الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 5 يونيو 2023

الطعن 124 لسنة 28 ق جلسة 28 / 3 / 1963 مكتب فني 14 ج 1 ق 65 ص 417

جلسة 28 من مارس سنة 1963

برياسة السيد المستشار/ الحسيني العوضي، وبحضور السادة المستشارين: محمود القاضي، وأميل جبران، ومحمد ممتاز نصار، وحافظ محمد بدوي.

----------------

(65)
الطعن رقم 124 لسنة 28 القضائية

(أ) دعوى. "الوكالة في الخصومة". وكالة.
انقضاء الخصومة صحيحة بين الطرفين إذا أقيمت الدعوى من شخص بصفته ولياً أو وكيلاً. لا محل لإعمال قاعدة "لا يجوز لأحد أن يخاصم بوكيل عنه". إذا أفصح الوكيل عن صفته وعن اسم موكله.
(ب) دعوى "إجراءات نظر الدعوى". "انقطاع سير الخصومة". بطلان. "بطلان غير متعلق بالنظام العام".
بطلان الإجراءات التي تتم بعد قيام سبب انقطاع الخصومة. بطلان نسبي مقرر لمصلحة من شرع الانقطاع لحمايتهم.
(ج) بيع "الزيادة في المبيع". "تقدير الثمن". "البيع الجزافي والبيع بالتقدير". حكم. "عيوب التدليل". "قصور". "ما يعد كذلك".
العبرة في أحقية المشتري في أخذ الزيادة في البيع بلا مقابل أو عدم أحقيته في ذلك هي بما إذا كان الثمن قدر جملة واحدة أم أنه قد حدد بحساب سعر الوحدة. التمييز بين البيع الجزافي والبيع بالتقدير أمر يتعلق بتحديد وقت انتقال الملكية وبمن تقع عليه تبعة الهلاك قبل التسليم - الاستناد في القضاء بأحقية المشتري في الزيادة بلا مقابل إلى مجرد اعتبار البيع جزافاً. قصور.

-----------------
1 - إذا كان يبين من حكم محكمة أول درجة أن الدعوى أقيمت من شخص بصفته ولياً على ولده ووكيلاً عن آخرين فإن الخصومة تكون قد انعقدت صحيحة بين المدعين والمدعى عليه ويكون التمسك بقاعدة "لا يجوز لأحد أن يخاصم بوكيل عنه" في غير موضعه ذلك أنه لا محل لإعمال هذه القاعدة عندما يفصح الوكيل عن صفته وعن اسم موكله.
2 - بطلان الإجراءات التي تتم بعد قيام سبب انقطاع سير الخصومة هو بطلان نسبي قرره القانون لمصلحة من شرع الانقطاع لحمايتهم حتى لا تتخذ هذه الإجراءات بغير علمهم ويصدر الحكم في الدعوى في غفلة منهم.
3 - إذا وجدت زيادة بالمبيع المعين بالذات أو المبين المقدار في عقد البيع، ولم يكن هناك اتفاق خاص بين الطرفين بخصوصها أو عرف معين بشأنها فإن العبرة في معرفة أحقية المشتري في أخذ هذه الزيادة بلا مقابل أو عدم أحقيته في ذلك على مقتضى حكم المادة 433 من القانون المدني هي بما إذا كان الثمن المبيع قدر جملة واحدة أم أنه قد حدد بحساب سعر الوحدة، أما التمييز بين البيع الجزافي والبيع بالتقدير فأمر يتعلق بتحديد الوقت الذي تنتقل فيه ملكية المبيع للمشتري في كل منهما وتعيين ما إذا كان البائع أو المشتري هو الذي يتحمل تبعة هلاك المبيع قبل التسليم. وإذا أقام الحكم المطعون فيه قضاءه بأحقية المشتري في أخذ الزيادة التي ظهرت بالمبيع بلا مقابل عملاً بالمادة 433 مدني على مجرد اعتباره البيع جزافاً مع أنه ليس من مؤدى ذلك حتماً إعمال حكم هذه المادة ومناطه أن يتفق على ثمن المبيع جملة لا بحساب سعر الوحدة، فإن الحكم يكون قاصراً البيان.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وغيره من أوراق الطعن - تتحصل في أن المرحوم جاد قنديل بصفته ولياً طبيعياً على ولده القاصر أحمد سامي قنديل - المطعون عليه الأول - وبصفته وكيلاً عن أولاده المطعون عليهم الثلاثة الآخرين، أقام أمام محكمة دمنهور الابتدائية الدعوى رقم 382 سنة 1951 وانتهى فيها إلى طلب الحكم بإثبات التعاقد الحاصل بتاريخ 27/ 3/ 1951 المتضمن بيع الطاعن إليه - بصفتيه المذكورتين 244 ف و21 ط و13 س بالحدود والأوصاف الواردة في العقد، لقاء ثمن قدره 42 ألف جنيه - مع باقي الطلبات المبينة في الصحيفة - وفي بيان الدعوى قال إنه اشترى من الطاعن القرية المسماة بعزبة سامي وذكر في العقد أن مساحتها 240 فداناً ثم تبين فيما بعد أن مساحتها الحقيقية 244 ف و21 ط و13 س وأنه دفع من الثمن 25600 جنيه وأودع الباقي منه وقدره 16400 جنيه خزينة المحكمة، ولما لم يجبه البائع إلى طلب تسجيل العقد اضطر إلى رفع هذه الدعوى - وأقام الطاعن بدوره أمام نفس المحكمة الدعوى رقم 396 سنة 1951 وقال فيها إن القدر المتعاقد على بيعه مساحته 240 فداناً فقط، لكن المطعون عليهم يزعمون على غير الحقيقة، أن المساحة تزيد على هذا القدر ولم يوفوا من الثمن سوى 20000 جنيه ولا يزال الباقي منه وقدره 22 ألف جنيه مستحقاً له في ذمتهم، وأنه إذ تبين له تعمدهم إقامة العراقيل في سبيل تعطيل إتمام العقد النهائي فإنه يطلب الحكم بفسخ عقد البيع لعدم قيام المشترين بالوفاء بالتزاماتهم - وكذلك أقام الطاعن أمام نفس المحكمة دعوى أخرى رقم 37 لسنة 1952 طالباً الحكم ببطلان الإيداع واعتباره غير مبرئ للذمة وذلك للأسباب التي فصلها في صحيفة الدعوى - ضمت المحكمة الدعاوى الثلاث، وبتاريخ 2/ 2/ 1954 حكمت: أولاً - في الدعوى رقم 382 سنة 1951 بإثبات صحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 27/ 3/ 1951 الصادر من السيد/ علي أبو الفتوح وذلك عن المساحة البالغ مقدارها 244 ف و21 ط و13 س الموضحة الحدود والمعالم بالكشف المرفق بصحيفة الدعوى مقابل الثمن وقدره 42857 ج و42 م وبإلزام المشترين أن يدفعوا للسيد/ علي أبو الفتوح الطاعن مبلغ 17257 ج و240 مليماً قيمة الباقي من ثمن المساحة المذكورة وإلزامهم مصروفات هذه الدعوى. ثانياً - في الدعوى رقم 396 سنة 1951 برفضها وإلزام المدعى عليهم فيها مصروفاتها. ثالثاً - في الدعوى رقم 37 سنة 1952 - ببطلان الإيداع الحاصل من الدكتور جاد قنديل في 6/ 11/ 1951 والتصريح للسيد/ علي أبو الفتوح بصرف قيمة الوديعة وقدرها 16237 ج و620 م من خزانة المحكمة بلا قيد ولا شرط وذلك من أصل المبلغ المحكوم له به وألزمت المدعى عليهم في هذه الدعوى مصروفاتها - وقد ذكرت المحكمة في أسباب هذا الحكم أن النزاع الأساسي بين الخصوم يدور حول ما إذا كانت مساحة الأطيان المبيعة 240 فداناً كما هو وارد في عقد البيع أم أنها 244 فداناً وكسوراً باعتبار أن هذه هي المساحة التي يشملها التحديد الوارد في عقد البيع، وإذا كانت كذلك فهل يحسب الثمن على اعتبار أن الثمن مقدر في العقد بحساب الوحدة أم على اعتبار أن المقدر في العقد هو ثمن إجمالي - وأقامت المحكمة قضاءها على أن النص في عقد البيع على أن كل نقص في المساحة الواقعية عن المساحة الواردة بالعقد يخصم ثمنه من الثمن الباقي للبائع يفيد أن ثمن هذا النقض لابد من حسابه على أساس سعر الوحدة، وهذا السعر هو حاصل قسمة الثمن الكلي وهو 42000 ج على المساحة الواردة بالعقد وهي 240 فداناً، وأنه من ذلك يبين أن البيع لم يكن جزافاً وإنما علق تحديد الثمن النهائي على تحديد الشيء المبيع وهو مساحة الأطيان - وذكرت المحكمة أن التزام البائع برد ثمن ما يظهر من نقص في المساحة المبيعة لابد يقابله التزام في ذمة المشتري بدفع ثمن ما يزيد - وانتهت المحكمة من ذلك إلى إلزام المشترين بدفع ثمن ما زاد على 240 فداناً، على أساس 175 ج للفدان الواحد، وإلى أنه بعد استنزال ما دفعه المشتري وقدره 25600 ج يكون الباقي في ذمتهم من الثمن 17257 ج و42 م وهو ما يجب عليهم أداؤه للبائع - استأنف الطاعن هذا الحكم أمام محكمة الإسكندرية وقيد استئنافه برقم 317 سنة 10 ق وأقام المطعون عليهم استئنافاً فرعياً قيد برقم 334 سنة 10 ق - وطلب الطاعن في استئنافه إلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من دخول الزيادة في المساحة وقدرها 4 أفدنة و21 قيراطاً و13 سهماً ضمن القدر المبيع، وهذا تأسيساً على أن ما باعه هو 240 فداناً قابلة للنقص لا للزيادة وعلى أن الثمن وإن حدد في العقد جملة واحدة إلا أنه في حقيقته محدد بسعر الوحدة الذي يتمثل في حاصل قسمة هذا الثمن على مساحة المبيع المبينة في العقد - أما المطعون عليهم فقد طلبوا إلغاء الحكم المستأنف في قضائه بإلزامهم بثمن القدر الزائد في مساحة المبيع، وأسسوا استئنافهم على أنهم يستحقون هذه الزيادة دون مقابل لأن البيع الصادر إليهم من الطاعن هو بيع خزافي - وبتاريخ 25/ 1/ 1958 حكمت المحكمة "... في موضوع الاستئناف الأصلي...... برفضه...... وفي موضوع الاستئناف الفرعي: أولاً - بتعديل الحكم المستأنف فيما قضى به في الدعوى 381 كلي دمنهور سنة 1951 وبإثبات التعاقد الحاصل بتاريخ 27/ 3/ 1951 والمتضمن بيع السيد/ علي أبو الفتوح إلى الدكتور جاد قنديل بصفته 244 فداناً و21 قيراطاً و13 سهماً وذلك مقابل ثمن إجمالي قدره 42.000 جنيه وبإلزام الدكتور قنديل بصفته بأن يدفع للسيد/ علي أبو الفتوح باقي الثمن ومقداره 16400 جنيه وبالتصريح لهذا الأخير بصف مبلغ 16237 جنيهاً و620 مليماً المودع على ذمته بخزينة محكمة طنطا... خصماً من باقي الثمن... إلخ" - طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض للأسباب المبينة بالتقرير وتقدمت النيابة بمذكرة خلصت فيها إلى طلب الحكم برفض الطعن - وقد عرض الطعن على دائرة فحص الطعون وبتاريخ 29/ 10/ 1961 قررت إحالته إلى هذه الدائرة - قدمت النيابة بعد ذلك مذكرة تكميلية أحالت فيها إلى مذكرتها الأولى ولدى نظر الطعن أمام هذه الدائرة صمم الطاعن على طلباته وأصرت النيابة العامة على ما أوردته بمذكرتيها.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه البطلان لسببين، أولهما هو أن الحكم المطعون فيه أورد أسماء المطعون عليهم الثاني والثالث والرابعة باعتبارهم خصوماً في الدعوى حالة أنه لم تنعقد خصومة بينهم وبين الطاعن إذ أقيمت الدعوى من والدهم بصفته وكيلاً عنهم في حين أنه لا يجوز لأحد أن يقاضى بوكيل ومن ثم كان إيراد أسماء المطعون عليهم المذكورين في الحكم المطعون فيه منافياً للحقيقة ومخالفاً لقواعد المرافعات والسبب الثاني هو أن والد المطعون عليه الأول كان يباشر الخصومة نيابة عنه بصفته ولياً عليه، لقصره، حالة أن الثابت من صورة الحكم المطعون فيه، المعلنة للطاعن، أن لمطعون عليه المذكور بالغ سن الرشد وبذلك تكون الخصومة قد انقطعت قانوناً قبل جلسة المرافعة الأخيرة عملاً بحكم المادة 294 مرافعات.
وحيث إن هذا النعي مردود في وجهه الأول، بأنه لما كان يبين من حكم محكمة الدرجة الأولى أن الدعوى أقيمت من الدكتور جاد قنديل "بصفته ولياً على ولده القاصر أحمد سامي قنديل، ووكيلاً عن كل من الدكتور عمر الفاروق قنديل والدكتور عبد الفتاح فهمي والسيدة فاطمة الزهراء قنديل - المطعون عليهما لثاني والثالث والرابعة" فإن الخصومة تكون قد انعقدت صحيحة بين الطاعن والمطعون عليهم الثلاثة المذكورين، ويكون التمسك بقاعدة "لا يجوز لأحد أن يخاصم بوكيل عنه" في غير موضعه، لأنه محل لإعمال هذه القاعدة عندما يكون الوكيل قد أفصح عن صفته وعن اسم موكله - كما أن هذا النعي مردود أيضاً في وجه الثاني بأن بطلان الإجراءات التي تتم بعد قيام سبب انقطاع سير الخصومة هو بطلان نسبي قرره القانون لمصلحة من شرع الانقطاع لحمايتهم حتى لا تتخذ الإجراءات بغير علمهم ويصدر الحكم في الدعوى في غفلة منهم - فليس للطاعن إذن أن يتمسك بهذا البطلان، بفرض قيام سببه.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن أيضاً على الحكم المطعون فيه، الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب ذلك أنه افترض أن الطرفين اتفقا على تقدير الثمن جملة واحدة وليس على أساس سعر الوحدة، واعتبر البيع جزافاً وبني على ذلك قضاءه بأحقية المشترين - المطعون عليهم - في الأفدنة الزائدة على المساحة المبين مقدارها في عقد البيع، دون مقابل، عملاً بحكم المادة 433/ 2 من القانون المدني - حالة أن عقد البيع وإن لم يذكر به صراحة أن الثمن قد قدر بحساب سعر الواحدة، إلا أنه تضمن ما يفيد تقدير الثمن على هذا الأساس، ذلك أنه جاء به أن المبيع مساحته 240 فداناً، ونص فيه على أن كل نقص في هذه المساحة يستنزل ثمنه من الثمن الباقي للبائع - الطاعن - مما مفاده أن الثمن في واقع الأمر، قد قدر بحساب سعر الواحدة باعتبار أن ثمن الفدان الواحد هو حاصل قسمة جملة الثمن المبين في العقد وهو 42000 ج على المساحة المبيعة الوارد مقدارها فيه، وهي 240 فداناً، وهو ما يعادل 175 ج ومن أجل ذلك فإن الحكم المطعون فيه، بقضائه على خلاف هذا النظر يكون مخطئاً في تطبيق المادة 433 من القانون المدني معيباً بالقصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أنه يبين من الحكم المطعون فيه أن النزاع بين الطاعن والمطعون عليهم - في أساسه - كان دائراً أمام محكمة الموضوع حول ما إذا كان الثمن قد قدر في عقد البيع جملة واحدة بذلك تكون الزيادة التي ظهرت في المبيع، عن مساحته المبين مقدارها في العقد هي من حق المشترين دون مقابل، أم أنه قد حدد بحساب سعر الوحدة وبذلك لا تكون هذه الزيادة من حقهم - ولما كان الحكم المطعون فيه، قضى للمطعون عليهم بهذه الزيادة دون مقابل عملاً بالمادة 433 من القانون المدني وبني قضاءه في هذا الخصوص على ما يأتي (وحيث إن الحكم المستأنف فيما قضى به على هذا النحو يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ذلك أن الثابت من عقد بيع 27 مارس سنة 1951 أنه تناول شراء الدكتور قنديل كامل عزبة السيد علي أبو الفتوح المسماة بعزبة سامي بمنشأة فاروق بالدلنجات بما عليها من مساكن ومباني ووابور ري ثابت وما يتبعها من حقوق ارتفاق بثمن إجمالي 42000 جنيه، فمثل هذا البيع يعتبر من البيوع الجزافية ولا ينبغي عنه طبيعته تلك أن يكون العقد قد نص على أن مساحتها هي 240 فداناً لأن تلك التسمية تعتبر من قبيل الوصف لا من مميزات البيع ولا أن يكون العقد المذكور قد شرط فيه لصالح المشتري حقه في إنقاص الثمن إذا ما نقصت المساحة الفعلية عن هذا القدر المعين ذلك أن المادة 433 من التقنين المدني الجديد وهي التي تحكم النزاع قد نصت على أن البائع يضمن للمشتري القدر الذي عينه للمبيع بحيث إذا نقص عنه كان للمشتري إنقاص الثمن بقدر ما أصابه من ضرر لا فرق في ذلك بين ما إذا كان الثمن بسعر الوحدة أو قدر جملة واحدة أما إذا زاد المبيع عن القدر المعين وكان الثمن جملة واحدة فيبقى المبيع ولا يطالب المشتري بزيادة الثمن لأن تحديد القدر المبيع يكون في هذه الحالة من قبيل الوصف الذي لا يقابله ثمن وذلك كله ما لم يتفق في العقد على خلاف ذلك - ومتى كان الأمر هو ذلك فإن الحكم المستأنف يكون قد أصاب في اعتبار تلك الزيادة داخلة فيما اشتراه الدكتور قنديل وأخطأ في إلزامه بدفع ثمن تلك الزيادة مما يتعين معه تعديله في هذا الخصوص ولما كان المبيع المعين بالذات والمبين مقداره في عقد البيع: إذا وجدت به زيادة ولم يكن هناك اتفاق خاص بين المتبايعين في خصوصها أو عرف معين بشأنها، فإن العبرة عندئذ في معرفة أحقية المشتري في أخذ هذه الزيادة دون مقابل لها، أو عدم أحقيته في ذلك على مقتضى حكم المادة 433 من القانون المدني هي بما إذا كان ثمن المبيع، قدر جملة واحدة أم أنه قد حدد بحساب سعر الوحدة - أما التمييز بين البيع الجزافي والبيع بالتقدير فأمر يتعلق بتحديد الوقت الذي تنتقل فيه ملكية المبيع إلى المشتري في كل منها وتعيين ما إذا كان البائع أو المشتري هو الذي يتحمل تبعة هلاك المبيع قبل التسليم - لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه إذ قضى بأحقية المطعون عليهم في أخذ الزيادة التي ظهرت في المبيع عن مساحته المبين مقدارها في عقد البيع، دون مقابل، عملاً بحكم المادة 433 من القانون المدني، بنى قضاءه على مجرد اعتباره البيع جزافاً، حالة أن هذا الاعتبار وحده ليس من مؤداه حتماً إعمال حكم هذه المادة، وإنما العبرة في ذلك في النزاع الحالي، على ما سلف بيانه، هي بما إذا كان ثمن المبيع، اتفق عليه فيما بين المتبايعين، جملة واحدة، أم بحساب سعر الوحدة، وهو الأمر الذي قصر الحكم المطعون فيه عن بيانه، مما يعيبه بما يستوجب نقضه دون حاجة إلى بحث باقي أسباب الطعن.

الأحد، 4 يونيو 2023

الطعن 106 لسنة 28 ق جلسة 28 / 3 / 1963 مكتب فني 14 ج 1 ق 64 ص 413

جلسة 28 من مارس سنة 1963

برياسة السيد المستشار/ الحسيني العوضي، وبحضور السادة المستشارين: محمود توفيق إسماعيل، ولطفي علي، ومحمد ممتاز نصار، وحافظ محمد بدوي.

----------------

(64)
الطعن رقم 106 لسنة 28 القضائية

(أ) التزام. "تنفيذ الالتزام". "التنفيذ العيني". "التنفيذ بطريق التعويض" دعوى. "نطاق الدعوى". " استئناف "الطلب الجديد".
طلب التنفيذ العيني وطلب التنفيذ بطريق التعويض قسيمان يتقاسمان تنفيذ الالتزام. جواز الجمع بينهما. طلب رد أسهم أو قيمتها ينطوي على الطلبين معاً. طلب التعويض من الضرر لتراخي التنفيذ العيني ليس طلباً جديداً في الاستئناف.
(ب) استئناف. "الطلب الجديد". فوائد.
جواز إضافة الفوائد إلى الطلب الأصلي في الاستئناف. شرطه أن تكون الفوائد قد طلبت أمام محكمة الدرجة الأولى وأن يكون ما يطلب إضافته أمام محكمة الدرجة الثانية هو ما استجد منها بعد تقديم الطلبات الختامية. طلب فوائد "كوبونات" الأسهم المطالب بردها أمام محكمة الدرجة الأولى يعد طلباً جديداً لا يصح إبداؤه أمام محكمة الاستئناف.

---------------
1 - طلب التنفيذ العيني وطلب التنفيذ بطريق التعويض قسيمان يتقاسمان تنفيذ التزام المدين ويتكافأن قدراً بحيث يجوز الجمع بينهما إذا تم التنفيذ العيني متأخراً، فإذا كانت الدعوى قد رفعت أمام محكمة أول درجة بطلب رد أسهم أو قيمتها فإن الطلب على هذه الصورة ينطوي على الطلب التنفيذ العيني والتنفيذ بطريق التعويض، من أن ثم فليس هناك ما يمنع المدعى حينما يتراخى التنفيذ العيني بحيث يصيبه بالضرر من أن يطلب تعويضاً عن هذا الضرر وعلى ذلك فلا يكون طلب هذا التعويض عن هبوط قيمة الأسهم طلباً جديداً في الاستئناف لاندراجه في عموم الطلبات التي كانت مطروحة أمام محكمة أول درجة.
2 - ما نصت عليه المادة 411/ 2 من القانون المدني من جواز إضافة الفوائد إلى الطلب الأصلي في الاستئناف مشروط بأن تكون الفوائد قد طلبت أمام محكمة أول درجة وأن يكون ما يطلب منها أمام محكمة الدرجة الثانية هو ما استجد منها بعد تقديم الطلبات الختامية أمام محكمة الدرجة الأولى فإن لم يكن قد طلبت فإن طلبها أمام محكمة الدرجة الثانية لا يكون مقبولاً وعلى ذلك فطلب فوائد الكوبونات الخاصة بالأسهم المطالب بردها أمام محكمة الدرجة الأولى يعد طلباً جديداً لا يصح إبداؤه أمام محكمة الاستئناف.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - في أن المطعون عليهما رفعتا على الاتحاد العام الخيري الأرمني الذي يمثله الطاعنان الدعوى رقم 5324 أمام محكمة القاهرة الابتدائية طالبين الحكم بإلزامه بتسليمهما 225 سهماً من أسهم شركة مياه القاهرة مع قيمة كوبوناتها وفي حالة الامتناع عن التسليم إلزامه بدفع قيمتها وقدرها 4200 جنيه مع الفوائد القانونية قائلتين في تبيان دعواهما أن عمهما ومورثهما المرحوم راديج كرستدجيان كان قد أودع تلك الأسهم لدي الاتحاد الأرمني في 22 من يونيو سنة 1945 وأنه بوفاته في 25 من سبتمبر سنة 1945 تنتقل إليهما ملكية تلك الأسهم ومحكمة القاهرة الابتدائية قضت في 24 من ديسمبر سنة 1950 برفض الدعوى مع إلزام المدعيتين (المطعون ضدهما) بالمصاريف، رفعت المطعون عليهما استئنافاً عن هذا الحكم قيد برقم 268 سنة 68 قضائية ومحكمة استئناف القاهرة قضت في 17 من أبريل سنة 1952 بتأييد الحكم المستأنف طعنت المطعون عليهما في هذا الحكم بطريق النقض وبتاريخ 8/ 3/ 1956 قضت محكمة النقض بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية إلى محكمة استئناف القاهرة حيث قضت هذه المحكمة في 21/ 11/ 1957 بإلغاء الحكم المستأنف وبإلزام الاتحاد الخيري العام اللأرمن بمصر برد الأسهم موضوع الدعوى وعددها 225 سهماً مع كوبوناتها وفوائد الكوبونات من تاريخ المطالبة الرسمية الحاصلة في 3 من أبريل سنة 1946 ومع إلزام الاتحاد المذكور دفع الفرق بين قيمة هذه جميعها في بورصة الأوراق المالية في يوم هذا الحكم وبين مبلغ 4200 جنيه وإلا فإلزام هذا المستأنف عليه (الاتحاد الخيري الأرمني) أن يدفع لهاتين المستأنفتين مبلغ 4200 جنيه والفوائد القانونية بواقع 4% من تاريخ المطالبة الرسمية حتى السداد طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض وبعد استيفاء الإجراءات قدمت النيابة العامة مذكرة قررت فيها أن الطعن جدير بالعرض على دائرة المواد المدنية والتجارية وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت إحالته إلى دائرة المواد المدنية والتجارية ثم قدمت النيابة العامة مذكرة تكميلية طلبت فيها نقض الحكم وبالجلسة المحددة لنظر الطعن صممت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إن الطاعنين ينعيان على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون لقضائه بطلبين جديدين أبديا لأول مرة أمام محكمة الاستئناف ذلك أن المطعون عليهما طلبتا بصحيفة دعواهما الابتدائية الحكم بإلزام الاتحاد العام الخيري للأرمن برد الـ225 سهماً من أسهم تمتع شركة مياه القاهرة المتنازع عليها إلى المدعيتين (المطعون عليهما) مع قيمة كوبوناتها وفي حالة امتناع الاتحاد عن رد الأسهم الحكم بإلزامه بدفع قيمة الأسهم وقدرها 4200 جنيه مع الفوائد القانونية من تاريخ المطالبة الرسمية حتى السداد ثم عادتا وأضافتا لأول مرة أمام محكمة الاستئناف في مذكرتهما المقدمة بجلسة 28 من أبريل سنة 1951 طلب الحكم بالفوائد القانونية على قيمة الكوبونات كما أضافتا أيضاً بمذكرتهما المقدمة بجلسة 29 من مايو سنة 1957 طلب الحكم بالتعويض عن الضرر الذي أصابها من جراء هبوط قيمة الأسهم وما كان يجوز لمحكمة الاستئناف أن تجاريهما في ذلك فتقضى لهما بهذين الطلبين الجديدين وإذ فعلت فإن حكمها يكون مخالفاً للقانون.
ومن حيث إن النعي في شقه الثاني غير صحيح ذلك أن المطعون عليهما طلبتا أمام محكمة الدرجة الأولى الحكم لهما برد الأسهم أو قيمتها والطلب على هذه الصورة ينطوي على طلبي التنفيذ العيني والتنفيذ بطريق التعويض كقسمين يتقاسمان تنفيذ التزام المدين ويتكافأن قدراً بحيث يجوز الجمع بينهما إذا تم التنفيذ العيني متأخراً ولما كان التنفيذ العيني والتنفيذ بطريق التعويض مطلوبين أمام محكمة الدرجة الأولى فليس هنالك ما يمنع المطعون عليهما حينما يتراخى التنفيذ العيني بحيث يصيبهما بالضرر من أن يطلبا تعويضاً عن هذا الضرر ومن ثم لا يكون طلب هذا التعويض عن هبوط قيمة الأسهم طلباً جديداً في الاستئناف لاندراجه في عموم الطلبات التي كانت مطلوبة أمام محكمة الدرجة الأولى.
ومن حيث إن النعي في شقه الخاص بطلب فوائد الكوبونات صحيح ذلك أن الدعوى رفعت أمام محكمة الدرجة الأولى بطلب رد الأسهم مع قيمة كوبوناتها ثم أضيف إليهما طلب الفوائد القانونية على قيمة الكوبونات أمام محكمة الاستئناف ومن ثم فإن هذا الطلب الأخير يعتبر طلباً جديداً مما تنهي المادة 411 من قانون المرافعات عن قبوله في الاستئناف ولا يقدح في هذا النظر ما تنص عليه الفقرة الثانية من المادة 411 المشار إليها من جواز إضافة الفوائد إلى الطلب الأصلي في الاستئناف إذ أن شرط ذلك أن تكون الفوائد قد طلبت أمام محكمة الدرجة الأولى وأن يكون ما يطلب منها أمام محكمة الدرجة الثانية هو ما استجد منها بعدم تقديم الطلبات الختامية أمام محكمة الدرجة الأولى فمثل هذا الطلب لا يقبل أمام محكمة الدرجة الثانية إذا لم يكن قد طلب منه شيء أمام محكمة الدرجة الأولى - لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه إذ قبل طلب فوائد الكوبونات وفصل فيه يكون قد خالف القانون بما يستوجب نقضه في هذا الخصوص.
وحيث إن الموضوع صالح للحكم فيه بالنسبة لطلب الفوائد المذكور ولما سلف بيانه يتعين الحكم بعدم قبول هذا الطلب.

الطعن 311 لسنة 36 ق جلسة 16 / 2 / 1971 مكتب فني 22 ج 1 ق 33 ص 195

جلسة 16 من فبراير سنة 1971

برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: بطرس زغلول، أحمد حسن هيكل، إبراهيم علام، محمد أسعد محمود.

----------------

(33)
الطعن رقم 311 لسنة 36 القضائية

(أ، ب) تنظيم. "تنفيذ قرار الهدم". مباني. "المنشآت الآيلة للسقوط". قضاء مستعجل. "اختصاصه بوقف تنفيذ قرار الهدم". اختصاص. "الاختصاص الولائي".
(أ) حق السلطة القائمة على أعمال التنظيم في حالة الضرورة القصوى وتهديد البناء بالانهيار العاجل في الإخلاء الفوري وهدم البناء بعد موافقة اللجنة المختصة. وجوب صدور قرار اللجنة مسبباً خلال أسبوع من تاريخ عرض الأمر عليها. إلغاء كل اختصاص للقضاء المستعجل بنظر قرارات الهدم في أحوال الخطر الداهم.
(ب) تأييد اللجنة المشكلة طبقاً للمادة السابعة من القانون رقم 605 لسنة 54 معدلة بالقانون رقم 289 لسنة 56 قرار الهدم الصادر من مهندس التنظيم بعد موافقة اللجنة المشكلة وفقاً للمادة الثانية من ذات القانون. عدم اختصاص القضاء العادي وبالتالي المستعجل بنظر المنازعات التي تثور في شأن ذلك القرار.
(ج) نقض. "حالات الطعن". "الأحكام الجائز الطعن فيها". اختصاص. "الاختصاص الولائي".
صدور حكم من محكمة ابتدائية استئنافية قبل الفصل في الموضوع برفض الدفع بعدم الاختصاص الولائي. خطأ ذلك الحكم في تطبيق القانون ثم صدور حكم في الموضوع. جواز الطعن بالنقض في الحكمين.

-----------------
1 - إذا كانت أحكام القانون رقم 118 لسنة 1948 - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - قد ألغيت بالقانون رقم 605 لسنة 1954 في شأن المنشآت الآيلة للسقوط. وكانت المادة السابعة من ذلك القانون الأخير وإن جاءت بحكم مماثل لنص المادة العاشرة من القانون رقم 118 لسنة 1948 الملغي يخول لمصلحة التنظيم في حالة تهديد البناء بالانهيار العاجل القيام بإخلائه فوراً، ويلزمها في هذا الحالة بإعلان ذوي الشأن بالحضور أمام المحكمة لتحكم بصفة مستعجلة بالهدم بعد سماع أقوال الخصوم وعمل المعاينات والتحقيقات التي ترى ضرورة لها، إلا أن القانون رقم 289 لسنة 1956 الذي جرى العمل به من تاريخ نشره في 5 من أغسطس سنة 1956 قد عدل نص المادة السابعة المشار إليها بحيث أصبح يجوز بمقتضاها للسلطة القائمة على أعمال التنظيم في أحوال الخطر الداهم إخلاء البناء وما جاوره من أبنية عند الضرورة من السكان بالطريق الإداري خلال مدة معينة، وخول لها في حالة تهديد البناء بالانهيار العاجل الحق في القيام بالإخلاء الفوري، وجعل لها في حالة الضرورة القصوى هدم البناء بعد موافقة لجنة تؤلف برئاسة قاض وعضوية اثنين من المهندسين، وإلزام المشرع بموجب هذه المادة السلطة القائمة على أعمال التنظيم بإعلان أولي الشأن للحضور أمام اللجنة التي عليها أن تصدر قرارها مسبباً خلال أسبوع من تاريخ عرض الأمر عليها بعد سماع أقوال الخصوم، وإجراء ما تراه من معاينات وتحقيقات مستعجلة، فإن مفاد ذلك أن القانون رقم 289 لسنة 1956 المنطبق على واقعة الدعوى قد ألغي كل اختصاص للقضاء المستعجل بنظر قرارات الهدم في أحوال الخطر الداهم، وناط ذلك باللجنة سالفة البيان.
2 - إذ كان الثابت أن قرار الهدم المطروح هو مما ينطبق عليه نص المادة السابعة من القانون رقم 605 لسنة 1954 معدلة بالقانون رقم 289 لسنة 1956، وأن اللجنة المشكلة طبقاً لتلك المادة قد استبانت بعد إجراء المعاينة خطورة حالة المبنى التي تهدد بالانهيار العاجل وأنها لذلك السبب أيدت قرار الهدم الصادر من مهندس التنظيم الذي سبق للجنة المشكلة وفق المادة الثانية من ذات القانون أن وافقت عليه، وكان إتباع الإجراءات على هذا النحو طبقاً للأوضاع التي رسمها القانون لا يقيم اختصاصاً للقضاء العادي وبالتالي للقضاء المستعجل بنظر المنازعات التي تثور في شأن قرار الهدم الذي أصدرته اللجنة المشار إليها، فإن الحكم المطعون فيه إذ خالف هذا النظر، وقضى برفض الدفع بعدم الاختصاص الولائي يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
3 - إنه وإن كان الحكمان المطعون فيهما قد صدرا من محكمة ابتدائية بهيئة استئنافية، إلا أنه وقد صدر أولهما في مسألة اختصاص متعلق بولاية المحاكم وأخطأ في التطبيق القانوني وكان الحكم الثاني - الصادر في الموضوع - مترتباً عليه، فإن الطعن في الحكمين بالنقض يكون جائزاً عملاً بالمادة 2 من القانون رقم 57 لسنة 1959. 


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل – حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - في أن مهندس تنظيم قسم عابدين عرض على اللجنة المختصة بإصدار قرارات هدم المنشآت الآيلة للسقوط والمنصوص عليها في المادة الثانية من القانون رقم 605 لسنة 1954 المعدل بالقانون رقم 289 لسنة 1956 تقريراً بحالة المنزل رقم 189 بشارع التحرير قسم عابدين المملوك للمطعون عليه، وأصدرت هذه اللجنة في 26 من سبتمبر سنة 1963 القرار رقم 101 قاضياً بهدم الأدوار العليا لغاية سطح الدور الثاني فوق الأرضي والقيام ببعض الإصلاحات الفنية، ثم عرض الأمر على لجنة الفصل في المنشآت الآيلة للسقوط والمشكلة طبقاً للمادة السابعة من ذات القانون فانتقلت لمعاينة العقار ثم أصدرت في 2 مايو 1964 القرار رقم 167 الذي انتهت فيه بعد تحققها من خطورة حالة المبنى إلى التصريح للسلطة القائمة على أعمال التنظيم بهدم الأدوار العليا من العقار حتى سطح الدور الثاني فوق الأرض فوراًً وعلى نفقة المالك، وإذ أعلن القراران إلى المطعون عليه فقد أقام الدعوى رقم 11044 لسنة 1965 أمام قاضي الأمور المستعجلة بمحكمة القاهرة ضد وزير الإسكان والمرافق ومحافظ القاهرة ومراقب تنظيم عابدين ومأمور قسم عابدين - الطاعنين - بطلب وقف تنفيذهما حتى يفصل في الدعوى الموضوعية رقم 7031 لسنة 1964 كلي القاهرة التي أقامها واستند في دعواه إلى أن حالة العقار جيدة وأن هدمه سيلحق ضرراً بالغاً بعقارين مجاورين. دفع الطاعنون بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى عملاً بحكم المادة 15 من القانون رقم 56 لسنة 1959 بشأن السلطة القضائية. وبتاريخ 31 من يناير سنة 1966 حكمت محكمة أول درجة برفض الدفع بعم الاختصاص وبإجالة المطعون عليه إلى طلباته. استأنف الطاعنون هذا الحكم بالدعوى رقم 401 لسنة 1966 مستأنف مستعجل، ومحكمة القاهرة الابتدائية بهيئة استئنافية حكمت في 14 من مارس سنة 1966 بتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به من رفض الدفع بعدم الاختصاص وبانتقال المحكمة صحبة أحد الخبراء لمعاينة العقار، وبعد إجراء المعاينة وتقديم الخبير تقريره حكمت في 13 إبريل سنة 1966 بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنون في الحكمين الأخيرين بطريق النقض - وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بجواز الطعن بنقض الحكمين المطعون فيهما وبالجلسة المحددة لنظره التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد ينعى به الطاعنون على الحكمين المطعون فيهما الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقولون إن الحكم الصادر في 14 من مارس 1966 أقام قضاءه برفض الدفع بعدم الاختصاص الولائي واختصاص القضاء المستعجل بنظر النزاع على سند من القول بأن قوانين التنظيم المتعاقبة أرقام 118 لسنة 1948، 605 لسنة 1954، 289 لسنة 1956 يبين منها أن المشرع لم يشأ أن يطلق يد مصلحة التنظيم في إصدار قرارات الهدم وتنفيذها، وأنه أحاط هذه القرارات بسياج من رقابة القضاء العادي الذي له أن يقر طلب الهدم أو أن يرفضه، في حين أنه لم يعد ثمت محل للاستدلال بنص المادة العاشرة من القانون رقم 118 لسنة 1948 ولا بنص المادة السابعة من القانون رقم 605 لسنة 1954 لتبرير اختصاص القضاء المستعجل بوقف تنفيذ قرار هدم المنشآت الآيلة للسقوط، إذ أن هاتين المادتين قد عدلتا بالقانون رقم 289 لسنة 1956 الذي خولت المادة السابعة منه السلطة القائمة على أعمال التنظيم في حالة الضرورة القصوى هدم البناء بعد موافقة لجنة تؤلف برئاسة قاض وعضوية اثنين من المهندسين يعينهما وزير الشئون البلدية والقروية، وبذلك فقد ألغى المشرع بهذا التعديل الاختصاص الذي كان مقرراً للقضاء العادي وبالتالي القضاء المستعجل وأضحى هذا الاختصاص معقوداً للجنة المشار إليها. وإذا كان يمتنع على المحاكم طبقاً للمادة 15 من القانون رقم 56 لسنة 1959 بشأن السلطة القضائية أن تؤول الأمر الإداري أو توقف تنفيذه إلا في المسائل التي يخولها القانون حق النظر فيها، وكانت أحكام القانون رقم 605 لسنة 1954 بعد تعديله بالقانون رقم 289 لسنة 1956 والذي صدر قرار اللجنة بالاستناد إليه جاءت خلواً من أي نص يبيح لجهة القضاء العادي نظر المنازعات التي تثور في شأن قرارات الهدم التي تصدر إعمالاً لأحكام ذلك القانون، فإن القرارات التي تصدرها اللجان آنفة الذكر تعد من قبيل القرارات الإدارية فتخرج المنازعات بشأنها من اختصاص المحاكم العادية وينفرد مجلس الدولة بنظرها، ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه إذ قضى باختصاص القضاء المستعجل بنظر النزاع قد خالف قواعد الاختصاص الولائي مما يعيبه بالخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أنه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لما كانت أحكام القانون رقم 118 لسنة 1948 قد ألغيت بالقانون رقم 605 لسنة 1954 في شأن المنشآت الآيلة للسقوط، وكانت المادة السابعة من ذلك القانون الأخير وإن جاءت بحكم مماثل لنص المادة العاشرة من القانون رقم 118 لسنة 1948 الملغي، يخول لمصلحة التنظيم في حالة تهديد البناء بالانهيار العاجل القيام بإخلائه فوراً ويلزمها في هذا الحالة بإعلان ذوي الشأن بالحضور أمام المحكمة لتحكم بصفة مستعجلة بالهدم بعد سماع أقوال الخصوم وعمل المعاينات والتحقيقات التي ترى ضرورة لها، إلا أن القانون رقم 289 لسنة 1956 الذي جرى العمل به من تاريخ نشره في 5 من أغسطس سنة 1956 قد عدل نص المادة السابعة المشار إليها بحيث أصبح يجوز بمقتضاه للسلطة القائمة على أعمال التنظيم في أحوال الخطر الداهم إخلاء البناء وما جاوره من أبنية عند الضرورة من السكان بالطريق الإداري خلال مدة معينة، وخول لها في حالة تهديد البناء بالانهيار العاجل الحق في القيام بالإخلاء الفوري وجعل لها في حالة الضرورة القصوى هدم البناء بعد موافقة لجنة تؤلف برئاسة قاض وعضوية اثنين من المهندسين، وألزم المشرع بموجب هذه المادة السلطة القائمة على أعمال التنظيم بإعلان أولي الشأن للحضور أمام اللجنة التي عليها أن تصدر قرارها مسبباً خلال أسبوع من تاريخ عرض الأمر عليها بعد سماع أقوال الخصوم وإجراء ما تراه من معاينات وتحقيقات مستعجلة، وكانت المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 289 لسنة 1956 سالف الذكر قد بررت ذلك التعديل بأن "ما كانت توجبه المادة السابعة من القانون رقم 605 لسنة 1954 من صدور حكم من المحكمة لإجراء الهدم كان يصطدم بمقتضيات الضرورة الملحة التي كانت تستلزم هدم المباني التي تهدد بالانهيار في الحال ويحول دون ذلك طول إجراءات التقاضي حتى لقد كانت تسقط المباني فجأة قبل صدور الحكم مما يعرض حياة المارة للخطر ويعيق سير المواصلات وأنه رؤى لذلك تخويل السلطة القائمة على أعمال التنظيم في حالة الضرورة القصوى حق هدم المباني التي تهدد بالانهيار العاجل بعد موافقة اللجنة المشار إليها" فإن مفاد ذلك أن القانون رقم 289 لسنة 1956 المنطبق على واقعة الدعوى قد ألغى كل اختصاص للقضاء المستعجل بنظر قرارات الهدم في أحوال الخطر الداهم وناط ذلك باللجنة سالفة البيان والمشار إليها في المادة السابعة منه. لما كان ذلك وكان الثابت أن قرار الهدم المطروح هو مما ينطبق عليه نص المادة السابعة من القانون رقم 605 لسنة 1954 معدلة بالقانون رقم 289 لسنة 1956 وأن اللجنة المشكلة طبقاً لتلك المادة قد استبانت بعد إجراء المعاينة خطورة حالة المبنى التي تهدد بالانهيار العاجل وأنها لذلك السبب أيدت قرار الهدم الصادر من مهندس التنظيم الذي سبق للجنة المشكلة وفق المادة الثانية من ذات القانون أن وافقت عليه، وكان إتباع الإجراءات على هذا النحو طبقاً للأوضاع التي رسمها القانون لا يقيم اختصاصاً للقضاء العادي، وبالتالي للقضاء المستعجل بنظر المنازعات التي تثور في شأن قرار الهدم الذي أصدرته اللجنة المشار إليها، وإذ خالف الحكم المطعون فيه الصادر في 14/ 3/ 1966 هذا النظر وقضى برفض الدفع بعدم الاختصاص الولائي، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن الحكمين المطعون فيهما قد صدرا من محكمة ابتدائية بهيئة استئنافية إلا أنه وقد صدر أولهما في مسألة اختصاص متعلق بولاية المحاكم وأخطأ في التطبيق القانوني، وكان الحكم الثاني مترتباً عليه فإن الطعن في الحكمين بالنقض يكون جائزاً عملاً بالمادة 2 من القانون رقم 57 لسنة 1959.
وحيث إنه لما تقدم يتعين نقض الحكمين المطعون فيهما والحكم في الاستئناف رقم 401 مستعجل القاهرة بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم اختصاص جهة القضاء العادي بنظر الدعوى وبإحالتها إلى مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري.

الطعن 3099 لسنة 33 ق جلسة 6 / 7 / 1991 إدارية عليا مكتب فني 36 ج 2 ق 156 ص 1544

جلسة 6 من يوليو سنة 1991

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد حامد الجمل - رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ محمود عبد المنعم موافي وإسماعيل عبد الحميد إبراهيم ومحمود صفوت عثمان وأحمد شمس الدين خفاجي - نواب رئيس مجلس الدولة.

--------------------

(156)

الطعن رقم 3099 لسنة 33 القضائية

(أ) اختصاص - اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري - ما يدخل في اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري - المنازعات الإدارية - المنازعة في قرار ربط ضريبة على الأطيان الزراعية.
ربط الضريبة على الأطيان الزراعية يكون بإجراء تتولى بمقتضاه جهة الإدارة تنفيذ أحكام القانون دون أن تكون لها سلطة تقديرية في تحديد وعاء الضريبة وسعرها وشخص الخاضع لها - الفصل في مدى سلامة تطبيق جهة الإدارة للقانون على الحالات الفردية يعتبر فصلاً في منازعة إدارية تدخل في اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري - لم ينظم المشرع طريقاً قضائياً خاصاً للطعن على أي قرار يتعلق بمنازعات الضريبة على العقارات المبنية وضرائب الأطيان الزراعية والرسوم الجمركية والضرائب والرسوم ذات الطابع المحلي - لا سند من الدستور أو قانون مجلس الدولة أو قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972 للقول باختصاص القضاء العادي بهذه المنازعات دون القضاء الإداري - تطبيق.
(ب) ضريبة - ضريبة الأطيان الزراعية - منازعات الضريبة على الأطيان الزراعية - تظلم اختياري.
القانون رقم 51 لسنة 1973 بتقرير بعض الإعفاءات لصغار الملاك من ضريبة الأطيان الزراعية والضرائب والرسوم الإضافية الملحقة.
لم يشترط المشرع التظلم الوجوبي قبل رفع الدعوى - لفظ "التظلم" الوارد بالمادة (6) من القرار الوزاري رقم 163 لسنة 1974 بتحديد قواعد تطبيق الإعفاءات لصغار الملاك - ينصرف إلى التظلم الجوازي الذي لا يحول دون لجوء صاحب الشأن إلى القاضي الإداري مباشرة - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم السبت الموافق 11 من يوليو سنة 1987 أودعت هيئة قضايا الدولة - نائبة عن وزير المالية بصفته - قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية بجلسة 21 من مايو سنة 1987 في الدعوى رقم 999 لسنة 36 القضائية المقامة من (.....) ضد وزير المالية وآخرين، والقاضي بقبول الدعوى شكلاً وبإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام جهة الإدارة - بالمصروفات.
وطلب الطاعن للأسباب الموضحة بتقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم برفض الدعوى مع إلزام المطعون ضده بالمصروفات.
وقد أعلن تقرير الطعن إلى المطعون ضده على الوجه المبين بالأوراق.
وقدم السيد الأستاذ المستشار/ محمد متولي صبحي مفوض الدولة تقرير هيئة مفوضي الدولة الذي ارتأت فيه للأسباب التي أوردتها في هذا التقرير الحكم بقبول الطعن شكلاً، وبرفضه موضوعاً.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة أول عام 1990 فتداولت نظره بالجلسات على النحو المبين بمحاضرها، وبجلسة التاسع من يوليو سنة 1990 قررت - الدائرة إحالة الطعن إلى هذه المحكمة، وعينت لنظره أمامها جلسة 28 من يوليو سنة 1990 وبجلسة الثاني من مارس سنة 1991 قررت المحكمة إصدار الحكم في الطعن بجلسة السادس من إبريل سنة 1991 حيث تقرر مد الأجل للنطق بالحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة والمداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية، فهو مقبول شكلاً.
ومن حيث إن عناصر المنازعة الراهنة تتحصل حسبما يبين من الأوراق في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 18 لسنة 1982 بتاريخ 13/ 1/ 1982 أمام محكمة أبو حمص الجزئية طالباً الحكم ببراءة ذمته من مبلغ 130 جنيهاً وإلزام المدعى عليه بالمصروفات على سند من القول بأنه ورث عن والده مساحة 16 ط، 12 ف أدى عنها لمأمورية ضرائب أبو حمص مبلغ (40) جنيهاً وأصبحت ذمته بريئة من أية مطلوبات، إلا أنه فوجئ بصراف الناحية يطالبه بمبلغ 130 جنيهاً رغم براءة ذمته.
وبجلسة 7/ 4/ 1982 حكمت محكمة أبو حمص بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى وأمرت بإحالتها بحالتها إلى محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية، حيث قيدت بجدولها العام تحت رقم 999 لسنة 36 القضائية، وعدل المدعي طلباته بأن قرر أنه يطعن بالإلغاء على القرار الصادر بربط الضريبة على الأطيان الزراعية التي يمتلكها، وقررت جهة الإدارة أن المساحة المكلفة باسمه هي (2 س، 2 ط، 1 ف).
وبجلسة 21/ 5/ 1987 قضت المحكمة المذكورة بقبول الدعوى شكلاً وبإلغاء القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار.
وأقامت المحكمة قضاءها على أن المادة الأولى من القانون رقم 51 لسنة 1973 بتقرير بعض الإعفاءات لصغار الملاك من ضريبة الأطيان الزراعية والضرائب والرسوم الإضافية الملحقة فإنه يعفى من ضريبة الأطيان الزراعية والضرائب الإضافية الملحقة بها كل مالك لا تجاوز ملكيته من الأطيان الزراعية في كافة أنحاء الجمهورية ثلاثة أفدنة، وأن الثابت من الأوراق أن الأطيان الزراعية المكلفة باسم المدعي مساحتها 2 س، 2 ط، 1 ف ولم تثبت ملكيته أو حيازته لأكثر منها، كما أنها ليست منزرعة حدائق مثمرة، وبالتالي فقد تحقق في شأنه مناط الإعفاء من ضريبة الأطيان الزراعية والضرائب الإضافية.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل أن الحكم المطعون فيه صدر معيباً ومخالفاً للقانون من ناحيتين الأولى: أن الحكم قد قضى بإلغاء القرار الإداري المطعون فيه في حين أنه ليس هناك من قرار إداري مطعون عليه.
الثانية: إن الحكم قد قضى بقبول الدعوى رغم عدم سابقة التظلم من القرار المطعون فيه أمام مجلس المراجعة وهو ما كان ينبغي معه القضاء بعدم قبول الدعوى لعدم سابقة التظلم.
ومن حيث إن طلبات المدعي الختامية في الدعوى الصادر فيها الحكم المطعون فيه كانت هي الحكم بإلغاء القرار الصادر بربط الضريبة على الأطيان الزراعية على الأرض التي اختص بها مع ما يترتب على ذلك من آثار.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قضى بإلغاء هذا القرار.
ومن حيث إن أول ما ينعيه الطاعن على هذا الحكم أنه تجاهل أنه ليس هناك قرار إداري بالمعنى المفهوم حتى يجوز الطعن عليه.
ومن حيث إنه إذا كان محل المنازعة الصادر فيها الحكم المطعون فيه هو مدى صحة قرار ربط ضريبة على الأطيان الزراعية المملوكة للطاعن.
ومن حيث إنه وإن كان ربط الضريبة على الأطيان الزراعية ينبغي أنه يكون بموجب إجراء تتولى بمقتضاه جهة الإدارة تنفيذ أحكام القانون دون أن تكون لها سلطة تقديرية وبصفة خاصة في تحديد أركان هذه الضريبة متمثلة في تحديد شخص الخاضع ووعاء الضريبة وسعرها في هذا المجال إلا أن الفصل في مدى سلامة تطبيق جهة الإدارة للقانون على الحالات الفردية لا شك يعتبر فصلاً في منازعة إدارية مما يختص بنظره مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري وفقاً لحكم المادة (172) من الدستور ولأحكام القانون المنظمة لمجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972.
ومن حيث إن هذه المحكمة مستقرة على أن النص في الفقرة سادساً من المادة (10) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقرار بقانون رقم 47 لسنة 1972 الذي يقرر ولاية محاكم مجلس الدولة بنظر الطعون في القرارات النهائية الصادرة في منازعات الضرائب والرسوم رهين بصدور القانون الذي ينظم نظر هذه المنازعات، غير مانع من اختصاص تلك المحاكم سواء بالفصل في منازعات الضرائب والرسوم التي هي بطبيعتها منازعات إدارية وذلك إذا كان لم ينظم لها المشرع طريقاً قضائياً خاصاً للطعن بالفصل قضائياً في الطعن على أي قرار يتعلق بهذه المنازعات، ومنها منازعات الضريبة على العقارات المبنية وضرائب الأطيان الزراعية والرسوم الجمركية والضرائب والرسوم ذات الطابع المحلي ولا سند من الدستور والقانون سواء قانون مجلس الدولة أو قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972 للقول باختصاص القضاء العادي بهذه المنازعات دون القضاء الإداري.
ومن حيث إن المنازعة الماثلة إنما هي إحدى منازعات الضرائب حيث يدور النزاع بين طرفيها حول مدى صحة فرض ضريبة على الأطيان الزراعية المملوكة للمدعي والحائز لها وما إذا كان يحق له أن يتمتع بالإعفاء المقرر بالقانون رقم 51 لسنة 1973 بشأن تقرير بعض الإعفاءات لصغار الملاك من ضريبة الأطيان الزراعية والضرائب والرسوم الإضافية الملحقة بها وكذلك من ضريبتي الدفاع والأمن القومي، ومن حيث إن هذه المنازعة بحسب موضوعها والهدف منها والقواعد القانونية التي تنطبق عليها لا شك في أنها تندرج بين المنازعات الإدارية التي تختص محاكم مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري دون غيرها بنظرها والفصل فيها ومن ثم يغدو الوجه الأول من وجهي الطعن على الحكم المطعون فيه دون سند من القانون.
ومن حيث إن الوجه الثاني للطعن ما ينعيه الطاعن على الحكم سالف الذكر أنه قد قضى بقبول الدعوى رغم عدم سابقة التظلم من القرار المطعون فيه أمام مجلس المراجعة.
ومن حيث إن القانون رقم 51 لسنة 1973 المشار إليه قد صدر في المادة الأولى منه نطاق ومجال الإعفاء من ضريبة الأطيان الزراعية والضرائب الإضافية الملحقة بها وضريبتي الدفاع والأمن القومي، وقد عدل المشرع نطاق هذا الإعفاء بالمادة الرابعة من القانون رقم 2 لسنة 1977.
ومن حيث إن هذا القانون قد نص في المادة الثانية منه على أن يحدد وزير المالية والاقتصاد والتجارة الخارجية بالاتفاق مع وزيري العدل والزراعة قواعد تطبيق الإعفاءات وإجراءات إثبات الملكية والحيازة في مجال هذا القانون وكذلك طريقة مراجعتها وكيفية التظلم منها والمواعيد المحددة لإجراء ذلك.
ومن حيث إن ذات القانون قد نص في المادة الرابعة منه على أنه على كل ممول يمتلك أو يحوز ثلاثة أفدنة فأقل في جهة واحدة أو أكثر ولا تكون ملكيته أو حيازته منزرعة كلها حدائق مثمرة ولا يكون له دخل من أي مصدر آخر خلاف النشاط الزراعي أن يقدم إلى مأمورية الضرائب العقارية المختصة إخطاراً بذلك خلال شهرين من تاريخ نشر القانون ويلتزم كل مالك أو حائز بتقديم هذا الإخطار في ديسمبر من كل عام كلما طرأ على ملكيته أو حيازته أو مصادر دخله تغييرات يترتب عليها عدم تمتعه بالإعفاء وقد عدل القانون رقم (2) لسنة 1977 نطاق هذا الإعفاء بأن جعل المساحة المعفاة من الأطيان الزراعية ثلاثة أفدنة فأقل مملوكة لصاحبها ولو كانت منزرعة حدائق مثمرة أو لمالكها دخل ثانوي آخر غير الزراعة، ولكن أبقى على قواعد الإعفاء في حالة الحيازة.
ومن حيث إنه قد صدر القرار الوزاري رقم 163 لسنة 1974 بتحديد قواعد تطبيق الإعفاءات لصغار الملاك من ضريبة الأطيان والضرائب والرسوم الإضافية المقررة بالقانون رقم 51 لسنة 1973 وإجراءات إثبات الملكية والحيازة في مجال هذه الإعفاءات، ونص في المادة الرابعة على أن تقدم الإخطارات المنصوص عليها في المادة (4) من القانون رقم 51 لسنة 1973 - المشار إليه إلى مأموريات الضرائب العقارية ثم صدر ما يجب أن تشتمل عليه تلك الإخطارات - وطريقة إثباتها في دفاتر مأمورية الضرائب العقارية، ثم نص في المادة (5) على تشكيل لجنة في كل قرية تختص بالنظر في الطلبات والإخطارات التي تقدم إليها بشأن إثبات الملكية والحيازة الزراعية ونص على أن تجتمع في موعد أقصاه خمسة عشر يوماً من انتهاء مواعيد تقديم الإخطارات المنصوص عليها في القانون رقم 51 لسنة 1973 المشار إليه ثم بين طريقة اجتماعها وطريقة التصويت، ونص على أن تقوم اللجنة بإخطار صاحب الشأن ومأمورية الضرائب العقارية بصورة من قراراتها في موعد أقصاه أسبوع من تاريخ صدورها بكتاب مسجل بعلم الوصول، كما نص في الفقرة الأخيرة على أن للجنة من تلقاء نفسها أن تنظر في الحالات المخالفة لأحكام القانون.
ومن حيث إن المادة (6) قد تضمنت النص على أن "لكل مالك أو حائز وكذا لمأمورية الضرائب العقارية، التظلم من قرارات اللجنة المشار إليها في المادة السابقة في موعد أقصاه شهر من تاريخ الإخطار بتلك القرارات بكتاب مسجل بعلم الوصول".
ومن حيث إن هذا النص الأخير هو سند الطاعن في النعي على الحكم الطعين من مخالفته للقانون لقبوله الدعوى رغم عدم سابقة التظلم وفقاً لهذا النص.
ومن حيث إنه قد جرى قضاء هذه المحكمة على أن المشرع الدستوري قد أقام نظام الحكم في الدستور الحالي على عدة مقومات أساسية من أهمها مبدأ سيادة القانون وخضوع الدولة بجميع سلطاتها لهذا المبدأ الذي أفرد له الباب الرابع منه تحت عنوان سيادة القانون وقرره صراحة في المادة (64) منه التي نصت على أن "سيادة القانون أساس الحكم في الدولة" كما نصت في المادة (65) على أن تخضع الدولة للقانون، وهذا المبدأ الرئيسي لا يمكن أن يتحقق إلا لو تقرر دستورياً في ذات الوقت مجموعة من المبادئ والأسس الدستورية التي تكفل نفاذ سيادة القانون وعلو الإرادة الشعبية المشرعة على كل إرادة في الدولة، ومن ذلك أن - التقاضي حق مصون ومكفول للناس كافة ولكل مواطن حق الالتجاء إلى قاضيه الطبيعي "ويحظر النص في القوانين على تحصين أي عمل أو قرار إداري من رقابة القضاء" كذلك فإنه لا يمكن أن تتحقق سيادة القانون وخضوع الدولة لها إلا بتنظيم الرقابة القضائية على قرارات الدولة وتصرفاتها متمثلة في رقابة الإلغاء التي تكفل إزالة كل قرار أو تصرف مخالف للقانون وكل أثر له بمعرفة هيئة قضائية مستقلة هي مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري وهذا بالفعل ما قرره الدستور في المادة (172) منه وأن الأصل في نظام سيادة القانون أن تكفل المشروعية الدستورية والقانونية فيكون للمتضرر من أي قرار أو إجراء إداري أن يلجأ إلى القاضي الإداري مباشرة دون تقييد ذلك بسبق اتخاذ إجراء معين، فإن الأصل أن يكون التظلم اختيارياً للتقاضي، إذا شاء سلك سبيله قبل إقامة دعواه، وإذا شاء نحاه ولجأ إلى قاضيه مباشرة دون سبق ذلك بسلوكه سبيل التظلم، فإن مؤدى ذلك أن التظلم الوجوبي لا يتقرر إلا على سبيل الاستثناء، وحيث يرى المشرع في ذلك مصلحة عامة، ومن ثم لا يتقرر بغير نص صريح يقرر وجوب التظلم ويحظر بقبول الدعوى قبل تقديمه وانتظار مواعيد الفصل فيه من الجهة الإدارية.
ومن حيث إن هذا الوجه من أوجه الطعن على الحكم المطعون فيه قد قام على الخلط بين نوعين من التظلم في مجال القانون الإداري، أولهما التظلم الوجوبي، الذي يفرض المشرع على المتضرر من القرار أو الإجراء الإداري تقديمه إلى جهة الإدارة قبل إقامة دعواه كإجراء شكلي جوهري ينبغي مراعاة اتخاذه قبل ولوج طريق الدعوى القضائية، ويترتب على عدم تقديمه قبل إقامة الدعوى وجوب الحكم بعدم قبولها شكلاً لعدم سابقة التظلم إلى الجهة الإدارية التي حددها القانون وثانيهما التظلم الجوازي أو الاختياري، وهو الذي ترك الشارع لذوي الشأن تقدير مدى تحقيق هذا التظلم لغايته من الطعن على قرار إداري قبل إقامة دعواه أمام المحكمة المختصة بمجلس الدولة، وهذا النوع من التظلمات مرده ومرجعه إلى تقدير المتظلم حيث يتقدم به اختياراً إلى الجهة الإدارية المختصة إذا ما قرر أن يلجأ إليه قبل ولوج سبيل الدعوى القضائية أي إذا وجد أن له مصلحة تحقق غاياته من تعديل أو إلغاء القرار الإداري بواسطة هذا الأسلوب من التظلم الاختياري لمصدر القرار أو إلى السلطة الرئاسية المختصة قبل انقضاء مواعيد الطعن القضائي بالإلغاء في ذات القرار المتظلم فيه وهذا التظلم الاختياري يرتب قانوناً ذات أثر التظلم الوجوبي فيما يتعلق بقطع الميعاد المحدد قانوناً لإقامة الدعوى القضائية إلا أن هذا التظلم الاختياري لا يترتب على عدم تقديمه عدم قبول الدعوى القضائية ومعنى ذلك أن كلاً من التظلم الوجوبي والتظلم الاختياري يشترك مع الآخر في الأثر الإيجابي أي أثر قطع الميعاد المقرر لرفع الدعوى، ولكنهما لا يشتركان في الأثر السلبي (أي ترتيب عدم قبول الدعوى على عدم تقديم التظلم) ذلك أن الأثر السلبي المشار إليه إنما يترتب على عدم تقديم التظلم الوجوبي دون عدم تقديم التظلم الجوازي أو الاختياري.
ومن حيث إن النص الذي يستند إليه الطاعن فيما ذهب إليه من حتمية التظلم الوجوبي بقبول دعوى المطعون ضده إنما تجرى عباراته بأنه "شكل مالك أو حائز.... التظلم...." الأمر الذي يفيد صراحة أنه من قبيل التظلم الجوازي الذي لا يحول دون حق صاحب الشأن في أن يلجأ مباشرة إلى قاضيه الطبيعي وهو في هذا المجال القاضي الإداري المختص - ليطرح عليه النزاع الإداري المثار ويطلب تطبيق صحيح حكم القانون.
ومن حيث إنه بناء على ما سلف بيانه من أسباب فإن حكم محكمة القضاء الإداري المطعون فيه يكون قد أصاب صحيح حكم القانون فيما انتهى إليه من القضاء بقبول الدعوى الصادر فيها هذا الحكم، ومن ثم يكون هذا الطعن على غير سند من القانون خليقاً بالرفض.
ومن حيث إن من يخسر الدعوى يلزم بمصروفاتها عملاً بحكم المادة (184) من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعاً، وألزمت الجهة الإدارية الطاعنة بالمصروفات.

الطعن 34 لسنة 28 ق جلسة 28 / 3 / 1963 مكتب فني 14 ج 1 ق 63 ص 409

جلسة 28 من مارس سنة 1963

برياسة السيد المستشار/ الحسيني العوضي، وبحضور السادة المستشارين: محمود توفيق إسماعيل، ولطفي علي، ومحمد ممتاز نصار، وحافظ محمد بدوي.

--------------

(63)
الطعن رقم 34 لسنة 28 القضائية

وقف "إثبات الوقف". دعوى. "عدم سماع الدعوى". حكم "عيوب التدليل". قصور "ما يعد كذلك".
لا يشترط - في الشريعة الإسلامية - التوثيق لإنشاء الوقف ولا يمنع سماع الدعوى إذا لم يكن مكتوباً. جواز إثبات الوقف - في الشريعة الإسلامية بكافة الأدلة المقبولة شكلاً. في لائحة المحاكم الشرعية يمتنع سماع الدعوى عند الإنكار ما لم يوجد إشهاد بالوقف ممن يملكه محرر على يد حاكم شرعي أو مأذون من قبله وبشرط قيده بدفاتر إحدى المحاكم الشرعية. إثبات الوقف بغير إشهاد أصبح غير مقبول عند الإنكار ما لم يثبت أنه سابق على العمل باللائحة المذكورة.

-----------------
لا تشترط الشريعة الإسلامية التوثيق لإنشاء الوقف ولا تمنع سماع الدعوى إذا لم يكن مكتوباً، ولذلك فقد كان من الحائز إثبات الوقف بكافة الأدلة المقبولة شرعاً حتى صدرت لائحة المحاكم الشرعية التي منعت سماع دعوى الوقف عند الإنكار ما لم يوجد إشهاد بالوقف ممن يملكه محرر على يد حاكم شرعي بالقطر المصري أو مأذون من قبله وبشرط أن يكون مقيداً بدفاتر إحدى المحاكم الشرعية ومن ثم فإثبات الوقف بغير إشهاد عليه لا يكون مقبولاً عند الإنكار ما لم يتبين أنه موجود من قبل العمل بلائحة المحاكم الشرعية. وإذ كان الحكم المطعون فيه قد أجاز إثبات الوقف رغم الإنكار بغير طريق الإشهاد الشرعي استناداً إلى أنه أنشئ في تاريخ سابق على العمل باللائحة المذكورة وكان الحكم قد خلا من بيان ما يدل على أن الوقف قد أنشئ في وقت سابق على العمل بهذه اللائحة ولم يفصح عن المصدر الذي استقى منه هذه الواقعة فإنه يكون معيباً بالقصور بما يستوجب نقضه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن وزارة الأوقاف بوصفها ناظراً على وقف الحرمين (المطعون عليها) أقامت على الطاعنين الدعوى رقم 2823 سنة 1943 أمام محكمة القاهرة الابتدائية وطلبت بها الحكم بتثبيت ملكية الوقف إلى قطعة أرض مساحتها 4067 متراً و20 س شائعة في قطعة تبلغ مساحتها ضعف هذا القدر ومبينة بصحيفة الدعوى. وذكرت في بيان دعواها أن جملة العين ملك لجهة الوقف وكانت قد حكرت إلى مورث الطاعنين وأخيه حسين علي العدوى مناصفة بينهما وفي 4 ديسمبر سنة 1900 أوقف حسين علي العدوى حصته شائعة في كامل البناء القائم على أرض الحكر وأقر في إشهاد الوقف أن الأرض محتكره لجهة وقف الحرمين بأجر قدره 3 ج و534 م ثم طلب في 5 فبراير سنة 1901 استبدال ما يوازي حصته بحق النصف في الأرض القائم عليها الحكر مقرراً أن قيمة ما يخصه في أجر الحكر هو جنيه و767 مليماً بواقع النصف من الأجر الثابت بحجة وقفه وبعد أن تمت إجراءات الاستبدال أثبتت وزارة الأوقاف في جرائد الأحكار أن وقف الحرمين يملك قطعة أرض محكرة لمورث الطاعنين وقد استبدل نصفها وأصبح أجر الحكر جنيه و767 مليماً في السنة، وذكرت وزارة الأوقاف أن مورث الطاعنين قد سدد هذا الأجر من سنة 1917 إلى سنة 1930 بموجب قسائم التوريد الدالة على ذلك، ثم امتنع الطاعنون عن سداد أجر الحكر ونازعوا الوزارة في ملكية الوقف للأرض المحكرة فأقامت عليهم هذه الدعوى بطلباتها السالف ذكرها. ودفع الطاعنون الدعوى بأنهم مورثهم من قبلهم يملكون قطعة الأرض المذكورة بموجب عقود مسجلة وبوضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية وبأن وزارة الأوقاف لم تقدم إشهاد الوقف المثبت لدعواها وأن إقرار حسين علي العدوى الذي يتضمنه إشهاد وقفه حجة قاصرة عليه كما أن جرائد الأحكام وقسائم التوريد مستندات من صنع وزارة الأوقاف ولا يحتج بها على الطاعنين، وفي 30 نوفمبر سنة 1954 قضت المحكمة برفض الدعوى، واستأنفت وزارة الأوقاف هذا الحكم إلى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 192 سنة 72 ق ونعت على الحكم المستأنف أنه أهدر مستنداتها المثبتة ملكية الوقف للعين محل النزاع واستلزم لإثبات ذلك تقديم الإشهاد الشرعي بوقف العين، مع أن ذلك الوقف هو من الأوقاف المندثرة التي أنشئت قبل العمل بلائحة ترتيب المحاكم الشرعية في سنة 1897 ومن ثم يجوز إثباته بالبينة أو بالشهرة أو التسامح، وفي 17/ 2/ 1957 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وتثبيت ملكية وزارة الأوقاف بصفتها ناظراً على وقف الحرمين لقطعة الأرض محل النزاع. وقرر الطاعنون بالطعن في هذا الحكم بطريق النقض وبعد استيفاء الإجراءات قدمت النيابة مذكرة برأيها طلبت فيها نقض الحكم المطعون فيه وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 13 يناير سنة 1962 وفيها صممت النيابة على رأيها السابق وقررت دائرة الفحص إحالة الطعن إلى هذه الدائرة وحدد لنظره أمامها جلسة 14 مارس سنة 1962 وفيها صممت النيابة على طلب نقض الحكم.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب، ذلك أنهم أنكروا دعوى الوقف لدى محكمة الموضوع وتمسكوا بأن الوقف لا يجوز إثباته إلا بإشهاد شرعي. وقد رد الحكم المطعون فيه على دفاعهم بأن ذلك الوقف يجوز إثباته بكافة طرق الإثبات ومنها البينة والقرائن ما دام أنه كان موجوداً قبل العمل بلائحة ترتيب المحاكم الشرعية الصادرة في 27 مايو سنة 1897 التي استلزمت لإثبات الوقف تحرير إشهاد شرعي به. مع أن جميع المستندات التي دلل بها الحكم على ثبوت ملكية الوقف إلى العين محل النزاع محررة في تواريخ لاحقة لوقت العمل باللائحة المذكورة ولم يكشف الحكم عن المصدر الذي استقى منه سبق إنشاء الوقف على وقت العمل بتلك اللائحة.
وحيث إن هذا النعي صحيح ذلك أن الحكم المطعون فيه قد رد على دفاع الطاعنين بعدم جواز إثبات الوقف دون إشهاد عليه بقوله "إنه قبل العمل بلائحة ترتيب المحاكم الشرعية في 27/ 5/ 1897 لم يكن القانون يستلزم لإثبات صحة الوقف تحرير إشهاد شرعي به بل كان الوقف يثبت بحجة عرفية أو بالبينة فضياع حجة الوقف من المدعية لا يحول دون إثبات وجود الوقف بكافة طرق الإثبات التي كان معمولاً بها قبل العمل بلائحة ترتيب المحاكم الشرعية ومنها البينة والقرائن "ولما كانت الشريعة الإسلامية لا تشترط الوثيق لإنشاء الوقف ولا تمنع سماع الدعوى به إذا لم يكن مكتوباً ولذلك فقد كان من الحائز إثبات الوقف بكافة الأدلة المقبولة شرعاً إلى أن صدرت لائحة المحاكم الشرعية في 27 مايو سنة 1897 فمنعت سماع دعوى الوقف عند الإنكار ما لم يوجد إشهاد الوقف ممن يملكه محرر على يد حاكم شرعي بالقطر المصري أو مأذون من قبله وبشرط أن يكون الوقف مقيداً بدفاتر إحدى المحاكم الشرعية ومن ثم فإن إثبات الوقف بغير إشهاد عليه لا يكون مقبولاً عند الإنكار ما لم يتبين أنه كان موجوداً قبل العمل بلائحة المحاكم الشرعية السالف ذكرها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أجاز إثبات الوقف - رغم إنكاره من الطاعنين - بغير طريق الإشهاد الشرعي استناداً إلى أن هذا الوقف أنشئ في طريق سابق على وقت العمل بلائحة ترتيب المحاكم الشرعية الصادرة في سنة في سنة 1897 وكان الحكم خلوا من بيان ما يدل على أن الوقف أنشئ في وقت سابق على العمل باللائحة المذكورة كما أن الحكم لم يفصح عن المصدر الذي استقى منه هذه الواقعة فإنه يكون معيباً بالقصور بما يستوجب نقضه لهذا السبب وبغير حاجة لبحث باقي الأسباب.

الطعن 305 لسنة 36 ق جلسة 16 / 2 / 1971 مكتب فني 22 ج 1 ق 32 ص 188

جلسة 16 من فبراير سنة 1971

برئاسة السيد المستشار الدكتور عبد السلام بلبع رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: بطرس زغلول، وأحمد حسن هيكل، وعباس حلمي عبد الجواد، وإبراهيم علام.

-----------------

(32)
الطعن رقم 305 لسنة 36 القضائية

(أ) إصلاح زراعي. "الاستيلاء". "عدم الاعتداد بتصرفات المالك". بيع.
عدم ثبوت تاريخ البيع قبل صدور قانون الإصلاح الزراعي. أثره. اعتبار المتصرف فيه باقياً على ملك البائع فيما يختص بتطبيق أحكام الاستيلاء.
(ب) بيع. "انفساخ العقد". عقد. التزام. "تحمل تبعة الاستحالة" إصلاح زراعي.
انفساخ عقد البيع من تلقاء نفسه استحالة تنفيذ التزام أحد المتعاقدين لسبب أجنبي. عودة المتعاقدين إلى الحالة التي كانا عليها قبل العقد. تبعة الاستحالة على المدين بالالتزام عملاً بمبدأ تحمل التبعة في العقد الملزم للجانبين. استيلاء الإصلاح الزراعي على العين المبيعة لدى البائع. سبب أجنبي لا يعفي البائع من رد الثمن.
(ج) بيع. "هلاك المبيع". إصلاح زراعي.
الهلاك - في حكم المادة 437 مدني - هو زوال الشيء المبيع من الوجود بمقوماته الطبيعية. استيلاء الإصلاح الزراعي على الأطيان المبيعة لا يعد هلاكاً.

---------------
1 - من المقرر في قضاء هذه المحكمة (1) - أن الإصلاح الزراعي إنما يستمد حقه في الاستيلاء على ما يزيد عن القدر المسموح بتملكه قانوناً من البائع نفسه إذا كان البيع غير ثابت التاريخ قبل صدور قانون الإصلاح الزراعي، وذلك على أساس أن البائع هو الذي زادت ملكيته وقت العمل بقانون الإصلاح الزراعي عن هذا القدر، وأن الاستيلاء الذي قامت به جهة الإصلاح الزراعي إنما يستهدف البائع للحد من ملكيته الزائدة عن الحد المسموح بتملكه قانونا.
2 - عقد البيع - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة (2) - ينفسخ حتماً من تلقاء نفسه طبقاً للمادة 159 من القانون المدني بسبب استحالة تنفيذ التزام أحد المتعاقدين بسبب أجنبي، ويترتب على الانفساخ ما يترتب على الفسخ من عودة المتعاقدين إلى الحالة التي كانا عليها قبل العقد، ويتحمل تبعة الاستحالة في هذه الحالة المدين بالالتزام الذي استحال تنفيذه، عملاً بمبدأ تحمل التبعة في العقد الملزم للجانبين. فإذا أثبت الحكم المطعون فيه أن التزام مورث الطاعنين بنقل ملكية العقار المبيع للمطعون عليه قد صار مستحيلاً بسبب استيلاء الإصلاح الزراعي عليه تنفيذاً لحكم القانون رقم 127 لسنة 1961 بتعديل بعض أحكام قانون الإصلاح الزراعي، فإنه يكون بذلك قد أثبت أن استحالة تنفيذ هذا الالتزام ترجع إلى سبب أجنبي. وإذ كان وقوع الاستحالة لهذا السبب الأجنبي لا يعفي البائع مورث الطاعنين من رد الثمن الذي قبضه من المطعون عليه، بل إن هذا الثمن واجب رده في جميع الأحوال التي يفسخ فيها العقد أو ينفسخ بحكم القانون، وذلك بالتطبيق لحكم المادة 160 من القانون المدني، ويقع الغرم على مورث الطاعنين نتيجة تحمله التبعة في انقضاء التزامه الذي استحال عليه تنفيذه، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أصاب صحيح القانون إذ قضى بالتزام الطاعنين برد الثمن الذي قبضه مورثهم من المطعون عليه، ويكون غير منتج دفاع الطاعنين بعدم وقوع خطأ من مورثهم، وبإهمال المطعون عليه في تسجيل العقد أو إثبات تاريخه.
3 - من المقرر - في قضاء هذه المحكمة (1) - أن الهلاك المنصوص عليه في المادة 437 من القانون المدني هو زوال الشيء المبيع من الوجود بمقوماته الطبيعية، ولا يعد استيلاء الإصلاح الزارعي على الأطيان المبيعة بعد البيع هلاكاً لها تجري عليه أحكام الهلاك في البيع.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليه أقام على الطاعنين الدعوى رقم 1095 سنة 1964 مدني كلي الجيزة وطلب الحكم بإلزامهم بأن يدفعوا له من تركة مورثهم المرحوم جميل محمد محرز مبلغ 1000 جنيه، وقال بياناً لدعواه أن مورث الطاعنين باعه بمقتضى العقد الابتدائي المؤرخ 28/ 12/ 1960 مساحة قدرها 11 فداناً بناحية برية حوش عيسى مقابل ثمن قدره 1760 جنيهاً قبض البائع منه مبلغ 1000 جنيه واتفق على دفع الباقي في آخر نوفمبر سنة 1961، وقبل حلول هذا الميعاد صدر القانون رقم 127 سنة 1961 في 25/ 7/ 1961 بتعديل بعض أحكام قانون الإصلاح الزراعي وحدد الملكية الزراعية للفرد بما لا يزيد عن مائة فدان على أن تستولي الحكومة على ملكية ما يجاوز الحد الأقصى الذي يستبقيه المالك لنفسه وبعدم الاعتداد بتصرفات المالك ما لم تكن ثابتة التاريخ قبل العمل بالقانون سالف البيان، وقد قامت جهة الإصلاح الزراعي بالاستيلاء على القدر المبيع للمطعون عليه، واعترض مورث الطاعنين على هذا الاستيلاء أمام اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي وتدخل المطعون عليه في هذا الاعتراض طالباً الاعتداد بعقده وإلغاء قرار الاستيلاء، غير أنه قضى في 9/ 5/ 1964 برفض الاعتراض وعدم الاعتداد بالعقد، وإذ كان مؤدى قضاء هذه اللجنة أن أصبح تنفيذ العقد مستحيلاً من جانب مورث الطاعنين بالاستيلاء على القدر المبيع، فقد أقام دعواه بطلباته سالفة البيان. وقدم الطاعنون طلباً عارضاً بإلزام المطعون عليه بأن يؤدي لهم باقي الثمن وقدره 760 جنيهاً. وبتاريخ 13/ 5/ 1965 قضت المحكمة بإلزام الطاعنين بأن يدفعوا للمطعون عليه من تركة مورثهم المرحوم جميل محمد محرز مبلغ 1000 جنيه وبفسخ عقد البيع المؤرخ 28/ 12/ 1961 وبرفض الطلبات العارضة، استأنف الطاعنون هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة وقيد الاستئناف برقم 1132 سنة 82 ق، وبتاريخ 26 إبريل سنة 1966 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. قرر الطاعنون بالطعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وبالجلسة المحددة لنظره التزمت النيابة رأيها السابق.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب ينعى الطاعنون بالثلاثة الأول منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقولون إن الحكم أقام قضاءه بمسئولية مورثهم عن رد ما قبضه من ثمن العقار المبيع للمطعون عليه استناداً إلى أنه لم يحتفظ بهذا القدر ضمن المائة فدان التي احتفظ بها لنفسه طبقاً للمادة الأولى من القانون رقم 127 لسنة 1961 وأنه قد ترتب على ذلك استحالة تنفيذ عقد المطعون عليه، كما استند الحكم إلى أن عدم قيام المطعون عليه بتسجيل عقد البيع وتراخيه في إثبات تاريخه لا يترتب عليهما سقوط حقه في الضمان قبل البائع وأن هذه الأخير يضمن استحقاق المبيع ولو كان ذلك نتيجة لعمل من أعمال السلطة العامة وهو استيلاء جهة الإصلاح الزراعي على العقار المبيع، هذا في حين أن من حق مورث الطاعنين طبقاً للمادة الأولى من القانون رقم 127 سنة 1961 - بتعديل بعض أحكام قانون الإصلاح الزراعي - أن يحتفظ لنفسه خاصة بملكية مائة فدان دون أن يدرج فيها القدر المبيع للمطعون عليه ولا يلتزم مورث الطاعنين برد ما قبضه من ثمن العقار المبيع نتيجة استيلاء الإصلاح الزراعي عليه، لأن التعويض الحاصل من أجنبي الذي يضمنه البائع قانوناً يجب أن يكون بسبب موجود وقت البيع كما لا يلتزم البائع بضمان التصرف الحاصل من أجنبي الذي ثبت حقه بعد البيع، إلا إذا كان سبب التعرض راجعاً لفعل البائع نفسه وبخطئه ولا يعتبر استيلاء الإصلاح الزراعي على العقار المبيع وهو عمل من أعمال السلطة العامة تعرضاً يضمنه البائع، وقد حصل الاستيلاء على العقار المبيع نتيجة لتراخي المطعون عليه في تسجيل عقد البيع أو إثبات تاريخه على الرغم من التزامه بذلك بمقتضى العقد واستلامه العقار المبيع ومستندات الملكية وتعهده بإتمام إجراءات التسجيل قبل صدور القانون رقم 127 سنة 1961، واستطرد الطاعنون إلى القول بأن الحكم قرر أن مورثهم كان يعلم بأن عقد البيع الابتدائي الصادر للمطعون عليه ليس ثابت التاريخ دون أن يقيم الحكم الدليل على صحة ما قرره، وكل هذا مما يعيبه بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الإصلاح الزراعي إنما يستمد حقه في الاستيلاء على ما يزيد عن القدر المسموح بتملكه قانوناً من البائع نفسه إذا كان البيع غير ثابت التاريخ قبل صدور قانون الإصلاح الزراعي، وذلك على أساس أن البائع هو الذي زادت ملكيته وقت العمل بقانون الإصلاح الزراعي عن هذا القدر وأن الاستيلاء الذي قامت به جهة الإصلاح الزراعي إنما يستهدف البائع للحد من ملكيته الزائدة عن الحد المسموح بتملكه قانوناً. لما كان ذلك وكان عقد البيع - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - ينفسخ حتماً ومن تلقاء نفسه طبقاً للمادة 159 من القانون المدني بسبب استحالة تنفيذ التزام أحد المتعاقدين بسبب أجنبي، ويترتب على الانفساخ ما يترتب على الفسخ من عودة المتعاقدين إلى الحالة التي كانا عليها قبل العقد، ويتحمل تبعة الاستحالة في هذه الحالة المدين بالالتزام الذي استحال تنفيذه عملاً بمبدأ تحمل التبعة في العقد الملزم للجانبين، وكان الحكم قد أثبت أن التزام مورث الطاعنين بنقل ملكية العقار المبيع للمطعون عليه قد صار مستحيلاً بسبب استيلاء الإصلاح الزراعي عليه تنفيذاً لحكم القانون رقم 127 لسنة 1961 سالف البيان، فإنه يكون بذلك قد أثبت أن استحالة تنفيذ هذا الالتزام ترجع إلى سبب أجنبي. وإذ كان وقوع الاستحالة لهذا السبب الأجنبي لا يعفي البائع مورث الطاعنين من رد الثمن الذي قبضه من المطعون عليه بل إن هذا الثمن واجب رده في جميع الأحوال التي يفسخ فيها العقد أو ينفسخ بحكم القانون وذلك بالتطبيق لحكم المادة 160 من القانون المدني ويقع الغرم على مورث الطاعنين نتيجة تحمله التبعة في انقضاء التزامه الذي استحال عليه تنفيذه، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أصاب صحيح القانون إذ قضى بإلزام الطاعنين برد الثمن الذي قبضه مورثهم من المطعون عليه، ويكون غير منتج دفاع الطاعنين بعدم وقوع خطأ من مورثهم وبإهمال المطعون عليه في تسجيل العقد أو إثبات تاريخه، كما يكون من غير المنتج ما يثيره الطاعنون من تعييبهم الحكم إذ قرر أن مورث الطاعنين كان عليه الاحتفاظ بالقدر المبيع ضمن المائة فدان التي احتفظ لنفسه بها، ويكون من غير المنتج كذلك أنه لم يقم الدليل على ما قرره من علم مورث الطاعنين بعدم ثبوت تاريخ عقد البيع الصادر للمطعون عليه، ما دام أن الحكم وعلى ما سلف البيان قد انتهى إلى نتيجة صحيحة قانوناً. لما كان ما تقدم فإن النعي برمته يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقولون إنهم تمسكوا بأنه بعد أن أصبح الاستيلاء على ما يزيد على مائة فدان يتم بغير مقابل طبقاً للقانون رقم 114 سنة 1964 فإن استيلاء جهة الإصلاح الزراعي على العقار المبيع للمطعون عليه يعتبر في حكم هلاكه هلاكاً كلياً وتقع تبعته عليه لحصول الاستيلاء بعد أن تم تسليم العقار المبيع للمطعون عليه، غير أن الحكم المطعون فيه اكتفى في الرد على هذا الدفاع بأنه لا سند له مما يعيبه بالخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الهلاك المنصوص عليه في المادة 437 من القانون المدني هو زوال الشيء المبيع من الوجود بمقوماته الطبيعية، وإذ لا يعد استيلاء الإصلاح الزراعي على الأطيان المبيعة بعد البيع هلاكاً لها تجرى عليه أحكام الهلاك في البيع، فإن ما يثيره الطاعنون لا يصادف محلاً، ويكون النعي بهذا السبب على غير أساس.


(1) نقض 1/ 2/ 1966 مجموعة المكتب الفني. السنة 17. ص 205.
(2) نقض 22/ 2/ 1968 مجموعة المكتب الفني. السنة 19. ص 345.

الطعن 480 لسنة 33 ق جلسة 6 / 7 / 1991 إدارية عليا مكتب فني 36 ج 2 ق 155 ص 1525

جلسة 6 من يوليه سنة 1991

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد حامد الجمل - رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ محمود عبد المنعم موافي وإسماعيل عبد الحميد إبراهيم ود. محمود صفوت عثمان وأحمد شمس الدين خفاجي - نواب رئيس مجلس الدولة.

------------------

(155)

الطعن رقم 480 لسنة 33 القضائية

جمارك - تهريب جمركي - مكافأة الإرشاد - حالات استحقاقها.
المادة 131 من قانون الجمارك رقم 66 لسنة 1963 المعدل بالقانون رقم 75 لسنة 1980.

ألزم المشرع جهة الإدارة المختصة توزيع المبالغ الواردة بالنص المشار إليه على جهات محددة ومن بينها المرشدون والضابطون والمعاونون في الضبط ومن ساهموا في استيفاء الإجراءات - هذا الالتزام يجد مصدره في القانون مباشرة - تستحق مكافأة الإرشاد بصدد قضية تهريب جمركي سواء أقيمت بشأنها الدعوى العمومية أو تم التصالح فيها - تطبيق.(1)، (2)، (3)


إجراءات الطعن

في يوم الخميس الموافق 8/ 1/ 1987 أودع الأستاذ الدكتور/ محمد عصفور المحامي بصفته وكيلاً عن السيد....... قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها العام تحت رقم 480 لسنة 33 ق عليا في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 27/ 4/ 1986 في الدعوى رقم 1544 لسنة 38 ق القاضي بالتالي:
أولاً: بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة بالنسبة للشركة المدعى عليها الرابعة.
ثانياً: قبول الدعوى شكلاً بالنسبة لباقي المدعى عليهم ورفضها موضوعاً وإلزام المدعي بمصروفاتها.
وطلب الطاعن استناداً إلى الأسباب الواردة بتقرير الطعن الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً بالطلبات المرفوعة بها الدعوى وهي أصلياً: إلغاء قرار المدعى عليهما الثاني والثالث بعدم الإذن برفع الدعوى العمومية ضد المدعى عليهم الرابع والخامس والسادس والتصالح معهم مقابل مبالغ تقل عن الحد المقرر بالقانون مع ما يترتب على ذلك من آثار. واحتياطياً الحكم على المدعى عليهم بصفاتهم متضامنين بمبلغ خمسة ملايين من الجنيهات تعويضاً للمدعي عما أصابه من ضرر يتمثل في حرمانه من المكافآت المقررة في القانون باعتباره مرشداً وذلك لخطأ المدعى عليهما الثاني والثالث في عدم الإذن برفع الدعوى العمومية ضد المدعى عليهم الرابع والخامس والسادس والتصالح معهم مقابل مبالغ تقل عن الحد المقرر في القانون، وأودع الأستاذ المستشار/ محمود عادل الشربيني مفوض الدولة تقرير هيئة مفوضي الدولة بعد تحضير الدعوى مسبباً بالرأي القانوني خلصت في ختامه إلى أنها ترى الحكم بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً مع إلزام الطاعن بالمصروفات، وتحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 19/ 3/ 1990 وقد نظر فيها الطعن وتدوول أمامها بالجلسات على النحو الثابت بالأوراق حتى قررت الدائرة المذكورة بجلسة 1/ 4/ 1991 إحالة الطعن إلى هذه المحكمة التي حددت لنظره جلسة 11/ 5/ 1991 وقد نظرت المحكمة الطعن وفقاً لما هو ثابت بمحضر الجلسة وقررت إصدار الحكم بجلسة اليوم 8/ 6/ 1991 وقد صدر فيها الحكم التالي وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة والمداولة.
من حيث إن الحكم المطعون فيه قد صدر بجلسة 27/ 4/ 1986 ولم يودع الطاعن تقرير الطعن فيه إلا بتاريخ 8/ 1/ 1987 أي بعد المواعيد المقررة للطاعن أمام المحكمة الإدارية العليا بعدة شهور، إلا أنه لما كان الثابت من الشهادة رقم 153 لسنة 26 ق الصادرة من هيئة مفوضي الدولة بتاريخ 11/ 4/ 1987 أن الطاعن سبق له أن تقدم خلال الميعاد المقرر للطعن على الحكم الطعين بطلب إعفاء قيد بسجلات الإعفاء بالهيئة تحت رقم 133 لسنة 32 ق عليا (معافاة) وذلك بتاريخ 26/ 5/ 1986 وقد ظل هذا الطلب قيد التحضير بالهيئة حتى تاريخ التقرير بالطعن.
ومن حيث إنه وفقاً لما جرى عليه قضاء هذه المحكمة فإن هذا الطعن يكون قد أقيم خلال فترة انفتاح المواعيد بعد تقديم طلب المساعدة القضائية سالف البيان وقبل الفصل في هذا الطلب، ومن ثم فإن الطعن بذلك يكون قد أقيم في المواعيد القانونية.
ومن حيث إن هذا الطعن قد أقيم ضد كل من وزير المالية ورئيس مصلحة الجمارك كمطعون ضدهما بصفتيهما، ومن حيث إنه طبقاً لأحكام المادة 157 من الدستور فإن الوزير هو الرئيس الأعلى لوزارته ويتولى رسم السياسة الخاصة بهذه الوزارة في إطار السياسة العامة للدولة ويقوم بتنفيذها، ومن ثم فإنه هو الذي يمثل الدولة فيما يتعلق بشئون هذه الوزارة أمام القضاء في مواجهة الغير ما لم ينص المشرع صراحة على خلاف ذلك، وبناءً على ذلك فإنه طبقاً لأحكام المادة 13 من قانون المرافعات فإن الإعلانات والإخطارات القضائية للوزراء كممثلين للمصالح الداخلة في الهيكل التنظيمي لوزاراتهم تسلم لو كانت صحفاً للدعاوى أو الطعون إلى هيئة قضايا الدولة أو فروعها في الأقاليم لنيابتها عن الوزراء المختصين في هذا الشأن وغير ذلك يسلم للوزراء أو لمديري المصالح المختصة وهي التي ورد النص على خلاف الأصل العام بصراحة في القانون بأن تمثل بمعرفة رؤسائها.
ومن حيث إن قانون الجمارك رقم 66 لسنة 1963 قد تضمن ما يفيد تولي مدير مصلحة الجمارك لبعض السلطات والاختصاصات فيما يتعلق بربط الضريبة الجمركية أو توقيع بعض الغرامات أو إجراء بعض التصرفات الإدارية المتعلقة بممولي هذه الضريبة إلا أن القانون المذكور قد خلا من أن يكون للمصلحة شخصية قانونية مستقلة أو أن يمثلها مديرها في المنازعات أمام القضاء أو أمام هذه المحكمة، ومن ثم وإذ اختصم وزير المالية الذي تخضع لإشرافه هذه المصلحة وتدخل في الهيكل العام لوزارة المالية التي هو رئيسها الأعلى فإنه لا مبرر لاختصام مدير عام مصلحة الجمارك بصفته في هذا الطعن، وإذ استوفى الطعن باقي أوضاعه الشكلية المتطلبة قانوناً فإنه يكون مقبولاً شكلاً في مواجهة وزير المالية دون غيره.
ومن حيث إن وقائع هذه المنازعة تخلص على ما يبين من أوراق الطعن في أن الطاعن كان قد أقام الدعوى رقم 1544 لسنة 38 ق أمام محكمة القضاء الإداري ضد المطعون ضدهم جميعاً طالباً أصلياً الحكم بإلغاء قرار وزير المالية ومدير عام مصلحة الجمارك بعدم الإذن برفع الدعوى العمومية ضد المدعى عليهم الرابع والخامس والسادس والتصالح معهم مقابل مبالغ تقل عن الحد المقرر بالقانون مع ما يترتب على ذلك من آثار، واحتياطياً الحكم بإلزام المدعى عليهم متضامنين بمبلغ خمسة ملايين من الجنيهات تعويضاً له عما أصابه من ضرر يتمثل في حرمانه من المكافآت المقررة في القانون باعتباره مرشداً نتيجة لخطأ المطعون ضدهما الثاني والثالث والمتمثل في عدم الإذن برفع الدعوى العمومية ضد المطعون ضدهم الرابع والخامس والسادس والتصالح معهم على النحو السابق بيانه مع إلزامهم جميعاً في كل الأحوال بالمصروفات، وقال المدعي (الطاعن) شرحاً لدعواه: إنه بتاريخ 2/ 10/ 1978 قدم إلى الإدارة العامة للإنتاج بمصلحة الضرائب بلاغاً تضمن أن فندق..... الكائن بشارع..... يقوم ببيع الخمور المهربة والمغشوشة، وأنه يحتفظ بكميات هائلة بمخازنه داخل المبنى وخارجه بشارع..... وشارع..... وشارع.....، وتم قيد هذا البلاغ إخبارية سرية تحت رقم 8 لسنة 1978 تفتيش عام، كما تم تنفيذه بتاريخ 19/ 10/ 1978 بموجب محضر الضبط رقم 107 لسنة 1978 مراقبة أمن الجمارك، وبلغت كمية المضبوطات 3448 كرتونة بإجمالي 41371 زجاجة سعة 3/ 4 لتر من الويسكي والكونياك والشمانيا ورد بيانها وتفصيلها بهذا المحضر، وقد أقر نائب المدير العام للفندق بصحة الضبط وأن المدعى عليها الثالثة مالكة الفندق متعاقدة مع إدارة الفندق على إدارته وتشغيله بما في ذلك شراء جميع مستلزمات التشغيل والمشروبات الروحية، وهي من مستلزمات التشغيل، كما قدم المدعي (الطاعن) بتاريخ 24/ 12/ 1978 بلاغاً إلى مراقب أمن الجمارك متضمناً أن فندق..... يقوم بالاحتفاظ بكميات هائلة من الخمور المهربة من الرسوم الجمركية وذلك بمخزنه الكائن بالبدروم الأول، وقيد البلاغ إخبارية سرية برقم 128 لسنة 1978 وتم تنفيذها بمحضر ضبط رقم 120 لسنة 1978 أمن الجمارك بتاريخ 27/ 12/ 1978 وبلغت كمية المضبوطات 3961 زجاجة سعة 3/ 4 لتر من الماركات والأنواع المختلفة، واستطرد المدعي (الطاعن) إلى القول بأن مصلحة الجمارك قد تصالحت مع الفندقين نظير سداد مبلغ نصف مليون جنيه من كل فندق على سند من القول بأن القضية ليست قضية تهريب طبقاً لما ذهبت إليه محكمة النقض، في حين أن الثابت من محضر الضبط أن المضبوطات مهربة جمركياً، وقد ترتب على قرار التصالح وعدم الإذن بإقامة الدعوى العمومية عدم صرف المكافأة التي حددها القانون للمدعي باعتباره مرشداً، وقد صدر هذا القرار مخالفاً للقانون ومشوباً بعيب الانحراف بالسلطة، إذ إن عدم الإذن برفع الدعوى العمومية مقرر لحماية المصلحة العليا للدولة، كما أن التصالح مشروط بألا يقل المبلغ الذي أسفر عنه الحد المقرر في القانون، والثابت أن التصالح قد وقع بأقل من هذا الحد وأضاف المدعي (الطاعن) بأنه لما كان قد أرشد عن المضبوطات، وقد ترتب على خطأ المدعى عليهما بعدم الإذن برفع الدعوى العمومية والموافقة على التصالح على خلاف أحكام القانون عدم صرف المكافآت المستحقة له، الأمر الذي يولد له حقاً في التعويض يقدره بمبلغ خمسة ملايين من الجنيهات وهو ما يوازي 50% من المبلغ الذي كانت تتمسك به مصلحة الجمارك وخلص المدعي (الطاعن) إلى طلب الحكم بما سبق بيانه من طلبات.
ومن حيث إنه رداً على الدعوى فقد أودعت الجهة الإدارية مذكرة بدفاعها أوضحت فيها أنه بمجرد تمام واقعة الضبط فقد تم تشكيل لجنتين لفحص مستندات الفندقين حيث تبين لهما أن المضبوطات وردت باسم هيئات دبلوماسية ومؤسسات مختلفة متمتعة بالإعفاء من الضرائب والرسوم الجمركية، وقد تم الإفراج عنها بطريقة قانونية، وأن قيام هاتين الواقعتين وإن شكل مخالفة لنظم الإعفاءات الجمركية إلا أنه لا يشكل جريمة التهريب الجمركي المنصوص عليها في المادة 121 من قانون الجمارك رقم 66 لسنة 1963 ذلك أن جريمة التهريب الجمركي هي إدخال البضائع إلى البلاد بطريقة غير مشروعة، وهذا الركن غير متوفر في الواقعتين محل الضبط، إذ وردت البضائع باسم هيئات ومؤسسات أجنبية ودولية تتمتع بالإعفاءات الجمركية، وإذا كان الأمر كذلك فليس هناك تعويض يتم توزيعه، ذلك أن مناط التوزيع طبقاً لحكم المادة 131 من قانون الجمارك أن تكون بصدد جريمة تهريب جمركي، وأودعت شركة الفنادق المصرية مذكرة بدفاعها طلبت في ختامها الحكم بعدم قبول الدعوى لعدم توافر شرط المصلحة لأنه ليس ثابتاً أن الطاعن هو المرشد عن هذه المخالفات، ومن باب الاحتياط فقد طلبت الحكم برفض الدعوى مع إخراجها منها بلا مصاريف لأن الواقعة لا تخص الشركة وإنما تخص إدارة الفندقين المذكورين.
ومن حيث إن المحكمة أصدرت حكمها المطعون فيه قاضياً بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة بالنسبة للشركة المدعى عليها الرابعة، وبقبول الدعوى شكلاً بالنسبة لباقي المدعى عليهم ورفضها موضوعاً وإلزام المدعي بالمصروفات، وأقامت المحكمة قضاءها بعدم قبول الدعوى بالنسبة للشركة المدعى عليها الرابعة على أن الشركة المصرية للسياحة والفنادق وإن كانت مالكة للفندقين إلا أنها ليست مسئولة عن إدارتهما، ومن ثم فلا شأن لها بما يطالب به المدعي، ومن ثم فإنها تكون غير مقبولة في مواجهتها لرفعها على غير ذي صفة، كما أقامت قضاءها برفض الدعوى على أسباب حاصلها أنه ولئن كان المشرع قد اعتبر تهريباً جمركياً طبقاً لقانون الجمارك رقم 66 لسنة 1963 إدخال البضائع من أي نوع إلى الجمهورية وإخراجها منها بطريق غير مشروع دون أداء الضرائب الجمركية المستحقة كلها أو بعضها أو بالمخالفة للنظم المعمول بها في شأن البضائع الممنوعة إلا أنه جعل رفع الدعوى العمومية أو اتخاذ أية إجراءات في جرائم التهريب موقوف على طلب كتابي من المدير العام للجمارك أو من ينيبه وذلك إعمالاً لحكم المادة 124 من قانون الجمارك، ومن ثم فقد جعل إصدار هذا الطلب الكتابي وإن تحققت أركان الجريمة من الملاءمات التي يستقل بها مدير عام الجمارك بما له من سلطة خولها له القانون، بل إن المشرع خوله مكنة التصالح أثناء نظر الدعوى أو بعد الحكم فيها حسب الأحوال مقابل التعويض كاملاً أو ما لا يقل عن نصفه، ورتب على التصالح انقضاء الدعوى العمومية أو وقف تنفيذ العقوبة وجميع الآثار المترتبة على الحكم حسب الحال، وأجاز في حالة التصالح انقضاء الدعوى العمومية أو وقف تنفيذ العقوبة وجميع الآثار المترتبة على الحكم حسب الحال وأجاز في حالة التصالح رد البضائع المضبوطة كلها أو بعضها بعد سداد الضرائب المستحقة عليها ما لم تكن من الأنواع الممنوعة، وبما لا يتعارض مع توزيع مبالغ التعويضات والغرامات وقيم الأشياء المصادرة على المرشدين وغيرهم ممن تخاطبهم المادة 131 من قانون الجمارك، وبذلك فإن المشرع جعل تقديم طلب إقامة الدعوى العمومية من الملاءمات التي تدخل في السلطة التقديرية لمدير عام الجمارك، فلا يجوز الطعن عليه ما لم يكن مشوباً بعيب الانحراف بالسلطة، وبالتالي فإن عدم تقديم الطلب لا يعد قراراً إدارياً سلبياً، ومع ذلك فإن المشرع رتب الآثار القانونية التي ترتب على التصالح على النحو آنف الذكر ومنها انقضاء الدعوى الجنائية، وإذ يبين من الأوراق أن فندق.... قام بالتصالح في المحضر رقم 107 لسنة 1978، وقد سدد الرسوم والضرائب المستحقة وهو ما تم أيضاً بالنسبة لفندق..... في محضر الضبط الخاص به، فإنه لا محل للنعي بوجود قرار إداري سلبي يطعن عليه بعدم المشروعية كما ينتفي ركن الخطأ في حق الجهة الإدارية، ومن ثم لا تتحقق أركان المسئولية وبالتالي تكون المطالبة بالتعويض عن القرار السلبي بالامتناع عن إقامة الدعوى الجنائية لتوافر أركان الجريمة على غير أساس من القانون حقيقاً بالرفض.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل يقوم على أن الحكم المطعون فيه قد جاء على خلاف حكم القانون وتفصيل ذلك بالنسبة للطلب الأصلي أن المادة رقم 1 من قرار وزير المالية رقم 84 لسنة 1978 في شأن توزيع حصيلة بيع المضبوطات والتعويضات والمخالفات الجمركية الواجبة الإعمال على وقائع هذه المنازعة تقضي بأن يتم توزيع حصيلة التعويضات وقيم بيع المضبوطات والمصادرات في قضايا التهريب والمخالفات الجمركية وفقاً للنسب الآتية: 50% للمرشد، 40% للصناديق الاجتماعية والادخار والنادي الرياضي والمكافآت التشجيعية ولأغراض تحسين الخدمة، 5% للضابطين والمعاونين في اكتشاف الجريمة مناصفة، 5% للمستوفين للإجراءات، ويبين من هذا النص أنه جاء مطابقاً بالنسبة لتوزيع حصيلة التعويضات، أي جعل هذا التوزيع في كل الأحوال سواء تحركت الدعوى العمومية أو تم التصالح وجوبياً، كما أوجب هذا التوزيع سواء تم تكييف الواقعة على أنها قضية تهريب أم مجرد مخالفة جمركية، ولقد أدرك الحكم المطعون فيه هذه الحقيقة حيث قرر إنه "ومن حيث إنه متى كان ذلك فإن المشرع يكون قد ميز بين توافر الجريمة والتصرف بشأنها على النحو المذكور بما لا يتعارض مع توزيع مبالغ التعويضات والغرامات وقيم الأشياء المصادرة وغيرهم ممن تخاطبهم المادة 131 من قانون الجمارك" واستطرد الطاعن إلى القول بأنه على فرض صدور قرار التصالح سليماً وهو ما لا يسلم به فإنه يستحق في هذه الحالة مكافأة الإرشاد المقررة في قرار وزير المالية رقم 84 لسنة 1978 المشار إليه، واستطرد الطاعن إلى أن الحكم الطعين قد افترض أن الطلب الأصلي منبت الصلة بمكافأة الإرشاد وأنه لذلك رفض هذا الطلب دون التفات إلى أحقية المدعي في مكافأة الإرشاد حتى في هذه الحالة، وبالتالي فإن الحكم المطعون فيه يكون قد قضى على خلاف الثابت بالأوراق ويتعين الحكم بإلغائه، وعن الطلب الاحتياطي فقد أشار الطاعن إلى أن المادة 122 من قانون الجمارك تنص على أنه "مع عدم الإخلال بأية عقوبة أشد يقضي بها قانون آخر يعاقب على التهريب أو الشروع فيه بالحبس وبغرامة لا تقل عن عشرين جنيهاً ولا تجاوز ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين، ويحكم على الفاعلين والشركاء متضامنين بتعويض يعادل مثلي الضرائب الجمركية المستحقة، فإذا كانت البضائع موضوع الجريمة من الأصناف الممنوعة كان التعويض معادلاً لمثلي قيمتها أو مثلي الضرائب المستحقة أيهما أكبر، وفي جميع الأحوال يحكم علاوة على ما تقدم بمصادرة البضائع موضوع التهريب، فإذا لم تضبط حكم بما يعادل قيمتها..."، كما تنص المادة 124 مكرراً من قانون الجمارك المضافة بمقتضى المادة الثانية من القانون رقم 57 لسنة 1980 بأنه "مع عدم الإخلال بأية عقوبة أشد يقضي بها قانون آخر يعاقب على تهريب البضائع الأجنبية بقصد الاتجار أو الشروع فيه أو على حيازتها بقصد الاتجار مع العلم بأنها مهربة بالحبس مدة لا تقل عن سنتين ولا تجاوز خمس سنوات وبغرامة لا تقل عن ألف جنيه ولا تجاوز خمسين ألف جنيه، وتطبق سائر العقوبات والأحكام الأخرى المنصوص عليها في المادة 132 وفي حالة العود يجب الحكم بمثلي العقوبة والتعويض" واستثناء من أحكام المادة 124 من هذا القانون لا يجوز رفع الدعوى العمومية في الجرائم المنصوص عليها في الفقرة السابقة إلا بناء على طلب من وزير المالية أو من ينيبه، ويجوز لوزير المالية أو من ينيبه إلى ما قبل صدور الحكم في الدعوى العمومية (التصالح) مقابل أداء مبلغ التعويض كاملاً، ولا يترتب على الصلح رد البضائع المضبوطة في الجرائم المشار إليها وإنما يجوز رد وسائل النقل والأدوات والمواد التي استخدمت في التهريب، ويترتب على الصلح انقضاء الدعوى العمومية في هذه الجرائم، ولقد انتهى الحكم المطعون فيه إلى نتيجة مؤداها أنه يعتبر في حكم التهريب، ومن ثم يستوي معه في الحكم والنتائج والآثار حيازة البضائع الأجنبية بقصد الاتجار مع العلم بأنها مهربة، ويفترض العلم إذا لم يقدم من وجدت في حيازته هذه البضائع بقصد الاتجار المستندات الدالة على أنها سددت عنها الضرائب وغيرها من الضرائب والرسوم المقررة، ولما كانت المادة 19 من ذات القانون وإن أعطت للمتمتعين بالإعفاء من الضرائب الجمركية وغيرها من الضرائب والرسوم طبقاً للمادة 107 من ذات القانون حق التصرف إلى أشخاص غير متمتعين بالإعفاء - فيما تم إعفاؤه - فإن هذا التصرف مشروط بإخطار مصلحة الجمارك وسداد الضرائب الجمركية وغيرها من الضرائب والرسوم المستحقة، فإذا كان من تلقاها بقصد الاتجار قد تلقاها بدون مستندات تدل على سداد ما سبق فإنه والأمر كذلك يعد متهرباً، ولما كان فندق..... وفندق..... وقد تلقيا المضبوطات بقصد الاتجار فيها بدون مستندات تدل على إخطار مصلحة الجمارك وسداد الضرائب الجمركية وغيرها من الضرائب والرسوم المستحقة فإننا نكون بصدد واقعة تهريب بضائع أجنبية بقصد الاتجار، وتكون سلطة وزير المالية في التصالح مقيدة بأن يكون هذا التصالح مقابل أداء مبلغ التعويض كاملاً، ولما كان التصالح في المنازعة الماثلة قد تم نظير مبالغ تقل عن مبلغ التعويض الكامل المنصوص عليه في المادة 122 من القانون فإن هذا يمثل ركن الخطأ في طلب التعويض، ذلك أن سلطة وزير المالية في التصالح مقيدة بأن يكون هذا التصالح مقابل أداء مبلغ التعويض كاملاً، فإذا تم التصالح مقابل مبالغ تقل عن مبالغ التعويض الكامل فإن هذا يكون ركن الخطأ الذي يترتب عليه إهدار حق الطاعن في مكافأة الإرشاد، هذا بالإضافة إلى أن التصالح في الحالة المنصوص عليها في المادة 124 مكرر لا يترتب عليه رد البضائع المضبوطة، وبذلك يكون رد البضاعة الذي قامت به الجمارك وجهاً آخر للخطأ في هذه المنازعة ترتب عليه إلحاق الضرر بالطاعن وخلص المذكور إلى طلب الحكم بما سبق بيانه من طلبات.
ومن حيث إن قانون الجمارك رقم 66 لسنة 1963 المعدل بالقانون رقم 75 لسنة 1980 بعد أن عدد في الباب الثامن منه جرائم التهريب الجمركي والعقوبات المحددة لكل منها قد أورد قيداً على الاختصاص الأصيل المقرر للنيابة العامة بإقامة الدعوى العمومية المقرر لها بموجب المادة 1 من قانون الإجراءات الجنائية، فنصت المادة 124 منه على أنه "لا يجوز رفع الدعوى العمومية أو اتخاذ أية إجراءات في جرائم التهريب الجمركي إلا بطلب كتابي من المدير العام للجمارك أو من ينيبه وللمدير العام للجمارك أن يجري التصالح أثناء نظر الدعوى أو بعد الحكم فيها حسب الحال مقابل التعويض..."، كما نصت المادة 124 مكرراً على أنه "مع عدم الإخلال بأية عقوبة أشد يقضي بها قانون آخر يعاقب على تهريب البضائع الأجنبية بقصد الاتجار والشروع فيه أو على حيازتها بقصد الاتجار مع العلم بأنها مهربة بالحبس مدة لا تقل عن سنتين ولا تجاوز خمس سنوات وبغرامة لا تقل عن ألف جنيه ولا تجاوز خمسين ألف جنيه..." واستثناء من أحكام المادة 124 من هذا القانون لا يجوز رفع الدعوى العمومية في الجرائم المنصوص عليها في الفقرة السابقة إلا بناء على طلب من وزير المالية أو من ينيبه، ويجوز لوزير المالية أو من ينيبه إلى ما قبل صدور الحكم في الدعوى العمومية الصلح مقابل أداء مبلغ التعويض كاملاً... ويترتب على هذا الصلح انقضاء الدعوى العمومية في هذه الجرائم".
ومن حيث إن طلب إقامة الدعوى العمومية على النحو السابق بيانه بوصفه قيداً على اختصاص النيابة العامة يصدر من الجهة التي عينها القانون بقصد حمايتها سواء بصفتها مجنياً عليها أو بصفتها أمينة على مصالح الدولة العليا، وهو أي الطلب ينصرف إلى الجريمة ذاتها، فينطوي على تصريح باتخاذ إجراءات التحقيق أو رفع الدعوى عنها دون اعتبار لمرتكبها (الحكم الصادر بجلسة 23/ 2/ 1968 في الطعن رقم 1121 لسنة 10 ق، وكذلك الحكم الصادر بجلسة 18/ 4/ 1987 في الطعن رقم 2116 لسنة 30 ق) كما جرى قضاء محكمة النقض في مجال الإذن برفع الدعوى العمومية في المخالفات الضريبية على أن للطلب في أمثال هذه الحالات أثراً عينياً يتعلق في مجال المخالفات الضريبية بجرائم يصدق عليها جميعها أنها جرائم مالية تمس ائتمان الدولة ولا تعلق له بأشخاص مرتكبيها (نقض جنائي جلسة 24/ 4/ 1977 طعن رقم 1250 لسنة 42 ق) وهذا يصدق بطبيعة الحال على الطلب في حالة الجرائم الجمركية المشار إليها فيما سبق، وعلى ذلك فإن طلب رفع الدعوى العمومية بالنسبة للجرائم الجمركية لا يعتبر من قبيل القرارات الإدارية إذ لا تتوافر بالنسبة له مقومات القرار الإداري على النحو الذي استقر عليه قضاء هذه المحكمة في شأن تعريف القرار الإداري بأنه إفصاح الإدارة في الشكل الذي يتطلبه القانون عن إرادتها الملزمة بما لها من سلطة عامة بمقتضى القوانين واللوائح، وذلك بقصد إحداث مركز قانوني معين يكون ممكناً وجائزاً قانوناً ابتغاء مصلحة عامة، ذلك أن عينية الطلب وانصرافه إلى الجريمة دون اعتبار لمرتكبها تحول دون أن يكون للطلب أثر في إحداث مركز قانوني لمرتكب الجريمة، فبارتكاب الأعمال المؤثمة قانوناً والتي تعتبر من الجرائم الجمركية يكون الفاعل قد وضع نفسه - بالفعل أو بالامتناع - في المركز القانوني الخاص على النحو الذي حدده القانون، ولا يغير من ذلك أن يكون المشرع لاعتبارات قدرها تتصل بالجهة التي ائتمنها على المصلحة العامة قد قيد من اختصاص النيابة العامة في تحريك الدعوى العمومية بأن علق ذلك على طلب من مدير عام مصلحة الجمارك في حالات أو من وزير المالية في حالات أخرى، فليس من شأن هذا الطلب أن ينشئ مركزاً قانونياً جديداً للفاعل في جريمة التهريب الجمركي أو مرتكب المخالفة الجمركية بعد أن تحدد مركزه القانوني على ما سبق بيانه بمدى صحة توافر أركان الجريمة في حقه، فالطلب ينصرف بطبيعته العينية إلى الجريمة ذاتها ولا تعلق له بشخص مرتكبها فإذا كان ذلك فإن ما يسبق طلب إقامة الدعوى العمومية من إجراءات داخلية تجري فيها جهات الاختصاص الجمركية شئونها لا يكون مما يقبل الطعن عليه بالإلغاء ويؤكد ما سلف بيانه من أن طلب مصلحة الجمارك إقامة الدعوى العمومية لا ينشئ مركزاً قانونياً محدداً لشخص منهم بعينه إقامة الدعوى ضده وأنه ليس ثمة جدال في أنه لا يترتب بالحتم والضرورة على تقديم مصلحة الجمارك لطلب رفع الدعوى العمومية وإقامتها في واقعة من وقائع التهريب الجمركي أن تلتزم النيابة العامة بإقامة الدعوى العمومية أو عدم إقامتها، بل يعود لها فقط حريتها كاملة في وزن وتقدير ما يتضمنه التحقيق من أدلة في إطار ما تحمله من أمانة ومسئولية الدعوى العمومية طبقاً للقانون في إقامة الدعوى أو حفظها أو تقرير ألا وجه لإقامتها.... إلخ، وإذا كان القانون قد خول مدير عام الجمارك أو وزير المالية أو من ينيب كل منهما إجراء التصالح مع الفاعل في جرائم التهريب الجمركي ونص على أن تنقضي الدعوى العمومية في كل الأحوال بالتصالح، فإن هذا التصالح وهو الوجه الآخر لطلب إقامة الدعوى العمومية والمسقط لها يكون من ذات طبيعة طلب إقامة الدعوى العمومية لا يعتبر قراراً إدارياً بالمفهوم الاصطلاحي للقرار الإداري سواء كان موقف الإدارة منه إيجابياً بقبول التصالح أو سلبياً برفضه، لأن ذلك لا ينفي أن يؤكد ذلك أن الطلب لإقامة الدعوى العمومية من وزير المالية أو من مدير مصلحة الجمارك أو التصالح بين المصلحة وبين مرتكب جريمة التهريب الجمركي يتبعه تصرف النيابة العامة كسلطة قضائية في الدعوى العمومية إعمالاً لأحكام قانون الجمارك والإجراءات الجنائية سواء بالتحقيق أو بإقامة الدعوى ضد من ترى إقامتها ضده من المتهمين بناء عليه أو حفظها أو تقرير ألا وجه لإقامتها.... أو تقرير انقضائها ولا شك أنه وإن صدر التصرف الإداري بالطلب لرفع الدعوى العمومية من مصلحة الجمارك أو بالتصالح فيها فإن ارتباطه ارتباطاً غير قابل للتجزئة بالتصرفات ذات الطبيعة القضائية من النيابة العامة بناء عليه في الدعوى العمومية يمنع حتماً وبالضرورة المساس بما قررته واتخذه مصلحة الجمارك من تصرفات إدارية بدعوى الإلغاء، لما يتضمن الأخذ بهذا النظر إلى خضوع طلب إقامة الدعوى العمومية في جرائم التهريب أو التصالح فيها بمعرفة المصلحة لرقابة الإلغاء في القضاء الإداري من مساس غير جائز دستورياً أو قانونياً بتصرفات النيابة العامة التي ينبني على هذه التصرفات الإدارية الصادرة عن وزير المالية أو مدير مصلحة الجمارك في هذه الجرائم الجمركية.
ومن حيث إنه وعلى هدي ما تقدم في شأن التكييف القانوني الصحيح لطلب إقامة الدعوى العمومية أو إجراء التصالح في جرائم التهريب الجمركي، وإذ كان الطاعن قد أقام دعواه طالباً أصلياً إلغاء القرار الصادر من الجهة الإدارية بعدم الإذن برفع الدعوى العمومية ضد المتهمين وقبول التصالح معهم مقابل مبالغ تقل عن الحد المقرر في القانون مع ما يترتب على ذلك من آثار، واحتياطياً الحكم بأحقيته في تقاضي تعويض قدره بمبلغ خمسة ملايين من الجنيهات تعويضاً له عما أصابه من ضرر يتمثل في حرمانه من مكافأة الإرشاد المقررة قانوناً، فإن حقيقة طلباته في ضوء ما أورده من أسانيد في دعواه وفي تقرير الطعن وما أودعه من مستندات خلال مراحل التقاضي لتكشف بجلاء عن أن حقيقة طلبه تنحصر في طلب الحكم بأحقيته قانوناً في صرف مكافأة الإرشاد المقررة قانوناً بحسبان أن ما قامت به الجهة الإدارية من تصالح دون صرف هذه المكافأة قد حرمه من حق من الحقوق التي يستمد سنده في المطالبة بها قانوناً من أحكام القانون مباشرة وباعتبار أن صحيح حقيقة الحال على عاتق جهة الإدارة التزام مصدره القانون يوجب صرف المكافأة من أن المبالغ الواجبة التوزيع سواء أقيمت الدعوى العمومية أو تم التصالح بشأن ما تم ضبطه ومن ثم فإن هذه الدعوى على هذا النحو وفقاً لصحيح أحكام القانون إنما هي من دعاوى الاستحقاق التي تقوم مصادر المطالبة بها وتستمد من القانون مباشرة الذي وضع مبدأ الاستحقاق وحدد المبالغ الواجب توزيعها ويتعين بناء على ذلك الفصل في هذا الطعن على هذا الأساس.
ومن حيث إن القانون رقم 66 لسنة 1963 في شأن الجمارك معدلاً بالقانون رقم 75 لسنة 1980 قد أفرد الباب الثامن منه لأحكام التهريب الجمركي معرفاً إياه ومنظماً لأركان جرائمه سواء بإتمام الفصل أو الشروع فيه والعقوبات الأصلية والتبعية التي توقع في كل حالة، كما حدد طريقة إقامة الدعوى العمومية والتصالح بعد أداء مبالغ التعويض المحددة وذلك على التفصيل الوارد فيه، وفي هذا الشأن فقد نصت المادة 121 من القانون على أن "يعتبر تهريباً إدخال بضائع من أي نوع إلى الجمهورية أو إخراجها منها بطريقة غير مشروعة بدون أداء الضرائب الجمركية كلها أو بعضها...... ويعتبر في حكم التهريب حيازة البضائع الأجنبية بقصد الاتجار مع العلم بأنها مهربة، ويفترض العلم إذا لم يقدم من وجدت في حيازته هذه البضائع بقصد الاتجار المستندات الدالة على أنها قد سددت عنها الضرائب الجمركية وغيرها من الضرائب والرسوم المقررة....." كما نصت المادة 122 على أنه "مع عدم الإخلال بأية عقوبة أشد يقضي بها قانون آخر يعاقب على التهريب أو على الشروع فيه بالحبس وبغرامة لا تقل عن عشرين جنيهاً ولا تجاوز ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين، ويحكم على الفاعلين والشركاء متضامنين بتعويض يعادل مثلي الضرائب الجمركية المستحقة...." كما نصت المادة 124 من ذات القانون على أنه "لا يجوز رفع الدعوى العمومية أو اتخاذ أية إجراءات في جرائم التهريب إلا بطلب كتابي من المدير العام للجمارك أو من ينيبه وللمدير العام للجمارك أن يجري التصالح أثناء نظر الدعوى أو بعد الحكم فيها حسب الحال مقابل التعويض كاملاً أو ما لا يقل عن نصفه..."، وكذلك نصت المادة 124 مكرراً على أنه "مع عدم الإخلال بأية عقوبة أشد يقضي بها قانون آخر يعاقب على تهريب البضائع الأجنبية بقصد الاتجار أو الشروع فيه أو على حيازتها بقصد الاتجار مع العلم بأنها مهربة بالحبس مدة لا تقل عن سنتين ولا تجاوز خمس سنوات وبغرامة لا تقل عن ألف جنيه ولا تجاوز خمسين ألف جنيه، وتطبق وسائل العقوبات والأحكام الأخرى المنصوص عليها في المادة 122... واستثناء من أحكام المادة 124 من هذا القانون لا يجوز رفع الدعوى العمومية في الجرائم المنصوص عليها في الفقرة السابقة إلا بناء على طلب من وزير المالية أو من ينيبه.... ويجوز لوزير المالية أو من ينيبه إلى ما قبل صدور حكم في الدعوى العمومية الصلح مقابل أداء مبلغ التعويض كاملاً..... ويترتب على الصلح انقضاء الدعوى العمومية في هذه الجرائم" ومفاد ما تقدم من نصوص وأحكام أن القانون قد عرف جريمة التهريب بأنها إدخال البضائع من أي نوع إلى البلاد بطريقة غير مشروعة وبدون أداء الرسوم الجمركية كلها أو بعضها، كما اعتبر في حكم التهريب حيازة البضائع الأجنبية بقصد الاتجار مع العلم بأنها مهربة ويفترض هذا العلم إذا لم يقدم من وجدت في حيازته هذه البضاعة بقصد الاتجار المستندات الدالة على أنها قد سددت عنها الضرائب الجمركية وغيرها من الرسوم.... وقد فرض القانون عقوبة الحبس والغرامة في حالات ثم غلظ العقوبات في حالات أخرى على التفصيل السابق بيانه وأوجب في كل الحالات الحكم على الفاعلين والشركاء متضامنين بتعويض يعادل مثلي الضرائب الجمركية المستحقة... كما قيد الشارع رفع الدعوى العمومية وجعل ذلك معلقاً على طلب كتابي من المدير العام للجمارك في حالات ومن وزير المالية في حالات أخرى كما يكون لكل منهما أن يجري التصالح بالشروط المحددة في النص وبالأوضاع المقررة فيه وهو تصالح لا يجوز أن يتم في كل الأحوال إلا مقابل التعويض كاملاً أو بما لا يقل عن نصفه بحيث يترتب على التصالح انقضاء الدعوى العمومية أو وقف تنفيذ العقوبة الجنائية وجميع الآثار المترتبة على الحكم في حالات بعينها أو انقضاء الدعوى العمومية فقط في حالات أخرى ما دام وقع التصالح قبل صدور حكم في الدعوى.
ومن حيث إن الثابت من صور محاضر الضبط المقدمة من الطاعن والتي لم تجحدها جهة الإدارة أنه قد تم مداهمة مخازن الفندقين وعثر فيهما على كميات كبيرة من المشروبات الروحية لا تحمل عبواتها ما يفيد سداد الرسوم الجمركية، ولم تقدم إدارة الفندقين ما يفيد سداد الرسوم عنها، وقد أقر المسئولون في الفندقين بصحة واقعة الضبط وحررت المحاضر بعد سؤال هؤلاء المسئولين والتحقيق معهم، وهو تحقيق انتهى في الواقعتين إلى توجيه تهمة مخالفة أحكام قانون الجمارك والضرائب باعتبار أن حيازة الفندقين لهذه الخمور ثابتة على الرغم من عدم سداد الرسوم، ولعدم تقديم المستندات الدالة على سداد الرسوم والضرائب المقررة.
ومن حيث إن الجهة الإدارية المختصة قد رأت بناء على طلبات تقدمت بها إدارة الفندقين إجراء التصالح في الحالتين وهو تصالح من المفترض أن يكون قد حدث بعد أن قام كل فندق بسداد مبالغ ورد تحديدها في الأوراق والثابت أن إدارة فندق....... قد قامت بسداد مبلغ 335 مليماً و396607 جنيهات (ثلاثمائة وستة وتسعين ألفاً وستمائة وسبعة جنيهات، 335 مليماً) وذلك طبقاً للتسوية التي قامت المصلحة بإجرائها مع الفندق المذكور بمعرفة إدارة التعريفات الجمركية، كما قامت إدارة فندق...... بسداد مبلغ 344 مليماً و561057جنيهاً (خمسمائة وواحد وستين ألفاً وسبعة وخمسين جنيهاً وثلاثمائة وأربعة وأربعين مليماً) وذلك عن مستحقات مصلحة الجمارك عن المضبوطات حيث تم التصالح بين الفندق والجمارك (صورة الكتاب الصادر من الجمارك إلى فندق.... برقم 252 أ بتاريخ 18/ 8/ 1982 والكتاب المؤرخ 9/ 10/ 1980 الموجه من الجمارك إلى نيابة الشئون المالية والمرسل صورة منه إلى مدير عام فندق....).
ومن حيث إن المادة 131 من قانون الجمارك المشار إليه تنص على أن تحدد بقرار من رئيس الجمهورية القواعد التي تتبع في توزيع مبالغ التعويضات والغرامات وقيم الأشياء المصادرة على المرشدين ومن قاموا بضبط الجريمة أو عاونوا في اكتشافها أو ضبطها أو في استيفاء الإجراءات المتصلة بها وعلى صناديق التعاون الاجتماعي والادخار والصندوق المشترك والأندية الرياضية الخاصة بموظفي الجمارك، ومفاد ذلك أن المشرع قد أنشأ لحكمة قدرها التزاماً على عاتق الإدارة المختصة بأن توزع المبالغ الواردة بالنص ومنها مبالغ التعويضات التي تقتضي وجوباً عند التصالح على جهات محددة به ومن بينها المرشدون والضابطون والمعاونون في الضبط ومن ساهموا في استيفاء الإجراءات وهو التزام يجد مصدره على ما سبق في القانون مباشرة، ومن ثم فإن توافرت فيه إحدى هذه الصفات بصدد قضية تهريب جمركي سواء أقيمت بشأنها الدعوى العمومية أو تم التصالح فيها يكون من حقه الحصول على نسبة من المبالغ الواجبة التوزيع والتي ورد تحديدها في قرار رئيس الجمهورية رقم 2268 لسنة 1960 الصادر في ظل العمل بالأنظمة الجمركية السابقة على صدور القانون رقم 66 لسنة 1963 المشار إليه، وهو القرار الذي ما زال سارياً بموجب التأشيرة المرافقة لقانون الميزانية في القسم الخاص بالإدارة العامة للجمارك والذي نصت المادة الأولى منه على أن "يوزع ثمن بيع المضبوطات والتعويضات والغرامات في حالتي التهرب والمخالفات الجمركية على الوجه الآتي: أ ) في حالة وجود إرشاد 50% للمرشد، 10% للضابطين المشتركين في اكتشاف الواقعة واستيفاء الإجراءات المتصلة بها، 40% للصناديق.... إلخ"، وذلك كله في إطار القواعد التنفيذية التي تضمنتها قرارات وزير المالية ومدير عام مصلحة الجمارك التي تعاقبت في هذا الشأن.
ومن حيث إنه متى كان الأمر كذلك فإن الطاعن بصفته مرشداً - وهو أمر لم تنكره عليه مصلحة الجمارك طوال مراحل التقاضي - يستحق مكافأة الإرشاد المقررة قانوناً وفقاً للنسب المقررة من مبالغ التعويضات الواجبة التوزيع والتي حصلتها الجمارك عند إجراء التصالح، وغني عن البيان أنه لا يغير من هذا الأمر ما ذهبت إليه مصلحة الجمارك في معرض دفاعها من قول مفاده أن الأمر لم يكن يتعلق بجريمة تهريب في أية صورة من صورها المحددة قانوناً وقعت من جانب إدارة الفندقين اللذين ضبطت مخازنهما الخمور موضوع النزاع وإنما يتعلق الأمر بمخالفات جمركية تتمثل في حيازة الخمور المفرج عنها قانوناً برسم بعض الجهات والسفارات المعفاة أصلاً من سداد الرسوم، حيث يستوجب القانون عدم التصرف في البضائع المعفاة، فإذا تم التصرف فيها يكون من الواجب سداد الرسوم الجمركية المقررة وبالتالي فلا تقوم حصيلة بيع أو مبالغ مسددة مقابل تعويضات قررها القانون في حالات التهريب يكون من الواجب توزيعها وفقاً للقواعد المقررة والمشار إليها فيما سلف، ذلك أن مثل هذا القول يجافي الواقع الثابت في محاضر الضبط من أن الخمور المضبوطة لم يكن مسدداً عنها الرسوم الجمركية وقد حازتها إدارة الفندقين بقصد بيعها رغم علمها بعدم سداد الرسوم أو بالأقل فإنها حازتها دون أن تتمكن من إثبات سداد الرسوم الجمركية المقررة عنها ولم تقدم أية مستندات تفيد في هذا الشأن، وهو الأمر الذي انتهى بتوجيه الاتهام لإدارة الفندقين بمخالفة أحكام قانون الجمارك معدلاً بالقانون رقم 75 لسنة 1980 ذلك التعديل الذي انصب على باب التهريب والذي أدخل الحكم الخاص بافتراض التهريب طالما عجز الحائز عن إثبات مصدر البضاعة أو أنه قد سدد الرسوم الجمركية عنها، ومن ثم فالخمور المضبوطة بناء على إرشاد الطاعن خمور مهربة وفقاً لصحيح الواقع والقانون، كما يدحض ما قالت به الجمارك أيضاً ما هو ثابت من مكاتبات تفيد قبولها التصالح الذي أجازه القانون وترك أمر تقديره إما لمدير مصلحة الجمارك أو لوزير المالية حسب الأحوال، وشرطه في الحالين بضرورة اقتضاء مبالغ التعويض المحددة قانوناً بما يعادل مثلي الضرائب الجمركية المستحقة أو نصفها على الأقل.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه وقد ذهب إلى ما يخالف هذا النظر ومن ثم فإنه يكون قد أخطأ في تحصيل الواقع وفي إعمال صحيح حكم القانون مما يتعين معه القضاء بإلغائه والقضاء بأحقية الطاعن في تقاضي مكافأة الإرشاد المقررة قانوناً في حدود المبالغ الواجبة التوزيع قانوناً وذلك في محضر الضبط رقم 120 لسنة 1978 أمن الجمارك ورقم 107 لسنة 1978 أمن الجمارك المحررين ضد فندقي..... و..... على التفصيل السابق بيانه.
وحيث إن من خسر الطعن يلزم بمصروفاته عملاً لحكم المادة 184 من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً في مواجهة وزير المالية وحده، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به في البند ثانياً من منطوقه وبأحقية الطاعن في تقاضي مكافأة الإرشاد في حدود النسب المقررة قانوناً من المبالغ الواجبة التوزيع على النحو المبين في أسباب هذا الحكم وألزمت المطعون ضده وزير المالية بصفته بالمصروفات.


(1) راجع الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا بجلسة 18/ 4/ 1987 في الطعن رقم 2116 لسنة 30 ق المنشور في مجموعة السنة 32 ق الجزء الثاني صفحة 1136.
(2) حكم محكمة النقض بجلسة 24/ 4/ 1977 في الطعن رقم 1250 لسنة 42 ق في شأن جرائم التهريب الجمركي والقيود الواردة على تحريك الدعوى الجنائية المقامة عنها، وأن الطالب المقدم بشأنها له أثر عيني يتعلق في مجال المخالفات الضريبية بجرائم يصدق عليها جميعها أنها جرائم مالية تمس ائتمان الدولة، ولا علاقة له بأشخاص مرتكبيها.
(3) حكم المحكمة الدستورية العليا في شأن جريمة التهريب الجمركي.

الطعن 693 لسنة 32 ق جلسة 6 / 7 / 1991 إدارية عليا مكتب فني 36 ج 2 ق 154 ص 1519

جلسة 6 من يوليو سنة 1991

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ عبد المنعم عبد الغفار فتح الله - نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ يحيى السيد الغطريفي ومحمد مجدي محمد خليل وعطيه الله رسلان ود. فاروق عبد البر السيد - المستشارين.

-------------------

(154)

الطعن رقم 693 لسنة 32 القضائية

(أ) هيئة الشرطة - محاكم عسكرية - تسبيب الأحكام وإيداع مسودتها - مخالفة ذلك. (مجلس تأديب).
عدم تحرير مسودات الأحكام وعدم إيداع أسبابها في الميعاد القانوني يشكل إخلالاً جسيماً بواجبات الوظيفة - أساس ذلك: توقي بطلان الأحكام التي نطق بها - لا وجه للقول بأن هذه الأحكام لم تبطل بالطرق المقررة للطعن في الأحكام بل بقرارات إدارية - أساس ذلك: يكفي في ثبوت المخالفة الإخلال بالواجب الوظيفي الذي يفرضه القانون - ليس للمخالف أن يدفع بحجية الأحكام التي أصدرها وأنه لم يطعن عليها ويقضي ببطلانها ما دام أنه ليس له ثمة مصلحة شخصية في إيداع هذا الدفع - أساس ذلك: أن هذه الحجية تتعلق بالمصلحة العامة وصفته في التمسك بها مفتقده - تطبيق.
(ب) هيئة الشرطة - مجلس تأديب ضباط الشرطة - الجزاءات - قرار الإحالة للاحتياط.
قرار مجلس التأديب يقصد به توقيع الجزاءات على المخالفات التي يرتكبها الضابط - نظام الإحالة إلى الاحتياط هو إجراء يقصد به تنحية الضابط مؤقتاً عن وظيفته بناء على طلبه أو طلب وزارة الداخلية لأسباب صحية خاصة بالضابط أو لأسباب جدية تمس الصالح العام - قرار الإحالة للاحتياط وأن تضمن إيلاماً للضابط إلا أنه بعيدُ عن فكرة الجزاء - مؤدى ذلك: لا يعتبر قرار إحالة الضابط للاحتياط بمثابة عقوبة تأديبية مقنعة - نتيجة ذلك: جواز الجمع بين قرار الإحالة للاحتياط وبين أية عقوبة تأديبية توقع على الضابط - تطبيق.
(ج) هيئة الشرطة - مجلس تأديب ضباط الشرطة - قرار مجلس التأديب. (إساءة استعمال السلطة).
قرار مجلس تأديب ضباط الشرطة أقرب إلى الأحكام منه إلى القرارات الإدارية - نتيجة ذلك: النعي على قرار مجلس التأديب بإساءة استعمال السلطة أمر بعيد تماماً عن الصواب - أساس ذلك: أن أغلبية أعضاء المجلس من رجال القضاء المحايدين - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الخميس الموافق 30/ 1/ 1986، أودع الأستاذ سعيد الفار المحامي بصفته وكيلاً عن الطاعن..... قلم كتاب هذه المحكمة، تقرير طعن قيد بجدولها برقم 693 لسنة 32 ق، في القرار الصادر من مجلس التأديب الاستئنافي لضباط الشرطة في 1/ 12/ 1985 في الدعوى رقم 171 لسنة 1985، والقاضي بتأييد القرار المستأنف والمتضمن مجازاة الطاعن بالوقف عن العمل لمدة ثلاثة أشهر، مع حرمانه من نصف مرتبه الموقوف صرفه خلال مدة وقفه عن العمل لمصلحة التحقيق وطلب الطاعن - للأسباب الواردة في تقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه.
وقد أعلن الطعن إلى المطعون ضده في مواجهة هيئة قضايا الدولة بتاريخ 10/ 2/ 1986 وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً برأيها في الطعن، انتهت فيه إلى طلب قبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه فيما قضى به، والقضاء بالعقوبة المناسبة.
وحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 26/ 12/ 1990 وبجلسة 27/ 3/ 1991 قررت إحالة الطعن إلى هذه المحكمة، التي نظرته بجلسة 27/ 4/ 1991 وبجلسة 25/ 5/ 1991 قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم 6/ 7/ 1991، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن استوفى سائر أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن وقائع الموضوع تخلص - حسبما يبين من الأوراق في أن الطاعن العقيد/....... عضو المحكمة العسكرية بالوايلي قام بتاريخ 4/ 3/ 1984 بالتعدي بالسب على العميد/..... رئيس محكمة الوايلي العسكرية وذلك بمقر المحكمة لخلاف نشأ بينهما نتيجة لعدم استجابة هذا الأخير لرغبة العقيد المذكور في تخصيص أحد المجندين العاملين بالمحكمة لقضاء احتياجاته المنزلية كما أن الطاعن قام في غضون شهر يونيو سنة 1983 بنزع بطارية السيارة 12576 شرطة المخصصة للمحكمة ووضعها في سيارته الخاصة مستخدماً إياها لعدة أيام، وقد دأب العقيد المذكور على التأخير في الحضور إلى مقر عمله، وعدم إثبات حضوره وانصرافه بدفتر أحوال الضباط بمحكمة الوايلي العسكرية كما تخلف عن حضور النوبة المسائية بديوان الإدارة للقضاء العسكري يومي 13/ 1 و13/ 2/ 1984 وفضلاً عن ذلك كله فإن الضابط المحال لم يحرر حيثيات 309 أحكام نطق بها ولم يودع أسبابها في المواعيد القانونية مما ترتب عليه إعادة نظرها من جديد، ولدى التحقيق مع العقيد المذكور في المخالفات السابقة المنسوبة إليه هدد بالإضراب عن الطعام والاعتصام بنادي القضاة وإحراق بدلته العسكرية وشهادة ليسانس الحقوق.
وبتاريخ 20/ 5/ 1984 أصدر السيد وزير الداخلية القرار رقم 23 لسنة 1984 بإحالة العقيد/.... الضابط بالإدارة العامة للقضاء العسكري إلى مجلس التأديب الابتدائي لضباط الشرطة لمحاكمته تأديبياً عن المخالفات سالفة الذكر.
وفي 19/ 5/ 1985 صدر قرار مجلس التأديب الابتدائي لضباط الشرطة الذي قضى بمجازاة العقيد...... بالوقوف عن العمل لمدة ثلاثة أشهر مع حرمانه من نصف مرتبه الموقوف صرفه خلال مدة وقفه عن العمل لمصلحة التحقيق وقد طعن في هذا القرار أمام مجلس التأديب الاستئنافي لضباط الشرطة الذي انتهى في 1/ 12/ 1985 إلى تأييد قرار مجلس التأديب الابتدائي.
ومن حيث إن الطاعن ينعى على قرار مجلس التأديب المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، لأنه دفع ببطلان الاتهام الموجه له من أنه أخل إخلالاً جسيماً بواجبات وظيفته بتسببه في بطلان 309 أحكام وذلك لأنها لم تبطل بالطرق المقررة للطعن في الأحكام بالقانون بل بقرارات إدارية ومع ذلك رفض مجلس التأديب هذا الدفع بناء على حجة واهية، كما ينعى على القرار مخالفة القانون لأنه قد صدر ضده قرار بالإحالة إلى مجلس التأديب وقرار بالإحالة إلى الاحتياط بناء على أسباب واحدة وأن قرار الإحالة إلى الاحتياط هو عقوبة مقنعة، وقد رفض المجلس دفع الطاعن بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها بناء على ذلك مخالفاً مبدأ المحكمة الإدارية العليا وأخيراً فإنه ينسب إلى القرار المطعون فيه عيب إساءة استعمال السلطة إذ صدر نتيجة لإصراره على استقلال القضاء مما أدى إلى اضطهاده.
ومن حيث إنه عن دفع الطاعن ببطلان الاتهام الموجه له من أنه أخل إخلالاً جسيماً بواجبات وظيفته بتسببه في بطلان 309 أحكام، لأنها لم تبطل بالطرق المقررة للطعن في الأحكام بالقانون، فالثابت أن الطاعن لم يحرر حيثيات 309 أحكام نطق بها، ولم يودع أسبابها في الميعاد القانوني، وهذا الأمر في حد ذاته يشكل إخلالاً جسيماً بواجبات وظيفته التي تفرض عليه تحرير أسباب أحكامه وإيداعها في ميعاد معين، وإلا لحقها البطلان، ولا يؤثر في ذلك القول بأن هذه الأحكام لم تبطل بالطرق المقررة للطعن في الأحكام بل بقرارات إدارية، إذ يكفي أنه قد أخل بواجبات وظيفته حين لم يؤد هذا الواجب الذي يفرضه عليه القانون، هذا فضلاً عن أنه ليس من حقه أن يدفع بحجية الأحكام التي أصدرها ما دام لم يطعن عليها ويقضي ببطلانها، ما دام أنه ليس ثمة مصلحة شخصية له في ذلك. إذ إن هذه الحجية تتعلق بالمصلحة العامة وبالتالي تكون صفته في التمسك بها مفتقدة.
ومن حيث إنه عما أبداه الطاعن من مخالفة قرار مجلس التأديب المطعون فيه للقانون، لأنه صدر قرار بإحالته إلى الاحتياط الذي يعتبر بمثابة عقوبة مقنعة، ولا يجوز الجمع بين عقوبة مجلس التأديب وعقوبة الإحالة إلى الاحتياط، فهذا القول بعيد عن الصحة ذلك أن قرار مجلس التأديب يقصد به توقيع الجزاء على المخالفات التي يرتكبها الضابط أما نظام الإحالة إلى الاحتياط فهو إجراء يقصد به تنحية الضابط مؤقتاً عن وظيفته بناء على طلبه أو طلب وزارة الداخلية لأسباب صحية خاصة بالضابط أو لأسباب جدية تمس الصالح العام وقرار الإحالة إلى الاحتياط وأن تضمن إيلاماً للضابط، إلا أنه يبقى مع ذلك بعيداً عن فكرة الجزاء، فلا يعتبر بهذه المثابة عقوبة تأديبية مقنعة ويمكن الجمع بينه وبين أية عقوبة تأديبية أخرى توقع على الضابط.
ومن حيث إنه عن قول الطاعن بأن قرار مجلس التأديب المطعون فيه مشوب بعيب إساءة استعمال السلطة فإن هذا العيب يتوافر إذا اتخذت الإدارة قراراً لحماية أغراض غير التي قصدها الشارع من منحها تلك السلطة حتى ولو كانت هذه الأغراض تتصل بالمصلحة العامة، ويقع عبء إثبات الانحراف بالسلطة على عاتق المدعي بحيث إنه إذا عجز عن تقديم الدليل خسر دعواه، وإذا كان الطاعن لم يستطع أن يقدم الدليل على أن القرار المطعون فيه مشوب بهذا العيب، هذا فضلاً عن أن قرار مجلس التأديب المطعون فيه هو أقرب إلى الأحكام منه إلى القرارات الإدارية وبالتالي فإن نسبة عيب الانحراف في استعمال السلطة إليه أمر بعيد تماماً عن الصواب باعتبار أن أغلبية أعضاء المجلس الذي أصدره من رجال القضاء المحايدين لذا فإن ادعاء الطاعن بهذا الصدد يكون قائماً على غير أساس جديراً بالرفض.
ومن حيث إنه عن المخالفات المنسوبة إلى الطاعن ومدى ثبوتها في حقه، فإنه يبين من التحقيق الإداري الذي أجري مع الطاعن أنه أقر بأنه حدثت مشادة بينه وبين العميد/...... تبادلا فيها الخطأ كل في حق الآخر بعبارات نابية، كما أقر بأنه استبدل بطارية السيارة رقم 12536 شرطة ببطارية سيارته الخاصة، ولم ينكر ارتكابه باقي المخالفات واكتفى في المخالفة الخاصة بعدم تحرير حيثيات الأحكام وإيداع أسبابها في المواعيد القانونية بالمجادلة في قانونية الإجراء الذي اتخذته الإدارة بإعادة نظر هذه القضايا ناعياً عليه البطلان، ثم هدد في أثناء التحقيق الإداري معه بالإضراب عن الطعام والاعتصام بنادي القضاة وإحراق بدلته الرسمية والليسانس ما لم يتحقق مطلبه في مقابلة السيد مدير الإدارة العامة للتفتيش والرقابة أو السيد وزير الداخلية.
ومن حيث إنه متى كانت المخالفات التي نسبت إلى الطاعن ثابتة في حقه فإن القرار الصادر من مجلس التأديب الاستئنافي لضباط الشرطة بتأييد قرار مجلس التأديب الابتدائي القاضي بمجازاة الطاعن بالوقف عن العمل لمدة ثلاثة أشهر مع حرمانه من نصف مرتبه الموقوف صرفه خلال مدة وقفه عن العمل لمصلحة التحقيق يكون قد صادف صحيح حكم القانون، ومن ثم يتعين القضاء برفض الطعن الموجه إليه.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعاً.