الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 8 يونيو 2023

الطعن 330 لسنة 27 ق جلسة 23 / 5 / 1963 مكتب فني 14 ج 2 ق 103 ص 719

جلسة 23 من مايو سنة 1963

برياسة السيد المستشار/ الحسيني العوضي، وبحضور السادة المستشارين: محمود القاضي، ومحمود توفيق إسماعيل، ولطفي علي، ومحمد ممتاز نصار.

----------------

(103)
الطعن رقم 330 لسنة 27 القضائية

(أ) استئناف. "الأثر الناقل للاستئناف". "الاستئناف الفرعي" "حالاته". تنفيذ. "تنفيذ عقاري". "اعتراضات على قائمة شروط البيع". بطلان.
الاستئناف المرفوع عن الحكم ببطلان إجراءات التنفيذ العقاري من شأنه أن ينقل إلى محكمة الاستئناف النزاع بشأن هذا البطلان بجميع عناصره ويعيد طرحه عليها مع أسانيده القانونية وأدلته الواقعية. يجب على المحكمة أن تفصل في كافة الأوجه التي يكون المستأنف عليه قد تمسك بها أمام محكمة أول درجة سواء في ذلك الأوجه التي أغفلت هذه المحكمة الفصل فيها أو تلك التي تكون قد فصلت فيها لغير مصلحته. لا حاجة لاستئناف فرعي من المستأنف عليه متى كان الحكم المستأنف قد قضى له بكل طلباته.
(ب) استئناف "الأثر الناقل للاستئناف". تنفيذ. "تنفيذ عقاري". "اعتراضات على قائمة شروط البيع". "أوجه الاعتراض". بطلان.
طلب بطلان إجراءات التنفيذ للأسباب الواردة بتقرير الاعتراض على قائمة شروط البيع يعتبر طلباً واحداً مقاماً على أسس قانونية متعددة. لا يعد كل اعتراض طلباً قائماً بذاته. فصل محكمة الاستئناف في الاعتراضات التي قدمت إلى محكمة أول درجة وأغفلت بحثها لا مخالفة فيه للقانون.
(ج) تسوية الديون العقارية "الديون التي تخضع للتسوية".
انطباق نص المادة 18 مكرر من القانون 12 لسنة 1942 بتسوية الديون العقارية والمضافة بالقانون 143 لسنة 1944 على جميع الدائنين الذين تقوم لجنة التسوية بإخطارهم. يدخل في ذلك أصحاب الديون المضمونة برهن تأميني أياً كانت مرتبته.
(د) تسوية الديون العقارية. "واجب الدائنين". "جزاء إخلالهم به".
تخلف الدائنين عن تقديم البيانات والمستندات الخاصة بدينهم، استبعاد دينهم من التوزيع ويكون حكمهم حكم الدائنين الذين بحثت اللجنة ديونهم ولم يصيبهم نصيب في التوزيع.
(هـ) تسوية الديون العقارية. "قرار لجنة التسوية". "أثره".
قرار لجنة التسوية مبرئ لذمة المدين من كافة الديون التي تزيد على 70% من قيمة عقاراته حسب قرار اللجنة لغاية يوم صدوره. إنهاء القرار لكل علاقة بين المدين ودائنيه السابقة وديونهم على تاريخ تقديم طلب التسوية. امتداد الحصانة التي أسبغها المشرع على أموال المدينين الذين قبلت اللجنة نهائياً تسوية ديونهم إلى كل مال آخر يؤول إليهم بعد التسوية.
(و) تسوية الديون العقارية. "قرار لجنة التسوية". "حجيته".
صدور قرار لجنة التسوية باستبعاد الدين وفوات ميعاد التظلم لديها فيه. صيرورة القرار نهائياً وتكون له حجية الأحكام النهائية. امتناع الجدل فيه أمام المحاكم.
(ز) تسوية الديون العقارية. "قرار لجنة التسوية". صلح. "تصالح المدين والدائن". "أثر الصلح".
التصديق على عقد الصلح من المحكمة قبل صدور قرار لجنة التسوية. دخول الدين موضوع الصلح ضمن الديون التي طلب المدينون من اللجنة تسويتها. قرار اللجنة باستبعاد الدين المذكور من التوزيع. لا أثر للصلح في هذه الحالة على القرار ما لم يثبت أنه ظل نافذاً برضاء المدينين إلى ما بعد صدور القرار.

-------------------
1 - توجب المادة 410 من قانون المرافعات على محكمة الدرجة الثانية أن تنظر الاستئناف على أساس ما يقدم لها من أدلة ودفوع وأوجه دفاع جديدة وما كان قد قدم من ذلك إلى محكمة الدرجة الأولى. ومقتضى ذلك أن الاستئناف المرفوع من الدائن عن الحكم القاضي ببطلان إجراءات التنفيذ العقاري التي كان يباشرها من شأنه أن ينقل إلى محكمة الاستئناف النزاع بشأن هذا البطلان بجميع عناصره ويعيد طرحه عليها مع أسانيده القانونية وأدلته الواقعية ويجب على تلك المحكمة أن تفصل في كافة الأوجه التي يكون المستأنف عليه قد تمسك بها أمام محكمة أول درجة سواء في ذلك الأوجه التي أغفلت هذه المحكمة الفصل فيها أو تلك التي تكون قد فصلت فيها لغير مصلحته دون حاجة لاستئناف فرعي منه متى كان الحكم المستأنف قد انتهى إلى القضاء له بطلباته كلها إذ لا محل لرفع هذا الاستئناف إلا إذا كان لم يحكم له إلا ببعض الطلبات فعندئذ يكون هناك محل للمطالبة بما لم يحكم له به ويجب في هذا المقام أن يكون المحكوم برفضه طلباً بالمعنى الصحيح في القانون.
2 - طلب بطلان إجراءات التنفيذ للأسباب الواردة بتقرير الاعتراض على قائمة شروط البيع يعتبر طلباً واحداً مقاماً على أسس قانونية متعددة ولا يعتبر كل اعتراض طلباً قائماً بذاته على ما يستفاد من نص المادة 642 مرافعات إذ عبر المشرع فيها عن المنازعات التي ترمي إلى بطلان إجراءات التنفيذ بعبارة أوجه البطلان. ومن ثم فإن محكمة الاستئناف إذ تعرضت للفصل في الاعتراضات التي كانت مقدمة إلى محكمة أول درجة ولم تبحثها هذه المحكمة فإنها لا تكون قد خالفت القانون.
3 - تنص المادة 18 مكرر من القانون 12 لسنة 1942 بتسوية الديون العقارية الذي ألغى القانون 3 لسنة 1939 والمضافة بالقانون 143 لسنة 1944 على أن "على الدائنين السابق إعلانهم أن يقدموا في خلال ثلاثين يوماً من تاريخ نشر هذا القانون (143 لسنة 1944) كافة البيانات المطلوبة والمستندات الخاصة بديونهم ومراتب تسجيلاتهم، فإذا انقضت المدة المذكورة ولم تقدم البيانات المطلوبة سقط حقهم في التوزيع، وإذا قدمت البيانات ولم تقدم المستندات فللجنة تسوية الديون العقارية أن تقرر اعتبارهم من الدائنين العاديين. وإذا ورد هذا النص عاماً مطلقاً ولم يرد في القانون الأخير رقم 12 لسنة 1942 نص باستثناء الديون المضمونة برهن تأميني أياً كانت مرتبته من الديون التي تخضع للتسوية طبقاً لأحكامه، فإن مؤدى ذلك أن نص المادة 18 مكرر سالف الذكر ينطبق على جميع الدائنين الذين تقوم لجنة التسوية بإخطارهم.
4 - مقتضى الجزاء الذي تفرضه المادة 18 مكرر من القانون 12 لسنة 1942 المضافة بالقانون 143 لسنة 1944 على من يتخلف من الدائنين عن تقديم البيانات والمستندات الخاصة بدينه هو استبعاد هذا الدين من التوزيع ويكون حكم الدائن في هذه الحالة حكم الدائنين الذين بحثت اللجنة ديونهم ولم يصيبهم نصيب في التوزيع طبقاً لأحكام القانون.
5 - تقضي المادة 26 من القانون 12 لسنة 1942 بعد تعديلها بالقانون 143 لسنة 1944 بأن قرار لجنة تسوية الديون العقارية يبرئ ذمة المدين من كافة الديون التي تزيد على 70% من قيمة عقاراته حسب قرار اللجنة لغاية يوم صدوره ويعتبر ذلك القرار منهياً لكل علاقة بين المدين ودائنيه السابقة وديونهم على تاريخ تقديم طلب التسوية. وقد قصد المشرع بذلك أن يسبغ على المدينين الذين قبلت اللجنة نهائياً تسوية ديونهم حصانة في أموالهم ليس فقط بالنسبة إلى الأموال التي كانت موضوع التسوية بل وفي كل مال آخر تؤول ملكيته إليهم عقب التسوية أياً كان سبب هذه الملكية - ومن ثم فما دام الدين سابقاً على تاريخ تقديم طلب التسوية فإن قرار اللجنة الذي صدر في هذه التسوية يقف في سبيل كل إجراء من إجراءات التنفيذ على أموال المدين أياً كان طريق هذا التنفيذ.
6 - مجال بحث ما إذا كان دين الدائنين يزيد أولاً يزيد على الـ 70% من قيمة عقارات المدين المخصصة للتوزيع إنما يكون أمام لجنة تسوية الديون العقارية، فإذا فوت الدائنون على أنفسهم هذه الفرصة وأصدرت اللجنة وفي حدود اختصاصها قرارها المتضمن استبعاد دينهم وانقضى ميعاد التظلم لديها في هذا القرار طبقاً للمادة 24 من القانون 12 لسنة 1942 المعدل بالقانون 143 لسنة 1944 صار هذا القرار نهائياً وتكون له حجية الأحكام النهائية ويمتنع تبعاً لذلك الجدل فيه أمام المحاكم.
7 - متى كان عقد الصلح والتصديق عليه من المحكمة سابقين على قرار لجنة تسوية الديون العقارية وكان المدينون قد تقدموا بالدين موضوع الصلح ضمن الديون التي طلبوا من اللجنة تسويتها وفقاً لأحكام القانون وكان قرار اللجنة قد تضمن الفصل في أمر هذا الدين باستبعاده من التوزيع فإنه لا يكون للصلح أثر على هذا القرار ما لم يثبت أن هذا الاتفاق (الصلح) قد ظل نافذاً برضاء المدينين إلى ما بعد صدور القرار اللجنة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن وقائعه - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعنين اتخذوا ضد مدينيهم المطعون عليهم التسعة عشر الأولين إجراءات لنزع ملكيتهم من 15 ف و22 ط و17 س وفاء لدين قدره 8264 جنيهاً صدر به ضدهم حكم لصالح مورث الطاعنين من محكمة مصر المختلطة في 16 ديسمبر سنة 1941 في الدعوى رقم 915 سنة 66 قضائية وقام الطاعنون بإعلان تنبيه نزع الملكية على مدينيهم المذكورين في 25 أبريل و2 مايو سنة 1954 وسجلوا هذا التنبيه في 27 يونيه سنة 1954 ثم أودعوا في 20 يناير سنة 1955 قائمة شروط البيع وبتاريخ 17 مارس سنة 1955 قرر المدينون في قلم الكتاب بالاعتراض على هذه القائمة وذكروا في تقرير الاعتراض أن إجراءات التنفيذ قد شابها بطلان لسبب وجود عيوب في الإجراءات مثالها أن أشخاصاً منهم عديمي الأهلية قد أعلنوا بهذه الإجراءات على اعتبار أنهم كاملوا الأهلية وبسبب وجود عيوب في الموضوع مثالها أن الدين المنفذ به قد استبعدته لجنة تسوية الديون العقارية في طلب التسوية رقم 527 سنة 1939 المقدم منهم ولدى نظر هذه الاعتراضات أمام محكمة المنيا الابتدائية في الدعوى رقم 5 سنة 1955 بيوع المنيا أضاف المدينون المعترضون إلى اعتراضاتهم الواردة في التقرير اعتراضاً آخر مبناه أن تنبيه نزع الملكية قد سقط طبقاً للمادة 615 من قانون المرافعات وذلك لأنه لم يعقبه خلال المائتين والأربعين يوماً التالية لتسجيله التأشير على هامشه بما يفيد الإخبار بإيداع قائمة شروط البيع أو صدور أمر من قاضي البيوع بمد هذا الميعاد وانتهى المعترضون في طلباتهم أمام المحكمة إلى طلب الحكم ببطلان إجراءات التنفيذ وشطبها ووقفها واعتبارها كأن لم تكن وذلك للأسباب التي أوردوها في تقرير الاعتراض وأمام المحكمة - وقد دفع الطاعنون المعترض ضدهم بسقوط حق المعترضين في التمسك بسبب البطلان الذي أبدوه أمام المحكمة وذلك لعدم إبدائهم له بطريق الاعتراض وفي الميعاد المحدد في المادة 646 لتقديم الاعتراضات على قائمة شروط البيع - وقد رفضت المحكمة هذا الدفع وأخذت بهذا السبب وقضت بناء عليه بتاريخ 27 يوليه سنة 1955 بقبول التقرير بالاعتراضات شكلاً وفي الموضوع ببطلان الإجراءات الخاصة بالتنفيذ على العقارات المبينة في قائمة شروط البيع المقدمة من المعترض ضدهم وبوقف إجراءات التنفيذ على هذه العقارات وقالت المحكمة في أسباب حكمها إنه "متى تقرر وجود بطلان في الإجراءات لسقوط تنبيه نزع الملكية لمضي مدة تزيد على 240 يوماً بين تسجيل التنبيه وبين الإخبار بإيداع القائمة فإنه يتعين القضاء ببطلان الإجراءات ووقفها دون حاجة إلى بحث باقي أوجه الاعتراضات التي آثارها المعترضون المدينون إذ لا محل لذلك بعد أن انتهت المحكمة إلى القضاء بوقف إجراءات التنفيذ تأسيساً على أحد الأوجه - وقد استأنف الطاعنون هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة وقيد استئنافهم برقم 1040 سنة 72 ق وكان من بين أسباب هذا الاستئناف أن محكمة أول درجة قد أخطأت إذ قبلت سبب البطلان الذي أبداه المعترضون المستأنف ضدهم بمذكرتهم المقدمة لجلسة 20 يوليه سنة 1955 مع أن حق هؤلاء المعترضين في التمسك بهذا السبب قد سقط عملاً بالمادة 642 من قانون المرافعات وانتهى الطاعنون في صحيفة استئنافهم إلى طلب إلغاء الحكم المستأنف والحكم أصلياً بسقوط حق المستأنف عليهم في التمسك بذلك السبب واحتياطياً بعدم قبول الاعتراض شكلاً للتقرير به من غير ذي صفة بالنسبة لبعض المعترضين ومن باب الاحتياط الكلي رفض طلب بطلان الإجراءات للسبب المتقدم وفي كل حال إعادة القضية إلى محكمة أول درجة للفصل فيها - وبتاريخ 9 يونيه سنة 1957 حكمت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من سقوط تنبيه نزع الملكية وبقبول الاعتراض الثاني من تقرير الاعتراض المؤرخ 17 مارس سنة 1955 وببطلان إجراءات التنفيذ مع إلزام المستأنفين بمصاريف الدرجتين ومبلغ خمسة جنيهات أتعاباً للمحاماة وقالت المحكمة في أسباب حكمها إن حق المعترضين في التمسك بالسبب الذي اعتمد عليه الحكم الابتدائي في قضائه قد سقط طبقاً للمادة 642 مرافعات وأنه لذلك يكون الحكم المذكور قد أخطأ في بناء قضائه على ذلك السبب وحق إلغاؤه ثم بحثت محكمة الاستئناف الاعتراضات الواردة في تقرير الاعتراض وانتهت إلى قبول الاعتراض المتضمن بطلان إجراءات التنفيذ لأن الدين المنفذ به سبق أن استبعدته لجنة تسوية الديون العقارية في طلب التسوية رقم 527 سنة 1939 وذلك لما ثبت للمحكمة من أن هذه اللجنة قررت في 23 مارس سنة 1947 استبعاد دين المستأنفين (الطاعنين) لعدم تقديم الدائن البيانات والمستندات الخاصة به الأمر الذي رتبت عليه المحكمة اعتبار ذلك الدين ساقطاً عن المدينين بمقتضى قرار الاستبعاد المذكور الذي لا تجوز للمحاكم مناقشته أو التعرض له - وبتاريخ 9 سبتمبر سنة 1957 طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة أول إبريل سنة 1961 وفيها صممت النيابة على المذكرة التي قدمتها وطلبت فيها رفض الطعن وقررت دائرة الفحص إحالة الطعن إلى هذه الدائرة وبعد استيفاء الإجراءات التالية للإحالة حدد لنظره جلسة 28 مارس سنة 1963 وفيها تمسكت النيابة برأيها السابق.
وحيث إن الطعن بني على خمسة أسباب ينعى الطاعنون في أولها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وفي بيان ذلك يقولون إنهم بعد أن أودعوا قائمة شروط البيع قرر المطعون عليهم في قلم الكتاب بالاعتراض عليها وذكروا في التقرير أن الإجراءات قد شابها بطلان شكلي وبطلان موضوعي وأن أساس البطلان الموضوعي هو أن الدين المنفذ به قد استبعدته لجنة تسوية الديون العقارية في طلب التسوية المقدم إليها منهم ثم أضافوا في مذكرتهم التي قدموها إلى المحكمة التي نظرت الاعتراضات طلباً جديداً لم يرد له ذكر في تقرير الاعتراض هو طلب الحكم بسقوط تسجيل تنبيه نزع الملكية استناداً إلى نص المادة 615 مرافعات وذلك لعدم التأشير على هامشه في الميعاد القانوني بما يفيد الإخبار بإيداع قائمة شروط البيع - وقد أخذت المحكمة الابتدائية بهذا الاعتراض الأخير وحكمت بسقوط التنبيه لهذا السبب دون أن تفصل أو تتعرض للاعتراضين الواردين في التقرير وصرحت في حكمها بأنها لم تجد حاجة لبحثهما ولما استأنف الطاعنون أنصب استئنافهم على ما حكمت به المحكمة الابتدائية من سقوط التنبيه ولما عرض الاستئناف على محكمة الاستئناف تبين لها أن الحكم الابتدائي قد أخطأ في قضائه بسقوط التنبيه ولكنها بدلاً من أن تقف عند حد إلغاء ذلك الحكم وتعيد القضية إلى محكمة أول درجة للفصل في باقي الاعتراضات التي لم تبحثها ومن بينها الاعتراض المؤسس على براءة الذمة من الدين المنفذ به لسبق استبعاده من لجنة تسوية الديون العقارية فإن محكمة الاستئناف تصدت لبحث هذا الاعتراض واعتبرته صحيحاً وحكمت بناء على ذلك ببطلان إجراءات التنفيذ - وقضاؤها بذلك تأسيساً على السبب المذكور يعتبر قضاء في طلب جديد لم يكن مطروحاً عليها ذلك أن الاستئناف طبقاً للمادة 409 مرافعات لا ينقل إلى محكمة الدرجة الثانية إلا الطلب الذي رفع عنه الاستئناف ولا يعتبر هذا الوجه من طلبات المطعون عليهم المعترضين الذي أخذت به محكمة الاستئناف دفاعاً أو دليلاً مما يطرحه الاستئناف المرفوع من الطاعنين طبقاً للمادة 410 مرافعات ذلك أنه فضلاً على أن ذلك الوجه من وجوه الاعتراض لا يعتبر وسيلة دفاع أو دليلاً فإنه غير متعلق بما رفع عنه الاستئناف وهو سقوط تسجيل التنبيه لعدم التأشير على هامشه بالإخطار بإيداع قائمة شروط البيع ويضيف الطاعنون أن محكمة الاستئناف إذ تصدت للفصل في طلب البطلان الموضوعي المتعلق بوجود الدين وعدمه والذي يعتر طلباً مستقلاً عن الطلب الذي حكمت فيه محكمة أول درجة ومختلفاً عنه في موضوعه ولم تستنفذ هذه المحكمة سلطتها في الفصل فيه فإن محكمة الاستئناف بتصديها هذا تكون قد خالفت قاعدة أصلية متعلقة بالنظام العام وهي القاعدة التي تقضي بأن التقاضي على درجتين هذا فضلاً عن مخالفتها لأحكام المادتين 409 و410 سالفتي الذكر والمادة 411 مرافعات التي تمنع قبول الطلبات الجديدة في الاستئناف.
وينعى الطاعنون في السبب الثاني على الحكم المطعون فيه بطلانه لقصور أسبابه وفي بيان ذلك يقولون إنهم تمسكوا أمام محكمة الاستئناف في مذكرتهم المقدمة لجلسة 25 مايو سنة 1957 بأنه لا يجوز قانوناً للمحكمة أن تساير الخصوم فيما طلبوه من التعرض لطلباتهم وأوجه النزاع التي كانوا قد أبدوها في تقرير الاعتراض وذلك إذا ما رأت المحكمة عدم الأخذ بالسبب الذي بني عليه الحكم الابتدائي قضاءه ورغم تمسك الطاعنين بذلك فإن الحكم المطعون فيه لم يأخذ بوجهة نظرهم في هذا الشأن ولم يناقشها أو يرد عليها.
وحيث إن النعي الوارد بهذين السببين مردود بأنه لما كان المطعون عليهم المدينون قد طلبوا من محكمة الدرجة الأولى القضاء ببطلان إجراءات التنفيذ التي اتخذها الطاعنون ضدهم استناداً إلى السببين الواردين في تقرير الاعتراض على قائمة شروط البيع والسبب الذي أبدوه أمام المحكمة وكانت تلك المحكمة قد اكتفت بالسبب الأخير وحكمت بناء عليه بطلبات المدينين المعترضين وصرحت في حكمها بأن هذا السبب قد أغناها عن بحث السببين الآخرين ولما استأنف الدائنون الطاعنون هذا الحكم طلب المدينون المطعون عليهم تأييد الحكم المستأنف وتمسكوا في دفاعهم أمام محكمة الاستئناف بجميع أسباب البطلان التي أبدوها أمام محكمة الدرجة الأولى ومن بينها أن الدين المنفذ به قد برئت ذمتهم منه لسبق استبعاده من لجنة تسوية الديون العقارية في طلب التسوية المقدم منهم فإن محكمة الاستئناف وقد رأت إلغاء الحكم الابتدائي فيما قضى بقبوله من أسباب البطلان المقدمة من المستأنف عليهم إلى محكمة أول درجة فإنه يتعين عليها في هذه الحالة أن تبحث باقي هذه الأسباب وتفصل فيها. ذلك أن المادة 410 من قانون المرافعات توجب على محكمة الدرجة الثانية أن تنظر الاستئناف على أساس ما يقدم لها من أدلة ودفوع وأوجه دفاع جديدة وما كان قد قدم من ذلك إلى محكمة الدرجة الأولى ومقتضى ذلك أن الاستئناف المرفوع من الدائنين الطاعنين عن الحكم القاضي ببطلان إجراءات التنفيذ من شأنه أن ينقل إلى محكمة الاستئناف النزاع بشأن هذا البطلان بجميع عناصره ويعيد طرحه عليها من أسانيده القانونية وأدلته الواقعية ويجب على تلك المحكمة أن تفصل في كافة الأوجه التي يكون المستأنف عليه قد تمسك بها أمام محكمة أول درجة سواء في ذلك الأوجه التي أغفلت هذه المحكمة للفصل فيها أو تلك التي تكون قد فصلت فيها لغير مصلحته وذلك دون حاجة لاستئناف فرعي منه متى كان الحكم المستأنف قد انتهى إلى القضاء له بطلباته كلها إذ لا محل لرفع هذا الاستئناف إلا إذا كان لم يحكم له إلا ببعض الطلبات فعندئذ يكون هناك محل للمطالبة بما لم يحكم له به ويجب في هذا المقام أن يكون المحكوم برفضه طلباً بالمعنى الصحيح في القانون (chef de demànde) لما كان ذلك، وكان طلب المدينين المطعون عليهم من محكمة الدرجة الأولى بطلان إجراءات التنفيذ للأسباب التي أوردوها في تقرير الاعتراض وأمام المحكمة يعتبر طلباً واحداً مقاماً على أسس قانونية متعددة ولا يعتبر كل اعتراض طلباً قائماً بذاته وقد دل المشرع بجلاء على هذا المعنى في المادة 642 مرافعات بتعبيره فيها بعبارة أوجه البطلان عن المنازعات التي يقصد بها الحكم ببطلان إجراءات التنفيذ فنصت المادة على أن "أوجه البطلان في الإجراءات... سواء كان أساس البطلان عيباً في الشكل أم في الموضوع وكذلك جميع الملاحظات على شروط البيع يجب على المدين والحائز والدائنين... إبداؤها بطريق الاعتراض..." لما كان ذلك، فإن محكمة الاستئناف إذ تعرضت للفصل في الاعتراضات التي كانت مقدمة إلى محكمة أول درجة ولم تبحثها هذه المحكمة لا تكون قد خالفت القانون كما أنها وقد أخذت بهذا النظر القانوني الصحيح لا تكون بعد ذلك ملزمة بالرد على وجهة نظر الطاعنين المخالفة له - إذ أن مجرد أخذها بالنظر الصحيح يتضمن التعليل لإطراحها تلك الوجهة.
وحيث إن حاصل السببين الثالث والرابع أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ في القانون بتفسيره قرار لجنة تسوية الديون العقارية باستبعاد دين الطاعنين بأنه يؤدي إلى براءة ذمة المطعون عليهم المدينين من هذا الدين - وفي بيان ذلك يقول الطاعنون إن استبعاد دينهم من التسوية كان بسبب عدم تقديمهم البيانات والمستندات وهذا الاستبعاد لا يفيد قانوناً أو لغة براءة ذمة المدين أو سقوط حق الدائن في المطالبة به وإنما يعني هذا الاستبعاد أن اللجنة لم تتعرض للدين المستبعد ولم تدخله ضمن الديون التي شملتها التسوية والتوزيع وبالتالي يظل حق الدائن في المطالبة به قائماً - وساق الطاعنون لتأييد وجهة نظرهم هذه أن طلب التسوية المقدم من المطعون عليهم قد قدم في سنة 1939 في ظل القانون رقم 3 لسنة 1939 أول قوانين تسوية الديون العقارية والذي صدر في 23 يناير سنة 1939 ولم يلغ إلا في 14 مايو سنة 1942 بالقانون رقم 12 لسنة 1942 وقد كانت الفقرة الثانية من المادة الثانية من القانون رقم 3 لسنة 1939 صريحة في أنه لا يحتسب في مجموع الديون التي يشملها التخفيض ولا في تقدير قيمة العقارات التي تنتفع بالتسوية الديون المضمونة برهن حيازي أو برهن تأميني في المرتبة الأولى ولاحق لسنة 1932 - ولما كان دين الطاعنين مضموناً برهن تأميني لاحق لسنة 1932 وفي المرتبة الأولى فإنه بحسب أحكام القانون الذي قدم طلب التسوية في ظله لم يكن هذا الدين يدخل ضمن الديون التي يشملها التخفيض وبالتالي فلم يكن الدائن ملزماً بتقديم مستندات أو بيانات عن دينه هذا إلى اللجنة وقد جاء القانون رقم 12 لسنة 1942 وألغى القانون رقم 3 لسنة 1939 ونص في المادة 18 منه على تخويل اللجنة حصر جميع ديون المدين طالب التسوية حصراً نهائياً ثم عدل بالقانون رقم 143 لسنة 1944 وأضاف القانون الأخير إلى القانون رقم 12 لسنة 1942 مادة جديدة برقم 18 مكرر تقضي بأن "على الدائنين السابق إعلانهم أن يقدموا في خلال ثلاثين يوماً من تاريخ نشر القانون الجديد كافة البيانات والمستندات الخاصة بديونهم ومراتب تسجيلهم فإذا انقضت المدة المذكورة ولم تقدم البيانات المطلوبة سقط حقهم في التوزيع وإذا قدمت البيانات ولم تقدم المستندات فللجنة تسوية الديون العقارية أن تقرر اعتبارهم من الدائنين العاديين فإذا لم يكن قد سبق إعلانهم فتسرى المدة المذكورة من تاريخ إعلانهم بخطاب مسجل بعلم الوصول" - ومفاد هذا النص - على ما يقول الطاعنون - إن الدائنين الذين أعلنوا وقدموا بيانات عن دينهم ولم يتقدموا بمستنداتهم فإن كل الذي يترتب بالنسبة لهم لا يخرج عن أحد أمرين أولهما أن يسقط حقهم في توزيع ما يوازي 70% من قيمة عقارات المدين - أي لا يصيبهم شيء في هذا التوزيع والأمر الثاني هو أن تقرر اللجنة اعتبارهم من الدائنين العاديين فإن أصابهم بوصفهم هذا شيء في التوزيع أخذوه وهذان الأمران يختلفان عن براءة الذمة وانقضاء الدين يؤكد ذلك ما ورد في المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 143 لسنة 1944 عن المادة 26 حيث جاء بها أن النص الجديد لهذه المادة لم يعدل شيئاً من أحكامها غير أنه بين بطريقة جلية لا تثير شكاً أن المنع من اتخاذ إجراءات على العقارات التي انتفعت بالتسوية أو على ثمراتها إنما يكون بالنسبة للأجزاء المستبعدة من الديون وفقاً لأحكام التوزيع أما بالنسبة لباقي الديون سواء منها ما هو غير قابل للتخفيض أو ما خفض طبقاً للقواعد المنصوص عليها بالمادة الخامسة فإن للدائن حق اتخاذ الإجراءات عليها وفقاً لأحكام القانون وإذ كان المطعون عليهم المدينون قد اتفقوا مع دائنهم (مورث الطاعنين) على عدم إدخال هذا الدين ضمن ديون التسوية وذلك اكتفاء بالصلح الذي تم بينهم بشأن هذا الدين وصدق عليه الحكم الصادر من المحكمة المختلطة في 16 من ديسمبر سنة 1941 فإن الطاعنين عندما أخطرتهم لجنة تسوية الديون العقارية في 14 من يناير سنة 1945 لتقديم البيانات والمستندات الخاصة بدينهم ردوا عليها في 23 من الشهر المذكور بما يفيد حصول ذلك الاتفاق والتصديق عليه من المحكمة وتنفيذه من الطرفين وقد وافقت اللجنة الطاعنين على رأيهم فلم تبحث دينهم ولم تخفضه أو تحدد مقداره وجاء قراراها باستبعاد هذا الدين لعدم تقديم البيانات والمستندات غير ماس بوجود الدين ومقداره ومرتبته ذلك أن هذا الاستبعاد - على ما يبين من استقراء قوانين التسوية العقارية يختلف تماماً في طبيعته وفي آثاره عن استبعاد الدين أو جزء منه بعد درجة ضمن ديون التسوية بسبب عدم إصابته شيئاً من الـ 70% من قيمة عقارات المدين أو لتخفيضه طلقاً لأحكام التوزيع - وإذا كانت المادة 26 من القانون رقم 12 لسنة 1942 بعد تعديلها تبرئ ذمة المدين من كافة الديون التي تزيد على 70% من قيمة عقاراته حسب قرار اللجنة لغاية يوم صدور هذا القرار وتنهي كل علاقة بين المدين ودائنيه السابقة ديونهم على تاريخ تقديم طلب التسوية فإن هذا الإبراء لا ينصرف إلا إلى الديون التي أدرجت ضمن الديون التي بحثتها اللجنة ورأت استبعادها لأنه لم يصبها شيء من الـ 70% من قيمة عقارات المدين المخصصة للتوزيع وهذا لا يصدق على دين الطاعنين لأنه من جهة لم يدخل ضمن الديون التي تناولتها التسوية وبحثتها اللجنة ومن جهة أخرى فإنه يبين من قائمة التوزيع أن الـ 70% من قيمة عقارات المطعون عليهم المدينين توازي 10448 ج في حين أن جملة الديون التي دخلت التسوية 4115 ج ومعنى ذلك أن دين الطاعنين لم يدرج أصلاً ضمن الديون التي تناولتها التسوية لا يزيد على الـ 70% وبالتالي فلا تبرأ منه ذمة المدينين ولا تنتهي علاقتهم مع دائنهم بشأنه.
ويتحصل السبب الخامس في أن الحكم المطعون فيه خالف القانون بتجاهله الصلح الذي صدق عليه الحكم الصادر في 16 ديسمبر سنة 1941 وفي بيان ذلك يقول الطاعنون أنهم تمسكوا أمام محكمة الاستئناف بأن دينهم مضمون برهن تأميني في 17 أغسطس سنة 1933 وأنه بعد تقديم المدينين المطعون ضدهم طلب التسوية في سنة 1939 عقدوا صلحاً معهم تنازل بموجبه الطاعنون عن حوالي خمسة آلاف جنيه من دينهم ومنحوا المدينين إمهالاً جديداً في السداد حتى 28 فبراير سنة 1955 وأنه صدر حكم من المحكمة المختلطة في 16 ديسمبر سنة 1941 بالتصديق على هذا الصلح وقام المدينون تنفيذاً له بسداد الأقساط المتفق عليها حتى سنة 1945 ويبين نم ذلك أن الطرفين اكتفيا بهذا الاتفاق ونفذاه ولم يتقدما به إلى لجنة تسوية الديون العقارية بل إن الطاعنين ردوا في 23 يناير سنة 1945 على إخطار اللجنة لهم لتقديم البيانات والمستندات الخاصة بدينهم بما يفيد حصول ذلك الاتفاق وصدور حكم به وتمسكوا في ردهم بهذا الحكم وقد صدر قرار اللجنة استبعاد دينهم لعدم تقديم المستندات في 5 يوليه سنة 1945 أي بعد وصول ردهم إليها بنحو ستة أشهر مما يفيد أن اللجنة وافقت على إخراج هذا الدين من متناول سلطتها فلا هي أدخلته ضمن الديون التي خفضتها ولا هي اعتبرته ديناً عادياً ولا هي قررت براءة ذمة المدينين منه ولما كانت العلاقة في المال بين الدائن والمدين لا صلة لها بالنظام العام ويجوز لهما تبعاً لذلك الاتفاق بعيداً عن اللجنة فإن الاتفاق الذي يعقداه يجب احترامه ولو كان مخالفاً لقرار هذه اللجنة ولو جاز اعتبار ذلك القرار بمثابة حكم نهائي فإنه كالحكم لا يحوز قوة الشيء المقضي إلا بالنسبة لما قضى به فقط وهو لم يقض ببراءة الذمة أو يؤسس الاستبعاد على ذلك وحكم المادة 26 من القانون رقم 12 لسنة 1942 بعد تعديلها بالقانون رقم 143 لسنة 1944 لا يمس حقوق الدائنين الذين لم تدخل ديونهم ضمن الديون التي شملتها التسوية والتوزيع وذلك خلافاً للتفسير الذي ذهب إليه الحكم المطعون فيه من اعتبار هذه الديون مقتضية وتبرأ ذمة المدينين منها وهذا التفسير فضلاً عن مجافاته لنصوص القانون واعتبارات العدالة فإن مقتضاه مصادرة حقوق هؤلاء الدائنين بغير حق وبدون نص وإثراء المدينين بلا سبب مشروع عن طريق عدم الوفاء بما عليهم من ديون.
وحيث إن القانون رقم 12 لسنة 1942 بتسوية الديون العقارية نص في المادة 27 منه على أن "تظل قائمة بالحالة التي هي عليها وقت صدور هذا القانون الطلبات المقدمة وفقاً لأحكام القانون رقم 3 لسنة 1939 - وللمدينين الذين سبق رفض طلباتهم أن يطلبوا في خلال ثلاثة أشهر من تاريخ نشر هذا القانون (القانون رقم 12 لسنة 1942) إعادة النظر في هذه القرارات - ونص في المادة 31 على إلغاء القانون رقم 3 لسنة 1939 ولما كان الثابت أن طلب التسوية المقدم من المطعون عليهم المدينين إلى لجنة تسوية الديون العقارية في سنة 1939 لما يكن قد فصل فيه حتى تاريخ صدور القانون رقم 12 لسنة 1942 فإنه يخضع لأحكام هذا القانون دون حاجة إلى تقديم طلب جديد من المدينين بعد صدوره ومتى كان ذلك، وكانت المادة 18 مكررة من القانون المذكور المضافة بالقانون رقم 143 لسنة 1944 قد نصت على أن "على الدائنين السابق إعلانهم أن يقدموا في خلال ثلاثين يوماً من تاريخ نشر هذا القانون (القانون رقم 143 لسنة 1944) كافة البيانات والمستندات الخاصة بديونهم ومراتب تسجيلاتهم. فإذا انقضت المدة المذكورة ولم تقدم بالبيانات المطلوبة سقط حقهم في التوزيع - وإذا قدمت البيانات ولم تقدم المستندات فللجنة تسوية الديون العقارية أن تقرر اعتبارهم من الدائنين العاديين. فإذا لم يكن قد سبق إعلانهم فتسري المدة المذكورة من تاريخ إعلانهم بخطاب مسجل بعلم الوصول" وكان الطاعنون مقرين بأن لجنة تسوية الديون العقارية قد أخطرتهم في شهر يناير سنة 1945 لتقديم البيانات والمستندات الخاصة بدينهم وأنهم امتنعوا عن تقديمها بحجة أن دينهم لا تشمله التسوية لسبق حصول صلح بينهم وبين مدينهم بشأنه لما كان ذلك، فإن الجزاء الذي تفرضه المادة 18 مكرر سالفة الذكر على الدائنين الذين يتخلفون عن تقديم البيانات والمستندات الخاصة بديونهم ينطبق عليهم ولا وجه لما يقوله الطاعنون من أنهم لم يكونوا ملزمين بتقديم البيانات والمستندات الخاصة بدينهم إلى اللجنة لأن دينهم كان مضموناً برهن تأميني في المرتبة الأولى ولاحق لسنة 1932 وبالتالي فلم يكن يحتسب في الديون التي تشملها التسوية طبقاً لنص الفقرة الثانية من المادة الثانية من القانون رقم 3 لسنة 1939 - لا وجه لهذا القول لأن هذا النص قد ألغي بإلغاء القانون المذكور بالقانون رقم 12 لسنة 1942 ولم يرد في القانون الأخير نص يقضي باستثناء الديون المضمونة برهن تأميني أياً كانت مرتبته من الديون التي تخضع للتسوية طبقاً لأحكامه وقد ورد نص المادة 18 مكررة منه الذي يلزم الدائنين بتقديم البيانات والمستندات الخاصة بديونهم عاماً ومطلقاً بحيث ينطبق على جميع الدائنين الذين تقوم اللجنة بإخطارهم - ولما كانت علة استحداث نص المادة 18 مكررة سالفة الذكر الذي لم يكن له نظير في القانونين 3 لسنة 1939، 12 لسنة 1942 هي - على ما يبين من الأعمال التحضيرية للقانون رقم 143 لسنة 1944 (المذكرة التفسيرية وتقريري لجنتي الشئون المالية في مجلس النواب والشيوخ) معالجة أسباب بطء إجراءات اللجنة الناشئ عن مطل بعض الدائنين في تقديم بيان عن ديونهم وتوضيح مراتب تسجيلاتهم التي يستعصى في الغالب على اللجنة الاهتداء إليها إذ لا سبيل إلى التحقق منها إلا من واقع عقود الرهن وأحكام الاختصاص ولا يغني في ذلك الشهادات العقارية وحدها وقد قصد المشرع أن يضع جزاء رادعاً على الدائنين لإجبارهم على تقديم ما يطلب منهم من بيانات ومستندات - وليحول دون مطلبهم وتهاونهم في تقديم تلك البيانات إضراراً بمدينهم - وهو ما دل العمل على وقوعه وعلى أنه كان مثار شكوى كثير من المدينين - ومقتضى الجزاء الذي تفرضه هذه المادة على من يتخلف من الدائنين عن تقديم البيانات والمستندات الخاصة بدينه هو استبعاد هذا الدين من التوزيع ويكون حكم الدائن في هذه الحالة حكم الدائنين الذين بحثت اللجنة ديونهم ولم يصبهم نصيب في التوزيع طبقاً لأحكام القانون وإذا كانت المادة 26 من القانون رقم 12 لسنة 1942 بعد تعديلها بالقانون رقم 143 لسنة 1944 تنص على أن "يكون قرار لجنة تسوية الديون العقارية مبرئاً لذمة المدين من كافة الديون التي تزيد على 70% من قيمة عقاراته حسب قرار اللجنة لغاية يوم صدور هذا القرار ويعتبر ذلك القرار منهياً لكل علاقة بين المدين ودائنيه السابقة ديونهم على تاريخ تقديم طلب التسوية" ويبين من مراحل التشريع التي مر بها تعديل المادة 26 على الوجه السابق والمخالف لما كان عليه النص في مشروع القانون رقم 143 لسنة 1944 المقدم من الحكومة للبرلمان ومن المناقشات البرلمانية التي دارت في مجلس النواب والشيوخ بشأن هذا التعديل أنه قصد به أن يسبغ على المدينين الذين قبلت اللجنة نهائياً تسوية ديونهم حصانة في أموالهم ليس فقط بالنسبة إلى الأموال التي كانت موضوع التسوية بل وفي كل مال آخر تؤول ملكيته إليهم عقب التسوية أياً كان سبب هذه الملكية وأنه ما دام الدين سابقاً على تاريخ تقديم طلب التسوية فإن قرار اللجنة الذي صدر في هذه التسوية يقف في سبيل كل إجراء من إجراءات التنفيذ على أموال المدين أياً كان طريق هذا التنفيذ ولما كان الثابت بإقرار الطاعنين أن دينهم المنفذ به نشأ في سنة 1933 أي في تاريخ سابق على تاريخ تقديم طلب التسوية من المدينين المطعون عليهم الذي قبلته لجنة تسوية الديون العقارية نهائياً وحددت في قرارها الديون التي خصها نصيب في التوزيع مستبعدة من هذا التوزيع دين الطاعنين فإن إجراءات التنفيذ التي اتخذها الطاعنون في النزاع الحالي ضد مدينيهم المطعون عليهم تكون باطلة ولا محل لاستشهاد الطاعنين بما ورد في المذكرة التفسيرية للقانون رقم 143 لسنة 1944 في تعليقها على المادة 26 سالفة الذكر على أن المشرع لم يرد بالنص المعدل أن يعدل شيئاً من أحكام القانون رقم 12 لسنة 1942 وإنما أراد أن يبين بطريقة جلية لا تثير شكاً أن المنع من اتخاذ إجراءات على العقارات التي انتفعت بالتسوية أو على ثمراتها إنما يكون فقط بالنسبة للأجزاء المستبعدة من الديون وفقاً لأحكام التوزيع - لا محل لهذا الاستشهاد لأن هذا الذي ورد في المذكرة التفسيرية إنما كان خاصاً بالنص الذي كان مقترحاً في مشروع القانون رقم 143 لسنة 1944 المقدم من الحكومة وكان يجري هذا النص كالآتي "لا يجوز للدائنين المخفضة ديونهم ولا للدائنين السابقة ديونهم على 23 يناير سنة 1939 والذي لم يحدد لهم نصيب في التوزيع اتخاذ أية إجراءات على العقارات التي انتفعت بالتسوية أو على ثمراتها وذلك بالنسبة للأجزاء المستبعدة من تلك الديون" ولم يوافق مجلسا النواب والشيوخ على النص بهذه الصيغة وانتهيا بعد مناقشات طويلة إلى تعديله على الوجه المتقدم ذكره ليكون قرار اللجنة مبرئاً لذمة المدين من كافة الديون التي لم يحدد لأصحابها نصيب في التوزيع ومنهياً لكل علاقة بين المدين ودائنيه السابقة ديونهم على تاريخ تقديم طلب التسوية بحيث يمتنع عليهم التنفيذ بديونهم تلك على عقارات المدين التي انتفعت بالتسوية وعلى ما تؤول ملكيته إليه من أموال بعد صدور قرار اللجنة - كذلك فإن ما يثيره الطاعنون من أن نص المادة 26 لا ينطبق إلا على الديون التي بحثتها اللجنة ورأت استبعادها بسبب أنها لم يصبها شيء من الـ 70% من قيمة عقارات المدين المخصصة للتوزيع مما لا يصدق على دينهم لأنه لم يدرج ضمن الديون التي تناولتها التسوية وبحثتها للجنة ولأن قيمته لا تزيد على تلك النسبة المخصصة للتوزيع - هذا الذي يثيره الطاعنون مردود: أولاً - بأن دينهم كان معروضاً على اللجنة ومدرجاً ضمن ديون التسوية - غير أن اللجنة قررت بعد ذلك استبعاده لامتناع الطاعنين عن تقديم البيانات والمستندات التي طلبتها منهم اللجنة وكان هذا الاستبعاد إعمالاً للجزاء المقرر في المادة 18 مكررة سالفة الذكر وقد سلف القول أن حكم هذا الاستبعاد هو حكم استبعاد الدين لعدم إصابته شيئاً في التوزيع ومردود: ثانياً - بأن مجال بحث ما إذا كان دين الطاعنين يزيد أو لا يزيد على الـ 70% من قيمة عقارات المدين المخصصة للتوزيع إنما كان أمام لجنة تسوية الديون العقارية أما وقد فوت الطاعنون على أنفسهم هذه الفرصة وأصدرت اللجنة وفي حدود اختصاصها قرارها المتضمن استبعاد دينهم وانقضى ميعاد التظلم لديها في هذا القرار فإنه طبقاً للمادة 24 من القانون رقم 12 لسنة 1942 المعدل بالقانون رقم 143 لسنة 1942 يعتبر هذا القرار نهائياً وتكون له حجية الأحكام الانتهائية وبذلك يمتنع الجدل فيه أمام المحاكم.
وحيث إن ما ينعاه الطاعنون من تجاهل الحكم المطعون فيه الصلح الذي تم بينهم وبين مدينهم بشأن الدين المنفذ به والذي صدقت عليه المحكمة المختلطة بحكمها الصادر في 16 ديسمبر سنة 1941 هذا النعي مردود بأنه لما كان عقد هذا الصلح والتصديق عليه من المحكمة سابقين على قرار لجنة تسوية الديون العقارية وكان المدينون المطعون عليهم قد تقدموا بهذا الدين ضمن الديون التي طلبوا من اللجنة تسويتها وفقاً لأحكام القانون وكان قرار اللجنة قد تضمن الفصل في أمر هذا الدين باستبعاده من التوزيع فإنه لا يكون للصلح المتقدم الذكر أثر على هذا القرار ويعتبر القرار المذكور طبقاً للمادة 26 سالفة الذكر منهياً لكل علاقة بين الطرفين بشأن هذا الدين ما دام أن تاريخ نشوئه سابق على تاريخ تقديم طلب التسوية وما دام أن الطاعنين لم يقدموا ما يدل على أن هذا الاتفاق قد ظل نافذاً برضاء المدينين إلى ما بعد صدور قرار اللجنة أما ما يدعيه الطاعنون من أن قرار اللجنة باستبعاد دينهم كان نتيجة لموافقة اللجنة على ذلك الاتفاق فإنه ينقضه ما نص عليه في هذا القرار من أن الاستبعاد كان لعدم تقديم الطاعنين البيانات والمستندات التي ألزمهم القانون تقديمها.
وحيث إنه لما تقدم جميعه يكون الطعن برمته على غير أساس متعيناً رفضه.

الطعن 2795 لسنة 40 ق جلسة 22 / 11 / 1998 إدارية عليا مكتب فني 44 ق 10 ص 131

جلسة 22 من نوفمبر 1998 م

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ رأفت محمد السيد يوسف - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأستاذة المستشارين: منصور حسن علي غربي، وممدوح حسن يوسف راضي، وسمير إبراهيم البسيوني، وأحمد عبد الحليم أحمد صقر - نواب رئيس مجلس الدولة.

----------------

(10)

الطعن رقم 2795 لسنة 40 قضائية عليا

تأديب - المسئولية التأديبية - مدى اعتبار عنصر التحرش مانعاً من موانع المسئولية.
لا يمكن القول بأن التحرش مهما كان مداه يعد مانعاً من موانع المسئولية عما يرتكبه الموظف كرد فعل لذلك من تجاوزات. ذلك أن المسلك القويم في مواجهة التحرش هو الالتجاء إلى الأسلوب القانوني للمطالبة بالحق إدارياً وجنائياً ومدنياً دون اللجوء إلى الانتقام باليد على نحو يهدد سيادة القانون ويحيي شريعة الغاب ويحيل المرفق العام إلى ساحة لتبادل العدوان - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم السبت الموافق 4/ 6/ 1994 أودع الأستاذ/ ...... المحامي نائباً عن الأستاذ/ ..... المحامي بصفته وكيلاً عن الطاعن. قلم كتاب هذه المحكمة تقرير طعن في قرار مجلس التأديب المشار إليه فيما قضى به من مجازاة الطاعن بالوقف عن العمل لمدة ثلاثة أشهر مع صرف نصف الأجر.
وطلب الطاعن للأسباب الواردة بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المطعون ضده الأول بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة.
وقد تم إعلان تقرير الطعن على النحو المبين بالأوراق.
وقد أعدت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي انتهت فيه إلى قبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً.
وتم نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا الدائرة الرابعة بجلسة 29/ 3/ 1997 والجلسات التالية إلى أن انتهت بجلسة 22/ 11/ 1997 إلى إحالته إلى الدائرة الخامسة بالمحكمة الإدارية العليا للاختصاص.
وقد نظرت هذه المحكمة الطعن بجلسة 14/ 12/ 1997 وتداولت نظره بجلساتها حسبما هو مبين بمحاضر الجلسات إلى أن قررت بجلسة 25/ 10/ 1998 إصدار الحكم بجلسة اليوم حيث صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.
ومن حيث إن الطاعن يطلب الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المطعون ضده الأول بالمصاريف وأتعاب المحاماة.
ومن حيث إن الطعن قد أقيم في المواعيد القانونية واستوفى أوضاعه الشكلية الأخرى ومن ثم يكون مقبولاً شكلاً.
ومن حيث إنه عن الموضوع فإن عناصر المنازعة تتلخص حسبما يبين من الأوراق في أن إدارة التحقيقات بمحكمة شمال القاهرة الابتدائية قد أجرت تحقيقاً برقم 23/ 1994 فيما أسند إلى الطاعن الموظف بقلم المتابعة بالمحكمة من اعتدائه بالضرب على زميله..... أثناء العمل وبسببه وإحداث إصابات أدت إلى نقله لطبيب التأمين الصحي بالمحكمة لعلاجه وانتهت إلى إحالته إلى مجلس التأديب وبناءً على ذلك صدر قرار الأستاذ المستشار رئيس محكمة شمال القاهرة الابتدائية في 27/ 2/ 1994 بإحالة الطاعن إلى مجلس التأديب.
وقد نظر مجلس التأديب الطعن بجلستي 21/ 3/ 94، 28/ 3/ 94 حيث مثل الطاعن بالجلسة الأخيرة وتقرر بالجلسة الأخيرة حجز الطعن للحكم بجلسة 4/ 4/ 1994 حيث صدر قرار مجلس التأديب بوقف الطاعن عن العمل لمدة ثلاثة أشهر مع صرف نصف الأجر واستند مجلس التأديب فيما انتهى إليه إلى أن ما نسب إلى الطاعن من اعتدائه بالضرب على زميله بقبضة يده في وجهه عدة مرات قد ثبت من أقوال كل من..... و....... و.....
ومن حيث إن الطاعن يستند في طعنه إلى الأسباب الآتية:
أولاً: مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله ذلك أن الطاعن قدم مذكرة بدفاعه أثناء حجز الدعوى للحكم طالباً إعادة الدعوى للمرافعة لسماع شهود النفي كما طلب ذلك بمحاضر الجلسات إلا أن المحكمة لم تستجب لطلبه كما أن شاهد الإثبات الوحيد الذي يؤخذ بشهادته هو الطبيب المختص الذي قام بعلاج المجني عليه وهذه الشهادة خلت منها الأوراق وهو الشخص الذي يمكنه تحديد الإصابة وبيان سبب حدوثها والكيفية التي تمت بها.
ثانياً: انعدام الحكم لبطلان إجراءات التقاضي ومصادرة حق الطاعن في الدفاع عن نفسه إذ حضر الطاعن بجلسة 21/ 3/ 1994 ومعه وكيله وطلب أجلاً للإطلاع غير أن المحكمة لم تمنحه الوقت اللازم وقررت تأجيل نظر الدعوى لمدة أسبوع رغم أن الدعوى تحتاج إلى وقت أكثر من ذلك كما حضر الطاعن جلسة 28/ 3/ 1994 والتمس أجلاً للاستعداد وسماع الشهود إلا أن المحكمة صادرت حق الطاعن فيما يطلبه وقامت بحجز الدعوى للحكم وكان يتعين عليها التأجيل لتمكين الطاعن من إعداد رده وتقديم مستندات إلا أنها صادرت حقه الذي منحه القانون للخصوم في الدعوى.
ثالثاً: تجاهل الحكم المطعون فيه الحقائق الجوهرية الواردة بالتحقيقات إذ قررت الشاهدة الأولى بأن ما حدث مجرد مناقشة بين الطاعن والشاكي وانتهت إلى التفريق بينهما ثم دخل الشاكي وضرب الطاعن بين كتفيه ووجدته فجأة ينزف ولم تر سبب نزول الدم كما قرر الشاهد/ ...... بوجود شكوى سابقة لأسباب خارج العمل فضلاً عن أن الواقعة حدثت الساعة 12.45 بما يدل على أن الذي حدث ليس بسبب العمل الأمر الذي يوضح أن أركان المخالفة لم تقم لها قائمة وغير مكتملة.
رابعاً: قصور الحكم في التسبيب في تحرى الحقائق وخروجه عن اللوائح المعمول بها إذ أغفلت المحكمة أن الشاكي كان دائماً على خلاف مع الطاعن لأسباب خارجة عن نطاق العمل وأن المجني عليه قام أيضاً بالاعتداء على الطاعن.
خامساً: عدم تناسب العقوبة الواردة بالحكم مع المخالفة المنسوبة للطاعن.
سادساً: أن الحكم شابه عدم تحقيق المصلحة العامة وعديم الفائدة نظراً لأن إدارة التحقيق جنبت الشاكي آثار العقوبة دون الطاعن.
سابعاً: أن المحكمة الإدارية العليا قد انتهجت سياسة إلغاء الأحكام التأديبية على أساس الغلو في الجزاء.
ومن حيث إنه يبين من الأوراق أن السيد/ ......... المحقق بمحكمة شمال القاهرة الابتدائية قد تقدم بمذكرة مؤرخة في 13/ 2/ 1994 تضمنت بأنه قد فوجئ بالسيد/ ...... ممسكاً بيدي السيد/ ( أ ) لمعاونته على السير إلى العيادة وكان الأخير في حالة إعياء والدماء تنزف من أنفه وأنه قد علم بحدوث مشادة بين كل من ( أ ) و (ب) بسبب قيام الأول بإدراج اسم الثاني بالغياب لحضوره متأخراً وانتهت المشادة بتعدي الثاني على الأولى بِلَكْمِهِ بقبضته في وجهه مما أسال دماءه كما تقدم/ ( أ ) الباحث بالمتابعة بمذكرة مؤرخة 14/ 2/ 1994 ضد/ (ب) (الطاعن) من توعده له بسبب إدراجه بكشف الغياب في اليوم السابق لحضوره متأخراً وفوجئ به يعتدى عليه بضربه بقبضة يده في أنفه مما أدى إلى حدوث نزيف دموي غزير من أنفه.
وقد أحيل الموضوع إلى التحقيق حيث سئل الشاكي فلم تخرج أقواله عن مضمون شكواه واستشهد بكل من/ ...... و....... و....... و.... و..... وبسؤال........ الموظف بقلم المتابعة قرر بحدوث مشادة بين الشاكي والمشكو يوم 13/ 2/ 1994 بسبب إدراج الشاكي للمشكو في كشف الغياب ثم فوجئ بالمشكو (الطاعن) يقوم بتوجيه عدة لكمات في وجه الشاكي إلى أن سالت دماؤه مما استدعى اصطحابه إلى الطبيب لإسعافه.
وبسؤال/ ....... الموظفة بقلم المتابعة قررت بأنه أثناء المشادة التي حدثت بين الشاكي والمشكو يوم 13/ 2/ 1994 قام الشاكي بمعاتبة المشكو على محاولته التحرش به بسبب إدراجه بكشف الغياب وأثاره بدفعه في كتفه فإذا بالمشكو يقوم بضربه بقبضة يده في أنفه ووجهه مما أصابه بنزيف دموي ولم تخرج أقوال/ ....... الموظفة بقلم المتابعة عن أقوال سابقتها.
وبسؤال المشكو (الطاعن) قرر بأن الشاكي تقابل معه خارج المكتب يوم 13/ 2/ 1994 في الردهة ذاكراً له بأنه أدرجه بكشف الغياب لحضوره متأخراً فطلب منه الابتعاد عنه بسبب سبابه فإذا به يجذبه من جاكتته فأشاح يده عنه إلا أنه تعقبه وأخذ يجذبه من كتفه بشدة فأبعده عنه غير أن يده - أي الطاعن اصطدمت بأنف الشاكي دون قصد وأن النزيف الدموي كثيراً ما يحدث للشاكي دون أي احتكاك مع آخرين ونفى اعتداءه على الشاكي بالضرب إلا أنه لم يعلل أقوال الشهود قبله كما نفى وجود أية خلافات شخصية بينهما وطلب سماع بقية الشهود وهم/......... و.........
وسئلت/ ........ الموظفة بقلم المتابعة فأكدت واقعة اعتداء الطاعن على/ ........ بالضرب في وجهه بسبب إدراج الطاعن بكشف الغياب وأن الشاكي قد أقر بجذب الطاعن من كتفه وكذلك فقد سئل/ ........ الموظف بقلم المتابعة فلم تخرج أقواله عن أقوال سابقته.
وقد انتهى التحقيق إلى صدور قرار رئيس محكمة شمال القاهرة الابتدائية المؤرخ 27/ 2/ 1994 بإحالة الطاعن إلى مجلس التأديب لما ثبت من التحقيقات تعمده الاعتداء على زميله/ ....... أثناء العمل وبسببه محدثاً به الإصابات التي أدت إلى نقله للسيد طبيب التأمين الصحي بالمحكمة لعلاجه.
ومن حيث إن واقعة الاتهام قد ثبتت في حق الطاعن من أقوال الشهود الذين سئلوا بالتحقيقات على نحو ما سلف بيانه ولا وجه للاعتداد بما ينعيه الطاعن على قرار مجلس التأديب من أن شاهد الإثبات الوحيد الذي يؤخذ بشهادته هو الطبيب المختص الذي قام بعلاج المجني عليه إذ أن ذلك مردود فإن لمجلس التأديب باعتباره محكمة تأديبية الحرية في تكوين عقيدته من أي عنصر من عناصر الدعوى وله في سبيل ذلك الأخذ بما يطمئن إليه من أقوال الشهود وطرح ما عداها مما لا يطمئن إليه وبالتالي فلا تثريب عليه إن هو أقام قراراه بإدانة الطاعن على الأخذ بأقوال الشهود المذكورين متى كان من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه قرار مجلس التأديب عليها وأن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يعدو أن يكون محاولة لإعادة الجدل في تقرير أدلة الدعوى التأديبية ووزنها بما لا يجوز إثارته أمام هذه المحكمة (يراجع في هذا المجال حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن 1230 لسنة 9 ق بجلسة 8/ 4/ 1967).
ومن حيث إنه ليس صحيحاً ما ذهب إليه الطاعن من أن الشاهدة الأولى قد قررت بأن الشاكي قد ضرب الطاعن بين كتفيه ووجدته فيما بعد ينزف دون أن تعرف سبباً لذلك إذ قررت السيدة/ ....... بأن الطاعن قام بضرب الشاكي في وجهه بقبضة يده مما أصابه بنزيف دموي كما أنه لا يعفى الطاعن مما تمسك به من قول الشاهد/ ...... من وجود شكوى سابقة لأسباب خارج العمل إذ أن ذلك القول لا يؤدي إلى التأثير في النتيجة التي انتهى إليها قرار مجلس التأديب من ثبوت الواقعة قبل الطاعن.
ومن حيث إنه عن الوجه من الطعن ببطلان إجراءات التقاضي ومصادرة حق الطاعن في الدفاع عن نفسه من طلبه إعادة الدعوى للمرافعة لسماع شهود نفي وطلب ذلك بمحاضر الجلسات والتفات المحكمة عن ذلك وأن المحكمة لم تمنحه الأجل الملائم للاطلاع فإن هذا النعي في غير محله ذلك أن الثابت من محضر التحقيق أن الطاعن قد طلب بالتحقيق سماع بقية شهود الواقعة وهم/ ...... و........ وقد تم سؤالهم بالفعل وأدلوا بأقوالهم بالتحقيق في 15/ 2/ 1994 كما مثل الطاعن أمام مجلس التأديب بجلسة 21/ 3/ 1994 ومعه وكيله وطلب أجلاً للاطلاع بجلسة 28/ 3/ 1994 وبتلك الجلسة طلب البراءة وتقرر حجز الدعوى للحكم وتقديم مذكرات بجلسة 4/ 4/ 1994 وقدم الطاعن مذكرة بدفاعه خلال فترة حجز الدعوى للحكم أكد فيها أن الاتهام ملفق وأن الشاكي قد بدأه بالتهجم عليه بضربه على كتفه وطلب بالمذكرة إعادة الدعوى للمرافعة لسماع أقوال زملاء المتهم في المكتب غير أنه لم يحدد أسماء المطلوب سماع أقوالهم ومن ثم فقد أتيحت للطاعن الفرصة لتقديم دفاعه كاملاً وأن ما طلبه من سماع أقوال شهود جدد لم يقم على أسباب جدية لعدم تحديد أسمائهم.
ومن حيث إنه عن النعي على القرار المطعون عليه من القصور في التسبيب لإغفال المحكمة الخلاف السابق بين الطاعن والشاكي لأسباب خارج العمل وقيام الشاكي بالاعتداء على الطاعن فهو نعى في غير محله إذ إن قرار مجلس التأديب قد استند فيما انتهى إليه من مجازاة الطاعن إلى ثبوت الاتهام قبله من واقع أقوال الشهود بما يكفي لتسبيبه كما أنه لم يثبت من الأوراق اعتداء الشاكي على الطاعن ومجرد قيامه بدفعه في كتفه لا يبرر ارتكاب الطاعن لواقعة الاعتداء كما أنه لا يمكن القول بأن التحرش مهما كان مداه يعد مانعاً من موانع المسئولية مما يرتكبه الموظف كرد فعل لذلك من تجاوزات ذلك أن المسلك القويم في مواجهة التحرش هو الالتجاء إلى الأسلوب القانوني للمطالبة بالحق إدارياً وجنائياً ومدنياً دون اللجوء إلى الانتقام باليد على نحو يهدر سيادة القانون ويحمي شريعة الغاب ويحيل المرفق العام إلى ساحة لتبادل العدوان (طعن عليا رقم 3569/ 32 جلسة 23/ 12/ 1989).
ومن حيث إنه أخيراً فلا يسعف الطاعن التمسك بعدم التناسب بين الجزاء الموقع والمخالفة المرتكبة ذلك أن الغلو في توقيع الجزاء لا يكون إلا في حالة المفارقة الظاهرة بين درجة خطورة الذنب الإداري ونوع الجزاء ومقداره وقد راعى مجلس التأديب في تقدير الجزاء الموقع جسامة الفعل الذي ثبت في حق الطاعن من قيامه بالاعتداء على القائم بأعمال رئاسته بالضرب بقبضة يده في وجهه مما أدى إلى إصابته بنزيف دموي.
ومن حيث إنه طبقاً لما تقدم جميعه فإن قرار مجلس التأديب المطعون فيه قد قام على سببه المبرر له قانوناً ويضحي الطعن عليه على غير سند من القانون جديراً بالرفض.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاًً وبرفضه موضوعاً.

الطعن 384 لسنة 36 ق جلسة 27 / 4 / 1971 مكتب فني 22 ج 2 ق 89 ص 565

جلسة 27 من إبريل سنة 1971

برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: بطرس زغلول، وأحمد حسن هيكل، وعباس حلمي عبد الجواد، وإبراهيم علام.

----------------

(89)
الطعن رقم 384 لسنة 36 القضائية

دعوى. "دعوى عدم نفاذ التصرف". بيع. تأمينات عينية. "الرهن الرسمي". حكم. "عيوب التدليل". "فساد الاستدلال". تسجيل.
دعوى عدم نفاذ التصرف. التواطؤ بين المدين والمتصرف إليه على الإضرار بحقوق الدائن وقت صدور التصرف. شرط لقيامها في عقود المعوضات. إثبات الحكم أن الطاعن أقبل على شراء العقار موضوع الدعوى وهو على بينة من الدين ومن الرهن المقيد على العين المبيعة ضماناً لهذا الدين قبل تسجيل عقد شرائه. قضاؤه من بعد بعدم نفاذ ذلك العقد تأسيساً على أن الطاعن كان يعلم أن التصرف يؤدي إلى إعسار البائع. خطأ في القانون وفساد في الاستدلال.

---------------
مفاد نص المادتين 237، 238/ 1 من القانون المدني أن الغش الواقع من المدين وحده في عقود المعاوضات لا يكفي لإبطال تصرفه، بل يجب إثبات التواطؤ بينه وبين المتصرف له على الإضرار بحقوق الدائن، لأن الغش من الجانبين هو من الأركان الواجب قيام دعوى عدم نفاذ التصرفات عليها، وأن يثبت أن الغش موجود وقت صدور التصرف المطعون فيه. وإذ كان الحكم المطعون فيه بعد أن أثبت أن الطاعن اشترى العقار موضوع الدعوى، وثبت في عقد البيع الصادر له من المطعون عليه الثاني أن العين المبيعة محملة برهن رسمي للمطعون عليها الأولى ضماناً لدينها قبل المطعون عليه الثاني البائع، وأن هذا الرهن سابق في القيد على تسجيل عقد شراء الطاعن، واستخلص الحكم من شهادة شاهدي المطعون عليها الأولى في هذا الخصوص، مما شهد به شاهد الطاعن من أنه احتجز جزءاً من الثمن لوجود الرهن، قيام التواطؤ بين المطعون عليه الثاني وبين الطاعن تأسيساً على أن هذا الأخير كان يعلم أن التصرف يؤدي إلى إعسار المطعون عليه الثاني، مع أن الثابت من الحكم أن الطاعن أقبل على الشراء وهو على بينة من الدين ومن الرهن المقيد على العين المبيعة ضماناً لهذا الدين، والذي يخول للمطعون عليها الأولى تتبع العقار في أي يد تكون، ثم رتب الحكم على ذلك قضاءه بعدم نفاذ العقد الصادر من المطعون عليه الثاني للطاعن، فإنه يكون معيباً بالخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليها الأولى أقامت على الطاعن والمطعون عليه الثاني الدعوى رقم 5226 سنة 1963 مدني كلي القاهرة وطلبت الحكم بإلزام المطعون عليه الثاني بأن يدفع لها مبلغ 1001 ج و45 م والفوائد عن مبلغ 600 ج ابتداء من 11/ 6/ 1961 وبعدم نفاذ عقد البيع المؤرخ 17/ 11/ 1952 والصادر من المطعون عليه الثاني إلى الطاعن عن الحصة في العقار المبين بالعقد في حقها حتى تستوفي دينها. وقالت بياناً لدعواها إنه بتاريخ 11/ 6/ 1952 اقترض منها المطعون عليه الثاني مبلغ 600 ج وخصص لضمان الدين العقار المبين بعقد الرهن الرسمي المبين بصحيفة الدعوى، واتفق على أن أجل الدين سنة من تاريخ القرض، وإذ قام المطعون عليه الثاني بعد ذلك ببيع العين المرهونة إلى الطاعن بمقتضى العقد المسجل في 24/ 11/ 1952 ولم يقم المطعون عليه الثاني بوفاء دينها وملحقاته من الفوائد حتى بلغت الدين والفوائد مبلغ 1001 ج و450 م فقد اتخذت إجراءات التنفيذ العقاري على تلك العين المرهونة في الدعوى رقم 114 سنة 1962 بيوع كلي القاهرة، واعترض الطاعن على قائمة شروط البيع وأسس اعتراضه على أن المطعون عليها الثانية لم تقم بإعادة قيد الرهن المقرر لصالحها خلال عشر سنوات من القيد الأول فسقطت مرتبته ولم يعد لها أن تتبع العين المرهونة، وقضى في هذا الاعتراض على قائمة شروط البيع لصالح الطاعن وبإلغاء إجراءات التنفيذ التي اتخذتها المطعون عليها الأولى. وإذ كان الطاعن والمطعون عليه الثاني متواطئين وقصد من التصرف الصادر من المطعون عليه الثاني إلى الطاعن الإضرار بحقوقها فقد أقامت دعواها بطلباتها سالفة البيان. وبتاريخ 28/ 11/ 1963 قضت المحكمة بِإلزام المطعون عليه الثاني بأن يدفع للمطعون عليها الأولى 1001 ج و460 م والفوائد بواقع 7% عن مبلغ 100 ج من 11/ 6/ 1961 وبإحالة الدعوى إلى التحقيق لتثبت المطعون عليها الأولى أن المطعون عليه الثاني قد تصرف وهو عالم أن التصرف يؤدي إلى إعساره وأن الطاعن يعلم ذلك. وبعد سماع شهود الطرفين دفع الطاعن بعدم قبول الدعوى وسقوط حق المطعون عليها الأولى في رفعها استناداً إلى أن أجل الدين كان سنة من تاريخ عقد الرهن في 2/ 4/ 1952 حتى 1/ 4/ 1953، وأن المطعون عليها الأولى اتخذت إجراءات التنفيذ العقاري على العين المرهونة وأعلنت تنبيه نزع ملكية العقار في 22/ 3، 30/ 3/ 1954 وقامت بتسجيله في 16/ 4/ 1954 بما يقطع بعلمها بسبب عدم نفاذ التصرف الذي تقول به من اليوم الذي اتخذت فيه إجراءات نزع الملكية، وأنها لم ترفع دعواها الحالية إلا في 7، 8/ 9/ 1961 فيسقط حقها لمضي أكثر من ثلاث سنوات من يوم علمها بسبب عدم نفاذ التصرف. وبتاريخ 24/ 9/ 1964 قضت المحكمة بقبول الدفع وبعدم قبول الدعوى لسقوط حق المطعون عليها الأولى في رفعها. استأنفت المطعون عليها الأولى هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة وقيد الاستئناف برقم 1635 سنة 81 ق، وبتاريخ 12/ 6/ 1966 قضت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدفع بعدم قبول الدعوى وبعدم نفاذ عقد البيع الصادر من المطعون عليه الثاني للطاعن بتاريخ 17/ 11/ 1952 والمشهر بتاريخ 24/ 11/ 1952. قرر الطاعن بالطعن في هذا الحكم بطريق النقض و قدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وبالجلسة المحددة لنظره التزمت النيابة رأيها السابق.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم اعتبر أن التصرف الصادر إليه من المطعون عليه الثاني قد أدى إلى إعسار هذا الأخير وأن الطاعن كان يعلم بذلك، واستدل الحكم على هذا بما شهد به شاهدا المطعون عليها الأولى من أن المطعون عليه الثاني تصرف للطاعن ببيع العقار موضوع الدعوى بعد أن كان قد رهنه للمطعون عليها الأولى، وأنهما يعتقدان بأن هذا التصرف يؤدي إلى إعسار المطعون عليه الثاني وأن الطاعن يعلم بذلك أيضاً حيث قبل الشراء وهو عالم بأن العين المبيعة له سبق رهنها للمطعون عليها الأولى، واستدل الحكم على تواطؤ الطاعن مع المطعون عليه الثاني بما قرره أحد شاهدي الطاعن من أنه احتجز جزءاً من الثمن لوجود الرهن، ويقول الطاعن إن هذا الذي استدل به الحكم على تواطئه مع المطعون عليه الثاني إضراراً بالمطعون عليها الأولى هو استدلال معيب، لأن العبرة في التواطؤ أن يكون قد حصل وقت صدور العقد المطعون فيه وأن يكون المتصرف والمتصرف إليه قد قصدا الإضرار بالدائن رافع الدعوى. واستطرد الطاعن إلى القول بأن ما شهد به شاهد المطعون عليها الأولى يتفق مع ما هو ثابت في وقائع الدعوى لأنه أقبل على الشراء من المطعون عليه الثاني وهو عالم بحق الرهن المقرر للمطعون عليها الأولى على العقار المبيع ضماناً لدينها وأن هذا الرهن سابق في القيد على تسجيل عقد البيع وثابت فيه بما يحفظ للدائنة المرتهنة حق التتبع على العين المرهونة لاستيفاء دينها المضمون بالرهن وهو ما لا يتصور معه أن يكون الطاعن متواطئاً مع المطعون عليه الثاني، كما أن ما استدل به الحكم من احتجاز الطاعن جزءاً من الثمن لوجود الرهن لا يدل على تواطئه مع المطعون عليه الثاني ولا يؤدي إلى أن التصرف قصد به الإضرار بالمطعون عليها الأولى، مما يعيب الحكم بالخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال.
وحيث إن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه بتوافر أركان دعوى المطعون عليها الأولى بعدم نفاذ التصرف الصادر من المطعون عليه الثاني إلى الطاعن استناداً إلى قوله "إنه يستفاد من شهادة شاهدي المستأنفة (المطعون عليها الأولى) توافر أركان الدعوى البوليصية، فقد شهد الشاهد الأول أن المستأنف عليه الأول (المطعون عليه الثاني) رهن نصيبه في العقار للمستأنفة وأنه لم يدفع دينه لها، ثم تصرف بعد ذلك في العين المرهونة للمستأنف عليه الثاني (الطاعن)، وأنه يعتقد أن المستأنف عليه الأول يعلم بأن هذا التصرف يؤدي إلى إعساره لأنه يعلم أنه يفترض من زوج المستأنفة وأنه رهن نفس العقار لسيدة أخرى قبل المستأنفة، وأن المستأنف عليه الثاني يعلم بإعسار المستأنف عليه الأول البائع له، يؤيد ذلك تصرفه إليه وقبوله الشراء مع علمه بأن العقار مرهون، وأيده في ذلك الشاهد الثاني الذي أضاف أنه كان يجالس المستأنف عليه الأول البائع وأنه يعلم أنه يقامر في لعب السباق، الأمر الذي يقطع بأن البائع يعلم بأن تصرفه يؤدي إلى إعساره وأن حالة المستأنف عليه الأول وشكله يدل على حالة الضنك التي يعانيها وتؤكد علم المشتري وهو المستأنف عليه الثاني بنتيجة التصرف على حالة المستأنف عليه الأول المالية، مما تستخلص معه المحكمة ثبوت التواطؤ بينهما..... ويضاف إلى ذلك ما شهد به الشاهد الأول (من شهود الطاعن) من أن المستأنف عليه الثاني (الطاعن) احتجز جزءاً من الثمن لوجود هذا الرهن" مما مفاده أن الحكم أقام قضاءه بتوافر أركان دعوى عدم نفاذ التصرف على أن الطاعن كان يعلم بأن التصرف يؤدي إلى إعسار المطعون عليه الثاني، وأنه أقبل على الشراء وهو عالم بأن العين المبيعة مرهونة للمطعون عليها الأولى رهناً رسمياً وفاءً لدينها وأن الرهن سابق على البيع، وإلى أن الطاعن احتجز جزءاً من الثمن لوجود الرهن، وإذ تقضي المادة 237 من القانون المدني بأن "لكل دائن أصبح حقه مستحق الأداء وصدر من مدينه تصرف ضار به أن يطلب عدم نفاذ هذا التصرف في حقه إذا كان التصرف قد انقص من حقوق المدين أو زاد في التزاماته وترتب عليه إعسار المدين أو الزيادة في إعساره"، وتقضي المادة 238/ 1 بأنه "إذا كان تصرف المدين بعوض اشترط لعدم نفاذه في حق الدائن أن يكون منطوياً على غش من المدين وأن يكون من صدر له التصرف على علم بهذا الغش ويكفي لاعتبار التصرف منطوياً على الغش أن يكون قد صدر من المدين وهو عالم أنه معسر، كما يعتبر من صدر له التصرف عالماً بغش المدين إذا كان قد علم أن هذا المدين معسر" فقد أفاد هذان النصان أن الغش الواقع من المدين وحده في عقود المعاوضات لا يكفي لإبطال تصرفه، بل يجب إثبات التواطؤ بينه وبين المتصرف له على الإضرار بحقوق الدائن، لأن الغش من الجانبين هو من الأركان الواجب قيام دعوى عدم نفاذ التصرفات عليها، وأن يثبت أن الغش موجود وقت صدور التصرف المطعون فيه. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه بعد أن أثبت أن الطاعن اشترى العقار موضوع الدعوى وثبت في عقد البيع الصادر له من المطعون عليه الثاني أن العين المبيعة محملة برهن رسمي للمطعون عليها الأولى ضماناً لدينها قبل المطعون عليه الثاني البائع، وأن هذا الرهن سابق في القيد على تسجيل عقد شراء الطاعن، واستخلص الحكم من شهادة شاهدي المطعون عليها الأولى في هذا الخصوص ومما شهد به شاهد الطاعن أنه احتجز جزءاً من الثمن لوجود الرهن، قيام التواطؤ بين المطعون عليه الثاني وبين الطاعن تأسيساً على أن هذا الأخير كان يعلم أن التصرف يؤدي إلى إعسار المطعون عليه الثاني، مع أن الثابت من الحكم أن الطاعن أقبل على الشراء وهو على بينة من الدين ومن الرهن المقيد على العين المبيعة ضماناً لهذا الدين والذي يخول للمطعون عليها الأولى تتبع العقار في أي يد تكون، وإذ رتب الحكم على ذلك قضاءه بعدم نفاذ العقد الصادر من المطعون عليه الثاني للطاعن، فإن الحكم يكون معيباً بالخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال بما يقتضي نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.

الطعن 291 لسنة 36 ق جلسة 27 / 4 / 1971 مكتب فني 22 ج 2 ق 88 ص 558

جلسة 27 من إبريل سنة 1971

برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: بطرس زغلول، وأحمد حسن هيكل، وإبراهيم علام، ومحمد أسعد محمود.

---------------

(88)
الطعن رقم 291 لسنة 36 القضائية

(أ) بطلان. "حق التمسك بالبطلان". استئناف. "إعلان الاستئناف". إعلان. "بطلان الإعلان".
حضور الخصم الذي يزول به الحق في التمسك بالبطلان هو الذي يتم بناء على إعلان الورقة ذاتها في الزمان والمكان المعينين فيها لحضوره. قضاء الحكم ببطلان صحيفة الاستئناف لعيب في إعلانها دون اعتداد بحضور المستأنف عليه في جلسة تالية بناء على إعادة إعلانه في ميعاد الثلاثين يوماً المقرر بالمادة 405 مرافعات سابق، ولكون إعادة الإعلان لم يستوف البيانات التي تتطلبها تلك المادة. لا خطأ.
(ب) محكمة الموضوع. "سلطتها في تكييف طلبات الخصوم". نقض. "سلطة محكمة النقض". دفوع. "الدفع ببطلان صحيفة الاستئناف". بطلان. دعوى.
حق قاضي الموضوع في تكييف الطلبات المبداة قبل الدفوع الشكلية وما إذا كانت تعد تعرضاً لموضوع الدعوى مسقطاً لهذه الدفوع. خضوع هذا التكييف لرقابة محكمة النقض. طلب التأجيل للاطلاع ولتقديم مستندات دون بيان لمضمونها لا يعد تعرضاً لموضوع الدعوى. طلب التأجيل لتقديم شهادة بتاريخ تقديم صحيفة الاستئناف إلى قلم المحضرين للتحقق مما إذا كان قد رفع بعد الميعاد. لا يعتبر دفعاً بعدم القبول.
(ج) إعلان. "الإعلان في الموطن الأصلي". "بطلان الإعلان". استئناف. "إعلان صحيفة الاستئناف". بطلان. دفوع. موطن.
اعتبار الحكم أن مكتب المطعون عليه موطن أصلي آخر له لما تبين من أنه وجه الدعوى منه إلى الطاعن. قضاؤه بقبول الدفع ببطلان صحيفة الاستئناف لإعلان المطعون عليه في المكتب المشار إليه دون إثبات غيابه وقت الإعلان عملاً بالمادتين 12 و24 مرافعات سابق. لا خطأ.

----------------
1 - مفاد المادة 140 من قانون المرافعات السابق بعد تعديلها بالقانون رقم 100 لسنة 1962 أن حضور الخصم الذي يعينه المشرع بسقوط الحق في التمسك بالبطلان هو ذلك الذي يتم بناء على إعلان الورقة ذاتها في الزمان والمكان المعينين فيها لحضوره، أما الحضور الذي يتم في جلسة تالية من تلقاء نفس الخصم أو بناء على ورقة أخرى فلا يسقط الحق في التمسك بالبطلان، إذ أن العلة من تقرير هذا المبدأ هو اعتبار حضور الخصم في الجلسة التي دعي إليها بمقتضى الورقة الباطلة قد حقق المقصود منها، ويعد تنازلاً من الخصم عن التمسك ببطلانها. وإذ كان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر، وقرر أن حضور المطعون عليه لا يسقط حقه في التمسك ببطلان صحيفة الاستئناف، لأنه لم يحضر في الجلسة المحددة التي دعي إليها بمقتضى ورقة الإعلان الباطلة، وإنما حضر جلسة تالية بناء على إعادة إعلانه، كما قرر الحكم أنه لا يجدي الطاعن قيامه بإعادة إعلان المطعون عليه في ميعاد الثلاثين يوماً الذي قررته المادة 405 من قانون المرافعات السابق، لأن ورقة إعادة الإعلان لم تستوف البيانات التي تتطلبها المادة سالفة الذكر من وجوب اشتمالها على بيان الحكم المستأنف وأسباب الاستئناف، وإنما اقتصرت هذه الورقة على دعوة المطعون عليه للحضور للجلسة المحددة، فإنه يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً.
2 - لقاضي الموضوع تكييف الطلبات التي يبديها الخصم قبل الدفوع الشكلية للوقوف على ما إذا كانت تعد تعرضاً لموضوع الدعوى من شأنه ن يسقط حقه في التمسك بهذه الدفوع، وهو في هذا التكييف يخضع لرقابة محكمة النقض. وإذ كان قضاء الحكم المطعون فيه بقبول الدفع ببطلان صحيفة الاستئناف دون التعرض في أسبابه لأثر طلبات المطعون عليه السابقة على إبداء هذا الدفع يعد من الحكم قضاءً ضمنياً بعدم سقوط حق المطعون عليه في الدفع السالف الذكر تقديراً منه بأن هذه الطلبات لا تعد من المطعون عليه تعرضاً لموضوع الدعوى أو دفعاً بعدم قبول الاستئناف، وأنه لا أثر لها على الدفع الشكلي المثار أمامها بما يؤدي إلى سقوط الحق فيه - وفقاً للمادة 132 من قانون المرافعات السابق - وكان مجرد طلب التأجيل للاطلاع ولتقديم مستندات دون بيان لمضمونها لا يعد تعرضاً لموضوع الدعوى، كما أن طلب التأجيل لتقديم شهادة ببيان تاريخ تقديم صحيفة الاستئناف إلى قلم المحضرين للتحقق مما إذا كان الاستئناف قد رفع بعد الميعاد لا يعتبر دفعاً بعدم القبول، فإن الحكم المطعون فيه يكون صحيحاً فيما انتهى إليه في هذا الخصوص.
3 - إذا كان يبين من الحكم المطعون فيه أنه طبق نص المادة 12 من قانون المرافعات السابق على إعلان صحيفة الاستئناف الذي وجه إلى المطعون عليه في مكتبه باعتباره موطناً آخر له لما تبينه من أن المطعون عليه وجه دعواه إلى الطاعن من هذا المكتب، وقضى الحكم بقبول الدفع ببطلان صحيفة الاستئناف لأن المحضر أعلن المطعون عليه في مكتبه المشار إليه مخاطباً مع الآنسة.... دون أن يثبت غيابه وقت الإعلان. وكان يتعين عند إجراء الإعلان في هذا الموطن الأصلي اتباع ما تقضي به المادة 12 سالفة الذكر من وجوب ثبوت غياب الشخص المطلوب إعلانه عن موطنه في حالة تسليم الصورة إلى وكيله أو خادمه أو غيرهما ممن ورد ذكرهم بهذه المادة، وبيان ذلك في محضر الإعلان وصورته، بحيث إذا أغفل المحضر إثبات هذا البيان ترتب على ذلك بطلان الإعلان عملاً بالمادة 24 من قانون المرافعات السابق، فإنه لا محل للتحدي بما يثيره الطاعن في سبب النعي من أن المطعون عليه ناط بالآنسة المخاطب معها مهمة استلام الإعلانات القضائية التي توجه إليه في مكتبه، وأنه لا ضرورة لإثبات غيابة عن هذا المكان وقت الإعلان.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليه أقام الدعوى رقم 643 سنة 1964 تجاري القاهرة الابتدائية ضد الطاعن طلب فيها الحكم بإلزامه بأن يدفع له مبلغ 4000 ج. وبتاريخ 14/ 12/ 1965 حكمت محكمة أول درجة بطلبات المطعون عليه. استأنف الطاعن عن هذا الحكم بالاستئناف رقم 64 سنة 34 ق القاهرة. ودفع المطعون عليه ببطلان صحيفة الاستئناف لعيب في إعلانها، وبتاريخ 3/ 5/ 1966 حكمت المحكمة بقبول الدفع ببطلان صحيفة الاستئناف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم، وبالجلسة المحددة لنظر الطعن التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم قرر أن للمطعون عليه رغم حضوره أن يدفع ببطلان صحيفة الاستئناف لعيب في إعلانها تأسيساً على أن أنه لم يحضر بناء على إعلانه بهذه الصحيفة التي يتمسك ببطلانها وفي الجلسة المحددة بها، بل حضر في جلسة لاحقة بناء على إعادة إعلانه. هذا في حين أن نص المادة 140 من قانون المرافعات السابق جاء مطلقاً في عباراته فهو يقضي بأن مجرد حضور الخصم مانع من التمسك ببطلان التكليف بالحضور، مما لا يجوز معه تقييد هذا الإطلاق وقصره على الحضور بناء على التكليف المدعى عليه ببطلانه.
وحيث إن النعي مردود، ذلك أن المادة 140 من قانون المرافعات السابق بعد تعديلها بالقانون رقم 100 لسنة 1962 إذ تنص على "بطلان أوراق التكليف بالحضور الناشئ عن عيب في الإعلان أو في بيان المحكمة أو تاريخ الجلسة يزول بحضور المعلن إليه في الجلسة" فقد أفادت بذلك أن حضور الخصم الذي يعينه المشرع بسقوط الحق في التمسك بالبطلان هو ذلك الذي يتم بناء على إعلان الورقة ذاتها في الزمان والمكان المعينين فيها لحضوره، أما الحضور الذي يتم في جلسة تالية من تلقاء نفس الخصم أو بناء على ورقة أخرى فلا يسقط الحق في التمسك بالبطلان، إذ أن العلة من تقرير هذا المبدأ هو اعتبار حضور الخصم في الجلسة التي دعي إليها بمقتضى الورقة الباطلة قد حقق المقصود منها ويعد تنازلاً من الخصم عن التمسك ببطلانها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر، وقرر أن حضور المطعون عليه لا يسقط حقه في التمسك ببطلان صحيفة الاستئناف لأنه لم يحضر في الجلسة المحددة التي دعي إليها بمقتضى ورقة الإعلان الباطلة وإنما حضر جلسة تالية بناء على إعادة إعلانه، كما قرر الحكم أنه لا يجدي الطاعن قيامه بإعادة إعلان المطعون عليه في ميعاد الثلاثين يوماً الذي قررته المادة 405 من قانون المرافعات السابق لأن ورقة إعادة الإعلان لم تستوف البيانات التي تتطلبها المادة سالفة الذكر من وجوب اشتمالها على بيان الحكم المستأنف وأسباب الاستئناف، وإنما اقتصرت هذه الورقة على دعوة المطعون عليه للحضور للجلسة المحددة. لما كان ما تقدم فإن الحكم المطعون فيه يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن السبب الثاني يتحصل في النعي على الحكم المطعون فيه بالخطأ في تطبيق القانون، ويقول الطاعن بياناً لذلك إن الحكم قضى بقبول الدفع ببطلان صحيفة الاستئناف رغم سقوط حق المطعون عليه في التمسك به طبقاً لنص المادة 132 من قانون المرافعات السابق التي توجب إبداء الدفوع الشكلية قبل أي طلب أو دفاع في الدعوى أو دفع بعدم القبول، إذ لم يتقدم المطعون عليه بهذا الدفع إلا بعد أن طلب التأجيل للاطلاع وتقديم مستندات ثم التأجيل لتقديم شهادة ببيان التاريخ الذي قدمت فيه صحيفة الاستئناف إلى قلم المحضرين حتى يدفع بعدم قبول الاستئناف لرفعه بعد الميعاد، وهو ما يسقط حقه في التمسك بهذا الدفع الشكلي.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كانت المادة 132 من قانون المرافعات السابق بعد تعديلها بالقانون رقم 100 لسنة 1962 تقضى بأنه يجب إبداء سائر الدفوع الشكلية معاً قبل إبداء أي طلب أو دفاع في الدعوى أو دفع بعدم القبول وإلا سقط الحق فيما لم يبد منها ما لم تكن متعلقة بالنظام العام، وكان لقاضي الموضوع تكييف الطلبات التي يبديها الخصم قبل الدفوع الشكلية للوقوف على ما إذا كانت قد تعد تعرضاً لموضوع الدعوى من شأنه ن يسقط حقه في التمسك بهذه الدفوع، وهو في هذا التكييف يخضع لرقابة محكمة النقض، وكان قضاء الحكم المطعون فيه بقبول الدفع ببطلان صحيفة الاستئناف دون التعرض في أسبابه لأثر طلبات المطعون عليه السابقة على إبداء هذا الدفع، وهي التأجيل للإطلاع وتقديم مستندات ولتقديم شهادة بالتاريخ الذي قدمت فيه صحيفة الاستئناف إلى قلم المحضرين يعد من الحكم قضاءً ضمنياً بعدم سقوط حق المطعون عليه في الدفع السالف الذكر تقديراً منه بأن هذه الطلبات لا تعد من المطعون عليه تعرضاً لموضوع الدعوى أو دفعاً بعدم قبول الاستئناف، وأنه لا أثر لها على الدفع الشكلي المثار أمامها بما يؤدي إلى سقوط الحق فيه. لما كان ذلك، وكان مجرد طلب التأجيل للاطلاع ولتقديم مستندات دون بيان لمضمونها لا يعد تعرضاً لموضوع الدعوى، وكان طلب التأجيل لتقديم شهادة ببيان تاريخ تقديم صحيفة الاستئناف إلى قلم المحضرين للتحقق مما إذا كان الاستئناف قد رفع بعد الميعاد لا يعتبر دفعاً بعدم القبول. لما كان ما تقدم فإن الحكم المطعون فيه يكون صحيحاً فيما انتهى إليه في هذا الخصوص، ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن مبنى السبب الثالث خطأ الحكم المطعون فيه في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول الطاعن إن الحكم أقام قضاءه بقبول الدفع ببطلان صحيفة الاستئناف تأسيساً على أن المحضر أعلن المطعون عليه مخاطباً مع الآنسة آمال جورجي دون أن يثبت غيابه وقت الإعلان، في حين أنه لم يكن هناك محل لإثبات هذا البيان لأن المطعون عليه أعلن بصحيفة الاستئناف في مكتبه الذي اتخذه لمباشرة أعماله وناط بالآنسة آمال جورجي استلام الإعلانات القضائية فيه كما تفعل الشركات والمؤسسات والمصالح، وهو المكتب الذي وجه منه المطعون عليه دعواه الحالية إلى الطاعن. هذا إلى أن المستفاد من نص المادة 12 من قانون المرافعات السابق أن وجوب إثبات البيان سالف الذكر قاصر على حالة ما إذا كان الإعلان قد تم في الموطن الأصلي الذي يقيم به المعلن إليه أما إذا تم الإعلان في غير هذا الموطن كما هو الحال في الدعوى فلا محل لهذا البيان، وهو ما يعيب الحكم بالخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان يبين من الحكم المطعون فيه أنه طبق نص المادة 12 من قانون المرافعات السابق على إعلان صحيفة الاستئناف الذي وجه إلى المطعون عليه في مكتبه باعتباره موطناً أصلياً آخر له، لما تبينه من أن المطعون عليه وجه دعواه إلى الطاعن من هذا المكتب، وقضى الحكم بقبول الدفع ببطلان صحيفة الاستئناف لأن المحضر أعلن المطعون عليه في مكتبه المشار إليه مخاطباً مع الآنسة آمال جورجي دون أن يثبت غيابه وقت الإعلان، وكان هذا الذي قرره الحكم وانتهى إليه لا مخالفة فيه للقانون، إذ يتعين عند إجراء الإعلان في هذا الموطن الأصلي اتباع ما تقضي به المادة 12 سالفة الذكر من وجوب ثبوت غياب الشخص المطلوب إعلانه عن موطنه في حالة تسليم الصورة إلى وكيله أو خادمه أو غيرهما ممن ورد ذكرهم بهذه المادة، وبيان ذلك في محضر الإعلان وصورته، فإذا أغفل المحضر إثبات هذا البيان فإنه يترتب على ذلك بطلان الإعلان عملاً بالمادة 24 من قانون المرافعات السابق. لما كان ذلك فإنه لا محل للتحدي بما يثيره الطاعن في سبب النعي من أن المطعون عليه ناط بالآنسة آمال جورجي مهمة استلام الإعلانات القضائية التي توجه إليه في مكتبه، وأنه لا ضرورة لإثبات غيابه عن هذا المكان وقت الإعلان، ويكون النعي على الحكم بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 485 لسنة 36 ق جلسة 22 / 4 / 1971 مكتب فني 22 ج 2 ق 87 ص 553

جلسة 22 من إبريل سنة 1971

برياسة السيد المستشار/ إبراهيم عمر هندي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: الدكتور محمد حافظ هريدي، والسيد عبد المنعم الصراف، ومحمد سيد أحمد حماد، وعلي عبد الرحمن.

----------------

(87)
الطعن رقم 485 لسنة 36 القضائية

(أ) دفوع. "الدفع بعدم القبول". حيازة. "دعوى الحيازة". استئناف. "نطاق الاستئناف". حكم. "استنفاذ الولاية".
الدفع بعدم قبول الدعوى بالحق من المدعى عليه في دعوى الحيازة. دفع موضوعي. القضاء به. استنفاد محكمة أول درجة ولايتها في الفصل في موضوع الدعوى. عدم جواز إعادة الدعوى إليها إذا ما قضت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم.
(ب) بيع. "التزامات البائع". صورية. غير.
الغير حسن النية. له أن يتمسك بالعقد الظاهر. المشتري لا يحاج بورقة غير مسجلة تفيد صورية عقد البائع.

--------------
1 - الدفع بعدم قبول الدعوى بالحق من المدعى عليه في دعوى الحيازة قبل الفصل في دعوى الحيازة وتنفيذ الحكم الذي يصدر فيها، أو تخليه عن الحيازة لخصمه من تلقاء نفسه، هو في حقيقته دفع موضوعي، وبالقضاء به تكون محكمة الدرجة الأولى قد استنفدت ولايتها في الفصل في موضوع الدعوى، ويطرح الاستئناف المرفوع عن هذا الحكم الدعوى بما احتوته من طلبات وأوجه دفاع على محكمة الاستئناف التي لا يجوز لها إذا ألغت الحكم المستأنف وقبلت الدعوى أن تعيدها لمحكمة الدرجة الأولى لنظر موضوعها.
2 - الغير حسن النية أن يتمسك بالعقد الظاهر متى كان هذا العقد في مصلحته ولا يجوز أن يحاج - المشتري - بورقة غير مسجلة، تفيد صورية عقد البائع له متى كان لا يعلم بصورية ذلك العقد.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن عادل عبد الحليم حمادة أقام الدعوى رقم 971 سنة 1962 كلي الجيزة ضد صلاح الدين حسني وزكيه عبد القادر يسري طالبا الحكم بصحة ونفاذ عقدي البيع الصادر أولهما بتاريخ 13/ 3/ 1960 من المدعى عليها الثانية إلى المدعى عليه الأول، والصادر ثانيهما في 1/ 5/ 1961 من المدعى عليه الأول وإلى المدعي، وقال في بيان دعواه إنه اشترى من المدعى عليه الأول بالعقد الثاني قطعة أرض فضاء مساحتها 240 متراً مربعاً مبنية الحدود والمعالم به نظير ثمن قدره 2400 جنيه بواقع ثمن المتر الواحد 10 جنيهات وكان المدعى عليه الأول قد اشترى هذه الأرض من ابن المدعى عليها الثانية ووكيلها الرسمي حسن أحمد عاكف بذات الثمن الذي دفع له جميعه وتبين من كشف التحديد أن جملة مساحة القطعة المبيعة 128.20 متراً مربعاً ثمنها 2182 جنيهاً، وأنه أنذر البائعة الأصلية في 22/ 4/ 1962 بتقديم مستندات التمليك حتى يتمكن من تسجيل عقده، وإذ بجلسة 10/ 2/ 1963 دفع وكيل المدعى عليها الثانية بصورية العقد المبرم بينه وبين المدعى عليه الأول لأنه لم يقبض ثمناً ولأن الغرض من تحريره تمكينه من بذل مسعاه لعدم تخفيض ثمن ما استولت عليه جهة التنظيم إلا أنه لم يحصل على ورقة ضد بذلك، كما طلبت فاطمة أحمد علي قبولها خصماً منضماً للمدعي عليه في طلب رفض الدعوى لتعرض المدعي لها في حيازتها، وفي 2/ 2/ 1964 حكمت المحكمة أولاً بقبول فاطمة أحمد علي خصماً في الدعوى (ثانياً) وقبل الفصل في الموضوع بندب مكتب خبراء وزارة العدل بالجيزة للانتقال إلى المبيع الوارد بصحيفة الدعوى لمعاينته وبيان ما إذا كان هو القدر المبيع للمدعي من عدمه، وباشر الخبير مأموريته وقدم تقريره، ودفعت المتدخلة بعدم قبول دعوى المدعي لقيام النزاع بينها وبينه حول الحيازة في دعوى منع التعرض رقم 415 سنة 1962 بندر الجيزة التي رفعتها عليه إذ لا يجوز له رفع دعواه بالحق قبل الفصل في دعوى الحيازة وتنفيذ الحكم الصادر فيها، وفي 30/ 1/ 1966 حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى واستأنف المدعي هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة طالباً إلغاءه والحكم له بطلباته وقيد هذا الاستئناف برقم 291 سنة 83 ق، وبتاريخ 27/ 11/ 1966 حكمت المحكمة (أولاً) بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدفع بعدم قبول الدعوى (ثانياً) رفض الدعوى، وطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض للسببين الواردين بالتقرير وعرض الطعن على هذه الدائرة حيث أصر الطاعن على طلب نقض الحكم ولم يحضر المطعون عليهم ولم يقدموا دفاعاً وأصرت النيابة العامة على الرأي الذي أبدته بمذكرتها وطلبت قبول الطعن.
وحيث إن حاصل السبب الأول أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بتصديه للفصل في موضوع الدعوى رغم النص في قانون المرافعات على حرمان محكمة الاستئناف من حق التصدي ولما هو مقرر من أن مبدأ التقاضي على درجتين من المبادئ الأساسية لنظام القضاء التي لا يجوز للمحكمة أن تهدره مما لا يجوز للخصوم الاتفاق على خلافه، ولما كان الدفع بعدم قبول دعوى الحق للجمع بينها وبين دعوى الحيازة طبقاً للمادة 48/ 2 مرافعات هو دفع يتعلق بشروط قبول الدعوى ولا يمس موضوعها، كما لا يستلزم الفصل فيه بحث الموضوع فإن استئناف الحكم الصادر بعدم قبولها لا يطرح على محكمة الاستئناف الفصل في موضوعها، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وتصدى للموضوع وفصل فيه دون أن يبين الأساس القانوني الذي استند إليه في ذلك، فإنه يكون قد خالف القانون وشابه قصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن الدفع بعدم قبول الدعوى بالحق من المدعى عليه في دعوى الحيازة قبل الفصل في دعوى الحيازة وتنفيذ الحكم الذي يصدر فيها أو تخليه عن الحيازة لخصمه من تلقاء نفسه هو في حقيقته دفع موضوعي، وبالقضاء به تكون محكمة الدرجة الأولى قد استنفدت ولايتها في الفصل في موضوع الدعوى، ويطرح الاستئناف المرفوع عن هذا الحكم الدعوى بما احتوته من طلبات وأوجه دفاع على محكمة الاستئناف التي لا يجوز لها إذا ما ألغت الحكم المستأنف وقبلت الدعوى أن تعيدها لمحكمة الدرجة الأولى لنظر موضوعها. ولما كان الثابت أن المطعون عليها الثالثة دفعت أمام محكمة أول درجة بعدم قبول الدعوى تأسيساً على أنها دعوى بالحق رفعها الطاعن وهو مدعى عليه في دعوى الحيازة قبل الفصل في دعوى الحيازة وتنفيذ الحكم الذي يصدر فيها ما دام لم يتخل عن الحيازة لها، وكان الحكم الابتدائي قد قضى بقبول الدفع بعدم قبول الدعوى وقضى الحكم المطعون فيه في الاستئناف المرفوع من الطاعن عنه بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدفع وقبول الدعوى، ثم عرض في قضائه للموضوع وفصل فيه، فإنه يكون قد التزم صحيح القانون ومن ثم يكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة في السبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون لأن ورقة الضد التي استند إليها في القضاء بالصورية قد صدرت من البائع له إلى البائعة الأصلية، وإذ كان الطاعن وهو مشتر ثان يعتبر من الغير في معنى الصورية الذي اعتمد في تعاقده على العقد الأول المؤرخ 13/ 3/ 1960 وكان للغير حسن النية أن يتمسك بالعقد الظاهر متى كان ذلك في مصلحته فإنه لا يجوز أن يحاج الطاعن بما يصطنعه المطعون عليهم عشاً أو تدليساً من عقد مستتر أو ورقة غير مسجلة تفيد التقايل من الصفقة.
وحيث إن هذا النعي صحيح، ذلك أنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه في هذا الخصوص على قوله "وحيث إنه فيما يتعلق بالقول بصورية عقد البيع صورية مطلقة فقد قررت المستأنف عليها الثانية البائعة الأصلية بذلك كما قرر ابنها ووكيلها المتعاقد باسمها بذلك بمحضر جلسة 10/ 4/ 1963 أمام محكمة الدرجة الأولى، وقد أيده الطرف الآخر في التعاقد وهو المستأنف عليه الأول المشتري حسبما هو ثابت بإقراره المؤرخ 13/ 3/ 1960 الذي وافق رواية ابن المستأنف عليها الثانية الوكيل عنها في هذا الخصوص، ومن ثم يكون طلب المستأنف فيما يتعلق بصحة ونفاذ عقد البيع الصادر من المستأنف عليها الثانية للمستأنف المطعون عليه الأول بتاريخ 13/ 3/ 1960 في غير محله، ويتعين رفضه لانعدام وجوده بمقتضى ورقة الضد المقدمة التي يكملها إقرار الوكيل بمحضر الجلسة، وأنه تأسيساً على ثبوت صورية عقد البيع الصادر من المستأنف عليها الثانية للمستأنف عليه الأول صورية مطلقة يكون عقد البيع الصادر من المستأنف عليه الأول للمستأنف بتاريخ أول مايو سنة 1961 المستند إلى قيام العقد الأول ووجوده عقداً صادراً من غير مالك ويتعين بالتالي رفض دعوى المستأنف بالنسبة له". وهذا الذي أقام عليه الحكم قضاءه مخالف للقانون، ذلك أنه متى كان حسين أحمد عاكف ابن المطعون عليها الثانية ووكيلها بمقتضى التوكيل رقم 491 سنة 1947 شرعي عابدين الذي يعطيه الحق في بيع ورهن أملاكها والمرفق بالأوراق قد باع الأرض موضوع النزاع إلى المطعون عليه الأول بالعقد المؤرخ 13/ 3/ 1960، وكان الطاعن قد اشترى تلك الأرض من المطعون عليه الأول بالعقد المؤرخ 1/ 5/ 1961 بعد أن اطمأن إلى أنه اشتراها بالعقد الأول فهو في حكم الغير بالنسبة للصورية، وإذ كان للغير حسن النية أن يتمسك بالعقد الظاهر متى كان هذا العقد في مصلحته ولا يجوز أن يحاج بورقة غير مسجلة تفيد صورية عقد البائع له متى كان لا يعلم بصورية ذلك العقد وكان حسن نية الطاعن أمر غير مجحود، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر، فإنه يكون قد خالف القانون مخالفة تستوجب نقضه.

الطعن 483 لسنة 36 ق جلسة 22 / 4 / 1971 مكتب فني 22 ج 2 ق 86 ص 549

جلسة 22 من إبريل سنة 1971

برياسة السيد المستشار/ إبراهيم عمر هندي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: الدكتور محمد حافظ هريدي، والسيد عبد المنعم الصراف، وعثمان زكريا، ومحمد صدقي البشبيشي.

----------------

(86)
الطعن رقم 483 لسنة 36 القضائية

رسوم."رسوم قضائية". التزام. "التضامن". حكم. "حجية الحكم".
الاستئناف المرفوع من المحكوم عليهم بالتضامن. لا يتعدد بتعددهم. المدينون المتضامنون يقوم بعضهم مقام البعض في الاحتجاج على الدائن بأوجه الدفع المشتركة بينهم. استحقاق رسم واحد عن الاستئنافات المرفوعة منه. لا يمنع من ذلك قضاء المحكمة الاستئنافية بإلزام كل منهم بمصروفات استئنافية ولا يتعارض مع حجية هذا الحكم.

--------------

إذا أقام الدائن دعواه بطلب الدين على المدينين المتضامنين مجتمعين وصدر فيها الحكم لصالحه، فإن الاستئناف المرفوع من المحكوم عليهم بالتضامن لا يتعدد بتعددهم، والحكم الصادر برفض هذه الاستئنافات وتأييد الحكم الابتدائي، إنما هو بمثابة حكم جديد بذات حق الدائن الذي لا يتعدد بتعدد المسئولين عن الالتزام التضامني، بل يقوم على وحدة المحل، كما يقوم المدينون المتضامنون بعضهم مقام البعض في الاحتجاج على الدائن بأوجه الدفع المشتركة بينهم جميعاً، وينصب استئناف كل منهم على نفس طلبات الآخرين وهو ما يجعلها في حكم الاستئناف الواحد، يستحق بالنسبة لها رسم واحد، ولا وجه للقول باستقلال كل مدين في الخصومة وفي مسلكه فيها والطعن على ما يصدر فيها من أحكام واعتبار الاستئناف المرفوع من أحدهم مستقلاً عن استئناف الآخر بصدد تسوية الرسوم المستحقة عنه كما أن صدور الحكم بإلزام المطعون عليه - أحد المحكوم عليهم بالتضامن - بمصروفات استئنافه وبإلزام باقي المحكوم عليهم بمصروفات استئنافهم، لا يعتبر مانعاً من تقدير الرسوم المستحقة على هذه الاستنئافات وتسويتها وفقاً لأحكام القانون. وبالتالي فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى باحتساب رسم واحد عن جميع الاستئنافات، لا يكون قد خالف الحكم السابق أو مس حجيته.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن بنك الجمهورية الذي اندمج في بنك بور سعيد أقام الدعوى رقم 966 سنة 1964 تجار كلي القاهرة يطلب الحكم بإلزام محمد خليل داود بصفته مديناً وكل من محمود أحمد إبراهيم غالي ومحمد مصطفى الوتيدي وعبد اللطيف عبد الرحيم بصفتهم ضامنين متضامنين بأن يدفعوا إلى البنك مبلغ 32233 ج و754 م مع الفوائد والمصاريف، وبتاريخ 25/ 2/ 1965 حكمت المحكمة برفض الدعوى قبل محمود إبراهيم غالي وبإلزام محمد خليل داود بوصفه مديناً ومحمد مصطفى الوتيدي وعبد اللطيف عبد الرحيم بوصفهما ضامنين بدفع المبلغ وفوائده. واستأنف بنك بور سعيد هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة طالباً إلغاءه قبل محمود إبراهيم غالي والحكم بطلباته، وقيد استئنافه برقم 303 سنة 82 قضائية كما استأنفه كل من محمد خليل داود وقيد استئنافه برقم 310 سنة 82 قضائية، وعبد اللطيف عبد الرحيم وقيد استئنافه برقم 363 سنة 82 قضائية، ومحمد مصطفى الوتيدي وقيد استئنافه برقم 294 سنة 82 قضائية، وطلب كل منهم في استئنافه إلغاء الحكم ورفض الدعوى بالنسبة له، وقررت المحكمة ضم هذه الاستئنافات، وبتاريخ 19/ 4/ 1966 حكمت بقبول الاستئنافات شكلاً وفي الموضوع (أولاً) بإلغاء ما قضى به الحكم المستأنف من رفض الدعوى قبل محمود إبراهيم غالي. (ثانياً) تعديل الحكم المستأنف إلى إلزام محمد خليل داود بصفته مديناً ومحمد مصطفى الوتيدي وعبد اللطيف عبد الرحيم بصفتها ضامنين متضامنين للمدين في أداء مبلغ 32233 ج و754 م إلى بنك بور سعيد. (ثالثاً) إلزام محمود إبراهيم غالي بأن يدفع متضامناً مع المدين ذاته مبلغ 27633 ج و754 م (رابعاً) إلزام المقضي ضدهم بالفائدة الاتفاقية بواقع 7% من المبالغ المحكوم بها اعتباراً من 31/ 2/ 1963 (خامساً) إلزام محمود مصطفى أحمد إبراهيم غالي مصروفات استئناف بنك بور سعيد وإلزام كل من محمد خليل داود ومحمد مصطفى الوتيدي وعبد اللطيف عبد الرحيم بمصروفات استئنافية وإلزام المقضي ضدهم جميعاً بمصروفات أول درجة المناسبة وعشرين جنيهاً مقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين، ثم عادت وبتاريخ 26/ 4/ 1966، فقررت تصحيح منطوق الحكم باستبدال اسم كل من عبد اللطيف عبد الرحيم ومحمود أحمد إبراهيم غالي الواردين في ثانياً وثالثاً كل منهما مكان الآخر، وبتاريخ 31/ 5/ 1966 استصدر قلم كتاب محكمة استئناف القاهرة قائمة بالرسوم المستحقة على استئناف محمد مصطفى الوتيدي رقم 294 سنة 82 قضائية بمبلغ 1550 ج و350 م وأعلنها له، فعارض فيها أمام محكمة الاستئناف طالباً إلغاء القائمة استناداً إلى أن قلم الكتاب أخطأ في تقدير رسم مستقل على كل استئناف في حين أن الاستئنافات رفعت عن حكم واحد فلا يحتسب الرسم عن كل استئناف على حدة بل يحتسب عنها جميعاً رسم واحد. وبتاريخ 25/ 10/ 1966 حكمت المحكمة بقبول المعارضة شكلاً وفي الموضوع بتعديل قائمة الرسوم المعارض فيها وتسوية الرسم في الاستئناف رقم 294 سنة 82 ق على أساس أن الاستئناف المذكور والاستئنافين رقمي 310 و363 سنة 82 ق. تعتبر استئنافاً واحداً يستحق عليها رسم واحد وألزمت كلاً من المعارض وقلم الكتاب بنصف مصاريف المعارضة وأمرت بالمقاصة في أتعاب المحاماة. وطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض للسببين الواردين في التقرير وعرض الطعن على هذه الدائرة حيث أصر الطاعن على طلب نقض الحكم وطلب المطعون عليه رفض الطعن وقدمت النيابة العامة مذكرة وأبدت الرأي بنقض الحكم.
وحيث إن حاصل سببي الطعن أن الحكم المطعون فيه قضى بتعديل قائمة الرسوم المعارض فيها من المطعون عليه مستنداً في ذلك إلى أن الاستئنافات المرفوعة من المدين والضامنين المتضامنين تعتبر استئنافاً واحداً لارتباطها الوثيق الناشئ عن وحدة الخصوم والسبب والموضوع فيؤخذ عنها رسم واحد وقد حكم فيها برفضها وتأييد الحكم الابتدائي، وهو من الحكم خطأ ومخالفة للقانون من وجهين (أولهما) أن الحكم الذي يصدر في الاستئناف بتأييد الحكم الابتدائي يعتبر وفقاً لنص المادة الثالثة من القانون رقم 90 لسنة 1944 بمثابة حكم جديد بالحق ويسوى الرسم على كل استئناف يرفع عنه، فيجب تحصيل الرسم بالكامل إذا تعددت الاستئنافات وقررت المحكمة ضمها ليصدر فيها حكم واحد، لأن الضم لا يستلزم أن يكون القضاء فيها واحداً فلا يؤثر في التزام كل مستأنف بمصروفات استئنافه، ولا يغير من ذلك تضامن المدينين ونيابة المسئولين بالالتزام عن بعضهم البعض، لأن كل مدين يكون مستقلاً عن الآخر في الخصومة وفي مسلكه فيها والطعن على ما يصدر فيها من أحكام (وثانيهما) أن الحك الصادر في الاستئنافات قضى بإلزام المطعون عليه بمصروفات استئنافه وبإلزام المحكوم عليهم الآخرين بمصروفات استئنافهم هو حكم حاز قوة الأمر المقضي وإذ اعتبر الحكم المطعون فيه هذه الاستئنافات واحداً يستحق عنها رسم واحد فإنه يكون قد صدر على خلاف الحكم السابق.
وحيث إن هذا النعي مردود في الوجه الأول منه، ذلك أن الدائن إذا أقام الدعوى بطلب الدين على المدينين المتضامنين مجتمعين وصدر فيها الحكم لصالحه فإن الاستئناف المرفوع من المحكوم عليهم بالتضامن لا يتعدد بتعددهم، والحكم الصادر برفض هذه الاستئنافات وتأييد الحكم الابتدائي إنما هو بمثابة حكم جديد بذات حق الدائن الذي لا يتعدد بتعدد المسئولين عن الالتزام التضامني بل يقوم على وحدة المحل، كما يقوم المدينون المتضامنون بعضهم مقام البعض في الاحتجاج على الدائن بأوجه الدفع المشتركة بينهم جميعاً، وينصب استئناف كل منهم على نفس طلبات الآخرين، وهو ما يجعلها في حكم الاستئناف الواحد يستحق بالنسبة لها رسم واحد، ولا وجه للقول باستقلال كل مدين في الخصومة وفي مسلكه فيها والطعن على ما يصدر فيها من أحكام واعتبار الاستئناف المرفوع من أحدهم مستقلاً عن الآخر بصدد تسوية الرسوم المستحقة عنه، إذ كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه. ومردود في الوجه الثاني بأن الحكم الصادر بإلزام المطعون عليه بمصروفات استئنافه وبإلزام باقي المحكوم عليهم بمصروفات استئنافهم لا يعتبر مانعاً من تقدير الرسوم المستحقة على هذه الاستنئافات وتسويتها وفقاً لأحكام القانون، وبالتالي فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى باحتساب رسم واحد عن جميع الاستئنافات، لا يكون قد خالف الحكم السابق أو مس حجيته.

الطعن 456 لسنة 36 ق جلسة 22 / 4 / 1971 مكتب فني 22 ج 2 ق 85 ص 546

جلسة 22 من إبريل سنة 1971

برياسة السيد المستشار/ إبراهيم عمر هندي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: الدكتور محمد حافظ هريدي، والسيد عبد المنعم الصراف، وعثمان زكريا، ومحمد صدقي البشبيشي.

-----------------

(85)
الطعن رقم 456 لسنة 36 القضائية

نقض. "حالات الطعن". قوة الأمر المقضي. قضاء مستعجل.
الطعن بالنقض في الحكم الصادر من المحكمة الابتدائية بهيئة استئنافية. شرطه. صدوره على خلاف حكم آخر حائز لقوة الأمر المقضي في النزاع ذاته. الحكم الوقتي الصادر من القضاء المستعجل لا يقيد محكمة الموضوع.

--------------
جواز الطعن بالنقض في أي حكم انتهائي أياً كانت المحكمة التي أصدرته طبقاً لنص المادة الثالثة من القانون رقم 57 لسنة 1959، مشروط بأن يكون هناك حكم آخر سبق أن صدر في النزاع ذاته بين الخصوم أنفسهم، وحاز قوة الأمر المقضي، وأن يكون الحكم الثاني قد فصل في النزاع على خلاف الحكم الأول. ولما كان الثابت أن الحكم الأول الذي يقول الطاعنون إن الحكم المطعون فيه قد خالفه صدر من قاضي الأمور المستعجلة، وهو حكم وقتي لا يقيد محكمة الموضوع التي يعرض عليها أصل الحق، ولذلك لا يمكن أن يقع تناقض بين هذا الحكم الوقتي والحكم الذي يصدر في موضوع النزاع، ومن ثم فإن الطعن في الحكم المطعون فيه - الصادر من المحكمة الابتدائية بهيئة استئنافية - بطريق النقض يكون غير جائز.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن السيدات حميده وشفيقه ومبروكه رزق نصار أقمن مادة التصرفات رقم 191 سنة 1952 أمام محكمة دمنهور الشرعية ضد المستحقين في وقف المرحوم رزق نصار طالبات فرز حصة في أعيان الوقف يفي ريعها بالمشروط لهن وذلك استناداً إلى القانون رقم 180 لسنة 1952 بإنهاء الوقف، وبعد أن أصدرت المحكمة قراراً بفرز نصيب الخيرات قررت ندب مكتب الخبراء لفرز حصة المدعيات وبعد أن قدم المكتب تقريره أجرت القرعة على المشروعين الواردين بتقرير الخبير فأصابت المشروع الوارد بالكشف الثاني، ثم أحالت الدعوى إلى محكمة دمنهور الجزئية، وقد طلب أمامها ورثة المرحومة هانم رزق نصار ومحمود سالم العيسي فرز حصة لهم تفي بنصيبهم البالغ 3 ط و6 س فندبت المحكمة مكتب الخبراء لفرز الحصة وبعد أن قدم تقريره اعتمدته المحكمة ثم أجرت القرعة وقضت بتاريخ 25/ 3/ 1965 باختصاص كل فريق بالقدر الموضح بمنطوق الحكم. استأنف ورثة عبد اللطيف رزق نصار هذا الحكم لدى محكمة دمنهور الابتدائية وقيدت استئنافاتهم بالأرقام الآتية 45، 49، 66، 168، 203، 206 سنة 1965 وبعد أن ضمت المحكمة الاستئنافات ليصدر فيها حكم واحد، حكمت بتاريخ 19/ 6/ 1966 (أولاً) بعدم جواز الاستئنافات الستة بالنسبة لما قضى به للمستأنف عليهم حميدة وشفيقة رزق نصار ومحمد متولي وإسماعيل ورزق ويونس ووحيدة أولاد يونس محمد موصلى (ثانياً) بقبول الاستئنافات الستة شكلاً بالنسبة لباقي المستأنف عليهم وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكمين المستأنفين، وطعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة دفعت فيها بعدم جواز الطعن لصدوره من محكمة ابتدائية بهيئة استئنافية في حالة لا يجوز الطعن فيها بالنقض وبالجلسة المحددة لنظر الطعن أمام هذه الدائرة تمسكت النيابة بهذا الدفع.
وحيث إن الطاعنين يستندون في جواز الطعن بالنقض على ما ذكروه في السبب الأول من سببي الطعن من أنه وإن كان الحكم المطعون فيه صادراً من محكمة ابتدائية - بهيئة استئنافية - إلا أنه فصل في النزاع على خلاف حكم سابق سبق أن صدر بين الخصوم أنفسهم وحاز قوة الشيء المحكوم به مما يجوز الطعن فيه بالنقض طبقاً للفقرة الثالثة من القانون رقم 57 لسنة 1959، ويقولون في بيان ذلك إن المطعون عليهم الأربعة الأخيرين وهم ورثة المرحومة هانم رزق نصار سبق أن أقاموا الدعوى رقم 61 سنة 1965 مدني مستعجل دمنهور ضد المرحوم عبد اللطيف رزق نصار مورث الطاعنين وزوجته والشهر العقاري ومصلحة الأموال المقررة طالبين الحكم بصفة مستعجلة بمحو تسجيل إشهار إلغاء الوقف بالنسبة لأنصبتهم المحكوم بها لمورثتهم في الدعوى رقم 2 لسنة 1953 شرعي تصرفات دمنهور، وصدر الحكم في تلك الدعوى برفضها استناداً إلى أن الثابت من اشهادات تغير الوقف أن مرتب هانم رزق مفروض على الأطيان التي تحت يد رزق نصار وليست على تلك التي تحت يد عبد اللطيف رزق نصار وقد أصبح الحكم نهائياً بعدم استئنافه فحاز لذلك قوة الشيء المحكوم فيه في حين أن الحكم المطعون فيه قد فصل في ذات النزاع على خلاف ما قضى به الحكم المستعجل في أسبابه بأن حكم باعتماد تقرير مكتب الخبراء الذي أعطى لورثة هانم رزق نصار في الأطيان الموقوفة على مورث الطاعنين عبد اللطيف رزق نصار وبذلك يكون الطعن فيه بالنقض جائزاً.
وحيث إن ما أجازته المادة الثالثة من القانون رقم 57 لسنة 1959 من الطعن بالنقض في أي حكم انتهائي أياً كانت المحكمة التي أصدرته مشروط بأن يكون هناك حكم آخر سبق أن صدر في النزاع ذاته بين الخصوم أنفسهم وحاز قوة الأمر المقضي، وأن يكون الحكم الثاني قد فصل في النزاع على خلاف الحكم الأول، ولما كان الثابت أن الحكم الأول الذي يقول الطاعنون إن الحكم المطعون فيه قد خالفه صدر من قاضي الأمور المستعجلة، وهو حكم وقتي لا يقيد محكمة الموضوع التي يعرض عليها أصل الحق، ولذلك لا يمكن أن يقع تناقض بين هذا الحكم الوقتي والحكم الذي يصدر في موضوع النزاع، وإذ كان ذلك وكان السبب الثاني من سببي الطعن يتعلق بخطأ الحكم المطعون فيه في القانون لقضائه برفض الاستئنافات لعدم الطعن على الأحكام الجزئية في نطاق المادة 378 من قانون المرافعات وهو ما يخرج عن الحالة التي نصت عليها المادة الثانية من القانون رقم 57 لسنة 1959، وهي أن يكون الحكم صادراً في مسألة اختصاص متعلق بولاية المحاكم ومبيناً على مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه وتأويله، ومن ثم فإن الطعن في الحكم المطعون فيه بطريق النقض يكون غير جائز

الطعن 207 لسنة 28 ق جلسة 23 / 5 / 1963 مكتب فني 14 ج 2 ق 101 ص 708

جلسة 23 من مايو سنة 1963

برياسة السيد المستشار/ الحسيني العوضي، وبحضور السادة المستشارين: محمود القاضي، وأميل جبران، ولطفي علي، ومحمد ممتاز نصار.

----------------

(101)
الطعن رقم 207 لسنة 28 القضائية

(أ) وقف "التصرف في الأعيان الموقوفة" بطلان. بيع.
عدم جواز التصرف في الأعيان الموقوفة بأي نوع من أنواع التصرفات. بيع المستحق لأعيان الوقف باطل بطلاناً مطلقاً لا تلحقه الإجازة.
(ب) وقف "قرار إنهاء الوقف المتخرب". "طبيعته". "أثره".
قرار إنهاء الوقف لتخربه وعدم إغلاله قرار منشئ للحق لا مقرر له. لا تزول عن الأعيان الموقوفة حصانتها إلا من تاريخ صدوره. ليس من شأن ذلك القرار تصحيح البطلان الذي لحق بالتصرف في الأعيان الموقوفة السابقة على صدوره.
(ج) وقف "التصرف في الأعيان الموقوفة". "القانون 180/ 1952 بإنهاء الوقف على غير الخيرات".
لم يتضمن القانون 180/ 1952 بإنهاء الوقف على غير الخيرات أي نص على إجازة التصرفات في الأعيان الموقوفة السابقة على صدوره وتصحيحها.
(د) عقد "المفاضلة بين عقدين". "مناطها".
مناط المفاضلة بين عقدين أن يكونا صحيحين. لا محل لهذه المفاضلة متى كان أحدهما باطلاً بطلاناً مطلقاً.
(هـ) حكم. "عيوب التدليل". "قصور". "ما لا يعد كذلك".
تقرير الحكم بأن مجال بحث دفاع الطاعن المؤسس على أن عقده كان معلقاً على شرط قد تحقق هو ألا يكون العقد باطلاً بطلاناً مطلقاً. إغفال الحكم الرد على هذا الدفاع لا يعيبه.

---------------
1 - تقضي القواعد الشرعية - على ما جرى به قضاء النقض - بوجوب المحافظة على أبدية الأموال الموقوفة لتبقى على حالها على الدوام محبوسة أبداً عن أن يتصرف فيها بأي نوع من أنواع التصرفات - فإذا ما تصرف المستحق في أعيان الوقف بالبيع فإن هذا التصرف يكون باطلاً بطلاناً مطلقاً لوقوعه على مال لا يجوز التعامل فيه بحكم القانون ومن ثم فلا تلحقه الإجازة.
2 - القرار الصادر بإنهاء الوقف لتخربه وعدم إغلاله استناداً إلى المادة 18 من القانون 48 لسنة 1946 هو قرار منشئ للحق لا مقرر له، فلا تزول عن الأعيان الموقوفة حصانتها إلا من تاريخ صدوره وليس من شأنه لو صدر بعد التصرف في الأعيان الموقوفة أن يصحح البطلان الذي لحق بذلك التصرف.
3 - لم يتضمن القانون 180/ 1952 بإنهاء الوقف على غير الخيرات أي نص على إجازة التصرفات في الأعيان الموقوفة السابقة على صدوره وتصحيحها.
4 - مناط المفاضلة بين عقدين أن يكونا صحيحين، فلا محل لهذه المفاضلة متى كان أحدهما باطلاً بطلاناً مطلقاً.
5 - إذا كان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى أن مجال بحث دفاع الطاعن المؤسس على أن عقده كان معلقاً على شرط قد تحقق هو إنهاء الوقف - ألا يكون العقد باطلاً بطلاناً مطلقاً، فإن النعي الحكم إغفاله الرد على هذا الدفاع يكون غير منتج.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 27 سنة 1955 مدني كلي دمنهور ضد المطعون عليهما الأولى والثانية وأعلنهما بصحيفتها في 15/ 1/ 1955 وسجلها في 19/ 1/ 1955 وطلب فيها الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع العرفي المؤرخ 20/ 5/ 1950 عن العقارات الموضحة الحدود والمعالم بها، وقال شرحاً لدعواه إن المطعون عليهما الأولى والثانية باعتاه الأولى بحق ستة قراريط مشاعة في 24 قيراطاً والثانية 13 سهماً شائعة في 24 قيراطاً في وقف المرحوم حسنين بشارة بواقع سعر المتر الواحد 400 قرش ولما طالبهما بتوقيع العقد النهائي امتنعتا فلم يجد مندوحة من إقامة دعواه. وفي 25/ 2/ 1955 رفعت المطعون عليها الثالثة الدعوى رقم 115 سنة 1955 مدني كلي دمنهور ضد المطعون عليها الأولى قالت في صحيفتها إنها باعتها بموجب عقد بيع عرفي مؤرخ 25/ 12/ 1954 ستة قراريط مشاعاً في الأعيان موضوع الدعوى رقم 27 سنة 1955 مدني كلي دمنهور بثمن قدره 280 ج دفع بمجلس العقد ولما لم تعد البائعة مستنداتها رغم تكرار طلبها لإنجاز العقد النهائي فإنها لم تجد بداً من إقامة دعواها طالبة فيها الحكم بصحة ونفاذ العقد المذكور وتدخلت خصماً ثالثاً في الدعوى رقم 27 سنة 1955 طالبة رفضها كما تدخل الطاعن في دعواها رقم 115 سنة 1955 طالباً رفضها، ومحكمة الدرجة الأولى بعد أن قررت ضم الدعويين ليصدر فيهما حكم واحد قضت بتاريخ 24/ 1/ 1956 حضورياً: أولاً - في الدعوى رقم 27 سنة 1955 مدني كلي دمنهور بقبول السيدة عزيزة خليل حسنين بشارة (المطعون عليها الثالثة) خصماً ثالثاً في الدعوى وبرفض الدعوى وألزمت المدعي فيها (الطاعن) بالمصاريف و500 قرش مقابل أتعاب المحاماة للخصم الثالث: وثانياً - في الدعوى رقم 115 سنة 1955 مدني كلي دمنهور قضت بقبول زكي محمد مسعود (الطاعن) خصماً ثالثاً في الدعوى وبإثبات صحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 25/ 12/ 1954 الصادر من السيدة هانم علي حسنين بشارة (المطعون عليها الأولى) إلى عزيزة خليل حسنين (المطعون عليها الثالثة) عن بيع الحصص والمقادير في الثلاث منازل الموضحة معالمها وأوصافها بالصحيفة نظير الثمن المسمى وقدره 280 جنيهاً - واستندت في قضائها هذا إلى أن العقارات الموضحة في عقد البيع الابتدائي الرقيم 20/ 5/ 1950 الصادر للطاعن من المطعون عليهما الأولى والثانية كانت وقت التعاقد عليها وقفاً وبيعاً على تلك الصورة وقع باطلاً بطلاناً مطلقاً لا تصححه أية إجازة لاحقة استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 320 سنة 12 ق مدني الإسكندرية طالباً إلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من قبول المطعون عليها الثالثة خصماً ثالثاً في الدعوى المقامة منه رقم 27 سنة 1955 مدني كلي دمنهور وفيما قضى به من رفض الدعوى المذكورة والحكم بإثبات التعاقد في عقد البيع الابتدائي الصادر له من المطعون عليهما الأولى والثانية والمؤرخ 20/ 5/ 1950 وضمن أسباب استئنافه أن القرار الذي تصدره المحكمة الشرعية بإنهاء الوقف المتهدم والذي لا يغل ريعاً هو كاشف للحق مقرر له وبذلك يمكن بيعه قبل صدور القرار كما عاب على محكمة الدرجة الأولى إغفالها الرد على ما أثاره أمامها من أن عقده على أسوأ الفروض بيع معلق على شرط واقف هو إنهاء الوقف بحكم أو قرار وقد تم ذلك فعلاً وتحقق الشرط بصدور قانون حل الأوقاف على غير الخيرات وأن المطعون عليها الثانية أقرت بجلسة 8/ 2/ 1955 بالبيع الصادر منها إليه وصادقته على دعواه ورغم ذلك قضت محكمة الدرجة الأولى برفض الدعوى - وبتاريخ 22/ 3/ 1958 قضت المحكمة الاستئنافية حضورياً بتأييد الحكم المستأنف وبإلزام الطاعن المصروفات و10 جنيهات مقابل أتعاب المحاماة يؤديها للمستأنف عليها الثالثة (المطعون عليها الثالثة) مستندة في قضائها إلى ذات الأسباب التي ارتكنت إليها محكمة الدرجة الأولى مضيفة إليها أن حكم إنهاء الوقف المتهدم منشئ للحق وليس كاشفاً له. وبتاريخ أول يوليه سنة 1958 طعن الطاعن في الحكم المذكور بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة برأيها تضمن طلب رفض الطعن وبتاريخ 13/ 6/ 1961 نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون فقررت إحالته إلى الدائرة المدنية والتجارية. وبعد استيفاء الإجراءات التالية للإحالة نظر الطعن أمام هذه المحكمة بجلسة 2/ 5/ 1963 وصممت النيابة على طلبها السالف.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون - وفي بيان ذلك يقول إن الحكم المذكور لم ينزل أحكام القانون على واقعات الدعوى إنزالاً صحيحاً فوصف العقد الرقيم 20/ 5/ 1950 والمبرم بينه وبين المطعون عليهما الأولى والثانية بأنه عقد باطل بطلاناً مطلقاً لأنه انصب على مال موقوف لا يجوز التعامل فيه - حالة أن المال الموقوف ليس مالاً خارجاً عن التعامل إذ أن القانون رقم 48 لسنة 1946 أجاز طلب إنهاء الوقف المتهدم ثم جاء بعد ذلك القانون رقم 180 لسنة 1952 وأنهى الأوقاف على غير الخيرات وجعل أعيانها ملكاً خالصاً لمستحقيها والبائعتان له كانتا مستحقتين في الوقف والبيع الصادر منهما له في 20 مايو سنة 1950 قد صدر من مالكتين وهو بذلك صحيح يرتب عليهما التزاماً بعدم التعرض ومن ثم فلا يجوز لأيهما الدفع في مواجهته ببطلان العقد، وأن التكييف الصحيح لهذا العقد أنه عقد بيع معلق على شرط هو إنهاء الوقف في نصيب البائعتين وقد تحقق ذلك بالحكم الصادر من محكمة دمنهور الشرعية في المادة رقم 20 سنة 1953 تصرفات ثم بالقانون رقم 180 لسنة 1952 الذي أنهى الوقف الأهلي وملك الأعيان الموقوفة لمستحقيها - ويتحصل السبب الثاني في أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ فهم الواقع - وفي بيان ذلك يقول الطاعن أنه اتفق في عقد البيع المبرم بينه وبين المطعون عليهما الأولى والثانية على أن يتولى هو رفع دعوى بإنهاء الوقف بمصاريف من لدنه يحاسب عليها البائعتين وأنه قام بهذا الإجراء وحضرت البائعتان أمام هيئة التصرفات وطلبتا إنهاء الوقف وصدر القرار من هيئة التصرفات بإنهاء الوقف وجاء الحكم المطعون فيه مصادرة على المطلوب إذ اعتبر العقد باطلاً بطلاناً مطلقاً دون أن يؤصل ذلك من حيث الواقع أو القانون - كما أنه أخطأ إذ اعتبر الحكم الصادر من هيئة التصرفات منشئاً للحق حالة أن الحكم المذكور كان مقرراً ولم يفعل أكثر من أنه أقر للبائعين بحصتهما في الوقف دون زيادة أو نقص - كما أن الحكم المطعون فيه أغفل أثر القانون رقم 180 لسنة 1952 على التصرف الصادر له من المطعون عليهما الأولى والثانية.
وحيث إن النعي في وجهيه مردود بأنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه استند في قضائه برفض دعوى الطاعن على ما يأتي: "وحيث إن عقد البيع المؤرخ في 20 مايو سنة 1950 الصادر للمستأنف من المستأنف عليهما الأولى والثانية انصب على أعيان موقوفة حرم القانون بيعها تحريماً باتاً وحبسها عن تمليكها لأحد فظلت حافظة لتلك الحصانة القانونية لا تزول عنها مناعتها إلى أن يصدر قرار أو حكم من الجهة المختصة بإنهاء الوقف يعتبر منشئاً لحق جديد وليس بكاشف له وما عدا ذلك من التصرفات يقع مخالفاً لأسس القانون ويحكم حتماً ببطلانه لتعلقه بالنظام العام ولا تصححه الإجازة لأن نظام الوقف شرع لمصلحة عامة اقتضاها الشارع فلا يسوغ إهدارها ولا الاتفاق على ما يخالفها فقبول المستأنف عليها الثانية إنجاز الصفقة لا يحول دون بطلان التعاقد...... فلا سبيل بعدئذ للقياس أو الاستشهاد أو بتفريع التكيف القانوني بتصوير عقد بيع المستأنف ومقارنته ببيع ملك الغير طبقاً للمادة 467 من التقنين المدني أو بأنه معلق على شرط وقف قد تحقق إذ أن مجال بحث كافة تلك الفروض إن صحت إذا لم يكن بطلان العقد مطلقاً"، وهذا الذي أسس الحكم قضاءه عليه صحيح في القانون - ذلك أن القواعد الشرعية - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - تقضي بوجوب المحافظة على أبدية الأموال الموقوفة لتبقى على حالها على الدوام محبوسة أبداً عن أن يتصرف فيها بأي نوع من أنواع التصرفات، فإذا ما تصرف المستحق في أعيان الوقف بالبيع فإن هذا التصرف يكون باطلاً بطلاناً مطلقاً لوقوعه على مال لا يجوز التعامل فيه بحكم القانون وهذا البطلان بطلان مطلق لا تلحقه الإجازة وإذا كانت المادة 18 من القانون رقم 48 لسنة 1946 أجازت لذوي الشأن الالتجاء إلى المحكمة المختصة لطلب إنهاء الوقف في حالة تخربه وعدم إغلاله فإن القرار الذي يصدر بالإنهاء في هذه الحالة هو قرار منشئ للحق لا مقرر له فلا تزول عن الأعيان الموقوفة حصانتها إلا من تاريخ صدوره وعلى ذلك فإنه بفرض صدور قرار بإنهاء الوقف بعد حصول التصرف في النزاع المائل فإنه ليس من شأن هذا القرار أن يصحح البطلان الذي لحق بذلك التصرف كما أن القانون رقم 180 سنة 1952 عندما أنهى الوقف على غير الخيرات لم يتضمن أي نص على إجازة التصرفات السابقة على صدوره وتصحيحها - لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه وقد التزم النظر السابق فإن النعي عليه بالخطأ في تطبيق القانون وفي فهم الواقع يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل السبب الثالث أن الحكم المطعون فيه قد عابه القصور في التسبيب - ويقول الطاعن في بيان ذلك إنه أثار دفاعاً جوهرياً تضمن أن عقد البيع المؤرخ 20/ 5/ 1950 والصادر له من المطعون عليهما الأولى والثانية هو بيع معلق على شرط إنهاء الوقف عن العين المبيعة وقد تحقق هذا الشرط بصدور حكم إنهاء الوقف من محكمة دمنهور للأحوال الشخصية وبصدور القانون رقم 180 لسنة 1952 كما تمسك بأن عقده يفضل قانوناً عقد البيع المؤرخ 25/ 11/ 1954 الصادر من نفس البائعة (المطعون عليها الأولى) إلى المطعون ضدها الثالثة عن نفس العين المبيعة لأنه سجل عريضة دعواه قبل تسجيل عريضة المطعون عليها الثالثة وقد أغفل الحكم المطعون فيه الرد على كل هذا الدفاع الجوهري مما يجعله مشوباً بالقصور.
وحيث إن هذا النعي مردود في شقه الأول بأن الحكم المطعون فيه قد تضمن في أسبابه الرد الكافي على دفاع الطاعن بأن عقده كان معلقاً على شرط قد تحقق فذكر الحكم أن مجال بحث هذا الدفاع ألا يكون العقد باطلاً، ومردود في شقه الثاني بأنه لما كانت المفاضلة بين عقدين مناطها أن يكونا صحيحين فإذا كان أحدهما باطلاً بطلاناً مطلقاً كما هو الحاصل في النزاع الحالي فلا محل لهذه المفاضلة - لما كان ذلك، فإن النعي على الحكم بإغفاله الرد على دفاع الطاعن في هذا الخصوص يكون غير منتج.

الطعن 191 لسنة 28 ق جلسة 23 / 5 / 1963 مكتب فني 14 ج 2 ق 100 ص 703

جلسة 23 من مايو سنة 1963

برياسة السيد/ محمود عياد رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمود القاضي، وأميل جبران، ولطفي علي، ومحمد ممتاز نصار.

----------------

(100)
الطعن رقم 191 لسنة 28 القضائية

(أ) قانون "سريان القانون من حيث الزمان" "سريان قانون المرافعات الجديد" "القوانين المتعلقة بالإجراءات وتلك المتعلقة بالمواعيد".
لا تلازم بين قوانين المرافعات المتعلقة بالإجراءات وتلك المتعلقة بالمواعيد - سريان قوانين المرافعات على ما لم يكن قد فصل فيه من الدعاوى أو تم من الإجراءات قبل تاريخ العمل بها - عدم سريان القوانين المعدلة للمواعيد متى كان الميعاد قد بدأ قبل تاريخ العمل بها. المادة الأولى من قانون المرافعات الجديد رقم 77 لسنة 1949.
(ب) قانون "تنازع القوانين من حيث الزمان". "سريان قانون المرافعات الجديد" دعوى "نظر الدعوى أمام المحكمة". "وقف الدعوى" "سقوط الخصومة". "كيفية التمسك به".
طلب الحكم بسقوط الخصومة يجوز تقديمه وفقاً لأحكام قانون المرافعات الجديد على صورة الدفع لدى تعجيل الدعوى الموقوفة - إجراء مستحدث - سريانه على الدعوى الموقوفة في ظل قانون المرافعات القديم واستمر وقفها إلى ما بعد تاريخ العمل بالقانون الجديد.

--------------
1 - لا تلازم بين قوانين المرافعات المتعلقة بالإجراءات وبين ما هو متعلق منها بالمواعيد، ذلك أن المادة الأولى من قانون المرافعات الجديد بعد أن نصت على قاعدة سريان قوانين المرافعات على ما لم يكن قد فصل فيه من الدعاوى أو تم من الإجراءات قبل تاريخ العمل بها، أخرجت من هذه القاعدة العامة بعض مستثنيات من بينها عدم سريان القانون الجديد بالنسبة للمواعيد المعدلة متى كان الميعاد قد بدأ قبل تاريخ العمل بها. (1)
2 - نظام سقوط الخصومة في قانون المرافعات الجديد هو ما كان يعبر عنه في قانون المرافعات الملغي ببطلان المرافعة. ولكن القانون الجديد قد استحدث لهذا النظام أحكاماً متعلقة بالإجراءات تخالف ما كان مقرراً بمقتضى القانون القديم منها جواز تقديم طلب الحكم بسقوط الخصومة على صورة الدفع إذا ما عجل المدعي دعواه بعد انقضاء الأجل المقرر للسقوط. ومن ثم فإن هذا الإجراء المستحدث يسري على الدعوى المعجلة بعد العمل بقانون المرافعات الجديد والتي كانت قد أوقفت من قبل وذلك عملاً بالمادة الأولى من قانون المرافعات الجديد.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن، تتحصل في أن وزارة الأوقاف - الطاعنة - بصفتها ناظرة على وقف محمود أغا خازندار وحرمه، أقامت أمام محكمة القاهرة الابتدائية الدعوى رقم 991 لسنة 1945 ضد المطعون عليهما وضد المدعوة زينب محمد، وفي جلسة 14/ 12/ 1946 قضت المحكمة بوقف الدعوى لوفاة زينب محمد المذكورة - عجلت الطاعنة الدعوى بعد ذلك بصحيفة أعلنتها إلى المطعون عليها الثانية في 5/ 10/ 1954 وإلى المطعون عليه الأول في 6/ 4/ 1955 - ولدى نظر الدعوى في جلسة 11/ 4/ 1955، بعد تعجيلها دفع المطعون عليه الأول بسقوط الخصومة - وبتاريخ 31/ 3/ 1956 حكمت المحكمة بسقوط الخصومة مؤسسة قضاءها على أن الدعوى لم تعجل إلا بعد أن كان أجل السقوط قد انقضى، وعلى أنه يجوز طلب الحكم بسقوط الخصومة على صورة دفع إذا عجل المدعي دعواه بعد انقضاء الأجل المقرر للسقوط عملاً في ذلك بنص المادة 302 من قانون المرافعات - استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 828 سنة 74 ق القاهرة وبتاريخ 13/ 4/ 1958 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف وذلك للأسباب التي بنى عليها قضاء محكمة الدرجة الأولى - طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض للأسباب المبينة بالتقرير وقدمت النيابة العامة مذكرة برأيها طلبت فيها رفض الطعن - عرض الطعن على دائرة فحص الطعون وبتاريخ 26/ 4/ 1961 قررت إحالته إلى هذه الدائرة وبعد استيفاء الإجراءات التالية للإحالة حدد لنظر الطعن جلسة 9/ 5/ 1963 وفيها تمسك المطعون عليه الأول بما أورده في المذكرة المقدمة منه وصممت النيابة العامة على رأيها السابق.
وحيث إن الطعن بنى على سببين يتحصل أولهما في أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه - وفي بيان ذلك تقول الطاعنة إن الحكم المطعون فيه انتهى في قضائه إلى أن دعوى الطاعنة وقد عجلت بعد العمل بأحكام قانون المرافعات الجديد، فإن طلب الحكم بسقوط الخصومة يجوز تقديمه فيها، على صورة الدفع عملاً بهذا القانون وتطبيقاً لما استحدثه من أحكام في هذا الخصوص - هذا في حين أن نظام سقوط الخصومة ليس نظاماً مستحدثاً وإنما هو ما كان يعبر عنه في قانون المرافعات الملغي ببطلان المرافعة - وقد قصر القانون الجديد أجل السقوط وجعله سنة واحدة بعد أن كان ثلاث سنين في القانون السابق - واستناداً إلى أن هذا الأجل كان قد بدأ وقت قيام أحكام القانون الملغي، نتيجة القضاء بوقف الدعوى، في ظله، فإن الحكم المطعون فيه، طبق في شأنه أحكام ذلك القانون واعتبره ثلاث سنين وكان يتعين تبعاً لذلك، ولما بين هذا الأجل وبين الإجراء الذي يتبع في تقديم طلب سقوط الخصومة إلى المحكمة، من تلازم، اتباع الإجراء الذي رسمه ذات القانون في هذا الخصوص - ولم يكن يجوز في ظل أحكام هذا القانون تقديم الطلب على صورة الدفع في الدعوى، بعد تعجيلها، بل كان يتعين لجواز الحكم بسقوط الخصومة - أو بطلان المرافعة على حد تعبير القانون الملغي - رفع دعوى بطلب هذا البطلان قبل تعجيل الدعوى الأصلية.
وحيث إن المادة الأولى من قانون المرافعات قد نصت على أن (تسري قوانين المرافعات على ما لم يكن قد فصل فيه من الدعاوى أو تم من الإجراءات قبل تاريخ العمل بها...) - ولما كان نظام سقوط الخصومة في قانون المرافعات الجديد - كما يبين من مذكرة هذا القانون التفسيرية - هو ما كان يعبر عنه في قانون المرافعات الملغي ببطلان المرافعة، وكان قانون المرافعات الجديد قد استحدث لهذا النظام في بعض النواحي، أحكاماً متعلقة بالإجراءات تخالف ما كان مقرراً بمقتضى قانون المرافعات الملغي، ومن هذه الأحكام المستحدثة جوز تقديم طلب الحكم بسقوط الخصومة على صورة الدفع إذا ما عجل المدعي دعواه بعد انقضاء الأجل المقرر للسقوط (المادة 303/ 2 مرافعات) - لما كان ذلك، وكان الثابت بالأوراق - على ما سلف بيانه - أن الدعوى ظلت موقوفة إلى ما بعد العمل بقانون المرافعات القائم - ولما عجلت قدم فيها طلب الحكم بسقوط الخصومة على صورة الدفع - فإن الحكم المطعون فيه إذ انتهى في قضائه إلى جواز تقديم هذا الطلب على هذه الصورة - لا يكون قد خالف القانون - وغير صحيح ما تتمسك به الطاعنة من وجوب التلازم بين قوانين المرافعات المتعلقة بالإجراءات، وبين ما هو متعلق من هذه القوانين بالمواعيد، ذلك أن المادة الأولى من قانون المرافعات الجديد بعد أن نصت على قاعدة سريان قوانين المرافعات على ما لم يكن قد فصل فيه من الدعاوى أو تم من الإجراءات قبل تاريخ العمل بها، أخرجت من هذه القاعدة العامة بعض مستثنيات من بينها عدم سريان القانون الجديد بالنسبة للمواعيد المعدلة متى كان الميعاد قد بدأ قبل تاريخ العمل به - وإذ كان الحكم المطعون فيه قد التزم ما هو منصوص عليه في المادة المذكورة فإن النعي عليه بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى على الحكم المطعون فيه، في السبب الثاني، القصور في التسبيب وفي بيان ذلك تقول إنها تمسكت في دفاعها أمام محكمة الاستئناف بأن انقطاع المرافعة عملاً بقانون المرافعات القديم كان يصدر به قرار من المحكمة أما بعد صدور قانون المرافعات الجديد فإنه يصدر به حكم من المحكمة، وفرق بين ما تقضي به المحكمة بموجب حكم وبين ما تقضي به بقرار تستطيع العدول عنه - وكذلك تمسكت في دفاعها أمام محكمة الاستئناف بأن النتائج التي رتبها قانون المرافعات القديم على صدور القرار بانقطاع المرافعة وعلى الحكم ببطلان المرافعة بعد مرور ثلاث سنوات يجب أن تختلف عن نتائج الحكم بانقطاع سير الخصومة والحكم بسقوط الخصومة - وتقول الطاعنة إن الحكم المطعون فيه أغفل هذا الدفاع الذي تمسكت به ولم يرد عليه.
وحيث إن هذا النعي مردود بأنه لما كان يبين مما سبق إيراده أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه على أسباب قانونية صحيحة تكفي لحمله فإن إغفاله الرد بعد ذلك على ما يقدمه الخصم من أسانيد قانونية لتأييد وجهة نظره في الدعوى لا يعد قصوراً يعيب الحكم.
ومن حيث إنه يتعين لما تقدم رفض الطعن.


(1) راجع نقض 17/ 12/ 1959 طعن 303 س 25 ق السنة العاشرة ص 826.

الطعن 363 لسنة 36 ق جلسة 22 / 4 / 1971 مكتب فني 22 ج 2 ق 84 ص 540

جلسة 22 من إبريل سنة 1971

برياسة السيد المستشار/ إبراهيم عمر هندي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: الدكتور محمد حافظ هريدي، والسيد عبد المنعم الصراف، ومحمد صدقي البشبيشي، وعلي عبد الرحمن.

-------------

(84)
الطعن رقم 363 لسنة 36 القضائية

(أ) أهلية. "العته". محكمة الموضوع. "تقدير حالة العته". نقض.
تقدير حالة العته. واقع يستقل به قاضي الموضوع.
(ب) أهلية. "العته". حكم. "حجية الحكم". عقد.
القضاء بصحة التصرفات السابقة على الحكم الصادر بتوقيع الحجر للعته. لا يتعارض مع حجية الحكم الأخير طالما أنه لم يقطع بقيام حالة العته وقت التصرف. الحكم المذكور من الأحكام المنشئة.
(ج) حكم. "تسبيب الحكم". إثبات. "البينة". استئناف.
تقدير أقوال الشهود. لمحكمة الاستئناف أن تخالف فيها محكمة أول درجة. عدم لزوم بيانها أسباب ذلك.
(د) أهلية. "العته". محكمة الموضوع.
الوصف القانوني للحالة المرضية. لا شأن للطبيب به. الأمر في ذلك لقاضي الدعوى.

--------------
1 - تقدير حالة العته لدى أحد المتعاقدين مما يستقل به قاضي الموضوع لتعلقه بفهم الواقع في الدعوى، والنعي على الحكم في هذا الخصوص لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
2 - القضاء بصحة التصرفات السابقة على الحكم الصادر بتوقيع الحجر للعته لا يعتبر إخلالاً بحجيته، إذ أن الحكم لم يقطع بقيام حالة العته لدى المورث وقت حصول التعاقد، فضلاً عن تعلقه بحالة الإنسان وأهليته، فيعتبر من الأحكام المنشئة التي لا تنسحب آثارها على الوقائع السابقة عليه.
3 - لمحكمة الاستئناف أن تذهب في تقدير أقوال الشهود مذهباً مخالفاً لتقدير محكمة أول درجة، ولا يكون عليها في هذه الحالة أن تبين الأسباب الداعية لذلك، وحسبها أن تقيم قضاءها على ما يحمله، فلا يعيب حكمها أن تستخلص من أقوال الشهود ما اطمأنت إليه ولو كان مخالفاً لما استخلصته محكمة الدرجة الأولى التي سمعتهم.
4 - الطبيب ليس هو الذي يعطي الوصف القانوني للحالة المرضية التي يشاهدها، الشأن في ذلك لقاضي الدعوى في ضوء ما يبديه الطبيب.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن السيدة/ فتحية عبد الفتاح بصفتها وصية خصومة على قصر المرحوم خليل حمودة أقامت الدعوى رقم 5485 سنة 1962 كلي القاهرة تطلب الحكم بإبطال التصرفين الصادرين من والدهم المتضمن أولهما بيعه لأخيه محمد حمودة حصة قدرها 9/ 24 شائعة في المنزل رقم 5 زقاق العرقسوس قسم الخليفة المشهر برقم 7152 سنة 1957 توثيق القاهرة، والمتضمن ثانيهما بيعه لزوجته عائشة محمود السنباطي المطعون عليها الثانية المنزل رقم 10 بحوش الشرقاوي قسم الدرب الأحمر المشهر برقم 9825 سنة 1957 توثيق القاهرة ومحو كافة التسجيلات الموقعة على هذين العقارين، وقالت شرحاً للدعوى إن مورث القصر أصيب بمرض عقلي وقضت محكمة الأحوال الشخصية في 25/ 3/ 1959 بتوقيع الحجر عليه بناء على طلب زوجته إحسان عبد الفتاح التي توفيت معه بتاريخ 31/ 5/ 1961، ولما كان التصرفان الصادران من المورث للمدعى عليهما باطلين في حكم المادة 114/ 2 من القانون المدني، وكانت محكمة الأحوال الشخصية قررت تعينها وصية خصومة على أولاد أختها القصر، فقد أقامت هذه الدعوى بالطلبات السابقة، وطلب المدعى عليهما رفض الدعوى لصدور التصرفين من المورث وهو في حال الصحة وقبل توقيع الحجر عليه في 14/ 3/ 1964. حكمت المحكمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق لتثبت المدعية بكافة طرق الإثبات أن عقدي البيع المشار إليهما قد صدرا من المورث وهو في حالة عته شائعة، وأن الطرف الآخر المتعاقد معه كان وقت التعاقد على بينة منها، وبعد سماع شهود الطرفين عادت وبتاريخ 27/ 2/ 1965 فحكمت بطلبات المدعية، واستأنف المدعى عليهما هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة طالبين إلغاءه والحكم برفض الدعوى وقيد هذا الاستئناف برقم 827 سنة 82 قضائية، وفي 3/ 5/ 1966 حكمت المحكمة بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى، وطعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض للأسباب الواردة في التقرير وعرض الطعن على هذه الدائرة حيث أصرت الطاعنة على طلب نقض الحكم وطلب المطعون عليهما رفض الطعن، وصممت النيابة على الرأي الوارد بمذكرتها وطلبت رفض الطعن.
وحيث إن الطعن أقيم على ستة أسباب تنعى الطاعنة بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك تقول إن محكمة الأحوال الشخصية قضت بتوقيع الحجر على مورث القصر للعته، وقطعت في أسباب حكمها بأن حالة العته لديه بدأت منذ الطفولة أخذاًَ بما قرره الطبيب الشرعي، وإذ أصبح ذلك الحكم نهائياً وحاز قوة الشيء المحكوم به في هذا الخصوص، فإنه كان يتعين على الحكم المطعون فيه أن يلتزم الوصف الذي انتهى إليه ذلك الحكم واعتبار أن المحجور عليه كان معتوهاً منذ الطفولة والقضاء ببطلان التصرفات الصادرة منه بصرف النظر عن تاريخ إبرامها، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بصحة العقدين موضوع الدعوى على أساس صدورهما منه قبل ظهور حالة العته لديه فإنه يكون قد أخطأ في القانون وفصل في النزاع على خلاف حكم الحجر المذكور مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود في الشق الأول منه، ذلك أن الحكم المطعون فيه بعد أن سرد وقائع النزاع وعرض لأقوال الشهود الواردة في التحقيق الذي أجرته محكمة أول درجة لإثبات مقتضى المادة 114/ 2 من القانون المدني، خلص إلى القضاء بصحة التصرفين موضوع الدعوى لصدورهما من المورث قبل تسجيل القرار الصادر بتوقيع الحجر عليه للعته وقبل إصابته بهذا المرض، استناداً إلى ما استخلصه من أقوال الشهود إلى القرائن التي ساقها تدعيماً لقضائه، ولما كان تقدير حالة العته لدى أحد المتعاقدين مما يستقل به قاضي الموضوع لتعلقه بفهم الواقع في الدعوى، فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض. والنعي مردود في شقه الثاني بأن القضاء بصحة التصرفات السابقة على الحكم الصادر بتوقيع الحجر للعته لا يعتبر إخلالاً بحجيته، إذ أنه فضلاً عن أن ذلك الحكم لم يقطع بقيام حالة العته لدى المورث وقت حصول التعاقد، فإنه لتعلقه بحالة الإنسان وأهليته يعتبر من الأحكام المنشئة التي لا تنسحب آثارها على الوقائع السابقة عليه.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثاني وبالسببين الثالث والخامس على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال من وجوه (أولها) أنه أقام قضاءه بصحة العقدين على ما ذكره المطعون عليه الثاني من أن زوجة البائع المرحومة إحسان عبد الفتاح قد وقعت على عقده الابتدائي المؤرخ 28/ 7/ 1957، في حين أن هذا العقد لم يقدم أصلاً وإنما قدمت صورته الشمسية خالية من هذا التوقيع، وقد طلبت الطاعنة تقديم أصل العقد للطعن عليه بالتزوير دون أن تعترف بصحة صورته المقدمة (وثانيها) أن الحكم قضى بصحة العقد الصادر من المورث لأخيه المطعون عليه الأول استناداً إلى هذا العقد أبرم بعد فترة وجيزة من عقد رهن صدر له عن ذات العقار وأن هذا العقد لم يطعن عليه، في حين أن القول بصحة عقد الرهن أو عدم الطعن فيه لا يعني بالضرورة صحة عقد البيع الذي جاء تالياً له، خصوصاً وأن الحكم الصادر بتوقيع الحجر قد قطع في أسبابه بأن حالة العته لدى المحجور عليه ترجع إلى عهد الطفولة، وإذ كان الحكم قد اعتبر أن عقد الرهن صحيح واستدل بذلك على صحة البيع اللاحق فإنه يكون قد خالف القرينة القاطعة المستمدة من قيام حكم الحجر والتي تفترض بطلان جميع التصرفات الصادرة من ذلك المحجور عليه (وثالثها) ذهب الحكم وهو بصدد التدليل على صحة عقد البيع الصادر للمطعون عليه الأول إلى أن تقرير الطبيب الشرعي جاء لاحقاً لهذا البيع بأكثر من سنة، وهو ما يدل على أنه قد أخذ بهذا التقرير وأنه حاول أن يضفي طابع الصحة على تصرفات المورث في الفترة السابقة عليه، في حين أن الطبيب الشرعي لم يشر في تقريره إلى أن المرض قد فاجأ المورث قبيل الكشف عليه كما أنه لم ينف أن المرض كان قديماً لديه.
وحيث إن هذا النعي مردود في جملته، ذلك أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه برفض الدعوى على أن التصرفين موضوع النزاع قد صدرا من المورث وهو في حالة الصحة مستنداً في ذلك إلى ما استخلصه من أقوال الشهود وإلى القرائن المؤدية الأخرى التي ساقها، وإذ كان تقدير حالة العته هو تقدير موضوعي، وكان الحكم المطعون فيه على ما سلف بيانه في الرد على السبب الأول لم يخالف قوة الشيء المقضي فيه بالحكم الصادر بتوقيع الحجر لأن ذلك الحكم لم يقطع بقيام حالة العته وقت صدور التصرفين المطلوب إبطالهما، فإن النعي على الحكم بهذه الأوجه الثلاثة يكون مجرد مجادلة في تقدير الأدلة المقدمة في الدعوى بغية الحصول على نتيجة أخرى غير التي انتهت إليها محكمة الموضوع مما لا يجوز إثارته لدى محكمة النقض.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والخطأ في الاستنتاج، وفي بيان ذلك تقول إن الحكم الابتدائي اتخذ من أقوال شهودها دليلاً على مرض البائع وألغت محكمة الاستئناف ذلك الحكم وأهدرت هذا الدليل المطروح عليها دون أن تناقشه أو ترد عليه، كما اتخذت من أقوال كل من الدكتور عبد الكريم صبري والأستاذين مصطفى خطاب وإسحق فرج المحاميين دليلاً على نفي المرض، في حين أن أقوال الشاهد الأول تؤدي إلى عكس النتيجة التي انتهت إليها إذ شهد بأن البائع كان مريضاً وقت توقيع الكشف عليه في أوائل شهر مارس سنة 1957 بمرض عقلي، وأن أقوال الشاهدين الآخرين لا تصلح على نفي هذه الواقعة التي يرجع في تقديرها إلى الخبرة.
وحيث إن هذا النعي في شقه الأول مردود، ذلك إن لمحكمة الاستئناف أن تذهب في تقدير أقوال الشهود مذهباً مخالفاً لتقدير محكمة أول درجة ولا يكون عليها في هذه الحالة أن تبين الأسباب الداعية لذلك، وحسبها أن تقيم قضاءها على ما يحمله فلا يعيب حكمها أن تستخلص من أقوال الشهود ما اطمأنت إليه ولو كان مخالفاً لما استخلصته محكمة الدرجة الأولى التي سمعتهم. والنعي مردود في شقه الثاني بأنه فضلاً عن أن الطبيب ليس هو الذي يعطي الوصف القانوني للحالة المرضية التي يشاهدها وأن الشأن في ذلك لقاضي الدعوى في ضوء ما يبديه الطبيب، فإن تقدير قيام حالة العته عند أحد المتعاقدين هو مما يتعلق بفهم الواقع، وإذ استخلصت المحكمة من أقوال الأستاذين مصطفى خطاب واسحق فرج المحامين أن المورث كان سليماً وقت تصرفه للمطعون عليهما لاطمئنانها إليها فإنها تكون قد أعملت سلطتها في فهم هذا الواقع وأعطت الوصف القانوني الذي يتفق مع هذا الفهم لحالة المورث عند التعاقد.
وحيث إن حاصل السبب السادس أن الحكم المطعون فيه بعد أن عول في قضائه بصحة العقدين على واقعة قيام المطعون عليهما بدفع ثمن المبيع طبقاً لأقوال الشهود الواردة في تحقيق نيابة الأحوال الشخصية عاد وافترض أن المطعون عليها الثانية لم تدفع ثمناً وأن عقدها يظل صحيحاً باعتباره هبة مستترة في صورة عقد بيع من الواهب وهو في حالة الصحة وهو من الحكم إجمال وإبهام في التسبيب يعيب الحكم ويبطله.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن الحكم المطعون فيه قد اعتبر عقد المطعون عليها الثانية صحيحاًً لصدوره قبل توقيع الحجر على البائع وقبل إصابته بالمرض العقلي، وأنه كان معاصراً للعقد الصادر للمطعون عليه الأول الذي اعتبره الحكم صحيحاً، ولما كانت هذه الأسباب تكفي لحمل قضائه في هذا الخصوص وكان ما قرره الحكم من اعتبار التصرف الصادر للمطعون عليها هبة مستترة في صورة عقد بيع لم يرد إلا على سبيل الفرض ورداً على ما أثير من أن البيع الصادر لها هو بيع صوري لم يدفع فيه ثمن، فإن النعي على الحكم بالإجمال والإبهام في التسبيب يكون على غير أساس، ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 265 لسنة 28 ق جلسة 22 / 5 / 1963 مكتب فني 14 ج 2 ق 99 ص 697

جلسة 22 من مايو سنة 1963

برياسة السيد/ محمد فؤاد جابر نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمد زعفراني سالم، وأحمد زكي محمد، وأحمد أحمد الشامي، وقطب عبد الحميد فراج.

----------------

(99)
الطعن رقم 265 لسنة 28 القضائية

(أ) ضرائب "ضريبة الأرباح التجارية والصناعية". تقادم. "قطع التقادم".
في الفترة السابقة على تاريخ العمل بالقانون 146 لسنة 1950 لم يكن أي من النموذجين 19 و20 ضرائب يتضمن إخطاراً من المأمورية للممول بتحديد عناصر ربط الضريبة أو بربطها. الإجراء القاطع للتقادم في تلك الفترة يتمثل في إخطار الممول من قبل المصلحة بربط الضريبة بعد حصول الاتفاق عليها أو بعد صدور قرار لجنة التقدير.
في الفترة اللاحقة لنفاذ القانون رقم 146 لسنة 1950 ينقطع التقادم طبقاً للمادة الثانية من القانون 349 لسنة 1952 بإخطار الممول بعناصر ربط الضريبة أو يربطها.
(ب) ضرائب. "ضريبة الأرباح التجارية والصناعية". تقادم. "قطع التقادم" "إحالة النزاع إلى لجنة التقدير".
إحالة النزاع بشأن الأرباح إلى لجنة التقدير لا يعتبر بمثابة الإحالة إلى لجنة الطعن التي من شأنها قطع التقادم.

----------------
1 - جرى قضاء محكمة النقض على أنه في الفترة السابقة على تاريخ العمل بالقانون 146 لسنة 1950 لم يكن أي من النموذجين 19 و20 ضرائب يتضمن إخطاراً من المأمورية للممول بتحديد عناصر الضريبة أو بربطها. وأن ما نصت عليه المادة الثانية من المرسوم بقانون رقم 349 سنة 1952 من أن التقادم ينقطع بإخطار الممول بعناصر ربط الضريبة أو بربطها في الفترة ما بين أول يناير سنة 1948 وآخر ديسمبر سنة 1952 لا يمكن أن ينصرف إلا إلى الفترة اللاحقة لتاريخ العمل بالقانون رقم 146 لسنة 1950. وأما في الفترة السابقة فإن الإجراء القاطع للتقادم يتمثل في إخطار الممول من قبل المصلحة بربط الضريبة بعد حصول الاتفاق عليها أو بعد صدور قرار لجنة التقدير (1).
2 - إحالة النزاع بشأن الأرباح إلى لجنة التقدير لا تعتبر بمثابة الإحالة إلى لجنة الطعن التي نصت المادة 97 مكررة من القانون رقم 14 لسنة 1939 على أنها تقطع التقادم ومن ثم فلا تجري مجراها ولا تقاس عليها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 63 سنة 1956 تجاري كلي مصر ضد مصلحة الضرائب بطلب إلغاء قرار لجنة الطعن الصادر بتاريخ 21/ 12/ 1955 والحكم أصلياً بسقوط حق المصلحة في المطالبة بالضريبة عن أرباحه في سنوات النزاع ومن باب الاحتياط اعتماد الأرباح طبقاً لتقديراته مع إلزام المصلحة بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة - وقال شرحاً لدعواه إن مأمورية ضرائب السيدة زينب كانت قد قدرت أرباحه في السنوات من 1939 إلى 1946 وأخطرته بهذه التقديرات وبربط الضريبة بمقتضى النموذج رقم 19 ضرائب في 3/ 8/ 1947 والنموذج رقم 20 ضرائب في 3/ 9/ 1947 وأحيل الخلاف القائم بشأنها إلى لجنة التقدير وبتاريخ 26/ 12/ 1948 أصدرت اللجنة قرارها - أولاً - باعتبار بدء نشاط الممول هو 15/ 10/ 1941 - وثانياً - بتقدير صافي أرباح الممول عن السنوات من 1941 إلى 1946 بالمبالغ 40 ج و285 ج و695 ج و670 ج و940 ج و1275 ج وأنه طعن على هذا القرار في الدعوى رقم 466 سنة 1949 تجاري كلي القاهرة طالباً الحكم بإلغائه لعدم اشتراك العضوين المختارين في إصداره وبتاريخ 17/ 11/ 1950 حكمت المحكمة برفض الدعوى وتأييد قرار اللجنة واستأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة طالباً إلغاءه والحكم له بطلباته وقيد هذا الاستئناف برقم 37 سنة 68 قضائية. وبتاريخ 23/ 4/ 1953 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبطلان قرار اللجنة، وعلى أثر صدور هذا الحكم وبتاريخ 19/ 10/ 1953 عادت مصلحة الضرائب وأخطرته بعناصر ربط الضريبة على النموذج رقم 19 ضرائب وهي ذات العناصر والتقديرات السابق إخطاره بها وأحيل الخلاف القائم حول هذه التقديرات إلى لجنة الطعن المختصة حيث دفع الطاعن بسقوط حق المصلحة في المطالبة بالضريبة وطلب من باب الاحتياط الأخذ بوجهة نظره فيما يتعلق بأسس التقدير، وبتاريخ 21/ 12/ 1955 قررت اللجنة قبول الطعن شكلاً ورفض الدفع بالتقادم وفي الموضوع تحديد بدء نشاط الطاعن اعتباراً من 15/ 10/ 1941 وإلغاء تقديرات المراقبة لصافي أرباحه في كل من سنة 1939 و1940 والفترة من أول يناير سنة 1941 حتى تاريخ تأجير المخبز في 15/ 10/ 1941 وتحديد صافي أرباحه في المدة من 15 أكتوبر سنة 1941 حتى 31 ديسمبر سنة 1941 بمبلغ 30 جنيهاً وفي السنوات من 1942 إلى 1946 كالآتي 272 ج و746 ج و641 ج و936 ج و1286 ج، وإذ أخطأت اللجنة فيما قضت به من رفض الدفع بالتقادم وفيما جرت عليه من تقدير أرباحه بالمبالغ الواردة في هذا القرار، فقد انتهى إلى طلب إلغائه والحكم له بطلباته - وبتاريخ 26/ 1/ 1957 حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبقبول الدفع المبدي من الطاعن وبسقوط حق مصلحة الضرائب في المطالبة بالضرائب عن سني النزاع من 1939 إلى 1946 بالتقادم وألزمت المصلحة المصروفات و500 قرش مقابل أتعاب المحاماة - واستأنفت مصلحة الضرائب هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة طالبة إلغاءه والحكم برفض الدعوى وقيد هذا الاستئناف برقم 368 سنة 74 قضائية، وبتاريخ 27/ 2/ 1958 حكمت المحكمة حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع (أولاً) بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدفع بالتقادم المبدي من المستأنف ضده واعتبار حق مصلحة الضرائب في اقتضاء الضريبة المستحقة عن السنوات من 1941 إلى 1946 ما زال قائماً (ثانياً) بإعادة الأوراق إلى محكمة أول درجة للنظر في الشطر الخاص بموضوع تحديد أرباح المستأنف ضده في السنوات سالفة الذكر وبإلزام المستأنف ضده بالمصروفات ومائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة - وقد طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض للسبب الوارد في التقرير وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون وقررت إحالته إلى هذه الدائرة حيث أصر الطاعن على طلب نقض الحكم وطلبت مصلحة الضرائب رفض الطعن وقدمت النيابة العامة مذكرة أحالت فيها إلى مذكرتها الأولى وطلبت قبول الطعن.
وحيث إن حاصل سبب الطعن أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه فيما قضى به من "رفض الدفع بالتقادم واعتبار حق مصلحة الضرائب في اقتضاء الضريبة عن السنوات من 1941 إلى 1946 ما زال قائماً" ووجه الخطأ والمخالفة أنه طبقاً للمادتين 97 و97 مكررة من القانون رقم 14 لسنة 1939 تتقادم الضريبة المستحقة عن السنوات من 1939 إلى 1945 في ميعاد غايته 28/ 2/ 1951 وتتقادم الضريبة المستحقة عن سنة 1946 في ميعاد غايته 28/ 2/ 1952 وإلى هذا التاريخ الأخير لم تكن مصلحة الضرائب قد اتخذت في مواجهة الطاعن إجراء ما سوى إخطاره بعناصر ربط الضريبة في 3/ 8/ 1947 وإخطاره بما استقر عليه رأيها بخصوص هذا الربط في 3/ 9/ 1947 وإحالة النزاع القائم بشأن الأرباح إلى لجنة التقدير ثم إعادة إخطاره بعناصر ربط الضريبة بمقتضى النموذج رقم 19 ضرائب في 19/ 10/ 1953 على أثر صدور الحكم الاستئنافي ببطلان قرار اللجنة وليس في هذه الإجراءات ما يقطع مدة التقادم لأن كلاً من الإخطار الأول بعناصر ربط الضريبة والإخطار الثاني بالربط على أول يناير سنة 1948 لا يقطع مدة التقادم طبقاً للمادة الثانية من المرسوم بقانون رقم 349 لسنة 1952 ولأن إحالة النزاع إلى لجنة التقدير إن كان لها أثر في قطع التقادم فقد أصبحت لا أثر لها في هذا الصدد بعد أن حكم ببطلان قرار اللجنة ومن شأن هذا الحكم أن يمتد أثره إلى كافة الإجراءات السابقة وبعد أن عادت المصلحة فأخطرت الطاعن بعناصر ربط الضريبة على النموذج رقم 19 ضرائب في 19/ 10/ 1953 وبمقتضاه تكون قد تنازلت عن الإجراءات السابقة ووضعت الطاعن أمام تقدير وربط جديدين ولكن بعد فوات الوقت وسقوط حقها في المطالبة بالضريبة.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أنه طبقاً للمادتين 97 و97 مكررة من القانون 14 لسنة 1939 بعد تعديله بالقانون رقم 29 لسنة 1947 وإعمالاً لحكم القانون رقم 189 لسنة 1950 فإن الضريبة على الأرباح التجارية والصناعية تتقادم ويسقط حق مصلحة الضرائب في المطالبة بها في ميعاد غايته 27 يونيه سنة 1951 بالنسبة لأرباح السنوات من 1941 إلى 1945 وفي ميعاد غايته 27 يونيه سنة 1952 بالنسبة لأرباح 1946 ما لم تكن المصلحة قد اتخذت من الإجراءات ما يقطع التقادم وفقاً للقانون، وإذ كان الثابت في الدعوى أن كل ما اتخذته مصلحة الضرائب من إجراءات في مواجهة الطاعن إلى تاريخ اكتمال مدة التقادم في 27 يونيه سنة 1952 هو إخطاره بالنموذج رقم 19 ضرائب في 3/ 8/ 1947 وإخطاره بالنموذج رقم 20 ضرائب في 3/ 9/ 1947 ثم إحالة النزاع القائم بينهما بشأن الأرباح إلى لجنة التقدير، وهذه الإجراءات جميعها لا تقطع التقادم وذلك على ما جرى به قضاء هذه المحكمة من أنه في الفترة السابقة على تاريخ العمل بالقانون رقم 146 لسنة 1950 في 4/ 9/ 1950 لم يكن أي من النموذجين 19 و20 ضرائب يتضمن إخطاراً من المأمورية للممول بتحديد عناصر الضريبة أو بربطها وأن ما نصت عليه المادة الثانية من المرسوم بقانون رقم 349 لسنة 1952 من أن التقادم ينقطع بإخطار الممول بعناصر ربط الضريبة أو بربطها في الفترة ما بين أول يناير سنة 1948 وآخر ديسمبر سنة 1952 لا يمكن أن ينصرف إلا إلى الفترة اللاحقة لتاريخ العمل بالقانون رقم 146 لسنة 1950 وأما في الفترة السابقة فإن الإجراء القاطع للتقادم يتمثل في إخطار الممول من قبل المصلحة بربط الضريبة بعد حصول الاتفاق عليها أو بعد صدور قرار لجنة التقدير (نقض 23/ 6/ 1960) ولأن إحالة النزاع بشأن الأرباح إلى لجنة التقدير لا يعتبر بمثابة الإحالة إلى لجنة الطعن التي نصت المادة 97 مكررة من القانون رقم 14 لسنة 1939 على أنها تقطع التقادم ومن ثم فهي لا تجرى مجراها ولا تقاس عليها، وبالتالي فإن حق مصلحة الضرائب في مطالبة الطاعن بالضريبة على أرباحه في سني النزاع يكون قد سقط بالتقادم - إذ كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه ولما تقدم يتعين رفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف.


(1) راجع نقض 3/ 1/ 1962 الطعن 184 س 27 ق السنة 13 ص 21.