الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 10 يونيو 2023

الطعن 204 لسنة 28 ق جلسة 20 / 6 / 1963 مكتب فني 14 ج 2 ق 125 ص 878

جلسة 20 من يونيه سنة 1963

برياسة السيد المستشار/ الحسيني العوضي، وبحضور السادة المستشارين: محمود القاضي، ومحمود توفيق إسماعيل، وأميل جبران، وحافظ محمد بدوي.

-----------------

(125)
الطعن رقم 204 لسنة 28 القضائية

(أ) نقض. "إعلان الطعن". إعلان "أوراق المحضرين" "بياناتها".
لا يلزم في البيان الخاص باسم المعلن أكثر من ذكر الاسم واللقب (م10 مرافعات) لا تأثير لما يقع من خطأ في بيانات الاسم في صيغة إعلان الطعن على صحته ما دام أنه قد استوفى هذا البيان في صدره. بيانات الورقة المعلنة تكمل بعضها بعضاً.
(ب) حجز "حجز ما للمدين لدى الغير". "إلزام المحجوز لديه بدين الحاجز".
شرط إلزام المحجوز لديه بدين الحاجز في حالة تقريره غير الحقيقة ثبوت مديونيته وقت التقرير وعلمه بثبوتها ومقدارها وتعمده مجانبة الحقيقة بتقريره بأقل من الدين الذي يعلم باشتغال ذمته به أو إقراره بعدم مديونيته أصلاً.
(ج) حكم "حجية الحكم" "مناطها". "إثبات". "حجية الأمر المقضي".
الحكم بالملكية لا يرتب بذاته انشغال ذمة المحكوم ضده بالملكية بالريع ولا يسد في وجهه السبيل في المنازعة في هذا الريع إذا ما طولب به. الحكم لا يكون حجة إلا بما فصل فيه من الحقوق.
(د) حكم "حجية الحكم". دعوى. "جمع دعويين في صحيفة واحدة".
حجية الحكم قاصرة على طرفي الخصومة. الحكم للشريط في الملكية بالريع عن حصته لا يعتبر حجة على المحكوم ضده بالنسبة للريع المستحق لباقي الشركاء، ما دام أنهم لم يختصموا في دعوى الريع. لا يغير من ذلك اختصامهم في القضية التي صدر فيها الحكم بالريع ما دام أن اختصامهم كان مقصوراً على دعوى المطالبة بسند. جمع الدعويين في صحيفة واحدة لا ينفي استقلال كل منهما عن الأخرى.
(هـ) حجز "حجز ما للمدين لدى الغير" "الحكم بصحة الحجز".
حجية الحكم بصحة الحجز الصادر في مواجهة المحجوز لديه قاصرة على صحة إجراءات الحجز. حصول الحاجز على حكم انتهائي بصحة الحجز لا يترتب عليه ثبوت مديونية المحجوز لديه للمحجوز عليه. ليس للمحكمة التي تنظر دعوى صحة الحجز أن تبحث في حق المحجوز عليه في ذمة المحجوز لديه أو تقضي بثبوته.

---------------
1 - لا توجب المادة 10 من قانون المرافعات في البيان الخاص باسم الطالب أكثر من ذكر الاسم واللقب. فإذا كان تقرير الطعن الذي أعلن للمطعون عليه قد استوفى هذا البيان في صدره فإن وقوع الخطأ في صيغة الإعلان ليس من شأنه أن يجهل بالطاعن ولا يؤثر على صحته لأن بيانات الورقة المعلنة مكملة لبعضها.
2 - يشترط لتوقيع الجزاء المقرر في المادة 566 من قانون المرافعات وإلزام المحجوز لديه بدين الحاجز في حالة تقريره غير الحقيقة أن تكون مديونيته للمحجوز عليه ثابتة وقت التقرير وأن يكون المحجوز لديه على علم بثبوتها وبمقدارها وأنه تعمد مجانبة الحقيقة بأن أقر بأقل من الدين الذي يعلم بانشغال ذمته به أو أقر بأنه غير مدين أصلاً.
3 - الحكم بالملكية وإن جاز اتخاذه أساساً لطلب الريع إلا أنه لا يرتب بذاته انشغال ذمة المحكوم ضده بالملكية بهذا الريع ولا يسد في وجهه السبيل في المنازعة في هذا الريع إذا ما طولب به لأن الأحكام لا تكون حجة إلا بما فصلت فيه من الحقوق.
4 - الحكم الصادر ضد مورث الطاعنين بالريع المستحق في ذمته للمطعون ضده من حصة الأخير المقضي بملكيته لها لا يعتبر حجة على ذلك المورث بالنسبة للريع المستحق لشركاء المطعون ضده في الملكية، ما دام أنهم لم يكونوا مختصمين في دعوى الريع التي حكم فيها للمطعون ضده ولم يطلبوا الحكم لهم بشيء فيها أو توجه إليهم طلبات فيها، ولا يغير من ذلك أنهم كانوا مختصمين في نفس القضية التي صدر فيها الحكم بالريع إذا كان اختصامهم مقصوراً على دعوى المطالبة بقيمة سند وهي دعوى مستقلة عن دعوى الريع ومختلفة عنها خصوماً ومحلاً وسبباً ولا ينفي هذا الاستقلال عن الدعويين جمعهما في صحيفة واحدة.
5 - حصول الحاجز على حكم انتهائي بصحة الحجز لا يترتب عليه ثبوت مديونية المحجوز لديه للمحجوز عليه، ذلك أن الحكم بصحة الحجز إذا صدر في مواجهة المحجوز لديه لا يكون حجة عليه إلا فيما يتعلق بصحة إجراءات الحجز وليس للمحكمة التي تنظر دعوى صحة الحجز أن تبحث في حق المحجوز عليه في ذمة المحجوز لديه أو تقضي بثبوته.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن. تتحصل في أنه بتاريخ 17 فبراير سنة 1935 قضي في الدعوى رقم 70 سنة 1918 مدني كلي الزقازيق المرفوعة من المطعون ضده وإخوته ضد مورث الطاعنين المرحوم خليل حسن سعود بتثبيت ملكية المدعين في تلك الدعوى إلى 3 ف و7 ط و12 س شيوعاً في 14 ف و18 ط و12 س وتأيد هذا الحكم في 5 يناير سنة 1937 في الاستئناف رقم 94 سنة 53 ق مصر وخص المطعون عليه في القدر المحكوم به 18 ط و4 س وبتاريخ 26 سبتمبر سنة 1940 أقام المطعون ضده الدعوى رقم 10 سنة 1941 كلي الزقازيق وانتهى فيها إلى اختصام الطاعنين الأول والخامس وأخويهما على وخليل مورث باقي الطاعنين واختصام إخوته (إخوة المطعون عليه) مبروك ومحمد الصادق وفاطمة ونفيسة وزينب أولاد حسن سعود وطلب الحكم أولاً بإلزام المدعى عليهم الأربعة الأول (الطاعنين الأول والخامس وأخويهما) بأن يدفعوا له من تركة مورثهم المرحوم خليل حسن سعود مبلغ 188 جنيهاً و9 مليمات قيمة ريع نصيبه المحكوم له بملكيته في الدعوى السابقة وذلك عن المدة من أغسطس سنة 1916 حتى أغسطس سنة 1937.
ثانياً - بإلزام باقي المدعى عليهم (إخوة المطعون عليه) بأن يدفعوا له متضامنين مبلغ 479 جنيهاً و279 مليماً من أصل دينه الذي في ذمتهم بموجب سند تاريخه 15/ 1/ 1939 وتثبيت الحجز الوقع تحت يد الطاعنين الأول والخامس وأخويهما على ما في ذمتهم من ريع لإخوة المطعون عليه المدينين له بهذا المبلغ وبعد أن قضت المحكمة بتعيين خبير لتقدير الريع حكمت في 30 يونيه سنة 1942: أولاً - بإلزام الطاعنين الأول والخامس وأخويهما بأن يدفعوا للمطعون ضده مبلغ 163 ج و82 م قيمة الريع المستحق له قبل مورثهم من 24 أغسطس سنة 1916 لغاية أغسطس 1937 والفوائد بواقع 5% من تاريخ المطالبة الرسمية حتى السداد. ثانياً: بإلزام إخوة المطعون ضده سالفي الذكر بأن يدفعوا له مبلغ 479 جنيهاً و279 مليماً والفوائد بواقع 5% من تاريخ المطالبة الرسمية وتثبيت الحجز التحفظي الوقع تحت يد الطاعنين الأول والخامس وأخويهما وفاء للمبلغ المذكور وجعل هذا الحجز نافذاً وبعد صيرورة هذا الحكم انتهائياً اتخذ المطعون ضده إجراءات التنفيذ العقاري ضد الطاعنين جميعاً وباقي ورثة خليل حسن سعود علي 4 ف و6 ط و10 س وفاء للمبلغين المحكوم له بهما في الدعوى السابقة وأعلنهم بتنبيه نزع الملكية في أكتوبر ونوفمبر سنة 1951 ثم أودع في 18 مارس سنة 1951 قائمة بشروط البيع وبتاريخ 10 إبريل سنة 1951 قرر الطاعن الأول وأخوه علي بالاعتراض على هذه القائمة بانين اعتراضهما على سببين الأول أنه لا وجه للتنفيذ ضدهما بمبلغ الـ 479 ج و279 م المحكوم به للمطعون عليه ضد إخوته طالما أن المطعون عليه لم يطلب من المعترضين التقرير بما في ذمتهما لمدينيه المحجوز عليهم ولم يرفع على المعترضين دعوى إلزام شخصي بهذا المبلغ والسبب الثاني هو أن العقار المنصوص عليه مملوك للمعترضين شخصياً وليس تركة مخلفة عن مورثهما المرحوم خليل حسن سعود وبتاريخ 27 مارس سنة 1952 حكمت محكمة الزقازيق الابتدائية بقبول الاعتراض الأول وبالاستمرار في التنفيذ بالنسبة للمعترضين باعتبارهما مسئولين فقط عن مبلغ 270 جنيهاً و912 مليماً المحكوم به عليهما وعلى أخويهما من تركة مورثهما بموجب الحكم المنفذ به عليهما. ويشمل هذا المبلغ الـ 163 جنيهاً و82 مليماً المحكوم به له في الدعوى رقم 10 سنة 1941 وفوائده ومصاريفه حتى تاريخ التنفيذ أما المبلغ الآخر المحكوم به للمطعون عليه ضد إخوته والتي أمرت المحكمة بوقف التنفيذ بالنسبة إليه فقد ذكرت المحكمة عنه في أسباب حكمها أن الحكم بصحة الحجز الموقع نظير هذا المبلغ على ما للمدينين تحت يد المعترضين وأخوتهما لا يعتبر حكماً بثبوت مديونية المحجوز لديهم للمدينين المحجوز عليهم وبتحديد مقدار هذه المديونية وأنه لا يجوز للدائن الحاجز أن يتخذ إجراءات التنفيذ ضد المحجوز لديهم قبل أن يكلفهم بالتقرير بما في ذمتهم ويحكم في صحة التقرير إذا نازع الحاجز فيه. وبتاريخ 23 مايو سنة 1953 تأيد الحكم الصادر في الاعتراض من محكمة استئناف المنصورة في الاستئناف رقم 111 سنة 4 ق وبتاريخ 27 أغسطس سنة 1953 أقام المطعون عليه ضد ورثة المرحوم خليل حسن سعود ومن بينهم الطاعنين الدعوى رقم 1608 سنة 1953 أمام محكمة بندر الزقازيق وطلب فيها تكليفهم بأن يقرروا بما في ذمة مورثهم المرحوم الشيخ خليل حسن سعود لمديني المدعي (إخوته) المحكوم له عليهم في الدعوى رقم 10 سنة 1941 من الريع المستحق لهم في ذمة هذا المورث عن 2 ف و12 ط و8 س في المدة من 24 أغسطس سنة 1916 لغاية أغسطس سنة 1937 وأن يكون التقرير خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ تكليفهم به وإلزامهم بغرامة في حالة التأخير وبتاريخ 3 أغسطس سنة 1953 وقبل أن يصدر الحكم في تلك الدعوى قرر المدعى عليهم بما هو مطلوب منهم وجاء تقريرهم سلبياً متضمناً عدم مديونية مورثهم بشيء لديني المدعي المحجوز عليهم وبتاريخ 14/ 11/ 1953 حكمت المحكمة بانتهاء الخصومة لحصول التقرير بما في الذمة وبتاريخ 16 ديسمبر سنة 1953 أقام المطعون عليه ضد نفس المدعى عليهم في الدعوى السابقة الطاعنين وباقي ورثة المرحوم خليل حسن سعود الدعوى رقم 23 سنة 1954 مدني كلي الزقازيق بصحيفة سرد فيها أدوار النزاع على النحو المتقدم الذكر وقال إنه لما كان تقرير المدعى عليهم بأنهم ومورثهم ليسوا مدينين بشيء لمديني المدعي المحجوز عليهم مخالفاً للحقيقة وقد صدر عن غش وتدليس بقصد ضياع حقوقه إذ الحقيقة هي أن ذمتهم مشغولة بالريع المستحق في ذمة مورثهم لمدينيه المذكورين والذي ثبت استحقاقه بالدعوى رقم 10 سنة 1941 مدني كلي الزقازيق وكان يحق له لذلك طبقاً للمادة 566 من قانون المرافعات طلب إلزام المقرين شخصياً بدفع دينه قبل المحجوز عليهم لذلك فقد رفع هذه الدعوى ضدهم طالباً إلزامهم متضامنين ومن تركة مورثهم المرحوم خليل حسن سعود بأن يدفعوا مبلغ 826 ج و500 م قيمة دينه وفوائده حتى آخر نوفمبر سنة 1952 مع ما يستجد من هذه الفوائد بواقع 4% سنوياً حتى الوفاء. وبتاريخ 30 نوفمبر سنة 1955 قضت المحكمة الابتدائية برفض الدعوى تأسيساً على أن الدعوى رقم 10 سنة 1941 مدني كلي الزقازيق قد رفعت من المطعون عليه وحده وأنها تتضمن دعويين مستقلتين أدمجتا في دعوى واحدة الأولى دعوى الريع المقامة منه على الطاعنين وشركائهم المحجوز لديهم والثانية دعوى المطالبة بقيمة السند المقامة منه على مدينيه المحجوز عليهم وأن الحكم للمطعون عليه بالريع في الدعوى الأولى لا يستفيد منه مدينوه ولو كانوا شركاء له في الملك لأنهم لم يكونوا مختصمين في تلك الدعوى وإنما كان اختصامهم في الدعوى الثانية وأضافت المحكمة في أسباب حكمها أنه غير مطروح عليها في الدعوى الحالية القضاء لهؤلاء المدينين بما لهم من ريع في ذمة مورث المدعى عليهم المحجوز لديهم بل ولم يختصم هؤلاء المدينون في الدعوى الحالية مما لا تستطيع معه المحكمة تحقيق مديونية المحجوز لديهم لهم بالريع المدعي وأن الحكم بصحة الحجز الموقع تحت يد المحجوز لديهم والطاعنين وباقي الورثة ليس معناه مديونية هؤلاء لمديني الحاجز وإنما معناه أن الحجز استوفى شرائطه القانونية - وقد استأنف المطعون عليه هذا الحكم أمام محكمة استئناف المنصورة بالاستئناف رقم 100 سنة 8 ق وبتاريخ 5 من مارس سنة 1958 حكمت تلك المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبإلزام المستأنف ضدهم الطاعنين وباقي الورثة بأن يدفعوا للمستأنف المطعون ضده من تركة مورثهم المرحوم خليل حسن سعود مبلغ 479 ج و279 م دين الحاجز والفوائد بواقع 5% من 6 أكتوبر سنة 1940 حتى 14 من أكتوبر سنة 1949 وبواقع 4% من 15 أكتوبر سنة 1949 حتى الوفاء والمصروفات المناسبة عن الدرجتين وخمسمائة قرش مقابل أتعاب المحاماة - طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 16 من مايو سنة 1961 وفيها صممت النيابة على المذكرة التي قدمتها وطلبت فيها رفض الطعن وقررت دائرة الفحص إحالة الطعن إلى هذه الدائرة وبعد استيفاء الإجراءات اللاحقة للإحالة حدد لنظره أمام هذه الدائرة جلسة 2/ 5/ 1963 وفيها أصر الطاعن على طلباته كما أصر المطعون عليه على المذكرة التي قدمها وطلب فيها أصلياً بطلان الطعن واحتياطياً رفضه وتمسكت النيابة برأيها الوارد في مذكرتها الأولى.
وحيث إن المطعون عليه يبني دفعه ببطلان الطعن على أن أسماء الطاعنين وصفاتهم لم توضح في ورقة إعلان الطعن وفقاً لما جاء بالحكم المطعون فيه ذلك أنه ورد في ورقة الإعلان أن الطاعنين الثلاثة الأول والطاعن الخامس جميعهم أولاد المرحوم خليل أبو السعود في حين أن الثابت بالحكم المطعون فيه أن الطاعنين الأول والخامس هما وحدهما من أولاد المتوفى المذكور أما الطاعنان الثاني والثالث محمود وكمال فإنهما ولدا ابنه خليل خليل أبو السعود.
وحيث إن هذا الدفع مردود بأنه وإن كان يبين من أصل ورقة إعلان الطعن أنه ذكر في صيغة الإعلان أن الطاعنين الثلاثة الأول والطاعن الخامس جميعهم أولاد المرحوم خليل أبو السعود بينما الثابت في الحكم المطعون فيه أن الطاعنين الثاني والثالث ليسا ولدى المذكور وإنما هما ولدا ابنه خليل إلا أن هذا الخطأ ليس من شأنه أن يجهل بالطاعنين المذكورين خصوصاً وأنه لم يذكر في البيانات الواردة في تقرير الطعن ما يفيد أن هذين الطاعنين ولدا خليل أبو السعود والد الطاعنين الأول والخامس بل ذكر اسم الأول على أنه محمد خليل أبو السعود والثاني على أنه كمال خليل أبو السعود وبذلك تضمن البيان الوارد في التقرير اسم كل منهما ولقبه الصحيحين ولما كانت المادة 10 من قانون المرافعات التي توجب المادة 11 من القانون رقم 57 لسنة 1959 مراعاتها في إعلان الطعن لا توجب في البيان الخاص باسم الطالب أكثر من ذكر الاسم واللقب وكان تقرير الطعن الذي أعلن للمطعون عليه قد استوفى هذا البيان في صدوره فإن وقع الخطأ في صيغة الإعلان على النحو السالف بيانه لا يؤثر في صحة الإعلان لأن بيانات الورقة المعلنة تعتبر مكملة لبعضها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون ذلك أنه أقام قضاءه بإلزامهم بصفتهم محجوزاً لديهم بدين المطعون عليه الحاجز قبل مديونية المحجوز عليهم على أساس أن الطاعنين إذ نفوا في تقريرهم بما في الذمة مديونية مورثهم لهؤلاء المدينين قد قرروا غير الحقيقة - في حين أن ما أقروا به كان مطابقاً للحقيقة ذلك أن مديني المطعون عليه المحجوز عليهم لم يحصلوا على سند تنفيذي ضد الطاعنين أو مورثهم بما لهم من دين مدعى به من جانب المطعون عليه الحاجز بل إنهم لم يطالبوا بهذا الدين أصلاً وكان التداعي في الدعوى رقم 10 سنة 1941 كلي الزقازيق التي استند إليها الحكم المطعون فيه في القول بثبوت مديونية الطاعنين لمديني المطعون عليه - وكان هذا التداعي بخصوص نصيب المطعون عليه وحده في الريع وقد حكم له به ضد مورث الطاعنين ولم يحكم لمديني المطعون عليه في هذه الدعوى بشيء على ذلك المورث وبالتالي فإن الحكم الصادر في تلك الدعوى لا يرتب في ذمة الطاعنين أو مورثهم مديونية للمحجوز عليهم وقد قرر ذلك صراحة الحكم الانتهائي الصادر في دعوى الاعتراض على قائمة شروط البيع ولما كان القانون يشترط لإلزام المحجوز لديه بدين الحاجز أن يكون التزام المحجوز لديه قبل المحجوز عليه ثابتاً بسند واجب التنفيذ وكان الحكم للمطعون عليه الحاجز بصحة الحجز لا يعتبر بأي حال حكماً بمديونية الطاعنين لمدينيه المحجوز عليهم أو تكليفاً للطاعنين بالوفاء له فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بإلزامهم بدين المطعون عليه دون أن يكون هذا الدين ثابتاً يكون قد خالف القانون.
وحيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه استند في اعتبار تقرير الطاعنين بما في الذمة مخالفاً للحقيقة إلى أنه قد حكم للمطعون عليه ومدينيه المحجوز عليهم ضد مورث الطاعنين في الدعوى رقم 70 سنة 1918 كلي الزقازيق واستئنافها رقم 94 سنة 53 المنصورة بثبوت ملكيتهم إلى 3 أفدنة و7 قراريط و12 سهماً كان ينازعهم فيها مورث الطاعنين وأن المطعون عليه أقام بعد ذلك الدعوى رقم 10 سنة 1941 يطالب هذا المورث بريع حصته في هذه الأطيان البالغة 18 قيراطاً و4 أسهم وذلك عن المدة من 24 أغسطس سنة 1916 حتى أغسطس سنة 1937 وقد قدر الخبير الذي عينته المحكمة في تلك الدعوى صافي ريع الـ 3 أفدنة و7 قراريط و12 سهماً المحكوم بملكتها للمطعون عليه وفريقه بمبلغ 713 جنيهاً و978 مليماً خصه هو فيها عن حصته في تلك الأطيان مبلغ 163 جنيهاً و82 مليماً وقد حكمت المحكمة للمطعون عليه بما جاء بتقرير الخبير كما تضمن حكمها رفض طلب سقوط الحق في المطالبة بالتقادم للأسباب التي أوردتها في حكمها وأن المطعون عليه حصل على حكم بتثبيت الحجز الذي أوقعه تحت يد الطاعنين على ما في ذمتهم لمدينيه المحجوز عليهم من الريع عن حصتهم في الأطيان المحكوم لهم بملكيتها في الدعوى رقم 70 سنة 1918 واتخذ بعد ذلك الإجراءات التي يتطلبها القانون فرفع الدعوى رقم 1608 طالباً فيها تكليف الطاعنين المحجوز لديهم بالتقرير بما في ذمتهم لمدينيه وقد قرر هؤلاء بأنهم غير مدينين لهؤلاء بشيء وإذ لم يرض هذا التقرير الحاجز (المطعون عليه) اتخذ طريقه إعمالاً للمادة 566 من قانون المرافعات فرفع عليهم الدعوى الحالية وانتهى الحكم من ذلك وبعد الرد على ما كان قد تمسك به الطاعنون على سبيل الاحتياط من تقادم الريع الذي في ذمتهم لمديني المطعون عليه بفرض ثبوت هذا الدين في ذمتهم انتهي الحكم إلى القول وبذلك يكون المستأنف ضدهم (الطاعنون) إذا نفوا مديونية مورثهم في الريع لمديني المستأنف المطعون عليه قد قرروا ما يغاير الحقيقة. ولما كان يشترط لتوقيع الجزاء المقرر في المادة 566 من قانون المرافعات وإلزام المحجوز لديه بدين الحاجز في حالة تقريره غير الحقيقة أن تكون مديونيته للمحجوز عليه ثابتة وقت التقرير وأن يكون المحجوز لديه على علم بثبوتها وبمقدارها وأنه تعمد مجانية الحقيقة بأن أقر بأقل من الدين الذي يعلم بأن ذمته مشغولة به أو أقر بأنه غير مدين أصلاً - لما كان ذلك، وكان صدور حكم بالملكية للمطعون ضده ولمدينه المحجوز عليهم ضد مورث الطاعنين المحجوز لديهم لا يترتب عليه ثبوت ريع الأطيان المحكوم لهؤلاء المدينين بملكيتها في ذمة مورث الطاعنين أو تحديد مقدار هذا الريع إذ أن الحكم بالملكية وإن جاز اتخاذه أساساً لطلب الريع إلا أنه يرتب بذاته انشغال ذمة المحكوم ضده بالملكية بهذا الريع ولا يسد في وجهه السبيل في المنازعة في هذا الريع إذا ما طولب به لأن الأحكام لا تكون حجة إلا بما فصلت فيه من الحقوق كذلك فإن الحكم في الدعوى رقم 10 سنة 1941 كلي الزقازيق ضد مورث الطاعنين بالريع المستحق في ذمته للمطعون ضده عن حصته المقضي بملكيته لها في الدعوى رقم 70 سنة 1918 هذا الحكم لا يعتبر حجة على ذلك المورث بالنسبة للريع المستحق لشركاء المطعون ضده في الملكية ومن بينهم مدينوه المحجوز عليهم ما دام أنهم لم يكونوا مختصمين في دعوى الريع التي حكم فيها للمطعون ضده ولم يطلبوا الحكم لهم بشيء فيها أو توجه إليهم طلبات فيها ولا يغير من هذا النظر أنهم كانوا مختصمين في نفس القضية التي صدر فيها الحكم بالريع ذلك أن اختصامهم كان مقصوراً على دعوى المطالبة بقيمة السند وهي دعوى مستقلة عن دعوى الريع ومختلفة عنها خصوماً ومحلاً وسبباً ولا ينفي هذا الاستقلال جمع الدعويين في صحيفة واحدة كما لا يغير من النظر السابق كون الخبير الذي عينته المحكمة في دعوى الريع المرفوعة من المطعون عليه قد تناول في تقريره تقدير الريع عن جميع الأطيان التي حكم في الدعوى رقم 70 سنة 1918 بملكيتها للمطعون عليه وشركائه ومن بينهم مدينوه المحجوز عليهم ذلك أن هذا التقرير لا يصح اتخاذه دليلاً على ثبوت مديونية مورث الطاعنين بالريع لهؤلاء المدينين ما دام أن النزاع بشأن هذه المديونية لم يكن مطروحاً على المحكمة في الدعوى التي قدم فيها تقرير الخبير ولم تفصل فيه لما كان ذلك، وكان حصول المطعون ضده الحاجز على حكم انتهائي بصحة الحجز لا يترتب عليه أيضاً ثبوت مديونية مورث الطاعنين المحجوز لديه للمحجوز عليهم ذلك أن الحكم بصحة الحجز إذا صدر في مواجهة المحجوز لديه لا يكون حجة عليه إلا فيما يتعلق بصحة إجراءات الحجز وليس للمحكمة التي تنظر دعوى صحة الحجز أن تبحث في حق المحجوز عليه في ذمة المحجوز لديه أو تقضي بثبوته لما كان ما تقدم، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بإلزام الطاعنين بدين المطعون عليه الحاجز على أساس أنهم قرروا غير الحقيقة ودون أن تكون مديونيتهم للمحجوز عليهم ثابتة فإنه يكون قد خالف القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الموضوع صالح للحكم فيه.
وحيث إنه لما سلف بيانه يتعين تأييد الحكم المستأنف.

الطعن 7 لسنة 37 ق جلسة 17 / 6 / 1971 مكتب فني 22 ج 2 ق 126 ص 773

جلسة 17 من يونيه سنة 1971

برياسة السيد المستشار/ إبراهيم عمر هندي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: السيد عبد المنعم الصراف، ومحمد صدقي البشبيشي، ومحمد سيد أحمد حماد، وعلي عبد الرحمن.

----------------

(126)
الطعن رقم 7 لسنة 37 القضائية

(أ) اختصاص. "اختصاص ولائي". تعويض.
اختصاص اللجنة المشكلة بقرار من وزير الزراعة تطبيقاً لأحكام القانون رقم 539 لسنة 1955 بالتدابير الخاصة بمقاومة الآفات وأمراض النباتات. قاصر على تقدير التعويض عن تقليع النباتات أو إعدامها. التعويض عن تلف الأشجار نتيجة عملية التدخين. تقديره من اختصاص المحاكم.
(ب) محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات. "البينة".
الاطمئنان إلى أقوال الشهود. من إطلاقات محكمة الموضوع.

-----------------
1 - مؤدى نصوص المواد 8 و9 و10 من القانون رقم 539 لسنة 1955 بالتدابير التي تتخذ لمقاومة الآفات والأمراض الضارة بالنباتات، أن المشرع لم يخرج على القواعد العامة إلا بالنسبة للتعويض عن تقليع النباتات أو إعدامها المنصوص عليها في المادة التاسعة من القانون سالف الذكر، فأوجبت في المادة العاشرة تقديره بواسطة لجنة تشكيل بقرار من وزير الزراعة، وأجاز استئناف قرار اللجنة إلى المحكمة الجزئية التي تقع النباتات المقلعة أو المعدمة في دائرة اختصاصها على أن يكون حكمها نهائياً وغير قابل لأي طعن. وإذ كانت حالة التعويض عن التلف الحاصل لأشجار من إجراء عملية التدخين مختلفة عن حالة التعويض عن تقليع النباتات أو إعدامها، ولم يضع المشرع نظاماً خاصاً بتقدير التعويض عنها، فإنها تظل خاضعة للقواعد العامة التي تجعل الاختصاص بتقدير التعويض فيها معقوداً للمحاكم. ولا يغير من هذا النظر ما تقول به الوزارة الطاعنة من أن الفقرة الثانية من المادة الثامنة أباحت لمالكي النباتات عند علاجها بالمواد الكيماوية، الشكوى من هذا العلاج للهيئة التي يصدر بتشكيلها قرار من وزير الزارعة، وأن ذلك القرار قد صدر محدداً لتلك الهيئة، ونص على أن قرارها يكون نهائياً، ذلك أن إباحة الشكوى من العلاج، لا يعني منع المحاكم من نظر دعاوى التعويض عن الأضرار الناتجة من الخطأ في ذلك العلاج، إذ لا منع إلا بنص، وإنما يعني تنظيم إجراءات صرف التعويض إذا رأت الوزارة صرفه ودياً دون مقاضاة.
2 - إذا كان من المسلم به فنياً أن علاج الأشجار بالمواد الكيماوية قد يتخلف عنه أضرار بها فإن اطمئنان المحكمة إلى أقوال الشهود الذين شهدوا بما رأوه من آثار هذا العلاج على أشجار الحديقة، يكون من إطلاقاتها، ويكون الجدل في تقديرها، جدلاً موضوعياً غير جائز أمام محكمة النقض.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن السيد/ عمر محمود عبد الدايم المطعون عليه أقام الدعوى رقم 77 سنة 1964 مدني كلي شبين الكوم ضد وزير الزراعة ومديري الزراعة ومكافحة الآفات بمدينة شبين الكوم بصفاتهم طالباً الحكم إلزامهم متضامنين بأن يدفعوا له مبلغاً وقدره 266 ج و660 م وقال بياناً للدعوى إن عمال قسم مكافحة الآفات التابع لوزارة الزراعة قاموا خلال الفترة من 29 إلى 31 أكتوبر سنة 1963 بتدخين حديقة الموالح المملوكة له والكائنة بمركز تلا، وذلك تنفيذاً لأحكام القانون 539 سنة 1955 بالتدابير التي تتخذ لمقاومة الآفات والأمراض الضارة بالنباتات، فأحدث ذلك ضرراً ببعض الأشجار، ولما قدم شكوى بذلك إلى مدير الزراعة بمحافظة شبين الكوم ألف لجنة من رجاله لمعاينة الأشجار التالفة وقدموا له تقريراً ذكروا فيه أن التلف الذي أصاب بعض أشجار الحديقة لا يرجع إلى عملية التدخين، فحفظ المدير شكواه مما اضطره لأن يقيم دعوى بإثبات الحالة وقد ندب خبير فيها، وأثبت في تقريره أن التلف حدث نتيجة خطأ في عملية التدخين وقدر التعويض بمبلغ 266 ج و660 م، ومن ثم أقام الدعوى الحالية بطلب ذلك التعويض. وبتاريخ 22/ 11/ 1961 حكمت المحكمة ببطلان تقرير خبير دعوى إثبات الحالة وبإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المدعي بكافة طرق الإثبات بما فيها البينة أن التدخين أضر بأشجار الحديقة وأباحت لوزارة الزراعة النفي بذات الطرق، وبعد إجراء التحقيق قضت بتاريخ 14/ 3/ 1965 بإلزام وزارة الزراعة بأن تدفع للمدعي مبلغاً قدره 260 ج. واستأنفت وزارة الزراعة هذا الحكم لدى محكمة استئناف طنطا طالبة إلغاءه والحكم برفض الدعوى، وقيد استئنافها برقم 220 لسنة 15 قضائية طنطا، وبتاريخ 14/ 11/ 1966 حكمت المحكمة بقبول الاستئناف شكلاً ورفضه موضوعاً وتأييد الحكم المستأنف وطعنت وزارة الزراعة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه في خصوص السبب الأول وبالجلسة المحددة لنظر الطعن أمام هذه الدائرة صممت النيابة على رأيها الوارد في مذكرتها.
وحيث إن الطعن بني على سببين تنعى الوزارة الطاعنة في السبب الأول منهما على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وفي بيان ذلك تقول إن المشرع فرض بالقانون رقم 539 لسنة 1955 نظاماً جبرياً لمقاومة الآفات الزراعية محافظة على الثروة القومية، وعهد به إلى وزارة الزراعة لتنفيذه، ونظم في المادة الثامنة منه طريقة المطالبة بالتعويض عن الضرر الناتج من تلك المكافحة فنص في تلك المادة على أن لمالكي النباتات أو لمن يقوم مقامهم الشكوى من هذا العلاج ويبين بقرار من وزير الزراعة موعد تقديم الشكوى والهيئة التي تفصل فيها وما يتبع في هذا الشأن، وتنفيذاً لهذا القانون أصدر وزير الزراعة بتاريخ 15/ 3/ 1956 قراراً نص في المادة الأولى منه على أن "الشكاوي عن الأضرار التي تحدث بالنباتات أو أجزائها أو ثمارها نتيجة علاجها أو عدم نجاح العلاج... تقدم إلى تفتيش الزراعة المختص قبل مضي شهر من تاريخ انتهاء العلاج فيما يختص بالحشرات القشرية والبق الدقيقي وقبل أسبوع من تاريخ انتهاء العلاج لباقي الآفات والأمراض الأخرى" وظاهر من هذا القرار أن الشكوى ليست قاصرة على تكاليف العلاج - كما فهم الحكم المطعون فيه - بل إنها تشمل الضرر الناشئ عن طريق العلاج وتكلفت المادة الثالثة من قرار وزير الزراعة ببيان الهيئة التي يعهد إليها بالفصل في الشكوى، وأوجبت على تلك الهيئة تقديم تقرير واف بنتيجة الفحص إلى مصلحة وقاية المزروعات خلال المدة المبينة فيها، ونص القرار في المادة الخامسة منه على أن "مصلحة وقاية المزروعات تفصل في الشكاوي على ضوء تقارير لجان الفحص وما لديها من أوراق أو بيانات ويكون قرارها نهائياً وعلى تفتيش الزراعة المختص إبلاغ الشاكين فوراً بالقرار" وظاهر من هذا النص أن الاختصاص بتقدير التعويض معقود إلى لجنة إدارية استثناء من القواعد العامة، وعلى هذا تكون المحاكم العادية غير مختصة ولائياً بنظر هذا التعويض، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وتضمن مساساً بقرار لجنة الفحص بحسبانه قراراً إدارياً صار نهائياً بعدم الطعن فيه أمام جهة القضاء الإداري.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أن المادة الثامنة من القانون رقم 539 لسنة 1955 بالتدابير التي تتخذ لمقاومة الآفات والأمراض الضارة بالنباتات قد نصت على أنه "في حالة علاج النباتات بالمواد الكيمائية بواسطة موظفي وزارة الزراعة أو من تندبه عنها أو إحدى الهيئات أو الشركات أو الأفراد الحاصلين على ترخيص في ذلك من الوزارة يحرر قبل العلاج محضر بإثبات حالة النباتات والإصابة وفقاً للأوضاع التي تحدد بقرار من وزير الزراعة على أن ترسل صورة من هذا المحضر مباشرة إلى تفتيش الزراعة المختص. وعند قيام الوزارة بنفسها بهذا العلاج يجب حضور أحد موظفي الوزارة المختصين عند إجرائه ولمالكي النباتات أو لمن يقوم مقامهم الشكوى من هذا العلاج، ويبين بقرار من وزير الزراعة موعد تقديم الشكوى والهيئة التي تفصل فيها وما يتبع في هذا الشأن من إجراءات والرسم الذي يؤدي عند تقديم الشكوى على ألا يجاوز مبلغ عشرة جنيهات ويرد الرسم للشاكي إذا فصل في الشكوى لصالحه" ونصت المادة التاسعة من القانون سالف الذكر على أنه إذا ظهر في منطقة ما مرض جديد لم يعرف له علاج ناجح وكانت الإصابة به مصدر خطر يهدد النباتات جاز لوزير الزراعة أن يأمر باتخاذ أي إجراء يكفل منع انتشار هذا المرض بما في ذلك تقليع النباتات المصابة أو إعدامها بواسطة عمال الوزارة وعلى نفقتها وفي هذه الحالة تدفع الوزارة تعويضاً لمالك النباتات حسب قيمتها عند التنفيذ. ونصت المادة العاشرة على أن "التعويض المنصوص عليه في المادة السابقة يقدر بواسطة لجنة تشكيل بقرار من وزير الزراعة من ثلاثة من موظفي الوزارة الفنيين يكون أحدهم رئيساً ومن عمدة الجهة أو من ينوب عنه ومن أحد كبار زراع المديرية التي تقع فيها النباتات، ويجوز لصاحب الشأن استئناف قرار اللجنة في ميعاد لا يجاوز خمسة عشر يوماً من تاريخ إعلانه بالقرار بخطاب موصى عليه مصحوب بعلم وصول، ويرفع الاستئناف إلى المحكمة الجزئية التي تقع النباتات في دائرة اختصاصها، ويجب أن تشمل عريضة الاستئناف اسم المستأنف وعنوانه وموضوع القرار وتاريخه وأسباب الاستئناف وتعلن العريضة بخطاب موصى عليه مصحوب بعلم الوصول ويكون الحكم الصادر في الاستئناف نهائياً وغير قابل لأي طعن" وظاهر من هذه النصوص أن المشرع لم يخرج على القواعد العامة إلا بالنسبة للتعويض عن تقليع النباتات أو إعدامها المنصوص عليها في المادة التاسعة من القانون سالف الذكر. فأوجبت في المادة العاشرة تقديره بواسطة لجنة تشكيل بقرار من وزير الزراعة وأجاز استئناف قرار اللجنة إلى المحكمة الجزئية التي تقع النباتات المقلعة أو المعدمة في دائرة اختصاصها على أن يكون حكمها نهائياً وغير قابل لأي طعن، وإذ كانت حالة التعويض عن التلف الحاصل لأشجار من إجراء عملية التدخين مختلفة عن حالة التعويض عن تقليع النباتات أو إعدامها ولم يضع المشرع نظاماً خاصاً بتقدير التعويض عنها، فإنها تظل خاضعة للقواعد العامة التي تجعل الاختصاص بتقدير التعويض فيها معقوداً للمحاكم، ولا يغير من هذا النظر ما تقول به الوزارة الطاعنة من أن الفقرة الثانية من المادة الثامنة أباحت لمالكي النباتات عند علاجها بالمواد الكيماوية الشكوى من هذا العلاج للهيئة التي يصدر بتشكيلها قرار من وزير الزارعة وأن ذلك القرار قد صدر محدداً لتلك الهيئة ونص على أن قرارها يكون نهائياً، ذلك أن إباحة الشكوى من العلاج لا يعني منع المحاكم من نظر دعاوى التعويض عن الأضرار الناتجة من الخطأ في ذلك العلاج، إذ لا منع إلا بنص وإنما يعني تنظيم إجراءات صرف التعويض إذا رأت الوزارة صرفه ودياً دون مقاضاة، وإذ كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر، فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه.
وحيث إن الوزارة الطاعنة تنعى في السبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في الاستدلال والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك تقول إنها استندت لدى محكمة الموضوع في نفي مسئوليتها إلى تقرير لجنة الفحص المشكلة من الفنيين وما كان للمحكمة أن تلتفت عن مناقشة هذا الدليل الفني، وأن تركن إلى أقوال شاهدي المطعون ضده لما هو مقرر في قضاء محكمة النقض من أنه على المحكمة متى واجهت مسألة فنية بحت أن تتخذ ما تراه من وسائل لتحقيقها بلوغاً إلى غاية الأمر فيها مستندة إلى أسباب فنية تحمل حكمها، ولما كانت أقوال الشاهدين لا تنصب على الخطأ الفني المدعى به، فإن أقوالهما لا تكون مؤدية إلى قيام رابطة السببية، وقد تمسكت الوزارة بهذا الدفاع لدى محكمة الاستئناف ولكن المحكمة لم تعرض له في أسبابها.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه إذا كان من المسلم به فنياً أن علاج الأشجار بالمواد الكيماوية قد يتخلف عنه أضرار بها، فإن اطمئنان المحكمة إلى أقوال الشهود الذين شهدوا بما رأوه من آثار هذا العلاج على أشجار حديقة المطعون عليه يكون من إطلاقاتها، ويكون الجدل في تقديرها جدلاً موضوعياً غير جائز أمام محكمة النقض.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 134 لسنة 28 ق جلسة 20 / 6 / 1963 مكتب فني 14 ج 2 ق 124 ص 872

جلسة 20 من يونيه سنة 1963

برياسة السيد/ محمود عياد رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمود القاضي، ولطفي علي، ومحمد ممتاز نصار، وحافظ محمد بدوي.

-----------------

(124)
الطعن رقم 134 لسنة 28 القضائية

أحكام عرفية. تعويض. دعوى "عدم سماع الدعوى".
عدم سماع أية دعوى أو دفع يكون الغرض منه الطعن فيما أمرت به أو تولته السلطة القائمة على إجراء الأحكام العرفية سواء كان الطعن بطريق مباشر أو غير مباشر. إسباغ هذه الحماية على الأوامر والتدابير التي يتخذها القائمون على تنفيذ الأحكام العرفية ولو كانت هذه الأوامر والتدابير خاطئة وتنطوي على مجاوزة للسلطة ما دام أن الغاية من اتخاذها تحقيق مصلحة عامة.

---------------
قصد الشارع من حكم المادة 2 من القانون رقم 50 لسنة 1950 إلى إعفاء القائمين على تنفيذ الأحكام العرفية من المسئولية عما اتخذوه من إجراءات تجاوزوا بها حدود القانون باعتبار أنهم فعلوا ما تقضي به المصلحة العامة وما يمليه واجب الدفاع عن البلاد أو واجب الحيطة والطمأنينة. مما حدا به أن يمنع سماع أية دعوى أو طلب أو دفع يكون الغرض منه الطعن على الأوامر والتدابير التي يتخذها القائمون على تنفيذ الأحكام العرفية ولو كانت هذه الأوامر والتدابير خاطئة وتنطوي على مجاوزة السلطة ما دام أن الغاية من اتخاذها تحقيق مصلحة عامة (1).


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن الشركة المطعون عليها أقامت على الطاعنين الدعوى رقم 217 سنة 1951 كلي القاهرة وطلبت فيها إلزامهم برد أوراق النقد التي ضبطت بالرسائل المسجلة المبينة بالصحيفة وهي 3550 جنيهاً إسترلينياً من أوراق نقد شرق أفريقيا، 500 جنيه من أوراق النقد المصرية، 10000 شلن من أوراق النقد الكينية وفي حالة الامتناع عن الرد بإلزامهم بسداد مبلغ 14020 دولاراً أمريكياً أو ما تساويه بالعملة المصرية مع الفوائد في الحالين بواقع 5% من تاريخ المطالبة الرسمية حتى الرد أو السداد والمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وقالت المطعون عليها في بيان دعواها إنه بموجب خمس وثائق تأمين أمنت لديها شركة أمريكان دوس شربدنج على جملة رسائل تحتوي على أوراق النقد المذكورة لإرسالها من نيويورك إلى أسمرة وأديس أبابا وقد صدرت تلك الرسائل تباعاً بطريق الجو في 27 مارس، و18 يوليه سنة 1947 وفي 28 يونيه وأول يوليه و16 أكتوبر سنة 1948 مارة بالقاهرة، وعند وصول الرسائل إلى القاهرة سلمتها مصلحة البريد إلى سلطة الرقابة على الرسائل فضبطتها بمحتواها من أوراق النقد. واضطرت المطعون عليها من أجل ذلك أن تدفع إلى المستأمنين مبالغ التعويض المستحقة لهم وحصلت منهم على مخالصات بوفائها لهم وعقود بحلولها محلهم في الرجوع على الطاعنين - ورفعت الدعوى بطلباتها السالف ذكرها على أساس أن مصلحة البريد وسلطة الرقابة على الرسائل قد خالفتا القانون وليس لأيهما أن تضبط الرسائل التي توجد بمصر بطريق المرور in transit أو مصادرة أوراق النقد التي تكون بداخلها. وقد رفع الطاعنون الدعوى فيما دفعوها به بعدم سماعها عملاً بأحكام القانون رقم 50 لسنة 1950 التي لا تجيز للمحاكم سماع الدعوى التي يكون الغرض منها الطعن في أي عمل تولته السلطة القائمة على إجراء الأحكام العرفية أو مندوبوها عملاً بالسلطة المخولة لهم بمقتضى نظام الأحكام العرفية سواء كان هذا الطعن بطريق مباشر أو بطريق غير مباشر وفي 8 إبريل سنة 1954 قضت محكمة القاهرة الابتدائية برفض الدفع بعدم سماع الدعوى والدفوع الأخرى التي أبداها الطاعنون وبإلزامهم بأن يدفعوا للمطعون عليها مبلغ 8020 دولاراً أو ما يعادله بالعملة المصرية وفوائد هذا المبلغ بواقع 4% من تاريخ المطالبة القضائية حتى السداد والمصروفات المناسبة ورفضت ما عدا ذلك من طلبات المطعون عليها. استأنف الطاعنون هذا الحكم إلى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 1169 لسنة 71 ق وتمسكوا في استئنافهم بالدفع بعدم سماع الدعوى على أساس أن السلطة القائمة على إجراء الأحكام العرفية قد وضعت أوراق النقد تحت الحراسة نظراً لما ثبت من أنها كانت مرسلة إلى بعض الصهيونيين من ذوي النشاط الضار بأمن الدولة وأنه لا يجوز سماع الدعوى بشأن هذا التصرف ولو انطوى على مخالفة القانون. ورفعت الشركة المطعون عليها استئنافاً فرعياً قيد برقم 1132 سنة 72 ق وطلبت الحكم برد باقي أوراق النقد التي لم يحكم بها أو دفع قيمتها إليها، وفي 26 مايو سنة 1957 قضت محكمة استئناف القاهرة برفض الدفع بعدم سماع الدعوى وبإلزام الطاعنين بأن يسلموا المطعون عليها 3550 جنيهاً إسترلينياً من أوراق نقد شرق أفريقيا أو بدفع مبلغ 8020 دولاراً أمريكياً أو ما يعادله من العملة المصرية مع المصروفات المناسبة عن الدرجتين، وقضت في الاستئناف الفرعي برفضه على أساس عدم ثبوت تسلم الطاعنين الرسائل المحتوية على باقي الأوراق النقدية وفي 23 إبريل سنة 1958 قرر الطاعنون بالطعن في الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة برأيها طلبت فيها نقض الحكم المطعون فيه وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 31 مايو سنة 1961 وفيها تمسكت النيابة برأيها السابق وقررت دائرة الفحص إحالة الطعن إلى هذه الدائرة فحدد لنظره جلسة 11 إبريل سنة 1963 وفيها صممت النيابة على طلب نقض الحكم.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه خطأه في القانون ذلك أنهم دفعوا لدى محكمة الموضوع بعدم سماع الدعوى استناداً إلى أن المادة 2 من القانون رقم 50 لسنة 1950 تمنع سماع أية دعوى يكون الغرض منها الطعن في أي عمل أجرته السلطة القائمة على تنفيذ الأحكام العرفية أو مندوبوها سواء كان هذا الطعن بطريق مباشر أو غير مباشر وذكروا أن الرسائل المحتوية على أوراق النقد موضوع الدعوى كانت موجهة أثناء حرب فلسطين إلى أحد زعماء الصهيونية الخطرين في شرق أفريقيا وقد قامت الرقابة العامة بضبطها عملاً بالسلطة المخولة لها بموجب الأمر العسكري رقم 1 لسنة 1948 الخاص بالرقابة. وبفض تلك الرسائل وجدت بداخلها الأوراق النقدية المشار إليها فبادرت الرقابة بتسليمها إلى المدير العام لأموال المعتقلين والمراقبين الذي فرض عليها الحراسة عملاً بأحكام الأمر العسكري رقم 26 لسنة 1948 الخاص بوضع نظام لإدارة أموال المعتقلين والمراقبين وغيرهم من الأشخاص والهيئات وبالتطبيق للمادة الأولى من قرار وزير المالية رقم 19 لسنة 1948 والصادر بتاريخ 21 يوليو سنة 1948 نفاذاً للأمر العسكري رقم 26 السالف ذكره. وقد قضى الحكم المطعون فيه برفض الدفع وبسماع الدعوى بمقولة إن مندوبي السلطة القائمة على تنفيذ الأحكام العرفية قد تجاوزوا حدود القانون بما أجروه من ضبط أوراق النقد ووضعها تحت الحراسة مع أنها كانت مارة بمصر ولا تعتبر من قبيل الأموال الموجودة فيها وأن القانون رقم 50 لسنة 1950 لا يضفي الحصانة المقررة فيه إلا على الأعمال والتصرفات التي تدخل في نطاق السلطات المخولة للقائمين على تنفيذ الأحكام العرفية في حين أن أهم ما استهدفه الشارع من إصدار قانون التضمينات رقم 50 لسنة 1950 هو إسدال الستار على التدابير والأعمال التي تنطوي على مجاوزة للسلطة لأن الأعمال والتدابير التي تدخل في نطاق السلطة التي تخولها الأحكام العرفية للقائمين على تنفيذها في غنى عن أية حماية.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بني قضاءه برفض الدفع بعدم سماع الدعوى على ما أورده بقوله "إن المادة 2 من القانون رقم 50 لسنة 1950 أضفت الحصانة على الأعمال والإجراءات التي اتخذت عملاً بالسلطة المخولة للقائمين على تنفيذ الأحكام العرفية ويقتضي هذا أن الأعمال والتصرفات التي يتجاوزون فيما نطاق السلطة المخولة لهم بمقتضى نظام الأحكام العرفية لا تتناولها هذه الحصانة... إذ ليس المقصود بنظام الأحكام العرفية منح سلطة مطلقة للقائمين على تنفيذ هذا النظام.... وحيث إنه بخصوص سلطة الرقيب العام بالنسبة للرسائل الواردة بنظام المرور in transit فإن المادة الأولى من الأمر العسكري الخاص بالرقابة تنص على أنه يخضع للرقابة المكاتبات والمطبوعات والصور والطرود التي ترد إلى مصر أو ترسل منها إلى الخارج... وأنه تفريعاً على ذلك تكون الرقابة إذ فضت المظاريف موضوع الدعوى لدعوى للعلم بما تضمنته لم تجاوز سلطتها القانونية إنما كان عليها أن تقف عند هذا الحد ولا تمد يدها إلى ما بهذه المظاريف من نقود وحجزها استناداً إلى الأمر العسكري رقم 26 لسنة 1948 فإن تطبيق هذا الأمر إنما يكون بالنسبة للأموال الموجودة بمصر وليس الأمر كذلك بالنسبة للنقود المودعة بمظاريف مرسلة بطريق المرور لحساب أشخاص مقيمين بالخارج ومما يؤيد هذا النظر نص الفقرة الأخيرة من المادة الأولى من الأمر المذكور التي تنص على أنه يكون إخضاع أموال هؤلاء الأشخاص للإدارة المذكورة بقرار خاص بصدوره وزير المالية. ولما كان القانون رقم 50 لسنة 1950 الصادر برفع الأحكام العرفية التي أعلنت بمناسبة حرب فلسطين ينص في المادة الثانية على أنه "لا تسمع أمام أية جهة قضائية أية دعوى أو طلب أو دفع يكون الغرض منه الطعن في أي إعلان أو تصرف أو أمر أو تدبير أو قرار وبوجه عام أي عمل أمرت به السلطة القائمة على إجراء الأحكام العرفية أو مندوبوها أو وزير المالية أو أحد الحراس العامين أو مندوبيهم عملاً بالسلطة المخولة لهم بمقتضى نظام الأحكام العرفية وذلك سواء كان هذا الطعن مباشرة عن طريق المطالبة بإبطال شيء مما ذكر أو بسحبه أو بتعديله أم كان الطعن غير مباشر عن طريق المطالبة بتعويض أو بحصول مقاصة أو إبراء من تكليف أو التزام أو برد مال أو باسترجاعه أو باسترداده أو باستحقاقه أو بأي طريق آخر ولا تسري هذه الأحكام على الدعاوى المدنية أو الجنائية التي ترفع بناء على طلب وزير المالية من تصرفات الحراس في شئون وظائفهم" وقد وضع هذا الحكم على غرار الأحكام المقررة بالمرسوم بقانون 114 لسنة 1945 وبالقانون رقم 127 لسنة 1947 اللذين صدوا بمناسبة رفع الأحكام العرفية التي كانت قد أعلنت أثناء الحرب العالمية الأخيرة ولما كان يبين من المناقشات التي دارت في مجلس الشيوخ سواء من القانون رقم 50 لسنة 1950 الذي يحكم واقعة الدعوى أو القانون رقم 127 لسنة 1947 السابق عليه أن القصد من تلك الأحكام هو إعفاء القائمين على تنفيذ الأحكام العرفية من المسئولية عما اتخذوه من إجراءات تجاوزوا بها حدود القانون باعتبار أنهم فعلوا ما تقضي به المصلحة العامة وما يمليه واجب الدفاع عن البلاد أو واجب الحيطة والطمأنينة - مما يقتضي إسباغ الحماية المقررة في القوانين المذكورة على الأوامر والتدابير التي يتخذها القائمون على تنفيذ الأحكام العرفية ولو كانت هذه الأوامر والتدابير خاطئة وتنطوي على مجاوزة للسلطة ما دام أن الغاية من اتخاذها تحقيق مصلحة عامة... لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه بقضائه برفض الدفع بعدم سماع الدعوى استناداً إلى القول بأن الطاعنين قد تجاوزوا سلطتهم القانونية فيما اتخذوه من تدابير يكون مخالفاً للقانون بما يستوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.
وحيث إن الموضوع صالح للحكم فيه.
وحيث إن الثابت من أوراق الدعوى أن الطاعنين فيما اتخذوه من إجراءات إنما كانوا يستهدفون تحقيق مصلحة عامة ولم تدع المطعون عليها أنهم ابتغوا بها غير هذه الغاية. ويتعين لذلك قبول الدفع بعدم سماع الدعوى.


(1) راجع نقض 14/ 6/ 1961 الطعن 123 س 26 ق السنة 13 ص 795، ونقض 22/ 1/ 1959 الطعن 291 س 24، 2/ 4/ 1959 الطعن 42 س 25 ق السنة العاشرة ص 78، 325 - والمرسوم بقانون 114 لسنة 1945 والقانون 127 لسنة 1947.

الطعن 432 لسنة 36 ق جلسة 17 / 6 / 1971 مكتب فني 22 ج 2 ق 125 ص 764

جلسة 17 من يونيه سنة 1971

برياسة السيد المستشار/ إبراهيم عمر هندي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: الدكتور محمد حافظ هريدي، والسيد عبد المنعم الصراف، ومحمد صدقي البشبيشي، وعلي عبد الرحمن.

------------------

(125)
الطعن رقم 432 لسنة 36 القضائية

(أ) استئناف. "إعلان الاستئناف". بطلان. نظام عام.
وجوب إعلان الاستئناف في ميعاد 30 يوماً التالية لتقديم العريضة. إغفال ذلك قبل صدور القانون 100 لسنة 1962. وجوب أن تقضي المحكمة من تلقاء نفسها ببطلان الاستئناف.
(ب) تجزئة. "أحوال التجزئة". إرث. بطلان.
اختصام جميع الورثة في دعوى مما تقبل التجزئة. الاستئناف المقبول ضد بعض الورثة لا يزيل البطلان الذي لحق الاستئناف بالنسبة للبعض الآخر.

-----------------
1 - نصت الفقرة الأولى من المادة السابعة من القانون رقم 100 لسنة 1962 على أنه "لا تسري القاعدة الخاصة بالاستئناف إلا على الاستئناف الذي يرفع بعد العمل بهذا القانون، أما الاستئناف الذي يكون قد رفع قبل ذلك، فتتبع في شأنه النصوص السارية وقت رفعه" ولما كان الثابت من الأوراق أن الاستئناف قد رفع قبل العمل بأحكام القانون سالف الذكر، فإنه تسري في شأنه أحكام المادة 406 مكرر مرافعات، قبل إلغائها والتي تقضي بوجوب إعلان الاستئناف إلى جميع الخصوم الذين وجه إليهم في ميعاد الثلاثين يوماً التالية لتقديم الاستئناف وإلا كان الاستئناف باطلاً، وحكمت المحكمة به من تلقاء نفسها.
2 - إذا كان الطاعن قد اختصم أشخاص الورثة جميعهم، وكان ما يطالبهم به من معجل الثمن الذي يزعم أنه دفعه والتعويض الذي قدره عن الضرر الذي لحق به ينقسم عليهم كل بقدر حصته التي آلت إليه من التركة، فإنه لا يكون من شأن الاستئناف المقبول ضد بعض الورثة، أن يزيل البطلان الذي لحق الاستئناف بالنسبة للبعض الآخر.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن السيد/ شحاته وهبه عياد أقام الدعوى رقم 5 سنة 1960 مدني كلي المنيا ضد والده وهبه عياد عبد الله وورثة المرحوم الدكتور عازر صليب طالباً الحكم بإلزامهم بأن يدفعوا له على وجه التضامن مبلغ 8750 ج. وقال بياناً للدعوى إنه ووالده بصفته ولياً طبيعياً على ابنه فضل اشتريا بالعقد العرفي المؤرخ 15/ 5/ 1947 من المرحوم الدكتور عازر صليب أطياناً زراعية مساحتها 50 ف و18 ط على أن يكون له النصف ولأخيه فضل النصف الآخر وذلك مقابل ثمن قدره 15575 ج دفعا منه وقت التعاقد مبلغ 7500 ج إلا أن والده تواطأ مع البائع فاستأثر بالصفقة كلها لنفسه وحرر العقد النهائي على اعتبار أنه هو المشتري، وأشهر العقد في 2/ 10/ 1947 وقد رفع عليه وعلى البائع الدعوى رقم 466 سنة 1956 مدني كلي المنيا طالباً فيها الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع العرفي المؤرخ 15/ 5/ 1947 بالنسبة إلى نصف المساحة إلا أنه حكم برفضها، فاضطر إلى إقامة الدعوى الراهنة بطلب ما دفعه من مقدم الثمن والتعويض عن الضرر الذي لحق به. وبتاريخ 1/ 3/ 1961 حكمت المحكمة بإلزام وهبة عياد عبد الله عن نفسه وبصفته بأن يدفع للمدعي 5000 ج وبإخراج باقي المدعى عليهم من الدعوى بلا مصاريف. واستأنف المدعي هذا الحكم لدى محكمة استئناف بني سويف طالباً تعديله وإلغاء الشق الثاني من الحكم والحكم له بكامل طلباته وقيد استئنافه برقم 479 سنة واحد قضائية، كما استأنفته السيدة حنه مرجان عن نفسها وبصفتها وصية على ابنها القاصر باعتبارهما وارثين للمرحوم وهبه عياد عبد الله طالبة إلغاء الحكم المستأنف والحكم برفض الدعوى وقيد استئنافها برقم 480 سنة 1 ق. وبعد أن ضمت المحكمة الاستئنافين حكمت بتاريخ 6/ 6/ 1966 (أولاً) في الاستئناف رقم 479 ببطلانه بالنسبة للمستأنف عليها الخامسة السيدة/ أيقت عازر صليب وقبوله شكلاً بالنسبة لباقي المستأنف عليهم (وثانياً) في الاستئناف رقم 480 بقبوله بالنسبة للمستأنف عليه الأول وببطلانه بالنسبة لباقي المستأنف عليهم و(ثالثاً) في موضوع الاستئنافين بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى المستأنف حكمها، وطعن الطاعن "شحاتة وهبه عياد" في هذا الحكم بطريق النقض للأسباب الواردة في تقرير الطعن، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وبالجلسة المحددة لنظره أمام هذه الدائرة تمسكت النيابة برأيها الوارد في مذكرتها.
وحيث إن الطعن بني على ثلاثة أسباب، ينعى الطاعن في السبب الأول منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم أقام قضاءه ببطلان الاستئناف رقم 479 سنة واحد قضائية بني سويف بالنسبة للسيدة أيقيت عازر صليب على أنها أعلنت بالاستئناف بعد ثلاثين يوماً من تاريخ تقديم الصحيفة إلى قلم المحضرين وهو من الحكم خطأ في تطبيق القانون لأنه بصدور القانون رقم 100 لسنة 1962 أصبح البطلان في هذه الحالة غير متعلق بالنظام العام ولا يجوز للمحكمة أن تقضى به من تلقاء نفسها، ولا ينال من صحة هذا النظر أن الاستئناف قد رفع قبل صدور القانون سالف الذكر لأن المعول عليه عملاً بقاعدة الأثر الفوري للمواعيد الإجرائية هو يوم الحكم في الدفع ومع ذلك فإن اختصام السيدة إيقت كان بصفتها وارثة للمرحوم عازر صليب، وأنه لما كانت التركة هي المطالبة بالدين كله ومن حق الدائن استيفاء دينه منها تحت يد أي وارث دون أن يكون له الدفع بانقسام الدين، فإن إعلان الاستئناف إلى السيدة ايقت يكون صحيحاً ولو تم بعد الميعاد ما دام باقي الورثة قد أعلنوا بالاستئناف في الميعاد.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن الفقرة الأولى من المادة السابعة من القانون رقم 100 لسنة 1962 قد نصت على أنه "لا تسري القاعدة الخاصة بالاستئناف إلا على الاستئناف الذي يرفع بعد العمل بهذا القانون أما الاستئناف الذي يكون قد رفع قبل ذلك فتتبع في شأنه النصوص السارية وقت رفعه" ولما كان يبين من الأوراق أن الاستئناف قد رفع قبل العمل بأحكام القانون سالف الذكر، فإنه تسري في شأنه أحكام المادة 406 مكرر مرافعات قبل إلغائها التي تقضي بوجوب إعلان الاستئناف إلى جميع الخصوم الذين وجه إليهم في ميعاد الثلاثين يوماً التالية لتقديم عريضة الاستئناف وإلا كان الاستئناف باطلاً وحكمت المحكمة به من تلقاء نفسها، وإذ التزم الحكم المطعون فيه حكم هذه المادة فإنه لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون، ولا يغني الطاعن ما يتمسك به من أن عدم انقسام الدين على التركة يؤدي إلى صحة اختصام كل الورثة ما دام الإعلان لأحدهم قد تم صحيحاً في الميعاد ذلك أن الطاعن اختصم أشخاص الورثة جميعهم، وإذ كان ذلك وكان ما يطالب الطاعن به الورثة من معجل الثمن الذي يزعم أنه دفعه والتعويض الذي قدره عن الضرر الذي لحق به ينقسم عليهم كل بقدر حصته التي آلت إليه من التركة فإنه لا يكون من شأن الاستئناف المقبول ضد بعض الورثة أن يزيل البطلان الذي لحق بالاستئناف بالنسبة للبعض الآخر.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول إن هذا الحكم أقام قضاءه برفض الدعوى تأسيساً على ما قرره من أن والد الطاعن هو الذي دفع معجل الثمن متبرعاً به لولديه، وأنه عدل عن هذا التبرع وأضاف الصفقة كلها إلى ذمته واستخلص الحكم ذلك من عدة قرائن شابها الفساد والقصور لأنه اعتبر أن تمسك الطاعن بما يدل عليه توقيعه على فسخه العقد المقدم منه من أنه كان طرفاً في العقد لا يجديه نفعاً قولاً منه بأن الثابت في تلك النسخة أنها مزيلة بإقرار مؤرخ 21/ 7/ 1947 متضمناً قبض البائع من والد الطاعن مبلغ 4200 ج من الثمن مما يستفاد منه أن هذه النسخة من العقد كانت تحت يد والد الطاعن وأن الطاعن استطاع الحصول عليها ثم التوقيع ويقول الطاعن أن هذا الذي ساقه الحكم يقوم على افتراض ظني لا يصلح لاستنباط أنه وقع على العقد في تاريخ لاحق لتحريره، كما استدل الحكم على أن والد الطاعن هو الذي دفع معجل الثمن من عبارة الإقرار الصادر من البائع، ومن أن الطاعن لم يقدم تبريراً لقيام والده بدفع ذلك المبلغ، وهو ما يجاوز نصف الباقي ووجه الفساد في هذا الاستدلال أن ذلك الإقرار لا يمكن حمله إلا على دفع المبلغ المبين فيه ولا شأن له بمعجل الثمن ما دام الثابت في العقد أن الطاعن وأخاه اشتريا تلك الأطيان، كما أن الحكم قد استفاد مما ذكره الطاعن في دفاعه من أن والده أراد ترضيته بعد شهر العقد فتقدم بطلب للشهر العقاري في سنة 1949، يتضمن بيعه للطاعن ولأخيه الأطيان ذاتها ولكنه عدل عن ذلك، استفاد الحكم من ذلك أن الطاعن لم يدفع شيئاً من مقدم الثمن لأنه لو كان قد فعل لرجع به على البائع وهو قول مشوب بالفساد في الاستدلال، لأن قول الطاعن أن والده أراد ترضيته قد يحمل على أن والده أراد تصحيح وضع خاطئ، كما أن الحكم استمد علم الطاعن بشراء أبيه وسكوته على ذلك في سنة 1947 إلى سنة 1956 مما ذكره الطاعن في صحيفة الدعوى رقم 466 سنة 56 مدني كلي المنيا، واستدل الحكم بهذا السكوت على أن والد الطاعن هو المشتري باسم ولديه، وأنه لما عدل عن ذلك لم يحرك الطاعن ساكناً لأنه كان يشارك أباه في الانتفاع بالأرض فلما تنازعا أقام عليه الدعوى سالفة الذكر ودعوى عمالية أخرى ودعوى الروكية رقم 618 سنة 58 ثم الدعوى الحالية وهو من الحكم تحميل لتصرفات الطاعن أكثر مما تحتمل واستدلال يقوم على الافتراض. ويضيف الطاعن إلى ما تقدم قوله أن الحكم ذكر أن الطاعن رغم علمه منذ سنة 1949 أن والده اشترى الأطيان لنفسه دونه ودون أخيه وسجل العقد في سنة 1947 لم يرفع الدعوى ضد البائع بفسخ العقد واسترداد ما دفع من الثمن، وإنما أقام الدعوى الحالية ضد والده وضد ورثة البائع بطلب التنفيذ بطريق التعويض وهو بذلك لم يسلك الطريق الطبيعي وهذا الذي ساقه الحكم ولا يصلح سنداً لرفض الدعوى لأن فيه إلزاماً بما لا يلزم، وإذ كان للطاعن عدة دعاوى فما ينبغي أن يؤاخذ لرفعه دعوى دون أخرى، واستدلال الحكم على أن البائع قد اعتبر معجل الثمن مدفوعاً من والد الطاعن دون الطاعن وأخيه هو استدلال مشوب أيضاً بالفساد وبالقصور لأنه مبنى على عبارة الإقرار الصادر من البائع في 21/ 7/ 1947 مع أن هذه العبارة لا يمكن حملها إلا على أن المبلغ المسدد في ذلك التاريخ وهو 4200 ج، وإنما كان مسدداً من المشترين لأن الثابت في العقد أن البيع كان لهما.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض الدعوى على قوله "وحيث إن المحكمة ترى من ظروف الدعوى ودفاع الخصوم وما قدموا من مستندات أن المرحوم وهبه عياد عبد الله اشترى الأطيان موضوع العقد الرقيم 15/ 5/ 1947 باسم ولديه شحاته والقاصر ثروت ودفع معجل الثمن البالغ قدره 7500 ج من ماله الخاص متبرعاً به لولديه وتسلم نسخة من العقد ثم عدل عن هذا التبرع وحرر العقد النهائي باسمه شخصياً، وليس صحيحاً ما يدعيه شحاته من أنه حضر مجلس العقد ودفع نصف معجل الثمن ووقع علي العقد وذلك مستفاد من القرائن الآتية (أولاً) أنه ليس يجدي شحاته وهبه التمسك بتوقيعه على نسخة عقد البيع المقدمة منه للتدليل على أنه كان طرفاً حقيقياً مشترياً بالعقد المذكور ودفع نصف معجل الثمن، ذلك أنه قد نص في عقد البيع على أنه حرر من نسختين تسلم كل طرف نسخة، مما مفاده أن البائع تسلم إحدى النسختين وسلمت الأخرى للمشترين، وإذا كان الثابت بالنسخة المقدمة من شحاتة أنها مذيلة بإقرار مؤرخ 21/ 7/ 1947 متضمناً قبض البائع مبلغ 4200 ج باقي الثمن من المرحوم وهبه عياد فإن هذا يقطع بأن هذه النسخة الثانية كانت تحت يد هذا الأخير وأن شحاته بحكم صلته في العمل بوالده استطاع الحصول على تلك النسخة والتوقيع عليها (ثانياً) ثابت من نسخة عقد البيع المقدمة من شحاته وهبه وهي سنده في الدعوى أنها قد ذيلت بإقرار من البائع مؤرخ 21/ 7/ 1947 يتضمن استلامه مبلغ 4200 ج وجاء بالإقرار ما نصه أنه تسلم هذا المبلغ من الخواجة وهبه عياد من ضمن الباقي طرفه من ثمن الأرض المبيعة منا لحضرته وهذا الإقرار الثابت على نسخة العقد التي يتمسك بها شحاته صريح في أن الثابت بعقد البيع أن الباقي من الثمن 8025 ج وأن مقتضى ذلك أن يدفع شحاته نصف هذا الباقي وقدره 4012.5 ج فإنه لم يقدم تعليلاً أو تبريراً لقيام والده بدفع مبلغ 4200 ج من باقي الثمن وهو يجاوز نصف الباقي الأمر الذي يدل على أنه لم يكن ملتزماً شخصياً بدفع شيء من الثمن (ثالثاً) ذكر شحاته وهبه في دفاعه أن والده أراد ترضيته بعد أن حرر العقد النهائي باسمه وتم تسجيله فتقدم بطلب للشهر العقاري في سنة 1949 يتضمن بيعه له ولأخيه القاصر ثروت نفس الأطيان التي اشتراها من الدكتور عازر صليب، ولكنه عاد فعدل عن هذا المشروع، وقدم شحاتة تأييداً لهذا الدفاع صورة رسمية من الطلب رقم 1882 ملوي المقدم بتاريخ 14/ 9/ 1949 لصالح شحاته وفضل وهبه عياد ضد وهبه عياد يتضمن طلب تحرير عقد بيع عن أطيان قدرها 50 ف و8 ط و8 س حسبما أظهرته المساحة وهي مشتراه من الدكتور عازر صليب بعقد مؤرخ 20/ 9/ 1947 ومسجل في 2/ 10/ 1947، والطلب مذيل بتوقيع وهبه عياد، وهذا القول من جانب شحاته يستفاد منه أنه لم يدفع شيئاً من مقدم الثمن الذي يطالب به حالياً إذ لو صح أنه دفع نصف معجل الثمن كما يدعي لما كان ثمة محل ليعمل والده على ترضيته بل إن سير الأمور الطبيعي كان يقتضي منه الرجوع بما دفع على البائع لا أن يحاول الحصول على ترضية من والده (رابعاً) لقد أقام شحاته وهبه عياد الدعوى رقم 466 سنة 56 كلي المنيا المضمومة ضد والده وهبه عياد وورثة البائع المرحوم عازر صليب بطلب الحكم بصحة التعاقد عن البيع الرقيم 15/ 5/ 1947 بالنسبة لنصف المساحة، وقال في صحيفة دعواه إنه ووالده بصفته اشتريا من المرحوم عازر صليب أطياناً قدرها 51 ف و18 ط، واستمرا ينتفعان بها سوياً إلى أن دب الخلاف بينهما أخيراً فتبين أن والده تواطأ مع البائع وسجل القدر جميعه باسمه خاصة والذي يخلص من ذلك أنه قد استلم الأطيان المبيعة هو ووالده ووضع اليد عليه وانتفعا بها من سنة 1947 حتى 1956، وأنه خلال هذه المدة كان يعلم بشراء والده الصفقة لنفسه، وهذا العلم مستفاد من قوله أن والده حاول ترضيته سنة 1949 ببيع الأطيان له ولأخيه القاصر وأنه ووالده تسلما الأرض وانتفعا بها وأنه لم يرفع الدعوى بصحة التعاقد إلا بعد أن دب الخلاف بينه وبين والده الأمر الذي يدل على أن وهبه عياد وهو المشتري باسم ولديه في عقد 15/ 5/ 1947 ولهذا فإنه لما عدل عن تبرعه واشترى لنفسه لم يحرك شحاته ساكناً لأن كان يشارك والده الانتفاع بالأرض إذ كان على حد تعبيره شريك عمره في العمل والكفاح ولما ثار النزاع بينهما في سنة 1957 لجأ إلى مقاضاته تارة في دعوى صحة التعاقد وأخرى في الدعوى العمالية ثم في دعوى الروكية رقم 618/ 58 كلي المنيا وأخيراً في الدعوى الحالية (خامساً) إنه على الرغم من علم شحاته وهبه منذ سنة 1949 بأن والده اشترى الصفقة لنفسه وتم تسجيل عقدها منذ سنة 1947 فإنه حتى الآن لم يجرؤ على رفع دعوى ضد البائع أو ورثته بطلب فسخ عقد 15/ 5/ 1947 واسترداد ما دفع من الثمن ولكنه بعد مضي اثنتي عشرة سنة يلجأ إلى رفع الدعوى الحالية ضد والده وورثة البائع يطلب فيها التعويض عن تفويت الصفقة عليه أي أنه يطلب التنفيذ بطريق التعويض لعدم تنفيذ البائع التزامه الناشئ عن عقد البيع، وهو طريق له الحق قانوناً في أن يلجأ إليه ولكنه لم يسلك الطريق الطبيعي وهو طلب فسخ العقد مع رد ما دفع من الثمن والتعويض لأنه يعلم في قرارة نفسه أنه لم يدفع شيئاً من معجل الثمن للبائع (سادساً) أنه لا خلاف بين الخصوم جميعاً في أن وهبه عياد حين أبرم العقد باسمه خاصة لم يدفع للبائع سوى الباقي من الثمن بعد استنزال ما دفع وقت التعاقد وما دفع في 21/ 7/ 1947 أي أنه أدخل في حساب المدفوع مبلغ 7500 ج قيمة المعجل في حين أنه لو صحت مزاعم شحاته وهبه من أنه دفع نصف المعجل لتمسك البائع باقتضاء هذا النصف من المشتري الجديد، وذلك دفعاً لرجوع شحاته عليه بما دفع ولكن البائع لم يفعل استناداً إلى أن وهبه عياد هو دافع المعجل كله من ماله الخاص" وما قرره الحكم في هذا الشأن واقع له أصله الثابت في الأوراق وهو يؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها ولا يجوز للطاعن أن يناقش كل قرينة على حدة لإثبات عدم كفايتها في ذاتها ويكون ما ذكره الطاعن في هذا الصدد جدلاً موضوعياً لا يجوز طرحه على محكمة النقض.
وحيث إن الطاعن ينعى في السبب الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في القانون والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم انتهى إلى أن العقد موضوع النزاع هو في حقيقته إيجاب بهبة وأنه لا دليل على علم الطاعن بهذا الإيجاب حتى ينتج أثره ويصبح لازماً للموجب إلى أن عدل عنه هذا الأخير واشترى الصفقة لنفسه، وهو قول غير صحيح في القانون، لأن العقد صريح في أنه عقد بيع ومن ثم لا يخضع لقواعد الهبة، كما أن العقد ليس صادراً من الواهب ولكنه صادر من الدكتور صليب فإذا قيل جدلاً أن والد المشترين دفع مقدم الثمن من ماله الخاص فإن ما يحكم العلاقة بينهما هو قواعد الإبراء من الالتزام وإذ كان الإبراء يتم بإرادة واحدة من جانب الدائن وقد وصل الإبراء إلى علم الطاعن ولم يرده بدليل توقيعه على العقد فإن الحكم يكون قد أخطأ في تطبيق القانون، ويضيف الطاعن إلى ما تقدم قوله إن الحكم لم يحدد تاريخ توقيع الطاعن على عقد البيع، وهل كان سابقاً على تاريخ العقد النهائي أو لاحقاً عليه وأنه لذلك يشوبه القصور.
وحيث إن هذا النعي مردود في شقه الأول بأنه متى كان الحكم المطعون فيه قد اعتبر للأسباب السائغة التي ذكرها على ما هو وراد في الرد على السبب الثاني أن ما ورد في العقد المؤرخ 15/ 5/ 1947 هو إيجاب بهبة غير مباشرة، وذلك على أساس ما ثبت لديه من أن المرحوم وهبه عياد هو الذي دفع مقدم الثمن من ماله الخاص فإنه لا يكون ثمة محل لإعمال قواعد الإبرام، والنعي مردود في شقه الثاني بأنه متى كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه في هذا الخصوص على أساس أن أوراق الدعوى قد خلت من الدليل على وصول إيجاب الهبة إلى علم الطاعن قبل عدول الواهب عنها بتحرير عقد 2/ 9/ 1947 فإنه لا يعيبه عدم تحديده لتاريخ توقيع الطاعن على نسخة العقد المؤرخ 15/ 5/ 1947 المقدمة منه.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 31 لسنة 31 ق جلسة 19 / 6 / 1963 مكتب فني 14 ج 2 أحوال شخصية ق 123 ص 866

جلسة 19 من يونيه سنة 1963

برياسة السيد/ محمد فؤاد جابر نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمد زعفراني سالم، وأحمد أحمد الشامي، وقطب عبد الحميد فراج، ومحمد ممتاز محمد نصار.

----------------

(123)
الطعن 31 لسنة 31 ق "أحوال شخصية"

وقف. "الاستحقاق في الوقف" "المصادقة على الاستحقاق".
يعمل بالمصادفة على الاستحقاق وإن خالفت كتاب الوقف وذلك في حق المقر خاصة. يرد هذا الإقرار إلى الواقف نفسه فيعتبر كأنه استحقاق بشرط الواقف. لا وجه للتفريق بين المستحق بشرط الواقف أو بإقرار مستحق آخر. وجود كل من المقر والمقر له على قيد الحياة عند صدور القانون 180 لسنة 1952، استحقاق المقر له بالحصة المقر له بها.

------------------
يعمل بالمصادفة على الاستحقاق في الوقف وإن خالفت كتاب الوقف وذلك في حق المقر خاصة، ويرد هذا الإقرار إلى الواقف نفسه فيعتبر كأنه استحقاق بشرط الواقف ولا وجه للتفريق بين المستحق بشرط الواقف أو بإقرار مستحق آخر في حكم القانون 180 لسنة 1952. فإذا كان الثابت من وقائع الدعوى أن كلاً من المقرين والمقر لهما كانوا على قيد الحياة عند صدور هذا القانون فيكون الأخيران مستحقين للحصة المقر لهما بها. ولا محل للقول بوجوب قصر الاستحقاق على الغلة وحدها دون اعتبار المقر لهما مستحقين في الوقف استحقاقاً عادياً. كما أنه لا محل للتحدي بالمادة 20 من القانون رقم 48 لسنة 1946 بأحكام الوقف والتي تقضي بإبطال إقرار الموقوف عليه لغيره بكل أو بعض استحقاقه لأنها لا تسري على الماضي طبقاً لنص المادة 57 منه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أنه بموجب حجة شرعية مؤرخة 24 ذي الحجة سنة 1314 هـ وقفت المرحومة زينب هانم كامي أطياناً زراعية مساحتها 872 فداناً و4 قراريط و3 أسهم مبينة بالحجة على مستحقين عينتهم وشرطت لنفسها الشروط العشرة وبموجب إشهاد رسمي مؤرخ في 4 ذي الحجة سنة 1323 غيرت الواقفة وبدلت في شروط وقفها بأن جعلت إنشاء وقفها على نفسها ثم من بعدها يكون السدس والثمن (7 قراريط) وقفاً على زوجها أمين عبد الله ثم من بعده على نجليه فريد أمين وعباس حلمي أمين وعلى من سيحدثه الله لكل من الواقفة وزوجها من ذرية إلا أن الواقفة لم تنجب من زوجها ذرية وبذلك صار الاستحقاق في هذه الحصة إلى السيدين فريد أمين وعباس حلمي أمين مورثي الطاعنين وجعلت الحصة التي قدرها عشرة قراريط وقفاً على السيدين المذكورين وآخرين بالسوية بينهم ثم من بعد كل منهم يكون نصيبه من ذلك وقفاً على أولاده وذريته ونسله وقد استحق كل من السيدين بذلك قيراطاً وثلث قيراط وجعلت الواقفة الحصة التي قدرها ثلاثة قراريط وقفاً على بعض الخدم وعددهم تسعة وكل من مات منهم يكون ما هو موقوف عليه من ذلك منضماً وملحقاً بوقف العشرة قراريط المذكورة ويكون حكمه كحكمه وقد مات الموقوف عليها المذكورون جميعاً وبذلك آل نصيبهم إلى السيدين المذكورين وقد حرمت الواقفة نفسها من الشروط العشرة وقد أقام السيدان المذكوران الدعوى رقم 1246 سنة 1956 أحوال شخصية القاهرة ضد المطعون عليها ذكرا فيها الوقائع المتقدمة وأضافا أن المرحوم حسين باشا رشدي عين رئيساً لمجلس الشيوخ وكان إذ ذاك وكيلاً عن الواقفة فرأى إدخال المطعون عليهما الأولين مستحقين في الوقف ولما لم يكن ذلك ممكناً لحرمان الواقفة نفسها من الشروط العشرة فقد استكتب مورثي الطاعنين إقراراً مؤرخاً في 5 فبراير سنة 1927 تضمن أن الواقعة عند عمل إشهاد التغيير المؤرخ في 4 ذي الحجة سنة 1323 جعلت الحصة التي قدرها الربع والسدس "عشرة قراريط" من بعدها وقفاً على المطعون عليها وآخرين وهم باقي الموقوف عليهم عدا المقرين وجعلت المطعون عليها الأولى مستحقة لثلث الحصة المذكورة ما دامت على قيد الحياة، فإذا توفيت كانت الحصة المذكورة للمقرين مناصفة بينهما وأن هذا هو ما نطقت به الواقفة عند تغيير وقفها بالإشهاد الأخير وأنهما يقرران بأن ما نطقت به الواقفة حينما جعلت الثلاثة القراريط وقفاً على من ذكرتهم بحجة التغيير وهم الخدم التسعة يكون مستحقاً لسرور مرعي والمطعون عليه الثاني وآخرين ينتفع كل منهم بما يؤول إليه مدة حياته فإذا مات أي أحد منهم ألحقت حصته بالعشرة القراريط وأنه لا حق للمقرين في نصيب من يتوفى من التسعة المذكورين ولا مدة حياة باقي الموقوف عليهم في حصة العشرة القراريط وقال مورثا الطاعنين إنهما وقعا هذا الإقرار نتيجة تهديد المرحوم حسين باشا رشدي لهما بحرمانهما من الاستحقاق في الوقف وأنها تقدما بشكوى للنيابة العامة أعقبها تحقيق حول الإكراه وأن الواقفة أقرت لهما كتابة في 9 فبراير سنة 1927 بأن ما تضمنه إشهاد التغيير المؤرخ 4 ذي الحجة سنة 1323 هو المطابق تماماً لما صدر منها وأنه بوفاة الواقفة وزوجها انتقل استحقاق العشرة قراريط إلى من أشير إليهم بحجة التغيير ولكن المطعون عليها الأولى أقامت عليهما دعوى أمام المحكمة الشرعية قيدت برقم 132 سنة 33/ 1934 مطالبة باستحقاقها في الوقف استناداً إلى الإقرار المذكور وقد قضى لها فيها بطلباتها بتاريخ 23 أكتوبر سنة 1934 وباستحقاقها للحصة الواردة في الإقرار ما دامت هي والمقرين على قيد الحياة وقد تأيد هذا الحكم من المحكمة العليا الشرعية ولما كانت المحكمة الشرعية حكمت بصحة الإقرار ورفضت دفاع المقرين بأنه صدر تحت تأثير الإكراه ولا ولاية لها في الفصل في هذا النزاع فلا حجة للحكم الصادر منها في هذا الشأن وفضلاً عن ذلك فإن الإقرار في حد ذاته ليست له قيمة قانونية إذ هو ليس إقراراً بالمعنى الصحيح وإنما هو حكاية عن الغير أي شهادة مردودة لأنها شهادة لغير شاهد إذ لم يكونا حاضرين مجلس التغيير في حجة الوقف وأنه بفرض الاعتداد جدلاً بالإقرار فإنه لا يعدو أن يكون تنازلاً عن الانتفاع مع بقاء ملكية الرقبة المقرين ولذلك فقد طلبا الحكم أصلياً ببطلان الإقرار المؤرخ في 5 فبراير سنة 1927 واحتياطياً جعل أثره مقصوراً على تقرير حق انتفاع للمطعون عليهما مدة حياتهما وحياة المقرين وقضت محكمة القاهرة في 23 فبراير سنة 1959 بالطلبات الاحتياطية فاستأنف الطاعنون هذا الحكم وقيد الاستئناف برقم 46 سنة 76 ق استئناف القاهرة كما استأنفه المطعون عليهما الأولان بالاستئنافين رقمي 61، 62 سنة 76 ق وقضت محكمة الاستئناف في 13 إبريل سنة 1961 برفض استئناف الطاعنين وبإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من الحد من آثار الإقرار المؤرخ في 5 فبراير سنة 1927 وبرفض دعوى الطاعنين فقرر الطاعنون بالطعن في هذا الحكم بطريق النقض بتاريخ 9 مايو سنة 1961 وطلبوا للأسباب الواردة في التقرير نقض الحكم المطعون فيه وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت بجلسة 28 أكتوبر سنة 1962 إحالته على هذه الدائرة حيث صمم الطاعنون على طلب نقض الحكم وطلبت المطعون عليها الأولى رفضه ولم يحضر باقي المطعون عليهم ولم يبدوا دفاعاً وصممت النيابة العامة على طلب رفض الطعن.
وحيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب حاصلها أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله ذلك أن الاستحقاق في الوقف إنما يستمد من الواقف بناء على ما يشترط في وقفه من الشروط ولا استحقاق إلا بنص من الواقف ولا يطلق اسم المستحق في الوقف إلا على من له استحقاق فيه بشرط الواقف ويترتب على ذلك أن المراد بالمستحقين في المادة 3 من القانون رقم 180 لسنة 1952 بإنهاء الوقف على غير الخيرات إنما هم المستحقون بشرط الواقف ويؤيد هذا النظر ما جاء في المذكرة الإيضاحية للقانون المذكور من أنه "يقصد بالمستحق في هذا الشأن كل من شرط له الواقف نصيباً في الغلة أو سهماً أو مرتباً" وأحالت المادة الثالثة المذكورة لتعيين حصص المستحقين على المواد 36، 37، 38، 39 من قانون الوقف رقم 48 سنة 1946 وقد نصت كلها على شرط الواقف في الاستحقاق وقرر الفقهاء أن إقرار المستحق لا يتجاوز المقر إلى غيره بمعنى أنه لا يكون مستحقاً في نظر الغير وهذا الإقرار لا يعني أنه موقوف عليه بل إنه يستحق الريع الذي أقر به المقر في نظره وبناء على ذلك فإذا عبر أي قانون بلفظ المستحق فإن المراد به المستحق حقيقة في نظر القانون لا في زعم أي أحد من الناس لأن القوانين إنما تتحدث عن معان وصفات تستند إلى أسباب شرعية قانونية وعلى ذلك فالمستحق في حكم القانون رقم 180 سنة 1952 هو المستحق بمقتضى كتاب الوقف لا المستحق في زعم أي شخص آخر ولذلك فإن الحكم المطعون فيه قد أخطأ حيث قرر أن الشارع عند إصداره للقانون رقم 180 سنة 1952 قصد أيلولة الملكية للمستحق عند صدوره والعمل به يستوي في ذلك أن يكون الاستحقاق ثابتاً بكتاب الوقف أو بإقرار المستحق وما قاله الحكم من أن الاستحقاق بإقرار المستحق يرد إلى إرادة الواقف غير صحيح: أولاً - لأنه لو كان هذا صحيحاً لما نص الشارع في المادة 20 من القانون رقم 48 لسنة 1946 على بطلان إقرار الموقوف عليه لغيره. ثانياً - لو أن مستحقاً في وقف أقر لمراب بأنه هو المستحق دونه فلا يستساغ القول مطلقاً بأن القانون 180 سنة 1952 المذكور يملك أعيان الوقف لهذا المرابي. ثالثاً - ما أوردته المذكرة الإيضاحية لقانون الوقف من أن الإقرار بالاستحقاق وسيلة لبيع الاستحقاق لا يمكن أن ينزل منزلة الاستحقاق بشرط الواقف. رابعاً - لو أن الإقرار بالاستحقاق كالاستحقاق بشرط الواقف لتعين إعمال الإقرار حتى لو تعدى إلى غير شخص المقر بعد وفاته وهو ما لم يقل به أحد بل أنكره نفس الحكم المطعون فيه. خامساً - لو أن الإقرار بالاستحقاق كالاستحقاق بشرط الواقف لما اختلف فيه الفقهاء وفقهاء الحنفية أنفسهم. سادساً - أنه في خصوص الإقرار محل النزاع فالثابت أن الواقعة أقرت عقبه في 9 فبراير سنة 1927 بأن النص الوارد في حجة التغيير مطابق تمام المطابقة لما نطقت به مما يسقط الإقرار محل النزاع وينفي ما أثبته الحكم من أنه مستند إلى شرط الواقف وقال الطاعنون إن من أجاز الإقرار بالاستحقاق من الفقهاء أسسوا مذهبهم على أن ريع الوقف الصادر بشأنه الإقرار حق للمقر وإذ كان ذلك أمكنه أن ينصرف فيه بإعطائه لغيره فالإقرار في حقيقته تنازل من المقر عن غلة العين الموقوفة للمقر له وقد أخطأ الحكم المطعون فيه إذ لم يعتد بهذا النظر كما أن الحكم المذكور قد أقام قضاءه على ما قضت به المحكمة الشرعية في شأن الإقرار موضوع الدعوى ولكنه لم يلتزم حكمها إذ فرقت بين دعوى الاستحقاق بشرط الواقف وبين الاستحقاق بإقرار المستحق.
وحيث إن هذا النعي مردود في جملته ذلك أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه على "أن أحداً من فقهاء الشريعة الإسلامية لا يعرف استحقاقاً ما بغير شرط الواقف والراجح من أقوال فقهاء الحنفية صحة إقرار المستحق ونفاذه بشرط أن يكون هذا الإقرار لأمر عرفة المقر عن الواقف ورتبوا على ذلك أن الاستحقاق يعتبر مردوداً لإرادة الواقف كما لو كان قد صدر منه وحتى لو كان ذلك مخالفاً لما هو مكتوب..." ومن حيث إنه وقد انتهت المحكمة إلى أن مرد الاستحقاق للمستأنفين (المطعون عليهم الأولين) إنما هو إلى إرادة الواقفة وإلى أنهما كانا مستحقين وقت صدور القانون رقم 180 سنة 1952 بإنهاء الوقف على غير الخيرات... وأن الشارع عند إصداره القانون رقم 180 سنة 1952 المذكور لم يستهدف سوى إلغاء الوقف وحبس أعيان الوقف عن التداول وأيلولة الملكية للمستحقين عند صدوره والعمل به كل بقدر حصته في الاستحقاق يستوي في ذلك أن يكون الاستحقاق ثابتاً بكتاب الوقف أو بإقرار المستحق ونص القانون مطلق وصريح لا لبس فيه ولا غموض في أيلولة الملكية للمستحقين الحاليين كل بقدر حصته في الاستحقاق... وأن المقرين... كانا على قيد الحياة عندما صدر القانون رقم 180 لسنة 1952 وكذلك كان المقر لهما (المطعون عليهما الأولان) ومقتضى ذلك أن الإقرار كان نافذاً في حق المقرين عند صدور هذا القانون" وهذا الذي أورده الحكم لا مخالفة فيه للقانون ذلك أنه من المقرر أنه يعمل بالمصادقة على الاستحقاق وإن خالفت كتاب الوقف لكن في حق المقر خاصة وأن هذا الإقرار يرد إلى الواقف نفسه فيعتبر كأنه استحقاق بشرط الواقف وأن القانون رقم 180 سنة 1952 أطلق لفظ المستحق فلا وجه للتفريق بين المستحق بشرط الواقف والمستحق بإقرار مستحق آخر لما كان ذلك، وكان الثابت من وقائع الدعوى أن كلاً من المقرين والمقر لهما المطعون عليهما الأولين كانوا على قيد الحياة عند صدور القانون رقم 180 سنة 1952 فيكونا مستحقين للحصة المقر لهما بها في ذلك الوقت وقد قضت المحكمة الشرعية نهائياً باستحقاقهما لها ما دام المقران والمقر لهما بها على قيد الحياة ولا محل لتحدي الطاعنين بالمادة 20 من قانون الوقف لأنها لا تسري على الماضي طبقاً لنص المادة 57 من قانون الوقف رقم 48 سنة 1946 كما أنه لا سند لما يذهب إليه الطاعنون من وجوب قصر ذلك على استحقاق الغلة وحدها دون اعتبار المقر لهما مستحقين في الوقف استحقاقاً عادياً ولما كان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر فإن النعي عليه يكون على غير أساس ويتعين رفضه.

الطعن 47 لسنة 37 ق جلسة 10 / 6 / 1971 مكتب فني 22 ج 2 ق 124 ص 756

جلسة 10 من يونيه سنة 1971

برياسة السيد المستشار/ إبراهيم عمر هندي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: السيد عبد المنعم الصراف، وعثمان زكريا، ومحمد سيد أحمد حماد، وعلي عبد الرحمن.

-------------

(124)
الطعن رقم 47 لسنة 37 القضائية

(أ) موظفون: "مسئولية". "مسئولية تقصيرية".
علاقة الموظف بالحكومة. علاقة تنظيمية. مسئولية أمناء المخازن مصدرها القانون وليس العمل غير المشروع.
(ب) تقادم. "تقادم مسقط". موظفون. مسئولية. قانون.
المادة 172 مدني. قصر تطبيقها على تقادم دعوى التعويض الناشئة عن العمل غير المشروع، دون غيره عن مصادر الالتزام.
دعوى التعويض ضد أمين المخزن لمخالفته الواجبات المفروضة عليه قانوناً. منشؤها القانون. سقوطها بالتقادم العادي.

---------------
1 - علاقة الموظف بالحكومة هي علاقة تنظيمية، تحكمها القوانين واللوائح الصادرة بشأنها، والتي تحدد حقوق وواجبات كل وظيفة بصرف النظر عن شاغلها، وقد بين المشرع حقوق الموظفين وحدد واجباتهم والأعمال المحرمة عليهم في الفصل السادس من الباب الأول من القانون رقم 210 لسنة 1951، وأوجبت المادة 82 مكرر المضافة إلى أحكام هذا الفصل بالقانون رقم 73 لسنة 1957 على الموظف مراعاة الأحكام المالية المعمول بها وحرمت عليه في الفقرة الرابعة منها مخالفة قانون ولائحة المناقصات والمزايدات ولائحة المخازن والمشتريات، وعلى وجه العموم القواعد والأحكام المالية، ويبين من نص المادتين 45 و349/ 2 من لائحة المخازن والمشتريات، أن مسئولية أمناء المخازن وجميع أرباب العهد عما في عهدتهم، لا تنسب إلى العمل غير المشروع بل تنسب إلى القانون الذي أنشأها.
2 - نص المادة 172 من القانون المدني الذي استحدث تقادم الثلاث سنوات بالنسبة لدعوى التعويض الناشئة عن العمل غير المشروع من اليوم الذي علم فيه المضرور بحدوث الضرر وبالشخص المسئول عنه وهو نص استثنائي على خلاف الأصل العام في التقادم، قد ورد في خصوص الحقوق التي تنشأ عن المصدر الثالث من مصادر الالتزام في القانون المدني، وهو العمل غير المشروع بحيث لا يجوز تطبيقه بالنسبة إلى الحقوق الناشئة عن مصادر أخرى، إلا إذا وجد نص خاص يقضي بذلك، وإذ لم يرد بنصوص القانون، ما يجيز تطبيق نص المادة 172 من القانون المدني بالنسبة لدعوى التعويض الناشئة عن مخالفة أمناء المخازن وأرباب العهد للواجبات المفروضة عليهم في المادة 82 مكرر من القانون رقم 73 لسنة 1957 والمادة 45 من لائحة المخازن والمشتريات التي تبناها القانون المذكور، فإن هذه الدعاوى لا تسقط إلا بالتقادم العادي، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر ونسب دعوى التعويض المرفوعة من الطاعن (وزارة الشئون) - ضد أمين المخزن - إلى العمل غير المشروع وأخضعها للتقادم الاستثنائي المنصوص عنه في المادة 172 من القانون المدني، وجعل لائحة المخازن والمشتريات في مرتبة أدنى من مرتبة التشريع بحيث تعجز عن تعطيل القواعد العامة المقررة في القانون رغم إقرار القانونين 172 لسنة 1951 و73 لسنة 1957 لها وجعلهما من مخالفة أحكامها جرائم تأديبية، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن وزارة الشئون الاجتماعية أقامت الدعوى رقم 418 سنة 61 مدني كلي القاهرة ضد إبراهيم عوض الله وصابر علي خليل طالبة الحكم بإلزامهما متضامنين بأن يدفعا لها مبلغ 659 ج و340 م مع الفائدة القانونية من تاريخ المطالبة حتى السداد مع المصاريف والأتعاب والنفاذ بلا كفالة، وقالت في بيانها إن المدعى عليهما كانا يعملان بمنطقة الشئون الاجتماعية والعمل بالجيزة واتهما في الجناية رقم 211 سنة 1957 كلي الجيزة مع آخرين بأنهم في ليلة 24/ 5/ 1957 بناحية العجوزة بصفتهما موظفين عموميين استوليا بغير حق على صفائح الجبن المبينة بالمحضر والمملوكة للدولة، وقد حكم في 11/ 1/ 1958 بحسبهما ستة أشهر وبتغريمهما متضامنين 500 قرش وبعزلهما من وظيفتهما، وإذ بلغ العجز في قيمة ما كان لديهما من صفائح الجبن والمسلى 659 ج و340 م، فقد أقامت الدعوى لمطالبتهما بمقابل ما أصاب المنطقة من ضرر عملاً بالمادة 163 من القانون المدني وبصحيفة أعلنت في 19/ 5/ 1964 أدخلت الوزارة محمد توفيق عثمان أغا أمين مخزن المنطقة في تاريخ الحادث خصماً في الدعوى طالبة الحكم بإلزامه بأن يدفع لها مبلغ 725 ج و274 م من ذلك مبلغ 659 ج و340 م قيمة العجز السابق مضافاً إليه 65 ج و934 م وهو ما يوازي 10% نظير المصاريف الإدارية استناداً إلى أن الصفائح كانت في عهدته وأنه المسئول عما يحدث بها من عجز طبقاً لحكم المادة 45 من لائحة المخازن والمشتريات، ثم عادت وطلبت بمذكرتها الختامية الحكم بإلزام المدعى عليهم الثلاثة متضامنين بأن يدفعوا لها مبلغ 725 ج و274 م والمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة، ودفع المدعى عليه الثالث بسقوط الدعوى بالنسبة له بالتقادم بانقضاء أكثر من ثلاث سنوات بين تاريخ وقوع الجريمة في 24/ 5/ 1957 وهو اليوم الذي علم فيه المدعى بحدوث الضرر وبالشخص المسئول عنه عملاً بالمادة 172 من القانون المدني، وأضاف أنه لم يكن أميناً للمخزن بالمعنى المقصود في لائحة المخازن، بل كان سكرتيراً لوحدة الدقي الاجتماعية الكائن بها المخزن، ثم أضيفت إليه عهدته ولم تكن هذه الإضافة تتطلب منه فتح المخزن يومياً وملاحظة سلامة ما به من موجودات، وإذ تنفي دفاتر الجرد الموجودة بالمنطقة خطأه وتقصيره، وكان حادث الاختلاس الذي أدى إلى حصول العجز في عهدته والذي ارتكبه عاملان بالوحدة حادثاً قهرياً وخارجاً عن إرادته فإنه لا يجوز مساءلته عن هذا العجز، وفي 12/ 11/ 1964 حكمت المحكمة (أولاً) بإلزام المدعى عليهما الأول والثاني على وجه التضامن بأن يدفعا للمدعى بصفته مبلغ 659 جنيه و340 م والفوائد القانونية بواقع 4% من تاريخ صدور الحكم حتى تاريخ الوفاء (ثانياً) بقبول الدفع المبدى من المدعى عليه الثالث محمد توفيق عثمان أغا بسقوط الدعوى والحكم بسقوطها قبله (ثالثاً) إلزام الطرفين المصروفات المناسبة لما قضى به قبل كل منهما وأمرت بالمقاصة في أتعاب المحاماة ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات، واستأنفت المدعية هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة طالبة إلغاءه فيما قضى به في الشقين الثاني والثالث منه والحكم برفض الدفع بسقوط حق الوزارة في رفع الدعوى قبل المدعى عليه الثالث وإلزامه بأن يدفع لها مبلغ 725 ج و279 م والفوائد القانونية بواقع 4% من يوم المطالبة الرسمية حتى تمام السداد متضامناً في ذلك مع المدعى عليهما الأولين، وقيد هذه الاستئناف برقم 1784 سنة 81 قضائية، وفي 29/ 11/ 1966 حكمت المحكمة برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف، وطعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض للسبب الوارد في بالتقرير، وعرض الطعن على هذه الدائرة حيث أصرت الطاعنة على طلب نقض الحكم، ولم يحضر المطعون عليهم ولم يقدموا دفاعاً، وقدمت النيابة العامة مذكرة طلبت فيها نقض الحكم بالنسبة للمطعون عليه الثالث.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة في سبب الطعن أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه من وجوه (أولها) أنه اعتبر أن مصدر التزام المطعون عليه الثالث هو العمل غير المشروع مع أن الثابت في واقعة الدعوى أنه كان أمين مخزن العهدة الذي حدث فيه العجز المطالب بالتعويض عنه، وأن علاقته بالوزارة الطاعنة هي علاقة موظف عمومي بفرع من فروع الحكومة، وقد استقر الرأي على أن علاقة الحكومة بموظفيها ليست علاقة تعاقدية بل هي علاقة تنظمها القوانين واللوائح، تنشأ عنها حقوق للموظف تنحصر بصفة عامة في المقابل المادي الذي يتقاضاه من الدولة وفيما يحصل عليه من إجازات مختلفة، كما تنشأ عنها التزامات عليه من بينها الالتزام بأداء مهام وظيفته طبقاً للأوضاع التي يحددها القانون ومن ثم فإن ما ينشأ عن هذه العلاقة من حقوق والتزامات يكون مصدرها المباشر هو القانون لا العمل غير المشروع، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله (وثانيها) أنه قد ترتب على خطأ الحكم السابق خطأ آخر هو قضاؤه بسقوط حق الوزارة في التعويض عملاً بنص المادة 172 من القانون المدني، مع أنه نص استثنائي ورد على خلاف الأصل العام في التقادم، وخاص بالالتزامات الناشئة عن العمل غير المشروع ولا يسري على الالتزامات التي مصدرها القانون، وإذ كانت المادة 45 من لائحة المشتريات المصدق عليها من مجلس الوزراء في 6/ 11/ 1948 ونصوص القانون رقم 210 سنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة هي مصدر التزام المطعون عليه الثالث بالتعويض، وكان المشرع لم يضع نصاً خاصاً يحدد به مدة تقادم الالتزام الناشئ عنهما بأقل من 15 سنة، فإن لازم ذلك إعمال القاعدة العامة المنصوص عنها في المادة 374 من القانون المدني، والتي تنص على تقادم الالتزام بخمس عشرة سنة، وإذ خالف الحكم ذلك فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله (وثالثها) أنه باعتناقه ما قرره الحكم الابتدائي من أن لائحة المخازن والمشتريات ليست بعقد وليست إلا ترديداً للقواعد العامة وتقريراً لأحكام القانون وهي في مرتبه أدنى من التشريع فلا تعدل أو تعطل أحكامه، وأن المادة 45 منها بما قررته ليست مصدراً تشريعياً وأنها لذلك تفقد قوتها الملزمة ولا تنزل منزلة التشريع يكون قد خالف القانون، ذلك أنه من المسلم به أن لائحة المخازن والمشتريات تتضمن الأحكام الواجبة التطبيق فيما يتعلق بعهد موظفي الدولة، ولم يتضمن القانون المدني أو غيره من القوانين ما يتعارض مع أحكام هذه اللائحة، وليس ثمة ما يحول بين قيام أحكامها إلى جانب نصوص القوانين الأخرى طالما أنها لم تلغ أو تعدل، كما لا يقبل القول بأن القوة الملزمة قاصرة على التشريعات وحدها، إذ أن للوائح قوة ملزمة بالنسبة لما تضمنته من أحكام ما دامت لا تتعارض مع نصوص أعلا منها مرتبة، وإذ كان ذلك فإن إسناد مسئولية المطعون عليه الثالث إلى المادة 45 من لائحة المخازن يكون سليماً ولا يسقط حق الطاعن في مطالبته المطعون عليه الثالث إلى المادة 45 من لائحة المخازن يكون سليماً ولا يسقط حق الطاعن في مطالبته المطعون عليه الثالث بالتعويض عن العجز إلا بخمس عشرة سنة.
وحيث إن هذا النعي صحيح، ذلك أنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه على أن ما يثيره المستأنف في أسباب استئنافه إن هو إلا ترديد لدفاعه الذي أبداه أمام محكمة أول درجة، وأن الحكم المستأنف قد رد عليه بأن "المسئولية بهذا الوصف أساسها العمل غير المشروع، وأنه وإن كان كل التزام مصدره القانون كالعقد والعمل غير المشروع والإثراء بلا سبب فإن لها مصدر مباشر هو الذي رتب عليه القانون إنشاءها وحدد أركانها وأحكامها بالتعويض عن ضرر أصاب الغير بسبب خطأ المسئول مصدره المباشر العمل غير المشروع وإن كان مصدره غير المباشر هو القانون، فالقانون هو الذي جعل هذه الأعمال مصادر عامة للالتزام" وما قرره الحكم صحيح في القانون لأن العقد والعمل غير المشروع والإثراء بلا سبب إذا كانت تعتبر من مصادر الالتزامات فلأن القانون أراد لها ذلك وكل ما يندرج تحت مصدر منها يأخذ حكم هذا المصدر وقد تكفل القانون أيضاً ببيان أحكام كل التزام حسب مصدره وإلى جانب هذه المصادر توجد التزامات أخرى تستند إلى تصرف قانوني أو إلى عمل مادي ولكن لا يستند إليه لا كمصدر عام ينشئ الالتزام في هذه الحالة وفي غيرها من الحالات، بل ينشئ الالتزام في هذه الحالة وحدها دون غيرها، والقانون هو المصدر المباشر لهذا الالتزام كما هو الشأن في التزامات الأسرة والتزامات الجوار فهي التزامات لا يمكن ردها إلى مصدر من مصادر الالتزامات المعروفة والتي سبق الإشارة إليها، ولكن القانون وحده هو المصدر المباشر لها ولا سبيل إلى تحديده هذه الالتزامات القانونية إلا بالنص، فهو وحده الذي ينشئها وهو وحده الذي يتكفل بتعيين أركانها وأحكامها... وأنه بناء على ما تقدم يبين أن النصوص التي أشار إليها المستأنف في دفاعه أمام محكمة أول درجة الواردة في القانون 210 سنة 1951 بشأن موظفي الدولة والذي كان معمولاً به وقت وقوع العجز والمادة 45 من لائحة المخازن والمشتريات لم تنشئ التزاماً جديداً في حق الموظف الذي يهمل في عمله أو الذي لا يبذل العناية الكافية التي يتطلبها أداء هذا العمل على الوجه الأكمل - إنما هي في حقيقتها والواقع من أمرها ترديد لالتزام عام ضمنه المشرع المادة 163 من القانون المدني والتي تنص على أن كل خطأ سبب ضرراً للغير يلزم من ارتكبه بالتعويض - فلو لم توجد النصوص التي أشار إليها المستأنف لبقى الموظف مسئولاً عن خطئه على أساس المادة 163 من القانون المدني - وهي مع وجودها لا تكفي وحدها لتبيان أركان هذا الالتزام وتحديد أحكامه، إنما مرد ذلك إلى المواد التالية للمادة 163 التي بينت أركان هذا الالتزام وفصلت أحكامه - ومن غير المعقول أن تنصرف نية المشرع إلى فرض التزام قانوني جديد غير معروف من قبل كما ذهب المستأنف إلى ذلك في دفاعه وصحيفة استئنافه ولا يبين أركان هذا الالتزام ويفصل أحكامه وهو إن فعل ذلك لأصبح هذا الالتزام غفلاً عن جزاء يحميه ويضمن تنفيذه... وأنه بالبناء على ما تقدم يكون حكم محكمة الدرجة الأولى الذي اعتبر أساس مسئولية الموظف عن الخطأ أو الإهمال الذي يقارفه أثناء وظيفته من قبيل المسئولية التقصيرية وأجرى عليه أحكام هذه المسئولية في محله للأسباب السالف الإشارة إليها وللأسباب الواردة به والتي تأخذ بها هذه المحكمة..." وهذا الذي قرره الحكم مخالف للقانون، ذلك أن علاقة الموظف بالحكومة هي علاقة تنظيمية تحكمها القوانين واللوائح الصادرة بشأنها والتي تحدد حقوق وواجبات كل وظيفة بصرف النظر عن شاغلها، وإذ بين المشرع حقوق الموظفين ثم حدد واجباتهم والأعمال المحرمة عليهم في الفصل السادس من الباب الأول من القانون رقم 210 سنة 1951 وكانت المادة 82 مكرر المضافة إلى أحكام هذا الفصل بالقانون رقم 73 سنة 1957 المعمول به من تاريخ نشره في 4/ 4/ 1957 قبل فقد وسرقة الصفائح قد أوجبت على الموظف مراعاة الأحكام المالية، المعمول بها وحرمت عليه في الفقرة الرابعة منها مخالفة قانون ولائحة المناقصات والمزايدات ولائحة المخازن والمشتريات وعلى وجه العموم القواعد والأحكام المالية، وكانت المادة 45 من لائحة المخازن والمشتريات المنوه عنها بالقانون المذكور والتي قررت من قبل المادة 4 من المرسوم بقانون 132 لسنة 1952 محاكمة من يخالفها تأديبياً - قد نصت على أن أمناء المخازن وجميع أرباب العهد المسئولين شخصياً عن الأصناف التي في عهدتهم وعن حفظها والاعتناء بها وعن صحة وزنها وعددها ومقاسها ونوعها وعن نظافتها وصيانتها من كل ما من شأنه أن يعرضها للتلف أو الفقد ولا تخلي مسئوليتهم إلا إذا ثبت للمصلحة أن ذلك قد نشأ عن أسباب قهرية أو ظروف خارجة عن إرادتهم ولم يكن في الإمكان التحوط لها نصت الفقرة الثانية من المادة 349 منها على أن الأصناف التي تفقد أو تتلف بسبب سرقة أو حريق أو أي حادث آخر كان في الإمكان منعه فيسأل عنها من كانت في عهدته تلك الأصناف حين حصول السرقة أو التلف، فإنه يبين أن مسئولية أمناء المخازن وجميع أرباب العهد عما في عهدتهم لا تنسب إلى العمل غير المشروع بل تنسب إلى القانون الذي أنشأها، لما كان ذلك وكان نص المادة 172 من القانون المدني الذي استحدث تقادم الثلاث سنوات بالنسبة لدعوى التعويض الناشئة عن العمل غير المشروع من اليوم الذي علم فيه المضرور بحدوث الضرر وبالشخص المسئول عنه - وهو نص استثنائي على خلاف الأصل العام في التقادم - قد ورد في خصوص الحقوق التي تنشأ عن المصدر الثالث من مصادر الالتزام في القانون المدني وهو العمل غير المشروع بحيث لا يجوز تطبيقه بالنسبة إلى الحقوق الناشئة عن مصادر أخرى إلا إذا وجد نص خاص يقضي بذلك، وإذ لم يرد بنصوص القانون ما يجيز تطبيق نص المادة 172 من القانون المدني بالنسبة لدعوى التعويض الناشئة عن مخالفة أمناء المخازن وأرباب العهد للواجبات المفروضة عليهم في المادة 82 مكرر من القانون 73 سنة 1957 والمادة 45 من لائحة المخازن والمشتريات التي تبناها القانون المذكور فإن هذه الدعوى لا تسقط إلا بالتقادم العادي، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر ونسب دعوى التعويض المرفوعة من المدعي إلى العمل غير المشروع وأخضعها للتقادم الاستثنائي المنصوص عنه في المادة 172 من القانون المدني وجعل لائحة المخازن والمشتريات في مرتبة أدنى من مرتبة التشريع بحيث تعجز عن تعطيل القواعد العامة المقررة في القانون رغم إقرار القانونين 172 لسنة 1951 و73 لسنة 1957 لها، وجعلهما من مخالفة أحكامها جرائم تأديبية، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يستوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.

الطعن 34 لسنة 37 ق جلسة 10 / 6 / 1971 مكتب فني 22 ج 2 ق 123 ص 748

جلسة 10 من يونيه سنة 1971

برياسة السيد المستشار/ إبراهيم عمر هندي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: عثمان زكريا، ومحمد صدقي البشبيشي، ومحمد سيد أحمد حماد، وعلي عبد الرحمن.

----------------

(123)
الطعن رقم 34 لسنة 37 القضائية

(أ) تنفيذ عقاري. بطلان. ملكية.
قبول طلب بطلان إجراءات التنفيذ العقاري. مناطه. صحة طلب استحقاق العقار.
(ب) نقض "السبب المجهل".
عدم بيان الطاعن أوجه الدفاع التي لم يرد عليها الحكم المطعون فيه. نعي مجهل. غير مقبول. عدم كفاية الإحالة في ذلك إلى المذكرة المقدمة لمحكمة الاستئناف.
(ج) حكم "تسبيب الحكم".
محكمة الموضوع غير ملزمة بالرد في حكمها على كل ما يثيره الخصوم في دفاعهم لا تثريب عليها في الأخذ بأي دليل تقتنع به. طالما هو من طرق الإثبات القانونية.

---------------
1 - قبول طلب بطلان الإجراءات - في التنفيذ العقاري - يتوقف على قبول طلب استحقاق العقار. وإذ رفض الحكم المطعون فيه هذا الطلب الأخير لصورية عقد البيع الصادر لمورث الطاعنين، فإن ينبني على ذلك انتفاء صفة الحائز عنه وعدم أحقيته في طلب بطلان الإجراءات.
2 - متى كان الطاعنون لم يبينوا أوجه الدفاع التي يقولون إن الحكم المطعون فيه قصر في الرد عليها، واكتفوا بالإحالة في ذلك إلى ما جاء بالمذكرة المقدمة منهم في الملف الاستئنافي، دون بيان مضمونها للوقوف على صحة ما يتحدون به فإن النعي يكون مجهلاً وغير مقبول.
3 - متى كانت محكمة الموضوع قد أقامت قضاءها على ما اقتنعت به من أدلة لها أصلها الثابت بأوراق الدعوى، وكان استخلاصها سائغاً، وفيه الرد الضمني برفض ما يخالفها ويؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها الحكم في قضائه، وإذ كانت محكمة الموضوع غير ملزمة بالرد في حكمها على كل ما يثيره الخصوم فيما اختلفوا فيه، وكانت هي صاحبة الحق في تقدير قيمة ما يقدم لها من الأدلة، ولا ترتيب عليها في الأخذ بأي دليل تكون قد اقتنعت به مادام هذا الدليل من طرق الإثبات القانونية، لما كان ذلك فإن النعي على الحكم المطعون فيه بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال يكون على غير أساس.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن عبد الحميد الدسوقي (مورث الطاعنين) أقام الدعوى رقم 441 سنة 1958 كلي الزقازيق ضد محمد حلمي بليغ (مورث المطعون عليهم الأربعة الأول) وصالح علي صالح رئيس قلم البيوع بمحكمة الزقازيق طالباً الحكم ببطلان إجراءات التنفيذ التي اتخذها المدعى عليه الأول ضد المدعى عليه الثاني في الدعوى رقم 6 سنة 1957 بيوع كلي الزقازيق، وقال في بيان دعواه إن المدعى عليه الثاني باع له 17 س 6 ط 4 ف أطياناً زراعية كائنة بزمام ناحية مناحريت مركز ديرب نجم موضحة الحدود والمعالم بالصحيفة بعقد مؤرخ 2/ 2/ 1951 واقترن الشراء بوضع يده عليها، ولما امتنع البائع عن التوقيع على العقد النهائي أقام الدعوى رقم 651 سنة 1956 مدني كلي الزقازيق بطلب الحكم بصحة ونفاذ عقده وسجل صحيفتها في 14/ 11/ 1956 برقم 8709 شرقية، ولما كان البائع مديناً للمدعى عليه الأول فقد اتخذ هذا الأخير إجراءات نزع ملكية القدر المذكور وسجل تنبيه نزع الملكية في 2/ 2/ 1956 برقم 9019 شرقية، وإذ كان المدعي يعتبر حائزاً للأطيان موضوع التنفيذ لأنه سجل صحيفة دعواه قبل تسجيل التنبيه، ولأن تسجيل حكم إثبات التعاقد ينسحب أثره إلى تاريخ تسجيل الصحيفة، وكان المدعى عليه الأول لم يخبره بإيداع القائمة، وأن من حقه الاعتراض عليها بدعوى أصلية، ولما كانت المدة التي انقضت بين تسجيل التنبيه في 2/ 12/ 1956 وإيداع القائمة في 23/ 2/ 1957 تبلغ 83 يوماً فقط على خلاف ما تقضي به المادة 630 من قانون المرافعات من ضرورة انقضاء 90 يوماً على الأقل بين التسجيل والإيداع مما يترتب عليه بطلان الإجراءات عملاً بالمادة 634 من قانون المرافعات، وكان المدعى عليه الأول قد تخلف عن إنذاره باعتباره صاحب حق عيني مسجل على العقار مما ينبني عليه سقوط تسجيل التنبيه، فقد أقام الدعوى بطلباته السابقة، كما أقام الدعوى رقم 258 سنة 59 مدني كلي الزقازيق ضد صالح علي أحمد، وعلي محمد عميرة، ومحمد حلمي بليغ، رئيس قلم البيوع بمحكمة الزقازيق طالباً الحكم بأحقيته إلى 6 ف 4 ط 17 س الموضحة الحدود والمعالم بالصحيفة وإلغاء كافة ما ترتب عليها من تسجيلات وإيقاف البيع المحدد له يوم 15/ 9/ 1954 استناداً إلى أنه قد حصل على حكم بإثبات التعاقد في القضية رقم 651 سنة 56 مدني كلي الزقازيق سجل برقم 5241 شرقية في 19/ 10/ 1958 كما سبقه تسجيل صحيفة الدعوى في 14/ 2/ 1956 ولأن المدعى عليه الثالث قد اتخذ إجراءات نزع الملكية ضد المدعى عليه الأول بالنسبة لهذا القدر ثم عدل المدعي طلباته إلى طلب وقف البيع بالنسبة للأطيان الواردة بصحيفة دعواه فقط، وبعد أن قررت المحكمة ضم الدعويين ليصدر فيهما حكم واحد حكمت في 24/ 4/ 1961 قبل الفصل في الموضوع بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المهندس محمد بليغ بكافة الطرق القانونية بما فيها شهادة الشهود أن عقد البيع المؤرخ 2/ 2/ 1951 الصادر من مدينه صالح علي أحمد للحاج عبد الحميد دسوقي صوري صورية مطلقة على أن يكون لمن يهمه الأمر من الخصوم نفي ذلك بذات الطرق، وبالجلسة المحددة للتحقيق تنازل محمد حلمي بليغ عن سماع أقوال شاهده واكتفى بالمستندات المقدمة منه وأدخل رئيس مجلس إدارة بنك التسليف الزراعي والتعاوني خصماً في الدعوى ليقدم استمارات السلف المقدمة لوكيل البنك بديرب نجم من المدين صالح على أحمد خلال السنوات 56، 57، 58 وقدم البنك كشفين بأسماء طالبي السلف بناحية مناحريت عن سنتي 55/ 1956، 56/ 1957، وبتاريخ 11/ 6/ 1962 حكمت المحكمة (أولاً) برفض الدعوى رقم 2558 سنة 59 مدني كلي الزقازيق. (ثانياً) بعدم قبول الدعوى رقم 441 سنة 58 مدني كلي الزقازيق لرفعها من غير ذي مصلحة، واستأنف المدعي هذا الحكم لدى محكمة استئناف المنصورة دائرة الزقازيق طالباً إلغاءه والحكم له بطلباته الابتدائية، وقيد هذا الاستئناف برقم 160 سنة 5 قضائية، وفي 26/ 11/ 1966 حكمت المحكمة برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف، وطعن ورثة المدعي في هذا الحكم بطريق النقض للأسباب الواردة بالتقرير وعرض الطعن على هذه الدائرة حيث أصر الطاعنون على طلب نقض الحكم، وطلب المطعون عليهم الأربعة الأول رفض الطعن ولم يحضر المطعون عليهما الخامس والسادس ولم يبديا دفاعاً وأصرت النيابة العامة على رأيها الذي أبدته بمذكرتها وطلبت رفض الطعن.
وحيث إن حاصل السبب الأول أن الحكم المطعون فيه والحكم الابتدائي معه استندا في القضاء بعدم قبول الدعوى رقم 441 سنة 58 مدني كلي الزقازيق إلى أنه وقد حكم بصورية عقد البيع المؤرخ 2/ 2/ 1951 فإن شرط المصلحة في الدعوى يكون منتفياً فضلاً عن أن مورث الطاعنين لا يعتبر طرفاً في إجراءات البيع الجبري لأن تسجيل عريضة دعوى صحة التعاقد رقم 651 سنة 56 مدني كلي الزقازيق المرفوعة من المورث المذكور في 14/ 11/ 1956 قبل تسجيل تنبيه نزع الملكية في 2/ 12/ 56 لا يجعله بفرض صحة عقد شرائه حائزاً في معنى المادة 1060 من القانون المدني لأن ملكية العقار أو أي حق عيني آخر عليه لم تكن قد انتقلت إليه قبل تسجيل التنبيه وبالتالي فلا يحق له طلب بطلان إيداع قائمة شروط البيع في مدة تقل عن تسعين يوماً، وهذا من الحكم خطأ ومخالفة للقانون لأن المصلحة في الدعوى إنما تتقرر بحسب الوضع القائم عند رفعها ولا يتأثر بما يجد بعد ذلك، وبالتالي فإنه لا يكون من شأن الحكم بصورية عقد مورث الطاعنين انتفاء مصلحته في الدعوى، والقول بغير ذلك هو خلط بين الحق موضوع الدعوى والشروط اللازمة لقبولها، وإذ كان شرط المصلحة قد توافر لدى المورث منذ تاريخ رفع دعواه إلى وقت صدور الحكم فيها باعتباره صاحب حق عيني على العقار محل التنفيذ، وكان له أن يطلب الحكم باستحقاقه وأن يعترض على الإجراءات ويتمسك بكافة أوجه البطلان الشكلية والموضوعية التي تشوبها فضلاً عن أن الدفع ببطلان الإجراءات ليس قاصراً على من يكون طرفاً في إجراءات التنفيذ العقاري بل لكل ذي مصلحة ممن لم يكن طرفاً فيها إبداؤه بطريق الاعتراض على القائمة عملاً بالمادة 643 من قانون المرافعات، كما أن له طلب بطلان إجراءات التنفيذ مع طلب استحقاق العقار المحجوز عليه كله أو بعضه ولو بعد انتهاء الميعاد المنوه عنه في المادة 646 مرافعات، وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا السبب في غير محله، ذلك أنه لما كان قبول طلب بطلان الإجراءات يتوقف على قبول طلب استحقاق العقار، وكان الحكم المطعون فيه قد رفض هذا الطلب الأخير لصورية عقد البيع الصادر لمورث الطاعنين وهو ما ينبني عليه انتفاء صفة الحائز عنه وعدم أحقيته في طلب بطلان الإجراءات، فإن النعي في هذا السبب يكون غير منتج ولا جدوى منه لأنه لا يحقق سوى مصلحة نظرية بحته.
وحيث إن حاصل السبب الثاني أن الحكم المطعون فيه أغفل الرد على دفاع الطاعنين الذي ضمنوه مذكرتهم رقم 16 من الملف الاستئنافي وردوا به على الحكم الابتدائي من الناحيتين القانونية والواقعية مما يؤكد أن المحكمة لم تطلع عليه وهو ما يعيب حكمها بالقصور.
وحيث إن هذا السبب مردود، ذلك أن الطاعنين لم يبينوا فيه أوجه الدفاع التي يقولون أن الحكم المطعون فيه قصر في الرد عليها واكتفوا بالإحالة في ذلك إلى ما جاء بالمذكرة المقدمة منهم رقم 16 من الملف الاستئنافي دون بيان مضمونها للوقوف على صحة ما يتحدون به ومن ثم فإن النعي يكون مجهلاً وغير مقبول.
وحيث إن الطاعنين ينعون في السبب الثالث على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقولون إن المطعون عليهم الأربعة الأول دفعوا بصورية عقد شراء مورث الطاعنين المؤرخ 2/ 2/ 1951 الصادر له من المطعون عليه الأخر صورية مطلقة، واستندوا في إثباتها إلى قرائن لم تر محكمة أول درجة أنها كافية لإثباتها، فأحالت الدعوى إلى التحقيق إلا أنهم عجزوا عن تقديم التنبيه وتنازلوا عن سماع أقوال شاهدهم صراف ناحية مناحريت واقتصروا على ما قدموه من أوراق وقرائن كانت تحت نظر المحكمة قبل صدور حكم التحقيق، ومع ذلك فقد أخذ الحكم الابتدائي ومن بعده الحكم المطعون فيه بهذه القرائن كدليل على الصورية دون تمحيص ودون الرد على دفاع مورث الطاعنين واستند في قضائه بالصورية إلى صلة القربى التي تربط مورثهم بالمدين البائع له وإلى عدم التمسك بالعقد عند اتخاذ إجراءات نزع الملكية الأولى، وعدم إظهاره إلا بعد فشل المدين في اعتراضاته على قائمة شروط البيع، وإلى إعلان المدين بصحيفة دعوى صحة التعاقد بسراي المحكمة وانتهاء تلك الدعوى صلحاً وأن البيع يشمل كل ما يملكه المدين، وإلى أن المدين قد اعترض على قائمة شروط البيع باعتباره مالكاً دون الإشارة إلى هذا التصرف، وأنه ظل واضعاً يده على العين المبيعة استناداً إلى ما ورد بالشهادة المستخرجة من بنك التسليف ومن تفتيش الزراعة ولم يلتفت الحكم إلى ما ذكره الطاعنون من أن العادة جرت في المنطقة وبين هؤلاء الأصهار على التعامل بالبيع والشراء، ودللوا على ذلك بالعقود المسجلة التي تمت بينهم قبل نشوء الدين، وأن مورثهم لم يكن يعلم بالإجراءات لعدم اختصامه فيها وأنه لو كان التعامل صورياً لحرر بشأنه عقد بيع نهائي، وأن التصرف لم يشمل سوى 6 ف و4 ط و17 س من الـ 8 ف و9 ط و5 س التي يملكها المدين، وأن البائع ضامن لصحة البيع ومن حقه أن يدفع عنه كما انصرفت الإجراءات إلى ملك آخر للمدين يزيد عن القدر المبيع، وأن كشوف الحيازة ليست حجة على اليد وأن الأطيان الواردة بها ليست معينة، وأقر رجال الإدارة والجمعية التعاونية بأن الحيازة لمورث الطاعنين، كما حكم بأحقية المورث لزراعة ذات العين وإلغاء الحجز المتوقع عليها ضد المدين وثبت من شهادة صراف الناحية وضع يده عليها، ومن ثم فإن الحكم يكون مشوباً بالقصور وباطلاً.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أنه بالرجوع إلى الحكم الابتدائي الذي أحال إليه الحكم المطعون فيه يبين أنه أقام قضاءه في هذا الخصوص على أن "... عقد البيع الذي يتمسك به المدعي لإثبات ملكيته للعقارات موضوع الإجراءات والمطعون عليه بالصورية رغم تحريره في عام 1951 فإنه لم يظهر له وجود فعلي قبل يوم 8 نوفمبر سنة 1956 وهو تاريخ إقامة الدعوى رقم 651 سنة 1956 مدني كلي الزقازيق بطلب الحكم بصحته ونفاذه، ولم يشر إليه المدعي ولم يتمسك به من قبل رغم اتخاذ المهندس محمد حلمي بليغ إجراءات نزع ملكية الأطيان موضوع ذلك العقد وإعلان المدين بتنبيه نزع ملكيتها في 26/ 7/ 1955 ثم تسجيله بتاريخ 21/ 8/ 1955 وأنه لم يتقدم بذلك العقد لإثبات صحته إلا بعد أن سنحت له الفرصة المواتية عندما فشل الدائن مباشر الإجراءات في الاعتراض رقم 8 سنة 1956 كلي بيوع الزقازيق بعد أن قضى ببطلان الإجراءات وكان ظهور ذلك العقد في هذه الظروف المريبة بطريقة كشفت عن قيام التواطؤ بين المدين وقريبه المدعي الذي أعلنه بصحيفة الدعوى بسراي محكمة هيها بمقولة أنه تصادف وجوده بسراي المحكمة في هذا الوقت فإذا أضيف إلى ذلك ما ثبت للمحكمة من مطالعة الكشفين المقدمين من بنك التسليف الزراعي والتعاون المدخل في الدعوى من أن ملكية المدين التي كان يحوزها خلال سنتي 55/ 56، 56/ 57 الزراعيتين كانت تبلغ ثمانية أفدنة في الوقت الذي لم يجرؤ فيه المدعي على القول بأن المدين البائع كان يتملك أطياناً أخرى خلاف الأطيان موضوع النزاع، بل أنه سلم بأن تلك الأطيان لم تدخل ضمن حيازته المدرجة بالكشوف المقدمة، وخلاصة ما تقدم من وقائع يقطع بصورية عقد البيع الصادر للمدعي ذلك أنه حرر بين قريبين ورغم أنه أعطى تاريخاً سابقاً يرجع إلى عام 1951 فإنه لم يظهر له أي وجود أو أثر من ذلك التاريخ حتى تاريخ إقامة الدعوى رقم 651 سنة 56 مدني كلي الزقازيق بطلب الحكم بصحته ونفاذه، وظل المدين واضعاً اليد على العين المبيعة كما ظل يباشر كافة حقوقه كمالك دون اعتراض من المدعي، فتقدم وحده للاعتراض على قائمة شروط البيع في الدعوى رقم 8 سنة 1956 كلي بيوع الزقازيق، ولم يظهر لهذا المشتري الصوري أي وجود إلا بعد أن قضى ببطلان الإجراءات بتاريخ 4 أكتوبر سنة 1956، فسارع بتسجيل صحيفة الدعوى رقم 651 سنة 1956 مدني كلي الزقازيق بطرق ملتوية، إذ أعلن المدين بصحيفتها بمبنى المحكمة في 8/ 11/ 1956 وهو ذات اليوم الذي قدمت فيه الصحيفة للإعلان كسباً للوقت الأمر الذي يشف عن التفاهم التام بين طرفي العقد على تحريره وتسجيله للتهرب من إجراءات التنفيذ العقاري الجديدة التي كان الدائن يباشرها في ذلك الوقت... وأن المهندس محمد حلمي بليغ يعتبر من الغير بالنسبة لذلك العقد ويحق له لذلك إثبات صوريته بكافة الطرق وترى المحكمة فيما ساقته من أدلة وقرائن الدليل المقنع على صورية ذلك العقد، ومن ثم يتعين رفض الدعوى 258 سنة 59" ولما كان يبين من هذه الأسباب أن محكمة الموضوع أقامت قضاءها على ما اقتنعت به من أدلة لها أصلها الثابت بأوراق الدعوى، وكان استخلاصها سائغاً وفيه الرد الضمني برفض ما يخالفها ويؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها الحكم في قضائه، وإذ كانت محكمة الموضوع غير ملزمة بالرد في حكمها على كل ما يثيره الخصوم فيما اختلفوا فيه وكانت هي صاحبة الحق في تقدير قيمة ما يقدم لها من الأدلة وأنه لا تثريب عليها في الأخذ بأي دليل تكون قد اقتنعت به ما دام هذا الدليل من طرق الإثبات القانونية، لما كان ذلك فإن النعي على الحكم المطعون فيه بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال يكون على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 23 لسنة 31 ق جلسة 19 / 6 / 1963 مكتب فني 14 ج 2 أحوال شخصية ق 122 ص 860

جلسة 19 من يونيه سنة 1963

برياسة السيد/ محمد فؤاد جابر نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمد زعفراني سالم، وأحمد زكى محمد، وأحمد أحمد الشامي، وقطب عبد الحميد فراج.

---------------

(122)
الطعن رقم 23 لسنة 31 ق "أحوال شخصية"

(أ) أوراق تجارية. "شيك".
الأصل أن الشيك أداة وفاء. على من يدعي خلاف هذا الأصل إقامة الدليل.
(ب) إثبات. "طرق الإثبات" "الإقرار" "الإقرار الموصوف" "الإقرار المركب" "تجزئة الإقرار". أوراق تجارية. "شيك".
إقرار المستفيد بأنه لم يتسلم الشيك ليكون مديناً بقيمته وإنما لينفق منه على أعمال الساحب. إقرار موصوف "أو مركب". عدم جواز تجزئته.

----------------
1 - الأصل في الشيك أنه أداة وفاء، وعلى من يدعي خلاف هذا الأصل الظاهر إقامة الدليل على ما يدعيه.
2 - إقرار المستفيد بأنه لم يتسلم قيمة الشيكات ليكون مديناً بها أو لينفقها على شئون نفسه وإنما استلمها لينفق منها على أعمال والده - الساحب - يجعله من قبيل الإقرار الموصوف. وبفرض اعتباره إقراراً مركباً فإنه لا يقبل التجزئة لتوافر الارتباط بين الواقعة الأصلية وهي قبض الشيكات والواقعة المصاحبة لها وهي القصد من القبض، وهذا الارتباط يؤثر على كيان الواقعة الأولى ووجودها القانوني.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليه الأول أقام الدعوى رقم 85 سنة 1954 أحوال أجانب القاهرة الابتدائية ضد الطاعنة وباقي المطعون عليهم قال فيها إنه بتاريخ 20 أكتوبر سنة 1951 حرر المرحوم بتودور اليوبولو والده وصية ضمنها الإيصاء للطاعنة بجميع ما قد يكون مملوكاً له عند وفاته من منقولات وعقارات في مصر أو في الخارج وحرم أولاده المطعون عليهم من الميراث بحجة أن ابنتيه المطعون عليهما الأخيرتين قد تسلمتا بائنتيهما عند زواجهما وأن كلاً من ولديه المطعون عليهما الأولين قد تسلم مبلغاً يزيد عن خمسة آلاف جنيه في دراسته العليا ومشاريعه التجارية والاقتصادية وضمن وصيته أنه في حالة الطعن من أحد أبنائه في هذه الوصية فإن الطعن ينصب فقط على حصته الميراثية الواجبة قانوناً ويلزم الطاعن عندما يحاسب على هذه الحصة أن يرد ما يكون قد استلمه من الموصي قبل وفاته وقد توفي الموصي في 18 يوليو سنة 1953 ولما كان ما جاء في الوصية من أن المطعون عليه الأول استلم مبلغاً يزيد على الخمسة آلاف جنيه أنفق في دراسته العليا وفي أعماله التجارية غير صحيح وعلى فرض صحته فإنه لا يبرر حرمانه من الميراث لأن حالة المورث كانت تسمح بهذه المصاريف فإنه طبقاً لأحكام القانون اليوناني يطلب الحكم بإلغاء الوصية فيما تضمنته من حرمانه من الميراث والقضاء له بأحقيته لنصيبه في تركة أبيه وقضت المحكمة في 15 مارس سنة 1955 بإحالة الدعوى إلى التحقيق لتثبت الطاعنة أن المورث قد أنفق على المطعون عليه الأول مبلغ 5000 جنيه في سبيل تعليمه بانكلترا وأن هذا المبلغ يخرج عن حدود النفقة الواجبة بالنسبة لمركز المتوفى المالي والاجتماعي وأن المبالغ التي تسلمها المطعون عليه الأول قد أنفقها في شئونه الخاصة ولينفي المطعون عليه الأول ذلك، وقضت المحكمة في 13 نوفمبر سنة 1956 بعد تنفيذ حكم الإحالة على التحقيق ببطلان الوصية فيما قضت به من حرمان المطعون عليه الأول من نصيبه الواجب في التركة وقدره 3/ 32 منها مضافاً إليه 15000 جنيه قيمة ما قبضه باقي المطعون عليهم حالة حياة المورث فاستأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 1217 سنة 73 ق س القاهرة وقضت المحكمة في 22 مايو سنة 1957 بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى فطعن المطعون عليه الأول بطريق النقض في هذا الحكم بالطعن رقم 35 سنة 27 قضائية. وقضت محكمة النقض في 23 يونيو سنة 1960 بنقض الحكم وأحالت القضية إلى محكمة الاستئناف وبنت حكمها على القصور في التسبيب وبعد تعجيل الدعوى أمام محكمة الاستئناف قضت في أول مارس سنة 1962 ببطلان الحكم المستأنف وفي الموضوع ببطلان الوصية فيما تضمنته من حرمان المطعون عليه الأول من نصيبه الواجب في تركة المورث وقدره 3/ 32 من كامل موجودات التركة مضافاً إليها مبلغ 15000 جنيه قيمة ما قبضه باقي المطعون عليهم من المورث قبل وفاته فقررت الطاعنة بالطعن في هذا الحكم بتاريخ أول إبريل سنة 1962 (وقد كان يوم 31 مارس سنة 1962 يوم جمعة) وطلبت للأسباب الواردة بتقرير الطعن نقض الحكم وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت بجلسة 4 نوفمبر سنة 1962 إحالته على هذه الدائرة حيث صممت الطاعنة على طلب نقض الحكم وطلب المطعون عليه الأول رفضه ولم يحضر باقي المطعون عليهم ولم يبدوا دفاعاً وصممت النيابة على طلب رفض الطعن.
وحيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين يتحصل أولهما في أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله ذلك أن الوصية محل النزاع نصت على حرمان أبناء الموصي من تركته وذكر الموصي تبرير الحرمان المطعون عليه الأول أنه استلم من والده حال حياته مبلغاً يزيد على خمسة آلاف جنيه لدراسته العليا ومشاريعه التجارية وقد دللت الطاعنة على أن المورث أنفق على ابنه المذكور المبالغ المشار إليها وكان من بين الأدلة التي قدمتها في هذا الصدد أن المطعون عليه الأول استلم بعد عودته من الخارج مبلغ 6001 جنيه و500 مليم بموجب شيكات ليمول مشروعاته التجارية الخاصة من ذلك مبلغ 1200 جنيه قبضه من حساب والده الموصي ومبلغ 4800 جنيه قبضه من مال أبيه الذي كان مودعاً باسم والدته ببنك أثينا ومبلغ 1500 جنيه قيد في دفتر المورث باعتباره ديناً على ابنه المذكور وانتهت الطاعنة إلى أنه ترتيباً على ذلك وعلى حكم المادة 1833 من القانون المدني اليوناني الواجب التطبيق لا يكون للمطعون عليه الأول أي حق في تركة والده لأن المبالغ التي تسلمها تزيد على قيمة ما يستحقه ميراثاً فيها وقد ساند باقي الورثة الطاعنة في هذا الدفاع ولكن الحكم المطعون فيه رد على هذا الدفاع بأن المطعون عليه الأول ينازع الطاعنة في زعمها أنه قبض قيمة الشيكات وصرفها في شئونه الخاصة لأنه قرر أنه قبض هذه المبالغ لينفق على أعمال والده وأنه كان يتعين على الطاعنة أن تقيم الدليل على صحة ما تدعيه في شأن قيمة هذه الشيكات لأنه من المقرر أن الشيك بحسب الأصل هو أداة وفاء وعلى من يدعي خلاف هذا الأصل أن يقيم الدليل على ما يدعيه وإقرار المطعون عليه الأول بقبض قيمة هذه الشيكات لا يغير من هذا النظر لأنه إقرار موصوف لا يجوز تجزئته. وهذا الذي قرره الحكم يخالف القانون من وجهين الأول: أنه وإن كان من المسلم أن الشيك يعتبر أداة وفاء إلا أن قبض الشيك يعتبر دليلاً ظاهراً على انشغال ذمة المستفيد لصالح الساحب بقيمة الشيك سواء أكان ذلك إبقاء لحق المستفيد أو إنشاء لدين عليه ومن ثم فإن المطعون عليه هو الذي يتحمل عبء إثبات أنه صرف قيمة الشيكات لحساب تجارة والده والحكم إذ خالف هذا النظر وجعل عبء الإثبات على الطاعنة يكون قد خالف القانون. والوجه الثاني: أن الحكم المطعون فيه خالف القانون إذ كيف إقرار المطعون عليه بقبض قيمة الشيكات لإنفاقها في شئون والده بأنه إقرار موصوف لا يقبل التجزئة لأن هذا الإقرار في حقيقته هو إقرار مركب لأنه اقترن بواقعة لا تلازم بينها وبين الواقعة الأصلية ومن ثم تجوز تجزئته.
وحيث إن هذا النعي بشقيه مردود ذلك أن الشيك على ما جرى به قضاء هذه المحكمة يعتبر أداة وفاء يقوم فيه مقام النقود، ولما كان الأصل براءة ذمة الشخص حتى يقوم الدليل على انشغالها بالحق المدعي به فإن على من يدعي خلاف هذا الأصل الظاهر إقامة الدليل على مدعاة، والحكم إذ التزم هذا النظر لا يكون قد خالف القانون كما أن الحكم إذ أورد أن المطعون عليه الأول ذكر عن الشيكات أنه لم يستلم قيمتها ليكون مديناً بقيمتها أو لينفقها على شئون نفسه وإنما استلمها لينفق منها على أعمال والده فإن مقتضى هذا الإقرار وجود تلازم زمني بين قبض الشيكات وبين القصد في إنفاقها في شئون والده وذكر هذا القصد مما يجعل الإقرار من قبيل الإقرار الموصوف لا المركب وبفرض اعتباره إقراراً مركباً فإنه لا يكون قابلاً للتجزئة لتوافر الارتباط بين الواقعة الأصلية موضوع الإقرار وهي قبض قيمة الشيكات وبين الواقعة المصاحبة لها وهي القصد من القبض للإنفاق في شئون الموصي وهذا الارتباط يؤثر على كيان الواقعة الأولى ووجودها القانوني فهو إقرار لا يقبل التجزئة عملاً بالمادة 409 فقرة ثانية من القانون المدني ومن ثم يكون هذا النعي على غير أساس ويتعين رفضه.
وحيث إن السبب الثاني من أسباب النعي يتحصل في أن الحكم المطعون فيه قد شابه قصور في التسبيب من عدة وجوه - الوجه الأول. فساد في الاستدلال إذ استدل الحكم على يسار الموصي بمجرد موافقته على إرسال ابنه المطعون عليه الأول للتعليم بالخارج ومن ثم فلا يحق للطاعنة استنزال قيمة هذه النفقات من قيمة الحصة الواجبة قانوناً لهذا الابن في تركة أبيه وهذا الذي قرره الحكم لا يعدو أن يكون مصادرة على المطلوب لأن الطاعنة استدلت بهذا العمل على مدى الإرهاق الذي يحمله المورث في الإنفاق على ابنه والمادة 1896 من القانون المدني اليوناني أفادت بأن المشرع توقع في هذا الشأن أن ينفق الوالد في تعليم ابنه نفقات تتجاوز نسبياً قدرته المالية ومؤدى النظر الذي أخذ به الحكم تعطيل النص كله بفساد الاستدلال - والوجه الثاني. أن الحكم ناقض المستندات المقدمة في الدعوى وأقوال الشهود فيها. ذلك أن الفترة التي أنفق المورث فيها هذا المبلغ على تعليم ابنه في الخارج كان مجمل أرباحه فيها 1380 جنيهاً عن سنة 1940 كما هو ثابت من نموذج ربط الضريبة ومبلغ 1425 جنيهاً عن سنة 1941 كما هو ثابت من حافظة المستندات المقدمة كما ثبت من أقوال الشهود الذين سمعت محكمة أول درجة أقوالهم أن المورث كان في الفترة من سنة 1937 إلى سنة 1942 معسراً وأن المبالغ التي كان يرسلها إلى ابنه في انكلترا تخرج عن حدود النفقة العادية بالنسبة له وقالت الطاعنة تدليلاً على إعسار المتوفى أنه لم يستطع أن يدفع لابنته التي تزوجت سنة 1941 بائنة نقدية بل أعطاها إحدى المقاهي التي كان يملكها كما أنه أعطى لابنه المطعون عليه الثاني عقب عودته من الخارج تفويضاً للبحث عن مشتر لمقهى الفردوس ولم يستطع أن ينفق على ابنه الثاني في التعليم العلي بالخارج أسوة بالمطعون عليه الأول ولو تحرى الحكم قيمة ديون المتوفى لوجد أنها تزيد على قيمة أصوله. والوجه الثالث - أن من بين المبالغ التي استندت إليها الطاعنة على استيفاء المطعون عليه الأول ما يزيد على 500 جنيه من المتوفى أنه اقترض 1500 جنيه من والده في إبريل سنة 1944 ليستغله في تجارته الخاصة وقد دفع المطعون عليه الأول هذا القول بأن المبلغ المذكور لم يظهر في دفاتر المورث ابتداء من سنة 1951 وسايره الحكم المطعون فيه في ذلك دون دليل يؤيده مخالفاً في ذلك نص المادة 1895 من القانون المدني اليوناني التي توجب خصم ما يعطيه المورث لأولاده من نصيبهم في التركة. والوجه الرابع - أن الحكم قد انطوى على فهم خاطئ لمستندات الدعوى ودفاع الطاعنة إذ جاء فيه أنه لو صح ما تدعيه الطاعنة في حساب المبالغ التي أنفقت على المطعون عليه الأول لكان المبلغ الذي أنفق عليه أكبر بكثير من 5000 جنيه في حين أن الطاعنة قد سار دفاعها على أن المطعون عليه الأول استولى على ما يزيد على هذا المبلغ الذي اعتبره الموصي حداً أدنى للحرمان.
وحيث إن هذا النعي برمته مردود ذلك أن الحكم المطعون فيه قد استدل على أن قيمة المبالغ التي أنفقها الموصي على تعليم ابنه المطعون عليه في الخارج طبقاً لما استخلصته المحكمة من أقوال الشاهدين الثاني والثالث من شهود الطاعنة تقع في حدود 3000 جنيه وأن ظروف الحال وملابساته تدل على أن هذا المبلغ لا يجاوز إمكانيات المورث لأنه كان يملك من ذلك ثلاثة مقاهي معروفة في مدينة القاهرة ولأن البائنة التي أعطاها لكل من بنتيه لا يعطى مثلها إلا من رجل ثري ثم استطرد الحكم وقال إن مجرد الموافقة على تعليم ابنه في الخارج يدل على هذا اليسار ولما كان ما استخلصه الحكم من هذا اليسار يكفي لإقامة ما استخلصه من أقوال الشهود ومن مظاهر اليسار بملكيته للمقاهي الثلاثة ودفعه بائنة كبيرة لابنتيه فإن استطراده بالاعتماد على قرينة اليسار من إرسال ابنه للخارج تزيد لا يضير الحكم إذ يستقيم بدونه وأما باقي ما تثيره الطاعنة في هذا السبب فهو جدل موضوعي في فهم الواقع وقد استدل الحكم فيه بأدلة سائغة لا رقابة عليه فيها من محكمة النقض ومن ثم يكون هذا النعي على غير أساس ويتعين رفضه.
ومن حيث لذلك يتعين رفض الطعن.