محمد عباس منيعم، عرفة أحمد سيد دريع وعلي مصطفى معوض ومجدي محمد عبد الرحيم "نواب رئيس المحكمة"
وحضور رئيس النيابة السيد/ كريم الجرف.
وأمين السر السيد/ فتحي حمادة.
في الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالي بمحافظة القاهرة.
في يوم الأحد 30 من ربيع آخر سنة 1440 هـ الموافق 6 من يناير سنة 2019.
أصدرت الحكم الآتي: -
في الطعن المقيد في جدول المحكمة برقم 16302 لسنة 79 ق.

---------------

(1) المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أنه لا يكفي فيمن يختصم في الطعن أن يكون خصما في الدعوى التي صدر فيها الحكم المطعون فيه بل ينبغي أن يكون خصما حقيقيا فيها وذا صفة في تمثيله بالخصومة، وأن النص في المادة 19 من قانون الرقابة والإشراف على التأمين في مصر الصادر بالقانون رقم 10 لسنة 1981 على أن "يكون لكل شركة مجلس إدارة يشكل وفقا للقانون الذي تخضع له، ويمثل رئيس مجلس الشركة أمام القضاء وفي صلاتها بالغير مفاده أن الذي يمثل شركة التأمين وينوب عنها أمام القضاء هو رئيس مجلس إدارتها وإذ كان ذلك فإن المطعون ضده الأول بصفته هو الذي يمثل الشركة أمام القضاء دون المطعون ضده الثاني بصفته - مدير فرع الشركة بشبين الكوم - ومن ثم يكون اختصام الأخير في الطعن على غير ذي صفة ويضحى غير مقبول.
(2) أن المشرع المصري أراد أن يكفل للمضرورين من حوادث السيارات تأمينا على الحياة وضد الإصابات البدنية فأوجب في المادة السادسة من القانون 449 لسنة 1955 - بشأن السيارات وقواعد المرور - على كل من يطلب تعويضا لسيارة أن يقدم وثيقة تأمين غير محددة القيمة عن الحوادث التي تقع منها، واستكمالا لهذا الغرض وضمانا لحصول المضرور على حقه في التعويض الجابر للضرر عن تلك الحوادث أيا كان المسئول عنها - أصدر القانون 652 لسنة 1955 - بشأن التأمين الإجباري من المسئولية عن حوادث السيارات ونص في المادة الخامسة منه على أن "يلتزم المؤمن بتغطية المسئولية المدنية الناشئة عن الوفاة أو عن أية إصابة بدنية تلحق أي شخص من حوادث السيارات إذا وقعت في جمهورية مصر العربية وذلك في الأحوال المنصوص عليها في المادة 6 من القانون رقم 449 لسنة 1955 ويكون التزام المؤمن بقيمة ما يحكم به قضائيا من تعويض مهما بلغت قيمته، ويؤدي المؤمن مبلغ التعويض إلى صاحب الحق فيه، ثم أورد في المادتين 16، 17 منه حالات رجوع المؤمن - شركة التأمين - على المؤمن له مالك السيارة، كما نص في المادة 18 منه على أنه "يجوز للمؤمن إذا التزم أداء التعويض في حالة وقوع المسئولية المدنية على غير المؤمن له وغير من صرح له بقيادة سيارته أن يرجع على المسئول عن الأضرار لاسترداد ما يكون قد أداه من تعويض، وأردف في المادة 69 بأنه "لا يترتب على حق الرجوع المقرر للمؤمن طبقا لأحكام المواد الثلاث السابقة أي مساس بحق المضرور قبله ومفاد هذه النصوص أن المشرع فرض التأمين الإجباري هذا باعتباره تأمينا من نوع خاص يجمع فيه بين بعض أحكام التأمين من المسئولية والتأمين على الحياة والإصابات البدنية، فلا يقتصر نطاقه على التأمين من المسئولية الناشئة عن خطأ المؤمن له ومن يسأل عن أعمالهم، بل يمتد لتغطية المسئولية المدنية لغير المؤمن له ولغير من صرح له بقيادة السيارة المؤمن عليها كالغاصب لها والسارق فكل ما يلزم لقيام مسئولية شركة التأمين عن تعويض المضرور أن يثبت نشوء الضرر عن سيارة مؤمن عليها لديها مع انتفاء السبب الأجنبي، سواء كان طالب التأمين هو المسئول عن الحادث أو غيره وسواء كان هو المتولي حراستها أو غيره فلا تلازم بين مسئولية شركة التأمين تجاه المضرور، ومسئولية مالك السيارة ومن هنا كان للمضرور دعوى مباشرة قبل الشركة ليس باعتبارها مسئولة عن دين المسئول الناشئ عن خطئه فحسب بل اعتبارها مدينة أصلية بدين ناشئ عن عقد تأمين ومن ثم لا يلزم اختصام المضرور لمالك السيارة أو سواه في دعواه المباشرة قبل شركة التأمين مع التسليم بأن التأمين على السيارات فيما يخص العلاقة بينها وبين المؤمن له مالك السيارة المتعاقد معها هو تأمين من المسئولية التي قد تلحق المؤمن له ومؤدى ذلك أن حق المضرور في اقتضاء التعويض من شركة التأمين هو حق مستقل تماما عن حقه في اقتضاء التعويض من مرتكب الفعل الضار أو حارس السيارة فقد يتعذر عليه التعرف عليهما كأن يكون قائد السيارة المسروقة مجهولا فلا يبقى من سبيل الحصول على التعويض الجابر للضرر سوى شركة التأمين وهو ما هدف إليه الشارع من تقنين هذا النوع من التأمين.
(3) لما كان محل حق المضرور واحد وهو اقتضاء التعويض وقد أوجد له القانون مدينين أحدهما المتسبب في الضرر والآخر هو شركة التأمين المؤمن لديها على السيارة، وأعطى للمضرور الخيار في مطالبة من يشاء منهما بالتعويض فإن استوفاه من أحدهما برئت ذمة الآخر قبله عملا بنص المادة 284 من القانون المدني ولكن إبراءه لذمة أحدهما أو إسقاطه لحقه قبله لا يترتب عليه براءة ذمة الآخر عملا بنص المادة 289 من قانون المدني .
(4) لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وقضى برفض الدعوى تأسيسا على انتفاء المسئولية لعدم معرفة قائد السيارة مرتكبة الحادث، وخلو الأوراق من أن مالكها هو قائدها وقت الحادث، وأن مورث الطاعنين كان يستعملها بدون أجر دون بحث عناصر المسئولية على الرغم من أن السيارة مرتكبة الحادث مؤمن عليها لدى شركة .... للتأمين التي يمثلها المطعون ضده الأول بصفته فإنه يكون معيبا بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب بما يوجب نقضه.
-------------

الوقائع

حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعنين أقاموا الدعوى رقم 551 لسنة 2008 شبين الكوم الابتدائية على المطعون ضدهما بصفتيهما بطلب الحكم بإلزامهما بالتضامن بأن يؤديا لهم مبلغ مليون جنيه تعويضا عن الأضرار المادية والأدبية والموروثة وقالوا بيانا لذلك: أنه بتاريخ 21/ 12/ 2006 تسبب مجهول بخطئه في وفاة مورثهم المرحوم/ ........ وكان ذلك ناشئا عن إهماله أثناء قيادته السيارة رقم ....... ملاكي المنوفية، وتحرر عن الحادث المحضر رقم 803 لسنة 2007 جنح مركز طنطا، وأمرت النيابة العامة بحفظه ضد مجهول وصار نهائيا، وأنه وفقا للمسئولية التقصيرية ومسئولية حارس الشيء فقد أقاموا الدعوى وبتاريخ 25/ 10/ 2008 حكمت المحكمة برفض الدعوى استأنف الطاعنون هذا الحكم بالاستئناف رقم 2553 لسنة 41 ق طنطا - مأمورية شبين الكوم - وبتاريخ 8/ 9/ 2009 قضت المحكمة بالتأييد. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم. وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
في يوم 2/ 11/ 2009 طعن بطريق النقض في حكم محكمة استئناف طنطا (مأمورية شبين الكوم) الصادر بتاريخ 8/ 9/ 2009 في الاستئناف رقم 2553 لسنة 41 ق، وذلك بصحيفة طلب فيها الطاعنان الحكم بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه والإحالة.
وفي 25/ 11/ 2009 أعلن المطعون ضده الثاني بصفته بصحيفة الطعن.
وفي 1/ 12/ 2009 أعلن المطعون ضده الأول بصفته بصحيفة الطعن.
ثم أودعت النيابة مذكرتها وطلبت فيها قبول الطعن شكلا وفي الموضوع بنقضه.
وبجلسة 2/ 12/ 2018 عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر فحددت جلسة لنظره جلسة للمرافعة.
وبجلسة 6/ 1/ 2019 سمعت الدعوى أمام هذه الدائرة على ما هو مبين بمحضر الجلسة حيث صمم كل من محامي الطاعنتين والنيابة العامة على ما جاء بمذكرتهم ولم يحضر أحد عن المطعون ضدهما بصفتهما والمحكمة أصدرت الحكم بجلسة اليوم.

------------

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر/ علي مصطفى معوض "نائب رئيس المحكمة" والمرافعة، وبعد المداولة.
وحيث إن مبنى الدفع المبدى من النيابة بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون ضده الثاني بصفته أنه لا صفة له في الخصومة.
وحيث إن هذا الدفع في محله، ذلك أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أنه لا يكفي فيمن يختصم في الطعن أن يكون خصما في الدعوى التي صدر فيها الحكم المطعون فيه بل ينبغي أن يكون خصما حقيقيا فيها وذا صفة في تمثيله بالخصومة، وأن النص في المادة 19 من قانون الرقابة والإشراف على التأمين في مصر الصادر بالقانون رقم 10 لسنة 1981 على أن "يكون لكل شركة مجلس إدارة يشكل وفقا للقانون الذي تخضع له، ويمثل رئيس مجلس الشركة أمام القضاء وفي صلاتها بالغير مفاده أن الذي يمثل شركة التأمين وينوب عنها أمام القضاء هو رئيس مجلس إدارتها وإذ كان ذلك فإن المطعون ضده الأول بصفته هو الذي يمثل الشركة أمام القضاء دون المطعون ضده الثاني بصفته - مدير فرع الشركة بشبين الكوم - ومن ثم يكون اختصام الأخير في الطعن على غير ذي صفة ويضحى غير مقبول.
وحيث إن الطعن فيما عدا ما تقدم - قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، ذلك أن رقم السيارة مرتكبة الحادث لم يكن محل خلاف بين الخصوم في الدعوى وأن للمضرور من الحادث الذي يقع من السيارة المؤمن عليها إجباريا أن يرجع على شركة التأمين مباشرة لاقتضاء التعويض عن الضرر الذي أصابه نتيجة الحادث مستمدا حقه في ذلك من نصوص القانون وإذ قضى الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه برفض الدعوى على سند من عدم معرفة قائد السيارة مرتكبة الحادث ولم يكن مالكها هو قائدها، وأن مورث الطاعنين كان يستعملها بدون أجر دون بحث عناصر المسئولية سواء كانت تقصيرية بالمادة 163 من القانون المدني أو شيئية بالمادة 178 من ذات القانون فإنه يكون معيبا بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن المشرع المصري أراد أن يكفل للمضرورين من حوادث السيارات تأمينا على الحياة وضد الإصابات البدنية فأوجب في المادة السادسة من القانون 449 لسنة 1955 - بشأن السيارات وقواعد المرور - على كل من يطلب تعويضا لسيارة أن يقدم وثيقة تأمين غير محددة القيمة عن الحوادث التي تقع منها، واستكمالا لهذا الغرض وضمانا لحصول المضرور على حقه في التعويض الجابر للضرر عن تلك الحوادث أيا كان المسئول عنها - أصدر القانون 652 لسنة 1955 - بشأن التأمين الإجباري من المسئولية عن حوادث السيارات ونص في المادة الخامسة منه على أن "يلتزم المؤمن بتغطية المسئولية المدنية الناشئة عن الوفاة أو عن أية إصابة بدنية تلحق أي شخص من حوادث السيارات إذا وقعت في جمهورية مصر العربية وذلك في الأحوال المنصوص عليها في المادة 6 من القانون رقم 449 لسنة 1955 ويكون التزام المؤمن بقيمة ما يحكم به قضائيا من تعويض مهما بلغت قيمته، ويؤدي المؤمن مبلغ التعويض إلى صاحب الحق فيه، ثم أورد في المادتين 16، 17 منه حالات رجوع المؤمن - شركة التأمين - على المؤمن له مالك السيارة، كما نص في المادة 18 منه على أنه "يجوز للمؤمن إذا التزم أداء التعويض في حالة وقوع المسئولية المدنية على غير المؤمن له وغير من صرح له بقيادة سيارته أن يرجع على المسئول عن الأضرار لاسترداد ما يكون قد أداه من تعويض، وأردف في المادة 69 بأنه "لا يترتب على حق الرجوع المقرر للمؤمن طبقا لأحكام المواد الثلاث السابقة أي مساس بحق المضرور قبله ومفاد هذه النصوص أن المشرع فرض التأمين الإجباري هذا باعتباره تأمينا من نوع خاص يجمع فيه بين بعض أحكام التأمين من المسئولية والتأمين على الحياة والإصابات البدنية، فلا يقتصر نطاقه على التأمين من المسئولية الناشئة عن خطأ المؤمن له ومن يسأل عن أعمالهم، بل يمتد لتغطية المسئولية المدنية لغير المؤمن له ولغير من صرح له بقيادة السيارة المؤمن عليها كالغاصب لها والسارق فكل ما يلزم لقيام مسئولية شركة التأمين عن تعويض المضرور أن يثبت نشوء الضرر عن سيارة مؤمن عليها لديها مع انتفاء السبب الأجنبي، سواء كان طالب التأمين هو المسئول عن الحادث أو غيره وسواء كان هو المتولي حراستها أو غيره فلا تلازم بين مسئولية شركة التأمين تجاه المضرور، ومسئولية مالك السيارة ومن هنا كان للمضرور دعوى مباشرة قبل الشركة ليس باعتبارها مسئولة عن دين المسئول الناشئ عن خطئه فحسب بل اعتبارها مدينة أصلية بدين ناشئ عن عقد تأمين ومن ثم لا يلزم اختصام المضرور لمالك السيارة أو سواه في دعواه المباشرة قبل شركة التأمين مع التسليم بأن التأمين على السيارات فيما يخص العلاقة بينها وبين المؤمن له مالك السيارة المتعاقد معها هو تأمين من المسئولية التي قد تلحق المؤمن له ومؤدى ذلك أن حق المضرور في اقتضاء التعويض من شركة التأمين هو حق مستقل تماما عن حقه في اقتضاء التعويض من مرتكب الفعل الضار أو حارس السيارة فقد يتعذر عليه التعرف عليهما كأن يكون قائد السيارة المسروقة مجهولا فلا يبقى من سبيل الحصول على التعويض الجابر للضرر سوى شركة التأمين وهو ما هدف إليه الشارع من تقنين هذا النوع من التأمين، ولما كان محل حق المضرور واحد وهو اقتضاء التعويض وقد أوجد له القانون مدينين أحدهما المتسبب في الضرر والآخر هو شركة التأمين المؤمن لديها على السيارة، وأعطى للمضرور الخيار في مطالبة من يشاء منهما بالتعويض فإن استوفاه من أحدهما برئت ذمة الآخر قبله عملا بنص المادة 284 من القانون المدني ولكن إبراءه لذمة أحدهما أو إسقاطه لحقه قبله لا يترتب عليه براءة ذمة الآخر عملا بنص المادة 289 من قانون المدني لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وقضى برفض الدعوى تأسيسا على انتفاء المسئولية لعدم معرفة قائد السيارة مرتكبة الحادث، وخلو الأوراق من أن مالكها هو قائدها وقت الحادث، وأن مورث الطاعنين كان يستعملها بدون أجر دون بحث عناصر المسئولية على الرغم من أن السيارة مرتكبة الحادث مؤمن عليها لدى شركة .... للتأمين التي يمثلها المطعون ضده الأول بصفته فإنه يكون معيبا بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.

فلهذه الأسباب

نقضت المحكمة: الحكم المطعون فيه وأحالت القضية إلى محكمة استئناف طنطا "مأمورية استئناف شبين الكوم" وألزمت المطعون ضده الأول بصفته المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

الطعن 279 لسنة 89 ق جلسة 22 / 10 / 2019 مكتب فني 70 رجال قضاء ق 7 ص 56

جلسة 22 من أكتوبر سنة 2019
برئاسة السيد القاضي/ موسى محمد مرجان نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ أحمد صلاح الدين وجدي، صلاح محمد عبد العليم، حسام حسين الديب ووليد محمد بركات نواب رئيس المحكمة.
------------------
الطعن رقم 279 لسنة 89 القضائية (رجال القضاء)

(1) المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن أحكام قانون التأمين الاجتماعي من النظام العام، فإن لمحكمة النقض أن تثيرها من تلقاء ذاتها طالما كانت تدخل في نطاق الطعن وكانت عناصرها قد طرحت أمام محكمة الموضوع.

(2) المقرر أن القانون الجديد يسري بأثر مباشر على الوقائع والمراكز القانونية التي تقع أو تتم بعد نفاذه ولا يسري بأثر رجعي على الوقائع السابقة عليه إلا إذا نص على ذلك صراحة فإن معاش القاضي يجب أن يسوى طبقا للقانون الساري وقت انتهاء خدمته ولا يؤثر فيه ما قد يصدر بعد ذلك من قوانين إلا ما كان منها بأثر رجعي يمتد إلى صاحبه.

(3) إذ كان طلب تطبيق قرار وزيرة التضامن الاجتماعي رقم 143 لسنة 2018 المعمول به من تاريخ 21/ 4/ 2018 الذي ترتب عليه زيادة الحد الأقصى لأجر الاشتراك المتغير بواقع 40320 جنيها سنويا ويزاد الحد الأقصى في بداية كل سنة ميلادية بنسبة 20 % من الحد الأقصى لهذا الأجر في نهاية السنة السابقة بعد انتهاء خدمة مورث المطعون ضدهم في 25/ 4/ 2017 يكون على غير سند من القانون، كما لم تتوافر بحق مورثهم شروط إعمال قاعدة المساواة بنواب رئيس مجلس الدولة طبقا لقرار المحكمة الدستورية العليا الصادر في طلب التفسير رقم 3 لسنة 8 ق دستورية بتاريخ 3/ 3/ 1990 حيث إن الوظائف القضائية التي تعادل درجة نائب رئيس مجلس الدولة التي يتم المساواة بها مقصورة على نواب رئيس محكمة النقض ورؤساء محاكم الاستئناف مما مؤداه أن شاغلي الوظائف القضائية الأدنى لما ذكر لا يحق لهم طلب مساواتهم في إعادة تسوية معاش الأجر المتغير طبقا للقرار 143 لسنة 2018 مع من يسبقونهم في الأقدمية. ولما كان ما تقدم، وكان البين من الأوراق أن مورث المطعون ضدهم كان يشغل وظيفة محام عام وهي لا تعادل درجة نائب رئيس مجلس الدولة وبالتالي لا يحق لهم طلب مساواته في تسوية معاش الأجر المتغير طبقا للقرار سالف الذكر. وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بأحقية المطعون ضدهم بإعادة تسوية معاش مورثهم عن الأجر المتغير وفقا لقرار وزيرة التضامن الاجتماعي رقم 143 لسنة 2018 فإنه يكون معيبا.

-------------

الوقائع

وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدهم أقاموا الدعوى رقم ... لسنة 135 ق القاهرة "رجال القضاء" على الطاعنة بصفتها وآخرين - غير مختصمين في الطعن - بطلب الحكم بإعادة تسوية معاش مورثهم عن الأجر المتغير وفقا للقرار الوزاري رقم 143 لسنة 2018 اعتبارا من 1/ 7/ 2018 بجعل الحد الأقصى لاشتراك الأجر المتغير السنوي 40320 جنيها وبزيادته في بداية كل سنة ميلادية بنسبة 20 % من الحد الأقصى لهذا الأجر في نهاية السنة السابقة مع مراعاة جبر الحد الأقصى الشهري إلى أقرب عشر جنيهات مع صرف ما يترتب على ذلك من فروق مالية، على سند من أن الهيئة الطاعنة قامت بتسوية معاش مورثهم عن الأجر المتغير وإذ صدر القرار الوزاري رقم 143 لسنة 2018 سالف البيان بزيادة الحد الأقصى لاشتراك الأجر المتغير ولم تلتزم الطاعنة بصفتها بتسوية المعاش عن الأجر المتغير وفقا للقرار المذكور فتظلموا لديها وقررت برفض تظلمهم لذا فقد أقاموا الدعوى، بتاريخ 26/ 12/ 2018 قضت المحكمة بالطلبات، طعنت الطاعنة بصفتها في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة - في غرفة المشورة - فحددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.

------------

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر، والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن أحكام قانون التأمين الاجتماعي من النظام العام، فإن لمحكمة النقض أن تثيرها من تلقاء ذاتها طالما كانت تدخل في نطاق الطعن وكانت عناصرها قد طرحت أمام محكمة الموضوع، وكان من المقرر أن القانون الجديد يسري بأثر مباشر على الوقائع والمراكز القانونية التي تقع أو تتم بعد نفاذه ولا يسري بأثر رجعي على الوقائع السابقة عليه إلا إذا نص على ذلك صراحة فإن معاش القاضي يجب أن يسوى طبقا للقانون الساري وقت انتهاء خدمته ولا يؤثر فيه ما قد يصدر بعد ذلك من قوانين إلا ما كان منها بأثر رجعي يمتد إلى صاحبه. لما كان ذلك فإن طلب تطبيق قرار وزيرة التضامن الاجتماعي رقم 143 لسنة 2018 المعمول به من تاريخ 21/ 4/ 2018 الذي ترتب عليه زيادة الحد الأقصى لأجر الاشتراك المتغير بواقع 40320 جنيها سنويا ويزاد الحد الأقصى في بداية كل سنة ميلادية بنسبة 20 % من الحد الأقصى لهذا الأجر في نهاية السنة السابقة بعد انتهاء خدمة مورث المطعون ضدهم في 25/ 4/ 2017 يكون على غير سند من القانون، كما لم تتوافر بحق مورثهم شروط إعمال قاعدة المساواة بنواب رئيس مجلس الدولة طبقا لقرار المحكمة الدستورية العليا الصادر في طلب التفسير رقم 3 لسنة 8 ق دستورية بتاريخ 3/ 3/ 1990 حيث إن الوظائف القضائية التي تعادل درجة نائب رئيس مجلس الدولة التي يتم المساواة بها مقصورة على نواب رئيس محكمة النقض ورؤساء محاكم الاستئناف مما مؤداه أن شاغلي الوظائف القضائية الأدنى لما ذكر لا يحق لهم طلب مساواتهم في إعادة تسوية معاش الأجر المتغير طبقا للقرار 143 لسنة 2018 مع من يسبقونهم في الأقدمية. ولما كان ما تقدم وكان البين من الأوراق أن مورث المطعون ضدهم كان يشغل وظيفة محام عام وهي لا تعادل درجة نائب رئيس مجلس الدولة وبالتالي لا يحق لهم طلب مساواته في تسوية معاش الأجر المتغير طبقا للقرار سالف الذكر. وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بأحقية المطعون ضدهم بإعادة تسوية معاش مورثهم عن الأجر المتغير وفقا لقرار وزيرة التضامن الاجتماعي رقم 143 لسنة 2018 فإنه يكون معيبا بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث أسباب الطعن.
وحيث إن موضوع الدعوى صالح للفصل فيه، ولما تقدم، يتعين القضاء برفضه.


الطعن 1005 لسنة 88 ق جلسة 24 / 9 / 2019 مكتب فني 70 رجال قضاء ق 6 ص 49

جلسة 24 من سبتمبر سنة 2019
برئاسة السيد القاضي/ موسى محمد مرجان نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ أحمد صلاح الدين وجدي، صلاح محمد عبد العليم، عز الدين عبد الخالق عمر ووليد محمد بركات نواب رئيس المحكمة.
---------------
الطعن رقم 1005 لسنة 88 القضائية (رجال القضاء)

(1) إذ كان المقرر أن المحكمة الدستورية العليا قد انتهت في أسباب حكمها الصادر في الدعوى رقم 27 لسنة 37 قضائية إلى أن الدستور قد كفل في المادتين (13،12) منه حق العمل والحفاظ على حقوق العمال ومن ثم فلا يجوز للدولة أن تعطل جوهرها، ولا أن تتخذ من حمايتها للعامل موطئا لإهدار حقوق يملكها، وعلى الأخص تلك التي تتصل بالأوضاع التي ينبغي أن يمارس العمل فيها، ويندرج تحتها الحق في الإجازة السنوية التي لا يجوز لجهة العمل أن تحجبها عن عامل يستحقها، وإلا كان ذلك منها عدوانا على صحته البدنية والنفسية، وإخلالا بأحد التزاماتها الجوهرية التي لا يجوز للعامل بدوره أن يتسامح فيها، ونكولا عن الحدود المنطقية التي ينبغي وفقا للدستور أن تكون إطارا لحق العمل.

(2) إذ كان من غير الجائز أن يتخذ العامل من الإجازة السنوية وعاء ادخاريا من خلال ترحيل مددها التي تراخى في استعمالها، ثم تجميعها ليحصل بعد انتهاء خدمته على ما يقابلها من الأجر، إلا أن هذا الحكم لا ينبغي أن يسري على إطلاقه، بما مؤداه أنه كلما كان فوات الإجازة راجعا إلى جهة العمل أو لأسباب اقتضتها ظروف أدائه دون أن يكون لإرادة العامل يد فيها، كانت جهة العمل مسئولة عن تعويضه عنها، فيجوز للعامل عندئذ - وكأصل عام - أن يطلبها جملة، إذا كان اقتضاء ما تجمع من إجازاته السنوية على هذا النحو ممكنا عينا، وإلا كان التعويض النقدي عنها واجبا، تقديرا بأن المدة التي يمتد إليها الحرمان من استعمال تلك الإجازة مردها إلى جهة العمل فكان لزاما أن تتحمل وحدها تبعة ذلك، ومن ثم فلا يجوز وضع حد أقصى لهذا التعويض، أو وضع حد أقصى للإجازات السنوية التي يجوز للعامل احتسابها أو احتساب الأجر المقابل لها.

(3) إذ كان قانون السلطة القضائية قد خلا من النص على صرف مقابل رصيد الإجازات الاعتيادية الذي لم يستنفده القاضي أو عضو النيابة العامة فإنه يرجع في هذا الشأن إلى أحكام قانون الخدمة المدنية الصادر بالقانون رقم 81 لسنة 2016 وذلك فيما لا يتعارض مع التنظيم القانوني للهيئات القضائية وما تتسم به وظائفها من طبيعة خاصة، ولما كان مفاد نص المادة 50 من قانون الخدمة المدنية سالف الذكر، والمادة (137) من اللائحة التنفيذية للقانون المذكور الصادرة بقرار رئيس الوزراء رقم 1216 لسنة 2017 أنه يشترط لصرف المقابل النقدي لرصيد الإجازات الاعتيادية الذي يتكون بعد تاريخ العمل بالقانون المشار إليه أن يتقدم الموظف بطلب للحصول على إجازاته وأن تقرر السلطة المختصة رفض الطلب لأسباب تتعلق بمصلحة العمل، ويستحق الموظف عنه مقابلا نقديا يصرف بعد مرور ثلاث سنوات على انتهاء العام المستحق عنه الإجازة على أساس أجره الوظيفي في هذا العام.

(4) المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن المشرع قد نص على أن العطلة القضائية تبدأ كل عام من أول يوليو وتنتهي في آخر سبتمبر ولم يجز للقضاة وأعضاء النيابة العامة الحصول على إجازة في غير العطلة القضائية إلا إذا كان قد أدوا العمل خلالها وبشرط أن تسمح حالة العمل بذلك، غير أنه من ناحية أخرى أوجب صراحة على المحاكم بدرجاتها أن تستمر في أثناء العطلة القضائية في نظر القضايا التي يصدر بتعيينها قرار من وزير العدل بعد أخذ رأي مجلس القضاء الأعلى، كما أوكل إلى الجمعيات العمومية للمحاكم تنظيم العمل سواء خلال العطلة القضائية أو خلال فترات العمل، مما مؤداه أن رغبة العضو في استيداء إجازته السنوية أمرا مرهونا دائما بالنظام الذي تقرره جهة الإدارة بما يكفل حسن سير العمل القضائي على نحو يضمن تحقيق العدالة الناجزة، وعلى ذلك فإن عدم حصول رجل القضاء على إجازاته السنوية أو حصوله عليها يرتبط دائما بذلك النظام الذي استنته الجهات القائمة على أداء هذا المرفق الحيوي والهام وتنظيم العمل القضائي ذاته لما له من طبيعة خاصة وذاتية بما ينبئ بأن عدم حصول رجل القضاء على إجازاته المقررة إنما يرجع دائما إلى أسباب اقتضتها مصلحة العمل وحسن أدائه، وبما ينشئ له حقا في صرف المقابل النقدي كاملا بديلا عن هذه الإجازات ولا يغير من ذلك القول بأن الأوراق قد خلت من دليل على أن عدم قيام القاضي بالإجازة كان يرجع إلى مصلحة العمل وأنه لم يثبت أنه القاضي كان قد طلب القيام بإجازة أو أن جهة العمل رفضت طلبه وألزمته بالاستمرار في العمل.

(5) إذ كان لا ينال مما تقدم - حق القاضي في الحصول على المقابل النقدي عن رصيد إجازته التي لم يستنفدها - القول بأن القانون رقم 81 لسنة 2016 الخدمة المدنية قرر صرف المقابل النقدي لرصيد الإجازات بعد مرور ثلاث سنوات على انتهاء العام المستحق عنه الإجازة فقد استقر قضاء هذه المحكمة على أن القاضي يستحق المقابل النقدي لرصيد الإجازات عند بلوغه سن الستين، ثم يستحق المقابل النقدي لما يستحق له من رصيد الإجازات الذي لم يستنفده بعد بلوغه سن الستين وحتى بلوغه سن التقاعد المقرر للقاضي وهو سبعون عاما، كما لا ينال من ذلك حصول القاضي على مكافأة عن عمله خلال أشهر الصيف لأنها لا توازي مرتب الشهر العادي وقوامه الأجر الأساسي والمتغير بمفرداته وعناصره والذي يتعين استصحابه مضاعفا حال عمله خلال العطلة الصيفية، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وخلص إلى أحقية المطعون ضده في صرف المقابل النقدي لرصيد إجازاته الاعتيادية الذي لم يستنفده بسبب مقتضيات العمل عند بلوغه سن التقاعد فإنه يكون قد انتهى إلى قضاء صحيح.

------------

الوقائع

وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم ... لسنة 135ق القاهرة "رجال القضاء" على الطاعنين بصفتيهما بطلب الحكم بأحقيته في صرف المقابل النقدي عن رصيده من الإجازات الاعتيادية الذي لم يستنفده بسبب مقتضيات العمل محسوبا على أساس آخر أجر أساسي كان يتقاضاه عند بلوغه سن التقاعد مضافا إليه العلاوات الخاصة مع عدم خصم ما تقاضاه من مكافأة عن عمل الصيف، وقال بيانا لذلك إنه بلغ السن القانونية للتقاعد طبقا لأحكام القانون رقم 183 لسنة 2008 وله رصيد من الإجازات الاعتيادية لم يحصل عليه بسبب مقتضيات العمل وإذ لم تقم جهة العمل بصرف المقابل النقدي عنه فقد أقام الدعوى، بتاريخ 17/9/2018 قضت محكمة الاستئناف بأحقية المطعون ضده في طلباته، طعن الطاعنان بصفتيهما في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة - في غرفة المشورة - فحددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.

-------------

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر، والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد ينعى به الطاعنان بصفتيهما على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله، ويقولان في بيان ذلك إن قانون الخدمة المدنية الصادر بالقانون رقم 81 لسنة 2016 والمعمول به بتاريخ 2/11/2016 لم ينص على سريان أحكامه على المعاملين بكادرات خاصة ومنهم أعضاء السلطة القضائية وبالتالي فلا ينطبق بالنسبة لهم الأحكام الخاصة بالمقابل النقدي لرصيد الإجازات الاعتيادية، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بأحقية المطعون ضده في المقابل النقدي لرصيد إجازاته الاعتيادية عن الفترة من 2/11/2016 وحتى 30/6/2018 فإنه يكون معيبا بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أنه من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن المحكمة الدستورية العليا قد انتهت في أسباب حكمها الصادر في الدعوى رقم 27 لسنة 37 قضائية إلى أن الدستور قد كفل في المادتين (13،12) منه حق العمل والحفاظ على حقوق العمال، ومن ثم فلا يجوز للدولة أن تعطل جوهرها، ولا أن تتخذ من حمايتها للعامل موطئا لإهدار حقوق يملكها، وعلى الأخص تلك التي تتصل بالأوضاع التي ينبغي أن يمارس العمل فيها، ويندرج تحتها الحق في الإجازة السنوية التي لا يجوز لجهة العمل أن تحجبها عن عامل يستحقها، وإلا كان ذلك منها عدوانا على صحته البدنية والنفسية، وإخلالا بأحد التزاماتها الجوهرية التي لا يجوز للعامل بدوره أن يتسامح فيها، ونكولا عن الحدود المنطقية التي ينبغي وفقا للدستور أن تكون إطارا لحق العمل. وأنه ولئن كان من غير الجائز أن يتخذ العامل من الإجازة السنوية وعاء ادخاريا من خلال ترحيل مددها التي تراخى في استعمالها، ثم تجميعها ليحصل بعد انتهاء خدمته على ما يقابلها من الأجر، إلا أن هذا الحكم لا ينبغي أن يسري على إطلاقه، بما مؤداه أنه كلما كان فوات الإجازة راجعا إلى جهة العمل أو لأسباب اقتضتها ظروف أدائه دون أن يكون لإرادة العامل يد فيها، كانت جهة العمل مسئولة عن تعويضه عنها، فيجوز للعامل عندئذ - وكأصل عام - أن يطلبها جملة، إذا كان اقتضاء ما تجمع من إجازاته السنوية على هذا النحو ممكنا عينا، وإلا كان التعويض النقدي عنها واجبا، تقديرا بأن المدة التي يمتد إليها الحرمان من استعمال تلك الإجازة مردها إلى جهة العمل فكان لزاما أن تتحمل وحدها تبعة ذلك، ومن ثم فلا يجوز وضع حد أقصى لهذا التعويض، أو وضع حد أقصى للإجازات السنوية التي يجوز للعامل احتسابها أو احتساب الأجر المقابل لها.
وحيث إنه لما كان قانون السلطة القضائية قد خلا من النص على صرف مقابل رصيد الإجازات الاعتيادية الذي لم يستنفده القاضي أو عضو النيابة العامة فإنه يرجع في هذا الشأن إلى أحكام قانون الخدمة المدنية الصادر بالقانون رقم 81 لسنة 2016 وذلك فيما لا يتعارض مع التنظيم القانوني للهيئات القضائية وما تتسم به وظائفها من طبيعة خاصة، ولما كان مفاد نص المادة 50 من قانون الخدمة المدنية سالف الذكر، والمادة (137) من اللائحة التنفيذية للقانون المذكور الصادرة بقرار رئيس الوزراء رقم 1216 لسنة 2017 أنه يشترط لصرف المقابل النقدي لرصيد الإجازات الاعتيادية الذي يتكون بعد تاريخ العمل بالقانون المشار إليه أن يتقدم الموظف بطلب للحصول على إجازاته وأن تقرر السلطة المختصة رفض الطلب لأسباب تتعلق بمصلحة العمل، ويستحق الموظف عنه مقابلا نقديا يصرف بعد مرور ثلاث سنوات على انتهاء العام المستحق عنه الإجازة على أساس أجره الوظيفي في هذا العام، ولما كان من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن المشرع قد نص على أن العطلة القضائية تبدأ كل عام من أول يوليو وتنتهي في آخر سبتمبر ولم يجز للقضاة وأعضاء النيابة العامة الحصول على إجازة في غير العطلة القضائية إلا إذا كان قد أدوا العمل خلالها وبشرط أن تسمح حالة العمل بذلك، غير أنه من ناحية أخرى أوجب صراحة على المحاكم بدرجاتها أن تستمر في أثناء العطلة القضائية في نظر القضايا التي يصدر بتعيينها قرار من وزير العدل بعد أخذ رأي مجلس القضاء الأعلى، كما أوكل إلى الجمعيات العمومية للمحاكم تنظيم العمل سواء خلال العطلة القضائية أو خلال فترات العمل، مما مؤداه أن رغبة العضو في استيداء إجازته السنوية أمرا مرهونا دائما بالنظام الذي تقرره جهة الإدارة بما يكفل حسن سير العمل القضائي على نحو يضمن تحقيق العدالة الناجزة، وعلى ذلك فإن عدم حصول رجل القضاء على إجازاته السنوية أو حصوله عليها يرتبط دائما بذلك النظام الذي استنته الجهات القائمة على أداء هذا المرفق الحيوي والهام وتنظيم العمل القضائي ذاته لما له من طبيعة خاصة وذاتية بما ينبئ بأن عدم حصول رجل القضاء على إجازاته المقررة إنما يرجع دائما إلى أسباب اقتضتها مصلحة العمل وحسن أدائه، وبما ينشئ له حقا في صرف المقابل النقدي كاملا بديلا عن هذه الإجازات ولا يغير من ذلك القول بأن الأوراق قد خلت من دليل على أن عدم قيام القاضي بالإجازة كان يرجع إلى مصلحة العمل وأنه لم يثبت أنه القاضي كان قد طلب القيام بإجازة أو أن جهة العمل رفضت طلبه وألزمته بالاستمرار في العمل، كما لا ينال مما تقدم القول بأن القانون رقم 81 لسنة 2016 المشار إليه قرر صرف المقابل النقدي لرصيد الإجازات بعد مرور ثلاث سنوات على انتهاء العام المستحق عنه الإجازة فقد استقر قضاء هذه المحكمة على أن القاضي يستحق المقابل النقدي لرصيد الإجازات عند بلوغه سن الستين، ثم يستحق المقابل النقدي لما يستحق له من رصيد الإجازات الذي لم يستنفده بعد بلوغه سن الستين وحتى بلوغه سن التقاعد المقرر للقاضي وهو سبعون عاما، كما لا ينال من ذلك حصول القاضي على مكافأة عن عمله خلال أشهر الصيف لأنها لا توازي مرتب الشهر العادي وقوامه الأجر الأساسي والمتغير بمفرداته وعناصره والذي يتعين استصحابه مضاعفا حال عمله خلال العطلة الصيفية، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وخلص إلى أحقية المطعون ضده في صرف المقابل النقدي لرصيد إجازاته الاعتيادية الذي لم يستنفده بسبب مقتضيات العمل عند بلوغه سن التقاعد فإنه يكون قد انتهى إلى قضاء صحيح ويضحى الطعن قائما على غير أساس متعينا القضاء برفضه.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.


الطعن 257 لسنة 49 ق جلسة 6 /5 / 1985 مكتب فني 36 ج 2 ق 149 ص 723

جلسة 6 من مايو سنة 1985

برياسة السيد المستشار/ مصطفى سليم نائب رئيس المحكمة؛ وعضوية السادة المستشارين: د. جمال الدين محمود نائب رئيس المحكمة، أحمد طارق البابلي، شمس ماهر وأحمد زكي غرابة.

------------------

(149)
الطعن رقم 257 لسنة 49 القضائية

(1: 2) حكم "الطعن في الحكم". نقض "الأحكام غير الجائز الطعن فيها".
1 - الأحكام الصادرة أثناء سير الدعوى ولا تنتهي بها الخصومة كلها. عدم جواز الطعن فيها على استقلال. الاستثناء. م 212 مرافعات.
2 - الحكم المنهي للخصومة. ماهيته. الحكم الذي ينتهي به موضوع الخصومة الأصلية برمته بالنسبة لجميع أطرافه وليس الحكم الذي يصدر في شق منها أو في مسألة عارضة عليها أو فرعية متعلقة بالإثبات فيها. مثال.
(3) عمل "إصابة العمل". تأمينات اجتماعية "المعونة المالية".
استحقاق المؤمن عليه المصاب للمعونة المالية في ظل قانون التأمينات الاجتماعية 92 لسنة 1959. شرطه. والحد الأقصى لمدة سنة واحدة. علة ذلك.

-------------------
1 - يدل نص المادة 212 من قانون المرافعات - وعلى ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية - على أن المشرع قد وضع قاعدة عامة تقضي بعدم جواز الطعن على استقلال في الأحكام الصادرة أثناء سير الخصومة قبل الحكم الختامي المنهي لها وذلك فيما عدا الأحكام الوقتية والمستعجلة والصادرة بوقف الدعوى أو التي تصدر في شق منها وتكون قابلة للتنفيذ الجبري، ورائد المشرع في ذلك هو الرغبة في منع تقطيع أوصال القضية الواحدة وتوزيعها بين مختلف المحاكم مما قد يؤدي إلى تعويق الفصل في موضوعها وما يترتب على ذلك حتماً من زيادة نفقات التقاضي.
2 - الحكم المنهي للخصومة في مفهوم المادة 212 من قانون المرافعات هو الحكم الذي ينهي النزاع برمته بالنسبة لجميع أطرافه ولا يعتد في هذا الخصوص بانتهاء الخصومة حسب نطاقها الذي رفعت به أمام محكمة الاستئناف وإنما الخصومة التي ينظر إلى انتهائها إعمالاً لهذه المادة - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هي الخصومة الأصلية المنعقدة بين طرفي التداعي، والحكم الذي يجوز الطعن فيه هو الحكم الختامي الذي ينتهي به موضوع هذه الخصومة برمته وليس الحكم الذي يصدر في شق منها أو في مسألة عارضة عليها أو فرعية متعلقة بالإثبات فيها. لما كان الحكم الصادر من المحكمة الابتدائية بتاريخ.... قد قضى برفض الدعوى قبل المطعون ضدها الثانية وبندب خبير لتحقيق طلبات الطاعن قبل المطعون ضدها الأولى، فإنه لا يكون حكماً منهياً للخصومة، ولا يجوز استئنافه على استقلال طالما أن الخصومة فيما بين الطاعن والمطعون ضدهما واحدة، ولا يدخل الحكم ضمن الأحكام المستثناة بموجب المادة 212 من قانون المرافعات من القاعدة العامة التي أوردتها، ويكون الحكم الصادر بتاريخ... في الاستئناف رقم.... بعدم جواز استئناف ذلك الحكم غير قابل للطعن بطريق النقض إلا مع الحكم المنهي للخصومة برمتها.
3 - لما كان مؤدى نصوص المواد من 26 إلى 34 من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 92 لسنة 1959 - بإصدار قانون التأمينات الاجتماعية - الذي وقعت الإصابة في ظله - أنه إذا أصيب المؤمن عليه بإصابة عمل في ظل العمل بهذا القانون فإن على مؤسسة التأمينات - الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية - أن تؤدي إليه معونة مالية تعادل 70% من أجره لمدة تسعين يوماً اعتباراً من اليوم التالي لإصابته تزاد بعدها إلى 80% من الأجر بشرط ألا تقل عن الحد الأدنى للأجر اليومي المقرر قانوناً أو الأجر الفعلي للمصاب إن قل عن ذلك و يستمر صرفها طوال مدة عجزه عن أداء عمله أو حتى ثبوت العجز المستديم أو حدوث الوفاة أو انقضاء سنة من تاريخ استحقاقها أيها أسبق، وفي حالة عدم استقرار حالته يجرى تقدير درجة العجز المتخلف عن الإصابة بعد انقضاء سنة من تاريخ وقوعها ويصرف له معاش أو تعويض من دفعة واحدة بحسب الأحوال طبقاً للمواد من 29 إلى 34 من قانون التأمينات الاجتماعية المشار إليه وهو ما مفاده أن الحد الأقصى لمدة استحقاق المعونة المالية هو سنة واحدة، وكان الثابت في الدعوى أن الطاعن اقتضى المعونة المالية مدة تزيد على سنة، ثم صرف له معاش العجز، ومن ثم لا يحق له من بعد أن يقتضي معونة العجز عن ذات الإصابة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 746 سنة 1975 عمال كلي شمال القاهرة على المطعون ضدهما (الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية والشركة....) وطلب الحكم بإلزامهما متضامنين بأن يدفعا له مبلغ 3840 ج وما يستجد والفوائد بواقع 4% من تاريخ رفع الدعوى وقال بياناً لها إنه كان يعمل كهربائياً على إحدى سفن المطعون ضدها الثانية بأجر شهري مقداره 58 ج، وبتاريخ 15/ 5/ 1962 أصيب أثناء العمل بإصابة نشأ عنها عجز جزئي قدر بنسبة 80%، وإذ كان يحق له اقتضاء أجره حتى يتم شفاؤه طبقاً لما تقضي به المادة 78 من القانون البحري فقد أقام الدعوى بطلبه السالف البيان. وبتاريخ 27/ 4/ 1976 حكمت المحكمة برفض الدعوى قبل المطعون ضدها الثانية وبندب خبير وبعد أن قدم تقريره حكمت في 17/ 5/ 1977 بسقوط حق الطاعن في المطالبة بمستحقاته قبل المطعون ضدها الأولى بالتقادم الخمسي. استأنف الطاعن هذين الحكمين بالاستئنافين رقمي 819 سنة 93 ق، 939 سنة 94 ق القاهرة وبعد أن ضمت المحكمة الاستئنافين حكمت في 27/ 11/ 1977 بعدم جواز الاستئناف رقم 819 سنة 93 ق القاهرة في الاستئناف رقم 939 سنة 94 ق القاهرة بإلغاء الحكم المستأنف وبندب خبير في الدعوى، وبعد أن قدم الخبير تقريره وعدل الطاعن طلباته إلى طلب الحكم بإلزام المطعون ضدها الأولى بأن تدفع له مبلغ 5742 ج قيمة أجر الإصابة حتى تاريخ الحكم، حكمت المحكمة في 10/ 12/ 1978 برفض الدعوى. طعن الطاعن في هذين الحكمين بطريق النقض ودفعت الشركة المطعون ضدها الثانية بسقوط حق الطعن في الحكم الصادر بتاريخ 27/ 11/ 1977 وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. وعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مبنى الدفع بسقوط الطعن في الحكم الصادر في الاستئناف رقم 819 سنة 91 ق القاهرة أن هذا الحكم منه للخصومة وأن الطعن فيه رفع بعد ستين يوما من تاريخ صدوره في 27/ 11/ 1977.
وحيث إن هذا الدفع غير سديد ذلك أنه لما كان النص في المادة 212 من قانون المرافعات على أنه "لا يجوز الطعن في الأحكام التي تصدر أثناء سير الدعوى" ولا تنتهي بها الخصومة إلا بعد صدور الحكم المنهي للخصومة كلها، وذلك فيما عدا الأحكام الوقتية والمستعجلة والصادرة بوقف الدعوى والأحكام القابلة للتنفيذ "الجبري" يدل - وعلى ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية - على أن المشرع قد وضع قاعدة عامة تقضي بعدم جواز الطعن على استقلال في الأحكام الصادرة أثناء سير الخصومة قبل الحكم الختامي المنهي لها وذلك فيما عدا الأحكام الوقتية والمستعجلة والصادرة بوقف الدعوى أو التي تصدر في شق منها وتكون قابلة للتنفيذ الجبري ورائد المشرع في ذلك هو الرغبة في منع تقطيع أوصال القضية الواحدة وتوزيعها بين مختلف المحاكم مما قد يؤدي إلى تعويق الفصل في موضوعها وما يترتب على ذلك حتماً من زيادة نفقات التقاضي كان الحكم المنهي للخصومة في مفهوم تلك المادة هو الحكم الذي ينهي النزاع برمته بالنسبة لجميع أطرافه ولا يعتد في هذا الخصوص بانتهاء الخصومة حسب نطاقها الذي رفعت به أمام محكمة الاستئناف وإنما الخصومة التي ينظر إلى انتهائها إعمالاً لهذه المادة - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هي الخصومة الأصلية المنعقدة بين طرفي التداعي، والحكم الذي يجوز الطعن فيه هو الحكم الختامي الذي ينتهي به موضوع هذه الخصومة برمته وليس الحكم الذي يصدر في شق منها أو في مسألة عارضة عليها أو فرعية متعلقة بالإثبات فيها، وكان الحكم الصادر من المحكمة الابتدائية بتاريخ 27/ 4/ 1976 قد قضى برفض الدعوى قبل المطعون ضدها الثانية وبندب خبير لتحقيق طلبات الطاعن قبل المطعون ضدها الأولى، فإنه لا يكون حكماً منهياً للخصومة ولا يجوز استئنافه على استقلال طالما أن الخصومة فيما بين الطاعن والمطعون ضدهما واحدة، ولا يدخل الحكم ضمن الأحكام المستثناة بموجب المادة 212 من قانون المرافعات من القاعدة العامة التي أوردتها، ويكون الحكم الصادر بتاريخ 27/ 11/ 1977 في الاستئناف رقم 819 سنة 93 ق القاهرة - بعدم جواز استئناف ذلك الحكم غير قابل للطعن بطريق النقض إلا مع الحكم المنهي للخصومة برمتها الصادر بتاريخ 10/ 12/ 1978 في الاستئناف رقم 939 سنة 94 ق القاهرة، وإذ أقيم الطعن في الحكمين خلال ستين يوما من تاريخ صدور الحكم في الاستئناف رقم 939 سنة 94 ق القاهرة فإنه يكون قد رفع في الميعاد المقرر قانوناً ويكون الدفع المبدى من المطعون ضدها الثانية بسقوط الطعن في الحكم الصادر في الاستئناف رقم 819 سنة 93 ق القاهرة لرفعه بعد ستين يوماً من تاريخ صدوره، غير سديد.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى الطاعن بالسبب الأول منهما على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وفي بيان ذلك يقول إنه لما كان قضاء الحكم الصادر من المحكمة الابتدائية بتاريخ 27/ 4/ 1976 برفض الدعوى قبل المطعون ضدها الثانية منهياً للخصومة ويجوز استئنافه على استقلال فإن الحكم الصادر في الاستئناف رقم 819 سنة 93 ق القاهرة بتاريخ 27/ 11/ 1977 بعدم جواز استئناف ذلك الحكم يكون قد خالف القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود بما سلف بيانه بصدد الرد على الدفع السابق في أن الحكم الابتدائي الصادر بتاريخ 27/ 4/ 1976 غير منه للخصومة ولا يجوز استئنافه على استقلال.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني للطعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول إنه لما كان الحكم قد قضى بعدم أحقيته للمعونة المالية اعتباراً من تاريخ فصله من عمله لدى المطعون ضدها الثانية في 30/ 8/ 1967 على أساس أن معاش إصابة العمل يستبدل بهذه المعونة اعتباراً من تاريخ انتهاء علاقة عمل المؤمن عليه، في حين أن قانون التأمينات الاجتماعية رقم 63 لسنة 1964 لم يشترط استمرار علاقة العمل لصرف معونة الإصابة للمؤمن عليه، وأن المعاش الذي تصرفه الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية للعامل في هذه الحالة لا يعدو أن يكون تعويضاً عن إصابته أثناء العمل ولا يحول دون اقتضائه المعونة المالية حتى تستقر حالته، فإن الحكم يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أنه لما كان مؤدى نصوص المواد من 26 إلى 34 من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 92 لسنة 1959 - بإصدار قانون التأمينات الاجتماعية - الذي وقعت الإصابة في ظله - أنه إذا أصيب المؤمن عليه بإصابة عمل في ظل العمل بهذا القانون فإن على مؤسسة التأمينات الاجتماعية - الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية - أن تؤدي إليه معونة مالية تعادل 70% من أجره لمدة تسعين يوماً اعتباراً من اليوم التالي لإصابته، تزاد بعدها إلى 80% من الأجر بشرط ألا تقل عن الحد الأدنى للأجر اليومي المقرر قانوناً أو الأجر الفعلي للمصاب إن قل عن ذلك، ويستمر صرفها طوال مدة عجزه عن أداء عمله أو حتى ثبوت العجز المستديم أو حدوث الوفاة أو انقضاء سنة من تاريخ استحقاقها أيها أسبق، وفي حالة عدم استقرار حالته يجرى تقدير درجة العجز المتخلف عن الإصابة بعد انقضاء سنة من تاريخ وقوعها، ويصرف له معاش أو تعويض من دفعة واحدة بحسب الأحوال طبقاً للمواد من 29 إلى 34 من قانون التأمينات الاجتماعية المشار إليه، وهو ما مفاده أن الحد الأقصى لمدة استحقاق المعونة المالية هو سنة واحدة، وكان الثابت في الدعوى أن الطاعن اقتضى المعونة المالية مدة تزيد على سنة، ثم صرف له معاش العجز، ومن ثم لا يحق له من بعد أن يقتضي معونة العجز عن ذات الإصابة، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى هذه النتيجة فإن النعي عليه بهذا السبب يكون غير سديد.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 432 لسنة 48 ق جلسة 20 / 4 / 1981 مكتب فني 32 ج 1 ق 219 ص 1188

جلسة 20 من إبريل سنة 1981

برئاسة السيد المستشار/ نائب رئيس المحكمة الدكتور مصطفى كيرة وعضوية السادة المستشارين: عاصم المراغي، صلاح عبد العظيم، الدكتور أحمد حسني، حافظ السلمي.

-----------------

(219)
الطعن رقم 432 لسنة 48 القضائية

(1) إثبات "العدول عن إجراء الإثبات".
عدول المحكمة عما أمرت به من إجراءات الإثبات لوجود أوراق في الدعوى كافية لتكوين عقيدتها. عدم بيانها صراحة أسباب هذا العدول. لا خطأ. علة ذلك.
(2) إثبات. نظام عام.
قواعد الإثبات غير متعلقة بالنظام العام. السكوت عن التمسك بها أمام محكمة الموضوع. اعتباره قبولاً للإثبات بغير الطريق الذي رسمه القانون.

----------------
1 - النص في المادة التاسعة من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968 على أن "للمحكمة أن تعدل عما أمرت به من إجراءات الإثبات بشرط أن تبين أسباب العدول بالمحضر، ويجوز لها ألا تأخذ بنتيجة الإجراء بشرط أن تبين أسباب ذلك في حكمها" يدل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة على أن حكم الإثبات لا يحوز قوة الأمر المقضي ما دام قد خلت أسبابه من حسم مسألة أولية متنازع عليها بين الخصوم وصدر بالبناء عليها حكم الإثبات ومن ثم يجوز للمحكمة أن تعدل عما أمرت به من إجراءات الإثبات إذا ما وجدت في أوراق الدعوى ما يكفي لتكوين عقيدتها للفصل في موضوع النزاع، كما لها ألا تأخذ بنتيجة الإجراء بعد تنفيذه، وأن تطلب المشرع في النص المشار إليه بيان أسباب العدول عن إجراء الإثبات في محضر الجلسة، وبيان أسباب عدم الأخذ بنتيجة إجراء الإثبات في الحكم إلا أنه لم يرتب جزاء معيناً على مخالفة ذلك فجاء النص في هذا الشأن تنظيمياً.
2 - قواعد الإثبات - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - ليست من النظام العام، وإذ كان الطاعن لم يتمسك بذلك أمام محكمة الموضوع، فإن سكوته يعد قبولاً منه للإثبات بغير الطريقة التي رسمها القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده أقام على الشركة الطاعنة الدعوى رقم 193 لسنة 1966 تجاري كلي إسكندرية، بطلب الحكم ببراءة ذمته من مبلغ 11984 جنيه و0.75 مليماً، الصادر به الحكم رقم 779 لسنة 1958 تجاري كلي إسكندرية، لصالح شركة كولونيال التجارية، التي أدمجت من بعد في الشركة الطاعنة وقال بياناً للدعوى أنه أعلن بتوقيع حجز تنفيذي من جانب الشركة المطعون ضدها على أمواله تحت يد القوات البحرية، والمستأجرين لعقار له، وفاء للمبلغ السالف الذكر، رغم براءة ذمته منه إذ قام بسداده كاملاً إلى الشركة، بموجب سندات مظهرة لصالحها ومبالغ أخرى دفعت إليها وثابتة بدفاترها، وبتاريخ 25/ 4/ 1966 قضت محكمة أول درجة بندب خبير لتصفية الحساب بين الطرفين، وبعد أن قدم الخبير تقريره حكمت في 27/ 1/ 1969 باعتبار المدعي (المطعون ضده) مديناً للشركة المدعى عليها (الطاعنة) بمبلغ 7215 جنيه و260 مليماً، قيمة الباقي من المحكوم به بالحكم رقم 779 لسنة 1958، وألزمته الفوائد القانونية من 9/ 5/ 1968 حتى السداد، ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 94 لسنة 25 ق، كما استأنفه المطعون ضده بالاستئناف رقم 77 لسنة 25 ق، وبتاريخ 14/ 5/ 1969 - بعد ضم الاستئنافين - قضت محكمة استئناف إسكندرية - وقبل الفصل في موضوعهما - بندب مكتب خبراء وزارة العدل لتحقيق وفحص اعتراضات المستأنفين وتصفية الحساب بينهما، وبعد أن قدم مكتب الخبراء تقريره أعادت المحكمة المأمورية إليه بحكمها الصادر في 29/ 4/ 1970 ليقوم كبير الخبراء الحسابيين بفحص اعتراضات الطرفين، ولما قدم تقريره بدلت خبيراً أخر، ثم استبدلت به غيره، وبتاريخ 29/ 12/ 1977 قضت برفض الاستئناف رقم 94 لسنة 25 ق، وفي الاستئناف رقم 77 لسنة 25 ق بتعديل الحكم المستأنف إلى اعتبار المطعون ضده مديناً للطاعنة بمبلغ جنيه واحد و850 مليماً، وببراءة ذمته فيما زاد على ذلك، طعنت الشركة الطاعنة على الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة العامة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ستة أسباب تنعى الطاعنة بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب، وفي بيان ذلك تقول أن محكمة الاستئناف قضت في 16/ 6/ 1971 - وقبل الفصل في الموضوع - بندب خبير في الدعوى لمباشرة المأمورية المبينة في الحكم ثم استبدلت به خبيراً أخر، بحكمها الصادر في 27/ 2/ 1974 وإذ قدم هذا الخبير تقريره، لم تأخذ المحكمة بالنتيجة التي انتهى إليها، دون أن تبين سبب اطراحها لها، كما تقضي بذلك المادة 9 من قانون الإثبات، فجاء الحكم مشوباً بالقصور في التسبيب مما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن النص في المادة التاسعة من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968، على أن "للمحكمة أن تعدل عما أمرت به من إجراءات الإثبات بشرط أن تبين أسباب العدول بالمحضر، ويجوز لها ألا تأخذ بنتيجة الإجراء بشرط أن تبين أسباب ذلك في حكمها، يدل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - على أن حكم الإثبات لا يحوز قوة الأمر المقضي ما دام قد خلت أسبابه من حسم مسألة أولية متنازع عليها بين الخصوم وصدر بالبناء عليها حكم الإثبات، ومن ثم يجوز للمحكمة أن تعدل عما أمرت به من إجراءات الإثبات إذا ما وجدت في أوراق الدعوى ما يكفي لتكوين عقيدتها للفصل في موضوع النزاع، كما لها ألا تأخذ بنتيجة الإجراء بعد تنفيذه، وإن تطلب المشرع في النص المشار إليه بيان أسباب العدول عن إجراء الإثبات في محضر الجلسة، وبيان أسباب عدم الأخذ بنتيجة إجراء الإثبات في الحكم إلا أنه لم يرتب جزاء معيناً على مخالفة ذلك، فجاء النص في هذا الشأن تنظيمياً، لما كان ذلك وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه عول في قضائه على ما استخلصته المحكمة من ظروف النزاع ومستنداته، وتقارير الخبراء، وإذ أفصحت أسبابه عن اطمئنان المحكمة إلى ما ورد بتقريري مكتب خبراء وزارة العدل بشأن دفاتر الشركة الطاعنة، وأنها تأخذ بالنتيجة التي انتهيا إليها للأسباب المفصلة فيهما، فإنه يعد منها إطراحاً ضمنياً للتقرير الأخير للخبير المنتدب من بعد، مما يدخل في سلطتها التامة في تقدير الأدلة والموازنة بينها، والأخذ بما تطمئن إليه منها، واستخلاص الحقيقة فيها، ما دام استخلاصها سائغاً، وله أصل ثابت بالأوراق، فلا يعيب الحكم عدم إفصاحه صراحة في أسبابه، عن عدم أخذه بنتيجة ذلك التقرير الأخير، ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه، الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيانه تقول أن الحكم أقام قضاءه بمديونية المطعون ضده بمبلغ جنيه واحد و850 مليماً، استناداً إلى قرار لجنة تقييم شركة كولونيال الدائنة الأصلية والمندمجة في الشركة الطاعنة - مخالفاً بذلك ما قطعت به محكمة الاستئناف في أسباب حكمها الصادر بجلسة 29/ 4/ 1970، بإعادة الدعوى إلى مكتب خبراء وزارة العدل لفحص اعتراضاتها على تقريره الأول، من أن قرار لجنة التقييم "ليس له أية حجية قبل الغير بالنسبة لما يدعيه قبل المنشأة أو ما تدعيه المنشأة قبله...، وفي هذه الحدود فإن التحدي بقرار تقييم كولونيال - لذاته يكون غير مجد إلا إذا ساند هذا القول دليل متعلق بالحق المدعي به ". ويكون الحكم قد أهدر ما لهذه الأسباب من حجية وقضى على خلاف ما قطعت فيه من عدم إمكان الاحتجاج بقرار لجنة التقييم قبل الغير.
وحيث إن هذا النعي غير صحيح، ذلك أنه لما كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بمديونية المطعون ضده للشركة الطاعنة بمبلغ جنيه واحد و850 مليماً فقط، استناداً إلى قرار لجنة تقييم منشأة كولونيال، وأضاف إليه قرائن استنبطها من أوراق الدعوى وظروفها - على ما سلف البيان في الرد على السبب الأول - فإنه يكون قد التزم ما سبق تقريره في الحكم الصادر في 29/ 4/ 1970، ولم يخالف الثابت في أسبابه بشأن مدى حجية قرار لجنة التقييم مما يغدو معه النعي على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي بالأسباب الثالث والرابع والخامس والسادس، الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك تقول الطاعنة، أن الحكم المطعون فيه قضى ببراءة ذمة المطعون ضده استناداً إلى قرائن ساقها، في حين أنه لا يجوز الإثبات إلا بالكتابة، وفقاً لما تقضي به المادة 100 من قانون الإثبات، لثبوت المديونية بسند كتابي هو الحكم النهائي الصادر بها، وأقام النتيجة التي انتهى إليها على استخلاص غير سائغ ومخالف للثابت بالأوراق، وما سبق أن قطعت به المحكمة بشأن دلالة بعض هذه القرائن، وتمسكت أمام محكمة الموضوع بأن عبء إثبات براءة الذمة على من يدعيه، وقد عجز المطعون ضده عن هذا الإثبات، كما تمسكت بعدم حجية قرار لجنة التقييم على الغير. غير أن الحكم أغفل ما أثارته من دفاع ولم يرد عليه.
وحيث إن النعي بالأسباب الأربعة السابقة مردود، ذلك أن تقدير الأدلة مما يدخل في سلطة محكمة الموضوع، التي لها السلطة التامة في بحث مستندات الدعوى واستخلاص ما تراه متفقاً مع الواقع فيها، كما أن تقدير القرائن هو أيضاً مما يستقل به قاضي الموضوع، ولا شأن لمحكمة النقض بكل ذلك، متى كان استخلاصه وما يستنبطه من القرائن سائغاً وله أصل ثابت بالأوراق، وليس على الحكم أن يتتبع أقوال الخصوم وحججهم ويرد استقلالاً على كل قول أو حجة أثاروها، ما دام قيام الحقيقة التي اقتنع بها وأورد دليلها، فيه الرد الضمني المسقط لتلك الأقوال والحجج، ولما كانت قواعد الإثبات وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - ليست من النظام العام، وكان الطاعن لم يتمسك بذلك أمام محكمة الموضوع، فإن سكوته يعد قبولاً منه للإثبات بغير الطريق التي رسمه القانون، ولا على الحكم المطعون فيه إذ اتخذ من القرائن سبيلاً للإثبات، وعرض لما جاء في أوراق الدعوى وظروفها، ثم استنبط منها خمس قرائن، من الإخطارات المرسلة من الشركة الطاعنة إلى المطعون ضده، وميزانية الشركة المندمجة في الشركة الدامجة - الطاعنة - وتاريخ الإدماج، وخلو قرار الإدماج من تحديد الحقوق التي تحال من ذمة الشركة الأولى إلى الشركة الثانية، وأضاف هذه القرائن إلى قرار لجنة تقييم أصول وخصوم منشأة كولونيال المندمجة، وكانت هذه القرائن متساندة وسائغة، ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها، وما قضى به، ولا تجوز مناقشة كل قرينة منها على حدة لإثبات عدم كفايتها، فإن ما أقام الحكم قضاءه عليه، من أسباب، لا مخالفة فيها للثابت بالأوراق، وكاف لحمله، لما كان ذلك، فإن النعي بهذه الأسباب لا يعدو أن يكون مجادلة في تقدير محكمة الموضوع للأدلة التي اعتمدت عليها، مما لا يجوز إثارته أمام هذه المحكمة، ومن ثم يكون النعي في غير محله.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.