الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 5 أغسطس 2023

الطعنان 2740 ، 2742 لسنة 36 ق جلسة 2 / 4 /1994 إدارية عليا مكتب فني 39 ج 2 ق 115 ص 1185

جلسة 2 من إبريل سنة 1994

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ فاروق عبد السلام شعت - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة: رأفت محمد يوسف، وأبو بكر محمد رضوان، ومحمد أبو الوفا عبد المتعال، وغبريال جاد عبد الملاك - نواب رئيس مجلس الدولة.

----------------

(115)

الطعن رقم 2740، 2742 لسنة 36 القضائية

مجلس الدولة - ما يدخل في اختصاصه بهيئة قضاء إداري - منازعات العاملين بالبنك المركزي - قرار لفت نظر.
يعتبر البنك المركزي من أشخاص القانون العام - أثر ذلك: أن القرارات التي يصدرها هي قرارات إدارية والعاملين به هم موظفون عموميون - مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري هو صاحب الولاية العامة في نظر الطعون في القرارات التي تصدر من البنك المركزي بالنسبة للعاملين به سواء كانت قرارات إدارية أو قرارات تأديبية - القرار الصادر بلفت نظر الطاعنة وخفض تقدير كفايتها ليس من الجزاءات التأديبية الصريحة التي تختص بها المحاكم التأديبية - يختص القضاء الإداري به - أساس ذلك: أن الطاعنة تشغل وظيفة مصرفي ( أ ) وهي تعادل درجة أعلى من الدرجة الثانية طبقاً للقانون رقم 47 لسنة 1978 - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الأربعاء الموافق 27/ 6/ 1990 أودع الأستاذ/...... المحامي بصفته وكيلاً عن الطاعنة الأولى/....... قلم كتاب هذه المحكمة تقريراً بالطعن قيد برقم 2740 لسنة 36 ق عليا في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية لوزارة التربية والتعليم وملحقاتها بجلسة 30/ 2/ 1990 في الدعوى رقم 221/ 22 ق والذي قضى أولاً: بعدم اختصاص المحكمة بنظر الطعن بالنسبة لقراري لفت نظر الطاعنة وتقدير كفايتها عن المدة من 1/ 4/ 1987 حتى 31/ 3/ 1988 وإحالته بحالته إلى محكمة جنوب القاهرة الابتدائية - الدائرة العمالية للاختصاص بنظره بالجلسة التي تحدد لذلك ويخطر بها الخصوم. ثانياً: قبول الطعن شكلاً بالنسبة للشق المتعلق بالطعن في القرار الصادر بتاريخ 15/ 6/ 1988 فيما تضمنه من مجازاة الطاعنة بخصم خمسة أيام من أجرها - والذي عدل إلى خصم يومين وفي الموضوع بإلغاء القرار المذكور مع ما يترتب على ذلك من آثار. ثالثاً: رفض ما عدا ذلك من طلبات.
وقد انتهى تقرير الطعن للأسباب الواردة به تفصيلاً إلى طلب الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وإجابة الطاعنة لطلباتها بإلغاء القرارات المطعون فيها مع كل ما يترتب على ذلك من آثار.
وبتاريخ 27/ 6/ 1990 أودع الأستاذ/......... المحامي بصفته وكيلاً عن محافظ البنك المركزي - قلم كتاب هذه المحكمة تقريراً بالطعن قيد برقم 2742 لسنة 36 ق عليا في ذات الحكم المطعون فيه، وقد انتهى هذا التقرير إلى طلب الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به وبإحالة الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري فيما يتعلق بالاختصاص بنظر قراري البنك ومن لفت نظر وتقرير الكفاية للمطعون ضدها وبرفض الطعن فيما يتعلق بالطعن على قرار الجزاء المقضي بإلغائه بالحكم المطعون فيه.
وقد تم إعلان الطعنين للمطعون ضدهما بتاريخ 12/ 7/ 1990، 16/ 3/ 1990.
وقد أودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني في الطعنين المشار إليهما وقد انتهت فيه إلى أنها ترى الحكم:
أولاً: بضم الطعنين رقمي 2740، 2742 لسنة 36 ق عليا ليصدر فيهما حكم واحد.
ثانياً: قبول الطعنين شكلاً وفي الموضع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من اختصاص محكمة جنوب القاهرة الابتدائية - الدائرة العمالية بنظر الطعن بالنسبة لقراري لفت نظر الطاعنة وتقدير كفايتها عن المدة من 1/ 4/ 1987 وحتى 21/ 3/ 1988 والقضاء مجدداً بإحالة هذين الطلبين إلى محكمة القضاء الإداري بالقاهرة للاختصاص على النحو المشار إليه بالأسباب ورفض ما عدا ذلك من طلبات.
وقد تحدد لنظر الطعنين أمام دائرة فحص الطعون جلسة 10/ 11/ 1993، وقد قررت الدائرة بجلسة 26/ 1/ 1994 إحالة الطعنين إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الرابعة) وحددت لنظرهما جلسة 19/ 2/ 1994، وبهذه الجلسة قررت المحكمة حجز الطعنين للحكم فيهما بجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعنين قدما في الميعاد وإذ استوفيا الأوضاع الشكلية الأخرى فإنه يتعين قبولهما شكلاً.
ومن حيث إن هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الأوراق - في أنه في 28/ 7/ 1988 أقامت الطاعنة/....... الدعوى رقم 221 لسنة 22 ق بإيداع أوراقها قلم كتاب المحكمة التأديبية لوزارة التربية والتعليم وملحقاتها طالبة الحكم بقبولها شكلاً وفي الموضوع
أولاً: بإلغاء الجزاء الموقع عليها بتاريخ 23/ 6/ 1988.
ثانياً: تعديل تقرير كفايتها عن الفترة من 1/ 4/ 1978 حتى 31/ 3/ 1988 بجعله بمرتبة ممتاز بدلاً من متوسط مع ما يترتب على ذلك من آثار، وقالت في طعنها إنها تلقت في 26/ 6/ 1988 كتاباً من البنك بمجازاتها بخصم شهر من أجرها بمقولة تعديها على المدير العام بالسب والقذف يوم 8/ 3/ 1988، وبمجازاتها بخصم خمسة أيام من أجرها لتقديمها شكوى ضد بعض العاملين ثبت عدم صحتها، وجزاءات أخرى جملتها ستة أيام ولفت نظر، كما تلقت كتاباً من البنك مؤرخاً 17/ 7/ 1988 ومتضمناً اعتماد لجنة شئون العاملين بالبنك درجة كفايتها عن الفترة من 1/ 4/ 1987 حتى 31/ 3/ 1988 بمرتبة متوسط، وأضافت الطاعنة أنها التحقت بالبنك المركزي في 6/ 9/ 1970 وقد رقيت في العمل حتى شغلت وظيفة مصر في ( أ ) بالإدارة العامة لإصدار النقد، وأن الجزاءات الموقعة عليها لم تصادف صحيح حكم القانون.
ومن حيث إنه بجلسة 3/ 4/ 1990 صدر الحكم المطعون فيه وأقام قضاءه على أساس أن التكييف الصحيح لطلبات الطاعنة هي قبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرارات التالية مع ما يترتب على ذلك من آثار: أولاً: القرارات الصادرة بتاريخ 29/ 5/ 1988 بلفت نظرها والخصم من أجرها لمدة ستة أيام. ثانياً: القراران الصادران في 15/ 6/ 1988 بالخصم من أجرها لمدة شهر ولمدة خمسة أيام، ثالثاً: القرار الصادر بتقدير كفايتها عن الفترة من 1/ 7/ 1987 حتى 21/ 3/ 1988 بمرتبة متوسط وجعله بمرتبة ممتاز، وأنه لما كان البحث في الاختصاص سابق للبحث في شكل الطعن وموضوعه وأنه طبقاً للائحة جزاءات البنك فإن لفت النظر ليس من الجزاءات ولا يترتب عليه أية آثار تأديبية وهو إجراء لتنبيه العامل إلى المخالفة التي ارتكبها. كما أن قرار تقدير كفايتها عن الفترة المشار إليها لا يندرج ضمن الجزاءات التأديبية التي يجوز توقيعها على العاملين بالبنك وبالتالي لا تكون المحكمة مختصة بنظر الطعن بالنسبة للقرارين المشار إليهما ويتعين إحالة الطلبين بحالتهما إلى محكمة القاهرة الابتدائية (الدائرة العمالية) للاختصاص، أما بالنسبة لطلب الطاعنة إلغاء قرار مجازاتها بالخصم من أجرها لمدة ستة أيام فإن هذا الجزاء صدر بعدة قرارات الأول بخصم يومين من رابتها والثاني بخصم ثلاثة أيام والثالث بخصم يوم وأنه بالنسبة للقرار الأول فإن الثابت من الأوراق أنه كان قد صدر لما ثبت في حق الطاعنة من حضورها متأخرة يومي 26/ 1 و28/ 1/ 1988 وقيامها بتمزيق دفتر الحضور والانصراف - الصحيفة الخاصة بالفترة من 12/ 1 حتى 31/ 1/ 1988 - ويتعين لذلك القضاء برفض الطعن بالنسبة لهذا الشق من الطلبات وأنه بالنسبة لقرار مجازاتها بخصم ثلاثة أيام لاعتصامها بغرفة المدير العام التابعة له ولقرار مجازاتها بخصم يوم لتهجمها على غرفة المدير العام المذكور وتحدثها معه بأسلوب غير لائق فإن ما قامت به الطاعنة من مخالفات ثابتة في حقها من واقع شهادة الشهود ويتعين لذلك القضاء برفض الطعن بالنسبة لهذا الشق من الطلبات، أما بالنسبة لطلبي الطاعنة بإلغاء قرار مجازاتها بخصم شهر من أجرها وبخصم خمسة أيام من أجرها فإنه يلاحظ أن البنك قام بتخفيض الجزاء الأول ليكون بخصم عشرة أيام من أجرها والثاني ليصبح خصم يومين من أجرها، فإن الثابت أن سبب الجزاء الأول هو تهجم الطاعنة على مكتب المدير العام يوم 8/ 3/ 1988 وتعديها عليه بالسب وإثارة الشغب، وأن سبب القرار الثاني تهجم الطاعنة على المدير العام المذكور يوم 17/ 3/ 1988 وتلفظها بألفاظ غير لائقة معه، وأنه بالنسبة للقرار الأول فإن ما قامت به الطاعنة قد ثبت حقها من واقع شهادة الشهود وبالتالي يتعين رفض طلب الطاعنة في هذا الشأن، أما بالنسبة للقرار الآخر بخصم خمسة أيام والذي عدل إلى خصم يومين فإن الثابت من الأوراق التحقق الذي أجرى بواسطة البنك بشأن المخالفة المشار إليها - والتي كانت محلاً لهذا القرار - قد افتقر أحد ضماناته الأساسية بعدم مواجهة الطاعنة بما هو مأخوذ عليها، كما أن التحقق الذي أجرى في هذا الشأن كان عبارة عن محضر جمع استدلالات لا يرقى إلى التحقيق بمفهومه القانوني الصحيح وبالتالي فإن قرار الجزاء الصادر بناء على هذا التحقيق يتعين القضاء بإلغائه.
ومن حيث إن مبنى الطعن الأول المقام من الطاعنة/....... في الحكم المطعون فيه هو مخالفة القانون فيما قضى به بالنسبة للبندين أولاً وثالثاً من منطوقه ذلك لأن قرارات البنك في شأن تقارير الكفاية تخضع لرقابة مجلس الدولة ذلك لأن البنك مؤسسة عامة تخضع لما يخضع له الجهاز الإداري من أحكام وكان يتعين على الحكم المطعون فيه أن يحيل هذا الطلب للقضاء الإداري للاختصاص، أما بالنسبة لقرارات مجازاتها فإنها قد جاءت مفتقرة سببها الصحيح وكانت كلها بناء على إدعاءات لم تثبت في حق الطاعنة.
ومن حيث إن مبنى الطعن الثاني المقام من البنك المركزي في الحكم المطعون فيه هو مخالفة القانون ذلك أن محكمة القضاء الإداري هي المحكمة المختصة بنظر طلبات المطعون ضدها المتعلقة بطعنها على قرار لفت نظرها وقرار تخفيض مرتبة كفايتها باعتبارها أحد العاملين بالبنك الذي يتمتع بالشخصية الاعتبارية العامة، بالإضافة إلى أن الحكم المطعون فيه مشوب بالقصور في الاستدلال والخطأ في فهم الواقع ذلك أن القرار الصادر بمجازاة المطعون ضدها بخصم خمسة أيام والذي عدل إلى خصم يومين فإن هذا القرار صدر بعد تحقيق استوفى جميع ضماناته القانونية وقام المحقق بتوجيه الاتهامات المسندة للمطعون ضدها وقام بسماع شهود الإثبات وبالتالي يكون الحكم المطعون فيه وقد استند إلى غير ذلك فإنه يكون مخالفاً لصحيح حكم القانون.
ومن حيث إن الثابت من الاطلاع على أحكام القانون رقم 120/ 1975 بشأن البنك المركزي يتضح أن هذا البنك من أشخاص القانون العام وبالتالي فإن القرارات التي يصدرها هي قرارات إدارية والعاملين به هم موظفون عموميون وبالتالي فإن مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري صاحب الولاية العامة في نظر الطعون في القرارات التي تصدر من البنك المذكور بالنسبة للعاملين به سواء كانت قرارات إدارية أو قرارات تأديبية.
ومن حيث إن اختصاص المحاكم التأديبية بنظر الطعون في الجزاءات التأديبية الموقعة على العاملين في الجهات الحكومية بصفة عامة هو اختصاص محدود أعطى للمحاكم التأديبية استثناء من الولاية العامة للقضاء الإداري بنظر المنازعات الإدارية ومن الولاية العامة للقضاء العادي بنظر المنازعات العمالية فإنه يتعين تفسير اختصاص المحاكم التأديبية تفسيراً ضيقاً وإنه لذلك يجب قصر اختصاص المحاكم التأديبية بنظر الطعون في القرارات التي تصدر بعقوبات مقررة في القوانين أو اللوائح صراحة دون القرارات الساترة لعقوبات مقنعة، وإذا لم يكن الجزاء الموقع على العامل من الجزاءات التأديبية المنصوص عليها صراحة كان الطعن عليه أمام محاكم القضاء الإداري والقضاء العادي حسب العلاقة التي تربط العامل بجهة عمله.
ومن حيث إنه في ضوء ما تقدم فإن القرارين الصادرين من البنك المركزي المصري بلفت نظر الطاعنة وخفض تقدير كفايتها ليسا من الجزاءات التأديبية الصريحة التي تختص بها المحاكم التأديبية وإنما يختص بنظرهما القضاء الإداري باعتبار أن الطاعنة موظف عام ونظراً لأن الطاعنة تشغل وظيفة مصر في ( أ ) وهي تعادل درجة أعلى من الدرجة التالية طبقاً للقانون رقم 47/ 1978 بنظام العاملين المدنيين بالدولة فإن المختص بذلك هي محكمة القضاء الإداري ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه وإذ قضى بعدم الاختصاص الولائي بالنسبة لقراري لفت نظر الطاعنة وتخفيض تقدير كفايتها والإحالة إلى القضاء العادي فإنه يكون قد خالف صحيح حكم القانون مما يتعين معه الحكم بإلغائه فيما قضى به في هذا الشأن وبإحالة نظر هذين الطلبين إلى محكمة القضاء الإداري بالقاهرة للاختصاص ( دائرة الجزاءات).
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد استقر على أنه متى كانت المحكمة التأديبية قد استخلصت النتيجة التي انتهت إليها استخلاصاً سائغاً من أصول تنتجها مادياً وقانونياً وكيفتها سليماً وكانت هذه النتيجة تبرر اقتناعها الذي بنت عليه قضاءها فإنه لا يكون هناك محل للتعقيب عليها ذلك أن لها الحرية في تكوين عقيدتها من أي عنصر من عناصر الدعوى ولها في سبيل ذلك أن تأخذ مما تطمئن إليه من أقوال الشهود وتطرح ما عداهما مما لا تطمئن إليه وعلى ذلك فلا تثريب على الحكم المطعون فيه فيما انتهى إليه من ثبوت واقعة قيام الطاعنة بتمزيق صحيفة من دفتر الحضور والانصراف وذلك بسبب حضورها متأخرة يومي 26/ 1، 28/ 1/ 1988 وقد تأيد ذلك بأقوال كل من........ المدير العام بالبنك و......... المدير المساعد و........ رئيس قسم إداري بالبنك ومن ثم فإن القرار الصادر بتاريخ 29/ 5/ 1988 بمجازاتها بخصم يومين عن تلك المخالفة يكون قد صدر بناء على سبب صحيح ويكون الحكم المطعون فيه وقد انتهى إلى رفض طلب إلغاء القرار يكون قد صدر مطابقاً لحكم القانون مما يتعين معه رفض الطعن على هذا القرار، كما أن الحكم المطعون فيه وإذ انتهى إلى ثبوت واقعة قيام الطاعنة بالاعتصام بغرفة المدير العام التابعة له وثبوت واقعة قيامها بتهجمها على المدير العام المذكور وتحدثها معه بأقوال غير لائقة يوم 29/ 2/ 1988، وذلك من واقع أقوال الشهود المذكورين في التحقيقات ومن ثم فإن القرارين الصادرين يوم 29/ 5/ 1988، الأول بمجازاة الطاعنة بخصم ثلاثة أيام عن المخالفة الأولى والثاني بخصم يوم عن المخالفة الثانية قد صدر بناء على سند صحيح ويكون الحكم المطعون فيه وإذ قضى برفض طلب إلغائهما قد أصاب صحيح حكم القانون ويكون الطعن عليه غير قائم على أساس سليم متعيناً الرفض، كما أنه تثريب على الحكم المطعون فيه فيما انتهى إليه من ثبوت واقعة قيام الطاعنة بالتعدي على/..... المدير العام بالبنك بالسب وإثارة الشغب بمكتبه يوم 8/ 3/ 1988 وقد توافرت أقوال الشهود على صحة هذه الواقعة ومن ثم يكون القرار الصادر بتاريخ 15/ 6/ 1988 بمجازاة الطاعنة بخصم شهر من أجرها والذي عدل إلى خصم عشرة أيام عن تلك المخالفة الثابتة في حق الطاعنة قد صدر بناء على سند صحيح من الواقع والقانون الأمر الذي يكون معه الحكم المطعون فيه وإذ انتهى إلى رفض طلب إلغاء هذا القرار يكون قد أصاب الحق في قضائه ويكون الطعن عليه خليق بالرفض.
ومن حيث إنه بالنسبة لقرار الجزاء الموقع على الطاعنة من البنك بخصم خمسة أيام والذي خفض إلى خصم يومين من راتبها فإن هذا القرار قد استند إلى أن الطاعنة تقدمت بعدة شكاوى ضد بعض العاملين بالإدارة العامة لتجميع الائتمان وثبت عدم صحة هذه الشكاوى وكان الثابت من أوراق التحقيق - بشأن تلك المخالفة - أنه لم تتضمن مواجهة الطاعنة بما هو مأخوذ عليها على نحو يفيد اتهامها بمخالفة معينة أو بيان ما هي المخالفة التي ارتكبتها حتى يمكنها الدفاع عن نفسها وبالتالي فإن قرار الجزاء المطعون فيه والصادر بناء على هذا التحقيق يكون قد صدر بالمخالفة لحكم القانون مما يتعين معه إلغاؤه وإذ ذهب الحكم المطعون فيه إلى ذلك فإنه يكون قد أصاب صحيح حكم القانون ويكون الطعن عليه في هذا الشأن دون سند متعيناً رفضه.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعنين شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من اختصاص محكمة جنوب القاهرة الابتدائية - بنظر الطعن بالنسبة لقراري لفت نظر الطاعنة وتقدير كفايتها عن المدة من 1/ 4/ 1987 حتى 31/ 3/ 1988 وبإحالة هذين الطلبين إلى محكمة القضاء الإداري بالقاهرة للاختصاص (دائرة الجزاءات) ورفض ما عدا ذلك من طلبات.

الطعون 457 ، 489 ، 491 لسنة 34 ق جلسة 2 / 4 /1994 إدارية عليا مكتب فني 39 ج 2 ق 114 ص 1169

جلسة 2 من إبريل سنة 1994

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ فاروق عبد السلام شعت - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة: رأفت محمد يوسف، وأبو بكر محمد رضوان، ومحمد أبو الوفا عبد المتعال، وغبريال جاد عبد الملاك - نواب رئيس مجلس الدولة.

----------------

(114)

الطعون أرقام 457، 489، 491 لسنة 34 القضائية

(أ) طوائف خاصة من العاملين - الخبراء الوطنيون - العاملون المؤقتون - الفرق بينهما.
قرار وزير التنمية الإدارية رقم 1 لسنة 1979 بنظام توظيف الخبراء الوطنيين معدلاً بالقرار رقم 2335 لسنة 1982 - القرار رقم 3 لسنة 1979 بشأن توظيف العاملين الذين يقومون بأعمال مؤقتة.
أهم ما يميز عقد توظيف الخبير عن عقد توظيف العامل المؤقت هو أن المتعاقد معه في عقد الخبرة يجب أن يكون من ذوي الكفاءة والخبرة النادرة التي لا تتوافر في أي من العاملين بالجهة الإدارية - هذا لا ينفي في مجال التعيين في الأعمال المؤقتة ضرورة الخبرة لدى العامل بهذه الأعمال - أساس ذلك: أنه تجب أنه التفرقة بين اشتراط الخبرة في العمل وهي بمثابة الصلاحية له وبين استلزام أن تكون الخبرة على درجة عالية عبر عنها القرار المنظم لتوظيف الخبراء بأن تكون خبرة نادرة - تطبيق.
(ب) عاملون مدنيون بالدولة - مخالفات تأديبية 

- ما يخرج عن نطاقها - الخطأ في فهم القانون وتفسيره الخطأ في فهم القانون أو تفسيره لا يشكل كقاعدة عامة ذنباً إدارياً باعتبار أن ذلك من الأمور الفنية التي تدق على ذوي الخبرة والتخصص - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الأربعاء الموافق 13/ 1/ 1988 أودع الأستاذ الدكتور/...... المحامي الوكيل عن المهندس/...... بالتوكيل رقم 2962/ جـ لسنة 1987 توثيق الأهرام قلم كتاب هذه المحكمة تقرير طعن قيد برقم 457/ 34 ق في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا بجلسة 18/ 11/ 1987 في الدعوى رقم 89/ 29 ق والقاضي بتغريم الطاعن مبلغ خمسين جنيهاً.
وطلب الطاعن - للأسباب المبينة في تقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وببراءة الطاعن مما نسب إليه.
وقد أعلن الطعن إلى وزارة الإسكان والنيابة الإدارية.
وفي يوم الأحد 17/ 1/ 1988 أودع الأستاذ/...... المستشار المساعد بهيئة قضايا الدولة نائباً عن السيد الأستاذ المستشار/ مدير النيابة الإدارية بصفته قلم كتاب هذه المحكمة تقرير طعن قيد برقم 489/ 34 ق في الحكم المشار إليه فيما قضى به من براءة المحالين الخامس...... والسادس...... والسابع.....
وطلبت النيابة الإدارية الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم مجدداً بتوقيع الجزاء المناسب على المطعون ضدهم.
وأعلن الطعن إلى المطعون ضدهم.
وفي يوم الأحد 17/ 1/ 1988 أودع الأستاذ/....... المحامي الوكيل عن السيد/....... بالتوكيل رقم 3043/ أ لسنة 1987 السيدة زينب قلم كتاب هذه المحكمة تقرير طعن قيد برقم 491/ 34 ق في الحكم سابق الإشارة إليه فيما قضى به من مجازاة الطاعن بعقوبة التنبيه.
وطلب الطاعن - للأسباب المبينة في تقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه.
وقد أعلن الطعن إلى النيابة الإدارية.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة ثلاثة تقارير بالرأي القانوني في الطعون الثلاثة ارتأت فيها الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضها موضوعاً.
ونظرت الطعون أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة بجلسة 26/ 9/ 1993 وفيها قررت الدائرة ضم الطعنين رقمي 489، 491/ 34 ق إلى الطعن رقم 457/ 34 ق ليصدر فيهما حكم واحد وبجلسة 22/ 12/ 1993 قدمت النيابة الإدارية مذكرة بدفاعها في الطعنين رقمي 498، 491/ 34 ق وقدم الطاعن في الطعن رقم 491/ 34 ق مذكرة بدفاعه وبتاريخ 5/ 1/ 1994 قدم كل من...... و..... مذكرة بدفاعهما في الطعن رقم 489/ 34 ق وبجلسة 26/ 1/ 1994 قررت الدائرة إحالة الطعون إلى المحكمة ونظرت المحكمة الطعون بجلسة 19/ 2/ 1994 وبهذه الجلسة قررت المحكمة إصدار الحكم في الطعن بجلسة 2/ 4/ 1994 وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات والمداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص - حسبما يبين من الأوراق - في أن النيابة الإدارية قد أقامت الدعوى رقم 89/ 29 ق أمام المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا مشتملة على تقرير اتهام ضد كل من:
1 -....... رئيس الهيئة العامة لتعاونيات البناء والإسكان سابقاً وحالياً بالمعاش (الدرجة الممتازة).
2 -....... القائم بعمل مدير عام الخدمات الداخلية بالهيئة (الدرجة الأولى).
3 -....... مدير إدارة التوظيف بالهيئة (الدرجة الثانية).
4 -....... رئيس الإدارة المركزية للشئون الإدارية بالهيئة (وكيل وزارة).
5 -....... مراقب حسابات بالهيئة سابقاً وحالياً مراقب حسابات بهيئة الآثار المصرية (الدرجة الأولى).
6 -...... سائق بديوان عام وزارة الإسكان (الدرجة الخامسة).
7 -....... مدير عام الإدارة العامة للمرافق والمشرف على الخدمات الداخلية بوزارة الإسكان.
لأنهم في غضون المدة من 1/ 10/ 1984 وحتى 3/ 9/ 1986 بمقر الهيئة العامة لتعاونيات البناء والإسكان وديوان عام وزارة السكان خرجوا على مقتضى الواجب الوظيفي ولم يؤدوا العمل المنوط بهم بالدقة الواجبة ولم يحافظوا على ممتلكات وأموال الهيئة التي يعملون بها وخالفوا التعليمات المالية وأضروا بمصلحة مالية للدولة بأن:
الأول:
1 - حرر عقداً بتاريخ 1/ 10/ 1984 مع السيد/...... لمدة سنة جددت لسنة أخرى أثبت به على خلاف الحقيقة حاجة الهيئة إلى الاستعانة بخبرة المذكور في المسائل الإدارية حال علمه بوجود من يقوم بهذا العمل وذلك بالمخالفة لأحكام قرار وزير التنمية الإدارية رقم 2335 لسنة 1982.
2 - وافق على ندب الخبير المذكور للعمل كرئيس للإدارة المركزية للتنمية الإدارية بديوان عام وزارة الإسكان اعتباراً من 2/ 10/ 1984 مع بقاء تحميل الهيئة بصرف الأتعاب المحددة بالعقد لهذا الخبير حال كونه لا يؤدي عملاً بها بالمخالفة لقرار وزير التنمية الإدارية.
3 - مهل للخبير المذكور الاستيلاء على مبلغ 14247.187 جنيهاً دون وجه حق صرفت كأتعاب للخبير من الهيئة خلال المدة من 1/ 10/ 1984 حتى 30/ 6/ 1986.
الرابع:
1 - اعتمد المذكرة المعدة من الثاني والثالث والمنتهية إلى جواز تجديد عقد الخبير المذكور حال علمه بعدم حاجة الهيئة إليه وندبه للعمل بديوان عام وزارة الإسكان وبدون الحصول على موافقة الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة بالمخالفة لقرار وزير التنمية الإدارية.
2 - اعتمد أيضاً المذكرة المحررة من الثاني والثالث بتاريخ 4/ 2/ 1986 والمنتهية إلى أحقية صرف أتعاب الخبير من ميزانية الهيئة رغم عدم مشروعية ذلك وحال علمه بأنه لا يؤدي عملاً للهيئة.
الخامس: أقر صرف أتعاب الخبير المذكور من ميزانية الهيئة رغم عدم مشروعية ذلك وحال علمه بأنه لا يؤدي عملاً بالهيئة ومخالفة عقده لأحكام قرار وزير التنمية الإدارية المشار إليه.
السادس: أهمل الحفاظ على السيارة رقم 38876 حكومة عهدته ولم يراع صيانتها حال قيادته لها وأساء استخدامها مما أدى إلى تعطلها بتاريخ 11/ 12/ 1984 نتيجة تلف الكرنك وملحقاته مما حمل ميزانية الوزارة بمبلغ 2298.187 جنيهاً قيمة ما حصلت عليه شركة "مودرن موتورز" مقابل إصلاحها.
السابع: حرر مذكرة مؤرخة 19/ 12/ 1984 استحصل بموجبها على موافقة السيد/...... القائم بعمل رئيس الإدارة المركزية للتنمية الإدارية بوزارة الإسكان وقتئذ بإرسال السيارة المذكورة لإصلاحها بشركة "مودرن موتورز" دون المطالبة بإعداد تقرير فني عنها للوقوف على سبب العطل وتقدير تكاليف الإصلاح مما ترتب عليه صرف المبلغ المنوه عنه للشركة المذكورة دون مراجعة.
وانتهت النيابة الإدارية إلى أن المذكورين قد ارتكبوا المخالفات المالية والإدارية المنصوص عليها في المواد 76، 77، 78 من نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 وطلبت محاكمتهم بالمواد الواردة بتقرير الاتهام.
وبجلسة 2/ 4/ 1994 أصدرت المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا الحكم المطعون فيه وأقامت قضاءها بمجازاة المحال الأول (الطاعن في الطعن رقم 457/ 34 ق) على أن الثابت من الأوراق أن العقد الذي أبرمه المحال بصفته رئيساً لهيئة تعاونيات البناء والإسكان في 1/ 10/ 1984 مع السيد/...... هو عقد خبرة طبقاً لنصوص هذا العقد والغرض منه وبالتالي يسري عليه أحكام قرار وزير التنمية الإدارية رقم 1 لسنة 1979 بشأن توظيف الخبراء الوطنيين وخاصة أن الأعمال محل هذا العقد تتسم بالدوام والاستمرار وهي الاستفادة من خبرة المتعاقد المذكور في مجال الأعمال التنظيمية والإدارية وليست من الأعمال العارضة أو الموسمية التي ينظمها القرار رقم 3 لسنة 1979 ولما كانت القواعد التي وضعها مجلس الوزراء في 20/ 1/ 1982 عند التعاقد مع الخبراء الوطنيين تقضي بأن يكون تعيين الخبراء في حالات الضرورة القصوى التي تقتضيها حاجة العمل وبعد موافقة الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة وكان الثابت أنه لم تكن هناك ضرورة قصوى أو حاجة للتعاقد مع السيد المذكور بدليل أنه لم يعمل بالهيئة على الإطلاق بل تم ندبه إلى وزارة الإسكان في اليوم التالي مباشرة للتعاقد معه ومن ثم يكون هذا العقد قد أبرم على خلاف الأحكام المنظمة للتعاقد مع الخبراء الوطنيين وتكون المخالفة الأولى ثابتة قبل هذا المحال وانتهت المحكمة إلى تبرئته من المخالفتين الثانية والثالثة وأقامت قضاءها بمجازاة المحال الرابع (الطاعن في الطعن رقم 491/ 34 ق) على أن المخالفة الأولى المنسوبة إليه وهي اعتماده المذكرة المحررة من المحالين الثاني والثالث في 22/ 9/ 1985 المتضمنة اقتراح الموافقة على تجديد عقد السيد/........ لمدة أخرى رغم مخالفة ذلك لأحكام القرار الوزاري رقم 1 لسنة 1979 لعدم قيام الحاجة إليه مع عدم الإشارة إلى ضرورة الحصول على موافقة الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة هذه المخالفة ثابتة وقائمة في جانب المحال الرابع لمخالفته بالاشتراك مع المحالين الثاني والثالث أحكام القرار الوزاري المشار إليه وكذلك فإن المخالفة الثانية المنسوبة لهذا الحال وهي اعتماده المذكرة المؤرخة 4/ 2/ 1986 بصرف مرتب المتعاقد المذكور من ميزانية الهيئة ثابتة قبله وقائمة في حقه باعتبار أن أحكام قانون العاملين المدنيين بالدولة واضحة في أن مرتب المنتدب تتحمله الجهة المنتدب إليها "وهي وزارة الإسكان" واستندت المحكمة في قضائها ببراءة المحالين الخامس...... والسادس..... والسابع...... (مطعون ضدهم في الطعن رقم 489/ 34 ق) إلى أن المخالفة المنسوبة إلى المحال السادس وهي أنه صرف مرتب الخبير من ميزانية الهيئة تقوم على أساس إعطاء المحال صلاحية مناقشة قرارات جهة الإدارة ومراقبة شرعيتها وهو أمر غير جائز إذ أن كل ما للمحال هو مراقبة مستندات وإجراءات الصرف دون أن يمتد إلى معاودة النظر فيما اتخذته الإدارة من قرارات ومن ثم فلا يكون المذكور قد أخطأ في صرف أتعاب الخبير المذكور أما المحال السادس فإن الاتهام المنسوب إليه بأنه أهمل في المحافظة على السيارة جاء بغير دليل إذ أن مجرد قيادة السيارة من سائقها لا يعد في ذاته إهمالاً ومن ثم فإن القول بأن السائق مسئول عن عطل السيارة لمجرد أنه سائقها غير سليم واستنتاج غير سائغ وبالتالي يضحى الاتهام المنسوب للمذكور غير قائم على أساس سليم وبالنسبة للمحال السابع فإن ما نسب إليه أنه لم يطالب بإعداد تقرير فني عن السيارة لمعرفة سبب العطل وتقدير قيمة تكاليف الإصلاح وفي هذا الصدد ولما كانت النيابة الإدارية لم تقدم أية قواعد أو تعليمات توجب في مجال إصلاح السيارات - إعداد مثل هذا التقرير وإذا كان المقصود أحكام قانون المناقصات والمزايدات رقم 9 لسنة 1983 فإن هذا القانون قد أجاز في المادة السابعة منه التعاقد المباشر في الحالات العاجلة حدود 2000 جنيه للمشتريات العادية والخدمات ومقاولات النقل و4000 جنيه بالنسبة لمقاولات الأعمال وهو ما ينطبق على الحالة موضوع الدعوى للحاجة لسرعة إصلاح السيارة المذكورة التي تستخدم لنقل العاملين من وإلى مقر عملهم وبالتالي فإن إجراءات إصلاحها ليست فيها أية مخالفة.
ومن حيث إن الطعن رقم 457/ 34 ق يقوم على أن العقد المبرم مع اللواء/....... هو عقد عمل مؤقت وليس عقد خبرة يخضع لأحكام القرار رقم 1 لسنة 1979 ودليل ذلك أن الهيئة قد انتهجت أسلوب التعاقد بعقود عمل مؤقتة لسد العجز في العمالة وأوضح العقد المشار إليه ذلك بأن ورد ربه أن نشاط الهيئة اتسع في المجالات الإدارية والتنظيمية بما يستتبع الاستعانة بالعناصر ذات الخبرة والكفاءة في هذه المجالات التي تتوافر في المتعاقد ولم يرد بالعقد أن مستوى خبرة المتعاقد من الخبرات النادرة التي أوجب القرار رقم 1 لسنة 1979 توافرها للتعاقد طبقاً له وقد أخطأ الحكم المطعون فيه إذ خلط بين الخبرة التي تلزم لمزاولة العمل التنفيذي وبين الخبرة النادرة التي لا تتوافر إلا في الخبراء في المجالات المختلفة وإذا كان الطاعن من الضباط الذين مارسوا العمل الإداري قد توافرت فيه الصلاحية لممارسة العمل الإداري فإن ذلك لا يرفع مستواه إلى أنه من أصحاب الخبرة النادرة ولا يجعل العقد معه عقد خبرة هذا بالإضافة إلى أن القضاء الإداري قد استقر على أن الخطأ في تفسير القانون أو فهمه لا يشكل كقاعدة ذنباً إدارياً وإذا كان هذا القضاء قد اعتبر خطأ رجل القانون في تفسير القانون لا يشكل ذنباً إدارياً فإن خطأ رئيس الهيئة (الطاعن) في القانون وهو مهندس لا يعد ذنباً إدارياً.
ويستند الطعن رقم 491/ 34 ق إلى ذات ما استند إليه الطعن رقم 457/ 34 ق من أن العقد عقد عمل مؤقت وليس عقد خبرة وأنه لذلك لا يكون لطاعن قد أخطأ في اعتماده المذكرة المحررة بشأن تجديد هذا العقد مدة أخرى أما بالنسبة للمخالفة الثانية المنسوبة إلى الطاعن فهي لا تقوم على أساس صحيح لأن العامل المنتدب تتحمل مستحقاته المالية الجهة المنتدب منها وليس الجهة المنتدب إليها خلال الإعارة إذ تتحمل الجهة المعار إليها بمستحقات الموظف المالية.
ومن حيث إن مبنى الطعن رقم 489/ 34 ق أنه وإن كان لا يجوز للمحال الخامس مراقبة مشروعية قرارات الجهة الإدارية إلا أن من واجبه بصفته مراقب الحسابات الاعتراض على الصرف المخالف لأحكام اللائحة المالية للميزانية والحسابات والتعليمات المالية والثابت أن المذكور ظل يقر صرف أتعاب الخبير من ميزانية الهيئة حتى ديسمبر سنة 1985 دون اعتراض رغم مخالفة عقد الخبير لقرار وزير التنمية الإدارية رقم 1 لسنة 1979 المعدل بالقرار رقم 2335 لسنة 1982 ومتى كان المحال الخامس هو المختص بأعمال آثار العقد المبرم بالمخالفة للقرار المشار إليه فكان عليه الاعتراض على الصرف أما بالنسبة للمحال السادس فقد ذهب الحكم المطعون فيه إلى أن الاتهام الموجه إليه بغير دليل خاصة وأن المذكور لم يعمل على السيارة كسائق إلا مدة 22 يوماً وقد أهدر الحكم شهادة مدير محطة الخدمة والصيانة لشركة مودرن موتورز التي أصلحت السيارة والتي قرر فيها أن سبب العطل هو الاستخدام دون أن يبين طرحه هذه الشهادة كما أن المذكور لم يراع الحرص على السيارة وقادها بغير مراعاة الأصول الفينة فيكون مسئولاً عن العطل أما المحال السابع فقد نفى الحكم مسئوليته على أساس عدم وجود قواعد أو تعليمات توجب إعداد تقرير فني عن حالة السيارة عند إصلاحها وأغفل الحكم أن هناك التزاماً عاماً على العامل بالمحافظة على أموال الجهة التي يتبعها وبذل عناية الرجل العادي ومن ثم كان على هذا المحال أن يطالب بقيام مهندس فني بالكشف على السيارة للوقف على سبب العطل ومقايسة بالإصلاح.
ومن حيث إنه عن الطعن رقم 457/ 34 ق المقام من المحال الأول/...... فإن الحكم المطعون فيه قد أدان هذا المحال استناداً إلى إبرامه عقد خبرة مع اللواء/...... رغم عدم حاجة الهيئة إليه بالمخالفة للقرار الوزاري رقم 1 لسنة 1979 وقواعد توظيف الخبراء الصادرة من مجلس الوزراء بتاريخ 20/ 1/ 1982 وعلى أساس أن العقد المشار إليه هو عقد خبرة.
ومن حيث إن الماد 14 من القانون رقم 47 لسنة 1978 بنظام العاملين المدنيين بالدولة تنص على أنه "يوضع نظام لتوظيف الخبراء الوطنيين والأجانب ولمن يقومون بأعمال مؤقتة عارضة أو موسمية وللعاملين المتدرجين وذلك بقرار من الوزير المختص بالتنمية الإدارية يصدر بناء على عرض لجنة شئون الخدمة المدنية".
وتنفيذاً لهذا النص صدر قرار التنمية الإدارية رقم 1 لسنة 1979 المعدل بالقرار رقم 2335 لسنة 1982 بنظام توظيف الخبراء الوطنيين ونص في المادة الثانية منه على أن "يكون توظيف الخبير بطريق التعاقد من بين ذوى الخبرات والتخصصات النادرة التي لا تتوافر في أي من العاملين بالجهة وذلك في حدود الاعتمادات المالية المدرجة بموازنة الوحدة وبشرط ألا يجاوز سنه ستين عاماً...." وتنص المادة الخامسة من هذا القرار على أن "تبرم السلطة المختصة عقد توظيف الخبير لمدة لا تزيد عن سنة تبدأ من تاريخ استلامه العمل ويجوز تجديدها لمدة أو أكثر بحيث لا تجاوز أي من هذه المدد سنة واحدة ولا يجوز تجديد مدة العقد إلا بعد موافقة الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة".
ونصت المادة السادسة من القرار المشار إليه على أن "يتضمن العقد المبرم مع الخبير البيانات الآتية:
- أسماء طرفي العقد وصفة الموقع عن الوحدة.
- البيانات الشخصية المتعلقة بالخبير.
- وصف الوظيفة المسندة للخبير وواجباتها ومسئولياتها.
- المكافأة الشاملة المقررة للوظيفة - أيام العمل وساعاته والأجازات المقررة للخبير...".
وقد تضمنت القواعد الصادرة من رئيس مجلس الوزراء بتاريخ 20/ 1/ 1982 ضوابط توظيف الخبراء. الوطنيين منها أن يكون تعيين الخبراء الوطنيين في حالات الضرورة القصوى التي تقتضيها حاجة العمل بالجهة وأن يكون الخبير المطلوب تعيينه من ذوي الخبرة والكفاءة النادرة ولا تستطيع الجهة المختصة الاستعاضة عنه بأحد العاملين بها.
كما صدر قرار وزير التنمية الإدارية رقم 3 لسنة 1979 بنظام توظيف العاملين الذين يقومون بأعمال مؤقتة ونص في المادة الأولى منه على أن "يعمل في شأن توظيف العاملين الذين يقومون بأعمال مؤقتة بالأحكام الواردة في هذا القرار. "ونصت المادة الثالثة منه على أن "يكون توظيف العاملين المؤقتين بطريق التعاقد في حدود الاعتمادات المالية المدرجة بموازنة الوحدة ويتضمن العقد المبرم معهم البيانات الآتية:
- أسماء طرفي العقد وصفة الموقع عن الوحدة.
- البيانات الشخصية المتعلقة بالعامل ومدد التعاقد.
- المكافأة الشاملة المقررة للأعمال المشار إليها.
- الجزاءات التي توقع على العامل...".
ومن حيث إنه يتضح من استقراء نصوص القرار رقم 1 لسنة 1979 معدلاً بالقرار رقم 2335 لسنة 1982 ونصوص القرار رقم 3 لسنة 1979 أن أهم ما يميز عقد توظيف الخبير عن عقد توظيف العامل المؤقت هو أن المتعاقد معه في عقد الخبرة يجب أن يكون من ذوي الكفاءة والخبرة النادرة التي لا تتوافر في أي من العاملين بالجهة الإدارية وأن هذا لا ينفي مجال التعيين في الأعمال المؤقتة ضرورة توافر الخبرة لدى العامل في هذه الأعمال إذ هناك فرق بين اشتراط الخبرة في العمل وهي بمثابة الصلاحية له وبين استلزام أن تكون الخبرة على درجة عالية عبر عنها القرار المنظم لتوظيف الخبراء بأن تكون خبرة نادرة.
ومن حيث إنه يبين من العقد المبرم مع اللواء/..... والذي وقعه الطاعن بصفته رئيساً لمجلس إدارة الهيئة العامة لتعاونيات البناء والإسكان أنه تضمن في التمهيد ما يلي "ونظراً لاتساع نشاط الهيئة في الآونة الأخيرة ليشمل مختلف محافظات الجمهورية مما يستتبع معه ضرورة الاستعانة بالعناصر ذات الخبرة والكفاءة في مجالات عمل الهيئة خاصة في المجالات الإدارية والتنظيمية...... ونظراً لخبرة وتخصص الطرف الثاني في مجال الأعمال الإدارية والتنظيمية فقد اتفق الطرفان على الآتي:......." ويتضح من تمهيد العقد وبقية نصوصه أنه لم يرد به ولا بالأوراق أن المتعاقد معه من الخبرات النادرة التي لا تتوافر في أي من العاملين بالهيئة بدليل ما جاء بهذا التمهيد من أن التعاقد معه كان للاستفادة بخبرته وتخصصه في مجال الأعمال الإدارية والتنظيمية ومن ثم فإن هذا العقد ليس عقد خبرة يخضع لأحكام القرار الوزاري رقم 1 لسنة 1979 وإنما هو عقد توظيف مؤقت طبقاً للقرار الوزاري رقم 3 لسنة 1979 وبناء عليه فإن نسبة المخالفة إلى الطاعن بأن أبرم مع السيد المذكور عقد خبرة بالمخالفة للقواعد التي وضعها مجلس الوزراء تكون على غير أساس من الواقع والقانون.
ومن حيث إنه من ناحية أخرى فإن هذه المحكمة سبق وأن قضت بأن الخطأ في فهم القانون أو تفسيره لا يشكل كقاعدة عامة ذنباً إدارياً باعتبار أن ذلك من الأمور الفنية التي قد تدق على ذوي الخبرة والتخصص ولما كان تكييف العقد المشار إليه وما إذا كان يعتبر عقد خبرة طبقاً للقرار الوزاري رقم 1 لسنة 1979 أم عقد عمل مؤقت طبقاً للقرار الوزاري رقم 3 لسنة 1979 مسألة قانونية محل خلاف في الرأي وعلى الأخص فيما يتعلق بمدى توافر عنصر الخبرة النادرة الذي يميز عقد الخبرة عن عقد العمل المؤقت والثابت أن هذه المسألة لم تكن واضحة بصفة قاطعة عند التعاقد إذ ليست هناك أية مذكرات من الإدارات المختصة في الأوراق تفيد بحث هذه المسألة في صدد هذا العقد والانتهاء بشأنها إلى رأي معين ثم عرضها على الطاعن بصفته رئيساً للهيئة وأبرم العقد بالمخالفة لهذا الرأي وإذا كانت صفة العقد محل خلاف على هذا النحو وتحتمل أكثر من رأي في تحديد طبيعته فإن إبرام الطاعن لهذا العقد - الذي لم تكن طبيعته محددة بشكل قاطع عند التعاقد - لا يشكل مخالفة من الطاعن لواجبات وظيفته مما لا سند لمساءلته تأديبياً وإذ ذهب الحكم المطعون فيه إلى غير ذلك فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون مما يتعين معه الحكم بإلغائه فيما قضى به من مجازاة الطاعن والقضاء ببراءته مما نسب إليه.
ومن حيث إنه عن الطعن رقم 491/ 34 ق المقام من المحال الرابع..... فإن المخالفة الأولى المنسوبة إلى الطاعن أنه اعتمد مذكرة بتحديد العقد سالف الذكر رغم علمه بعدم حاجة الهيئة إليه ولما كان الحكم المطعون فيه قد استند في ثبوت هذه المخالفة قبل هذا الطاعن على نفس الأسباب التي استند إليها في مجازاة المحال الأول على أساس أن العقد المذكور هو عقد خبرة ولم تكن هناك حاجة للهيئة إلى إبرامه وإذ انتهت هذه المحكمة إلى عدم قيام المخالفة في إبرام هذا العقد للأسباب السابق بيانها ومن ثم فإن هذه المخالفة تكون غير قائمة أيضاً في حق المحال الرابع أما المخالفة الثانية المنسوبة إلى الطاعن فهي اعتماده مذكرة في 4/ 2/ 1986 بصرف مرتب الخبير المذكور من موازنة الهيئة فقد انتهى الحكم المطعون فيه إلى مساءلته عن هذه المخالفة على أساس ما ذهب إليه من أن مرتب المنتدب تتحمله الجهة المنتدب إليها (وهي وزارة الإسكان) وهذا الذي ذهب إليه الحكم غير سليم إذ من المسلم به أن مرتب المنتدب - على عكس المعار - تتحمله الجهة المنتدب منها وليس الجهة المنتدب إليها ومن ثم لا يكون الطاعن قد خالف القانون في موافقته على صرف مرتب المتعاقد المذكور من موازنة الهيئة وتكون هذه المخالفة الثانية بدورها غير قائمة في جانبه وإذ انتفى عن مسلك الطاعن الإخلال بواجبات وظيفته فلا وجه لمساءلته تأديبياً ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه قد خالف القانون في قضائه بمجازاة الطاعن بعقوبة التنبيه مما يتعين معه الحكم بإلغائه والقضاء ببراءة الطاعن مما نسب إليه.
ومن حيث إنه عن الطعن رقم 479/ 34 ق المقام من النيابة الإدارية فإن سند الطعن في النعي على الحكم ببراءة المحال الخامس....... أن المذكور كان يجب عليه الاعتراض على الصرف المخالف للأحكام المالية باعتباره أنه المختص بإعمال آثار العقد المبرم بالمخالفة لأحكام القرار الوزاري رقم 1 لسنة 1979 وواضح من ذلك أن أساس الطعن يرجع إلى أن وجه المخالفة في الصرف ليس مرده إلى مخالفة للقواعد والأحكام المالية وإنما مرده إلى القول بمخالفة العقد للقانون على أساس أنه عقد خبرة لم تتوافر فيه الشروط المتطلبة وبالتالي فمراقبة هذا العقد وبيان وجه المخالفة فيه هي رقابة مشروعية لقرارات وتصرفات الجهة الإدارية مما لا يدخل به في اختصاص الطاعن ولا بمكنته بحكم وظيفته كمراقب حسابات ومن ثم فلم يصدر من الطاعن تقصير في واجبات وظيفته التي تقتصر على الرقابة المالية ويكون الطعن على غير أساس من القانون أما نعي الطعن على براءة المحال السادس...... من أن الحكم المطعون فيه قد طرح شهادة مدير محطة الخدمة والصيانة بشركة مودرن موتورز المتضمنة أن العطل بسبب سوء الاستخدام فإن من المسلم به أن المحكمة التأديبية تستقل بتقدير الدليل الذي تأخذ به وتطمئن إليه ولما كان الثابت من التحقيقات أن شهوداً آخرين منهم المشرف على السيارات بالهيئة والميكانيكي قد قرروا بأن السيارة توقفت فجأة أثناء السير ولم يعرف سبب العطل أو المتسبب فيه ولم يذكر أحد منهم أن العطل كان سببه المحال المذكور ومن ثم فإن انتهاء الحكم إلى عدم وجود دليل أكيد على أن المحال السادس هو المتسبب في العطل يكون سليماً ولا وجه للطعن عليه خاصة وأن شهادة مدير المحطة المذكور لم تكن محددة وواضحة في أن سوء الاستخدام كان من المحال المذكور إذ قد يكون سوء الاستخدام مرجعه إلى فترات سابقة على قيادة المحال للسيارة والتي قادها فقط لمدة 22 يوماً فقط وفضلاً عن ذلك فإن الثابت من التحقيقات أن الخطأ يرجع إلى جهة الإدارة التي أسندت إلى المحال وهو من عمال الخدمات المعاونة وغيره من هؤلاء العمال قيادة السيارات بحجة العجز في السائقين وبالتالي فلا يجوز والحال كذلك القول بأن المحال قد قاد السيارة بغير مراعاة الأصول الفنية حيث تكون الإدارة هي المسئولة عن ذلك على فرض صحته أما ما استند إليه الطعن بالنسبة لبراءة المحال السابع....... من أن هناك التزاماً عاماً على العامل بالحرص على أموال الجهة الإدارية وأنه كان على المذكور أن يطالب بقيام مهندس فني للكشف على السيارة ولتحديد سبب العطل ومقايسة الإصلاح فإن الطعن لم يأت بسبب أو وجه جديد للطعن على الحكم إذ أن هذا الذي أورده الطعن هو ذات الاتهام الموجه إلى المحال من عدم مطالبته بإعداد تقرير فني للوقوف على سبب عطل السيارة وتقدير تكاليف الإصلاح وقد ورد الحكم المطعون فيه على ذلك بما قرره في أسبابه بحق من عدم وجود قواعد أو تعليمات تقضي بإعداد مثل هذا التقرير قبل الإصلاح وأن إصلاح السيارة المذكورة اقتضته سرعة الحاجة لإصلاحها لاستخدامها في نقل العاملين مما لا مخالفة فيه للقانون.
وبناء عليه يكون هذا الطعن على غير أساس من القانون متعين الرفض.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة:
أولاً: بقبول الطعنين رقمي 457، 491/ 34 ق شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من مجازاة الطاعنين و....... وببراءتهما مما نسب إليهما.
وثانياً: بقبول الطعن رقم 489/ 34 ق شكلاً ورفضه موضوعاً.

الطعن 23 لسنة 13 ق جلسة 8/ 12 / 1973 إدارية عليا مكتب فني 19 ق 14 ص 38

جلسة 8 من ديسمبر سنة 1973

برئاسة السيد الأستاذ المستشار علي محسن مصطفى - رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة الدكتور أحمد ثابت عويضة ومحمد صلاح الدين السعيد وأبو بكر محمد عطية ومحمد نور الدين العقاد - المستشارين.

-----------------

(14)

القضية رقم 23 لسنة 13 القضائية

تأميم 

- لجان تقييم الشركات - النص في القانون رقم 119 لسنة 1961 على نهائية قرارات لجان التقييم - تشكيل لجنة ثانية لتقييم الشركة تعدل قرار لجنة التقييم الأولى يعد مساساً بحجية قرار لجنة التقييم الأولى - اعتبار قرار اللجنة الثانية عديم الأثر - أساس ذلك - مثال.

---------------
إنه يبين من الرجوع إلى أحكام القرار بقانون رقم 119 لسنة 1961 بشأن تقرير بعض الأحكام الخاصة ببعض الشركات القائمة، والمعمول به اعتباراً من تاريخ صدوره في 20 من يوليه سنة 1961 والذي قيمت شركة "الجزار إخوان" في ظل أحكامه أنه نص في المادة الأولى منه على أنه "لا يجوز لأي شخص طبيعي أو معنوي أن يمتلك في تاريخ صدور هذا القانون من أسهم الشركات المبينة في الجدول المرافق لهذا القانون، ما تزيد قيمته السوقية عن 10.000 جنيه وتؤول إلى الدولة ملكية الأسهم الزائدة.. إلخ" وتقضي المادة الثانية بأن "تحدد قيمة الأسهم التي آلت ملكيتها إلى الدولة وفقاً للمادة السابقة بسعر إقفال آخر يوم تم فيه التعامل في بورصة الأوراق المالية بالقاهرة قبل صدور هذا القانون، فإذا كانت الأسهم غير متداولة بالبورصة أو كان قد مضى على أخر تعامل فيها مدة تزيد عن ستة أشهر فتقوم بتحديد سعرها لجان من ثلاثة أعضاء يصدر بتشكيلها وتحديد اختصاصها قرار من وزير الاقتصاد على أن يرأس كل لجنة مستشار بمحكمة الاستئناف وتصدر كل لجنة قراراتها في مدة لا تجاوز شهرين من تاريخ تشكيلها، وتكون قرارات اللجنة نهائية وغير قابلة للطعن فيها بأي وجه من أوجه الطعن وقد أضيفت فقرات ثلاث إلى المادة سالفة الذكر بالقانون رقم 151 لسنة 1962 نصها كالآتي: ولا تسأل الدولة عن التزامات الشركات المشار إليها في المادة (1) إلا في حدود ما آل إليها من أموالها وحقوقها في تاريخ صدور القانون رقم 119 لسنة 1961 المشار إليه وبالنسبة إلى الشركات المشار إليها في الفقرة الثانية وتكون أموال أصحابها وأموال زوجاتهم وأولادهم ضامنة للوفاء بالالتزامات الزائدة على أصول هذه الشركات ويكون للدائنين حق امتياز على جميع هذه الأموال.
ومن حيث إن شركة المنتجات والتعبئة المصرية "الجزار إخوان" قد خضعت لأحكام القانون رقم 119 لسنة 1961 المشار إليها، وتنفيذاً للأحكام سالفة البيان شكلت لجنة لتقييمها وتقييم حصة كل شريك فيها، وقد انتهت اللجنة بموجب قرارها الصادر في 28 من أغسطس سنة 1961 إلى تقدير أصول الشركة بمبلغ 383489.240 مليمجـ وخصومها بمبلغ 493083.607 مليمجـ أي بزيادة الخصوم على الأصول بمبلغ 109594.367 مليمجـ كما نص القرار على عدم وجود أي حصص للشركاء، بعد ما تبين للجنة أن الشركة مستغرقة بالديون بحيث زادت خصومها على أصولها، أي أن القدر المسموح به بمقتضى القانون رقم 119 لسنة 1961 وهو عشرة آلاف جنيه للشريك لم يتوافر في حق أي من الشركاء وقد استبعد قرار لجنة التقييم المشار إليه من أصول الشركة بعض الأعيان المملوكة للشركاء وهي المنشآت التي لا تخدم غرض الشركة المؤممة كالفيلات السكنية وحظائر تربية الدواجن وبرك البط والأسماك ومصنع البلاط والباركيه، وقد جاء بأسباب قرار لجنة التقييم وهي بصدد تقييم أصول الشركة بالنسبة للأراضي ما نصه "بلغ رصيدها بالدفاتر والميزانية في 20 من يوليه سنة 1961 مبلغ 7700 جنيهاً وهي عبارة عن الأراضي المخصصة لمباني الشركة ومصانعها والمحاطة بسور يفصلها عن باقي أرض الشركاء وتبين للجنة من مطالعة عقود ملكية هذه الأراضي وما جاورها من أراضي المزرعة الخاصة بالشركاء أنها اشتريت باسم الشركاء خاصة بالسوية بينهم وخصص الشركاء الأرض الأولى المحاطة بالسور للشركة وثبت ذلك بدفاترها وبالميزانية دون بيان المساحة إلا أن ذلك وضح على الطبيعة والرسم المقدم من الشركة ورأت اللجنة اعتماد المبلغ المخصص لهذه الأرض حسبما ورد بالدفاتر وبالميزانية كما رأت صرف النظر عن أرض المزرعة والمباني الملحقة بها الخارجة عن نطاق السور سالف الذكر حيث إنه لم يرد لها ذكر بالدفاتر أو بالميزانية هذا فضلاً عن أنها اشتريت باسم الشركاء خاصة" وقد وضعت الحراسة العامة يدها على تلك المنشآت واستلمتها في أكتوبر سنة 1961 غداة خضوع بعض الشركات للحراسة بمقتضى القانون رقم 138 لسنة 1961 أي بعد شهرين من صدور قرار التقييم تقريباً.
ومن حيث إنه بصدور قرار لجنة التقييم المشار إليه بتقييم أصول وخصوم الشركة، يكون قد استقر مركزها المالي وفق ما أظهره قرار التقييم طبقاً لما تقضي به المادة الثانية من القانون رقم 119 لسنة 1961 التي قيمت الشركة في ظل أحكامه - والتي تقضي بأن تكون قرارات اللجنة نهائية وغير قابلة للطعن فيها بأي وجه من أوجه الطعن" بحيث لا يجوز إعادة النظر في هذا المركز بالزيادة أو النقصان.
ومن حيث إنه تأسيساً على ما تقدم فما كان يجوز للجنة التقييم التي شكلها وزير الصناعة بموجب قراره رقم 38 لسنة 1964 - على إثر صدور القرار رقم 120 لسنة 1964 بإخضاع بعض الشركات للقانون رقم 72 لسنة 1963 بتأميم بعض الشركات والمنشآت - لتقييم شركة النصر للمنتجات الغذائية "وشركة النصر للمنتجات الغذائية" هو الاسم الذي أطلق على شركة المنتجات والتعبئة المصرية "الجزار إخوان" بعد تبعيتها للمؤسسة المصرية العامة للصناعات الغذائية وأيلولتها للدولة، ما كان يجوز لهذه اللجنة احتراماً لنهائية قرار لجنة التقييم الأولى نزولاً على حكم القانون، أن تضيف إلى أصول الشركة أموالاً لم يشملها قرار التقييم الأول بل واستبعدها صراحة.
ومن حيث إن لجنة التقييم المشكلة بموجب قرار وزير الصناعة رقم 38 لسنة 1964 قد انتهت إلى تقدير أصول شركة النصر للمنتجات الغذائية بمبلغ 339225.300 مليمجـ وأصولها بمبلغ 820146.107 مليمجـ بزيادة الخصوم على الأصول بمبلغ 480920.807 مليمجـ وقد أدخلت ضمن أصول الشركة قيمة الأرض والمنشآت والأعيان التي سبق أن استبعدتها لجنة التقييم الأولى - التي أصبح قرارها نهائياً - من أصول الشركة.
ومن حيث إنه لما كانت كلمة القانون صريحة وقاطعة في أن قرار لجنة التقييم الأولى نهائي وغير قابل للطعن فيه بأي وجه من أوجه الطعن، وبالتالي غير قابل للتعديل أو التبديل. فإن قرار لجنة التقييم الثانية يكون بما أجراه من إضافة أموال جديدة إلى أصول الشركة سبق أن استبعدتها لجنة التقييم الأولى التي أصبح قرارها نهائياً، يكون قرار لجنة التقييم الثانية عديم الأثر لا تلحقه الحماية التشريعية التي تعصمه من الخضوع للرقابة القضائية استظهاراً لمدى مشروعيته، ومن ثم يكون الدفع بعدم جواز نظر الدعوى غير قائم على سند سليم من القانون متعيناً رفضه.
ومن حيث إنه لا صحة لما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أن النزاع يقوم في شقه الأساسي حول ملكية المزرعة والمنشآت المقامة عليها، ذلك أنه لم يثر أي نزاع حول هذه الملكية، وكل ما في الأمر أن لجنة التقييم الأولى وهي بصدد تقييم شركة تضامن الشركاء فيها إخوة أشقاء، كان يتعين عليها أن تحدد ما يعتبر من أموال هؤلاء الشركاء مملوكاً لهم ملكية خاصة وما يعتبر من أصول الشركة وقد أصابت اللجنة وجه الحق حين استبعدت المزرعة والمنشآت المقامة عليها من أصول الشركة بعد أن ثبت لديها أنها اشتريت باسم الشركاء خاصة وأنها غير واردة بدفاتر الشركة أو ميزانيتها فضلاً عن أنها لا تتصل بنشاط الشركة أو تخدم أغراضها، كما لم يثر أي نزاع حول ملكية هذه الأعيان أمام لجنة التقييم الثانية. بل على النقيض من ذلك أن المؤسسة المصرية العامة للصناعات الغذائية التي تتبعها شركة النصر للمنتجات الغذائية كانت تسلم بملكية المدعين لهذه الأعيان ملكية خاصة. وليس أدل على ذلك من أنها أرسلت في 9 من نوفمبر سنة 1963 على ما يبين من الأوراق - إلى الحراسة العامة التي وضعت يدها على هذه الأعيان باعتبارها مملوكة للمدعين ملكية خاصة، الكتاب رقم 9340 بأن الشركة في حاجة إلى أرض المزرعة والمباني الملحقة بها نظراً لمشروعات التوسع المقررة واقترحت أن تقوم الحراسة ببيع ما تحتاجه الشركة من أرض ومبان إلى المؤسسة فمناط الفصل في هذه المنازعة هو استظهار مدى حجية قرار لجنة التقييم الأولى باستبعاد الأعيان المشار إليها من أصول الشركة، وليس الفصل في ملكية هذه الأعيان كما ذهب إلى ذلك الحكم المطعون فيه.
ومن حيث إنه تأسيساً على ما تقدم يكون الحكم المطعون فيه إذ قضى بوقف الدعوى حتى يحصل المدعون على حكم نهائي من القضاء المدني المختص بملكيتهم للأعيان موضوع النزاع قد أخطأ في تطبيق القانون ذلك أنه يتعين لكي يكون للمحكمة أن تأمر بوقف الدعوى في غير الحالات التي نص فيها القانون على وقف الدعوى وجوباً أو جوازاً أن تكون ثمة مسألة أولية يثيرها دفع أو طلب عارض أو وضع طارئ وأن يكون الفصل فيها ضرورياً للفصل في الدعوى وأن يخرج الفصل في هذه المسألة الأولية عن الاختصاص الوظيفي أو النوعي للمحكمة وهو أمر غير متحقق في هذه المنازعة على نحو ما أوضحنا ويتعين لذلك إلغاؤه والتصدي للفصل في موضوع الدعوى طالما أنها مهيأة للفصل فيها.
ومن حيث إن قرار تقييم شركة النصر للمنتجات الغذائية الذي أصدرته اللجنة المشكلة طبقاً لقرار نائب رئيس الوزراء للصناعة رقم 38 لسنة 1964 في 6 من يونيه سنة 1965 وهو القرار المطعون فيه - قد خالف القانون مخالفة جوهرية بإهداره حجية قرار لجنة التقييم الأولى الصادر في 8 من أغسطس سنة 1961 على نحو ما هو مفصل بأسباب هذا الحكم، ومن ثم فإنه يكون قد صدر عديم الأثر وتكون دعوى المدعين بشقيها المستعجل المتضمن طلب وقف تنفيذ القرار المشار إليه والموضوعي المتضمن طلب إلغائه قائمة على سند من القانون ويتعين لذلك - وبعد أن أصبح لا محل للقضاء بوقف تنفيذ القرار - القضاء بإلغائه.

الطعن 2387 لسنة 36 ق جلسة 29 / 3 /1994 إدارية عليا مكتب فني 39 ج 2 ق 113 ص 1161

جلسة 29 من مارس سنة 1994

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ حنا ناشد مينا حنا - رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة: فاروق علي عبد القادر، وعلي فكري حسن صالح، وعبد السميع عبد الحميد بريك، ومحمد إبراهيم قشطة - نواب رئيس مجلس الدولة.

---------------

(113)

الطعن رقم 2387 لسنة 36 القضائية

إصلاح زراعي - التعويض المقرر عن الاستيلاء على ما يجاوز الحد الأقصى للملكية الزراعية.
القانون رقم 127 لسنة 1961 بتعديل بعض أحكام قانون الإصلاح الزراعي الصادر بالرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952.
الأصل في القانون المدني أنه إذا لم يكن التعويض مقدراً في العقد أو بنص في القانون فالقاضي هو الذي يقدره - قانون الإصلاح الزراعي حدد كيفية تقدير التعويض المستحق لمن تم الاستيلاء على ما يجاوز الحد الأقصى للملكية الزراعية - يتعين الالتزام بهذا التحديد - لا يجوز للقاضي أن يتدخل في تقدير عناصر وأسس التعويض على خلاف ما حدده المشرع حتى ولو كان التعويض لا يغطي الأضرار - لا ينال من ذلك الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا بجلسة 7/ 7/ 1983 بعدم دستورية القانون رقم 104 لسنة 1964 بشأن الأراضي الزراعية التي تم الاستيلاء عليها لأحكام المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 والقرار بقانون رقم 127 لسنة 1961 أساس ذلك: أن الحكم المشار إليه يتعلق بعدم دستورية قانون حرم التعويض على من تم الاستيلاء لديه بينما النزاع الماثل يتعلق بكيفية تقدير التعويض تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الخميس الموافق 28/ 5/ 1990 أودع الأستاذ الدكتور/..... المحامي المقبول أمام المحكمة الإدارية العليا - بصفته وكيلاً عن الطاعنين قلم كتاب المحكمة تقرير الطعن رقم 2387 لسنة 36 ق ضد السادة: -
1 - رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي.
2 - رئيس الجمهورية.
3 - رئيس الوزراء - في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (دائرة العقود والتعويضات) بجلسة 8/ 4/ 1990 في الدعوى رقم 508 لسنة 38 ق والمقامة من الطاعنين ضد المطعون ضدهم والقاضي بقبول الدعوى شكلاً ورفضها موضوعاً وطلب الطاعنان في ختام تقرير الطعن - للأسباب الواردة به - الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون عليه وبإلزام المطعون ضده الأول بطرح الأرض المستولى عليها قبل مورثتهما السيدة/....... للبيع بالمزاد العلني تمهيداً لتحديد التعويض العادل الذي تلزم به الهيئة التي يمثلها المطعون ضده الأول مع إلزام المطعون ضدهم بالمصروفات.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعنين المصروفات.
ونظر الطعن أمام الدائرة الأولى بالمحكمة - (فحص الطعون) والتي قررت بجلسة 18/ 11/ 1991 إحالته إلى الدائرة الثالثة (فحص الطعون) وتدوول أمام تلك الدائرة على النحو الثابت بمحاضرها إلى أن قررت بجلسة 5/ 5/ 1993 إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثالثة) لنظره بجلسة 22/ 6/ 1993 وقد تدوول الطعن أمام المحكمة على النحو الثابت بمحاضرها حيث قدم الوكيل عن الطاعنين مذكرة ورد فيها ما ورد بعريضة الطعن وأضاف أن الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع انتهت بجلسة 27/ 6/ 1993 إلى أحقية من استولى لدية في التعويض العادل وقدم صورة من تلك الفتوى وبجلسة 4/ 1/ 1994 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم حيث صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه ومنطوقه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى سائر أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة - حسبما هو ثابت بالأوراق - في أن مورثة الطاعنين المرحومة....... أقامت الدعوى رقم 508 لسنة 38 ق أمام محكمة القضاء الإداري بالقاهرة طالبة الحكم بإلزام الهيئة العامة للإصلاح الزراعي بأن تدفع لها التعويض العادل الذي يقدره أهل الخبرة عن الأطيان الزراعية التي نزعت ملكيتها لها ومساحتها 134 فدان مع إلزام الإدارة المصروفات وذلك على سند من القول بأن الحكومة استولت على مساحة 90 فدان كانت مملوكة لها تطبيقاً لأحكام القانون رقم 127 لسنة 1961 بتعديل بعض أحكام قانون الإصلاح الزراعي وذلك دون أن تؤدي إليها قيمة التعويض المستحق لها استناداً إلى أحكام القانون رقم 104 لسنة 1964 الذي قضى بأيلولة الأراضي التي تم الاستيلاء عليها طبقاً لأحكام قانون الإصلاح الزراعي إلى الدولة بدون مقابل ونظراً لأن المحكمة الدستورية العليا قضت بعدم دستورية القانون رقم 104 لسنة 1964 فإنها تستحق التعويض المقرر بالقانون رقم 178 لسنة 1952 عن تلك المساحة كما وأن الحكومة قد استولت لديها على مساحة خمسة وأربعون فداناً تطبيقاً لأحكام القانون 50 لسنة 1969 بشأن تحديد الحد الأقصى للملكية الزراعية مع تقدير التعويض المستحق لها عن تلك المساحة طبقاً لأحكام هذا القانون ولما كان هذا التعويض تحكمياً ويخالف مقتضى حكم المحكمة الدستورية العليا الذي قضى بعدم دستورية القانون رقم 104 لسنة 1964 فإنها تطالب بأحقيتها في التعويض العادل الذي يقدره أهل الخبرة عن جملة الأراضي التي تم الاستيلاء عليها.
وبجلسة 6/ 4/ 1986 حكمت المحكمة أول درجة بانقطاع سير الخصومة في الدعوى لوفاة المدعية وبموجب صحيفة معلنة بتاريخ 24/ 11/ 1986 عجل الورثة الدعوى أمام محكمة أول درجة بذات الطلبات حيث فضت تلك المحكمة بجلسة 28/ 6/ 78 بندب مكتب خبراء وزارة العدل لتنفيذ المأمورية المحددة بمنطوق الحكم حيث قدم مكتب خبراء وزارة العدل (شمال القاهرة) تقريراً عن المأمورية وأرفق به مجموعة محاضر أعماله.
وبجلسة 8/ 4/ 1990 حكمت محكمة القضاء الإداري (دائرة العقود والتعويضات) بقبول الدعوى شكلاً ورفضها موضوعاً وألزمت المدعيين المصروفات تأسيساً على أن المشرع قد حدد التعويض المستحق لم يستولى لديها على القدر الزائد عن الحد الأقصى للملكية وهو ما لا تنازعهما الإدارة بشأنه وأنهما هما اللذان تقدما للإدارة بطلب إرجاء الاستيلاء النهائي لحين الفصل في تلك الدعوى.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل - مخالفة الحكم المطعون عليه للقانون والدستور نظراً لأنه يتعين أحقيتهما في التعويض العادل عن الأراضي التي تم الاستيلاء عليها لدى مورثتهما.
هذا فضلاً عن أن منطوق الحكم جاء مخالفاً للأسباب التي بني عليها والتي تضمنت أحقيتهما للتعويض عن الآلات والمنشآت وغيرها من الأشجار إن وجدت بالأرض المستولى عليها.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة مستقر على أن الأصل هو أن القاعدة العامة التي تحكم القضاء بالتعويض سواء في المنازعات الإدارية أو المدنية - تنظمها النصوص الواردة في القواعد الخاصة وهو الأمر الذي ردده القانون المدني في المادة (221) منه بالنص على أنه "(1) إذا لم يكن التعويض مقدراً في العقد أو بنص في القانون فالقاضي هو الذي يقدره..) ومن ثم فإن المشرع إذا ما تدخل وقدر التعويضات المستحقة عن نوع خاص من الضرر وأياً كان هذا التعويض عيناً أو تقداً فإنه يتعين على القاضي أن يتقيد به ولا يخرج عليه حتى ولو لم يكن من شأنه جبر كافة الأضرار التي لحقت بالمضرور وإذ تدخل المشرع في القانون رقم 127 لسنة 1961 بتعديل بعض أحكام قانون الإصلاح الزراعي رقم 178 لسنة 1952 - بالنص في المادة الرابعة منه على أن (يكون لمن استولت الحكومة على أرضه تنفيذاً لأحكام هذا القانون الحق في تعويض يقدر وفقاً للأحكام الواردة في هذا الشأن بالمرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 المشار إليه وبمراعاة الضريبة السارية في 9 سبتمبر سنة 1952 كما نصت المادة الخامسة من هذا القانون على أن (يؤدي التعويض بسندات اسمية على الدولة لمدة خمسة عشر سنة وبفائدة قدرها 4% سنوياً محسوبة من تاريخ الاستيلاء...) أي أن المشرع أحال إلى أحكام القانون رقم 178 لسنة 1952 لتحديد كيفية تقدير التعويض المستحق لمن تم الاستيلاء على ما يجاوز الحد الأقصى للملكية الزراعية طبقاً للقانون رقم 127 لسنة 1961 - وقد نصت المادة الخامسة من القانون رقم 178 لسنة 1952 على أن (يكون لمن استولت الحكومة على أرضه وفقاً لأحكام هذا القانون الحق في تعويض يعادل عشرة أمثال القيمة الإيجارية لهذه الأرض مضافاً إليها قيمة المنشآت والآلات الثابتة وغير الثابتة والأشجار وتقدر القيمة الإيجارية بسبعة أمثال الضريبة الأصلية المربوطة بها الأرض فإذا لم تكن الأرض ربطت عليها هذه الضريبة في التقدير العام لضرائب الأطيان المعمول بها منذ أول يناير 1949 لبوارها أو ربطت بضريبة لا تجاوز قيمتها جنيهاً واحداً للفدان يتم تقدير ثمنها بمعرفة اللجنة العليا لتقدير أثمان أراضي الدولة ولا يعتبر هذه التقدير نهائياً إلا بعد اعتماده من مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي...) ثم نظم المشرع كيفية توزيع التعويض في حالة اختلاف مالك الرقعة للأرض المستولى عليها عن صاحب حق الانتفاع بتلك الأرض ثم حددت المادة السادسة من هذا القانون كيفية سداد التعويض المستحق للمستولى لديه - وهذه الأحكام ردد جوهرها القانون رقم 50 لسنة 1969 بتعيين حد أقصى لملكية الأسرة والفرد في الأراضي الزراعية وذلك في المادتين 9، 10 من هذا القانون - ومن ثم فإنه بالنظر إلى أن النزاع يتعلق بتحديد التعويض المستحق عن استيلاء الدولة لمساحات من الأراضي الزراعية والأراضي البور طبقاً لأحكام القانونين رقمي 127 لسنة 1961، 50 لسنة 1969 - فإنه يتعين الالتزام بالأحكام المحددة التي نصت عليها قوانين الإصلاح بحيث لا يجوز للقاضي أن يتدخل في تقدير عناصر وأسس التعويض على خلاف ما حدده المشرع حتى ولو كان التعويض الذي حدده المشرع لا يغطي كافة الأضرار التي لحقت بالمضرور - ومن ثم يكون طلب الطاعنين تقدير التعويض المستحق لهم على أساس القيمة الحقيقية (السوقية) للأرض المستولى عليها غير قائم على أساس من القانون خليقاً بالرفض دون أن ينال من ذلك ما ورد بعريضة الطعن والمذكرات المقدمة من الطاعنين بشأن الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا الصادر بجلسة 7/ 7/ 1983 والقاضي بعدم دستورية القانون رقم 104 لسنة 1964 بشأن الأراضي الزراعية التي تم الاستيلاء عليها طبقاً لأحكام المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 والقرار بقانون رقم 127 لسنة 1961 المعدل له - إلى الدولة دون مقابل ذلك لأن الاستشهاد بهذا الحكم في غير موضعه إذ يتعلق حكم المحكمة الدستورية المشار إليه بعدم دستورية قانون حرم التعويض على من تم الاستيلاء لديه - بينما النزاع المماثل يتركز حول ما إذا كان التعويض الذي حدده القانون واجب التطبيق أم يتعين الرجوع إلى السلطة التقديرية للقضاء في تقدير التعويض وهو أمراً جداً مختلف هذا فضلاً عن أن المحكمة الدستورية العليا في حكمها المستشهد به لم تتعرض لكيفية تقدير التعويض المستحق عن الأراضي المستولى عليها طبقاً لقوانين الإصلاح الزراعي وإنما قضت بعدم دستورية القانون الذي يحرم من تم الاستيلاء لدية طبقاً لتلك القوانين من الحق في صرف تعويضاً عن الأراضي التي استولى عليها لديه - كما وأنه لا وجه لما ورد بمذكرات الطاعنان من الاستشهاد بالفتوى الصادرة من الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع الصادر بجلسة 27/ 6/ 1993 لتعلقها بكيفية تحديد التعويض المستحق عن الأراضي المستولى عليها طبقاً للقرارات الصادرة بفرض الحراسة على الأشخاص الطبيعيين بالمخالفة لأحكام القانون رقم 162 لسنة 1958 بشأن حالة الطوارئ أي أنها تتعلق بتحديد التعويض عن الأراضي التي استولى عليها بالمخالفة لأحكام القانون وهو أمر يختلف عن النزاع المماثل والمتعلق بتحديد التعويض عن الأراضي المستولى عليها طبقاً للقانون فضلاً عن أن المشرع حدد التعويض المستحق لمن استولى لديه عن الأرض التي تجاوز الحد الأقصى للملكية الزراعية - بينما لم يجدد التعويض عن الأراضي المستولى عليها بالمخالفة لأحكام قانون الطوارئ وعليه فإنه يتعين الالتفات عن هذا الوجه من أوجه الدفاع.
ومن حيث إن المحكمة تشير إلى أنه ولئن كان تقرير الطعن قد تضمن النعي على الحكم بمخالفة القانون والدستورية إلا أن هذا التقرير والمذكرات المقدمة من الطاعنين لم تشر إلى الدفع بعدم دستورية النصوص التي تحدد التعويض عن الأراضي المستولى عليها بقوانين الإصلاح الزراعي.
ومن حيث إنه لما سبق وكان التعويض المنصوص عليه قانوناً عن الأراضي المستولى عليها هو التعويض الواجب التطبيق وكان بتقرير الخبير المنتدب في الدعوى الصادر فيها الحكم المطعون عليه (ص9) أن الطاعنة الأولى تقدمت بالطلب رقم 589 بتاريخ 5/ 8/ 1985 عن نفسها وعن شقيقها الطاعن الثاني بالتوكيل رقم 3005 لسنة 1969 إلى مدير إدارة الاستيلاء بالهيئة العامة للإصلاح الزراعي يطلب فيه عدم السير في إجراءات الاستيلاء النهائي على الأطيان الكائنة بناحية الدقهلية والفيوم لحين الفصل في الدعوى رقم 508 لسنة 38 ق (الدعوى الصادر فيها الحكم المطعون عليه) كما وأن الثابت في كتاب مدير جهاز الخبراء والقضايا بالهيئة العامة للإصلاح الزراعي الموجه للسيد/ مدير إدارة القضاء الإداري بالشئون القانونية لتك الهيئة والمودع بالدعوى في 24/ 1/ 1985 ومذكرة دفاع الهيئة أمام محكمة أول درجة - أن الاستيلاء النهائي على الأرض المطالب بالتعويض عن الاستيلاء عليها لم يصدر وبالتالي لم تحدد الحقوق التعويضية عن تلك الأرض ومن ثم فلا يكون هناك نزاعاً بين الطرفين حول مقدار التعويض المستحق طبقاً لقوانين الإصلاح الزراعي.
ومن حيث إنه لما سبق وكانت المحكمة قد انتهت إلى أن التعويض المستحق للطاعنان عن الأراضي التي تم الاستيلاء عليها لدى مورثتهما طبقاً لأحكام قوانين الإصلاح الزراعي هو التعويض المحدد بتلك القوانين وليس للقضاء سلطة تقديرية في تحديده أو بيان أسسه وهو ما انتهى إليه الحكم المطعون عليه فإنه يتعين القضاء برفض الطعن مع إلزام الطاعنان بمصروفاته عملاً بالمادة 184 مرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعنان المصروفات.

الطعن 777 لسنة 36 ق جلسة 29 / 3 /1994 إدارية عليا مكتب فني 39 ج 2 ق 112 ص 1151

جلسة 29 من مارس سنة 1994

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ حنا ناشد مينا حنا - رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة: علي فكري حسن صالح، وعلي رضا عبد الرحمن رضا، وعبد السميع عبد الحميد بريك، ومحمد إبراهيم قشطة - نواب رئيس مجلس الدولة.

---------------

(112)

الطعن رقم 777 لسنة 36 القضائية

عاملون مدنيون بالدولة - انتهاء الخدمة - استقالة ضمنية - تحصن القرار الصادر بانتهاء الخدمة.
المادة (98) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978.
قرينة الاستقالة الضمنية المستفادة من انقطاع العامل عن العمل بدون إذن مقررة لصالح جهة الإدارة - متى صدر قرار إنهاء الخدمة إعمالاً لها فلا يجوز لجهة الإدارة سحب قرار إنهاء الخدمة استناداً لها أو إلى الاستقالة الصريحة - أساس ذلك: أن سحب قرار إنهاء الخدمة في هذه الحالة ينطوي على إهدار للضوابط والشروط التي فرضها المشرع على الإدارة عند إعادة العامل إلى الخدمة وحساب المدة التي قضاها خارج الوظيفة - لا يجوز في هذه الحالة القياس على ما هو مقرر بالنسبة إلى القرارات الصادرة بالفصل – القرارات الإدارية السليمة لا يجوز كأصل عام سحبها أو إلغائها فيما عدا الاستثناء سالف البيان - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الأربعاء 21/ 1/ 1990 أودع الأستاذ/........ المحامي المقبول بالنقض بصفته وكيلاً عن الطاعن بصفته بموجب التوكيل الرسمي العام رقم 1638 ( أ ) لسنة 1987 قصر النيل - سكرتارية المحكمة الإدارية العليا - تقرير طعن ضد المطعون ضده قيد تحت رقم 777 لسنة 36 قضائية عليا في حكم محكمة القضاء الإداري - دائرة الجزاءات الصادر في الدعوة رقم 3060 لسنة 40 قضائية بجلسة 4/ 12/ 1989 والقاضي بـ: "بقبول الدعوى شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء القرار رقم 91 لسنة 1985 فيما تضمنه من سحب القرار رقم 66 لسنة 1981، مع ما يترتب على ذلك من آثار". وطلب في ختامه، لما أورده من أسباب، الحكم "بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض دعوى المطعون ضده مع إلزامه المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين".
أودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً ارتأت فيه، لما بني عليه من أسباب: "قبول الطعن شكلاًً ورفضه موضوعاً مع إلزام الطاعن المصروفات".
نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون، على النحو المبين بمحاضر الجلسات وبجلسة/....... تقرر إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا - الدائرة الثالثة - لنظره بجلسة 17/ 11/ 1992 وقد تدوول نظره على النحو الوارد بمحاضر الجلسات إلى أن تقرر إصدار الحكم بجلسة اليوم حيث صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.
ومن حيث إن الطعن قد قدم في الميعاد المقرر قانوناً مستوفياً سائر أوضاعه الشكلية فمن ثم يكون مقبولاً شكلاً.
ومن حيث إن عناصر هذه القضية تتحصل حسبما يبين من الأوراق، في أنه بتاريخ 6/ 4/ 1986، بموجب صحيفة مودعة قلم كتاب محكمة القضاء الإداري - دائرة الجزاءات - أقام المطعون ضده الدعوى رقم 3060 لسنة 40 قضائية (ضد الهيئة الطاعنة) - طلب في ختامها الحكم: "بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار رقم 61 لسنة 1985 فيما تضمنه من سحب القرار رقم 66 لسنة 1981 مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات، وقد شرح دعواه بقوله أنه كان قد حصل على إجازة بدون مرتب لمدة أربع سنوات تنتهي في 31/ 8/ 1980 ونظراً لتجاوزه هذا التاريخ بمدة سبعة أشهر واثني عشر يوماً فقد أصدرت الهيئة المدعى عليها القرار رقم 40 لسنة 1981 بإنهاء خدمته اعتبار من 1/ 9/ 1980 وإلا أنها عادت فأصدرت القرار رقم 66 لسنة 1981 بتاريخ 20/ 4/ 1981 بسحب القرار المذكور فيما تضمنه من إنهاء خدمته واعتباره كأن لم يكن وحساب المدة من 1/ 9/ 1980 حتى 13/ 4/ 1981 - تاريخ تسليمه العمل إجازة بدون مرتب غير أن الهيئة المطعون ضدها - عادت مرة ثانية وسحبت القرار الأخير - بقرارها رقم 91 لسنة 1985 - المطعون فيه - وبمقتضاه اعتبرت المدعي قد أعيد تعيينه اعتباراً من 13/ 4/ 1981 مع حذف مدة تجاوزه لإجازته من مدة خدمته وإذ كانت جهة الإدارة قد أصدرت القرار الأخير بعد أربع سنوات من سحب قرار إنهاء لذا فقد تظلم بتاريخ 8/ 12/ 1985 من هذا القرار، وقد رفض تظلمه لذا أقام دعواه المطروحة بالطلبات آنفة الذكر. وبتاريخ 4/ 12/ 1986 أصدرت محكمة القضاء الإداري - دائرة الجزاءات - حكمها محل الطعن الماثل على النحو آنف البيان. وذلك تأسيساً على أن القرار رقم 91 لسنة 1985 صدر بتاريخ 2/ 12/ 1985 وتظلم منه بتاريخ 8/ 12/ 1985، وإذ لم يتلق رداً على تظلمه خلال ستين يوماً من تاريخ تقديمه، لذا أقام دعواه الراهنة بتاريخ 6/ 4/ 1986 وقد استوفت الدعوى سائر أوضاعها الشكلية فمن ثم تكون الدعوى مقبولة شكلاً. أما من حيث الموضوع، فقد جرى قضاء المحكمة على أن القرارات التي تولد حقاً أو مركزاً شخصيا للأفراد لا يجوز سحبها في أي وقت متى صدرت سليمة وذلك استجابة لدواعي المصلحة العامة التي تقتضي استقرار تلك الأمور. أما بالنسبة للقرارات الفردية غير المشروعة فإنه على جهة الإدارة سحبها، التزاماً بحكم القانون وتصحيحاً للأوضاع المخالفة إلا أن دواعي المصلحة العامة أيضاً تقتضي أنه إذا صدر هذا القرار معيباً مولداً حقاً فإن هذا القرار يجب أن يستقر عقب فترة معينة من الزمن بحيث يسري عليه ما يسري على القرار الصحيح الذي يصدر في الموضوع ذاته. وقد اتفق على تحديده هذه القترة بستين يوماً من تاريخ نشر القرار أو إعلانه قياساً على مدة الطعن القضائي بحيث إذا انقضت هذه الفترة اكتسب القرار حصانة تعصمه من أي إلغاء أو تعديل ويصبح عندئذ لصاحب الشأن حق مكتسب فيما تضمنه القرار وكل إخلال بهذا الحق بقرار لاحق يعد أمراً مخالفاً للقانون يعيب القرار الأخير ويبطله. وإذ انقطع المدعي عن عمله بدون إذن اعتباراً من 1/ 9/ 1980 أكثر من خمسة عشر يوماً متتالية فأصدرت الهيئة المدعى عليها القرار رقم 40 لسنة 1981 في 12/ 3/ 1981 بإنهاء خدمته اعتباراً من 1/ 9/ 1980 تاريخ انقطاعه عن العمل بدون إذن واعتباره مستقيلاً طبقاً لنص المادة 68 من القانون رقم 47 لسنة 1978 سالف الذكر. ثم قامت الهيئة بإصدار القرار رقم 66 بتاريخ 20/ 4/ 1981 ونص هذا القرار في المادة الأولى منه على سحب القرار رقم 40 لسنة 1981 سالف الذكر واعتباره كأن لم يكن واحتساب المدة من 1/ 9/ 1980 إلى 13/ 4/ 1981 إجازة بدون مرتب، إلا أنه بتاريخ 2/ 12/ 1985 أصدرت الهيئة المدعى عليها القرار رقم 91 لسنة 1985 (المطعون فيه) والذي نص على أنه اعتباراً من 13/ 4/ 1981 تاريخ استلام العمل يعاد تعيين المدعي على أن تحسب أقدميته في الدرجة الثانية اعتباراً من 13/ 8/ 1978 بعد حذف مدة الفصل وقدرها سبعة أشهر واثني عشر يوماً أي أن الهيئة قد سحبت القرار رقم 66 لسنة 1981 بقرارها رقم 91 لسنة 1985 واعتبرت المدعي قد أعيد تعيينه من 13/ 4/ 1981 (تاريخ استلامه العمل) بعد حذف مدة الانقطاع عن العمل. وإذ صدر القرار رقم 66 لسنة 1981 - الساحب لقرار إنهاء الخدمة رقم 40 لسنة 1981 - بتاريخ 20/ 4/ 1981 وبتاريخ 2/ 12/ 1985 قامت الهيئة بحسب هذا بالقرار رقم 91 لسنة 1985 (المطعون فيه)، أي بعد ما يربو على أربع سنوات من تاريخ صدور القرار رقم 66 لسنة 1981 الباطل الذي اكتسب حصانة تعصمه من السحب بمضي المدة المقررة لسحب القرارات الإدارية الباطلة الأمر الذي يجعل القرار الساحب رقم 91 لسنة 1985 المطعون فيه باطلاً ويتعين الحكم بإلغائه مع ما يترتب على ذلك من آثار. وإذا تنعى الهيئة الطاعنة على الحكم المذكور محل الطعن مخالفته للقانون والخطأ في تطبيقه وتأويله وذلك للأسباب التالية:
أولاً: مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه لأن القرار رقم 66 لسنة 1981 وإذ جاء مخالفاً لصريح المواد 98، 23 من القانون رقم 47 لسنة 1978 ينحدر إلى العدم وبالتالي يجوز سحبه دون تقيد بمدة الستين يوماً حسبما أورده الحكم فمؤدى هذه المخالفة أن يصبح هذا القرار مجرد فعل مادي غير مشروع الأمر الذي يتعين معه سحبه دون التنفيذ بمواعيد سحب القرارات الإدارية لأنه لا يكتسب أي نوع من الحصانة بمقضي المادة. وعليه يكون القرار رقم 91 لسنة 1985 الساحب للقرار رقم 66 لسنة 1981 صدر من الجهة المختصة قانوناً بإصداره وفي حدود اختصاصها القانوني مستوفياً كافة الأركان الشكلية والموضوعية طبقاً للقانون. ولا يتضمن في طياته مخالفة للقانون أو خطأ في تطبيقه الأمر الذي لا يجوز معه إلغائه.
ثانياً: الخطأ في تأويل القانون وتفسيره وذلك لاعتباره القرار رقم 66 لسنة 1981 قابلاً الفحص بمضي المدة طبقاً لأحكام القانون رقم 47 لسنة 1972 في شأن مجلس الدولة، ذلك لأن هذا القرار ليس مجرد قرار معيب يمكن أن يتحصن بمضي المدة ولكنه مجرد عمل مادي.
من حيث إن المادة 98 من القانون رقم 47 لسنة 1978 بإصدار قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة تنص على أن: "يعتبر العامل مقدماً استقالته في الحالات الآتية:
1 - إذ انقطع عن عمله بغير إذن أكثر من خمسة عشر يوماً متتالية ما لم يقدم خلال الخمسة عشر يوماً التالية ما يثبت أن انقطاعه كان بعذر مقبول وفي هذه الحالة يجوز للسلطة المختصة أن تقرر عدم حرمانه من أجره عن مدة الانقطاع إذا كان له رصيد من الأجازات يسمح بذلك وإلا وجب حرمانه من أجره عن هذه المدة فإذ لم يقدم العامل أسباباً تبرر الانقطاع أو قدم هذه الأسباب ورفضت اعتبرت خدمته منتهية من تاريخ انقطاعه عن العمل.
2 - إذا انقطع عن عمله بغير إذن تقبله جهة الإدارة أكثر من ثلاثين يوماً غير متصلة في السنة وتعتبر خدمته منتهية في هذه الحالة من اليوم التالي لاكتمال هذه المدة وفي الحالتين السابقتين يتعين إنذار العامل كتابة بعد انقطاعه لمدة خمسة أيام في الحالة الأولى وعشرة أيام في الحالة الثانية.
(3).........".
كما تنص المادة 23 من ذات القانون على أنه: "استثناء من حكم المادة 17 يجوز إعادة تعيين العامل في وظيفته السابقة التي كان يشغلها أو في وظيفة أخرى مماثلة في ذات الوحدة أو في وحدة أخرى بذات أجره الأصلي الذي كان يتقاضاه مع الاحتفاظ له بالمدة التي قضاها في وظيفته السابقة في الأقدمية وذلك إذا توافرت فيه الشروط المطلوبة لشغل الوظيفة التي يعاد التعيين عليها" على ألا يكون التقرير الأخير المقدم عنه في وظيفته السابقة بمرتبة ضعيف".
ومن حيث إن النص الأول ينصرف لتنظيم إنهاء خدمة العامل استناداً إلى الاستقالة الضمنية بينما ينصرف النص الثاني إلى تنظيم إعادة تعيين العامل في وظيفته السابقة استثناءاً من القواعد المنظمة للتعيين بالوظيفة العامة التي عنيت بتنظيمها المواد 15 -22 من ذات القانون.
ومن حيث إنه ولئن كانت القرينة القانونية على الاستقالة الضمنية المستفادة من انقطاع العامل بدون إذن عن عمله مقررة لصالح الإدارة لا العامل، إلا أنه متى صدر قرار إنهاء الخدمة إعمالاً لها فإنه، حسبما جرى عليه قضاء المحكمة الإدارية العليا، لا يسوغ لجهة الإدارة سحب القرار الصادر بإنهاء الخدمة استناداً إلى الاستقالة الصريحة أو الضمنية التي صدرت مطابقة للقانون لأن سحب قرار إنهاء الخدمة في هذه الحالة ينطوي على إهدار الإدارة للضوابط والشروط التي فرضها المشرع على الإدارة عند إعادة العامل إلى الخدمة وحساب المدة التي قضاها خارج الوظيفة. ولا يجوز في هذه الحالة القياس على ما هو مقرر بالنسبة إلى القرارات الصادرة بالفصل.
ومن حيث إن القرارات الباطلة لمخالفتها للقانون يجوز للإدارة الرجوع فيها وسحبها بقصد تصحيحها وفقاً لأحكام القانون والتزاماً بها، وتجنب الحكم بإلغائها قضاء على أن يتم ذلك في خلال المدة المحددة لرفع دعوى الإلغاء. ومرد ذلك وجوب التوفيق بين ما يجب أن يكون للإدارة من حق إصلاح ما انطوى عليه قرارها من مخالفة قانونية، وبين ضرورة استقرار الأوضاع القانونية المترتبة على القرار الإداري مع مراعاة الاتساق بين الميعاد الذي يجوز فيه لصاحب الشأن طلب الإلغاء بالطريق القضائي، وبين الميعاد الذي يجوز فيه للإدارة سحب القرار تقريراً للمساواة في الحكم ومراعاة للمعادلة بين مركز الإدارة ومركز الأفراد إزاء القرار الإداري حتى يكون للقرار حد تستقر عنده المراكز القانونية الناشة عنه ويكتسب حصانة تعصمها من كل تغيير أو تعديل. أما القرارات الإدارية السليمة فلا يجوز كأصل عام - سحبها أو إلغائها فيما عدا الاستثناء آنف الذكر.
من حيث إنه بالنسبة لميعاد دعوى إلغاء القرارات الإدارية غير المشروعة فإنه يتعين التفرقة بين القرارات الإدارية الباطلة وتلك المتقدمة. فإذا كان فوات ميعاد الطعن بالإلغاء بالنسبة للأولى يغلق باب هذا الطعن ويصحح القرار ومن ثم لا يجوز سحبها بفواته، فإنه بالنسبة للقرارات الإدارية المتقدمة لا يتقيد إلغائها بهذا الميعاد ومن ثم فلا ينغلق طريق الطعن عليها بالإلغاء بفواته ولا تصحح بفواته.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن الهيئة الطاعنة كانت قد أصدرت القرار رقم 40 لسنة 1981 بتاريخ 12/ 3/ 1981 بإنهاء خدمة المطعون ضده - وهو يعمل ضابط لاسلكي ثان صيانة من عداد العاملين بها اعتباراً من 1/ 9/ 1990 - تاريخ انقطاعه عن العمل واعتباره مستقيلاً طبقاً لنص المادة 98 من القانون رقم 47 لسنة 1978 بالقرار رقم 40 لسنة 1981، وقد صدر هذا القرار صحيحاً متفقاً مع صحيح حكم القانون. غير أنها عادت فسحبته بقرارها رقم 66 المؤرخ 20/ 4/ 1981. ثم عادت مرة ثانية - عملاً بكتاب رئيس الإدارة المركزية للخدمة المدنية بالجهاز المركزي للتنظيم والإدارة - فأصدرت بتاريخ 2/ 12/ 1985 - قرارها رقم 91 لسنة 1985 المطعون فيه - بإعادة تعيين المطعون ضده بوظيفة صيانة لاسلكي ثان مجموعة الوظائف الهندسية المساعدة بالإدارة المركزية للشئون الهندسية. على أن تحتسب أقدميته في هذه الدرجة اعتباراً من 13/ 8/ 1978 بعد حذف مدة الفصل وقدرها سبعة شهور واثني عشر يوماً.
ومن حيث إن القرار رقم 66 لسنة 81 الصادر بتاريخ 20/ 4/ 1981، وإن شابه البطلان وعدم المشروعية إلا أن هذا البطلان لا يصل إلى حد الانعدام ذلك أن الأصل في القرار لا يكون منعدماً إلا إذا انعدمت أحد أركانه الأساسية وهي الإرادة والمحل والسبب، أما إذا توافرت الأركان الثلاثة ولكن اختلت شروط صحتها وهي الشكل والاختصاص ومطابقة القانون واستهداف الصالح العام، كان القرار باطلاً فحسب مع مراعاة أن عيب الاختصاص الجسيم الذي يصل إلى حد غصب السلطة القضائية أو السلطة التشريعية يؤدي إلى انعدام القرار باعتبار أن الإدارة تكون في هذه الحالة قد خرجت عن النطاق الإداري. وإذ الثابت مما تقدم أن القرار المطعون فيه قد توافرت له أركانه الأساسية وأن ما شابه هو مجرد مخالفة القانون لا تنحدر به إلى حد الانعدام.
ومن حيث إنه متى كان ذلك، وكان الثابت أن القرار المطعون فيه رقم 91 لسنة 85 صدر بعد انقضاء الميعاد الذي يجوز فيه سحب القرار رقم 66 لسنة 89 الصادر بسحب قرار إنهاء خدمة الطاعن، فإن القرار المطعون فيه يكون قد صدر والحالة هذه قد خالف حكم القانون وإذ ذهب الحكم المطعون فيه هذا المذهب ورفض إلغائه إنما يكون قد صادف صحيح حكم القانون ويكون الطعن والحالة على غير سند من القانون متعيناً رفضه.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً.

الطعن 1321 لسنة 88 ق جلسة 3 / 12 / 2018 مكتب فني 69 ق 159 ص 1095

جلسة 3 من ديسمبر سنة 2018
برئاسة السيد القاضي/ حسن حسن منصور نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ عبد السلام المزاحي، ياسر نصر، أحمد صلاح الدين وفوزي حمدان نواب رئيس المحكمة.
-------------
(159)
الطعن رقم 1321 لسنة 88 القضائية

(1) نقض "الخصوم في الطعن: الخصوم بصفة عامة".
الاختصام في الطعن بالنقض. عدم كفايته أن يكون الخصم طرفا في الدعوى الصادر فيها الحكم المطعون فيه. وجوب المنازعة بين الخصوم ووجود مصلحة في الدفاع عن الحكم المطعون فيه. عدم توجيه طلبات للخصم أو القضاء له أو عليه بشيء. أثره. عدم القبول. عدم القضاء للمطعون ضدهما الثاني والثالث بصفتيهما أو عليهما بشيء وعدم تعلق أسباب الطعن بهما. أثره. عدم قبول الطعن بالنسبة لهما.

(2 ، 3) دعوى "إجراءات رفع الدعوى: صحيفة افتتاح الدعوى: ما لا يؤدي إلى بطلان الصحيفة".
(2) الخطأ في بيان ممثل الشخص الاعتباري أو اسم ممثله أو إغفاله. لا يؤثر في صحة اختصامه. شرطه. ذكر اسمه المميز له بصحيفة الدعوى. م 3/115 مرافعات المضافة بق 23 لسنة 1992 ومذكرته الإيضاحية. علة ذلك.

(3) توجيه صحيفة الإدخال إلى الشركة الطاعنة دون ممثلها. صحيح. النعي عليه. على غير أساس. علة ذلك.

(4) حوالة "حوالة الدين: انعقادها".
حوالة الدين. تحققها باتفاق المدين والمحال عليه مباشرة. لازمه. تحمل المحال عليه الدين لدى الدائن بجميع أوصافه. نفاذ الحوالة في حق الدائن. شرطه. إقراره لها صراحة أو بعد إعلانه بها. سكوته عن الإقرار الموجه إليه من المحال إليه أو المدين الأصلي خلال المدة المعينة في الإعلان. اعتباره رفضا للحوالة. أثره. قيام الحوالة بين المدين الأصلي والمحال عليه دون انتقال الدين إلى ذمة المحال عليه في علاقته بالدائن. لمحكمة الموضوع سلطة تقدير تحقق الإقرار. المادتان 315، 316 مدني.

(5 ، 6) حوالة "حوالة الدين: نفاذ حوالة محفظة تأمينات الأشخاص من شركة مصر للتأمين لشركة مصر لتأمينات الحياة في حق الدائن".
(5) قرار هيئة الرقابة المالية بالموافقة على طلب شركة مصر للتأمين بتحويل محفظة التأمينات إلى الشركة الطاعنة مصر لتأمينات الحياة اعتبارا من 1/7/2010. أثره. جعل الشركة الطاعنة في مركز المحال إليه بالدين. عدم تقديم الشركة الطاعنة ما يفيد إقرار المطعون ضده بالحوالة. أثره. علم نفاذها في مواجهته ولو نشر القرار بالوقائع المصرية. علة ذلك.

(6) إقامة المطعون ضده دعواه قبل شركة مصر للتأمين صاحبة الصفة وقت رفع الدعوى وإدخاله الشركة الطاعنة مصر لتأمينات الحياة صاحبة الصفة بموجب قرار الهيئة العامة للرقابة المالية. مفاده. إقراره ضمنا بالحوالة من تاريخ الإدخال. أثره. عدم سقوط دعواه بالتقادم الثلاثي. التزام الحكم المطعون فيه ذلك النظر. صحيح. علة ذلك.

(7 ، 8) خبرة "سلطة محكمة الموضوع في تقدير عمل الخبير".
(7) محكمة الموضوع. سلطتها في استخلاص وفهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة وأخذها بتقرير الخبير متى اقتنعت بسلامة الأسس التي بني عليها.

(8) قضاء الحكم المطعون فيه بأسباب سائغة بإلزام الشركة الطاعنة بفروق مستحقات المطعون ضده الأول التأمينية تأسيسا على ما خلص إليه تقرير الخبير من وجوب احتسابها من تاريخ تعيينه الحقيقي. سائغ وكاف. النعي عليه. جدل موضوعي. النعي باحتساب الخبير لمستحقات المطعون ضده الأول على أساس الأجر الأساسي دون التقيد بنسبة الـ 5% وفقا لملحق عقد التأمين. دفاع جديد لم يسبق التمسك به أمام درجتي التقاضي. أثره. عدم قبوله.

----------------

1 - المقرر- في قضاء محكمة النقض- أنه لا يكفي فيمن يختصم في الطعن، أن يكون طرفا في الدعوى التي صدر فيها الحكم المطعون فيه، بل يجب أن يكون قد نازع خصمه أمامها في طلباته، أو نازعه خصمه في طلباته هو، وأن تكون له مصلحة في الدفاع عن الحكم المطعون فيه حين صدوره، فإذا لم توجه إليه طلبات، ولم يقض له أو عليه بشيء، فإن الطعن بالنسبة له يكون غير مقبول، لما كان ذلك، وكان المطعون ضدهما الثاني والثالث بصفتيهما لم يقض لهما أو عليهما بشيء سواء من الحكم الابتدائي أو الحكم المطعون فيه، ولم تتعلق أسباب الطعن بهما، ومن ثم يكون الطعن بالنسبة لهما غير مقبول.

2 - المقرر- في قضاء محكمة النقض- أن النص في الفقرة الثالثة من المادة 115 من قانون المرافعات والمضافة بالقانون رقم 23 لسنة 1992 على أنه "وإذا تعلق الأمر بإحدى الوزارات أو الهيئات العامة أو مصلحة من المصالح أو بشخص اعتباري عام أو خاص، فيكفي في تحديد الصفة أن يذكر اسم الجهة المدعى عليها في صحيفة الدعوى "يدل- وعلى ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية- على أنه نظرا لتعدد صور الشخص الاعتباري العام، وتنوعها بين هيئات ومؤسسات وشركات عامة وغيرها، وما قد يحدث من إدماج بعضها أو تغيير تبعيتها أو تعديل شخص من يمثلها، فقد ارتأى المشرع تخفيفا عن المتقاضين، ومنعا لتعثر خصوماتهم، صحة اختصام الشخص الاعتباري، متى ذكر بصحيفة الدعوى اسمه المميز له، دون أن يؤثر في ذلك الخطأ في بيان ممثله أو اسم هذا الممثل أو إغفال هذا البيان كلية.

3 - إذا كان الثابت من ديباجة الحكم الابتدائي أن صحيفة الإدخال وجهت إلى الشركة الطاعنة، كشخصية اعتبارية مستقلة عن شخصية ممثلها القانوني، باعتبارها الخصمة الأصيلة، المقصودة بذاتها في الخصومة دون ممثلها، ومن ثم فإن ذكر اسمها في صحيفة الإدخال يكون كافيا لصحتها، دون اعتداد بما يكون قد وقع فيها من خطأ، في بيان صاحب الصفة في تمثيلها، ومن ثم يكون قضاء الحكم المطعون فيه بتأييد الحكم الابتدائي، فيما قضى به من رفض دفاع الشركة الطاعنة بعدم قبول الدعوى بالنسبة لها، لرفعها على رئيس مجلس إدارتها، لأنه لا يمثلها قانونا، قد أصاب صحيح القانون، ويضحى النعي عليه بهذا الوجه على غير أساس.

4 - أن النص في المادة 315 من القانون المدني، على أن "تتم حوالة الدين باتفاق بين المدين وشخص آخر يتحمل عنه الدين" والمادة 316 منه على أن "(1) لا تكون الحوالة نافذة في حق الدائن، إلا إذا أقرها. (2) وإذا قام المحال عليه أو المدين الأصلي بإعلان الحوالة إلى الدائن، وعين له أجلا معقولا ليقر الحوالة، ثم انقضى الأجل دون أن يصدر الإقرار، اعتبر سكوت الدائن رفضا للحوالة" مفاده، أن حوالة الدين تتم باتفاق مباشر بين المدين والمحال عليه، على أن يتحمل عنه هذا الأخير الدين الذي في ذمته للدائن، بجميع أوصافه وخصائصه وضماناته ودفوعه، ولا تنفذ هذه الحوالة في حق الدائن إلا إذا أقرها صراحة مباشرة، أو بعد إعلانه بها أي من المحال عليه أو المدين الأصلي، ولكن إذا قام أيهما بإعلان الحوالة إلى الدائن، وعين له فيه أجلا معقولا، ليقر الحوالة، وانقضى هذا الأجل دون أن يقرها، اعتبر سكوته رفضا لها وتقدير تحقق هذا الإقرار من عدمه متروك لسلطة محكمة الموضوع، ويظل عقد الحوالة قائما في العلاقة ما بين المدين الأصلي والمحال عليه، منتجا لالتزامات شخصية فيما بينهما، دون أن ينتقل الدين إلى ذمة المحال عليه، في العلاقة ما بينه وبين الدائن.

5 - إذ كانت الهيئة العامة للرقابة المالية قد أصدرت قرارها رقم 32 لسنة 2011 بتاريخ 11/5/2011 بتحويل محفظة تأمينات الأشخاص، بما لها من حقوق وما عليها من التزامات، من شركة مصر للتأمين إلى شركة مصر لتأمينات الحياة- الطاعنة-، وذلك نفاذا لعدة قوانين منها قانون الإشراف والرقابة على التأمين في مصر، الصادر بالقانون رقم 10 لسنة 1981، المعدل بالقانون رقم 118 لسنة 2008 ولائحته التنفيذية، وقرار رئيس الجمهورية رقم 246 لسنة 2006، المتضمن تأسيس الشركة القابضة للتأمين، وتحويل شركات التأمين إلى شركة تابعة لها، وكان قرار الهيئة المشار إليه، بالموافقة على الطلب المقدم من شركة مصر للتأمين، بتحويل تأمينات الأشخاص، بما لها من حقوق وما عليها من التزامات إلى الشركة الطاعنة، اعتبارا من تاريخ 1/7/2010، يجعل الشركة الطاعنة في مركز المحال إليه بالدين، المحال به من المدين الأصلي، وهو شركة مصر للتأمين، ومنها ما هو مستحق للدائن وهو المطعون ضده، الناشئ عن عقد التأمين الجماعي، اعتبارا من هذا التاريخ الأخير، ولما كان القرار سالف الذكر، وإن كان قد نشر بالوقائع المصرية بتاريخ 28/5/2011، إلا أنه لا يعد نافذا في مواجهة المطعون ضده، مادام لم تقدم الشركة الطاعنة ما يفيد إقراره بهذه الحوالة، بحسبان أن مصدر الالتزام بالدين محلها هو عقد التأمين.

6 - إذ كان الثابت أن خدمة المطعون ضده قد انتهت بتاريخ 16/7/2009، وأقام دعواه الراهنة قبل شركة مصر للتأمين، باعتبارها صاحبة الصفة، وقت رفع الدعوى للمطالبة بمستحقاته التأمينية، ثم أدخل الشركة الطاعنة خصما في الدعوى أمام محكمة أول درجة، بموجب صحيفة معلنة في 2016/3/14، بعد أن أصبحت هي صاحبة الصفة طبقا لقرار الهيئة العامة للرقابة المالية سالف الإشارة إليه (رقم 32 لسنة 2011 بتاريخ 11/5/2011 بتحويل محفظة تأمينات الأشخاص، بما لها من حقوق وما عليها من التزامات، من شركة مصر للتأمين إلى شركة مصر لتأمينات الحياة)، وهو ما يفيد إقراره ضمنا بهذه الحوالة، اعتبارا من هذا التاريخ ومن ثم فإن دعواه لا تكون قد سقطت بالتقادم الثلاثي المنصوص عليه بالمادة 752 من القانون المدني، وإذ انتهى الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه إلى هذه النتيجة فإنه يكون قد أصاب صحيح الواقع والقانون.

7 - المقرر– في قضاء محكمة النقض- أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في استخلاص الواقع وفهمه في الدعوى، وتقدير الأدلة، والأخذ بما تطمئن إليه منها واطراح ما عداه، والأخذ بتقرير الخبير متى اطمأنت إلى سلامة الأسس التي بني عليها؛

8 - إذ كان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه، قد أقام قضاءه بإلزام الشركة الطاعنة بأن تؤدي للمطعون ضده فروق مستحقاته التأمينية الناشئة عن عقد التأمين الجماعي، تأسيسا على ما خلص إليه الخبير المنتدب في تقريره، من أن تلك المستحقات تم احتسابها على أساس الأجر الأساسي للمطعون ضده، باعتبار أن تاريخ تعيينه هو 30/8/1973، في حين أنه كان يتعين احتسابها من تاريخ تعيينه الحقيقي في 11/8/1970، وفقا لبيان الحالة الوظيفية المقدم منه، مما أثر هذا الخطأ في احتساب مستحقاته، وإذ عول الحكم على نتيجة هذا التقرير بأسباب سائغة، لها معينها الصحيح في الأوراق، وكافية لحمل قضائه، وفيها الرد السائغ على ما أثارته الطاعنة من دفاع، فإن النعي عليه في هذا الخصوص لا يعدو أن يكون مجادلة في سلطة محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى، وهو ما تنحسر عنه رقابة محكمة النقض، وإذ لم تقدم الطاعنة سبق تمسكها بدفاعها المنوه عنه بسبب النعي، من احتساب الخبير المنتدب لمستحقات المطعون ضده التأمينية على أساس الأجر الأساسي دون التقيد بنسبة 5% كحد أقصى، وفقا لبنود ملحق عقد التأمين، وخلت مدونات الحكمين الابتدائي والاستئنافي من تحصيل هذا الدفاع، فإنه لا يعدو أن يكون دفاعا جديدا، لا يجوز التمسك به لأول مرة أمام محكمة النقض، ومن ثم يكون غير مقبول.

-----------

الوقائع

حيث إن الوقائع- على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق- تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام على شركة مصر للتأمين والمطعون ضدهما الثاني والثالث بصفتيهما، الدعوى رقم .... لسنة 2015 مدني كلي شمال القاهرة، بطلب الحكم بإلزامهم متضامنين بأداء مبلغ 100732.65 جنيها والفوائد القانونية بواقع 5% من تاريخ المطالبة حتى تمام السداد، وقال بيانا لذلك: إنه كان من العاملين بالشركة المطعون ضدها الثالثة، التابعة للشركة التي يمثلها المطعون ضده الثاني، وبتاريخ 1/11/1987 أبرم سلفها مع شركة مصر للتأمين عقد تأمين جماعي للعاملين بالشركة التابعة، وإذ تبين له لدى خروجه إلى المعاش بتاريخ 16/7/2009 أن المبلغ الذي تم صرفه له بموجب وثيقة التأمين، يقل عن قيمة المستحق بها، فقد أقام الدعوى، ندبت المحكمة خبيرا فيها، وبعد أن أودع تقريره، صحح المطعون ضده الأول شكل الدعوى باختصام الشركة الطاعنة والتي دفعت بسقوط حق الأول في إقامة دعواه بالتقادم الثلاثي، إعمالا لنص المادة 752 من القانون المدني، وبتاريخ 28/2/2017 حكمت المحكمة بقبول إدخال الشركة الطاعنة خصما في الدعوى، وبإلزامها بأن تؤدي إلى المطعون ضده الأول المبلغ المطالب به، استأنفت الشركة الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم ... لسنة 21ق القاهرة، وبتاريخ 6/12/2017 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف، طعنت الشركة الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة مذكرة، دفعت فيها بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون ضدهما الثاني والثالث بصفتيهما، وأبدت الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة- في غرفة مشورة- حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.

-------------

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر، والمرافعة، وبعد المداولة.

وحيث إن مبنى الدفع المبدى من النيابة، بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون ضدهما الثاني والثالث بصفتيهما لرفعه على غير ذي صفة، أنهما ليسا خصمين حقيقيين، وأنه لم يقض لهما أو عليهما بشيء.
وحيث إن هذا الدفع في محله، ذلك بأن المقرر- في قضاء هذه المحكمة- أنه لا يكفي فيمن يختصم في الطعن، أن يكون طرفا في الدعوى التي صدر فيها الحكم المطعون فيه، بل يجب أن يكون قد نازع خصمه أمامها في طلباته، أو نازعه خصمه في طلباته هو، وأن تكون له مصلحة في الدفاع عن الحكم المطعون فيه حين صدوره، فإذا لم توجه إليه طلبات، ولم يقض له أو عليه بشيء، فإن الطعن بالنسبة له يكون غير مقبول؛ لما كان ذلك، وكان المطعون ضدهما الثاني والثالث بصفتيهما لم يقض لهما أو عليهما بشيء سواء من الحكم الابتدائي أو الحكم المطعون فيه، ولم تتعلق أسباب الطعن بهما، ومن ثم يكون الطعن بالنسبة لهما غير مقبول.
وحيث إنه- فيما عدا ما تقدم- فإن الطعن يكون قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب، تنعى الشركة الطاعنة بالوجه الأول من السبب الأول، على الحكم المطعون فيه، الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك، تقول: إنها تمسكت أمام محكمة الموضوع، بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة، لاختصام رئيس مجلس إدارتها، رغم أن الممثل القانوني لها أمام القضاء، هو العضو المنتدب، وفقا للقانون رقم 203 لسنة 1991 بشأن شركات قطاع الأعمال العام، وإذ رفض الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه هذا الدفع على سند من أن رئيس مجلس إدارة الشركة الطاعنة، هو ذاته العضو المنتدب لها، فإنه يكون معيبا، بما يستوجب نقضه.

وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك بأن من المقرر- في قضاء هذه المحكمة- أن النص في الفقرة الثالثة من المادة 115 من قانون المرافعات والمضافة بالقانون رقم 23 لسنة 1992 على أنه "وإذا تعلق الأمر بإحدى الوزارات أو الهيئات العامة أو مصلحة من المصالح أو بشخص اعتباري عام أو خاص، فيكفي في تحديد الصفة أن يذكر اسم الجهة المدعى عليها في صحيفة الدعوى "يدل- وعلى ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية- على أنه نظرا لتعدد صور الشخص الاعتباري العام، وتنوعها بين هيئات ومؤسسات وشركات عامة وغيرها، وما قد يحدث من إدماج بعضها أو تغيير تبعيتها أو تعديل شخص من يمثلها، فقد ارتأى المشرع تخفيفا عن المتقاضين، ومنعا لتعثر خصوماتهم، صحة اختصام الشخص الاعتباري، متى ذكر بصحيفة الدعوى اسمه المميز له، دون أن يؤثر في ذلك الخطأ في بيان ممثله أو اسم هذا الممثل أو إغفال هذا البيان كلية، لما كان ذلك، وكان الثابت من ديباجة الحكم الابتدائي أن صحيفة الإدخال وجهت إلى الشركة الطاعنة، كشخصية اعتبارية مستقلة عن شخصية ممثلها القانوني، باعتبارها الخصمة الأصيلة، المقصودة بذاتها في الخصومة دون ممثلها، ومن ثم فإن ذكر اسمها في صحيفة الإدخال يكون كافيا لصحتها، دون اعتداد بما يكون قد وقع فيها من خطأ، في بيان صاحب الصفة في تمثيلها، ومن ثم يكون قضاء الحكم المطعون فيه بتأييد الحكم الابتدائي، فيما قضى به من رفض دفاع الشركة الطاعنة بعدم قبول الدعوى بالنسبة لها، لرفعها على رئيس مجلس إدارتها، لأنه لا يمثلها قانونا، قد أصاب صحيح القانون، ويضحى النعي عليه بهذا الوجه على غير أساس.

وحيث إن الشركة الطاعنة تنعى بالوجه الثاني من السبب الأول، على الحكم المطعون فيه، الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك، تقول: إن الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه، قضى برفض الدفع المبدى منها بسقوط حق المطعون ضده في إقامة الدعوى قبلها بالتقادم الثلاثي، إعمالا لنص المادة 752 من القانون المدني، على سند من أحكام حوالة الحق، وأنها لم يكن لها صفة وقت رفع الدعوى، في حين أن قرار الهيئة العامة للرقابة المالية، بتحويل محفظة تأمينات الأشخاص من شركة مصر للتأمين إلى الشركة الطاعنة، بما لها من حقوق وما عليها من التزامات، صدر بتاريخ 11/5/2011 ونشر بالجريدة الرسمية بتاريخ 2011/5/28، ومن ثم يبدأ سريان هذا التقادم اعتبارا من هذا التاريخ الأخير، لكون الدعوى ناشئة عن عقد تأمين، وإذ أدخلها المطعون ضده في الدعوى أمام محكمة أول درجة، بموجب صحيفة أودعت قلم الكتاب بتاريخ 2016/3/14 بعد مرور أكثر من ثلاث سنوات من تاريخ نشر هذا القرار، فإن دعواه تكون قد سقطت بالتقادم الثلاثي، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، فإنه يكون معيبا بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك بأن النص في المادة 315 من القانون المدني، على أن "تتم حوالة الدين باتفاق بين المدين وشخص آخر يتحمل عنه الدين" والمادة 316 منه على أن "(1) لا تكون الحوالة نافذة في حق الدائن، إلا إذا أقرها. (2) وإذا قام المحال عليه أو المدين الأصلي بإعلان الحوالة إلى الدائن، وعين له أجلا معقولا ليقر الحوالة، ثم انقضى الأجل دون أن يصدر الإقرار، اعتبر سكوت الدائن رفضا للحوالة" مفاده، أن حوالة الدين تتم باتفاق مباشر بين المدين والمحال عليه، على أن يتحمل عنه هذا الأخير الدين الذي في ذمته للدائن، بجميع أوصافه وخصائصه وضماناته ودفوعه، ولا تنفذ هذه الحوالة في حق الدائن إلا إذا أقرها صراحة مباشرة، أو بعد إعلانه بها أي من المحال عليه أو المدين الأصلي، ولكن إذا قام أيهما بإعلان الحوالة إلى الدائن، وعين له فيه أجلا معقولا، ليقر الحوالة، وانقضى هذا الأجل دون أن يقرها، اعتبر سكوته رفضا لها وتقدير تحقق هذا الإقرار من عدمه متروك لسلطة محكمة الموضوع، ويظل عقد الحوالة قائما في العلاقة ما بين المدين الأصلي والمحال عليه، منتجا لالتزامات شخصية فيما بينهما، دون أن ينتقل الدين إلى ذمة المحال عليه، في العلاقة ما بينه وبين الدائن، لما كان ذلك، وكانت الهيئة العامة للرقابة المالية قد أصدرت قرارها رقم 32 لسنة 2011 بتاريخ 11/5/2011 بتحويل محفظة تأمينات الأشخاص، بما لها من حقوق وما عليها من التزامات، من شركة مصر للتأمين إلى شركة مصر لتأمينات الحياة- الطاعنة-، وذلك نفاذا لعدة قوانين منها قانون الإشراف والرقابة على التأمين في مصر، الصادر بالقانون رقم 10 لسنة 1981، المعدل بالقانون رقم 118 لسنة 2008 ولائحته التنفيذية، وقرار رئيس الجمهورية رقم 246 لسنة 2006، المتضمن تأسيس الشركة القابضة للتأمين، وتحويل شركات التأمين إلى شركة تابعة لها، وكان قرار الهيئة المشار إليه، بالموافقة على الطلب المقدم من شركة مصر للتأمين، بتحويل تأمينات الأشخاص، بما لها من حقوق وما عليها من التزامات إلى الشركة الطاعنة، اعتبارا من تاريخ 1/7/2010، يجعل الشركة الطاعنة في مركز المحال إليه بالدين، المحال به من المدين الأصلي، وهو شركة مصر للتأمين، ومنها ما هو مستحق للدائن وهو المطعون ضده، الناشئ عن عقد التأمين الجماعي، اعتبارا من هذا التاريخ الأخير، ولما كان القرار سالف الذكر، وإن كان قد نشر بالوقائع المصرية بتاريخ 28/5/2011، إلا أنه لا يعد نافذا في مواجهة المطعون ضده، مادام لم تقدم الشركة الطاعنة ما يفيد إقراره بهذه الحوالة، بحسبان أن مصدر الالتزام بالدين محلها هو عقد التأمين؛ لما كان ذلك، وكانت خدمة المطعون ضده قد انتهت بتاريخ 16/7/2009، وأقام دعواه الراهنة قبل شركة مصر للتأمين، باعتبارها صاحبة الصفة، وقت رفع الدعوى للمطالبة بمستحقاته التأمينية، ثم أدخل الشركة الطاعنة خصما في الدعوى أمام محكمة أول درجة، بموجب صحيفة معلنة في 2016/3/14، بعد أن أصبحت هي صاحبة الصفة طبقا لقرار الهيئة العامة للرقابة المالية سالف الإشارة إليه، وهو ما يفيد إقراره ضمنا بهذه الحوالة، اعتبارا من هذا التاريخ، ومن ثم فإن دعواه لا تكون قد سقطت بالتقادم الثلاثي المنصوص عليه بالمادة 752 من القانون المدني، وإذ انتهى الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه إلى هذه النتيجة، فإنه يكون قد أصاب صحيح الواقع والقانون، ويضحى النعي عليه بهذا الوجه على غير أساس.
وحيث إن الشركة الطاعنة تنعى بالسببين الثاني والثالث والوجه الثالث من السبب الأول، على الحكم المطعون فيه، الخطأ في تطبيق القانون، والفساد في الاستدلال، ومخالفة الثابت بالأوراق، وفي بيان ذلك تقول: إن الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه، أقام قضاءه بإلزامها بأداء فروق مستحقات المطعون ضده التأمينية، استنادا لتقرير الخبير المنتدب، والذي احتسب المستحقات على أساس الأجر الأساسي الأخير، دون التقيد بنسبة 5% كحد أقصى، وفقا لنص المادة الرابعة من الملحق رقم (3) من عقد التأمين سند الدعوى، وأنها سددت مبلغ التأمين المستحق عليها، وفقا لراتب المؤمن عليهم المرسل إليها من المطعون ضدهما الثاني والثالث، والقسط التأميني المستقطع من الراتب، وإذ التفت الحكم المطعون فيه عن تلك المستندات، فإنه يكون معيبا بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك بأنه من المقرر– في قضاء هذه المحكمة- أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في استخلاص الواقع وفهمه في الدعوى، وتقدير الأدلة، والأخذ بما تطمئن إليه منها واطراح ما عداه، والأخذ بتقرير الخبير متى اطمأنت إلى سلامة الأسس التي بني عليها؛ لما كان ذلك، وكان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه، قد أقام قضاءه بإلزام الشركة الطاعنة بأن تؤدي للمطعون ضده فروق مستحقاته التأمينية الناشئة عن عقد التأمين الجماعي، تأسيسا على ما خلص إليه الخبير المنتدب في تقريره، من أن تلك المستحقات تم احتسابها على أساس الأجر الأساسي للمطعون ضده، باعتبار أن تاريخ تعيينه هو 30/8/1973، في حين أنه كان يتعين احتسابها من تاريخ تعيينه الحقيقي في 11/8/1970، وفقا لبيان الحالة الوظيفية المقدم منه، مما أثر هذا الخطأ في احتساب مستحقاته، وإذ عول الحكم على نتيجة هذا التقرير بأسباب سائغة، لها معينها الصحيح في الأوراق، وكافية لحمل قضائه، وفيها الرد السائغ على ما أثارته الطاعنة من دفاع، فإن النعي عليه في هذا الخصوص لا يعدو أن يكون مجادلة في سلطة محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى، وهو ما تنحسر عنه رقابة محكمة النقض، وإذ لم تقدم الطاعنة سبق تمسكها بدفاعها المنوه عنه بسبب النعي، من احتساب الخبير المنتدب لمستحقات المطعون ضده التأمينية على أساس الأجر الأساسي دون التقيد بنسبة 5% كحد أقصى، وفقا لبنود ملحق عقد التأمين، وخلت مدونات الحكمين الابتدائي والاستئنافي من تحصيل هذا الدفاع، فإنه لا يعدو أن يكون دفاعا جديدا، لا يجوز التمسك به لأول مرة أمام محكمة النقض، ومن ثم يكون غير مقبول. ولما تقدم يتعين رفض الطعن.