الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 14 يونيو 2023

الطعن 350 لسنة 28 ق جلسة 28 / 11 / 1963 مكتب فني 14 ج 3 ق 157 ص 1098

جلسة 28 من نوفمبر سنة 1963

برياسة السيد/ الحسيني العوضي نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمود توفيق إسماعيل، وإبراهيم الجافي، وصبري فرحات، وبطرس زغلول.

-----------------

(157)
الطعن رقم 350 لسنة 28 القضائية

(أ) رسوم بلدية. "الرسوم البلدي على الملاهي". ضريبة. "ضريبة الملاهي". "عبء الالتزام بكل منهما".
وقوع عبء الالتزام بالرسم البلدي على الملاهي على أصحابها ومستغليها لا على روادها من الجمهور. بينما ضريبة الملاهي يقع عبء الالتزام بها على الجمهور. استقلال الرسم البلدي عن الضريبة.
(ب) ضرائب. "ضريبة الملاهي". "وعاء الضريبة".
وعاء الضريبة الملاهي هو أجرة الدخول أو أجرة المكان. إضافة الرسم البلدي إلى ثمن التذكرة وتحصيله معها. اعتباره جزءاً من الأجرة وتسري عليه بالتالي ضريبة الملاهي.
(ج) ضرائب. "ضريبة الملاهي". "تحصيل الضريبة". "الإعفاء من الضريبة".
جواز تحصيل ما فات تحصيله من ضريبة الملاهي. لا يمنع من ذلك اعتماد الجهة المختصة لتذاكر الدخول المشتملة على الرسم البلدي المقرر. لا يصح الإعفاء من الضريبة أو تخفيضها إلا بنص القانون.
(د) تنفيذ. "التنبيه بالوفاء". "بياناته".
الأمر العالي الرقيم 25 مارس سنة 1880. اشتمال ورقة التنبيه والإنذار على مقدار المبالغ المستحقة المراد التنفيذ بها دون أي تفصيل آخر لها.
(هـ) ضرائب. "ضريبة الملاهي". "تقادم الضريبة". تقادم.
ضريبة الملاهي ليست من الضرائب السنوية. سقوط الحق في المطالبة بالمستحق منها بمضي ثلاث سنين ميلادية من تاريخ استحقاقها.

---------------
1 - عبء الالتزام بالرسم البلدي المقرر على الملاهي إنما يقع على أصحابها ومستغليها وليس على روادها من الجمهور شأنه في ذلك شأن سائر رسوم البلدية المقررة على باقي المحال والعقارات والأشياء المبينة في المادة 23 من القانون رقم 145 لسنة 1944، ولا يقدح في صحة هذا النظر كون الرسوم على الملاهي تحدد على أسس مغايرة للأسس التي أتبعت في تحديد الرسوم على غيرها من المحال المذكورة وبواقع نسبة مئوية من الثمن الأصلي لتذاكر الدخول ذلك أن هذه المغايرة أمر يقتضيه اختلاف أوجه الاستغلال في كل منها وليس في تلك المغايرة دلالة على أن عبء الالتزام بالرسم البلدي على الملاهي يقع على عاتق الرواد - ولا وجه للتحدي بأن عبء الالتزام بضريبة الملاهي المقررة بالرسوم بقانون 85 لسنة 1933 يقع على الجمهور ذلك أن نصوص هذا القانون صريحة في تقرير ذلك، وهذه الضريبة تختلف عن الرسم البلدي في طبيعة التكليف المالي المفروض في كليهما ولا يعتبر الرسم تابعاً للضريبة حتى يأخذ حكمها بطريق التبعية أو القياس (1).
2 - وعاء الضريبة الملاهي - على ما تقضي به المادة الأولى من المرسوم بقانون رقم 85 لسنة 1933 - هو أجرة الدخول أو أجرة المكان في محال الفرجة. وهذه الأجرة تشمل جميع ما يدفعه الجمهور نظير دخوله الملهي، ومن ثم فإذا قام المستغل للملهي بتحصيل الرسم البلدي المقرر مع ثمن التذكرة من جمهور الرواد فإن هذا الرسم يعتبر بهذه المثابة من ضمن أجرة الدخول وتسري عليه بالتالي ضريبة الملاهي (2).
3 - لمصلحة الأموال المقررة استناداً إلى المادة 12 من المرسوم بقانون رقم 85 لسنة 1933 مطالبة المستغلين لمحال الفرجة والملاهي بتكملة كل فرق يتضح بين المستحق من الضريبة وما حصل منها فعلاً، ولا يحول دون ذلك خطأ المصلحة باعتمادها لتذاكر الدخول المبين عليها قيمة الرسوم البلدي ذلك أن هذا الخطأ لا يكسب المستغل أي حق ولا يمنع من مطالبتها بفرق الضريبة المستحقة وفقاً للقانون إذ لا يجوز الإعفاء من الضريبة أو تخفيضها إلا في الأحوال المبينة في القانون (3).
4 - الأمر العالي الصادر في 25 مارس سنة 1880 لم يستلزم بالنسبة للبيان الخاص بالمبالغ المراد التنفيذ من أجلها اشتمال ورقة التنبيه والإنذار على مقدار المبالغ المستحقة دون أي تفصيل آخر لها.
5 - تنص المادة السابعة من المرسوم بقانون رقم 85 لسنة 1933 على أنه "يجب على أصحاب المحال أن يوردوا في اليوم التالي لكل حفلة إلى أقرب خزانة تابعة لوزارة المالية جميع المبالغ المتحصلة من الضريبة على الدخول أو أجور الأمكنة" كما تنص المادة 12 على أنه "يجب على المستغلين تكملة كل فرق بالنقص بين المستحق من الضريبة وبين المودع بخزانة وزارة المالية وذلك في ظرف 24 ساعة من تاريخ الإخطار الذي يرسل إليهم بذلك". ومفاد ذلك أن ضريبة الملاهي ليست من الضرائب السنوية التي يبدأ سريان التقادم فيها من نهاية السنة التي تستحق فيها وبالتالي فإنه طبقاً للقانون رقم 2 لسنة 1940 والمادتين 377 فقرة أولى و381 من القانون المدني القائم يسقط الحق في المطالبة بالمستحق من ضريبة الملاهي بمضي ثلاث سنين ميلادية من تاريخ استحقاقها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن مصلحة الأموال المقررة وجهت في 15 من ديسمبر سنة 1952 إلى الشركة الطاعنة تنبيها بأداء مبلغ 3410 جنيهات و726 مليماً وإنذار بحجز العقار في حالة عدم الوفاء بهذا المبلغ خلال شهر وذلك عملاً بأحكام الأمر العالي الصادر في 25 مارس سنة 1880 وأثبت في هذا التنبيه أن المبلغ المطالب به عبارة عن باقي فرق ضريبة ملاهي مستحقة على داري سينما أبولون وسلمى المملوكين للطاعنة وذلك بعد استبعاد المبلغ الموقع عنه حجز إداري سابق على منقولات. وبتاريخ 13 من يناير سنة 1953 أقامت الطاعنة أمام محكمة الزقازيق الابتدائية الدعوى رقم 11 سنة 1953 تجاري معارضة في هذا التنبيه وطالبة الحكم بإلغائه تأسيساً على أن القانون رقم 85 لسنة 1933 الخاص بضريبة الملاهي قد نص صراحة على تحصيل هذه الضريبة من الجمهور مع أجرة الدخول وفرض على أصحاب الملاهي أن يقوموا بتوريدها في اليوم التالي لكل حفلة إلى أقرب خزينة تابعة لوزارة المالية وقد قامت المدعية بالالتزامات التي يفرضها عليها ذلك القانون إلى أن صدر القانون رقم 145 لسنة 1944 الذي أجاز للمجالس البلدية والقروية أن تفرض في دائرة اختصاصها رسماً على الملاهي ثم صدر مرسوم في 30 أكتوبر سنة 1945 بتحديد أساس تلك الرسوم وكيفية تحصيلها ونص المادة الثالثة منه على أن يكون تحديد الرسوم على الملاهي على أساس نسبة مئوية من الثمن الأصلي لتذاكر الدخول ولم يفصح عن شخص الملتزم بها أهو الجمهور أم صاحب الملهى ومنذ صدور هذا المرسوم جرت الطاعنة على تعلية الرسم المقرر على تذاكر الدخول المعتمدة من مصلحة الأموال المقررة وأخذت تحصله من الجمهور مع ثمن التذكرة وضريبة الملاهي المقررة واستمر الحال كذلك إلى أن صدرت فتوى من مجلس الدولة في 4/ 5/ 1947 بأن الرسوم البلدية المقررة على دور الملاهي قد فرضت على هذه الدور ذاتها وليس على روادها وأنه إذا كان صاحب الدار قد قام بتحصيل هذه الرسوم من الجمهور فإن ما حصله منها يعتبر داخلاً في أجرة الدخول وتستحق ضريبة الملاهي في هذه الحالة على تلك الأجرة شاملة ثمن التذكرة الأصلي والرسم البلدي المحصل من الجمهور وقالت المدعية إن هذه الفتوى التي انبنت عليها مطالبتها بالمبالغ الواردة في ورقة التنبيه والإنذار بالحجز المعارض فيها مخالفة للتطبيق الصحيح للقانون رقم 145 لسنة 1944 والمرسوم الصادر في 30 أكتوبر سنة 1945 إذ أن مؤدى نصوصهما أن الملتزم بدفع الرسم البلدي إنما هو الجمهور أسوة بضريبة الملاهي وليس صاحب الملهى وأنه لذلك لا يحق لوزارة المالية المطعون عليها أن ترجع عليها بفرق ضريبة الملاهي موضوع المطالبة وأضافت الطاعنة أنه حتى لو صح النظر الذي قررته الفتوى فإن مصلحة الأموال المقررة قد أخطأت في السنوات المطالب بفرق الضريبة عنها وذلك باعتمادها التذاكر التي حصلت الطاعنة بموجبها رسوم البلدية من الجمهور وعليها أن تتحمل وحدها تبعة خطئها - دفعت المطعون عليها بعدم اختصاص المحاكم العادية بنظر الدعوى تأسيساً على أنها تتضمن طعناً في قرار إداري هو القرار الصادر باستحقاق الخزانة لفرق الضريبة المطالب به - وتحصل دفاعها في الموضوع في أن ضريبة الملاهي الموجه عنها التنبيه مثار نزاع لم تكن نتيجة خطأ كان واقعاً من قبل واكتشف وإنما هي مترتبة على التطبيق القانوني السليم لنصوص القانون رقم 145 لسنة 1944 والمرسوم الصادر في 30/ 10/ 1945 التي تجعل الالتزام بدفع الرسم البلدي على عاتق صاحب الملهى وليس على عاتق الرواد من الجمهور وقد درجت المدعية منذ فرض هذا الرسم على داريها على تحصيله من الجمهور بدلاً من دفعه من مالها الخاص وترتب على ذلك زيادة أجرة الدخول عن ثمن التذكرة الأصلي الذي على أساسه كانت تؤدى ضريبة الملاهي المستحقة عليها وأنه لذلك يحق للحكومة أن تطالبها بالفرق بين ما دفعته من هذه الضريبة فعلاً وبين ما هو مستحق عليها على الأساس الصحيح الذي يقضى باستحقاق ضريبة الملاهي على أجرة الدخول بأكملها والتي تشمل في هذه الحالة ثمن التذكرة الأصلي مضافاً إليه الرسم الذي حصل من الجمهور وقالت الوزارة المطعون عليها إنها وقعت في 22 أكتوبر سنة 1949 حجزين إداريين على منقولات داري السينما المملوكين للطاعنة نظير ذلك الفرق وأنه بسبب عدم كفاية المنقولات المحجوز عليها لاستيفاء المطلوب قامت في 15/ 12/ 1952 بإعلان الطاعنة بتنبيه بأداء المستحق عليها من فرق الضريبة وبإنذار بالحجز العقاري إذا لم توف بهذا الفرق خلال شهر - وبتاريخ 25 من أكتوبر سنة 1953 حكمت المحكمة الابتدائية برفض الدفع بعدم الاختصاص وباختصاصها بنظر الدعوى وفي الموضوع برفضها فاستأنفت الطاعنة هذا الحكم أمام محكمة استئناف المنصورة وتمسكت بدفاعها الذي أبدته أمام محكمة الدرجة الأولى وأضافت إليه دفعاً ببطلان التنبيه المعلن إليها في 15 ديسمبر سنة 1952 لعدم اشتماله على بيان كاف للمبالغ المطلوب التنفيذ من أجلها وبيان عملية احتساب هذه الضريبة وأساسها كما دفعت بسقوط الضريبة المطالب بها بالتقادم لمدة أكثر من ثلاث سنوات على تاريخ استحقاقها قبل أن تتخذ المطعون عليها أي إجراء من إجراءات التنفيذ القاطعة للتقادم - وبتاريخ 26 مايو سنة 1958 حكمت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف فطعنت الطاعنة في هذا الحكم الاستئنافي بطريق النقض بتقرير تاريخه 26 ديسمبر سنة 1958 وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 23 يناير سنة 1962 وفيها صممت النيابة على المذكرة التي قدمتها وأبدت فيها الرأي برفض الطعن وقررت دائرة الفحص إحالة الطعن إلى هذه الدائرة وبالجلسة المحددة لنظره قرر الحاضر عن الطاعنة بنزوله عن التمسك بالسبب الأول من أسباب الطعن المبني على بطلان الحكم المطعون فيه لعدم تلاوة تقرير تلخيص من الهيئة التي أصدرت الحكم وذلك بعد أن ثبت أن هذه الهيئة قد قالت فعلاً بهذا الأجراء - وأصرت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إن الطاعنة تنعى في الأسباب الثاني والثالث والسادس على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وفي بيان ذلك تقول إن نصوص القانون رقم 145 لسنة 1944 الذي أجاز للمجالس البلدية والمحلية فرض رسوم على دور الملاهي ونصوص المرسوم الصادر في 30 أكتوبر سنة 1945 ببيان القواعد الخاصة بتحديد أساس هذه الرسوم وكيفية تحصيلها - هذه النصوص تدل على أن المشرع قد جعل الالتزام بأداء تلك الرسوم على عاتق جمهور الرواد وليس على عاتق أصحاب ومستغلي دور الملاهي وذلك أسوة بضريبة الملاهي المقررة بالمرسوم بقانون رقم 85 لسنة 1933 إذ لا يختلف الرسم البلدي عن تلك الضريبة بل إنه فرض إضافي لها من نفس النوع وذات الطبيعة وكلاهما مفروض على دور واحد مما لا يجوز معه أن يختلف شخص الملتزم بكل منهما ويؤيد هذا النظر ما نص عليه في المرسوم الصادر في 30 أكتوبر سنة 1945 من تحديد الرسوم على أساس نسبة معينة من الثمن الأصلي لتذاكر الدخول وهو نفس الأساس المقرر لتحديد ضريبة الملاهي كذلك فإن المادة 21 من القانون رقم 145 لسنة 1944 تفرض رسوماً للبلدية على جميع المحال العمومية بما فيها دور الملاهي وهذه الرسوم هي مقابل انتفاع تلك المحال بما تقدمه لها المجالس البلدية والمحلية من خدمات ولا يجوز بعد ذلك أن يفرض على دور الملاهي رسم آخر نظير هذه الخدمات ذاتها إذ لا يصح فرض ضريبتين عن مقابل واحد ولما كان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر واعتبر أن الالتزام بدفع الرسم البلدي المقرر بالمرسوم الصادر في 30 أكتوبر سنة 1945 على دور الملاهي يقع على عاتق مستغلي هذه الدور دون جمهور الرواد فإنه يكون قد خالف القانون كذلك تعيب الطاعنة على هذا الحكم أنه خلط بين الضريبة المقررة بالقانون رقم 85 لسنة 1933 وبين الرسم المقرر بالقانون رقم 145 لسنة 1944 والمرسوم الصادر في 30 أكتوبر سنة 1945 وذلك بتقريره أن المبالغ المطالب بها عبارة عن رسوم وأن أساس المطالبة بها هو القانون رقم 145 لسنة 1944 والمرسوم سالف الذكر حالة أن تلك المبالغ كما وصفت في التنبيه الذي أعلنت به الطاعنة إنما هي قيمة فرق ضريبة الملاهي المستحقة على داري السينما اللتين تملكهما الطاعنة ولم يتضمن هذا التنبيه المطالبة برسوم ما وبذلك يكون الحكم المطعون فيه قد نقل الدعوى من مجال انطباق قانون ضريبة الملاهي رقم 85 لسنة 1933 إلى مجال انطباق قانون المجالس البلدية رقم 145 لسنة 1944 والمرسوم الصادر تنفيذاً له في 30/ 10/ 1945 وتعيب الطاعنة أيضاً على الحكم المطعون فيه أنه إذ أقر المطعون عليها على احتساب ضريبة الملاهي على ثمن التذكرة الذي يحصله صاحب الدار لحسابه مضافاً إليه ما يحصله من رسوم لحساب المجلس البلدي يكون قد فرض ضريبة على ضريبة وهو الأمر المخالف للدستور فضلاً عن أنه لا يجوز احتساب ضريبة على مبلغ لم يدخل في حصيلة صاحب الدار وإنما هو قد حصله كرسم لحساب المجلس البلدي وتقول الطاعنة إن المشرع إذ فرض الرسم البلدي على ثمن التذكرة الأصلي الذي يتقاضاه صاحب الدار من الجمهور فإنه لا يجوز أن تدخل على هذا الثمن إضافة من أي نوع كان سواء كان ما يضاف ضرائب أو رسوم بلدية أو غير ذلك.
وتنعى الطاعنة في السبب الخامس على الحكم المطعون فيه أنه أغفل بحث دفاع جوهري لها هو ما تمسكت به أمام محكمة الموضوع من أنه لو صح أن مطالبة المطعون عليها لها على سند من القانون فإن هذه المطعون عليها قد أخطأت باعتمادها تذاكر الدخول التي كان مدوناً عليها قيمة الرسم البلدي وهى التذاكر التي حصلت الطاعنة بمقتضاها هذا الرسم من الجمهور وقد أدى هذا الخطأ إلى فروق الضريبة التي تطالب بها ومن ثم تتحمل نتيجة خطئها هذا ولا يجوز أن تحمل الطاعنة هذه النتيجة وتطالبها بتلك الفروق. هذا إلى أن المطعون عليها وقد أقرت النظام الذي اتبعته الطاعنة في خصوص تحصيل الضريبة فإن هذا النظام يصبح طبقاً لأصول القانون العام حجة عليها ولا يجوز لها أن تحيد عنه.
وحيث إن النعي بجميع ما تضمنه مردود بأنه يبين من استقراء نصوص القانون رقم 145 لسنة 1944 بنظام المجالس البلدية والقروية ومن مقارنتها بنصوص المرسوم بقانون رقم 85 لسنة 1933 الخاص بضريبة الملاهي أن عبء الالتزام بالرسم البلدي المقرر على الملاهي إنما على أصحابها ومستغليها وليس على روادها من الجمهور شأنه في ذلك شأن سائر رسوم البلدية المقررة على باقي المحال والعقارات والأشياء المبينة في المادة 23 من القانون رقم 145 لسنة 1944 ولا يقدح في صحة هذا النظر كون الرسوم على الملاهي تحددت على أسس مغايرة للأسس التي اتبعت في تحديد الرسوم على غيرها من المحال المذكورة وبواقع نسبة مئوية من الثمن الأصلي لتذاكر الدخول ذلك أن هذه المغايرة أمر يقتضيه اختلاف أوجه الاستغلال في كل منها ولقد كان هذا الاعتبار في حسبان المشرع حين نص في المادة 23 سالفة الذكر على أنه يجوز أن يتضمن المرسوم النص على قواعد مختلفة لحساب أساس الرسوم وكيفية تحصيلها وجاء مرسوم 30 أكتوبر سنة 1945 الذي صدر تنفيذاً للقانون رقم 145 لسنة 1944 بقواعد مختلفة في هذا الصدد وليس في تلك المغايرة دلالة على أن عبء الالتزام بالرسم البلدي على الملاهي يقع على عاتق الرواد ولا وجه للتحدي بأن ضريبة الملاهي المقررة بالمرسوم بقانون رقم 85 لسنة 1933 يقع عبء الالتزام بها على الجمهور ذلك أن نصوص هذا القانون صريحة في تقرير ذلك وهذه الضريبة تختلف عن الرسم البلدي في طبيعة التكليف المالي المفروض في كليهما ولا يعتبر الرسم تابعاً للضريبة حتى يأخذ حكمها بطريق التبعية أو القياس ولقد كان المشرع عند إصداره القانون رقم 145 لسنة 1944 ومرسوم 30 أكتوبر سنة 1945 الذي وضع قواعد تحديد أساس الرسوم البلدية تنفيذاً للقانون المذكور على بينة من نصوص القانون رقم 85 لسنة 1933 ولو أنه أراد أن يلزم الجمهور بالرسم البلدي على الملاهي أسوة بضريبة الملاهي لصرح فيهما بذلك كما صرح في القانون رقم 85 لسنة 1933 - لما كان ذلك، وكان الثابت أن الطاعنة درجت منذ تقرير الرسم البلدي على دور السينما بالزقازيق على تحصيل الرسم البلدي المقرر مع ثمن التذكرة من جمهور الرواد فإن هذا الرسم يعتبر بهذه المثابة من ضمن أجرة الدخول وتسري عليه بالتالي ضريبة الملاهي لأن وعاء هذه الضريبة هو - على ما تقضي به المادة الأولى من المرسوم بقانون رقم 85 لسنة 1933 أجرة الدخول أو أجرة المكان في محال الفرجة - وهذه الأجرة تشمل جميع ما يدفعه الجمهور نظير دخوله الملهى ومتى كان ذلك فإنه يجوز للمطعون عليها أن تطالب الطاعنة بما لم يحصل من هذه الضريبة على هذا الأساس ولا يغير من هذا النظر أن رسم البلدية كان مبيناً على التذكرة ومنسوباً إلى ثمن هذه التذكرة طالما أن هذا الرسم قد حصل من الجمهور فاعتبر لذلك جزءاً من أجرة الدخول كما أنه لا وجه للتحدي بأن المطعون عليها قد أخطأت باعتمادها لتذاكر الدخول المبين عليها قيمة الرسم البلدي المقرر ذلك أن هذا الخطأ لا يكسب الطاعنة أي حق ولا يمنع المطعون عليها من مطالبتها بفرق الضريبة المستحقة وفقاً للقانون إذ لا يجوز الإعفاء من الضريبة أو تخفيضها إلا في الأحوال المبينة في القانون وقد أوجبت المادة 12 من المرسوم بقانون رقم 85 لسنة 1933 على المستغلين لمحال الفرجة والملاهي تكملة كل فرق يتضح بين المستحق من الضريبة وما حصل منها فعلاً - لما كان ما تقدم، فإن الحكم المطعون فيه إذ التزم هذا النظر لا يكون مخالفاً للقانون ومتى كان صحيحاً في نتيجة فإنه لا يعيبه ما ذكره في أسبابه من أن المبالغ المطالب بها عبارة عن رسوم وأن أساس المطالبة بها هو القانون رقم 145 لسنة 1944 والمرسوم الصادر في 30/ 10/ 1945 وأنه يتعين لذلك بحث من الملزم بأداء هذه الرسوم على ضوء نصوص القانون والمرسوم المذكورين دون التفات إلى أحكام القانون رقم 85 لسنة 1933 الخاص بضريبة الملاهي - وذلك أنه وإن كان الحكم قد أخطأ في وصفه المبالغ المطالب بها بأنها رسوم وفيما قاله من أن أساس المطالبة بها هو القانون رقم 145 لسنة 1954 حالة أن تلك المبالغ إنما هي ضريبة ملاهي تستند المطالبة بها إلى القانون رقم 85 لسنة 1933 إلا أنه لم يكن لهذا الخطأ أثر فيما انتهى إليه في خصوص أحقية المطعون عليها في المطالبة بما يثبت أن الطاعنة لم تؤديه من الضريبة على أساس التطبيق الصحيح للقانون.
وحيث إن حاصل السبب السابع أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون ذلك أن الطاعنة دفعت ببطلان التنبيه الذي وجهته إليها المطعون عليها في 25/ 12/ 1952 تأسيساً على أنه لم يشتمل على بيان لمفردات المبالغ المطلوبة ولتاريخ وسبب استحقاقها وبيان العملية الحسابية التي أدت إلى هذا المجموع وقد رد الحكم على هذا الدفاع بأن التنبيه جاء مستوفياً لشرائطه القانونية المنصوص عليها في المادة الخامسة من الأمر العالي الصادر في 25 مارس سنة 1880 في حين أن هذا التنبيه وقع باطلاً لاقتصاره على ذكر مجموع المبالغ وأنها فرق ضريبة ملاهي دون بيان لجزئياتها أو تحديد للمدة التي استحقت فيها أو كيفية احتساب هذه الضريبة.
وحيث إن الحكم المطعون فيه رد على هذا الدفاع بقوله "إنه يبين من مطالعة التنبيه المذكور أنه وقد وضحت فيه المبالغ المستحقة على داري السينما المملوكين للمستأنفة (الطاعنة) وبيان الرسوم المستحقة على كل من الدارين بعد استنزال المبالغ المتحصلة بعد الحجز الإداري المتوقع بتاريخ 22/ 10/ 1949 على منقولات الدارين ومن ثم يعتبر التنبيه مستوفياً لشرائطه القانونية المنصوص عليها في المادة الخامسة من الأمر العالي الصادر بتاريخ 25/ 3/ 1880 ويتعين رفض هذا الدفع " وهذا الذي قرره الحكم لا مخالفة فيه للقانون ذلك أن الأمر العالي الصادر في 25/ 3/ 1880 الذي يحكم التنبيه محل النزاع لم يستلزم بالنسبة للبيان الخاص بالمبالغ المراد التنفيذ من أجلها سوى اشتمال ورقة التنبيه والإنذار على مقدار المبالغ المستحقة دون أي تفصيل آخر لها ولما كان التنبيه المرسل للطاعنة قد اشتمل على هذا البيان فإن النعي بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل السبب الرابع أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون وشابه قصور في التسبيب ذلك أن الطاعنة دفعت أمام محكمة الموضوع بسقوط حق المطعون عليها في المطالبة بالضريبة التي تطالب بها لمضي أكثر من ثلاث سنوات على تاريخ استحقاقها قبل اتخاذ أي أجراء من إجراءات التنفيذ القاطعة للتقادم وقد رفض الحكم هذا الدفع بمقولة إن التنبيه المعلن إلى الطاعنة في 15/ 12/ 1952 لا يعدو كونه إجراءاً تكميلياً متمماً لإجراء تنفيذ سابق اتخذته مصلحة الأموال المقررة ضد الشركة الطاعنة بتوقيع حجزين إداريين ضدهما في 25/ 10/ 1949 على منقولات داري السينما المملوكين لها وأن الحجز يقطع التقادم ويترتب على هذا الانقطاع زوال كل أثر للمدة السابقة عليه وتصبح هذه المدة كأن لم تكن وتقول الطاعنة إن هذا الذي قرره الحكم ينطوي على مخالفة للقانون ذلك أن التنبيه لا يمكن اعتباره إجراءاً تكميلياً لما سبقه من حجوز كذلك فإن قول الحكم بأن الحجز المتوقع في 22/ 10/ 1949 قد قطع التقادم السابق بحيث تصبح المدة المنقضية قبل توقيعه كأن لم تكن. هذا القول غير صحيح ذلك أن الانقطاع الذي يترتب على الحجز لا يتناول سوى الثلاث سنوات السابقة عليه وليس جميع المدة السابقة كما قال الحكم ولما كانت المبالغ التي أوقع الحجز وفاء لها قد استحقت في المدة من 1/ 11/ 1943 حتى 11/ 5/ 1948 فإن بعض هذا الدين يكون قد سقط بالتقادم قبل توقيع ذلك الحجز ولقد أغفل الحكم بحث بالتقادم بالنسبة إلى المبالغ المستحقة قبل ثلاث سنوات السابقة على تاريخ توقيع الحجز ثم إن الحكم قد أخطأ أيضاً في اعتباره المبالغ المطالب بها رسوماً وأنها تستحق في آخر كل سنة وفيما رتبه على ذلك من أن أثر الانقطاع المترتب على الحجزين الموقعين في 22/ 10/ 1949 يبدأ من نهاية سنة 1949 بالنسبة للرسوم التي أوقع من أجلها هذان الحجزان على أساس أن حق الدولة في المطالبة بها لا ينتهي إلا في نهاية تلك السنة وأنه من هذا التاريخ يبدأ التقادم الجديد في سريان هذا في حين أن أثر الانقطاع يبدأ من يوم حدوثه وليس من يوم استحقاق الدين ولقد ترتب على النظر الخاطئ الذي أخذ به الحكم أنه جعل أثر الانقطاع ممتداً إلى أكثر من ثلاث سنوات أي من 22/ 10/ 1949 تاريخ الحجز حتى 15/ 12/ 1952 تاريخ التنبيه هذا إلى أن المبالغ المطالب بها ليست رسوماً سنوية وإنما هي ضريبة ملاهي تستحق طبقاً للمادة السابعة من القانون رقم 85 لسنة 1933 في اليوم التالي لتحصيلها من الجمهور.
وحيث إنه يبين من الأوراق أن الطاعنة تمسكت أمام محكمة الاستئناف بسقوط حق المطعون عليها في المطالبة بالضريبة المبينة في ورقة التنبيه المعلنة إليها في 15/ 12/ 1952 لانقضاء أكثر من ثلاث سنوات على تاريخ استحقاقها قبل أن تتخذ المطعون عليها أي إجراء من إجراءات التنفيذ القاطعة للتقادم وقد رد الحكم على هذا الدفع بقوله "وحيث إن الثابت من أوراق الدعوى أن التنبيه المعلن إلى المستأنفة (الطاعنة) بتاريخ 15 ديسمبر سنة 1952 لا يعدو كونه إجراءاً تكميلياً متمماً لإجراء تنفيذ سابق اتخذته مصلحة الأموال المقررة ضد الشركة المستأنفة فهي قد أوقعت بتاريخ 22/ 10/ 1949 حجزين إداريين على المنقولات الموجودة بدار سينما سلمى وأبو لون نظير فرق الرسوم المستحقة على المستأنفة وتحدد لبيع هذه المنقولات يوم 3/ 12/ 1949 وليس من شك في أن هذا الحجز يعد قاطعاً للتقادم ويترتب على هذا الانقطاع زوال كل أثر للمدة السابقة على الحجز وتصبح المدة المنقضية قبل الانقطاع كأن لم تكن ولا يعتد بها في حساب التقادم الجديد الذي يلي التقادم المنقطع - وحيث إن المادة 385/ 1 مدني إذ نصت على أنه إذا انقطع التقادم يبدأ تقادم جديد يسري من وقت انتهاء الأثر المترتب على سبب الانقطاع وتكون مدته هي مدة التقادم الأول فإنه يتعين لذلك بحث مدى أثر الحجزين سالفي الذكر في قطع التقادم ومتى يبدأ التقادم الجديد في السريان، وحيث إن المادة 377 مدني قد نصت في فقرتها الأولى على أن التقادم بثلاث سنوات الضرائب والرسوم السنوية من نهاية السنة التي تستحق عنها فإن الواضح من هذا النص أنه إذا كانت الضرائب أو الرسوم مما يستحق دفعها سنوياً فإن التقادم يبدأ في سريان من نهاية السنة المالية التي تستحق عنها تلك الضرائب أو الرسوم وحيث إن المادة 12 من المرسوم المؤرخ 30/ 10/ 1945 إذ تنص على أن تبدأ لجنة الحصر والتقدير عملها في أول يناير من كل سنة على أن تنتهي منه في مدى شهر ثم تقدم كشوف الحصر والتقدير إلى رئيس المجلس موقعاً عليها من الأعضاء كما نصت المادة 13 على أن يقوم رئيس المجلس بإخطار كل ممول بخطاب موصي عليه بقيمة الرسوم التي قدرت عليه فإنه يفهم من ذلك أن هذه الرسوم مما يستحق دفعها سنوياً ومن ثم فإن التقادم يبدأ في سريان بالنسبة لهذه الرسوم من نهاية السنة التي تستحق عنها، وحيث إنه وقد ثبت أن مصلحة الأموال المقررة أوقعت حجزين إداريين في 22/ 10/ 1949 فإن أثر الانقطاع المترتب على الحجزين يظل قائماً حتى نهاية سنة 1949 بالنسبة للرسوم التي توقع من أجلها هذان الحجزان إذ لا ينتهي حق مصلحة الأموال المقررة في المطالبة بها إلا في نهاية تلك السنة ومن هذا التاريخ يبدأ التقادم الجديد في السريان وحيث إنه لما كانت مصلحة الضرائب قد نبهت على المستأنفة بالوفاء بقيمة الرسوم المستحقة في 15 ديسمبر سنة 1952 فإنه بذلك لم ينقض ثلاث سنوات من تاريخ التقادم الجديد الذي بدأ في السريان في يوم 31 ديسمبر سنة 1949 ومن ثم فإن الرسوم التي كانت مستحقة حتى سنة 1949 لم تسقط بالتقادم". ولما كانت المبالغ موضوع المطالبة والتي من أجلها وجهت المطعون عليها إلى الطاعنة في 15 ديسمبر سنة 1952 التنبيه مثار النزاع هذه المبالغ ليست كما ذكر الحكم رسوماً للبلدية مستحقة طبقاً للقانون رقم 145 سنة 1944 والمرسوم الصادر تنفيذاً له في 30 أكتوبر سنة 1945 وإنما هي كما سلف القول وعلى ما يبين من ورقة التنبيه والإنذار المعلنة للطاعنة والمقدمة منها بملف الطعن عبارة عن فرق ضريبة الملاهي المستحق على داري السينما المملوكين للشركة الطاعنة وقد نتج هذا الفرق من تحصيل الرسم البلدي مع ثمن التذكرة من الجمهور على النحو السابق إيضاحه في الرد على الأسباب الثاني والثالث والسادس من أسباب الطعن ومتى كان ذلك، فإنه يجب الرجوع في كل ما يتعلق بكيفية استحقاق تلك المبالغ وتعيين مبدأ هذا الاستحقاق إلى أحكام المرسوم بقانون رقم 85 لسنة 1933 الخاص بضريبة الملاهي وليس إلى أحكام القانون رقم 145 لسنة 1944 أو المرسوم الصادر تنفيذاً له في 30 أكتوبر سنة 1945 ولما كانت المادة السابعة من المرسوم بقانون 85 لسنة 1933 تنص على أنه "يجب على أصحاب المحال أن يوردوا في اليوم التالي لكل حفلة إلى أقرب خزانة تابعة لوزارة المالية جميع المبالغ المتحصلة من الضريبة على الدخول أو أجور الأمكنة كما تنص المادة 12 على أنه يجب على المستغلين تكملة كل فرق بالنقص بين المستحق من الضريبة وبين المودع بخزانة وزارة المالية وذلك في ظرف 24 ساعة من تاريخ الإخطار الذي يرسل إليهم بذلك فإن مفاد ذلك أن ضريبة الملاهي ليست من الضرائب السنوية وبالتالي فإنه طبقاً للقانون رقم 2 لسنة 1940 والمادتين 377 فقرة أولى و381/ 1 من القانون المدني القائم يسقط الحق في المطالبة بالمستحق من هذه الضريبة بمضي ثلاث سنين ميلادية من تاريخ استحقاقها ويكون الحكم المطعون فيه إذ اعتبر المبالغ موضوع المطالبة من الرسوم السنوية ورتب على ذلك أن مدة تقادمها لا يبدأ في السريان إلا من نهاية السنة التي تستحق عنها هذه الرسوم يكون قد أخطأ في القانون، كذلك فإنه لما كان دفاع الطاعنة أمام محكمة الموضوع على ما يبن من مذكرتها المقدمة إلى محكمة الاستئناف لجلسة 2 يناير سنة 1957 قد تضمن أن تاريخ استحقاق المبالغ المطالب بها يرجع إلى أكثر من ثلاث سنوات سابقة على توقيع الحجز الحاصل في 22/ 10/ 1949 فإن رد الحكم المطعون فيه على هذا الدفاع بأنه يترتب على الانقطاع الناتج عن هذا الحجز زوال كل أثر للمدة السابقة عليه وتصبح هذه المدة كأن لم تكن - هذا الرد وإن كان صحيحاً في القانون بالنسبة للضريبة التي استحقت خلال الثلاث سنوات السابقة على توقيع الحجز إلا أنه غير صحيح بالنسبة للضرائب التي تكون قد اكتملت مدة تقادمها قبل توقيع الحجز ولما كان خطأ الحكم فيما سلف ذكره قد حجبه عن بحث التقادم المدعى به من الطاعنة على النحو الذي يتفق مع التطبيق الصحيح للقانون فإن هذا الحكم يكون معيباً بما يستوجب نقضه.


(1) راجع نقض 30/ 3/ 1961 الطعن 369 س 26 ق والطعن 433 لسنة 26 ق، و11/ 5/ 1961 الطعن 505 س 26 ق السنة 12 ص 280 و288 و476.
(2) راجع نقض 11/ 5/ 1961 الطعن 505 س 76 ق السنة 12 ص 476.
(3) راجع نقض 30/ 3/ 1961 الطعن 433 لسنة 26 ق، 11/ 5/ 1961 الطعن 505 س 26 ق السنة 12 ص 288، 476.

الطعن 21 لسنة 31 ق جلسة 27 / 11 / 1963 مكتب فني 14 ج 3 أحوال شخصية ق 156 ص 1093

جلسة 27 من نوفمبر سنة 1963

برياسة السيد/ محمد فؤاد جابر نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: أحمد زكى محمد، وأحمد أحمد الشامي، وعبد المجيد يوسف الغايش، وإبراهيم محمد عمر هندي.

-----------------

(156)
الطعن رقم 21 لسنة 31 "أحوال شخصية"

وقف. "شروط الوقف". "تفسيره".
كلام الواقف يحمل على المعنى الذي أراده. إرادة الواقف أن لا ينتقل نصيب البنت لأولادها ما دام يوجد أحد من أولاد الظهور. نصيب البنت لا ينتقل لأولادها وإن كانوا أولاد ظهور.

---------------
يحمل كلام الواقف على المعنى الذي يظهر أنه أراده إعمالاً للمادة العاشرة من قانون الواقف رقم 48 لسنة 1946. وإذ كان الثابت من كتاب الوقف أن الواقف أنشأ وقفه على نفسه ثم من بعده على زوجاته أمهات أولاده وعلى أولاده ذكوراً وإناثاً ثم من بعدهم على أولاد الذكور منهم الظهور ذكوراً وإناثاً دون أولاد الإناث منهم البطون بحيث إذا ماتت بنت الصلب الظهر لا يكون لأولادها ذكوراً وإناثاً شيء في الوقف المذكور ما دامت أولاد الظهور ثم من بعدهم على أولاد أولاد الذكور الظهور ذكوراً وإناثاً دون أولاد الإناث البطون بحيث إذا ماتت بنت الصلب الظهر لا يكون لأولادها ذكوراً وإناثاً شيء في الوقف المذكور ما دامت أولاد الظهور وكرر ذلك في كل الطبقات إلى أن قال في آخر الإنشاء والشروط ثم من بعدهم على ذريتهم ونسلهم وعقبهم كذلك أولاد الظهور دون أولاد البطون في كل طبقة ثم إذا انقرض أولاد الذكور الظهور وأفناهم الموت عن آجرهم كان ذلك وقفاً شرعياً على من يوجد من أولاد بنات الواقف ذكوراً وإناثاً - فإن ظاهر هذا الإنشاء يدل على أن الواقف أراد أن لا ينتقل نصيب البنت لأولادها ما دام يوجد أحد من أولاد الظهور. ولا وجه للقول باستحقاق ابن البنت هذا النصيب بوصفه ابن ظهر لأنه وإن كان يستحق في نصيب أبيه بهذا الوصف إلا أنه لا يستحق في نصيب أمه وإلا فإنه يكون قد شارك في استحقاقه له وانتقل هذا النصيب إليه قبل أن تأتي نوبته فيه وهي مشروطة بانقراض أولاد الظهور (1).


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن عبد الكريم فرج إبراهيم حمزة العدل رفع علي علي حسنين حمزة إبراهيم العدل وآخرين الدعوى رقم 121 سنة 1956 المنصورة الابتدائية للأحوال الشخصية بطلب الحكم له بوفاة شركس إبراهيم حمزة العدل - واستحقاقه إلى سبع من ربع الحصة التي كانت تستحقها في وقف المرحوم حمزة العدل وقال شرحاً لدعواه إنه بكتاب وقف المرحوم حمزة إبراهيم العدل أمام محكمة مديرية الدقهلية بتاريخ 13 جمادي الآخرة سنة 1281 الأعيان المثبتة بكتاب وقفه على نفسه مدة حياته ثم من بعده على زوجاته أمهات أولاده اللائي يموت وهن على ذمته ما داموا عزاباً وعلى أولاده الموجودين ومن سيحدثه الله له من الأولاد ذكوراً وإناثاً جميعهم مثل بعض ثم من بعدهم على أولاد الذكور منهم ظهور ذكوراً وإناثاً كذلك بعضهم مثل بعض دون أولاد الإناث منهم البطون بحيث إذا ماتت بنت الصلب الظهر لا يكون لأولادها ذكوراً وإناثاً شيء في الوقف ما دامت أولاد الظهور ثم من بعدهم على أولادهم وذريتهم ونسلهم وعقبهم أولاد الظهور دون أولاد البطون وقد توفى الواقف وزوجاته وأولاده وانتقل الاستحقاق إلى أفراد الطبقة الثانية وعددهم 16 مستحقاً وهم محمد وعبد السلام وعباس وفردوس وحميدة ومجيدة وحفيظة أولاد حسنين ابن الواقف وصديقه وفرج وحمزة وأحمد وشركس أولاد إبراهيم ابن الواقف والسيد ومحمد وعبد الرحمن أولاد حمزة ابن الواقف وحسن ابن المرسي ابن الواقف بالتساوي وقد توفت شركس المذكور بتاريخ 18/ 6/ 1952 وبوفاتها ينتقل نصيبها إلى أخوتها صديقة وفرج وحمزة وأحمد وبوفاة فرج انتقل نصيبه إلى أولاده ومنهم المدعي فيخصه سبع من ريع الحصة التي آلت لوالده عن شركس وبجلسة 22 نوفمبر سنة 1955 طلب عبد اللطيف بن حسن ابن المرسي ابن الواقف قبوله خصماً ثالثاً في الدعوى طالباً رفضها وقررت المحكمة قبوله خصماً ثالثاً مدعى عليه - كما رفع عبد اللطيف المذكور الدعوى رقم 921 سنة 1956 ضد المدعي في الدعوى الأولى وآخرين بطلب استحقاقه لحصة قدرها السدس في نصيب والدته شركس وقال شرحاً لدعواه إن شركس هذه توفيت عن أولادها الستة وهم عبد اللطيف (المدعي) وأحمد وإبراهيم ومحمد وزينب ونفيسة أولادها من زوجها المرحوم حسن بن المرسي ابن الواقف وبوفاتها آل ما كانت تستحقه إلى أولادها الستة المذكورين عملاً بشرط الواقف الذي نص على أيلولة حصة الأصل لفرعه من أولاد الظهور وتطبيقاً للمادة 32 من القانون رقم 48 لسنة 1946 التي نصت على أنه إذا كان الوقف على الذرية مرتب الطبقات لا يحجب أصل فرع غيره ومن مات صرف ما استحقه أو كان يستحقه إلى فرعه - وبجلسة 13/ 5/ 1957 قررت المحكمة ضم هذه الدعوى إلى الدعوى 121 سنة 1956 للارتباط وبتاريخ 16/ 12/ 1957 قضت المحكمة برفض الدعوى رقم 291 سنة 1956 وأحاله الدعوى رقم 121 سنة 1956 على التحقيق لإثبات ونفي ما تدون في منطوق حكمها فاستأنف عبد اللطيف حسن المرسي هذا الحكم أمام محكمة استئناف المنصورة وقيد استئنافه برقم 29 سنة 1957 كلي طالباً إلغاءه فيما قضى به من رفض دعواه والحكم له باستحقاقه لسدس نصيب والدته شركس وبجلسة 8/ 2/ 1961 حكمت المحكمة في موضوع الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف وباستحقاق المستأنف عبد اللطيف حسن المرسي لأربعة قراريط من أصل الحصة التي كانت تستحقها والدته شركس بنت إبراهيم ابن الواقف أصلاً وآيلا واعتبار هذا النصيب منهيا عليه طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض للأسباب المبينة بالتقرير وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت إحالته على هذه الدائرة حيث تنازل الطاعنون عن السببين الأول والثاني من أسباب الطعن وصمموا على طلب نقض الحكم المطعون فيه للسبب الثالث وقدمت النيابة العامة مذكرة ثانية أحالت فيها على مذكرتها الأولى وطلبت نقض الحكم وطلب المطعون عليه رفض الطعن.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن سبب الطعن - يتحصل في أن الحكم المطعون فيه إذ قضى باستحقاق المطعون عليه لسدس نصيب والدته شركس يكون مخالفاً لشرط الواقف ذلك أن شرطه صريح في أنه إذا ماتت بنت الصلب الظهور لا يكون لأولادها ذكوراً وإناثاً شيء في الوقف المذكور ما دامت أولاد الظهور وهذا الشرط قاطع في أن ابن البطن لا يخلف أمه في الاستحقاق وإن خلف أباه الظهر فيما كان يستحقه وإطلاق كلام الواقف يعم أولاد البطن من أي ظهر أتوا سواء كان أبوهم أجنبياً عن الوقف أو من أهل الوقف.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أن كلام الواقف يحمل على المعنى الذي أراده إعمالاً للمادة العاشرة من قانون الوقف رقم 48 لسنة 1946 ولما كان يبين من كتاب الوقف أن الواقف أنشأ وقفه على نفسه ثم من بعده على زوجاته أمهات أولاده وعلى أولاده ذكوراً وإناثاً الموجودين ومن سيحدثه الله له من الأولاد ذكوراً وإناثاً جميعهم بعضهم مثل بعض ثم من بعدهم "على أولاد الذكور منهم الظهور ذكوراً وإناثاً كذلك مثلهم مثل بعض دون أولاد الإناث منهم البطون بحيث إذا ماتت بنت الصلب الظهر لا يكون لأولادها ذكوراً وإناثاً شيء في الوقف المذكور ما دامت أولاد الظهور" ثم من بعدهم "على أولاد أولاد الذكور الظهور ذكوراً وإناثاً كذلك بعضهم مثل بعض دون أولاد أولاد الإناث البطون بحيث إذا ماتت بنت بنت الصلب الظهر لا يكون لأولادها ذكوراً وإناثاً شيء الوقف المذكور ما دامت أولاد الظهور" وكرر ذلك في كل الطبقات إلى أن قال في آخر الإنشاء والشروط "ثم من بعدهم على ذريتهم ونسلهم وعقبهم كذلك أولاد الظهور دون أولاد البطون في كل طبقة" ثم إذا انقرض أولاد الذكور الظهور وأبادهم الموت عن آخرها "كان ذلك وفقاً شرعياً على من يوجد من أولاد بنات الواقف المذكور ذكوراً وإناثاً وظاهر هذا الإنشاء أن الواقف أراد أن لا ينتقل نصيب البنت لأولادها ما دام يوجد أحد من أولاد الظهور وأنه حصر الاستحقاق في أولاد الظهور وحدهم ومن ثم فإن نصيب شركس لا ينتقل إلى ابنها المطعون عليه ما دام يوجد أحد من أولاد الظهور ولا وجه للقول باستحقاقه هذا النصيب بوصفه ابن ظهر لأنه وإن كان يستحق عن طريق أبيه إلا أنه لا يستحق عن طريق أمه وألا يكون قد شارك في استحقاقه له وانتقل هذا النصيب إليه قبل أن تتأتى نوبته في الاستحقاق بينما هي مشروطة بانقراض أولاد الظهور.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه ولما تقدم ولما جاء بالحكم الابتدائي يتعين تأييده.


(1) راجع نقض 20/ 2/ 1963 الطعن 43 لسنة 30 ق أحوال شخصية السنة 14 ص 265.

الطعن 6837 لسنة 42 ق جلسة 4 / 4 / 1999 إدارية عليا مكتب فني 44 ق 51 ص 543

جلسة 4 من إبريل سنة 1999

برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور/ محمد جودت أحمد الملط - رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة المستشارين: رائد جعفر النفراوي، وجودة عبد المقصود فرحات، وسعيد أحمد محمد حسين برغش، وسامي أحمد محمد الصباغ - نواب رئيس مجلس الدولة.

-----------------

(51)

الطعن رقم 6837 لسنة 42 قضائية عليا

دعوى الإلغاء - ارتباط طلب وقف التنفيذ بطلب الإلغاء - حقيقة الطلبات في الدعوى المحالة من المحكمة - المدنية.
المادة (49) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972.
قيام المدعي برفع دعوى بطلب تنفيذ القرار المطعون فيه أمام المحكمة المدنية ينطوي على طلب بإلغاء ذلك القرار الذي هو من اختصاص محاكم مجلس الدولة - أساس ذلك: أن المدعي أقام دعواه وحدد طلباته أمام القضاء المدني وفقاً للقواعد المنصوص عليها في هذا الشأن وطبقاً للأحكام المقررة أمام ذلك القضاء - متى قضت المحكمة المدنية بإحالة الدعوى إلى القضاء الإداري للاختصاص فإنه يكون لهذا القضاء أن يكيف طلبات الدعوى في ضوء طبيعة دعوى الإلغاء والإجراءات الواجبة قانوناً لرفعها - والأخذ بذلك ليس طليقاً من كل قيد وإنما هو مقيد بضرورة أن تكون المحكمة المدنية المرفوع أمامها طلب وقف التنفيذ تملك أصلاً سلطة الفصل في الدعوى بحكم اختصاصها المنوط بها قانوناً بما مؤداه أن تكون المحكمة المدنية التي أقيمت الدعوى أمامها بطلب وقف التنفيذ هي أصلاً محكمة الموضوع أي أنها مختصة بالفصل في موضوع الدعوى المرفوعة أمامها وليس بنظر الطلب العاجل فقط حتى يمكن القول بأن طلب وقف التنفيذ المرفوع به الدعوى ينطوي ضمناً على طلب بإلغاء القرار المطعون فيه - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الاثنين الموافق 23 سبتمبر سنة 1996 أودع الأستاذ المستشار رئيس هيئة مفوضي الدولة قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا، تقريراً بالطعن في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية بجلسة 25/ 7/ 1996 في الدعوى رقم 1681 لسنة 50 ق الذي قضى بعدم قبول الدعوى وإلزام المدعي المصروفات.
وطلب الطاعن في ختام تقرير الطعن الحكم بقبول طعنه شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبقبول الدعوى وبإحالتها إلى محكمة القضاء الإداري للفصل فيها مجدداً بهيئة أخرى.
وقد جرى إعلان الطعن قانوناً على النحو المبين بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعاً.
وعينت جلسة 15/ 6/ 1998 لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون التي قررت إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الأولى/ موضوع) التي تداولت نظره على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، إلى أن قررت النطق بالحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة، والمداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه وإجراءاته المقررة قانوناً.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الأوراق - في أنه بتاريخ 12/ 6/ 1995 أقامت المدعية الدعوى رقم 2477 لسنة 1995 - ابتداءً أمام محكمة تنفيذ الإسكندرية طالبة الحكم بوقف تنفيذ القرار الصادر من حي المنتزه بشأن العقار رقم 22 بعزبة السيوف خلف فيلا جلال قسم المنتزه، لحين الفصل في الطعن المقام أمام محكمة القضاء الإداري، وذلك على سند من أنها تمتلك العقار المذكور وفوجئت بصدور القرار المطعون فيه متضمناً تصحيح مخالفة الترخيص الممنوح لها، وهو قرار مخالف للقانون لأنه صدر ممن لا يملك إصداره، ودون أن تعلن المدعية بصدوره، وأن طعناً أقيم عليه أمام محكمة القضاء الإداري.
وقد حكمت محكمة تنفيذ الإسكندرية بجلسة 26/ 7/ 1995 في مادة تنفيذ وقتية بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الإشكال وإحالته بحالته إلى محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية لنظره، وتنفيذاً لذلك أحيلت الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري التي قضت بعدم قبول الدعوى وإلزام المدعية المصروفات، وأقامت المحكمة قضاءها على سند من أن المشرع اشترط لقبول طلب وقف تنفيذ القرار الإداري النهائي أن يقترن هذا الطلب بطلب الإلغاء في صحف الدعاوى، وأن تقديم طلب وقف التنفيذ على استقلال يكون موجباً لعدم قبوله، ولما كان المدعي لم يقرن طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه بطلب إلغائه فإن دعواه تكون غير مقبولة.
ومن حيث إن الطعن يقوم على سند من أنه كان يتعين على محكمة القضاء الإداري - وقد أحيلت إليها الدعوى من القضاء المدني - أن تكيف طلبات المدعية بما يندرج في اختصاصها بحسبان أنها تهدف من دعواها رفع آثر القرار عاجلاً أو آجلاً، ولا يتحقق ذلك إلا بوقف تنفيذه وإلغائه، الأمر الذي كان يتعين معه اعتبار طلب وقف التنفيذ المقام أصلاً أمام القضاء المدني ينطوي ضمناً على طلب الإلغاء، من ناحية أخرى فإن المحكمة حينما أصدرت حكمها المطعون فيه لم تحاول استكشاف نية المدعي الحقيقية من وراء طلباته، ولم تطلب منه تعديل طلباته، وهي بذلك تكون قد انتهت إلى نتيجة خطيرة هي مصادرة حق المدعي في اللجوء إلى قاضيه الطبيعي لرفع الآثار الناجمة عن القرار الذي يراه مجحفاً بحقوقه.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة جرى واطرد - في مقام تفسير نص المادة (49) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 على أن قيام المدعي برفع دعوى بطلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه أمام المحكمة المدنية ينطوي على طلب بإلغاء ذلك القرار الذي هو من اختصاص محاكم مجلس الدولة تأسيساً على أن المدعي أقام دعواه وحدد طلباته أمام القضاء المدني وفقاً للقواعد المنصوص عليها في هذا الشأن وطبقاً للأحكام المقررة أمام ذلك القضاء ومن ثم فإنه متى قضت المحكمة المدنية بإحالة الدعوى إلى القضاء الإداري للاختصاص فإنه يكون لهذا القضاء أن يكيف طلبات الدعوى في ضوء طبيعة دعوى الإلغاء والإجراءات الواجبة الاتباع قانوناً لرفعها.
ومن حيث إنه ولئن كان ذلك، إلا أن الأخذ به ليس طليقاً من كل قيد وإنما هو مقيد بضرورة أن تكون المحكمة المدنية المرفوع أمامها طلب وقف التنفيذ تملك أصلاً سلطة الفصل في الدعوى بحكم اختصاصها المنوط بها قانوناً، بمعنى أن إعمال المبدأ الذي جرى عليه قضاء هذه المحكمة المشار إليها سلفاً بشأن تفسير نص المادة 49 من قانون مجلس الدولة منوط بأن تكون المحكمة المدنية التي أقيمت الدعوى أمامها بطلب وقف التنفيذ هي أصلاً محكمة الموضوع أي أنها المحكمة المختصة بنظر الدعوى المرفوعة أمامها وليس بنظر الطلب العاجل فقط حتى يمكن القول بأن طلب وقف التنفيذ ينطوي ضمناً على طلب بإلغاء القرار المطعون فيه.
ومن حيث إنه إعمالاً لما تقدم، ولما كان الثابت من الأوراق أن المدعية أقامت دعواها ابتداءً أمام محكمة تنفيذ الإسكندرية طالبة الحكم بوقف تنفيذ قرار التصحيح الصادر من حي المنتزه لحين الفصل في الطعن المقام أمام محكمة القضاء الإداري، وأن المحكمة المذكورة قضت في مادة تنفيذ وقتية بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الإشكال وبإحالته إلى محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية لنظره، فإذا ما أحيلت الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري وقضت فيها بعدم قبولها لعدم اقتران طلب وقف التنفيذ بطلب الإلغاء إعمالاً لحكم المادة (49) من قانون مجلس الدولة فإن قضاءها يكون صحيحاً ومطابقا للقانون بعد إذ تبين للمحكمة أن الدعوى - المحالة إليها - مرفوعة ابتداءً أمام "محكمة تنفيذ" وهي لا تملك أصلاً التصدي لموضوع الدعوى مما لا يمكن القول بأن طلب وقف التنفيذ ينطوي ضمناً على طلب بالإلغاء.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه وقد قضى بعدم قبول الدعوى فإنه يكون صحيحاً ويكون النعي عليه بمخالفته للقانون نعياً غير سديد ويتعين رفض الطعن.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً.

الطعن 148 لسنة 29 ق جلسة 27 / 11 / 1963 مكتب فني 14 ج 3 ق 155 ص 1088

جلسة 27 من نوفمبر سنة 1963

برياسة السيد/ محمد فؤاد جابر نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: أحمد زكى محمد، وأحمد أحمد الشامي، وإبراهيم محمد عمر هندي، ومحمد نور الدين عويس.

---------------

(155)
الطعن رقم 148 لسنة 29 القضائية

(أ) ضرائب. "ضريبة الأرباح التجارية والصناعية". "وعاء الضريبة". "التقدير الحكمي".
اتخاذ أرباح سنة 1947 بالنسبة للممولين الخاضعين لربط الضريبة بطريق التقدير أساساً لربط الضريبة عليهم عن السنوات من 1948 إلى 1951. إذا لم يوجد نشاط للممول في سنة 1947 أو كان قد بدأ عمله أو استأنفه خلالها اتخذ أساساً لربط الضريبة عليه الأرباح المقدرة في أول سنة لاحقة بدأ فيها نشاطه أو استأنفه.
(ب) ضرائب. "ضريبة الأرباح الاستثنائية". "خضوع الممول للضريبة".
شرط خضوع الممول للضريبة الخاصة على الأرباح الاستثنائية أن يكون خاضعاً للضريبة على الأرباح التجارية. خضوع الممول للضريبة على الأرباح التجارية بعد إلزام الضريبة الخاصة على الأرباح الاستثنائية. عدم خضوعه للضريبة.

--------------
1 - إذ نصت المادة الأولى من المرسوم بقانون 240 لسنة 1952 على أنه "استثناء من أحكام الفصل الخامس من الكتاب الثاني من القانون رقم 14 لسنة 1939 تتخذ الأرباح المقدرة عن سنة 1947 بالنسبة إلى الممولين الخاضعين لربط الضريبة بطريق التقدير أساساً لربط الضريبة عليهم عن كل من السنوات من 1948 إلى 1951. فإذا لم يكن للممول نشاط ما خلال سنة 1947 أو كان قد بدأ نشاطه خلال تلك السنة أتخذ أساساً لربط الضريبة الأرباح المقدرة عليه عن أول سنة لاحقة بدأ فيها نشاطه أو استأنفه" فإنها بذلك تكون قد دلت على أن سنة القياس البتة أو تكون سنة ضريبية كاملة يخضع الممول خلالها للضريبة على الأرباح التجارية والصناعية بحيث إذا بدأ الممول نشاطه الخاضع للضريبة خلال هذه السنة تعين اتخاذ أرباح السنة التالية أساساً لربط الضريبة عليه في السنوات التالية.
2 - يشترط لخضوع الممول للضريبة الخاصة على الأرباح الاستثنائية وفقاً للمادة الأولى من القانون رقم 60 لسنة 1941 أن يكون من الممولين الخاضعين للضريبة على الأرباح التجارية. وإذ كان الثابت في الدعوى أن الطاعن لم يبدأ خضوعه للضريبة على الأرباح التجارية والصناعية إلا بعد إلغاء الضريبة الخاصة على الأرباح الاستثنائية بالقانون رقم 60 لسنة 1950 فإنه لا يتأنى خضوعه للضريبة الخاصة عن نشاط تجارى لم يبدأ إلا إلغائها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 51 سنة 1957 تجاري كلي سوهاج ضد مصلحة الضرائب بطلب الحكم بإلغاء قرار لجنة طعن ضرائب أسيوط الصادر بتاريخ 6/ 2/ 1947 فيما قضى به من اتخاذ الأرباح المقدرة عن سنة 1950/ 1951 أساساً حكمياً في تقدير أرباح سنة 1951/ 1952 - ومن إخضاع أرباحه في الفترة من 4/ 9 سنة 1950 حتى 31/ 10/ 1950 للضريبة الخاصة على الأرباح الاستثنائية - وقال شرحاً لدعواه إنه استأجر 1611 فداناً أطياناً زراعية لمدة ثلاث سنوات زراعية تبدأ من أول نوفمبر سنة 1949 وتنتهي في آخر أكتوبر سنة 1952 - وقد أخضعت مأمورية ضرائب جرجا نشاطه في هذه الصفقة للضريبة على الأرباح التجارية والصناعية عملاً بالفقرة السادسة من المادة 32 ق 14 لسنة 1939 المضافة بالقانون رقم 146 لسنة 1950. وقدرت صافي أرباحه في الفترة من 4/ 9/ 1950 إلى آخر أكتوبر سنة 1950 واعتبرته الأساس الذي تجرى عليه محاسبته عن الضريبة الخاصة على الأرباح الاستثنائية. كما قدرت صافي أرباحه في سنة 1950/ 1951 واتخذته أساساً حكمياً لتقدير الربح في سنة 1951/ 1952. وإذ اعترض الطاعن على تقديرات المأمورية عرض الخلاف على لجنة الطعن التي أصدرت قرارها بتاريخ 6/ 2/ 1957 مؤيداً وجهة نظر المأمورية في شأن تحديد سنة الأساس وجعلها سنة 1950/ 1951 وإخضاع صافي الربح في الفترة من 4/ 9/ 1950 حتى آخر أكتوبر سنة 1950 للضريبة الخاصة - فقد أقام دعواه المشار إليها وانتهى فيها إلى طلب الحكم له بطلباته وبتاريخ 2/ 11/ 1957 قضت المحكمة أولاً - بخضوع الفترة من 4/ 9/ 1950 إلى 31/ 10/ 1950 لضريبة الأرباح التجارية ثانياً - تأييد قرار اللجنة فيما قررته من اتخاذ سنة 1950/ 1951 هي سنة الأساس بالنسبة للممول (الطاعن). ثالثاً - خضوع الطاعن لضريبة الأرباح الاستثنائية وفق القانون". واستأنف الطاعن هذا الحكم أمام محكمة استئناف أسيوط طالباً إلغاءه في خصوص ما قضى به من إخضاعه للضريبة الاستثنائية ومن اتخاذ أرباح سنة 1950/ 1951 أساساً حكمياً للتقدير وقيد هذا الاستئناف برقم 16 سنة 33 قضائية. وبتاريخ 14/ 3/ 1959 حكمت المحكمة في موضوع الاستئناف برفضه وتأييد الحكم المستأنف وقد طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض للأسباب الواردة بالتقرير وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت بجلسة 17 يونيو 1962 إحالته إلى هذه الدائرة حيث أصر الطاعن على طلب نقض الحكم وطلبت المطعون عليها رفض الطعن وخلصت النيابة العامة في مذكرتها إلى طلب رفضه.
وحيث إن حاصل سببي الطعن أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وجاء مشوباً بالقصور من وجهين أولهما أنه اتخذ أرباح الطاعن في سنة 1950/ 1951 الزراعية أساساً لربط الضريبة عليه عن سنة 1951/ 1952 في حين أنه كان قد بدأ نشاطه الزراعي منذ أول نوفمبر سنة 1949 ولمناسبة تحديد أرباحه عن المدة من 4 سبتمبر سنة 1950 إلى آخر أكتوبر سنة 1950 وهى الفترة الخاضعة للضريبة من أرباح سنة 1949/ 1950 طبقاً للقانون 146 لسنة 1950 - قدرت مصلحة الضرائب أرباحه عن السنة المذكورة وكان يتعين اتخاذ هذه الأرباح أساساً لربط الضريبة عليه في السنوات التالية عملاً بالمادة الأولى من المرسوم بقانون 240 لسنة 1952 بصرف النظر عن خضوعها برمتها للضريبة أو عدم خضوعها لها. وإذ أغفل الحكم المطعون فيه الرد على ما أثاره الطاعن في هذا الخصوص فإنه يكون قاصر البيان واجب النقض.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه وقد نصت المادة الأولى من المرسوم بقانون 240 سنة 1952 على أنه "استثناء من أحكام الفصل الخامس من الكتاب الثاني من القانون رقم 14 لسنة 1939 المشار إليه تتخذ الأرباح المقدرة عن سنة 1947 بالنسبة إلى الممولين الخاضعين لربط الضريبة بطريق التقدير أساساً لربط الضريبة عليهم عن كل من السنوات من 1948 إلى 1951. فإذا لم يكن للممول نشاط ما خلال سنة 1947 أو كان قد بدأ نشاطه خلال تلك السنة اتخذ أساساً لربط الضريبة الأرباح المقدرة عليه عن أول سنة لاحقة بدأ فيها الممول نشاطه أو استأنفه......" فإنها بذلك تكون قد دلت على أن سنة القياس البتة وأن تكون سنة ضريبة يخضع الممول خلالها للضريبة على الأرباح التجارية والصناعية.. كما دلت على أن هذه السنة البتة وأن تكون سنة الضريبة كاملة. بحيث إذا كان الممول قد بدأ نشاطه الخاضع للضريبة في خلال السنة تعين اتخاذ أرباح السنة التالية أساساً لربط الضريبة عليه في السنوات التالية. وإذ كان ذلك، وكان الثابت في الدعوى أن نشاط الطاعن من استئجار الأراضي الزراعية وإعادة تأخيرها لم يخضع للضريبة على الأرباح التجارية والصناعية إلا ابتداء من 4 من سبتمبر سنة 1950 تاريخ العمل بالقانون رقم 146 لسنة 1950 فإن أرباح هذه السنة لا تصلح أساساً للتقدير الحكمي. ولا يغير من هذا النظر أن تكون مصلحة الضرائب وهى في سبيل تحديد أرباح الطاعن في المدة من 4 من سبتمبر سنة 1950 حتى آخر أكتوبر سنة 1950 قد قدرت هذه الأرباح من واقع ما انتهت إليه من تقدير أرباح هذه السنة كاملة وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر واتخذ الأرباح المقدرة عن نشاط الطاعن في سنة 1950/ 1951 الزراعية أساساً لربط الضريبة في السنة التالية سنة 1951 و1952 الزراعية فإنه لا يكون قد خالف القانون أو جاء مشوباً بالقصور في هذه الخصوص.
وحيث إن حاصل الوجه الثاني أن الحكم المطعون فيه أخضع أرباح الطاعن في الفترة من 4 من سبتمبر سنة 1950 حتى آخر أكتوبر سنة 1950 للضريبة على الأرباح الاستثنائية في حين أن القانون رقم 60 لسنة 1950 قضى بإبطال التزام كل ممول بهذه الضريبة عن أرباحه خلال سنة 1950 من التاريخ المقابل للتاريخ الذي بدأ فيه سريان الضريبة الخاصة عليه في سنة 1940 وفي حين أن الطاعن بدأ خضوعه للضريبة على الأرباح التجارية في أواخر سنة 1950 وفي تاريخ لاحق لصدور القانون رقم 60 لسنة 1950 بإلغاء الضريبة الخاصة على الأرباح الاستثنائية وبالتالي فهي لا تسري عليه. وقد أغفل الحكم الرد على ما أثاره الطاعن في هذا الخصوص وهو قصور يعيبه ويبطله.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أن المادة الأولى من القانون رقم 60 لسنة 1941 نصت على أنه "تفرض ضريبة خاصة مؤقتة على الأرباح الاستثنائية التي يحصل عليها أي ممول من الممولين الخاضعين للضريبة على الأرباح التجارية والصناعية المقررة بمقتضى الكتاب الثاني من القانون رقم 14 لسنة 1939". ومفاد هذا النص أنه يشترط الخضوع الممول للضريبة الخاصة أن يكون من الممولين الخاضعين للضريبة على الأرباح التجارية. وإذ كان ذلك، وكان الثابت من الدعوى أن الطاعن لم يبدأ خضوعه للضريبة على الأرباح التجارية والصناعية إلا ابتداء من 4 سبتمبر سنة 1950 بعد تاريخ العمل بالقانون رقم 60 لسنة 1950 في أول يونيو سنة 1950 بإلغاء الضريبة الخاصة على الأرباح الاستثنائية ومن ثم فإنه لا يتأتى أن يخضع للضريبة الخاصة عن نشاط تجاري لم يبدأ إلا بعد إلغائها. وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه في هذا الخصوص.

الطعن 5496 لسنة 42 ق جلسة 4 / 4 / 1999 إدارية عليا مكتب فني 44 ق 50 ص 533

جلسة 4 من إبريل سنة 1999

برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور/ محمد جودت أحمد الملط - رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة المستشارين: جودة عبد المقصود فرحات، وسعيد أحمد محمد حسين برغش، وسامي أحمد محمد الصباغ، ومحمود إسماعيل رسلان مبارك - نواب رئيس مجلس الدولة.

-----------------

(50)

الطعن رقم 5496 لسنة 42 قضائية عليا

جنسية - تعريف الجنسية - شروط الانتساب للجنسية المصرية - طوائف المصريين الأصلاء. (إثباته) (دستور).
المادة الأولى من المرسوم بقانون رقم 19 لسنة 1929 بشأن الجنسية المصرية - والمادة الأولى من القانون رقم 165 لسنة 1950 - المادة الأولى من القانون رقم 391 لسنة 1956 - المادة الأولى من القانون رقم 26 لسنة 1975.
ناطت الدساتير المصرية بالقانون وحده تنظيم الجنسية المصرية وآخرها ما نصت عليه المادة السادسة من الدستور الحالي بأن الجنسية ينظمها القانون - انطلاقاً من هذا الحكم نظم الشارع المصري أحكام الجنسية بحسبانها رابطة قانونية وسياسية بين المواطن المصري والدولة - نتيجة ذلك: يعتبر انتساب المواطن المصري للدولة المصرية مركزاً تنظيمياً يكتسبه المصري حتماً من أحكام القانون مباشرة إذا ما توافرت فيه الشروط التي أوجبها القانون دون أن يكون لإرادة المواطن أو السلطة القائمة على إثبات الجنسية دخل في اكتسابها أو ثبوتها في حقه - تلتزم السلطة المختصة بالاعتراف بحقه في التمتع الجنسية المصرية متى تحققت من قيام حالة من الحالات الواردة في القانون المصري تسوغ تمتع من قامت به بالجنسية المصرية - يقوم عبء إثبات الجنسية على من يتمسك بها أو يدفع بعدم دخوله فيها - حدد الشارع المصري طوائف المصريين الأصلاء والاشتراطات الواجب توافرها في كل طائفة من الطوائف مقرراً أن الجنسية المصرية تعتبر مركزاً قانونياً يتحقق في المواطن المصري بواقعة ميلاده لأب مصري أو من خلال إقامة أصوله أو إقامته وفقا للشروط والمدد التي حددها القانون - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الخميس الموافق 25/ 7/ 1996 أودع الأستاذ/ ........ المحامي بصفته وكيلاً عن السيد/ ...... وشهرته........ قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن قيد برقم 5496 لسنة 42 ق في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (دائرة منازعات الأفراد والهيئات "أ") بجلسة 28/ 5/ 1996 في الدعوى رقم 5857 لسنة 49 ق والقاضي بقبول الدعوى شكلاً ورفضها موضوعاً وإلزام المدعي المصروفات، وانتهى تقرير الطعن - لما قام عليه من أسباب - إلى طلب وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه إلى حين الفصل في موضوع الطعن وبإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء للطاعن بطلباته في الدعوى.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون عليه وإلغاء القرار المطعون فيه السلبي بالامتناع عن إصدار قرارها بثبوت الجنسية المصرية للطاعن وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية بالمصروفات.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة التي قررت بجلسة 16/ 6/ 1997 إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا - الدائرة الأولى موضوع - لنظره بجلسة 17/ 8/ 1997 حيث نظر الطعن وتدول نظره على النحو الثابت بمحاضر الجلسات إلى أن تقرر إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية المقررة.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص - حسبما يبين من الأوراق - في أن المدعي أقام الدعوى رقم 5857 لسنة 49 ق بعريضة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بتاريخ 7/ 5/ 1995 طالباً في ختامها الحكم بصفة مستعجلة بوقف القرار السلبي الصادر من المدعى عليهما الأول والثاني بصفتيهما بالامتناع عن اعتبار المدعي مصرياً مع كل ما يترتب على ذلك من آثار وفي الموضوع بإلغاء هذا القرار وإلزام المدعى عليهما بالمصروفات وأتعاب المحاماة، وذكر المدعي - بياناً لدعواه - أنه تقدم إلى مصلحة وثائق السفر والهجرة والجنسية بطلب إثبات جنسيته تأسيساً على أنه مصري الجنسية من مواليد غزة سنة 1942 وأن والده مصري الجنسية من مواليد دمنهور سنة 1895 وكذلك جده ويعامل بالمادة الأولى الفقرة الثانية من القانون رقم 26 لسنة 1975 أخذاً من المادة السادسة فقرة أولى من المرسوم بقانون رقم 19 لسنة 1929 إلا أن المصلحة أخطرته بخاطبها رقم 1050 المؤرخ 11/ 3/ 1995 بضرورة تقديم المستندات الدالة على إقامة والده/ ......... بالبلاد خلال الفترة من سنة 1914 حتى 1926 أو إثبات صلته بالسيد/ ....... وبذلك تكون المصلحة قد امتنعت عن إجابة المدعي إلى طلبه، ونعى المدعي على القرار المطعون فيه مخالفته للقانون استناداً إلى أن والده مصري الجنسية حيث ولد بدمنهور محافظة البحيرة بتاريخ 3/ 10/ 1895 وصادر له جواز سفر مصري بتاريخ 12/ 4/ 1962 كما أن جده المرحوم/ ....... مصري الجنسية ومحل إقامته مدينة دمنهور وقد عاش الجد ومعه جميع أبنائه ومنهم والد المدعي بتلك المدينة وكانت إقامته بها متصلة طول حياته وتملك بها وبالمدن الأخرى بمحافظة البحيرة عدة عقارات مسجلة ومكلفة باسمه وأشقاء المدعي يتمتعون جميعهم بالجنسية المصرية وكذلك أقاربه.
وبجلسة 28/ 5/ 1996 أصدرت المحكمة حكمها الطعين، وأسست حكمها على أن الثابت من أوراق النزاع أن والد المدعي وهو/ ....... قد ولد بمصر بتاريخ 30/ 10/ 1895 إلا أن الأوراق أجدبت عن أي دليل أو قرائن على توطنه بالبلاد المدة المتصلة قانوناً أو إقامته بمصر في الفترة من 1914 حتى 1929 بل إن الثابت من شهادة ميلاد المدعي أنه ولد بتاريخ 15/ 8/ 1942 ومحل ميلاده قطاع غزة كما توفى والد المدعي بغزة عام 1965 واستخرج إعلام وراثته من محكمة غزة الشرعية في 13/ 2/ 1995 فضلاً عن أن المدعي يحمل الجنسية الفلسطينية وهو ما أقر به صراحة في صحيفة دعواه وقد حضر إلى البلاد بتاريخ 7/ 8/ 1967 ولا توجد صلة بين المدعي وبين/ ......... الذي يمتلك بعض العقارات بمصر إذ ليس هو بجد المدعي وإنما جده/ ......... طبقاً لكافة المستندات الرسمية المودعة بملف الدعوى.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق القانون فليس صحيحاً أن أوراق الدعوى قد أجدبت من دليل يفيد توطن والد الطاعن بالبلاد وإقامته بها المدة المقررة وأن الطاعن فقد كل ما كان لديه من الأوراق والمستندات أثناء العدوان الإسرائيلي عام 1967 فقد أخرج الإسرائيليون الطاعن وأسرته مع سائر المصريين من غزة مطرودين ولم يسمحوا لهم إلا بحمل ما عليهم من ملابس ولما تمكن المدعي من جمع شتات بعض تلك المستندات استعان بها على إثبات أحقيته في جنسيته المصرية وجود هذه الوثائق واجتماعها وتكامل بياناتها يرسى في اليقين أن الطاعن مصري الجنسية وهي مستندات تتضمن ثبوت الجنسية المصرية لوالد الطاعن من واقع جواز سفره المصري وأن الطاعن كان طوال حياته وحتى 5/ 6/ 1967 يعامل كمصري أصيل يحمل جواز سفر مصري ولا يسمح له بالإقامة في قطاع غزة إلا بتأشيرة إقامة وأن كل أشقاء الطاعن مصريو الجنسية مقيمون بمصر، وما تقطع به الشهادة الصادرة من إدارة الحاكم العسكري لغزة كما أن أصل أسرة الطاعن بمحافظة البحيرة حيث ولد ونشأ بها جده/ ........ الذي يطلق عليه/ ....... أحياناً أو....... أحياناًَ أخرى، وأضاف الطاعن أن الحكم المطعون فيه قد شابه الفساد في الاستدلال فقد غاب عن الحكم المطعون فيه أن الطاعن كان يتعامل طوال حياته على أنه مصري الجنسية وأن الطاعن لم يضطر إلى التعامل بالصفة الفلسطينية إلا بعد أن أفقده الغزو والاحتلال الإسرائيلي في فترة عدوان 1967 كل الوثائق والمستندات المثبتة لجنسيته المصرية وطرده مع سائر المصريين غير المرغوب فيهم من قطاع غزة ودخوله مصر مع المطرودين من ذلك القطاع بتأشيرة جماعية نسبت إليهم - بصفة عامة - الصفة الفلسطينية.
ومن حيث إن الدساتير المصرية قد ناطت بالقانون وحد تنظيم الجنسية المصرية وآخرها ما نصت عليه المادة السادسة من الدستور الحالي بأن الجنسية المصرية ينظمها القانون، وانطلاقاً من هذا الحكم فإن الشارع المصري قد نظم أحكام الجنسية - بحسبانها رابطة قانونية وسياسية بين المواطن المصري والدولة - على سنن منضبطة تجعل من انتساب المواطن المصري للدولة المصرية مركزاً تنظيمياً يكتسبه المصري حتماً من أحكام القانون مباشرة إذا ما توافرت فيه الشروط التي أوجبها القانون دون أن يكون لإرادة المواطن أو السلطة القائمة على إثبات الجنسية دخل في اكتسابها أو ثبوتها في حقه، فتلزم السلطة المختصة بالاعتراف بحقه في التمتع بالجنسية المصرية متى تحققت من قيام حالة من الحالات الواردة في القانون المصري تسوغ تمتع من قامت به بالجنسية المصرية، ويقوم عبء إثبات الجنسية على من يتمسك بها أو يدفع بعدم دخوله فيها.
وفي ضوء هذه الأصول والمبادئ القانونية صاغت القوانين المتتابعة في شأن الجنسية المصرية أحكامها فنصت المادة الأولى من المرسوم بقانون رقم 19 لسنة 1929 في شأن الجنسية المصرية على أن "يعتبر داخلاً في الجنسية المصرية بحكم القانون أولاً: ...... ثانياً: ...... ثالثاً: ...... من عدا هؤلاء من الرعايا العثمانيين الذين كانوا يقيمون عادة في الأراضي المصرية في 5 نوفمبر 1914 وحافظوا على تلك الإقامة حتى 10 مارس 1929 سواءً كانوا بالغين أو قصراً" كما نصت المادة الأولى من القانون رقم 165 لسنة 1950 "المصريون هم: 1 - ....... 2 - ...... 3 - ...... 4 - ...... 5 - الرعايا العثمانيون الذين يقيمون عادة في الأراضي المصرية في 5 نوفمبر 1914 وحافظوا على تلك الإقامة حتى 10 مارس 1929 سواءً أكانوا بالغين أم قصراً" كما نصت المادة الأولى من القانون رقم 391 لسنة 1956 بأن "المصريين هم أولاً: المتوطنون في الأراضي المصرية قبل أول يناير 1900 المحافظون على إقامتهم فيها حتى تاريخ نشر هذا القانون، ولم يكونوا من رعايا الدول الأجنبية وتعتبر إقامة الأصول مكملة لإقامة الفروع وإقامة الزوج مكملة لإقامة الزوجة متى كانت لديهم نية التوطن "ونصت المادة الأولى من القانون رقم 26 لسنة 1975 بأن "المصريون هم أولاً: المتوطنون في مصر قبل 5 نوفمبر 1914 من غير رعايا الدول الأجنبية المحافظون على إقامتهم فيها حتى تاريخ العمل بهذا القانون وتعتبر إقامة الأصول مكملة لإقامة الفروع وإقامة الزوج مكملة لإقامة الزوجة" وتنص المادة الثانية من ذات القانون على أنه "يكون مصرياً: 1 - من ولد لأب مصري......".
ومن حيث إن مفاد النصوص المتقدمة أن الشارع المصري قد حدد طوائف المصريين الأصلاء والاشتراطات الواجب توافرها في كل طائفة من الطوائف وقرر أن الجنسية المصرية تعتبر مركزاً قانونياً يتحقق في المواطن المصري بواقعة ميلاده لأب مصري أو من خلال إقامة أصوله أو إقامته وفقاً للشروط والمدد التي حددها القانون.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن والد الطاعن/ ....... من مواليد دمنهور عام 1895 وثابت من شهادة ميلاده أنه ولد لأب مصري وقد أنجب بمصر أبناءه/ ....... عام 1927 بمدينة الإسماعيلية و...... بإيتاي البارود و.......... بالقنطرة شرق عام 1939 و....... بشمال سيناء عام 1946 إلا أنه أنجب ابنه....... في غزة عام 1942 حيث أثبت في شهادة ميلاده أنه مولود لأب مصري وقد كان والد المدعي يعمل بسكك حديد فلسطين السابقة ثم حول للعمل بسكك حديد مصر اعتباراً من 1/ 4/ 1948 إلى أن أحيل إلى المعاش عام 1955 وأنه كان يحمل جواز سفر مصري وأن والده (جد المدعي) كان يمتلك عدة عقارات بمصر حسبما هو ثابت بمستخرجات الضرائب العقارية المودعة ملف الدعوى والتي ترجع إلى عام 1909.
ولا وجه لما ذهبت إليه جهة الإدارة أن هذه المستخرجات لا تخص جد الطاعن على أساس أنها باسم/ ........ وليس باسم/ ......... إذ أن الثابت أن هذه المستخرجات قد ورد بها اسم والد المدعي (.....) كما أن الثابت من الأوراق الأخرى أن........ هو ....... كالشهادة المقدمة من هندسة السكك الحديدية، كما أنه ورد بجواز سفر شقيق المدعي أن اسمه/ ........ كما تعاملت إدارة التجنيد مع شقيق المدعي بالاسم الأخير، كما أن الأوراق الأخرى والشهادات الإدارية المتعددة تفيد أن والد المدعي هو/........ خاصة وأن المكلفات قد ذكرت اسم والد الطاعن وأسماء أخوته وهي أسماء تتطابق مع ما ورد في مستندات أخرى كإعلانات الوفاة بالجرائد والشهادات الإدارية.
ومن حيث إنه وإذ ثبت ميلاد والد المدعي وتوطنه بمصر قبل أول يناير 1900 وقبل 5 نوفمبر 1914 واستمر متوطناً حتى أنجب معظم أبنائه بها، وعمل بسكك حديد مصر حتى أحيل إلى المعاش عام 1955 وثابت من جواز سفره الصادر عام 1962 أن محل إقامته القنطرة، ولم يثبت من الأوراق أنه اكتسب جنسية أجنبية الأمر الذي يعتبر معه والد المدعي من أصحاب الجنسية الأصلية ويكون المدعي متمتعاً بالجنسية المصرية باعتبار ولد لأب مصري.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه وإذ قضى بقبول الدعوى شكلاً ورفضها موضوعاً وإلزام المدعي المصروفات فإنه يكون قد خالف صحيح حكم القانون، مما يتعين معه الحكم بقبول الطعن شكلاً وبإلغاء الحكم المطعون فيه وبإثبات تمتع المدعي بالجنسية المصرية وإلزام جهة الإدارة المصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإثبات تمتع المدعي بالجنسية المصرية وألزمت جهة الإدارة المصروفات.

الطعن 3 لسنة 38 ق جلسة 1 / 12 / 1971 مكتب فني 22 ج 3 أحوال شخصية ق 162 ص 963

جلسة أول ديسمبر سنة 1971

برياسة السيد المستشار/ أحمد حسن هيكل، وعضوية السادة المستشارين: محمد أسعد محمود، وجودة أحمد غيث، وحامد وصفي، ومحمد عادل مرزوق.

----------------

(162)
الطعن رقم 3 لسنة 38 ق "أحوال شخصية"

(أ) نقض. "الحكم في الطعن". "أثره نقض الحكم".
نقض الحكم وإحالة القضية إلى محكمة الموضوع، التزام هذه المحكمة باتباع حكم النقض في المسألة القانونية التي فصل فيها.
(ب) نقض. "حالات الطعن". حكم. "الطعن في الحكم". قوة الأمر المقضى.
جواز الطعن بالنقض في الحكم الانتهائي لفصله في نزاع على خلاف حكم آخر سابق حائز قوة الأمر المقضى. شرطه. أن يكون الحكم السابق صادراً في النزاع عينه وبين الخصوم أنفسهم.
(ج) أحوال شخصية. "الأحكام الصادرة في مسائل الأحوال الشخصية". حكم. "الطعن في الحكم". اعتراض الخارج عن الخصومة.
الطعن على الحكم بطريق الاعتراض ممن يتعدى أثره إليه طبقاً للمادة 341 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية. طريق اختياري. لمن يتعدى إليه أثر الحكم الاستغناء عنه والاكتفاء بأفكار حجيته. له كذلك طلب تقرير حقه بدعوى أصلية.
(د) وقف. "النظر على الوقف". "وكالة ناظر الوقف". وكالة.
وكالة ناظر الوقف عن المستحقين. وقوفها عند حد المحافظة على حقوقهم في الغلة والعناية بالأعيان الموقوفة. عدم امتدادها إلى ما يمس حقوقهم في الاستحقاق.

----------------
1 - مفاد نص المادة 444 من قانون المرافعات السابق أنه إذا نقض الحكم وأحيلت القضية إلى المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه لتحكم فيها من جديد بناء على طلب الخصوم فإنه يتحتم على المحكمة التي أحيلت إليها القضية أن تتبع حكم محكمة النقض في المسألة القانونية التي فصلت فيها المحكمة.
2 - تشترط المادة 426 من قانون المرافعات السابق - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة (1) - لجواز الطعن بالنقض في الحكم الانتهائي لفصله في نزاع على خلاف آخر سابق حائز لقوة الأمر المقضى أن يكون هذا الحكم السابق صادراً في النزاع بعينه وبين الخصوم أنفسهم، ولا يغير من ذلك أن تكون المسألة المقضى فيها مسألة كلية شاملة أو مسألة أصلية أساسية.
3 - المستقر في قضاء هذه المحكمة (2) - أن الطعن على الحكم بطريق الاعتراض ممن يتعدى أثره إليه، طبقاً للمادة 341 من المرسوم بقانون رقم 78 لسنة 1931 بلائحة ترتيب المحاكم الشرعية قبل إلغائها بالقانون رقم 462 لسنة 1955، هو وبصريح نص تلك المادة طريق اختياري يجوز له أن يسلكه أو أن يستغني عنه اكتفاء بإنكار حجية الحكم كلما أريد الاحتجاج به أو تنفيذه عليه، كما له أن يتجاهل الحكم وأن يطلب تقرير حقه بدعوى أصلية.
4 - وكالة ناظر الوقف عن المستحقين - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة (3) - تقف عند حد المحافظة على حقوقهم في الغلة وفي العناية بمصدر هذا الحق وهي الأعيان دون أن تمتد إلى ما يمس حقوقهم في الاستحقاق.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن السيدة/ نعيمة محمود رمزي - المطعون عليها الثانية - أقامت الدعوى رقم 15 لسنة 1955 أمام محكمة القاهرة الابتدائية الشرعية - والتي أحيلت بمناسبة توحيد القضاء إلى محكمة القاهرة الابتدائية وقيدت بجدولها برقم 263 لسنة 1956 - ضد سائر الطاعنين ووزارة الأوقاف - المطعون عليها الأولى - وطلبت الحكم باستحقاقها لحصة قدرها عشرة أسهم ونصف قيراط من أربعة وعشرين قيراطاً ينقسم إليها وقف المرحوم محمود اليازجي وأمر وزارة الأوقاف بأن تسلمها ما يقابله من غلة الوقف ومنع التعرض لها في ذلك، وقالت شرحاً لدعواها إنه بمقتضى الإشهاد المحرر بمحكمة الباب العالي بمصر في 15 شعبان سنة 1255 الهجرية وقف الأمير محمود أفندي ناظر المجلس العالي سابقاً الأطيان المبينة به وأنشأ وقفه هذا على نفسه حال حياته ثم من بعده يكون الربع أي ستة قراريط وقفاً على من سيحدثه له الله من الأولاد ذكوراً وإناثاً مع مشاركة لبيبه مصطفى ابنة أخته المرحومة فاطمة لهم، فإذا مات الواقف وابنة أخته من غير عقب يضم لباقي الوقف، أما الثلاثة أرباع الباقية فتكون وقفاً على عتقاء الواقف ذكوراً وإناثاً بيضاً وسوداً وحبوشاً وعلي عتقاء زوجته الثلاثة بحيث يكون للأبيض من العتقاء ضعف ما للأسود والحبشي، ثم من بعد كل منهم فعلى أولاده ثم على أولاد أولاده، ثم على ذريتهم ونسلهم وعقبهم طبقة بعد طبقة على أن من مات منهم وترك ولداً أو ولد ولد أو أسفل من ذلك انتقل نصيبه لولده أو ولد ولده وإن سفل فإن لم يكن له ولد ولا ولد ولد ولا أسفل من ذلك انتقل نصيبه لإخوته وأخواته المشاركين له في الدرجة والاستحقاق فإن لم يكن له إخوة ولا أخوات فلأقرب الطبقات إليه من الموقوف عليهم، وقد توفيت حسن شاه عتيقة زوجة الواقف عقيماً في حياة الواقف، ثم توفى الواقف وبعده لبيبه بنت شقيقته عقيمين وبوفاتهم انحصر الاستحقاق في خمسة عشر عتيقاً من بينهم إسماعيل زهدي جد المطعون عيها الثانية فخص كل واحد من العتقاء البيض 7 و1/ 7 سهماً من أربعة وعشرين قيراطاً ينقسم إليها الوقف جميعه، وخص كلاً من زهرة السوداء وفداية ومسعدة 20 و4/ 7 سهماً وآل النظر في هذا الوقف إلى وزارة الأوقاف المطعون عليها الأولى - التي صارت حارسة بصدور قانون إنهاء الوقف على غير الخيرات - وعلى الرغم من صدور حكم المحكمة العليا الشرعية بتاريخ 29 من يونيه سنة 1907 في الاستئناف رقم 3 لسنة 1906 بناء على التصادق الصادر من جميع المستحقين في الوقف بما فيهم فاطمة بنت إسماعيل زهدي عتيق الواقف وأولادها الثمانية وهم محمد توفيق وبهية وحنيفة وأنيسة وزكية وفهيمة وهانم وأسماء والذي تضمن أن هذا الوقف يعتبر بمثابة أوقاف متعددة وأن ترتيب الطبقات فيه ترتيب أفرادي بين الأصل وفرعه في كل وقف فلا يحجب أصل فرع غيره ومن مات انتقل ما استحقه أو كان يستحقه إلى فرعه دون أن تنقض القسمة بانقراض أية طبقة بل يستمر ما استحقه الفرع مستقلاً في فروعه وأن مجموع نصيب المطعون عليها الثانية في الوقف أصلاً وآيلا صار 10.5 سهماً من قيراط إلا أنه بعد وفاة فاطمة بنت إسماعيل زهدي المشار إليها أخذ ورثتها - الطاعنون - ينازعونها استحقاقها لهذا النصيب بدعوى أن الوقف غير مرتب الطبقات ترتيباً أفرادياً وأن القسمة تنقص في فرع إسماعيل زهدي عتيق الواقف بوفاة ولديه محمود - والد المطعون عليها الثانية - وفاطمة - مورثة سائر الطاعنين - بحيث يقسم نصيبه على أفراد الطبقة التي تليها رغم المصادقة السابقة أمام المحكمة العليا الشرعية على عدم نقض القسمة بانقراض أية طبقة في أي فرع من فروع العتقاء وعلى أن يستمر ما آل إلى الفرع متنقلاً في فروعه، مما اضطرها إلى إقامة الدعوى رقم 127 لسنة 1919 أمام محكمة مصر الشرعية ضد وزارة الأوقاف والمعارضين لها ودار النزاع فيها حول نقض القسمة أو عدم نقضها وحكمت المحكمة لها في 30 من إبريل سنة 1921 باستحقاقها المذكور تأسيساً على أن ترتيب الطبقات في هذا الوقف تريب أفرادي وأيدت المحكمة العليا الشرعية هذا الحكم بتاريخ 7 من نوفمبر سنة 1921 في الاستئناف رقم 162 لسنة 1921، وإذ لم تنقطع منازعة الطاعنين لها في استحقاقها لهذا النصيب رغم صدور هذه الأحكام النهائية وقامت وزارة الأوقاف بحجز ثلاثة أخماس نصيبها فقد انتهت إلى طلباتها سالفة البيان. دفع الطاعنون السادس والسابعة والتاسع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها بالحكم الصادر في القضية رقم 69 لسنة 1949 مصر الابتدائية الشرعية والمؤيد من المحكمة العليا الشرعية في الاستئناف رقم 148 لسنة 1951. وبتاريخ 27 من يونيو 1957 حكمت المحكمة برفض الدفع، ثم حكمت في 27 من يناير سنة 1963 باستحقاق المطعون عليها الثانية في الوقف إلى 10 و2/ 11 سهماً من أربعة وعشرين سهماً ينقسم إليها القيراط من أربعة وعشرين قيراطاً ينقسم إليها الوقف جميعه وأمرت وزارة الأوقاف بتسليمها ما يعادل ذلك من غلته ومنع تعرض الطاعنين لها في ذلك. استأنف الطاعنون هذا الحكم بالاستئناف رقم 27 لسنة 80 ق القاهرة، وبتاريخ 25 من ديسمبر 1963 حكمت المحكمة بتعديل الحكم المستأنف واستحقاق المطعون عليها الثانية إلى5 و35329/ 547085 سهماً من قيراطاً من أربعة وعشرين قيراطاً ينقسم إليها. طعنت المطعون عليها الثانية في هذا الحكم بطريق النقض بالطعن رقم 5 لسنة 34 ق أحوال شخصية، وبتاريخ 22 من يونيو 1966 نقضت محكمة النقض الحكم المطعون فيه وأحالت القضية إلى محكمة الاستئناف وبعد تعجيلها حكمت المحكمة في 23 من ديسمبر 1967 بتأييد الحكم المستأنف. قرر الطاعنون بالطعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وبالجلسة المحددة لنظره والتزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعنون بالسببين الأول والثاني منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه من وجهين: أولهما أن الحكم المطعون فيه انتهى إلى عدم نقض القسمة بانقراض الطبقة استناداً إلى أن الترتيب في حصة إسماعيل زهدي العتيق هو ترتيب أفرادي، في حين أن ذلك مخالف للشريعة الإسلامية في أرجح الأقوال من مذهب أبي حنيفة، إذ أن إجماع فقهاء الحنفية على أن الأصل في الترتيب في الوقف أن يكون جملياً لا يعطي فيه أحد من الطبقة السفلى مادام أحد موجوداً من الطبقة العليا، وأن الوقف إذا كان مرتباً ثم أو قال الواقف: بطناً بعد بطن فإن الترتيب يكون جمليا، وأن الواقف إذا ذكر في وقفه شرطين يتعارضان وأمكن الجمع بينهما والعمل معاً وجب المصير إلى ذلك وإلا كان المتأخر منها ناسخاً لأولهما، وبالرجوع إلى كتاب الوقف يبين أن الواقف غير في جانب حصة كل عتيق وهي تعتبر وقفاً مستقلاً بما يفيد أن الترتيب جملي لوجود نصين يدلان على ذلك أحدهما التعبير بين الطبقات بلفظ "ثم" والثاني في قوله "طبقة بعد طبقة" ولو اقتصر الواقف على ذلك لأفاد هذا ألا يعطي أحد من أفراد الطبقة السفلى ما دام أحد من أفراد الطبقة العليا موجوداً، غير أن الواقف أضاف بعد ذلك عبارة على النص والترتيب المشروحين وهي تشير إلى ما سبق بيانه في جانب الوقف على أولاده، ويفيد هذان النصان أن الفرد من الطبقة العليا يحجب فرعه دون فرع غيره وأن فرع مات وإن تعدد لا يستحق سوى نصيب أصله فقط، مما يتعين معه العمل بمجموع هذين النصين مادام أحد من الطبقة الأولى موجوداً فإذا انقرضت الطبقة العليا وجب نقض القسمة ووزع الريع على جميع أفراد الطبقة الثانية لأنهم مستحقون ينفسهم والثاني أن حكم محكمة أول درجة المؤيد بالحكم المطعون فيه أسس قضاءه بالترتيب الأفرادي في الوقف على سند من نص الفقرة الثانية من المادة 32 من القانون رقم 48 لسنة 1946 بشأن أحكام الوقف مع أن هذه المادة لا تطبق في الأحوال التي نقضت فيها قسمة الريع قبل العمل بذلك القانون عملاً بالفقرة الأخيرة من المادة 57 منه، وإذ قام السبب الموجب لنقض القسمة بوفاة فاطمة بنت إسماعيل زهدي التي كانت آخر طبقتها موتاً في سنة 1919 فإن هذا يكفي لإخراج الوقف موضوع النزاع من مجال تطبيق الفقرة الثانية من المادة 33 آنفة الذكر، الأمر الذي يعيب الحكم المطعون فيه بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه.
وحيث إنه لما كان مفاد نص المادة 444 من قانون المرافعات السابق أنه إذا نقض الحكم وأحيلت القضية إلى المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه لتحكم فيها من جديد بناء على طلب الخصوم، فإنه يتحتم على المحكمة التي أحيلت إليها القضية أن تتبع حكم محكمة النقض في المسألة القانونية التي فصلت فيها المحكمة، وكان الطاعنون ينازعون بالسبب الأول من أسباب الطعن في تفسير شرط الواقف وفي أن ترتيب الطبقات في هذا الوقف هو ترتيب أفرادي فلا تنقض فيه القسمة بوفاة فاطمة إسماعيل زهدي بنت العتيق إسماعيل زهدي والتي هي آخر طبقتها موتاً، وقالوا إن ذلك الترتيب جملي فتنقض القسمة بوفاتها، وكانت محكمة النقض قد فصلت في هذه المسألة القانونية بحكمها الصادر في 22 من يونيو سنة 1966 في الطعن الذي سبق أن أقامته المطعون عليها الثانية على حكم محكمة استئناف القاهرة الصادر بتاريخ 25 من ديسمبر سنة 1963 في الدعوى الحالية وقررت محكمة النقض في حكمها أن ظاهر عبارات الإنشاء في هذا الوقف يدل على أنه مرتب الطبقات ترتيباً أفرادياً لازمه ومقتضاه أن يكون استحقاق الفرع بعد أصله استحقاقاً أصلياً لا ينتزع منه ولا وجه معه لنقض القسمة، ولما كان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا القضاء وفصل في الدعوى على هذا الأساس فإن النعي عليه بالسبب الأول يكون غير مقبول والنعي بالسبب الثاني مردود ذلك أنه لما كانت القسمة - وعلى ما سلف بيانه - لم تنقص بوفاة فاطمة إسماعيل زهدي لأن الوقف مرتب ترتيباً أفرادياً فإن النعي على الحكم المطعون فيه بمخالفة الفقرة الأخيرة من المادة 57 من القانون رقم 48 لسنة 1949 بشأن أحكام الوقف قولاً من الطاعنين بأن القسمة نقضت بوفاة فاطمة إسماعيل زهدي سنة 1919 مما لا يجوز معه الاستناد إلى حكم المادة 32/ 2 من القانون المشار إليه للتدليل على أن الترتيب أفرادي هذا النعي يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل السبب الثالث أن الحكم المطعون فيه إذا أسس قضاءه على اعتبار أن الترتيب في الوقف هو ترتيب أفرادي على أفراد فلا تنقض فيه القسمة بانقراض أي طبقة فإنه يكون قد فصل في النزاع خلافاً لحكمين سابقين حائزين قوة الشيء المحكوم به صادرين بين نفس الخصوم مما يجوز معه الطعن بالنقض عملاً بالمادة 426 من قانون المرافعات السابق، أولهما الحكم الصادر في الدعوى رقم 127 لسنة 1919 مصر الابتدائية الشرعية والمؤيد من المحكمة العليا الشرعية بالاستئناف رقم 162 لسنة 1920 والمقامة من المطعون عليها الثانية ضد وزارة الأوقاف بصفتها ناظرة على الوقف وضد محمد توفيق الوصي على القاصر أسماء حسين سعيد بذات الطلبات في الدعوى الحالية، فإنه انتهى إلى أن القسمة وإن كانت لا تنقض طبقاً للتصادق الصادر من المستحقين إلا أنها تنقض عملاً بشرط الواقف بالنسبة لأسماء حسين سعيد مورثة الطاعنين الأول والرابعة لأنها كانت قاصراً وقت التصادق فلا يسري عليها إقرار الوصي في ذلك، والثاني الحكم في الدعوى رقم 69 لسنة 1949 القاهرة الابتدائية الشرعية المقامة من الطاعن السادس ضد وزارة الأوقاف والذي أصبح نهائياً بحكم الالتماس رقم 123 سنة 1952 من المحكمة العليا الشرعية، فإنه صدر باستحقاق الطاعن السادس لنصيبه في الوقف على أساس نقض القسمة في حصة العتيق إسماعيل زهدي، وقد أعلن هذا الحكم إلى المطعون عليها الثانية وفقاً للمادة 341 من المرسوم بقانون رقم 78 لسنة 1931 بشأن اللائحة الشرعية ولم تطعن فيه فيعتبر حجة عليها.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أنه لما كانت المادة 426 من قانون المرافعات السابق - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - تشترط لجواز الطعن بالنقض في الحكم الانتهائي لفصله في نزاع على خلاف آخر سابق حائز لقوة الأمر المقضى أن يكون هذا الحكم السابق صادراً في النزاع بعينه وبين الخصوم أنفسهم، ولا يغير من ذلك أن تكون المسألة المقضى فيها مسألة كلية شاملة أو مسألة أصلية أساسية، ولما كان يبين الحكم الصادر في الدعوى رقم 127 لسنة 1919 مصر الابتدائية الشرعية واستئنافه أن المطعون عليها الثانية أقامت تلك الدعوى ضد وزارة الأوقاف بصفتها ناظرة على وقف المرحوم محمود اليازجي وضد المرحوم محمد توفيق باعتباره مستحقاً في الوقف طلبت فيها الحكم بإلزام الوزارة بأن تصرف لها ثلاثة أخماس استحقاقها في الوقف وبمنع معارضة المدعى عليه الثاني لها في ذلك، وثار النزاع في الدعوى حول نقض القسمة بوفاة فاطمة إسماعيل زهدي، وصدر الحكم فيها ضد الوزارة وضد محمد توفيق تأسيساً على أن القسمة لا تنقض طبقاًَ للتصادق الصادر من ذلك الأخير ومن باقي المستحقين، وأضاف الحكم أن القسمة تنقض بالنسبة لأسماء حسين سعيد عملاً بشرط الواقف لأنها كانت قاصراً ولا يسري عليها التصادق الصادر من الوصي محمد توفيق، وإذ لم تكن أسماء حسين سعيد ممثلة في تلك الدعوى لأن محمد توفيق اختصم فيها بصفته الشخصية كمستحق في الوقف لأنه يعارض المطعون عليها الثانية في استحقاقها ولم يختصم بصفته وصياً على القاصر المشار إليها فلا يجوز لورثتها - الطاعنين الأول والرابعة - التمسك بحجية هذا القضاء ضد المطعون عليها الثانية لاختلاف الخصوم في الدعويين، ولما كان الثابت من الحكم الصادر في الدعوى رقم 69 لسنة 1949 القاهرة الابتدائية الشرعية أن المطعون عليها الثانية لم تكن ممثلة فيها وإنما تدخلت فيها شقيقتها فاطمة محمود رمزي فلا يعتبر هذا الحكم حجة على المطعون عليها الثانية لتخلف شرط وحدة الخصوم، ولا يغير من ذلك إعلان الحكم إليها في 16 مارس 1952، لأن المستقر في قضاء هذه المحكمة أن الطعن على الحكم بطريق الاعتراض ممن يتعدى أثره إليه طبقاً للمادة 341 من المرسوم بقانون رقم 78 لسنة 1931 بلائحة ترتيب المحاكم الشرعية - قبل إلغائها بالقانون رقم 462 لسنة 1955 - هو وبصريح نص تلك المادة طريق اختياري يجوز له أن يسلكه أو أن يستغني عنه اكتفاء بإنكار حجية الحكم كلما أريد الاحتجاج به أو تنفيذه عليه كما له أن يتجاهل الحكم وأن يطلب تقرير حقه بدعوى أصلية، ولما كانت وكالة ناظر الوقف عن المستحقين - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - تقف عند حد المحافظة على حقوقهم في الغلة وفي العناية بمصدر هذا الحق وهي الأعيان دون أن تمتد إلى ما يمس حقوقهم في الاستحقاق، مما لا يجوز معه للطاعنين أن يحتجوا بالحكمين المشار إليهما ضد المطعون عليها الثانية. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد جرى في قضائه بأن القسمة لا تنقض بوفاة فاطمة إسماعيل زهدي لأن الترتيب في الوقف أفرادي، فلا يعتبر هذا الحكم مخلاً بحجة الحكمين سالفي الذكر، ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.


(1) نقض 29/ 5/ 1969 مجموعة المكتب الفني السنة 20 ص 824.
نقض 23/ 6/ 1960 مجموعة المكتب الفني السنة 11 ص 460.
(2) نقض 15/ 4/ 1964 مجموعة المكتب الفني السنة 15 ص 550.
(3) نقض 29/ 12/ 1966 مجموعة المكتب الفني السنة 17 ص 1996.
نقض 7/ 12/ 1966 مجموعة المكتب الفني السنة 17 ص 1818.

الطعن 53 لسنة 37 ق جلسة 30 / 11 / 1971 مكتب فني 22 ج 3 ق 161 ص 959

جلسة 30 من نوفمبر سنة 1971

برياسة السيد المستشار/ بطرس زغلول نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: عباس حلمي عبد الجواد، وأحمد ضياء الدين حنفي، ومحمود السيد المصري، وأحمد فتحي مرسي.

----------------

(161)
الطعن رقم 53 لسنة 37 القضائية

بطلان. "بطلان التصرفات". حكم. "عيوب التدليل". "ما يعد قصورا". نقابات. غير.
تصرفات صاحب المركز الظاهر إلى الغير حسن النية. لها نفس آثار تصرفات صاحب المركز الحقيقي متى كانت الشواهد المحيطة بالمركز الظاهر من شانها أن تولد الاعتقاد العام بمطابقة هذا المركز للحقيقية. قضاء الحكم ببطلان تصرفات صاحب المركز الظاهر دون بحث دفاع الطاعن وتحقيق عناصره بمقولة إن نظرية الموظف الفعلي مختلف عليها ولا محل للاستدلال بها. خطأ وقصور.

---------------
يترتب على التصرفات الصادرة من صاحب المركز الظاهر المخالف للحقيقة إلى الغير حسن النية ما يترتب على التصرفات الصادرة من صاحب المركز الحقيقي، متى كانت الشواهد المحيطة بالمركز الظاهر من شأنها أن تولد الاعتقاد العام بمطابقة هذا المركز للحقيقة. وإذ كان يبين من الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه وأحال إليه أن الطاعن قد تمسك في دفاعه أمام محكمة الموضوع بأنه وإن صح أن نقابة مستخدمي قناة السويس قد زال وجودها القانوني بصدور قانون تأميم الشركة العالمية لقناة السويس إلا أن وجودها الفعلي قد ظل قائماً حتى صدور قرار وزير الشئون الاجتماعية رقم 21 لسنة 1959، حيث ظلت تباشر نشاطها حتى هذا التاريخ، وأن هذا الوجود الفعلي الظاهر الذي كان معترفاً به من هيئة قناة السويس ومن مكتب العمل، ومن الوزارة المطعون ضدها من شأنه أن يجعل التصرف الصادر من النقابة إليه في هذه الفترة صحيحاً، مثله في ذلك مثل التصرف الذي يصدر من الموظف الذي يستمر في أداء وظيفته بعد انتهاء ولايته، فإن الحكم المطعون فيه إذ أطلق القول ببطلان التصرفات الصادرة من صاحب المركز الظاهر، وأغفل بحث دفاع الطاعن وتحقيق عناصره بمقولة إن نظرية الموظف الفعلي مختلف عليها ولا محل للاستدلال بها، يكون مشوباً بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن في أن المطعون ضده بصفته وزيراً للشئون الاجتماعية أقام الدعوى رقم 3946 مدني كلي القاهرة طالباً القضاء بإلزام الطاعن بأن يؤدي إليه مبلغ 1669 ج و100 م، وقال بياناً لدعواه إن الطاعن كان قد أنتخب رئيساً لمجلس نقابة مستخدمي هيئة إدارة قناة السويس في 28 فبراير سنة 1956، وفي 26 يوليه سنة 1956 صدر القانون رقم 285 سنة 1956 بتأميم الشركة العالمية لقناة السويس وترتب عليه أن أصبحت نقابة مستخدمي هيئة قناة السويس منحلة منذ صدور هذا القانون نظرا لأن جميع العاملين بالهيئة أصبحوا من الموظفين العموميين المحظور عليهم تكوين النقابات، ثم صدر قرار وزير الشئون الاجتماعية رقم 21 سنة 1959 ونص في مادته الأولى على اعتبار نقابة مستخدمي هيئة قناة السويس قد انقضت منذ 26 يوليه سنة 1956 كما نص في مادته الثانية على أنه لا يجوز للنقابة مباشرة نشاطها وعليها تسليم أموالها إلى وزارة الشئون الاجتماعية، ونظراً لأن مجلس النقابة كان قد قرر صرف مبلغ 1564 ج و10 م للطاعن من جملة المبالغ التي كانت خالصة لوزارة الشئون الاجتماعية منذ 26 يوليه سنة 1956 فإن قرار الصرف يكون باطلاً لصدوره عن شخص معدوم لا ولاية له، ويكون من حق وزارة الشئون الاجتماعية استرداد هذا المبلغ من الطاعن، وفي 10 ديسمبر سنة 1963 قضت المحكمة بإلزام الطاعن بأن يؤدي للمطعون ضده بصفته مبلغ 1569 ج و100 م. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 112 سنة 81 ق القاهرة، ومحكمة استئناف القاهرة قضت في أول ديسمبر سنة 1966 برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وبالجلسة المحددة لنظره أصرت النيابة على هذا الرأي.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك أمام محكمة الموضوع بأنه وإن كان لا خلاف في أن الوجود القانوني لنقابة مستخدمي قناة السويس قد زال بصدور القانون الخاص بتأميم الشركة العالمية لقناة السويس إلا أن الوجود الفعلي الظاهر لهذه النقابة قد ظل قائماً حتى صدور القرار الوزاري رقم 21 لسنة 1959، وأن هذا الوجود الفعلي ثابت من تسليم مكتب العمل بوجودها تسليماً مستفاداً من حضور مندوبه اجتماعاتها، كما أنه ثابت من اعتراف هيئة قناة السويس بعد التأميم بوجودها واعتبارها جهة ذات شأن في إبداء الرأي في لائحة موظفي الهيئة، وإذ كان من المقرر أن الظاهر المسلم للوجود الفعلي يترتب عليه ما يترتب على الوجود القانوني من حيث صحة التصرف، وعلى أساس هذا النظر أقام الفقه الإداري نظرية الموظف الفعلي، ورتب عليها صحة التصرف الصادر من الموظف الذي اعتبر تعيينه باطلاً، خلال المدة التي كان قائماً فيها بأعباء الوظيفة فعلاً، وكان لا فارق بين الوجود الفعلي للموظف وبين الكيان الواقعي للنقابة بعد صدور قانون التأميم، فإن الحكم المطعون فيه، إذ استبعد إعمال هذا القياس، وانتهى إلى بطلان قرار النقابة لانعدام وجودها القانوني، يكون مشوباً بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي صحيح، ذلك أنه لما كان يبين من الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه وأحال إليه، أن الطاعن قد تمسك في دفاعه أمام محكمة الموضوع بأنه وإن صح أن نقابة مستخدمي قناة السويس قد زال وجودها القانوني بصدور قانون تأميم الشركة العالمية لقناة السويس إلا أن وجودها الفعلي قد ظل قائماً حتى صدور قرار وزير الشئون رقم 21 لسنة 1959 حيث ظلت تباشر نشاطها حتى هذا التاريخ، وأن هذا الوجود الفعلي الظاهر الذي كان معترفاً به من هيئة قناة السويس، ومن مكتب العمل ومن الوزارة المطعون ضدها من شأنه أن يجعل التصرف الصادر من النقابة إلى الطاعن في هذه الفترة صحيحاً مثله في ذلك مثل التصرف الذي يصدر من الموظف الذي يستمر في أداء وظيفته بعد انتهاء ولايته. لما كان ذلك، وكان يترتب على التصرفات الصادرة من صاحب المركز الظاهر المخالف للحقيقة إلى الغير حسن النية، ما يترتب التصرفات الصادرة من صاحب المركز الحقيقي، متى كانت الشواهد المحيطة بالمركز الظاهر من شأنها أن تولد الاعتقاد العام بمطابقة هذا المركز للحقيقة، فإن الحكم المطعون فيه. إذ أطلق القول ببطلان التصرفات الصادرة من صاحب المركز الظاهر، وأغفل بحث دفاع الطاعن وتحقيق عناصره بمقولة إن نظرية الموظف الفعلي مختلف عليها ولا محل للاستدلال بها، يكون مشوباً بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، مما يستوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.

الطعن 262 لسنة 29 ق جلسة 21 / 11 / 1963 مكتب فني 14 ج 3 ق 154 ص 1081

جلسة 21 من نوفمبر سنة 1963

برياسة السيد/ محمود عياد رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمود توفيق إسماعيل، وأميل جبران، وإبراهيم الجافي، وصبري فرحات.

-----------------

(154)
الطعن رقم 262 لسنة 29 القضائية

(أ) عقد. "تكييف العقد". "عقد إداري".
إبرام عقد مع إحدى جهات الإدارة لتوريد مادة لازمة لتسيير مرفق عام واحتوائه على شروط غير مألوفة في القانون الخاص. اعتباره عقداً إدارياً.
(ب) عقد. "عقد إداري". "غرامات التأخير". "طبيعتها". "سلطة الإدارة في توقيعها".
اختلاف طبيعة غرامات التأخير المنصوص عليها في العقود الإدارية عن الشرط الجزائي - المقصود منها ضمان وفاء المتعاقد مع الإدارة بالتزامه في المواعيد المتفق عليها حرصاً على انتظام سير المرفق العام. للإدارة توقيع الغرامة من تلقاء نفسها دون حاجة لصدور حكم بها، ولها استنزالها من المبالغ المستحقة في ذمتها للمتعاقد المتخلف.
(ج) عقد. "عقد إداري". "غرامات التأخير". "شرط استحقاقها".
لا يتوقف استحقاق غرامة التأخير على ثبوت وقوع ضرر للإدارة من جراء إخلال المتعاقد معها بالتزامه.
(د) عقد. "عقد إداري". "إخلال المتعاقد مع الإدارة بالتزامه". "التنفيذ العيني".
للإدارة سلطة التنفيذ المباشر لدى إخلال المتعاقد معها بالتزامه - فلها أن تحل بنفسها محله في تنفيذ الالتزام أو تعهد إلى شخص آخر بتنفيذه على حساب المتعاقد المتخلف.

---------------
1 - متى كان العقد قد أبرم مع إحدى جهات الإدارة بشأن توريد مادة لازمة لتسيير مرفق عام واحتوى على شروط غير مألوفة في القانون الخاص فإن هذا العقد يعتبر عقداً إدارياً تحكمه أصول القانون الإداري دون أحكام القانون المدني.
2 - غرامات التأخير التي ينص عليها في العقود الإدارية تختلف في طبيعتها عن الشرط الجزائي في العقود المدنية، إذ أن هذه الغرامات جزاء قصد به ضمان وفاء المتعاقد مع الإدارة بالتزامه في المواعيد المتفق عليها حرصاً على سير المرفق العام بانتظام واطراد وفي سبيل تحقيق هذه الغاية يحق للإدارة أن توقع الغرامة المنصوص عليها في تلك العقود من تلقاء نفسها ودون حاجة لصدور حكم بها وذلك بمجرد وقوع المخالفة التي تقررت الغرامة جزاءاً لها. كما أن لها أن تستنزل قيمة هذه الغرامة من المبالغ التي تكون مستحقة في ذمتها للمتعاقد المختلف.
3 - لا يتوقف استحقاق غرامة التأخير على ثبوت وقوع ضرر للإدارة من جراء إخلال المتعاقد بالتزامه، ومن ثم فلا تلتزم الإدارة بإثبات هذا الضرر كما لا يجوز للطرف الآخر أن ينازع في استحقاقها للغرامة كلها أو بعضها بحجة انتفاء الضرر أو المبالغة في تقدير الغرامة في العقد لدرجة لا تتناسب مع قيمة الضرر الحقيقي.
4 - إذا كان للإدارة سلطة توقيع الغرامة عند التأخير في تنفيذ الالتزام فإن لها أيضاً سلطة التنفيذ المباشر بأن تحل بنفسها محل المتعاقد المختلف أو المقصر في تنفيذ الالتزام أو تعهد بتنفيذه إلى شخص آخر ويتم هذا الإجراء على حساب ذلك المتعاقد فيتحمل جميع نتائجه المالية ومن هذه النتائج المصروفات التي تتكبدها الإدارة في عملية الشراء من متعهد آخر، فإذا نص في العقد على طريقة تحديد هذه المصروفات حق للإدارة اقتضاءها كاملة على هذا الأساس دون أن تطالب بإثبات ما أنفقته منها فعلاً.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليه أقام على الطاعنين، أمام محكمة القاهرة الابتدائية الدعوى رقم 526 سنة 1954، ومن بين ما أورده، شارحاً لها، أنه بتاريخ 24/ 9/ 1951 تعاقد مع وزارة الحربية والبحرية - الطاعنة الأولى على أن يورد لها 970 حملاً من التبن وأنها طلبت منه توريد 300 حمل من هذا التبن لسلاح الحدود فورد هذا القدر غير أن سلاح الحدود تراخى في استلامه حتى تلف بسبب هطول الأمطار عليه، واعتبرته وزارة الحربية مسئولاً عن عدم توريد هذا القدر من التبن وعلى هذا الاعتبار استنزلت مما هو مستحق له قبلها قيمة الزيادة في ثمن 300 حمل تبن استوردتها من شخص آخر بدلاً عن التبن الذي تلف - كما استنزلت أيضاً قيمة المصروفات الإدارية التي استلزمها استيراد التبن من هذا الشخص الآخر، وقيمة الغرامة التي وقعتها عليه بواقع 4% من قيمة التبن المقول بأنه تأخر في توريده - وذكر المطعون عليه أن جملة هذه القيم الثلاثية هي مبلغ 130 ج و200 م وطلب الحكم له، على الطاعنين متضامنين، بهذا المبلغ وبطلبات أخرى بينها في الدعوى - دفع الطاعنان دعوى المطعون عليه بالنسبة لهذا المبلغ، بأنه قد حدد لتوريد 300 حمل من التبن لسلاح الحدود، مدة شهر يبدأ من 1/ 11/ 1951 ولما لم يقم المطعون عليه بالتوريد أخطره سلاح الحدود في 21/ 1/ 1952 بأنه إن لم يورد التبن في خلال أسبوع فإن سلاح الحدود سيضطر إلى شراء 300 حمل من التبن على حسابه، وإذ لم يقم المطعون عليه بتوريد التبن على الرغم من هذا الإخطار، فقد أجريت مناقصة لتوريد هذا التبن رست على متعهد آخر بسعر قدره 2 ج و350 م. للحمل الواحد أي بزيادة 105 م. عن السعر الذي قبله المطعون عليه وقد قام هذا المتعهد بتوريد التبن وقبض ثمنه ومن أجل ذلك استنزلت وزارة الحربية، عملاً بنصوص التعاقد من المبالغ الأخرى استحقت عليها للمطعون عليه، قيمة الزيادة في ثمن هذا التبن ثم قيمة المصروفات الإدارية والغرامة - وذكرت الوزارة أن قيمة المصروفات التي استنزلتها هي 57 جنيهاً و93 مليماً ولم تنازع فيما قرره المطعون عليه من أن قيمة الغرامة هي 28 جنيهاً و200 مليم وقالت إن ما زعمه المطعون عليه من أن سلاح الحدود تراخى في استلام التبن حتى تلف غير صحيح وبتاريخ 11/ 11/ 1956 حكمت المحكمة بإلزام وزارة الحربية والبحرية - وحدها بأن تدفع للمطعون عليه قيمة الغرامة والمصروفات الإدارية التي استنزلها وقدرتها بمبلغ 85 جنيهاً و293 مليماً - أما الزيادة في ثمن التبن الذي استوردته الوزارة من متعهد آخر فقد حكمت المحكمة برفض دعوى المطعون عليه بالنسبة لها - وأسست المحكمة قضاءها برفض الدعوى بالنسبة لهذه الزيادة على أن المطعون عليه هو الذي أخل بالتزامه المتعلق بتوريد 300 حمل تبن لسلاح الحدود وأنه يقيم دليل من الأوراق على ما قرره من أنه ورد هذا القدر ثم هطلت الأمطار وأتلفته نتيجة تقاعس سلاح الحدود عن الاستلام - وأقامت قضاءها برد الغرامة والمصروفات الإدارية على أنهما يستحيلان في النهاية إلى تعويض لا تستحقه الوزارة إلا إذا كانت قد لحقها ضرر من عدم قيام المطعون عليه بتوريد التبن وهو ما لم يقم عليه دليل في الدعوى - استأنفت الطاعنة الأولى - وزارة الحربية والبحرية - هذا الحكم بالاستئناف رقم 962 سنة 74 ق القاهرة طالبة إلغاء الحكم المستأنف ورفض دعوى المطعون عليه وذلك لنفس الأسباب التي دفعت بها الدعوى أمام محكمة الدرجة الأولى وكذلك استأنف المطعون عليه هذا الحكم طالباً القضاء له بكامل طالباته، وقيد استئنافه برقم 1048 سنة 74 ق القاهرة - ضمت المحكمة الاستئنافين وبتاريخ 21/ 12/ 1958 حكمت برفضهما وبتأييد الحكم المستأنف - طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة طلبت فيها إحالة الطعن إلى دائرة المواد المدنية والتجارية لنقض الحكم المطعون فيه. عرض الطعن على دائرة فحص الطعون، وبتاريخ 22/ 4/ 1962 قررت إحالته إلى دائرة المواد المدنية والتجارية - وبعد استيفاء الإجراءات التالية للإحالة حدد لنظر الطعن أمام هذه الدائرة جلسة 31/ 10/ 1963 وفيها صممت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إنه لما كان يبين من الحكم المطعون فيه أن الطاعن الثاني (سلاح الحدود) لم يقض عليه بشيء فإن الطعن المرفوع منه لا يكون مقبولا.
وحيث إنه بالنسبة للطاعنة الأولى فقد استوفى الطعن أوضاعه الشكلية.
وحيث إنه مما تنعاه هذه الطاعنة على الحكم المطعون فيه، خطأه في تطبيق القانون ذلك أنه استند في إلزامها برد قيمة غرامة التأخير والمصروفات الإدارية إلى أن الغرامة والمصروفات تستحيل في النهاية إلى تعويض لا يقوم الحق فيه للوزارة، إلا إذا كان قد لحقها ضرر من عدم قيام المطعون عليه بتنفيذ تعهداته وهو أمر لم يقم عليه دليل في الدعوى - هذا في حين أن عقد التوريد أساس الدعوى هو عقد إداري تحكمه أصول القانون الإداري دون أحكام القانون المدني وأبرز خصائص العقود الإدارية الاتفاق فيها على غرامة معينة يلزم بها المتعاقد للإدارة إذا ما أهمل في تنفيذ التزامه - وهذه الغرامة تحدد مقدماً عند التعاقد ويحق للإدارة أن توقعها مباشرة بإجراء من جانبها دون حاجة إلى إثبات أن ضرراً ما قد أصابها كذلك فإن للإدارة أن تستأدي المصروفات الإدارية المتفق عليها في عقد التوريد كاملة باعتبار أن المبلغ المحدد يمثل النفقات التي تحملتها بسبب إعادة المناقصة لشراء الكميات التي تخلف المطعون عليه عن توريدها ودون أن تلزم في هذه الحالة بإثبات ما تكبدته فعلاً من المصاريف في سبيل ذلك.
وحيث عن العقد أساس الدعوى، على ما يبين من حكم محكمة الدرجة الأولى الذي أيده الحكم المطعون فيه وأخذ بأسبابه، مبرم بين المطعون عليه وبين إدارة العقود والمشتريات بوزارة الحربية والبحرية، وقد تعهد المطعون عليه بمقتضاه بتوريد 970 حملاً من التبن، بعضها لحرس الملك السابق والبعض الآخر لسلاح الحدود، وأودع مبلغ 216 جنيهاً و775 مليماً تأميناً وتم التعاقد بينه وبين الوزارة عن طريق مناقصة رست عليه - ويبين من شروط هذه المناقصة المقدمة صورتها بملف الطعن، أنه نص في الفقرة الثانية من البند الثامن منها على أن التبن الذي يورده المطعون عليه تفحصه لجنة من مندوبي الوزارة، ولا حق للمطعون عليه في الاعتراض على تصرفات هذه اللجنة - ونص في الفقرة الرابعة من هذا البند على أن الوزارة إذا رفضت بعض الأصناف المقدمة من المطعون عليه كان لها أن تشتري أصنافاً على حسابه بدلاً من المرفوضة وذلك بالطريقة التي تراها صالحة - وتقضي الفقرة الخامسة من هذا البند بأنه إذا لم يورد المطعون عليه أي صنف من الأصناف في الميعاد المحدد، فللوزارة بموجب خطاب مسجل وبدون حاجة إلى تنبيه أو إنذار أو إلى الالتجاء إلى القضاء، أن تمد ميعاد التوريد وتخصم من الثمن غرامة قدرها 1% عن كل أسبوع أو جزء من أسبوع يمضى بين الميعاد المحدد بالعقد وبين ميعاد التوريد الفعلي على شرط ألا يزيد مجموع الخصم على 4% من قيمة الأصناف التي حصل التأخير في توريدها أو أن تشتري هذه الأصناف من متعهد آخر وعندئذ يلتزم المطعون عليه للوزارة بما يزيد في الثمن ويكون لها أن تخصم أيضاً 10% من قيمة فرق الثمن كمصاريف إدارية دون أن يخل ذلك بحقها في خصم الغرامة سالفة الذكر - وهذا كله بمجرد حصول التأخير وبدون حاجة إلى تنبيه أو إنذار أو الالتجاء إلى القضاء أو ضرورة لإثبات الضرر وتنص الفقرة الثانية من البند التاسع على أن جميع المبالغ التي تستحق للوزارة على المطعون عليه طبقاً لما تقدم، تخصمها مما يكون مستحقاً له قبلها بموجب هذا التعاقد أو أي تعاقد آخر أو من التأمينات وذلك بمجرد استحقاق هذه المبالغ وبدون حاجة إلى تنبيه أو إنذار أو الالتجاء إلى القضاء - وأخيراً نص في الفقرة الثالثة من البند الحادي عشر من هذه الشروط على أنه بمجرد إلغاء العقد لأي سبب من الأسباب يصادر التأمين المودع من المطعون عليه لحساب الوزارة وذلك بدون إخلال بحقها في المطالبة بالتعويض نظير الأضرار التي تحدث من عجز المطعون عليه عن تنفيذ العقد - ولما كان هذا العقد وقد أبرم بين المطعون عليه وإحدى جهات الإدارة (وزارة الحربية والبحرية) بشأن توريد مادة لازمة لتسيير مرفق عام واحتوى على شروط غير مألوفة في القانون الخاص، على ما سلف بيانه، فإن هذا العقد يعتبر عقداً إدارياً تحكمه أصول القانون الإداري دون أحكام القانون المدني. ولما كانت هذه الأصول تقضي بأن غرامات التأخير التي ينص عليها في العقود الإدارية تختلف في طبيعتها عن الشرط الجزائي في العقود المدنية إذ أن هذه الغرامات جزاء قصد به ضمان وفاء المتعاقد مع الإدارة بالتزامه في المواعيد المتفق عليها حرصاً على سير المرفق العام بانتظام واطراد، وفي سبيل تحقيق هذه الغاية يحق للإدارة أن توقع الغرامة المنصوص عليها في تلك العقود من تلقاء نفسها ودون حاجة لصدور حكم بها وذلك بمجرد وقوع المخالفة التي تقررت الغرامة جزاءاً لها كما أن للإدارة أن تستنزل قيمة الغرامة من المبالغ التي تكون مستحقة في ذمتها للمتعاقد المختلف ولا يتوقف استحقاق الغرامة على ثبوت وقوع ضرر للإدارة من جراء إخلال هذا المتعاقد بالتزامه ومن ثم فلا تلتزم بإثبات هذا الضرر كما لا يجوز للطرف الآخر أن ينازع في استحقاقها للغرامة كلها أو بعضها بحجة انتفاء الضرر أو المبالغة في تقدير الغرامة في العقد لدرجة لا تتناسب مع قيمة الضرر الحقيقي - وكما أن للإدارة سلطة توقيع الغرامة عند التأخير في تنفيذ الالتزام فإن لها أيضاً سلطة التنفيذ المباشر بأن تحل بنفسها محل المتعاقد المختلف أو المقصر في تنفيذ الالتزام أو تعهد بتنفيذه إلى شخص آخر ويتم هذا الإجراء على حساب ذلك المتعاقد فيتحمل جميع نتائجه المالية ومن هذه النتائج المصروفات التي تتكبدها الإدارة في عملية الشراء من متعهد آخر فإذا نص في العقد على طريقة تحديد هذه المصاريف حق للإدارة اقتضاءها كاملة على هذا الأساس دون أن تطالب بإثبات ما أنفقته منها فعلاً - لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه إذ استلزم لاستحقاق الطاعنة للغرامة والمصروفات الإدارية المتفق عليها في العقد أن يثبت حصول ضرر لها من جراء إخلال المطعون عليه بالتزامه الخاص بتوريد التبن، وإذ رتب على عدم ثبوت هذا الضرر قضاءه بإلزام الطاعنة برد قيمة هذه الغرامة والمصروفات للمطعون عليه يكون قد خالف القانون بما يستوجب نقضه في هذا الخصوص.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه ولما سلف يتعين رفض دعوى المطعون عليه بالنسبة للغرامة والمصروفات الإدارية.

الطعن 238 لسنة 29 ق جلسة 21 / 11 / 1963 مكتب فني 14 ج 3 ق 153 ص 1073

جلسة 21 من نوفمبر سنة 1963

برياسة السيد/ محمود عياد رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمود توفيق إسماعيل، وأميل جبران، وإبراهيم الجافي، وصبري فرحات.

------------------

(153)
الطعن رقم 238 لسنة 29 القضائية

نزع الملكية للمنفعة العامة. "تعويض". "تقديره".
عدم جواز التجاء المالك مباشرة إلى المحكمة لطلب التعويض عند عدم الاتفاق عليه، شرطه أن تكون جهة الإدارة قد اتبعت الإجراءات التي أوجبها القانون لتقدير التعويض، عدم التزام الإدارة هذه الإجراءات واستيلائها بالفعل على العقار دون اتفاق مع المالك على التعويض، للمالك في هذه الحالة أن يلجأ بعد انقضاء المواعيد المحددة للانتهاء من إجراءات تقدير التعويض إلى المحكمة وبطلب منها تقديره بمعرفة أهل الخبرة.

----------------
يبين من نصوص القانون رقم 5 لسنة 1907 بشأن نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة أن المشرع في سبيل توفير الضمانات الكافية لحماية حق الملكية وصيانة حقوق ذوي الشأن قد حرص على أن يتم الاتفاق على التعويضات المستحقة عن نزع الملكية أو تقديرها بمعرفة أهل الخبرة في حالة عدم حصول الاتفاق وإيداع هذه التعويضات على ذمة مستحقيها في ميعاد قصير عقب نزع الملكية وقبل الاستيلاء الفعلي. وإذا كان مقتضى أحكام هذا القانون أنه لا يجوز لذوي الشأن الالتجاء مباشرة إلى المحكمة لطلب التعويض المستحق عن نزع الملكية عند عدم الاتفاق عليه، إلا أن هذا الحظر مشروط بأن تكون جهة الإدارة قد اتبعت من جانبها الإجراءات التي أوجب القانون اتباعها لتقدير التعويض في هذه الحالة، فإذا لم تلتزم هذه الإجراءات واستولت فعلاً على العقار المنزوعة ملكيته ولم يحصل اتفاق بينها وبين المالك على التعويض المستحق عن نزع الملكية ثم انقضت المواعيد التي حددها القانون للانتهاء من إجراءات تقدير التعويض في حالة عدم الاتفاق عليه دون أن يصل إلى المالك أي إخطار من الخبير يمكن أن يتحقق به علمه بأن جهة الإدارة نازعة الملكية قد سلكت فعلاً الطريق الذي ألزمها القانون اتباعه لتقدير التعويض في تلك الحالة فإنه يكون لهذا المالك أن يلجأ إلى المحكمة المختصة ويطلب منها تقدير هذا التعويض بذات الوسيلة التي عينها القانون وهى تقديره بمعرفة أهل الخبرة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أنه في 2 من ديسمبر سنة 1954 أقام المطعون عليه أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية الدعوى رقم 2183 سنة 1954 مدني كلي ضد الطاعنين وضمن صحيفتها أنه بتاريخ 28 من يوليه سنة 1953 استولى هؤلاء الطاعنون على 12259.57 ذراعاً مربعاً من أرضه الفضاء الكائنة بجهة الإبراهيمية بمحافظة الإسكندرية وذلك تنفيذاً لأمر استيلاء صدر من وزير المالية في 22 من إبريل سنة 1953 تبعه قرار من وزير المعارف العمومية برقم 12071 في 6 من مايو سنة 1954 بنزع ملكية القدر المستولى عليه لإنشاء مدرستين وبتاريخ 26 من أكتوبر سنة 1953 تلقى المدعي خطاباً من الطاعن الثاني يبلغه فيه بتحديد مبلغ 750 مليماً ثمناً للذراع المربع الواحد من الأرض المنزوعة ملكيتها فرد معترضاً على هذا التقدير وبتاريخ 27 من يوليه سنة 1954 تلقى إخطاراً من محافظ الإسكندرية بتحديد يوم 2 من أغسطس سنة 1954 للممارسة على الثمن وقد حضر وكيل عنه في هذه الجلسة ولم يتم الاتفاق على هذا الثمن حيث أصرت لجنة الممارسة على التقدير السابق ورفضه وكيله - ولم يأبه الطاعنون لهذا الرفض ولم يتبعوا الإجراءات التي أوجب عليهم قانون نزع الملكية اتباعها في حالة عدم الاتفاق على التعويض فاضطر لرفع هذه الدعوى وانتهى فيها إلى طلب الحكم بتعيين خبير لتقدير الثمن المناسب للأرض المنزوعة ملكيتها وإلزام الطاعنين بما يثبت أنه ثمن المثل لهذه الأرض وفوائده القانونية من تاريخ الاستيلاء الفعلي الحاصل في 28 يوليه سنة 1953 حتى السداد - وبتاريخ 9 فبراير سنة 1955 أصدرت المحكمة الابتدائية حكماً بندب خبير هندسي لتقدير الثمن المناسب لتلك الأرض وقت الاستيلاء عليها - وأثبتت المحكمة في أسباب حكمها هذا أن المدعي (المطعون عليه) أخذ على المدعى عليهم (الطاعنين) عدم اتباعهم الإجراءات التي رسمها القانون في حالة عدم الاتفاق على تقدير الثمن وأن الحاضر عنهم لم ينكر على المدعي صحة هذا القول بل إنه على عكس ذلك وافق على ندب خبير لتقدير الثمن وبعد أن قدم الخبير تقديره أخذت المحكمة بالتقدير الذي انتهى إليه وحكمت في أول ديسمبر سنة 1955 بإلزام الطاعنين بصفاتهم بأن يدفعوا للمطعون عليه مبلغ 33298 جنيهاً و710 مليمات والفوائد بسعر 4% سنوياً من 28/ 7/ 1953 حتى تمام السداد. وقد استأنف الطاعنون هذا الحكم لدى محكمة استئناف الإسكندرية وقيد استئنافهم برقم 496 سنة 11 قضائية كما أقام المطعون عليه استئنافاً فرعياً طلب فيه زيادة التعويض المقضي له به إلى مبلغ 36778 جنيهاً و710 مليمات وأثناء نظر الاستئنافين دفع الطاعنون ولأول مرة بعدم قبول دعوى المطعون عليه لرفعها مباشرة أمام المحكمة دون اتباع ما يقضى به قانون نزع الملكية رقم 5 لسنة 1907 وبتاريخ 31 يناير سنة 1959 حكمت محكمة الاستئناف بقبول الاستئنافين الأصلي والفرعي شكلاً وفي الموضوع برفضهما وتأييد الحكم المستأنف - وردت في أسباب حكمها على الدفع سالف الذكر بأن موافقة المستأنفين (الطاعنين) على ما طلبه المستأنف عليه (المطعون عليه) أمام المحكمة الابتدائية بجلسة 9 فبراير سنة 1955 من ندب خبير لتقدير ثمن أرض النزاع تعتبر تنازلاً منهم عن الدفع وتسقط حقهم فيه فضلاً عن عدم وجود مصلحة لهم في التمسك بهذا الدفع - وبتاريخ 23 مارس سنة 1959 طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 3 مارس سنة 1962 وفيها صممت النيابة على المذكرة التي قدمتها وانتهت فيها إلى طلب نقض الحكم وقررت دائرة الفحص إحالة الطعن إلى هذه الدائرة وبعد استيفاء الإجراءات التالية للإحالة حدد لنظره جلسة 31 أكتوبر سنة 1963 وفيها تمسكت النيابة برأيها السابق.
وحيث إن الطعن بني على سبب واحد حاصله أن الحكم المطعون فيه أخطأ في القانون بقضائه برفض الدفع الذي أبداه الطاعنون أمام محكمة الموضوع بعدم قبول دعوى المطعون عليه لرفعها بالمخالفة لأحكام قانون نزع الملكية برقم 5 لسنة 1907 - وفي بيان هذا الخطأ يقول الطاعنون إنه في 6 من مايو سنة 1954 صدر قرار وزاري رقم 12071 بنزع ملكية 12259.57 ذراعاً مربعاً مملوكة للمطعون عليه وقد اتخذت جميع الإجراءات التي نص عليها القانون المذكور فانعقدت في 2 أغسطس سنة 1954 لجنة الممارسة المنصوص عليها في المادة السادسة من هذا القانون وحضر الاجتماع وكيل المطعون عليه ولما لم يقبل التقدير الذي قدرته اللجنة وهو 750 مليماً للذراع الواحد أحال المحافظ أوراق الموضوع إلى رئيس محكمة الإسكندرية الابتدائية وفقاً لما تقضي به المادة التاسعة وبتاريخ 17 من أغسطس سنة 1954 عين رئيس المحكمة خبيراً لتقدير ثمن العقار المنزوع ملكيته وذلك طبقاً لحكم المادة العاشرة ولما كان كل ما للمالك المنزوعة ملكيته في هذه الحالة هو الطعن في تقدير الخبير أمام المحكمة الابتدائية إذا لم يرتض هذا التقدير فإذا لم يحصل هذا الطعن في الميعاد المحدد في المادة العشرين يصبح التقدير نهائياً، وإذ كان المطعون عليه قد تجاهل ما تم من إجراءات ولم يسلك الطريق الذي رسمه له القانون وأقام دعواه مباشرة أمام المحكمة طالباً من جديد تعيين خبير لتقدير ثمن عقاره المنزوع ملكيته فإن دعواه هذه تعتبر بمثابة طفن غير مباشرة في القرار الذي أصدره رئيس المحكمة بتعيين الخبير وهذا الطعن غير جائز طبقاً لنص المادة الحادية عشرة من القانون رقم 5 لسنة 1907 التي تقضي بأنه لا يقبل طعن ما في أمر رئيس المحكمة القاضي بتعيين أهل الخبرة - ومن ثم فإن محكمة الموضوع إذ رفضت الدفع وقبلت دعوى المطعون عليه تكون قد خالفت أحكام القانون سالف الذكر. وليس للمطعون عليه أن يحتج بأنه لم يعلم بقرار رئيس المحكمة القاضي بتعيين الخبير ذلك أن المادة الثانية عشرة لا تستلزم إعلانه بهذا القرار ويعتبر علمه به مفروضاً وكان عليه أن ينتظر حتى يخطره الخبير بالحضور أمامه وحتى يقدم هذا الخبير تقريره وعندئذ فقط يحق له الطعن في هذا التقدير أمام المحكمة - ويضيف الطاعنون أن ما قرره الحكم في تأسيس رفضه للدفع بعدم القبول من أن عدم اعتراضهم على ندب الخبير الذي طلب المطعون عليه في دعواه تعيينه تعتبر قبولاً منهم لندبه ويفيد تنازلهم عن التمسك بذلك الدفع - هذا الذي قرره الحكم غير صحيح في القانون ذلك أن الأمر لا يتعلق بحق من الحقوق التي يجوز التنازل عنها وإنما هو متعلق بإجراءات ومواعيد طعن معينة نص عليها قانون خاص هو القانون رقم 5 لسنة 1907 وهى تعتبر من النظام العام لتعلقها بنظام التقاضي هذا إلى أن التنازل عن الحق في التمسك بالدفع - برفض جوازه لا يفترض بل يجب أن يكون صريحاً ولا يعتبر إذعانهم لحكم المحكمة بتعيين الخبير وتنفيذهم هذا الحكم قبولاً منهم له أو تنازلاً عن التمسك بدفعهم.
وحيث إن القانون رقم 5 لسنة 1907 بشأن نزع ملكية العقارات للمنافع العامة الذي يحكم النزاع المطروح قد أوجب على الجهة نازعة الملكية اتباع إجراءات معينة في حالة عدم الوصول إلى اتفاق مع المالك على التعويض المستحق عن نزع الملكية فنص في المادة التاسعة على أن يحرر المدير أو المحافظ عقب اجتماع لجنة الممارسة كشفاً بأسماء ومحل إقامة الملاك الذين تأخروا عن الحضور أو الذين لم يحصل الاتفاق معهم على الثمن ويبين فيه العقارات المنزوعة ملكيتها ويرسله إلى رئيس المحكمة المختصة مع الأمر العالي (القاضي بنزع الملكية) وباقي الأوراق - وأوجب في المادة العاشرة على رئيس المحكمة أن يعين من تلقاء نفسه في ظرف الثلاثة أيام التالية ليوم ورود هذه الأوراق واحداً أو ثلاثة من أهل الخبرة بحسب أهمية المسألة لتثمين العقارات المبينة في الكشف المتقدم ذكره وقيمة التعويضات التي تكون مستحقة لذوي الشأن الآخرين وأن يحدد في أمر التعيين الميعاد الذي يجب على أهل الخبرة تقديم تقريرهم فيه بحيث لا يجوز أن يتجاوز هذا الميعاد خمسة عشر يوماً ونصت المادة الحادية عشرة على أنه لا يقبل طعن ما في أمر رئيس المحكمة وعلى أن يؤدي أهل الخبرة اليمين أمامه ويعين في المحضر اليوم والساعة اللذين تبتدئ فيهما معاينة أهل الخبرة ونصت المادة الثانية عشرة على أنه لا يتحتم إعلان الطرفين بأمر التعيين ولا بمحضر تحليف اليمين وإنما يجب على أهل الخبرة قبل الشروع في المعاينة بستة أيام على الأقل أن يخطروا الطرفين بإفادة مسجله "بالبوستة" حتى يتيسر لهما الحضور في المعاينة إذا أرادا ويجب أن يرفق بالتقرير وصل "البوستة" عن كل إفادة - وتراعى القواعد الأخرى المقررة لأعمال أهل الخبرة في قانون المرافعات ونصت المادة السادسة عشرة على أن يرسل رئيس المحكمة تقرير أهل الخبرة مع الأوراق إلى المدير أو المحافظ وأوجبت المادة السابعة عشرة إعلان طالب نزع الملكية في الحال بإرسال ذلك التقرير وألزمته إيداع الثمن الذي قدره أهل الخبرة في خزينة المحكمة ودفع المصاريف التي يستوجبها هذا الإيداع وتقضي المادة الثامنة عشرة بعد تعديلها بالقانون رقم 384 لسنة 1953 والمادة التاسعة عشرة بأن يصدر الوزير المختص عند إطلاعه على شهادة إيداع الثمن قراراً بالاستيلاء على العقار المنزوعة ملكيته وأن يعلن هذا القرار إدارياً إلى كل من ذوي الشأن مع تكليفهم بالتخلي عن العقارات في ميعاد خمسة عشر يوماً ومتى انقضى هذا الميعاد يجوز أخذها ولو بالقوة وأجازت المادة العشرون للطرفين الطعن في عمل أهل الخبرة بالطرق المعتادة أمام المحكمة الابتدائية وذلك خلال الثلاثين يوماً التالية ليوم إعلان القرار الوزاري. ومتى انقضى هذا الميعاد بغير طعن يصبح عمل أهل الخبرة نهائياً - ويبين من النصوص المتقدمة أن المشرع في سبيل توفير الضمانات الكافية لحماية حق الملكية وصيانة حقوق ذوي الشأن قد حرص على أن يتم الاتفاق على التعويضات المستحقة عن نزع الملكية أو تقديرها معرفة أهل الخبرة في حالة عدم حصول الاتفاق وإيداع هذه التعويضات على ذمة مستحقها في ميعاد قصير عقب نزع الملكية وقبل الاستيلاء الفعلي وهذا ما لم يحصل - الاستيلاء بقرار وزاري قبل نزع الملكية طبقاً لأحكام الاستيلاء المؤقت الواردة في المواد 22 و23 و24 - وإذ كان المشرع لم يحتم إعلان المالك المنزوعة ملكيته بالأمر الصادر من رئيس المحكمة بتعيين الخبير فما ذلك إلا لأنه وجد فيما استوجبه من إخطار الخبير إياه قبل البدء في المعاينة بستة أيام على الأقل غناء عن ذلك الإعلان وبخاصة بعد أن حدد المشرع الميعاد الذي لا يجوز للخبير أن يجاوزه في إتمام عملية التقدير بخمسة عشر يوماً. مما يترتب عليه لو اتبعت أحكام القانون أن يعلم المالك بأمر تعيين الخبير خلال هذه المدة على الأكثر وتقديراً من المشرع لأهمية هذا الإخطار اشترط حصوله بكتاب موصي عليه كما أوجب على الخبير أن يرفق بتقريره إيصال البريد الخاص به وذلك للتحقيق من قيام الخبير بهذا الإجراء ولضمان وصول الأخطار إلى ذوي الشأن - وإذا كان القانون رقم 5 لسنة 1907 واجب الاتباع فيما نص عليه فيه وكان مقتضى أحكامه المتقدم ذكرها أنه لا يجوز لذوي الشأن الالتجاء مباشرة إلى المحكمة لطلب التعويض المستحق عن نزع الملكية عند عدم الاتفاق عليه إلا أن هذا الحظر مشروط بأن تكون جهة الإدارة قد اتبعت من جانبها الإجراءات التي أوجب عليها القانون اتباعها لتقدير التعويض في هذه الحالة فإذا لم تلتزم هذه الإجراءات واستولت فعلاً على العقار المنزوعة ملكيته ولم يحصل اتفاق بينها وبين المالك على التعويض المستحق عن نزع الملكية ثم انقضت المواعيد التي حددها القانون للانتهاء من إجراءات تقدير التعويض في حالة عدم الاتفاق عليه دون أن يصل إلى المالك أي أخطار من الخبير يمكن أن يتحقق به علمه بأن جهة الإدارة نازعة الملكية قد سلكت فعلاً الطريق الذي ألزمها القانون اتباعه لتقدير التعويض في تلك الحالة فإنه يكون لهذا المالك أن يلجأ إلى المحكمة المختصة ويطلب منها تقدير هذا التعويض بذات الوسيلة التي عينها القانون وهى تقديره بمعرفة أهل الخبرة. إذ لا يمكن أن يتطلب من هذا المالك بعد أن نزع ملكه من تحت يده وحرم من ثمرته أن يظل ممنوعاً من المطالبة عن التعويض المستحق له قانوناً إلى أجل لا يعرف مداه على أمل في أن الجهة نازعة الملكية ستتخذ الإجراءات التي أوجب عليها القانون اتخاذها لتقدير التعويض - ولما كان الثابت من تدوينات الحكم الابتدائي الصادر في 9 من فبراير سنة 1955 والقاضي بتعين الخبير والذي أقره الحكم المطعون فيه وأخذ بأسبابه أنه تم الاستيلاء بالفعل على عقار المطعون عليه في 28 من يوليه سنة 1953 بموجب محضر تسليم قدمه إلى المحكمة وأن قرار وزير المعارف بنزع ملكية هذا العقار قد صدر بعد ذلك في 6 من مايو سنة 1954 وأن لجنة الممارسة قد اجتمعت في 2 من أغسطس سنة 1954 بحضور وكيل المطعون عليه ولم يتم الاتفاق على التعويض وأنه منذ هذا التاريخ وحتى رفع المطعون عليه دعواه في 2 من ديسمبر سنة 1954 لم يصله أي إخطار من خبير عين لتقدير التعويض وفقاً لما يقتضيه قانون نزع الملكية بل وأن الحكم الابتدائي سالف الذكر سجل في أسبابه أن الحاضر عن الطاعنين لم ينكر على المطعون عليه ما أخذه عليهم من عدم اتباعهم الإجراءات التي رسمها القانون في حالة عدم الاتفاق على تقدير الثمن - الأمر الذي يفيد أنه حتى 9 فبراير سنة 1955 وهو تاريخ الجلسة التي صدر فيها هذا القول على لسان الحاضر عن الطاعنين - حسبما هو ثابت من الحكم المطعون فيه - لم يكن قد عين خبير من رئيس المحكمة لتقدير التعويض وفقاً لما يقضي به القانون رقم 5 لسنة 1907 - ولا يجدي الطاعنين ما قدموه بملف الطعن من أوراق كانوا قد قدموها لمحكمة الموضوع للتدليل على أن أمراً قد صدر من رئيس محكمة الإسكندرية الابتدائية بتعيين خبير لهذا الغرض ذلك أنه وإن كان من بين هذه الأوراق صورة رسمية لأمر صادر من رئيس محكمة الإسكندرية الابتدائية بتعيين خبير لتقدير التعويض المستحق عن نزع ملكية عقار المطعون عليه إلا أن هذا الأمر لا يحمل تاريخ صدوره ولا يبين منه أنه صدر قبل أن يرفع المطعون عليه دعواه أما باقي الأوراق فإنها عبارة عن ثلاثة إخطارات مرسلة إلى الطاعن الثاني (مفتش المساحة) من الخبير المعين بالأمر المذكور بتحديد موعد مباشرته المأمورية التي ندب لها وهذه الإخطارات تحمل تواريخ 10/ 9/ 1957، 12/ 12/ 1957، 8/ 1/ 1958 على التوالي وأسبق هذه التواريخ لاحق لتاريخ رفع دعوى المطعون عليه بأكثر من سنتين ونصف - ولاحق أيضاً لتاريخ الحكم في الدعوى ابتدائياً - لما كان ما تقدم، فإن الحكم المطعون فيه فيما انتهى إليه من قبول الدعوى لا يكون مخالفاً للقانون ومتى كان سليما في نتيجته في هذا الخصوص فإنه لا يبطله ما يكون قد اشتملت عليه أسبابه المتضمنة الرد على الدفع بعدم القبول من أخطاء قانونية إذ لمحكمة النقض أن تصحح هذه الأسباب بغير أن تنقض الحكم.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس متعيناً رفضه.

الطعن 51 لسنة 37 ق جلسة 30 / 11 / 1971 مكتب فني 22 ج 3 ق 160 ص 955

جلسة 30 من نوفمبر سنة 1971

برياسة السيد المستشار/ بطرس زغلول نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: عباس حلمي عبد الجواد، وإبراهيم علام، وأحمد ضياء الدين حنفي، ومحمود السيد المصري

--------------

(160)
الطعن رقم 51 لسنة 37 القضائية

(أ) حكم "حجية الحكم".
حجية الحكم قاصرة على طرفي الخصومة حقيقة أو حكماً.
(ب) مرافق عامة. "التزام المرافق العامة". "إسقاط التزام المرافق العامة". خلف. حكم. "عيوب التدليل". "ما يعد قصوراً".
التزام المرافق العامة. إسقاطه يضع حداً فاصلاً بين إدارة الملتزم وإدارة الدولة للمرفق. جميع الالتزامات المترتبة في ذمة الملتزم أثناء إدارته تقع عليه وحده ما لم ينص في عقد الالتزام أو غيره على خلاف ذلك. اعتبار الحكم المطعون فيه هيئة النقل العام بمدينة القاهرة خلفاً لشركة الترام بعد إسقاط التزامها وقضاؤه عليها - على هذا الأساس وحده - بجزء من التعويض المحكوم به على الشركة المذكورة. خطأ وقصور.

--------------
1 - حجية الأحكام في المسائل المدنية لا تقوم إلا بين من كان طرفاً فيها حقيقة أو حكماً، بأن كان الخارج عن الخصومة ممثلاً فيها وفقاً لما تقرره القواعد القانونية.
2 - إسقاط الالتزام من شأنه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة (1) - أن يضع حداً فاصلاً بين إدارة الملتزم وإدارة الدولة للمرفق، وتكون جميع الالتزامات المترتبة في ذمته أثناء هذه الإدارة عليه وحده، ولا شأن لجهة الإدارة بها ما لم ينص في عقد الالتزام أو غيره على خلاف ذلك أو كيفية تسوية حقوق الدائنين، وإذ اعتبر الحكم المطعون فيه الطاعنة - هيئة النقل العام بمدينة القاهرة - خلفاً لشركة الترام، وألزمها على هذا الأساس وحده بجزء من التعويض المحكوم به للمطعون عليه الثالث - على الشركة المذكورة - فإنه يكون معيباً بمخالفة القانون وبالقصور في التسبيب.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون عليه الثاني أقام الدعوى رقم 240/ 63 مدني كلي القاهرة ضد شركة التأمين الأهلية (المطعون عليها الأولى) وطلب الحكم بإلزامها في مواجهة محمد القرني عبد المعبود (المطعون عليه الثالث) بأن تدفع له مبلغ 734 ج و300 م، وقال بياناً لدعواه إنه وقع تصادم بين سيارة مملوكة له وبين إحدى عربات الترام أسفر عن وفاة أحمد محمد القرني ابن المطعون عليه الثالث، وقيد ذلك الحادث جنحة برقم 2950/ 61 السيدة زينب ضد قائدي السيارة والترام، وتدخل المطعون عليه الأخير في الجنحة المشار إليها مدعياً بالحقوق المدنية ضد المتهمين وآخرين من بينهم المطعون عليه الثاني، وقضي نهائياً في تلك الجنحة التي قيدت في الاستئناف برقم 3846/ 62 القاهرة بإلزام المدعى عليهم في الدعوى المدنية بأن يدفعوا للمطعون عليه الأخير مبلغ 500 ج، وقال المطعون عليه الثاني أنه إذ حجز عليه في أول ديسمبر سنة 1962 وفاء لمبلغ 534 ج و300 م نفاذاً لذلك الحكم، وكان قد أمن على الحادث لدى المطعون عليها الأولى بما يجعلها المسئولة عن تغطية الضرر المترتب عليه، وكان عدم قيام المطعون عليها الأولى بدفع ذلك التعويض قد أصابه بضرر يقدره بمبلغ 200 ج، فقد أقام الدعوى بطلباته المتقدمة، وأدخلت المطعون عليها الأولى الطاعنة (هيئة النقل العامة لمدينة القاهرة) في الدعوى، وطلبت الحكم بإلزامها بأن تؤدي للمطعون عليه الثالث مبلغ 250 ج قيمة ما ألزمها به الحكم في الجنحة السالفة الذكر مع رفض الدعوى بالنسبة لها فيما جاوز هذا المبلغ واحتياطياً بإلزام الهيئة المذكورة بأن تدفع لها قيمة النصف فيما يقضى به عليها، وبتاريخ 23/ 11/ 1964 قضت محكمة أول درجة في الدعوى الأصلية بإلزام المطعون عليها الأولى بأن تدفع للمطعون عليه الثاني مبلغ 533 ج و300 م وفي دعوى الضمان بإلزام الطاعنة بأن تدفع للمطعون عليها الأولى مبلغ 125 ج. استأنفت المطعون عليها الأولى هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 188/ 82 ق، كما استأنفته الطاعنة بالاستئناف رقم 206/ 82 ق، وبتاريخ 29 يناير سنة 1966 قضت محكمة الاستئناف في الدعوى الأصلية بتأييد الحكم المستأنف وفي دعوى الضمان بتعديل ذلك الحكم إلى إلزام الطاعنة بأن تدفع للمطعون عليها الأولى مبلغ 178 ج. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وفي الجلسة المحددة لنظر الطعن تمسكت النيابة بهذا الرأي.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه، مخالفة القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك تقول إن الحكم أقام قضاءه بمساءلتها عن التعويض الذي صدر به الحكم في الجنحة رقم 3846/ 62 س القاهرة على ما ذهب إليه هذا الحكم الأخير من أن مسئولية شركة ترام القاهرة تمتد إلى الطاعنة باعتبارها خلفاً لها، وترى الطاعنة أنه إذ فات الحكم المطعون فيه أن المدعي بالحقوق المدنية (المطعون عليه الأخير) في الجنحة المشار إليها كان قد تنازل عن مخاصمة الطاعنة في تلك الجنحة واختصم بدلا ًمنها الحارس العام على شركة ترام القاهرة الذي حكم عليه بالتعويض، وأنها لا تعتبر بالتالي خلفاً لشركة الترام بعد أن أسقط الالتزام بإدارة مرفق ترام القاهرة عن هذه الأخيرة بمقتضى القانون رقم 123/ 1961 وهو ما لا يجوز معه الحكم في الجنحة المتقدمة الذكر أية حجية قبلها، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد خالف القانون وشابه القصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي صحيح، ذلك أن الثابت من الحكم المطعون فيه أن الطاعنة تمسكت أمام محكمة الاستئناف بأن الحادث موضوع الدعوى قد وقع أثناء إدارة شركة ترام القاهرة لمرفق النقل بالترام وقبل إسقاط الالتزام بإدارته عنها بمقتضى القانون رقم 123 لسنة 1961، وأنها لا تسأل تبعاً لذلك عن التعويض عن الحادث موضوع الجنحة رقم 3846/ 62 س القاهرة، لأن المتسبب في ذلك الحادث لم يكن تابعاً لها وقت وقوعه، وإذ كان الثابت من الاطلاع على أوراق الجنحة المشار إليها والتي كانت من بين أوراق الدعوى أمام محكمة الاستئناف أن المطعون عليه الثالث كان قد ادعى مدنياً بطلب الحكم بتعويضه عما أصابه من ضرر بسبب وفاة ولده ضد المتهمين في تلك الجنحة وضد المطعون عليها الأولى وضد الطاعنة ثم تنازل بجلسة 17/ 10/ 1962 عن مخاصمة هذه الأخيرة وخاصم بدلاً منها الحارس العام على شركة ترام القاهرة، وقد صدر الحكم بالتعويض ضد هذا الأخير بصفته المذكورة في الجنحة المشار إليها، ولما كانت حجية الأحكام في المسائل المدنية لا تقوم إلا بين من كان طرفاً فيها حقيقة أو حكماً، بأن كان الخارج عن الخصومة ممثلاً فيها وفقاً لما تقرره القواعد القانونية، وكان إسقاط الالتزام من شأنه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن يضع حداً فاصلاً بين إدارة الملتزم وإدارة الدولة للمرفق، وتكون جميع الالتزامات المترتبة في ذمته أثناء هذه الإدارة عليه وحده ولا شأن لجهة الإدارة بها ما لم ينص في عقد الالتزام أو غيره على خلاف ذلك أو كيفية تسوية حقوق الدائنين، لما كان ذلك فإنه لا يكون للحكم الجنائي الصادر بالتعويض في الجنحة المتقدمة الذكر أي حجية على الطاعنة أياً كان ما ورد تزيداً في أسبابه بشأن امتداد مسئولية شركة الترام إليها، ما دامت الطاعنة لم تكن مختصمة في تلك الجنحة على النحو الذي سلف بيانه، وإذ اعتبر الحكم المطعون فيه الطاعنة خلفاً لشركة الترام وألزمها على هذا الأساس وحده بجزء من التعويض المحكوم به للمطعون عليه الثالث، فإنه يكون معيباً بمخالفة القانون وبالقصور في التسبيب بما يستوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.


(1) نقض 4/ 5/ 1966، 21/ 12/ 1966 مجموعة المكتب الفني س 17 ص 1011، ص 1974.